تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب المواقف والأمير عبد القادر الجزائري


الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:07
بسم الله الرحمن الرحيم




عدم صحة نسبة كتاب (المواقف)


للأمير عبد القادر والمستجدات لهذا الموضوع.



أقدم هذا البحث لكل من قرأ كتاب (المواقف) الذي ينسب إلى الأمير عبد القادر، أو سمع به، أو قدم رأياً به أو بحث فيه، لأن من بُحث بفكره من خلال هذا الكتاب هو ليس الأمير عبد القادر وإنما آخرون، وهم بعض مشايخ دمشق أرادوا تعظيم الأمير بجمع بعض أفكاره من خلال أجوبة كان يجيب فيها على أسئلتهم، وجمعوا ونقلوا أقوالاً لمن يعتبرونهم علماء مماثلين للأمير، مثل محمود الأرناؤوطي باشا الذي ذكره أحد أصدقاء جدي برسالة وهي بحوزتي، يقول فيها أن محمود باشا كان يرسل من مصر ما ينقله عن العلماء الأعلام ويرسلهم إلى أصحابه ويبتهج بهذا العمل.


وهذه الحال أصبحت راسخة لديه، فجمع هؤلاء المشايخ كل ما حصلوا عليه من تفسير للآيات القرآنية وغيرها وضموها إلى أفكار الأمير ظناً منهم، والله أعلم، أنها مماثلة وأنهم يفعلون خيراً مع الأمير الذي أحبوه ويريدون تكريمه.


وشهادة الشيخ عبد المجيد الخاني في كتاب (الكواكب الدرية)([1] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftn1)) في الصفحة 774 دليل تجاهلته مع الأسف، كما أسلفت، تجنباً لذكر أسماء. ولأهمية هذا الموضوع وخطورته على الدين الإسلامي الحنيف بالتشويش والتشكيك بمبدأ التوحيد والقبول بتأله الإنسان لكونه خليفة الله في الأرض (أستغفر الله العظيم) وتفسير الآيات القرآنية بعيداً عن الحكمة التي أرادها الله من تلك الآيات وبعدها عن ضوابط التفسير التي حددها الشرع الإسلامي، جعلاني أحاول سد أي ثغرة أو سلبيات منهجية سببت خللاً على مستوى الموضوع وهو عدم نسبة كتاب (المواقف) للأمير عبد القادر، وأن لا أترك هذه السلبيات سائبة دون معالجة.


ومنذ ذلك التاريخ 2001م وأنا مثابرة على أبحاث متأنية لمعالجة هذا الأمر وتقديم أدلة من غير ذكر أسماء، وكان ذلك سبب الخلل، وأهم فقرة ضائعة، ولكن كان لابد مما لا بد منه به، بعد استلامي لرسالة من الدكتور أمين يوسف عودة، من جامعة آل البيت في المملكة الأردنية، يشير في رسالته إلى افتقاد كتابي (فكر الأمير عبد القادر)([2] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftn2)) إلى الأدلة الكافية، ويذكر أن كتاب (المواقف) كتاب عظيم يعد من أرفع ما كتب في موضوعه، ويعجب من موقفي منه. وهنا وجدت أن تصميمي على تحاشي ذكر أسماء أمر سلبي، وشهادات لها من الأهمية بمكان، والاكتفاء بشهادتي، والاعتماد على الأرقام والتواريخ، وأسئلة (متى، وأين، وكيف...إلخ) من غير إجابة عليها، أيضاً أمر سلبي. وقد أشار الدكتور إسماعيل الزروخي إلى هذه الأمور في قراءته التحليلية لكتابي المذكور في مجلة (الحوار الفكري)([3] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftn3)). وأما الشهادات التي تثبت بشكل قاطع أن الأمير لم يؤلف كتاب (المواقف) هي التالية:



أولاً: هي شهادة الشيخ عبد المجيد الخاني بن محمد الخاني، المتوفي عام 1318 هجرية، في كتابه (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية)([4] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftn4)) الذي طبع لأول مرة عام 1308 هجرية. وهي شهادة معتبرة، كما ستلاحظون. قال: (أن والده الشيخ محمد الخاني كان صديقاً للأمير، وكثيراً ما كان يراجعه في بعض المسائل التي تخفى عليه، ويسأله حل بعض الأمور من كتاب (فصوص الحكم والفتوحات المكية) وغيرها، فكان الأمير لكثرة حبه للخير مع وفرة موانعه وشغله، كان يقيد الأجوبة ويرسلها إليه، أي إلى والده، فكان والده من فرط حرصه على هذه الأجوبة يلحقها بالمواقف بإذنه، فما زال الوالد يضم كل مسألة إلى أخدانها ويقرنها بأقرانها، حتى اجتمع لديه من ذلك ثلاث مجلدات ضخمة، وقد ذيلها والده محمد الخاني بعد وفاة الأمير بالجزء الثالث منها بما وجده في كناشة بخطه).



النقطة الأولى:التي يتوجب علينا الوقوف عندها كباحثين، هي أن الشيخ كان يطلب أجوبة والأمير كان يرسل، أي لا يوجد تسليم باليد، وأن هناك شخصية ثالثة على الخط، ليس المهم من هي، ولكن المهم البعد في الزمان والمكان عن الكتاب الذي يؤلف، والخاني هو الذي يجمع النصوص ويرتبها، كما ذكر ابنه الشيخ عبد المجيد الخاني في الكتاب المذكور.



النقطة الثانية: هي الضم إلى أخدان وأقران ، ألا يفهم من ذلك أن لدى الشيخ نصوصاًً ضمها إلى أجوبة الأمير، ولكن البنوة ليست واحدة، ولا الأخوة واحدة، كانت أخدان وأقران، والواقع هي متناقضة كلياً، لأن في لغتنا العربية معنى أقران: أي جمع بين شيئين أو عملين، ويقال اقترن الشيء بغيره أي اتصل بغيره وصاحبه، أما الأخدان فمعناها الأصدقاء، ألا يفهم من ذلك أن الخاني كان يضم أجوبة الأمير إلى نصوص أخرى كانت في حوزته ظنها تشبه أجوبة الأمير لأنه لم يقل أنه كان يجمع أجوبة الأمير وأخواتها إلى أن اجتمع لديه ثلاث مجلدات، وإنما قال أنه يضم أجوبة الأمير إلى متشابهات برأيه أخدان وأقران، وهذا سبب التناقضات في كتاب (المواقف).


أليس هناك احتمال كبير أن هذه الأخدان نقلها الخاني من كتب تحمل اسم المواقف منها لعبد القادر بن محيي الدين المتوفي عام 1150 هجرية! والثاني (المواقف) تأليف عبد القادر بن محيي الدين الجيلاني!، والثالث أيضاً تحت اسم المواقف لعبد القادر بن محيي الدين قضيب البان المتوفي 1040 هجرية!، والرابع أيضاً (المواقف) تحت اسم عبد القادر بن محيي الدين القادري الصديقي!. تجد هذه الكتب في قسم التاريخ في مكتبة الأسد بدمشق في معجم المؤلفين لعمر كحالة في الصفحة 198 من المعجم، وأيضاً ممن كان يجمعه محمود باشا الأرناؤوطي.



النقطة الثالثة: هي كلمة (بإذنه)، أي بعلم الأمير، وهذه إشارة من مؤلف كتاب (الكواكب الدرية) إلى المكانة العالية من التهذيب لدى والده، حيث من الممكن وضع هذه النصوص في كتاب (المواقف) من غير علم الأمير، ولكنه كان مهذباً ولم يفعل. وهذا دليل على أن الكتاب كان مشروعه وعنده يكتب فيه ما يشاء وأخذ إذن الأمير بوضع الأجوبة فيه لإثرائه.


لم يذكر أن الأمير كلفه أو طلب منه، وإنما هو الذي كان يطلب، أي الخاني، والأمير على الرغم من مشاغله كان من كثرة حبه للخير، كما ذكر، يلبي طلبه ويرسل إليه الأجوبة.



النقطة الرابعة: هي كلمة (الضم والإلحاق)، التي تعني (العمل)، (الكتابة) وهي شهادة واعتراف بأن الخاني هو الذي كان يكتب، ويؤلف كتاب والأمير كان يرسل أجوبة فقط للسائلين، للخاني أو لغيره.



النقطة الخامسة: هي جملة (حتى اجتمع من ذلك ثلاث مجلدات ضخمة)، اجتمع من ذلك عند من؟ أليس عند من كان يضم، ويلحق، ويكتب؟ وأن الجزء الثالث من هذا الكتاب كتبه بعد وفاة الأمير كما ذكر كتاب الحدائق الوردية.



النقطة السادسة: وهي جملة (بعد وفاة الأمير ذيل الجزء الثالث من كناشة)، هذه الجملة أرى أنها تحتاج إلى شيء من التحليل، أولاً: لم يشر الشيخ الخاني إلى أن الأجزاء التي كتبت بحياة الأمير كان للأمير رأيٌ فيها ولا بعنوانها، ثانياً: لم يشهد الشيخ الخاني أن والده أخذ رأي الأمير بهذا العمل أو هذا المشروع من أساسه الذي كان يقوم به، ولا حتى أخذ رأيه بالعنوان الذي أطلقه على الكتاب، ولا على هذه التقسيمات، وكما هو واضح فالأمير كان مغيباً تماماً عن هذا المشروع، وهذه هي الحقيقة. والشيخ كان صادقاً، لم يشهد بشيء لم يحدث، واعترف بأن الجزء الثالث كُتب بعد وفاة الأمير، ولم يقل بأن الأمير كلفه، أو أعطاه كناشته لينقل منها ما يشاء، أو أوصاه بتأليف كتاب ووضع اسمه عليه. وهنا سؤال يتبادر إلى الذهن: من أين جاء الشيخ بهذه الكناشة؟ هل يجوز تأليف كتاب ديني معظمه تفاسير لآيات قرآنية وأحاديث شريفة بغياب من وضع اسمه عليه، وأيضاً بعد وفاته بسنين طويلة، ولا يوجد أي نص مخطوط بخطه ولا دليل واحد يثبت أنه رآه بحياته أو وافق عليه؟ وإن كان هذا جائز فهو أمر خطير ومخيف!!


* فمثلاً شخصياً عندما ألفت كتاب (الأسس الاقتصادية في الإسلام) كتبت نصوصاً تتعلق بنظريات اقتصادية لماركس وباكونين وغيرهما من غير ذكر لمن هذه الأقوال، كتبتها لدراستها بهدف المقارنة، مثلاً. ذات مرة وجدت صفحة كتبتُ فيها أن التطور الاقتصادي يتجه بشكل عفوي وطبيعي نحو إلغاء الملكية وإلغاء الإرث من غير ذكر أنها نظرية لباكونين الذي عارض فيها ماركس، وصفحات كثيرة بخطي لا تمت إلى معتقداتي بصلة بل أستنكرها، فلو جاء أحد بعد وفاتي يحمل أفكاراً يسارية فأهمل كتابي (الأسس الاقتصادية) وجمع أوراقي التي بخط يدي وضم إليها أخدان وأقران، ثم ألف منها كتاباً سماه مثلاً (التراث الفكري) لفلانة ظناً منه أنه يكرمني ويجعل مني كاتبة يسارية!! كما فعلوا بالأمير فجعلوه صوفياً حلولياً، وأكثر من ذلك يقول بأنه يكلم رب العالمين ويحاوره ويوحي إليه بغير واسطة بأخذه ورده... بأمور لم يوحي بها لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن الحب ما قتل.... فحب الناس لهذه الشخصية جعل البعض منهم ينحته كتمثال كما يريد.


- الافرنسيين أرادوه صديقاً لهم يعترف بفضلهم عليه وينسى أنه جزء من شعبٍ مازال محتلاً يعاني ويلات الاحتلال ووطن افتداه بروحه ودمه يُداس وكرامة تهان، وهويته التي هي كجلده الذي لا يستطيع أحد سلخه عنه، وقصائده الشعرية في سجنه فضحتهم التي كان يناجي فيها شعبه المقاوم وسماهم (أهل الوفا).


- الماسونيون أرادوه ماسونياً وبجرة قلم بعد وفاته أعلنوا أنه انتسب إليهم ولكنهم لم يجدوا دليل يقدمونه لأحد،.


- وأصحاب الطرق الضالة أرادوه حلولياً....!


ولقد نسب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم آلاف الأحاديث الموضوعة لغايات معروفة، وأيضاً كتباً نُسبت لغير المؤلفين، لم يسمعوا بها، مثلاً كتاب (مولد العروس) الذي نُسب افتراءً إلى المحدث الكبير العلامة ابن الجوزي، وفيه من اللغط ما لا يحصى، ووُضع اسم ابن الجوزي عليه، وكتاب (الشفاء) الذي كُتب اسم أبو حامد الغزالي وتبين بعد سنوات أنه من تأليف تلميذ ولا يمت له بصلة، وكذلك الإمام فخر الدين الرازي نُسب إليه كتاب (السر المكتوم في مخاطبة النجوم) وتبين أن مكذوب عليه لما احتوى من أباطيل، وقال عنه الذهبي أنه سحر صريح، وجلال الدين السيوطي نًسب إليه كتاب (الرحمة والطب في الحكمة) ملئ بالكلام السفيه والبذيء، ولكن السيوطي كان على قيد الحياة فنفى عن نفسه ذلك الكتاب، وقال مختلق عليه، وأنه لا يعرف لا الطب ولا الفلسفة ولم يكتبه في حياته، والإمام ابن حجر العسقلاني نُسب إليه (الاستعداد ليوم الميعاد) فيه من الأحاديث المزعومة والخرافات الباطلة ما لا يحصى وكان مكذوب عليه، وكتاب (المواقف) أيضاً إذا نُسب إلى الأمير عبد القادر ليس أمراً مستحيلاً أو غير مألوف.


فالرجل الذي قرأ كتاباً فوجد فيه تناقضات شك بشيء من التشويه والتحريف طال هذا الكتاب، فسارع إلى إرسال من يقوم بمقابلته على مخطوطة الشيخ محي الدين في قونية ثم أعاد طباعته بعد التصحيح وهو كتاب (الفتوحات المكية)، مع العلم أن صاحب الكتاب ليس من أصدقائه ولا معاصريه، وبينهما سبعة قرون، وعلى الرغم من ذلك أراد رفع الظلم عن عالم لا يشك بإيمانه من خلال أفكار قرأها في كتابه فنفى عنه كتاب الشجرة النعمانية والنصوص والفتاوى وكتاب الجفر، وقال الأمير أنها من أعمال اليهود والشيخ بريء منها.


هذا الرجل كيف لا يدقق كتاباً يعلم أنه سيوضع اسمه عليه؟!


الرجل الذي أعاد طباعة كتاب لغيره، كيف لا يطبع كتاباً يخصه مثل هذا الكتاب الخطير ويتركه عرضة للتحريف والتشويه؟ هل يعقل هذا؟ وعبد الرزاق البيطار توفي قبل صدور كتاب ((المواقف)) المذكور بتسع سنوات، وقبل أن يضم إليه الجزء الثالث الذي لم يكن قد انتهى، وكتابه (حلية البشر) صدر في نفس العام الذي توفي فيه 1335م أي بعد وفاة الأمير عبد القادر بخمسة وثلاثين عاماً الموافق 1916ميلادي، والأمير كانت وفاته عام 1883ميلادية/1300هجرية، وخلال السنوات التي فصلت بين وفاة الأمير والأجزاء التي خطّت بقلم فراج بخيت السيد، وانتهت عام 1911 ميلادية الموافق 1328 هجرية([5] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftn5))، هي ثمانية وعشرون عاماً.



ولماذا حدث الإعلان عن الكتاب قبل إنجازه؟ لقد أعلن عنه في كتاب (تحفة الزائر) الذي صدر عام 1903 ميلادي، أي قبل الانتهاء من الجزء الأول والثاني عام 1911 ميلادي بثمانِ سنوات ولماذا وُضعت له مقدمة لا علاقة لها بمضمون الكتاب الذي معظمه تفسير آيات قرآنية، والمقدمة ذكر صاحبها أنها نفثات روحية. وكتاب (المواقف) معظمه تفسير آيات قرآنية حرم الله تفسيرها بالرأي المجرد، هذه الأسئلة ليس لها إلا جواب واحد أتركه لكم.



وكتاب (المواقف) الذي أعيدت طباعته عام 1966م بدار اليقظة العربية، وكتب في الصفحات الأولى منه أن مجموعة من أكابر وأفاضل علماء دمشق كلفتهم الدار بتدقيقها(!!)ولكن لماذا لم تذكر دار النشر اسماً واحداً من هؤلاء الأفاضل الأكابر ليذهب الباحث إليهم ويناقشهم؟!!


أم أن هذا الكلام كان من باب الدعاية وهدف الربح الذي تسعة إليه بعض دور النشر عادة؟!
----------------------


[1] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftnref1)- الشيخ عبد المجيد الخاني، (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية)، صفحة 774، تحقيق محمد خالد الخرسه، دار بيروت.

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftnref2)- (فكر الأمير عبد القادر)، الأميرة بديعة الحسني الجزائري، دار الفكر، 2000م.

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftnref3)- الدكتور إسماعيل زروخي، مجلة (الحوار الفكري)، جامعة منتوري، قسنطينة، العدد 2001.

[4] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftnref4)- عبد المجيد الخاني المتوفي 1318 هجرية، وكتاب (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية في إجلاء السادة النقشبندية)، دار البيروتي، الطبعة الأولى 1908م، الطبعة الثانية 1997م، الصفحات 774، 775.

[5] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=postthread&f=110#_ftnref5)- (المواقف)، (هامش)، صفحة 464، طبعة إسكندرية، عام 1344 هجرية، 1923م تقريباً.

الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:16
ومما جعلني أسرع بإصدار كتابي المذكور الذي برأيكم أن موضوع براءة الأمير من تأليف كتاب ((المواقف)) والأدلة التي قدمتها تفتقد إلى المزيد من الأدلة، وهذا صحيح لأني كنت أتحاشى ذكر الأسماء، ولكن الأسباب التي دعتني إلى الإسراع بإصدار كتابي (فكر الأمير عبد القادر) كانت التالي:



أولاً – الأخبار التي تناهت إليّ بأن نشاطاً واسعاً تقوم به مؤسسة الأمير عبد القادر، والتي أنا عضو فيها، من ندوات فكرية وملتقيات دولية في الجزائر العاصمة تبحث عن فكر الأمير من خلال كتاب ((المواقف))، مما أشعرني أن من واجبي، انطلاقاً من مبدأ الأمانة التاريخية، الإسراع بإصدار كتابي وتقديم الأدلة التي وصلت إليها لإعاقة ذلك النشاط الظالم ولأقول لهم: تأكدوا قبل الحكم على فكر الرجل، لئلا تصبحوا على ما فعلتم نادمين. ومن الآراء التي قيلت قبل صدور كتابي قول الأستاذ عبد القادر بن حراث في مجلة مسالك (إن فكر الأمير في كتاب "(المواقف)" يكاد يخرجه عن الدين الإسلامي الحنيف)، والدكتور عبد الله الركبي وصف صفحات الحوار في الموقف الثلاثين وغيره (والأخذة والردة) بالحوار الشقي في كتيب صغير صدر عن المؤسسة بتاريخ 1998م في الجزائر([1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn1))، أما غيره من المثقفين هنا فقد وصفوا هذه الصفحات من الحوار بالتشويش على مبدأ التوحيد والتشكيك بعظمة رب العالمين جل جلاله (أستغفر الله العظيم). وفي الموقف الرابع والسبعين من كتاب المواقف([2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn2))، كل من قرأ كل هذه الصفحات وسؤال الكاتب فيها (فما الذي تميزت به عني، أنا القديم وأنت القديم، أنت الحادث القديم وأنا الحادث القديم...إلخ من أسئلة لا يسألها إلا من كان نداً لآخر، يرى نفسه مساوياً له. هذه الأقوال لا تدخل في دائرة الرموز الصوفية ولا اللغة التي لا تعطي دلالة على مرادهم فيحتاج فك رموزها ردها إلى أهلها لأنه عندما يقول الكاتب (قلت للحق تعالى: أنت الحادث القديم وأنا الحادث القديم...إلخ، فما الذي تميزت به) فهو يتجاهل سورة الإخلاص وآية (ولم يكن له كفواً أحد). فالحادث شيء أو أمر لم يكن له وجود مسبق، ومن استحدث أمراً، أي أوجده كان غير موجود قديمأ أو جديداً، والله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وما بينهما وكل شيء، أي استحدثه تعالى، ولم يكن لهم وجود قبلاً. هذه الأقوال وغيرها في كتاب ((المواقف)) تدخل في دائرة عقائد إشراقية تجيز التلاعب بالآيات القرآنية وتؤمن بخليفة الله في الأرض وتأله البشر، المخالف لقول الله تعالى في سورة البقرة (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)([3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn3)) وفي سورة ص (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق)([4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn4)) وسبحانه وتعالى قال خليفة ولم يقل خليفة لي، وكلام الله عز وجل في غاية الدقة والسداد لا يأتيه الباطل. ومعنى الخليفة في اللغة العربية، لغة القرآن (خلف فلان فلاناً) أي قام مقامه بعد ذهابه، خلق الله سيدنا آدم من غير أب ولا أم، وجعله خليفة في الأرض وهو لم يخلف أحد، ولذلك حكمة، والله قادر على كل شيء. ولا أريد الدخول في متاهات الطرق والمذاهب الصوفية الفلسفية ونظرياتهم المختلفة، ولا أريد أن أُجرّ لمثل هذا المنحدر الشائك، وإنما أردت الكتابة بتاريخ هذا الكتاب وعلاقته بالأمير عبد القادر الذي احتوى على تناقضات صارخة بلا شك، منها نظرية تأله البشر وإمكانية أن يصبح الإمام والله واحد، أي الجمع، وهو معنى الحلول والاتحاد، إلى جانب معتقدات أهل السنة والجماعة، منها هجوم الأمير على بعض أصحاب نظريات صوفية، وصفهم الأمير بالقاصرين الذين للشيطان فيهم مدخل واسع، ويسميه بأبي مرّة يعني إبليس لعنة الله عليه، وبالزندقة والحلول والإباحية يمرق أحدهم من الدين كما يمرق السهم من الرمية([5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn5))، وتحذيرات شديدة اللهجة لمن يمس مقام الأنبياء بسوء، كما أسلفت، وغيرها. وبعد هذا الهجوم على المتصوفة في نفس الصفحة، ومن غير فاصلة أو ربط يضع الكاتب كلمتين من سورة النحل آية 66 (الفرث والدم)، ولم يذكر اسم السورة ولا رقم الآية ثم يتبعها بقوله (وجمع الشمس والقمر) وهي آية في غاية الأهمية والدلالة على القدرة الإلهية، فمن بين الفرث أي ما يهضم من الطعام مع ما يحمله من رائحة مقززة وألوان، ومن بين الدم الأحمر يخرج هذا اللبن الأبيض الحلو المذاق خالصاً من كل رائحة غير لطيفة، لبناً سائغاً للشاربين. هذه الآية فيها من الإعجاز الكثير، والإلهام بكل قارئ مؤمن على التفكير بقدرة الله تعالى والتفكير بطريقة الفرز والطرق التي مرت بها هذه المواد الدم إلى الشرايين واللبن إلى الضرع والفرث إلى خارج الجسم، خاطب فيها سبحانه جلّ شأنه عقول عباده بطريقة علمية، فما معنى وضع هذه الكلمتين فقط بعد ذلك الهجوم العنيف على القاصرين، ثم الانتقال بغير مناسبة إلى الحديث عن يوم القيامة وجمع الشمس والقمر. هذه الخلطة العجيبة من عقائد متضاربة متنافرة، وفي أغلب (المواقف) في صفحة واحدة! لا يمكن أن تعود لشخص واحد، مما يؤكد شهادة الشيخ الخاني بأن الأمير كان يرسل إلى والده، ولم يقل أنه كان يسلمه باليد تلك الأفكار وكان والدهيضم هذه الأفكار إلى أخدان وأقران كانت لديه، والأدلة كثيرة منها هذا الدليل في الصفحة التي وضعتها في كتابي من كتاب ((المواقف)) المذكور، ولا يشك من أنها كلام الأمير ولكن من غير أي مقدمات أو ربط، تسير الأسطر نحو الآية التاسعة من سورة القيامة كما أسلفت (…وجمع الشمس والقمر)([6] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn6)) وقبلها آية (وخسف القمر) فيفسرها الكاتب "بأن ذلك إشارة إلى الرب تعالى (أستغفر الله العظيم)، والقمر إشارة إلى العبد، وجمعهما إشارة إلى جمع الجمع التي هي المرتبة العليا"، أي ذهب نورهما معاً. وهنا أي اجتمع الرب والعبد وهي مرتبة عليا برأيه ثم ذهب نورهما معاً أستغفر الله العظيم، يكفي الباحث الوقوف عند هذا التفسير، ولن أصفه بأي وصف، وإنما سأذكر تفسير الآية في كتاب تفسير ابن كثيروفي الأحاديث الشريفة التي كان يدرسها الأمير من كتاب البخاري([7] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn7))، ويعطي فيها إجازات. وأعطى بعض المشايخ إجازات في صحيح البخاري ومنهم الشيخ يوسف بدر الدين، وقدم الشيخ للأمير قصيدة شعرية بدأها بهذا البيت:



باب القبول لهذا الختم قد فتحا
فلاح من يمنه بدر السعود ضحى


أدى إلينا صحيحاً من حديثهم





بجامع فاق ترتيباً ومصطلحا
نور النبوة يبدو في أسرته





وسرها من حلى أخلاقها وضحا
هو الإمام عبد القادر من ظهرت



منه الكمالات في الدنيا كشمس ضحا

من قام لله في أمر الجهاد ومن





غدا به صدر دين الله منشرحاً




وهي قصيدة طويلة قدمها للأمير قائلاً أيضاً:



يا نجل فاطمة الزهراء من فضلت


طر نساء الدنيا من ذا يضاهيها

بك المسرات قد نالت أمانيها



يا نعمة ما لها شيء يدانيها

نعم أهنئ دمشق الشام إذ ظفرت


بمثلك الآن تغدو في ضواحيها
بك استنارت واحي الله مربعها



كما تلوت البخاري وسط ناديها

وأبشر بخير فإن الله ذو كرم


يخفي مقادير أشياء ويبديها
الله ينصركم نصراً كنصرته


أصحاب بدر الأولى ثم المضاهيها
ما زلت يا نجل محيى الدين مرتقياً


أوج الكمالات باديها وخافيها
------------------------------------------


[1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref1)- مؤسسة الأمير عبد القادر، (الحياة الروحية للأمير)، ملتقى الجزائر، 1 يوليو عام 1998م، الأكاديمية الجامعية لمدينة الجزائر.

