لانني لم اقل سلام فموضوعي شائك يتطلب صبر القراءة و التمعن في مجريات ما يحدث في بلادي و نحن صامتين
من غير مقدمات
فرسالتي الى الوزير
لا تسئلوا عن اسم الوزير فهو الوزير و كفى
ما سيسرد أدناه غيض من فيض مما خلفته إدارة الفساد و العباد في مدينة كانت كما وصفها القائلين بانها كانت وردة خلفها الكولون إبان الاستدمار الفرنسي و كانت وردة بنفسجية تتوسط البلاد و تربط الشرق بغربه حتى أصبحت اسطبل لتربية الدجاج حين دهمها الزلزال فلم يخلف فيها غير المخيمات للفقراء ، و مساكن الطاليان و التشيك الجاهزة للطبقة القادرة على دفع بعض المستحقات .
حين عاثت فيها اجباح الرجال فأعيدت الى اسطبلات فارغة من الحيونات و استخلفت ببشر شبه هذه الخلائق ولو كانوا رجالا و رجال ما صبروا كل هذه السنين تحت وطأة الذل و الهوان ، و خافوا من مصير فرد واحد ، ولو لم تقم قائمة بلدية كانت و مازالت تسمى الشطية التي تكاتف شعبها اليد لليد و تدخل في حينها ولد قابلية و عرج فوق دابته من ليلتها حين اهتزت كراسي الوزارة و كرسي المنزوع من وزارته في ساعتها ، حتى وعودوا كما كانوا يعيدون فاخلفوا كما كانوا يخلفون ، و سكت الشعب الذي كان على وشك ان يثور لأجل ما شرحت و عللت ، لكن تلك النار رموا عليها ماء بارد كالثلج ، فغمدت نيرانهم و سكتوا تحت وطأة الذل فقالوا لهم هيئوا أنفسكم و تعالوا الى كذا مرفقين بملفاتكم و كانت مبالغ هينة على الفقير أن يقبلها لان قنطار الاسمنت أصبح وحده إذا ما عدنا الى الوراء كان من مال القنطار يبنى بيتا كاملا ، للغلاء الفاحش الذي أصبحت فيه مقتنيات البناء من حديد و اسمنت الى غير ذلك في الوقت الراهن فكيف للسبعين أن تبني بيتا بالله عليكم .
قل للوزير !
ان مبلغ السبعين مليون سنتيم لا تبني اربعة جدران من غير غطاء بالخرسانة المسلحة و هي ألعوبة و اكذوبة كأذوبة لعن الشيعة للمبشرين بالجنة .
ولو عرجت الى بقعة تسمى و مازلت بالشرفة لسمعت مني الهول و قلت لي كفى قولا و فضحا ولو سمع الغريب عن الديار ما يقولوه أهل الدار لقالوا عرفنا لماذا كثرت السرقة في هذه المدينة التي كانت عذراء فأغتصبها أولي الامر فيها اغتصابا و نكلوا بها تنكيلا تحت وطأة الجهل ، فراح أولادها في وباء الضياع ، و اصبح شبابها في الطرقات يخطفون محفظات النساء و كهولها في مصارف القطارات و المطارات و الحافلات يأخذون لقمة عيش الفقير بآلة الذبح و مثقفيها ينزعون قلوب الاطفال و أعينهم ليتاجروا بها لشبكات الاطباء الفاسدين عبر انحاء المعمورة و خارج الاوطان في غياب الثقافة الامنية .
قل للوزير ،
مرورا على هذه البقعة من الارض و عبر طريقها الرابط بينها و بين بقعة كانت تتاجر بسرقة السيارات حتى عرفت بها و بين الاشجار الطوال و البرتقال يوجد شباب على دراجاتهم النارية يتحينون فرصة عطل في أي سيارة اتية من اي بقعة اخرى من الارض و غصبا عنها تمر عبر هذه الطريق و إلا فتطر في السماء لتركن الى الجهة اليمنى أو اليسرى فيغتصب من فيها و تنكل العوائل و تيتم الاطفال لقاء مبلغ يسير او ورقة الالف دينار
قل للوزير !
إن مدينة كمدينة الشلف قد ضاعت في سنين كانت أحوج لمرور مسئول صغير عبر طرقاتها فيلقي نظرة عن كثب إلى شوارعها ، فاحترنا حينها نحن الضعفاء في مقولة لو كانت عن حدود المغرب لأعطيت عن طبق من ذهب لما أصبح يذاع فيها من هول و فساد حتى أصبح البعيد و الغريب حين تذكرها له يقول هؤلاء يخلطون الخمر بالطعام و هؤلاء من وقف في معبر القطار ان لم يمت خوفا مات مسروقا . و في كلتى الحالتين هو ميت فهابها الرجال و النساء و الأطفال و الكهول ، مهما كانت قوة القادم إليها سيذل لأنها من فيها أقوى منه بثلاث قوى المال و السلطة و البنية الجسدية .
حتى أصبحت تضرب بها الأمثال
كل هذا يجري و مجريات من كان فيها قد اغتصبها عن آخرها و اخذ من أموالها و نساءها ما أخذ و ذهب الى الشرق فأصبح كالموت القادم اليه و لا ندري الساعة هل هي الأحوال على ما كانت عليه أم تغيرت الى الاحسن في تلك البلاد بالرغم من انها كانت لؤلؤة الشرق تتلألأ في المعالي ، سينكشف عنها الستار حتما ، و سنسمع بخبر كان ولو بعد حين ، لان منطق الفاسد سيفسد من حوله و لن يصلح شانه إلا باستئصال الحبة الفاسدة وحدها لكي لا تعكر صفو الآخرين .
قل للوزير !
بان شوارعها كلها لو جاءت لجنة مختصة في العمران و السكن لأعيدت من أولها إلى آخرها و بنيت من جديد لأن الوادي يشقها شقا من الطول الى العرض و ما سميا بالنفق الرنان من لالة عودة هبوطا الى وادي تسيغاوت هي الفخاخ بعينها و سيرى الذي لم و لن يرى في وقت ليس بطويل ما سينجر وراء كل هذا العناء الذي اخذ مال الدولة عشرات الآلاف المؤلفة من الملايين . و تلك المسالك و تلك الزقاق هي من هيئت لكثرة ما اصبح الغريب و القادم اليها يخاف من موت الاموات ، حتى اصبحت كحكايا اشعب و حجا عبر مر السنين ، مدينة واحدة كنا لا نسمع عنها في الاخبار ولا في التلفزة أو الاذاعة لانها كرهت بمن فيها في الثمانيات مرورا بالتسعينيات حتى اشتهرت بجيرانها و سمع لها صيتا في القنوات و في الجزيرة لأنه أصبحت يذكر في أزقتها و في شوارعها الإرهاب و لأنها كانت منزوعة من الخريطة ، لهول ما فيها حتى في نشرة الأحوال الجوية ينطق القائل بكل أسامي الولايات إلا الشلف لن و لم ينطق بها و إذا نطق بها سيضحك حتما
لان كل المدن تترواح درجات الحرارة فيها ما بين 20 إلى 35 درجة في فصل الصيف اما الشلف وحدها في شمال الجزائر تصل درجة حرارتها الى 45 درجة
وحدها فقط بالرغم من إنها تطل على البحر ، يضحك ليس استهزاءاً بل متعجبا و يقول في ذهنه ، مال هذه المدينة هكذا و مسئوليها لم يغرسوا فيها حتى الأشجار ليكثر فيها الاكسوجين و بالتالي هواء و بالتالي تقل درجة الحرارة ، مال هؤلاء المسئولين كلهم يحرقون الغابات و الجبال و لم يتركوا فيها شجرة إلا و احرقوها .
حتى لو كان الراعي لا يأمر رعيته بالخير فمن ذا الذي سيؤمرهم ، حتى و إن أمروا فهل سيغرسون الأشجار ام سيبحثون عن لقمة العيش و حتى و إن بحثوا عن لقمة العيش فأي غطاء سيغطيهم و كل سكناتهم أكلها الدود و أصبحت لا تصلح ، حتى ظهر منها المرض و ظهر بكثرة فأنسلخ المرض و اصبح يمشي في الطرقات بإسم الحساسية المفرطة التي يعاني منها كل شعب هذه المدينة من اولها إلى آخرها و من مسئولها الى أتعس فرد فيها ، ويتوسطها مصنع للأسمنت و فيه الغبار الهائل الذي تطلقه تلك الانابيب العملاقة و حين تفسد يكون اسوداً شبه النار السوداء التي تلطق الزفير و الحريق فتصبح سمائها سوداءً تحمل الغيوم من غير امطار حتى اذا مسكت شجرة او ورقة منها تجد حبيبات سوداء او غبار ليس كغبار الطرقات و منه يدخلك فيروس الحساسية الذي سيلزمك الفراش .
لم نسمع بحساسية تلزم الفراش لكن حساسية هذه المدينة ستلزمك الفراش حتماً.
قل له إن بلدية ليست ببعيدة عن المدينة وضعوا فيها سداً لصالح الدولة و للصالح العام و اخذ من المال ما اخذ و كانت بقعة تسمى كما سميت فيها العشرات من الافراد و الاطفال و النساء و كانت لهم ثرواتهم و أراضيهم و سكناتهم قد رحلتموهم من بقعهم غصبا عنهم و كانت لهم مبالغ لقاء ما تركوا و خلفوا ورائهم تتراوح من مائة مليون سنتيم الى المائتين و اكثر و اقل حسب الامتار التي كانوا يملكون ، لكن حين اخذوا شيكاتهم و اموالهم نزعت لهم الأصفار و اصبح بدل المائة مليون سنتيم مليون واحد فقط ، فتحايلوا علي الشعب المسكين و اشتكوا الى الحمروش و لم تفعل الدولة لقاء هذا أي شيء و سلمت للامر لان الشعب كان أميا لا يعرف القراءة و الكتابة ، ولان المال قد خرج من عاتق الدولة ، الى مسئولي ذلك الزمان فتفاهموا على الشعب المسكين على ان يعدم و الادهى و الامر من هذا ان بعض الخلق فرح بالمليون بدل المائة و حسب أنه حقه و كفى درجة الأمية تتراوح من شيخ الى شيخ و كنا أطفالا صغار لا نعي من هذه الأمور شيء .
قل للوزير إن شعبا برمته هتكت أعراضه و سرقت منه أراضيه و ممتلكاته و لم يسلم حتى في رقبته و أصبحوا يطلبون السلامة و اكتفوا بالفقر كخير علاج للبقاء على ارض هي ملك الناس اجمعين و سنتركها في يوم من الايام الى المقابر غابرين و ستبقى الارض لخالق الارض ولو بعد حين
قل إن البشر لن يستطيعوا خلق رطل واحد من التراب ولو عمروا الارض مذ خلق آدم الى اليوم مرتين فهي لخالقها وحده الذي صنع التراب و منه نحن و الاولون الغابرين .
قل له إن سكنات موعودة بدل التي بناها الطاليان و التشيك في زمان ليس ببعيد كانت لقدر مقدر بعشر سنين و ها نحن اليوم نفوق الثلاثين و مازلنا عالقين .
و السبعين لا تصلح اليوم لبناء اسطبل لتربية الدجاج او الحمير فكيف اعطيت لبشر يعقلون .
سد بنيا عن كامله و اخذ ما اخذ من مال و اراضي واسعة لاهالي القرى و المداشر و لم يأخذوا لقاء ذلك سنتيما و لا درهم سوى مراتع و بالترنيت و الزنك لهم بنيت كالاصطبلات ليست متماسكة ولو كان زلازال كالذي مر علي البلاد لكانت كارثة و مسحت الناس فيها من على الارض و دكت دكاً ، مازالوا برغم ان الارض ارضهم و هتكت حقوقهم مازالوا يدفعون الاموال لقاء الشرب من ماء السد الذي هو في اراضيهم .
ومازلوا يشربون الماء من الاسبوع الى الاسبوع و السد قد ذهبت خيوطه و أنابيبه الى ابعد النقاط وهران و تنس التي تطل على البحار و المدينة التي لا ندري من أي شعبة او شعاب تسيل .
قلت لكم انه غيض من فيض و ما زال في الجعبة سنين من الكلام ولن ينتهي الامر الى هذا الحد و لن يعرف الضعيف الا قتلا و تنكيل و لن يشبع آكل الربا ولو كانت له الانهار من المال و لن تقطع يد السارق مادامت فرنسا تعشش في الاوكار و لن ترفع راية الحق و الاسلام مادامت الشوارع مليئة بشاحنات الخمر و نساء الليل ، فقط أحتاروا كما احتار علي بن ابي طالب حين سأل السؤال و كان الجواب من الحبيب أعظم من الجواب سمعا على الأذان و نظرة على أولي الأبصار .
سؤال له الناس الان تحتار و من سمعه سيتيقن انه هو في حد ذاته جواب للسؤال
غيض من فيض ولو نطق اهل الجلفة لسمعنا الويل عما أصبحنا نسمع ما يحاك في الشوارع حتى و هم فيها فلن يعرفوا ما يعرفه الصوامون عن الكلام و الصامتون و ان الارض ارض كرم ارادها الحكماء و العقلاء ان تكون كما لم نسمع و أرادها الجحافلة أن تكون كما اصبحنا الان نسمع تحت وطأة شيء لا نعرف له الرنين .
ولو نطق أهل الباهية وهران ، لشلت العقول من هول ما نسمع في فلوند مار و الحمري و بطيوة و بلاداً كانت بالزنك و الترنيت فأصبحت على ما لم يستطع ان يسميه الفلان .
ولو نطق اهل العاصمة لكانت بالمثل و المثيل ، ولو نطق اهل سكيكدة و البليدة و قسنطينة و كثير من البلدان من القطر الى القطر لكان النقص اكثر من الكم ، لكن تجارة كم الافواه تعددت و كثرت و اصبح الرابح فيها لا يخسر أبدا ، و اصبحت تجارة من غير رأس مال يتفنن فيها الصبي حتى يبلغ فيحال الى جامعة يدرس فيها الفن و القانون .
قلت لكم إنه غيض من فيض
ليست فضائح و إنما هي حقائق
فما بالنا بالشروق اليوم لا تكتب الا عن شواطئ البحر و كاميراتها لا ترصد سوى المنقبات و المتحجبات ، و ركنت تلك الكاميرات في أماكن محجوبة عن الأنظار يتحينون فرصة فقط على تلك المتحجبة او المنقبة حين تنزع لباسها فترى الصفحات في الغد بالبند العريض و في الصفحة الاولى و بالالوان ما يندى له الجبين ، و مسؤولوها فرحين مستبشرين بالمليون نسخة او ما يزيد ألا سحقا لكم يا المتعفنين بوسام العار و الفضح إلا تدرون بان الجاني حتى و إن جنى على نفسه في الشواطئ و البحار ، يأخذ نصيبه و انتم تاخذون النصيب الاوفر لنشركم فتنة اعظم من أن تكتب على بضع صفحات .
هل تكلمت الشروق أو الغروب عن اليتامى و الطرقات و السرقات و ما يدور في الشوارع و الاحياء في الولايات و بالاخص عما تكلمت عليه اعلاه و كانت رؤوس اقلام و لو تفننت بتطويل الكلام و عرض كل الحقائق و الملاحظات لدونت من اجل الشلف أو أي مدينة في البلاد الدواوين عن كل ما يمس الفقير و الاحوج الى درهم و دينار منهم الفقراء و كل ما يمس الضعيف ابن الضعيف أم أن جرائد بلادي و قنواتها و صحافتها وجدت وفرة المال في امور تمس الدين و الاسلام و حين تفضح المتحجبات في الشواطئ و المنقبات تجني من وراء ذلك ما يصبوا اليه من هم في بلاط البختنصر الجبار ، أو حين نطق الاخر و قال لا تطيلوا في صلاة التراويح و هم على أبوابها فكانت رسالة قد اطالت فيها الجرائد و القنوات أو كمن قال بان عدى السويسريين و الفرنسين و البلجيكيين في منع بنات الناس من ارتاء الجلباب دخلت بلاد المشارق و المغارب الجزائر و المغرب و السعودية و اليمن و تونس و ليبيا و مصر و كل البلدان ، ففرح لذلك فرحا شديد ما بعده فرح
سحقاً .
يتبع...
ليشمل بعد ذلك ما لم نذكره بعد و بعض الدول العربية التي أصبحت وصمة عار على العالم الإسلامي . حاشا أن يكونوا مسلمين . ولو كانوا لشممنا فيهم رائحة الغيرة على الإسلام و قول اضعف الكلام ، لكننا انتظرنا و انتظرنا فلم نسمع الا الصهيل أكرمكم الله .
من مدونة محمد عبد الوهاب