تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأصول الثلاثة ** سؤال وجواب **


أبو عبد البر
2007-11-29, 16:45
س/ ماهي الموضوعات التي اشتملت عليها مقدمة كتاب الأصول الثلاثة ؟
مقدمة الأصول الثلاثة مقدمة شاملة جامعة تشتمل على ثلاثة موضوعات من الموضوعات المهمة جداً :
الموضوع الأول: بدأه المصنف رحمه الله بقوله
( اعلم -رحمك الله- أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل
: الأولى : هي العلم، وهي معرفة الله -تبارك وتعالى- ومعرفة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة دين الإسلام .
الثانية : العمل به ، أي العمل بالعلم .
الثالثة : الدعوة إليه .
الرابعة : الصبر على الأذى فيه .
الموضوع الثاني: ( اعلم-رحمك الله- أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، تعلم هذه المسائل الثلاث، والعمل بهن :
المسألة الأولى : أن الله –تعالى- خلقنا، ورزقنا، ولم يتركنا هملا، وأرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
المسألة الثانية : أن الله –تعالى- لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل .
المسألة الثالثة : أن من أطاع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ووحد الله –تعالى- لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب .
الموضوع الثالث:: ( اعلم أرشدك الله لطاعته: أن الحنيفية ملة إبراهيم: هي أن تعبد الله وحده لا شريك له، وبذلك أمر الله جميع الناس ، وخلقهم لها ) .
س/ ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها ؟الأصول الثلاثة هي:1 - معرفة العبد ربه -جلّ وعلا-2- ومعرفة دينه ،3- ومعرفة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- .
س/ بما ختم المصنف كتابه ؟ختم المصنف -رحمه الله تعالى- كتابه ببعض قضايا الإيمان باليوم الآخر: كالإيمان بالبعث والحساب .
س/ لماذا استهل المصنف كتابه بالبسملة ؟استهل المصنف -رحمه الله تعالى- كتابه بالبسملة، فقال: ( بسم الله الرحمن الرحيم ) اقتداء بالقرآن الكريم، فلقد بدأت كل سور القرآن الكريم بالبسملة باستثناء سورة براءة، واقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فمن الثابت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يبدأ كتبه بالبسملة، ففي صحيح البخاري ( أنه -صلى الله عليه وسلم- أرسل كتاباً إلى هرقل، قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ....... الخ ) إلى آخر كتابه المبارك -صلى الله عليه وسلم-
س/ ما معني البسملة ؟ ولماذا حث الشرع الحنيف عليها ؟البدء باسم الله في كل شيء بركة ، فما أبركها وأشرفها وأعظمها من بداية أن تبدأ القول باسم الله ، وأن تبدأ الفعل والعمل باسم الله
ومعني ( بسم الله ): أي أبدأ تصنيفي، عملي هذا، كتابي هذا ببسم الله ، ولقد حث الشرع الحنيف، -تبارك وتعالى- مع كل فعل من الأفعال كالأكل، والشرب، والنوم، والركوب، والجماع، وغير ذلك من الأعمال "
1-قال الله -تبارك وتعالى:- ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾[الأنعام:118]
2- وقال -تعالى:- ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ [هود:41]
3-. وفى الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فال: ( أغلق إناءك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وأغلق بابك واذكر اسم الله، وأوك سقاءك واذكر اسم الله
4- وفى الصحيحين –أيضاًَ- من حديث عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: ( يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ).
س/ مامعني لفظ الجلالة الله ؟ وهل يصح أن نقول الله من أسماء القدوس ؟الله لفظ الجلالة هو الاسم المفرد العلم، الدال على كل الأسماء الحسنى، والصفات العلى؛ لذا كل الأسماء الحسنى تنسب إليه فأنت تقول: الملك، والقدوس، والسلام، والمؤمن، والمهمين، والعزيز، والجبار، إلى غير ذلك من أسماء الجلال، كل هذه الأسماء من أسماء الله. ـ ولا تقول: الله من أسماء القدوس، ولا تقول: الله من أسماء المؤمن، ولا تقول: الله من أسماء الملك، فكل الأسماء الحسنى تنسب إليه، والصحيح كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى : أنه مشتق من الإله، والإله هو المعبود الذي يستحق أن يفرد وحده بالعبادة والألوهية .
