![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الأزهر الشريف : ما حكم إسبال الثوب ؟
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() المصدر : دار الإفتاء المصرية حكم إطالة الملابس إلى ما تحت الكعبين للرجل السؤال : ما حكم إطالة الملابس إلى ما تحت الكعبين للرجل ؟ وهل من السنَّة ارتداء الجلباب القصير بالصورة التي نراها وبشكل غير منظم يسيء لمظهر المسلمين ؟ الجواب : الأصل في لبس الثياب الإباحة لقوله تعالى : ( يَا بَنِى آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِى سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) [الأعراف 26] ، وقد نعى القرآن الكريم على من حرم التزين بما أحل الله تعالى من الثياب وغيرها فقال تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) [الأعراف 32] ثم أشار في الآية التي بعدها إلى ارتباط حل ذلك بعدم البغي فقال : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ ) [الأعراف 33] ، ومن البغي : الكبر الذي بينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله :« لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » فَقَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ؛ الْكِبْرُ : بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ » رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وبطر الحق : أن يتكبر عنده فلا يقبله ، وغمط الناس : احتقارهم . و النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضع الضابط لذلك فيقول : «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وعلقه البخاري ، ويؤكد ابن عباس رضي الله عنهما ما يُفهم من عموم كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: «كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ : سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ » أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما وعلقه البخاري أيضًا ، فهذا يدل على أن الممنوع من الثياب هو ما كان فيه إسراف أو قصد به الخُيَلاء ، فإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج ، وقد وردت في ذلك أحاديث منها : قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ » متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وفي رواية : « إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا » متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ » رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقوله عليه الصلاة والسلام :« ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ثَلاَثَ مِرَارٍ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا ، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « الْمُسْبِلُ ، وَالْمَنَّانُ ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ » رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قال الإمام المنذري : " المسبل " هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض كأنه يفعل ذلك تجبرًا واختيالاً. اهـ . وهذه الأحاديث وغيرها محمولة على من فعل ذلك اختيالاً وتكبرًا ؛ فالمطلق منها يجب تقييده بالإسبال للخيلاء كما قال الإمام النووي ، وقد نص الإمام الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء ، وعقد الإمام البخاري في صحيحه بابًا لذلك سماه ( باب من جر إزاره من غير خيلاء ) وأورد فيه حديثين : حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم : « لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ » ، وحديث أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ : خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ ، وَثَابَ النَّاسُ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَجُلِّيَ عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ : « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا » اهـ . و هذان الحديثان صريحان في أن الإسبال المحرم إنما هو ما كان على جهة الكبر والخيلاء ، وما لم يكن كذلك فليس حرامًا ؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ، إلا أن من السنة ألا يكون الثوب أسفل من الكعبين لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ ، فَقَالَ : « يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ » ، فَرَفَعْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : « زِدْ » ، فَزِدْتُ ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : إِلَى أَيْنَ ؟ فَقَالَ : أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ . رواه مسلم . وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع على كل حال . و قد جعل الشرع الشريف للعرف مدخلاً في اللبس والهيئة فيما لا يخرج عن الإطار الشرعي ، ونهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثوب الشهرة الذي يلبسه صاحبه مخالفًا به عادات الناس رياءً أو كبرًا فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وحسنه الحافظ المنذري ، وتحدث العلماء عما إذا حدث للناس اصطلاح بتطويل بعض أنواع الثياب وصار لكل نوع من الناس شعار يُعرَفون به وأن ما كان من ذلك على طريق العادة فلا تحريم فيه ، وإنما المحرم منه ما كان على سبيل الخيلاء . و ينبغي للمسلم المحب للسنة أن يكون مدركًا لشأنه عالمًا بزمانه وأن يحسن تطبيقها بطريقة ترغب الناس وتحببهم فيها فلا يكون فتنة يصدهم عن دينهم ، وأن يفرق فيها بين السنن الجبلية وسنن الهيئات التي تختلف باختلاف الأعراف والعادات وغيرها من السنن ، وأن يعتني بترتيب الأولويات في ذلك فلا يقدم المندوب على الواجب ولا يكون اعتناؤه بالهَدْي الظاهر على حساب الهَدْي الباطن وحسن المعاملة مع الخلق وأن يأخذ من ذلك بما يفهمه الناس وتسعه عقولهم وعاداتهم حتى لا يكون ذريعة للنيل من السنة والتكذيب بها كما قال سيدنا علي كرم الله وجهه: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ ؛ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ !» رواه البخاري وغيره ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً » رواه مسلم .
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() المصدر : دار الإفتاء المصرية ما حكم إسبال الثوب ؟ الإسبال من السَّبَل : بالتحريك؛ السُنبل، وقد أسْبَلَ الزرع : خرج سُنبله. وأسْبَلَ المطر، والدمع : هطل. وأسبل إزاره: أرخاه. والسَّبَلُ : داء في العين شبه غشاوة، كأنها نسج العنكبوت بعروق حمر. و السَّبِيلُ : الطريق، يُذكر ويُؤنث([1]). والمراد هنا هو الإسبال الخاص بالثوب، وهو أن يطيل الإنسان ثوبه ويجره على الأرض، أو يسبله من فوق رأسه دون أن يلبسه، وهذا مكروه في الصلاة لمشابهته لليهود، ولعدم أمن ستر العورة. وقد كان إسبال الإزار علامة على الخيلاء والكبر، وهي من عظائم الذنوب وكبائر الخطايا، وهي من ذنوب القلوب التي تمرض القلب وتفسد الحياة فيه، حتى قال الصالحون : «رب معصية أورثت ذلاًّ وانكسارًا، خير من طاعة أورثت عزًّا واستكبارًا ». وارتبط الإسبال بالخيلاء شرعًا ؛لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : «من جر ثوبه خيلاء ؛ لم ينظر الله إليه يوم القيامة» .فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنك لست تصنع ذلك خيلاء»([2]). فإطالة الثوب وجره على الأرض في ذاتها ليست حرامًا؛ وإنما حرمت؛ لما تدل عليه من الكبر، ودلالة جر الثوب على الكبر كانت موجودة في عادة القوم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك اتفق العلماء على حرمة الكبر والخيلاء سواء ارتبط بالثوب أو لم يرتبط به، واختلفوا في حكم إسبال الثوب فإذا كان بكبر وخيلاء فيحرم من أجل الخيلاء، وإن لم يكن كذلك فلا يحرم. وإنما قالوا : إنه يكره؛ لأنه يشبه من فعله خيلاء، وكان هذا لأن المتكبرين والمتجبرين في هذا الزمان يفعلون ذلك، فكان التشبه بهم بغير قصد الخيلاء يكره، أما مع قصد الخيلاء فيحرم كما قدمنا. وهذا ما ذهب إليه العلماء، ونص عليه الأئمة، يقول الشيخ البهوتي : « (فإن أسبل ثوبه لحاجة كستر ساق قبيح من غير خيلاء أبيح) قال أحمد في رواية حنبل : جر الإزار، وإسبال الرداء في الصلاة، إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس»([3]). قال الشوكاني : «وظاهر التقييد بقوله : خيلاء، يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلاً في هذا الوعيد. قال ابن عبد البر : مفهومه أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد، إلا أنه مذموم. قال