ركان
ليس معنى اهتمامنا بالعقيدة اهمال الأمور الأخرى
نعم, نحارب الكذب و الغش و الفساد و إهدار الأوقات و الجهود.
و بالموازاة مع ذلك نحارب الخرافة و البدعة و العقائد المتنافية مع التوحيد الخالص, و يكون التركيز على هذا الأمر أكبر لأنه الأهم.
نعم الأهم هو ربط الناس بربهم ربطا سليما لأن الله تعالى يقول: ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده )
و يكيف ينصرنا إذا كان البعض او الكثير منا يصرف ما لا يليق إلا لله لغير الله؟
لأن الغايةُ التي خُلق من أجلها هذا المخلوق الضعيف أن يكون شكورًا، يفرد الله تعالى بالعبادة ؟ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56] ومن أظلم الظلم، وأقبح القبائح أن يشرك العبد مع الله غيره بعد أن خلقه الله واصطفاه، وسخر له المخلوقات، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، فكان أعظم الذنوب الشرك بالله تعالى بأن يساوى غير الله بالله فيما هو من خصائص الله تعالى فكيف يُساوَى الخالق الرازق الملك المدبر بالمخلوق الذي لا يملك ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملك موتًا ولا حياة ولا نشورًا؟!
على أي شيئ سينصرنا إذا كانت هذه حال الكثير منا !؟
ثم إن الفرقة -بضم الفاء- بيننا ليس سببها اختلافنا حول أهمية صنع السلاح أو تطوير الإقتصاد أو إصلاح التعليم.
الفرقة بيننا في العقيدة أولا, و لا شك أنك تعرف دندنة الكثيرين حول (المرجعية الوطنية ) و هم لا يقصدون بها إلا الإبقاء على الانحرافات الفكرية و السلوكية التي ما جلبت لنا إلا التخلف و الجهالات.
بالإضافة إلى فرقة أخرى سببها إيمان الكثيرين بالقيم الدستورية أي القيم الديمقراطية, و صاروا يتحاكمون إليها و يتحاججون بها, و لا يدرون أنها مناقضة لأصل دينهم و هو شهادة ألا إله إلا الله.
الاختلاف حول الأسماء و الصفات نتج عنه حروب بين المسلمين, كالقتال بين الموحدين و المرابطين و كذلك مما كانت الدولة العثمانية ترمي به (الوهابيين ) أنهم مجسمة, لذا فالاختلاف في هذا الباب ليس بالسهولة التي تتصورها, كما أن السير في طريقة التأويل كان شؤما على أصحابه, إذ ضعف عندهم تعظيم النصوص و أدى ذلك إلى التهاون في الأبواب الأخرى بما في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بالرأي المحض.
نقطة أخرى متعلقة بهذا الباب, نحن اليوم مختلفون حول دولة إيران هل هي عدو أم صديق. و لا أدري كيف سنتقدم إلى الأمام مثلا في التجارة الخارجية
أو ما شابه ذلك و نحن مختلفون حول دولة بعينها مثل هذا الاختلاف.
ليس المقصود بالاتحاد تحت حكم إمام واحد, أن هذا الأمر سيحدث على المدى القريب, و لكن حين يتعلم المسلمون من مختلف البلدان أن هذا هو الأصل في دين الإسلام على الأقل سيقل تباغضهم و تدابرهم و ربما كان هناك تعاون نسبي و إتحاد نسبي فما لا يدرك كله لا يترك كله.
ما تراه أنت حول انطباق صفات البشرية على المواطن السويسري أو الغربي, أراه أنا تفوقا ماديا يصحبه انهيار روحي, نفسي, اجتماعي.
و المسلم هو المتفوق إيمانيا و ماديا و اقتصاديا و نفسيا ...إلخ و دون التفوق الأول لا قيمة لبقية التفوقات, إذ هم فاشلون في تحقيق الغاية من وجودهم في الحياة.
و النموذج الذي ينبغي لنا الاحتذاء به هو تفوق السلف رضي الله عنهم.
التفوق المادي أو ما يسمى الحضاري كان موجودا في أمم سابقة و رغم ذلك ذمه القرآن إذ إنه كان خاليا عن الإيمان.
(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)
(وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ )
مثال باكستان ما قصدت به إلا ما كتبت. و هو أن التطور الصناعي العسكري الاقتصادي مع الافتراق في العقائد و المناهج لا تنتظر منه النتائج الكبيرة.