س/ ما معني أسم الله الرحمن الرحيم ؟ وما الذي يجب علينا نحوهما ؟قال ابن عباس : الرحمن الرحيم اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر رحمة ، وقال عبد الله بن المبارك: الرحمن الذي إذا سئل أعطى، والرحيم الذي إذا لم يسأل يغضب ، وهذان الاسمين الجليلين يثبتان صفة الرحمة لله -تبارك وتعالى- ونحن نثبت لله جلّ وعلا ما أثبته لذاته من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وما أثبته له أعرف الخلق به عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونؤمن بهذه الأسماء والصفات من غير تحريف لألفاظها، ومن غير تحريف لمعانيها، ومن غير تعطيل، أو تشبيه، أو تمثيل ،
1- قال الله جلّ وعلا ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾[ الشورى: 11]
2-قال -جلّ وعلا:- ﴿ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [ الأنعام:103] ، فالاسمان الجليلان يثبتان صفة الرحمة لله -تبارك وتعالى- وهي من أعظم وأجل صفات الله -جلّ وعلا-
3-قال –تعالى:- ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر:53] ،
4- وقال –تعالى:- ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]
5- وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن الله –تعالى- كتب في كتاب عنده، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي ) وفى لفظ ( سبقت غضبي )
س/ أذكر بعض الأدلة علي رحمة الله بعباده ؟1-ما رواه البخاري، وغيره من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأي امرأة من السبي تبحث عن ولدها، فلما رأت الأم ولدها؛ ألصقته ببطنها، وأرضعته؛ فتأثر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا المشهد الرقراق من مشاهد الرحمة والرقة، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، وقال: ( أترون هذه الأم طارحة ولدها في النار ؟) قالوا: لا، يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ( لله أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها ) .
2-ـ وفى الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة، حتى يضع رب العزة عليه كنفه ، ويقرره بذنوبه، فيقول الرب للعبد: لقد فعلت كذا وكذا، يوم كذا وكذا ) أي من الذنوب والمعاصي ( فيقول العبد المؤمن: رب أعرف، رب أعرف، فيقول الله -جلّ وعلا:- ولكني سترتها عليك في الدنيا، وأغفرها لك اليوم ).
س/ ما الفائدة من بداية المصنف -رحمه الله تعالى بقوله :- ( اعلم -رحمك الله-) ؟ مع توضيح معناها ؟هذه البداية، تبين شفقة المصنف ورقته ورحمته بمن يدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى- وهي بداية يستثير بها الاهتمام، بداية يستجيش بها العواطف، بداية يحرك بها الوجدان ( اعلم -رحمك الله-) معناها أي جعلك الله أهلاً لرحمته وفضله .
س/ كيف يبدأ طلبة العلم والدعاة دعوتهم مع المخلوقين ؟طلبة العلم، والدعاة إلى الله -تبارك وتعالى- عليهم أن يبدأوا دعوتهم مع المكلفين، ومع المخلوقين، ومع الناس برحمة، برقة، قال الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران:159] .
س/ ما الفرق بين مقام الدعوة إلى الله، ومقام الجهاد ؟مقام الجهاد" غلظة ورجولة ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة:73 ]
، مقام الدعوة "الرحمة، و الحكمة، و اللين، وهذا المنهج الدعوي منهج توقيفي، لا يختلف باختلاف الزمان والمكان، إن كنت في دعوة فعليك أن تكون رحيماً رقيقً مهذباً مؤدباًة ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ﴾ [النحل:125] .
س/ ما الحكمة ؟ وما معاول هدمها ؟ وما أركانها ؟تعريف الحكمة : هي فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي
ـ أركانها: 1-العلم،2- والحلم،3- والأناة .
ـ آفاتها، وأضادها، ومعاول هدمها: الجهل، والطيش، والعجلة .
س/ لماذا وصف الله الموعظة بقوله الحسنة، ولم يذكر الحكمة بالحسنة في قوله تعالي: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل:125] ؟لأن الحكمة الحسن أصل فيها، ووصف ذاتي لها، لا يمكن أبداً أن توصف الحكمة بغير الحسن .
س/ بماذا أمر الله موسى وهارون عليهما أفضل الصلاة والسلام في دعوتهما لفرعون ؟قال الله لموسى وهارون -على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام:- ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[ طه: 43-44]
قال قتادة: سبحانك ربي ما أحلمك، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً، إن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبد قال: سبحان ربي الأعلى.
س/ ماهو الواجب ؟ وما ضابطه ؟الواجب عند علماء الأصول: هو ما أُمر به أمراًَ جازماً .
وضابطه أن فاعله موعود بالثواب ، وأن تاركه متوَعد بالعقاب .
س/ عرف العلم ؟1-العلم: هو معرفة الله -عز وجل- ومعرفة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ، .
2- : العلم: هو إدراك الشيء على حقيقته، أو على صورته إدراكاً جازماً،
3- ومن باب الأمانة العلمية –أيضاً- فهناك من أهل العلم من فرق بين العلم، والإدراك، والمعرف .
س/ ماذا يقصد الشيخ من كلمة الواجب ؟المصنف هنا يقصد الواجب الذي هو بمعنى الفرض، ، وهو قول الأئمة مالك، والشافعي، وأحمد رحم الله الجميع .
س/ ما الأدلة علي فضل العلم من الكتاب والسنة ؟1- قوله تعالي ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْم﴾ [طـه: 114] .
2-في الصحيحين من حديث معاوية ابن أبي سفيان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين
3- وقوله تعالي ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11] .
4-ـ وقال تعالى:- ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾[ الزمر: 9]
5- بل من أرق الآيات التي يشهد الله -تبارك وتعالى- بها لأهل العلم أن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ، ثم ثنى بملائكته، ثم ثلث بأهل العلم، فقال -جلّ جلاله:- ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ إذاً أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ ﴾ أي وكذا الملائكة شهدت لله بالوحدانية -جلّ وعلا- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾ أي وكذلك شهد أولو العلم بالوحدانية لله -تبارك وتعالى- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:18] .
6-ـ وقد روي البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن الله –تعالى- لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالم) وفى لفظ ( حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ) وفى لفظ ( روءساء جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم؛ فضلوا، وأضلوا ) .
7-ـ وكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- شديد الحفاوة بالعلم، وشديد الحفاوة بطلاب العلم، ففي مسند الإمام أحمد، ومعجم الطبراني بسند جيد من حديث صفوان بن عسال المرادي -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر فقلت- والقائل صفوان- قلت: يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم قال: (مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً، حتى يبلغوا السماء الدنيا؛ من محبتهم لما يطلب ) .
8-ـ وما رواه الترمذي، وابن ماجة، والنسائي وغيرهم بسند حسن بشواهده، من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً؛ سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم؛ رضاً بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذه، أخذ بحظ وافر ) .
9-ـ وحديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر له رجلان أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال -صلى الله عليه وسلم:- (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم )
10ـ وفى صحيح مسلم من حديث أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بينما هو يجلس يوماً بين أصحابه، في حلقة علم أقبل ثلاثة نفر، أما أحدهم فرأى فرجة فجلس فيها، وأما الآخر فاستحيا -يعني استحيا أن يتخطى الرقاب والصفوف فجلس خلف الصف، وأما الثالث أعرض عن المجلس، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثه قال -صلى الله عليه وسلم:- ( ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم آوى إلى الله أما أحدهم: آوى إلى الله؛ فآواه الله، وأما الثاني: استحيا؛ فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض الله عنه ) .
س/ ما الطريقة السليمة لتلقي العلم حتى نجمع ما بين العلم والعمل معاً ؟الخطوة الأولى: هي الإخلاص: فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:1- ( من تعلم العلم؛ ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار )
2- وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضى الله عنه- ( أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة ) وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء فقال: ( وعالم وقارئ للقرآن فأتي به فعرفه نعمه؛ فعرفها، قال: فما عملت؟ قال: تعلمت وعلمت، قال: كذبت، ولكنك تعلمت؛ ليقال هو عالم، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل قرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها، قال: فما علمت فيها؟ قال: قرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك قرأت؛ ليقال هو قارئ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الخطوة الثانية: أن يجلس من أراد أن يطلب هذا العلم المبارك، وهو متصور أنه في مجلس علم، يجلس بالورقة والقلم، ثم يسجل؛ لأن العلم لا يقيد إلا بالكتابة، قيدوا العلم بالكتابة،
وفى مسند أحمد بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك، وقالوا: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا؛ فأمسكت عن الكتابة، ثم ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى فمه المبارك، وقال لعبد الله: اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق ) الشاهد قول عبد الله بن عمر كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه .
الخطوة الثالثة: أن تجعل لنفسها وقتاً لمراجعة ما كتبت بيدها، وإن احتاجت إلى أن تزيد على ما كتبت، زادت بالعودة إلى المراجع وإلى كتب أهل العلم .
الخطوة الرابعة: لا ينبغي لطالب العلم أو لطالبة أن تستحيي إذا استشكل عليه أو إذا استشكلت عليها مسألة من المسائل ، فالعلم يضيع بين الكبر والحياء ثم بعد ذلك، يجب على طالب العلم، أن يكون فاهماً لمصطلحات أهل العلم إن قرأ من كتبهم، وألا يعتمد اعتماداً كلياً على القراءة من الكتب؛ لأن من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه، فلابد من مراجعة العلماء الربانيين، وهؤلاء بفضل الله لا تخلو منهم الأمة أبداً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -كما في الصحيحين من حديث معاوية:- ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:53
س/ كيف تكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه حقًا ؟لن تكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تدعو إلى الله بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصيرة، بموعظة حسنة، فالمنهج توقيفي،، قد تختلف وسائله باختلاف الزمان والمكان لكن لاتختلف أصوله باختلاف الزمان والمكان ،
1- قال تعالي﴿ادع إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]
2- قال تعالى ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]،
3- قال تعالى ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طـه: 43، 44] ، هذه أصول المنهج الدعوي، وحياة النبي صلي الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تطبيقٌ عمليٌّ لهذه الأصول.