النووي : إنه مكروه وهذا نص الشافعي. قال البويطي في مختصره عن الشافعي : لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء، ولغيرها خفيف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر. انتهى»([4]). فإسبال الثوب لغير الخيلاء، لا شيء فيه ولا بأس به كما قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والحرمة هي للخيلاء والكبر حتى وإن لم تقترن بالإسبال، فهذا هو الأوجه وقد تغيرت العادات، وليس من عادة المتكبرين في زماننا إسبال الثوب، فإسباله في هذا الزمن لا يمكن أن يكون فيه مشابهة للمتكبرين، والله تعالى أعلى وأعلم. هوامش : ([1]) انظر : لسان العرب، ج11 ص319 ،321 ،322 . ([2]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج3 ص1340،واللفظ له ،ومسلم في صحيحه، ج3 ص1650،مختصرًا. ([3]) كشاف القناع، للبهوتي، ج1 ص 276. ([4]) نيل الأوطار، للشوكاني، ج2 ص 112 |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() طرحُ العِتاب في جواز إسبال الثياب للشيخ عبد الوهاب مهيّة المسيلي الجزائري الحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على نبيه و عبده محمد و آله و صحبه ، أما بعد فهذه نتف من أقوال الأئمة على مر القرون ، في مسألة إسبال الثياب ، جمعتها في هذه الأوراق عسى أن تصحح المفاهيم . ذلك لأن الشائع من المؤلفات التي ترد علينا في هذا الباب يعطي انطباعًا خاطئًا . حتى إنه ليخيل لقارئها أنه ليس في المسألة غير قول واحد و هو التحريم . و هذا خلاف ما كان عليه علماء الأمة من السلف ... أسأل الله تعالى أن يبين لنا سبيل الرشاد و يوفقنا إلى سلوكه ، و أن يشرح صدورنا للحق و قبوله و العمل به ، آمين و كتب أبو محمد عبد الوهاب مهية من العلماء المعاصرين الذين اشتهر عنهم القول بتحريم الإسبال مطلقًا ، و تأثر الناس بفتواهم ؛ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، حيث قال ما نصه : إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولايكلمه ولايزكيه وله عذاب أليم ، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب مانزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم ولهم عذاب أليم ؛ المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " ، وقال :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء. وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار" ، ولم يقيد ذلك بالخيلاء . ولا يتضح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله ، لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال لا جناح - عليه فيما بينه وبين الكعبين ، وماكان أسفل من ذلك فهو في النار ، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه مالك وأبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ، ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض . وأما من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين : الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالاً منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده . والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد ، فنقول لهم : إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على مانزل فقط بالنار ، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لايكلمكم الله يوم القيامة ولاينظر إليكم ولايزكيكم ولكم عذاب أليم. الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة ؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم . اهـ قلت : كلام الشيخ رحمه الله مبني على أساس تعذر حمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكمين ، فقد قال في إحدى فتاواه : " ثم إن بعض الناس إذا أنكر عليه الإسبال ، قال : إنني لم أفعله خيلاء . فنقول له : الإسبال نوعان ؛ نوع عقوبته أن يعذب الإنسان عليه في موضع المخالفة فقط ، و هو ما أسفل من الكعبين بدون خيلاء ، فهذا يعاقب عليه في موضع المخالفة ؛ و هو ما نزل عن الكعبين ، و لا يعاقب فاعله بأن الله لا ينظر إليه و لا يزكيه . و نوع عقوبته أن الله لا يكلمه و لا ينظر إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم ، و هذا فيمن جره خيلاء ، هكذا نقول له .