منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن الأصول الثلاثة ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-04-20, 10:13   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



المسألة الثانية : أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد غيره في عبادته

هذه المسألة متعلقة بالمسألة الأولى لأن الأولى : هي بيان وجوب عبادة الله واتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى الشهادتين معنى شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمدًا رسول الله ، والمسألة الثانية : أن العبادة إذا خالطها شرك فإنها لا تقبل ؛ لأنه لا بد أن تكون العبادة خالصة لوجه الله - عز وجل - .

فمن عبد الله وعبد معه غيره فعبادته باطلة ، وجودها كعدمها ، لأن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص والتوحيد فإذا خالطها شرك فسدت كما قال تعالى : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .

وقال سبحانه : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فالعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد ، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة ، فإذا خالط الشرك العبادة أفسدها ، كما أن الطهارة إذا خالطها ناقض من نواقض الوضوء أفسدها وأبطلها ، ولهذا يجمع الله في كثير من الآيات بين الأمر بعبادته والنهي عن الشرك .

قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا . وقال : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ، وقال - عز وجل - : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ . فقوله تعالى : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ، فيه أمران : فيه نفي الشرك ، وفيه إثبات العبادة لله تعالى .

وقال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ . وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ . قرن بين عبادة الله واجتناب الطاغوت ؛ لأن عبادة الله لا تكون عبادة إلا مع اجتناب الطاغوت وهو الشرك ، قال تعالى : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا .

فالإيمان بالله لا يكفي إلا مع الكفر بالطاغوت ، وإلا فالمشركون يؤمنون بالله لكنهم يشركون به ، وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ . بين سبحانه أن عندهم إيمان بالله ولكن يفسدونه بالشرك والعياذ بالله .

هذا معنى قول الشيخ ، أن من عبد الله وأطاع الرسول فإنه لا يشرك بالله شيئًا ، لأن الله لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته .

قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه هناك قوم يصلون ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ويكثرون من ذلك ويصومون ويحجون لكنهم يدعون الأضرحة ، ويعبدون الحسن والحسين والبدوي وفلانًا وعلانًا ، ويستغيثون بالأموات ، هؤلاء عبادتهم باطلة ، لأنهم يشركون بالله - عز وجل - يخلطون العبادة بالشرك ، فعملهم باطل حابط حتى يوحدوا الله - عز وجل - ويخلصوا له العبادة ويتركوا عبادة ما سواه .

وإلا فإنهم ليسوا على شيء فيجب التنبيه لهذا ، أن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد كائنًا من كان ، لا يرضى سبحانه بمشاركة أحد مهما كان ؛ لئلا يقول أحد أنا أتخذ من الأولياء الصالحين والطيبين شفعاء ، أنا لا أعبد الأصنام والأوثان كما هو في الجاهلية ، أنا أتخذ هؤلاء شفعاء فنقول له : هذه مقالة الجاهلية اتخذوهم شفعاء عند الله لأنهم صالحون وأولياء من أولياء الله ، والله لا يرضى بهذا .
قوله : لا ملك مقرب ولا نبي مرسل : الملك المقرب هو أفضل الملائكة مثل : جبريل - عليه السلام - وحملة العرش ومن حوله ، والملائكة المقربون من الله - سبحانه وتعالى - فمع قرب المكان من الله - عز وجل - وقرب العبادة والمكانة عند الله ، لو أشركهم أحد مع الله في العبادة فإن الله لا يرضى بأن يشرك معه ملك مقرب ولا نبي مرسل كمحمد - صلى الله عليه وسلم - وعيسى ونوح وإبراهيم أولي العزم ، لا يرضى أن يشرك معه أحد ولو كان من أفضل الملائكة ، ولو كان من أفضل البشر .

فهو لا يرضى أن يشرك معه أحد من الملائكة ولا من الرسل ، فكيف بغيرهم من الأولياء والصالحين ، فغير الملائكة والرسل من باب أولى لا يرضى الله بإشراكهم معه في العبادة ، وهذا رد على أولئك الذين يزعمون أنهم يتخذون الصالحين والأولياء شفعاء عند الله ليقربوهم عند الله زلفى ، كما قال أهل الجاهلية : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى . وإلا فهم يعتقدون أن هؤلاء لا يخلقون ولا يرزقون ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورا ؛ وإنما قصدهم التوسط عند الله - عز وجل - ؛ ولذلك صرفوا لهم شيئًا من العبادة تقربًا إليهم ، ذبحوا للقبور ، ونذروا للقبور ، واستغاثوا وهتفوا بالأموات .









آخر تعديل ليتيم الشافعي 2009-04-20 في 10:19.
رد مع اقتباس