س/ أذكر مثالاً يبين كيف كانت دعوة النبي صلي الله عليه وسلم بالموعظة الحسنه ؟1-ما جاء في حديث الأعرابي الذي وقف في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم وبال إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي حضرته الشريفة صلى الله عليه وسلم، ويقول الصحابة مه مه، ماذا تصنع أيها الرجل ؟ والرسول صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة يقول ( لا تزرموه ) ، أي لا تقطعوا عليه بولته ، حتى يقضي الرجل حاجته فيُنادي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول له إن المساجد لا تصلح لشيءٍ من هذا، إنما جُعلت للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، ويأمر النبي صحابيًّا فيأتي الصحابي بدلو من الماء فيشنه على أثر البول ويطهر المكان , وانفعل هذا الأعرابي بهذا الخلق الكريم فدخل الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا الله بهذا الدعوة التي سمعها النبي صلى الله عليه وسلم، سمع الأعرابي يقول "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا"، لم يجامله النبي صلى الله عليه وسلم على حساب المنهج أيضًا، وإنما لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال ( لقد حجرت واسعًا )، يعني لم تضيق ما وسع الله تبارك وتعالى؟ والله جلّ وعلا يقول ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156].
س/ أذكر أمثله تبين رحمة الله بعباده من غير المسلمين ؟1-من ذلك قول قتادة في تعليقه على قول الله لموسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طـه: 43 لأن فرعون كان يدعي النبوة ومع ذلك يأمر الله موسى وهارون نبيين كريمين أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فقال قتادة "يا رب ما أحلمك ، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فإن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبدٍ قال سبحان ربي الأعلى" ،
2-ولقد دخلت بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل الجنة في كلب، كان يلهث الثرى من العطش فعادت إلى بئر ماء فملأت موقها ماءً وقدمت للكلب فشرب، فغفر الله لها بذلك.
س/ لماذا استطاع أهل الباطل أن يجذبوا الناس إلى باطلهم ؟ ولم يستطع أهل الحق أن يجذبوا الناس إلى الحق ؟ذلك لخلل في أسلوبنا في البلاغ عن الله تبارك وتعالى، فالدعوة فن ، لا يجوز للداعية أن يتجاوز أصوله التي حددها القرآن ، ولأننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق شهادة خلقية عملية على أرض الواقع، ولا نحسن أن نبلغ هذا الحق لأهل الأرض بحق، هذه هي المشكلة، وإن الباطل مع غيرنا، لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق، ويحسن أن يصل بالباطل إلى حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذٍ ينزوي حقنا ويضعف كأنه مغلوب، كما هو الواقع، وينتفخ الباطل وينتفش كأنه غالب، كما هو الواقع .
س/ كيف ندعو الناس ؟ كيف نبلغ الحق لأهل الأرض بحق ؟لأننا لا نتعامل مع ملائكة بررة، ولا مع شياطين مردة، ولا مع أحجار صلبة، بل نتعامل مع نفوس بشرية فيها الإقبال والإحجام، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، أولم يقل خالق النفس البشرية جلّ وعلا ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، فلنتعامل مع النفس البشرية من هذا المنطلق، لنسبر أغوراها، لنتغلغل إلى أعماقها، ولن يكون ذلك إلا بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة ,
1- والنبي صلي الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه كما في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد وفيه أنه قال ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم ) ، 2-ويقول تعالي: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 25
س/ ما هي وسائل الدعوة إلي الله ؟يستطع الإنسان أن يبلغ غيره بلسانه بكلمة رقيقة بالأدلة أو بلسان غيره من أهل العلم بشريط أو بكتيب أو بمطوية، بتخصيص جزءٍ من ماله ، بتكثير سواد المسلمين في المساجد في المحاضرات العامة، بزيارة لله تبارك وتعالى لأحد إخوانه في الله لتبلغه عن الله تبارك وتعالى ولو بشريط .
س/ هل يُشترط في الداعي أن يعتلي المنبر ؟أعظم خدمة نقدمها للدين أن ندعو للدين بأخلاقنا، بسلوكنا، بأعمالنا، بأقوالنا، فكل واحدٍ يستطيع في أي موقف من المواقف أن يبلغ عن الله بكلمة مهذبة رقيقة، الكل يستطيع ذلك.
س/ ما الفرق بين هداية الدلالة وهداية التوفيق ؟هداية الدلالة" هذه وظيفتنا، أن ندل الخلق على الحق ، نقول قال الله جلّ وعلا وقال الرسول صلي الله عليه وسلم بأدب وتواضع وحكمة ورحمة، .
أما هداية التوفيق" فبيد الله تبارك وتعالى، لا يملكها ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولو كان المصطفى، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272] .
س/ هل نرى تعارضًا بين قوله تعالي ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ وبين قول الله تعالى لنبيه ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52] ؟1-لا تعارض ، الهداية المثبتة للنبي صلى الله عليه وسلم" هي هداية الدِلالة أو الدَلالة، واللغتان صحيحتان بالفتح والكسر،.