اهـ و قد سبقه إلى ذلك الأمير الصنعاني في جزء له سماه ( استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال ) . قال ما ملخصه (ص26) :" وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو يفيد التحريم . ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء ".اهـ و هذا يخالف ما ذكره في ( سبل السلام ) كما سيأتي قريبًا إن شاء الله ، حيث وافق الجمهور بتقييد التحريم بالخيلاء ، و هو الصواب لما سنبيّنه إن شاء الله . ولعل رسالة الصنعاني هذه هي التي عناها الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار (1/641حيث قال : وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً .اهـ و مهما يكن ، فإن المتأمل في أحكام الإسبال يجد أنّ موردها واحد ، إذ أنه لا اختلاف بين التعذيب بالنار و عدم نظر الله ، بل هما متلازمان . و قد فسروا عدم النظر بعدم الرحمة ، قال في ( المستخرج ) : معنى قوله "لا ينظر إليهم" أي لايرحمهم ، والنظر من الله لعباده إنما هو رحمته لهم ورأفته بهم ، ومنه قول القائل : انظر إلي ينظر الله إليك أي ارحمني رحمك الله . اهـ و قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي – فيما نقله ابنه أبو زرعة في ( طرح التثريب ) -: عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر ؛ لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته ، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر.اهـ و قد جمع هذه المعاني حديث أبي ذر رضي الله عنه :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم برقم (106) . و قد اشتمل على أربعة أحكام كلها متلازمة ، و على طريقة الشيخ رحمه الله بالتفريق ، فإنه يلزمه أن يكون هذا الحديث بيانًا لحكم ثالث ، غير ( الجرّ ) و غير ( ما أسفل الكعبين ) ، لاختلاف العقوبة فيه ... و هذا بيّن البطلان ، لأن من مقته الله لم يرحمه ، و من لم يرحمه عذّبه . فالعقوبة بالنار نتيجة للإعراض و عدم التزكية . هذا ، و قد روى حديثَ أبي ذر ، الإمامُ النسائي في ( الصغرى 4458) بلفظ :" المسبل إزاره " ، و هي رواية لمسلم (106) ، و في ( الكبرى 6050) بلفظ : " المسبل إزاره خيلاء ..." فرجع التقييد بـ( الخيلاء ). و مما يدل على أن العقوبة واحدة ؛ حديث هبيب الغفاري رضي الله عنه أنه رأى محمد القرشي قام يجر إزاره فنظر إليه هبيب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من وطئه خيلاء – أي إزاره كما في رواية - وطئه في النار" رواه أحمد (3/437) و أبو يعلى ( 1542) و الطبراني في ( الكبير 544) قال في ( مجمع الزوائد 5/125) : رجال أحمد رجال الصحيح خلا أسلم أبا عمران وهو ثقة .اهـ و صححه الألباني رحمه الله في ( صحيح الترغيب و الترهيب ) برقم (2040) . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( التخويف من النار 1/118) : وفي مسند الإمام أحمد عن هبيب بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :" من وطئ إزاره خيلاء وطئه في النار" وهو يبين معنى ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " ، أن المراد ما تحت الكعب من البدن والثوب معا وأنه يسحب ثوبه في النار كما يسحبه في الدنيا خيلاء .اهـ قلت : فعلى هذا ، فإنّ قوله " ما أسفل الكعبين ففي النار" بيانٌ لمحل الحكم الذي سببه مُبَيّنٌ في قوله " لا ينظر الله ..." و المعنى ؛ أنه من أسبل ثوبه خيلاء أصابت النارُ ما تحت كعبيه . و إنما لم تصب ما فوقهما لأن ما فوقهما من الثياب مأذون به على كل حال ، و إلى هذا يرشد قوله " و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين " . و يظهر هذا المعنى أكثر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل ، و فيه: " ارفع الإزار فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار " ، رواه أحمد في المسند (5724) . فظهر بالدليل الصريح أن العقوبتين عقوبة واحدة و أنّ موردهما واحد . و إذا كان الأمر كذلك ، وجب حمل مطلق الإسبال على قيد المخيلة ، كما تقتضي قواعد علم الأصول . قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله البسام رحمه الله : " ( إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة. والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده. والأصل في اللباس الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والشارع قصد من تحريم هذه اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة. وإذا نظرنا إلى عموم اللباس وهيئاته وأشكاله لم نجد منه شيئاً محرماً إلا وتحريمه له سبب وإلا فما معنى التحريم وما الغرض منه ، لذا فإن مفهوم الأحاديث أن من أسبل ولم يقصد بذلك الكبر والخيلاء ، فإنه غير داخل في الوعيد ".