![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
منهج أهل السنة والجماعة في الحكم با التكفير.....للشيخ فركوس حفضه الله
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() منهج أهل السنة والجماعة الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:في الحكم بالتكفير بين الإفراط والتفريط وسطية منهج أهل السُّنَّة في باب الأسماء والأحكام فإنَّ اللهَ تعالى شَرَّفَ أُمّةَ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وجعلها أُمَّةً وسطًا بين سائرِ الأُمم، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، كما تَجَلَّتْ نعمةُ الله تعالى في أن جعل أهلَ السنّةِ والجماعةِ وَسَطًا في هذه الأُمَّة، عدولاً بين سائر الفِرَق الأخرى، في كلِّ المسائل المتنازَع فيها، فالوسطية من الخصائص التي امتاز بها منهجُ أهلِ السُّنَّة في الاعتقاد، بينما أهلُ الفِرَق الأخرى أَصَّلوا لأنفسهم قواعدَ وحاكموا إليها نصوصَ الشرع، فما وافق منها قواعدَهم عضَّدوا بها مقالتَهم، وما خالف ردُّوه، حتى أصبحت مناهجهم تدور بين الغُلُوِّ والجفاء، وبين الإفراط والتفريط، لذلك كان أهلُ السُّنَّة أسعدَ الناس بموافقتهم الحقَّ والصوابَ بتسليمهم المطلق لنصوص الكتاب والسُّنَّة، فلا يردُّون منها شيئًا، ولا يعارضونها بشيءٍ، وإنما يقفون حيث تقف بهم النصوصُ من غير اعتداءٍ عليها ولا تجاوزٍ عنها بتحكيم قواعدَ عقليةٍ ولا آراءَ وأقسية منطقية، ممتثلين في ذلك لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1]، فكانوا على هديٍ قاصد وصراط مستقيم، ملتزمين التوسُّط بين الإفراط والتفريط، اللذين هما سِمَتَا مناهج الفِرَقِ الأخرى. هذا، ومن صُوَرِ وَسَطية أهلِ السُّـنَّة اعتدالُ منهجِهِم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد بين الخوارجِ الذين كفَّروا مُرتكبَ الكبيرةِ وحكموا بخلوده في النار، وجرَّدوه من الإيمان بالكلية، وحرموه من الشفاعة، والمعتزلةِ الذين جعلوا مرتكبَ الكبيرة بين مَنْزِلتين، فليس مؤمنًا وليس كافرًا، وأنه مخلَّدٌ في النار غير أنَّ عذابه فيها دون عذاب الكفار، وبين المرجئةِ القائلين بأنه لا تضرُّ مع الإيمان معصيةٌ كما لا تنفع مع الكفر طاعةٌ، ومعنى ذلك أنَّ ارتكابَ الكبائر -عندهم- لا تؤثِّر في إيمان المؤمن، فيبقى كامل الإيمان، فإيمان الفاسق وإيمان الأنبياء والصالحين سواء لا يزيد ولا ينقص. التكفير حكمٌ شرعيٌّ أمَّا التكفير -عند أهل السُّنَّة- فحُكْمٌ شرعيٌّ يَستمِدُّ قُوّتَهُ ونفوذَه من مرجعيةِ الشريعةِ الإسلاميةِ، فلا يترتَّب حكمُهُ إلاَّ على أساس ميزان الشرع القائم على الكتاب والسُّـنَّة، وفَهْمِ سلف الأُمَّة.وحقٌّ لله وحده فالتكفير حقٌّ لله تعالى وحده، وليس للعباد حقٌّ فيه، وتفريعًا على هذا الأصل فإنَّ أهلَ السُّنَّة والجماعةِ لا يحكمون بمَحْضِ الهوى، وإنما يكفِّرون مَن قام الدليلُ الشرعيُّ مِن الكتاب والسُّنـَّة على كُفره، فلا يكفِّرون أهلَ القِبلة بمُطلق المعاصي والذنوبِ كما هو صنيعُ الخوارج، ولا يَسْلُبُونَ الفاسقَ المليَّ الإيمانَ بالكليةِ، ولا يخلِّدونه في النار كما تفعله المعتزلةُ، وإنَّما مُعتقدُ أهلِ السُّـنَّة في صاحب الكبيرة والمعصيةِ أنَّه مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، أو مؤمنٌ ناقصُ الإيمان، فلا يُعطى الاسمَ المطلق ولا يُسْلَبُ مُطلق الاسم(١- انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (3/151، 152)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (316، 369).). قال أبو عثمان الصابوني -رحمه الله-: «ويَعتقدُ أهلُ السنَّة أنَّ المؤمن وإن أذنب ذنوبًا كثيرةً صغائرَ كانت أو كبائرَ فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص فإنَّ أمره إلى الله عزّ وجلَّ، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنّة يوم القيامة سالِمًا غانمًا، غير مبتلى بالنار ولا معاقَب على ما ارتكبه من الذنوب واكتسبه واستصحبه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذّبه مدّةً بعذاب النار، وإذا عذَّبه لم يخلّده فيها بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار»(٢- «عقيدة السلف أصحاب الحديث» للصابوني (71-72).). كما أنّ أهلَ السُّـنَّة والجماعةِ لا يُكفِّرون مخالفيهم لمجرَّد المخالفة، وإنّما يعتقدون في الفِرَق الثِّنتين والسبعين المخالِفة لهم أنّ حُكمهم هو حُكم أهلِ الوعيد من أهلِ الكبائر والمعاصي مِن هذه الأُمّة الذين لهم حُكم الإسلام في الدنيا، وهم في الآخرة داخلون تحت مشيئة الله، فإن شاء غَفَر لهم برحمته سبحانه، وإن شاء عذَّبهم بعدله سبحانه، ثمَّ مآلُهم إلى الجنّة. قال ابن تيمية -رحمه الله- بعد ذِكْرِ الخوارج: «وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالُهم بالنصِّ والإجماع لم يكفّروا مع أمرِ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بقتالهم فكيف بالطوائف المختلفة الذين اشتبه عليهم الحقُّ في مسائلَ غلط فيها مَن هو أعلم منهم؟ فلا يحلُّ لأحدٍ من هذه الطوائفِ أن تكفِّر الأخرى، وتستحلَّ دَمَها ومالَها، وإن كانت فيها بدعة محققَّة فكيف إذا كانت المكفِّرة لها مبتدعة أيضًا؟ وقد تكون بدعة أغلظ، والغالب أنهم جميعًا جهّال بحقائقِ ما يختلفون فيه»(٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (3/282-283). وانظر: تقرير منهج أهل السُّنَّة في هذه المسألة في المصدر السابق (3/348) وما بعدها (7/217، 218).)، وفي معرض ذِكر أهل الأهواء والبدع من الفِرق الثِّنتَين والسبعين فِرقة فقد عدّهم ابنُ تيمية من جُملة المسلمين، والوعيد الوارد فيهم كالوعيد في أهل الكبائر، وهو قولٌ سبقه إليه السلف والأئمّة، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «..إن لم يكونوا في نفس الأمر كفَّارًا لم يكونوا منافقين، فيكونون من المؤمنين، فيُستغفر لهم ويُترحَّم عليهم، وإذا قال المؤمن: ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان يقصد كلَّ مَن سبقه من قرون الأُمّة بالإيمان وإن كان قد أخطأ في تأويلٍ تأوّله فخالف السنّة أو أذنب ذنبًا فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان، فيدخل في العموم وإن كان من الثنتين والسبعين فِرقة، فإنّه ما من فِرقة إلاَّ وفيها خَلْقٌ كثير ليسوا كفّارًا، بل مؤمنون فيهم ضَلاَل وذنب يستحقّون الوعيد كما يستحقُّه عصاة المؤمنين، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لم يخرجهم من الإسلام بل جعلهم من أُمَّته، ولم يقل: إنهم يخلَّدون في النار، فهذا أصلٌ عظيمٌ ينبغي مراعاته»(٤- «منهاج السنة» لابن تيمية (5/240-241). قلت: وإنما هذه الفِرَقُ الثنتان والسبعون معدودةٌ من جُملة المسلمين إذَا أخطأت في عقيدتها، ولم يكن باطنُ مذهب الفِرقة معاندةَ الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو تقوم حقيقة مذهبها على تعطيل الصانع، أو إبطال الاحتجاج بالشريعة، أو إبطال التكاليف الشرعية، فإن عُلِمَ من سبب نشوء الفرقة إبطان الكفر وتعطيل الشريعة ونحوها وتجلّى ذلك من خلال مقالات أئمّتها وما يؤول إليه كلامهم فلا تعدّ هذه الفرقة من جملتهم بل خارجة عنهم، وبهذا ينضبط القول في الحكم على الفرق. ). التفريق بين الإطلاق والتعيين وأهلُ السُّنَّة يُفرِّقون بين الإطلاق والتعيين في إصدار حُكم التكفير، فقد يكون الفعل أو المقالةُ كُفرًا لكن الشخص المعيّن الذي تلبَّس بذلك الفعلِ أو تلك المقالة لا يُحكم بكفره حتى تقام عليه الحُجَّة الرِّسالية التي يكفر تاركها، وحتى تزال عنه كلّ شبهة يمكن أن يعلق بها؛ لأنَّ كلَّ الفِرَق قد يصدر عنها أقوالٌ كفرية، فلا يشهدون على معيّن من أهل القِبلة أنّه من أهل النار لجواز أن لا يلحقه الوعيد، لفوات شرطٍ أو لثبوت مانع(٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (10/370-372)، (35/165-166).)، فهم لا يكفِّرون إلاَّ ببَيِّنةٍ شرعيةٍ، بعد تحقّق الشروط، منها: أن يكون قوله الكفر عن اختيار وتسليم، أو يكون لازمُ قوله الكفرَ وعُرِضَ عليه فالتزمه، وأن تقوم الحُجّة عليه ويتبيّنَها، وانتفاء الموانع في حقّه التي تحول دون الحكم بكفره منها: أن يكون مُغيّبَ العقل بجنونٍ ونحوِه، أن يكون حديث عهد بالإسلام، أو لم يتسنّ له معرفة الدِّين إلاَّ بواسطة علماء الابتداع يستفتيهم ويقتدي بهم، ومن موانع الحكم على معيّن بالكفر -أيضًا- أن لا تبلغه نصوص الكتاب والسُّـنَّة كمن نشأ ببادية بعيدة، أو بلغته أحاديثُ آحاد ولم تثبت عنده، أو لم يتمكَّن من فهمها، أو بلغته وثبتت عنده وفهمها لكن قام عنده معارض أوجب تأويلها ونحو ذلك من الموانع.في الحكم بالتكفير التفريـق في الاجتهاد كما أنّ أهلَ السُّنَّة والجماعة يُفرِّقون بين مَن اجتهد لإصابة الحقِّ فأخطأ فهو معذورٌ وخطؤه مغفور، وبين مَن عاند بعدما تبيَّن له الحقُّ وبقي مُصِرًّا على مخالفة الأدلة والنصوص الشرعية، فشاقّ الرسولَ واتبع غيرَ سبيل المؤمنين فصفة الكفر لاصقةٌ بفاعله، وبين مَن قصَّر في طلب الحقِّ أو اتبع هواه فهو فاسقٌ مذنب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وأجمع الصحابةُ وسائرُ أئمَّةِ المسلمين على أنّه ليس كلُّ من قال قولاً أخطأ فيه أنَّه يكفر، وإن كان قولُه مخالفًا للسُّنَّة، فتكفيرُ كلِّ مخطِئٍ خلافُ الإجماع»(٦- المصدر السابق (7/685).)، وقال -رحمه الله- في تقرير الأصل السابق: «وأمَّا التكفير: فالصواب أنّه مَن اجتهد مِن أمُّة محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وقَصَدَ الحقَّ، فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطأه، ومن تبيّن له ما جاء به الرسولُ، فشاقّ الرسولَ من بعد ما تبيّن له الهدى، واتبع غيرَ سبيل المؤمنين فهو كافر، ومن اتبع هواه، وقصّر في طلب الحقّ، وتكلّم بلا علمٍ فهو عاصٍ مُذنبٌ، ثمّ قد يكون فاسقًا، وقد تكون له حسنات ترجّح على سيّئاته»(٧- المصدر السابق (12/180).).بين المخطئ والمعاند ومن مجمل أصول أهل السُّنَّة والجماعة المتقدّمة يتجلَّى التوسّط والاعتدالُ في هذه المسألة الدقيقةِ وفي سائرِ مسائلِ الاعتقادِ التي ضَلَّتْ فيها كثيرٌ من الأفهام، وزلّت فيها كثيرٌ من الأقدام، ومِن مَمَادِحِ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ الذين عصمهم اللهُ تعالى فيها وهداهم إلى التوسّط والاعتدالِ أنّهم يُخَطِّئُون ولا يُكفِّرون أحدًا من أهل القِبلة بكلِّ ذنب، بل الأُخوّة الإيمانيةُ ثابتةٌ مع المعاصي، فامتازوا بالعلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحقّ الموافقَ للسنّةِ السالمَ من البدعة، ويعدلون مع من خرج منها ولو ظلمهم، ويرحمون الخلق ويحبون لهم الخيرَ والهدى والصلاحَ، بخلاف أهل الإفراط في التكفير فيتميَّزون بالجهل والظلم، فقد جعلوا من ليس بكافر كافرًا، وبخلاف أهلِ التفريط الآتي تخبّطُهم من جهل معنى الإيمان فقد غَلَوْا في الجهة المقابلة فجعلوا الكفر ليس بكفر، ومن أسباب الإفراط والتفريط عدمُ الاعتماد على الكتاب والسُّنَّة، وخلطُ الحقّ بالباطل، وعدمُ التمييز بين السُّنَّة والبدعة، واتباع الظنّ وما تهوى الأنفسُ، والتأويل المنكر، فهدى اللهُ الذين آمنوا لِما اختلف فيه من الحقّ بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم..........يتابع إن شاء الله
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() التحذير هذا، والنصوصُ مِن الآيات والأحاديث جاءت صراحةً تحمي أعراضَ المؤمنين والمسلمين وتحمي دينَهم، وتحذّر التحذير الشديد من تكفير أحدٍ من المسلمين وهو ليس كذلك، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 94]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلاً بِالفُسُوقِ وَلاَ يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ»(٨- أخرجه البخاري في «الأدب» (10/464) باب ما ينهى عن السِّباب واللعن، من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم -أيضًا-: «لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِالكُفْرِ فَهُوَ كَقَتْلِهِ»(٩- أخرجه البخاري في «الأدب» (10/465) باب ما ينهى عن السباب واللعن من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه.)، فإذا كان تكفير المعيّن على سبيل الشتم كقتله، فكيف يكون تكفيره على سبيل الاعتقاد؟ قال ابن تيمية: «فإنَّ ذلك أعظم من قتله بلا شكٍّ، إذ كلُّ كافرٍ يُباحُ قتلُه، وليس كلُّ من أُبيح قتله يكون كافرًا»(١٠- «الاستقامة» لابن تيمية (1/165-166).)؛ ولأنَّ إطلاقَ الكفر بغير حقٍّ على المؤمن لَمْزٌ في الإيمان نفسه، بل إنّ سوءَ الظنِّ بالمسلم والنيلَ منه محرَّمٌ فكيف يُحكَم برِدَّتِهِ وتكفيره؟!من تكفير أحد المسلمين عِظَم فالواجب على المسلم -إذن- عدمُ الخوض في هذا الأمر الجَلَل من غير أن يكون ممكَّنًا شرعيًّا، قال الشوكاني -رحمه الله-:خطر تكفير المسلم «اعلم أنَّ الحكمَ على الرجل المسلمِ بخروجه من دين الإسلام ودخولِه في الكفر لا ينبغي لمسلمٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يَقْدُمَ عليه إلاَّ ببرهانٍ أوضحَ من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن جماعةٍ من الصحابة أنَّ: مَنْ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا(١١- أخرجه مسلم في «الإيمان» (2/49) باب من قال لأخيه المسلم يا كافر، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)»(١٢- «السيل الجرار» للشوكاني (4/478).). كما لا يجوز تكفيره لمجرَّد الهوى ولا بنظر العقل ولا بطريقة تأصيل أصول عقلية يكفر المسلم من خالفها؛ لأنَّ التكفير حكم شرعي يراعى فيه الدليل الشرعي دائمًا. قال ابن تيمية -رحمه الله-: «والكفر هو من الأحكام الشرعية، وليس كلّ من خالف شيئًا عُلِمَ بنظر العقل يكون كافرًا، ولو قدر أنه جحد بعضَ صرائحِ العقول لم يُحكَم بكفره حتى يكون قوله كفرًا في الشريعة»(١٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (12/525).)، ولِمَا في التكفير من عظيم أمره، وخطورة نتائجه وما يورثه من البلايا والرزايا، من جملتها استحلال دمه وماله، وفسخ العصمة بينه وبين زوجه، وامتناع التوارث، وعدم الصلاة وراءه والصلاة عليه، ومنع دفنه في مقابر المسلمين قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36]، فعلينا أن نجتنِبَ الشرَّ، ونقتربَ من الخير ونعملَ على تحصيله، ونسلكَ سبيلَ الإيمان ونثبُتَ عليه، فإنَّ فيه الفوز بالسعادة الأخروية التي لا تتحقَّق باتباع الأهواء، واختراع الآراء، وادّعاء تحليات، وترجي أمنيات، وإنما يتحقّق بلزوم ما أنزل الله وحيًا مبينًا، وهديًا قويمًا، وصراطًا مستقيمًا، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾ [الشورى: 53]. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: 15 ربيع الثاني 1426هـ ١- انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (3/151، 152)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (316، 369).المـوافق لـ: 24 ماي 2005 م ٢- «عقيدة السلف أصحاب الحديث» للصابوني (71-72). ٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (3/282-283). وانظر: تقرير منهج أهل السُّنَّة في هذه المسألة في المصدر السابق (3/348) وما بعدها (7/217، 218). ٤- «منهاج السنة» لابن تيمية (5/240-241). قلت: وإنما هذه الفِرَقُ الثنتان والسبعون معدودةٌ من جُملة المسلمين إذَا أخطأت في عقيدتها، ولم يكن باطنُ مذهب الفِرقة معاندةَ الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو تقوم حقيقة مذهبها على تعطيل الصانع، أو إبطال الاحتجاج بالشريعة، أو إبطال التكاليف الشرعية، فإن عُلِمَ من سبب نشوء الفرقة إبطان الكفر وتعطيل الشريعة ونحوها وتجلّى ذلك من خلال مقالات أئمّتها وما يؤول إليه كلامهم فلا تعدّ هذه الفرقة من جملتهم بل خارجة عنهم، وبهذا ينضبط القول في الحكم على الفرق. ٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (10/370-372)، (35/165-166). ٦- المصدر السابق (7/685). ٧- المصدر السابق (12/180). ٨- أخرجه البخاري في «الأدب» (10/464) باب ما ينهى عن السِّباب واللعن، من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه. ٩- أخرجه البخاري في «الأدب» (10/465) باب ما ينهى عن السباب واللعن من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه. ١٠- «الاستقامة» لابن تيمية (1/165-166). ١١- أخرجه مسلم في «الإيمان» (2/49) باب من قال لأخيه المسلم يا كافر، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ١٢- «السيل الجرار» للشوكاني (4/478). ١٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (12/525). الجزائر في: 15 ربيع الثاني 1426هـ المـوافق لـ: 24 ماي 2005 م |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() صحيح التكفير حكم الله ورسوله عليه السلام . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() السلام عليكم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() بارك الله فيكم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() جزاك الله خيرا مشرفنا و بارك الله فيك........... و حفظ لنا الشيخ ابو عبد المعز. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() بارك الله فيك ورفع قدرك
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | ||||
|
![]() اقتباس:
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() قال الشيخ : |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | ||||
|
![]() اقتباس:
أمّا عن قول بوتفليقة لا نريدها دولة إسلامية ومع بغضي الشديد لما تفوّه به ولو كنت أمامه لخاطبته أمام العامة بخطورة قوله ومناقضته للإسلام إلاّ انّ الترقي من هذا الأمر لإيقاع حكم الكفر على عينه هو أمر خطير فتحليل العبارة يجعلنا نفهمها في سياقها فالصراع في الجزائر كان بين طائفتين إسلامية وعلمانية والرئيس بمشروعه حاول الجمع بين الطائفتين بقوله لا نريدها لهؤلاء ولا لهؤلاء بل نريدها للجميع وهو شأن من يريد الإصلاح السياسي بين متخاصمين وإلاّ فماذا يفهم اخي من نفي علمانية الدولة بعد نفي إسلاميتها ؟ اقول هذا حتى لا ينساق اخي وراء عواطفه فتصير عواصف هوجاء لطال ما إكتوى منها شعبنا الجزائري المسلم ففرق بين من اخطا اللفظ فوجب تنبيهه وبين من يرفض حكم الإسلام ويعاديه ومثل هذه الأمور لا بدّ لها من بحث مع صاحب العبارة دفعا للشبهة وإقامة للحجة ولهذا اناط الإسلام مثل هذه الأحكام بالقضاء ولم يتركها مشاعا لكلّ احد ولو حاسبنا كلّ الناس على ما يصدر منهم دون مراعاة لمقاصدهم لكفر كثير من الإسلاميين الذين يزعمون النظال من اجل الدولة الإسلامية وإقامة الشريعة فالامر يحتاج إلى تعليم وبيان وجدال ومناظرة وصبر على الدعوة إلى الله وبعدها سنفهم جميعا سرّ قول احد الدعاة الإسلاميين في الخمسينيات من القرن الماضي وتاليفه لكتاب اسماه (دعاة لا قضاة) |
||||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc