منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن الأصول الثلاثة ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-25, 10:45   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


هذه المسائل الأربع يجب أن تتعلمها بالتفصيل ، هل من دليل على ما قاله الشيخ ؟ إن هذه المسائل الأربع يجب علينا تعلمها ، وهو وعدنا أنه لا يقول شيئا إلا بدليل ، فأين الدليل ؟ قال : الدليل على ذلك قوله تعالى : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

هذه هي المسألة الأولى : العلم ، لأن الإيمان لا يكون إلا بعلم وهو معرفة الله - عز وجل - ومعرفة نبيه ، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .

المسألة الثانية : وعملوا الصالحات ، هذا العمل بالعلم .

المسألة الثالثة : وتواصوا بالحق ، فهذه الدعوة إلى العلم والعمل .

المسألة الرابعة : وتواصوا بالصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى العلم والعمل .

فقوله سبحانه : ( والعصر ) .

الواو : واو القسم ، والعصر اسم مقسم به مجرور وعلامة جره الكسرة والمراد به الوقت والزمان .

أقسم الله - تعالى - بالزمان والوقت وهو مخلوق ، والله - جل وعلا - يقسم بما شاء من الخلق ، والمخلوق لا يقسم إلا بالله ، والله لا يقسم إلا بشيء له أهمية ، وفيه آية من آياته - سبحانه وتعالى - فهذا الزمان فيه عبرة وله أهمية ، ولذلك أقسم الله بالعصر ، وبالليل إذا يغشى ، وأقسم بالضحى .

أما المخلوق فإنه لا يقسم إلا بالله ، ولا يجوز لنا أن نحلف بغير الله ، قال - صلى الله عليه وسلم - : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وقال : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت .

فالله يقسم بما شاء ولا يقسم إلا بما له أهمية وفيه عبرة ، ما هي العبرة في هذا الزمان ؟ العبر عظيمة تعاقب الليل والنهار ، وتقارضهما ، هذا يأخذ من هذا ، وهذا يأخذ من هذا ، يطول هذا ، ويقصر هذا ، تعاقبهما على هذا النظام العجيب الذي لا يتخلف ولا يتغير .

هذا دليل على قدرة الله - سبحانه وتعالى - ثم ما يجري في هذا الوقت من الحوادث والكوارث ومن المصائب ومن النعم ومن الخيرات ، ما يجري في هذا الوقت هذا من العبر ، وكذلك فإن الليل والنهار مجال للعمل الصالح قال تعالى : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً أي يتعاقبان يخلف هذا هذا لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا وفي بعض القراءات : ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ ) .

فالليل والنهار كسب عظيم لمن استغلهما في طاعة الله - عز وجل - ومجال العمل هو الليل والنهار ، ما عندك غير الليل والنهار ، هما مجال العمل والكسب الطيب للدنيا والآخرة ، في الليل والنهار عبر وفوائد لذلك أقسم الله بالعصر .

ما هو جواب القسم ؟ هو قوله : ( إن الإنسان لفي خسر ) الإنسان جميع بني آدم لم يستثن أحدا لا الملوك ولا الرؤساء ، ولا الأغنياء ، ولا الفقراء ، ولا الأحرار ، ولا العبيد ، ولا الذكور ولا الإناث . فـ " أل " في الإنسان للاستغراق ، كل بني آدم في خسر ؛ أي في خسارة وهلاك إذا ضيعوا هذا الوقت الثمين ، واستعملوه في معصية الله ، وفيما يضرهم .

وهذا الوقت الذي هو رخيص عند كثير من الناس يطول عليهم الوقت يملون ويقولون : نريد قتل الوقت ، يأتون بالملهيات ، أو يسافرون للخارج لقضاء العطلة والوقت ، أو يضحكون ويمزحون لقطع الوقت ، فهؤلاء الذين قطعوه وضيعوه سيكون خسارة وندامة عليهم يوم القيامة ، وهو مصدر سعادتهم لو حافظوا عليه .

فجميع بني آدم في خسارة وهلاك إلا من اتصف بأربع صفات هي : العلم ، والعمل ، والدعوة إلى الله ، والصبر على الأذى .

فمن اتصف بهذه الصفات الأربع نجى من هذه الخسارة .

ولا يمكن الإيمان بالله إلا بالعلم الذي هو معرفة الله.

وعملوا الصالحات : أي عملوا الأعمال الصالحة من واجبات ومستحبات ، فاستغلوا وقتهم بعمل الصالحات بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، حتى العمل للدنيا فيه خير وفيه أجر إذا قصد به الاستعانة على الطاعة ، فكيف بالعمل للآخرة ، المهم أنك لا تضيع الوقت بل تستعمله في شيء يفيدك وينفعك .

وتواصوا بالحق : أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، ودعوا إلى الله - عز وجل - وعلموا العلم النافع ، ونشروا العلم والخير في الناس أصبحوا دعاة إلى الله - عز وجل - .

وتواصوا بالصبر : صبروا على ما ينالهم ، والصبر في اللغة : الحبس ، والمراد به هنا : حبس النفس على طاعة الله ، وهو ثلاثة أنواع :

الأول : صبر على طاعة الله .

الثاني : صبر عن محارم الله .

الثالث : صبر على أقدار الله .

فالأول : صبر على طاعة الله ، لأن النفس تريد الكسل وتريد الراحة ، فلا بد أن يصبرها الإنسان على الطاعة وعلى الصلاة وعلى الصيام وعلى الجهاد في سبيل الله وإن كانت تكره هذه الأمور ، يصبرها ويحبسها على طاعة الله .

والثاني : صبر على محارم الله ، النفس تريد المحرمات والشهوات ، تميل إليها وتنزع إليها ، فلا بد أن يربطها ويحبسها عن المحرمات ، وهذا يحتاج إلى صبر ، وليس من السهل منع النفس عن الشهوات المحرمة ، من ليس عنده صبر فإن نفسه تتغلب عليه وتجنح إلى المحرمات .

الثالث : الصبر على أقدار الله المؤلمة : المصائب التي تصيب الإنسان من موت قريب ، أو ضياع مال ، أو مرض يصيب الإنسان ، لا بد أن يصبر على قضاء الله وقدره لا يجزع ولا يتسخط بل يحبس اللسان عن النياحة والتسخط ويحبس النفس عن الجزع ، ويحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب . هذا هو الصبر على المصائب .

أما المعائب فلا يصبر عليها بل يتوب إلى الله وينفر منها ؛ ولكن عند المصائب التي لا دخل لك فيها ، بل هي من الله - عز وجل - قدرها عليك ابتلاء وامتحانًا أو عقوبة لك على ذنوب فعلتها ، كما في قوله تعالى : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .

فإذا حصلت للمسلم مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده أو قريبه أو أحد إخوانه من المسلمين فعليه بالصبر والاحتساب قال تعالى : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ هذا هو الصبر ، ومن ذلك الصبر على الأذى في الدعوة إلى الله - عز وجل - فإن هذا من المصائب فعليك أن تصبر على ما تلقى من الأذى في سبيل الخير ، ولا تنثني عن فعل الخير ؛ لأن بعض الناس يريد فعل الخير لكن إذا واجهه شيء يكرهه قال : ليس من الواجب علي أن أدخل نفسي في هذه الأمور ، ثم يترك التعليم إن كان معلمًا ، يترك الدعوة إلى الله ، يترك الخطابة إن كان خطيب مسجد ، يترك إمامة المسجد ، يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا لم يصبر على ما ناله من الأذى .

وإذا كنت مخطئًا عليك بالرجوع إلى الحق والصواب ، أما إن كنت على حق ولم تخطئ فعليك بالصبر والاحتساب واستشعر أن هذا في سبيل الله - عز وجل - وأنك مأجور عليه ، وتذكر ما حصل للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - من الأذى وكيف صبروا وجاهدوا في سبيل الله حتى نصرهم الله - عز وجل - .

يتبع










رد مع اقتباس