رؤيتي إلى المصالحة الوطنية الحقيقة
أعتبر أن المصالحة الوطنية هدف إستراتيجي يأتي بعد عمل شاق وطول نفس ولابد له من رجال مخلصين يعملون له الليل والنهار، ولايتأتي هذا الهدف كما يتصور البعض، بقرار سياسي أو بمرسوم رئاسي ،وإنما يأتي بعد مصارحة وبعد كشف للحقائق وتحديد المسئوليات،وإصدار الأحكام على المتسببين في هذه المأساة التي ذهب ضحيتها أكثر من 250000 ألف جزائري والعفو الشامل بعدها ،الذي بدونه لن تتحقق المصالحة الوطنية الحقيقية وبعد أن يقتنع الجميع تحت ميثاق يحقق المصلحة العامة.
ومادام أن المصالحة إذن هي هدف ،فلابد من رسم طريق يؤدي بنا إلى هذا الهدف النبيل.بدأت العمل من هذا المنطلق على موقع اليوتيوب وطلبت من إخواني الجزائريين المخلصين الذين يتقاسمون معي الأفكار أو الذين يختلفون معي أنه لابد علينا من أخذ المبادرة والشروع في هذا العمل، وأنه ليس من المستحيل كما يتصور البعض بل هو ممكن،فوجهت النداء، وكانت النتيجية أن وصلنا إلى مايقارب الأربعين تسجيلا ضم شخصيات معروفة على مستوى الوطن في وقت وجيز وأفكار متقاربة تبشر بخير كبير
.
أنا مدرك تمام الإدراك بأن الحلّ ممكن فيجب علينا نحن المواطنون أن نأخذ المشعل وأن لانبقى رهائن تصورات ظرفية سواء كانت مع ماضينا أو حاضرنا، فقد أعطانا الله عقولا نفكر بها وألسنة ننطق بها وأيادي نكتب بها وأرجلا نمشي بها ،فلماذا يُفكر لنا ؟ولماذا يُكتب لنا ؟بل لماذا يُقرر لنا؟ألسنا مسئولون عن أفعالنا ؟
أنت أيها المواطن ،أنت أيتها المواطنة هلُمّوا جميعا لنغير واقعنا المُرّ وأن نصنع هذه المصالحة شعبيا ،لا أن نطالب بها أحدا.كيف نصنعها؟ نبدأ نحن الأعضاء نحن الجزائريون سواء كنا أفرادا أو جماعات بحوار صريح وهو الذي بدأناه ،على قدر المساواة، كلّ منا يعبر برأيه كيف يرى هذه المصالحة، وما هي الطرق الممكنة للوصول إلى هذه الهدف الذي يسعى إليه كل الخيرين من أبناء الجزائر ،هذه هي الإنطلاقة.
هذا الحوار يقودنا إلى الأخذ والرد فتنتشر الفكرة وتحدث ردود الأفعال فتبرز النوايا الحقيقية للمصلحين ونعزل بذلك رؤوس الفتنة،تظهروجوه أخرى غير التي حتمها علينا الإعلام وأفكار أخرى،وتصورات أخرى،وطاقات أخرى...الخ
وبعد مدة قد تكون عاما فأقل أو أكثر نقيم فيها هذه المرحلة ، بعدها نؤسس مكتبا،يسعى هذا المكتب في مرحلة أخرى لتنسيق الآراء وبلورتها والتنظيم إلى المرحلة المقبلة.يتم الإتصال بأطراف الصراع في كل المراحل وعرض المبادرة في صيغتها النهائية على الشعب ،بعد التوقيع عليها في مؤتمر تحضره جميع الأطراف ،ومن بين المقترحات التي أراها طريقا إلى الوصول إلى الحل هي التالي
.
سيبقى هدفنا هو المصالحة أليس كذلك؟ ولكن مادام أن مجموعة في هذا النظام هي طرف ،فلن يقبل المتسببون في الأزمة بأي حلّ سيقضي بخروجهم من السلطة والتنازل على الكثير من الإمتيازات التي تحصلوا عليها ،هنا تأتي فكرة الضمانات التي نتحدث عنها فيما بعد.
مادام أننا لانستطيع إقناع المتسببين كما نريد، فلابد من تغيير النظام أولا، وهذا ليس معناه أننا نميل بهذه الطريقة إلى طرف على حساب الآخر ، وإنما فقط لأن هناك مجموعة داخل هذا النظام ببساطة طرف في الأزمة من ناحية، ومن ناحية أخرى هم من يرفض المصالحة الوطنية الحقيقية كما يبدوا ، ويمتلكون الوسائل والإمكانات المادية وإخضاع الأغلبية بالقوة ويرفضون أي مبادرة تكون خارج نفوذهم وليس الطرف الثاني الذي لايمتلك هذه الوسائل والإمكانات ،فلابد إذن من طرف ثالث .
يبقى هدفنا من تغيير هذا النظام ،هوقطع الجسر للوصول إلى طريق المصالحة الوطنية الحقيقية ،و تغيير النظام هو ليس استبدال نظام بآخر ،عبر انتخابات رئاسية مفتوحة .نبدأ في مرحلة التغيير،وهي التحضير إلى انتخابات رئاسية ليس كما سبق وإنما بعدة مرشحين قد يكونون مثلا "عشرة "لم يشاركوا في الحكم كمتسببين رئيسيين،يمثلون جميع شرائح المجتمع سواء كانت سياسية أو......نحبذ أن لاتتجاوز أعمارهم 60 سنة،يحملون شهادات عليا ولهم خبرات في مجال التسيير، الإعلام ، الإقتصاد ، التاريخ .......الخ
.
هنا نكون قد بدأنا في مرحلة التعبئة،فهناك الكثير من الأشياء التي نقوم بها في هذا الإطار لنقنع المجتمع بأن لنا نوايا صادقة وحسنة من خلال هذا البديل، وهي مساعدة المرضى والمحتاجين والقيام بالكثير من النشاطات في عدة مجالات،للتغلغل داخل شرائح المجتمع بأشياء ملموسة ،لاأن نبقى نخاطب الناس من خلال الخطابات الرنانة ودغدغة العواطف دون تقديم أي بديل......
بعد الدخول في الإنتخابات، التي هي في الأساس وسيلة وليست غاية ،لأن غايتنا هي المصالحة الوطنية الحقيقية، وبعد خوض الحملة الإنتخابية التي تكون بعد المؤتمر، والإنتهاء من المرحلة التي يشارك فيها جميع الأطراف، نكون قد هيئنا الأرضية إلى التغيير. ويوم الإنتخاب بعد القيام بجميع الإحتياطات والقيام بجميع الوسائل التعبوية وتحضير الإمكانات لحسم الأمر شعبيا. ستجري الإنتخابات الحرة والشفافة التي يفرضها الشعب من خلال مشاركته بكل الوسائل سلميا ، سيفوز بالتأكيد المرشح،الذي تفرزه هذه الإرادة الشعبية، والمجموعة التي تشاركه ستبقى معه في هذه المرحلة وهي التي ستشكل بعد فوزه حكومة الوحدة الوطنية، إذا تم التزوير ولن يتم ،إذا تمّت فعلا تعبئة الشعب من خلال جميع الأطراف،نكون هنا أمام مرحلة الحسم شعبيا بوسائل أخرى وهي الإضراب الشامل والعصيان المدني دون اللجوء إلى العنف ، بل التمرد على هذا النظام، وإعطاء الفرصة لأبناء الوطن داخل المؤسسة العسكرية ،وهم المتشبعون بثقافة المصالحة الوطنية أن يقوموا بواجهم والوقوف إلى جانب شعبهم بعد إستنفاذ جميع الوسائل يوم الإقتراع ولابد من الحضور الشعبي أثناء عملية الفرز وعدم الإكتفاء بالمراقبين .
بعد الإنتخابات و بعد حسم الأمرشعبيا ،تشكل حكومة وحدة وطنية تبدأ بالتحضير إلى دستور جديد تشارك فيه جميع الأطراف،توضع فيه خطوط حمراء لايستطيع أحد تجاوزها، تجرى إنتخابات حرة في البلديات، ثم الولايات، ثم البرلمان، ثم تشكل الحكومة الجديدة التي تفرزها الإرادة الشعبية .
تبدأ مرحلة التحقيقات وتكشف الحقيقة كاملة غير منقوصة ، من خلال حوار مسئول، وتجرى المحاكمة داخل الجزائر وتسير من طرف جزائريين نزهاء تحضرها شخصيات دولية مشهود لها بالنزاهة ، إلى جانب بعض العلماء الربانيين ، وبعض الجمعيات الحقوقية الدولية ، فتحدد المسئوليات، ،تصدر الأحكام، ثم يأتي بعدها العفو الشامل،وأقترح أن يكون مثلا ضمان إلى كل الذين تسببوا في الأزمة وهو أن تحفظ لهم بعض حقوقهم كالعمل والتنقل والسكن، ويمنعون فقط سياسيا وإعلاميا والعفو عنهم، هو لمصلحة الأجيال وليس خشية منهم .
لأن البقاء على هذا الشكل هو بقاء الأمر على ماهو عليه بل مضاعفته ومفاقمته ولأن الإنتقام يولد انتقاما آخر فإنا لو استمررنا في هذا الحال
سنبقى في هذه الدوامة ونفوت بذلك فرص النهضة على وطننا وشعبنا الذي أنهكته المحن .