تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المصطلح الإيقاعي في النقد الأدبي العربي الحديث


سحواج
2008-08-18, 12:27
أ.أمحمـد سحـواج
كلية اللغات و الآداب :dj_17:
جامعـة حسيـبة بن بوعلي الشلف


المصطلح الإيقاعي في النقد الأدبي العربي الحديث :

إن موضوع المصطلح الإيقاعي من الموضوعات التي بدأت تفرض وجودها على اختيارات الباحثين، وشرع التفكير النقدي الحديث يبرزها ويمكن لها بين أبحاثه ، رغبة في استجلاء عنه سوء الفهم، لأنه من أكثر المصطلحات استعصاء على التدليل، والتفسير، والتخريج، والتقعيد.
لم يقف الدرس الإيقاعي الحديث عند عتبة العروض بل تعداه إلى عناصر أخرى
مراحـــل الدرس الإيقاعــي :
1- الحركة والسكون ودلالاتهما اللفظية والمعنوية.
2- الصوت اللغوي: من حيث درجات جماليات الصوت في اللغة العربية، والتلوينات الصوتية الأخرى - كالصويت والإمالة والاختلاس - وأثرها في توقيع الخطاب الأدبي.
3- المقطع * اللغوي: من حيث القيم التنويعية في إنشادية الشعر.
4- البنية الصرفية: ( الأحادية، والثنائية، والثلاثية ...) مع التركيز على أهمية البنية الثلاثية في الميزان الصرفي العربي، وأهميتها في توقيع الخطاب الفني أو من حيث الوظيفتين اللسانية والسماعية.
5- الوزن: يستمد فاعليته من العروض، وقوانينه المجسدة في الأسباب والأوتاد والفواصل1.


6- القافية: لا يمكن اعتبار القافية تابع من توابع الشعر فقط بل تتعداه ( لأن القافية ليس أداة، أو وسيلة نابعة لشيء آخر، بل هي عامل مستقل، صورة تضاف إلى غيرها من الصور لا تظهر وظيفتها الحقيقية إلا في علاقتها بالمعنى )2.
7-الجرس* الصوتي: فقد تم فيه معالجة الوظيفة الصوتية واللسانية للجناس، والطباق والتكرار في توقيع الكلام الفني، وما مدى ارتقائه إلى مستوى الوقع والتطريب، فقال شوقي ضيف: ( إن البحتري كان يوفر وقته للصوت، فهو يطلق الموسيقى، ويدعها تؤثر في أعصابنا كما يريد ويشتهي )3.
8- النبر ووظيفته الصوتية واللسانية والإيقاعية في القصيدة الجديدة: فهو يمثل إيقاع النهاية - البيت الصوتي- يدرك سماعيا، ودور النبر في تحقيق اللسانيات الشعرية4.
9- التنغيم وما مدى ارتباطه بالترجيع: وهو ترديد الصوت وتكراره5 فيكسب الألفاظ إيقاعا.
10- مبدأ الخفـة والثقل في توليف الكلام: لقد أشـار إليـه أبـو هـلال العسكري
( ت 390هـ ) فقال : ( ولا إن تعلوا الكلام فتأخذه من فوق فيجيء سلسا سهلا ذا طلاوة ورونق خير من أن يعلوك فيجيء كز فجا ومتجعدا جلفا )6. وهذا ما يعرف لدى حازم القرطاجني بمصطلح " حلاوة المسموع " الذي يقابل الثقل، والتنافر والتضاد.7
إن ندرة الدراسات التأسيسية التي اهتمت بتناول المصطلح الإيقاعي في الشعر العربي، ومع ذلك كانت دراسة محمد العمري عن " البنية الصوتية في الشعر "، ودراسة جمال الدين بن الشيخ عن " الشعرية العربية " ودراسة السيد البحراوي عن " الإيقاع في الشعر السياب "، ومناوشة كمال أبو ديب للدرس الإيقاعي من مؤلفه "في البنية الإيقاعية للشعر العربي "، ودراسة إبراهيم أنبس عن" موسيقى الشعر" .
أهــم الدراسات النقدية العربية الحديثة المتعلقة بالمصطلح الإيقاعي :
1- الدرس الإيقاعي لدى شكري عياد: انطلق من تعريف ريتشاردز * للإيقاع.
و توصل إلى أن الوزن يتضمن الإيقاع، وأن المصطلحين لا يفهم بدون الآخر8.
ومن خلال هذا المنطلق وضع عياد فصاما بين الإيقاع الشعري والإيقاع الموسيقي، فيقوم الأول على طول المقاطع وقصرها، و أما الثاني فيقوم على أساس النبر**، ويبدو هذا حسب قول الشاعر:
فيسحب الليل عليها من دم دثار 9
أصيح يا خليج : يا خليج 10
يخضع الإيقاع إلى اللغة، والألفاظ الموضوعة فيه قال: " دثار " //0، وقال:'' خليـج '' // 0 ، فالوزن قائم على التفعيلة و انعدام العثرة.
أما من جانب الإيقاع فهو التلوين الصوتي الناتج انطلاقا من الألفاظ المستعملة
ذاتها11.
2- إن الطرح الإيقاعي عند كمال أبى ديب لا يقوم على نظام التفعيلة، وإنما يقوم على وحدات أساسها " النبر "، وهذه الوحدات تعتمد على نظام متتابع يتكون مـن
" نواة" ثنائية أو ثلاثية و هي "فا و"علن" أو "علن" و "فا" أي "سبب خفيف" ، "ووتـد مجموع "، وعلى أساس هذا الطرح لم يزغ أبو ديب عن الطرح الخليلي " فالوحدة" هي عند الخليل التفعيلة أو الركن أو الجزء، واستبدل مصطلح السبب، والوتد " بالنواة " فالجديد هو اتخاذه "النبر " كقاعدة لوزن الأشعار 12 .
وقد تطرق إلى مصطلح الفجوة:*** بتسمية مسافة التوتر13.
3_ إن الدرس الإيقاعي عند " إبراهيم أنيس قائم على التفاعيل والمقاطع فقد تم تقسيم البيت الشعري إلى مقاطع، وهذه الأخيرة تندرج تحت ثلاثة أنواع :
1- مقطع قصير ( صوت ساكن + حركة قصيرة ) ويرمز له بـ "-".
2- مقطع متوسط (صوت ساكن + حركة قصيرة +صوت ساكن ) ويـرمـز لـه بـ "0".
3- مقطع طويل (صوت ساكن + حركة طويلة +صوت ساكن ) ويرمز له بـ " و".



_ الهوامـــــــــش _
1. ينظر، ابن رشيق أبو الحسن القيرواني ، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ـ ج1، تح ، محمد قرقزان ، ط 1 .دار المعرفة ، بيروت 1988، ص 294 .
2. كوهن جان ، بنية اللغة الشعرية ، تر , الولي محمد ، د ط .دار توبقال ، الدار البيضاء:1986، ص 75/ 76.
* مصطلح المقطع لدى- حازم القرطاجني ( ت 684) - يعرف"بالأرجل" هي المقاطع التي يتألف منها السبب والوتد ، ينظر منهاج البلغاء وسراج الأدباء تح محمد الحبيب بن الخوجة ، ط 3 . دار الغرب الإسلامي ، بيروت:1986 ، ص 236.
3. ضيف شوقي ، الفن ومذاهبه في الشعر العربي ، ط 7. دار المعارف ، مصر : دت ، ص 199 .
4. ينظر عميش العربي ، خصائص الإيقاع الشعري. بحث في الكشف عن آليات تركيب لغة الشعر ، دط . دار الأديب ، وهران ، الجزائر: 2005.
5 . ينظر الفراهيدي خليل بن احمد ، كتاب العين ، تح، سلوم إنعام داوود ، العنبكي سلمان داوود، ط1 ، مكتبة بيروت ، لبنان: 2004، (مادة رجع).
6. العسكري أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل ، كتاب الصناعتين الكتابة والشعر ، دط. دار الكتب العلمية ، 1981 ، ص 139 .
7. عصفور جابر احمد ، مفهوم الشعر دراسة في التراث النقدي ، دط . المركز العربي للثقافة والعلوم للطباعة والنشر والتوزيع ، 1982
ص 382.
* الجرس من مصدر صوت المجروس، والجرس الصوت نفسه ، وجرس الحرف نغمة الصوت والحروف الثلاثة الجوف لا صوت لها ولا جرس وهي الواو والياء والألف اللينة وسائر الحروف مجروسة . والنحل تجرس العسل جرسا وهي لحسها إياه ثم لعسها إياه .ينظر الفراهيدي الخليل بن احمد ، كتاب العين ، (مادة جرس ).
8. ينظر عياد شكري ، موسيقى الشعر العربي ، ص 62 ،نقلا عن ابن دريس عمر خليفة ، البنية الإيقاعية في الشعر البحتري دراسة نقدية تحليلية ، ط 1 .منشورات جامعة قان يونس، بنغازي :2003 ، ص35.
9- ديوان السياب بدر شاكر ، أنشودة المطر ، د ط . دار العودة ، بيروت : 1971، ( السطر 46 ) ، ص 477.
10 - المصدر نفسه، ( السطر 47)، ص 477 .
11 . ينظر إسماعيل عز الدين ، الأسس الجمالية في النقد العربي ، ط 3 ، دار الفكر العربي ، 1974 ، ص 376.
12. ينظر أبو ديب كمال ، في البنية الإيقاعية للشعر العربي ، ط 1 . دار العلم للملايين بيروت :1974 ،ص 239.
13. ينظر أبو ديب كمال، في الشعرية ، ط1 . مؤسسة الأبحاث العربية ، بيروت : 1987، ص 38.
*عرف الإيقاع بأنه " هذا النسيج من التوقعات، والاشباعات، والاختلافات، والمفاجآت التي يحدثها تتابع المقاطع " ينظر سلوم تامر، نظرية اللغة و الجمال في النقد العربي، الفصل الأول.
* ينظر أنيس إبراهيم ، موسيقى الشعر، الفصل الثالث تحت عنوان " تيسير الأوزان " ** ينظر المرجع نفسه، الفصل الرابع *** الفجوة هي أن استخدام الكلمات بأوضاعها المتجمدة لا ينتج الشعرية بل ينتجها الخروج بالكلمات عن طبيعتها الراسخة إلى طبيعة جديدة . وهذا الخروج هو خرق لما سماه ( أبو ديب ) الفجوة: مسافة التوتر ينظر كمال أبو ديب ، في الشعرية ، ص 38 . وعرفت عند كوهن جان بمفهوم "الانزياح "déviation " وهو إلغاء مفهوم " الأصل والانحراف " أي أن النثر هو الأصل والشعر هو انحراف عن هذا الأصل .ينظر ناظم حسن ، مفاهيم الشعرية ، دراسة مقارنة في الأصول والمنهج والمفاهيم ، ط 1 ، المركز الثقافي العربي ، بيروت : 1994 ، ص 124 .

chaoukizeggada1
2008-08-22, 19:33
بارك الله فيك يا أخي على المعلومة القيمة ...شكرا جزيلا