مشاهدة النسخة كاملة : النجدة اريد هذا البحث
أريد بحث في اللغة العربية حول قصائد رثاء الممالك والمدن الأندلسية:sdf:
اشراقة ميمي الصبح
2010-05-07, 12:53
هذا هو بحثي ارجو ان يفيدك
رثاء المدن والممالك
مقدمة
عرف الأدب العربي رثاء المدن غرضًا أدبيا في شعره ونثره. وهو لون من التعبير يعكس طبيعة التقلبات السياسية التي تجتاح عصور الحكم في مراحل مختلفة.
وهذا النوع من الرثاء لا يقف في حدوده عند رثاء المدن وحدها حين يصيبها الدمار والتخريب ولكنه يتجاوز ذلك إلى رثاء الممالك تارة والعصور تارة أخرى. بل قد يرثي الدولة بأسرها؛ كما حدث ذلك في الأندلس. وقد تميز هذا الغرض من رثاء المدن في الشعر أكثر من تميزه في النثر.
ويُعد رثاء المدن من الأغراض الأدبية المحدثة، ذلك أن الجاهلي لم تكن له مدنٌ يبكي على خرابها، فهو ينتقل في الصحراء الواسعة من مكان إلى آخر، وإذا ألم بمدن المناذرة والغساسنة فهو إلمام عابر. ولعل بكاء الجاهلي على الربع الدارس والطلل الماحل هو لون من هذه العاطفة المعبّرة عن درس المكان وخرابه.
رثاء المدن في المشرق :
عرف المشرق قدرا من هذا الرثاء شعرًا، عندما تعرضت عاصمة الخلافة العباسية للتدمير والخراب خلال الفتنة التي وقعت بين الأمين والمأمون. فنهبت بغداد وهتكت أعراض أهلها واقتحمت دورهم، ووجد السّفلة والأوباش مناخًا صالحا ليعيثوا فسادا ودمارا. وقد عبر الشاعر أبو يعقوب إسحاق الخريمي، وهو شاعر خامل الذكر، عن هذه النَّكبة في مرثيته لبغداد فقال:
يابؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها حين أحاطت بها كبائرها
بالخسف والقذف والحريق وبالحرب التي أضحت تساورها
حلت ببغداد وهي آمـنة داهية لم تكن تحاذرهـا
وفي سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة اقتحم الزّنج مدينة البصرة، وأشعلوا نار الحرب فيها، وهزموا جيوش الخليفة، واستباحوا البصرة وغيرها واستمرّت مقاومتهم للدّولة العباسية بقيادة علي بن محمد مدة أربعة عشر عاماً، هدّدوا خلالها كيان الدولة العباسية، ودّمروا البصرة عن آخرها، وقد بكاها ابن الرومي بقصيدة وصف فيها غلبة الزّنج عليها، واعتداءهم على الأموال والحرمات والأعراض :
ذاد عن مقلتي لذيذ المنام شغلُها عنه بالدموع السِّجام
أيُّ نومٍ من بعد ما حلَّ بالب صرة ما حلَّ من هناتٍ عظام؟
أيُّ نومٍ من بعد ما انتهك الزنــ جُ جِهاراً محارمَ الاسلام ؟
دخلوها كأنهم قطَعُ الليـ لِ إذا راحَ مُدْلهمَّ الظلامِ
كم رضيعٍ هناك قد فطموه بِشَا السيف قبلَ حينِ الفطامِ
كم فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها بارز وجهُها بغير لثامِ
ووجوه قد رمّلتها دماء بأبي تلكم الوجوه الدوامي
وُطِئت بالهوان والذل قسراً بعد طولِ التَّبجيلِ والإعظام
عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
فسألاها،ولا جواب لديها لسؤالٍ ومن لها بالكلام؟
أ ين ضوضاء ذلك الخلق فيها أينَ أسواقُها ذواتُ الزِّحامِ
أين فلكٌ منها وفلكٌ إليها منشآت في البحر كالأعلام
بل ألمّا بساحةِ المسجدِ الجا مع إن كنتما ذَوَيْ إلمامِ
أين فِتيانهُ الحسانُ وجوهاً أين أشياخُهُ ذوو الأحلامِ؟
واحيائي منهمْ إذا ما التقينا وهُمُ عندَ حاكم الحكّامِ
انفروا أيها الكرامُ خِفافا ً وثقالاً إلى العبيدِ الطَّغامِ
إنْ قعدتمْ عنِ العينِ فأنتمْ شركاءُ العينِ في الآثامِ
لا تُطيلوا المقامَ عن جنةِ الخلـ دِ فأنتمْ في غيرِ دارِ مُقامِ
وبالإضافة إلى هاتين المرثيتين، حفل ديوان رثاء المدن في المشرق، بطائفة من القصائد تتحدث عن تلك المدن التي اسقطها هولاكو وتيمور لنك.
وكذلك استثارت نكبة بغداد على يد هولاكو عاطفة عدد من الشعراء مثل شمس الدين الكوفي، ومن أقوله:
إن لم تقرّح أدمعي أجفاني من بَعْدِ بُعْدِكُمُ فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ما راقـه نظــــر إلى إنســان
مالي وللأيام شتت خطبها شملي وخــلاني بلا خلان
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي ولا جيرانهــا جيـراني
وتعد مرثية الشيخ تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم التنوخي في القرن السابع الهجري أشهر مراثي بغداد حين خربها هولاكو. يقول في آخر القصيدة:
إن القيامة في بغداد قد وجدت وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبي وأهل العلم قد سُبيوا فمن ترى بعدهم تحويه أمصار
ما كنت آمل أن أبقى وقد ذهبوا لكن أتى دون ما أختار أقدار
وكذلك كان رثاء دمشق عندما سقطت في أيدي التتار فتعاقب على رثائها كثير من الشعراء مسجلين ذلك الحدث ومنهم الشاعر علاء الدين العزولي في قوله:
أجريت جمر الدمع من أجفاني حزنا على الشقراء والميـدان
لهفي على وادي دمشق ولطفه وتبدل الغزلان بالثيــــــران
واحسرتاه علي دمشق و قولها سبحان من بالغل قد أبلاني
لهفي عليك محاسنا لهفي عليـ ك عرائسا لهفي عليك مغانـي
ولكن هذا اللون في المشرق لم يزدهر ازدهاره في الأندلس، ويعزى ذلك إلى أن طبيعة التقلبات السياسية في الأندلس كانت أشد حدة وأسرع إيقاعا، وأنها اتخذت شكل المواجهة بين النصارى والمسلمين حين تجمع الصليبيون عازمين على طرد المسلمين وإخراجهم من الأندلس.
اشراقة ميمي الصبح
2010-05-07, 12:54
رثاء المدن في الأندلس :
كان هذا الغرض في الأندلس من أهم الأغراض الشعرية، إذ كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثه مستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان محوره الأول يدور حول سلبيات المجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس من حياة اللهو والترف والمجون وانصراف عن الجهاد. وأن الأمر لن يستقيم إلا برفع علم الجهاد تحت راية لا إله إلا الله. ومن هنا فالصوت الشعري لرثاء المدن في الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التي ألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة والغزل وبقية الأغراض الأخرى.
ويلفت النظر أن عددا من قصائد رثاء المدن في الأندلس لشعراء مجهولين؛ ويُفَسَّرُ ذلك إما بخشيتهم من السلطان القائم بسبب نقدهم للأوضاع السياسية وإما أن عنايتهم بالحس الجماعي واستثارته كانت أكثر من عنايتهم بذواتهم الشاعرة.
يقوم هذا الرثاء على مقارنة بين الماضي والحاضر؛ ماضي الإسلام في مجده وعزه، وحاضره في ذله وهوانه. فالمساجد غدت كنائس وبيعًا للنصارى وصوت النواقيس أضحى يجلجل بدلا من الأذان، والفتيات المسلمات انتهكت أعراضهن، والدويلات المسلمة تستعين بالنصارى في تدعيم حكمها. وتمتلئ كل هذه النصوص بشعور ديني عميق يطفح بالحسرة والندم.
كان سقوط مدينة طليطلة في أواخر القرن الخامس الهجري بداية المأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنجة وكان ذلك مصابا جللا هزّ النفوس هزًا عميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة:
لثكـلك كيـف تبتسـم الثغــور ** سـرورا بعـد ما سبيت ثغـــور
أمـا وأبي مصـاب هـد منـــه ** ثبـير الديـن فاتـصـل الثـبـور
لقد قصـمـت ظهـور حين قالـوا ** أميـر الكافـرين لـه ظهـــور
تـرى في الدهـر مسـرورا بعيـش ** مضـى عنـا لطيـتــه السـرور
أليـس بهـا أبي النـفس شهـــم ** يـديـر على الدوائـر إذ تـــدور
لقد خضـعت رقاب كن غلبـــا ** وزال عتـوهــا ومضـى النفـور
وهـان على عزيـز القـــوم ذل ** وسامـح في الحـريم فتى غيــــور
طليـطلـة أبـاح الكفـر منـهـا ** حمــاهــا إن ذا نبــأ كبـيـر
فليس مثالهـا إيـوان كسـرى ** ولا منهـا الخـورنـق والسد ير
محصنـة محسنـة بعيــــد ** تناولهــا ومطلبـهــا عسير
ألم تـك معقــلا للديـن صعبا ** فذللـه كمــا شــاء القديـر
وأخـرج أهلهـا منها جميعــا ** فصـاروا حيث شاء بهم مصيـر
وكـانت دار إيمــان وعلــم ** معـالمهـا التي طمسـت تنـير
فعـادت دار كفـر مصطفـاة ** قد اضطربت بأهليهـا الأمـور
مساجـدها كنـائس أي قلـب ** على هــذا يقـر ولا يطـيـر
فيـا أسفـاه يا أسفـاه حـزنا ** يكـرر ما تكـررت الدهــور
وينشر كل حسن ليس يطــوى ** إلى يـوم يكــون به النشـور
أديلت قاصــرات الطرف كانت ** مصــونـات مساكنهـا القصور
وأدركـهـا فتـور في انتـظـار ** لسـرب في لوا حظه فتــور
وكان بنــا وبالقـينـات أولـى ** لو انضـمت على الكل القـبـور
لقد سخـنـت بحالتهن عيــن ** وكيـف يصـح مغلـوب قـريـر
لئن غبـنـا عن الإخـوان إنـا ** بأحــزان وأشجـان حضــور
نــذور كان للأيـام فيـهــم ** بمهلكهــم فقـد وفـت النـذور
فـإن قلنـا العقوبـة أدركتـهـم ** وجـاءهــم’ من الله النكيــر
فإنـا مثلهــم وأشـد منهــم ** نجور وكيف يسلم من يجـــور
أنأمـن أن يحـل بنــا انتقـام ** وفيـنا الفسـق أجمع والفجـور
وأكل للحـرام ولا اضـطـرار ** إليه فيسهـل الأمـر العسيــر
ولكـن جـــرأة في عقـر دار ** كذلك يفعـل الكلب العـقـــور
يزول الستـر عن قـوم إذا مـا ** على العصـيان أرخيـت الستـور
يطــول علي ليلي رب خطـب ** يطول لهــوله الليـل القصيـر
خـذوا ثأر الديـانة وانصـروها ** فقـد حامـت على القتلى النسور
ولا تهنـوا وسـلوا كل عـضب ** تهـاب مضـاربـا منـه النحـور
ومـوتـوا كلـكم فالمـوت أولى ** بكـم من أن تجـاروا أو تجوروا
أصبـرا بعـد سبي وامتـحـانٍ ** يـلام عليهـا القلـب الصبـور
فــأم الثكـل مذكـار ولــود ** وأم الصقــر مقــلات نـزور
نخــور إذا دهيـنا بالـرزايـا ** وليس بمعـجـب بقـر يخــور
ونجبـن ليس نـزأر لو شجعنـا ** ولم نجبـن لكـان لنـا زئـيـر
لقد سـاءت بنـا الأخبـار حتى ** أمـات المخبـرين بهـا الخبـيـر
أتتـنا الكتـب فيهـا كل شــرٍ ** وبشـرنـا بأنحسنـا البشيــر
وقيـل تجمعـوا لفــراق شمل ** طليطـلة تمـلكهـا الكفــور
فقـل في خطــة فيهـا صغـار ** يشيب لكربـها الطفــل الصغير
لقـد صـم السميـع فلم يعـول ** على نبـإ كمـا عمـي البصيـر
تجـاذبنـا الأعـادي باصطناع ** فيـنجـذب المخـول والفقيـر
فبـاق في الديانة تحــت خزي ** تثبطه الشــويهـة والبعـيـر
وآخـر مـارق هـانت عليـه ** مصائب دينــه فلـه السعيـر
كفى حزنـا بأن النـاس قـالوا ** إلى أيـن التحــول والمسيـر
أنتـرك دورنا ونفـر عنهــا ** وليس لنـا وراء البـحـر دور
ولا ثـم الضياع تـروق حسنـا ** نبـاكـرها فيعـجبـنا البكـور
وظـل وارف وخـرير مــاء ** فـلا قـر هناك ولا حـــرور
ويـؤكل من فواكهـها طــري ** ويشـرب من جداولها نميـــر
يـؤدى معـرم في كل شهــر ** ويؤخـذ كل صائفـة عشــور
فهم أحمى لحوزتـنا وأولــى ** بنا وهـم المـوالي والعشيــر
لقـد ذهـب اليقين فلا يقيــن ** وغـر القــوم بالله الغـــرور
فــلا ديـن ولا دنيـا ولكـن ** غـرور بالمعيشـة ما غــرور
رضـوا بالــرق يا لله مـاذا ** رآه وما أشـار بـه مشيـــر
مضى الإسلام فابك دما عليه ** فما ينفي الجوى الدمع الغزيــر
ونـح وانـدب رفاقا في فـلاة ** حيـارى لا تحـط ولا تسيــر
ولا تجـنح إلى سلم وحــارب ** عسى أن يجبر العظم الكسيــر
أنعمى عن مراشـدنا جميعــا ** وما إن منهـم’ إلا بصيـــر
ونلـقى واحـدا ويفر جمــع ** كما عن قانص فـرت حميـــر
ولو أنا ثبتـنا كان خيــــرا ** ولكـن ما لنــا كرم وخيــر
إذا مـا لم يكـن صبر جميــل ** فليس بنـافـع عـدد كثيـــر
ألا رجـل لــه رأي أصيــل ** به مما نحـــاذر نستجيـــر
يكـر إذا السيـوف تنـاولتــه ** وأيـن بنا إذا ولت كــــرور
ويطعن بالقنـا الخطـــار حتى ** يقول الرمـح ما هذا الخطيـــر
عظيـم أن يكون الناس طـــرا ** بأنـدلس قتـيـل أو أسيــــر
أذكر بالقـراع الليث حرصـــا ** على أن يقـرع البيض الذكـــور
يبـادر خرقهــا قبـل اتســاع ** لخطب منه تنخسف البــــدور
يوسـع للذي يلقاه صـــــدرا ** فقد ضـاقت بما تلقى صـــدور
تنغـصـت الحيـاة فلا حيـــاة ** وودع جيـرة إذ لا مـجيــــر
فليــل فيه هـم مستكــــن ** ويـوم فيه شر مستطيــــــر
ونـرجو أن يتيح الله نصــــرا ** عليهـم إنـه نعـم النصيــــر
وفي هذه القصيدة التي بلغت سبعين بيتا تصوير لحال المسلمين عشية سقوطها وما أصابهم من ذل وصغار، كما تصور ماضيها المجيد وحاضرها المهين.
وتعد مرثية الشاعر ابن الأبار لمدينة بلنسية من المراثي المشهورة في الأندلس، فقد أرسل بها على لسان أميره إلى أبي زكريا بن حفص سلطان تونس مستنجدا به لنصرة الأندلس ومطلعها:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إن السبيل إلى منجاتها درســـا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست فلم يزل منك عزّ النصر ملتمسا
ويحكي هذا النص يأس أهل الأندلس من حكامهم المسلمين ومن ثم توجهوا لطلب النصرة من خارج الأندلس كما تصور حال بلنسية وقد تحولت المساجد إلى كنائس وفرض الكُفر سلطانه على الجزيرة وأن الذي أصاب بلنسية يوشك أن يصيب باقي المدن الأندلسية:
مدائن حلها الإشراك مبتسما جذلان، وارتحل الإيمان مبتئسا
يا للمساجد عادت للعدى بيعا وللنداء غدا أثناءها جرسـا
ثم يلتفت إلى أبي زكريا سلطان تونس قائلا:
طهّر بلادك منهم إنهم نجس ولا طهارة ما لم تغسل النجسا
وأوطئ الفيلق الجرار أرضهم حتى يطأطئ رأسا كل من رأسا
وأملأ هنيئًا لك التأييد ساحتها جرُدًا سلاهب أو خطية دُعُســا
وأما مراثي الممالك فمن أشهرها مرثية أبي محمد، عبد المجيد بن عبدون التي رثى بها قتلى بني الأفطس أصحاب بطليوس ومطلعها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر فما البكاء على الأشباح والصور؟
وفيها يقول:
أنهاك لا آلوك موعظة عن نومة بين ناب الليث والظفر
وفي هذه المرثية، يحشد ابن عبدون الكثير من أحداث التاريخ وتقلباته ويحكي ما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلك سبيلا للعظة والتأسي. وتمتاز القصيدة على طولها بحاسة شعرية قوية وعاطفة جياشة تزاوج بين مأساة بني الأفطس الذاتية والسياسية.
ومن أهم المراثي التي ربطت بين المأساة الذاتية والسياسية قصيدة أبي بكر بن عبد الصمد في رثاء مملكة اشبيليا وأميرها الشاعر المعتمد بن عباد:
ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في الأعــياد
قد كنت أحسب أن تبدد أدمعي نيران حزن أضرمت بفــــؤادي
وتعد أيضا دالية ابن اللبانة في رثاء بني عبَّاد ومملكتهم من تلك المراثي التي ربطت بين مأساة المعتمد وضياع ملكه ومأساة الشاعر حين هوى عن عرش الشعر ومملكته:
تبكي السماء بدمع رائح غاد على البهاليل من أبناء عـــــــبَّاد
على الجبال التي هُدّت قواعدها وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
نسيت إلا غداة النهر كونهم في المنشآت كأموات بألحـــــاد
تفرقوا جيرة من بعد ما نشأوا أهـلا بأهـل وأولادًا بأولاد
بالإضافة إلى مرثية ابن شهيد الذي بكى فيها قرطبة قائلا :
فَلِمِثْلِ قُرْطبةٍ يَقِلُّ بُكاءُ مَنْ يبكي بعينٍ دَمْعُها مُتفَجِّرُ
دارٌ أَقالَ اللهُ عَثرَةَ أَهْلِها فَتَبْربَروا وتَغَرَّبوا وتَمَصَّر
في كلِّ ناحيةٍ فريقٌ منهمُ مُتَفَطِّرٌ لِفِراقِها مُتَحَيِّر
وبكاها آخر بقصيدة منها:
إِبْكِ على قُرْطُبَةَ الزَّيْنِ *** فَقدْ دَهَتْها نَظَرَةُ العَيْنِ
كانَتْ على الغايةِ مِنْ حُسْنِها *** وعَيْشِها المُسْتَعْذَبِ اللَّيْنِ
فانعَكَسَ الأمرُ فما إِن تَرَى *** بها سُروراً بَيْنَ اثْنَيْنِ
فَاغْدُ ودَعْها وسِرْ سالماً *** إنْ كُنْتَ أزمَعْتَ عَلَى البَيْن
وأما نونية أبي البقاء الرندي فهي واسطة العقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثي الأندلس في مجموعها مدنا وممالك. فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيها ولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، واشبيليا مهد الفن، وحمص مهبط الجمال، وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارت المساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس؟!، ثم يهيب أبو البقاء الرندي بفرسان المسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. يقول في أول القصيدة:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمــان
وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حلّ بالإسلام سلوان
إلى أن يقول:
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطــبة أم أيـن جيَّــان؟
وأين قرطبة دار العلوم، فكم من عالم قد سما فيها له شان
وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذبُ فياض وملآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركان
حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلا نواقيـــس وصلبــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
وتختتم القصيدة بنغمة حزينة شجية تسفر عن الأسى العميق والتماس العظة والعبرة فيما حل بالأندلس:
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلام وإيمان!
الخاتمة
وأهمية رثاء المدن أنه يكشف عن جوانب ثرية من التاريخ السياسي بين المسلمين والنصارى في الأندلس. كما يكشف جانبا من النقد الذاتي الذي واجه به الأندلسيون أنفسهم حين أَدركوا أن الانغماس في حياة اللهو والترف أدى إلى سقوط راية الجهاد، وأن ملوك الطوائف حين حرصوا على ملكهم الفردي أضاعوا ملكًا أعظم. وما أصدق سخرية الشاعر المصحفي حين قال:
مما يزهدني في أرض أندلس أسمــاء معتضــدٍ فيــها ومعتمـــد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
هذا بالضبط ما احتاج إليه الشكر الجزيل أختي في الله
التوقيع
http://islamroses.com/zeenah_images/jazak.gif
اشراقة ميمي الصبح
2010-05-07, 15:07
العفو اخي هذا واجبي
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir