![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
أسباب سعادة المسلمين وشقائهم في ضوء الكتاب والسنة
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم إن هذا السؤال باعث على الاستغراب إذا كان من قبل رجل مسلم عادي، فضلاً عن أن ينشأ في نفس عالم من علماء الإسلام، إذ إنه يعرف جيدًا أن الإسلام دين أخبر الله بإكماله فقال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ فكيف يسوغ له أن يقع فريسة اليأس، ويفكر فيما إذا واجه المسلمون أنواعًا من المشكلات، ماذا يعملون، وكيف يعيشون؟ إن الكتاب والسنة لم يدخرا وسعًا في بيان منهج الحياة وتعاليم الدين والدنيا، ووضع نظام شامل للحياة يحتوي على كل صغير وكبير، وما يضر وما ينفع، وكل ذلك في أسلوب واضح صريح، ثم لم يكتف الإسلام بوضع النظام، وبيان المنهج فحسب، بل إن الرسول e أقام مجتمعًا مثاليًا تمثلت فيه تعاليم الإسلام في شكل عملي، وطبقها الناس على حياتهم، ولذلك فإن سعادة الدين تتوقف على اتباع الرسول e . أما إذا انقلبت الأوضاع، وبدأنا نعتقد أن اتباع الرسول عليه السلام رجعية، والعمل بسنته تزمت، فكيف يرجى حسن العاقبة في الآخرة ومصيرنا في الدنيا ظاهر معلوم! إن حياة الرسول e بجميع ما فيها من أعمال وأقوال ككتاب مفتوح أمامنا بفضل الصحابة والمحدثين رضي الله عنهم، فإذا قابلنا بحياتهم حياة الأمة الإسلامية نرى كيف أن السنن تفقد مكانتها من القلوب، وكيف يتجرأ الناس على تركها ونبذها علنًا وجهارًا، بل وكيف تحارب السنن اليوم ويعتبر من يدعو إليها سفيهًا أو أحمق فأي ظلم أكبر من هذا؟ وأي مبرر للمسلمين أن يشكوا من المشكلات والشقاء؟ ويبكوا على البلايا والمحن، وقد قال الله تعالى بكل صراحة وإعلان ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [سورى الشورى] وقال في سورة الروم ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾. والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة، وقد تحدث علي رضي الله عنه عن الآية الأولى فقال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل، وحدثنا به رسول الله e قال: ﴿ مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ وسأفسرها لك يا علي! ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم». وقال الحسن البصري رضي الله عنه: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله e : «والذي نفس محمد بيده ما خدش عود، ولا اختلاق عرق، ولا عثر قدم إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر» وعن الضحاك رضي الله عنه قال: ما نعلم أحدًا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب، ثم قرأ الضحاك ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ ثم يقول الضحاك: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن. وقد تكون العلة في الحوادث والمصائب غير ما ذكرت، ولا يبتلى بها العامة وحدهم، بل تصيب الأنبياء والأبرياء أيضًا، وإنني بهذه المناسبة لا أتعرض لشرح هذه الآيات والأحاديث حتى أحتاج إلى ذكر الاحتمالات والإشكالات الواردة عليها، وإنما أريد الإشارة إلى تلك القوانين والأسباب التي تشير إليها الأحاديث الآنفة الذكر، ومن قوة هذه الأسباب قد يصيب ضررها بعض من لا علاقة لهم بهذه المعاصي، وقد جاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها، أن الرسول e قال: «يكون في آخر هذه الأمة خسف، ومسخ، وقذف» قالت: قلت: يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا ظهر الخبث» رواه الترمذي. وإذا كثر الخبث لا يحول دون عذاب الله شيء، بالرغم من وجود الصالحين والعلماء. وقد وردت أحاديث متعددة بعناوين مختلفة في معنى النواصي بالخير، والمنع عن الشر، وإلا فإن الله سبحانه يسلط عذابًا من عنده، فعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي e قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده، ثم لتدعنه ولا يستجاب لكم» رواه الترمذي. وعن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله e يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون، إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا» رواه أبو داود وابن ماجة. وعن جابر قال: قال رسول الله e : «أوحي الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام، أن اقلب مدينة كذا وكذا، فقال: يا رب، إن فيهم عبدك فلانًا لم يعصك طرفة عين، قال: فقال: اقلبها وعليه، فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط». وهناك مئات من الأحاديث تحتوي على معنى الوعيد، إذا لم يتألم المرء بالمنكرات، يعني إذا لم يقدر على تغييرها فلا بد من أن يستنكرها،ويتألم منها. ولننظر الآن إلى الحالة التي نعيش فيها، وتفكر في العقوبات والبلايا التي نستحقها، بالنسبة إلى المعاصي والذنوب التي تصدر منا، وبالنسبة إلى تألمنا وقلقنا بالمنكرات التي نشاهدها وكيف يرجى – وحالنا هذه- أن تستجاب دعواتنا وتنحل مشكلاتنا وتنقرض المحن التي نعاني منها، وإذا كان الله لا يأخذنا بعذاب يفاجئنا ونقمة تقضي علينا جميعًا، فذلك بفضل رحمة الله علينا، ودعاء نبيه e . لقد أصبحنا نحن المسلمين نعتز اليوم بكل معصية، ونشق الطريق لكل منكر، ونرى كل من يدعو إلى الكفر بعين ملؤها غبطة فإن اعترض عليه أحد أو أنكر عليه يعتبر رجعيًا، وممن يستحقون الطرد والحبس، لأنه يعوق المجتمع عن التقدم، ويحول دون طريقه إلى النهضة والمدينة، سبحان الله ! ما أعظم الفرق بين أمسنا ويومنا. هذا ونشير الآن إلى بعض الفروع، مما له صلة ماسة بالموضوع، فالجميع يعلم أن الصلاة في الإسلام تحتل المحل الأول بعد الإيمان، وقد وردت الأحاديث الكثيرة في بيان أهمية الصلاة وأن تركها يؤدي إلى الكفر، وقيل: إن الصلاة فارق بين الكفر والإسلام، أما الأضرار والخسائر التي تلحق المرء بترك الصلاة فقد ذكرتها بإيجاز في رسالتي «فضائل الصلاة» ولكنني أتساءل: ما هو عدد أولئك المسلمين الذين يهتمون اليوم بهذه الفريضة؟ وأدهى من ذلك وأمرُّ أنه لا يوجد هناك من يحاسب تاركي الصلاة، وينبههم على ذلك، وينذرهم بسوء مصيرهم إذا لم يصلوا، وإذا أمكنت محاسبة الفقراء من المسلمين، فلا تمكن محاسبة الطبقة العليا أو الأغنياء، أو الذين يملكون نوعًا من الجاه والشرف، إنه لا يتجرأ أحد أن يستنكر منهم هذا الذنب، ويتكلم كلمة خوفًا من أن تسوءهم وقد بلغ اليوم من جراءة بعض السفهاء أن يجاهر بترك الصلاة، ويعلن أن الصلاة ليست عبادة ومن سوء حظنا أنه يثني عليه وأمثاله، ويعتبره بعض الناس صديقًا للمسلمين وعارفًا بمتطلبات العصر، وقضايا الحياة المعاصرة، فلا يعارضه عندهم إلا جاهل، أو من لا يصلح إلا للإمامة في الصلاة، والذي يجهل مصالح الساعة، ومطالب الوقت، وحاجة المسلمين. وقد جاء في الحديث أن النبي e قال: «قرة عيني في الصلاة» ولكن الذي يدعي أنه من أتباع الرسول e يعتبر الصلاة شيئًا زائدًا، وهو الذي يتناوله الناس بالإجلال والإكرام، ويعترفون بدقة نظره، وسداد تفكيره. كيف يشتكي المسلمون من الحوادث والنوازل التي تفاجئهم بين فينة وأخرى، وقد تغيرت أحوالهم وحياتهم رأسًا