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref2)- كتاب (المواقف)، الموقف 74.

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref3)- سورة البقرة، الآية 30.

[4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref4)-سورة ص، الآية 26

[5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref5)- كتاب (المواقف)، الصفحة 464، والموقف 180 الذي ذُيل في آخر الصفحة بقول الكاتب (تم الجزء الثاني ويليه الأحد والعشرون وثلاثمائة، والحمد لله وحده، تم بقلم الفقير إلى ربه القدير فراج بخيت السيد وانتهاؤه في يوم السبت 27 جمادى أول سنة 1328 هجرية).

[6] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref6)- سورة القيامة، الآية 9.

[7] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref7)- والأدلة كثيرة على اختيار الأمير لكتاب البخاري للتدريس فيه وكان يعطي فيه إجازات أيضاً، والأدلة كثيرة على ذلك في كتب كثيرة، ومنها قصة الرومي ذُكرت في كتاب (تحفة الزائر)، وكتاب (أعيان دمشق)، وكتب تراجم كثيرة، والقصة: أن الشيخ يوسف بدر الدين المحدث الكبير اشتكى إلى الأمير عبد القادر بأن دار الحديث النووي احتلها رومي وحولها إلى حانة حتى قاعة الدرس فيها حولها إلى اجتماع السكارى، وذهبت جميع جهوده لتغيير هذا الوضع الشائن سدى، ولكن الأمير وجد الحل فاشترى الدار من المسيحي وأمر بترميمها، وعندما أصبحت الدار جاهزة للتدريس والسكن أرسل الخبر إلى الإمام الشيخ يوسف بدر الدين في المدينة المنورة ودعاه لدمشق، وجاء الشيخ واستلم الدار التي أصبحت ملكه بعد أن كتبها الأمير له، ملكاً خالصاً، ودشّنها الأمير عبد القادر باحتفال دعا إليه أعيان دمشق وعلمائها في آخر يوم من رمضان عام 1274 هجرية، وختم الأمير صحيح البخاري وأعطى بعض الحضور إجازات ومنهم الشيخ يوسف بدر الدين.

الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:20
فهل يمكن لرجل عالم، واسع المعرفة، يدرّس كتاب صحيح البخاري، ومسلم، وموطأ سيدنا مالك في ندواته في الجامع الأموي ودار الحديث النووي، الدار التي أنقذها من الرومي(12)، وفي مدرسة الجقمقية، وفي داره؟ وهكذا من ظل يدرّس هذه الكتب ويعطي فيها إجازات، أن يصدر عنه كتابٌ كالمواقف وفيه هذه التفاسير القرآنية غير الشرعية، والأحاديث الباطلة!!؟ منها مثلاً: في الآية الثامنة من سورة القيامة قال تعالى (وخسف القمر) أي ذهب نوره، وفي الآية التاسعة (وجمع الشمس والقمر) أي كوِّرا وذهب نورهما معاً، كقوله تعالى في أول سورة التكوير (إذا الشمس كورت)([1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn1)) صدق الله العظيم،وفسر كاتب المواقف المذكور هذه الآية بقوله: وجُمع الشمس والقمر إشارة إلى الرب تعالى، كما أن القمر إشارة إلى العبد وجمعهما إشارة إلى مرتبة جمع الجمع التي هي المرتبة العليا، بالله عليكم ماذا يسمى هذا التفسير أليس جمع الخلود وهو الوجود الدائم لرب العالمين مع الفناء ويعتبرها الكاتب المرتبة العليا- أستغفر الله العظيم، أليس في هذا الكلام منتهى التضليل؟! هذا ما جاء في كتاب المواقف بالحرف الواحد، وفسّر أيضاً الآية العاشرة من سورة القيامة (يقول الإنسان يومئذ أين المفر)، وهنا يؤل الكاتب الآية فيزيد عليها كلمة العارف (يقول الإنسان العارف أين المفر) ويفسر قول الله تعالى على غير حقيقته، ثم يذكر حديث لم يسمع به أحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والحديث بالحرف الواحد (قال سيد العارفين صلى الله عليه وسلم اللهم زدني فيك تحيراً). فهل يعقل أن إنسان مثل الأمير يقرأ صحيح البخاري وأعطى فيه إجازات، أن يخطئ هذا الخطأ ويذكر حديث ملفق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!


فالأمير عُرف بالتقوى والخوف من الله وبالإيمان بالله واليوم الآخر وختم القرآن وهو في سن الثانية عشر، ولا شك أنه يعرف معنى قوله تعالى في سورة غافر (لم ترى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون)([2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn2)) أي الذين يؤلون البيان الصحيح كيف يصرفون، وهذا التهديد شديد من الله، ووعيد أكيد من الله لهؤلاء.

ولم يُعرف عنه أنه انتسب إلى الطرق الإشراقية ولا القاديانية، وإنما عُرف عنه أنه مالكي المذهب، ولكنه يأخذ من المذاهب الأربعة ما يناسبه في العبادات، ولم يخرج عن شرع الله في حياته كلها حتى يوم وفاته، ولا شك أنه يعلم بقول الله تعالى: (ويل يومئذ للمكذبين) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسند الصحيح: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). ثم يتابع الكاتب فراج بخيت السيد في الأسطر الباقية أن الإنسان العارف يقول أين المفر من شدة حيرته، والله سبحانه وتعالى لم يقل (العارف) بل قال (الإنسان)، ويصف الله تعالى الإنسان يوم القيامة المؤمن والكافر، فيقول في سورة القيامة يصف المؤمن فيها (وجوه يومئذ ناضرة)([3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn3)) أي مسرورة ومشرقة نضرة (إلى ربها ناظرة) لأنها في الحياة الدنيا كانت تعيش حياة الإيمان والاطمئنان والراحة النفسية الذي أكسبها إياهم اليقين، ويصف الكافر فيقول في الآية 24 (وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل فيها فاقرة) أي تكون في حيرة من أمرها أين تذهب من العذاب، فتظن أنها هالكة، معنى باسرة حزينة كالحة أي تفتش عن مكان تهرب إليه.

والحيرة تكون عادة قبل الإيمان، والأمير مؤمن، وظل مؤمناً حتى آخر يوم من حياته، فكيف يوصف بالأمير الحائر أي الضالّ في الكتيب الذي أصدرته المؤسسة!؟


وقبل ختام تحليلي وتعليقي على هذه الصفحات من كتاب ((المواقف)) أريد الإشارة إلى الباب الأول من كتاب (المقراض الحاد)([4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn4)) الذي ألفه الأمير عبد القادر في سجنه عندما طلب منه القساوسة التعريف بالإسلام. وفي فصل إثبات الألوهية في كتاب (المقراض الحاد) قال الأمير عبد القادر في ذكر الحيرة وبالحرف الواحد: "إن الفلاسفة جرهم الجدل العقلي إلى قصور وحيرة: وهذا النص يجده القارئ في الصفحة 87 من كتابي (فكر الأمير عبد القادر)([5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn5)) وهو يناقض تماماً ما جاء في الأسطر الإحدى عشر من الصفحة 464 من كتاب ((المواقف)). ومثال آخر لا بد من الإشارة إليه وهو تفسير الآية الأولى في سورة الإسراء في الموقف 101 من كتاب ((المواقف))([6] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn6))، والآية (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)([7] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn7)) فسرها الكاتب بأن السميع البصير هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن المحال لعالم في فقه اللغة العربية، شاعر وأديب مثل هذا الرجل الأمير يخطئ هذا الخطأ اللغوي وليس فقط الشرعي!



أولاً – الآية مكية بدأت بتسبيح الله عز وجل وتنزيهاً له وهو الذي أسرى بعبده ليلاً، وهذه معجزة دالة على عظمة الله وقدرته، إنه سميع مجيب.


ثانياً – السميع البصير من أسماء الله الحسنى، وهذه الآية فيها إعجاز قرآني، وكلمه (إنه) ضمير مقيد يعود حرف الهاء فيه إلى الذي أسرى، الذي قام بالفعل. فهل الأمير، الأديب والشاعر جاهل بقواعد اللغة العربية والضمائر فيها لهذه الدرجة؟ أيعقل هذا؟ وما الغاية من تبديل كلام الله عز وجل في القرآن؟ قال تعالى في سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله)([8] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn8)) وبسورة الأعراف (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته)([9] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn9)). ومثال آخر من الموقف الخامس والسبعون([10] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn10)) وتفسير سورة الرحمن (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)([11] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn11)) صدق الله العظيم، يفسر الكاتب أن معنى البحر هو الشريعة والحقيقة، والبرزخ بينهما العارف، وكلام مشوش لا يفيد بشيء يصف فيه العارف أنه بين نارين نار الشريعة ونار الحقيقة، وكأن الكاتب لا يعرف معنى الشريعة التي هي دستور حياة لكل إنسان في كل زمان ومكان، وهي نور وعدل ومساواة ورحمة وليست نار حارقة، وهي التي كان الأمير يأمر بها، فيقول: عليك بشرع الله فالزم حدوده. فالرحمن جل جلاله يذكر هذه الآية كدليل على قدرته ويقول بعدها (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قال (مرج البحرين) يعني ماء مالح وحلو لا يختلطان عند مصب الأنهار في البحار، (بينهما برزخ) أي حاجز، وفي هذا العصر اكتشف علماء البحار السبب بعدم اختلاط مياه الأنهار الحلوة بمياه البحر المالحة، فما هي الغاية من تبديل كلام الله وتفسيره بهذا الشكل؟ والأمثلة كثيرة على هذا الأسلوب من التفاسير القرآنية والفوضى الفكرية لا تدخل في دائرة الرموز، وإنما في دائرة نظريات إشراقية، ولو كان الأمير من تلاميذ مدرسة شهاب الدين السهروردي ويدرّس كتاب (حكمة الأشراق) أو كتاب (هياكل النور)([12] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn12)) مثلاً ممكن أن يصدر عنه كتاب كالمواقف، ولكن هذا المجاهد الكبير كان ينتمي إلى مدرسة الإمام محمد بن إسماعيل بن مغيرة البخاري([13] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn13))، وكان يدرس كتابه صحيح البخاري الذي ختمه عام 1837م وهو يحاصر التيجاني في حصن عين ماضي بسبب تمرد الأخير وانحيازه للمحتلين !


وعندما أقام في دمشق اختار صحيح البخاري للتدريس فيه، ويعطي فيه إجازات أيضاً، فكيف يعقل أن يصدر عنه كتاب ك(المواقف) المذكور، وفيه كل هذه الفوضى الفكرية والمنهجية المستهجنة والتأله الصريح وتبديل معاني الآيات القرآنية!؟


ومثال من الموقف الرابع([14] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn14)) والصفحة 29 وجملة: (والله القائل على لساني) - أستغفر الله العظيم وأترك التعليق على هذه الجملة لكم-


[1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref1)- سورة التكوير، الآية 1.

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref2)- سورة غافر، الآية 69.

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref3)- سورة القيامة، الآية 22

[4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref4)- الأمير عبد القادر، (المقراض الحاد)، فصل إثبات الألوهية.

[5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref5)- (فكر الأمير عبد القادر، حقائق ووثائق)، المصدر السابق، دار الفكر المعاصر.

[6] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref6)- (المواقف)، الموقف 101

[7] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref7)- سورة الإسراء، الآية 1

[8] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref8)- سورة يونس، الآية 24

[9] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref9)- سورة الأعراف، الآية 185

[10] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref10)- (المواقف)، الموقف 75

[11] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref11)- سورة الرحمن، الآية 20

[12] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref12)- شهاب الدين سهروردي، كتاب (هياكل النور)، راجع كتاب (أصول الفلسفة الإشراقية)، تأليف الدكتور محمد علي أبو ريان، الطبعة الثانية، دار اليقظة، الطلبة العرب، 1969م، وكتاب (الفلسفة الإسلامية) للدكتور محمد علي أبو ريان، الطبعة الأولى، بيروت 1970م، مطبعة منيمنة الحديثة.

[13] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref13)- كتاب صحيح البخاري، الذي ختمه الأمير عبد القادر وهو يحاصر التيجاني بعين ماضي عام 1837م بسبب تمرد الخير وانحيازه إلى المحتلين.

[14] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref14)- (المواقف)، الموقف الرابع، الصفحة 29 من الكتاب

الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:21
وكتاب (المقراض الحاد) الذي ألفه الأمير، كما أسلفت، الموثق بخطه وتوقيعه، والذي تُرجم إلى لغات عديدة، أتساءل: لماذا أُهمل واعتُمد كتاب مشكوك فيه، متناقض نصاً وفكراً، كتاب لم يره الأمير في حياته ولم يوصِ به، وهذا موثق أيضاً، فاعتُمد للبحث في فكر الأمير من خلاله؟


وإذا قلتم أن لهؤلاء (القائلين بالحلول والاتحاد) لغة خاصة لا يفهمها إلا أهلها، فهذا صحيح، ولكن الأمير لم يكن منهم، كان رجل مؤمن، تقيٌ صالح، متزن، صافي العقيدة والفكر، جميل المظهر، أنيق الملبس والمسكن وقد عُرف عند الجميع بالأمير عبد القادر، أو السيد أمير العلماء، حفيد رسول الله، أما ثوب الصوفية فقد ألبسوه إياه بعد وفاته بسنين طويلة، ولابنه محمد باشا بالتأكيد باع طويل في ما نُسب إليه لأنه، والله أعلم، كان ينتمي إلى هذا الرعيل من الصوفية، فأحبَّ تكريم والده بعد وفاته، وهو الذي، أي محمد باشا، صمم على دفن والده، بمساعدة الوالي في ذلك الوقت، بقرب ضريح الشيخ محيى الدين بن العربي، مع أن الأمير لم يوصِ بذلك في وصيته المعروفة، والمعروف أنه كان قد اشترى أرضاً في حي الدحداح وسوَّرها ودفن فيها والدته، وجعلها مدفناً خاصاً بعائلته، وهي باقية حتى الآن. وكم كنت أتمنى لو دفنوه إلى جانب والدته ليقف كل من مرّ بقرب ضريحه من سكان دمشق ليقرأ له الفاتحة بخشوع، لروح بطلٍ مجاهد أنقذ مدينتهم من الاحتلال الفرنسي عام 1860، ومنع فرنسا من ضربها لدمشق، وقضى على الفتنة الطائفية في مهدها.


وأعود لكتاب (المواقف) الذي نسبوه إليه وصل الأمر إلى القرآن كلام الله وتبديل كلمة الناس بكلمة العارف، والبحرين بكلمات الشريعة والحقيقة والأمر الذي لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما بوصفهما بالنار المحرقة، الشريعة التي هي النور والهدى ودستور حياة جاء بها القرآن وحياً منزلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفها بالنار الحارقة. وعندما يخاطب الكاتب الحق تعالى فيقول: أنت القديم وأنا القديم، أنت الحادث القديم وأنا الحادث القديم فما الذي تميزت به عني، فقال له: لي قدمك وحدوثي بك...إلخ. فكلمة حادث أي شيء لم يكن له وجود مسبق، والله أعلمنا في القرآن أنه عز وجل خلق السموات والأرض قبل أن يخلق الإنسان، فكيف يصفه الكاتب بالحادث إن كان قديم أو جديد!! والحادث لا بد من وجود من أحدثه، وهل يُعقل مثل هذا الأمر يجهله الأمير، أو من كان في مستواه؟ وسبحانه وتعالى قال في سورة الشورى (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب)([1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftn1)) أي كما كلّم موسى عليه السلام، فقال لموسى في سورة طه (اذهب إلى فرعون إنه طغى)([2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftn2)) فقال موسى عليه السلام بكل أدب وتذلل (ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي) صدق الله العظيم.


وخلاصة القول


أن هذه الأقوال في كتاب (المواقف) لا تدخل في دائرة الرموز، وإنما في دائرة الفرق الضالة في الدور الثالث التي خرج بها قديماً عبد الله بن سبأ الذي أسلم، وانتشرت في عهد المأمون الخليفة العباسي حتى كادت تلك الأفكار تهدد أسس العقيدة الإسلامية، ولكن عندما آلت الخلافة إلى المتوكل عام 247 هجرية أمر بإحراق كتب تلك الفرق وعاد الصفاء والتماسك والبساطة المشرقة وعدم الانحراف إلى العقيدة الإسلامية، كما تدفقت من ينبوع النبوة وعهد الخلفاء الراشدين.


ولكن لم يخلُ العالم الإسلامي من ظواهر إفساد العقيدة الإسلامية والتشويش على هذه الشريعة، وأقصد انتشار نظرية شهاب الدين السهروردي الذي حكم عليه علماء الدين الإسلامي بالردة والكفر وقُتل عام 588 هجرية، وقبله كان الحلاج الذي أُهدر دمه وأُحرقت جثته لنفس السبب، وغيرهم.


والشيخ محيي الدين العربي لولا أنه نفى عن نفسه تلك الأفكار التي نُسبت إليه وتبرأ منها لما خرج من مصر سالماً، ومصير الحلاج وشهاب الدين السهروردي معروفٌ.


وكتاب (الفتوحات المكية) ليس فيه أحاديث كاذبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يدّع الشيخ في هذه الفتوحات أنه كلّم الله وقال: الآن عرفتني فاسترني (أستغفر الله العظيم. كما جاء في كتاب ((المواقف)) في الموقف 30([3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftn3)). فهل كتاب (المواقف) المذكور ثمين وعظيم يقال أنه يكتب بالنور على نحور الحور، وكتاب جليل؟ ومن أرفع ما كتب في موضوعه!!


ومثال آخر من كتاب المواقف وهو الموقف 265 الذي ذكر الكاتب عن لسان الأمير أنه قال: سألت من الحق إشارة، وهذا الموقف من كتاب المواقف نقله السيد جواد المرابط في كتابه (التصوف والأمير عبد القادر) عام 1966 في دار اليقظة العربية في الصفحة 131.


أيها القارئ الكريم، السبب الذي جعلني على يقين من أن الأمير لم يؤلف كتاب ((المواقف)) هو معرفتي به، رحمه الله، من خلال أحاديث أهلي عنه منذ نشأتي، أهلي الذين عاصروه، كجدي الذي كان أقرب إليه من أكبر أولاده محمد باشا، فكانت معظم أحاديث جدي حول حياة عمه شقيق والده الذي تركه طفلاً بعد وفاة والدته في سجن أمبواز ودفنت هي في حديقة القصر، فعاش تفاصيل حياة عمه الأمير عيد القادر بكل أبعادها في دمشق بحميمية وقرب، ومن شدة محبة الأمير وإعجابه به، زوجه ابنته زينب، أي جدتي رحمها الله، لذلك أقول أن معرفتي بالأمير كأنني من معاصريه. وكم سمعت جدتي زينب تقول: كان والدي يردد أمامنا هذا البيت (عليك بشرع الله فالزم حدوده ....حيثما سار سر وإن وقف قف). وهذا البيت قرأته في كتاب ((المواقف)) الذي نُسب إليه، إنما كان إلى جانبه أبياتاً لا تمت له بصلة مناقضة له، وأيضاً أذكر أنني سمعت أن الأمير رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام بالمدينة المنورة عند مسجد الرسول، فقال له: أنتَ ولدي ومقبول عندي. هذا كل ما سمعته ولا كلمة زيادة.


قال تعالى في سورة الإسراء (لا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)([4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftn4)).


لم أسمع عنه أنه كتب كتاباً اسمه ((المواقف))، ولا أنه كان متصوفاً طرقياً مطلقاً، والإجازات التي كان يعطيها هي في كتاب صحيح البخاري، وأنه كان متمسكاً بالسنة ولا يخرج بأقواله وأعماله قيد أنملة عن شرع الله وسنة رسوله. هكذا كان جدي يقول عنه، وكان يقول أن عمي جدكم كانت أوقاته كلها مملوءة إما بالصلاة والتدريس في الجامع الأموي أو دار الحديث النووي وحل مشاكل المهاجرين الجزائريين الذين لحقوا به على دفعات، من تأمين المساكن لهم في دمشق أو شراء مزارع لهم في شيخ مسكين وحوران وفلسطين. والحقيقة كان مسؤولاً عن أربع زوجات وعشرة أولاد ذكور وستة إناث وتأمين حياتهم وطموحاتهم الكثيرة.


كان لديه ديوان أحوال شخصية لهؤلاء المهاجرين يقيد فيه الوفيات والمواليد، وحل النزاعات، وكانت كثيرة.


وأيضاً كان يحاكم من يعتدي على آخر يُوبخ ويُعاقب.


كانت جدتي تقول أن الأمير كان عادلاً ورحيماً، كما كان أثناء رئاسته للدولة في الجزائر وقيادته للجيش الذي أسسه من العدم، ومعاملة الأسرى، وكل شيء كان على هدى القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وكان كثير الأسفار، والتنقلات كانت في ذلك الزمن تحتاج إلى ركوب البحر والقطارات، وفي كل سنة كانت له عدد من السفرات، سافر مرتين إلى الأماكن المقدسة وفلسطين وفرنسا سافر إليها مرتين، وإنكلترا وتركيا عدد من المرات لمقابلة السلطان والمدن السورية وحينما يكون حاضراً فدار مضافته لا تخلو يوماً من الزوار من أنحاء البلاد العربية والإسلامية، هذا عدا ما ألزم به نفسه من التدريس في المساجد وقراءة صحيح البخاري ومسلم وموطأ سيدنا مالك والندوات في داره.


فمثل هذا الرجل هل باستطاعته تأليف مجلد ضخم من 1500 صفحة؟ كتاب فكري صوفي؟


كان جدي يقول لي: كنت أحضر معه معظم أعماله ودروسه، ملازماً له أكثر من أولاده الذين بعد أن تزوجوا سكنوا في دور منفصلة، أما أنا فكنت مقيماً معه في نفس الدار حتى بعد زواجي من ابنته جدتك. وكانت دروسه في صحيح البخاري ممتعة جداً لأن هذا الكتاب ثري بالأحاديث الشريفة والتفاسير القرآنية.


وسمعت أيضاً من جدتي أن داره لم تكن تخلو منهم يوماً في شهر رمضان


يفرّ أحياناً من ضوضاء المدينة وزواره الذين لم تكن داره تخل منهم يوماً على طول مدار السنة من بيروت ودمشق للسؤال عن فتوى أو شكوى من الوالي العثماني وطلب التدخل منه، فكان أحياناً يعتذر منهم للذهاب لإعطاء دروسه المعتادة، لذلك كان في شهر رمضان في السنين الأخيرة من حياته يذهب إلى مزرعته في أشرفية صحنايا، يمضي أواخر الشهر في غرفة صغيرة منعزلاً عن الناس،


يسهر الليل على نور شمعة يرتّل القرآن ويصلي وطعامه كان الحليب والتمر.

لم يكن يدخل عليه سوى الخادم الذي كان يقوم على خدمته ،قال أن الأمير كان يسهر الليل يصلي، وينام في النهار. هذا ما أذكر أنني سمعته من أهلي، ولم أسمع أبداً يشهد الله عليّ أنه كان يكتب في خلوته أو ألف كتاباً اسمه ((المواقف)) ولا أنه كان مشغولاً بتأليف كتاب، حتى هوايته المعروفة في كتابة الشعر لم يكن لديه الوقت لها، فطيلة حياته في دمشق لم ينظم سوى قصيدة في مديح دمر التي مطلعها (عج بي فديتك في أباطح دمر...) بمناسبة الانتهاء من بناء قصر دمر الذي شيده في سفح جبل على شواطئ نهر يزيد فوق صخور كانت تحيط بها الأشجار من كل جانب، يقابلها نهر بردى، قصر أشرف على بنائه أشهر المهندسين وتكاليفه كانت من تعويضات دفعها له السلطان العثماني عبد المجيد خان عن القصور التي وهبها له في مدينة بورصة. وقصيدة أخرى كتبها في مكة شطرت قبل وضعها في ديوانه وزيد عليها أبيات لأبي النواس([5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftn5))، وغير ذلك، وعدد قليل من الأبيات كان ينظمها في المناسبات لأصحابه شكر أو تعزية.

[1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftnref1)- سورة الشورى، الآية 51

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftnref2)- سورة طه، الآية 24

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftnref3)- (المواقف)، الموقف 30

[4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftnref4)- سورة الإسراء، الآية 36

[5] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543659#_ftnref5)- الأمير عبد القادر، ديوان شعر، تحقيق الدكتور ممدوح حقي

الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:24
*وكما ترون أيها الأخوة الكرام فالأمير لم يكن شخصية عادية، إذ كان بالتأكيد مسؤولاً عن عائلة كبيرة، عشرة أولاد ذكور وستة إناث وآلاف من المهاجرين الجزائريين بالإضافة إلى مسؤولياته الاجتماعية والخيرية والثقافية، فهو الذي كان يساعد الشيخ طاهر الجزائري الشهير على النهضة باللغة العربية في بلاد الشام، الذي أسس المكتبة الظاهرية بدمشق، والمكتبة الخالدية في فلسطين بأموال كان يدفعها الأمير لهذه المشاريع، وسار في هذا الطريق ابنه علي باشا بعد وفاته. وما أذكره موثق تاريخياً، ومما ذكرته السيدة فادية طرشون في أطروحتها للماجستير في دمشق والتي أهدتني نسخة عنها فور استلامها.


ومما سمعته أيضاً أن الأمير كان يتمنى أن تسمح له الظروف والوقت لتأليف كتاب يرد فيه على كتب قديمة يسميه (الأعلام بأغاليط الإعلام)([1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn1)) لأن التأليف يحتاج إلى تفرغ، وهذا التفرغ كان بعيد المنال ومستحيل في حياة الأمير التي كان يحياها في دمشق.


هذه المعلومات عن الأمير حُفرت في ذاكرتي، لذلك لم أصدق عندما قرأت في كتاب تشرشل الجاسوس البريطاني الحاقد المغرض في الصفحات التي كتبها في لندن أن الأمير كان منتمياً إلى الجمعية الماسونية. هذا الخبر المزعوم من غير أي دليل، الذي نقله عنه جرجي زيدان لم أصدقه، بالإضافة إلى غيره، ولكن لم تكن قناعاتي كافية لنفي كل ما قيل من أكاذيب عن الأمير. كنت بحاجة إلى أدلة ووثائق، وهذا عمل لم يكن سهلاً، مثلاً لو كان لديكم صديق تعرفونه كما تعرفون أنفسكم ملازمين له بحكم الجوار والقرابة العائلية والعمل أيضاً، تعرفون عنه أنه كان ملتزماً بدينه الإسلامي، لا يقرب المحرمات، بل كان من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، شجاعاً، مهذباً، محباً للجميع، وبعد وفاته كتب عنه أنه كان منتسباً إلى نادي قمار، مدمناً على الكحول، جباناً ومغروراً، هل تصدقون عنه هذه الأوصاف؟ ولكن نفيها ليس سهلاً ولا تكفي قناعاتكم، ومن الصعوبة نفي معلومة مر أو مضى عليها أكثر من قرن من الزمان كالتي نحن بصددها وهي نسبة كتاب (المواقف)، ومثال من تاريخنا الإسلامي وهو حرق مكتبة الإسكندرية، ذلك العمل الشنيع الذي نسب إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مدة خمس قرون ظلت أقلام المؤرخين تتناقله من الخلف إلى السلف، ذكرها وأكدها المؤرخ أبو الحسن القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء)، ونقلها عنه المؤرخ أبو الفرج بن العبري وغيرهم. ولعل المهارة في أسلوب روايتها سهلت تصديقها خمس قرون فتحت أبواباً للطعن أمام المغرضين من أعداء الإسلام والمسلمين إلى أن كشف الحقيقة أحد المستشرقين الباحث (بتلر)([2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn2)) في القرن التاسع عشر. خمس قرون وليس قرن واحد من الزمان، كنسب كتاب ((المواقف)) للأمير عبد القادر.


وزيارة الدكتور عمار الطالبي لداري برفقة مجموعة من الأساتذة الأكاديميين قبل شهر رمضان المبارك دليل على أهمية هذا الموضوع، وهذا البحث الذي طرحته، أي براءة الأمير من هذا الكتاب وأبدى هؤلاء الأساتذة اهتماماً كبيراً بنفي نسبة ((المواقف)) للأمير عبد القادر ورحبوا بما قدمته من أدلة، والحقيقة أني كنت أملك من الأدلة أكثر مما ذكرته في كتابي (فكر الأمير عبد القادر)، ولكن كما أسلفت كنت أتحاشى ذكر الأسماء، ولذلك لم أذكر فيه كتاب (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية) لأنني لو ذكرته لا بد لي من ذكر أسم مؤلفه، وهذا ما لا كنت أريده لأسباب كثيرة. وهنا لا بد لي من تقديم الشكر الجزيل من الأعماق للأخ الكريم الدكتور بوصفصاف والدكتور إسماعيل زروخي من الجزائر جامعة قسنطينة الدكتور أمين يوسف من الأردن.


ودليل آخر، معتبر جداًأرويه لكم، ذكره السيد جواد المرابط([3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftn3)) (وهو أن في أحد مجالس الأمير طلب منه ثلاثة من الزوار السماح لهم وتدوين أحاديثه في مجالسه، فكان ذلك نواة الكتاب الذي عرف فيما بعد بالمواقف)، وهذه شهادة أن الكتاب تألف من (نوطات) كان دوّنها أصحابه بإذنه للاحتفاظ بها ولكنهم تجاوزوا ذلك فألفوا منها كتاباً، أضافوا فيه أخدان وأقران ونصوص لغيره. وكلمة (نواة) لي وقفة عندها، فالنواة تخرج منها النبتة التي يمكن تطعيمها بنوع آخر مختلف، ولذلك نجد أنواعاً من الفاكهة طُعمت بغير أصلها فجاءت مختلفة في الطعم والشكل، ونجد مثلاً خوخاً بطعم الموز، وأخرى بطعم تفاح وشكل بندورة، وفواكه أخرى إذا لم تُطعم بنوعها تخرج مرّة الطعم لا تؤكل.


واسمحوا لي بتقديم هذا المثال الصغير، مهندس أراد تأسيس مشروع ما، طلب من مهندس آخر تصاميم هندسية، كان معجباً بها وأخذها بإذنه، لم يسرقها وألحقها بتصاميم كانت لديه من أقران وأخدان فهل يجوز وضع اسم المهندس الآخر على هذا المشروع لمجرد أن فيها بعض من تصاميمه وبعد وفاته؟ وفي ظرف لا يستطيع فيه الاحتجاج. هذه الأدلة لا ريب فيها كما ترون.

[1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref1)- الدكتور عمار الطالبي، مجلة (الثقافة الجزائرية، العدد 75، عام 1998م، الصفحة 261، بحث مطول بعنوان الأمير عبد القادر والتصوف)

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref2)- حسين هيكل، كتاب (الفاروق عمر)، الصفحات 169، 173

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=71965#_ftnref3)- جواد المرابط، كتاب (التصوف والأمير عبد القادر)، 1966م، دار اليقظة العربية، دمشق

الأميرة بديعة الحسني
2008-11-06, 08:28
والخلاصة: ثبت بشهادة الشيخ عبد المجيد الخاني رحمه الله في كتابه (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية) ص 430-431. والشهادة الثانية للشيخ فراج بخيت السيد الذي ذكرت شهادته في كتاب (المواقف) الذي نسب للأمير في الصفحة 464 الذي قال بهذه الشهادة (تم الجزء الثاني وانتهاؤه في يوم السبت 27 جمادى أول سنة 1328 هجرية).


هذه الشهادات معتبرة جداً، ومما يزيدها توثيقاً شهادة ثالثة هي شهادة الأستاذ المرحوم جواد المرابط. وذكر هذه المعلومة الدكتور فؤاد صالح السيد([1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftn1)) في بحث له في مجلة الثقافة الجزائرية. هذه الشهادات الثلاث تثبت أن الأمير لم يؤلف كتاب (المواقف)، ولم يذكر أحد من المؤرخين أن الأمير طلب من أحد تدوين أحاديثه، وإنما الآخرين هم من طلب تدوينها للانتفاع منها وإثراء معلوماتهم على ما يبدو. رابعاً شهادتي: وهي أنني لم أسمع من أهلي الذي كانوا مقيمين معه أنه ألف كتاباً باسم (المواقف) ولا غيره، وإنما كان في نيته تأليف كتاب يرد به على أفكار خاطئة في كتب كانت ترد إليه هدايا، كما أسلفت، تحت عنوان (الأعلام بأغاليط الإعلام)([2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftn2)). أما جدي فكان الكتاب الذي يهدى إليه ولا يعجبه يحرقه، كما ذكرت لي عمتي، وكتاب (المواقف) الذي اختفى، كما أسلفت كان هذا مصيره عام 1944م والله أعلم.


وبعد تقديم هذه الأدلة من شهادات وغيرها لا أريد اتهام أحد بتأليف كتاب (المواقف)، ولا أدعي أنني قمت بدراسة كاملة لهذا الكتاب، وما ذكرته في هذا البحث هو من باب تقديم الأدلة والأمثلة وشهادات الشهود والإشارة إلى التناقضات، منها مثلاً ما جاء في الموقف 30 من قول في آخر الموقف (لا أنت حق ولا أنا حق، ولا أنت خلق ولا أنا خلق، فأجابه ربه حسبك عرفتني فاسترني)، وبين ما جاء في كتابه (المقراض) من أن معرفة الله تعالى هي عن طريق الأنبياء، وهاجم الفلاسفة وأصحاب علم الكلام الذين كفّر بعضهم بعضاً ولعن بعضهم بعضاً كما ذكر، وقال لا سبيل إلى معرفة الله إلا طريق الأنبياء وقول الأمير هنا يتعارض كلياً مع ما ذكره الكاتب في الموقف الثلاثين وذلك الحوار، أستغفر الله العظيم. الذي سماه الدكتور الركبي في الكتاب الذي أصدرته مؤسسة الأمير عبد القادر في الجزائر سماه (بالحوار الشقي) بصفته دبلوماسياً لا عالماً دينياً!


ولكن اعتقاد الأمير أن لا سبيل لمعرفة الله إلا عن طريق الأنبياء، هذا الموضوع ذكره في كتابه (المقراض الحاد)ولكن في كتاب ((المواقف)) ذُكرت فقرات من كلام الأمير عن معرفة الله عن طريق الأنبياء، ولكن الكاتب، أو مصمم كتاب (المواقف) لم يترك هذه الفقرة تمر بسلام، بل عمد إلى تذييلها بالكلام عن التصوف وعلم الأذواق، وكأن هذا الكاتب كان شغوفاً بقراءة كتب الإشراقية حتى صار عنده ملكة في هذه المذاهب، ويريد نشر أفكاره بأي طريقة. ولا أعتقد بأن من كتب (المواقف) هو شخص واحد، مع العلم أن الأمير لم يكلف أحد بكتابة أحاديثه، وهذا بشهادة الشهود الذين شهدوا بأنهم هم من طلب وهم من قيّد، وهم من جمع وضمّ.


وهنا نقطة مهمة أيضاً وهي أن الأمير عندما سمح بتدوين أحاديثه في جلساته يبدو أنه خشي أن تحرّف أحاديثه أو يُفهم منها ما لا يقصده أو تبدّل فحذّر بقوله (احذر أن ترميني بحلول أو اتحاد أو امتزاج أو غيره، وإياك إياك أن تتوهم فيما أذكره من تفسير لأقوال الشيخ فيه تشبيهاً عقلياً أو تمثيلاً أو حلولاً واتحاداً أو اتصالاً أو مقابلة أو مقارنة أو تقديماً أو تأخيراً، فمن توهم شيئاً من هذا كله سقط في مهواة من التلف على قمة رأسه)، من الجزء الثاني ص 568 من كتاب (المواقف)([3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftn3)).


وأترك التعليق على هذا النص لكم أيها القراء الكرام.


ودليل آخر هو من الأهمية بمكان (الوصية) التي حصلت عليها من المحكمة الشرعية بدمشق رقم 756، ورقم الوثيقة 256. هذه الوصية فُتحت بتاريخ الثاني عشر من شعبان 1300 هجرية، حسب الأصول، أي بعد وفاة الأمير في التاسع عشر من رجب 1300 هجرية. في هذه الوصية يلاحظ الباحث عدم ذكر كاتبها وهو الأمير عبد القادر، أي ذكر لكتاب (المواقف)، أو أي شيء ما دي أو عملي يتعلق بكتاب اسمه (المواقف)، فالمتوفي الأمير أوصى بمبالغ كبيرة للفقراء ولنسائه وغيرهم، فهل من المعقول أن لا يوصي بشيء لطباعة كتاب ألفه فيما لو ترك أعمالاً تحتاج إلى تكاليف مادية من نسخ وطباعة؟ هذه الوصية هي دليل آخر أن الأمير لم يكن له أي علاقة بكتاب صوفي اسمه (المواقف).


وإلى القارئ الكريم هذا الموقف 265 من كتاب (المواقف) الذي نُسب للأمير، ذكره الأستاذ جواد المرابط وهو أحد أعيان دمشق المعروفين في كتابه (التصوف والأمير عبد القادر الحسني الجزائري)، فكتب في الصفحة 131، ولا أرى مانع من تكراره هذه الصفحة:


"قال الأمير عبد القادر في الموقف 265 من كتابه (المواقف): سألت من الحق تعالى إشارة بسعادتي، وقد فعل مراراً، وقد ألقى عليّ قوله (لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون)، وبعد رجوعي إلى الحس، قلت يا رب هذا خطابك لفرعون، فألهمني في الحال بالطريقة التي عوّدني إياها أن فرعون عاش سعيداً سيداً، بل إلهاً يُعبد، ولمّا حضرت وفاته قبضه الله بعد توبته، وإيمانه، طاهراً، مطهّراً، شهيداً، وهو في الآخرة ملك من ملوك الجنة، وأكثر الناس يأبون عليه ذلك، وأنت سعيد في الدنيا والآخرة، وأكثر الناس يأبون عليك ذلك بما يرون حولك من النعم"



هذا الكلام من أهم وأخطر ما جاء في هذه المواقف التي ذكرتها كنماذج. والغريب في هذا الموضوع الذي نحن بشأنه أن مؤلف الكتاب الأستاذ جواد لم يعلّق على هذا الموقف سوى بالقول: أقول أن الأمير عليه رحمة الله، تكلم هنا بلسان صاحب الحقيقة حينما غاب عن الخلق بشهود فعل الملك الحق، وغني عن السباب بشهود مسبب الأسباب، وهذه الحال من أروع ما يكون عليه الإنسان من حال، إذ بها يزداد سعادة إل سعادة، ويتحسس بما وراء الظاهر، والرسوم إلى نعم لا تكون إلا من الحي القيوم، وكم من سعيد ليس بسعيد لأنه لا يدرس أنه سعيد، ومن هنا كان الصوفي هانئ الحس والنفس والروح بالقليل من عطايا الله...إلخ من الكلام المفهوم والغامض أحياناً، والباقي جيد لا غبار عليه، ولكن لم يعلّق بكلمة واحدة عن مخالفة الآيات القرآنية التي لم يذكر سبحانه وتعالى بأنه غفر لفرعون وجعله ملك من ملوك الجنة وشهيداً طاهراً! وهل يمكن لمسلم الاعتقاد بأن الله سبحانه وتعالى يوحي لإنسان مهما بلغ من عظمة ما لم يوحي به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أليس هذا تضليل مريع؟ وقوله سبحانه وتعالى في سورة يونس، آية 90 (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية)، لم يذكر الله أنه غفر له، وإنما قال تعالى في سورة النساء، آية 17 (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً). وكلام الله سبحانه وتعالى بغاية السداد والدقة والوضوح. وقال تعالى في سورة يونس ذاتها (ما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة)ن وفي الآية 70 قال (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)، فهل يوجد فريّة أكبر من هذه وقول أكذب من هذا؟


ألا تستحق من مؤلف هذا الكتاب تعليقاً أو ملاحظة لدرء الضلال والنهي عن المنكر؟


وهل الكلام الجيد والمقبول الذي ذكره الأستاذ جواد ممكن أن يستر أو يحجب هذا الضلال بمخالفة قول الله تعالى في هذه الآيات البينات؟


والدليل التاريخي الموثق في كتاب (تحفة الزائر) الذي ألّفه ابنه وذكر فيه أن من مؤلفات والده كتاب (المواقف) وامتدحه، هذه المعلومات الغير صحيحة كانت السبب في سرقة أخوته لكتاب (تحفة الزائر) بعد اطلاعهم عليه، ولم يكتفوا بسرقته بل حرقوه وكانوا يرددون فيما بينهم (أن هذا الكتاب بدو حرق) قبل أن يصل إلى المطبعة، واعترف محمد باشا بسرقة الكتاب في مقدمته، ولكن لم يقل أنه حرق لغاية في نفسه واكتفى بالقول (ذهب منه الكثير ولم يبقى إلى القليل فشمّرت عن ساعد الاجتهاد وأعدت ما فُقد من الكتاب) وهذا دليل آخر أن أخوة الأمير لم يشاهدوا والدهم يكتب أو يقوم بكتابة كتاب (المواقف)، لذلك أخذوه خلسة وحرقوه بما وجدوا فيه من أكاذيب عن والدهم، منها (وألقى السلاح إلى الفرنسيين)، وغيرها من الاتهامات.


والدليل الأخير أن الأمير ظل متوازن العقل والشخصية حتى آخر يوم في حياته. الدليل الأول: هو رفضه للمشروع الفرنسي والعربي بتنصيبه حاكماً في بلاد الشام. هذا العرض رفضه رفضاً باتاً. هذه المعلومة هي موثقة تاريخياً، فلو كان مهزوز الشخصية أو تنتابه الأخذات والردات والحالات التي ذكرت في (المواقف)، لما فكّر أحد بعرض هذا المنصب عليه. لقد تجنب الأمير ذلك الفخ المغري بذكاء وحكمة، ولم يجعل من نفسه مطية للدول الغربية، إذ لم يكن من المغامرين، وكان يحسب لكل أمر ألف حساب. والدليل الثاني: هو مراسلاته مع الشيخ المفكر الكبير محمد عبدو، ومشروع الجامعة الإسلامية قبل وفاته بوقت قصير جداً. ذكر هذه المعلومة الدكتور أبو القاسم سعد الله في كتابه (تاريخ الجزائر الثقافي)([4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftn4)).



حفيدة الأمير عبد القادر


بديعة الحسني الجزائري


عضو اتحاد المؤرخين الجزائريين


عضو شرف في مؤسسة الأمير عبد القادر

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftnref1)- الدكتور فؤاد الصالح السيد، مجلة (الثقافة الجزائرية)، صفحة 266، عام 1963م.

[2] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftnref2)- الدكتور عمار الطالبي، (الأعلام بأعغاليط الإعلام)، مجلة (الثقافة الجزائرية).

[3] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftnref3)- (المواقف)، الجزء الثاني، الصفحة 56.

[4] (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=543661#_ftnref4)- الدكتور أبو القاسم سعد الله، موسوعة (تاريخ الجزائر الثقافي)، الجزء الخامس، الصفحات 542 و 543، دار المغرب الإسلامي، 1998م، الطبعة الأولى.

علي النموشي
2008-11-06, 21:02
موضوع جليل و مشاركة ذهبية نفخر بها نحن الجزائريون . خاصة و أنها كتبت بماء الذهب من سيدة فاضلة مكرمة سليلة العظماء . تحية إجلال و إكبار الى شخصكم المبجل سيدتي . كما ننحني أمام مقامكم الفخم .

أبو محمد عثماني
2008-11-06, 23:27
السيدة الفاضلة الأميرة بديعة السلام عليكم ورحمة الله
ما ذكرته من معلومات كاف لدحض الزعم بنسبة كتاب المواقف للأمير، وقد ذكرت هنا أن كتابك (فكر الأمير عبد القادر( لم يحو كل ما تملكين من الأدلة.
ولذلك نحن نتمنى أن تخرجي كل الأدلة بعد تنسيقها في كتاب يكون موضوعه واحدا، هو موضوع رد هذه الفرية، ويكون عنوانه محددا.
فبمجرد خروج كتاب يكون عنوانه مصرحا بتخطئة نسبة الكتاب للمجاهد عبد القادر، فإن هذا يكون من أبلغ الأدلة على بطلان تلك المعلومة الزائفة.
وأنا هنا ألح على وضوح العنوان وتحديده، لأن جمهور الناس يتلقفون عنوان الكتاب أكثر من تعرفهم على ما بين دفتيه، فإذا كان العنوان محددا، فإن الرسالة حينذاك تكون قد وصلت.

طه الهلالي
2008-11-07, 21:41
السلام عليكم ورحمة الله

شكرا لك السيدة بديعة على هذا الموضوع

لقد تابعت فيما سبق وباهتمام كبير ماكان يبث في قناة المستقلة حول تاريخ الامير عبد القادر رحمه الله وذكر الاستاذ بلغيث من جامعة الجزائر قسم التاريخ والحضارة الاسلامية ان في المكتبة المصرية مخطوطا ليس عليه اسم الامير عبد القادر ويحمل نفس محتوى كتاب المواقف وهذا دليل على ان الكتاب نسب للامير ولم يكن من مؤلفاته ولاحظ كذلك وجود مقاطع كاملة من كتاب الفصوص لبن عربي منسوبة للامير في المواقف.
أعداء الامير لم يجدوا ثغرة لينالو من شخصيته سوى كتاب المواقف ومذكرات الامير المكذوبة عنه وتجلى ذلك في قول احد التجانيين في نفس الحصة <المستقلة> من ان الامير كان يتعامل مع المستعمر الفرنسي بناء على هاذين الكتابين لانه لم يجد ما يدافع به عن خطب محمد الصغير التجاني التي كان يبرز فيها إعتزازه بخدمة فرنسا هو وأجداده وفتوى علي التماسيني بعدم مقاومة الاستعمار...
سؤال للسيدة الكريمة :الامير ليس من اهل الحلول كما ذكر وابن عربي هو صاحب هذه البدعة وقد إشتهر بها ، هل الامير كان يجله ويعتبره عالما ام زنديقا وكافرا كما افتى العديد من علماء اهل السنة والجماعة ؟ ولم يعلم عن الامير انه كان يدرس كتاب الفصوص او الفتوحات المكية بل كان يدرس كتب الحديث كالبخاري ومسلم والفقه في جامع الامويين .شكرا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الصارم المنكي
2008-11-08, 10:10
شكر الله للأميرة الفاضلة بديعة الحسني هذه الفوائد و الدرر

و رحم الله الأمير عبدالقادر الجزائري

الجواد الكربلائي
2008-11-08, 13:18
كفاكم ظلما لمن نسبه من نسب رسول الله

سعداني
2008-11-10, 19:17
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
تحية طيبة للجميع . وبعد : صدق من قال :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند .
العلم والمعرفة ليسا حكرا لشخص على آخر ولا تعني صلة القرابة ، في البحث العلمي الممنهج شيئا ، ونحن في عصر يهتم العالم خاصة الغربي بأسره - المهتمين بالاسلام والتصوف - بالشيخ العظيم والبطل الجزائري الأمير عبد القادر ، لتأتي و للأسف ، سمو الأميرة بديعة ، وتريد في بضع كلمات أن تنفي ببساطة كتاب ( المواقف ) هذا المؤلف الذي يعد من أشهر المؤلفات ، والتي فعلا ليس للجميع القدرة على فهمها ، ومنهم سمو الأميرة . لأن التصوف ومصطلحاته علم كبقية العلوم لا يتأتى الآ لمن امتلك مفاتيحه وتنحى عن التعصب ، ولك أخي القارئ أن ترجع لتحفة الزائر الذي ألفه محمد بن الأمير عبد القادر الجائري ، والذي آمل أن لا تنفيه الأميرة أيضا ، واقرأ أخي القارئ ، مقدمة الشيخ الفاضل ( مفتاح عبد الباقي ) لكتاب المواقف الذي طبع بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة ، .
لما ذكرت كتاب تحفة الزائر أردت من القارئ الرجوع إلى قصيدته المطولة التي كتبها الأمير عند الفتح عليه ولك ان تقرأها أخي وتستشف منها البعد الصوفي وذلك بدءا من الصفحة 695الى غاية 699 وقد صدق الأمير في قوله في هذه القصيدة الرائية .
هنيئا لنا يا معشر الصحب إننا لنا حصن أمن ، ليس يطرقه ذعر
فنحن بضوء الشمس والغير في دجى وأعينهم عمي وآذانهم وقر
ولا غرو في هذا وقد قال ربنا تراهم عيون ينظرون و لآ ببصر

هذا وما توفيقي الآ بالله . والسلام عليكم

أبو محمد عثماني
2008-11-11, 10:17
كنا نتمنى يأخي (سعداني) لو جئتنا بدليل على ما ذهبت إليه.
يمكنك أن تناقش بالدليل في أسلوب من الاحترام، من غير تهجم.
تقول أيها الكريم متكلما عن كتاب المواقف: (ليس للجميع القدرة على فهمها، ومنهم سمو الأميرة)! تعبيرك هذا يوحي بأنك تملك القدرة على فهم كتاب المواقف وأمثال كتب المواقف، فهذا يساعدك على أن تناقش بالأدلة الواضحة، من غير لجوء إلى إطلاق أحكام عامة، ومن غير التجاء إلى هجوم غير مبرر.
نحن ننتظر مشاركاتك المفصلة والموثقة، الأميرة جاءت بأدلة كثيرة ومتنوعة، واعتمدت على مراجع ذكرتها، فليكن الرد مناسبا لمستوى الموضوع.

أم إدريس
2008-11-11, 15:16
جزاك الله الجنة أخي (أبو محمد عثماني) !

سعداني
2008-11-12, 07:06
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .
وبعد شكرا أخي ، أبو محمد عثماني على ردك السابق , وأنت محق في طلب الأدلة ، إن غيرتك على سمو الأميرة واعتقاد الحق هما ما دفعاك للرد ، والذي دفعني للرد الدفاع عن الأمير ذاته .والأعمال بالنيات فأنا وأنت بأذن الله نشترك في محبة ابطال الجزائر وناصري الأسلام، فكلانا بأذن الله مأجور . وإن كان لكل منا رأيه .
يصعب فهم كتب المتصوفة بصفة عامة ، بما في ذلك كتاب المواقف ، للأمير عبدالقادر ، لذلك يعد من المغامرة أن أقول - أنا - بمستواي البسيط أني قد فهمته تمام الفهم ، لذلك يوجد في المنهج العلمي ما يسمى بالأحالة . وقد أحلتك إلى مرجعين فلك وللقارئ الكريم أن يعود إليهما ،. وهدفي كل هدفي ليس التهجم على أي كان , بمن في ذلك سمو الأميرة ولكنه محاولة تنبيه لعدم السرعة في التحكم ، رغم أنني تعودت على مثل هذه الحوارات والتي للأسف غالبا ما يدخل كل واحد فيها وهو مصمم على أن يخرج برأيه جاعلا مرونة الحوار والعودة إلى الجادة إن كان مخطئا ، من المستبعد جدا . هذا وإنا نسال الله العلي العظيم أن يهدينا إلى الحق والصواب ، آمين

أبو محمد عثماني
2008-11-13, 00:55
أختي الفاضلة السيدة الكريمة أم إدريس جزاك الله خيرا على دعائك، وكانت لك جنات الفردوس نزلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأشكر لك جوابك أخي سعداني، وتحياتي الخالصة لك ولأهل قمار ووادي سوف عموما.
ذكرت أخي الفاضل أنك أحلت على مرجعين، تقصد مقدمة الشيخ مفتاح عبد الباقي لكتاب المواقف، طبعة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وكتاب تحفة الزائر، ولا أظن أن الأمر كاف، فلا بد من اقتباسات ونقول مختارة، وتعليقات تشرح بها فهمك للنصوص، ومن ثم توظيفك لذلك في إثبات المواقف للأمير، أما الاكتفاء بالإحالة على مرجع! فأمر غير معهود في النقاش العلمي، وإلا فلا أسهل عليّ من أن أحيلك على القرآن الكريم والحديث الشريف وتنتهي المسألة.
والأميرة بديعة –وأنت تضع ردك على موضوعها- قد لا تكون مقتنية لكتاب المواقف طبعة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وهي التي فيها مقدمة الشيخ مفتاح عبد الباقي، ولا أظن مطالعي هذا الموضوع والذين يكتبون ردودا في مساحته وأنا منهم يملكون بالضرورة تلك الطبعة، فمادمت اقتنيتَ أنت الكتاب فالواجب يقتضي أن تنقل لنا منه ما تراه دليلا على ما ذهبت إليه.
وأنا أطمع يا أخي سعداني في أن تتفضل وتقرأ موضوع السيدة الفاضلة الأميرة بديعة، تقرأه كاملا وتصبر على ذلك.
أو أقترح عليك أن تطالع شبه الملخص لما ذكرته صاحبة الموضوع من أدلة، وقد أكون ذكرت رأيا في الثنايا، فتفضل:
أ- من الأدلة أن بعض مشايخ دمشق أرادوا جمع بعض أفكار الأمير من خلال أجوبة كان يجيب فيها على أسئلتهم، وجمعوا ونقلوا أقوالاً لمن يعتبرونهم علماء مماثلين للأمير، مثل محمود الأرناؤوطي باشا الذي ذكره أحد أصدقاء جد الأميرة بديعة برسالة هي في حوزتها –كما صرحت بذلك- يقول فيها أن محمود باشا كان يرسل من مصر ما ينقله عن العلماء الأعلام ويرسلهم إلى أصحابه ويبتهج بهذا العمل.
ب- كذلك شهادة الشيخ عبد المجيد الخاني بن محمد الخاني، في كتابه (الكواكب الدرية على الحدائق الوردية) قال: (أن والده الشيخ محمد الخاني كان صديقاً للأمير، وكثيراً ما كان يراجعه في بعض المسائل التي تخفى عليه، ويسأله حل بعض الأمور من كتاب (فصوص الحكم والفتوحات المكية) وغيرها، فكان الأمير لكثرة حبه للخير مع وفرة موانعه وشغله، كان يقيد الأجوبة ويرسلها إليه، أي إلى والده، فكان والده من فرط حرصه على هذه الأجوبة يلحقها بالمواقف بإذنه، فما زال الوالد يضم كل مسألة إلى أخدانها ويقرنها بأقرانها، حتى اجتمع لديه من ذلك ثلاث مجلدات ضخمة، وقد ذيلها والده محمد الخاني بعد وفاة الأمير بالجزء الثالث منها بما وجده في كناشة بخطه.
ومما استفادته الأميرة من هذا النص/ الرسالة أن الأمير لم يكن مؤلف الكتاب، بل ولم يكن قائما ومشرفا على تأليفه، وكيف يكون ذلك والأمير يُطلب منه فيستجيب بالكتابة، ثم هو يرسل ولم يسلم رسالته يدا بيد، فهناك شخصية ثالثة بين الأمير ومحمد الخاني، ثم إن الرسالة تستعمل تعبير الضم إلى أخدان وأقران، فضم أجوبة الأمير إلى أخدان وأقران، يعني ضمها إلى كلام ليس من كلام الأمير، وإن كان في موضوعه، كما نبهتْ إلى أن الجزء الثالث من هذا الكتاب كتب بعد وفاة الأمير.
ويبدو لي أن هذا الكتاب (المواقف) كان محمد الخاني قد أنهى جزءا مهما منه، وتعذر عليه تتمة أجزاء منه وقف قلمه عاجزا أو مترددا دونها، فاستعان بالأمير، وحين تصله الأجوبة بعد وقت ما، وعبر واسطة (يلحقها بالمواقف)، والإلحاق هنا في تعبير عبد المجيد الخاني يدل على أن مادة من كتاب المواقف كان لها وجود قبل إلحاق كلام الأمير وضمه إليه، جاء في الصحاح (المُلحق: الدعي المُلْصق، واسْتلحقه أي ادعاه)، وجاء في التهذيب للأزهري (واللحَق ما يلحق بالكتاب بعد الفراغ منه فتلحق به ما سقط عنه).
وتضيف السيدة الفاضلة الأميرة بديعة دليلا آخر، وهو ما ذكره الأستاذ جواد المرابط في كتابه (التصوف والأمير عبد القادر) (وهو أن في أحد مجالس الأمير طلب منه ثلاثة من الزوار السماح لهم وتدوين أحاديثه في مجالسه، فكان ذلك نواة الكتاب الذي عرف فيما بعد بالمواقف).
وكنت أتمنى لو أن الأستاذ جواد ذكر معتمده في ذلك، فهو خبر مهم، ويحتاج إلى توثيق ليطمئن إليه الباحثون، وأنا لا أتكلم هنا عن نفسي.
ومن الأدلة أيضا التي ذكرتها السيدة الفاضلة: "وصية الأمير عبد القادر" ولا يوجد فيها أي ذكر لكتاب (المواقف)، فالمتوفي -كما تقول صاحبة الموضوع- أوصى بمبالغ كبيرة للفقراء ولنسائه وغيرهم، فهل من المعقول أن لا يوصي بشيء لطباعة كتاب ألفه؟
وأنت يا أخي سعداني أحلتنا على كتاب تحفة الزائر، ومع أنك لم تنقل لنا النصوص التي تؤكد ما ذهبت إليه، فأذكرك بما قالته السيدة الفاضلة، وهو أنه أعلن عن كتاب (المواقف) في كتاب (تحفة الزائر) الذي صدر عام 1903 ميلادي، أي قبل الانتهاء من الجزء الأول والثاني عام 1911 ميلادي بثمانِ سنوات.
كما أن المعلومات غير الصحيحة التي في كتاب تحفة الزائر كانت السبب في سرقة إخوة المؤلف للكتاب بعد اطلاعهم عليه وإحراقه.
أرجو أن تحيلنا أيها الفاضل في رد قادم إلى أدلة، وسلمك الله وعافاك، وجعل الجنة مثواك.

BILELBEN
2008-11-17, 15:36
شكرا لك على الكتاب ((المواقف والامير عبد القادر ***رحمه الله***))
ملاحظة::{{ممكن جعل هذا الكتاب على شكل ملف pdf ou doc للتحميل وشكرا }}

فرحات المدائني
2008-12-22, 02:03
كفاكم ظلما لمن نسبه من نسب رسول الله

وأيّ ظلم رأيته منّا لنسب الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونحن في نقاش علمي مع الأميرة وهي مسرورة بنا ونحن أنزلناها مقام الوالدة، أم أكل الحقد قلبك أن لا ترى من أهل البيت رافضيّا مثلك ولو كنت جادّا لصوّبت أواستحسنت أو أضفت كما يفعل طلبة العلم ولكنّك ما دخلت إلاّ لزرع الفتنة كما فعل جدّك إبن سبأ اليهودي.
نعوذ بالله من أهل البدع والأهواء.

غزّال بن سعيد
2009-02-04, 14:43
الى الام بديعة الحسني السلام عليكم وبعد اريد ان اسالك الى اي سلف من رفقاء الامير سمي حفيده بالامير سعيد وادعوك للمشاركة في موقع الادارسة العلاقة بين الاجواد والادارسة للاستفادة من علمك والسلام
موقع الادارسة هوhttp://www.aladdarssah.com (http://www.aladdarssah.com/)

طارق عبدو
2009-11-27, 21:38
بارك الله فيك
و جزاك خير الجزاااااء

سعداني
2010-04-20, 17:51
السلام عليكم.
كنت في زمن قد مضى، كتبت تنبيهات للقراء الكرام والمشاركين فيما يتعلق بالشخصية الفذة، والعالم الجليل والصوفي المتبحر، الأمير عبد القادر، وذلك فيما يتعلق بنسبة كتاب المواقف إليه، والذي يأبى وللأسف الشديد الكثيرون ممن لم يوافق هذا المشرب هواهم، يأبون نسبته للأمير، ظنا منهم أن في نسبته إساءة لهذا الرجل الفذ، ولقد قدّم لي الستاذ ( عبد الباقي مفتاح) محقق كتاب المواقف، قدم لي مقالا مفيدا لمن أراد الانصاف فوددت ارساله إليكم، آملا أن يجعل القارئ ميزان الشريعة ميزانه، هذا الميزان الذي لا يصطدم مع العقل والمنطق. وإليكم مقال الاستاذ عبد الباقي مفتاخح حفظه الله ,إيانا جميعا:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق وآله وصحبه.

الرد على من أنكر نسبة " المواقف"للأمير عبد القادر

من المعلوم عند كل دارس لسيرة الأمير أن أهم تآليفه وأكثرها انتشارا وشهرة وترجمة وأعمقها أثرا هو كتابه الذي عنوانه الصحيح الكامل :(المواقف الروحية في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السبوحية)(1) ، وجلّ من كتبوا سيرة الأمير ممن صحبوه طويلا وعرفوه عن قرب، أثبتوا نسبته إليه بكل وضوح، ولأهميته انتشر سريعا خلال حياة الأمير وبعده خصوصا في الأوساط الصوفية، والدليل على هذا، التنويه به أو الاستشهاد بنصوصه في العديد من الكتب التي ظهرت خلال بدايات القرن الرابع عشر خصوصا، وكمثال على هذا النصوص الكثيرة الطويلة التي نقلها منه الشيخ المغربي الشهير محمد بن جعفر الكتاني (1274- 1345هـ) في كتابه الضخم (جلاء الأصداء الغينية) (2) ؛ وكمثال آخر ما نجده في كتاب (جامع كرامات الأولياء) لشيخ الشام الصوفي الشاعر قاضي المحكمة الشرعية ببيروت يوسف النبهاني (1265-1350 هـ)- الذي أخذ الطريقة الدرقاوية الشاذلية عن نفس الشيخ الذي أخذ عنه الأمير أي الشيخ محمد بن محمد بن مسعود الفاسي (توفي سنة 1289 هـ) – حيث خصص للأمير ترجمة ومما قال فيها : (وكان من أكابر العارفين بالله تعالى مع الأخلاق المحمدية و الكمالات الدينية والشهرة التي ملأت الخافقين، ولم يقع في كونه من أفراد عصره خلاف بين اثنين، ومن أجل مناقبه وأعظم كراماته الكبرى المشتملة على كرامات كثيرة لا تعد ولا تحصى : مواقفه التي جمع فيها وارداته الإلهية، وعبر عنها بالمواقف، فقد اشتملت من العلوم والمعارف والأسرار على ما لا يدخل تحت حساب، ولا يمكن أن يستفاد من قراءة كتاب، وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) ثم ذكر النبهاني نماذج من المواقف(3).
و قريب من هذا التقييم ما نجده أيضا في كلام العلامة السياسي الأديب أمير البيان شكيب أرسلان (1871-1946م) في كتاب (حاضر العالم الإسلامي) وهو قوله : (وكان المرحوم عبد القادر متضلعا في العلم والأدب، سامي الفكر، راسخ القدم في التصوف، لا يكتفي به نظرا حتى يمارسه عملا، ولا يحن إليه شوقا حتى يعرفه ذوقا، وله في التصوف كتاب سماه المواقف، فهو في هذا المشرب من الأفراد الأفذاذ، ربما لا يوجد نظيره في المتأخرين)(4) .
وحتى الغربيون المستشرقون تفطنوا لأهمية الكتاب وترجموه (5) وأكتفي بما ذكره العلامة "جاك بيرك" (1910-1995م) في كتابه (داخل المغرب) حيث يقول : (إن الروعة الأدبية للعديد من فقرات المواقف قد تقلب عدة مسلمات، وأن النهضة الحقيقية - بلا ريب – قد لا توجد حيث يبحث عنها عادة) (6).
لكن، رغم هذا كله، ظهر في السنوات الأخيرة مع الأسف من يشكك في صحة نسبة المواقف للأمير، بل حتى في تصوفه وأرادوا تعسفا تجريده من الطابع الأساسي لشخصيته و لما تميزت به أسرته، إذ أن أباه وجده وبعض إخوته وذريتهم كانوا من مشاهير الطريقة القادرية في الجزائر وفي الشام (7) . والعجيب أن هذا التشكيك الفاقد لكل سند ابتدع من طرف أشخاص يحبون الأمير ويدافعون عنه،ربما بالخصوص لأنهم من نسله، لكن تكوينهم العقيدي والثقافي جعلهم ينكرون على التصوف وأهله لا سيما الصوف العرفاني السامي المتمثل خصوصا في مشرب الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي (560-638 هـ). فكيف لهؤلاء المنكرين أن يوفقوا إذن بين حبهم لجدهم الأمير الصوفي الأكبري وإنكارهم على التصوف عموما و المشرب الأكبري خصوصا ؟ الحل الذي لجؤوا إليه هو بكل بساطة إنكار كون الأمير كان صوفيا وإنكار نسبة المواقف إليه. لكن هذا الإنكار باطل جملة وتفصيلا لأنه مناقض للواقع مناقضة تامة، ورحم الله الإمام شرف الدين البوصيري القائل في بردته المباركة عن مثل هذه الحالة :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم.
فإننا إذا تأملنا الحجج التي يوردونها تدعيما لإنكارهم، نجدها فارغة من كل محتوى ولا تستند إلا على تساؤلات وهمية، معرضين عن الحقائق الساطعة التي لم يرتب فيها أحد قبلهم.
أول هذه الحقائق، والتي يقر بها حتى هؤلاء المنكرين، هو كما سبق قوله، أن الأمير بإجماع كل من عرفه و أرخ له هو أشهر مدافع عن المذهب الصوفي العرفاني للشيخ محيي الدين بن العربي، ومن المشهور أن الأمير كان في وقته أشهر متكلم باسم هذا المشرب في الشام ، وهو الذي بعث عالمين من أصحابه إلى قونية لتحقيق أوسع موسوعة صوفية للشيخ محيي الدين أي كتابه (الفتوحات المكية) وهو أول من طبعه على نفقته ؛ وكان يدرس كتبه وفي مقدمتها الفتوحات و فصوص الحكم في مجالس يحضرها ثلة من أكابر علماء دمشق، و هؤلاء أنفسهم الذين أكدوا أن كتاب المواقف بكل ما فيه هو حقا للأمير، وما هو إلا امتداد وشروح وتأكيد للمفاهيم المبثوثة في كتب الشيخ محيي الدين، وبالتالي فنسبة المواقف للأمير طبيعية جدا إذ لم يفعل فيها سوى تدوين وكتابة وإملاء ما كان يدرسه من تعاليم للشيخ محيي الدين.
وأشد هؤلاء العلماء التزاما بتلك المجالس و مواظبة على حضورها أربعة، هم : الشيخ محمد الطنطاوي الذي أرسله الأمير قبل وفاته باثني عشر سنة مع الشيخ محمد الطيب المبارك الجزائري (8) لتحقيق كتاب الفتوحات قبل طبعه؛ و الثاني هو علامة الشام الشيخ عبد الرزاق البيطار (9) مؤلف كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) وخصص فيه تراجم مستفيضة للأمير خصوصا ولأبيه ولابنيه محمد باشا و محيي الدين ولأخيه أحمد. وقد أطنب في مدح الأمير و ذكر مناقبه فخصص له 32 صفحة (10)؛ وقد أنكرت السيدة بديعة الحسني هذه الحقيقة الناصعة، فكتبت في كتابها (فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق) فقالت : (لاحظت أن اسم الأستاذ عبد الرزاق البيطار أقحم في كتاب المواقف، إذ لم أعثر على أي دليل؛ فكتابه " حلية البشر" في تاريخ القرن الثالث عشر الذي وجدته بخط يده في المكتبة الظاهرية تحت الأرقام التالية :7940-7941-7942-8014، وهو من ثلاثة أجزاء، وعبارة عن تراجم للعشرات المشائخ والأدباء، ولم أجد اسم الأمير بينهم ولا ذكر كتاب( المواقف)، وإنما وجدت ترجمة لمحي الدين باشا نجل الأمير المذكور) (11). فمن العجيب أن تجد ترجمة ابن الأمير ولا تجد ترجمة الأمير نفسه التي استغرقت 32 صفحة، وفيها يقول عنه : (وحضرت عليه مع من حضر كتاب فتوحات الشيخ الأكبر، ورسالة عقلة المستوفز، وكتاب المواقف للمترجم المرقوم، وهو كتاب كبير في الواردات التي وردت عليه ونسبت إليه، وكنا لا يرد علينا إشكال في آية أو حديث أو غير ذلك إلا و أجاب عليه بأحسن جواب من فتح الملك الوهاب ... وله نظم بديع ونثر فائق رفيع، غير أن بعضها في الرقائق وأكثرها في الحقائق تدل على سمو معارفه وعلو عوارفه نفعنا الله به في الدارين بجاه سيد الكونين) (12)، وبهذه الجملة أنهى ترجمته. لكن السيد خلدون الدمشقي في تشبثه بأوهن الخيوط للتشكيك في مواقف الأمير، لا ينتقي في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة حول هذا الموضوع، من هذا الكلام الواضح للشيخ البيطار إلا كلمة "ونسبت إليه" ويعقب عليها بعدم تأكيده للنسبة، من دون أن يذكر السيد خلدون الكلام الذي قبلها والمؤكد بالفعل أن المواقف للأمير لا لأحد غيره بتاتا. فأين الموضوعية وأين الأمانة في النقل وأين النزاهة ؟ . وأما مقارنة كلام الشيخ البيطار وترجمته الحافلة للأمير مع دعوى السيدة بديعة بأنها لم تعثر على هذه الترجمة فلا يحتاج إلى تعليق.
أما ثالث الملازمين للأمير وأقربهم إليه، فهو شيخ دمشق إمام النقشبندية بها العلامة الصوفي محمد الخاني (1297-1316 هـ) (13) وهو الذي كلفه الأمير بجمع وتبييض كتاب المواقف، لأنه مؤلف من نصوص كتبها الأمير تلقائيا ابتداء من نفسه ليسجل بعض وارداته العرفانية في القرآن والحديث أو وقائعه الروحية (14)، ومن نصوص أملاها إجابة عن أسئلة طرحت عليه خصوصا من طرف الشيخ محمد الخاني المذكور؛ وتعددت أزمنة وأمكنة تأليفه بحسب الواردات والأسئلة، وكانت تلك الواردات تارة في أمبواز بفرنسا، وطورا في مكة المشرفة، وأخرى في المدينة المنورة، وتارة في لندن، وأغلبها في الشام. وبالتالي فبعض المواقف كتبها الأمير بنفسه كما صرح بذلك في الموقفين 109 و123، و بعضها الآخر أملاها على الحاضرين لدروسه أو الطارحين لأسئلتهم و في مقدمتهم الشيخ محمد الخاني الذي صرح بهذا عند نسخه للموقف 363 حيث يقول (15) :(وكنت أراجعه كـثيرا في بعض المسائل وأساله حول إشكالات الفتوحات والفصوص وغيرهما، فلكثرة حبه للخير وبذله، مع كثرة أشغاله، كان يقيد ما ظهر له بالكشف ويوضحه ويعطيني إياه، وكنت حريصا عليه فأقيده في المواقف بإذنه، كما يشير إلى ذلك قوله في بعض الموقف "قد سألني بعض الإخوان"؛ والتصريح باسمي في شرح فص شعيب وفص إسماعيل وفص آدم عليهم الصلاة والسلام، وجزاه الله عني خير ما جازى به أحد عن أحد فإن تفضلاته على العبد لا تنضبط، وكنت طلبت منه شرح خطبة الفتوحات وشرح فص آدم، فابتدأهما ولم يتممهما، فوجدت ما كتبه في كناشه مع بعض فوائد أخرى ومبشرات له، من جملتها بعض ما قيدته هنا، فأحببت تقييدها كالذيل لمواقفه خوف ضياعها مستمدا ومستأذنا من روحانيته الشريفة، قدس الله وطهر روحه اللطيفة) (16) ففي هذا الكلام بيان في غاية الوضوح أن المؤلف الحقيقي الأوحد لكل المواقف ليس سوى الأمير، وأن مبيضه هو الشيخ محمد الخاني الذي كلفه الأمير بذلك، ويراجع الأمير ما يبيضه لتلقى بعد ذلك في مجالسه. ومن هنا تدفع الحجة الواهية التي تشبث بها المنكرون لنسبة المواقف للأمير، وهي قولهم لا وجود للنص الذي كتبه الأمير بخط يده وبالتالي فهو منحول منسوب إليه زورا وبهتانا، حتى أن بعضهم تجرأ وأشار إلى أن الشيخ الجليل الثقة محمد الخاني هو الذي ألف المواقف أو على الأقل دس فيها ما ليس منها؛ لكن نقول لهم : البينة على من ادعى، وقد قال تعالى في التحذير من الاتهام بالباطل : (ستكتب شهادتهم و يسألون) (الآية 19 من سورة الزخرف)، فبأي حق و بأي دليل يتهم هذا الشيخ الجليل عالم دمشق المشهور بكل فضل، يتهم بالكذب أو الدس على الأمير فينسب إليه ما ليس له، وما الفائدة التي يجنيها من هذا العمل المشين ؟ مع أن الذين ترجموا له كلهم شهدوا له بالأمانة وأنه كان أقرب المقربين للأمير وأحبهم إليه ولما توفي الأمير أقامه وصيا على أنجاله القاصرين فأحسن خدمتهم وحفظ أموالهم (17)، وهو الذي أم الجنازة على الأمير في جامع بني أمية وواراه بجانب ضريح الشيخ محيي الدين في صالحية دمشق . وأما رابع العلماء الذين أخذوا المواقف عن الأمير، فهو أخوه العلامة شيخ الطريقة القادرية الشيخ أحمد، وهو الذي يقول عنه الشيخ البيطار في ترجمته له : (... وسمع على أخيه الأمير صحيحي البخاري ومسلم في مدرسة الحديث الأشرفية، وحضره في مواقفه الشهيرة، وفي الفتوحات المكية في داره لما قرئت بحضوره بعد تصحيحها على نسخة مؤلفها) (18)؛ ويؤكد الشيخ أحمد هذا الكلام في كتابه (نثر الدر وبسطه في بيان كون العلم نقطة)، فيقول خلال كلامه عن سر الحقيقة المحمدية : (إن توضيح ذلك حسبما ذكره سيادة أخي العلامة العارف بالله تعالى، السيد عبد القادر بن محيي الدين في مواقفه المدهشة وبيّنه من الأسرار المنعشة ...) إلى آخر ما ذكره (19). وفي كتابه هذا أطنب الشيخ أحمد في الدفاع عن مسألة وحدة الوجود، وكما فعل الأمير في العديد من المواقف بيّن مفهومها الإسلامي القرآني الصحيح الذي عليه أهل التصوف السني النقي و المناقض تماما لمفهومها الخاطئ كما هو عند بعض الفلاسفة وبعض أهل العقائد المنحرفة. و لا شك أن هذه المسألة بأبعادها الدقيقة العميقة هي قطب المسائل التي عليها مدار المواقف، وهي بالخصوص التي دفعت محبي الأمير إلى تبرئته منها في زعمهم، بسبب عدم فهمهم للحقيقة الشرعية والذوقية لهذه المسألة العويصة. وفي هذا المعنى يقول الشيخ أحمد في كتابه المذكور : (واعلم أن كل من فتح الحق تعالى عليه الفتح الكبير لابد له من القول بوحدة الوجود ذوقا وشهودا، خلافا لجميع العباد والزهاد وعلماء الرسوم، فإنهم لا يقولون بذلك، لكونهم لم يشموا من تلك الحقيقة رائحة ولا برقت لهم من بروقها لائحة، وهي توحيد الخواص وأهل الاختصاص الذين خصهم الله بعنايته، يقول قائلهم : ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله أو معه أو بعده أو فيه، الأول لأبي بكر و الثاني لعمر والثالث لعثمان والرابع لعلي رضي الله عنهم) (20).
والأمير نفسه كان عليما بعلو المفاهيم التي فصلها قي المواقف بحيث لا يمكن للكثير من علماء الرسوم فهمها، وبالتالي ينكرونها، فقال في بداية خطبة المواقف معرّفا بها : (هذه نفثات روحية، و إلقاءات سبوحية، بعلوم وهبية، وأسرار غيبية، من وراء العقول وظواهر النقول، خارجة عن الاكتساب والنظر في كتاب، قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا (...) و ما قيدتها لمن يقول هذا إفك قديم، ويحجر على الله تعالى، من علماء الرسم، فإننا نتركهم وما قسم الله تعالى لهم، فإذا أظهروا ملاما وخصاما، تلونا:(وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ولا نجادلهم، بل نرحمهم ونستغفر لهم، ونقيم لهم العذر من أنفسنا في إنكارهم علينا، وطريقة توحيدنا ما هي طريقة المتكلم، ولا الحكيم المعلم، ولكن طريقة توحيد الكتب المنزلة وسنة الرسل المرسلة والصحابة والتابعين، وإن لم يصدق الجمهور و العموم فعند الله تجتمع الخصوم). ولهذا فرأيي في مطالعة المواقف هو رأي الإمام جلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ) في كتب الشيخ محيي الدين، حيث يقول في رسالته (تنبيه الغبي في تبرئة ابن العربي) : (و القول الأفضل عندي في ابن عربي هو اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه إلا الراسخون في العلم)، وهذا هو نفس موقف الأمير حيث يحذر من فهم مواقفه فهما يخرجها عن ظاهر الشريعة كما يحذر من مطالعة كتب العرفان لمن لا يفهم حقيقتها، فيقول في الموقف 358 مثلا .
(... فلا بد من الفرق: عبد ورب، آمر و مأمور (...) وبعض الملاحدة يقول : الحركة والسكون بيد الله، فهو الآمر والمأمور والسامع والمخاطب والمخاطب، فهذا على بصيرة تشقيه وتحول بينه وبين سعادته، وهذا لا يصدر من أحد له علم بالله عن ذوق (...) و لهذه العلة منع بعض أهل الله تلامذته من مطالعة كتب الحقائق لإشرافه على قصور ذلك المريد عن فهمها كهؤلاء الزنادقة. فإن قاصر الفهم لا يخلو إما أن يتناول كلامهم على خلاف ما أرادوه فيهلك مع الهالكين، أو يضيع العمر في النظر في الكتب من غير فائدة، فنهي مثل هذا عن مطالعة كتب الحقائق واجب) (21) .
ورغم كل ما سبق ذكره، تزعم السيدة بديعة أن المواقف لم تعرف و لم تنشر إلا بعد وفاة الأمير، بل تذهب حتى إلى التشكيك في كتاب (تحفة الزائر) لمحمد باشا بن الأمير من دون أي دليل ملموس ولا حجة إلا مجرد التوهم وسوء الظن فقالت حرفيا: (وربما ما جاء في كتابه "تحفة الزائر" عن المواقف كان من دون علم منه، والأرجح أن ناشر الكتابين واحد، فأخذ من هنا ليضع هناك بذكاء كبير) (22) ثم تناقض نفسها في موضع آخر من نفس الكتاب فتقول عن كتاب المواقف أنه ربما كان عبارة عن أوراق متناثرة (23)، لكن الشيخ البيطار الذي يعرفها حق المعرفة وحضر قراءتها عند الأمير يقول أنها كتاب كبير كما مر ذكره .
و كلامها الغريب هذا قريب مما سمعته أيضا من السيد خلدون الدمشقي حين قال في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة أن كتاب المواقف لم يرد ذكره في كتاب (تحفة الزائر) إلا مرة واحدة تقريبا... و أنا شخصيا عددت المرات التي ذكر فيها كتاب المواقف في الجزء الثاني من (تحفة الزائر) فوجدتها لا تقل عن إحدى عشرة مرة (24) منها قوله: [وله (أي الأمير عبد القادر) في فن التصوف المقام الشامخ والباع الطويل والقدم الراسخ، ومواقفه الكريمة أعدل شاهد بكمال ذوقه في تلك المواقف والمشاهد](25)؛ وفي خاتمة الكتاب أورد خطبة المواقف بكاملها بعد أن قال: [وبرع في فنون علوم الشريعة والحقيقة وله تآليف عديدة، وحسبك منها كتاب المواقف في علم الحقيقة، وهو لعقد تآليفه واسطة النظام، ولمطلع مجده بيت القصيد وحسن الختام، ومن أمعن النظر في خطبته أدرك منها فضله وأقر بعلو مرتبته] (26)، وكذلك في مقدمة ديوان والده يذكر الأمير محمد كتاب المواقف فيقول: [ولم أتعرض لذكر ما له من النظم في الحقيقة واللطائف، حيث أنه قدس الله سره أثبتها في كتابه المسمى بالمواقف]؛ فتأمل قوله "أثبتها" أي والده الأمير عبد القادر لا غيره.
وأما دعوى أن المواقف لم تعرف ولم تنشر إلا بعد وفاة الأمير بسنوات فهي أيضا دعوى باطلة، ويكفي في ردها النصوص التي سبق ذكرها، ثم إن جل القصائد التي رثى بها الشعراء الأمير بعد وفاته، كما هي في (تحفة الزائر) ، تذكر اسم هذا الكتاب وأنه أعظم آثار الأمير المكتوبة؛ فمنها مثلا قول الأديب إسحاق أفندي الطرابلسي:
القانت الأواب من أحيت "موا قفه" لنا العربي ذاك الطائي
وقول العلامة عبد الرزاق البيطار:
و "مواقف" شهدت بفضل معارف ضاءت على الأكوان كالنبراس
وقول الشيخ الصالح العلامة محمد بن محمد المبارك الجزائري:
و "مواقف" كالمثاني ذكرها أبدا على طول المدى لا يخلق
و قول الأديب أحمد أفندي وهبي الحلبي:
من بالمواقف بعده يحيي الدجى مستمنحا ذاك التجلي الأعظما
ما زال يقفو إثر محيي الدين حتى حاز حسن جوار ذياك الحمى
فهل ذلك الناشر "الماكر" في زعم السيدة بديعة بأنه دس اسم المواقف في (تحفة الزائر) قد دسه أيضا في كل هذه القصائد ؟ََ أم أنها لم تقرأها ؟
ثم إن الأمير ذكر في المواقف الكثير من أحواله و وقائعه الروحية يشكل مجموعها قسما من سيرته الذاتية، وذكر في موقف قولا لوالده واسم أخيه محمد السعيد (27) فهل بلغ جموح الخيال عند الذين نسبوا المواقف للأمير زورا وبهتانا إلى اختلاق كل ذلك؟ هذا ما لا يصدقه الواقع ولا يقبله المنطق السليم. والغريب الذي لا يكاد يصدق في شأن هؤلاء المنكرين لأصالة المواقف، أنهم هم أنفسهم يستشهدون بنصوص من المواقف في ما يبدو لهم منسجما مع مفاهيمهم، فهم ينتقون منها ما يروق لهم ويرمون بالباقي لا لشيء إلا لأنهم لم يستوعبوه حسب أفقهم المعرفي ... وهذا ما نجده في بعض مقالات السيد خلدون الدمشقي المنشورة في الانترنت وعند السيدة بديعة في كتابها المذكور سابقا، فهي مثلا في الصفحات التي تسبق مباشرة بحثها الذي ينفي نسبة المواقف للأمير تستشهد بنصوص منها على أنها حقا من كلام الأمير (28)، ومع إجهاد نفسها لنفي التصوف عنه تستفتح مختارات من شعره بأشهر وأطول قصائده الصوفية التي بعثها إثر خلوته بغار حراء لشيخه محمد بن محمد بن مسعود الفاسي (29) فكيف نفسر هذا التناقض الغريب؟
وأخيرا:
إذا كان الشخص، ولو كان من أحفاد الأمير، لا يتفق معه في بعض مفاهيمه العرفانية الذوقية السامية، فهو طبعا حر تماما في ذلك، إذ لكل قناعاته ومفاهيمه التي يتسع أفقها أو يضيق، لكن لا يحق له بتاتا أن يتذرع بمزاعم وهمية لينفي عن الأمير ما كان معتزا بأن ينسب هو إليه (30)، وهو ما كان أبناؤه المباشرون أنفسهم معتزون به، حيث أنهم عند وفاة الأمير انتخبوا من بين آلاف برقيات و رسائل التعازي، أربعة أبيات فيها ذكر المواقف، وهي لصديقه الحميم كبير علماء دمشق الشيخ عبد المجيد الخاني (31) ابن الشيخ محمد الخاني ناسخ المواقف السابق ذكره، فنقشت على شاهدة قبره للعبرة والتاريخ، وجعل الشطر الثاني من البيت الأخير يساوي بحساب الجمل عدد 1300 إشارة إلى سنة وفاة الأمير. وهكذا وكما اقترنت المواقف باسمه خلال حياته، اقترنت به أيضا بمماته معه في قبره، لكن الأهم هو انتشارها بعد وفاته شرقا وغربا، ينتشق منها أهل الذوق والعرفان الروح والريحان سائلين لمؤلفها أوسع الرحمة وأكبر الرضوان. و الأبيات هي:
لله أفق صارمشرق دارتي قمرين هلا من ديار المغرب
الشيخ محيي الدين ختم الأولياء قمر (الفتوحات) الفريد المشرب
والفرد عبد القادر الحسني الأمير قمر (المواقف) ذا الولي ابن النبي
من نال من أعلى رفيق أرخوا أزكى مقامات الشهود الأقرب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه عبد الباقي مفتاح بقمار الخميس 16 ذي الحجة 1430 هـ/03-12-2009


تعقيبات ومراجع
رموز المراجع المتكررة :
- المواقف = كتاب المواقف للأمير عبد القادر ، تحقيق عبد الباقي مفتاح ، طبعة دار الهدى ، ميلة الجزائر ، 2007 .
- حلية = كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ عبد الرزاق البيطار ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، الطبعة الثانية ، دار صادر بيروت ، 1413 هـ / 1993 م .
- فكر الأمير = كتاب فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق ، للأميرة بديعة الحسني الجزائري ، طبعة أولى ، دار الفكر ، 1424 هـ / 2000 م .
تحفة = "تحفة الزائر" لمحمد ابن عبد القادر الجزائري، منشورات ثالة، الأبيار،الجزائر-2007، الجزء الثاني؛
(1) ذكر الأمير هذا العنوان لكتابه في بداية الموقف 360.
(2) أتم المؤلف كتابته عام 1338 هـ ، و طبع هذا الكتاب هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء كبيرة، بالقاهرة سنة 1425 هـ-2004م، ثم في بيروت بمطبعة الكتب العلمية.
(3) ينظر "جامع كرامات الأولياء" ليوسف النبهاني- دار الكتب العلمية ببيروت، طبعة أولى، 1998 م-1417هـ، الجزء الثاني،ص179-182.
(4) حاضر العالم الإسلامي ، ج2 ، ص . 172 .
(5) أول من ترجم إلى الفرنسية قسما من المواقف هو المستشرق الفرنسي المسلم "ميشال شودكيفيكس" (واسمه الإسلامي: علي عبد الله)، ترجم ترجمة ممتازة 38 موقفا مع مقدمة وتعليقات في غاية الجودة، وذلك في كتاب بعنوان "مكتوبات روحية" (Ecrits spirituels)، ونشرته دار "ساي" (Seuil)، سنة 1982 في 225 صفحة؛ ثم في سنة 1983، ترجم مستشرق فرنسي مسلم آخر وهو "شارل أندري جليس" (واسمه الإسلامي: عبد الرزاق يحي) القصائد التسعة عشر الواردة في بداية المواقف، وذلك تحت عنوان: "قصائد ميتافيزيقية"؛ وفي سنة 1996 واصل الأستاذ الفرنسي المسلم "عبد الله بونو" عمل "شودكيفيكس" فترجم 51 موقفا غير المواقف التي ترجمها هذا الأخير؛ ثم أعاد نشرها مرة أخرى مع زيادات في التعقيبات و الإحالات سنة 2008؛ وفي عام 2000، بذل القسيس الفرنسي ميشال لاغارد مجهودا كبيرا فترجم جميع المواقف في ثلاثة مجلدات ضخمة، مع فهارس شاملة كاملة في غاية الدقة، لكن هذه الترجمة بالخصوص في حاجة ملحة لمراجعتها بدقة وجدية لاشتمالها على العديد من الأخطاء المتنوعة، وقد نشرت في ليدن بهولندا وفي بوسطن وكولونيا.
(6) كتاب (L'intérieur du Maghreb) فصل 14 ص: 512-513، من طبعة قاليمار بباريس 1978.
(7) حول تصوف الأمير تنظر مقدمة المواقف ، تحقيق عبد الباقي مفتاح .
(8) الشيخ محمد الطنطاوي كان من كبار علماء دمشق، يدرس العوم الشرعية في مدارسها ومساجدها، ولد بمصر سنة 1240هـ، واستقر بدمشق بعد دراسته في الأزهر بالقاهرة، وممن أخذ عنه الشيخ أحمد أخو الأمير عبد القادر، قرأ عليه النحو والكلام والبيان والمنطق والوضع والأصول؛ وقد كلفه الأمير بتعليم أبنائه فقام بذلك أحسن قيام، وكان من شيوخ الطريقة النقشبندية، وتوفي سنة 1306هـ، (ينظر "حلية البشر"، ج3،ص: 1284-1288).
وأما محمد الطيب المبارك الذي كان شاعرا أديبا صوفيا، فقد هاجر مع والده من بلده دلس بالجزائر حيث ولد عام 1250هـ، واستقر في دمشق عام 1263، ومات ودفن بالمزة عام 1313 هـ، ينظر حوله كتاب (تاريخ الجزائر الثقافي) لسعد الله بلقاسم طبعة دار الغرب الاسلامي، ببيروت 1998، ج5، ص: 521-522. وقد ورد ذكره في (حلية البشر ج3،ص:1371-1375) في ترجمة والده محمد المبارك (1223-1269هـ) وفي ترجمة أخيه العلامة محمد (1263-1330 هـ، ج3،ص: 345-1368).
(9) الشيخ عبد الرزاق البيطار (1253-1335 هـ) عالم فقيه أديب صوفي مؤرخ من مشاهير علماء دمشق، أشهر تآليفه (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) في ثلاثة أجزاء، وفيه وصف دقيق لفتنة المسلمين التي شهدها هو بنفسه في دمشق عام 1860 هـ، ودور الأمير في إطفائها، ومن كتبه الأخرى "المنة في العمل بالكتاب والسنة" وكتاب "المباحث الغرر في حكم الصور"، وكان صديقا حميما للأمير ولابنه محيي الدين.
(10) " حلية البشر " ج2، ص: 883-915.
(11) "فكر الأمير " ص: 170-171.
(12) "حلية البشر"، ج2، ص904 و ص915.
(13) تنظر ترجمته في "حلية البشر"، ج3 ص1215.
(14) خصص الأمير نحو العشرة مواقف لوصف بعض وقائعه الروحية، وهي المواقف 1/29/30/74/76/84/112/199/256/372؛ أما المواقف الأخرى التي أورد فيها لمحة عن تلك الوقائع فكثيرة جدا تفوق المائة، وتنظر مواقعها في كتاب "المواقف" تحقيق عبد الباقي مفتاح، مطبعة دار الهدى بعين مليلة، الجزائر، 2007م، ج3، ص1309-1312.
(15) كتاب "المواقف" للأمير عبد القادر طبعة الجزائر، 1996م، ج3، ص 98-99.
(16) هذا الكلام من الشيخ محمد الخاني نقله أيضا عنه ابنه عبد المجيد (1263-1315 هـ) في كتابه (الحقائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية) وقد كان هو أيضا من أصحاب الأمير، وبعد ذكره لكلام والده، أتبعه بنص الموقف 365 كما هو في طبعة الجزائر (ص281)، وفي كتابه هذا وصف الأمير بأنه "وارث العلوم الأكبرية".
(17) ينظر "حلية البشر"، ج3، ص1218، نقلا عن جميل الشطي مؤلف كتاب "روض البشر".
(18) تنظر ترجمة الشيخ أحمد أخو الأمير (ولد سنة 1249 في القيطنة مسقط رأس الأمير وتوفي سنة 1320هـ) في "حلية البشر"للبيطار (ج1 ص 304-305) و"تعريف الخلف" للحفناوي (ج2 ص 92-95) ومعجم المؤلفين لكحالة (ج1 ص305)، ومن تآليفه كتاب في سيرة أخيه الأمير، ورسائل صوفية وفقهية.
(19) أول من طبع هذا الكتاب للشيخ أحمد هو محدث الشام الأشهر الشيخ بدر الدين الحسني، طبعها سنة 1324 هـ، وآخر طبعة لها بدار الكتب العلمية ببيروت سنة 1425 هـ (2004م)، والنص الذي أوردناه من هذه الطبعة الأخير ينظر في الصفحة 11.
(20) نفس المرجع الأخير ص18 -19.
(21) المواقف ، ص . 1040 – 1041
(22) "فكر الأمير ، ص: 170.
(23) نفس المرجع السابق.
(24) ينظر ذكر المواقف في المواقع التالية من " تحفة الزائر " : صفحة 218 سطر 6/ ص340 س21/ ص354 س19/ ص399 س19/ ص433 س14-15/ ص435 س17/ ص437 س14/ ص449 س4/ ص465 س8/ ص483 س10/ خطبة المواقف بكاملها ص483-489.
(25) المصدر السابق، ج2، ص433.
(26) المصدر السابق، ج2، ص483.
(27) تنظر مرائي الأمير في الموقف 372، وحكايته مع والده في شأن السحر في الموقف 248، زيادة على وقائعه الروحية المشار إليها في التعقيب 14 السابق.
(28) "فكر الأمير ، ص: 160-161.
(29) المرجع السابق، ص 289-292.
(30) كثيرا ما عبر الأمير عن اعتزازه بانتسابه للصوفية الذين يصفهم بأشرف الأوصاف، سواء في أشعاره أو مواقفه وقد ذكر في الموقف 265 أن أكثر الناس يأبون عليه ما خوله الله من النعم الدنيوية والأخروية، ثم يقول عن نفسه : [... وأما انتسابك إلى الطائفة العلية والفرقة الناجية فذلك عندهم أبعد وأبعد] ويعني بالطائفة العلية السادة الصوفية حسب وصفه لهم في مواقف أخرى.
(31) "تحفة الزائر"، ج2، ص399.

khalil1998
2010-04-21, 15:23
http://img242.imageshack.us/img242/1189/5866d6d067fn9.gif

سعداني
2010-04-21, 18:32
السلام عليكم.
كنت في زمن قد مضى، كتبت تنبيهات للقراء الكرام والمشاركين فيما يتعلق بالشخصية الفذة، والعالم الجليل والصوفي المتبحر، الأمير عبد القادر، وذلك فيما يتعلق بنسبة كتاب المواقف إليه، والذي يأبى وللأسف الشديد الكثيرون ممن لم يوافق هذا المشرب هواهم، يأبون نسبته للأمير، ظنا منهم أن في نسبته إساءة لهذا الرجل الفذ، ولقد قدّم لي الاستاذ ( عبد الباقي مفتاح) محقق كتاب المواقف، قدم لي مقالا مفيدا لمن أراد الانصاف فوددت ارساله إليكم، آملا أن يجعل القارئ ميزان الشريعة ميزانه، هذا الميزان الذي لا يصطدم مع العقل والمنطق. وإليكم مقال الاستاذ عبد الباقي مفتاح حفظه الله وإيانا جميعا:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق وآله وصحبه.

الرد على من أنكر نسبة " المواقف"للأمير عبد القادر

من المعلوم عند كل دارس لسيرة الأمير أن أهم تآليفه وأكثرها انتشارا وشهرة وترجمة وأعمقها أثرا هو كتابه الذي عنوانه الصحيح الكامل المواقف الروحية في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السبوحية)(1) ، وجلّ من كتبوا سيرة الأمير ممن صحبوه طويلا وعرفوه عن قرب، أثبتوا نسبته إليه بكل وضوح، ولأهميته انتشر سريعا خلال حياة الأمير وبعده خصوصا في الأوساط الصوفية، والدليل على هذا، التنويه به أو الاستشهاد بنصوصه في العديد من الكتب التي ظهرت خلال بدايات القرن الرابع عشر خصوصا، وكمثال على هذا النصوص الكثيرة الطويلة التي نقلها منه الشيخ المغربي الشهير محمد بن جعفر الكتاني (1274- 1345هـ) في كتابه الضخم (جلاء الأصداء الغينية) (2) ؛ وكمثال آخر ما نجده في كتاب (جامع كرامات الأولياء) لشيخ الشام الصوفي الشاعر قاضي المحكمة الشرعية ببيروت يوسف النبهاني (1265-1350 هـ)- الذي أخذ الطريقة الدرقاوية الشاذلية عن نفس الشيخ الذي أخذ عنه الأمير أي الشيخ محمد بن محمد بن مسعود الفاسي (توفي سنة 1289 هـ) – حيث خصص للأمير ترجمة ومما قال فيها : (وكان من أكابر العارفين بالله تعالى مع الأخلاق المحمدية و الكمالات الدينية والشهرة التي ملأت الخافقين، ولم يقع في كونه من أفراد عصره خلاف بين اثنين، ومن أجل مناقبه وأعظم كراماته الكبرى المشتملة على كرامات كثيرة لا تعد ولا تحصى : مواقفه التي جمع فيها وارداته الإلهية، وعبر عنها بالمواقف، فقد اشتملت من العلوم والمعارف والأسرار على ما لا يدخل تحت حساب، ولا يمكن أن يستفاد من قراءة كتاب، وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) ثم ذكر النبهاني نماذج من المواقف(3).
و قريب من هذا التقييم ما نجده أيضا في كلام العلامة السياسي الأديب أمير البيان شكيب أرسلان (1871-1946م) في كتاب (حاضر العالم الإسلامي) وهو قوله : (وكان المرحوم عبد القادر متضلعا في العلم والأدب، سامي الفكر، راسخ القدم في التصوف، لا يكتفي به نظرا حتى يمارسه عملا، ولا يحن إليه شوقا حتى يعرفه ذوقا، وله في التصوف كتاب سماه المواقف، فهو في هذا المشرب من الأفراد الأفذاذ، ربما لا يوجد نظيره في المتأخرين)(4) .
وحتى الغربيون المستشرقون تفطنوا لأهمية الكتاب وترجموه (5) وأكتفي بما ذكره العلامة "جاك بيرك" (1910-1995م) في كتابه (داخل المغرب) حيث يقول : (إن الروعة الأدبية للعديد من فقرات المواقف قد تقلب عدة مسلمات، وأن النهضة الحقيقية - بلا ريب – قد لا توجد حيث يبحث عنها عادة) (6).
لكن، رغم هذا كله، ظهر في السنوات الأخيرة مع الأسف من يشكك في صحة نسبة المواقف للأمير، بل حتى في تصوفه وأرادوا تعسفا تجريده من الطابع الأساسي لشخصيته و لما تميزت به أسرته، إذ أن أباه وجده وبعض إخوته وذريتهم كانوا من مشاهير الطريقة القادرية في الجزائر وفي الشام (7) . والعجيب أن هذا التشكيك الفاقد لكل سند ابتدع من طرف أشخاص يحبون الأمير ويدافعون عنه،ربما بالخصوص لأنهم من نسله، لكن تكوينهم العقيدي والثقافي جعلهم ينكرون على التصوف وأهله لا سيما الصوف العرفاني السامي المتمثل خصوصا في مشرب الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي (560-638 هـ). فكيف لهؤلاء المنكرين أن يوفقوا إذن بين حبهم لجدهم الأمير الصوفي الأكبري وإنكارهم على التصوف عموما و المشرب الأكبري خصوصا ؟ الحل الذي لجؤوا إليه هو بكل بساطة إنكار كون الأمير كان صوفيا وإنكار نسبة المواقف إليه. لكن هذا الإنكار باطل جملة وتفصيلا لأنه مناقض للواقع مناقضة تامة، ورحم الله الإمام شرف الدين البوصيري القائل في بردته المباركة عن مثل هذه الحالة :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم.
فإننا إذا تأملنا الحجج التي يوردونها تدعيما لإنكارهم، نجدها فارغة من كل محتوى ولا تستند إلا على تساؤلات وهمية، معرضين عن الحقائق الساطعة التي لم يرتب فيها أحد قبلهم.
أول هذه الحقائق، والتي يقر بها حتى هؤلاء المنكرين، هو كما سبق قوله، أن الأمير بإجماع كل من عرفه و أرخ له هو أشهر مدافع عن المذهب الصوفي العرفاني للشيخ محيي الدين بن العربي، ومن المشهور أن الأمير كان في وقته أشهر متكلم باسم هذا المشرب في الشام ، وهو الذي بعث عالمين من أصحابه إلى قونية لتحقيق أوسع موسوعة صوفية للشيخ محيي الدين أي كتابه (الفتوحات المكية) وهو أول من طبعه على نفقته ؛ وكان يدرس كتبه وفي مقدمتها الفتوحات و فصوص الحكم في مجالس يحضرها ثلة من أكابر علماء دمشق، و هؤلاء أنفسهم الذين أكدوا أن كتاب المواقف بكل ما فيه هو حقا للأمير، وما هو إلا امتداد وشروح وتأكيد للمفاهيم المبثوثة في كتب الشيخ محيي الدين، وبالتالي فنسبة المواقف للأمير طبيعية جدا إذ لم يفعل فيها سوى تدوين وكتابة وإملاء ما كان يدرسه من تعاليم للشيخ محيي الدين.
وأشد هؤلاء العلماء التزاما بتلك المجالس و مواظبة على حضورها أربعة، هم : الشيخ محمد الطنطاوي الذي أرسله الأمير قبل وفاته باثني عشر سنة مع الشيخ محمد الطيب المبارك الجزائري (8) لتحقيق كتاب الفتوحات قبل طبعه؛ و الثاني هو علامة الشام الشيخ عبد الرزاق البيطار (9) مؤلف كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) وخصص فيه تراجم مستفيضة للأمير خصوصا ولأبيه ولابنيه محمد باشا و محيي الدين ولأخيه أحمد. وقد أطنب في مدح الأمير و ذكر مناقبه فخصص له 32 صفحة (10)؛ وقد أنكرت السيدة بديعة الحسني هذه الحقيقة الناصعة، فكتبت في كتابها (فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق) فقالت : (لاحظت أن اسم الأستاذ عبد الرزاق البيطار أقحم في كتاب المواقف، إذ لم أعثر على أي دليل؛ فكتابه " حلية البشر" في تاريخ القرن الثالث عشر الذي وجدته بخط يده في المكتبة الظاهرية تحت الأرقام التالية :7940-7941-7942-8014، وهو من ثلاثة أجزاء، وعبارة عن تراجم للعشرات المشائخ والأدباء، ولم أجد اسم الأمير بينهم ولا ذكر كتاب( المواقف)، وإنما وجدت ترجمة لمحي الدين باشا نجل الأمير المذكور) (11). فمن العجيب أن تجد ترجمة ابن الأمير ولا تجد ترجمة الأمير نفسه التي استغرقت 32 صفحة، وفيها يقول عنه : (وحضرت عليه مع من حضر كتاب فتوحات الشيخ الأكبر، ورسالة عقلة المستوفز، وكتاب المواقف للمترجم المرقوم، وهو كتاب كبير في الواردات التي وردت عليه ونسبت إليه، وكنا لا يرد علينا إشكال في آية أو حديث أو غير ذلك إلا و أجاب عليه بأحسن جواب من فتح الملك الوهاب ... وله نظم بديع ونثر فائق رفيع، غير أن بعضها في الرقائق وأكثرها في الحقائق تدل على سمو معارفه وعلو عوارفه نفعنا الله به في الدارين بجاه سيد الكونين) (12)، وبهذه الجملة أنهى ترجمته. لكن السيد خلدون الدمشقي في تشبثه بأوهن الخيوط للتشكيك في مواقف الأمير، لا ينتقي في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة حول هذا الموضوع، من هذا الكلام الواضح للشيخ البيطار إلا كلمة "ونسبت إليه" ويعقب عليها بعدم تأكيده للنسبة، من دون أن يذكر السيد خلدون الكلام الذي قبلها والمؤكد بالفعل أن المواقف للأمير لا لأحد غيره بتاتا. فأين الموضوعية وأين الأمانة في النقل وأين النزاهة ؟ . وأما مقارنة كلام الشيخ البيطار وترجمته الحافلة للأمير مع دعوى السيدة بديعة بأنها لم تعثر على هذه الترجمة فلا يحتاج إلى تعليق.
أما ثالث الملازمين للأمير وأقربهم إليه، فهو شيخ دمشق إمام النقشبندية بها العلامة الصوفي محمد الخاني (1297-1316 هـ) (13) وهو الذي كلفه الأمير بجمع وتبييض كتاب المواقف، لأنه مؤلف من نصوص كتبها الأمير تلقائيا ابتداء من نفسه ليسجل بعض وارداته العرفانية في القرآن والحديث أو وقائعه الروحية (14)، ومن نصوص أملاها إجابة عن أسئلة طرحت عليه خصوصا من طرف الشيخ محمد الخاني المذكور؛ وتعددت أزمنة وأمكنة تأليفه بحسب الواردات والأسئلة، وكانت تلك الواردات تارة في أمبواز بفرنسا، وطورا في مكة المشرفة، وأخرى في المدينة المنورة، وتارة في لندن، وأغلبها في الشام. وبالتالي فبعض المواقف كتبها الأمير بنفسه كما صرح بذلك في الموقفين 109 و123، و بعضها الآخر أملاها على الحاضرين لدروسه أو الطارحين لأسئلتهم و في مقدمتهم الشيخ محمد الخاني الذي صرح بهذا عند نسخه للموقف 363 حيث يقول (15) وكنت أراجعه كـثيرا في بعض المسائل وأساله حول إشكالات الفتوحات والفصوص وغيرهما، فلكثرة حبه للخير وبذله، مع كثرة أشغاله، كان يقيد ما ظهر له بالكشف ويوضحه ويعطيني إياه، وكنت حريصا عليه فأقيده في المواقف بإذنه، كما يشير إلى ذلك قوله في بعض الموقف "قد سألني بعض الإخوان"؛ والتصريح باسمي في شرح فص شعيب وفص إسماعيل وفص آدم عليهم الصلاة والسلام، وجزاه الله عني خير ما جازى به أحد عن أحد فإن تفضلاته على العبد لا تنضبط، وكنت طلبت منه شرح خطبة الفتوحات وشرح فص آدم، فابتدأهما ولم يتممهما، فوجدت ما كتبه في كناشه مع بعض فوائد أخرى ومبشرات له، من جملتها بعض ما قيدته هنا، فأحببت تقييدها كالذيل لمواقفه خوف ضياعها مستمدا ومستأذنا من روحانيته الشريفة، قدس الله وطهر روحه اللطيفة) (16) ففي هذا الكلام بيان في غاية الوضوح أن المؤلف الحقيقي الأوحد لكل المواقف ليس سوى الأمير، وأن مبيضه هو الشيخ محمد الخاني الذي كلفه الأمير بذلك، ويراجع الأمير ما يبيضه لتلقى بعد ذلك في مجالسه. ومن هنا تدفع الحجة الواهية التي تشبث بها المنكرون لنسبة المواقف للأمير، وهي قولهم لا وجود للنص الذي كتبه الأمير بخط يده وبالتالي فهو منحول منسوب إليه زورا وبهتانا، حتى أن بعضهم تجرأ وأشار إلى أن الشيخ الجليل الثقة محمد الخاني هو الذي ألف المواقف أو على الأقل دس فيها ما ليس منها؛ لكن نقول لهم : البينة على من ادعى، وقد قال تعالى في التحذير من الاتهام بالباطل : (ستكتب شهادتهم و يسألون) (الآية 19 من سورة الزخرف)، فبأي حق و بأي دليل يتهم هذا الشيخ الجليل عالم دمشق المشهور بكل فضل، يتهم بالكذب أو الدس على الأمير فينسب إليه ما ليس له، وما الفائدة التي يجنيها من هذا العمل المشين ؟ مع أن الذين ترجموا له كلهم شهدوا له بالأمانة وأنه كان أقرب المقربين للأمير وأحبهم إليه ولما توفي الأمير أقامه وصيا على أنجاله القاصرين فأحسن خدمتهم وحفظ أموالهم (17)، وهو الذي أم الجنازة على الأمير في جامع بني أمية وواراه بجانب ضريح الشيخ محيي الدين في صالحية دمشق . وأما رابع العلماء الذين أخذوا المواقف عن الأمير، فهو أخوه العلامة شيخ الطريقة القادرية الشيخ أحمد، وهو الذي يقول عنه الشيخ البيطار في ترجمته له : (... وسمع على أخيه الأمير صحيحي البخاري ومسلم في مدرسة الحديث الأشرفية، وحضره في مواقفه الشهيرة، وفي الفتوحات المكية في داره لما قرئت بحضوره بعد تصحيحها على نسخة مؤلفها) (18)؛ ويؤكد الشيخ أحمد هذا الكلام في كتابه (نثر الدر وبسطه في بيان كون العلم نقطة)، فيقول خلال كلامه عن سر الحقيقة المحمدية : (إن توضيح ذلك حسبما ذكره سيادة أخي العلامة العارف بالله تعالى، السيد عبد القادر بن محيي الدين في مواقفه المدهشة وبيّنه من الأسرار المنعشة ...) إلى آخر ما ذكره (19). وفي كتابه هذا أطنب الشيخ أحمد في الدفاع عن مسألة وحدة الوجود، وكما فعل الأمير في العديد من المواقف بيّن مفهومها الإسلامي القرآني الصحيح الذي عليه أهل التصوف السني النقي و المناقض تماما لمفهومها الخاطئ كما هو عند بعض الفلاسفة وبعض أهل العقائد المنحرفة. و لا شك أن هذه المسألة بأبعادها الدقيقة العميقة هي قطب المسائل التي عليها مدار المواقف، وهي بالخصوص التي دفعت محبي الأمير إلى تبرئته منها في زعمهم، بسبب عدم فهمهم للحقيقة الشرعية والذوقية لهذه المسألة العويصة. وفي هذا المعنى يقول الشيخ أحمد في كتابه المذكور : (واعلم أن كل من فتح الحق تعالى عليه الفتح الكبير لابد له من القول بوحدة الوجود ذوقا وشهودا، خلافا لجميع العباد والزهاد وعلماء الرسوم، فإنهم لا يقولون بذلك، لكونهم لم يشموا من تلك الحقيقة رائحة ولا برقت لهم من بروقها لائحة، وهي توحيد الخواص وأهل الاختصاص الذين خصهم الله بعنايته، يقول قائلهم : ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله أو معه أو بعده أو فيه، الأول لأبي بكر و الثاني لعمر والثالث لعثمان والرابع لعلي رضي الله عنهم) (20).
والأمير نفسه كان عليما بعلو المفاهيم التي فصلها قي المواقف بحيث لا يمكن للكثير من علماء الرسوم فهمها، وبالتالي ينكرونها، فقال في بداية خطبة المواقف معرّفا بها : (هذه نفثات روحية، و إلقاءات سبوحية، بعلوم وهبية، وأسرار غيبية، من وراء العقول وظواهر النقول، خارجة عن الاكتساب والنظر في كتاب، قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا (...) و ما قيدتها لمن يقول هذا إفك قديم، ويحجر على الله تعالى، من علماء الرسم، فإننا نتركهم وما قسم الله تعالى لهم، فإذا أظهروا ملاما وخصاما، تلوناوإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ولا نجادلهم، بل نرحمهم ونستغفر لهم، ونقيم لهم العذر من أنفسنا في إنكارهم علينا، وطريقة توحيدنا ما هي طريقة المتكلم، ولا الحكيم المعلم، ولكن طريقة توحيد الكتب المنزلة وسنة الرسل المرسلة والصحابة والتابعين، وإن لم يصدق الجمهور و العموم فعند الله تجتمع الخصوم). ولهذا فرأيي في مطالعة المواقف هو رأي الإمام جلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ) في كتب الشيخ محيي الدين، حيث يقول في رسالته (تنبيه الغبي في تبرئة ابن العربي) : (و القول الأفضل عندي في ابن عربي هو اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه إلا الراسخون في العلم)، وهذا هو نفس موقف الأمير حيث يحذر من فهم مواقفه فهما يخرجها عن ظاهر الشريعة كما يحذر من مطالعة كتب العرفان لمن لا يفهم حقيقتها، فيقول في الموقف 358 مثلا .
(... فلا بد من الفرق: عبد ورب، آمر و مأمور (...) وبعض الملاحدة يقول : الحركة والسكون بيد الله، فهو الآمر والمأمور والسامع والمخاطب والمخاطب، فهذا على بصيرة تشقيه وتحول بينه وبين سعادته، وهذا لا يصدر من أحد له علم بالله عن ذوق (...) و لهذه العلة منع بعض أهل الله تلامذته من مطالعة كتب الحقائق لإشرافه على قصور ذلك المريد عن فهمها كهؤلاء الزنادقة. فإن قاصر الفهم لا يخلو إما أن يتناول كلامهم على خلاف ما أرادوه فيهلك مع الهالكين، أو يضيع العمر في النظر في الكتب من غير فائدة، فنهي مثل هذا عن مطالعة كتب الحقائق واجب) (21) .
ورغم كل ما سبق ذكره، تزعم السيدة بديعة أن المواقف لم تعرف و لم تنشر إلا بعد وفاة الأمير، بل تذهب حتى إلى التشكيك في كتاب (تحفة الزائر) لمحمد باشا بن الأمير من دون أي دليل ملموس ولا حجة إلا مجرد التوهم وسوء الظن فقالت حرفيا: (وربما ما جاء في كتابه "تحفة الزائر" عن المواقف كان من دون علم منه، والأرجح أن ناشر الكتابين واحد، فأخذ من هنا ليضع هناك بذكاء كبير) (22) ثم تناقض نفسها في موضع آخر من نفس الكتاب فتقول عن كتاب المواقف أنه ربما كان عبارة عن أوراق متناثرة (23)، لكن الشيخ البيطار الذي يعرفها حق المعرفة وحضر قراءتها عند الأمير يقول أنها كتاب كبير كما مر ذكره .
و كلامها الغريب هذا قريب مما سمعته أيضا من السيد خلدون الدمشقي حين قال في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة أن كتاب المواقف لم يرد ذكره في كتاب (تحفة الزائر) إلا مرة واحدة تقريبا... و أنا شخصيا عددت المرات التي ذكر فيها كتاب المواقف في الجزء الثاني من (تحفة الزائر) فوجدتها لا تقل عن إحدى عشرة مرة (24) منها قوله: [وله (أي الأمير عبد القادر) في فن التصوف المقام الشامخ والباع الطويل والقدم الراسخ، ومواقفه الكريمة أعدل شاهد بكمال ذوقه في تلك المواقف والمشاهد](25)؛ وفي خاتمة الكتاب أورد خطبة المواقف بكاملها بعد أن قال: [وبرع في فنون علوم الشريعة والحقيقة وله تآليف عديدة، وحسبك منها كتاب المواقف في علم الحقيقة، وهو لعقد تآليفه واسطة النظام، ولمطلع مجده بيت القصيد وحسن الختام، ومن أمعن النظر في خطبته أدرك منها فضله وأقر بعلو مرتبته] (26)، وكذلك في مقدمة ديوان والده يذكر الأمير محمد كتاب المواقف فيقول: [ولم أتعرض لذكر ما له من النظم في الحقيقة واللطائف، حيث أنه قدس الله سره أثبتها في كتابه المسمى بالمواقف]؛ فتأمل قوله "أثبتها" أي والده الأمير عبد القادر لا غيره.
وأما دعوى أن المواقف لم تعرف ولم تنشر إلا بعد وفاة الأمير بسنوات فهي أيضا دعوى باطلة، ويكفي في ردها النصوص التي سبق ذكرها، ثم إن جل القصائد التي رثى بها الشعراء الأمير بعد وفاته، كما هي في (تحفة الزائر) ، تذكر اسم هذا الكتاب وأنه أعظم آثار الأمير المكتوبة؛ فمنها مثلا قول الأديب إسحاق أفندي الطرابلسي:
القانت الأواب من أحيت "موا قفه" لنا العربي ذاك الطائي
وقول العلامة عبد الرزاق البيطار:
و "مواقف" شهدت بفضل معارف ضاءت على الأكوان كالنبراس
وقول الشيخ الصالح العلامة محمد بن محمد المبارك الجزائري:
و "مواقف" كالمثاني ذكرها أبدا على طول المدى لا يخلق
و قول الأديب أحمد أفندي وهبي الحلبي:
من بالمواقف بعده يحيي الدجى مستمنحا ذاك التجلي الأعظما
ما زال يقفو إثر محيي الدين حتى حاز حسن جوار ذياك الحمى
فهل ذلك الناشر "الماكر" في زعم السيدة بديعة بأنه دس اسم المواقف في (تحفة الزائر) قد دسه أيضا في كل هذه القصائد ؟ََ أم أنها لم تقرأها ؟
ثم إن الأمير ذكر في المواقف الكثير من أحواله و وقائعه الروحية يشكل مجموعها قسما من سيرته الذاتية، وذكر في موقف قولا لوالده واسم أخيه محمد السعيد (27) فهل بلغ جموح الخيال عند الذين نسبوا المواقف للأمير زورا وبهتانا إلى اختلاق كل ذلك؟ هذا ما لا يصدقه الواقع ولا يقبله المنطق السليم. والغريب الذي لا يكاد يصدق في شأن هؤلاء المنكرين لأصالة المواقف، أنهم هم أنفسهم يستشهدون بنصوص من المواقف في ما يبدو لهم منسجما مع مفاهيمهم، فهم ينتقون منها ما يروق لهم ويرمون بالباقي لا لشيء إلا لأنهم لم يستوعبوه حسب أفقهم المعرفي ... وهذا ما نجده في بعض مقالات السيد خلدون الدمشقي المنشورة في الانترنت وعند السيدة بديعة في كتابها المذكور سابقا، فهي مثلا في الصفحات التي تسبق مباشرة بحثها الذي ينفي نسبة المواقف للأمير تستشهد بنصوص منها على أنها حقا من كلام الأمير (28)، ومع إجهاد نفسها لنفي التصوف عنه تستفتح مختارات من شعره بأشهر وأطول قصائده الصوفية التي بعثها إثر خلوته بغار حراء لشيخه محمد بن محمد بن مسعود الفاسي (29) فكيف نفسر هذا التناقض الغريب؟
وأخيرا:
إذا كان الشخص، ولو كان من أحفاد الأمير، لا يتفق معه في بعض مفاهيمه العرفانية الذوقية السامية، فهو طبعا حر تماما في ذلك، إذ لكل قناعاته ومفاهيمه التي يتسع أفقها أو يضيق، لكن لا يحق له بتاتا أن يتذرع بمزاعم وهمية لينفي عن الأمير ما كان معتزا بأن ينسب هو إليه (30)، وهو ما كان أبناؤه المباشرون أنفسهم معتزون به، حيث أنهم عند وفاة الأمير انتخبوا من بين آلاف برقيات و رسائل التعازي، أربعة أبيات فيها ذكر المواقف، وهي لصديقه الحميم كبير علماء دمشق الشيخ عبد المجيد الخاني (31) ابن الشيخ محمد الخاني ناسخ المواقف السابق ذكره، فنقشت على شاهدة قبره للعبرة والتاريخ، وجعل الشطر الثاني من البيت الأخير يساوي بحساب الجمل عدد 1300 إشارة إلى سنة وفاة الأمير. وهكذا وكما اقترنت المواقف باسمه خلال حياته، اقترنت به أيضا بمماته معه في قبره، لكن الأهم هو انتشارها بعد وفاته شرقا وغربا، ينتشق منها أهل الذوق والعرفان الروح والريحان سائلين لمؤلفها أوسع الرحمة وأكبر الرضوان. و الأبيات هي:
لله أفق صارمشرق دارتي قمرين هلا من ديار المغرب
الشيخ محيي الدين ختم الأولياء قمر (الفتوحات) الفريد المشرب
والفرد عبد القادر الحسني الأمير قمر (المواقف) ذا الولي ابن النبي
من نال من أعلى رفيق أرخوا أزكى مقامات الشهود الأقرب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه عبد الباقي مفتاح بقمار الخميس 16 ذي الحجة 1430 هـ/03-12-2009


تعقيبات ومراجع
رموز المراجع المتكررة :
- المواقف = كتاب المواقف للأمير عبد القادر ، تحقيق عبد الباقي مفتاح ، طبعة دار الهدى ، ميلة الجزائر ، 2007 .
- حلية = كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ عبد الرزاق البيطار ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، الطبعة الثانية ، دار صادر بيروت ، 1413 هـ / 1993 م .
- فكر الأمير = كتاب فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق ، للأميرة بديعة الحسني الجزائري ، طبعة أولى ، دار الفكر ، 1424 هـ / 2000 م .
تحفة = "تحفة الزائر" لمحمد ابن عبد القادر الجزائري، منشورات ثالة، الأبيار،الجزائر-2007، الجزء الثاني؛
(1) ذكر الأمير هذا العنوان لكتابه في بداية الموقف 360.
(2) أتم المؤلف كتابته عام 1338 هـ ، و طبع هذا الكتاب هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء كبيرة، بالقاهرة سنة 1425 هـ-2004م، ثم في بيروت بمطبعة الكتب العلمية.
(3) ينظر "جامع كرامات الأولياء" ليوسف النبهاني- دار الكتب العلمية ببيروت، طبعة أولى، 1998 م-1417هـ، الجزء الثاني،ص179-182.
(4) حاضر العالم الإسلامي ، ج2 ، ص . 172 .
(5) أول من ترجم إلى الفرنسية قسما من المواقف هو المستشرق الفرنسي المسلم "ميشال شودكيفيكس" (واسمه الإسلامي: علي عبد الله)، ترجم ترجمة ممتازة 38 موقفا مع مقدمة وتعليقات في غاية الجودة، وذلك في كتاب بعنوان "مكتوبات روحية" (Ecrits spirituels)، ونشرته دار "ساي" (Seuil)، سنة 1982 في 225 صفحة؛ ثم في سنة 1983، ترجم مستشرق فرنسي مسلم آخر وهو "شارل أندري جليس" (واسمه الإسلامي: عبد الرزاق يحي) القصائد التسعة عشر الواردة في بداية المواقف، وذلك تحت عنوان: "قصائد ميتافيزيقية"؛ وفي سنة 1996 واصل الأستاذ الفرنسي المسلم "عبد الله بونو" عمل "شودكيفيكس" فترجم 51 موقفا غير المواقف التي ترجمها هذا الأخير؛ ثم أعاد نشرها مرة أخرى مع زيادات في التعقيبات و الإحالات سنة 2008؛ وفي عام 2000، بذل القسيس الفرنسي ميشال لاغارد مجهودا كبيرا فترجم جميع المواقف في ثلاثة مجلدات ضخمة، مع فهارس شاملة كاملة في غاية الدقة، لكن هذه الترجمة بالخصوص في حاجة ملحة لمراجعتها بدقة وجدية لاشتمالها على العديد من الأخطاء المتنوعة، وقد نشرت في ليدن بهولندا وفي بوسطن وكولونيا.
(6) كتاب (L'intérieur du Maghreb) فصل 14 ص: 512-513، من طبعة قاليمار بباريس 1978.
(7) حول تصوف الأمير تنظر مقدمة المواقف ، تحقيق عبد الباقي مفتاح .
(8) الشيخ محمد الطنطاوي كان من كبار علماء دمشق، يدرس العوم الشرعية في مدارسها ومساجدها، ولد بمصر سنة 1240هـ، واستقر بدمشق بعد دراسته في الأزهر بالقاهرة، وممن أخذ عنه الشيخ أحمد أخو الأمير عبد القادر، قرأ عليه النحو والكلام والبيان والمنطق والوضع والأصول؛ وقد كلفه الأمير بتعليم أبنائه فقام بذلك أحسن قيام، وكان من شيوخ الطريقة النقشبندية، وتوفي سنة 1306هـ، (ينظر "حلية البشر"، ج3،ص: 1284-1288).
وأما محمد الطيب المبارك الذي كان شاعرا أديبا صوفيا، فقد هاجر مع والده من بلده دلس بالجزائر حيث ولد عام 1250هـ، واستقر في دمشق عام 1263، ومات ودفن بالمزة عام 1313 هـ، ينظر حوله كتاب (تاريخ الجزائر الثقافي) لسعد الله بلقاسم طبعة دار الغرب الاسلامي، ببيروت 1998، ج5، ص: 521-522. وقد ورد ذكره في (حلية البشر ج3،ص:1371-1375) في ترجمة والده محمد المبارك (1223-1269هـ) وفي ترجمة أخيه العلامة محمد (1263-1330 هـ، ج3،ص: 345-1368).
(9) الشيخ عبد الرزاق البيطار (1253-1335 هـ) عالم فقيه أديب صوفي مؤرخ من مشاهير علماء دمشق، أشهر تآليفه (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) في ثلاثة أجزاء، وفيه وصف دقيق لفتنة المسلمين التي شهدها هو بنفسه في دمشق عام 1860 هـ، ودور الأمير في إطفائها، ومن كتبه الأخرى "المنة في العمل بالكتاب والسنة" وكتاب "المباحث الغرر في حكم الصور"، وكان صديقا حميما للأمير ولابنه محيي الدين.
(10) " حلية البشر " ج2، ص: 883-915.
(11) "فكر الأمير " ص: 170-171.
(12) "حلية البشر"، ج2، ص904 و ص915.
(13) تنظر ترجمته في "حلية البشر"، ج3 ص1215.
(14) خصص الأمير نحو العشرة مواقف لوصف بعض وقائعه الروحية، وهي المواقف 1/29/30/74/76/84/112/199/256/372؛ أما المواقف الأخرى التي أورد فيها لمحة عن تلك الوقائع فكثيرة جدا تفوق المائة، وتنظر مواقعها في كتاب "المواقف" تحقيق عبد الباقي مفتاح، مطبعة دار الهدى بعين مليلة، الجزائر، 2007م، ج3، ص1309-1312.
(15) كتاب "المواقف" للأمير عبد القادر طبعة الجزائر، 1996م، ج3، ص 98-99.
(16) هذا الكلام من الشيخ محمد الخاني نقله أيضا عنه ابنه عبد المجيد (1263-1315 هـ) في كتابه (الحقائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية) وقد كان هو أيضا من أصحاب الأمير، وبعد ذكره لكلام والده، أتبعه بنص الموقف 365 كما هو في طبعة الجزائر (ص281)، وفي كتابه هذا وصف الأمير بأنه "وارث العلوم الأكبرية".
(17) ينظر "حلية البشر"، ج3، ص1218، نقلا عن جميل الشطي مؤلف كتاب "روض البشر".
(18) تنظر ترجمة الشيخ أحمد أخو الأمير (ولد سنة 1249 في القيطنة مسقط رأس الأمير وتوفي سنة 1320هـ) في "حلية البشر"للبيطار (ج1 ص 304-305) و"تعريف الخلف" للحفناوي (ج2 ص 92-95) ومعجم المؤلفين لكحالة (ج1 ص305)، ومن تآليفه كتاب في سيرة أخيه الأمير، ورسائل صوفية وفقهية.
(19) أول من طبع هذا الكتاب للشيخ أحمد هو محدث الشام الأشهر الشيخ بدر الدين الحسني، طبعها سنة 1324 هـ، وآخر طبعة لها بدار الكتب العلمية ببيروت سنة 1425 هـ (2004م)، والنص الذي أوردناه من هذه الطبعة الأخير ينظر في الصفحة 11.
(20) نفس المرجع الأخير ص18 -19.
(21) المواقف ، ص . 1040 – 1041
(22) "فكر الأمير ، ص: 170.
(23) نفس المرجع السابق.
(24) ينظر ذكر المواقف في المواقع التالية من " تحفة الزائر " : صفحة 218 سطر 6/ ص340 س21/ ص354 س19/ ص399 س19/ ص433 س14-15/ ص435 س17/ ص437 س14/ ص449 س4/ ص465 س8/ ص483 س10/ خطبة المواقف بكاملها ص483-489.
(25) المصدر السابق، ج2، ص433.
(26) المصدر السابق، ج2، ص483.
(27) تنظر مرائي الأمير في الموقف 372، وحكايته مع والده في شأن السحر في الموقف 248، زيادة على وقائعه الروحية المشار إليها في التعقيب 14 السابق.
(28) "فكر الأمير ، ص: 160-161.
(29) المرجع السابق، ص 289-292.
(30) كثيرا ما عبر الأمير عن اعتزازه بانتسابه للصوفية الذين يصفهم بأشرف الأوصاف، سواء في أشعاره أو مواقفه وقد ذكر في الموقف 265 أن أكثر الناس يأبون عليه ما خوله الله من النعم الدنيوية والأخروية، ثم يقول عن نفسه : [... وأما انتسابك إلى الطائفة العلية والفرقة الناجية فذلك عندهم أبعد وأبعد] ويعني بالطائفة العلية السادة الصوفية حسب وصفه لهم في مواقف أخرى.
(31) "تحفة الزائر"، ج2، ص399.

NEWFEL..
2010-04-26, 07:46
مشكور أخي على هذا المجهود الطيب ...........

أبو إدريس
2010-04-28, 11:58
الأخ السعداني قرأت تعليقك
وأنت غير محق فيه تمامًا
وليس من مذهبي الدخول في نقاش مع اشخاص لا يعرّفون أنفسهم
ويكتفون باسم حركي
وبما أنّ المقال كتبه الأستاذ عبد الباقي مفتاح وهو شخص معروف
فلذلك سأكتب ردًّا علميًا عليه وعلى ماجاء فيه من مغالطات وافتراءات!!
الرد قادم فشدَّ إزارك

زهرة الجزائر 07
2010-05-08, 09:30
السلام عليكم

بارك الله فيك أخي

جزاك الله كل خير

زهرة الجزائر 07
2010-05-08, 09:44
السلام عليكم

بالرغم من.................. على العموم لاداعي..مشكور أخي

سعداني
2010-05-10, 21:48
السلام عليكم
أخي يا أبا إدريس، مرحبا بردك، أسأل الله لنا ولك الاخلاص في القول والعمل.
ملاحظة1: الاسم سعداني وليس السعداني، وهو اسم حقيقي، ليس كما ما ادعيته سامحك الله.
ملاحظة 2: الاستاذ عبد الباقي مفتاح رجل فاضل، يعرفه علماء الشرق والغرب بالنزاهة و الاخلاص وصاحب مدرسة قرءانية خرّجت المئات من حفظة كتاب الله.
فرفقا إذا ما رميت ســـــهاما ****** فللرمي درس أأنت درست
وللنصح أن كنت تبغيها نصحا******أصول أراك عليها غضـضت

أبو إدريس
2010-05-12, 13:17
الأخ سعداني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


1ـ الخطأ في كتابة اسمكم غير مقصود. فمعذرة إن ساءكم الأمر.


2ـ أنا لم أدَّع شيئًا ظلمًا بحقك يا أخي! الذي قلته إنه ليس من مذهبي الدخول في نقاش مع أشخاص لا يعرّفون أنفسهم ويكتفون باسم حركي!!


وهذا صحيح!! فهل كون اسمك الحقيقي "سعداني" يجعلك معروفًا لنا؟


فما فائدة أن يشارك شخص باسم "سعيد" فقط ، دون التعريف بكامل الاسم، هناك مئات الأشخاص بهذا الاسم، وكذلك الحال معكم أخي.


الذي أقصده أنني أود ن أعرف اسمكم الكامل حتى نتعرف شخصيَّتكم بأبعادها الاجتماعية والعلمية. وهذا من السنّة والآداب الاجتماعية والإنسانية.


تمامًا كما فعلتَ أنت عندما عرَّفت شخص الأستاذ مفتاح.


3ـ إنك إذا قرأت بعض ردودي لرأيت كيف أنني أترفّق بشخص المردود عليه


فلا داعي لتلك الأبيات التي لا تقال لمثلي! أصلحك الله.


ثم أنا لم أرد بشيء بعد وتخاطبني بهذه الطريقة : "أأنت درست؟" أو " للنصح أصول أراك عليها غضضت"


(ونسيت أنك في مقدمة موضوعك قلت : "والذي يأبى وللأسف الشديد الكثيرون ممن لم يوافق هذا المشرب هواهم")


ألم تلاحظ أنّ الأستاذ مفتاح لم يترفق مطلقًا في انتقاده لي وللأميرة بديعة!


بل إنه أصلحه الله لم يراع أدب الكلام أو النقد معي حصرًا مع أنه كان غير محق


فيما رواه عني مطلقًا ، ونسب إلي كلامًا أنا لم أتلفظ به أبدًا!!


كان جديرًا أن تذكِّره هو بتلك الأبيات. ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام :


((يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ القَذَاةَ فِي عَينِ أَخِيهِ ، وَيَنسَى الجِذعَ ، فِي عَيْنِهِ))


ولا داعي أخي الكريم للمبالغة في شأن الأستاذ! فهو غير معروف لدينا في الشرق ، سواء على مستوى العلماء أو الباحثين، أو على مستوى الطلبة والمثقفين.


وإما تنحصر المعرفة به عند بعض الذي يتابعون شأن الأمير عبد القادر والمحاضرات التي تدار حوله والتي قد يشارك فيها الأستاذ مفتاح.


على كل حال اطمئن فأنا ملتزم بالآداب الإسلامية وبالهدي النبوي إن شاء الله


ولا أعامل الآخرين بطريقتهم أو أسلوبهم.


والذي يجب أن يكون حاضرًا في ذهن كل كاتب


أنه من يكتب فعليه تحمّل مسؤولية كتابته وتبعاتها، والذي يريد أن يتحدث من منطلق العلم فعليه أن يتجهّز للردود العلمية التي لا محاباة فيها للخطأ والتهوّر.

errosmen
2010-05-12, 13:50
والله لم أفهم شيئا الصوفية ينسبون كتاب المواقف لعبد القادر بن محي الدين و ذويه يتبرؤون من الكتاب فاستعصت علينا الإحاطة بالجانب الفكري لهاته الشخصية المهمة تاريخيا و المثيرة فكريا أ رجو أن توضح لنا الحقيقة ولا شيئ غير الحقيقة بارك الله فيكم

سعداني
2010-05-12, 16:14
السلام عليكم: أخي يا أبا أدريس حفظك الله ورعاك.
بالنسبة للأسم بإمكانك الدخول للملف الشخصي وستجد معلومات أحسبها صارت كافية، رغم أن المعلومات التي في ملفك ليست أكثر وضوحا.
أما الذي دفعني لما قلت، فاتهامك الجارح لشخص أعرفه و أكن له المودّة والاحترام، اتهامه بالافتراء والمغالطة. واعلم أنني لست من أهل هذا النّوع من النّقاش. وأعلم أنّنا جميعا محل الخطأ الذي ادعيت، لكن نسأل الله أن لا نكون من أهل التّهور.
اللهم إنا نسألك و أنت القادر، أن تهدينا سواء السّبيل.

يوسُف سُلطان
2010-07-01, 23:38
.. جزاكم الله خيرا

طهراوي ياسين
2010-07-02, 11:59
http://imagecache.te3p.com/imgcache/41ce40bab210ce321a356739f4e9621e.gif

الكوثري
2010-07-03, 19:26
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

كثر الكلام عن كتاب (المواقف) بين ناف ومثبت ،فعلى هامش موضوعكم وجدت هذا النقل (لأحدهم) أعرف علمه وضبطه وامانته،هو :


قال العلامة الثقة عبد الحفيظ الفاسي رحمه الله في إجازته للشيخ محمد بن عبد الهادي المنوني في تعداد شيوخه ما نصه:
((ومنهم العالم الصوفي السيد محيي الدين بن أحمد صنو الأمير عبد القادر الجزائري, له رواية عن عمه المذكور, وخصوصا كتابه (المواقف الكبير) وهو على نمط الفتوحات للإمام الشيخ الأكبر الحاتمي قدس الله روحه, أخبرني أنه هو الذي كتبه من إملائه عليه)).


فكيف تفهمون هذا النص ،بارك الله فيكم.


والسلام ختام.

سعداني
2010-07-28, 12:05
السلام عليكم:
أخي الكوثري، تحية طيبة، أشكرك على الاهتمام بالموضوع، واتأسف عن عدم الردّ سابقا كوني كنت غائبا عن المنتدى لفترة، وبمجرد ما رأيت استفساركم، اتصلت بالاستاذ مفتاح صاحب المقال، وطرحت عليه تساءلكم، فقال:
هذا النّص مهم وهو يزيد من إثبات نسبة كتاب ( المواقف ) لصاحبه، والذي أفهمه،"أن محيي الدين ابن أحمد صنو الأمير - صنوه أي أخوه- قد كتب كتاب المواقف عن عمّه أي الأمير عبد القادر، املاء.

هاشميغزاوي
2010-07-28, 18:09
السلام عليكم
المشكل يدور حول العقيدة التي بني عليها كتاب المواقف.
لنفرض أن كتاب المواقف مجهول النسبة البشرية.
الكتاب يحوم حول مبدأ العبودية و الربوبية، المألوه و الإلة.
و الكل يصب في حديث صحيح و آيات قرآنية:
...و لا زال عبدي يتقرت إلي حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه و بصره و يده و رجله، و لإن دعاني لأعطينه....
... إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم...
... و الله و الرسول أحق أن يرضوه....
... فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى...
...سألتك و لم تعطني، مرضت ولم تزرني...
... إنه لقول رسول كريم...
...إني جاغل في الأرض خليفة...
.... إن تنصروا الله ينصركم...
... إحفظ الله يحفظك
... سوره الإخلاص : قل هو الله أحد : حيث أن الذي يقول هو العبد و الكل يدور على ضمير الغائب فالذي يقول هو يكون الغائب عن المستمع حاضرا عند القائل و إلا كبف يمكن التكلم على الغائب إذا لم تستحضره ، ولا يكون الإخلاص إلا إذا خلص الذي يكون في مقام من يقول قل هو الله أحد.
... سورة الفاتحة : حيث أن الإمام يعترف أمام الله أن كل التصورات الربانية صحيحة في مستواياتها المختلفة : إياك نعبد
... بسم الله: إذا أدركت أن الاسم هو ما يدل على المسمى فإن خير دليل على مسمى الله هو سيدنا محمد و كل صالح و ربما أنت إذا كنت في وقتك طائعا لمولاك، و ما هذا إلا إثبات للواسطة
... إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا : كل إنسان سميع بصير، و لما يصبح الله سمعه و بصره ما ذا يكون: يكون هو السميع البصير.
... و لا خلط بين العبد و الرب: وجودو صفات العبد نسبية مجازية تستمد من مولى العبد و إلا لا يكون العبد عبدا لذاك المولى.
... المشكل يكمن في اعتقاد العبد أن له وجود مستقل عن وجود الله، و صفات مستقلة عن صفات الله غير مستمدة منها فيصبح في موقع الشريك و هذا هو عين ما يحاربه التصوف بإفناء وهم الغير بالمعنى المستقل.
"فالكل دون الله إن حققته عدم على التفصيل والإجمال"
"من لا وجود لذاته من ذاته فوجوده لولاه عين محال"
"فالعارفون فنوا ولما يشهدوا سوى فعل من الأفعال"
" و رأوا سواه على الحقيقة هالكا في الحال والماضي والاتقبال"...
أبيات لسيدي إبي مدين الغوث دفين العباد بتلمسان

سعداني
2010-07-30, 11:05
السلام عليكم:
بارك الله فيك أخي هاشم، كلامك ناتج عن ذوق، ورؤية صوفية جمالية، وكأني بك تريد أن تقول أن المهم هو نص الكتاب، وأنا أرى رأيك ، وفي الواقع هذه الرؤية انتهجها دارسو اللسانيات الحديثة بقولهم ( موت المؤلف ) وهي نظرة بنيوية فيها من السلب ما فيها من الايجاب، لكن في مقامنا هذا كان ينبغي أن نكتفي بما قلت أنت " لنفرض أن كتاب المواقف مجهول النسبة البشرية.
الكتاب يحوم حول مبدأ العبودية و الربوبية، المألوه و الإلة.
و الكل يصب في حديث صحيح و آيات قرآنية". لكن يرى غيرنا غير ما رأينا، وأنّ هذا الكتاب لا ينبغي أن ينسب لشخصية عظيمة مثل الأمير عبد القادر بدعوى أن هذا يقدح في شخصيته، ونحن نعلم علم اليقين أن الكتاب له، وهو يرفع من مقامه وشخصه، وما سبق كتابته الاّ لإظهار الحق للقارئ، ونحن في كل حين نتبرأ من حولنا وقتنا إلى حول الله وقوته، سائلين الله الهداية لنا ولجميع خلقة.

أبو إدريس
2010-08-02, 23:20
الأخ سعداني السلام عليكم ورحمة الله
كنت وعدتك بكتابة رد على مقال الأستاذ مفتاح
وقد كتبته إلاّ أن أحداث غزّة (أسطول الحرية)
ثم بعدها مونديال كرة القدم الذي أشغل الناس
جعلني أتأخّر في نشر الرد
واليوم قمت بنشر جوابي ومقالي ويمكنك أن تقرأه على هذا الرابط

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3434499#post3434499 (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3434499#post3434499)

وأسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للحق
وأتمنى أن تفهم كلامي وما أرمي إليه
وإذا كان هناك أي إشكال فأرجو أن لا تتردد في سؤالي عنه

وليتك توصل مقالي إلى الأستاذ مفتاح.

في أمان الله

أبو إدريس
2010-08-03, 00:06
أيها الإخوة السلام عليكم

ما رواه الشيخ عبد الحفيظ الفاسي عن السيد محيي الدين بن أحمد الحسني فيه نظر ولا يمكن قبوله لأسباب منها :
1ـ ليس للسيد أحمد (الأخ الأصغر للأمير) ولد اسمه محيي الدين!!!
وإنما له ابن وحيد اسمه محمد بدر الدين!
2ـ بفرض أنّ الشيخ الفاسي يقصد بدر الدين ويقول إنه من شيوخه فمن الخلل الكبير ألا يعرف اسم شيخه الصحيح! ويسميه بغير اسمه! ولا يمكن أن يكون السيد محمد بدر الدين قد أجازه بشيء ويكتب عليه اسمًا آخر غير اسمه!!!
3ـ إن السيد بدر الدين ليس من العلماء ولا من أهل العلم باتفاق وهذا معروف ولا مرية فيه، فوصف الشيخ الفاسي له بأنه من علماء الصوفية شيء فيه مجازفة لا يُقرّ عليها.
4ـ إنّ السيد بدر الدين ولد تقريبًا سنة 1870هـ والأمير توفي سنة 1883هـ أي كان بدر الدين في الثالثة عشر من العمر! فمتى أملى عليه الأمير كتاب المواقف؟!
5ـ إن السيد بدر الدين رحمه الله رجل مُعمَّر عاش قرابة مئة سنة في بلاد الشام ولم يذكر أحد من علماء أو طلبة العلم في الشام أن له إجازة أو رواية عنه.
6ـ إن السيد بدر الدين توفي سنة 1967 وقد أدركه معظم رجال الأسرة، وكلهم متّفقون على أنه رجل طيب بسيط ويروي عن عمّه الأمير بعض الأحداث والأقوال التي سمعها منه ووعاها، ولم يذكر قط أنه قرأ عليه أو أملى عليه الأمير شيئًا.
7ـ إن ابن عمّنا السيد الأستاذ ظافر الحسني حفيد السيد بدر الدين ، قد أدرك جدَّه وسمع منه ، وقد سألته عن هذا الكلام فأنكره وقال لي ليس لجدي أي رواية أو إجازة من الأمير.
8ـ إنّ معظم آثار السيد أحمد وابنه بدر الدين (مخطوطات وكتب...) ، موجودة لدي في مكتبتي الخاصّة ، وليس فيها أي شيء للسيد بدر الدين. بخلاف والده الذي ترك الكثير من الرسائل والمؤلّفات والإجازات. وفي جميع إجازاته لا أثر لإجازة بكتاب المواقف.
وللفائدة: فإنه لا يوجد ولا أثر لأي إجازة بكتاب المواقف عند أحد من مشايخ وعلماء الشام حتى المهتمين بالحصول على الإجازات والأسانيد والمرويات، وهذه حقيقة لا يمكن دفعها، إلاّ بإبراز إجازة من الأمير بكتاب المواقف لأحد الشيوخ أو المهتمين! وإذا رجعتم إلى كتاب فهرس الفهارس للكتاني وهو أشهر شخص اهتم بجمع الإجازات ، فلن تجدوا أي ذكر لإجازة بكتاب المواقف عند أحد من الناس.
وبالنتيجة : ما ذكره الشيخ عبد الحفيظ ضعيف ولا يصح.

وأمّا بالنسبة لمقال الأستاذ عبد الباقي مفتاح فإليكم ردّي عليه في هذا الرابط
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3434499#post3434499 (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3434499#post3434499)


والسلام عليكم

لطيفه1
2010-08-04, 12:49
بارك الله فيك و جزاك كل الخير
*دمت بخير*

ترشه عمار
2010-08-06, 15:44
http://img411.imageshack.us/img411/170/113du.gif (http://img411.imageshack.us/my.php?image=113du.gif)

هاشميغزاوي
2010-08-07, 16:35
السلام عليكم جميعا
1. هل المواقف للأمير: نعم
و هل هذا يعني أن ما في المواقف موافقا للكتاب والسنة: لا
2. هل المواقف للأمير: لا
و هل هذا يعني أن ما في المواقف مخالفا للكتاب والسنة : لا
الأمير كشخص ليس بحجة، ولكن كونه محققا ينظر في حججه للأخذ بكلامه. أما في ما يخص التجارب الروحية والنفسية فلقد قالت المشايخ أن صياغتها في اللسان تجعلها ليست هي لأنها خارجة عن طور العقول( من عرف الله كل لسانه). و إذا صيغت لسانيا فيفهمها كل من جرب. قال الإمام الششتري سري لا يفهمه إما من كان مثلي.
3. لقد ورثت العطرة الطاهرة فهما في القرآن، فكلامهم عن الله و رسوله ناتج عن هذا الفهم صائغ في قالب قائله الشخصي، بحيث يكون كأنه يسمع لأول مرة لم يسبق إليه أحد.( قال السيد العز بن عبد السلام هلموا أيها الناس إلى كلام حديث العهد بربه ، عندما سمع كلام السيد أبو العباس المرسي بعد إذن من شيخه السيد أبو الحسن الشاذلي)
4. الحجة التي يترك الاستنتاج فيها للمستمع هو نوع من الحجج التي تجعله ينضم لتصورات المتكلم، وبالتالي تكون للمتكلم مسؤولية فيما أنتجه كلامه في ذهن المستمع. فنقول أن القائل الذي يطلب منك مآل الطريقة الهبرية بعد ذكره لك تشتتها بعد انتقال الشيخ، يحمل معك مسؤولية ما تستنتجه من مقدماته .
5. لكن الخطر هنا يكمن في كون الدليل يدور على المتكلم لأن الأمة الإسلامية تشتت بعد موت الرسول ، و زادت الفتن بعد موت كل خليفة ، فهل هذا يعني أن الإسلام ليس بدين حق. لكن هذه ما هي سوى سنة الله في خلقه: و ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم. كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيئين...لكن ما تراه العين من عيب يدرك خيره بالحقيقة الخضيرية التي أوضحها سيدنا محمد لكل من سلم لله في ملكه و صبر.
6. فدليلك على هشاشة الطريقة الهبرية هو عين دليلك على هشاشة الإسلام، ولكن نحن نقول أن ما يحصل هو عين ما وقع للصحابة فنترك الحكم لله. لسنا مطالبين بالحكم على الناس.
7. إذا قال الأمير كلاما لم تطيقوا فهمه، فلا تحاولوا هدمه بإنكار نسبته له، بل اصبروا لله واطلبوا العلم منه.فالأمير أو الحلاج أو الشيخ ابن عربي لم يقل يوما للناس اعبدوني فأنا ربكم الأعلى. تلك أمة أفنت عمرها في طاعة الله.
8. إذا قلت "أنا" و أنت تعتقد أن الكل من عند الله فماذا يبقى منك سوى الله أيها الفقير

manouchebsm
2010-08-09, 23:46
بارك الله فيك

سعداني
2010-08-16, 00:03
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم: شكرا لك يا أخي يا أبا أدريس على وفائك بالرّد ولا يخلو أي تدخل من فائدة، إذا كان صاحبه مخلصا لله ،
وإني لأذكر قول محمد العيد آل خليفة رحمه الله: إذا بنيت على الصّدق المساعي فقد بنيت على الرّكن الرّكين
غير أني وجدت بعض الحدّة في ردّكم على الاستاذ عبد الباقي، أما هو فقد اطّلع على ردكم قبل أن اطّلع عليه، ولمّا سألته عن رأيه طلب مني أن اكتب ما يلي:
موضوع كتاب المواقف والأمير موضوع مفتوح للدارسين والباحثين.
ونسأل الله أن يرينا الحقّ حقّا ويرزقنا إتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم.

سبأ39
2010-08-16, 08:08
موضوع ممتاز جدا

أبو إدريس
2010-08-16, 22:12
الحمد لله وحده
الأخ سعداني السلام عليكم ورحمة الله
أسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءك : فيريك الحق حقًا ويرزقك اتباعه ، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.
وحتى نكون جديين وبعيدين عن العبث، أريد منك كلامًا واضحًا صريحًا في خصوص ما قرأته! فأنت قرأت مقال الأستاذ مفتاح وكنتَ مقتنعًا به ورحتَ تنشره في الإنترنت وترد به على الآخرين وتصفهم بأنهم ينطلقون من الهوى!!
وأنا وعدتك بكتابة رد أبيّن فيه الأخطاء والمغالطات التي وقع فيها الأستاذ مفتاح ، وقد وفّيت بوعدي! ولكنّك لم تجبني وتبيّن لي موقفك!
هل ما زلت مقتنعًا بحجج الأستاذ مفتاح التي ظهر بكل جلاء ووضوح أنها لا تصح (وهذا بشهادة كل أهل العلم والقرّاء) أو أنك غيرت رأيك وعدلتَ إلى الصواب الذي بينتُه لك؟
وأنت دائمًا تتحدث عن الصدق والإخلاص، وهذا شيء حسن، ولكن نريد التطبيق العملي لهما وليس الاكتفاء بالحديث عنهما!
فإذا لم تبيّن لي موقفك فكيف سأعرف صدقك في التعامل مع المسألة؟
وإذا لم أجدك تنحاز إلى الحق وتترك الباطل فكيف أعرف إخلاصك؟
أمّا أنا فبيّنتُ موقفي وأنا مذعنٌ للحق دائمًا إن شاء الله، ولا أقول إلا الصدق بفضل الله، فهل وجدت في كلامي رواية لا تصح أو نقلاً كاذبًا أو استنتاجًا متعسِّفًا؟
وأمّا أنت فلم أفهم منك شيء سوى أنك وجدت حدّة في كلامي! فهل هذا كل ما في الأمر؟!
كل الأخطاء الفادحة والمخجلة التي وقع فيها أستاذك لم تتوقف عندها ولم تلاحظها وتوقفت عند حدّة كلامي؟! وأين هي هذه الحدّة؟ وهذا طبعًا أمرٌ نسبي :
فعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة *** ولكنَّ عين السخط تبدي المساويا
إن الصدق في طلب الحق والإخلاص لمرضاة الله يوجبان على المرء أن يتجاوز القضايا التي تمس شخصه الذاتي وينصرف بكليته إلى الإذعان للحق والاعتراف بالخطأ!
الأستاذ مفتاح قوَّلني ما لم أقل ونسب إلي ما أنا بريء منه كل ذلك بعبارة جارحة وبطعن ظاهر وغمز مبطّن، ومع ذلك أنا لم أقف عند هذه الأمور وتجاوزتها إلى ما هو أهم ، وإذا كان في بياني المكتوب ما يشعرك بشيء من الحدّة ، فإن الحدة في الحق محمودة كما هو معلوم! بخلاف الحدة التي في الباطل التي مورست تجاهي فإنها مذمومة! وأراك لم تتحسس لها فتنتقد أستاذك عليها.
أرجو أن تكون صادقًا مع نفسك وتملك الجرأة في بيان حقيقة موقفك، أمّا جوابك هذا فغير مقبول. والصوفي من صفت نفسه فهو لا يرى لنفسه على غيره مزيّة. وينصح نفسه قبل أن ينصح غيره.
وأمّا جواب أستاذكم مفتاح : ((موضوع كتاب المواقف والأمير موضوع مفتوح للدارسين والباحثين)) تعليقًا على مقالي السابق ففيه إماعة للمسألة وهروب من التصريح بالحق!!
لم يكن موضوع مقالي كتاب المواقف! وقد صرَّحت بكل وضوح أنني لن أتعرّض لموضوع المواقف في مقالي هذا وإنما أرجئه إلى بحث مستقل خاص به!
فما معنى كلام الأستاذ مفتاح السابق؟
كان حريًا به أن يجيب عن الأسئلة التي وجهتها إليه! وأن يعترف بالأخطاء الكثيرة التي وقع فيها، وخاصّة أنّ تلك الأخطاء إنما هي المرتكزات التي يعتمد عليها في دعواه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ((كُلُّ بَني آدمَ خَطَّاءٌ، وَخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابون))

الأستاذ مفتاح بما يكتبه ويروج له يضلل الرأي العام للمسلمين، ويوهمهم بخلاف الحقيقة، فهل ما زال مصرًا على كلامه أم أنه سيعود إلى الحق ويعترف به، فيبرهن على الصدق والإخلاص الذين تدعو إليهما يا أخ سعداني!
وقد وضعت عنوانًا لردي وهو (الأمير عبد القادر والفتوحات المكية...)
وبينت أن ما يزعمه من أن الأمير هو أول من طبع الفتوحات وعلى نفقته هو زعم باطل ولا يصح وكل الأدلة بخلافه! فلماذا لم يجب على ذلك وعلى عشرات الأخطاء الأخرى؟
أنا إلى الآن لم أضع الأستاذ مفتاح ضمن تصنيف خاص ولم أحكم عليه. (كما هو مقرر في علم الرجال) وإنما أتريّث حتى يكون حكمي ونظري بعيدًا عن الظن والظلم.
ولكن إذا لم يصدر عنه رد واضح وصريح ، واكتفى بجوابه السابق، فهذا سيكون له دور كبير في نظرتي إليه.
وما دمت يا أخ سعداني مهما كنتُ هادئ في كلامي مترفِّقًا ، تجد فيه حدّة ، فإنني تعمدت اليوم أن أغير طريقة الخطاب، وأجعل فيه شيئًا قليلاً من الحدة، حتى ترى الفرق الكبير بينهما. (مع أن مسألة الحدة في الخطاب يجب أن لا يكون لها أي تأثير في الحكم على الصواب والخطأ في الكلام والإذعان للحق. وخاصّة عند أهل التزكية!)
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الصادق الأمين.

jaouhar
2010-08-19, 11:40
كتاب المواقف يشبه المواقف الواضحة للامير عبد القادر ولديا كتابه الاخر المقراض الحاد

موسى العربي
2010-08-22, 08:31
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ خلدون أطيب تحية تقبل الله صيامكم و قيامكم و بعد

بعد قراءتي نقاشكم مع الأخ سعدني و الأستاذ مفتاح لدي الملاحظات التالية و الله و لي التوفيق :
1- مع عدم معرفتي بحقيقة مابلغك عن الطريقة الهبرية ولا يهم إن كان صح أو خطأ و طلبك من الأستاذ بأن يخبرك بما آلت إليه طريقته فإني أذكر ك و نفسي بالحديث التالي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) حديث حسن رواه الترمذي وغيره.
و يمكنك متابعة الدروس المحمدية في القنوات الجزائرية...
2- فيما يخص النقاش حول المواقف فأرى في أن القضية ليست في أن أحد معه الحق و الآخر لا,فالامركما ذُكر في المنتدى عن الأستاذ قوله عن الموضوع أنه مفتوح للدارسين و الباحثين وهو كذلك لأن ليس لأحد اليقين الكامل بأن المواقف هي للأمير أو لا فليس للمثبتين و لا للنافين اليقين الجازم بذلك و عليه فالقضية اجتهادية بحته. لذلك أرى يا خلدون بأنك أخطأت حينما استعملت كلمة " مغالطات" لأن القارئ حينها قد يفهم بأن الأستاذ يعلم الحقيقة و لكنه يغالط وهذا خطأ و لكنه اجتهد كما ا اجتهدت و كلا المجتهدين بحث في كتب و اطلع على أخبار و بعدها وصل إلى نتيجة . كلا المجتهدين قد يصيب و قد يخطأ و لا يقال لأحدهما انه يغالط لأن القضية اجتهادية .
و الله أعلم.
و تحيتي إليك و إلى الأستاذ مفتاح و الأخ سعدني و إلى كل المشاركين و تقبل الله صيامكم و قيامكم
و السلام
موسى العربي

أبو إدريس
2010-08-22, 17:10
الأخ موسى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصح صيامكم.
يبدو أنّ ردي على الأستاذ عبد الباقي مفتاح يهمّك ، ولكن يبدو أن ما يهمك أكثر هو الطريقة الهبرية.
فأنت سجّلت في منتدانا بالأمس فقط لتشارك بهذه المشاركة.
وأريد أن أنبّهك إلى أشياء وردت في كلامك:
1ـ إن سماع كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو من أحبّ الأمور إليَّ، وتذكيري بكلام الله وبكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، هو أبلغ وأوقع شيء في نفسي. وليس من الأدب مع رسول الله أن يستعمل كلامه بغرض الإيذاء!
فتعليقك على سؤالي للأستاذ مفتاح ليحدثنا عن طريقته الهبرية، مستشهدًا بحديث : ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))
ليس من الأدب ولا النصيحة في شيء وهذا ظاهر كلَّ الظهور! فليس هذا محل الاستشهاد به ، ولا مسوّغ له ولا دافع إليه إلاّ الرغبة في الإساءة.
فأنا أسأل الأستاذ أن يحدثنا عن طريقته الهبرية ومعنى هذا أنه يعنيني.
ولو رددنا عليك كلامك وقلنا لك: إنّ سؤالنا موجّهٌ إلى الأستاذ مفتاح لا إليك! وإن تدخّلكَ في هذا الموضوع والمشاركة فيه إنما هو من الفضول والتطفل ومما لا يعنيك! وفي الحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. فأحسِن إسلامك ولا تتدخل فيما لا يعنيك! لكان لتعليقنا وجه مقبول بخلاف تعليقك.
والسؤال : أكنتَ تقبل بهذا الكلام وتستسيغه؟
وأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الذي في الصحيحين : ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)).
وأنا لم أتوجه بالإساءة إليك أو إلى أي أحد ، ومع ذلك أجدكم تسيؤون إليّ لا لشيء، إلاّ لأنني أتيتكم بحقائق علمية لم تعجبكم ، وعجزتم عن الإجابة ، فرحتم تكتبون ما تكتبون، ولو كان عندكم علم لأخرجتموه لنا!
ولماذا كل هذا الكلام وأنا اسأل عن طريقتكم؟ فهل فيها ما لا يمكن البوح به، أو يُستحى منه ، حتى تقفون هذا الموقف!
2ـ تخطئتك لي بأنني قلت : "مغالطات عبد الباقي مفتاح" ، لم توفّق فيها أيضًا، لأنّك لو قرأت مقال عبد الباقي مفتاح وردّي عليه، بتجرّد ، لوجدتَ بكل وضوح أنني كنتُ مترفِّقَا جدًا مع الأستاذ، وهذه ألطف كلمة يمكن أن تُستعمل في التعبير عمّا فعله!
لقد حرّف في كلام الذين ينقل عنهم ، وادّعى أشياء ونسبها إلى علماء لم يقولوا بها، وأتى بأحداث تاريخية لا وجود لها إلا في مخيلته، ثمّ حرّف كلامي وقوّلني ما لم أقل ، فماذا تريد أن أصف أفعاله تلك؟؟
لو أردت أن أعامله وفقًا لعلم الجرح والتعديل : لقلت زوَّرَ ودلَّس وكَذَب.
ولكنني لم أفعل ذلك، واكتفيت بكلمة "مغالطات" رغبةً في الإبقاء على أواصر الأخوّة والابتعاد عما قد يُسبب النفور والشحناء بيننا . ولكنّكم مع ذلك لم تقنعوا ورحتم تلتفون على الموضوع بطريقة غير حميدة.
ألم تقرأ كل الأخطاء التي وقع فيها؟ ألم تر إلى كل الأحداث المغلوطة التي يروج لها؟
فأين تعليقكم على ذلك لو كنتم صادقين؟
أنت تقول إنك قرأت النقاش الدائر بيني وبين الأخ سعداني، فلماذا لم تتوقف عند الملاحظات التي ذكرتها له؟ وإنما رحت تتحدث عن الاجتهاد والمجتهدين وكلٌ مصيب!
ما هذا الكلام؟!
أبعد كل الحجج والحقائق التي ذكرتها وبينتُ من خلالها بطلان دعاوى عبد الباقي مفتاح، تقول إنه اجتهد!! التحوير والتزييف للحقائق لا يُسمّى اجتهادًا!! وإنما له اسم آخر.
وإذا كنتَ لا تقدّر العلم وأصوله ولوازمه فالأحرى بك ألا تخوض في الكلام! والله تعالى يقول : {ولا تقف ماليس لك به علم}

ملاحظة حديثية: قولك عن حديث (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) : حديث حسن رواه الترمذي وغيره.
فيه نظر!
فالحديث رواه الإمام مالك في موطّئه مرسلاً وهذا هو الصحيح! وما رواه الترمذي فإنه قال عنه :" هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه"
ثم قال :"وحدثنا قتيبة حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن علي بن حسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري عن الزهري عن علي بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك مرسلاً، وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، وعلي بن حسين لم يدرك علي بن أبي طالب!".انتهى كلام الترمذي.
وكذلك قال الإمام الدارقطني :"والصَّحِيحُ قَولُ مَن أَرسَلَهُ عَن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم".انتهى[انظر (علل الدارقطني) 3/110]
وللحديث قرائن وشواهد تدل على معناه.
فالصواب قول من قال عن الحديث : حسن لغيره!
وأعيد هنا ما أجبتُ به الأخ سعداني في موضوعه (كتاب المواقف للأمير مفخرة) حتى يكون الإخوة القرّاء على دراية بما نتكلم به:

الحمد لله وحده


الأخ سعداني السلام عليكم ورحمة الله


أسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءك : فيريك الحق حقًا ويرزقك اتباعه ، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.

وحتى نكون جديين وبعيدين عن العبث،أريد منك كلامًا واضحًا صريحًا في خصوص ما قرأته! فأنت قرأت مقال الأستاذ مفتاح وكنتَ مقتنعًا به ورحتَ تنشره في الإنترنت وترد به على الآخرين وتصفهم بأنهم ينطلقون من الهوى!!

وأنا وعدتك بكتابة رد أبيّن فيه الأخطاء والمغالطات التي وقع فيها الأستاذ مفتاح، وقد وفّيت بوعدي! ولكنّك لم تجبني وتبيّن لي موقفك!
هل مازلت مقتنعًا بحجج الأستاذ مفتاح التي ظهر بكل جلاء ووضوح أنها لا تصح (وهذا بشهادةكل أهل العلم والقرّاء) أو أنك غيرت رأيك وعدلتَ إلى الصواب الذي بينتُه لك؟
وأنت دائمًا تتحدث عن الصدق والإخلاص، وهذا شيء حسن، ولكن نريد التطبيق العملي لهما وليس الاكتفاء بالحديث عنهما!
فإذا لم تبيّن لي موقفك فكيف سأعرف صدقك في التعامل مع المسألة؟
وإذا لم أجدك تنحاز إلى الحق وتترك الباطل فكيف أعرف إخلاصك؟
أمّا أنا فبيّنتُ موقفي وأنا مذعنٌ للحق دائمًا إن شاء الله، ولا أقول إلا الصدق بفضل الله، فهل وجدت في كلامي رواية لا تصح أو نقلاً كاذبًا أو استنتاجًا متعسِّفًا؟
وأمّا أنت فلم أفهم منك شيء سوى أنك وجدت حدّة في كلامي! فهل هذا كل ما في الأمر؟!
كل الأخطاء الفادحة والمخجلة التي وقع فيها أستاذك لم تتوقف عندها ولم تلاحظها وتوقفت عند حدّة كلامي؟! وأين هي هذه الحدّة؟وهذا طبعًا أمرٌ نسبي:
فعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة *** ولكنَّ عين السخط تبدي المساويا
إن الصدق في طلب الحق والإخلاص لمرضاة الله يوجبان على المرء أن يتجاوز القضايا التي تمس شخصه الذاتي وينصرف بكليته إلى الإذعان للحق والاعتراف بالخطأ!
الأستاذ مفتاح قوَّلني ما لم أقل ونسب إلي ما أنا بريء منه كل ذلك بعبارة جارحة وبطعن ظاهروغمز مبطّن، ومع ذلك أنا لم أقف عند هذه الأمور وتجاوزتها إلى ما هو أهم ، وإذا كان في بياني المكتوب ما يشعرك بشيء من الحدّة، فإن الحدة في الحق محمودة كما هو معلوم! بخلاف الحدة التي في الباطل التي مورست تجاهي فإنها مذمومة! وأراك لم تتحسس لها فتنتقد أستاذك عليها.
أرجو أن تكون صادقًا مع نفسك وتملك الجرأة في بيان حقيقة موقفك، أمّا جوابك هذا فغير مقبول. والصوفي من صفت نفسه فهو لا يرى لنفسه على غيره مزيّة. وينصح نفسه قبل أن ينصح غيره.
وأمّا جواب أستاذكم مفتاح : ((موضوع كتاب المواقفوالأمير موضوع مفتوح للدارسين والباحثين)) تعليقًا على مقالي السابق ففيه إماعة للمسألة وهروب من التصريح بالحق!!
لم يكن موضوع مقالي كتاب المواقف! وقدصرَّحت بكل وضوح أنني لن أتعرّض لموضوع المواقف في مقالي هذا وإنما أرجئه إلى بحث مستقل خاص به!
فمامعنى كلام الأستاذ مفتاح السابق؟
كان حريًا به أن يجيب عن الأسئلة التي وجهتها إليه! وأن يعترف بالأخطاء الكثيرة التي وقع فيها، وخاصّة أنّ تلك الأخطاء إنما هي المرتكزات التي يعتمد عليها في دعواه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ((كُلُّ بَني آدمَ خَطَّاءٌ، وَخيرُ الخطَّائينَالتَّوَّابون))




الأستاذ مفتاح بمايكتبه ويروج له يضلل الرأي العام للمسلمين، ويوهمهم بخلاف الحقيقة، فهل ما زال مصرًا على كلامه أم أنه سيعود إلى الحق ويعترف به، فيبرهن على الصدق والإخلاص الذين تدعو إليهما يا أخ سعداني!


وقد وضعت عنوانًا لردي وهو (الأمير عبد القادر والفتوحات المكية...)


وبينت أن ما يزعمه من أن الأمير هو أول من طبع الفتوحات وعلى نفقته هو زعم باطل ولا يصح وكل الأدلة بخلافه! فلماذا لم يجب على ذلك وعلى عشرات الأخطاء الأخرى؟

أنا إلى الآن لم أضع الأستاذ مفتاح ضمن تصنيف خاص ولم أحكم عليه. (كما هو مقرر في علم الرجال) وإنما أتريّث حتى يكون حكمي ونظري بعيدًا عن الظن والظلم.

ولكن إذا لم يصدرعنه رد واضح وصريح ، واكتفى بجوابه السابق، فهذا سيكون له دور كبير في نظرتي إليه.
وما دمت ياأخ سعداني مهما كنتُ هادئ في كلامي مترفِّقًا ، تجد فيه حدّة ، فإنني تعمدت اليومأن أغير طريقة الخطاب، وأجعل فيه شيئًا قليلاً من الحدة، حتى ترى الفرق الكبير بينهما. (مع أن مسألة الحدة في الخطاب يجب أن لا يكون لها أي تأثير في الحكم على الصواب والخطأ في الكلام والإذعان للحق. وخاصّة عند أهل التزكية)!
والحمدلله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الصادق الأمين.

موسى العربي
2010-08-23, 08:32
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
الأخ خلدون السلام عليك ورحمة الله و بركاته
لاحول و لاقوة إلا بالله العلي العظيم.
و السلام عليك و رحمة الله و بركاته

..عبد الاله..
2011-01-14, 10:57
http://quran.maktoob.com/vb/up/18306189651013307539.gif

لقاء الجنة
2011-04-07, 16:05
http://alsbtain.alatham.com/qatifoasis/upload//10635-2-71154044.gif

بشير بن سلة
2016-01-29, 14:21
يرفع للفائدة

dfdfgeg
2016-02-05, 14:42
بارك الله فيك

abderrahman14
2016-10-05, 23:28
بارك الله فيك