اقتباس:
ما حكم من ينكر المعجزات الحسية للرسول الكريم (جميعها)بدليل أن المعجزات الحسية لا تصلح لتكون حجة في كل زمان و مكان عكس القرآن الكريم و بدليل أن القرآن لم يذكر أي معجزة من تلك المعجزات بل نص فقط على أن معجزة النبي هي القرآن. و كذلك بأدلة متعلقة بالروايات التي تتحدث عن معجزات حسية للنبي صلى الله عليه و سلم من حيث عدم تواترها و تضخمها و تناقضها . هل هو كافر خارج عن الملة و يقتل بحد الردة أم هو مسلم مجتهد , رأيه يقبل الخطا و الصواب و الاخذ و الرد .
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في الحقيقة تعجبني طروحاتك و كنت أود أن أتبادل معك بعض الأفكار من خلال موضوع ظاهرة الكذب للإسلام لكن المداخلات الطويلة و النقاش الموازي كان طاغياً على الموضوع الأساسي فلم أستطع المتابعة.
و بالرجوع لطرحك في هذا الموضوع، أرى أن هناك فرق شاسع بين ما شاهده الصحابة من ظواهر خارقة للطبيعة أثناء صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم. و بين فكرة المعجزة المادية الموجهة للكفار و إرغامهم على الاعتراف بصدق الرسالة.
الأمر مختلف تماماً
ما شاهده الصحابة و حدثوا به ليس معجزات المقصود بها إعجاز المشكك....... أرجو أن الفكرة واضحة...... هي ظواهر شاهدها الصحابة.
أما المعجزة فهي الدليل المادي الذي يستعمله الرسول لمحاججة المنكرين به.
فإبراهيم عليه السلام ألقاه أعداؤه في النار فلم يحترق فكان ذلك إعجازا لهم....
و موسى عليه السلام قدم المعجزات لفرعون على أنها أدلة صدقه، و انتصر بها على السحرة المشككين، و أعجز بها أعداءه في ملاحقته.....
و عيسى عليه السلام استجاب لمطابة خصومه له بالدليل فأحيا الميت و أبرأ المستعصي شفاؤه بإذن الله استدلالا على تأييد الله له.......
و هذه كلها معجزات قامت الرسالة عليها.....
لكن الأمر مختلف تماما مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، فالتي سميتها أنت معجزات حسية هي في الحقية لم تأتي في سياق المحاججة و الاستدلال على المنكرين....... أرجو أن تنتبه لذلك........
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعو قريشاً بالمعجزات الحسية و لم يدعي أنه يملكها و لكن كان يدعوهم لاستعمال العقل من أجل التعرف على الخالق. و التأمل في صنيع الله لمعرفة شيء من صفاته، الموصلة للحق أجمع.
و هذا ما جاءت به آيات القرآن التي استدللت بها في المداخلة الثانية.
الرسالة المحمدية هي رسالة لا ينبغي لها أن تكون مبنية على المعجزات الحسية الزائلة بعد انقضائها و زوال من شاهدها. بل هي رسالة متجددة خطابها مباشر لجميع من يطلع إليها و القرآن يعجز من يقرأه بالأدلة و البراهين العقلية و ليس المعجزات الحسية.
أما الخروقات الطبيعية اللتي شاهدها الصحابة و تواتروها عن النبي صلى الله عليه و سلم لم تكن في سياق المحاججة و البرهان. بل هي شهادات عن النبي صلى الله عليه و سلم فقط الذي كانت له خصوصية بين البشر و إن كان بشراً مثلهم.
=============================================
هذا من ناحية، و من ناحية أخرى سؤالك عن منكر - ما تسميه معجزات حسية - يعني هو سؤالك عن حكم منكر الحديث الصحيح.
إذ أنه و كما قلت أنت لا ذكر لتلك المعجزات في القرآن - بمعنى أنها وردت في الأحاديث و منكرها هو منكر لتلك لأحاديث في الواقع.
و هنا يتبادر للذهن : لماذا تنكرها؟ ( و قد قلنا أنها ليست معجزات للاستدلال و البرهان بل هي شهادات )
قد يكون الجواب : لأنها لا تقبل التصديق بالمنطق.
و هنا يكون التعليق : لو كانت معقولة بالمنطق لما كانت تحتاج الرواية و الإخبار.
و عدم قبولها لأنها تخالف الطبيعة يستلزم منا ثلاثة نتائج :
1- تكذيب الصحابة في ما رووه.
2- إنكار الأحاديث الصحيحة.
3- جعل الطبيعة حكما على الإيمان و به يبطل كل شيئ إيماني.
====================
خلاصة :
الموضوع دقيق يحتاج الكثير من الإسهاب. و يتشعب منه عدة مناقشات. لكن لحد الآن يمكن التلخيص كالآتي :
ليس للنبي صلى الله عليه و سلم معجزات حسية حاجج بها الكفار أو استدل بها على صدق رسالته غير القرآن الكريم. و الآيات الدالة على ذلك واضحة و قد استدللت بها في المداخلة الثانية.
لكن الصحابة رضوان الله عليهم شاهدوا أن للنبي صلى الله عليه و سلم بركات و خروقات للطبيعة زادتهم إيماناً و حدثوا بها و هم صادقون فيما شاهدوه.
و من أنكر ذلك فهو منكر للأحاديث الصحيحة فكيف له أن يؤمن ببعض الأحاديث و يكفر ببعض على حسب تماشيها مع مخيلته. و حكمه حكم منكر السنة إجمالاً في تصوري و لست هنا أفتي و لكن هذا ما يبدو لي و الله أعلم.