على عقب، بل يجب أن يفكروا فيما إذا نزلت عليهم مصيبة أو فاجعة، أنها لم تنزل بهم إلا لأنهم سببوا لها، وأنهم كانوا يستحقون ذلك بما كسبت أيديهم، وأن يقولوا، لولا رحمة الله وفضله علينا لم يبق لنا ذكر ولا أثر، وكنا قد أصبحنا في ذمة التاريخ. هذا عن الصلاة، أما عن صلتنا بأركان الإسلام الأخرى من الصيام، والزكاة والحج فليست إلا ضعيفة، وليس عدد العاملين بها إلا قليلا جدًا، ولكن ولوعنا بالمحرمات والمحظورات في تزايد مستمر، ولنأخذ الخمر مثلاً فإنها نالت لدى كثير من المسلمين انتشارًا ورواجًا، حتى إنهم يتعاطونها بجراءة بالغة من غير حياء ولا خجل، وقد نبه القرآن على تحريمها في آيات كثيرة، وأمر بالابتعاد عنها، بكل صراحة، وقد جاء في الحديث: حدثنا أبو العباس أنبأنا محمد بن عبد الله أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن حسين الزيادي أن مالك بن سعد التجيبي حدثه أنه سمع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: إن رسول الله e أتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد! إن الله لعن الخمر وعاصرها، ومعتصرها وحاملها، والمحمولة إليه وشاربها، وبايعها ومبتاعها، وساقيها ومسقاها، هذا حديث حسن، صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فلننظر ما أكثر من يبتلى من الناس بلعنة الله ورسوله من أجل حرام هي الخمر، وكيف ستكون عاقبة هؤلاء الذين تحيط بهم اللعنة من الله الرؤوف بعباده، ومن الرسول العطوف على أمته؟ ولا تبتعد اللعنة عن الذين يسكتون على هذا المنكر، رغم قدرتهم على تغييره ولننظر إلى ما بلغت إليه حالتنا حول إنكار المنكر رغم قدرتها على تغييره، ولننظر إلى ما بلغت إليه حالتنا حول إنكار المنكر وتغييره، إذ إننا لا نلبث أن نرمي الذين يريدون هذا التغيير بالتزمت والرجعية، وقد قال النبي e : «اتقوا الخمر فإنها مفتاح كل شر» ولكننا حنيما نستفتح أبواب الشر بأيدينا كيف نشكو انتشار السيئات وما دمنا نعلم أن فتح هذا الباب يرادف معنى فشو المنكرات، وعموم البلايا والشدائد، لماذا نضج ونشكو عندما تأخذنا المحن، وتفاجئنا النوازل، إنها لسفاهة وجهل يجب أن نتجنبها. ولنأخذ الربا مثلاً ونتأمل فيما جاء حوله من إنذار ومنع في الكتاب والسنة، فقد آذن الله سبحانه بحرب ضد الذين يتعاملون بالربا ثم لا ينتهون يقول: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ وذلك لأن الناس في الجاهلية كانوا يتعاملون بالربا فلما جاء الإسلام نهاهم عن ذلك، حتى عن تنفيذ ما سبق من التعامل الربوي، فضلا عن أخذ الربا من جديد. وورد في الحديث ما ينذر بخطر الربا، وما يترتب عليه من عقاب وسخط من الله، وقد جاء في الحديث عن رسول الله e أنه قال: «الربا سبعون جزءًا أيسرها أن ينكح الرجل أمه» ولا شك أن النيل من عرض المسلم أدهى وأمر من الربا، وفي حديث آخر: «لعن الرسول e آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء». أما إذا نقدنا تعامل الناس اليوم على مقياس الشريعة، فلا نجد ما يخلو من تعامل ربوي إلا قليلا جدًا وأشد من ذلك أننا لا نتلكأ في استباحة الربا جهرًا، ونصدر حول ذلك كتبًا ومؤلفات ويضيق الخناق على من عارض في هذه القضية، وهو يواجه ألوانًا من التهم والافتراءات ثم هو يحارب محاربة شديدة، ويقاطع في بعض الأحيان. وقس على ذلك الأحكام الشرعية الأخرى، التي لا تنال قيمة في أعيننا ولا أهمية، ولا نقيم لها وزنًا ما، كما أن المنكرات والسيئات من الأعمال التي تحذر منها الشريعة، وتنهى عن اقترافها تجد كل تقدير وتحبيذ ولا نرى أي عار في ممارستها، والتجاهر بها، بكل حرية ووقاحة، من غير أن يوجد هناك من يستنكرها أو ينهي عنها، فإذا تشجع أحد على الاستنكار والحيلولة دونها، لا يعتبر محمود العاقبة. وبعد هذه الأمثلة التي ضربتها أقدم لكم طائفة من أحاديث الرسول e يتبين بها مدى انحرافنا عن الجادة، وحيدنا عن الطريق، وذلك ما يسبب لنا كوارث ونكبات ليست إلا من كسب أيدينا، وما دام المسلمون يصدقون النبي e يجب عليهم أن لا ينسوا نتائج الأعمال التي أخبر بها أمته، فإن النتائج تابعة دائمًا للأعمال والأخلاق، فمن أراد أن يتجنبها فليترك الأعمال التي تأتي بنتائج وخيمة، شأن الذي يريد أن لا يحترق جسمه من النار، فيبتعد عنها جهد الطاقة. ([1]) كلمة مقتبسة من خطبة طارق بن زياد في الأندلس.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ما أتمناه إن شاء الله لي ولكل من يكتب موضوع اسلامي ، أن يبدأ الإصلاح بنفسه ثم اسرته ، من االخطوة إلى مسيرة الألف الميل
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | ||||
|
![]() اقتباس:
إن شاء الله ....وففقك الله |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله e : «إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء» قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: «إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء، أو خسفًا، أو مسخًا». |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ولذلك فإن الحكماء والأمراء، والوزراء والأغنياء، الذين يظلمون الناس لا يظلمونهم، وإنما يظلمون أنفسهم، ويمهدون الطريق لشقائهم، سواء كان ذلك ظلمًا اجتماعيًا أو فرديًا، فإذا أخذهم الله بالويل والنقمة، لا يجدون ملجأ يلجؤون إليه، وما قصة هلاك الأمم وانحطاط الدول إلا تفصيلا لهذا العنوان. ألم تر أن الله ذلل بحره وهناك وقائع كثيرة لعبور البحار والأنهار وما شاكلها، ولكن هذه القصص- أيها القارئ العزيز- ليست للتسلية والاستمتاع ولا لتزجية الوقت، بل إنها مرآة يجب أن نرى فيها صورنا الكالحة، فما من صغير ولا كبير إلا وقد أرشدنا إليه رسولنا العظيم في أقواله، وفرق لنا بين سبل الخير والشر، فلما عمل بها السلف الصالح نجحوا وفازوا، ونحن حينما لم نقم لها وزنًا، ولا عرفنا قدرها، ولا أردنا اتباعه e ، وقد خلت قلوبنا من خوف الله، ذللنا وامتهنا، ولم تتمخض حياتنا بالسعادة والنجاح، اقرؤوا التاريخ الإسلامي تروا كيف كان الخليفة يوصي الجيش وقائده، وكم كان الجيش حريصًا على تنفيذ وصايا الخليفة، انظروا كيف أوصى عمر سعدًا رضي الله عنهما حينما أرسله إلى العراق وأمره عليها.وأنزل بالكفار إحدى الجلائل دعانا الذي شق البحار فجاءنا بأعظم من فلق البحار الأوائل يا سعيد بن وهيب! لا يغرنك من الله أن قيل: خال رسول الله e وصاحبه، فإن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم، وهم عباده يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله e منذ بعث إلى أن فارقنا عليه، فالزمه، فإنه الأمر. هذه عظتي إياك، إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك، وكنت من الخاسرين، ولما أراد فراقه قال له: «إنك ستقدم على أمر شديد فالصبر الصبر! على ما أصابك ونابك، تجمع لخشية الله، واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته، وإنما طاعة من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وإنما عصيان من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة» البداية والنهاية. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله e : «من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى» وقد كان الصحابة رضي الله عنهم قد تفطنوا لهذه الكلية وعضوا عليها بالنواجذ، والحقيقة أن من آثر الآخرة على الدنيا، وتحمل خسائرها بإزاء الآخرة، فهو وإن أضر بدنياه في ظاهر أمره غير أنه ليس ضررًا في الواقع، فقد قال النبي e : «من كانت نيته طلب الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله الفقر ين عينيه، وشتت عليه أمره، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له». وقد تواترت قصص الصحابة رضي الله عنهم والصالحين من عباد الله فيما يتصل بالدنيا وإتيانها راغمة إليهم، وكيف لا يكون ذلك، فإن الدنيا لم تخلق إلا لخدمتهم. بعث سعد ذات مرة عاصم بن عمر أميرًا على قليل من الجيش لفتح ميسان، فلما وصل عاصم إذا بالمسلمين قد نفد ما كان عندهم من الزاد، وبحثوا فلم يجدوا فلقيهم رجل من أهل فارس كان راعيًا بناحية من إحدى الغابات، فسألوه عن لبن وحمالة من الدواب، فكذبهم وقال: لا أدري، وإذا بثور خار في الغابة، وقال: كذب عدو الله، ها نحن! فدخل عاصم الغابة، وجاء بالثيران منها، ووزعها على الجيش. وقال بعض المؤرخين، إن هذه القصة حدثت مع سعد رضي الله عنه في القادسية، ولكن لا مانع من أن تكون قد حدثت مع الرجلين كليهما، ولما سمع الحجاج بن يوسف الثقفي بهذه القصة تعجب منها، ودعا الذين شهدوها يطلب منهم تصديقها فقالوا: إننا سمعنا صوت الثور، فسألهم عن قول الناس في هذا، فقالوا: إن الناس كانوا يستدلون بهذه الوقعة على رضا الله سبحانه عن المسلمين، وأن نصر الله حليفهم، فقال الحجاج: إن هذا لا يكون إلا إذا كان الجيش كله تقيًا، فقالوا: إنا لا نعلم ماذا كان في قلوب الجيش، فأما ما رأينا، فما رأينا قط أزهد في الدنيا منهم، ولا أشد بغضًا لها، ليس فيهم جبان، ولا غال، ولا غدار. ولا غرابة فيما إذا كانت البهائم تنطق، أو تعرض نفسها لخدمة الصالحين من عباده، فإن نطق البهائم مما تحكي عنه الأحاديث الصحيحة فقد جاء في البخاري وغيره من كتب الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله e قال: «بينما رجل يسوق بقرة إذا أعيا فركبها فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا لحراثة الأرض فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلم» فقال رسول الله e : «فإني أؤمن به أنا، وأبو بكر، وعمر، وما هما ثم، وقال: بينما رجل في غنم له إذ عدا الذئب على شاة منها فأخذها فأدركها صاحبها فاستنقذها، فقال له الذئب: فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري؟ فقال الناس: سبحان الله! ذئب يتكلم، فقال: أؤمن بها أنا، وأبو بكر، وعمر، وما هما ثم» المشكاة باب مناقب أبي بكر وعمر. تحتوي كتب المعجزات على شيء كثير من مثل هذه الحكايات كما في الشفاء للقاضي عياض، فمن شاء فليراجعه إن هؤلاء الصالحين البررة من عباد الله حينما أخلصوا لله، وتوكلوا عليه، إنقاد لهم كل شيء، حتى الحيوانات والبهائم تستجيب لندائهم، وتسعى لإسعافهم، ويصدق عليهم المثل «كما تدين تدان» إن التاريخ يزخر بذكر حنينهم نحو الشهادة في سبيل الله. يروي أبو داود أن النبي e ضحى بمائة بدنة في حجة الوداع، ولما كان النبي e ينحر البدن طفقن يزدلفن إليه خمس وست بدنات دفعة واحدة، كل واحدة منها تحب أن يبدأ بها e ، وعندما نرى في الدنيا أن صغار الحكام الذين لا يملكون من أمرهم شيئًا يساعدون أتباعهم ومحبيهم بكل إمكانياتهم فكيف لا يحمي الله سبحانه عباده المطيعين، ويمنع ظهرهم، وقد وعدهم بذلك في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ و ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ﴾. كان الصحابة رضي الله عنهم قد فهموا هذه الحقيقة جيدًا، فكانوا يعيشون في طاعة الرسول، والنصر حليفهم في كل وقت، وما أن عثروا وزلوا في أمر من الأمور إلا واجهوا مشاقًا، وابتلوا بمحن كما وقع في معركة أحد، أمر رسول الله e جماعة من الرماة بالثبات في مكانهم على كل حال، وكان المسلمون يغلبون على عدوهم، فلما رأوا أن الغلبة تمت للمسلمين أو تكاد، ظن بعض أفراد من الرماة أن لا حاجة إلى البقاء في المكان، وخرجوا يتعقبون الكفار،وقد استنكر أميرهم خصلتهم هذه، ولما خرجت الرماة من مكانهم، أوتي المسلمون من قبلهم، وكذلك اغتر بعض المسلمين يوم حنين بكثرتهم، فأصيبوا بهزيمة وبلاء، وإلى ذلك أشار القرآن، فقال: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾. وفي حرب المرتدين قامت المعركة أولا مع طليحة الكذاب، ففر منهم كثير، وقتل عدد، وفر طليحة أيضًا وتشجع المسلمون، وارتفعت همتهم، ثم وقع قتال عنيف مع جماعة مسيلمة قتل فيه آلاف من رجاله، واستشهدت جماعة من المسلمين، وكان خالد بن الوليد قائدًا في هذه المعارك فيقول: إنا لما فرغنا من طليحة الكذاب، ولم تكن له شوكة، قلت كلمة، والبلاء موكل بالقول: وما بنو حنيفة؟ ما هي إلا كمن لقينا، فلقينا قومًا ليسوا يشبهون أحدًا، ولقد صبروا لنا من حين طلعت الشمس إلى صلاة العصر. يعني إنه يتأسف على ما بدر منه ذلك القول، الذي أدى إلى شدة المقاومة، وطول المدة، وذلك ما جعل الخلفاء الراشدين يؤاخذون بأدنى شيء، وينبهون على أقل خطأ، وعندما كان خالد بن الوليد يلي حرب العراق، كتب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "أما بعد، فدع العراق وأخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم وهم فيه، وامض مختفيًا في أهل القوة من أصحابك، الذين قدموا معك العراق من اليمامة، وصحبوك في الطريق، وقدموا عليك من الحجاز، حتى تأتي الشام، فتلقى أبا عبيدة، ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام" وكان فيما كتب إليه به أن: "سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك، فإنهم قد شجوا وأشجوا، وإياك أن تعود لمثل ما فعلت، فإنه لم يشج الجموع بعون الله سبحانه أحد من الناس إشجاءك، ولم ينزع الشجا أحد من الناس نزعك، فلتهنأك أبا سليمان النعمة، والحظوة، فأتمم يتمم الله لك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل، فإن الله تعالى له المن وهو ولي الجزاء". لقد كان هؤلاء الناس يهتمون كثيرًا بالزجر والتنبيه على أمور لا تسترعي الانتباه بوجه عام، وكانوا يؤاخذون على المعاصي أشد المؤاخذة. ذات مرة ألح عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عزل خالد ابن الوليد عن قيادة الجيش، أيام خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في أمر حدث له، ولكن أبا بكر رضي الله عنه لم يرض به، فلما كانت خلافة عمر رضي الله عنه، وأجاز خالد أحد الشعراء بجائزة قيمة، طلبه عمر رضي الله عنه، وقد شدت يداه إلى عنقه. وقد كتب عمر رضي الله عنه مخرجه أول مرة إلى أمراء الأجناد: أن يوافوه بالجابية ليوم سماه لهم في المجردة، وأن يستخلفوا على أعمالهم فلقوه حيث رفعت لهم الجابية، فكان أول من لقيه يزيد، ثم أبو عبيدة، ثم خالد على الخيول عليهم الديباج والحرير، فنزل وأخذ الحجارة فرماهم بها، وقال: سرع ما لفتم عن رأيكم، إياي تستقبلون في هذا الزي، وإنما شبعتم منذ سنين، سرع ما ندت بكم البطنة، وتالله لو فعلتموها على رأس المائتين لاستبدلت بكم غيركم، فقالوا: يا أمير المؤمنين! إنها بلا مقه، وإن علينا السلاح. قال: فنعم إذًا. وركب حتى دخل الجابية. تاريخ الطبري. وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فتحت ميسان في أيامه، ولاها النعمان بن عدي بن نضلة بن عبد العزي بن حزنان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لوي بن غالب، وكان من مهاجرة حبشة، ولم يول عمر أحدًا من قومه بني عدي ولاية قط غيره، لما كان في نفسه من صلاحه، وأراد النعمان امرأته معه عن الخروج إلى ميسان، فأبت عليه، فكتب النعمان إلى زوجته ألا هل أتى الحسناء أن حليلها بميسان يسقي في زجاج وحنتم وصناجة تجثو على حرف ميسم فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقني بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوؤه تنادمنا في الجوسق المتهدم فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أما بعد! فقد بلغني قولك: لعل أمير المؤمنين يسوؤه وأيم الله لقد ساءني ذلك! وقد عزلتك، فلما قدم عليه قال له: والله ما كان من ذلك شيء، وما كان إلا فضل من شعر وجدته، وما شربتها، فقال عمرك أظن ذلك، ولكن لا تعمل لي عملا أبدًا. معجم البلدان.تنادمنا في الجوسق المتهدم انظروا إلى هذه الشدة في أمر الله، والأخذ بالحيطة على كل خطوة وفي كل مجال، فإن ذلك هو السر في ارتفاع هؤلاء الناس إلى منازل عالية في الدنيا والآخرة، فلما ظهر منهم معصية أصابهم ضررها، كما مرت أمثلة ذلك آنفًا، وكلما كانوا أرفع منزلة كان أخذ الله أشد، مهما صدر منهم ذنب حقير، وهذا مما يعقل، إذ أن المثل السائر يقول: « حسنات الأبرار سيئات المقربين» وقد نبه الله سبحانه نبيه العظيم على ما صدر منه من إيثار شخص كان يرجو إسلامه، ويتكلم معه، على الأعمى الذي جاءه، على أن ذلك لم يكن إلا للدين فحسب، وبالعكس من ذلك كلما كان المرء من طبقة عادية، صفح عنه في صغائر الذنوب، وأخذه في كبائرها. إن جزيرة «سردانية» الشهيرة فتحت حوالي سنة 90هـ وقد كثر في هذا الفتح غلول، فلما كانوا في السفينة راجعين هتف هاتف غيب وقال: اللهم أغرقهم، فغرقوا. لقد ذكرنا أقوال الرسول e في أول هذا المقال، وهذه الوقائع أمثلة لها، والتاريخ الماضي يزخر بذكرها، أما ما يجري اليوم في عالمنا فهو ماثل أمام الأعين، إننا نحن المسلمين لم نترك سببًا من أسباب البعد عن الله إلا وقد أخذنا عليه بالنواجذ، ولا سيئة من سيئات إلا واعتنقناها، ولا تزال النكبات والويلات تحيط بنا جماعة المسلمين، وتراود أنفسهم، وقد بدأ التنصل عن فروع الدين وأحكامه يعمل عمله في مجتمعنا. وكل ذلك يحتاج إلى حل سريع، وعلاج ناجع، ولكن هذا الحل وذاك العلاج ليس إلا في الرجوع إلى الدين، والتمسك به، والاحتراس من المعاصي. إن كلامًا مثل هذا يسمى في مصطلح اليوم «رجعية » فمن يجاهر بـــ «الرجعية» ومن يؤثرها على «التقدمية»! فإلى الله المشتكي وهو المستعان |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() بوركت اخي على هذا الموضوع الهادف |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]()
وفيك بركة أخي نورت الموضوع
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() بارك الله فيك
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() جزاك الله خيرا
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أسباب, المسلمين, الكتاب, سعادة, والسنة, وشقائهم |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc