السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هي هكذا الحياة سارت وهكذا تسير أوفياء من الناس لا يملكون إلا إهداء الثمين لمن يحبونهم ويخافون عليهم ويسعدهم فلاحهم وصلاحهم .... ومن البشر اختار الله أنبياء يعلمون الناس الحكمة والكتاب ويهدونهم الى سواء الصراط ، لكن أقوامهم قابلوا الوفاء بالجفاء ، وأهملوا هدية لم يعرفوا معناها ، وفي كل يتكرر هذا السلوك فقد مكث نوح في قومه الف سنة إلا خمسين وما آمن معه إلا قليل ، ورمي سيد الخلق-صلى الله عليه وسلم- بالحجر وأهين هو وأصحابه وأبعد عن الأهل والبلد .... كل ذلك لأنهم حملوا للناس رسالة النجاة في الدارين وهدية لا تقدر بثمن
وفى الأنبياء أقوامهم ....... وجاؤوهم بالأحسن القيم
فثار القوم عداوة ........ للرسل وهم الأكرم
وإن كان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما فقد ورثوا العلم فكان العلماء هم ورثة الأنبياء ، لتكون هدية العلماء لمن يحبونهم ماورثوه عن سلفهم ، فيكون مصير هديتهم على نفس النسق ، يعذب العالم ويهان ، ويكرم الجاهل ويعز ، فقد عذب الامام أحمد – رضي الله عنه – لأنه أنكر خلق القرآن ، وأمثاله من المختصين في علوم الدين كثيرون ممن عذبوا ... وكذلك الحال بالنسبة لعلماء الطبيعة فيذكر التاريخ أن عدد الذين عوقبوا في أوربا 300 ألف من بينهم العالم الشهير جاليليو الذ عوقب بالقتل لأنه اعتقد بدوران الأرض حول الشمس ، وحبس العالم دي رومنس في روما حتى مات ، ثم حوكمت جثته وكتبه فحكم عليها بالحرق لأنه قال إن قوس قزح ليست قوسا حربية بيد الله ينتقم بها من عباده إذا أراد ، بل هي من انعكاس ضوء الشمس في نقط الماء .... هكذا حال العلماء
يهانون ويعذبون ويقتلون ويجعل للجهال العز والمكانة :
كم من عالم قد أهين ... والجاهل من الناس يكرم
أهانوهم لأنهم لا يعرفون قيمة ماقدمه العلماء للبشرية و ما أحسوا بنور يضيء طريقها
وكم من نفيس لا يرى .... غطاه الرخيص والقمم
وقد قال الامام الشافعي رحمه الله:
فلولا العلم ماسعدت رجال .... ولا عرف الحلال ولا الحرام
وحال كل المصلحين ، الذين يريدون تغيير حال الناس ، وطريقة حياتهم وتفكيرهم ، يقابلون بالتهميش والاهانة ، وتنسب اليهم التهم زورا وبهتانا ليجعلوا بينهم وبين الناس سدا منيعا ويكرمون الجهال ويدفعونهم دفعا ليغلب دوما كلام المداح كلام الجراح ويغلب الكلام اللين الحق البين ....... وفي كل هذا أناس يقدمون كل غالي وثمين لآخرين أغلبهم لا يعرف معنى طوق الياسمين .
قد يكون ليس معقول ......... لأنه ليس منقول