اهـ من ( توضيح الأحكام من بلوغ المرام 6/246 ) قلت : هذا هو الصواب الذي لا يسع أحدًا الحيد عنه ، و هو الذي تلتئم به كل الأدلة و يتوافق و شرائع الإسلام . و هو مذهب أئمة الإسلام قديمًا و حديثًا ؛ فقد جاء في (كشاف القناع للبهوتي 1/277 ) : قال أحمد في رواية حنبل :" جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس" و في (المجموع) شرح (المهذب) للنووي رحمه الله: " يحرم اطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ، ويكره لغير الخيلاء ، نص عليه الشافعي في (البويطي ) وصرح به الأصحاب." و جاء في ( الآداب الشرعية ) لابن مفلح الحنبلي ، في فصل ( في مقدار طول الثوب للرجل والمرأة وجر الذيول ) ؛ قال صاحب ’المحيط ‘ من الحنفية :" وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار ، وكان يجره على الأرض فقيل له : أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم " . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله عدم تحريمه ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها . وقال أبو بكر عبد العزيز : يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين وإلى شراك النعل وهو الذي في المستوعب , قال أبو بكر : وطول الإزار إلى مد الساقين , قال وقيل إلى الكعبين.اهـ و قال ابن عبد البر رحمه الله في ( التمهيد3/244 ) : الـخيلاء: التكبر ، وهي الـخيلاء ، والـمخيلة. يقال منه: رجل خال ومختال شديد الـخيلاء ، وكل ذلك من البطر والكبر والله لا يحب الـمتكبرين ، ولا يحب كل مختال فخور. وهذا الـحديث يدل علـى أن من جرّ إزاره من غير خيلاء ولا بطر ، أنه لا يلـحقه الوعيد الـمذكور. غير أن جرّ الإزار والقميص وسائر الثـياب مذموم علـى كل حال . وأما الـمستكبر الذي يجر ثوبه فهو الذي ورد فـيه ذلك الوعيد الشديد. وجاء في ( شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله 2/116) : "وأما قوله صلى الله عليه وسلم :" المسبل إزاره " فمعناه المرخى له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسرا فى الحديث الآخر" لا ينظر الله الى من يجر ثوبه خيلاء " ، والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل ازاره ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء . وقد رخص النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ذلك لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وقال :" لست منهم " ، إذ كان جره لغير الخيلاء " و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22\138): والفعل الواحد فى الظاهر يثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة . وضرب عدة أمثلة ثم قال: وكذلك اللباس فمن ترك جميل الثياب بخلا بالمال لم يكن له أجر ، ومن تركه متعبدا بتحريم المباحات كان آثما ، ومن لبس جميل الثياب إظهارا لنعمة الله وإستعانة على طاعة الله كان مأجورا ، ومن لبسه فخرا وخيلاء كان آثما ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور . ولهذا حرم إطالة الثوب بهذه النية كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه " فقال أبوبكر: يا رسول الله إن طرف إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه ؟ فقال :" يا أبا بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء " . وفى الصحيحين عن النبى أنه قال :" بينما رجل يجر إزاره خيلاء إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ". فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم وإعتقادهم .اهـ ( أي بحسب نياتهم و مقاصدهم ). وقال رحمه الله في ( شرح العمدة 4/363 ) : وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة ، والمطلق منها محمول على المقيد ، وإنما أطلق ذلك ؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة . ثم قال: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه ، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة ، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة.اهـ و قال الذهبي رحمه الله في ( الكبائر ص215) : الكبيرة الخامسة والخمسون : إسبال الإزار والثوب واللباس والسراويل تعززا وعجبا وفخرا وخيلاء . قال الله تعالى ( ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) .اهـ و قال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار ) : الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم :"ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار". وظاهر التقييد بقوله : خيلاء , يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد . و قال الصنعاني رحمه الله في ( سبل السلام4/158) : والمراد : جر الثوب على الأرض ، وهو الذي يدل له حديث البخاري " ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" . وتقييد الحديث بالخيلاء دال بمفهومه أنه لا يكون من جره غير خيلاء داخلا في الوعيد . وقد صرح به ما أخرج البخاري وأبو داود والنسائي أنه قال أبو بكر رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم:"إنك لست ممن يفعله خيلاء" ، وهو دليل على اعتبار المفاهيم من هذا النوع.اهـ وجاء في ( فتح الباري 10/263) لابن حجر: وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضا، لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا، فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء. و جاء في ( طرح التثريب ) للحافظ أبي زرعة العراقي رحمه الله : التقييد بالخيلاء يخرج ما إذا جره بغير هذا القصد , ويقتضي أنه لا تحريم فيه وقد تقدم من صحيح البخاري وغيره قول أبي بكر رضي الله عنه :" إن أحد شقي ثوبي يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تصنع ذلك خيلاء " وبوب البخاري في صحيحه باب : من جر إزاره من غير خيلاء , وأورد فيه هذا الحديث وحديث أبي بكرة :" خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ... الحديث".اهـ و قال الباجي رحمه الله في ( المنتقى7/226 ) : قوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يريد كبرا . وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم : الخيلاء الذي يتبختر في مشيه , ويختال فيه ويطيل ثيابه بطرا من غير حاجة إلى أن يطيلها ولو اقتصد في ثيابه ومشيه لكان أفضل له , قال الله عز وجل (والله لا يحب كل مختال فخور) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرخص في الخيلاء في الحرب , وقال :" إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع " . ومعنى ذلك والله أعلم لما فيه من التعاظم على أهل الكفر والاستحقار لهم والتصغير لشأنهم . و قال : وقوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره أو عذر من الأعذار فإنه لا يتناوله الوعيد . وقد روي " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث قال : يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاء " . وروى الحسن بن أبي الحسن البصري عن أبي بكرة : " خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ".اهـ وجاء في (فيض القدير للمناوي رحمه الله 5/420 ): أي محل الإزار " ففي النار " حيث أسبله تكبرا كما أفهمه خبر " لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء " فكنى بالثوب عن بدن لابسه ومعناه : أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة له فهو من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه . و فيه أيضا: (المسبل إزاره) الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً (خيلاء) أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء.اهـ و قال السيوطي رحمه الله في ( تنوير الحوالك 1/217 ) : " ما أسفل من ذلك " ، (ما) موصولة و (أسفل) بالنصب خبر كان محذوفة والجملة صلة . ويجوزكون (ما) شرطية و (أسفل) فعل ماض . (ففي النار) أي محله من الرجل وذلك خاص بمن قصد به الخيلاء . و في ( الديباج 1/121) : " المسبل إزاره المرخي له الجار طرفيه خيلاء فهو مخصص بالحديث الآخر "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء " ، وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء ." وقال السندي في حاشيته على (سنن النسائي) في شرح حديث" ثلاثة لا يكلمهم الله... ومنهم المسبل": "المسبل" من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم . و في حاشيته على ( البخاري4/ 24 ) قال معلقًا على حديث " ما أسفل من الكعبين فهو في النار" : أي إذا كان ذلك خيلاء . و هو اختيار البخاري رحمه الله في جامعه الصحيح حيث عقد بابًا و ترجم له : من جر إزاره من غير خيلاء . و ذكر تحته حديثين ؛ أحدهما عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّهِ إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده . فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إنك لست ممن يفعله خيلاء ". و الآخر عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" خَسَفَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ :" إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا ". و أورد أبو عوانة في مسنده الصحيح حديث ابن عمر رضي الله عنهما و خرجه من وجوه و أردفه بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :" إزرة المؤمن ..." و ترجم عليها : (الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة ). و ذكر ابن حبان في صحيحه : باب : ذكر الزجر عن إسبال المرء إزاره إذ الله جل وعلا لا ينظر إلى فاعله ، وذكرحديث المغيرة بن شعبة قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحجزة سفيان بن أبي سهيل فقال:" يا سفيان لا تسبل إزارك ، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين".(رقم5442) ثم ذكر بعده (باب ): ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل ، و ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" من جر ثيابه من مخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ". رقم (5443 ) وكان قد ذكر في موطن آخر من صحيحه (2/281) حديث أبي جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: " لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه، فإن أجره لك، ووباله على من قاله". قال أبو حاتم ( ابن حبان ): الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة ، وهي الخيلاء ، فمتى عدمت الخيلاء ، لم يكن بإسبال الإزار بأس . والزجر عن الشتيمة ، إذا شوتم المرء ، زجر عنه في ذلك الوقت ، وقبله ، وبعده ، وإن لم يشتم.اهـ و مما يدل على أن قوله "ما أسفل الكعبين .." داخلة في معنى "من جرّ ثوبه ..." ؛ أن الصحابة الذين رووا اللفظ الأول كانوا يحتجّون على المسبلين باللفظ الثاني . فعن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة ورأى رجلا يجر إزاره ، فجعل يضرب الأرض برجله وهو أمير على البحرين ، وهو يقول : جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرًا " رواه الشيخان و اللفظ لمسلم . و عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يجر إزاره فقال: ممن أنت؟ فانتسب له فإذا رجل من بني ليث فعرفه ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول :" من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة " رواه مسلم (2086) . يُتبع ... |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() و مما تعلق به المانعون من الإسبال مطلقًا ، قول الشيخ ابن باز رحمه الله : " و لما في ذلك من التشبه بالنساء ، و تعريض الثياب للوسخ و النجاسة ، و لما في ذلك أيضًا من الإسراف ".اهـ |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() أولا : لابد لنا من وقفة حول مسألة الخلاف الفقهي بين العلماء 1- الضابط في هذه المسألة ، أن الحق واحد لا يتعدد ؛ فمن مصيب له أجران ومن مخطئ له أجر 2- أن معرفة الحق بدليله في مسائل الخلاف متعيّن على طالبه 3 - والترجيح في هذه المسائل ليس على مقتضى التشهّي والهوى 4 - وأيضا فمن تبين له الحق ليس له الإنحراف عنه إلى غيره 5 - أن ما قرره العلماء من عدم الانكار في مسائل الخلاف لا يسوّغ التلاعب بالأحكام الشرعية ، وإنما غايته التأدب بآداب الاحتساب والمعنى أنه : ليس لطالب الحق ومعرفة حكم الشرع أن يتبع هواه وما تمليه عليه شهوته - بأن لا يكون حاله ، كلّما اشتهى شيئا ركبه - وكذلك لا يتبع سبيل أهل الهوى ألا وهي ( أعتقد ثمّ أستدل ) كما قال تعالى في المنافقين ( وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) بل على المسلم أن يقف من