تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ريد بحث...............


safou_2010
2011-12-09, 11:44
اريد بحث تحت عنوان
. =أنظمة الرقابة الداخلية بالبنوك و المؤسسات المالية الجزائرية =
وهاهي العناصر


• التعليمات الصادرة عن بنك الجزائر.
• علاقة التعليمات بالفضائح المالية التي عرفتها البنوك الجزائرية.
• علاقتها باتفاقيات بازل.
• موقع التدقيق الداخلي ضمن هذه التعليمات

وان لم يوجد البحث كاملا فارجو ان تساعدوني في ايجاد العناصر
وشكرا

foufafaten
2011-12-09, 17:34
النظام المصرفي الجزائري واتفاقيات بازل
د/ سليمان ناصر
أستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير
جامعة قاصدي مرباح – ورقلة - الجزائر
مقدمة :
يُعتبر موضوع كفاية رأس المال للبنوك واتجاهها إلى تدعيم مراكزها المالية من أهم المواضيع التي تشغل خبراء المصارف في ظل العولمة والمتغيرات الدولية الحديثة، فمع تزايد المنافسة المحلية والدولية أصبحت البنوك عرضة للعديد من المخاطر الناتجة عن نشاط البنك أو طريقة تسييره وإدارته، أو من عوامل خارجية تتعلق بالبيئة التي يعمل فيها البنك.
تحت تأثير هذه الظروف، كان لزاماً على البنوك في أي نظام مصرفي أن تسعى إلى تطوير قدراتها التنافسية لمواجهة تلك الأخطار، وكان نتاج ذلك بداية التفكير والتشاور بين البنوك المركزية في العالم للتقليل من مخاطر العمل المصرفي، ثم إيجاد معايير عالمية لتطبيقها في هذا الصدد، فكانت هناك اتفاقيات بازل.
تُرى ما مضمون هذه الاتفاقيات ؟، وما طبيعة هذه المعايير ؟، وما هي تأثيرات كل منها على النظام المصرفي الجزائري ؟، ذلك ما سنحاول الإجابة عنه باختصار من خلال هذا البحث.
1- لجنة بازل واتفاقياتها :
أولى الخبراء في مجال البنوك اهتماماً متزايداً بحجم رأس المال، باعتباره خطَّ الدفاع الأوَّل في حالة تعرُّض البنك لخسائر بسبب توظيف أمواله في عمليَّات لا تخلو من مخاطر، مثل القروض والتوظيفات الأخرى، وذلك مقابل التزام هام، وهو ضمان أموال المودعين.
لذلك حاول هؤلاء الخبراء وضع معايير لقياس كفاية رأس المال منذ وقت مبكِّر، وبأشكال مختلفة، وأولى المعايير المستخدمة في هذا المجال كان نسبة رأسمال البنك إلى إجمالي الودائع، وذلك منذ سنة 1914م، وقد حددت هذه النسبة بـ 10 % عالمـيًّا، أي أن تكون الودائع تعادل عشرة أضعاف رأس المال، وساد هذا المعيار إلى سنة 1942م، حيث تخلَّت عنه المصارف خاصَّة الأمريكيَّة منها.
بعد الحرب العالميَّة الثانية استخدمت السلطات النقديَّة والمصارف معيار نسبة رأس المال إلى إجمالي الأصول باعتبار أنَّ الأهمَّ بالنسبـة للبنك هو كيفيَّة استخدام الأموال في توظيفات مختلفة، ومدى سيولة هذه الأصول.
تطوَّر الأمر بعد ذلك إلى استخدام مؤشِّر رأس المال إلى إجمالي القروض والاستثمارات، باستثناء بعض الأصول كالنقديَّة في الصندوق والأوراق المالية الحكومية، والقروض المضمونة من الحكومة على اعتبار أنَّ هذه الأصول ليست فيها مخاطرة بالنسبة للبنك. وقد ظهرت هذه الفكرة منذ سنة 1948م تقريبا( ).
بعد أن تفاقمت أزمة الديون الخارجيَّة للدول النامية، وتزايد حجم الديون المشكوك في تحصيلها والتي منحتها البنوك العالميَّة، ممَّا سبَّب أزمات لهذه البنوك، إضافة إلى المنافسة القويَّة من جانب البنوك اليابانيَّة للبنوك الأمريكيَّة والأوروبيَّة بسبب نقص رؤوس أموال الأولى؛ قامت السلطات الإشرافيَّة في أقطار مجموعة الدول الصناعيَّة العشرة الكبرى Group of ten (وهي: بلجيكا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، السويد، المملكة المتَّحدة، الولايات المـتَّحدة الأمريكيَّة، بالإضافة إلى كلٍّ من: لوكسمبورغ وسويسرا) بتشكيل لجنة من خبراء السلطات النقديَّة والبنوك المركزيَّة في هذه الدول تجتمع عادة في مقرِّ بنك التسويات الدوليَّة Bank of International Settlements (BIS) بمدينة بال (بازل) السويسريَّة، وبها تقع أمانتها العامَّة، لذلك سمِّيت هذه اللجنة باسم ”لجنة بازل للإشراف المصرفي Basel Committee on Banking Supervision“ عُرفت توصياتها بمقرَّرات لجنة بازل، وكان ذلك سنة 1975م.
1-1- اتفاقية بازل I :
بعد سلسلة من الجهود والاجتماعات قدَّمت اللجنة توصيَّاتها الأولى بشأن كفاية رأس المال، والذي عُرف باتِّفاقية بازل I، وذلك في يوليو 1988م ليصبح بعد ذلك اتِّفاقاً عالمـيًّا، وبعد أبحاث وتجارب تمَّ وضع نسبة عالمـيَّة لكفاية رأس المال تعتمد على نسبة هذا الأخير إلى الأصول حسب درجة خطورتها وبطريقة مرجّحة، وقدِّرت هذه النسبة بـ 8 %، وأوصت اللجنة من خلاله على تطبيق هذه النسبة اعتباراً من نهاية عام 1992م، ليتمَّ ذلك التطبيق بشكل تدريجي خلال ثلاث سنوات، بدءًا من 1990م، وكانت هذه التوصيَّات مبنيَّة على مقترحات تقدَّم بها"كوك *****"(*) ، والذي أصبح بعد ذلك رئيساً لهذه اللجنة، لذلك سمِّيت تلك النسبة السابقة لكفاية رأس المال بنسبة بازل، أو نسبة كوك، ويسمِّيها الفرنسيُّون أيضًا معدَّل الملاءة الأوروبي RSE ( ).
قامت مقرَّرات لجنة بازل على أساس تصنيف الدول إلى مجموعتين، الأولى متدنِّية المخاطر، وتضمُّ دول منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، يضاف إلى ذلك دولتان هما: سويسرا والمملكة العربيَّة السعوديَّة. أمَّا المجموعة الثانية فهي عالية المخاطر وتضمُّ بقيَّة دول العالم.
وتتحدَّد كفاية رأس المال وفقاً للاعتبارات التالية :
- ربط احتياطيات رأس المال لدى البنك بالأخطار الناتجة عن أنشطته المختلفة، بغضِّ النظر عمَّا إذا كانت متضمَّنة في ميزانيَّة البنك أو خارج ميزانيَّته.
- تقسيم رأس المال إلى مجموعتين أو شريحتين :
أ- رأس المال الأساسي: يشمل (حقوق المساهمين + الاحتياطيات المعلنة والاحتياطيات العامَّة والقانونيَّة + الأرباح غير الموزَّعة أو المحتجزة) – (القيم المعنوية + الاستثمار في الشركات التابعة).
ب- رأس المال التكميلي: يشمل احتياطيات غير معلنة + احتياطيات إعادة تقييم الأصول + مخصصات لمواجهة مخاطر عامة أو خسائر القروض + الإقراض متوسِّط وطويل الأجل من المساهمين أو من غيرهم (القروض المساندة) + الأدوات الرأسمالية الأخرى التي تجمع بين خصائص حقوق المساهمين والقروض.
ويجب احترام الشروط الآتية في رأس المال :
- ألاَّ يزيد رأس المال التكميلي على رأس المال الأساسي.
- ألاَّ تزيد نسبة القروض التي يحصل عليها البنك من المساهمين والتي تدخل ضمن هذا الإطار عن 50 % من رأس المال الأساسي.
- ألاَّ تزيد المخصَّصات العامَّة كحدٍّ أقصى عن 2 % مرحلـيًّا، ثمَّ تحدَّد بـ 1,25 من الأصول والالتزامات العرضيَّة مرجَّحة الخطر، لأنها لا ترقى إلى حقوق الملكيَّة.
- تخضع احتياطيَّات إعادة التقييم للأصول لاعتبارات معيَّنة (خصم بنسبة 55 % لاحتمال خضوع هذا الفرق للضريبة عند بيع الأصول).
- الأوراق المالية التي تتحوَّل إلى أسهم (يتمُّ سدادها بعد حقوق المودعين وقبل المساهمين).
- يُشترط لقبول أيَّة احتياطيَّات سرِّيـَّة ضمن قاعدة رأس المال المساند أو التكميلي أن يكون موافَقًا عليها ومعتمدة من قِبل السلطات الرقابيَّة، وأن تكون من خلال حساب الأرباح والخسائر، وأن لا يكون لها صفة المخصِّص، وبعض الدول لا تسمح بها.
تحسب أوزان المخاطرة بالنسبة للأصول كما يلي :
أوزان المخاطرة المرجحة للأصول حسب نسبة بازل
درجة المخاطرة نوعيَّة الأصول
صفر النقديَّة + المطلوبات من الحكومات المركزيَّة والبنوك المركزيَّة والمطلوبات(*) بضمانات نقديَّة وبضمان أوراق مالية صادرة من الحكومات + المطلوبة أو المضمونة من حكومات وبنوك مركزيَّة في بلدان OECD.
10 إلى 50 % المطلوبات من هيئات القطاع العام المحلِّـيَّة (حسبما يتقرَّر وطنيًّا)
20 % المطلوبات من بنوك التنمية الدوليَّة وبنوك دول منظَّمة OECD + النقديَّة رهن التحصيل.
50 % قروض مضمونة برهونات عقاريَّة، ويشغلها ملاَّكها.
100 % جميع الأصول الأخرى بما فيها القروض التجاريَّة + مطلوبات من قطاع خاص + مطلوبات من خارج دول منظَّمة OECD ويتبقَّى على استحقاقها ما يزيد عن عام + مطلوبات من شركات قطاع عام اقتصاديَّة + مساهمات في شركات أخرى + جميع الموجودات الأخرى.
المصدر : من إعداد الباحث بتصرف عن بعض مراجع البحث.
تحسب أوزان المخاطرة بالنسبة للالتزامات العرضية (التعهدات خارج الميزانية) كما يلي :
يتم ضرب قيمة الالتزام في معامل ترجيح الخطر (حسب الجدول اللاحق) ثم يتم ضرب الناتج في معامل الترجيح للالتزام الأصلي (المدين) أو المقابل له في أصول الميزانيَّة، ومعاملات الترجيح للتعهُّدات خارج الميزانيَّة هي كالآتي :
أوزان المخاطرة المرجحة لعناصر خارج الميزانية
أوزان المخاطر البنود
100 % بنود مثيلة للقروض (مثل الضمانات العامَّة للقروض).
50 % بنود مرتبطة بمعاملات حسن الأداء (خطابات الضمان، تنفيذ عمليَّات مقاولات أو توريدات).
20 % بنود مرتبطة بمخاطر قصيرة الأجل تتمُّ بالتصفية الذاتيَّة (الإعتمادات المستنديَّة).
المصدر : من إعداد الباحث بتصرف عن بعض مراجع البحث .
يصبح معدَّل كفاية رأس المال حسب مقرَّرات لجنة بازل كما يلي :
رأس المال (الشريحة 1 + الشريحة 2)  8 %
مجموع التعهدات والالتزامات بطريقة مرجحة الخطر
1-2- التعديلات التي أُدخلت على اتفاقية بازل I :
بعد وضع هذه النسبة رأت المصارف ضرورة إعادة النظر في احتساب كفاية رأس المال لديها، وذلك مقابل المخاطر المتنوِّعة التي أصبحت تتعرَّض لها، خاصَّة في ظلِّ انتشار التعامل بالأدوات المالية الحديثة كالمشتقَّات، لذلك أصدرت لجنة بازل اتِّفاقيَّة خاصَّة لاحتساب الملاءة أي كفاية رأس المال لمواجهة المخاطر السوقية بعد أن كانت الاتفاقية الأولى تُعنى بمخاطر الائتمان فقط، وقد كان ذلك في يناير من سنة 1996م وفي صورتها النهائية بعد أن طرحتها كاقتراح للنقاش في أفريل 1995م، وتغتبر هذه الاتفاقية تعديلاً لاتفاقية 1988م، ومع تلقي الملاحظات وإدخال التعديلات عليها أصبحت جاهزة للتطبيق في سنة 1998م.
وتتمثل مخاطر السوق في التعرض للخسائر بالنسبة للبنود المتعلقة بالميزانية أو خارجها نتيجة للتحركات في أسعار السوق، وأهمها مخاطر أسعار الفائدة وأسعار الصرف وأسعار حقوق الملكية (أسعار الأسهم) وأسعار السلع.
من خلال هذا التعديل يمكن للبنوك أن تختار بين الصيغة التنظيمية التي وضعتها اللجنة والنماذج الداخلية الخاصة بكل بنك على حده والتي يضعها لمواجهة مخاطره السوقية، ومع أنَّ هذه التعديلات أبقت على معدَّل الملاءة الإجماليَّة عند 8 % كما ورد في اتِّفاق بازل I إلاَّ أنها عدّلت من مكوِّنات النسبة كما يلي :
سمحت للبنوك بإصدار قروض مساندة لأجل سنتين لتدخل ضمن الشريحة الثالثة لرأس المال، وذلك لمواجهة جزء من مخاطرها السوقيَّة، وبهذا يصبح رأس المال الإجمالي يتكوَّن من: الشريحة الأولى (رأس المال المدفوع + الاحتياطيات + الأرباح المحتجزة) + الشريحة الثانية (رأس المال المساند أو التكميلي). وهذا كما هو محدَّد في اتِّفاقيَّة 1988م + الشريحة الثالثة (قروض مساندة لأجل سنتين)، وهذه الأخيرة أي رأس المال من الطبقة الثالثة يجب أن تتوفَّر فيه الشروط الآتية :
- أن يكون على شكل قروض مساندة لها فترة استحقاق أصليَّة لا تقلُّ عن سنتين، وأن لا يتجاوز 250 % كحد أقصى من رأس مال البنك من الطبقة الأولى المخصَّص لدعم المخاطر السوقيَّة.
- أن يكون صالحاً لتغطية المخاطر السوقيَّة فقط، بما في ذلك مخاطر الصّرف الأجنبي.
- يجوز استبدال عناصر الطبقة الثانية بالطبقة الثالثة من رأس المال، وذلك ضمن الحد المذكور.
- أن تكون الشريحة الأولى من رأس المال  الشريحة الثانية + الشريحة الثالثة. وقد قرَّرت اللجنة أن يكون هذا القيد رهناً بالإرادة الوطنيَّة.
عند حساب نسبة رأس المال الإجمالية للبنك يتمُّ إيجاد صلة رقميَّة بين مخاطر الائتمان ومخاطر السوق عن طريق ضرب مقياس المخاطرة السوقيَّة في 12,5 (وذلك على أساس أن 100 مقسومة على 8 وهي الحد الأدنى لكفاية رأس المال تساوي 12,5) ثمَّ إضافة الناتج إلى مجموع الأصول المرجحة لأوزان المخاطرة.
وبما أنَّ المخاطرة السوقيَّة قد تختلف من بنك لآخر فقد تضمَّنت مقترحات اللجنة طرقاً إحصائيَّة نمطيَّة لقياس هذه المخاطرة، منها القيمة المقدَّرة للمخاطرة (Value at Risk ( VAR إضافة إلى مقاييس كمية ونوعية أخرى.
تصبح إذن العلاقة المعدَّلة لحساب كفاية رأس المال كما يلي :
إجمالي رأس المال ( شريحة 1 + شريحة 2 + شريحة 3 )  8 %
الأصول المرجّحة بأوزان المخاطرة + مقياس المخاطرة السوقيَّة × 12,5
للإشارة فإنَّ اللجنة ترى أنه يتعيَّن على البنوك المستخدمة لنماذج داخلـيَّة أن يكون لديها نظام متكامل لقياس المخاطرة يعبِّر عن كلِّ مخاطرها السوقيَّة، وبالتالي يجب قياس المخاطرة باستخدام منهج واحد، أي باستخدام النماذج الداخليَّة، أو باستخدام النموذج الموحَّد الصادر عن اللجنة( ).
1-3- اتفاقية بازل II :
في يونيو 1999م نشرت لجنة بازل اقتراحات أوَّليَّة لإطار جديد لقياس الملاءة المصرفيَّة (كفاية رأس المال) يحلُّ محلَّ اتِّفاقيَّة عام 1988م، وتدخل فيه معايير تأخذ في الاعتبار وبشكل أكثر دقَّة وشموليَّة معامل المخاطرة في ميزانيَّات المصارف. وفي 16 يناير 2001م تقدَّمت لجنة بازل بمقترحات أكثر تحديدًا وتفصيلاً حول الإطار الجديد السابق لمعدَّل الملاءة المصرفيَّة، وطلبت إرسال التعليقات عليها من المعنيِّين والمختصِّين والهيئات (ومنها صندوق النقد الدولي) قبل نهاية شهر مايو 2001م، وكان من المتوقَّع أن تصدر اللجنة النسخة النهائيَّة من هذا الاتفاق قبل نهاية عام 2001م، لكن نظراً لكثرة الردود والملاحظات تمَّت إجازة هذه النسخة في يونيو 2004م، وحُدد لها أجل تطبيق يمتد إلى نهاية سنة 2006م كحد أقصى، وهو الذي عُرف باتِّفاقيَّة (بازل II).
يقوم الاتفاق الجديد على ثلاثة أسس هي :
1- طريقة مستحدثة لحساب كفاية رأس المال المرجّح بأوزان المخاطرة واللازم لمواجهة مختلف المخاطر، حيث جاءت بتغييرات جوهربة في معالجة مخاطر الائتمان والسوق، وقدمت تغطية شاملة لمخاطر التشغيل Operational risk التي لم يكن لها أي حساب في اتفاقية بازل I، والتي تُعرَّف بأنها مخاطر الخسائر التي تنجم عن عدم كفاية أو إخفاق العمليات الداخلية والعناصر البشرية والأنظمة أو الأحداث الخارجية.
2- ضمان وجود طريقة فعَّالة للمراجعة والمراقبة، أي أن يكون للبنك أو غيره من المؤسَّسات المالية الخاضعة لإشراف الجهات الرقابيَّة الآلية اللازمة للتقييم الداخلي لتحديد رأس المال الكافي كنهج للرقابة الاحترازية ضد المخاطر.
3- نظام فاعل لانضباط السوق والسعي إلى استقراره أو الانضباط بسلوكيات السوق Market discipline، وهذا يتطلَّب من أي بنك أو مؤسَّسة مالية أن تقوم بالإفصاح عن رأسمالها ومدى تعرُّضها للأخطار، والطرق المتَّّبعة لتحديد حجم الخطر حتَّى يكون عملاء هذه المؤسَّسات ودائنوها على علم بها، وليتمكَّنوا من تقدير المخاطر التي يواجهونها نتيجة تعاملهم مع هذه المؤسَّسات.
ويلاحَظ في اتفاق بازل II أنه أبقى الحد الأدنى لكفاية رأس المال عند 8 % إلاّ أن قاعدة الموجودات التي يحسب على أساسها تمّ توسيعها إلى حد يؤدي إلى زيادة رأس المال المطلوب.
وبناءً على تقييم الجهات الرقابيَّة لقدرات البنوك في إدارة مخاطرها، فإنَّ الاتفاق الجديد المقترح (اتفاق بازل II) يمنح الخيار للبنوك في اعتماد إحدى المناهج الثلاثة لتقدير رأس المال لمواجهة مخاطر،الائتمان، وتمثّل طرق قياس تتسم بدرجة متزايدة من الحساسية للمخاطر وهذه المناهج هي :
1- المنهج الموحَّد الذي يعتمد على التقييم الخارجي للائتمان، وهو يمثّل الطريقة المعيارية أو القياسية.
2- منهج التصنيف الداخلي Internal Ratings-Based Approach (IRB) (*)، أي طريقة التقويم الداخلي بصيغتها التأسيسية (الأساسية).
3- منهج IRB المتقدِّم أو المنهج القائم على النماذج(**)، أي طريقة التقويم الداخلي بصيغتها المتقدمة.
ولكنَّ البنوك التي ترغب في تبنِّي مناهج التصنيف الداخلي بصيغتيه الأساسية والمتقدمة عليها أن تُخضع نظامها في تسيير المخاطر لجهات رقابيَّة، وعلى ضوء تقرير هذه الجهات يمكن للبنوك أن تتخطَّى النموذج الموحَّد إلى نموذج IRB الأول أي تأسيس نظام للتقييم الداخلي بصيغته الأساسية، ومنه إلى نموذج IRB المتقدِّم( ).
ويلاحَظ أيضاً بأنَّ الاتفاق الجديد (بازل II) يتخلى عن التمييز بين المقترضين السياديِّين من منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومن غير الأعضاء في المنظَّمة والبنوك، وذلك بإرجاع ترجيح المخاطر إلى النوعية وليس إلى عضويَّة المنظَّمة، كما يعترف الاتفاق بتقنيَّات الحدِّ من مخاطر الائتمان( ).
ومن جهة أخرى فإن الاتفاق الجديد يمنح الخيار للبنوك أيضاً في اختيار إحدى الطرق الثلاثة الآتية لمواجهة مخاطر التشغيل :
1- طريقة المؤشر الأساسي.
2- الطريقة المعيارية (القياسية).
3- الطريقة المتقدمة.
كما نذكّر في الأخير بأنه بالرغم من حرص الكثير من دول العالم على تطبيق مقرَّرات لجنة بازل (لكونها معايير مصادق عليها دوليًّا)، إلاَّ أنَّ هذه اللجنة لا تملك صلاحيَّات قانونيَّة لفرض توصيَّاتها على الدول ولو كانت الدول الأعضاء في اللجنة، وبالتالي فإنَّ الأمر يتطلَّب اعتماد محافظي البنوك المركزيَّة في مختلف الدول للتوصيَّات الصادرة عن تلك اللجنة لتصبح ملزمة لها.
2- النظام المصرفي الجزائري في ظل اتفاقيات بازل :
2-1- لمحة عامة عن النظام المصرفي الجزائري :
ورثت الجزائر بعد الاستقلال نظاماً مصرفياً تابعاً للاقتصاد الفرنسي وقائماً عل النظام الحر الليبرالي، وبالرغم من إنشاء مؤسسات مالية وطنية بعد الاستقلال مثل البنك المركزي الجزائري والخزينة العمومية والبنك الجزائري للتنمية BAD؛ إلا أنه كان هناك نظام مصرفي مزدوج قائم في شقّه الأول على النظام الرأسمالي وفي شقّه الثاني على النظام الاشتراكي وتحت سيطرة الدولة، لذلك قررت الجزائر تأميم البنوك سنة 1966م.
وبداية من تلك السنة تأسست مجموعة من البنوك التجارية العمومية، وبعضها قام على أنقاض البنوك الفرنسية المؤممة، فظهرت البنوك الآتية :
- البنك الوطني الجزائري BNA سنة 1966م.
- القرض الشعبي الجزائري CPA سنة 1967م.
- بنك الجزائر الخارجي BEA سنة 1967م.
- بنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR سنة 1982م.
- بنك التنمية المحلية BDL سنة 1985م.
أُدخلت على النظام المصرفي الجزائري العديد من الإصلاحات أهمها : إصلاحات 1986 وإصلاحات 1988 ، لكن أهمها كانت إصلاحات 1990 وذلك بصـدور قانون النقد والائتمان (القانون رقم 90-10) والذي حاول تكييف وضع النظام المصرفي الجزائري مع متطلبات اقتصاد السوق الحر، تماشياً مع الإصلاحات الاقتصادية العامة التي باشرتها الجزائر بعد تخليها عن النـظام الاشـتراكي منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
وبموجب هذا القانون الأخير أصبحت للبنوك العاملة بالجزائر حرية تمويل مختلف القطاعات الاقتصادية، وتقديم الائتمان لمختلف الآجال طبقا لظاهرة الشمولية في العمل المصرفي، كما فُتحت السوق المصرفية الجزائرية -بموجب هذا القانون- أمام القطاع الخاص والأجنبي، إضافة إلى تعزيز رقابة البنك المركزي (بنك الجزائر) على البنوك، وتمكينه من أداء عمله في إطار واسع من الاستقلالية، وقد تعززت هذه الصلاحيات أكثر بموجب التعديلات الـتي أدخلت على هذا القانون، والتي تمثلت في الأمر رقم 01-01 لسنة 2001م ثم الأمر رقم 03-11 لسنة 2003م.
وكنتيجة لهذا الانفتاح كان لزاماً على النظام المصرفي الجزائري أن يساير التنظيمات الحديثة والمعايير العالمية للعمل المصرفي وأهمها مقررات لجنة بازل، فكان صدور التنظيم رقم 91-09 بتاريخ 14/08/1991م المحدد لقواعد الحيطة والحذر Les règles prudentielles في تسيير البنوك والمؤسسات المالية، ثم التعليمة رقم 74-94 في 29/11/1994م والتي جاءت لتفصيل وتوضيح كيفية تطبيق التنظيم السابق.
يبلغ مجموع البنوك التجارية المعتمدة بالجزائر 19 بنكاً، إضافة إلى 6 مؤسسات مالية ما بين بنوك أعمال واستثمار وشركات تأجير مالي( ).
2-2- تأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري :
في الجزائر حدِّدت التعليمة رقم 74-94 الصادرة في 29 نوفمبر 1994م معظم المعدَّلات المتعلَّقة بقواعد الحيطة والحذرLes règles prudentielles المعروفة عالمياً، وأهمُّها تلك المتعلقة بكفاية رأس المال.
فقد فرضت هذه التعليمة على البنوك الالتزام بنسبة ملاءة لرأس المال أكبر أو تساوي 8 % تطبَّق بشكل تدريجي مراعاة للمرحلة الانتقالية التي يمر بها الاقتصاد الجزائري نحو نظام اقتصاد السوق، وحدَّدت آخر أجل لذلك نهاية ديسمبر 1999م، وذلك وفق المراحل الآتية ( ):
- 4 % مع نهاية شهر جوان 1995م.
- 5 % مع نهاية شهر ديسمبر 1996م.
- 6 % مع نهاية شهر ديسمبر 1997م.
- 7 % مع نهاية شهر ديسمبر 1998م.
- 8 % مع نهاية شهر ديسمبر 1999م.
وقد حدَّدت المادة 5 من التعليمة السابقة كيفيَّة حساب رأس المال الخاص للبنك في جزئه الأساسي، بينما حدَّدت المواد 6 و7 العناصر التي تُحتسب ضمن رأس المال التكميلي للبنك، ومجموع هذين الجزأين يشكِّل رأس المال الخاصَّ للبنك، بينما بيَّنت المادَّة 8 من التعليمة مجموع العناصر التي يتوفَّر فيها عنصر المخاطرة، ثمَّ صنَّفتها المادَّة 11 وفق أوزان المخاطرة الخاصَّة بها سواء بالنسبة لعناصر الميزانية أو عناصر خارج الميزانية، وكلُّ ذلك بطريقة مشابهة لما ورد في مقرَّرات بازل I ( ).
أما بالنسبة لاتفاق بازل II فقد أصدر بنك الجزائر التنظيم رقم 02/03 بتاريخ : 14/11/2002م والذي يجبر البنوك والمؤسسات المالية على تأسيس أنظمة للمراقبة الداخلية، تساعدها على مواجهة مختلف المخاطر (الائتمانية، السوقية، التشغيلية) تماشياً مع ما ورد في هذا الاتفاق، إلاّ أن اتفاق بازل II يتميز بالكثير من التعقيد وبالتالي الصعوبة في التطبيق، مما يتطلب من بنك الجزائر إصدار تعليمات Instructions لتوضيح كيفية تطبيق التنظيم السابق، وذلك حتى لا يتأخر عن الأجل المحدد له عالمياً كما حدث مع اتفاق بازل I.

2-3- أمثلة تطبيقية :
لدراسة مدى التزام البنوك العاملة بالجزائر بمعيار لجنة بازل لكفاية رأس المال اخترنا عينة منها تتكون من أربعة بنوك، بنكان عموميان جزائريان وهما: البنك الوطني الجزائري BNA وبنك الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP-Banque، وبنك خاص أجنبي هو المجموعة العربية المصرفية ABC الجزائر، وبنك إسلامي مختلط بين القطاع العام الجزائري والقطاع الخاص الأجنبي وهو بنك البركة الجزائري، كما اخترنا فترة الاختبار بحيث تكون قريبة من الأجل الذي حددته التعليمة رقم 74-94 وهو نهاية سنة 1999 كما رأينا سابقاً. وقد كانت النتائج كما يلي :
- البنك الوطني الجزائري BNA : هو أول بنك تجاري يتأسس بالجزائر، أنشئ سنة 1966م، حقّق نسبة كفاية لرأس المال تصل إلى 10,12 % سنة 1997م ( )، لتنخفض بشدة إلى 6,12 % سنة 1999م، ثم لتبلغ 7,64 % سنة 2000م ( )، مما يدل على أن هذا البنك لم يول الاهتمام الكافي لهذه النسبة، وهذا بالرغم من أن ترتيبه ضمن 100 مصرف عربي جاء في المرتبة 28 سنة 2001( )، وهو الترتيب الذي ينشئه سنوياً اتحاد المصارف العربية بناءً على عدة معطيات أهمها : حجم الأصول، حجم الودائع، حقوق المساهمين، صافي الربح.
- الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP : تأسس سنة 1964م كصندوق ادخار، ثم تحوّل إلى بنك سنة 1997م ليصبح اسمه CNEP-Banque. حقق نسبة ملاءة لرأس المال تقدر بـ 14 % سنة 2001م ( )، وهي نسبة جيّدة مقارنة مع حداثة خضوعه للتنظيمات البنكية.
- المجموعة العربية المصرفية ABC : مجموعة دولية مقرها البحرين، فتحت أول فرع لها بالجزائر سنة 1998م بمساهمات جزائرية، حقق هذا البنك نسبة كفاية لرأس المال تصل إلى 22,98% سنة 2000م، لتنخفض إل 9,84 % سنة 2001م، ثم لترتفع إلى 15,62% سنة 2002م( )، وهذا يعني أن هذه النسـبة مراقَبة بشدّة من طرف البنك ويحاول تحسينها باستمرار، ويبدو أن خبرته الدولية كانت وراء ذلك.
- بنك البركة الجزائري : أول بنك إسلامي يفتح أبوابه بالجزائر، وهو فرع لمجموعة البركة الدولية التي يفع مقرها بالبحرين، يملك رأسماله مناصفة مع هذه المجموعة بنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR الجزائري وقد تأسس سنة 1991م. يحقق هذا البنك نسبة ملاءة عالية لرأس المال وباستمرار، فقد بلغت هذه النسبة سنة 1999م على سبيل المثال 33,9 %( )، ثم 21,7 % سنة 2003م( )، ويبدو هنا أيضاً أن الخبرة الدولية للبنك إضافة إلى الرقابة الداخلية الصارمة كانتا وراء ذلك.
هذا بالنسبة لاتفاق بازل I، أما اتفاق بازل II فإن برنامج "آمسفا AMSFA - دعم عصرنة القطاع المالي الجزائريAppui à la Modernisation du Secteur Financier Algerien /" الذي تطبّقه الجزائر حالياً في إطار برنامج "ميدا MEDA" قد تمكّن من تأسيس نظم للمراقبة الداخلية حسب اتفاقية بازل II لدى ثلاثة بنوك عمومية فقط لحد الآن وهي : بنك الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP-Banque وبنك التنمية المحلية BDL وبنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR( ). ومن المعلوم أن تطوير أنظمة الرقابة الداخلية للبنوك يُعد إحدى الأركان الثلاثة الأساسية لاتفاقية بازل II.
2-4- ملاحظات حول تأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري :
وكخلاصة لهذا البحث المختصر، وبعد استعراضنا لتأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري يمكننا تسجيل الملاحظات الآتية :
1- بالنسبة لاتفاقية بازل I فقد تأخر تطبيقها من طرف البنوك الجزائرية إلى نهاية سنة 1999م وذلك كما نصت عليه التعليمة رقم 74-94، بينما حدّدت لجنة بازل آخر أجل لتطبيقها بنهاية سنة 1992م. كما أن هذه اللجنة منحت للبنوك فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات للالتزام بمعيارها، بينما منحت التعليمة السابقة للبنوك الجزائرية فترة تصل إلى خمس سنوات لتطبيق هذا المعيار، وذلك تماشياً مع الفترة الانتقالية التي يمر بها الاقتصاد الجزائري نحو اقتصاد السوق الحر، والتطبيق المتدرج للإصلاحات الاقتصادية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي.
2- حدَّدت التعليمة رقم 74 – 94 معامل ترجيح للخطر بنسبة 100 % بالنسبة للمساهمات في الشركات، وذلك موافق لما وضعته لجنة بازل، إلاَّ أنَّ بنك الجزائر وفي ملحق خاصٍّ بالتعليمة السابقة وضع هذه المساهمات في بند: ديون على الزبائن والأفراد، بينما المساهمات أو المشاركات ليس لها طابع الديون على الغير أو الحقوق، لا في النظام المصرفي التقليدي ولا الإسلامي.
وعلى ضوء هذه الملاحظة، فإنَّ التساؤل الوارد هنا هو عن مدى مصداقية هذه النسب، وهل تمثِّل فعلاً الأمثلة السابقة ملاءة جيِّدة لتلك البنوك؟، فقد تكون النسب الحقيقية في النهاية أعلى أو أقلَّ من النسب المحسوبة.
3- يلاحَظ أن التشريع المصرفي الجزائري قد ساير اتفاقية بازل I من خلال إصدار التنظيم رقم 91-09 سنة 1991م، ثم التعليمة رقم 74–94 سنة 1994م الموضّحة لكيفية تطبيق ذلك التنظيم وإن كان ذلك متأخراً للظروف التي ذكرناها سابقاً. ثم حاول أن يساير اتفاقية بازل II بإصدار التنظيم رقم 02-03 سنة 2002م، إلاّ أن هذا التنظيم يحتاج إلى تعليمات موضّحة لكيفية التطبيق بالنظر إلى التعقيدات التي تميّز الاتفاقية الأخيرة، ولعل ما يؤكد ذلك هو ما رأيناه من أن تأسيس أنظمة للرقابة الداخلية –وهي إحدى الأركان الأساسية لاتفاقية بازل II- والتي فرضها هذا التنظيم لم يتم لحد الآن إلاّ في ثلاثة بنوك عمومية، وهذا بالرغم من أن اتفاقية بازل II وكيفية تطبيقها يعدّ الشغل الشاغل للأنظمة المصرفية في معظم دول العالم بما فبها الدول العربية والنامية.
فعلى سبيل المثال قررت السلطات الرقابية في لبنان تطبيق اتفاقية بازل II في موعدها المحدد دولياً وهو نهاية سنة 2006 على مرحلتين ( ):
- الأولى : من سنة 2007م إلى سنة 2009م، وتُطبّق على 16 مصرفاً يمثلون ثلاثة أرباع موجودات القطاع المصرفي اللبناني.
- الثانية : من سنة 2010م إلى سنة 2015م، تُطبّق على جميع المصارف في لبنان بشكل أو بآخر.
كما أدخل البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة في عملية مراجعة المخاطر الرقابية منهجية بازل II وذلك منذ شهر مارس 2003م، أي قبل الموعد المحدد لتطبيق هذه الاتفاقية بسنوات، إضافة إلى تطبيق نسبة كفاية لرأس المال تقدر بـ 10 % (أي أكبر من نسبة بازل) منذ سنة 1992م ( ).
4- إن تأخر البنوك الجزائرية في الالتزام بمعايير اتفاقية بازل II وقيام البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر بذلك في الأجل المحدد من شأنه أن يجعل الأولى (عمومية أو خاصة) في وضع تنافسي غير ملائم مع الثانية.
5- إن التزام البنوك الجزائرية باتفاقيات بازل -خاصة الثانية منها- سيؤدي إلى كسب الاعتراف الدولي بها، خاصة ونحن نبذل الجهود الحثيثة لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. كما أن ذلك يعتبر خطوة هامة في سبيل تأهيل القطاع المصرفي الجزائري بما يتماشى وظروف الانفتاح على العالم الخارجي، خاصة بعد إمضاء الجزائر لاتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي وقطعها لأشواط متقدمة في مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
الخاتمة :
لقد تبيّن من خلال هذا البحث أن اتفاقيات بازل سواء منها الأولى والتعديلات التي أدخلت عليها أو الثانية تعتبر من أهم التطورات العالمية التي مسّت القطاع المصرفي في السنوات الأخيرة وفي معظم دول العالم، ذلك لأن هذه التطورات جاءت لمواجهة تحديات خطيرة يواجهها هذا القطاع، مثل إفلاس العديد من البنوك سنوياً وتزايد مشكلة الديون المشكوك في تحصيلها بالنسبة للعديد الآخر منها، إضافة إلى المنافسة غير العادلة فيما بينها مما يعرّض أموال المودعين في مختلف البلدان لمخاطر كبرى، كما يعرّض الأنظمة المالية برمّتها للانهيار.
كما تتجلى أهمية هذه الاتفاقيات في كونها صادرة عن خبراء ذوي مستوىً عالٍ في التخصص المصرفي، إضافة إلى إثرائها وتعديلها لسنوات عديدة من طرف هؤلاء الخبراء والهيئات العالمية المتخصصة.
وقد تبيّن لنا أيضاً أن الجزائر لم تساير هذه التطورات العالمية بالشكل المناسب كما فعلت الكثير من بلدان العالم، ولم تسع إلى تطبيق معايير لجنة بازل على نظامها المصرفي إمّا بعدم احترام الآجال المحددة عالمياً أو بعدم وجود نصوص قانونية خاصة منها تلك الموضحة لكيفيات التطبيق، وهذا بالرغم من أهمية هذه المعايير على المستوى الدولي، وسعي الجزائر إلى فتح اقتصادها على العالم الخارجي، وهو الأمر الذي سوف تكون له آثاره السلبية على البنوك الجزائرية إذا لم يُستدرَك من قِبل المسؤولين على النظام المصرفي الجزائري قبل فوات الأوان.

foufafaten
2011-12-09, 17:35
النظام المصرفي الجزائري واتفاقيات بازل
د/ سليمان ناصر
أستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير
جامعة قاصدي مرباح – ورقلة - الجزائر
مقدمة :
يُعتبر موضوع كفاية رأس المال للبنوك واتجاهها إلى تدعيم مراكزها المالية من أهم المواضيع التي تشغل خبراء المصارف في ظل العولمة والمتغيرات الدولية الحديثة، فمع تزايد المنافسة المحلية والدولية أصبحت البنوك عرضة للعديد من المخاطر الناتجة عن نشاط البنك أو طريقة تسييره وإدارته، أو من عوامل خارجية تتعلق بالبيئة التي يعمل فيها البنك.
تحت تأثير هذه الظروف، كان لزاماً على البنوك في أي نظام مصرفي أن تسعى إلى تطوير قدراتها التنافسية لمواجهة تلك الأخطار، وكان نتاج ذلك بداية التفكير والتشاور بين البنوك المركزية في العالم للتقليل من مخاطر العمل المصرفي، ثم إيجاد معايير عالمية لتطبيقها في هذا الصدد، فكانت هناك اتفاقيات بازل.
تُرى ما مضمون هذه الاتفاقيات ؟، وما طبيعة هذه المعايير ؟، وما هي تأثيرات كل منها على النظام المصرفي الجزائري ؟، ذلك ما سنحاول الإجابة عنه باختصار من خلال هذا البحث.
1- لجنة بازل واتفاقياتها :
أولى الخبراء في مجال البنوك اهتماماً متزايداً بحجم رأس المال، باعتباره خطَّ الدفاع الأوَّل في حالة تعرُّض البنك لخسائر بسبب توظيف أمواله في عمليَّات لا تخلو من مخاطر، مثل القروض والتوظيفات الأخرى، وذلك مقابل التزام هام، وهو ضمان أموال المودعين.
لذلك حاول هؤلاء الخبراء وضع معايير لقياس كفاية رأس المال منذ وقت مبكِّر، وبأشكال مختلفة، وأولى المعايير المستخدمة في هذا المجال كان نسبة رأسمال البنك إلى إجمالي الودائع، وذلك منذ سنة 1914م، وقد حددت هذه النسبة بـ 10 % عالمـيًّا، أي أن تكون الودائع تعادل عشرة أضعاف رأس المال، وساد هذا المعيار إلى سنة 1942م، حيث تخلَّت عنه المصارف خاصَّة الأمريكيَّة منها.
بعد الحرب العالميَّة الثانية استخدمت السلطات النقديَّة والمصارف معيار نسبة رأس المال إلى إجمالي الأصول باعتبار أنَّ الأهمَّ بالنسبـة للبنك هو كيفيَّة استخدام الأموال في توظيفات مختلفة، ومدى سيولة هذه الأصول.
تطوَّر الأمر بعد ذلك إلى استخدام مؤشِّر رأس المال إلى إجمالي القروض والاستثمارات، باستثناء بعض الأصول كالنقديَّة في الصندوق والأوراق المالية الحكومية، والقروض المضمونة من الحكومة على اعتبار أنَّ هذه الأصول ليست فيها مخاطرة بالنسبة للبنك. وقد ظهرت هذه الفكرة منذ سنة 1948م تقريبا( ).
بعد أن تفاقمت أزمة الديون الخارجيَّة للدول النامية، وتزايد حجم الديون المشكوك في تحصيلها والتي منحتها البنوك العالميَّة، ممَّا سبَّب أزمات لهذه البنوك، إضافة إلى المنافسة القويَّة من جانب البنوك اليابانيَّة للبنوك الأمريكيَّة والأوروبيَّة بسبب نقص رؤوس أموال الأولى؛ قامت السلطات الإشرافيَّة في أقطار مجموعة الدول الصناعيَّة العشرة الكبرى Group of ten (وهي: بلجيكا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، السويد، المملكة المتَّحدة، الولايات المـتَّحدة الأمريكيَّة، بالإضافة إلى كلٍّ من: لوكسمبورغ وسويسرا) بتشكيل لجنة من خبراء السلطات النقديَّة والبنوك المركزيَّة في هذه الدول تجتمع عادة في مقرِّ بنك التسويات الدوليَّة Bank of International Settlements (BIS) بمدينة بال (بازل) السويسريَّة، وبها تقع أمانتها العامَّة، لذلك سمِّيت هذه اللجنة باسم ”لجنة بازل للإشراف المصرفي Basel Committee on Banking Supervision“ عُرفت توصياتها بمقرَّرات لجنة بازل، وكان ذلك سنة 1975م.
1-1- اتفاقية بازل I :
بعد سلسلة من الجهود والاجتماعات قدَّمت اللجنة توصيَّاتها الأولى بشأن كفاية رأس المال، والذي عُرف باتِّفاقية بازل I، وذلك في يوليو 1988م ليصبح بعد ذلك اتِّفاقاً عالمـيًّا، وبعد أبحاث وتجارب تمَّ وضع نسبة عالمـيَّة لكفاية رأس المال تعتمد على نسبة هذا الأخير إلى الأصول حسب درجة خطورتها وبطريقة مرجّحة، وقدِّرت هذه النسبة بـ 8 %، وأوصت اللجنة من خلاله على تطبيق هذه النسبة اعتباراً من نهاية عام 1992م، ليتمَّ ذلك التطبيق بشكل تدريجي خلال ثلاث سنوات، بدءًا من 1990م، وكانت هذه التوصيَّات مبنيَّة على مقترحات تقدَّم بها"كوك *****"(*) ، والذي أصبح بعد ذلك رئيساً لهذه اللجنة، لذلك سمِّيت تلك النسبة السابقة لكفاية رأس المال بنسبة بازل، أو نسبة كوك، ويسمِّيها الفرنسيُّون أيضًا معدَّل الملاءة الأوروبي RSE ( ).
قامت مقرَّرات لجنة بازل على أساس تصنيف الدول إلى مجموعتين، الأولى متدنِّية المخاطر، وتضمُّ دول منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، يضاف إلى ذلك دولتان هما: سويسرا والمملكة العربيَّة السعوديَّة. أمَّا المجموعة الثانية فهي عالية المخاطر وتضمُّ بقيَّة دول العالم.
وتتحدَّد كفاية رأس المال وفقاً للاعتبارات التالية :
- ربط احتياطيات رأس المال لدى البنك بالأخطار الناتجة عن أنشطته المختلفة، بغضِّ النظر عمَّا إذا كانت متضمَّنة في ميزانيَّة البنك أو خارج ميزانيَّته.
- تقسيم رأس المال إلى مجموعتين أو شريحتين :
أ- رأس المال الأساسي: يشمل (حقوق المساهمين + الاحتياطيات المعلنة والاحتياطيات العامَّة والقانونيَّة + الأرباح غير الموزَّعة أو المحتجزة) – (القيم المعنوية + الاستثمار في الشركات التابعة).
ب- رأس المال التكميلي: يشمل احتياطيات غير معلنة + احتياطيات إعادة تقييم الأصول + مخصصات لمواجهة مخاطر عامة أو خسائر القروض + الإقراض متوسِّط وطويل الأجل من المساهمين أو من غيرهم (القروض المساندة) + الأدوات الرأسمالية الأخرى التي تجمع بين خصائص حقوق المساهمين والقروض.
ويجب احترام الشروط الآتية في رأس المال :
- ألاَّ يزيد رأس المال التكميلي على رأس المال الأساسي.
- ألاَّ تزيد نسبة القروض التي يحصل عليها البنك من المساهمين والتي تدخل ضمن هذا الإطار عن 50 % من رأس المال الأساسي.
- ألاَّ تزيد المخصَّصات العامَّة كحدٍّ أقصى عن 2 % مرحلـيًّا، ثمَّ تحدَّد بـ 1,25 من الأصول والالتزامات العرضيَّة مرجَّحة الخطر، لأنها لا ترقى إلى حقوق الملكيَّة.
- تخضع احتياطيَّات إعادة التقييم للأصول لاعتبارات معيَّنة (خصم بنسبة 55 % لاحتمال خضوع هذا الفرق للضريبة عند بيع الأصول).
- الأوراق المالية التي تتحوَّل إلى أسهم (يتمُّ سدادها بعد حقوق المودعين وقبل المساهمين).
- يُشترط لقبول أيَّة احتياطيَّات سرِّيـَّة ضمن قاعدة رأس المال المساند أو التكميلي أن يكون موافَقًا عليها ومعتمدة من قِبل السلطات الرقابيَّة، وأن تكون من خلال حساب الأرباح والخسائر، وأن لا يكون لها صفة المخصِّص، وبعض الدول لا تسمح بها.
تحسب أوزان المخاطرة بالنسبة للأصول كما يلي :
أوزان المخاطرة المرجحة للأصول حسب نسبة بازل
درجة المخاطرة نوعيَّة الأصول
صفر النقديَّة + المطلوبات من الحكومات المركزيَّة والبنوك المركزيَّة والمطلوبات(*) بضمانات نقديَّة وبضمان أوراق مالية صادرة من الحكومات + المطلوبة أو المضمونة من حكومات وبنوك مركزيَّة في بلدان OECD.
10 إلى 50 % المطلوبات من هيئات القطاع العام المحلِّـيَّة (حسبما يتقرَّر وطنيًّا)
20 % المطلوبات من بنوك التنمية الدوليَّة وبنوك دول منظَّمة OECD + النقديَّة رهن التحصيل.
50 % قروض مضمونة برهونات عقاريَّة، ويشغلها ملاَّكها.
100 % جميع الأصول الأخرى بما فيها القروض التجاريَّة + مطلوبات من قطاع خاص + مطلوبات من خارج دول منظَّمة OECD ويتبقَّى على استحقاقها ما يزيد عن عام + مطلوبات من شركات قطاع عام اقتصاديَّة + مساهمات في شركات أخرى + جميع الموجودات الأخرى.
المصدر : من إعداد الباحث بتصرف عن بعض مراجع البحث.
تحسب أوزان المخاطرة بالنسبة للالتزامات العرضية (التعهدات خارج الميزانية) كما يلي :
يتم ضرب قيمة الالتزام في معامل ترجيح الخطر (حسب الجدول اللاحق) ثم يتم ضرب الناتج في معامل الترجيح للالتزام الأصلي (المدين) أو المقابل له في أصول الميزانيَّة، ومعاملات الترجيح للتعهُّدات خارج الميزانيَّة هي كالآتي :
أوزان المخاطرة المرجحة لعناصر خارج الميزانية
أوزان المخاطر البنود
100 % بنود مثيلة للقروض (مثل الضمانات العامَّة للقروض).
50 % بنود مرتبطة بمعاملات حسن الأداء (خطابات الضمان، تنفيذ عمليَّات مقاولات أو توريدات).
20 % بنود مرتبطة بمخاطر قصيرة الأجل تتمُّ بالتصفية الذاتيَّة (الإعتمادات المستنديَّة).
المصدر : من إعداد الباحث بتصرف عن بعض مراجع البحث .
يصبح معدَّل كفاية رأس المال حسب مقرَّرات لجنة بازل كما يلي :
رأس المال (الشريحة 1 + الشريحة 2)  8 %
مجموع التعهدات والالتزامات بطريقة مرجحة الخطر
1-2- التعديلات التي أُدخلت على اتفاقية بازل I :
بعد وضع هذه النسبة رأت المصارف ضرورة إعادة النظر في احتساب كفاية رأس المال لديها، وذلك مقابل المخاطر المتنوِّعة التي أصبحت تتعرَّض لها، خاصَّة في ظلِّ انتشار التعامل بالأدوات المالية الحديثة كالمشتقَّات، لذلك أصدرت لجنة بازل اتِّفاقيَّة خاصَّة لاحتساب الملاءة أي كفاية رأس المال لمواجهة المخاطر السوقية بعد أن كانت الاتفاقية الأولى تُعنى بمخاطر الائتمان فقط، وقد كان ذلك في يناير من سنة 1996م وفي صورتها النهائية بعد أن طرحتها كاقتراح للنقاش في أفريل 1995م، وتغتبر هذه الاتفاقية تعديلاً لاتفاقية 1988م، ومع تلقي الملاحظات وإدخال التعديلات عليها أصبحت جاهزة للتطبيق في سنة 1998م.
وتتمثل مخاطر السوق في التعرض للخسائر بالنسبة للبنود المتعلقة بالميزانية أو خارجها نتيجة للتحركات في أسعار السوق، وأهمها مخاطر أسعار الفائدة وأسعار الصرف وأسعار حقوق الملكية (أسعار الأسهم) وأسعار السلع.
من خلال هذا التعديل يمكن للبنوك أن تختار بين الصيغة التنظيمية التي وضعتها اللجنة والنماذج الداخلية الخاصة بكل بنك على حده والتي يضعها لمواجهة مخاطره السوقية، ومع أنَّ هذه التعديلات أبقت على معدَّل الملاءة الإجماليَّة عند 8 % كما ورد في اتِّفاق بازل I إلاَّ أنها عدّلت من مكوِّنات النسبة كما يلي :
سمحت للبنوك بإصدار قروض مساندة لأجل سنتين لتدخل ضمن الشريحة الثالثة لرأس المال، وذلك لمواجهة جزء من مخاطرها السوقيَّة، وبهذا يصبح رأس المال الإجمالي يتكوَّن من: الشريحة الأولى (رأس المال المدفوع + الاحتياطيات + الأرباح المحتجزة) + الشريحة الثانية (رأس المال المساند أو التكميلي). وهذا كما هو محدَّد في اتِّفاقيَّة 1988م + الشريحة الثالثة (قروض مساندة لأجل سنتين)، وهذه الأخيرة أي رأس المال من الطبقة الثالثة يجب أن تتوفَّر فيه الشروط الآتية :
- أن يكون على شكل قروض مساندة لها فترة استحقاق أصليَّة لا تقلُّ عن سنتين، وأن لا يتجاوز 250 % كحد أقصى من رأس مال البنك من الطبقة الأولى المخصَّص لدعم المخاطر السوقيَّة.
- أن يكون صالحاً لتغطية المخاطر السوقيَّة فقط، بما في ذلك مخاطر الصّرف الأجنبي.
- يجوز استبدال عناصر الطبقة الثانية بالطبقة الثالثة من رأس المال، وذلك ضمن الحد المذكور.
- أن تكون الشريحة الأولى من رأس المال  الشريحة الثانية + الشريحة الثالثة. وقد قرَّرت اللجنة أن يكون هذا القيد رهناً بالإرادة الوطنيَّة.
عند حساب نسبة رأس المال الإجمالية للبنك يتمُّ إيجاد صلة رقميَّة بين مخاطر الائتمان ومخاطر السوق عن طريق ضرب مقياس المخاطرة السوقيَّة في 12,5 (وذلك على أساس أن 100 مقسومة على 8 وهي الحد الأدنى لكفاية رأس المال تساوي 12,5) ثمَّ إضافة الناتج إلى مجموع الأصول المرجحة لأوزان المخاطرة.
وبما أنَّ المخاطرة السوقيَّة قد تختلف من بنك لآخر فقد تضمَّنت مقترحات اللجنة طرقاً إحصائيَّة نمطيَّة لقياس هذه المخاطرة، منها القيمة المقدَّرة للمخاطرة (Value at Risk ( VAR إضافة إلى مقاييس كمية ونوعية أخرى.
تصبح إذن العلاقة المعدَّلة لحساب كفاية رأس المال كما يلي :
إجمالي رأس المال ( شريحة 1 + شريحة 2 + شريحة 3 )  8 %
الأصول المرجّحة بأوزان المخاطرة + مقياس المخاطرة السوقيَّة × 12,5
للإشارة فإنَّ اللجنة ترى أنه يتعيَّن على البنوك المستخدمة لنماذج داخلـيَّة أن يكون لديها نظام متكامل لقياس المخاطرة يعبِّر عن كلِّ مخاطرها السوقيَّة، وبالتالي يجب قياس المخاطرة باستخدام منهج واحد، أي باستخدام النماذج الداخليَّة، أو باستخدام النموذج الموحَّد الصادر عن اللجنة( ).
1-3- اتفاقية بازل II :
في يونيو 1999م نشرت لجنة بازل اقتراحات أوَّليَّة لإطار جديد لقياس الملاءة المصرفيَّة (كفاية رأس المال) يحلُّ محلَّ اتِّفاقيَّة عام 1988م، وتدخل فيه معايير تأخذ في الاعتبار وبشكل أكثر دقَّة وشموليَّة معامل المخاطرة في ميزانيَّات المصارف. وفي 16 يناير 2001م تقدَّمت لجنة بازل بمقترحات أكثر تحديدًا وتفصيلاً حول الإطار الجديد السابق لمعدَّل الملاءة المصرفيَّة، وطلبت إرسال التعليقات عليها من المعنيِّين والمختصِّين والهيئات (ومنها صندوق النقد الدولي) قبل نهاية شهر مايو 2001م، وكان من المتوقَّع أن تصدر اللجنة النسخة النهائيَّة من هذا الاتفاق قبل نهاية عام 2001م، لكن نظراً لكثرة الردود والملاحظات تمَّت إجازة هذه النسخة في يونيو 2004م، وحُدد لها أجل تطبيق يمتد إلى نهاية سنة 2006م كحد أقصى، وهو الذي عُرف باتِّفاقيَّة (بازل II).
يقوم الاتفاق الجديد على ثلاثة أسس هي :
1- طريقة مستحدثة لحساب كفاية رأس المال المرجّح بأوزان المخاطرة واللازم لمواجهة مختلف المخاطر، حيث جاءت بتغييرات جوهربة في معالجة مخاطر الائتمان والسوق، وقدمت تغطية شاملة لمخاطر التشغيل Operational risk التي لم يكن لها أي حساب في اتفاقية بازل I، والتي تُعرَّف بأنها مخاطر الخسائر التي تنجم عن عدم كفاية أو إخفاق العمليات الداخلية والعناصر البشرية والأنظمة أو الأحداث الخارجية.
2- ضمان وجود طريقة فعَّالة للمراجعة والمراقبة، أي أن يكون للبنك أو غيره من المؤسَّسات المالية الخاضعة لإشراف الجهات الرقابيَّة الآلية اللازمة للتقييم الداخلي لتحديد رأس المال الكافي كنهج للرقابة الاحترازية ضد المخاطر.
3- نظام فاعل لانضباط السوق والسعي إلى استقراره أو الانضباط بسلوكيات السوق Market discipline، وهذا يتطلَّب من أي بنك أو مؤسَّسة مالية أن تقوم بالإفصاح عن رأسمالها ومدى تعرُّضها للأخطار، والطرق المتَّّبعة لتحديد حجم الخطر حتَّى يكون عملاء هذه المؤسَّسات ودائنوها على علم بها، وليتمكَّنوا من تقدير المخاطر التي يواجهونها نتيجة تعاملهم مع هذه المؤسَّسات.
ويلاحَظ في اتفاق بازل II أنه أبقى الحد الأدنى لكفاية رأس المال عند 8 % إلاّ أن قاعدة الموجودات التي يحسب على أساسها تمّ توسيعها إلى حد يؤدي إلى زيادة رأس المال المطلوب.
وبناءً على تقييم الجهات الرقابيَّة لقدرات البنوك في إدارة مخاطرها، فإنَّ الاتفاق الجديد المقترح (اتفاق بازل II) يمنح الخيار للبنوك في اعتماد إحدى المناهج الثلاثة لتقدير رأس المال لمواجهة مخاطر،الائتمان، وتمثّل طرق قياس تتسم بدرجة متزايدة من الحساسية للمخاطر وهذه المناهج هي :
1- المنهج الموحَّد الذي يعتمد على التقييم الخارجي للائتمان، وهو يمثّل الطريقة المعيارية أو القياسية.
2- منهج التصنيف الداخلي Internal Ratings-Based Approach (IRB) (*)، أي طريقة التقويم الداخلي بصيغتها التأسيسية (الأساسية).
3- منهج IRB المتقدِّم أو المنهج القائم على النماذج(**)، أي طريقة التقويم الداخلي بصيغتها المتقدمة.
ولكنَّ البنوك التي ترغب في تبنِّي مناهج التصنيف الداخلي بصيغتيه الأساسية والمتقدمة عليها أن تُخضع نظامها في تسيير المخاطر لجهات رقابيَّة، وعلى ضوء تقرير هذه الجهات يمكن للبنوك أن تتخطَّى النموذج الموحَّد إلى نموذج IRB الأول أي تأسيس نظام للتقييم الداخلي بصيغته الأساسية، ومنه إلى نموذج IRB المتقدِّم( ).
ويلاحَظ أيضاً بأنَّ الاتفاق الجديد (بازل II) يتخلى عن التمييز بين المقترضين السياديِّين من منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومن غير الأعضاء في المنظَّمة والبنوك، وذلك بإرجاع ترجيح المخاطر إلى النوعية وليس إلى عضويَّة المنظَّمة، كما يعترف الاتفاق بتقنيَّات الحدِّ من مخاطر الائتمان( ).
ومن جهة أخرى فإن الاتفاق الجديد يمنح الخيار للبنوك أيضاً في اختيار إحدى الطرق الثلاثة الآتية لمواجهة مخاطر التشغيل :
1- طريقة المؤشر الأساسي.
2- الطريقة المعيارية (القياسية).
3- الطريقة المتقدمة.
كما نذكّر في الأخير بأنه بالرغم من حرص الكثير من دول العالم على تطبيق مقرَّرات لجنة بازل (لكونها معايير مصادق عليها دوليًّا)، إلاَّ أنَّ هذه اللجنة لا تملك صلاحيَّات قانونيَّة لفرض توصيَّاتها على الدول ولو كانت الدول الأعضاء في اللجنة، وبالتالي فإنَّ الأمر يتطلَّب اعتماد محافظي البنوك المركزيَّة في مختلف الدول للتوصيَّات الصادرة عن تلك اللجنة لتصبح ملزمة لها.
2- النظام المصرفي الجزائري في ظل اتفاقيات بازل :
2-1- لمحة عامة عن النظام المصرفي الجزائري :
ورثت الجزائر بعد الاستقلال نظاماً مصرفياً تابعاً للاقتصاد الفرنسي وقائماً عل النظام الحر الليبرالي، وبالرغم من إنشاء مؤسسات مالية وطنية بعد الاستقلال مثل البنك المركزي الجزائري والخزينة العمومية والبنك الجزائري للتنمية BAD؛ إلا أنه كان هناك نظام مصرفي مزدوج قائم في شقّه الأول على النظام الرأسمالي وفي شقّه الثاني على النظام الاشتراكي وتحت سيطرة الدولة، لذلك قررت الجزائر تأميم البنوك سنة 1966م.
وبداية من تلك السنة تأسست مجموعة من البنوك التجارية العمومية، وبعضها قام على أنقاض البنوك الفرنسية المؤممة، فظهرت البنوك الآتية :
- البنك الوطني الجزائري BNA سنة 1966م.
- القرض الشعبي الجزائري CPA سنة 1967م.
- بنك الجزائر الخارجي BEA سنة 1967م.
- بنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR سنة 1982م.
- بنك التنمية المحلية BDL سنة 1985م.
أُدخلت على النظام المصرفي الجزائري العديد من الإصلاحات أهمها : إصلاحات 1986 وإصلاحات 1988 ، لكن أهمها كانت إصلاحات 1990 وذلك بصـدور قانون النقد والائتمان (القانون رقم 90-10) والذي حاول تكييف وضع النظام المصرفي الجزائري مع متطلبات اقتصاد السوق الحر، تماشياً مع الإصلاحات الاقتصادية العامة التي باشرتها الجزائر بعد تخليها عن النـظام الاشـتراكي منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
وبموجب هذا القانون الأخير أصبحت للبنوك العاملة بالجزائر حرية تمويل مختلف القطاعات الاقتصادية، وتقديم الائتمان لمختلف الآجال طبقا لظاهرة الشمولية في العمل المصرفي، كما فُتحت السوق المصرفية الجزائرية -بموجب هذا القانون- أمام القطاع الخاص والأجنبي، إضافة إلى تعزيز رقابة البنك المركزي (بنك الجزائر) على البنوك، وتمكينه من أداء عمله في إطار واسع من الاستقلالية، وقد تعززت هذه الصلاحيات أكثر بموجب التعديلات الـتي أدخلت على هذا القانون، والتي تمثلت في الأمر رقم 01-01 لسنة 2001م ثم الأمر رقم 03-11 لسنة 2003م.
وكنتيجة لهذا الانفتاح كان لزاماً على النظام المصرفي الجزائري أن يساير التنظيمات الحديثة والمعايير العالمية للعمل المصرفي وأهمها مقررات لجنة بازل، فكان صدور التنظيم رقم 91-09 بتاريخ 14/08/1991م المحدد لقواعد الحيطة والحذر Les règles prudentielles في تسيير البنوك والمؤسسات المالية، ثم التعليمة رقم 74-94 في 29/11/1994م والتي جاءت لتفصيل وتوضيح كيفية تطبيق التنظيم السابق.
يبلغ مجموع البنوك التجارية المعتمدة بالجزائر 19 بنكاً، إضافة إلى 6 مؤسسات مالية ما بين بنوك أعمال واستثمار وشركات تأجير مالي( ).
2-2- تأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري :
في الجزائر حدِّدت التعليمة رقم 74-94 الصادرة في 29 نوفمبر 1994م معظم المعدَّلات المتعلَّقة بقواعد الحيطة والحذرLes règles prudentielles المعروفة عالمياً، وأهمُّها تلك المتعلقة بكفاية رأس المال.
فقد فرضت هذه التعليمة على البنوك الالتزام بنسبة ملاءة لرأس المال أكبر أو تساوي 8 % تطبَّق بشكل تدريجي مراعاة للمرحلة الانتقالية التي يمر بها الاقتصاد الجزائري نحو نظام اقتصاد السوق، وحدَّدت آخر أجل لذلك نهاية ديسمبر 1999م، وذلك وفق المراحل الآتية ( ):
- 4 % مع نهاية شهر جوان 1995م.
- 5 % مع نهاية شهر ديسمبر 1996م.
- 6 % مع نهاية شهر ديسمبر 1997م.
- 7 % مع نهاية شهر ديسمبر 1998م.
- 8 % مع نهاية شهر ديسمبر 1999م.
وقد حدَّدت المادة 5 من التعليمة السابقة كيفيَّة حساب رأس المال الخاص للبنك في جزئه الأساسي، بينما حدَّدت المواد 6 و7 العناصر التي تُحتسب ضمن رأس المال التكميلي للبنك، ومجموع هذين الجزأين يشكِّل رأس المال الخاصَّ للبنك، بينما بيَّنت المادَّة 8 من التعليمة مجموع العناصر التي يتوفَّر فيها عنصر المخاطرة، ثمَّ صنَّفتها المادَّة 11 وفق أوزان المخاطرة الخاصَّة بها سواء بالنسبة لعناصر الميزانية أو عناصر خارج الميزانية، وكلُّ ذلك بطريقة مشابهة لما ورد في مقرَّرات بازل I ( ).
أما بالنسبة لاتفاق بازل II فقد أصدر بنك الجزائر التنظيم رقم 02/03 بتاريخ : 14/11/2002م والذي يجبر البنوك والمؤسسات المالية على تأسيس أنظمة للمراقبة الداخلية، تساعدها على مواجهة مختلف المخاطر (الائتمانية، السوقية، التشغيلية) تماشياً مع ما ورد في هذا الاتفاق، إلاّ أن اتفاق بازل II يتميز بالكثير من التعقيد وبالتالي الصعوبة في التطبيق، مما يتطلب من بنك الجزائر إصدار تعليمات Instructions لتوضيح كيفية تطبيق التنظيم السابق، وذلك حتى لا يتأخر عن الأجل المحدد له عالمياً كما حدث مع اتفاق بازل I.

2-3- أمثلة تطبيقية :
لدراسة مدى التزام البنوك العاملة بالجزائر بمعيار لجنة بازل لكفاية رأس المال اخترنا عينة منها تتكون من أربعة بنوك، بنكان عموميان جزائريان وهما: البنك الوطني الجزائري BNA وبنك الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP-Banque، وبنك خاص أجنبي هو المجموعة العربية المصرفية ABC الجزائر، وبنك إسلامي مختلط بين القطاع العام الجزائري والقطاع الخاص الأجنبي وهو بنك البركة الجزائري، كما اخترنا فترة الاختبار بحيث تكون قريبة من الأجل الذي حددته التعليمة رقم 74-94 وهو نهاية سنة 1999 كما رأينا سابقاً. وقد كانت النتائج كما يلي :
- البنك الوطني الجزائري BNA : هو أول بنك تجاري يتأسس بالجزائر، أنشئ سنة 1966م، حقّق نسبة كفاية لرأس المال تصل إلى 10,12 % سنة 1997م ( )، لتنخفض بشدة إلى 6,12 % سنة 1999م، ثم لتبلغ 7,64 % سنة 2000م ( )، مما يدل على أن هذا البنك لم يول الاهتمام الكافي لهذه النسبة، وهذا بالرغم من أن ترتيبه ضمن 100 مصرف عربي جاء في المرتبة 28 سنة 2001( )، وهو الترتيب الذي ينشئه سنوياً اتحاد المصارف العربية بناءً على عدة معطيات أهمها : حجم الأصول، حجم الودائع، حقوق المساهمين، صافي الربح.
- الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP : تأسس سنة 1964م كصندوق ادخار، ثم تحوّل إلى بنك سنة 1997م ليصبح اسمه CNEP-Banque. حقق نسبة ملاءة لرأس المال تقدر بـ 14 % سنة 2001م ( )، وهي نسبة جيّدة مقارنة مع حداثة خضوعه للتنظيمات البنكية.
- المجموعة العربية المصرفية ABC : مجموعة دولية مقرها البحرين، فتحت أول فرع لها بالجزائر سنة 1998م بمساهمات جزائرية، حقق هذا البنك نسبة كفاية لرأس المال تصل إلى 22,98% سنة 2000م، لتنخفض إل 9,84 % سنة 2001م، ثم لترتفع إلى 15,62% سنة 2002م( )، وهذا يعني أن هذه النسـبة مراقَبة بشدّة من طرف البنك ويحاول تحسينها باستمرار، ويبدو أن خبرته الدولية كانت وراء ذلك.
- بنك البركة الجزائري : أول بنك إسلامي يفتح أبوابه بالجزائر، وهو فرع لمجموعة البركة الدولية التي يفع مقرها بالبحرين، يملك رأسماله مناصفة مع هذه المجموعة بنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR الجزائري وقد تأسس سنة 1991م. يحقق هذا البنك نسبة ملاءة عالية لرأس المال وباستمرار، فقد بلغت هذه النسبة سنة 1999م على سبيل المثال 33,9 %( )، ثم 21,7 % سنة 2003م( )، ويبدو هنا أيضاً أن الخبرة الدولية للبنك إضافة إلى الرقابة الداخلية الصارمة كانتا وراء ذلك.
هذا بالنسبة لاتفاق بازل I، أما اتفاق بازل II فإن برنامج "آمسفا AMSFA - دعم عصرنة القطاع المالي الجزائريAppui à la Modernisation du Secteur Financier Algerien /" الذي تطبّقه الجزائر حالياً في إطار برنامج "ميدا MEDA" قد تمكّن من تأسيس نظم للمراقبة الداخلية حسب اتفاقية بازل II لدى ثلاثة بنوك عمومية فقط لحد الآن وهي : بنك الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط CNEP-Banque وبنك التنمية المحلية BDL وبنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR( ). ومن المعلوم أن تطوير أنظمة الرقابة الداخلية للبنوك يُعد إحدى الأركان الثلاثة الأساسية لاتفاقية بازل II.
2-4- ملاحظات حول تأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري :
وكخلاصة لهذا البحث المختصر، وبعد استعراضنا لتأثير اتفاقيات بازل على النظام المصرفي الجزائري يمكننا تسجيل الملاحظات الآتية :
1- بالنسبة لاتفاقية بازل I فقد تأخر تطبيقها من طرف البنوك الجزائرية إلى نهاية سنة 1999م وذلك كما نصت عليه التعليمة رقم 74-94، بينما حدّدت لجنة بازل آخر أجل لتطبيقها بنهاية سنة 1992م. كما أن هذه اللجنة منحت للبنوك فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات للالتزام بمعيارها، بينما منحت التعليمة السابقة للبنوك الجزائرية فترة تصل إلى خمس سنوات لتطبيق هذا المعيار، وذلك تماشياً مع الفترة الانتقالية التي يمر بها الاقتصاد الجزائري نحو اقتصاد السوق الحر، والتطبيق المتدرج للإصلاحات الاقتصادية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي.
2- حدَّدت التعليمة رقم 74 – 94 معامل ترجيح للخطر بنسبة 100 % بالنسبة للمساهمات في الشركات، وذلك موافق لما وضعته لجنة بازل، إلاَّ أنَّ بنك الجزائر وفي ملحق خاصٍّ بالتعليمة السابقة وضع هذه المساهمات في بند: ديون على الزبائن والأفراد، بينما المساهمات أو المشاركات ليس لها طابع الديون على الغير أو الحقوق، لا في النظام المصرفي التقليدي ولا الإسلامي.
وعلى ضوء هذه الملاحظة، فإنَّ التساؤل الوارد هنا هو عن مدى مصداقية هذه النسب، وهل تمثِّل فعلاً الأمثلة السابقة ملاءة جيِّدة لتلك البنوك؟، فقد تكون النسب الحقيقية في النهاية أعلى أو أقلَّ من النسب المحسوبة.
3- يلاحَظ أن التشريع المصرفي الجزائري قد ساير اتفاقية بازل I من خلال إصدار التنظيم رقم 91-09 سنة 1991م، ثم التعليمة رقم 74–94 سنة 1994م الموضّحة لكيفية تطبيق ذلك التنظيم وإن كان ذلك متأخراً للظروف التي ذكرناها سابقاً. ثم حاول أن يساير اتفاقية بازل II بإصدار التنظيم رقم 02-03 سنة 2002م، إلاّ أن هذا التنظيم يحتاج إلى تعليمات موضّحة لكيفية التطبيق بالنظر إلى التعقيدات التي تميّز الاتفاقية الأخيرة، ولعل ما يؤكد ذلك هو ما رأيناه من أن تأسيس أنظمة للرقابة الداخلية –وهي إحدى الأركان الأساسية لاتفاقية بازل II- والتي فرضها هذا التنظيم لم يتم لحد الآن إلاّ في ثلاثة بنوك عمومية، وهذا بالرغم من أن اتفاقية بازل II وكيفية تطبيقها يعدّ الشغل الشاغل للأنظمة المصرفية في معظم دول العالم بما فبها الدول العربية والنامية.
فعلى سبيل المثال قررت السلطات الرقابية في لبنان تطبيق اتفاقية بازل II في موعدها المحدد دولياً وهو نهاية سنة 2006 على مرحلتين ( ):
- الأولى : من سنة 2007م إلى سنة 2009م، وتُطبّق على 16 مصرفاً يمثلون ثلاثة أرباع موجودات القطاع المصرفي اللبناني.
- الثانية : من سنة 2010م إلى سنة 2015م، تُطبّق على جميع المصارف في لبنان بشكل أو بآخر.
كما أدخل البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة في عملية مراجعة المخاطر الرقابية منهجية بازل II وذلك منذ شهر مارس 2003م، أي قبل الموعد المحدد لتطبيق هذه الاتفاقية بسنوات، إضافة إلى تطبيق نسبة كفاية لرأس المال تقدر بـ 10 % (أي أكبر من نسبة بازل) منذ سنة 1992م ( ).
4- إن تأخر البنوك الجزائرية في الالتزام بمعايير اتفاقية بازل II وقيام البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر بذلك في الأجل المحدد من شأنه أن يجعل الأولى (عمومية أو خاصة) في وضع تنافسي غير ملائم مع الثانية.
5- إن التزام البنوك الجزائرية باتفاقيات بازل -خاصة الثانية منها- سيؤدي إلى كسب الاعتراف الدولي بها، خاصة ونحن نبذل الجهود الحثيثة لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. كما أن ذلك يعتبر خطوة هامة في سبيل تأهيل القطاع المصرفي الجزائري بما يتماشى وظروف الانفتاح على العالم الخارجي، خاصة بعد إمضاء الجزائر لاتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي وقطعها لأشواط متقدمة في مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
الخاتمة :
لقد تبيّن من خلال هذا البحث أن اتفاقيات بازل سواء منها الأولى والتعديلات التي أدخلت عليها أو الثانية تعتبر من أهم التطورات العالمية التي مسّت القطاع المصرفي في السنوات الأخيرة وفي معظم دول العالم، ذلك لأن هذه التطورات جاءت لمواجهة تحديات خطيرة يواجهها هذا القطاع، مثل إفلاس العديد من البنوك سنوياً وتزايد مشكلة الديون المشكوك في تحصيلها بالنسبة للعديد الآخر منها، إضافة إلى المنافسة غير العادلة فيما بينها مما يعرّض أموال المودعين في مختلف البلدان لمخاطر كبرى، كما يعرّض الأنظمة المالية برمّتها للانهيار.
كما تتجلى أهمية هذه الاتفاقيات في كونها صادرة عن خبراء ذوي مستوىً عالٍ في التخصص المصرفي، إضافة إلى إثرائها وتعديلها لسنوات عديدة من طرف هؤلاء الخبراء والهيئات العالمية المتخصصة.
وقد تبيّن لنا أيضاً أن الجزائر لم تساير هذه التطورات العالمية بالشكل المناسب كما فعلت الكثير من بلدان العالم، ولم تسع إلى تطبيق معايير لجنة بازل على نظامها المصرفي إمّا بعدم احترام الآجال المحددة عالمياً أو بعدم وجود نصوص قانونية خاصة منها تلك الموضحة لكيفيات التطبيق، وهذا بالرغم من أهمية هذه المعايير على المستوى الدولي، وسعي الجزائر إلى فتح اقتصادها على العالم الخارجي، وهو الأمر الذي سوف تكون له آثاره السلبية على البنوك الجزائرية إذا لم يُستدرَك من قِبل المسؤولين على النظام المصرفي الجزائري قبل فوات الأوان.

foufafaten
2011-12-09, 17:35
( )- رسمية قرياقص، عبد الغفار حنفي: الأسواق والمؤسَّسات المالية، مركز الإسكندرية للكتاب، الإسكندرية/مصر، 7991 ص: 192.
(*)- خبير مصرفي إنكليزي من بنك إنكلترا المركزي .
( )- Philippe GARSUAULT et Stéphane PRIAMI: La banque fonctionnement et stratégies , Ed. ECONOMICA , Paris , 1995, p : 170.
(*)- المطلوبات يقصد بها القروض الممنوحة لتلك الجهة، أو الأموال المودعة لديها.
( )- عبد المطلب عبد الحميد: العولمة واقتصاديَّات البنوك، الدار الجامعية، الإسكندرية/مصر، 2001، ص: 301.
(*)- وهو النموذج الذي الذي يقوم فيه البنك بتحديد مخاطره وإدارتها داخلياً بما في ذلك تحديد كفاية رأس المال،بعد السماح له بذلك من الجهات الإشرافية الدولية.
(**)- وهو صورة معدلة ومتطورة من منهج التصنيف الداخلي، ويتم فيه تحديد المخاطر داخلياً بتوفير قاعدة كبيرة من البيانات وبالاعتماد على الكمبيوتر.
( )- Tariqullah KHAN et Habib AHMED: La gestion des risques ; analyse de certains aspects liés à l'industrie de la finance islamique, Institut Islamique de recherches et de formation / BID, Jeddah, (RAS) 1423H - 2002, p : 95.
( )- مجلة التمويل والتنمية، العدد 1 - المجلد 38 ، مارس 2001، ص : 33.
( )- المصدر : موقع بنك الجزائر على شبكة الإنترنت www.bank-of-algeria.dz بتاريخ : 14/01/2006..
( )- المادَّة: 3 من التعليمة رقم 94 – 74 المؤرَّخة في 29 نوفمبر 1994 المتعلَّقة بتحديد قواعد الحيطة والحذر.
( )- راجع مواد التعليمة رقم 94 – 74 المؤرَّخة في 29 نوفمبر 1994 المتعلَّقة بتحديد قواعد الحيطة والحذر.
( )- التقرير السنوي للبنك الوطني الجزائري لسنة 1997، ص : 25.
( )- التقرير السنوي للبنك الوطني الجزائري لسنة 2000، ص : 23
( )- مجلة "إتحاد المصارف العربية"، العدد : 261، سبتمبر 2002، ص : 24.
( )- CNEP NEWS, N° : 9 , Mars 2002, p : 12.
( )- التقرير السنوي للمجموعة العربية المصرفية ABC الجزائر لسنة 2002، ص : 29، وقد عبّر عنه في هذا التقرير بمؤشر كوك..
( )- المنشورات والمطويات التعريفية لبنك البركة الجزائري.
( )- التفرير السنوي لبنك البركة الجزائري لسنة 2003، ص : 10.
(16)- مجلة بعثـة اللجنـة الأوروبية بالجزائر، العدد الرابع، أكتوبر– نوفمبر 2004، ص : 8.
( )- مجلة "المؤشر" ، السنة 22 ، العدد 333 ، فيفري 2005 ، ص : 51.
( )- مجلة "مال ومصارف الإمارات" ، السنة 2 ، العدد 16 ، مارس 2005 ، ص : 22.

foufafaten
2011-12-09, 17:42
مقدمة الفصل:
تؤدي البنوك التجارية دورا هاما في النشاط الاقتصادي من خلال الآليات التي أخذت تستخدمها في تنفيذ وظائفها ومهامها، والتي تساعد على سهولة تبادل الأموال والمنافع والخدمات المتوفرة في المجتمع وعليه فإن نشاط مختلف الفعاليات الموجودة في المجتمع في أي بلد يعتمد حاليا بصورة كبيرة على آليات التبادل والادخار والاستثمار والتي يساهم النظام البنكي في تكوينها وتطويرها وتحسينها، ونجاح عمل المؤسسات البنكية في تنفيذ وظائفها وأعمالها يعتمد بشكل رئيسي على التنظيم المحاسبي للعمليات البنكية ومن هنا سنتطرق إلى ماهية البنوك بصفة عامة والبنوك التجارية بصفة خاصة.

المبحث الأول: ماهية البنوك.
يوجد في كل بلد من البلدان مجموعة من المؤسسات التي تتكفل بحفظ النقود وجمع موارد المجتمع من الأموال، وسد حاجات اقتصاد البلاد إلى مختلف أنواع الائتمان المتفاوتة الآجال وإنشاء وسائط الدفع المتداول بين الناس ومن إلى ذلك، وكمثال عن هذه المؤسسات بيوت قبول وخصم الكمبيالات، شركات التأمين، صناديق التأمين الادخار والتوفير، المعاشات وبيوت توظيف الأسهم والسندات وما إلى ذلك.
المطلب الأول: تعريف البنوك ونشأتها.
الفرع الأول: تعريف البنوك.
البنك يعني المؤسسة المالية التي تتعاطى الاقتراض والإقراض، وبذلك فالبنك يقبل الأموال من الذين لهم أموال فائضة عن حاجتهم وبذلك يكون مدينا لهم بقيمتها ويعيد تقديمها لآخرين يحتاجونها لكي يستفيدوا منها وبذلك يكون دائنا لهؤلاء الآخرين بقيمتها، وبعبارة أخرى فإن الأموال التي يقرضها البنك هي أموال الناس الذين أودعوها لديه أي ديون الناس بذمته وهو عند إعادة تقديم هذه الأموال للآخرين يكون قد تاجر بها لا بملكه أي تاجر بها هو مدين به وهكذا فإن البنك في الحقيقة يتاجر بالديون. البنك إذن باختصار يستلم ويسلم الأموال يستفيد من ذلك طبعا.
ونجمل القول أن البنك هو منشأة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع النقود الفائضة عن حاجة الجمهور أو المنشآت الأعمال أو الدولة لغرض إقراضها لآخرين وفق أسس معينة أو استثمارها في أوراق مالية محددة.


الفرع الثاني: نشأتها.
لقد نشأت البنوك وتطورت عبر التاريخ فالبدايات الأولى للعمليات المصرفية ترتقي إلى عهد بابل (العراق القديم بلاد ما بين النهرين) في الألف الرابع قبل الميلاد، أما الإغريق فقد عرفوا قبل الميلاد بأربعة قرون بداية العمليات التي تزاولها البنوك المعاصرة كتبادل العملات وحفظ الودائع ومنح القروض. أما فكرة الاتجار بالنقود فقد بدأت في العصور الوسطى بفكرة الصراف الذي يكتسب دخله من مبادلة العملات سواء عملات أجنبية أو محلية.
أما البنوك في شكلها الحالي فقد ظهرت في الفترة الأخيرة من القرون الوسطى القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر على إثر الحروب الصليبية فقد كانت تلك الحروب تستلزم نفقات طائلة لغرض تجهيز الجيوش كما أن العائدين منها من المحاربين قد جلبوا معهم خيرات كثيرة سواء عن طريق النهب أو الشراء، وترتب على كل نشاط تكدس في الثروات ونمو متزايد للفعاليات المصرفية وشاعت فكرة قبول الودائع والشهادات الإيداع وانبثق منها الشيك والنقود الورقية بشكله الحديث.
لم يكتف الصيارفة بمجرد قبول الودائع فقد عملوا على استثمار الودائع وحققوا من وراء ذلك أرباح طائلة، لم تقف ممارسات الصيارفة عند هذا الحد فقد أخذوا يسمحون لعملائهم بسحب مبالغ تتجاوز أرصدة ودائعهم (هذا هو السحب على المكشوف) مما سبب إفلاس عدد من البيوت المصرفية نتيجة تعذر وفاء الديون الأمر الذي دفع المفكرين في أواخر القرن السادس عشر إلى المطالبة بإنشاء بيوت صرفة حكومية تقوم بحفظ الودائع، وهكذا تطورت الممارسة المالية من صراف إلى بيت صرفة إلى بنك، وأقدم بنك حمل هذا الاسم في التاريخ هو بنك برشلونة (1401) وكان يقبل الودائع ويخصم الكمبيالات أما أقدم بنك حكومي فقد تأسس في البندقية فينسيا عام 1587، وجاء بعده بنك أمستردام عام 1609 الذي أنشأته بلدية أمستردام لكي ترعى حسن تسييره وتضمن ودائعه، وعلى إثر الاكتشافات الجغرافية الكبرى بدأ مركز ثقل التجارة ينتقل ابتداء من القرن السادس عشر من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي وقد شهد الساحل الأوربي المطل على المحيط الأطلسي ارتفاع شأن إسبانيا والبرتغال ثم هولندا وإنجلترا وفرنسا وقد ازدهرت الأعمال المصرفية في هذه الدول نتيجة تدفق الخيرات والمعادن النفيسة في القرن السادس عشر والسابع عشر ومنذ بداية القرن الثامن عشر زاد عدد البنوك في أوربا وقد زادت وظائف البنك فبالإضافة إلى الخصم فقد توسعت إلى الإقراض والتسهيلات الائتمانية وخلق النقود.
ومعنى خلق النقود هو إمكان البنك إحلال تعهد بالدفع محل النقود الفعلية فيما يمنحه من قروض وبذلك يخلق البنك وسائل دفع تقوم مقام النقود وهي في شكل كتابي مثل الشيك يقبله الآخرون في التعاملات) وبمجيء الثورة الصناعية ودخول في عصر الإنتاج الكبير القائم على تقسيم العمل أخذت البنوك تتوسع في القرن التاسع عشر وتأخذ شكل مساهمة واعتبارا من النصف الثاني من ذلك القرن ازداد عدد البنوك المتخصصة في الإقراض متوسط وطويل الأجل.
وفي أواخر القرن التاسع عشر مع بلوغ الرأسمالية مرحلتها الاحتكارية بدأت حركة التركز للبنوك (Concentration) بواسطة الإدماج (Fusion) أو بطريقة الشركة القابضة (Holding) (أي شراء معظم أسهم الشركات الأخرى)، واتسع نطاق حركة التركز بعد الحرب العالمية الأولى في معظم البلدان الرأسمالية واصطحب ذلك زيادة تدخل الدولة في تنظيم أعمال البنوك فقصرت حق إصدار الأوراق النقدية –البنكنوت- على البنوك معينة عرفت بالبنوك المركزية في حين ظلت البنوك التجارية متخصصة في تمويل العمليات التجارية وخاصة خلق النقود والودائع.
والبنوك المركزية تأخر ظهورها نسبيا السويد 1668، انجلترا 1694، فرنسا 1800، وقد تضمن نشاطها في البداية إصدار النقود إلى أجانب البنوك الأخرى وتولي الأعمال المصرفية الحكومية جنبا إلى جنبا مع الأعمال المصرفية العادية وفي القرن 19 انفردت وحدها بإصدار النقود وبدأت تباشر وظيفتها في الرقابة على الائتمان وفي القرن 20 استقرت وظيفتها كبنك للبنوك وهكذا نشأت البنوك بفعل الحاجة لتسهيل المعاملات (على أساس الأجل والثقة) وهكذا واكبت نشوء الرأسمالية وساهمت كثيرا في تطورها من رأسمالية صناعية إلى رأسمالية مالية احتكارية بل واستمرت أيضا في عهد الاشتراكية ولكن هذه المرة بقصد خدمة وفائدة المجتمع بأسره.
وقد رأينا مما سبق من سرد مختصر تاريخ البنوك كيف أنها ورثت فعاليات (التاجر الذي يقبل الودائع أو الصائغ الذي يقبل الودائع المعدنية) أو (الصرفي الذي يبادل العملات والمرابي الذي يقرض الغير بالربا) ثم أضافت لكل تلك الفعاليات خدمت أخرى.
المطلب الثاني: أنواع البنوك.
بتطور الاقتصاد العالمي والتغيرات التي وقعت من النواحي المالية والاقتصادية والسياسية أصبح تنظيم عمل البنوك له أهمية كبيرة في كل بلد في العصر الحالي لهذا نجد أنواع عديدة من البنوك تختلف اختلافا ملحوظا فيما بينها تبعا لنوع الوظائف التي تؤديها وطبيعة العمليات التي تتوفر عليها بالإضافة إلى تخصص في تقديم نوع معين من ميادين النشاط الاقتصادي كبنوك الأعمال وبنوك الائتمان العقاري وبنوك التسليف الزراعي ، ويمكن تقسيم البنوك إلى أربعة أنواع:

أولا: البنوك التجارية.
وعملياتها أي إقراضها الأموال للغير في الغالب قصيرة الأجل ومعظمها تخدم قطاع التجارة وهي تعتمد أساسا على ودائع المودعين فهي عبارة مؤسسات ائتمانية غير متخصصة تضطلع أساسا يتبقي ودائع الأفراد القابلة للسحب لدى الطلب من المؤسسات الائتمانية وإنما ذهب التطور المصرفي في الكثير من البلدان إلى اضطلاع البنوك التجارية أيضا بكثير من وجوه النشاط التي تتوفر عليها بنوك الأعمال، كتزويد الباعة والهيئات العامة بالائتمان كطويل الأجل اللازم لتمويل رؤوس الأموال الثابتة أو توسيعها وشراء السندات الحكومية وغير الحكومية.
ثانيا: بنوك الاستثمار أو بنوك الائتمان المتوسط والطويل الأجل.
وعملياتها موجهة لمن يسعى لتكوين أو تجديد رأس المال الثابت (مصنع، عقار، أرض صالحة للزراعة...الخ) لذا فهي تحتاج لأموال غي قابلة للطلب متى شاء المودع أي أنها تعتمد في لإقراضها للغير على رأسها بالدرجة الأولى (الذي يقترض فيه أن يكون كبير نسبيا).
وعلى الودائع لأجل (أي ودائع مرتبطة بتاريخ، أي غير مستحقة الأداء عند مجرد الطلب) وعلى الاقتراض من الغير لفترة محددة بتاريخ أي السندات وهي تشبه تماما، الودائع لأجل من حيث النتيجة إلا أن الفرق هو أن البنك هنا هو الذي يسعى للاقتراض وجلب الوديعة تحت إغراء منح فائدة، في حين إن الوديعة لأجل ياتي بها المودع من تلقاء نفسه طمعا في الفائدة منه في توظيف ماله.
وأخيرا تعتمد البنوك أيضا على المنح الحكومية وكل تلك الموارد تقدم ذكرها يجمعها جامع يتمثل في كونها غير مستحقة الطلب إلا بعد تواريخ معروفة مقدما.
ثالثا: منشآت الادخار أو التوفير.
وهي تختص بتجميع مدخرات الأفراد (صغار المدخرين بالدرجة الأولى) التي تكون في الغالب مستحقة عند الطلب A Vue وتأخذ شكل دفتر ادخار وقد تكون تلك المدخرات بأجل A terme (أي مرتبط سحبها بتاريخ).
وعندئذ تأخذ شكل أذونات أو سندات، ماذا تفعل منشآت الادخار تلك الودائع؟ تعيد تشغيلها بالإقراض لآجال مختلفة وكيفية عملها تتلخص بتحويل المدخرات الجارية أي السيولة، النقد الجاهز إلى قروض متوسطة وطويلة الأجل وهذه الحالة خاصة لمنشأة مالية تتعامل بودائع حين الطلب ويفسرها وجود ضمان من الدولة السيولة المنشأة أي ضمان توفر النقد دائما لتلبية طلبات سحب من قبل المدخرين.
رابعا: بنوك الأعمال.
وهي بنوك ذات طبيعة خاصة (ليس لها جمهور داخل وخارج) تقتصر عملياتها على المساهمة في تمويل وإدارة المنشآت الأخرى عن طريق إقراضها أو الإشراك في رأسمالها، أو الاستحواذ عليها إما تعمل إذن في سوق رأس المال في حين تتعامل البنوك الأخرى في السوق النقد أساسا.
إن البنوك بائتمانها لقطاع الخدمات تؤدي هي أيضا وظيفة اقتصادية وتلعب دور الوسيط بين المدخرين والمستثمرين أن البنك هو منشأة تقبل الودائع من الأفراد والهيآت تحت الطلب أو الأجل ثم تستخدم في منح القروض بسعر فائدة معين وتقيد إقراضه بسعر أعلى منه ليكون الفرق هو الربح المحصل عليه.

المطلب الثالث: مفهوم الخدمات البنكية وأنواعها.
إن الخدمات البنكية تصنف في قائمة المنتجات غير الملموسة، فتسلم خدمة الزبون مثلا فتح حساب جديد، يختلف عن تقديم سلعة بعد تغليفها، حيث يدور الموضوع عند فتح الحساب حول المعاملة، شروطها، المحيط الذي يوجد فيه الزبون، السرعة والدقة في العمل.
الفرع الأول: مفهوم الخدمات البنكية.
عندما يقرر أحد العملاء شراء خدمة بنكية معينة، فإن الدفع الأساسي لشراء هذه الخدمة هو ما سوف تحققه له منافع، فيجب النظر إلى الخدمة من مفهوم أو زاوية المنافع أو الإشباعات التي يتوقع العميل الحصول عليها وما يمكن أن تقدمه له، أي أن البنك يقوم ببيع المنافع وحول المشاكل للعملاء، ونسوق هنا بعض الأمثلة لتوضيح هذا المفهوم الأكثر، فمثلا عند قيام البنك بتقديم خدمة دفتر الشيكات، فإن المنافع المترتبة على دفتر الشيكات تتمثل في أنه وسيلة سهلة للاحتفاظ بسجل كامل لكافة المعاملات التي يقوم العميل بدفعها، كما أنه يوفر الوقت ولا يتطلب الأمر حمل النقود وبالتالي حصول العميل على دفتر الشيكات يعني شراء مجموعة من المنافع تضمن حل مشكلة محددة لديه تتعلق بتحويل النقود أو الأموال (money transmission) وبنفس المنطق فإن دفع فواتير الكهرباء والهاتف بواسطة البنك تحقق للعميل منفعة محددة تتمثل في نظام من الخصم المباشر والفوري، وتحميل حساب العميل في الجانب المدين منه بقيمة تلك الفواتير الأمر الذي يوفر وقته وجهده، بالإضافة إلى ذلك فإن المنافع المترتبة على بطاقات الصرف الآلي هي عنصر الملائمة أو الراحة للعميل، إذ يمكنه إنجاز معاملات في أي وقت ومن أي مكان.
ويمكن النظر للخدمة البنكية من ثلاثة مستويات وهي:
1. الخدمة الأساسية: وتمثل جوهر المنفعة التي يسعى إليها العميل من شراء الخدمات بعبارة أخرى لماذا يقوم العميل بشراء هذه الخدمة؟ ويتعلق هذا الجانب بالمنافع أو الفوائد المترتبة بشراء الخدمة البنكية.
2. الخدمة الحقيقية: وتعني مجموعة الأبعاد الخاصة بجودة الخدمة.
3. الخدمة الإضافية: وتشير إلى خدمات المنافع الإضافية التي تشمل الخدمة والاهتمام الشخصي بالعميل الالتزام بمواعيد التسليم والضمان أو الكفالة، التعهد باستيراد ثمن الخدمة إذ لم يكن العميل راضيا..الخ، وتقدم هذه الجوانب مع الجانب الملموس من المنتج أكثر من الجانب غير الملموس.
الفرع الثاني: أنواع الخدمات التي تقدمها البنوك.
تتضمن الخدمات البنكية التي يقدمها البنك التجاري مايلي:
1- الخدمات الموجهة لقطاع الأفراد.
أ‌. التحويلات:
- شيكات عند الطلب وتحويلات سريعة بالتلكس بمختلف العملات.
- شيكات سياحية متوفرة بكل العملات الدولار الأمريكي، الجنيه الأسترالي، المارك الألماني، الفرنك الفرنسي والسويسري والأورو حاليا...الخ.
- بيع وشراء العملات الأجنبية نقدا.
- تقبل التعليمات والحوالات الواردة باسم العميل من البنوك المرسلة في الخارج.
ب‌. خدمات البطاقات:
- بطاقة الفيزا، أي ائتمان تستعمل في كافة أنحاء العالم.
- بطاقة البنك الآلي أي سحب نقدي وفوري، وللاستفسار عن الرصيد ولطلب كشف الحساب، ودفتر الشيكات جديد ولتحويل المبالغ...الخ.
- بطاقة البنك الآلي المميز التي تشمل كل الخدمات السابقة، بطاقة الفيزا والبنك الألي، إضافة إلى خدمة القرض الآلي الفوري.
- الودائع بالعملة المحلية والأجنبية.
ج. القروض الشخصية: متوفرة للعملاء من أصحاب الوظائف الثابتة بإمكانية الاقتراض وبفوائد منخفضة.
د. صناديق إيداع الأمانات: إيجار سنوي مقابل رسوم بسيطة.
ه. الحسابات:
- الحسابات الجارية بالعملات الأجنبية أو المحلية.
- حسابات التوفير بالعملات الأجنبية أو المحلية.
- حسابات تحت الطلب بالعملات الأجنبية أو المحلية.

2. الخدمات المقدمة للتجار والشركات:
أ. الاعتماد المستندي: وهو تعهد خطي صادر عن البنك للبائع المستفيد بالإيجار الدفع لغاية المبلغ المتفق عليه ومدة الزمنية والشروط المنصوص عليها ويوفر هذا الاعتماد الأمان والطمأنينة والراحة بالإضافة إلى دعم البنك لتمويل الصفقات التجارية.
ب. التحصيل المستندي: وهو طلب البائع إلى البنك القيام بتسليم مستندات شحن لمشتري عند القبول أو الدفع.
ج. خطابات الضمان: وهو تعهد خطي صادر عن البنك للمستفيد هنا من دفع مبالغ محددة عند المطالبة بها خلال فترة صلاحية الكفالة المتعلقة بإنجاز سيء معين وتتضمن خطابات الضمان مايلي:
- كفالات الإنجاز: هي تعهد خطي من البنك للمستفيد إذا فشل المتعهد في الوفاء بالتزاماته بموجي العقد.
- كفالات الدفع المقدم: هي تعهد خطي من البنك للمستفيد بإعادة دفع المبالغ التي دفعت مقدما، إذا فشل طالب الكفالة في الوفاء بالتزاماته بالتنفيذ بموجب العقد.
- كفالات الشحن: هي تعهد خطي من البنك لشركة شحن، بأن مستندات البضاعة سوف يتم تسليمها عند استلام المستندات.
- كفالات المركبات: هي تعهد بدفع مبلغ محدد من المال للمستفيد في حالة عدم قيام مقدم الكفالة بإعادة دفتر المرور الجمركي خلال مدة محددة.
-كفالات المناقصة: هي تعهد خطي من البنك نيابة عن مقدم المناقصة بالدفع للمستفيد في حالة عدم التوقيع على الاتفاق المتعلق بالمناقصة إذا ما قبلت.
المطلب الرابع: طبيعة عمل بنوك تخصصها وربحيتها.
الفرع الأول: طبيعة عمل البنوك.
يتضح مما سبق أن المصرف يتاجر بأموال الناس وهذا معناه أن أمواله هو ( أي رأسماله عن التأسيس+ الاحتياطي+ الأرباح المتراكمة) لا تمثل إلا جزء بسيطا من مجموع الأموال التي تتعامل بها إن هذا الجزء لا يتعامل به تقريبا لأنه استهلكه في أبنيته وأثاثه وموجوداته الثابتة ويترتب على المتاجرة بأموال الغير نتيجتين:
الأولى: الحرص، فالبنك مؤتمن على أموال الناس أي المودعين الذين وضعوا ثقتهم فيه وأودعوا أموالهم وهو حريص على تلك الأموال حرصا يمليه المنطق ( البنك يسعى ليكون على مستوى الثقة الممنوحة له) ويمليه القانون ( البنك ملتزم بإعادة الحق إلى أهله خاصة وإن هناك اتباتا خطيا لهذا الحق بالتوقيع والتاريخ هذا الحرص يتمثل في الضمانات التي يتطلبها المصرف عند إقراضه الأموال للآخرين فهو يسعى لضمان استعادة ما أقرضه لأن ما كان قد اقرضه إنما هو مال الناس الذي لا بد أن يطلبوه منه من البنك يوما ما.
الثانية: السيولة، فالبنك يتعامل بأموال الناس لدا فعليه أن يكون حاضر لطليات الناس ( أي المودعين) إذ طلبوا سحب ما يرغبونه من ودائعهم وهذا يفسر مبدأ وجوب توفر السيولة الكافية ( أي المال النقدي الجاهز) لدب البنوك لمواجهة طلبات السحب الآتية من قبل الزبائن المودعين كل ذلك يصرح بالنسبة للبنوك التجارية ( أو تدعى أيضا مصارف الودائع أو مصارف الائتمان وهي أكثر أنواع المصارف انتشارا وتعاملا مع الجمهور وأقدمها تاريخيا وأكثر خدمات للزبون) فهذه البنوك التي هي حجر الأساس في النظام البنكي ملزمة بدفع جزء من مطلوباته حين الطلب ونقدا وبذلك فهي أكثر البنوك مخاطرة بعملياتها إذا أرادت إقراض المال للغير وهذا يجعلها متحفظة في ممارسة تلك العمليات وقد زاد هذا التحفظ بعد تدخل الدولة بالتشريع لكي تلزم البنوك بان تحافظ على جزء من أموالها بشكل سائل ضمانا لمصالحة المودعين بل وأكثر من ذلك فقد أصبحت ملزمة بحكم التشريع بأن تحتفظ لدى البنك بنسبة من أموالها تتناسب مع فعاليتها بشكل سائل كضمان إضافي لتوفر السيولة، هذا إذن طبيعة عمل البنك بمعناه العام.
الفرع الثاني: تخصص البنوك.
سبقت البنوك التجارية غيرها في المنشأة من الناحية التاريخية وتعود نسبتها تجارية إلى أنها كانت في البداية مختصة فعلا بتمويل التجارة عندما كان الطابع التجاري ساندا على اقتصاديات الأقطار المختلفة، والبنوك التجارية تختص بتمويل القروض قصيرة الأمد لحد سنة في الغالب الملائمة لطبيعة المعاملات التجارية.
ونتيجة للتطور الذي شهدته القطاعات الأخرى ( الزراعة، الصناعة، التشييد...) في الكثير من الأقطار، فقد برزت الحاجة إلى بنوك تتلاءم واحتياجات تلك القطاعات إلى الأموال، تأسيس مصانع، إنشاء سكة جديد، حفر قناة ملاحية، إحياء أرض زراعية...الخ، وكلما تتطلب مبالغ كثيرة يمتد صرفها على فترة طويلة نسبيا وقد تطلب الحال ظهور مصارف متخصصة زراعية وصناعية وعقارية لتمويل تلك الاحتياجات ولتحمل الفترة الطويلة لوفاء الدين بعدئذ، ومن مبررات التخصص الأخرى بالإضافة إلى نوع الحاجة للتمويل هو السعي لتقليل الخسائر، مخاطر الائتمان بفضل قصر اهتمام المصرف بقطاع بعينه وإمكان استخدام المختصين فيه بشكل أكفأ.
ومن أهم الدول التي تأخذ بمبدأ التخصص البنكي إنجلترا، فرنسا، وكذلك الدول الاشتراكية ولكثير من الدول النامية وفي دول أخرى وخاصة الولايات المتحدة وألمانيا لم يظهر التخصص بنفس الدرجة فقد توسعة المصارف التجارية التقليدية في تمويل القطاعات المستجدة إضافة لتمويل القطاع التجاري وتفسير ذلك أن إنجلترا التي ظهر فيها التخصص المصرفي كانت قد سبقت غيرها في الثورة الصناعية في حين أن دولا أخرى مثل ألمانيا وأمريكا خصوصا لحقت بالثورة وقتا متأخرا إلا أنها استفادت من منجزات الثورة الصناعية الإنجليزية ونتيجة لذلك برزت الحاجة في تلك الدول في الالتجاء بالبنوك التجارية للمشاركة في تمويل الشركات الصناعية لأن تلك الدول في الالتجاء للبنوك التجارية للمشاركة في تمويل الشركات الصناعية لأن تلك البنوك كانت هي الملجأ بما يتكدس فيما من أموال، ولهذا توسعت تلك البنوك كانت هي الملجأ بما يتكدس فيها من أموال، ولهذا توسعت تلك البنوك بفعاليتها لكي تشمل القطاعات الجديدة في حين كان لإنجلترا المتسع من الوقت لكي تنشا بها- بجانب البنوك التجارية- بنوك متخصصة. وعدم التخصص المصرفي له هو أيضا مناصروه من الحجج القوية لإسخاء هذا النظام للتقليل من المخاطر المصرفية عن طريق توزيعها على قطاعات متعددة وعدم حصرها في قطاع واحد. كما أن هذا النظام يسمح بالاستفادة من ودائع الجمهور في تمويل كل القطاعات الاقتصادية وعدم حصرها بالقطاع التجاري.
الفرع الثالث: ربحية البنوك.
البنك بصفة عامة هو منشأة تتعامل بالأموال أخذ وعطاء تهدف من وراء هذا العمل ربحا والربح هو الفرق بين الإيرادات والمصروفات ويمكن تناول ربحية البنوك بشرح مصادر إيراداتها ومجالات مصروفاتها وأخيرا صافي الأرباح واستعمالاتها.
أولا: مصادر الإيرادات وتتألف من:
1- دخل المصرف من الفوائد على حجم قروضه وعلى سعر الفائدة وحجم القروض يحدده حجم الطلب عليها أما سعر الفائدة على اقتراض عدم تقريره وتحديده من قبل الدولة فيخضع لعدة اعتبارات مدة القرض والقابلية والافتراضية للمصرف ودرجة المخاطرة الائتمانية ودرجة الضمان وحجم القرض ومركز المقترض والمنطقة الجغرافية والمنافسة...الخ.
2- الفوائد والأرباح الرأسمالية من الاستثمارات والمقصود بالاستثمارات هنا السندات.
3- أجور الخدمات المختلفة: خدمات الأمانة والوصاية والجباية وأجور خدمات الإبداع والسحب وأجو وعملات الإعتمادات التجارية وأجور وعملات التحويل الخارجي.
ثانيا: المصروفات والتكاليف تتألف من:
1. الفوائد المدفوعة على الودائع لأجل وعلى القروض الاقتراض من الغير.
2. الرواتب والأجور ومصروفات الضمان الاجتماعي ومزايا المهنة للعاملين.
3. المصروفات والتكاليف الأخرى: تشمل المصروفات عقارية والمصارف تغطي أهمية لأبنيتها لأنها تحب الظهور بمظهر السلامة المالية.
4. مصاريف التشغيل الأخرى كمصاريف التأمين ( ضد السرقة وخيانة الأمانة والأخطاء الحسابية) ومخصصات مجلس الإدارة والدعية والطباعة والوراقة.
5. المصاريف والخسائر الاستثنائية كالخسائر من القروض الميئوس منها والخسائر الناتجة عن تزوير الشيكات وعن بيع العقارات.
6. ضريبة الدخل وغالبا ما تدفع المصارف بسبب ارتفاع حجم أرباحها ضريبية فوق المشتريات المتوسطة أو حتى فوق المستويات العليا.
ثالثا: صافي الأرباح واستعمالاتها.
كيف نقيس صافي الربح للمصرف أو بعبارة أخرى ما هي مؤشرات الربحية لعمله؟ هناك ثلاث نسب مالية مهمة تعتبر من مؤشرات الربحية للمصارف التجارية وهي:
1. نسبة الأرباح بعد طرح ضريبة الدخل إلى رأس المال ( المدفوع زائد الاحتياطي) ودون إضافة احتياطات الديون المعدومة وخسائر السندات.
2. نسبة صافي الأرباح إلى مجموع الموجودات.
نسبة مجموع التكاليف إلى مجموع الموجودات.
3. رصد احتياطات لمواجهة الخسائر – خسائر القروض والاستثمارات ...الخ.
4. تدعيم رأس المال فكلما نمت عمليات المصرف كلما ازدادت الحاجة لتدعيم رأسماله المدفوع لمواجهة طلبات الاستقراض ولجذب الودائع وللحفاظ على الثقة المستمرة لدى العملاء.

المبحث الثاني: ماهية البنوك التجارية.
يعتبر البنك التجاري نوع من أنواع المؤسسات المالية التي يتركز نشاطها في قبول الودائع ومنح الائتمان ومن هنا فان البنك التجاري يعتبر وسيطا بين من يملكون فائض في الأحوال ومن يحتاجونها وسنحاول أن نقدم في هذا المبحث عرضا مختصرا عن البنوك التجارية نشأتها ومفهومها.
المطلب الأول: نشأة البنوك التجارية.
الفرع الأول: نشأة البنوك التجارية.
يعتبر البنك من أهم قطاعات النشاط الاقتصادي، فقد عرف عدة تطورات اقتصادية قديما حيث لعبت دورا هاما في ظهور عدة متغيرات جديدة آنذاك وكان وكان الصيارفة والصياغ أول من ظهر على وجه هذه المتغيرات، فقد اعتبروا النواة الأولى لميلاد البنوك التجارية حيث كان هؤلاء يقبلون الاحتفاظ بأموال التجار ورجال الأعمال، وأصحاب النقود كودائع لحفظها من الضياع والسرقة مقابل إيصالات، وقام هؤلاء الصيارفة والصياغ تدريجيا بتحويل الودائع من حساب مودع إلى حساب مودع أخر سداد للمعاملات التجارية وكان قيد التحويل يتم في حضور كل من الدائن والمدين.
ومنذ القرن الرابع عشر سمح الصياغ والتجار لبعض عملائهم بالسحب على المكشوف وهذا يعني سحب مبالغ تتجاوز أرصدتهم الدائمة وقد أدى ذلك إلى إفلاس عدد من هذه المؤسسات وقد دفع ذلك عدد من المفكرين في الربيع الأخير من القرن السادس عشر إلى المطالبة بإنشاء أول بنك حكومي في البندقية باسم "بنك بيازايالتو"، وفي عام 1960، أنشء بنك أمستردام وكان عرضه الأساسي حفظ الودائع وتحويلها عند الطلب من حساب مودع إلى حساب مودع أخر والتعامل في العملات وإجراء المقاصة بين السحوبات التجارية.
ولانتشار هذه التعاملات وتفاعلها مع التطورات الاقتصادية، لاحظ الصيارفة أن الذهب أو الأموال المودعة لديهم زادت في التراكم، وذلك لان المودعين اعتمدوا على التعامل بالإيصالات في حين اكتنزوا الذهب وباقي المعادن النفيسة، وهذا ما دفعهم للتفكير في استثمارها كليا أو جزئيا مقابل فائدة.
ومنذ بداية القرن الثامن عشر اخذ عدد البنوك يزداد تدريجيا وكانت غالبيتها مؤسسات يمتلكها أفراد وعائلات وكانت القوانين تقضي بحماية المودعين بحيث يمكن لرجوع إلى الأموال الخاصة بأصحاب هذه البنوك في حالة إفلاسها، تلك القوانين وتعديلها أدت إلى إنشاء بنوك بشكل شركات مساهمة ويرجع الفضل في ذلك إلى انتشار أثار الثورة الصناعية في دول أوروبا مما أدى إلى نمو الشركات وكبر حجمها واتساع نشاطها وبرزت الحاجة إلى بنوك كبيرة الحجم تستطيع القيام بتمويل هذه الشركات وقد تم تأسيس عدد من هذه البنوك التي اتسعت أعمالها حتى أقامت لها فروعا في كل مكان، وكان لها اثر كبير في استخدام الشيكات المصرفية في تسوية المعاملات.
الفرع الثاني: مفهوم البنوك التجارية.
يعرف البنك التجاري بصفة عامة على انه مؤسسة مالية تقوم بدور الوساطة بين الموجعين والمقترضين أي انه مكان التقاء عرض الأموال والطلب عليها وهناك عدة تعاريف للبنوك التجارية نذكر منها:
- التعريف الأول: عرف التشريع الفرنسي البنك التجاري على أنه تلك المؤسسة التي تقوم على سبيل الاحتراف بنقل الأموال من الجمهور على شكل ودائع وما في حكمها, ثم إعادة استخدام هذه الأموال لحسابها الخاص في عمليات الخصم والائتمان أو في العمليات المالية.
- التعريف الثاني: البنك التجاري هو المؤسسة التي تتعامل في الدين والائتمان، فبنك الودائع يحصل على الديون من الغير ويعطي مقالها وعود بالدفع تحت الطلب أو بعد أجال قصير، وهذا الائتمان الذي يقدمه يدخل ضمن أصوله لأنه يمثل له حقا له قبل الغير.
- التعريف الثالث: هي تلك البنوك التي رخص لها بتعاطي الأعمال المصرفية والتي تشمل تقديم خدمات مصرفية لاسيما قبول الودائع بأنواعها المختلفة ( تحت الطلب، توفير لأجل، وخاضعة لإشعار) واستعمالها مع الموارد الأخرى للبنك في الاستثمار كليا وجزئيا بالاقتراض أو بطريقة أخرى يسمح بها القانون.
- التعرف الرابع: البنوك التجارية هي مؤسسات مالية لها القدرة دون غيرها من المؤسسات المالية المصرفية الأخرى على التأثير في عرض النقد أو كمية وسائل الدفع من خلال إمكانياتها في خلق ائتمان مصرفي.
- التعريف الخامس: البنك التجاري هو المنشأة التي تقبل الودائع من الأفراد والهيئات تحت الكلب أو لأجل ثم تستخدم هذه الودائع في منح القروض والتسليفات.
ومن خلال التعاريف السابقة بيانها، يمكن تعريف البنك التجاري بأنه عبارة عن مؤسسة هدفها التجارة بالنقود التي تحصل عليها من الغير على شكل ودائع أو قروض وتعيد استخدامها في مجالات استثمارية متنوعة فهي إذن الوسيط بين رؤوس الأموال التي تبحث عن مجالات أو فرص الاستثمار وبين مجالات الاستثمار التي تسعى للحصول على أموالها.
ومن خلال هذا يمكن أن نميز عدة خصائص للبنوك التجارية نذكر منها:
1. تعتمد هذه البنوك على أموال ضخمة في تعاملاتها مقارنة مع رأس مالها.
2. كثرة المتعاملين مع هذه البنوك من أفرا ومؤسسات بسبب نوع الخدمات المقدمة من صكوك وحسابات تجارية ...الخ.
3. أنها أكثر أنواع البنوك مخاطرة في أداء نشاطها مما يجعلها تتحمل مسؤوليتها في إدارة الأموال.
4. نظرا لتعامل هذه البنوك بشكل كبير بالودائع تحت الطلب والقروض قصيرة الأجل فهي معرضة كثيرا لخطر السيولة.
المطلب الثاني: الخدمات التي يقدمها البنك التجاري وهيكله التنظيمي.
الفرع الأول: الخدمات التي يقدمها البنك التجاري.
- تقدم البنوك التجارية الآن العديد من الخدمات مقارنة بالمؤسسات المالية الأخرى وتتمثل هذه الخدمات في:
أ‌- جذب الودائع وتقديم القروض: تقدم البنوك التجارية أنواع مختلفة من الودائع مثل: ودائع تحت الطلب، والودائع لأجل والودائع الادخارية وغيرها لجذب مدخرات سواء من الأفراد أو منشآت الأعمال ( أوراق مالية ثانوية) كما تقدم القروض المختلفة إلى الوحدات الاقتصادية التي بحاجة إلى أموال من خلال شرائها للأسهم أو السندات ( أوراق مالية أولية).
ورغم أن خاصية جذب الودائع والإقراض تشترك فيها مؤسسات مالية أخرى مع البنوك التجارية مثل شركات التأمين وصناديق الاستثمار إلا أن البنك التجاري لديه القدرة على خلق الودائع من خلال إعادة اقتراض الودائع الأولية PRIMAIRY DEPASITS إلى المقترضين أو استثمارها في سندات حكومية أو أسهم.
ب- تقديم مجال للادخار: سواء للأفراد أو منشات الأعمال أو المنشآت الحكومية وذلك من خلال تقديم عوائد جذابة على الودائع أو الأوراق المالية والتي تمثل نسبة كبيرة من أصول هذه البنوك.
ج- تقديم وسائل للدفع أو لشراء السلع والخدمات مثل الودائع تحت الطلب أو الحسابات الجارية وتلعب البنوك التجارية دورا هاما في خدمات الدفع حيث تمر الأموال من خلالها بحرية عبر المناطق الجغرافية المختلفة والحدود السياسة، بالإضافة إلى أن الأفراد يفضلون دفع ما عليهم من التزامات واستحقاقات بطريقة مباشرة، كما أن النظام ككل يعتمد على ثقة الجمهور في قبول الشيكات كوسيلة الدفع.
د- تقديم خدمات مالية عالمية: وذلك من خلال دخول البنوك التجارية في التجارة والتمويل الدولي فالبنك التجاري يتضمن شركات مستوردة حتى يتم استيراد وتسويق المنتجات كما يمد البنك الشركات متعددة الجنسيات بالقروض وتقديم النصيحة والتحليل الفني للأسواق كما يقوم ببيع وشراء الأوراق المالية أو النقد الأجنبي لحساب العميل.
ه- تقديم الخدمات الاستثمارية: مثل الخدمات التي يقدمها بنك الاستثمار وهو التعهد بإصدار الأسهم وتصريفها للشركات المصدرة لها، أو شرائها ثم إعادة بيعها، بالإضافة إلى تقديم النصائح والمشورة بالنسبة للاستثمار في الأسواق، وكانت القوانين من قبل تمنع البنك التجاري من ممارسة هذه المهام وذلك بغرض تقليل المخاطر التي يتعرض لها البنك التجاري في حالة تعهده بإصدار أو بيع أوراق المالية وحدوث مشاكل في تصريفها.
بالإضافة إلى ذلك فإن البنوك التجارية تقدم أنواع أخرى مثل خصم الأوراق التجارية وشراء وبيع العملات والأوراق المالية لحساب العملاء أو للبنك ذاته، كما أنها تضمن مديونية الغير من خلال إصدار خطابات الضمان.
الفرع الثاني: الهيكل التنظيمي للبنوك التجارية.
ليس هناك شكل تنظيمي موحد للبنوك التجارية، وإنما يختلف هذا الشكل باختلاف مزيج الخدمات التي يقدمها البنك بالإضافة إلى أن حجم البنك يؤثر على شكل التنظيم الذي يتخذه، ويمكن تصور الهيكل التنظيمي لبنك تجاري من خلال تصور للإدارات التي يتضمنها وكذلك الوظائف التي يقوم بها كل قسم داخل هذه الإدارة وهو ما يوضحه الشكل (02) والذي يظهر في مجلس الإدارة على قمة الهيكل التنظيمي والملاك هم أصحاب الحق في اختبار أعضاء مجلس الغدارة كما أن من حقهم التصويت بالنسبة للموضوعات التي تؤثر على التنظيم ككل.
أما المدير التنفيذي فيفوض إليه السلطة من رئيس مجلس الإدارة لدى القضاء على عملية البنك التي تتم من خلال الإدارات المختلفة، وتتضمن كل إدارة عدد من الأقسام التي تتول مهام ووظائف هذه الإدارة وتتمثل الإدارات الرئيسية للبنك في أربعة إدارات وهي:
أ‌- إدارة القروض: ترتكز هذه الإدارة أساسا على تقديم الأنواع المختلفة من القروض وبالنسبة للبنوك كبيرة الحجم لا يكون هناك قسم واحد للقروض وإنما يكون هناك قسم لكل نوع من أنواع القروض مثل: قسم القروض للشركات الكبيرة وقسم القروض للمؤسسات المالية...الخ.
كما تتم تحليل طلبات القروض والائتمان من خلال متخصصين وذلك في أقسام خاصة وهي قسم تحليل طلبات الائتمان وقسم الكمبيالات الذي يتم فيه توقيع العميل على أقساط القرض والفائدة وأخيرا قسم الشؤون القانونية وهو المسئول عن رقابة عملية منح الائتمان والتأكد من إذعان البنك للتشريعات والقوانين.
ب‌- إدارة القروض: ومهمة هذه القروض هي الحصول على الأموال التي يستخدمها قسم القروض والائتمان في تقديم القروض، فمعظم الأموال التي يتم الحصول عليها من خلال نقسم الودائع بأنواعها المختلفة سواء جارية أو لأجل أو ادخارية، بالإضافة إلى قسم البنوك الأخرى المتعاملة مع البنك والتي يتم الحصول على الأموال فيه من خلال المقاصة بين الشيكات وتقديم الخدمات الاستثمارية لهذه البنوك، كما تشتمل هذه الإدارة على قسم الاستثمار الذي تختص بالإيجار في الأوراق المالية سواء طويلة أو قصيرة الأجل، وكذلك قسم التخطيط والتسويق والذي تقع عليه مهمة تسويق الخدمات المالية بالإضافة إلى تطوير هذه الخدمات أو تقديم خدمات جديدة من أجل النمو والتوسع في المستقبل وأخيرا قسم الرقابة والمحاسبة المالية والذي يتولى مراقبة السجلات المالية للبنك والتأكد من سلامة العمليات المحاسبية سواء بالنسبة للتدفق النقدي الداخل أو الخارج.
ج- إدارة العمليات: وتتولى هذه الإدارة شؤون البنك والتسهيلات المادية التي يملكها والتي يستخدمها في عملياته اليومية مثل قسم حفظ السجلات وإجراءات التسجيل الخاصة بكل من الإيداعات أو المسحوبات وكذلك القروض للعديد من الأنواع المختلفة للعملاء، بال؟إضافة إلى قسم الكمبيوتر أو نظم المعلومات، وكذلك قسم شؤون العاملين والذي يختص بحفظ سجلات العاملين وبرامج تدريبهم، كما تشتمل هذه الغدارة على قسم للصرافة سواء صرافة آلية أو بشرية، وكذلك قسم الأمن وذلك للحفاظ على أموال المودعين وممتلكات البنك وأخيرا قسم إدارة النقدية والذي يتولى إدارة الرصيد النقدي ومتطلبات السيولة اليومية سواء للأفراد أو منشآت الأعمال.
د- إدارة الأموال المؤتمن عليها لدى البنك: تتولى هذه الإدارة مهمة تقديم العديد من الخدمات الائتمانية سواء للأفراد أو منشات الأعمال بخلاف المهمة الرئيسية لإدارة القروض والائتمان وهي تقديم القروض بأنواعها المختلفة ومن أمثلة هذه الخدمات الأقسام التي تتولى إدارة أموال التقاعد سواء بالنسبة للعاملين بالبنك نفسه أو لأفراد أو منشآت الأعمال، وكذلك القسم الذي يتولى إدارة شؤون الأملاك العينية المملوكة للعملاء مثل: الأراضي والمباني، بالإضافة إلى القسم الخاص بتقديم خدمة الإيجار في الأوراق المالية لصالح العملاء وتقديم النصائح أو الخدمات التسويقية لهم.
وهكذا نرى أن البنوك التجارية من خلال العديد من الخدمات التي تقدمها والوظائف التي تؤديها أصبحت مجالا للإدارة، حيث يقع على عاتق المديرين الآن إدارة هذه الوظائف بكفاءة لأهمية هذا لإقطاع في الاقتصاد وتوسيع نشاطه عن ذي قبل.



المطلب الثالث: أهداف ووظائف البنوك التجارية.
الفرع الأول: أهداف البنوك التجارية.
يسعى أي بنك تجاري لتحقيق ثلاث أهداف رئيسية هي:
 تحقيق أقصى ربحية لتغطية ما يتحمله البنك من مخاطر.
 تجنب التعرض لنقص شديد في السيولة لما لذلك من تأثير على ثقة المودعين فيه.
 تحقيق أكبر قدر من الأمان للمودعين.
ويستمر التطرق شرح كل عنصر على حدي.
1. الربحية: يسعي البنك لتحقيق هدف زيادة قيمة ثروة مالكيه عن طريق تحقيق أرباح ملائمة أي لا تقل عن تلك التي تحققها المشاريع الأخرى التي تتعرض لنفس الدرجة من المخاطر، وتوزيعها عليهم بعد الاحتفاظ بجزء منها على شكل احتياطات إجبارية واختيارية ومخصصات متنوعة وأرباح غير معدة للتوزيع.
2. ولكي يحقق البنك هذه الأرباح فعليه أن يوظف الأموال التي حصل عليها من المصادر المختلفة وأن يخفض نفقاته لأن الأرباح هي الفرق بين الإيرادات الإجمالية والنفقات الإجمالية بحيث أن الإيرادات الإجمالية للبنك تتكون من نتائج عمليات الاقتراض والاستثمار التي يقوم بها البنك بالإضافة إلى الأرباح الرأسمالية التي تنتج عن ارتفاع القيمة السوقية لبعض أصوله، أما نفقات البنك فتتمثل في نفقات إدارية تشغيلية، والفوائد التي يدفعها الأفراد لديه بالإضافة إلى الخسائر الرأسمالية التي قد ينشأ عن انخفاض القيمة السوقية لبعض أصوله، والقروض التي يعجز عن استردادها، وتتركز المصلحة الاقتصادية في تحقيق أكبر فائض ممكن بين إيراداته الإجمالية ونفقاته المختلفة ويسعى البنك إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق تقليل نفقاته من ناحية وعن طريق تحقيق أكبر إيراد إجمالي ممكن من ناحية أخرى.
3. السيولة: تعرف السيولة النقدية في البنوك التجارية بأنها قدرة البنك على مواجهة الالتزامات المالية التي تتكون بشكل رئيسي من تلبية طلبات المودعين للسحب من الودائع، وتلبية طلبات الائتمان ومن هنا تعد السيولة النقدية وشبه نقدية وتوفيرها من الأهداف الأساسية للبنوك التجارية، حيث أن توفيرها بساعد البنك على تجنب الخسارة التي تحدث نتيجة اضطراره إلى تصفية بعض موجوداته غير السائلة، فإن مجرد إشاعة عنه عدم توفر سيولة كافية لدى البنك كفيلة بان تزعزع ثقة المودعين ودفعهم إلى سحب ودائعهم مما قد يعرض البنك للإفلاس.
4. الأمان: يتسم رأس مال البنك التجاري بالصغر مقارنة بصافي الأصول، وهذا يعني صفر هامش الأمان بالنسبة للمودعين، التي تعتبر أموالهم مقارنة بصافي الأصول، وهذا من أهم مصادر تمويل استثماراته، فالبنك يستطيع تحمل خسارة تفوق رأس ماله، لأن زيادتها عنه تؤدي إلى تغطيتها عن طريق اللجوء إلى أموال المودعين وعلى البنك تحقيق اكبر قدر من الأمان للمودعين على أساس رأس ماله الصغير، إلا أن ما ينبغي ملاحظته هو التعارض الواضع بين هذه الأهداف وهو ما يمثل المشكلة الأساسية في إدارة البنوك التجارية ويرجع هذا التعارض إلى تعارض أهداف كل من الإدارة والمودعين، فالإدارة تسعى إلى تحقيق أقصى عائد وهو ما قد يترك أثرا سلبيا على مستوى السيولة ودرجة الأمان أما المودعين فيأملون في أن يحتفظ البنك بقدر كبير من الأموال السائلة، وان يوجه موارده المالية إلى استثمارات تتسم بدرجة قليلة من المخاطرة وهو ما يترك أثرا عكسيا على الربحية.
5. لذا ينبغي على إدارة البنك أن تركز على تحقيق هدفها، المتمثل في تحقيق أقصى عائد، أما أهداف المودعين، والمتمثلة في السيولة والأمان فيمكن أن تتحقق من خلال التشريعات وتوجهات البنك المركزي.
الفرع الثاني: وظائف البنوك التجارية.
تقدم البنوك التجارية مجموعة من الخدمات المختلفة لزبائنها، وهذا من خلال قيامها بعدة وظائف منها النقدية وغير النقدية.
ويمكن تقسيم هذه الوظائف إلى تقليدية ( قديمة) وحديثة.
1.الوظائف التقليدية: يمكن إجمال هذا النوع من الوظائف التي يقدمها البنك التجاري في النواحي التالية:
 قبول الودائع والمدخرات من الأفراد والمؤسسات في شكل حسابات جارية أو ودائع لأجل.
 المساهمة في تمويل مشروعات التنمية، وذلك من خلال منح القروض والائتمان بصيغ مختلفة وبضمانات معينة، للحصول على عائد مناسب من هذه العملية.
 التعامل بالعملات الأجنبية بيعا وشراء، والشيكات السياحية والحوالات الداخلية منها والخارجية.
 تحصيل الشيكات المحلية عن طريق غرفة المقاصة وصرف الشيكات المسحوبة عليها.
 توظيف موارد البنك التجاري على شكل قروض ممنوحة للعملاء واستثمارات متعددة مع مراعاة أسس توظيف أموال البنك وهي الربحية والسيولة والأمان.
 خلق النقود.
 الوظائف الحديثة: نظرا لاتساع أعمال البنوك التجارية وزيادة نشاطها فقد تغيرت النظرة للبنك من مجرد مكان لتجميع الأموال وإقراضها إلى مؤسسة كبيرة تهدف إلى تأدية الخدمات البنكية للمجتمع وزيادة تمويل المشاريع التنموية في الدولة، فقد أدى ذلك إلى الازدهار الاقتصادي والحد من البطالة والعمل على وقف التضخم المالي ورفع مستوى المعيشة لدى الفرد وهذا كله أدى إلى ظهور وظائف حديثة للبنك التجاري سنلخصها فيما يلي:
 تقديم خدمات استشارية للعملاء فيما يتعلق بأعمالهم ومشاريعهم التنموية لنيل ثقتهم بالبنك.
 المساهمة في دعم وتمويل المشاريع التنموية التي تخدم المجتمع بالدرجة الأولى، والمشاريع السكنية بالدرجة الثانية.
 تحصيل الأوراق التجارية لصالح العملاء.
 شراء وبيع الأوراق التجارية وحفظها لصالح العملاء.
 شراء وبيع الشيكات والعملات الأجنبية وتحويل العملة للخارج.
 إصدار الشيكات السياحية وفتح الاعتمادات المستندية.
 إصدار خطابات الضمان وتقديم التمويل المتوسط وطويلة الأجل.
 تأجير الخزائن الحديدة وتقديم خدمات الكمبيوتر الحديثة والبطاقة الائتمانية.
 إدارة أعمال وممتلكات العملاء، وتسوية التزاماتهم الدورية كدفع فواتير الكهرباء والغاز ودفع الاشتراكات الدورية في الجرائد والمجلات.
 تسيير المصالح لغير المقيمين من تسديد المستحقات الضريبية والجمركية.

المطلب الرابع: آلية الرقابة في البنوك التجارية.
تتبع أهمية الرقابة من أهمية الدور الذي تلعبه في الحياة الاقتصادية، وتخدم هذه العملية عدة فئات نذكر منها: إدارة البنك، المودعين، الزبائن والسلطات النقدية المتمثلة في البنك المركزي، لأنها تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني، وهناك ثلاث أنواع من الرقابة على البنوك: الرقابة الداخلية، الرقابة الخارجية ورقابة البنك المركزي.
الفرع الأول: الرقابة الداخلية في البنوك التجارية.
هي الرقابة التي تتولى القيام بها أجهزة خاصة ضمن الهيكل التنظيمي للبنك، وتتجلى أهميتها من خلال فعالية طريقة أداء نظام الرقابة الداخلية ومقوماته.
- أساليب الرقابة الداخلية: تتم الرقابة الداخلية في البنوك التجارية بأساليب مختلفة نذكر مايلي:
- الجرد المادي المفاجئ لخزينة البنك وكذلك التحق من الموجودات الأخرى.
- التحقق من صحة السجلات والدفاتر المحاسبية.
- التحقق من كفاءة الجهاز الإداري ومدى تطبيق القرارات الصادرة عن الغدارة.
- الزيارات المفاجئة لمختلف المصالح وأقسام البنك والتأكد من السير الحسن للعمل.
يجب على جهاز الرقابة متابعة أداء هذه الأساليب بالاستمرار والعمل على اكتشاف الثغرات وتصحيح الانحرافات وقت حدوثها.

foufafaten
2011-12-09, 17:48
مقدمة الفصل:
تؤدي البنوك التجارية دورا هاما في النشاط الاقتصادي من خلال الآليات التي أخذت تستخدمها في تنفيذ وظائفها ومهامها، والتي تساعد على سهولة تبادل الأموال والمنافع والخدمات المتوفرة في المجتمع وعليه فإن نشاط مختلف الفعاليات الموجودة في المجتمع في أي بلد يعتمد حاليا بصورة كبيرة على آليات التبادل والادخار والاستثمار والتي يساهم النظام البنكي في تكوينها وتطويرها وتحسينها، ونجاح عمل المؤسسات البنكية في تنفيذ وظائفها وأعمالها يعتمد بشكل رئيسي على التنظيم المحاسبي للعمليات البنكية ومن هنا سنتطرق إلى ماهية البنوك بصفة عامة والبنوك التجارية بصفة خاصة.

المبحث الأول: ماهية البنوك.
يوجد في كل بلد من البلدان مجموعة من المؤسسات التي تتكفل بحفظ النقود وجمع موارد المجتمع من الأموال، وسد حاجات اقتصاد البلاد إلى مختلف أنواع الائتمان المتفاوتة الآجال وإنشاء وسائط الدفع المتداول بين الناس ومن إلى ذلك، وكمثال عن هذه المؤسسات بيوت قبول وخصم الكمبيالات، شركات التأمين، صناديق التأمين الادخار والتوفير، المعاشات وبيوت توظيف الأسهم والسندات وما إلى ذلك.
المطلب الأول: تعريف البنوك ونشأتها.
الفرع الأول: تعريف البنوك.
البنك يعني المؤسسة المالية التي تتعاطى الاقتراض والإقراض، وبذلك فالبنك يقبل الأموال من الذين لهم أموال فائضة عن حاجتهم وبذلك يكون مدينا لهم بقيمتها ويعيد تقديمها لآخرين يحتاجونها لكي يستفيدوا منها وبذلك يكون دائنا لهؤلاء الآخرين بقيمتها، وبعبارة أخرى فإن الأموال التي يقرضها البنك هي أموال الناس الذين أودعوها لديه أي ديون الناس بذمته وهو عند إعادة تقديم هذه الأموال للآخرين يكون قد تاجر بها لا بملكه أي تاجر بها هو مدين به وهكذا فإن البنك في الحقيقة يتاجر بالديون. البنك إذن باختصار يستلم ويسلم الأموال يستفيد من ذلك طبعا.
ونجمل القول أن البنك هو منشأة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع النقود الفائضة عن حاجة الجمهور أو المنشآت الأعمال أو الدولة لغرض إقراضها لآخرين وفق أسس معينة أو استثمارها في أوراق مالية محددة.


الفرع الثاني: نشأتها.
لقد نشأت البنوك وتطورت عبر التاريخ فالبدايات الأولى للعمليات المصرفية ترتقي إلى عهد بابل (العراق القديم بلاد ما بين النهرين) في الألف الرابع قبل الميلاد، أما الإغريق فقد عرفوا قبل الميلاد بأربعة قرون بداية العمليات التي تزاولها البنوك المعاصرة كتبادل العملات وحفظ الودائع ومنح القروض. أما فكرة الاتجار بالنقود فقد بدأت في العصور الوسطى بفكرة الصراف الذي يكتسب دخله من مبادلة العملات سواء عملات أجنبية أو محلية.
أما البنوك في شكلها الحالي فقد ظهرت في الفترة الأخيرة من القرون الوسطى القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر على إثر الحروب الصليبية فقد كانت تلك الحروب تستلزم نفقات طائلة لغرض تجهيز الجيوش كما أن العائدين منها من المحاربين قد جلبوا معهم خيرات كثيرة سواء عن طريق النهب أو الشراء، وترتب على كل نشاط تكدس في الثروات ونمو متزايد للفعاليات المصرفية وشاعت فكرة قبول الودائع والشهادات الإيداع وانبثق منها الشيك والنقود الورقية بشكله الحديث.
لم يكتف الصيارفة بمجرد قبول الودائع فقد عملوا على استثمار الودائع وحققوا من وراء ذلك أرباح طائلة، لم تقف ممارسات الصيارفة عند هذا الحد فقد أخذوا يسمحون لعملائهم بسحب مبالغ تتجاوز أرصدة ودائعهم (هذا هو السحب على المكشوف) مما سبب إفلاس عدد من البيوت المصرفية نتيجة تعذر وفاء الديون الأمر الذي دفع المفكرين في أواخر القرن السادس عشر إلى المطالبة بإنشاء بيوت صرفة حكومية تقوم بحفظ الودائع، وهكذا تطورت الممارسة المالية من صراف إلى بيت صرفة إلى بنك، وأقدم بنك حمل هذا الاسم في التاريخ هو بنك برشلونة (1401) وكان يقبل الودائع ويخصم الكمبيالات أما أقدم بنك حكومي فقد تأسس في البندقية فينسيا عام 1587، وجاء بعده بنك أمستردام عام 1609 الذي أنشأته بلدية أمستردام لكي ترعى حسن تسييره وتضمن ودائعه، وعلى إثر الاكتشافات الجغرافية الكبرى بدأ مركز ثقل التجارة ينتقل ابتداء من القرن السادس عشر من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي وقد شهد الساحل الأوربي المطل على المحيط الأطلسي ارتفاع شأن إسبانيا والبرتغال ثم هولندا وإنجلترا وفرنسا وقد ازدهرت الأعمال المصرفية في هذه الدول نتيجة تدفق الخيرات والمعادن النفيسة في القرن السادس عشر والسابع عشر ومنذ بداية القرن الثامن عشر زاد عدد البنوك في أوربا وقد زادت وظائف البنك فبالإضافة إلى الخصم فقد توسعت إلى الإقراض والتسهيلات الائتمانية وخلق النقود.
ومعنى خلق النقود هو إمكان البنك إحلال تعهد بالدفع محل النقود الفعلية فيما يمنحه من قروض وبذلك يخلق البنك وسائل دفع تقوم مقام النقود وهي في شكل كتابي مثل الشيك يقبله الآخرون في التعاملات) وبمجيء الثورة الصناعية ودخول في عصر الإنتاج الكبير القائم على تقسيم العمل أخذت البنوك تتوسع في القرن التاسع عشر وتأخذ شكل مساهمة واعتبارا من النصف الثاني من ذلك القرن ازداد عدد البنوك المتخصصة في الإقراض متوسط وطويل الأجل.
وفي أواخر القرن التاسع عشر مع بلوغ الرأسمالية مرحلتها الاحتكارية بدأت حركة التركز للبنوك (Concentration) بواسطة الإدماج (Fusion) أو بطريقة الشركة القابضة (Holding) (أي شراء معظم أسهم الشركات الأخرى)، واتسع نطاق حركة التركز بعد الحرب العالمية الأولى في معظم البلدان الرأسمالية واصطحب ذلك زيادة تدخل الدولة في تنظيم أعمال البنوك فقصرت حق إصدار الأوراق النقدية –البنكنوت- على البنوك معينة عرفت بالبنوك المركزية في حين ظلت البنوك التجارية متخصصة في تمويل العمليات التجارية وخاصة خلق النقود والودائع.
والبنوك المركزية تأخر ظهورها نسبيا السويد 1668، انجلترا 1694، فرنسا 1800، وقد تضمن نشاطها في البداية إصدار النقود إلى أجانب البنوك الأخرى وتولي الأعمال المصرفية الحكومية جنبا إلى جنبا مع الأعمال المصرفية العادية وفي القرن 19 انفردت وحدها بإصدار النقود وبدأت تباشر وظيفتها في الرقابة على الائتمان وفي القرن 20 استقرت وظيفتها كبنك للبنوك وهكذا نشأت البنوك بفعل الحاجة لتسهيل المعاملات (على أساس الأجل والثقة) وهكذا واكبت نشوء الرأسمالية وساهمت كثيرا في تطورها من رأسمالية صناعية إلى رأسمالية مالية احتكارية بل واستمرت أيضا في عهد الاشتراكية ولكن هذه المرة بقصد خدمة وفائدة المجتمع بأسره.
وقد رأينا مما سبق من سرد مختصر تاريخ البنوك كيف أنها ورثت فعاليات (التاجر الذي يقبل الودائع أو الصائغ الذي يقبل الودائع المعدنية) أو (الصرفي الذي يبادل العملات والمرابي الذي يقرض الغير بالربا) ثم أضافت لكل تلك الفعاليات خدمت أخرى.
المطلب الثاني: أنواع البنوك.
بتطور الاقتصاد العالمي والتغيرات التي وقعت من النواحي المالية والاقتصادية والسياسية أصبح تنظيم عمل البنوك له أهمية كبيرة في كل بلد في العصر الحالي لهذا نجد أنواع عديدة من البنوك تختلف اختلافا ملحوظا فيما بينها تبعا لنوع الوظائف التي تؤديها وطبيعة العمليات التي تتوفر عليها بالإضافة إلى تخصص في تقديم نوع معين من ميادين النشاط الاقتصادي كبنوك الأعمال وبنوك الائتمان العقاري وبنوك التسليف الزراعي ، ويمكن تقسيم البنوك إلى أربعة أنواع:

أولا: البنوك التجارية.
وعملياتها أي إقراضها الأموال للغير في الغالب قصيرة الأجل ومعظمها تخدم قطاع التجارة وهي تعتمد أساسا على ودائع المودعين فهي عبارة مؤسسات ائتمانية غير متخصصة تضطلع أساسا يتبقي ودائع الأفراد القابلة للسحب لدى الطلب من المؤسسات الائتمانية وإنما ذهب التطور المصرفي في الكثير من البلدان إلى اضطلاع البنوك التجارية أيضا بكثير من وجوه النشاط التي تتوفر عليها بنوك الأعمال، كتزويد الباعة والهيئات العامة بالائتمان كطويل الأجل اللازم لتمويل رؤوس الأموال الثابتة أو توسيعها وشراء السندات الحكومية وغير الحكومية.
ثانيا: بنوك الاستثمار أو بنوك الائتمان المتوسط والطويل الأجل.
وعملياتها موجهة لمن يسعى لتكوين أو تجديد رأس المال الثابت (مصنع، عقار، أرض صالحة للزراعة...الخ) لذا فهي تحتاج لأموال غي قابلة للطلب متى شاء المودع أي أنها تعتمد في لإقراضها للغير على رأسها بالدرجة الأولى (الذي يقترض فيه أن يكون كبير نسبيا).
وعلى الودائع لأجل (أي ودائع مرتبطة بتاريخ، أي غير مستحقة الأداء عند مجرد الطلب) وعلى الاقتراض من الغير لفترة محددة بتاريخ أي السندات وهي تشبه تماما، الودائع لأجل من حيث النتيجة إلا أن الفرق هو أن البنك هنا هو الذي يسعى للاقتراض وجلب الوديعة تحت إغراء منح فائدة، في حين إن الوديعة لأجل ياتي بها المودع من تلقاء نفسه طمعا في الفائدة منه في توظيف ماله.
وأخيرا تعتمد البنوك أيضا على المنح الحكومية وكل تلك الموارد تقدم ذكرها يجمعها جامع يتمثل في كونها غير مستحقة الطلب إلا بعد تواريخ معروفة مقدما.
ثالثا: منشآت الادخار أو التوفير.
وهي تختص بتجميع مدخرات الأفراد (صغار المدخرين بالدرجة الأولى) التي تكون في الغالب مستحقة عند الطلب A Vue وتأخذ شكل دفتر ادخار وقد تكون تلك المدخرات بأجل A terme (أي مرتبط سحبها بتاريخ).
وعندئذ تأخذ شكل أذونات أو سندات، ماذا تفعل منشآت الادخار تلك الودائع؟ تعيد تشغيلها بالإقراض لآجال مختلفة وكيفية عملها تتلخص بتحويل المدخرات الجارية أي السيولة، النقد الجاهز إلى قروض متوسطة وطويلة الأجل وهذه الحالة خاصة لمنشأة مالية تتعامل بودائع حين الطلب ويفسرها وجود ضمان من الدولة السيولة المنشأة أي ضمان توفر النقد دائما لتلبية طلبات سحب من قبل المدخرين.
رابعا: بنوك الأعمال.
وهي بنوك ذات طبيعة خاصة (ليس لها جمهور داخل وخارج) تقتصر عملياتها على المساهمة في تمويل وإدارة المنشآت الأخرى عن طريق إقراضها أو الإشراك في رأسمالها، أو الاستحواذ عليها إما تعمل إذن في سوق رأس المال في حين تتعامل البنوك الأخرى في السوق النقد أساسا.
إن البنوك بائتمانها لقطاع الخدمات تؤدي هي أيضا وظيفة اقتصادية وتلعب دور الوسيط بين المدخرين والمستثمرين أن البنك هو منشأة تقبل الودائع من الأفراد والهيآت تحت الطلب أو الأجل ثم تستخدم في منح القروض بسعر فائدة معين وتقيد إقراضه بسعر أعلى منه ليكون الفرق هو الربح المحصل عليه.

المطلب الثالث: مفهوم الخدمات البنكية وأنواعها.
إن الخدمات البنكية تصنف في قائمة المنتجات غير الملموسة، فتسلم خدمة الزبون مثلا فتح حساب جديد، يختلف عن تقديم سلعة بعد تغليفها، حيث يدور الموضوع عند فتح الحساب حول المعاملة، شروطها، المحيط الذي يوجد فيه الزبون، السرعة والدقة في العمل.
الفرع الأول: مفهوم الخدمات البنكية.
عندما يقرر أحد العملاء شراء خدمة بنكية معينة، فإن الدفع الأساسي لشراء هذه الخدمة هو ما سوف تحققه له منافع، فيجب النظر إلى الخدمة من مفهوم أو زاوية المنافع أو الإشباعات التي يتوقع العميل الحصول عليها وما يمكن أن تقدمه له، أي أن البنك يقوم ببيع المنافع وحول المشاكل للعملاء، ونسوق هنا بعض الأمثلة لتوضيح هذا المفهوم الأكثر، فمثلا عند قيام البنك بتقديم خدمة دفتر الشيكات، فإن المنافع المترتبة على دفتر الشيكات تتمثل في أنه وسيلة سهلة للاحتفاظ بسجل كامل لكافة المعاملات التي يقوم العميل بدفعها، كما أنه يوفر الوقت ولا يتطلب الأمر حمل النقود وبالتالي حصول العميل على دفتر الشيكات يعني شراء مجموعة من المنافع تضمن حل مشكلة محددة لديه تتعلق بتحويل النقود أو الأموال (money transmission) وبنفس المنطق فإن دفع فواتير الكهرباء والهاتف بواسطة البنك تحقق للعميل منفعة محددة تتمثل في نظام من الخصم المباشر والفوري، وتحميل حساب العميل في الجانب المدين منه بقيمة تلك الفواتير الأمر الذي يوفر وقته وجهده، بالإضافة إلى ذلك فإن المنافع المترتبة على بطاقات الصرف الآلي هي عنصر الملائمة أو الراحة للعميل، إذ يمكنه إنجاز معاملات في أي وقت ومن أي مكان.
ويمكن النظر للخدمة البنكية من ثلاثة مستويات وهي:
1. الخدمة الأساسية: وتمثل جوهر المنفعة التي يسعى إليها العميل من شراء الخدمات بعبارة أخرى لماذا يقوم العميل بشراء هذه الخدمة؟ ويتعلق هذا الجانب بالمنافع أو الفوائد المترتبة بشراء الخدمة البنكية.
2. الخدمة الحقيقية: وتعني مجموعة الأبعاد الخاصة بجودة الخدمة.
3. الخدمة الإضافية: وتشير إلى خدمات المنافع الإضافية التي تشمل الخدمة والاهتمام الشخصي بالعميل الالتزام بمواعيد التسليم والضمان أو الكفالة، التعهد باستيراد ثمن الخدمة إذ لم يكن العميل راضيا..الخ، وتقدم هذه الجوانب مع الجانب الملموس من المنتج أكثر من الجانب غير الملموس.
الفرع الثاني: أنواع الخدمات التي تقدمها البنوك.
تتضمن الخدمات البنكية التي يقدمها البنك التجاري مايلي:
1- الخدمات الموجهة لقطاع الأفراد.
أ‌. التحويلات:
- شيكات عند الطلب وتحويلات سريعة بالتلكس بمختلف العملات.
- شيكات سياحية متوفرة بكل العملات الدولار الأمريكي، الجنيه الأسترالي، المارك الألماني، الفرنك الفرنسي والسويسري والأورو حاليا...الخ.
- بيع وشراء العملات الأجنبية نقدا.
- تقبل التعليمات والحوالات الواردة باسم العميل من البنوك المرسلة في الخارج.
ب‌. خدمات البطاقات:
- بطاقة الفيزا، أي ائتمان تستعمل في كافة أنحاء العالم.
- بطاقة البنك الآلي أي سحب نقدي وفوري، وللاستفسار عن الرصيد ولطلب كشف الحساب، ودفتر الشيكات جديد ولتحويل المبالغ...الخ.
- بطاقة البنك الآلي المميز التي تشمل كل الخدمات السابقة، بطاقة الفيزا والبنك الألي، إضافة إلى خدمة القرض الآلي الفوري.
- الودائع بالعملة المحلية والأجنبية.
ج. القروض الشخصية: متوفرة للعملاء من أصحاب الوظائف الثابتة بإمكانية الاقتراض وبفوائد منخفضة.
د. صناديق إيداع الأمانات: إيجار سنوي مقابل رسوم بسيطة.
ه. الحسابات:
- الحسابات الجارية بالعملات الأجنبية أو المحلية.
- حسابات التوفير بالعملات الأجنبية أو المحلية.
- حسابات تحت الطلب بالعملات الأجنبية أو المحلية.

2. الخدمات المقدمة للتجار والشركات:
أ. الاعتماد المستندي: وهو تعهد خطي صادر عن البنك للبائع المستفيد بالإيجار الدفع لغاية المبلغ المتفق عليه ومدة الزمنية والشروط المنصوص عليها ويوفر هذا الاعتماد الأمان والطمأنينة والراحة بالإضافة إلى دعم البنك لتمويل الصفقات التجارية.
ب. التحصيل المستندي: وهو طلب البائع إلى البنك القيام بتسليم مستندات شحن لمشتري عند القبول أو الدفع.
ج. خطابات الضمان: وهو تعهد خطي صادر عن البنك للمستفيد هنا من دفع مبالغ محددة عند المطالبة بها خلال فترة صلاحية الكفالة المتعلقة بإنجاز سيء معين وتتضمن خطابات الضمان مايلي:
- كفالات الإنجاز: هي تعهد خطي من البنك للمستفيد إذا فشل المتعهد في الوفاء بالتزاماته بموجي العقد.
- كفالات الدفع المقدم: هي تعهد خطي من البنك للمستفيد بإعادة دفع المبالغ التي دفعت مقدما، إذا فشل طالب الكفالة في الوفاء بالتزاماته بالتنفيذ بموجب العقد.
- كفالات الشحن: هي تعهد خطي من البنك لشركة شحن، بأن مستندات البضاعة سوف يتم تسليمها عند استلام المستندات.
- كفالات المركبات: هي تعهد بدفع مبلغ محدد من المال للمستفيد في حالة عدم قيام مقدم الكفالة بإعادة دفتر المرور الجمركي خلال مدة محددة.
-كفالات المناقصة: هي تعهد خطي من البنك نيابة عن مقدم المناقصة بالدفع للمستفيد في حالة عدم التوقيع على الاتفاق المتعلق بالمناقصة إذا ما قبلت.
المطلب الرابع: طبيعة عمل بنوك تخصصها وربحيتها.
الفرع الأول: طبيعة عمل البنوك.
يتضح مما سبق أن المصرف يتاجر بأموال الناس وهذا معناه أن أمواله هو ( أي رأسماله عن التأسيس+ الاحتياطي+ الأرباح المتراكمة) لا تمثل إلا جزء بسيطا من مجموع الأموال التي تتعامل بها إن هذا الجزء لا يتعامل به تقريبا لأنه استهلكه في أبنيته وأثاثه وموجوداته الثابتة ويترتب على المتاجرة بأموال الغير نتيجتين:
الأولى: الحرص، فالبنك مؤتمن على أموال الناس أي المودعين الذين وضعوا ثقتهم فيه وأودعوا أموالهم وهو حريص على تلك الأموال حرصا يمليه المنطق ( البنك يسعى ليكون على مستوى الثقة الممنوحة له) ويمليه القانون ( البنك ملتزم بإعادة الحق إلى أهله خاصة وإن هناك اتباتا خطيا لهذا الحق بالتوقيع والتاريخ هذا الحرص يتمثل في الضمانات التي يتطلبها المصرف عند إقراضه الأموال للآخرين فهو يسعى لضمان استعادة ما أقرضه لأن ما كان قد اقرضه إنما هو مال الناس الذي لا بد أن يطلبوه منه من البنك يوما ما.
الثانية: السيولة، فالبنك يتعامل بأموال الناس لدا فعليه أن يكون حاضر لطليات الناس ( أي المودعين) إذ طلبوا سحب ما يرغبونه من ودائعهم وهذا يفسر مبدأ وجوب توفر السيولة الكافية ( أي المال النقدي الجاهز) لدب البنوك لمواجهة طلبات السحب الآتية من قبل الزبائن المودعين كل ذلك يصرح بالنسبة للبنوك التجارية ( أو تدعى أيضا مصارف الودائع أو مصارف الائتمان وهي أكثر أنواع المصارف انتشارا وتعاملا مع الجمهور وأقدمها تاريخيا وأكثر خدمات للزبون) فهذه البنوك التي هي حجر الأساس في النظام البنكي ملزمة بدفع جزء من مطلوباته حين الطلب ونقدا وبذلك فهي أكثر البنوك مخاطرة بعملياتها إذا أرادت إقراض المال للغير وهذا يجعلها متحفظة في ممارسة تلك العمليات وقد زاد هذا التحفظ بعد تدخل الدولة بالتشريع لكي تلزم البنوك بان تحافظ على جزء من أموالها بشكل سائل ضمانا لمصالحة المودعين بل وأكثر من ذلك فقد أصبحت ملزمة بحكم التشريع بأن تحتفظ لدى البنك بنسبة من أموالها تتناسب مع فعاليتها بشكل سائل كضمان إضافي لتوفر السيولة، هذا إذن طبيعة عمل البنك بمعناه العام.
الفرع الثاني: تخصص البنوك.
سبقت البنوك التجارية غيرها في المنشأة من الناحية التاريخية وتعود نسبتها تجارية إلى أنها كانت في البداية مختصة فعلا بتمويل التجارة عندما كان الطابع التجاري ساندا على اقتصاديات الأقطار المختلفة، والبنوك التجارية تختص بتمويل القروض قصيرة الأمد لحد سنة في الغالب الملائمة لطبيعة المعاملات التجارية.
ونتيجة للتطور الذي شهدته القطاعات الأخرى ( الزراعة، الصناعة، التشييد...) في الكثير من الأقطار، فقد برزت الحاجة إلى بنوك تتلاءم واحتياجات تلك القطاعات إلى الأموال، تأسيس مصانع، إنشاء سكة جديد، حفر قناة ملاحية، إحياء أرض زراعية...الخ، وكلما تتطلب مبالغ كثيرة يمتد صرفها على فترة طويلة نسبيا وقد تطلب الحال ظهور مصارف متخصصة زراعية وصناعية وعقارية لتمويل تلك الاحتياجات ولتحمل الفترة الطويلة لوفاء الدين بعدئذ، ومن مبررات التخصص الأخرى بالإضافة إلى نوع الحاجة للتمويل هو السعي لتقليل الخسائر، مخاطر الائتمان بفضل قصر اهتمام المصرف بقطاع بعينه وإمكان استخدام المختصين فيه بشكل أكفأ.
ومن أهم الدول التي تأخذ بمبدأ التخصص البنكي إنجلترا، فرنسا، وكذلك الدول الاشتراكية ولكثير من الدول النامية وفي دول أخرى وخاصة الولايات المتحدة وألمانيا لم يظهر التخصص بنفس الدرجة فقد توسعة المصارف التجارية التقليدية في تمويل القطاعات المستجدة إضافة لتمويل القطاع التجاري وتفسير ذلك أن إنجلترا التي ظهر فيها التخصص المصرفي كانت قد سبقت غيرها في الثورة الصناعية في حين أن دولا أخرى مثل ألمانيا وأمريكا خصوصا لحقت بالثورة وقتا متأخرا إلا أنها استفادت من منجزات الثورة الصناعية الإنجليزية ونتيجة لذلك برزت الحاجة في تلك الدول في الالتجاء بالبنوك التجارية للمشاركة في تمويل الشركات الصناعية لأن تلك الدول في الالتجاء للبنوك التجارية للمشاركة في تمويل الشركات الصناعية لأن تلك البنوك كانت هي الملجأ بما يتكدس فيما من أموال، ولهذا توسعت تلك البنوك كانت هي الملجأ بما يتكدس فيها من أموال، ولهذا توسعت تلك البنوك بفعاليتها لكي تشمل القطاعات الجديدة في حين كان لإنجلترا المتسع من الوقت لكي تنشا بها- بجانب البنوك التجارية- بنوك متخصصة. وعدم التخصص المصرفي له هو أيضا مناصروه من الحجج القوية لإسخاء هذا النظام للتقليل من المخاطر المصرفية عن طريق توزيعها على قطاعات متعددة وعدم حصرها في قطاع واحد. كما أن هذا النظام يسمح بالاستفادة من ودائع الجمهور في تمويل كل القطاعات الاقتصادية وعدم حصرها بالقطاع التجاري.
الفرع الثالث: ربحية البنوك.
البنك بصفة عامة هو منشأة تتعامل بالأموال أخذ وعطاء تهدف من وراء هذا العمل ربحا والربح هو الفرق بين الإيرادات والمصروفات ويمكن تناول ربحية البنوك بشرح مصادر إيراداتها ومجالات مصروفاتها وأخيرا صافي الأرباح واستعمالاتها.
أولا: مصادر الإيرادات وتتألف من:
1- دخل المصرف من الفوائد على حجم قروضه وعلى سعر الفائدة وحجم القروض يحدده حجم الطلب عليها أما سعر الفائدة على اقتراض عدم تقريره وتحديده من قبل الدولة فيخضع لعدة اعتبارات مدة القرض والقابلية والافتراضية للمصرف ودرجة المخاطرة الائتمانية ودرجة الضمان وحجم القرض ومركز المقترض والمنطقة الجغرافية والمنافسة...الخ.
2- الفوائد والأرباح الرأسمالية من الاستثمارات والمقصود بالاستثمارات هنا السندات.
3- أجور الخدمات المختلفة: خدمات الأمانة والوصاية والجباية وأجور خدمات الإبداع والسحب وأجو وعملات الإعتمادات التجارية وأجور وعملات التحويل الخارجي.
ثانيا: المصروفات والتكاليف تتألف من:
1. الفوائد المدفوعة على الودائع لأجل وعلى القروض الاقتراض من الغير.
2. الرواتب والأجور ومصروفات الضمان الاجتماعي ومزايا المهنة للعاملين.
3. المصروفات والتكاليف الأخرى: تشمل المصروفات عقارية والمصارف تغطي أهمية لأبنيتها لأنها تحب الظهور بمظهر السلامة المالية.
4. مصاريف التشغيل الأخرى كمصاريف التأمين ( ضد السرقة وخيانة الأمانة والأخطاء الحسابية) ومخصصات مجلس الإدارة والدعية والطباعة والوراقة.
5. المصاريف والخسائر الاستثنائية كالخسائر من القروض الميئوس منها والخسائر الناتجة عن تزوير الشيكات وعن بيع العقارات.
6. ضريبة الدخل وغالبا ما تدفع المصارف بسبب ارتفاع حجم أرباحها ضريبية فوق المشتريات المتوسطة أو حتى فوق المستويات العليا.
ثالثا: صافي الأرباح واستعمالاتها.
كيف نقيس صافي الربح للمصرف أو بعبارة أخرى ما هي مؤشرات الربحية لعمله؟ هناك ثلاث نسب مالية مهمة تعتبر من مؤشرات الربحية للمصارف التجارية وهي:
1. نسبة الأرباح بعد طرح ضريبة الدخل إلى رأس المال ( المدفوع زائد الاحتياطي) ودون إضافة احتياطات الديون المعدومة وخسائر السندات.
2. نسبة صافي الأرباح إلى مجموع الموجودات.
نسبة مجموع التكاليف إلى مجموع الموجودات.
3. رصد احتياطات لمواجهة الخسائر – خسائر القروض والاستثمارات ...الخ.
4. تدعيم رأس المال فكلما نمت عمليات المصرف كلما ازدادت الحاجة لتدعيم رأسماله المدفوع لمواجهة طلبات الاستقراض ولجذب الودائع وللحفاظ على الثقة المستمرة لدى العملاء.

المبحث الثاني: ماهية البنوك التجارية.
يعتبر البنك التجاري نوع من أنواع المؤسسات المالية التي يتركز نشاطها في قبول الودائع ومنح الائتمان ومن هنا فان البنك التجاري يعتبر وسيطا بين من يملكون فائض في الأحوال ومن يحتاجونها وسنحاول أن نقدم في هذا المبحث عرضا مختصرا عن البنوك التجارية نشأتها ومفهومها.
المطلب الأول: نشأة البنوك التجارية.
الفرع الأول: نشأة البنوك التجارية.
يعتبر البنك من أهم قطاعات النشاط الاقتصادي، فقد عرف عدة تطورات اقتصادية قديما حيث لعبت دورا هاما في ظهور عدة متغيرات جديدة آنذاك وكان وكان الصيارفة والصياغ أول من ظهر على وجه هذه المتغيرات، فقد اعتبروا النواة الأولى لميلاد البنوك التجارية حيث كان هؤلاء يقبلون الاحتفاظ بأموال التجار ورجال الأعمال، وأصحاب النقود كودائع لحفظها من الضياع والسرقة مقابل إيصالات، وقام هؤلاء الصيارفة والصياغ تدريجيا بتحويل الودائع من حساب مودع إلى حساب مودع أخر سداد للمعاملات التجارية وكان قيد التحويل يتم في حضور كل من الدائن والمدين.
ومنذ القرن الرابع عشر سمح الصياغ والتجار لبعض عملائهم بالسحب على المكشوف وهذا يعني سحب مبالغ تتجاوز أرصدتهم الدائمة وقد أدى ذلك إلى إفلاس عدد من هذه المؤسسات وقد دفع ذلك عدد من المفكرين في الربيع الأخير من القرن السادس عشر إلى المطالبة بإنشاء أول بنك حكومي في البندقية باسم "بنك بيازايالتو"، وفي عام 1960، أنشء بنك أمستردام وكان عرضه الأساسي حفظ الودائع وتحويلها عند الطلب من حساب مودع إلى حساب مودع أخر والتعامل في العملات وإجراء المقاصة بين السحوبات التجارية.
ولانتشار هذه التعاملات وتفاعلها مع التطورات الاقتصادية، لاحظ الصيارفة أن الذهب أو الأموال المودعة لديهم زادت في التراكم، وذلك لان المودعين اعتمدوا على التعامل بالإيصالات في حين اكتنزوا الذهب وباقي المعادن النفيسة، وهذا ما دفعهم للتفكير في استثمارها كليا أو جزئيا مقابل فائدة.
ومنذ بداية القرن الثامن عشر اخذ عدد البنوك يزداد تدريجيا وكانت غالبيتها مؤسسات يمتلكها أفراد وعائلات وكانت القوانين تقضي بحماية المودعين بحيث يمكن لرجوع إلى الأموال الخاصة بأصحاب هذه البنوك في حالة إفلاسها، تلك القوانين وتعديلها أدت إلى إنشاء بنوك بشكل شركات مساهمة ويرجع الفضل في ذلك إلى انتشار أثار الثورة الصناعية في دول أوروبا مما أدى إلى نمو الشركات وكبر حجمها واتساع نشاطها وبرزت الحاجة إلى بنوك كبيرة الحجم تستطيع القيام بتمويل هذه الشركات وقد تم تأسيس عدد من هذه البنوك التي اتسعت أعمالها حتى أقامت لها فروعا في كل مكان، وكان لها اثر كبير في استخدام الشيكات المصرفية في تسوية المعاملات.
الفرع الثاني: مفهوم البنوك التجارية.
يعرف البنك التجاري بصفة عامة على انه مؤسسة مالية تقوم بدور الوساطة بين الموجعين والمقترضين أي انه مكان التقاء عرض الأموال والطلب عليها وهناك عدة تعاريف للبنوك التجارية نذكر منها:
- التعريف الأول: عرف التشريع الفرنسي البنك التجاري على أنه تلك المؤسسة التي تقوم على سبيل الاحتراف بنقل الأموال من الجمهور على شكل ودائع وما في حكمها, ثم إعادة استخدام هذه الأموال لحسابها الخاص في عمليات الخصم والائتمان أو في العمليات المالية.
- التعريف الثاني: البنك التجاري هو المؤسسة التي تتعامل في الدين والائتمان، فبنك الودائع يحصل على الديون من الغير ويعطي مقالها وعود بالدفع تحت الطلب أو بعد أجال قصير، وهذا الائتمان الذي يقدمه يدخل ضمن أصوله لأنه يمثل له حقا له قبل الغير.
- التعريف الثالث: هي تلك البنوك التي رخص لها بتعاطي الأعمال المصرفية والتي تشمل تقديم خدمات مصرفية لاسيما قبول الودائع بأنواعها المختلفة ( تحت الطلب، توفير لأجل، وخاضعة لإشعار) واستعمالها مع الموارد الأخرى للبنك في الاستثمار كليا وجزئيا بالاقتراض أو بطريقة أخرى يسمح بها القانون.
- التعرف الرابع: البنوك التجارية هي مؤسسات مالية لها القدرة دون غيرها من المؤسسات المالية المصرفية الأخرى على التأثير في عرض النقد أو كمية وسائل الدفع من خلال إمكانياتها في خلق ائتمان مصرفي.
- التعريف الخامس: البنك التجاري هو المنشأة التي تقبل الودائع من الأفراد والهيئات تحت الكلب أو لأجل ثم تستخدم هذه الودائع في منح القروض والتسليفات.
ومن خلال التعاريف السابقة بيانها، يمكن تعريف البنك التجاري بأنه عبارة عن مؤسسة هدفها التجارة بالنقود التي تحصل عليها من الغير على شكل ودائع أو قروض وتعيد استخدامها في مجالات استثمارية متنوعة فهي إذن الوسيط بين رؤوس الأموال التي تبحث عن مجالات أو فرص الاستثمار وبين مجالات الاستثمار التي تسعى للحصول على أموالها.
ومن خلال هذا يمكن أن نميز عدة خصائص للبنوك التجارية نذكر منها:
1. تعتمد هذه البنوك على أموال ضخمة في تعاملاتها مقارنة مع رأس مالها.
2. كثرة المتعاملين مع هذه البنوك من أفرا ومؤسسات بسبب نوع الخدمات المقدمة من صكوك وحسابات تجارية ...الخ.
3. أنها أكثر أنواع البنوك مخاطرة في أداء نشاطها مما يجعلها تتحمل مسؤوليتها في إدارة الأموال.
4. نظرا لتعامل هذه البنوك بشكل كبير بالودائع تحت الطلب والقروض قصيرة الأجل فهي معرضة كثيرا لخطر السيولة.
المطلب الثاني: الخدمات التي يقدمها البنك التجاري وهيكله التنظيمي.
الفرع الأول: الخدمات التي يقدمها البنك التجاري.
- تقدم البنوك التجارية الآن العديد من الخدمات مقارنة بالمؤسسات المالية الأخرى وتتمثل هذه الخدمات في:
أ‌- جذب الودائع وتقديم القروض: تقدم البنوك التجارية أنواع مختلفة من الودائع مثل: ودائع تحت الطلب، والودائع لأجل والودائع الادخارية وغيرها لجذب مدخرات سواء من الأفراد أو منشآت الأعمال ( أوراق مالية ثانوية) كما تقدم القروض المختلفة إلى الوحدات الاقتصادية التي بحاجة إلى أموال من خلال شرائها للأسهم أو السندات ( أوراق مالية أولية).
ورغم أن خاصية جذب الودائع والإقراض تشترك فيها مؤسسات مالية أخرى مع البنوك التجارية مثل شركات التأمين وصناديق الاستثمار إلا أن البنك التجاري لديه القدرة على خلق الودائع من خلال إعادة اقتراض الودائع الأولية PRIMAIRY DEPASITS إلى المقترضين أو استثمارها في سندات حكومية أو أسهم.
ب- تقديم مجال للادخار: سواء للأفراد أو منشات الأعمال أو المنشآت الحكومية وذلك من خلال تقديم عوائد جذابة على الودائع أو الأوراق المالية والتي تمثل نسبة كبيرة من أصول هذه البنوك.
ج- تقديم وسائل للدفع أو لشراء السلع والخدمات مثل الودائع تحت الطلب أو الحسابات الجارية وتلعب البنوك التجارية دورا هاما في خدمات الدفع حيث تمر الأموال من خلالها بحرية عبر المناطق الجغرافية المختلفة والحدود السياسة، بالإضافة إلى أن الأفراد يفضلون دفع ما عليهم من التزامات واستحقاقات بطريقة مباشرة، كما أن النظام ككل يعتمد على ثقة الجمهور في قبول الشيكات كوسيلة الدفع.
د- تقديم خدمات مالية عالمية: وذلك من خلال دخول البنوك التجارية في التجارة والتمويل الدولي فالبنك التجاري يتضمن شركات مستوردة حتى يتم استيراد وتسويق المنتجات كما يمد البنك الشركات متعددة الجنسيات بالقروض وتقديم النصيحة والتحليل الفني للأسواق كما يقوم ببيع وشراء الأوراق المالية أو النقد الأجنبي لحساب العميل.
ه- تقديم الخدمات الاستثمارية: مثل الخدمات التي يقدمها بنك الاستثمار وهو التعهد بإصدار الأسهم وتصريفها للشركات المصدرة لها، أو شرائها ثم إعادة بيعها، بالإضافة إلى تقديم النصائح والمشورة بالنسبة للاستثمار في الأسواق، وكانت القوانين من قبل تمنع البنك التجاري من ممارسة هذه المهام وذلك بغرض تقليل المخاطر التي يتعرض لها البنك التجاري في حالة تعهده بإصدار أو بيع أوراق المالية وحدوث مشاكل في تصريفها.
بالإضافة إلى ذلك فإن البنوك التجارية تقدم أنواع أخرى مثل خصم الأوراق التجارية وشراء وبيع العملات والأوراق المالية لحساب العملاء أو للبنك ذاته، كما أنها تضمن مديونية الغير من خلال إصدار خطابات الضمان.
الفرع الثاني: الهيكل التنظيمي للبنوك التجارية.
ليس هناك شكل تنظيمي موحد للبنوك التجارية، وإنما يختلف هذا الشكل باختلاف مزيج الخدمات التي يقدمها البنك بالإضافة إلى أن حجم البنك يؤثر على شكل التنظيم الذي يتخذه، ويمكن تصور الهيكل التنظيمي لبنك تجاري من خلال تصور للإدارات التي يتضمنها وكذلك الوظائف التي يقوم بها كل قسم داخل هذه الإدارة وهو ما يوضحه الشكل (02) والذي يظهر في مجلس الإدارة على قمة الهيكل التنظيمي والملاك هم أصحاب الحق في اختبار أعضاء مجلس الغدارة كما أن من حقهم التصويت بالنسبة للموضوعات التي تؤثر على التنظيم ككل.
أما المدير التنفيذي فيفوض إليه السلطة من رئيس مجلس الإدارة لدى القضاء على عملية البنك التي تتم من خلال الإدارات المختلفة، وتتضمن كل إدارة عدد من الأقسام التي تتول مهام ووظائف هذه الإدارة وتتمثل الإدارات الرئيسية للبنك في أربعة إدارات وهي:
أ‌- إدارة القروض: ترتكز هذه الإدارة أساسا على تقديم الأنواع المختلفة من القروض وبالنسبة للبنوك كبيرة الحجم لا يكون هناك قسم واحد للقروض وإنما يكون هناك قسم لكل نوع من أنواع القروض مثل: قسم القروض للشركات الكبيرة وقسم القروض للمؤسسات المالية...الخ.
كما تتم تحليل طلبات القروض والائتمان من خلال متخصصين وذلك في أقسام خاصة وهي قسم تحليل طلبات الائتمان وقسم الكمبيالات الذي يتم فيه توقيع العميل على أقساط القرض والفائدة وأخيرا قسم الشؤون القانونية وهو المسئول عن رقابة عملية منح الائتمان والتأكد من إذعان البنك للتشريعات والقوانين.
ب‌- إدارة القروض: ومهمة هذه القروض هي الحصول على الأموال التي يستخدمها قسم القروض والائتمان في تقديم القروض، فمعظم الأموال التي يتم الحصول عليها من خلال نقسم الودائع بأنواعها المختلفة سواء جارية أو لأجل أو ادخارية، بالإضافة إلى قسم البنوك الأخرى المتعاملة مع البنك والتي يتم الحصول على الأموال فيه من خلال المقاصة بين الشيكات وتقديم الخدمات الاستثمارية لهذه البنوك، كما تشتمل هذه الإدارة على قسم الاستثمار الذي تختص بالإيجار في الأوراق المالية سواء طويلة أو قصيرة الأجل، وكذلك قسم التخطيط والتسويق والذي تقع عليه مهمة تسويق الخدمات المالية بالإضافة إلى تطوير هذه الخدمات أو تقديم خدمات جديدة من أجل النمو والتوسع في المستقبل وأخيرا قسم الرقابة والمحاسبة المالية والذي يتولى مراقبة السجلات المالية للبنك والتأكد من سلامة العمليات المحاسبية سواء بالنسبة للتدفق النقدي الداخل أو الخارج.
ج- إدارة العمليات: وتتولى هذه الإدارة شؤون البنك والتسهيلات المادية التي يملكها والتي يستخدمها في عملياته اليومية مثل قسم حفظ السجلات وإجراءات التسجيل الخاصة بكل من الإيداعات أو المسحوبات وكذلك القروض للعديد من الأنواع المختلفة للعملاء، بال؟إضافة إلى قسم الكمبيوتر أو نظم المعلومات، وكذلك قسم شؤون العاملين والذي يختص بحفظ سجلات العاملين وبرامج تدريبهم، كما تشتمل هذه الغدارة على قسم للصرافة سواء صرافة آلية أو بشرية، وكذلك قسم الأمن وذلك للحفاظ على أموال المودعين وممتلكات البنك وأخيرا قسم إدارة النقدية والذي يتولى إدارة الرصيد النقدي ومتطلبات السيولة اليومية سواء للأفراد أو منشآت الأعمال.
د- إدارة الأموال المؤتمن عليها لدى البنك: تتولى هذه الإدارة مهمة تقديم العديد من الخدمات الائتمانية سواء للأفراد أو منشات الأعمال بخلاف المهمة الرئيسية لإدارة القروض والائتمان وهي تقديم القروض بأنواعها المختلفة ومن أمثلة هذه الخدمات الأقسام التي تتولى إدارة أموال التقاعد سواء بالنسبة للعاملين بالبنك نفسه أو لأفراد أو منشآت الأعمال، وكذلك القسم الذي يتولى إدارة شؤون الأملاك العينية المملوكة للعملاء مثل: الأراضي والمباني، بالإضافة إلى القسم الخاص بتقديم خدمة الإيجار في الأوراق المالية لصالح العملاء وتقديم النصائح أو الخدمات التسويقية لهم.
وهكذا نرى أن البنوك التجارية من خلال العديد من الخدمات التي تقدمها والوظائف التي تؤديها أصبحت مجالا للإدارة، حيث يقع على عاتق المديرين الآن إدارة هذه الوظائف بكفاءة لأهمية هذا لإقطاع في الاقتصاد وتوسيع نشاطه عن ذي قبل.



المطلب الثالث: أهداف ووظائف البنوك التجارية.
الفرع الأول: أهداف البنوك التجارية.
يسعى أي بنك تجاري لتحقيق ثلاث أهداف رئيسية هي:
 تحقيق أقصى ربحية لتغطية ما يتحمله البنك من مخاطر.
 تجنب التعرض لنقص شديد في السيولة لما لذلك من تأثير على ثقة المودعين فيه.
 تحقيق أكبر قدر من الأمان للمودعين.
ويستمر التطرق شرح كل عنصر على حدي.
1. الربحية: يسعي البنك لتحقيق هدف زيادة قيمة ثروة مالكيه عن طريق تحقيق أرباح ملائمة أي لا تقل عن تلك التي تحققها المشاريع الأخرى التي تتعرض لنفس الدرجة من المخاطر، وتوزيعها عليهم بعد الاحتفاظ بجزء منها على شكل احتياطات إجبارية واختيارية ومخصصات متنوعة وأرباح غير معدة للتوزيع.
2. ولكي يحقق البنك هذه الأرباح فعليه أن يوظف الأموال التي حصل عليها من المصادر المختلفة وأن يخفض نفقاته لأن الأرباح هي الفرق بين الإيرادات الإجمالية والنفقات الإجمالية بحيث أن الإيرادات الإجمالية للبنك تتكون من نتائج عمليات الاقتراض والاستثمار التي يقوم بها البنك بالإضافة إلى الأرباح الرأسمالية التي تنتج عن ارتفاع القيمة السوقية لبعض أصوله، أما نفقات البنك فتتمثل في نفقات إدارية تشغيلية، والفوائد التي يدفعها الأفراد لديه بالإضافة إلى الخسائر الرأسمالية التي قد ينشأ عن انخفاض القيمة السوقية لبعض أصوله، والقروض التي يعجز عن استردادها، وتتركز المصلحة الاقتصادية في تحقيق أكبر فائض ممكن بين إيراداته الإجمالية ونفقاته المختلفة ويسعى البنك إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق تقليل نفقاته من ناحية وعن طريق تحقيق أكبر إيراد إجمالي ممكن من ناحية أخرى.
3. السيولة: تعرف السيولة النقدية في البنوك التجارية بأنها قدرة البنك على مواجهة الالتزامات المالية التي تتكون بشكل رئيسي من تلبية طلبات المودعين للسحب من الودائع، وتلبية طلبات الائتمان ومن هنا تعد السيولة النقدية وشبه نقدية وتوفيرها من الأهداف الأساسية للبنوك التجارية، حيث أن توفيرها بساعد البنك على تجنب الخسارة التي تحدث نتيجة اضطراره إلى تصفية بعض موجوداته غير السائلة، فإن مجرد إشاعة عنه عدم توفر سيولة كافية لدى البنك كفيلة بان تزعزع ثقة المودعين ودفعهم إلى سحب ودائعهم مما قد يعرض البنك للإفلاس.
4. الأمان: يتسم رأس مال البنك التجاري بالصغر مقارنة بصافي الأصول، وهذا يعني صفر هامش الأمان بالنسبة للمودعين، التي تعتبر أموالهم مقارنة بصافي الأصول، وهذا من أهم مصادر تمويل استثماراته، فالبنك يستطيع تحمل خسارة تفوق رأس ماله، لأن زيادتها عنه تؤدي إلى تغطيتها عن طريق اللجوء إلى أموال المودعين وعلى البنك تحقيق اكبر قدر من الأمان للمودعين على أساس رأس ماله الصغير، إلا أن ما ينبغي ملاحظته هو التعارض الواضع بين هذه الأهداف وهو ما يمثل المشكلة الأساسية في إدارة البنوك التجارية ويرجع هذا التعارض إلى تعارض أهداف كل من الإدارة والمودعين، فالإدارة تسعى إلى تحقيق أقصى عائد وهو ما قد يترك أثرا سلبيا على مستوى السيولة ودرجة الأمان أما المودعين فيأملون في أن يحتفظ البنك بقدر كبير من الأموال السائلة، وان يوجه موارده المالية إلى استثمارات تتسم بدرجة قليلة من المخاطرة وهو ما يترك أثرا عكسيا على الربحية.
5. لذا ينبغي على إدارة البنك أن تركز على تحقيق هدفها، المتمثل في تحقيق أقصى عائد، أما أهداف المودعين، والمتمثلة في السيولة والأمان فيمكن أن تتحقق من خلال التشريعات وتوجهات البنك المركزي.
الفرع الثاني: وظائف البنوك التجارية.
تقدم البنوك التجارية مجموعة من الخدمات المختلفة لزبائنها، وهذا من خلال قيامها بعدة وظائف منها النقدية وغير النقدية.
ويمكن تقسيم هذه الوظائف إلى تقليدية ( قديمة) وحديثة.
1.الوظائف التقليدية: يمكن إجمال هذا النوع من الوظائف التي يقدمها البنك التجاري في النواحي التالية:
 قبول الودائع والمدخرات من الأفراد والمؤسسات في شكل حسابات جارية أو ودائع لأجل.
 المساهمة في تمويل مشروعات التنمية، وذلك من خلال منح القروض والائتمان بصيغ مختلفة وبضمانات معينة، للحصول على عائد مناسب من هذه العملية.
 التعامل بالعملات الأجنبية بيعا وشراء، والشيكات السياحية والحوالات الداخلية منها والخارجية.
 تحصيل الشيكات المحلية عن طريق غرفة المقاصة وصرف الشيكات المسحوبة عليها.
 توظيف موارد البنك التجاري على شكل قروض ممنوحة للعملاء واستثمارات متعددة مع مراعاة أسس توظيف أموال البنك وهي الربحية والسيولة والأمان.
 خلق النقود.
 الوظائف الحديثة: نظرا لاتساع أعمال البنوك التجارية وزيادة نشاطها فقد تغيرت النظرة للبنك من مجرد مكان لتجميع الأموال وإقراضها إلى مؤسسة كبيرة تهدف إلى تأدية الخدمات البنكية للمجتمع وزيادة تمويل المشاريع التنموية في الدولة، فقد أدى ذلك إلى الازدهار الاقتصادي والحد من البطالة والعمل على وقف التضخم المالي ورفع مستوى المعيشة لدى الفرد وهذا كله أدى إلى ظهور وظائف حديثة للبنك التجاري سنلخصها فيما يلي:
 تقديم خدمات استشارية للعملاء فيما يتعلق بأعمالهم ومشاريعهم التنموية لنيل ثقتهم بالبنك.
 المساهمة في دعم وتمويل المشاريع التنموية التي تخدم المجتمع بالدرجة الأولى، والمشاريع السكنية بالدرجة الثانية.
 تحصيل الأوراق التجارية لصالح العملاء.
 شراء وبيع الأوراق التجارية وحفظها لصالح العملاء.
 شراء وبيع الشيكات والعملات الأجنبية وتحويل العملة للخارج.
 إصدار الشيكات السياحية وفتح الاعتمادات المستندية.
 إصدار خطابات الضمان وتقديم التمويل المتوسط وطويلة الأجل.
 تأجير الخزائن الحديدة وتقديم خدمات الكمبيوتر الحديثة والبطاقة الائتمانية.
 إدارة أعمال وممتلكات العملاء، وتسوية التزاماتهم الدورية كدفع فواتير الكهرباء والغاز ودفع الاشتراكات الدورية في الجرائد والمجلات.
 تسيير المصالح لغير المقيمين من تسديد المستحقات الضريبية والجمركية.

المطلب الرابع: آلية الرقابة في البنوك التجارية.
تتبع أهمية الرقابة من أهمية الدور الذي تلعبه في الحياة الاقتصادية، وتخدم هذه العملية عدة فئات نذكر منها: إدارة البنك، المودعين، الزبائن والسلطات النقدية المتمثلة في البنك المركزي، لأنها تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني، وهناك ثلاث أنواع من الرقابة على البنوك: الرقابة الداخلية، الرقابة الخارجية ورقابة البنك المركزي.
الفرع الأول: الرقابة الداخلية في البنوك التجارية.
هي الرقابة التي تتولى القيام بها أجهزة خاصة ضمن الهيكل التنظيمي للبنك، وتتجلى أهميتها من خلال فعالية طريقة أداء نظام الرقابة الداخلية ومقوماته.
- أساليب الرقابة الداخلية: تتم الرقابة الداخلية في البنوك التجارية بأساليب مختلفة نذكر مايلي:
- الجرد المادي المفاجئ لخزينة البنك وكذلك التحق من الموجودات الأخرى.
- التحقق من صحة السجلات والدفاتر المحاسبية.
- التحقق من كفاءة الجهاز الإداري ومدى تطبيق القرارات الصادرة عن الغدارة.
- الزيارات المفاجئة لمختلف المصالح وأقسام البنك والتأكد من السير الحسن للعمل.
يجب على جهاز الرقابة متابعة أداء هذه الأساليب بالاستمرار والعمل على اكتشاف الثغرات وتصحيح الانحرافات وقت حدوثها.

foufafaten
2011-12-09, 17:52
مقومات الرقابة الداخلية للبنك:
 من أهم ما يجب الالتزام به عند تطبيق الرقابة الداخلية في البنك ما يلي:
- أن يتم تغيير المشرفين على دفاتر الأستاذ ومصلحة الإعلام الآلي من وقت لأخر.
- أن لا يقترب موظفي الخزانة من حسابات الزبائن.
- الفصل التام بين موظفي دفاتر الأستاذ وموظفي دفاتر النقدية والمقاصة.
- مقارنة محتويات دفتر النقدية مع ما هو مسجل بدفتر الأستاذ.
- إعطاء الإجازة السنوية لكل موظف دفعة واحدة دون انقطاع، وتعويضه بموظف أخر مؤهل، وذلك لمقارنة أداء الموظف الأول مع الثاني.
الفرع الثاني: الرقابة الخارجية في البنوك التجارية.
تخضع البنوك التجارية لرقابة لجنة بنكية تضمن حسن تطبيق القوانين والأنظمة التي تخضع لها البنوك والمؤسسات المالية ومعاقبة المخالفات المثبتة.
1. اللجنة البنكية: تبحث اللجنة البنكية عند الاقتضاء المخالفات التي يرتكبها أشخاص غير مرخص لا يقومون بأعمال البنوك والمؤسسات المالية وتنزل بهم العقوبات التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون على أن لا يحول ذلك دون بقية الملاحقة المدنية والجزائية
تتألف اللجنة البنكية من المحافظ والنائب المحافظ الذي يحل محله كرئيس ومن الأعضاء الأربعة التالية:
- قاضيين ينتدبان من المحكمة العليا يقترحا الرئيس الأول لهذه المحكمة بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للقضاء.
- عضويين يتم اختيارهم نظرا لكفاءتهما في الشؤون المصرفية والمالية وخاصة المحاسبية يقترحها الوزير المكلف بالمالية.
يعين الأعضاء الأربعة لمدة 05 سنوات بمرسوم يصدر عن رئيس الحكومة ويمكن تجديد تعيينهم.
- تتخذ اللجنة قراراتها بالأغلبية وإذا تعادلت الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا.
أ‌- خطوات الرقابة الخارجية: يرتكز العمل الرئيسي للمدقق الخارجي للبنك على التأكد من أن الحسابات الختامية للبنك تعطي صورة صحيحة وعادلة عن المركز المالي، مرورا بالخطوات التالية:
- التحقق من تطبيق القوانين والأنظمة في حسابات البنك.
- التحقق من أن الميزانية تعبر بصدق عن المركز المالي للبنك في ختام السنة المالية.
- الإشراف على مختلف عمليات الجرد وإجراءاته وطريقة تقييم الأصول.
- مواجهة الأخطار المتوقعة بتخصيص مؤونات لقيم الأصول.
- التأكد من فعالية نظام الرقابة الداخلي وخطواته.
- التحقق من القوائم المالية ومدى تطبيقها مع معايير المحاسبة.

الفرع الثالث: رقابة البنك المركزي.
هي أكثر أنواع الرقابة على البنوك أهمية وشمولا، حيث يقوم جهاز الرقابة في البنك المركزي بزيارات ميدانية لمختلف البنوك من خلال بعض الأقسام وخاصة فيما يتعلق بتسهيلات الإقراض:
أ‌- الرقابة من خلال التفتيش المباشر: من خلالها يقوم البنك المركزي بتكليف موظف أو أكثر من موظفيه بفحص دفاتر وسجلات أي بنك، وعلى الموظفين بهذا البنك أن يقدموا كل التسهيلات لموظفي البنك المركزي فيما يخص الدفاتر والحسابات والوثائق المطلوبة، ولتسهيل أداء لجان التفتيش التابعة للبنك المركزي تقوم بزيارات مفاجئة للبنوك للفحص والتأكد من صحة إجراءاتها المحاسبية والمالية والبنكية، ومدى التقيد بالقوانين والأنظمة والتعليمات التي اقرها البنك المركزي، وتلتزم هذه اللجان بإعداد تقرير مفصل حول الوضعية المالية للبنك، وتقديمه إلى المسؤولين في البنك المركزي.
ب‌- الرقابة من خلال التقارير والكشوفات الدورية: تتم هذه الرقابة من خلال إرسال البنوك التجارية لتقارير دورية، قد تكون يومية أو شهرية أو فصلية وفي بعض الأحيان سنوية للبنك المركزي أو في مواعيد يحددها بنفسه، وتتضمن معلومات وأرقام إحصائية ومحاسبية تعكس الأوضاع المالية للبنك.
تعتبر هذه الطريقة فعالة في مراقبة البنوك، لأنها تزود البنك المركزي بمعلومات مستمرة تساعد في استخلاص بعض النسب والمؤشرات لكل بنك، وهناك نوعين من التقارير السنوية المرافقة للقوائم المالية في نهاية السنة المالية لأغراض الرقابة وتقييم أداء البنوك وهي:
- كشوف مرافقة خاصة بقائمة المركز المالي للبنك.
- كشوف مرافقة خاصة بقائمة الدخل للبنك.

خاتمة الفصل.
تزايد الاهتمام بموضوع الخدمات البنكية خلال العقود الثلاث الأخيرة نظرا للتغيرات والتطورات المستمرة في بيئة النشاط البنكي الديناميكية، الحاجات المالية والائتمانية للأفراد وتزايد حدة المنافسة السوقية وإدراك البنوك لأهمية دراسته وإشباع رغبات ومطالب العملاء، كعامل حاسم للبقاء في السوق وأساس للتميز النسبي.
ويعرف البنك بصفة عامة على أنه الوسيط بين الودائع الباحثة عن الاستثمارات والاستثمارات الباحثة عن الودائع وأنه الوسيط بين الوحدات الفائض ووحدات العجز وهناك عدة أنواع من البنوك نذكر منها:
البنوك التجارية، بنوك الاستثمار، البنوك المتخصصة...الخ.
ونظرا لأهمية البنوك في الاقتصاد الوطني لكل دولة زاد من مسؤوليته في تقديم خدماته بجودة عالية، وبما يناسب رغبات العملاء. هذا ما جعل البنوك تهتم بوظيفة التسويق وأصبح حاليا النشاط التسويقي من أهم الوظائف في الهيكل التنظيمي للبنك، حيث يعرف التسويق البنكي على أنه البحث عن حاجيات وميولات المستهلك وتلبيتها ف بأحسن حال، مع الأخذ بعين الاعتبار أهداف ومردودية البنك.