اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة numidia4ever
شكرا لك أخي الكريم على المعلومات القيمة.
عندي نقطة مهمة أود مناقشتها، هي أن هوارة قلدت بنو سليم في اللغة، الزي، ركوب الخيل، ممارسة الغزو...
أويد ابن خلدون في نقطة واحدة، و هي أن هوارة تعربت، لكن برطانة أمازيغية، و ليس بفصاحة عربية. أما في مسألة الزي و ركوب الخيل، فلا أظن ذلك، فالأزياء الشمال إفريقية أمازيغية بامتياز، و ركوب الخيل الأمازيغ معروفون به منذ القدم، حتى قبل دخول الإسلام... فالأمازيغ من الشعوب الماهرة في الفروسية شأنهم شأن الباقي...
و شكرا.
|
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أخي المغربي العزيز، أعتقد أنّك لو تمعنت في كلام ابن خلدون جيّدا وفهمت ما كان يقصده، لكنت أيّدته في جميع النقاط وليس في نقطة واحدة فقط.
ابن خلدون لم يقل أن هوّارة قلّدت بني سليم ولا أنّهم خضعوا لبني سليم ولكنه قال أنهم أصبحوا في عدادهم وذلك عندما تخلّو عن لغتهم الأمازيغيّة والتي تعتبر المعيار الفارق في تحديد القبائل العربية من الأمازيغية، نظرا لتشابههم الكبير في جميع النواحي الأخرى
فمن ناحيّة الزيّ في الحقيقة هنالك تشابه كبير في السمات الخلقية بين العرب والأمازيغ ومن العسير التمييز بين العربي من الامازيغي اعتمادا على السمات المورفولوجيّة ونرى ذلك اليوم حيث لا يمكن لك إذا رأيت جزائريا مثلا أن تعرف إذا ما كان من أصول عربية أو أمازيغيّة من خلال الزيّ أو الملامح إلا عن طريق اللغة التي يستعملها إذا كانت العربيّة أو الأمازيغية أو إذا سألته عن أصله ويبدو أن هذا ما صادفه ابن خلدون وقصده بكلامه حيث أنه بعد تعرب هوارة ورؤيته لهم لا حظ أنّه لم يعد بالإمكان التفريق بينهم وبين قبائل سليم المجاورة لهم وكأنهم جنس واحد أو شعب واحد.
أما من ناحيّة الملبس فقد ذكر ابن خلدون أن القبائل العربية منذ أن هاجرت إلى بلاد المغرب تخلّت عن لباسها وعاداتها وتقاليدها التي كانت تميّزها في المشرق واتخذت اللباس والعادات والتقاليد الأمازيغية حيث يقول ابن خلدون حول لباس عرب المشرق "شعارهم لبس المخيط في الغالب، ولبس العمائم تيجانا على رءوسهم يرسلون من أطرافها عذبات يتلثم قوم منهم بفضلها وهم عرب المشرق."
أما عرب المغرب فيقول عنهم "وقوم يلفون منها الليث والأخدع قبل لبسها ثم يتلثمون بما تحت أذقانهم من فضلها وهم عرب المغرب حاكوا بها عمائم زناتة من أمم البربر قبلهم. وكذلك لقنوا منهم في حمل السلاح اعتقال الرماح الخطية، وهجروا تنكب القسي. وكان المعروف لأولهم ومن بالمشرق لهذا العهد منهم استعمال الأمرين.
لاحظ أخي الكريم كيف أن كلام ابن خلدون واضح لا غبار عليه أن عرب المغرب أخذوا عن الزناتيين الأمازيغ لباسهم الأمازيغي وكما أنهم هم من علموهم حمل السلاح واعتقال الرماح الخطية، أي أنّ جميع لباسهم وحتى طريقة قتالهم تعلموها من الأمازيغ وهذا ليس كلامي أنا ولكنه كلام ابن خلدون ولكن المشكلة أن البعض لكبر في صدورهم ما هم ببالغيه سيعزّ عليهم أن يعترفوا بأن اللباس الذي يلبسونه وكذا العادات والتقاليد والمأكولات التقليدية هي أمازيغية خالصة ولسان حالهم يقول كيف أمكن لهؤلاء الأمازيغ أن يعلمونا طريقة اللبس وطريقة الحرب وحتى طريقة المأكل ؟، تقريبا كقول أبي جهل عن بني هاشم حين قال "تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان. قالوا: منّا نبيّ يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه؟ واللّه لانؤمن به أبداً ولا نصدّقه، فقام عنه الأخنس وتركه".
أما اللغة العربية التي يقصدها ابن خلدون فقد سماها العربية المستعجمة أي العربية التي تأثرت بلغات العجم فمال اعرابها واستحالت إلى العجمة وقد وضع ابن خلدون فصولا طويلة في مقدمته وتاريخه تحدث فيها عن وضع اللغة العربية في عصره ووضع العرب الذين صنفهم ضمن طبقة جديدة سماها العرب المستعجمة بعدما كانت هنالك ثلاثة طبقات من العرب من قبل.
فإذا كانت لهجتنا العربية اليوم وبعد كلّ هذه القرون من التعريب، وبعد أن فعلت الانظمة العروبية الأيديولوجيّة فعلتها الكبرى في تعريب الأمازيغ، ومع ذلك فلهجتنا العربية بعيدة كل البعد عن العربية الفصحى، حيث لا يمكن مثلا للمشارقة أن يفهموا اللهجة الجزائرية أو المغربيّة إلا عن طريق الترجمة، فكيف نتخيل إذا عربية قبائل هوارة الحديثة العهد بالتعريب في ذلك الوقت ؟
فمن الأكيد أن لغتهم العربية التي يقصدها ابن خلدون هي عربية فاسدة مختلطة بشكل كبير وعميق مع الأمازيغية وربما ببعض اللهجات واللغات الأخرى القديمة
بقيت نقطة حول وضع قبائل هوارة الإجتماعي والسياسي والعسكري حسب ابن خلدون وهو ما فهم خطآ أو فهم كما يريد البعض أن يفهمه لأنه موافق لأيديولوجياتهم مثل فهم أخينا علام. ولذلك نرجو اعادة قراءة كلام ابن خلدون والتمعن فيه جيّدا وفهمه بشكل صحيح.
ابن خلدون لم يقل أن هوارة كانوا خاضعين لبني سليم أبدا وإنما كما سبق وأن قلنا أشار إلى تشابههم مع بني سليم حيث كانوا يمثلون نظراءهم في بلاد إفريقية فهو يصف هوارة التلول الافريقية بأنهم:
ظواعن أي بدوا رحلا وأنهم من سكان الخيام وركوب الخيل وكسب الإبل وايلاف الرحلتين في الشتاء والصيف وهذا النمط من الحياة لا يمكن أن تمارسه إلا القبائل القويّة عكس القبائل الغارمة التي تعيش حياة الإستقرار حسب نظرية ابن خلدون المعروفة أن البداوة هي أساس الملك كما أنه يصفهم بممارسة الحروب وهنا السؤال هل القبائل الضعيفة تمارس الحروب ؟ بالإضافة إلى قوله أن لرؤسائهم آراء ذلك قاطعات ومكان في الدول بين رجالات البدو، كل هذه الإشارات وغيرها تدل على قوة قبائل هوارة في زمن ابن خلدون حيث لا فرق بينهم وبين بنو سليم نظرائهم بل وأقوى منهم والدليل أنهم زمن ابن خلدون وخلال العصر التركي فإن قبيلة الحنانشة وحلفاءها من هوارة سيطروا على المنطقة الممتدة من الطارف إلى غاية وادي سوف وخضعت جميع قبائل هذه المنطقة لملكهم البدوي إلى غاية الإحتلال الفرنسي والله أعلم.