الدليل موقف المتجرد فما أملاه عليه الحق قبله بلا تردد . --- ثا نيـــا : أن قضية حمل المطلق من الأدلة على المقيد ليست على اطلاقها كما يتشدق بها من لافقه له . وإنما لها قواعد وأصول تنطلق منها ، فقد تأتي الأدلة متفقة في السبب والحكم ، فيحمل المطلق على المقيد اتفاقا . وقد يختلف السبب والحكم فيكون العكس بإجماع من العلماء ، أعني : لا يحمل المطلق على المقيد . ومسألة الإسبال من هذا القبيل ، فقد ورد لها في الشرع حكمان مختلفان لسببين مختلفين ؛ وبيان هذا : كالتالي صح حديث : ما أسفل الكعبين في النار ( وهذا مطلق ) وصح حديث : لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء ( وهذا مقيد ) فلا يحمل مطلق الاسبال على التقييد بالخيلاء في مجرد الحرمة وذلك لاختلاف الحكمين والسببين ، فالحكم الأول : حرمة الإسبال مطلقا والثاني : أن جر الثوب خيلاء كبيرة من الكبائر ويزيد الأمر بيانا من خلال حديث أبي داود في السنن إزارة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين ، وما أسفل الكعبين في النار ولا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء . صحيح فههنا أربعة أحكام مختلفة الأول : استحاب التقصير إلى نصف الساق الثاني : جواز التطويل إلى ما قبل الكعبين الثالث : حرمة الإسبال دون الكعبين ( ولو بغير الخيلاء ) الرابع : أنّ جرّ الثوب بقصد الخيلاء كبيرة من الكبائر وهذا التفصيل إن شاء الله واضح لا لبس فيه ---- ثالثــــــــا . هناك بعض الشبهات يتعلق بها أهل الإسبال منها : قولهم أن هذه الأحكام كانت في أول الاسلام بسبب فقر الصحابة والجـــــــــــــــــــواب : أن هذه دعوى عارية عن الدليل ونسخ لما أحكمه الشرع بجرد الظن والتخمين ولو قبل مثل هذا لقال قائل : إنما حرم الربا بسبب الفقر وهذا لا يقوله مسلم ومنهــــــا : أن الاسبال خاص بالإزار دون غيره من الثياب والجــــــــــــــواب : أن هذه الدعوى أضعف من سابقتها ؛ فذكر الازار خرج مخرج الغالب ، ومقرر : أن المنطوق إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له بمعنى أن ثياب المسلمين كان يغلب عليها هذا النوع وذلك لا يمنع عند من له بصيره أن يلحق به غيره من الثياب وقد جاء ذكر الثياب مطلقا بدون ذكر الازار كما في الحديث أعلاه ومنهـــــــا حديث أبي بكر : أنّ إزاره كان يسترخي فيتعاهده فقال له النبي : إنك لست ممن يفعله خيلاء والجـــــــــــــــــواب : أن هذه خصوصية لأبي بكر من جهتين الأولى : أن النبي شهد بسلامة قلب أبي بكر من الخيلاء فمن يشهد لك يا صاحب الإسبال ؟؟ الثانية : أن إزار أبي بكر كان يسترخي فيتعاهده بمعنى : أنه يلتزم الحكم الشرعي لكن لنحافة جسمه رضي الله عنه ينسدل إزاره ، ومع هذا لا يتركه بحجة نحافة جسمه ، بل يسارع في رفعه فوق كعبيه طاعة لله وأيضا ، قد صح أن عبد الله بن عمر دخل على النبي وفي ثوبه استرخاء فقال له النبي : من أنت ؟؟ قال : عبد الله ، قال : لو كنت عبد الله ، فارفع إزارك فانظروا رحكم الله كيف جعل النبي رفع الإزار شعارا للعبودة !! وأيضا قد تعلل بعض الصحابة الكرام لما يقع فيه من إسبال باعوجاج في ساقيه فأطال ثوبه ليسترهما فغضب النبي وقال له : ذلــــــــك شــــــــر ممـــا بســـاقيـــــــك وصح عنه انه قال : لا حــــــقّ للكعبين في الإزار وختاما أذكّــــــر كل مسلم ببركة اتباع سنة النبي المختار وأحذر من شؤم مخالفته فخير الهدي هدي محمد الذي قال لبعض أصحابه وقد رآه مسبلا ثوبه : إياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ؛ فقال الرجل : أومثل هذا يختال فيه ( يعني لرثاثة الثوب ) فقال له النبي : أمـــــا لـــــــك فيّ أســــــــــــــــــــــوة ؟؟ قال فنظرت فإذا ثوب رسول الله إلى أنصاف ساقيه هذا والحمد لله أولا و آخرا وظاهرا وباطنا بقلم المنصور من منتديات طالب العلم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() الأخت "ميمونة 25" وفقكِ الله ؛ قد تمّ توضيح مسألة حمل المُقيّد على المُطلق ، و غيرها من الشُبه التي يتمسّك بها المانعون للإسبال و لو لغير خُيَلاء ؛ أقول قد تمّ توضيح ذالك بما لا مزيد عليه ... |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() مشكور اخي عبد الله على هذا النقل الطيب |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc