المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبسات مضيئة من كتاب إلى" أين أيها الحبيب الجفري"


أم إدريس
2007-12-30, 21:59
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم لك أخي القارئ هذه القبسات من كتاب إلى" أين أيها الحبيب الجفري ( وقفات هامة وتنبيهات مهمة على كتاب معالم السلوك للجفري)" للدكتور خلدون مكي الحسني ـ حفظه الله وسدد خطاه ـ لتضيء دربك بنورها المستمد من المذاهب الأربعة وأقوال أكابر علماء الأمة الإسلامية ، وأسأل الله أن يجعل فيها الفائدة و الهداية..:


يقول الجفري ص50 : وجاء في بعض الأحاديث القدسية : (عبدي أنا أريد وأنت تريد وتتعب نفسك فيما تريد ولا يكون إلا ما أريد فكن لي كما أريد أكن لك كما تريد). ويعلّق عليه فيقول : (هذا المعنى هو باب حقيقة العبودية . .) !!! انتهى .

أقول : أولاً ، لماذا لا يذكر الجفري المرجع الذي وَرَدَ فيه هذا الحديث ؟

إنّ هذا الحديث ليس بحديث قدسي ولا نبوي كما قال العلماء ، وإنّما هو مِنَ الإسرائيليات !

ثانياً ، ما معنى قول الجفري : (هذا المعنى هو باب حقيقة العبودية) ؟! مع أننا لا نجده في كل كتب العقيدة وكتب الفقه والسنّة !

والإشكال فيه هو قوله ( أكن لك كما تريد) أي أن يكون الله جل جلاله تابعاً لإرادة العبد عند تحقق شروط معيّنة وفيه من سوء الأدب ما فيه ، ومعلومٌ أن لفظ الإرادة لله جل جلاله ليس مرادفاً لمفهوم الرضا ، قال تعالى : ( ولا يرضى لعباده الكُفْرَ وإن تشكروا يَرْضَهُ لكم ) [ الزمر : 7 ]

ولا يقع في ملكوته سبحانه شيء إلاّ بإرادته ، فما شاء كان وإلاّ لم يكن ، فالشرط (كن لي كما أريد) متحقق على كل حال سواء أطاع العبد أم عصى ، وحاشا لله عند تحقق هذا الشرط أن يتحقق جوابه بأن يكون تابعاً لإرادة العبيد طائعين أو عاصين ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

والإنسان المؤمن ، ولو كان قريباً من الكمال ، فإنه يبقى مخلوقاً يعتريه النقص ، وقد يُريد أموراً لا تليق بجلال الله تعالى ! فإذا لم يصدر هذا الكلام عن الله جل جلاله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يمكن قبوله ولا داعي للتكلّف في تأويله . وقد قال الإمام شهاب الدين القرافي في كتابه (الفروق) عند الفرق 272 بين قاعدة ما هو من الدعاء كفر وقاعدة ما ليس بكفر : (( . . . الثاني : أن تَعْظُمَ حَمَاقَةُ الدَّاعي وتجرُّؤه ، فيسأل الله تعالى أن يُفوض إليه من أمور العالم ما هو مختص بالقدرة القديمة والإرادة الربانية ، من الإيجاد والإعدام والقضاء النافذ المحتم ، وقد دلَّ القاطع العقلي على استحالة ثبوت ذلك لغير الله تعالى ، فيكون طلب ذلك طلباً للشركة مع الله تعالى في المُلك وهو كفرٌ ، وقد وقع ذلك لجماعة من جهال الصوفية فيقولون : فلان أُعطي كلمة (كن) ويسألون أن يُعْطَو كلمة كن التي في قوله تعالى ( إنَّما قولُنا لشيء إذا أردناه أن نقول لهُ كنْ فيكون ) [النحل:40] وما يعلمون معنى هذه الكلمة في كلام الله تعالى ، ولا يعلمون ما معنى إعطائها إن صحّ أنها أُعطيت ، وهذه أغوارٌ بعيدة الرَّوْم على العلماء المحصّلين ، فضلاً عن الصوفية المتخرّصين ، فيهلكون من حيث لا يشعرون ، ويعتقدون أنهم إلى الله تعالى متقرِّبون وهم عنه متباعدون ، عصمنا الله تعالى من الفتن وأسبابها والجهالات وشبهها)) . انتهى من كتاب الفروق (4 / 1406) .

وتبقى المشكلة الكبرى في نِسبَة هذا الكلام لله سبحانه وتعالى أو لرسوله صلى الله عليه وسلم ، والزّعم أنّه حديثٌ قدسيّ ، والأمرُ خلاف ذلك !

--------

فتحي الجزائري
2007-12-30, 22:18
شكرا جزيلا للأخت أم إدريس على هذه الوقفة

نادية مجدوبي
2007-12-31, 00:26
السلام عليكم

قبسات مضيئة من كتاب إلى" أين أيها الحبيب الجفري" الى الجنة ان شاء الله تعالى .

يا أختي ان الشيخ زين العابدين علي الجفري حفظه الله من علماء أمتنا حفظه الله ومن آل البيت فالحذر أختي أنت تطعنين في عالم وشريف .
مجرد تنبيه لا أدري ما هذه العقول ؟

SALIM-DZ
2007-12-31, 00:37
شكر جزيل للأخت أم ادريس.

الهيثم
2007-12-31, 01:09
http://img292.imageshack.us/img292/5373/mnwa17iu5.gif (http://img292.imageshack.us/img292/5373/mnwa17iu5.gif)

أم إدريس
2007-12-31, 15:58
-العفو أخيBFDZ.

-أختي العزيزة نادية مجدوبي وعليك سلام الله ورحمته وبركاته حبيبتي : ((الى الجنة ان شاء الله تعالى )) آمين اللهم آمين ! ما أظن أن الكاتب قصد من العنوان ما تبادر لذهنك عزيزتي فأحسني الظن بارك الله فيك..

كما أنني ياأخيتي لم أطعن (لا أنا ولا المؤلف) بالشيخ زين العابدين علي الجفري بل أسوق لك ياحبيبتي مقاطع من كتابه (المطبوع والمنشور) والرد العلمي عليها !!

وأحيطك علماً غاليتي أن المؤلف الدكتور خلدون مكي الحسني سليل بيت النبوة من آل الحسن رضي الله عنه ، بل هو من أوثق وأعلى الناس نسباً وشرفاً في عصرنا الحاضر ( الذي كثر فيه المدّعون) ، ينحدر من أسرة لامعةٍ في سماء المجد والعلم ، حفيد الأمير المجاهد الفارس سيدي عبد القادر الحسني الجزائري، فاتقّ الله فيه ((مجرد تنبيه لا أدري ما هذه العقول ؟))!!!!

وأسألك أختي الفاضلة بحق أخوتنا في الله أولاً وفي الجلفة ثانياً أن تتابعي معي قراءة هذه القبسات (من كتاب إلى أين ) و أترك لك ختاماً الحكم على الكتاب .. بارك الله فيك ووفقك وإياي لما يحب ويرضى .
-أخي SALIM-DZ العفو.

-أخي abdou 8000 الله يعافيك.

[

نادية مجدوبي
2007-12-31, 17:52
بسم الله الرحمن الرحيم .
السلام عليكم
أختي المحترمة ردك جميل، وأحب الحوار الأخوي الصادق وأتقبله بصدر رحب فجزاك الله كل خير وجمعنا جميعا وكل من يقول لا اله الا الله ، محمد رسول الله صادقا من قلبه ،في جنة الخلد وما ذلك على مولانا وخالقنا بعزيز .

ما أردت قوله عزيزتي هو أننا نسارع في الحكم ولم نسمع من الشيخ العلامة الجفري حفظه الله رده حتى الآن . وديننا يأمرنا بالستر حتى يتبين .
وانني يا أختي والله أحب وأحترم كل علماء أمتنا حفظهم الله من أنا حتى أطعن في هذا العالم أو ذاك وأحسن الظن والله تعالى يشهد .
مجرد تنبيه أختي ان الشيخ الجفري شريف هاشمي النسب من شرفاء اليمن ، واختلاف العلماء رحمة، فمن أجتهد وأصاب فله أجران ومن أجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد وكل علماء الأمة العاملون أو جلهم على قصد حسن ان شاء الله .

هذا ما أردت قوله وأستغفر الله . الله ينور قلوبنا بحبه وذكره وحسن الظن بساداتنا العلماء آمين

أم إدريس
2007-12-31, 19:16
ولأجل أختي الحبيبة نادية مجدوبي وكل محبي الشيخ الجفري أقدم مقدمة الكتاب " إلى أين أيها الحبيب الجفري" والباعث عليه للدكتور خلدون مكي الحسني سلمه الله:


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله الذي وَعَدَ مَن اهتدى وأوْعَدَ مَن اعتدى ، والصَّلاة والسَّلام على مَنْ مَدَّتْ عليه البلاغةُ رُوَاقَها ، فاخْتُصِرَ له الكلامُ اختصاراً ، فقال : (قَدْ تَرَكْتُكُم على البَيْضَاء لَيْلُها كَنَهَارِها لا يَزيغُ عنها بَعْدي إلا هالك ، ومَنْ يَعِشْ مِنْكُم ، فسَيَرى اخْتِلافاً كثيراً ، فَعَلَيْكُم بما عَرَفْتُم مِنْ سُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشِدين المَهْديِّين)([1]) وعلى آله وصحبه ، أمَّا بعد :

فإنني لغيرتي على دين الإسلام وحرصي على ما ينفع المسلمين ، وعملاً بالعهد الذي بايعَ عليه الصَّحابةُ الكرام رسولَهم الأمين ، وهو (النصحُ لكل مسلم) أُقدّم هذه المناقشة العلميّة لِما ذَهَبَ إليه الدَّاعية الحبيب علي زين العابدين الجفري ، في كتابه (معالم السلوك للمرأة المسلمة) الذي لابدَّ وأنّه أَخْرَجَه في تمهّل خلافاً لكلامه الآخر المُرْتَجَل في المحطّات الفضائية وغيرها ، الذي ربّما وَجَدَ فيه غيري العُذْرَ له لِعلَّة الارتجال ، ولكنَّ الأمر هنا يَختَلِف : فالجفري هذه المرّة يَضَعُ كتاباً ويُصرِّح بذلك ([2]) كما أنّه خرَّج أحاديثه وأخَذَ يعزوها إلى المصادر مع ذكر الصفحات والأرقام . وقد قدّمَ له شيخه عمر بن حفيظ بمقدِّمَة أَثْنى فيها على الكتاب وعلى المؤلّف ثناءً عظيماً ، ووصفَ الكتاب بأنّه أنفاسٌ مباركات وتنبيهات سنيّات . . . أجراها الله على لسان الجفري ! وحَمِدَ الله على تيسير طباعته([3]). إذاً فالكتاب مِنْ وَضْع الشيخ الجفري نفسه وبمباركة وتقديم شيخه ابن حفيظ ومِنْ ثَمَّ فإنّ الشيخ الجفري يتحمّل مسؤوليّة المعلومات التي أوْرَدَها في كتابه .

وقد وَضَعْتُ في هذه المناقشة كلامَهُ في ميزان الشرع وتَعَقّبتُه بالأدلّة الواضحة ، راضياً منه بالذَّمِّ علانيةً والانتفاعِ بكلامي سراً ، وآملاً أن يجِدَ هذا الكلامُ عنده وعند مَنْ يُقرّ نهْجَه أذناً صَاغية .

(( إنْ أريدُ إلاّ الإصْلاحَ ما اسْتَطعت وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلتُ وإليه أُنيب )).([4])

خلدون مكّي الحسني

دمشق 25 / شوَّال / 1426

الباعث على الكتاب


أهدَى إليَّ أحدُ إخواني كتاب معالم السلوك للجفري ، وناشدني أن أقرأه وأدوّن له ملاحظاتي عليه ففعلتُ .

وكنتُ سأكتفي بإعطاء ذلك الأخ نسخة من الملاحظات التي دوّنتُها ، ولكنني ارتَأيت أن أنشرها للناس لعدّة أسباب :

أوّلها ، أنّ الفتاوى والأقوال التي يرفضها الجفري في كتابه ويصفها بأنها مُحْدَثَة ولا سلف للقائلين بها ، إنما هي فتاوى الأئمة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ، وهي ثابتة وأشهر من الأقوال التي يدعو إليها ! ولا يجوز لمن له مذهب خاص أن يُلغي غيره !

ثانيها ، أنّ الأخطاء والمغالطات التي في الكتاب شديدة الخطورة ، وتَفَشّيها بين الناس يَسِيرُ بخُطاً سريعة ، لأنّ غالبها في صورة قصص وحكايات ؛ وهذا مما يُسَهِّل على الناس حفظه وتداوله .

ثالثها ، أن الكتاب يُطبع بكثرة ويوزّع في المناسبات ، وهو صغير الحجم تسهل قراءته .

رابعها ، عندما أصدرَ شيخ القرّاء بالشام محمد كريّم راجح ، حفظه الله بيانَه الخاص بالتنبيه على أخطاء الجفري وكثرة روايته للأحاديث الموضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك القصص المنكرة ، ادّعى البعض أنّ ما رآه الشيخ كريّم راجح من تسجيلات للجفري ، والتي فيها تلك الأمور ، إنما هو مدسوسٌ عليه و"مدبلج"([5]).

فكان هذا الكتاب الذي وَضَعَهُ الشيخ الجفري وأعاد طباعته عدّة مرّات، ومنها هذه الطبعة التي بين يديَّ وهي الطبعة الثانية 1424هـ أي قبل صدور بيان الشيخ كريّم ، أكبرَ دليل على صحّة ما رآه الشيخ كريّم راجح ، فالكتاب في مُعْظَمِه ، مبنيٌّ على الأحاديث الباطلة والمكذوبة والقصص الخرافيّة والمنكرة !!

والجفري يُعْلِنُ كتابه هذا ويُروّج له في موقعه الخاص على الشابكة (الإنترنت) ، ويُهديه بنفسه للعديد ممن يلقونه ، فهو إذاً ثابتُ النّسبةِ إليه.

وهذا الكتاب ـ كما يصرّح مؤلِّفه ـ في التصوّف ، ولكنّه عَدَلَ عن تسميته بذلك خشيةَ أن تنفرَ من شرائه ومطالعته النساء وغيرهن .

انظر الصفحة : (71) من الكتاب .

ولو أردتُ أن أبيّن جميع ما في كتابه من عبارات غير شرعيّة أو أحكام غير صحيحة أو أفكار باطلة أو حقائق تاريخيّة مقلوبة لطال الأمر بنا كثيراً . ولكنني سأقتصر على بيان الأمور العلميّة الواضحة التي لا تحتاج إلى كثير كلام ، ولا يحتاج الإنسان العاقل فيها إلى مزيد بيان خشية التطويل ، وغرضي من ذلك هو إظهار الحق وتنبيه المسلمين للأخطاء التي يدعوهم إليها الجفري كي يتجنّبوها ويراجعوه فيها .

وإذا وجد القارئُ ركاكةً في العبارات التي أنقلها من كلام الجفري فأرجو ألاّ يُؤاخذني ، لأنني مضطرٌ إلى نقل الكلام بالحرف ، ومن المؤسف أنّ لغة الجفري العربية غير سليمة .

كما أرجو من الشيخ الجفري ألاّ يؤاخذني إذا وجَدَ في كلامي بعض العبارات التي لا تروق له ، فإنّ طبيعةَ الكلام النقدي غالباً ما تكون جامدة ، والنّصحُ بطَبْعِهِ ثقيلٌ ، وأنا لا أحمل في قلبي للشيخ الجفري أي غلٍّ فليطمئن ، وإنّما الأمر كما قال الشاعر :

ما ناصَحَتْكَ خَبَايا الوُدِّ مِنْ رَجُلٍ

مـا لـم يَنَلْكَ بمكروهٍ مِـنَ العَـذَلِ

محبَّتي فيـكَ تـأبى عـن مُسامَحَتي

بـأنْ أراكَ علـى شيءٍ مِـنَ الزَّلَـلِ

وأُذَكِّره بقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : (لا تظنَّ بكلمةٍ خرَجَت مِنْ أخيك المسلم سوءاً وأنتَ تجِدُ لها في الخيْر محمَلاً)([6]).

وبقولِ العالم الرَّباني الزاهد ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

(إنَّ كراهةَ إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرَّجل ليس مِنَ الخِصال المحمودة ، بل الواجبُ على المسلم أن يُحبَّ ظهورَ الحق ومعرفةَ المسلمين له ، سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته . وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسولِهِ ودينه وأئمَّة المسلمين وعامَّتهم ، وذلك هو الدِّين كما أخبر به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم)([7]).

وقبل المضي في عرض المخالفات والأخطاء التي أوردَها الجفري في كتابه أقول :

إنّ الجفري لمّا تكلّم على أمهات الصفات المذمومة كالعُجْب والكِبْر والرّياء والحسد ، قد تكلّم بكلامٍ حسن لولا ما شابَهُ من استشهاداتٍ باطلة تُفسدُ المعنى .

وكذلك لمّا تكلّم على قاعدة المحبّة في الله والبغض في الله ، فإنّه سرّني أنه ليس من أولئك الذين يقولون بحبّ الكفّار من اليهود والنّصارى والبوذيين فقد قال في الصفحة 195 :

( هناك ناس يقولون : الدّين دين محبّة ووئام ما هو دين عصبيّة ولا تخلف وتطرّف ولا إرهاب . . هؤلاء ناس أهل دين وأهل كتاب وهم مؤمنون) فردّ الجفري قائلاً : (لا ليسوا بمؤمنين ، هم كفّار في القرآن )

وساق آياتٍ ؛ ثمّ قال :

(نصّ صريح في القرآن ، هناك كلام الآن يُبثّ في مجتمعاتنا المقصود به إزالة بقايا الحواجز التي بيننا وبين الكفّار حتّى يندمج مجتمعنا ويختلط بهم ويصير كمجتمعاتهم ، لا وألفُ لا ، الكافر كافر ، نصرانياً كان أو يهودياً أو مجوسياً أو بوذياً ، أُحسنُ إليه ، أحسن معاملته ، أتخلّق معه بالأخلاق الحسنة لكن لا آنس إليه ولا أحبّه في كفره . . الخ). انتهى

فهذا الكلام منه حسن ، لذلك أحببتُ أن أُشير إليه لسببين :

أولاً لذكر الكلام الصحيح الذي ورد في الكتاب .

ثانياً ليعلم القرّاء أن الجفري ليس من طائفة المتصوّفة الذين ضاعت



عندهم جميع المبادئ والمفاهيم الإسلامية([8]).

------

(1) رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم .

(2) انظر ص71 من كتاب معالم السلوك حيث يقول : (كل المواضيع التي خضنا فيها في هذا الكتاب هي التصوّف ، لو كنا قلنا : كتاب في التصوف لما قرأته واحدة منكن . . صحيح ؟ . . . . . . . . هذه الصفحات الآتية كلها هي التصوّف بعينه). انتهى كلامه .

(3) انظر مقدّمة الكتاب .

(4) سورة هود الآية (88) .

(5) وحاولَ بعضُ الناس أن يدافع عن الجفري بأنّه ربّما عزا الحديث إلى غير مرجعه لأنّه كان يرتجل الكلام . فكان هذا الكتاب دليلاً على صحّة ما قاله الشيخ كريّم راجح . فالجفري هنا لا يرتجل بل هو يطبع كتاباً ويعزو الكلام متعمّداً ومن المؤسف أنّ ذاك الذي دافع عن الجفري قد أساء جداً للشيخ الجليل كريّم راجح بدون وجه حق ، في حين دافع عن الجفري ولكن أيضاً بدون وجه حق .

(6) أخرجه أحمد في (الزهد) كما قال السيوطي في (الدر المنثور) 6 /92 .

(7) في كتابه (الفرق بين النّصيحة والتّعيير ) ص10 .

(8) إنّ الصوفيّة مصطلحٌ له عموم وخصوص ، أمّا من حيث العموم فهو يُطلق على كل من كان زاهداً أو عابداً أو متنسّكاً متواضعاً ، وهذا الإطلاق حصل في أزمنة متأخرة عن زمن الزهاد والعبّاد الأوائل . وأمّا من حيث الخصوص فهو يُطلق على طائفة وضعت لنفسها قواعد فلسفية عالجت انطلاقاً منها نصوصَ الشريعة الإسلامية ، فخرجت بمفاهيم جديدة تعارض الأصول الشرعيّة ، وانحرفت عن الإسلام انحرافاً كبيراً . ومن بين أهل العموم والخصوص برزت طائفة من الصوفية يشتركون مع القسم الأول في العبادة والزهد ، ولكنهم متلبّسون ببدع كثيرة ويكثر فيهم الجهل ، وفي الوقت نفسه يحسّنون الظن برجال القسم الثاني المنحرف ، ولذا لا يقبلون أي نقدٍ لهم . كما برزت طائفة أخرى لا تعرف الزهد ولا العبادة ولا الأخلاق الحميدة ، وضاعت عندهم جميع المبادئ الإسلامية . وإنما تستروا بالتصوف ليضمنوا وجودهم في مجتمعات المسلمين التي تتقبل التصوف بوجهٍ عام . وأنا في كتابي هذا إنما أبيّن الأخطاء العلمية التي وقع فيها الشيخ الجفري ، وأنقلُ فتاوى كبار علماء الإسلام ، اشتملت على انتقادهم لبدع المتصوفة ، أو إنكارهم على المنحرفين من أصحاب الفكر الصوفي الفلسفي الذميم ، ولم يكن همّهم تكفير أحد منهم ! فأرجو التنبه لذلك !

أم إدريس
2008-01-01, 15:43
ـ في ص73 يروي الجفري حديثاً ولكنه ـ ويا للأسف ـ زَادَ فيه ألفاظاً ليست من كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وبدونها لا يمكنه تسويغ مذهبه ، وبزيادتها يمرر مذهبه ويتمكن من التشنيع على المخالفين له أيضاً !

فقال : ((ما هو دعاء قضاء الحاجة ؟ صلاة الحاجة ، التي مرت عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه . . يصلي الإنسان ركعتين بنيَّة الحاجة ويقول : " اللهم إني أتوجه إليك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبيّ الرحمة ، يا محمد ، يا أحمد ، يا أبا القاسم إني أتوجه بك إلى الله في أن يقضي حاجتي" ، تذكر حاجتها ثم تقول : ((اللهم شفعه فيّ بجاهه عندك)). (1) انتهى بحروفه .

ثم كَتَبَ في حاشية كتابه مُخرِّجاً للحديث :

(1) رواه الترمذي في (الحديث : 3578) وابن ماجه في (الحديث : 1385) .

أقول : أولاً ، الحديث ليس هذا لفظه عند الترمذي في سننه بل لفظه :

عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضريرَ البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني ، قال : ((إن شئتَ دعوتُ ، وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك)) قال : فادعُهُ ، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفّعه فيَّ)) .

ولفظ الحديث عند ابن ماجه في سننه :

عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله لي أن يعافيني ، فقال : ((إن شئت أخّرت لك وهو خير وإن شئت دعوت)) فقال : ادعه ، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى اللهم فشفِّعهُ فيَّ)).

والحديث هو في مسند الإمام أحمد بن حنبل (4 / 138) بلفظ : ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى ، وتُشَفِّعُني فيه ، وتُشَفِّعُهُ فيَّ)) قال فكان يقول هذا مراراً . ثم قال بعدُ : أحسبُ أن فيها : أن تُشَفِّعني فيه . قال ففعل الرجل ، فَبَرِئ . انتهى

هذه أطولُ رواية صحيحة للحديث وفيها كل الألفاظ النبوية الصحيحة.

ومع ذلك زاد فيها الجفري فقال : ((اللهم إني أتوجه إليك وأتوسّل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد ، يا أحمد ، يا أبا القاسم إني أتوجه بك إلى الله في أن يقضي حاجتي ، اللهم شفّعه فيَّ بجاهه عندك)). انتهى .

وإذا رجعتم إلى كل روايات الحديث عند الترمذي وابن ماجه والحاكم والطبراني وابن خزيمة وأبي نُعيم فلن تجدوا هذه الزّيادات ، وواضحٌ الغرض منها .

لو كانت هذه الألفاظ (أتوسل إليك == بجاهه عندك) موجودة في الحديث لما نشأ الخلاف بين العلماء أصلاً ! ولَحُسِمَ الأمر ، إذ لا اجتهاد مع ورود النص .

فكيف جوّز الجفري لنفسه زيادتها على النص النبوي ؟!

أتبلغ الرغبة بتخطئة الآخرين إلى أن يزيد الجفري في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُقوِّلَه ما لم يقل ؟!

إنّ الجفري عندما يذكر هذا الحديث بصيغته الجديدة المغلوطة ، التي انفَرَدَ بروايتها ، ثمّ يعزوه إلى أحد كتب السنّة وهو ليس فيه طبعاً ، يجعلُ نفسه مشمولاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ كَذَبَ عليَّ متعمِّداً فليتبوّأ مقعده من النار)) وهو حديثٌ متواتر !!

والعجيب أن الشيخ الجفري لم يكتف بتحريف النص النبوي بل هجم بعد ذلك على مخالفيه فقال : ((. . وجَعْلُ هذه المسألة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمها بعد وفاة النبي جهلٌ قبيح))!! . انتهى ص73 .

أقول : إنّ أيّ مسلمٍ إذا أراد الرجوع إلى أشهر شرحٍ لسنن الترمذي ليقرأ فيه شرح هذا الحديث ، وهو كتاب (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) للعلاّمة الكبير الحافظ أبي العلاء المباركفوري الهندي ، فسيجد الشارح المباركفوري يقول : ((الحقُّ عندي أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته بمعنى التوسل بدعائه وشفاعته جائزٌ وكذا التوسل بغيره من أهل الخير والصلاح في حياتهم بمعنى التوسل بدعائهم وشفاعتهم أيضا جائز ، وأما التوسل به بعد مماته وكذا التوسل بغيره من أهل الخير والصلاح بعد مماتهم فلا يجوز !)) انتهى (9 / 96) .

فهل كان الجفري يقصده عندما قال إن هذا الكلام جهلٌ قبيح ؟

ومِنْ قبل المباركفوري قال الإمام أبو حنيفة النعمان ، رحمه الله ، :

((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ، والدعاء المأذون فيه ، المأمور به ما استفيد من قوله تعالى : ((( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ))))). انتهى من كتاب الدر المختار (2 / 630) وهو من الكتب الكبيرة المعتمدة في المذهب الحنفي .

وقال الشيخ القُدوري الحنفي في كتابه الكبير في الفقه المسمى بـ (شرح الكرخي) في (باب الكراهة) : ((قال بشر بن الوليد حدثنا أبو يوسف قال أبو حنيفة : لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ، وأكره أن يقول : بمعاقد العز من عرشك ، أو بحق خلقك ، وهو قول أبي يوسف قال أبو يوسف : معقد العز من عرشه هو الله ، فلا أكره هذا ، وأكره أن يقول : بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك ، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ، قال القُدوري : المسألةُ بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق ، فلا تجوز وفاقاً)). انتهى

وفي كتاب (الهداية) للمرغيناني الحنفي (593 هـ) تحت عنوان مسائل متفرقة (4/ 96) قال : ((ويُكره أن يقول الرجل في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك)) . . . .

و ((يُكره أن يقول الرجل في دعائه بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك)) لأنّه لا حق للمخلوق على الخالق)). انتهى

وقال الزَّبيدي في (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) (2 / 285) : ((كَرِهَ أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل : أسألك بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك ، أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك ، إذ ليس لأحد على الله حق)). انتهى

وهذا قول العديد من العلماء قديماً وحديثاً ، أفكان يعنيهم الجفري عندما قال إن هذا القول جهلٌ قبيح ؟! أم كان يجهل أقوال العلماء ؟

تنبيه : في هذا المقام أنا لستُ بصدد بيان أيّ الفريقين أقرب للصواب ، وليس هذا من شرط كتابي في كل المسائل الخلافية ، وإنما أنا بصدد بيان أن ما يحاول الشيخ الجفري ؛ أصلحني الله وإيّاه ؛ تصويرَهُ للناس من أنّ كل الفتاوى التي يأخذ بها المخالفون له إنما هي مُسْتَحدَثة ولا قائل بها من سلف الأمّة ، هو غير صحيح .

وكان بوسعه أن يبيّن للناس مذهبه في هذه المسألة وما يميل إليه ، دون أن يتعرّض لتجريح الآخرين والتنقّص منهم ، وبخاصة أن فيهم من هم في طبقة الأئمة ! أليست المسألة خلافيّة بين العلماء ؟ فلماذا يريد الجفري أن يفرض رأيه بالقهر على الآخرين ؟! ثم إنّ المخالفين له أخذوا بالنص كما ورد دون زيادة فيه أو نقص ، أمّا هو فقد زاد عليه وأدخل فيه ما ليس منه ، وبعد ذلك يسخر منهم ويسفههم ! وكل ذلك في كتاب يقول عنه إنه لتزكية النفوس وتقويم السلوك !!

والذي أحب أن أنبه إليه هو أنّ علماء المذهب الحنفي وغيرهم ، عندما لم يجيزوا دعاء الله بأحد من خلقه إنما كان سبب ذلك أنه لم يرد في الشرع ما يسمح بذلك ، فهذا الدعاء عندهم مُحْدَثٌ فحسب ، والأمور المحْدَثة في الدين تُكره لأجل أنها مُبتَدَعة ، ولأجل قطع مادَّة البدعة التي قد تفضي إلى ما هو أشد من الكراهة ، فالتساهل في هذه الأمور يجعل العوام من الناس يتجرَّؤون في أدعيتهم ، ويتلفّظون بما يخدش صفاء العقيدة ويخرج عن التوحيد الكامل ، ولذلك نجد كتب الفتوى في المذهب الحنفي خاصّة ، قديمها وحديثها ، زاخرة بالفتاوى التي تحذّر من هذا الشطط والابتداع في الدعاء ، فعلى سبيل المثال جاء في كتاب (التوحيد إفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه) للعلاّمة الشهيد إسماعيل بن عبد الغني الدّهلوي رحمه الله ص75 : ((وقد اعتاد بعض الناس إذا عرضَت لهم حاجة ، أو أَلَمَّت بهم مُلِمَّة ، أن يقرؤوا وِرْدَ ((يا شيخ عبد القادر جيلاني شيئاً لله))في عددٍ مخصوص ، ومدّة مخصوصة ، ودلَّ هذا الحديث (الذي يشرحه) على كراهة هذا التعبير وشناعته ، فإنه سؤال للشيخ عبد القادر الجيلاني ، وتوسل بالله تعالى إليه، والعكس أصح ، فيجوز التوسل بالدعاء من المخلوق إلى الخالق . والحاصل أنه لا يجوز التلفظ بكلمة تُشَمُّ منها رائحة الشرك ، أو إساءة أدب مع الله فإن الله هو المتعالي ، الغني ، القادر ، الملك الجبار)). انتهى
وقد علّق على هذا الكلام في حاشية الكتاب المذكور العلاّمة أبو الحسن الندوي رحمه الله فقال : ((ذهبَ أكثر فقهاء المذهب ومحققو الصوفية إلى عدم إباحة هذا الوِرْد ، ولهم في ذلك مقالات وفتاوى ، نقتصر على ما كتبه فخرُ المتأخرين العلاّمة الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي (المتوفّى سنة 1304هـ) صاحب التّصانيف الكثيرة الشهيرة ، جواباً على استفتاء ورَدَهُ عن هذا الوِرْد ، يقول رحمه الله : ((إنّ الاحترازَ عن مثلِ هذا الوِرد لازم . أولاً ـ لأنّ هذا الورد متضمّن كلمة "شيئاً لله" وقد حَكَمَ بعضُ الفقهاء بكفرِ من قاله ، وثانياً ـ لأنّ هذا الورد يتضمّنُ نداء الأموات مِنْ أمكنة بعيدة ، ولم يثبت شرعاً أنّ الأولياء لهم قدرةٌ على سماع النداء من أمكنة بعيدة ، إنما ثبَتَ سماع الأموات لتحيّة من يزور قبورهم ، ومَنْ اعتقدَ أنّ غير الله سبحانه وتعالى حاضرٌ وناظر، وعالمٌ للخفيّ والجليّ في كلّ وقت وفي كلّ آن ، فقد أشرك ، والشيخ عبد القادر وإن كانت مناقبه وفضائله قد جاوزت العدّ والإحصاء، إلاّ أنه لم يثبت أنه كان قادراً على سماع الاستغاثة والنداء من أمكنة بعيدة ، وعلى إغاثة هؤلاء المستغيثين ، واعتقادُ أنه رحمه الله كان يعلم أحوالَ مريديه في كلّ وقت ، ويسمع نداءهم ، مِنْ عقائد الشِّرك ، والله أعلم)).انتهى مختصراً ( مجموع فتاوى العلاّمة عبد الحي اللّكنوي 1/264)
وليت شعري (الكلام للندوي) ما ألجأ الناس إلى ذلك ؟ ! والله أقرب من كل قريب ، وأرحم من كل رحيم ، وهو القائل : ((( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيبُ دعوة الدّاع إذا دعان ))) والقائل((( أمَّن يُجيب المُضطر إذا دعاه ويكشف السوء))).

وقد جاء في وصية الإمام الشيخ عبد القادر الجيلاني نفسه ، لابنه الشيخ عبد الوهاب ((وَكِلِ الحوائج كُلَّها إلى الله عزّ وجلّ واطلبها منه ، ولا تثق بأحد سوى الله عزّ وجلّ ، ولا تعتمد إلاّ عليه سبحانه ، التوحيد ، التوحيد ، التوحيد)) (مجالس الفتح الرباني ، ص665) . انتهى



وقال الإمام الحصكفي الحنفي في الدر المختار (2 / 483) :

((واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقرباً إليهم فهو بالإجماع باطل وحرام ما لم يقصدوا صرفها لفقراء الأنام ، وقد ابتُلي الناس بذلك ، ولاسيما في هذه الأعصار)) انتهى

وشرح هذا الكلام الشيخ محمد بن عابدين في حاشيته على الدر المختار فقال : ((قوله : (باطل وحرام) لوجوه : منها أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة ، والعبادة لا تكون لمخلوق ، ومنها : أن المنذورَ لهُ ميتٌ والميت لا يملك .

ومنها : أنه إنْ ظَنَّ أنَّ الميّت يَتَصَرّف في الأمور دون الله تعالى واعتقادُه ذلك كفرٌ ، اللهم إلا إن قال : يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي أو قضيت حاجتي ، أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الإمام الشافعي أو الإمام الليث ، أو أشتري حصراً لمساجدهم أو زيتاً لوقودها ، أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله سبحانه وتعالى )) انتهى

(حاشية ابن عابدين 2 / 483)

أم إدريس
2008-01-01, 19:31
ويقول أيضاً (ص 104 وأيضاً في ص205) : (( قالوا إن بعض الصالحين عَبَدَ الله في صومعته عبادة كثيرة كبيرة من بني إسرائيل وكان مجتهداً ليله ونهاره .. ونظر جبريلُ عليه السلام فوجد الرجل شقياً في اللوح المحفوظ ، فاستأذن من الله بعد أن تعجب من هذا الأمر أن يخبر الرجل فأذن له الله فنـزل وقال : يا فلان إني جبريل . فرد عليه السلام ، قال : إني وجدت اسمك في اللوح المحفوظ فلان بن فلان شقي ، فأحببت أن أخبرك ما دمت شقياً ستذهب إلى النار تمتع قليلاً بالدنيا بدل أن تضيع حياتك ، قال : الحمد لله على ذلك ، إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، وعاد إلى عبادته لم ينقص مما سبق شيئاً ، تعجب جبريل أكثر ، نزل قال : أنا قلت لك أنك شقي . !! قال : نعم إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولله المراد . قال : فمالك لازلت في عبادتك وإعراضك عن الدنيا وعدم التمتع بها ؟ قال : يا هذا خلقني وأمرني بعبادته ولم يُوكل إلي أكون شقياً أو سعيداً مهمتي أن أعبده والأمر إليه بعد ذلك ، فازداد تعجب جبريل فصعد ووجد في اللوح المحفوظ: سعيد سعيد سعيد ((( يَمْحُو الله مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ))) [ الرعد : 39] )). انتهى

أقول : انظر في هذا التحقيق ! يذكُرُ لك رقم الآية ، ويتغافل عن ذكر مصدر هذه القصّة الخرافية المنافية للدين !

لو روى هذه القصّة شخص يريد الاستهزاء بالدين الإسلامي لكان ذلك مفهوماً ، أمّا أن يرويها من ينصّب نفسه مدافعاً عن الإسلام فهذا أمرٌ لا يقبله عاقل !

جبريل يطالع في اللوح المحفوظ ؟

والله يأذن له أن يخبر الرجل الصالح بما في اللوح ؟

ثمّ جبريل يطلب من الرجل ترك العبادة والتمتّع بالشهوات ؟ والرجل لا يأبه له ويخاطبه بعد أن عرفه فيقول له : يا هذا !! وجبريل جادٌّ في طلبه من الرجل تركَ التعبّد لله !! و. . . .

وهل يجوز عند الجفري أن ينسب لجبريل عليه السلام هذه الأفعال ؟ جبريل عليه السلام يستأذن الله تعالى في إخبار ذلك العابد أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ شقياً ، فليترك العبادات وليستمتع بالدنيا !! فيأذنُ الله له !!!

إنّ هذا الطلب لا يليق بفسّاق الناس فكيف ينسبه الجفري إلى جبريل وبإذن الله ؟! سبحانك هذا بهتانٌ عظيم !

أتدري يا جفري على مَنْ تَتَقوَّل ؟ إنّك تَتَقوَّل على ربِّ العالمين ! وتجعل الخرافة المنافية للدين ديناً ! وهذا تزويرٌ للشريعة وتحريفٌ لها ، ثمّ بعد ذلك تقول : إنّ كتَابَكَ مثالٌ للتصوّف الصحيح ((فهل تجدون فيه ما يُنافي الدين ؟ ))([1])

ونقولُ لك : إذا كان التَّقوُّل على الله عزّ وجلّ أمراً سائغاً مُغْتَفَراً فما هو الأمر المنافي للدين في رأيك ؟!

ولقد كان الأولى بالجفري بدل الدّعوة إلى المبالغة في العبادات والدعوة إلى تضييق دائرة المباحات بل وإلى الاستغفار من بعض الطّاعات كما يقول ([2]) ! كان الأولى به أن يتحاشى السقوط في الإثم العظيم المتوعّدِ عليه بالنار ، حيث يقول الرسول الأعظم في الحديث المتواتر ((مَنْ كذبَ عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار)) وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم وغيره ((مَنْ حدَّث عنّي بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبَين)) وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم ((كفى بالمرء كذِباً أن يُحدِّثَ بكل ما سمع)) .

--------------------------------------

(1) انظر على سبيل المثال ص71 من كتابه .

(2) انظر ص 42 من كتابه .

نادية مجدوبي
2008-01-01, 23:41
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

أختي العزيزة ، أنني افتخر بأن لي كتب الامام الجفري لا أخفيك استفدت، وأتابع دروسه .

وما يكتب عنه لدليل قاطع على صدقه في الدعوة الى الله عز وجل، وهذا حال العلماء والشرفاء في كل عصر لهم أعداء ان لم يفهموا كلامهم لعدم بلوغهم مستواهم يقولون كذا وكذا فالله تعالى يحفظه ويحفظ كل عالم صادق في دعوته آمين .

نسب الشيخ الامام الفقيه :

علي زين العابدين بن عبدالرحمن بن علي بن محمد بن علوي بن علي بن علوي بن علي بن أحمد بن علوي بن عبدالرحمن مولى العرشه بن محمد بن عبدالله التريسي بن علوي الخواص بن أبي بكر الجفري بن محمد بن علي بن محمد بن الشهيد أحمد بن الفقيه المقدم الأستاذ الأعظم محمد بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيدالله بن المهاجر إلى الله أحمد بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه زوج البتول فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ماذا تقولون ان قال النبي لكم == ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد فرقتكم == منهم أسارى ومنم خضبوا بدم
ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم == أن تخلفوني بسوء في ذوي ورحمي .

فتحي الجزائري
2008-01-02, 10:38
أختي الكريمة نادية ...أظن أنك مخطئة بخصوص ما قلت : ((وما يكتب عنه لدليل قاطع على صدقه في الدعوة الى الله عز وجل، وهذا حال العلماء والشرفاء في كل عصر لهم أعداء ان لم يفهموا كلامهم لعدم بلوغهم مستواهم يقولون كذا وكذا فالله تعالى يحفظه ويحفظ كل عالم صادق في دعوته آمين .))
فليس كل من له أعداء وأن يرد عليه فهو صحيح في دعواه ....وهل النسب الشريف دليل كافي على أن صحة أقوال الرجال ...فمثلا : أعمام النبي صلى الله عليه وسلم كأبو طالب ( لا شماتة ) هل نفعه نسبه مع أنه كان قريب من الحق وكان يرعى النبي ويحميه من قريش . لكن القول ما قال الله تعالى (( يوم لا ينفع مالا و لابنون إلا من أتى الله بقلب سليم )) الأية ..
فالحذر أختي الكريمة أن نقدم عواطفنا على قواعد الفهم الصحيح ...والحمد لله فالإنسان له عقل و فطرة يستطيع ان يميز الحق من الباطل ولا يكون مقلدا فقط ثم أعلمي بأن لا أقول بأن الداعية الجفري كلامه كله غير صحيح ...ولكن كل إنسان له وعليه بقدر مكانته العلمية

ثم أعلمي أن ما أتمناه حقا وصدقا ...أن أرى المسلمين متوحدين على الحق وأنهم أمة واحدة شأنهم نصرة هذا الدين الحنيف الذي أمرنا ربنا بأن دخل فيه كافة دون تميز بين أحد من الناس ...واليوم وأنا أرى المسلمين متفرقين كل حزب بما لديهم فرحين ....فهذا لايرضاه الله لنا ...وكيف سننشر هذا الدين إن لم نستطع فهمه نحن العرب الذي نزل قرآنه عربيا بحروف من باب أولى أن نفهمها نحن .....وبالله التوفيق

مهاجر إلى الله
2008-01-02, 11:59
الحبيب الجفري ضال مضل ولا كرامة .....

يا اخت نادية إن كنت انت قد استفدت كما زعمت من كتبه ففهمك واستفادتك ليس مقياسا للحق أو ان الجفري على حق ...

ثم لماذا تذكرون مساوء شيخ الاسلام بن تيمية ..في حين تدفنون ضلالات الجفري في الأرض السابعة ؟؟؟

وهل قرات موضوع ام إدريس بارك الله فيها كاملا ..؟؟؟
والله ما اظن ذلك وحتى لو قراتيه ما اظنك أنك ستقتنعين او تراجعين نفسك ...لأن أسيادكم الصوفية علموكم تقديس الأشخاص والأولياء وعدم الكلام فيهم ووووو....

فاتقي الله وراقبي اللله في ما تكتبينه من دعوة الناس إلى الصوفية المخرفة وضلالاتهم ...

والسلام عليكم ورحمة الله

أم إدريس
2008-01-02, 18:46
يا أختي يا حبيبتي يا نادية مجدوبي.. الله يهديك ويصلحك (وإياي) !!!
سألتك بالله أن تقرأي فلم تفعلي !!!
من طعن بنسب الجفري ومن افترى عليه ؟! ومن أخبر بأنه ما اهتدى ولا هدي على يديه أحد؟!!
إنما هذا الكتاب يا حبيبتي نقد علمي لكتاب الشيخ الجفري معالم السلوك !!!!!!!!
و أكرر رجائي وعزمي عليك أن تقرأي و تنصفي ..
وأهديك عزيزتي عمود نسب سيدي الشريف مؤلف الكتاب (وهو من أوثق الأنساب وأعلى الأسانيد):
خلدون بن محمد مكي بن عبد المجيد بن عبد الباقي بن محمد السعيد(شقيق الأمير عبد القادر الجزائري) بن محي الدّين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن أحمد المختار ابن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن عبد القوي ابن علي بن أحمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشّار ابن محمد بن مسعود بن طاووس بن يعقوب بن عبد القوي بن أحمد ابن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنّى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأمّه فاطمة الزهراء بنت سيّد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلّم.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
أختك المحبة لك في الله : أم إدريس

أخيBFDZ وأخي مهاجر إلى الله جزيتما خيراً كثيرا.

أم إدريس
2008-01-02, 19:06
14ـ وفي الصفحة 51 يشرحُ الجفري معنى الاتِّبَاع فيقول :

((ترك ما نريد لما يريده الله تعالى على وفق ما جاء عن حبيبه صلى الله عليه وسلم ، ولهذا لمّا جاء ثلاثة من الرجال يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها عن قيام رسول الله . . قالت : كان يقوم وينام صلى الله عليه وسلم . . ووصَفَت لهم بعض قيامه وبعض راحته فكأنهم استقلّوا قيام رسول الله . . فقال الآخر حدثينا عن صيام رسول الله . . فأخبرتهم أنه كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وشرحت لهم فكأنهم استقلوا فعل رسول الله ، فقال الأول : أمّا أنا فأقوم الليل ولا أنامه . . . وقال الثاني : أما أنا فأصوم النهار فلا أفطر أبداً . . وقال الثالث : أما أنا فأعتزل النساء فلا أنكح ، فلما بلغ الخبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

((أما وإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأنكح النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني))

وعزا الجفري الحديث لمسلم والنسائي وأحمد ! ([1])

ثمّ علّق على الحديث مفسّراً له تفسيراً عجيباً ، حيث زعمَ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنكرَ عليهم ، لأنّ إرادتهم للتعبّد اختلطت بمرادات النفس !

ثم قال : ((يا رسول الله . . الناس أرادوا أن يتعبدوا ! نعم . . لكن إرادة التعبد هذه ليست مقصودها الطاعة حقيقة . . وإنما هي اختلطت بمرادات النفس . . هم انتقصوا من فعل رسول الله أكمل الخلق صلى الله عليه وسلم وجعلوا عبادتهم ليس على مراد الاتباع له . . لكن على مراد أهوائهم هم . . لما أرادوها على مراد أهوائهم كان ذلك سبباً في إعراض رسول الله عنهم وفي غضب رسول الله عليهم ، بينما جاءتنا نماذج من الصحابة قاموا الليل كله . . ومن التابعين قاموا الليل كله ، كان الإمام زين العابدين يصلي كل ليلة ألف ركعة وهو من أكابر أئمة التابعين ومن أهل البيت ، كان الإمام ثابت البناني وهو من أكابر التابعين من تلاميذ أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود . . كان يحي الليل بثلاثمائة ركعة ، الإمام أبو حنيفة أربعين سنة صلى الفجر بوضوء العشاء بمعنى أنه ما نام الليل كلّه . . لم يكن ذلك منكراً عند السلف . . لكن الذي أنكره رسول الله على ذلك التنطع . . بمعنى أن يريدوا أن يسيروا إلى الله كما يفهمون هم لا كما يريد الله جلّ جلاله ، فهذا سرٌّ خفي في الاتباع غاب عنه كثير من الذين طلبوا صورة الاتباع واكتفوا بمظاهر الاتباع دون أن يفقهوا هذا المعنى)) انتهى بحروفه .

وأقول : إنّ السّر الخفي الذي نريد أن نعرفه هو مِنْ أين يأتي الجفري بهذا الكلام وهذه التعليلات ؟ إذا كانت هناك كتبٌ مُعْتَبَرَة ذَكَرَت ذلك فَلَيْتَهُ يذكرها لنا !

وأمّا إن كان هذا الكلام من عنده ومن فكره الخاص ، فهو مردودٌ عليه ولا حاجة بالمسلمين إليه ، بل يكفينا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلامه واضحٌ جَلِيّ ، ويكفينا ما قرَّرَه علماء المسلمين على مرِّ القرون في شرح هذا الحديث وتوضيح تلك المعاني .

والعجيب حقاً هذا التناقض الشديد في كلام الجفري !

إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على أولئك الصحابة (انتبه الصحابة) لأنّهم همّوا بفعلٍ يُخالفُ سنَّتَهُ صلى الله عليه وسلم ، فوصفَ الجفري الذين يقتدون بسنَّة النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه قد غاب عنهم سرّ الاتباع الذي يشير إليه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم !

إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يتكلّم عن أسرار ولم يضع الألغاز لأمّته ، بل إنّه صلى الله عليه وسلم تكلّم بكلام واضح مُبين فقال : ((فمن رغب عن سنتي فليس مني)) إذاً الكلام على السنَّة الظّاهرة مِن صيام وإفطار وقيام ونوم وتزوّج ، وليس على مراداتٍ نفسانيّة باطنيّة !

فمن اقتدى بسنَّة النبيّ صلى الله عليه وسلم كما سنّها عليه الصلاة والسلام فما المعنى الذي يكون قد غاب عنه ولم يفقهه برأي الجفري ؟

وأمّا الذين يُخالفون سنّتَه صلى الله عليه وسلم فيقول الجفري إنّهم عرفوا السرّ وفقهوا المعنى !!

هذا حقاً أمرٌ عجيب !

وأعجب منه كيف يسمح الجفري لنفسه أن يتدخّل ببواطن الصحابة الكرام فيحكم عليها وعلى نيّاتهم فيقول عنهم : ((إنّ إرادة التعبّد عندهم هذه ليست مقصودها الطّاعة الحقيقيّة .. وإنما هي اختلطت بمرادات النفس)) .

وحاشا لهم رضي الله عنهم عمّا افتراه عليهم من هذا البهتان ، أتدري يا جفري مَنْ هؤلاء النَّفر الثلاثة ؟ إنّهم سيدنا عليّ بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعثمان بن مظعون رضي الله عنهم أجمعين.([2])

ثمّ يُتابع الجفري اتّهاماته لهم فيقول : ((. . هم انتقصوا من فعل رسول الله أكمل الخلق صلى الله عليه وسلم وجعلوا عبادتهم ليس على مراد الاتباع له . . لكن على مراد أهوائهم هم . . لما أرادوها على مراد أهوائهم كان ذلك سبباً في إعراض رسول الله عنهم وفي غضب رسول الله عليهم )). انتهى

أعوذ بالله من هذا الكلام ، أيتصوّرُ مسلمٌ عاقل أن ينتَقِصَ صحابيٌّ من فِعْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! أيُعقَل أن يجعل سيدنا عليّ وعبد الله وعثمان رضي الله عنهم عبادتهم على غير مُراد الاتّباع للنبيّ صلى الله عليه وسلم ؟! إنّ الجفري لا يتصوّر ذلك في نفسه أو أشياخه أو حتى أتباعه ! ولكنّه يتّهم به كبار الصحابة الرَّبّانيين !!

ثمَّ مِنْ أين للجفري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعرضَ عنهم وغَضِبَ عليهم؟

الذي وَرَدَ في الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم وأرشدهم وعلّمهم ونبّههم إلى الخطأ الذي ارتكبوه . وكل ذلك دون أن يجرَحَهم بكلمة ! بل إنّه لمّا تكلّم أمام الناس عن تلك الحادثة قال : ((ما بال أقوامٍ)) فلم يذكر أسماءهم رِفقاً بهم وستراً لهم ، فأين الجفري مِنْ هذا الهدي النبوي الكامل ؟

إنّ حقيقة القصّة هي ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء ثلاثةُ رَهْطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبِروا كأنهم تَقَالُّوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه وما تَأَخَّر . قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً . وقال آخرُ : أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخرُ : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأَخْشَاكُمْ لله وأتقاكُم له ، لكني أصومُ وأُفْطِر ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ ، وأتزوَّج النساءَ ، فمن رَغِبَ عن سُنَّتِي فليس مِنِّي)) .

إذاً فالصّحابة رأوا أنّ حالهم تحتاج لمزيد من العبادة ، لأنهم ليسوا كرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر ، فبيّن لهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنّ ما رأوه غير صحيح ، وأنّ الخير كُلّه في اتّباع سنّته .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث : ((قوله : فمَنْ رَغِبَ عن سنتي فليس مني ، المرادُ بالسنة الطريقة ، لا التي تقابل الفَرْض ؛ والرغبةُ عن الشيء الإعراضُ عنه إلى غيره ، والمرادُ : مَنْ تَرَكَ طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني([3])، ولَمَّحَ بذلك إلى طريق الرهبانية ، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى ، وقد عابهم بأنهم ما وفّوا بما التزموه . وطريقَةُ النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفيةُ السَّمْحَة ، فيُفْطِرُ ليَتَقَوّى على الصوم وينامُ ليتقوى على القيام ويتزوجُ لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل ؛ وقوله فليس مني إن كانت الرَّغْبة ضرْباً مِنَ التأويل يُعذر صاحبه فيه ، فمعنى فليس مني أي على طريقتي ولا يلزم أن يخرج عن الملة ، وإن كان إعراضاً وتنطعاً يُفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله ، فمعنى فليس مني ليس على ملَّتي ، لأن اعتقاد ذلك نوعٌ مِنَ الكُفْر)) . انتهى فتح الباري (14 /290)

هذا ما فهمه علماؤنا رحمهم الله من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمّا الجفري فراح يَشْرَحُه بقصص مُخْتَلَقة ([4]) لا تصحّ وهي مُخالفة لكلام النبيّ صلى الله عليه وسلم كلَّ المخالفة ‍‍!!

النبيُّ صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن التشدد في العبادة ، فيطعنُ الجفري في نيّات الصّحابة ، ويُثني على تشدُّدِ مَنْ جاء بعدهم ومَنْ هو دونهم ! إنّ هذا حقاً لتناقض عجيب ! وكل هذا التخبّط لأجل الإنكار على مَنْ يتّبع السنَّة النّبويّة الظّاهرة الواضحة ، بدعوى أنّه غاب عنه السّر الذي اكتشفه الجفري !

وأعجب من ذلك أنّ الجفري نفسه يقول في كتابه وفي عدّة مواضع : ((الأخذ بالنصوص دون الرّجوع إلى كلام الأئمّة مُصيبة نزلت بالأمة ، بدعوى الاتباع وترك الابتداع ، شغلتهم عن المعاني القلبية في السير إلى الله))([5]). انتهى

وأقول نعم إنّها مصيبة وأيّة مصيبة ! وأوضح مثالٍ على ذلك هو كتاب الجفري هذا !

وانظر إلى المعاني القلبية التي يتحدّث عنها الجفري ما مصدرها وعمّن تلقّاها ؟ وقد رأينا في المثال السّابق ما فعلت تلك المعاني والأسرار المزعومة بالجفري ، فقد جعلته يتنقّص الصّحابة ويطعن في نيّاتهم ويقلب معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرِّفه عن موضعه .

والذي أحب أن أنبّه عليه هو أنّ مِنْ أجمل ما في شريعة الإسلام الغرّاء هو الاعتدال وإعطاء حقٍّ للنفس وحقٍّ للجسم وحق للأهل مع حقِّ الله تعالى ، كما ورد في حديث سلمان صريحاً ([6])، تلك هي سنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والعدولُ عن الاعتدال هو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أشدَّ النهي ، حتى قال لمن يفعل ذلك ((ليس مني)) وليس النَّهيُ لأجل تسرّب أهواء النفس إلى العبادة كما يزعم الجفري ، وإلا فأين أهواء ومرادات النفس بترك التّزوّج وقيام كل الليل وصيام الدهر؟.

فالجفري وأصحاب منهجه يريدون تحطيم النفسِ الإنسانية ، والإسلامُ جاء بتهذيبها ، والكتاب والسنّة الصحيحة ليس فيهما أنّ الدنيا عدوّة لله فابتعدوا عنها كلياً أيها الناس ، وإنما قال تعالى: ((( وابتغ فيما آتاك الله الدَّارَ الآخرة ولا تنسَ نصيبكَ من الدّنيا ))). [ القصص : 77 ]

---------------------------------------

(1) وسياق الحديث بهذه الرواية كما في مسلم والنسائي وأحمد : ((أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم عن عَمَلِه في السِّر ، فقال بعضهم : لا أتزوج النساء، وقال بعضهم :لا آكل اللحم ، وقال بعضهم : لا أنام على فراش . فحمد الله (أي رسول الله صلى الله عليه وسلم) وأثنى عليه فقال : ((ما بالُ أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني)) .

(2) انظر فتح الباري (14 /290) . والمهم أنّهم صحابة بقطع النّظر عن أسمائهم .

(3) والجفري يقول إن طريقته وسائر الطرق الصوفية متّصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والواضح للجميع الاختلاف الكبير بين طريقتهم وبين طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فمن خالف سنّتي (طريقتي) فليس مني !

(4) كقصّة صلاة الإمام أبي حنيفة رحمه الله الفجر بوضوء العشاء أربعين عاماً ، بمعنى أنه ما نام الليل كلّه ! والمعلوم أنّ أبا حنيفة رحمه الله كان يشتغل ببيع الخزّ ويعقد حلقات العلم ويتصدى للإفتاء طُول النهار ، فمتى كان ينام ؟

(5) انظر على سبيل المثال (ص 58) من كتابه .

(6) المروي في البخاري والترمذي عن ابن أبي جحيفة عن أبيه قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك مُتَبَذِّلَة ؟ قالت إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجةٌ في الدنيا قال فلما جاء أبو الدرداء قرَّب إليه طعاماً فقال كُلْ فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليَقُوم فقال له سلمان نَمْ فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان قم الآن فقاما فصليا فقال :إن لنفسك عليك حقاً ولربك عليك حقاً ولضيفك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فأتيا النبيَّ عليه الصلاة والسلام فذكرا ذلك فقال له : ( صدق سلمان ) .

نادية مجدوبي
2008-01-02, 19:09
بسم الله الرحمن الرحيم .

أختي الغالية لا تنزعجي من مداخلاتي انما أردت أن تكون لي ذخرا وشهادة ان شاء الله ، ولا تظني بأني لم أقرأ التعقيب فقد قرأته في احدى المنتديات .
ولا تظني أن لي حقدا على الدكتور صاحب التعقيب فهو أعلم مني .

أما المهاجر أقول لك " روح تداوي روحك راك مريض وبزاف عليك باش تطعن في أسيادك "

سامحيني أختي أم ادريس بعض المرات أنزعج تحياتي

أم إدريس
2008-01-02, 19:18
حبيبتي نادية مجدوبي ياريت تطولي بالك وترجعي تقرأي معي في منتدانا هذا !
و باللهجة الشامية :كتّر ألف خيرك ..

أم إدريس
2008-01-04, 14:34
ـ ويقول الجفري ص 64 : في معرض السخرية والتهكّم بالقائلين بوجوب الوضوء من أكل لحم الجمل((. . جاء في رواية أخرى أن رجلاً كان أكل من لحم القعود ثمّ خرج منه ريح . . . فلم يُرِدْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُحْرِجَه في المجلس ويقول له أنت خَرَجَ منك الريح ، قال : ((من أكل لحم القعود فليتوضَّأ)) . انتهى

ثمّ ادّعى الجفري أنّ الإمام الشافعي عمل بهذه القصّة السخيفة .

والمطلوب من الجفري أن يذكر لنا مصدر هذه الرّواية من كتب الحديث والسنّة المعتمدة !! لا من كتب القُصّاص .

وللعلم فإنّ أصل المسألة هو الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه([1])عن جابر بن سمرة أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أأتوضَّأُ مِنْ لحوم الغنم ؟ قال : ((إنْ شِئْتَ فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ)) قال أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : ((نعم فتَوَضَّأْ من لحوم الإبل)) قال أصلي في مَرَابِضِ الغنم ؟ قال : ((نعم))قال أصلي في مَبارِك الإبل ؟ قال : ((لا)).

والحديث الذي رواه أبو داود في سننه([2])عن البراء بن عازب قال : سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فقال : ((توضَّؤوا منها))وسُئِلَ عن لحوم الغنم فقال : ((لا تَوَضَّؤوا منها))وسُئِلَ عن الصلاة في مَبارِك الإبل فقال : ((لا تصلوا في مَبَارِك الإبل فإنها من الشياطين))وسُئِلَ عن الصلاة في مرابض الغنم فقال : ((صلوا فيها فإنها بَرَكَةٌ)) .

فانظر كيف تحوّلت المسألة عند الجفري من أحاديث ونصوص نبويّة شريفة ، إلى قصّة سخيفة لا أصل لها !


--------------------------------------------

(1) كتاب الحيض ، باب الوضوء من لحوم الإبل .

(2) سنن أبي داود (1 / 96).

أم إدريس
2008-01-04, 15:36
ـ وفي الصفحة 207 يقول الجفري : ((جاء في بعض الأخبار أن ما من موضع شبرٍ في الأرض إلا وقد سجد إبليس فيه لله سجدة ! وقد رقّاه الله حتى أذن له فأُصعِد إلى السماء ثمّ رُقِّيَ حتى أُدخل حظيرة المقرّبين ثمّ رُقِّيَ حتى صار رئيساً للمقرّبين)). انتهى
أقول : يا سبحان الله ، إبليس رئيس للمقرّبين ؟!
والذي نعرفه أنّ إبليس كان في السّماء ثمّ أُهبطَ إلى الأرض ، فكيف عَكَسَ الجفري الأمر ؟
وهل كلّما رأى الجفري قصّة مرويّة في بعض الكتب أخذها وألقاها للناس دون بيان صحّتها وسقمها ؟ ولماذا لا يقف الجفري إلا على أمثال هذه القصص ، والتي هي من الإسرائيليات الباطلة ؟ إنه حقاً أمرٌ عجيب !

أم إدريس
2008-01-04, 15:40
ـ وفي الصفحة 213 يقول الجفري :
((رُوِيَ أنّ جبريل وميكال بَكَيا لمّا طَرد الله إبليس بكاءً شديداً . فقال الله : ما يبكيكما ؟ قالا : يا رب ـ وأنت أعلم ـ هذا إبليس قرَّبتَه وارْتَضيته حتى جعلته طاووساً للملائكة وجعلته رئيساً للمقرّبين ، وفي ساعة واحدة أصبح مُبعداً مطروداً وصار عدوّاً لك مُتَوَعّداً بالنار ، وإنا نخشى أن يُصيبنا ما أصاب إبليس ، فقال لهما تعالى : هكذا فكونا )). انتهى
وأقول : أعوذ بالله من الجهل .
اللهُ تعالى يُخبرنا في محكم كتابه عن الملائكة خزنة النار فيقول : ((( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون ))) فما بالك بجبريل وميكائيل عليهما السلام ؟
إنّ طريقة تفكير الجفري المرتكزة على الخرافات والمستحيلات والممنوعات شرعاً وعقلاً تجعله يقبل مثل هذه القصص ، ولكن العجيب حقاً كيف لا يتورّع من التقوّل على الله تعالى ؟!
وإذا كانت الملائكة تبكي فهي تبكي على حال أمّتنا التي تُرَوَّجُ فيها أمثال هذه القصص في الكتب والفضائيّات .

مهاجر إلى الله
2008-01-04, 18:40
بسم الله الرحمن الرحيم .


أما المهاجر أقول لك " روح تداوي روحك راك مريض وبزاف عليك باش تطعن في أسيادك "



صدقت والله ..فانا مريض من أفكار الصوفية المنحرفة ..وتعلقهم بالمشائخ ..وطلب النفع منهم بل ومن اصحاب القبور

وعدم دعوتهم إلى التوحيد ...لأنهم لا يعرفونه ..وفاقد الشيء لا يعطيه .....

أما ان يكون امثال الجفري هم أسيادي ..فلا كثرهم الله وأسأل اللله العظيم ان يقطع دابرهم ...

والسلام عليكم ورحمة الله

أم إدريس
2008-01-06, 22:32
الخطأ 20 الزعم بأن معروفاً الكرخي من أئمة الصوفية ونسبة الكلام للذهبي:
-مقولة (وقبر معروف ترياق مجرّب) غير صحيحة سنداً ومعنى.
-كلام العلماء الكبار في أحكام زيارة القبور
-فتوى الإمام علي زين العابدين (ابن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
-فتوى الإمام الحسن المثنى (ابن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم)
-الإمام النووي يشرح آداب زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
-فتاوى الغزالي وابن حجر الهيتمي والمناوي في بدع زيارة القبور
***

ـ قال الجفري في الصفحة 68 : ((روى الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه سير أعلام النبلاء في ترجمة (معروف الكرخي) وهو من كبار أئمّة الصوفيّة . . تلقى عن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم . . . ثمّ قال : " وقبرُ معروفٍ ترياقٌ مجرّب " ، أثنى عليهم وأثنى على ضرائحهم فكيف على أشخاصهم ؟!)). انتهى

أقول : هذه محاولةٌ من الجفري لزجّ أمثال الشيخ معروف الكرخي ، رحمه الله ، في سلك المتصوّفة ، وهو بفعله هذا يشوش على الناس بأنّ أمثاله من صوفيّة اليوم هم أتباع لهؤلاء الرجال العبّاد الزهّاد ، وشتّان ما بين الشيخ معروف الكرخي وأمثاله ، وبين متصوِّفة اليوم !!

وإليكم البيان :

أولاً ، عندما ترجم الحافظ الذهبي للكرخي قال : معروف الكرخي عَلَمُ الزُّهاد ، بركة العصر، أبو محفوظ البغدادي ، واسم أبيه فيروز . انتهى . سِيَر أعلام النبلاء (8 / 216)

وكما ترون إنّ الذهبي لم يصفه بالصوفي أبداً لا في العنوان ولا في كل الترجمة .

ثانياً ، إنّ مقولةَ ((وقبُر معروفٍ ترياقٌ مجرّب)) رواها الحافظ الذهبي من قول إبراهيم الحربي وليست من قول الذهبي ، ثمّ إنّ أوّل من روى ذلك عن الحربي إنّما هو ابن حسين السُّلمي وهو عند أهل الحديث غير ثقة وغير معتمد وتُهْمَتُه أنّه يضع الأحاديث للصوفيّة . قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5 / 158) : ((أبو عبد الرحمن بن حسين السلمي النيسابوري شيخُ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم تكلموا فيه وليس بعمدة )). انتهى

وقال الحافظ الذهبي في السِّيَر ( 13 / 156) : ((قال الخطيب : قال لي محمد بن يوسف القطّان النيسابوري : كان أبو عبد الرحمن السُّلمي غيرَ ثقَةٍ ، وكان يضع للصوفية الأحاديث)). ثمّ قال : ((وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديثُ وحكايات موضوعة ، وفي (حقائِقِ تفسيره) أشياءُ لا تسوغُ أصلاً ، عدَّها بعض الأئمّة مِنْ زَنْدَقَةِ الباطنيّة)).

وقال : ((قال الإمام تقيُّ الدين بن الصّلاح في (فتاويه) : وجدتُ عن الإمام أبي الحسن الواحدي المُفَسِّر رحمه الله أنّه قال : صنَّفَ أبو عبد الرحمن السلمي (حقائق التفسير) ، فإن كان اعتقد أنَّ ذلك تفسيرٌ فقد كَفَرَ !)). انتهى

وبصَرْف النظر عن حقيقة مَنْ وراء تلك المَقولة وإيراد الذهبي لها ، فإنّه من غير المقبول ذِكْرُ كلامٍ ليس له مستندٌ شرعيّ فكيف بكلامٍ مخالف للشرع ؟! وهل يُعرفُ الحقُّ بالرِّجال أم يُعرَفُ الرِّجالُ بالحق ؟

واللاّفت للانتباه أنّ الجفري لم يقتدِ بالحافظ الذهبي عندما حكم على الأحاديث والقصص التي يرويها الجفري على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّها موضوعة ومكذوبة ، في حين أنّه صار عنده إماماً يُقتدى به لأجل هذه المقولة الغريبة التي أوردها ؟!

وإليكم ما قرَّرَه أئمّة الإسلام الكبار في هذا الخصوص : ذَكَرَ القاضي عياض في كتابه (الشفا) في حكم زيارة قبره صلى الله عليه وسلم :

((وقال مالك ، كما في المبسوط : لا أرى أن يقفَ عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، ولكن يسلّم ويمضي . وقال مالك في المبسوط : وليس يَلزَمُ من دَخَل المسجدَ وخرج منه من أهل المدينة الوقوفُ بالقبر ، وإنما ذلك للغرباء . فقيل له : فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه ، يفعلون ذلك في اليوم مرةً أو أكثر ، وربّما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلِّمون ويَدْعون ساعة ! فقال : لم يبلغني هذا عن أحدٍ من أهل الفقه ببلدنا ، وتَرْكُه واسع ولا يُصلِحُ آخرَ هذه الأمة إلا ما أَصْلَحَ أوّلها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمّة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده)). انتهى

وروى البخاري في تاريخه (2 / 186) ، والضياء المقدسي في (المختارة) ، وأبو يعلى في (المسند) ، والقاضي إسماعيل عن الإمام علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يجيء إلى فُرجةٍ كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال : ألا أحدّثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا بيوتكم قبوراً ، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم)).

وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني سهل بن سهيل قال : رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشّى ، فقال : هلمّ على العشاء ، فقلت لا أريده ، فقال ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت : سلّمت على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إذا دخلتَ المسجد فسلّم ، ثمّ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم ، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ما أنتم ومَنْ بالأندلس إلا سواء ([1]). انتهى

هذا كلام علماء الإسلام في مسألة الدّعاء عند قبر سيّدِ الخَلْق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن هو دونه بكثير ؟

والعلماء يقولون ذلك لأنّهم يضعون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبَ أعينهم ، أليس هو القائل : ((لا تجعلوا قبري عيداً)) رواه أبو داود ، أليس هو القائل : ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبَد)) رواه مالك وأحمد .

قال الإمام النووي الشافعي رحمه الله في كتابه الإيضاح في مناسك الحج (ص 501) :(( . . لا يجوز أن يُطاف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكره إلصاق البطن والظهر بجدار القبر قاله الحَليمي وغيره ، ويكره مَسْحُه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته صلى الله عليه وسلم . هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، وينبغي أن لا يغترّ بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك ، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء ولا يُلتفت إلى مُحْدَثات العوام وجهالاتهم . ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في قوله ما معناه : ((اتّبعْ طُرُق الهدى ولا يضرُّك قلّة السالكين ، وإيّاك وطُرُق الضلالة ولا تغترّ بكثرة الهالكين)). ومَنْ خطر بباله أنّ المسحَ باليد ونحوَه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته ، لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء وكيف يُبتغى الفضل في مخالفة الصواب ؟)). انتهى كلام النووي .

وقال ابن حجر الهيتمي الشّافعي الصوفي في حاشيته على كلام النووي : (( . . ومِنْ ثَمَّ قال في الإحياء مسُّ المَشاهد وتقبيلُها عبادةُ النصارى واليهود ، وقال الزعفراني ذلك من البدع التي تُنكر شرعاً ، وروى أنسٌ أنه رأى رجلاً وضع يده على القبر الشريف فنهاه وقال : ما كنا نعرف هذا ، أي الدنو منه إلى هذا الحد . وعُلم مما تقرر كراهة مسِّ مَشاهد الأولياء وتقبيلها . . . . ويكره أيضاً الانخفاض للقبر الشريف وأقبح منه تقبيل الأرض له ، لكن قال غيره هذا في الانحناء بمجرّد الرأس والرقبة أمّا بالركوع فهو حرام وأمّا تقبيل الأرض له فهو أشبه شيء بالسجود بل هو هو ، فلا ينبغي التوقف في تحريمه)). انتهى

وقال الشيخ المناوي الشافعي الصوفي في (فيض القدير) عند شرحه لحديث ((لا تجعلوا قبري عيداً ، وصلّوا عليَّ ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) : وقيل : العيد ما يعاد إليه ، أي لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلّوا عليَّ ، فظاهره منهي عن المعاودة والمراد المنع عمّا يوجبه ، وهو ظنّهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله ((وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) أي لا تتكلّفوا المعاودة إليّ فقد استغنيتم بالصلاة عليّ ، ثم قال المناوي : ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يومٍ أو شهر مخصوص من السَّنة ، ويقولون : هذا يوم مولد الشيخ ، ويأكلون ويشربون وربّما يرقصون فيه ، منهيٌ عنه شرعاً ، وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله . انتهى

ثالثاً ، وأما قول الجفري إنّ الكرخي تلقّى عن الإمام علي الرضا !

فقد روى الحافظ الذهبي في ترجمته قائلاً : ((وقد حكى أبو عبد الرّحمن السلمي شيئاً غيرَ صحيح ، وهو أنّ معروفاً الكرخي كان يَحْجُبُ عليَّ بن موسى الرضا ، قال فكسروا ضِلعَ معروف ، فمات ، فلعلَّ الرضا كان له حاجبٌ اسمُهُ معروف ، فوافق اسمه اسمَ زاهد العراق)). انتهى

--------------------------------------------

(1) ورواه الذهبي أيضاً في سِيَر أعلام النبلاء (5 / 399) .

أبو مريم
2008-01-06, 23:21
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله في الاخت أم ادريس .

أم إدريس
2008-01-08, 14:47
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بورك أخي الكريم

أم إدريس
2008-01-08, 18:34
- الذهبي يذمّ غلاة الصوفية

-ابن الجوزي من أشد الناس على المتصوفة

وفي الصفحة 67 زعمَ الجفري أنّ مجرّد إيراد العلماء لتراجم الصوفيّة في كتبهم (مثل ابن الجوزي والذهبي) إنّما هو دليل على افتخارهم بهم ، وصِفَةُ الصوفية عندهم إنما هي صفةُ مدح !

وأقول : من أين له أن الحافظ الذهبي أو الإمام ابن الجوزي إذا أرادا أن يمدحا أحداً قالا عنه إنه صوفي ؟!

إننا إذا نظرنا في كل تراجم السِّيَر نجد أنّ الحافظ الذهبي يُعدد أوصاف الشخص الذي يُترجم له ؛ فيقول عنه مثلاً : الشيخ الشافعي النحوي المسند النيسابوري . أو يقول : الشيخ المعمّر الأصولي الحنفي المتكلّم البغدادي .

فهل يسوغ للجفري أن يقول : إن الذهبي إذا أراد أن يمدح رجلاً قال عنه إنه حنفي ! أو لغوي ! أو نحوي أو بغدادي ؟

لا أظنه يقول ذلك ، فلماذا عدَّ كلمة الصوفي مدحاً ؟!

وإننا إذا تأمّلنا في ترجمة الإمام الذهبي للكثير من أشياخه أو أصحابه أو من يُجِلُّهم ، لا نجده يقول عنهم الصوفي !! بل على العكس نجده كثيراً ما يذمّ تراجم المتصوّفة وينكر عليهم بشدّة انحرافاتهم وبدعهم ، وهذا كتابه بين أيديكم ، وإليكم مثالاً على ذلك : جاء في ترجمة "سعيد بن عبد العزيز بن مروان"

قال أبو نُعيم الحافظ : ((تخرَّج به جماعة من الأعلام كإبراهيم بن المولد وكان ملازماً للشرع متبعاً له)).

قال الذهبي : قلتُ : يعني أنه كان سليماً من تخبيطات الصوفية وبِدَعِهم . (السِّيَر 11 / 455)

فما رأي الجفري بهذا ؟

ومسألة أن يورد الذهبي تراجمَ الصوفيّة في كتابه لا يمكن جعلها بمنزلة الرضا بعقائد بعضهم الباطلة ، لأنّ الإمام الذهبي وغيره يوردون في كتب التراجم أسماء وتراجِمَ للنصارى والمجوس واليهود فهل يعني هذا أنّهم راضون عن عقائدهم ؟ ما هذا الفهم العجيب ؟ ولكن الذي حملَ الجفري على زعمه ذلك ، فيما أظن ، هو رغبته في تهييج العامّة ، على أهل العلم الذين يُنكرون عليه ، فلذلك يحتال بكل حيلة ،ولو كانت غير معقولة ، لأنّه يُخاطبُ أناساً لا يفقهون دلالة هذه الأمور .وأمّا الإمام ابن الجوزي الذي يتقوّى به الجفري ، ويُلَبِّسُ على الناس فيوهمهم أنّ الإمام ابن الجوزي يعظّم الصوفيّة ، فأقول له : مادام ابن الجوزي مَرْضيّاً عندك وأنتَ تمدحه وتستشهد بكتبه ، فأنا أدعو الجميع لقراءة كتاب (تلبيس إبليس) لابن الجوزي الذي يفضح فيه حقيقة ما كانت عليه الصوفيّة ويُبيّن أحوال رجالاتها وتلعّب الشيطان بهم .

على سبيل المثال قال ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس) ص447 : ((وبإسنادٍ عن أحمد بن أبي الحواري يقول حدثنا وكيع قال سمعت سفيان يقول سمعت عاصماً يقول ما زلنا نعرف الصوفية بالحماق إلا أنهم يستترون بالحديث . وبإسناد عن يحيى بن يحيى قال الخوارجُ أَحَبُّ إليَّ من الصوفية . وبإسناد عن يحيى بن معاذ يقول اجتنب صحبة ثلاثة أصناف من الناس : العلماء الغافلين والفقراء المداهنين والمتصوفة الجاهلين . وقد ذكرنا (الكلام لابن الجوزي) في أول ردنا على الصوفية من هذا الكتاب أنَّ الفقهاء بمصرَ أنكروا على ذي النون ما كان يتكلم به وببسطام على أبي يزيد وأخرجوه وأخرجوا أبا سليمان الداراني وهرب من أيديهم أحمد بن أبي الحواري وسهل التُستري ، وذلك لأن السلف كانوا ينفرون من أدنى بدعة ويهجرون عليها تمسكاً بالسنة)). انتهى

وفي الصفحة ( 257) روى ابن الجوزي عن الإمام الكبير عبد الرحمن ابن مهدي (198هـ) قوله في الصوفية فقال : قال الخلال أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة قال حدَّثنا إسحق بن داود بن صبيح قال : قلت لعبد الرحمن بن مهدي ، يا أبا سعيد إن ببلدنا قوماً من هؤلاء الصوفية فقال : ((لا تقرب هؤلاء فإنا قد رأينا من هؤلاء قوماً أخرجهم الأمرُ إلى الجنون ، وبعضهم أخرجهم إلى الزندقة)).انتهى

ولا أدري ماذا سيكون حال الجفري بعد أن يطّلع قرّاؤه على كتاب ابن الجوزي الفاضح للصوفيّة في عصره !!

أم إدريس
2008-01-09, 17:12
-كلمة الصوفية وما تعنيه
-الإمام النووي عندما يذكر التصوف فهو يقصد التصوّف المحمود
-الإمام النووي يقول بأن كل ما يخالف أصول الدين فهو بدعة ، ويقول بوجوب الإنكار على من يخالف الشرع من الصوفية:

وفي الصفحة 66 قال الجفري (( إن الإمام النووي عندما ترجم رجالَ سَنَدِهِ لصحيح مسلم . . فإذا أراد أن يُثني على أحدٍ منهم يقول : وكان صوفياً . . وكان من الصوفيّة . . جعلها لفظة ثناء)). انتهى

وأقول : إنّ الذي يدفعني للوقوف عند هذه المسائل هو الفكرة المغلوطة التي يحاول الجفري أن يرسّخها في أذهان الناس ، وليس الحديث عن الصوفيّة بحدِّ ذاتها ، فكلمة الصوفيّة تعني طائفة من الناس فيهم الصالح وفيهم الطالح ، فلا يمكن أن تكون كلمة مدحٍ بإطلاق ، وهذا المعنى واضح عند علماء الإسلام ، وقول الجفري إنّ الإمام النووي إذا أراد أن يُثني على أحد قال عنه وكان صوفياً ، غير صحيح بل هو تقوُّلٌ من الجفري على الإمام النووي ! وهذا لا يجوز كما لا يجوز التّقول على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم . وإذا عدنا إلى كلام النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم نجده لم يذكر كلمة الصوفية إلا في ترجمة اثنين من رجال سنده فقط ، وفي كلتا الترجمتين كان ينقل الكلام عن غيره وليس في الكلام سوى ذكر حال الرّجل ، أمّا الأول وهو محمد بن الفضل الفراوي فقد روى عن عبد الغافر أنه ذَكَرَه فقال : هو فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد ، نشَأَ بين الصوفيّة في حجورهم ووصل إليه بركات أنفاسهم . وأمّا الثاني فهو محمد بن عيسى الجُلودي وقد روى عن الحاكم أنه قال فيه : كان شيخاً صالحاً زاهداً من كبار عُبّاد الصوفيّة . انتهى([1])

فكما هو واضح أنّ كلمات الثّناء هي قولهم : فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد ، وكان شيخاً صالحاً زاهداً ، أمّا قولهم نشَأَ بين الصوفيّة في حجورهم ووصل إليه بركات أنفاسهم ، ومن كبار عُبّاد الصوفيّة ، فالثّناء فيه ليس على مطلق الصوفيّة وإنّما لكونه وصلت إليه بركات أنفاسهم ، لا انحرافاتهم ، أو لكونه مِنْ عُبّادهم وليس من فسّاقهم !

ثمّ إنّ هؤلاء الرّجال هم من أعيان المئة الثالثة والرّابعة حين كانت الصّوفيّة تطلق أيضاً على أهل الزّهد والصّلاح والتقوى في الغالب ، والإمام النووي عندما يقول عن شخص معتبر عنده إنه من الصوفيّة فهو يقصد التصوّف المحمود الذي وصفه في كتابه النافع (كتاب المقاصد) قائلاً : أصول طريق التصوّف خمسةٌ :

1ـ تقوى الله في السِّرِّ والعلانية .

2ـ واتّباع السُّنَّة في الأقوال والأفعال .

3ـ والإعراض عن الخَلْق في الإقبال والإدبار .

4 ـ والرِّضا عن الله تعالى في القليل والكثير .

5 ـ والرّجوع إلى الله في السَّرَّاءِ والضَّراء . انتهى([2])

ولا أعلمُ أحداً اعترض على هذا الكلام وإنّما الاعتراض كان وما يزال على المخالفين لهذه الأصول من الصّوفيّة ، والانتقاد الذي يوجّه للصوفيّة إنما هو لانحرافاتهم ومخالفتهم للشرع الحنيف ، وليس لأنّهم زهّاد أو عبّاد أو أهل ذِكْرٍ وصلاح !

وحاشا للإمام النووي أن يثنيَ على رَجُلٍ عُرِفَ عنه أنّه يُخالف الشرع في مسألة ما . وقد قال النووي : ((أصول الدِّين أربعة : الكتابُ والسُّنَّة والإجماعُ والقياسُ المعتبران . وما خالف هذه الأربعة فهوَ بدعةٌ ومرتَكِبُه مُبتدع ، يَتَعَيَّنُ اجتنابه وزَجْرُهُ . ومِنَ المطلوب اعتِقَادُ مَنْ عَلِمَ وعَمِلَ ولازَمَ أدَبَ الشَّريعة ، وصَحِبَ الصَّالحين . وأمّا مَنْ كان مسلوباً عقلُهُ أو مغلوباً عليه ، كالمجاذيب ، فنسلّم لهم ونفوّض إلى الله شأنهم ، مع وُجُوبِ إنكارِ ما يَقَعُ منهم مُخالفاً لظاهرِ الأمر ، حِفْظاً لقوانين الشَّرع)). انتهى([3])

فلماذا يخلط الجفري بين الأمرين ويقلب الحقائق ؟

أنا ، مثلاً ، أنتَقِدُ في هذا الكتاب على الشيخ الجفري عَدَمَ تورُّعِه في رواية الأحاديث الموضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عزوه إيّاها إلى كتب السّنة وهي ليست فيها ! وعلى ذكره لقصص خرافيّة منافية للشريعة وعلى مخالفته لأئمّة الفقه والحديث ، وعلى كثرة غمزه وطعنه في إخوانه المسلمين المتمسِّكين بالسنَّة المطهَّرة ، وعلى قَلْبِهِ للحقائق التاريخيّة والعلميّة . ولم أتعرّض أبداً للكلام عن زهده وأذكاره وتأديبه لنفسه وتوكّله على الله وغيرها من الصفات الحميدة ، فهل سيُفَسِّرُ الجفري هذا النّقد العلمي على أنّه هجومٌ على الصّوفيّة لأنّه واحدٌ منهم؟ أم أنّه سيتعامل معه بتجرّد وإنصاف ؟ وهذا هو المأمول منه .

----------------------------------

(1) انظر شرح صحيح مسلم للنووي (1 / 112) .

(1) كتاب المقاصد في بيان العقائد وأصول الأحكام للإمام النووي (ص92) .

(2) المرجع نفسه (ص 34 ، 35).

أم إدريس
2008-01-12, 20:41
ادعاء الجفري أن أئمة طريق التصوف هم مالك وأبو حنيفةوالشافعي !
-فتاوى الإمام مالك في الصوفية
-فتاوى الإمام الشافعي في الصوفية
-حقيقة موقف الأئمة من رجال التصوف المنحرفين
-فتوى تقي الدين السبكي الشافعي
-فتوى المحدث أبي العباس القرطبي في الصوفية
-تعليق الإمام ابن حجر العسقلاني على فتوى القرطبي
-الإمام السخاوي ينكر على السيوطي دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة1
-شيخ الشافعية الحصني ينكر على المتصوفة
-بعض فتاوى علماء المذهب الحنفي في الصوفية
-فتوى الإمام القاضي أبي بكر الطرطوشي في مذهب التصوف
-كلام القاضي عياض في انحرافات الصوفية
-فتوى القاضي ابن العربي المالكي في طريقة التصوف
-فتوى الإمام القرطبي المفسر في الصوفية
-كلام الفقيه عبد الله الحفار المالكي في الصوفية
-كلام للإمام أبي حيان الأندلسي في بيان أشهر رجال التصوف المنحرفين
-الغرض من عرض أقوال من سبق هو بيان أن الجفري يقلب الحقائق
-ثمرة ما يدّعيه الجفري
-الجفري يعترف بوجود الكثير من الصوفية المنحرفين ولكن لا يبين من هم ولا ما هي انحرافاتهم ولا ينكر عليهم
-موقف علماء المسلمين من الصوفية يلخصه كلام لابن رجب الحنبلي
-السيوطي ينزه الشريعة عن عقائد بعض الصوفية في الحلول والاتحاد وينقل الإجماع على كفر أصحاب الحلول
-كلام بليغ للإمام الغزالي يبين فيه حقيقة دعاوى الصوفية والحكم عليهم :


يقول الجفري ص69 : (( الإمام الشافعي ، الإمام مالك ، الإمام أبو حنيفة هم أئمة هذا الطريق ))!

وأقول : هذه مغالطة كبيرة ، واستخفاف بالقرّاء ! مِنْ أين لك أنّ هؤلاء الأئمّة كانوا أئمّة طريق التصوّف ؟

أمّا الإمام مالك والإمام أبو حنيفة رحمهما الله فكانا من أشدّ الناس في قمع البِدَع والانحرافات وتأديب أصحابها ، وكان منهجهما منعَ الناس من الغلوّ في الدّين . حتى قال الإمام أحمد ، رحمه الله : ((إذا رأيتَ الرّجلَ يبغُضُ مالكاً فاعلم أنّه مبتدع)) .

على سبيل المثال ، الصوفيّة أوّل ما ظهروا كان شعارهم لبس الصّوف وبه اشتُهِروا ، وقد قال الإمام العلاّمة البَحْر المُتفنّن ، أبو عبد الله محمد بن علي المازَرِي ( 453 ـ 536 هـ) في فتوى له : ((وقد سُئِلْتُ عن بعضِ لِباسِ هؤلاء المتّهمين([1]) للخزّ والمسوح والصّوف الخشن الأسود فأنكرتُ ذلك . وسُئِلَ الإمام مالك عن اللباس الخشن من الصّوف فقال : ((لا خيرَ في الشُّهْرة ، وينبغي أنْ يُخْفِيَ الإنسانُ مِنْ عَمَلِه)). وسُئِلَ في موضِعٍ آخر عن لباس الصّوف وهو قادر على الثّياب البيض ، فقال : ((لا أحبّه لِما فيه مِنَ الشُّهْرة ، وينبغي أنْ يُخْفِيَ الإنسانُ عَمَلَه)) ، فقيل له إنّما يَقصِدُ بهذا التّواضع ، قال : ((قد يَجِدُ بثَمَنِهِ مِنْ غليظ القطن ما يقوم مقامه)) ، فأنتَ تراه كيف أنكر هذه فكيف به لو سُئِلَ عن لباس المسوح والثّياب السود من الصوف ؟

هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((الْبَسوا البياض وكفّنوا فيه موتاكم فإنّه من أفضلِ لباسِكم))([2]) الحديث ، فهذه الصّفة مخالفة للحديث ولما رُوِيَ عن مالك ، فإن رَأَوْا مخالفةَ مَنْ تقدَّم برَأيٍ وتأويل لم يُترَكوا لرأيهم وبُيِّنَ لهم فسَادُ رأيهم)) انتهى(2)

جاء في كتاب (ترتيب المدارك) للقاضي عياض (2 / 54) :
((قال التِّنيسيُّ : كنا عند مالك وأصحابه حوله ، فقال رجلٌ مِنْ أهلِ نَصيبين : عندنا قوم يُقال لهم الصوفيّة ، يأكلون كثيراً ، ثمّ يأخذون في القصائد ، ثمّ يقومون فيرقصون ؟ فقال مالك : أَصبيانٌ هم ؟ قال : لا ، قال : أمجانينُ هم ؟ قال : لا ، هم قومٌ مشايخ ، وغيرُ ذلك عقلاء ، فقال مالك : ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا !!
فقال له الرجل : بل يأكلون ، ثمّ يقومون ويرقصون دَوَائبَ ، ويلطم بعضُهم رأسه ، وبعضهم وجهه ، فضحك مالك ثم قام فدخل منزله ، فقال أصحابُ مالك للرجل : لقد كنتَ يا هذا مشؤوماً على صاحبنا ، لقد جالسناه نيِّفاً وثلاثين سنة ، ما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم !)). انتهى .
والإمام مالك رحمه الله وُلِدَ سنة (93هـ) ومات سنة (179هـ) .
وأمّا الإمام الشّافعي رحمه الله تعالى فقد أوقع الجفريّ نفسه في ورطة كبيرة عندما زجّه في دوّامة التصوّف . فقد ثبتَ عن الإمام الشّافعي بالأسانيد الصحيحة أنّه ذمّ التصوّف والصوفية في عصره بإطلاق :

1 ـ روى البيهقي في مناقب الشافعي (2 / 208): عن يونس بن عبد الأعلى يقول : سمعت الشافعي يقول : ((لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ)).

2 ـ عن الرَّبيع بن سليمان يقول : سمعت الشافعي يقول :

((ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم([3]) الخوَّاص)).

3 ـ وعن إبراهيم بن المولد يحكي عن الشافعي أنه قال :

((لا يكون الصوفي صوفياً حتى يكون فيه أربع خصال كسولٌ أكولٌ نؤوم كثير الفضول)) .

4 ـ وروى ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص371) عن الشافعي قوله : ((ما لزم أحدٌ الصوفيين أربعين يوماً فعاد عقلُه أبداً)) .

أليست هذه النصوص واضحة ودالّة على أنّ مراد الشافعي هو ذم طائفة الصوفيّة ؟ فهاهو يقول مَنْ تصوّفَ ، ويقول ما لزم أحد الصوفيين !

والإمام الشّافعي وُلِدَ سنة (150هـ) وتوفّي سنة (204هـ) أي إنّه عاصر نشْأة الصوفيّة والتي هي أرفعُ وأفضل من الصوفيّة المتأخّرة بكثير ، وقال فيها ما قَرَأتَ ، وكلامه هذا متواتِرٌ عنه ، فما جواب الجفري ؟!

وهناكَ أمرٌ مهم أحبُّ أن أنبّه عليه وهو أنّ الأسماء التي يوردها الجفري من حين لآخر أمثال معروف الكرخي ، وبشر الحافي وأمثالهم في معرض كلامه على الصوفيّة ، إنّما هو من قبيل التشويش وهذا فعلٌ قبيح ، أولاً لأنّ هؤلاء لم يصفهم العلماء بالصوفيّة وإنّما قالوا عنهم الزّهّاد والعبّاد والنّسّاك ! وهم محترمون عند جميع طوائف المسلمين ، وسِيَرُهم تُكَحِّل مجالسهم وخطبهم ، وتَرِقُّ القلوب بذِكْرِ مواقفهم وأحوالهم . بخلاف رجال التصوّف الفلسفي الذين يُخفي الجفري أسماءهم في كتابه أمثال الحلاّج وابن سبعين وابن الفارض وابن عربي وابن قسي وعبد الكريم الجيلي والتلمساني . . فهؤلاء هم الذين وصفهم العلماء بالمتصوّفة وهم الذين أنكر عليهم العلماء وشنّعوا على كُتُبهم والكثيرِ من أقوالهم ، ومع ذلك فالجفري يُعظّمهم كلّ التعظيم ويرفض أيّ انتقاد وُجّهَ إليهم ويستشهد بكتبهم .

وقد روى القاضي عياض في الشّفا (2 / 246) قال : ((وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من المالكية ، وقاضي قُضَاتِها أبو عمر المالكي ، على قتل الحلاّج وصَلْبِه لِدَعْوَاه الإلهية والقولِ بالحلول ؛ وقوله : أنا الحقُّ ، مع تمسُّكِه في الظّاهر بالشريعة ولم يقبلوا توبَتَه . وكذلك حَكَمُوا في ابنِ أبي الغَرَاقيد وكان على نحو مذهبِ الحلاّج بعد هذا أيَّامَ الراضي بالله وقاضي قضاة بغداد يومئذٍ أبو الحسين بن أبي عمر المالكي)) . انتهى

على أنّ الإنكار اليوم على المتصوّفة ليس موجَّهاً لخصوص هؤلاء وإنّما هو موجَّهٌ لأمثال الجفري وشيوخه ومَنْ سَلَكَ مَسْلَكهم من رموز التّصوّف في هذا الزّمن ، وهذا الردّ الذي أكتبه أحد الأمثلة على ذلك ، فأنا أنتقد الأخطاء والبدع والانحرافات والأحاديث المكذوبة التي يصرّ الجفري على نِسبَتها للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم أتعرّض لرجال التّصوّف في العصور السالفة ، فهل بوسع الجفري أن يُجيبَ على ذلك دون الالتفاف على الموضوع والزجّ بأسماءِ مَنْ سَلَفَ لإماعة المسألة ؟ ولماذا إلى الآن ، وبالرّغم من كل الانتقادات والنصائح التي وُجّهت للجفري من الشّيوخ والعلماء ، لم يتراجع عن أخطائه ويعلنْ توبته ويرجعْ للحق ؟ بل يعود للحديث عن العبّاد والزهّاد من التابعين وتابعيهم وكأنّ أحداً اعترض عليهم أو قدح فيهم ؟ وكأنّي به في فعله هذا يحوّل الذمّ الذي يتعرّض له هو ، إلى هؤلاء الكبار لكي يَهُبَّ الناس إلى الدفاع عنهم فيتبرّأ الجفري بتبرُّئهم . وإذا كان هذا هو قصده فعلاً فيا للأسف !!

وأمّا العلماء الذين يستقوي بهم ويجعلهم في المواجهة لكي يكسبَ قلوب البسطاء من الناس في فتنته هذه ، أمثال السبكي وابن حجر والسّخاوي وغيرهم من الأئمّة ، فهذه أيضاً ستنقلب عليه همّاً وحزَناً .

لأنّ هؤلاء هم الذين أنكروا على رموز التصوّف الذين ينافح الجفري عنهم([4]).

وإليكم بعض أقوال هؤلاء العلماء وأشياخهم وتلامذتهم في الصوفيّة ورجالاتها :

ـ قال الإمام تقي الدين السبكي الشافعي : ((ومَنْ كان مِنْ هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره ، فهم ضُلال جهالٌ ، خارجون عن طريقة الإسلام ، فضلاً عن العلماء)). انتهى . قال ذلك في باب الوصية من شرح المنهاج ونقله الكمال الدَّميري والتقي الحصني([5]). ـ وقال أبو العبّاس القرطبي المحدّث صاحب (المفهم في شرح صحيح مسلم) عند كلامه على الغناء عند الصوفيّة :

(( . . وأمّا ما ابتدعته الصوفيّة في ذلك ، فمِن قَبيل ما لا يُخْتَلفُ في تحريمه ، لكنّ النفوس الشهوانيّة غلَبَت على كثيرٍ ممن يُنسَبُ إلى الخير ، حتى لقد ظهَرَتْ من كثير منهم فَعَلاتُ المجانين والصبيان ، حتى رَقَصوا بحركاتٍ متطابقة ، وتقطيعاتٍ متلاحقة ، وانتهى التَّواقُحُ بقومٍ منهم إلى أن جعلوها مِنْ بابِ القُرَب وصالحِ الأعمال ، وأنَّ ذلك يُثمِرُ سَنِيَّ الأحوال ، وهذا على التحقيق : مِنْ آثار الزندقة ، وقول أهل المَخْرَقَة ، والله المُستعان )) انتهى
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي عقِبَه : ((وينبغي أن يُعْكَسَ مُرادهم ، ويُقرأ : (يُثمرُ سَيِّئَ الأحوال عوض سنيَّ الأحوال))) انتهى . فتح الباري (2 / 368) .

ـ وأما الإمام السّخاوي فمن أشهر الأمور التي كان ينكرها على المتصوفة ، ادّعاؤهم الاجتماع بالنبي ورؤيته يقظةً ! ولمّا ادّعى السيوطي ذلك أنكر عليه السخاوي ؛ مما جعل السيوطي ينظم أبياتاً يكفّر السخاوي فيها لأجل ذلك !!! ([6])

ومسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة هي من أولويات الجفري التي يدافع عنها فماذا سيفعل بإنكار السّخاوي لها مع استشهاده به ؟

ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه كفاية الأخيار (1/ 159) وهو من الكتب المعتمدة في المذهب الشافعي ، في كتاب الزكاة ؛ عند بيان الأصناف التي تُدفع إليهم الزكاة :

(( . . . الأراذل من المتصوّفة الذين قد اشتهر عنهم أنهم من أهل الصلاح المنقطعين لعبادة ربّهم ، قد اتخذ كل منهم زاوية أو مكاناً يُظهر فيه نوعاً من الذكر ، وقد لفَّ عليهم من له زي القوم وربّما انتمى أحدهم إلى أحد رجال القوم كالأحمدية والقادرية ، وقد كذبوا في الانتماء ، فهؤلاء لا يستحقّون شيئاً من الزكوات ، ولا يحلُّ دفع الزكاة إليهم ، ومَنْ دفعها إليهم لم يقع الموقع وهي باقية في ذمّته ، . . . . . . . . . . . . . .

ويجب على كل من يقدر على الإنكار أن يُنكر عليهم ، وإثمهم متعلّق بالحكام الذين جعلهم الله تعالى في مناصبهم لإظهار الحق ، وقمع الباطل وإماتة ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإماتته والله أعلم)) . انتهى

ـ وقال الشيخ الحصني أيضاً في كفاية الأخيار (2 / 225) كتاب الأقضية عند ذكر من لا تُقبَل شهادتهم :

((. . . فلا تُقبل شهادة القمّام ، وهو الذي يجمع القمامة أي الكناسة ويحملها ، وكذا القيّم في الحمّام ، ومَنْ يلْعب بالحمام يعني يُطيّرها لينظر تقلّبها في الجو ، وكذا المغنّي سواء أتى الناس أو أتوه ، وكذا الرّقاص كهذه الصوفيّة الذين يسعون إلى ولائم الظلمة والمكسة ، ويُظهرون التواجد عند رقصهم ، وتحريك رؤوسهم ، وتلويح لحاهم الخسيسة كصنع المجانين ، وإذا قُرئ القرآن لا يستمعون له ، ولا يُنصتون ، وإذا نعق مزمار الشيطان صاح بعضهم على بعض بالوسواس قاتلهم الله ما أفسقهم وأزهدهم في كتاب الله ، وأرغبَهم في مزمار الشيطان وقرن الشيطان ، عافانا الله من ذلك)). انتهى

ـ وقال في (شرح الكنز) للنسفي الحنفي بعد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((كلُّ لَعِبِ ابن آدم حرامٌ إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل أهله ، وتأديبه لفَرَسه ، ومُناضَلَته لقوسه)): ((وهذا نصٌّ صريحٌ في تحريم الرقص الذي يسمّيه المتصوفة الوقتَ وسماع الطيب ، وإنّما هو سماعٌ فيه أنواعُ الفسق وأنواعُ العذاب في الآخرة)).

ـ وقال في (اليتيمة) : سُئل الحلواني (الحنفي) عمَّن سَمّوا أنفسهم الصوفيّة ، واختصّوا بنوع لِبْسةٍ ، واشتغلوا باللهو والرقص ، وادّعوا لأنفسهم المنزلَةَ ، فقال : أَفْتَرَوا على الله كذباً أم بهم جِنَّةٌ ؟ ! . انتهى .([7])

ـ وسُئل الإمام القاضي أبو بكر الطرطوشي المالكي (451 ـ 520 هـ) رحمه الله : ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصُّوفية ؟ وأُعْلِمَ ـ حَرَسَ الله مُدَّتَه ـ أنه اجتمع جماعة من الرجال ، فيكثرون من ذكر الله تعالى، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم ثمَّ إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيَّاً عليه ، ويحضرون شيئاً يأكلونه هل الحضور معهم جائز أم لا ؟ أفتونا مأجورين يرحمكم الله .

الجواب : ((ـ يرحمك الله ـ مذهبُ الصوفية بطالة وجهالة وضلالة ، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأما الرقص والتواجد فأوَّل من أحدثه أصحاب السامري ، لمّا اتّخَذَ لهم عجلاً جسداً له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون فهو دينُ الكفار وعبّاد العجل ، وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى ، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار ، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها ، ولا يحلُّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ، ولا يعينهم على باطلهم وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم من أئمة المسلمين وبالله التوفيق)). انتهى من تفسير القرطبي (11/ 237ـ 238) .

ـ وقال القاضي المالكي عياض (544هـ) في كتابه (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : ((وكذلك أجمع المسلمون على تكفير من قال قول بعض المتصوفة : إن العبادة وطولَ المجاهدةِ إذا صَفَّتْ نُفُوسَهم أَفْضَتْ بهم إلى إسقاطِها وإباحةِ كل شيء لهم ، ورَفْعِ عَهْدِ الشرائعِ عنهم . . . . . . . وكذلك من أنكر الجنة أو النار أو البعث أو الحساب أو القيامة فهو كافر بإجماعٍ للنصّ عليه ، وإجماع الأمة على صحة نَقْلِهِ مُتَواتِراً ؛ وكذلك من اعترف بذلك ولكنه قال : إن المُراد بالجنة والنار والحَشْر والنَّشْر والثواب والعقاب معنى غير ظاهره وإنها لذَّاتٌ رُوحانية ، ومَعَانٍ باطنةٌ ؛ كقول النصارى والفلاسفة والباطنية وبعض المتصوفة وزعمهم أن معنى القيامة الموتُ أو فناءٌ مَحْضٌ ، وانتقاضُ هيئة الأفلاك ، وتحليل العالم كقول بعض الفلاسفة)). انتهى . الشفا (2 / 236ـ240) .

ـ ويقول القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي (543هـ) : (( فأما طريقة الصوفيّة أن يكون الشيخ منهم يوماً وليلة ، وشهراً ، مفكّراً ، لا يفتر ، فطريقةٌ بعيدة عن الصواب ، غير لائقة بالبشر، ولا مستمرة على السنن)). انتهى أحكام القرآن (4/ 57).

ويقول الإمام أبو عبد الله القرطبي (671هـ) ، صاحب التفسير : ((وهذا السجود المنهيّ عنه قد اتخذه جُهَّالُ المتصوّفة عادةً في سماعهم وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم ، فيرى الواحد منهم إذا أَخذه الحال بزعمه يسجد للأقدام لجهله ، سواء أكان للقبلة أم غيرها ، جهالة منه ، ضَلَّ سَعْيُهم وخاب عملهم)). انتهى الجامع لأحكام القرآن :(1 / 293ـ 294) .

ـ وقال الفقيه الصالح أبو عبد الله الحفار المالكي (811 هـ):
((. . إن هذه الطائفة المنتمية للتصوف في هذا الزمان وفي هذه الأقطار ، قد عظُم الضرر بهم في الدين ، وفشت مفسدتهم في بلاد المسلمين ولاسيما في الحصون والقرى البعيدة عن الحضرة هنالك ، يُظهرون ما انطوى عليه باطنهم من الضلال ، من تحليل ما حرم الله والافتراء عليه وعلى رسوله . وبالجملة فهم قوم استخلفهم الشيطان على حَلِّ عُرى الإسلام وإبطاله ، وهدم قواعده)). انتهى . المعيار للونشريسي (11/ 42)

ـ وقال الإمام أبو حيّان الأندلسي إمام القراءات واللغة (745هـ) في كتابه (التفسير الكبير المسمّى بالبحر المحيط) وفي ذيله أيضاً المسمّى النهر المادّ ( 3 / 448) ، في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: ((( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ))) : ((ومِنْ بعضِ اعتقادِ النصارى استنبطَ مَنْ تستّر بالإسلام ظاهراً وانتمى إلى الصوفية حُلولَ الله تعالى في الصور الجميلة ، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة ، كالحلاج والشوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق وابن الفارض ، وأتباع هؤلاء كابن سبعين وتلميذه التستري وابن المطرّف المقيم بمرسية والصفّار المقتول بغرناطة وابن لباج وابن الحسن المقيم بلوزقة ، وممن رأيناه يُرمى بهذا المذهب الملعون العفيف التلمساني وله في ذلك أشعار كثيرة ، وابن عيّاش المالقي الأسود القطيع المقيم بدمشق، وعبد الواحد بن المؤخر المقيم بصعيد مصر والأيكي العجمي الذي كان تولى المشيخة بخانقاه سعيد السعداء بالقاهرة من ديار مصر وأبو يعقوب بن مبشّر تلميذ التستري المقيم بحارة زويلة بالقاهرة ، والشريف عبد العزيز المنوني وتلميذه عبد الغفّار القوصي ؛ وإنما سردت أسماء هؤلاء نصحاً لدين الله ، يعلم الله ذلك ، وشفقة على ضعفاء المسلمين ليحذروهم فهم شرٌّ من الفلاسفة الذين يكذّبون الله ورسوله ويقولون بقدم العالم ، وينكرون البعث ؛ وقد أُولِعَ جهلة ممن ينتمي للتصوف بتعظيم هؤلاء ، وادّعائهم أنهم صفوة الله وأولياؤه . والردُّ على النصارى والحلولية والقائلين بالوحدة هو من علم أصول الدين)). انتهى .

أم إدريس
2008-01-12, 20:50
أرأيتم كيفَ انقلبتَ القضيّة على الجفري فعلماؤنا منذ ظَهَرَت طائفة الصّوفيّة وهم يُنكرون عليها انحرافاتها ، ولو رُحْتُ أسردُ كلام وفتاوى علماء الإسلام من جميع المذاهب في الصّوفية وبدعهم والإنكار عليهم لطال بنا الأمر جداً ، وفيما ذكرتُ كفاية في هذا المقام . وليس غرضي الآن الكلام على الصوفيّة وما لهم وما عليهم وإنّما غرضي هو أن أبيّن أن الجفري يقلب الحقائق ويُوهم الناس بأنّ مخالفيه على الباطل ، وليس لهم سلفٌ في الأمّة ، والحقيقةُ كما نراها جليّةً تُظْهِرُ خِلافَ ما يدّعيه ، والمصيبة أنّ ما يدَّعيه ويُروِّجُه ليس له ثمرة إلا زرع الشحناء وبذر الشقاق بين المسلمين ؛ بصَرْف النظر عن التحريف العلمي والتاريخي الذي يفعله .

وفوق ذلك يقول الجفري ص70 : ((نعم أقول إن بعض من نُسِبَ إلى التصوف ، وكثيراً ممن نسب إلى التصوف في عصرنا هذا قد ضلّوا وحادوا عن الطريق ، لكن ليس هذا بمبرر للكلام عن الصّوفية )). انتهى .

إنه يعترف أن من الصوفية أناساً قد ضلّوا وحادوا عن الطريق ، وهذا ما يقوله علماء المسلمين منذ زمنٍ بعيد ، وهذه النقول السّالفة أكبر دليلٍ على ذلك ، ولكن مشكلة الجفري أنّه لا يريد وضع النقاط على الحروف ، وإلاّ فلماذا لا يسمّي لنا أولئك الضّالِّين والمتنكّبين عن الطريق القويم ؟ ولماذا لا يذكر ما هي انحرافاتهم وأخطاؤهم التي حادوا بها عن الطريق ؟ لماذا لا يكون واضحاً وصريحاً ؟ أفكلّما انتقد أحدٌ بِدَعَ الصوفيّة أو فلسفاتهم المنحرفة قام الجفري ليهجم عليه ويغمز فيه ويضخّم القصّة بدعوى أن انحراف الصوفيّة ليس بمسوغ للكلام عليهم ؟ وماذا سيقول عن مواقف علماء المسلمين في إنكار بدع الصّوفيّة هل سيقول إنّه لا مسوّغ لها ؟‍! علماً أنّ هؤلاء العلماء هم أنفُسُهم الذين يدّعي الجفري أنّهم يعظّمون الصوفيّة ويثنون عليها ! وليته ضَرَبَ لنا أمثلة من كلامهم حتى نصدّق دعواه .

والعجيب من الجفري أننا لم نسمعه أبداً يُنكر على الذين ذَكَرَهم مِنَ الصوفيّة الضّالين ، ولم يضرب أيَّ مثالٍ على ضلالهم ، في حين أنّنا نجده دائِمَ الإنكار على الذين يُنادون بالتّمسّك بالسنّة ، ويَضرب لذلك عشرات الأمثلة . وكما رأينا في هذا الكتاب فإنّ كل أمثلته تلك لم تكن صحيحة أو واقعة !

إنّ موقف علماء المسلمين من الصّوفيّة يُلَخّصه كلام الإمام الرَّباني الزاهد العابد الحافظ زين الدِّين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي الدمشقي رحمه الله (795هـ) في كتابه النافع (فضلُ عِلْمِ السَّلف على الخَلَف) قال : ((ومما أُحْدِثَ مِنَ العلوم الكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمال القلوب وتوابع ذلك بمجرّد الرّأي والذّوق ، أو الكشف ، وفيه خطرٌ عظيم . وقد أنكرَهُ أعيانُ الأئمّة كالإمام أحمد وغيره .

وكان أبو سليمان يقول : إنّه لَتَمُرُّ بي النُّكتَةُ من نُكَتِ القوم فلا أقبلها إلاّ بشاهدين عدلين : الكتاب والسّنة .

وقال الجُنيد : عِلْمُنا هذا مقيّدٌ بالكتاب والسّنة ، مَنْ لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يُقتدى به في علمنا هذا .

وقد اتّسَع الخرقُ على الرَّاقع في هذا الباب ودَخَلَ فيه قومٌ إلى أنواع الزّندقة والنّفاق ودعوى أنّ أولياء الله أفضل من الأنبياء ، أو أنّهم مستغنون عنهم ، وإلى تَنَقُّص ما جاءت به الرّسل من الشرائع ؛ وإلى دعوى الحلول والاتحاد ، أو القول بوحدة الوجود، وغير ذلك من أصول الكفر والفسوق والعصيان ، كدعوى الإباحة ، وحلّ محظورات الشرع .

وأدخلوا في هذا الطريق أشياء كثيرة ليست من الدِّين في شيء .

فبعضها زعموا أنه يحصُلُ به ترقيق القلوب كالغناء والرّقص .

وبعضها زعموا أنه يُراد لرياضة النفوس كعشق الصّور المحرّمة ونظرها .

وبعضها زعموا أنه لكسر النفوس والتواضع كشهرة اللباس ، وغير ذلك مما لم تأت به الشريعة . وبعضُه يصُدُّ عن ذِكْرِ الله وعن الصّلاة كالغناء والنظر إلى المحرّم . وشابهوا بذلك الذين اتّخذوا دينهم لهواً ولَعِباً)). انتهى([8])

وجاء في رسالة السيوطي (تنْزيه الاعتقاد عن الحلول والاتحاد) : ((وقال القاضي عياض في (الشّفا) ما معناه : أجمَعَ المسلمون على كفر أصحاب الحلول ومَنْ ادّعى حلول الباري سبحانه في أحد الأشخاص كقول بعض المتصوّفة ، والباطنيّة ، والقرامطة . وقال في موضع آخر :

ما عرفَ الله مَنْ شبَّهه وجسَّمَه مِنَ اليهود أو أجاز عليه الحلول والانتقال والامتزاج من النّصارى . ونَقَلَه عنه النووي في شرح مسلم )). انتهى([9])

ـ وقال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين (1 / 39) : ((وأما الشَّطحُ : فنعني به صنفين من الكلام أَحْدَثَهُ بعض الصوفيّة أحدهما الدَّعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى ، والوصال المُغني عن الأعمال الظاهرة حتى ينتهي قومٌ إلى دعوى الاتحاد وارتفاع الحجاب والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب ، فيقولون : قيل لنا كذا ، وقلنا كذا ، ويتشبهون فيه بالحسين بن منصور الحلاّج الذي صُلِبَ لأجل إطلاقه كلمات من هذا الجنس ، ويستشهدون بقوله أنا الحق ، وبما حكي عن أبي يزيد البسطامي أنه قال سبحاني سبحاني ، وهذا فنٌ من الكلام عظيمٌ ضَرَرُهُ في العوام ، حتى ترك جماعةٌ مِنْ أَهل الفلاحة فلاحَتَهم وأظهروا مثل هذه الدعاوي ، فإن هذا الكلام يَسْتَلِذُّه الطَّبْعُ إذ فيه البطَالة من الأعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات والأحوال ، فلا تعجز الأغبياء عن دعوى ذلك لأنفسهم ، ولا عن تلَقُّف كلماتٍ مخبّطة مزخرفة ، ومهما أُنكِرَ عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا : هذا إنكارٌ مصدَرُه العلم والجدال ، والعِلْمُ حِجَاب ، والجدلُ عَمَلُ النَّفس ، وهذا الحديث لا يلوح إلا من الباطن بمكاشفة نور الحق ، فهذا ومثله مما قد استطار في البلاد شَرَرُه ، وعَظُمَ في العوامِّ ضَرَرُه ، حتى مَنْ نَطَقَ بشيءٍ منه فَقَتْلُهُ أَفْضَلُ في دِينِ الله مِنْ إِحياءِ عَشرة )). انتهى

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) وكان قد سُئِلَ عن بعض الصّوفيّة يقومون ببعض البدع .

(2) رواه أبو داود والترمذي وقال : حسنٌ صحيح .

(3) المعيار للونشريسي (12 / 364) ، وكلام الإمام مالك رواه فقيه الأندلس أبو عبد الله محمد العُتبي القرطبي المتوفى سنة (255هـ) في كتابه المستخرجة المعروف بالعتبية(18 / 431) .

(4) هكذا هي في الأصل المنقول عنه ، وهي لغة الشافعي ، أي كتابة المنصوب بدون الألف على لغة ربيعة بالوقف عليه كالوقف على المرفوع . صرّح بذلك العلاّمة أحمد شاكر في تحقيقه لكتاب (الرسالة) للشافعي ص661 .


(5) تنبيه : إنّ مصطلح الصوفية طيفُه واسع وصار يشمل العديد من الشخصيات المرموقة في التاريخ الإسلامي ، والمهم في الموضوع أنّ الموصوفين بهذا الاسم منهم قومٌ عُبَّاد وزهّاد وأهل ذكرٍ وورع ، ومنهم فلاسفة وملاحدة وفسّاق وأهل بدعٍ وجرأة على الدِّين ، فإذا أطلق اسم الصوفيّة في معرض الذم والقدح فهو منصرفٌ إلى القسم الثاني حتماً .

(6) انظر كتاب (تنبيه الغبي) للإمام برهان الدين البقاعي الشافعي (ص68) .

(7) انظر مقامات السيوطي (ص947) . حيث تكلّم السيوطي بكلامٍ طويل كلّه شتائم وسِباب وختَمَه بقوله :

إنَّ السَّـــخاوي فَشَـرْ**********وقـــال هــجراً وكـــفر

أراد أن يُـنـكـر مـــا ********** صِــرْنَــا إلــيـه فـكـفر

(8) انظر الصفحة 36 من كتاب (الرّهص والوقص لمستحلّ الرّقص) للعلاّمة إبراهيم الحلبي الحنفي (956هـ) صاحب كتاب (ملتقى الأبحر) بتحقيق الأستاذ حسن السماحي سويدان .

(9) كتاب فضل علم السلف على الخلف لابن رجب الحنبلي (ص31) .

(10) انظر الحاوي للفتاوي (2 /133) ، وكلام القاضي عياض في الشّفا (2 /236) وتمامه : ((وكذلك من ادَّعى مجالسة الله ، والعروجَ إليه ، ومكالمَتَه ، أو حلوله في أحد الأشخاص ؛ كقول بعض المتصوّفة و. . )). وكلام النووي في شرح مسلم (1 /199)

أم إدريس
2008-01-23, 15:05
طريقةٌ مشوَّشة ومتناقِضة !

فالجفري في كتابه يهاجمُ أُناساً لأنّهم يتطاولونَ على الأئمّة الكبار كالشّافعي وأحمد وغيرهما ، والعجيب أنّه إذا كان هناك أناسٌ يفعلون ذلك كما يقول الجفري ، فهم قطعاً ليسوا من أهل العلم أو الدّعاة .

إذاً فما الدّاعي لذكر هؤلاء في معرِض الكلام عن العلماء الذين يُنكرون على الجفري وأضرابه مذهَبهم ؟ الجواب واضح : فالدّاعي لذلك هو تهييج العوام على أهل العلم ، وكسبُ تأييدهم لمصلحته لأنّه ؛ كما يوهمهم ؛ الحريص على علم الأئمّة !! هكذا كان ديدَنُه من أوّل الكتاب لآخره ، ولكنّه في كلّ مرّة يُخفق وتنقلبُ القضيّة عليه !

ولكن ، ويا للأسف ، قلَّة علم جمهوره بمذاهب العلماء وفتاويهم جَعلهم لا ينتبهون لذلك !

فعند تعرّضه لمسألة الوضوء من أكل لحم الجمل ، وصَفَ القائلين بوجوبه أنهم بحاجة إلى تأدّب ، وأنّه ينبغي لهم ألاّ يأخذوا بظاهر النّص ،ثمّ قال وإنّ فهم النص إن أخذناه بمجرّد الفهم الظاهر . . فهذا أمرٌ يحتاج إلى توقّف وتنبّه !

ولكي تروا كيف يُناقض نفسه فإنّ الإمام أحمد بن حنبل مذهبه الأخذ بظاهر النصوص ! وهؤلاء الذين يهجم عليهم إنّما هم متّبعون لمذهب الإمام أحمد ! فمن الذي يتطاول على الأئمّة ؟!

وكذلك فإنّ الإمامين الشّافعيين البيهقي والنووي قالا بوجوب الوضوء من لحم الجمل عملاً بالحديث !

قال الإمام البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار (1/ 254) : ((وحكى بعضُ أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه : ((إنْ صحَّ الحديثُ في الوضوء من لحوم الإبل قلتُ به)) وقد صحَّ فيه حديثان عند أكثر أهل العلم بالحديث)). انتهى

وقال الإمام النووي في كتابه المجموع شرح المهذَّب ، في آخر (باب الأحداث التي تنقض الوضوء) معلقاً على قول المصنف : ((وكذلك أكل شيء من اللحم لا ينقض الوضوء وحكى ابن القاصّ قولاً آخر أن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء)) قال النووي : ((. . . وفى لحم الجَزور ، قولان : الجديد المشهور لا ينتقض وهو الصحيح عند الأصحاب ، والقديم أنه ينتقض وهو ضعيف عند الأصحاب ولكنه هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل وهو الذي أعتقدُ رجحانه ، وقد أشار البيهقي إلى ترجيحه واختياره والذب عنه وسترى دليله إن شاء الله تعالى . . . . . . . . . . . وقالت طائفة يجب من أكل لحم الجزور خاصة وهو قول أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه ويحيى بن يحيى ، وحكاه الماوردي عن جماعة من الصحابة : زيد بن ثابت وابن عمر وأبي موسى وأبي طلحة وأبي هريرة وعائشة ، وحكاه ابن المنذر عن جابر بن سمرة الصحابي ومحمد بن إسحاق وأبي ثور وأبي خيثمة ، واختاره من أصحابنا أبو بكر بن خزيمة وابن المنذر ، وأشار إليه البيهقي كما سبق . . . . . وقال إمام الأئمة محمد بن إسحاق ابن خزيمة : لم نر خلافاً بين علماء الحديث في صحة هذا الحديث وانتصر البيهقي لهذا المذهب)) انتهى . المجموع (2 / 56 ـ 59)

وقال الإمام الشافعي في كتابه الأُمّ (1 / 113) : ((فكان صلى الله عليه وسلم يكره أن يصلي قرب الإبل لأنّها خُلِقَت من جِنّ ، لا لنجاسة موضعها)) انتهى .

فمن الذي يتطاول على الأئمة ؟

أم إدريس
2008-01-23, 15:08
وفي ص235 وُجِّهَ إليه سؤال هل زيارة القبور للمرأة محرّمة ؟ فبادر بالجواب : ((يقولون إنّ زيارة القبور للمرأة محرّمة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((لعنَ الله زوّارات القبور)) هذا حديثٌ صحيح ، لكنّ المشكلة أنّ هؤلاء الإخوان ؛ هدانا الله وإيّاهم ؛ يقفزون إلى الأحاديث دون أن يرجعوا إلى كلام أهل العلم في فهم الأحاديث ، لا يكفي أن يكون الحديث صحيحاً حتى يأخذ الإنسان به ، فقد يكون منسوخاً . . . . . . . .)) انتهى .

ولا أدري من الذي يقفز هنا وهناك ؟

سُئِلَ عن زيارة القبور للنساء فراح يتكلّم عن المانعين لها ! إذا كان لك مذهب فأفتِ به ولا تشوّش السّائل ، ولكنّ الجفري لا يستطيع أن يفوّتَ فرصَةً للهمز واللمز فكان منه هذا القفز .

إنّ الجفري لا يعلم أنّ تحريم زيارة القبور على النّساء هو مذهب العديد من الفقهاء الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والشافعيّة !

قال شيخ الشافعيّة أبو إسحاق الشيرازي في المهذَّب (1/ 257) : ولا يجوز للنساء زيارة القبور لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لعن الله زوارات القبور)). انتهى .

وجاء في حاشية الطحاوي على المراقي في الفقه الحنفي (2/ 619) قوله : وقيل تحرم على النساء . وسئل القاضي عن جواز خروج النساء إلى المقابر فقال : لا تسأل عن الجواز والفساد في مثل هذا ، وإنما تسأل عن مقدار ما يلحقها من اللعن فيه ؛ واعلم بأنها كلما قصدت الخروج كانت في لعنة الله وملائكته ، وإذا خرجت تحفّها الشياطين من كل جانب ، وإذا أتت القبور تلعنها روح الميت ، وإذا رجعت كانت في لعنة الله .كذا في الشرح عن التتارخانية ؛ قال البدر العيني في شرح البخاري : وحاصل الكلام أنها تكره للنساء بل تحرم في هذا الزمان ، لا سيما نساء مصر لأن خروجهن على وجه فيه فساد وفتنة . انتهى وفي السراج : وأما النساء إذا أردن زيارة القبور ، إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب كما جرت به عادتهن فلا تجوز لهن الزيارة ، وعليه يحمل الحديث الصحيح : ((لعن الله زائرات القبور)). انتهى

وقد رجّحَ العلاّمة العظيم آبادي التحريم ! انظر عون المعبود .

وكلّنا يعلم أنّ مذهب الإمام أحمد هو كراهة زيارة القبور للمرأة ، وهذا هو الذي يُفتِي به هؤلاء الإخوة الذين يتحدّث عنهم الجفري ، فهل الإمام أحمد يقفز إلى الحديث دون فهمه كما يزعم الجفري ؟

وهل كل هؤلاء العلماء والأئمة يمارسون القفز دون الفهم ؟!

وهكذا يظهر للجميع من الذي يتطاول على الأئمة !

أم إدريس
2008-02-03, 19:54
التشويش على المسلمين في صحة فهمهم لحديث (اسكت فبئس الخطيب أنت)

-النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أمر فخالفه بعض الصوفية فوقعوا في المحذور

-عبد الهادي الخرسة يقول : إن الله تعالى ورسوله حضرة واحدة !!

-الإمام الشافعي يقول بمضمون الحديث الذي لم يعجب الجفري !

-الجفري يصف القائلين بمذهب الشافعي بأنهم ضعاف الفهم قساة القلوب:

ففي ص 178 يعلّق الجفري على قول النبي صلى الله عليه وسلم ((أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما)) فيقول : لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم : ((ثمّ رسوله))حتى لا يأتي بعض ضعاف الفهم قساة القلوب أُسَرَاء الجهل والعصبيّة ، فيقولون لنا في يومٍ من الأيام : لا تُكثروا من الثّناء على النّبي . . لا تقارنوا الرّسول بالرّب . . لا تعطفوا . . لا تقولوا الله ورسوله . . قولوا : الله ثمّ رسوله ، نقول الحديث الذي يُتَشَبَّث به في ذلك إنما كان رسول الله يُخاطب به حديثَ عهدٍ بشركٍ وجاهليّة . . إلى أن قال : بل قال : ((من سواهما))فجعلهما على ضمير مثنى واحد . . . . إلى آخر كلامه .

وأقول : ما هذا الكلام أيّها الجفري !! من الذي منع عطف الرسول على الله وقد جاء هذا العطف في القرآن الكريم عشرات المرّات ؟

إنّ المسألة ليست كذلك ، ولكنّه لشدّة تعصّبه للطريقة الصوفيّة التي نشأ عليها ولا يعرف شيئاً غيرها ، صار يخلّط بين الأمور ويلبّس على الناس فوقع في المحذور !

المسألة هي((أن رجلاً خَطَبَ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله فقد رَشَد ومن يَعْصِهِما فقد غوى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت ، قل ومن يعص الله ورسوله))([1])

أرأيتم المسألة ليست في العطف بحرف الواو بدليل أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد عطف في جوابه .

ولكنّ المشكلة في قوله ومن يعصهما ! وهي التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثمّ ما هذا الكلام الخطير (مقارنة الرسول بالرّب) !! الذي يُنادي به الجفري ؟ ويعترض على المنكرين عليه !

إنّ الفكر الخطير الذي يُنادي به الجفري قد صرّح به أحد المتصوّفة في الشام وهو المدعو عبد الهادي الخرسه في شرحه للوظيفة الشاذليّة حيث قال :

((يقولُ سبحانه ((( والله ورسولُهُ أحقُّ أنْ يرضوه إن كانوا مؤمنين))) ويقول((( وما نقموا إلاّ أن أغناهم الله ورسوله مِنْ فضله))) فالضّمائر في قوله ((( من فضله))) و((( أن يرضوه ))) مُفردَة لأنّ الحَضْرَة واحدةٌ ([2]) ولكن لها إطلاق وتقييد والله سبحانه وتعالى أعلم)). انتهى (ص47 – 48)

وأعوذُ بالله العظيم مِنْ هذا الضلال الكبير .

أهذا الذي يُريد الجفري أن يسمَحَ له العلماء بقوله ؟

أم ماذا يريد ؟! ([3])

وأمّا قوله : ((بل قال : ((من سواهما)) فجعلهما على ضمير مثنى واحد)) !!! فهو أكبر دليل على عدم فهمه للمسألة .

على كلّ حال ، وحتى لا أخرج عن محلّ الشاهد ، إليكم ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم (1 / 232) تحتَ عنوان :

ما يُكْرَه من الكلام في الخطبة وغيرها

قال الشافعي رحمه الله تعالى : أخبرنا إبراهيم قال : حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم قال : خطبَ رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((اسكت فبئس الخطيب أنت)). ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ((من يُطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا تقل ومن يعصهما ))قال الشافعي : فبهذا نقول فيجوز أن تقول : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى لأنك أفردتَ معصية الله وقُلتَ ورسوله استئناف كلام وقد قال الله تبارك وتعالى((( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ))) وهذا وإن كان في سياق الكلام ، استئناف كلام (قال) : ومن أطاع الله فقد أطاع رسوله ومن عصى الله فقد عصى رسوله ، ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله ومن عصى رسوله فقد عصى الله ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدٌ من عِبَادِه قامَ في خلق الله بطاعة الله وفرضَ الله تبارك وتعالى على عباده طاعَتَه لِما وفّقه الله تعالى من رشده ؛ ومَنْ قال ومن يعصهما كَرِهْتُ ذلك القولَ له حتى يُفْرِدَ اسم الله عزَّ وجلَّ ثم يَذْكُرَ بعده اسم رسوله صلى الله عليه وسلم لا يَذْكُره إلاّ منفرداً . قال الشافعي : وقال رجلٌ يا رسول الله : ما شاءَ الله وشِئْتَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أمِثْلاَن ! قُلْ : ما شاء الله ثمَّ شِئْتَ)) . انتهى

أرأيتم هذا كلام الإمام الشّافعي ، الذي يصفُ الجفري القائلينَ به بـ((ضعاف الفهم قساة القلوب أُسَرَاء الجهل والعصبيّة )) !!

فبالله عليكم مَنْ الذي يتطاول على العلماء والأئمّة ؟!

ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ سيّدنا وسيّد ولَدِ آدم ـ هو الذي أمرَ أمّته أن لا يكثروا من إطرائه فقال : ((لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ، إنّما أنا عبدُه ، فقولوا عبدُ الله ورسوله))([4])وليس أولئك الذين وصفهم الجفري بأبشع الأوصاف ! فلماذا اللّفُّ والدّوران ؟!
--------------------------------------------------------------------------------

(1) رواه مسلم في باب تخفيف الصلاة والخطبة ، ورواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي

وغيرهم .

(2) أعوذ بالله من هذا الفهم والاعتقاد ، بل الضمائر مفردة لأنّ هذا هو أسلوب العرب في التعبير ، فالضمير في (أن يُرضوه) عاد إلى مفرد ، والمُراد اثنان ، ونظائر ذلك في القرآن وكلام العرب كثيرة . ومنه قول قيس بن الخطيم :

نحنُ بــما عندنا وأنـتَ بـمـا عنـ****** ـــدَكَ راضٍ والـــرأيُ مختــلــــفُ

والمراد : نحنُ وأنتَ بما عندنا راضون .

(3) الذي أردت أن أنبّه عليه هو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا أنكر على ذلك الرجل ، إنما كان يضع تشريعاً للأمة ليس محدداً بزمن كما يظن الجفري ، ولأبيّن له ذلك سقتُ له كلاماً قيل في زمننا هذا ومن أشخاص لم يموتوا بعد ، فيه ما هو أشد وأخطر بكثير مما قاله ذلك الرجل الذي أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا كان حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم والعلماء من بعده على منع الناس من التلفظ بألفاظ تفضي إلى الشرك أو إلى سوء الأدب مع الله عزَّ وجل .

(4) رواه مالك والبخاري وأحمد وغيرهم .

BONOI
2008-02-04, 13:20
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ارجو من كل من يريد ابداء رايه وليس راي العلماء الكرام ان يتقي الله في ما يقول ولا ينقص من قيمة اي شيخ او داعية وكما قالت الاخت نادية، فنحن لم نسمع رد او توضيح من الشيخ الحبيب حتى الان.
فلا نستبق الحكم عليه (الشيخ وليس الكتاب) حتى نعرف رده.