القُراء من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لقد اهتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كتابة وقراءة وضبطًا وحفظًا ، واشتهر عدد منهم بالإقراء وذلك لتميزهم بضبطهم للقرآن ، وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عن بعض هؤلاء الضابطين ، فقد أخرج البخاري رحمه الله بسنده عن مسروق : ذكر عبدُ الله بن عمرو عبدَ الله بن مسعود فقال : لا أزال أحبه ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبيِّ بن كعب . والذين اشتهروا بإقراء القرآن من الصحابة كثيرون قال السيوطي : (المشتهرون بإقراء القرآن من الصحابة سبعة : عثمان وعليُّ وأبيُّ وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري كذا ذكرهم الذهبي في طبقات القراء) . وقال ابن حجر : (وقد ذكر أبو عبيد القرَّاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة وطلحة وسعدًا وابن مسعود وحذيفة وسالمًا وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة ، ومن النساء عائشة وحفصة وأم سلمة . . . وعد ابن أبي داود في كتاب الشريعة من المهاجرين أيضًا تميم بن أوس الداري وعقبة بن عامر ، ومن الأنصار عبادة بن الصامت ومعاذ الذي يكنى أبا حليمة ومجمع بن حارثة وفضالة بن عبيد ومسلمة بن مخلد . . . وعد بعض المتأخرين من القراء عمرو بن العاص وسعد بن عبادة وأم ورقة ) . قلت : ولا شك أن عدد الصحابة القراء يفوق ما ذكر أضعافًا مضاعفة فقد ذكر أن سبعين من القراء قتلوا في معركة واحدة وهي اليمامة ، وذِكْرُ هذه الأعداد الكبيرة من الصحابة القراء يدل على شدة اهتمامهم بكتاب ربهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يتعارض هذا العدد الكبير مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سبق ذكره ألا وهو : خذوا القرآن من أربعة فقد يكون هؤلاء أشد حذقًا وإتقانًا للقراءة من غيرهم وقد يكونون حفاظًا عن ظهر قلب بالإضافة إلى إتقانهم القراءة ولهذا حق لهم أن يكونوا من أشهر الصحابة في الإقراء وشرفوا بنص الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ على أبي بن كعب رضي الله عنه ، ففي الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيِّ : إن الله أمرني أن أقرأ عليك : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قال : وسمَّاني؟ قال : "نعم" ، قال فبكى وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : اقرأ عليَّ القرآن وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استمع إلى قراءة أبي موسى الأشعري فأعجب بها ومدحها ، وثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه : مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس وعن مسروق قال : قال عبد الله رضي الله عنه : "والله الذي لا إله غيره ما أُنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أُنزلت ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو كنت أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه" . وقد استحسنت بعد ذكر القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن أترجم لعدد منهم من الرجال والنساء وهم : عائشة أمُّ المؤمنين رضي الله عنها هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام وهي التي قال لها رسول الله صلى عليه وسلم : يا عائشُ هذا جبريل يقرئك السلام أبوها أبو بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة رضي الله عنه أفضل رجال الأمة على الإطلاق ، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بعد موت الصديقة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا ولم يدخل بها إلا بعد غزوة بدر سنة اثنتين للهجرة في شوال . لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا غيرها ولا أحب امرأة حبها ، وفي الحديث الصحيح عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أريتك في المنام يجيء بك الملك في سَرَقة من حرير ، فقال لي : هذه امرأتك فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هي فقلت : إن يك هذا من عند الله يمضه . وفي الروايات الأخرى أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك ثلاث مرات في ثلاث ليال ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لنسائه : والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها . وقد ثبت عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سأل النبي الله عليه وسلم : أيُّ الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال : " عائشة " قال فمن الرجال؟ قال : "أبوها"قلت ثم من؟ قال : "ثم عمر بن الخطاب " فعد رجالًا . وقد أطبقت الأمة على حبها وحب أبيها حتى إن حبهما أصبح علامة من علامات الإيمان ، فلا يحبهما إلا مؤمن ولا يبغضهما إلا منافق أو كافر نسأل الله أن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم وحب آله وأصحابه وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم ، آمين . . . .يتبع . . .