2- أما الهداية المنفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي هداية التوفيق"، الدليل" كما في صحيح البخاري وغيره من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بي أبي أمية، فجلس النبي عند رأس عمه وقال ( يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله يوم القيامة )، فقال له أبو جهل أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال أبو طالب: بل هو على ملة عبد المطلب، ومات على هذه الكلمة، فخرج النبي من عنده وقال ( لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك ) ، فنزل قول الله جلّ وعلا ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
س/ يتخلى كثيرٌ من أهل الفضل عن الدعوة إلى الله جلّ وعلا، وقد يحتج ويدلل له بقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] ، فكيف نرد عليهم ؟هذا فهمٌ خطأ، وفهمٌ مقلوبٌ للآية، وقد خشي الصديق رضي الله عنه يومًا عن هذا الفهم الخاطئ للآية فارتقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال "أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك الله أن يعمهم بعقابٍ منه )"، وأنتم تعلمون أن الفتنة والمصيبة إن وقعت تصيب الصالح والطالح ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]
ـ ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا حتى نؤذي من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا جميعًا ) .
ـ وفي الصحيحين عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فزعًا، وفي لفظٍ استيقظ النبي يومًا من نومه عندها فزعًا، وهو يقول ( لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) ، وحلق النبي صلي الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والإبهام، فقالت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال ( نعم، إذا كثر الخبث ).
س/ هل من وسائل الدعوة أننا نضع في المساجد مطويات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم لعلها تلين القلوب أكثر؟هذا بابٌ عظيم جدًا من الأبواب التي نستطيع أن نتغلغل بها الآن إلى العقول والقلوب، وأنا قدمت العقول على القلوب في هذا الباب لأن كثيرًا من الناس لا يذعن للحق وبكل أسف إلا إذا وجد هذا الحق مدعمٌ بهذه الأدلة العلمية ، لكن ليس معنى ذلك أيها الأحبة أن نلوي أعناق النصوص القرآنية والنبوية لنظرية علمية فما أثبت العلم صحته في القرآن صدقناه، وما كذب العلم صحته أنكرناه، وإنما هذا بابٌ عظيم من الأبواب لاسيما إن كانت المعلومة فيه مضبوطة صحيحة أن نقدمه بصورة جميلة ملفتة للأنظار في المساجد لنبين أن عطاء القرآن مازال متجددًا في عصر العلم .

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:54
س/ ما هو فضل ومكانة الصبر ؟1-الصبر جواد لا يكبو، وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم ، وقد شرف الله أهل الصبر وأكرمهم فجعلهم في معيته ويا لها من كرامة، وأكرمه فجعله في معيته ويا لها من كرامة فقال - جلّ وعلا - ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:153] .2-
2 بل لقد ذكر الله - جلّ جلاله - في قرآنه أن الله - سبحانه وتعالى - يحب الصابرين، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾[آل عمران: 146] فإن كنت أيها الصابر في معية الله فممن تخاف؟! وإن كان الله يحبك فعلى أي شيء تحزن .
3- وقال الله - سبحانه وتعالى - وقد جمع للصابرين هذه البشريات التي لم يجمعها لغيرهم قال - جلّ جلاله - ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156] انظر إلى فضل الله عليهم ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة:157] ، فجمع الله للصابرين من البشريات ما لم يجمعه أبداًُ لغيرهم ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .
4- بل بين الله كرامة الصابرين حين تدخل الملائكة عليهم الجنة لتبشرهم ولتحييهم هذه التحية الكريمة فقال - سبحانه وتعالى - ﴿ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد:23-24].5- ثم أجمل الله - جلّ جلاله - فضل الصابرين فقال - سبحانه وتعالى - ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾[الزمر: 10] ، أي لا يعلم أجر الصابرين إلا الله ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ والحديث عن آيات الصبر في القرآن حديث طويل جميل بطول الصبر وجماله وجلاله .
6- وبالجملة قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لقد ذكر الله الصبر في القرآن في تسعين موضعاً وهذا إن دل فإنما يدل على شرف الصبر ومكانة الصبر بل لا تنال الإمامة في الدين إلا بالصبر واليقين.
7- قال ابن القيم: إذا تزوج الصبر باليقين حصل بينهما ولادة الإمامة في الدين، قال - جلّ جلاله - ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [السجدة:24] ، فلا تنال الإمامة في الدين إلا بالصبر واليقين، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا متى قال - جلّ جلاله - ﴿ لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ .س/ ما أقسام المعية ؟ وما المراد بالمعية في قوله تعالي: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ ؟
المعية نوعان:1- معية عامة،2- ومعية خاصة .
والمراد بالمعية في الآية " المعية الخاصة ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ و هي معية النصر والمدد، والتأييد، والفضل .
س/ عرف الصبر لغة ؟الصبر لغة: هو الحبس والمنع ، فهو: حبس النفس عن الجزع ، وحبس اللسان عن التشكي وحبس الجوارح عن المعاصي ،
فالصبر منهج الصبر دين ليس مجرد كلمة يرددها مبتلى، بعد أن يقول ما يسخط ربه - تبارك وتعالى - وبعد أن يفعل ما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فعله ثم بعد ذلك يقول أنا صابر، كلا ، إنما الصبر عند الصدمة الأولى .
س/ ماأنواع الشكوى ؟الشكوى نوعان:1- شكوى محمودة ،2- وشكوى مذمومة ، شكوى إلى الله ، وشكوى من الله .
أما الشكوى إلى الله"فهي من كمال وتمام العبودية، فلقد ذكر الله - تبارك وتعالى - نبياً كريماً من أنبيائه ألا وهو يعقوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام، الذي قال الله عنه ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18] والصبر الجميل هو الصبر الذي يستعلي صاحبه عن الألم وعن الشكوى، هو الصبر الذي يبتغي به صاحبه وجه الله - تبارك وتعالى - فهو لا يصبر من أجل أن يقول الناس صبر، ولا خوفاً من أن يقول الناس جذع، لا، بل هو يستعلي على آلامه وأحزانه ابتغاء وجه الله - تبارك وتعالى .
س/ هل الشكوى إلى الله تنافي الصبر ؟ مع توضيح ذلك بالأمثلة ؟الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر وهذا هو الصبر الجميل، فيعقوب على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام يقول: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾[يوسف: 18] ، وذلك حينما جاء أولاده وأخبروه بهذا الخبر المفزع الآليم، ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ﴾ [يوسف:17] الآيات، فقال قولته الجميلة ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ ومع ذلك فقد اشتكى إلى الله، قال ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف:86] فهي من تمام وكمال عبوديتك بين يديه - جلّ جلاله - .
ـ وكذلك أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذي أثنى عليه ربنا - تبارك وتعالى - بصفة الصبر فقال - جلّ جلاله - ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ ومع ذلك فقد شكي أيوب حاله إلى الله - جلّ جلاله - شكي حاله إلى الله - تبارك وتعالى - بكلمة رقراقة جميلة ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾[الأنبياء:83] مسني لم يقل أهلكني مع أنه فقد ماله وفقد أولاده وفقد صحته وعافيته، وابتلي بمرض أقعده في الأرض أو في الفراش، وصبر مدة طويلة، ولما أراد أن يشكو حاله إلى الله عبر بهذه الكلمة الرقيقة الجميلة ﴿ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ ، إذاً الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر بل هي من كمال العبودية لله - جلّ جلاله.
ـ أما الشكوى من الله" فهي التي تنافي الصبر، أن تشكو الخالق إلى المخلوق، وأن تشكو الرازق إلى المرزوق، وأن تشكو الرحمن الرحيم، إلى من لا يرحم، فالله - جلّ جلاله - ليس أحد أرحم بعباده منه، ليس أحد أرحم بخلقه منه، أولم يقل نبينا - صلى الله عليه وسلم - ( لله أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها ) .

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:55
س/ ماهي أقسام الصبر ؟يقسم علماؤنا الصبر اصطلاحاً إلى ثلاثة أقسام ، صبرٌ أو صبرٍ واللغتان صحيحتان:
1- صبرٌ على الطاعة، أو صبرٌ على المأمور.
2- وصبرٌ عن المعصية، أو صبرٌ عن المحظور.
3- وصبرٌ على البلاء، أو صبر على المقدور .
س/ ما المقصود بالصبر على الطاعة، أو الصبر على المأمور ؟الصبر على الطاعة ، أو الصبر على المأمور: أي صبر على ما أمرك الله - عزّ وجلّ - به، وهذا من أرقى وأجل مراتب وأقسام الصبر أن تصبر نفسك على طاعة الله - جلّ جلاله - فالنفس جموح ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف:53] فهذه رتبة من أعظم الرتب، ودرجة من أعلى الدرجات .
س/ ما المقصود بالصبر عن المعصية، أو الصبر عن المحظور ؟الصبر عن المحظور، أي عن المعصية: أن تصبر نفسك وأن تبتعد عن معصية الله - تبارك وتعالى - ولا شك أنها درجة أيضاً من أعظم الدرجات، أن تنتهي عما نهاك الله - تبارك وتعالى - عنه وعما نهاك عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن تصبر على المعاصي مع كثرة الشهوات، التي تحيط بك من كل ناحية ، فإنها فتن كقطع الليل المظلم ومع ذلك يصبر المؤمن نفسه على الطاعة وعن المعصية ويبتعد عن بيئة المعصية ويلقي بنفسه في بيئة الطاعة، فهذه درجة من أعظم الدرجات، وهذه قربة من أعظم القربات، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وصبر على البلاء، أو صبر على المقدور،
1- قال الله - جلّ جلاله - ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [لقمر:49]
2- وقال الله - جلّّ وعلا - ﴿ الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿3﴾﴾[ العنكبوت:1-3].

س/ أيهما أفضل الصبر على الطاعة أم الصبر على المعصية ؟هذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم" لكن الراجح الذي رجحه الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره من المحققين أن الصبر على الطاعة أفضل من الصبر على المعصية، والله تعالى أعلم.
س/ هل الإيمان مجرد كلمه ؟ليس الإيمان مجرد كلمة ترددها الألسنة فحسب، كلا بل الإيمان 1-قول2- وتصديق 3-وعمل،
1- قال - جلّ جلاله - ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج:11]
2- ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾[العنكبوت:2] لا ،
3-﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت:3] .
س/ كيف الرد علي من يقول هل خلق الله الكون ونفض يديه من الكون ولم يعد الله قادراً على ضبط الكون بميزان الحق والعدل ؟ ألا يرى هذه الدماء التي تسفك، والأشلاء التي تمزق ؟سنن الله الثابتة في الكون، إن لله سنناً ربانية لا تتبدل ولا تتغير ولا تجامل تلك السنن أحداً من الخلق بحال، مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة ، لقد هُزم المسلمون في أحد ، نعم هُزموا، وقائد الميدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وتساءل الصحابة كيف نهزم ؟ وقائد الميدان رسول الله، كيف نهزم وعدونا هم المشركون ؟ فنزل قرآن يربي الصحابة والأمة من بعدهم ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ سنن الله في الكون التى لا تجامل أحداً من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة ؟ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾[الرعد:11] ، قال تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال:53] سنن ثابتة لا تتبدل ولا تتغير ، نتعجل النصر مع أننا لم نبذل بعد كل أسباب النصر، كل أسباب التمكين، كل أسباب العز، لا نريد إلى هذه اللحظة أن نتعلم الصبر ، ومن تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، سنن ثابتة لا تتبدل ولا تتغير .

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:56
س/ الرسول صلي الله عليه وسلم كان من أشد الناس ابتلاءً ـ وضح ذلك ؟1-قال - جلّ جلاله - ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾[الفرقان:31] ،
2-وقال تعالي لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [الأنعام:34] ، وأن الأذى يشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب أطهر وأشرف نفس يشتد به الأذى على الحد الذي يحتاج فيه النبي إلى أن يُذَكر من ربه العلي بقوله ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف:35] .
ـ فالرسول - صلى الله عليه وسلم لما ارتقى جبل الصفا بعدما أمر من الله - جلّ جلاله – بالبلاغ ، ونادي النبي على بطون قريش والحديث في الصحيحين ( يا بني فهر يا بني عدي أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا، قال إني رسول الله إليكم بين يدي عذاب شديد، فقال عمه أبو لهب تباً لك سائر اليوم يا محمد، ألهذا جمعتنا ؟ ) .
ـ فمن هذه اللحظة تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصناف الأذى والفتن والمحن والابتلاء، فلم يتوقف الأذى، بل والله لقد تعرض النبي للخنق على يد عقبة بن أبي معيط، عليه من الله ما يستحقه، حتى كادت أنفاس النبي أن تخرج وجاء الصديق ليرد هذا الشقي الفاجر عن رسول الله وهو يقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله .
ـ ووضع التراب على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لقد وضعت النجاسة على ظهره - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد بين يدي الله - تبارك وتعالى - كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال ( قال أبو جهل أيكم يجيء بسلا جذور بني فلان فيلقيه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم، عقبة بن أبي معيط، وجاء بسلا الجذور، بهذه القاذورات، والنجاسات وانتظر حتى سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فألقى هذا الشقي النجاسة على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد وظل النبي ساجدا والمشركون المجرمون يحيل بعضهم على بعض أي يضحكون ويتمايلون بطراً وكبراً ورسول الله ساجد والنجاسة على رأسه وعلى ظهره، يقول عبدالله بن مسعود وأنا لا أستطيع أن أفعل له شيئاً، حتى جاءت فاطمة ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزالت النجاسة عن ظهره الشريف، فجلس النبي بعدما انتهى من صلاته ويقول اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش) .
ـ قال أبو جهل والحديث رواه مسلم أيعفر محمد وجهه بين أظهركم، يعني يأتي ليسجد لربه بين أظهرنا، واللات والعزى لئن جاء محمد ليسجد لأطأن عنقه ولأعفرن وجهه، يزعم هذا الوغد أنه سيطأ بقدمه عنق ورأس رسول الله وهو ساجد بين يدي ربه - جلّ جلاله - وبالفعل سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه فجاء أبو جهل وهو يزعم أنه سيطأ عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففاجئ القوم بأنه يعود إلى الخلف القهقرة ويدفع بيديه هكذا، قالوا ما وراءك يا أبا الحكم، قال إن بيني وبين محمد خندقاً من نار، وإني لأرى أجنحة فلما انفلت النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته قال ( والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواًَ ) .
ـ بل لقد قال النبي يوماً لعائشة كما في الصحيحين ( قالت يا رسول الله هل أتى عليك يوماً أشد من يوم أحد ؟ ) أحد تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم للقتل، بل لقد شج وجهه الشريف، ودخلت حلقة المغفر في وجنتيه الشريفتين، وكسرت رباعيته، وانتشر بالفعل في الميدان خبر قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد ألقى بعض الصحابة السلاح بالفعل، واستسلموا للموت، حتى مر عليهم أنس بن النضر وحديثه في الصحيحين قال ما تصنعون لما ألقيتم السلاح ؟ قالوا مات رسول الله فما نصنع بالحياة بعده؟ قال قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، فالسيدة عائشة تقول ( هل أتى عليك يوماً كان أشد من يوم أحد؟ ) اسمع ماذا قال ( قال لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يوم عرضت نفسي على ابن عبد يليل بن عبد كلال فلما لم يجبني إلى ما أردت عدت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب وإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فرأيت جبريل - عليه السلام - ينادي السلام عليك يا محمد إن الله سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك وقد أرسل إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، قال فناداني ملك الجبال وقال السلام عليك يا محمد، إن الله بعثي إليك فمرني بما شئت، لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت فقال: لا يا ملك الجبال، بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا ) .
ـ قيل له يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً ؟ قال ( الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ) وفى لفظ قال - صلى الله عليه وسلم - ( وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة ) .
ـ بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتهم في عرضه اتهم في شرفه، واتهمت عائشة في شرفها وعرضها، واتهم صفوان بن المعطل السلمي واتهم الصديق - رضي الله عنه - واتهم المجتمع الإسلامي كله بهذه التهمة النكراء، ومع ذلك يقول الله - جلّ جلاله - في هذه المحنة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾[النور:11] .
س/هل ربنا جلّ جلاله لا يعرف الصادق من الكاذب إلا بعد أن تقع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟الله - جلّ جلاله - يقول ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ وهل لا يعلم الله الصادق من الكاذب إلا بعد وقوع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟ كلا ، فالله - جلّ جلاله - يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن، لو قدر الله - عزّ وجلّ - له أن يكون لعلم كيف يكون ، فما من جبل على ظهر الأرض إلا ويعلم الله ما في قعره ما في وعره، وما من بحر ولا نهر على سطح الأرض إلا ويعلم الله ما في وعره، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، قال - جلّ جلاله - ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام:59] ، وقالوا: الله - عزّ وجلّ - لا يحاسب الخلق بمقتضى علمه فيهم، وإنما بمقتضى عملهم هم، فالله يعلم الصادق من الكاذب، لكن تأتي المحنة لتثبت للصادق صدقه، وللكاذب كذبه، فلا يعامل الخلق بمقتضى علمه فيهم وهو الحكم الحق العدل - جلّ جلاله - وإنما بمقتضى عمل الخلق بأنفسهم، فيعامل أو يجازي الصادق على صدقه ويجازي الكاذب على كذبه، ثم ليظهر للصف المسلم الصادق من الكاذب .
س/ ما المراد بالْعَصْرِ ؟ وهل يجوز القسم به ؟الله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر والعصر هو الدهر، فهو محل الأحداث من خير وشر، ومن أهل العلم من قال بأن المراد بالعصر هنا هو عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن أهل العلم من قال أن المراد بالعصر هنا صلاة العصر كما ثبت في الصحيح .
ـ والله - جلّ جلاله - له أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالخالق - تبارك وتعالى - فالله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر بالدهر بالأيام والليالي ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾[الفرقان:62] .
س/ مامعني قوله تعالي ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ ؟ وما الذي استثناه الله من ذلك ؟أي إن الإنسان، كل الإنسان لفي خسر، أي لفي خسران، واستثنى الله - تبارك وتعالى - إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ .
س/ ما المراد من قوله تعالي: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ؟﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ ِ﴾ ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ لابد أن تعلم أنك إن سلكت الدرب ستتعرض للمحن والأذى فلابد أن تصبر نفسك وأن تدعو غيرك إلى الصبر.

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:58
س/ أذكر الأدلة النقلية القرآنية علي أن الله جلّ وعلا هو الخالق ؟الله - جلّ وعلا - هو الخالق والأدلة النقلية القرآنية والنبوية والأدلة العقلية على هذا الأصل الكبير المهم ما أكثرها وما أجلها وما أعظمها منها :-
1ـ قال الله - جلّ وعلا - ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر:62] ، فالله - جلّ وعلا - هو الخالق .
2ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿35﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور:35-36] .
3ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ الرَّحْمَنُ ﴿1﴾ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿2﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴿3﴾ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴿4﴾﴾ [ الرحمن:1-
4] ، وقال- جلّ وعلا -﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[آل عمران:190].[/
COLOR]4ـ وقال - جلّ وعلا - ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة:164] .
5ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴿12﴾ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴿13﴾ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿14﴾﴾ [المؤمنون:13-14]
6ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل:60].
7ـ والآيات كثيرة قال - جلّ وعلا - ﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴿33﴾ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴿34﴾ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴿35﴾ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴿36﴾﴾ [يس:33-36] الآيات .
س/ هل أنكر المشركون أن الله هو الخالق ؟الأصل الأول أن الله - جلّ وعلا - هو الخالق، لم ينكر المشركون هذه الحقيقة الكبيرة مع مكابرتهم وعنادهم وإعراضهم عن الحق إلا أنهم لم ينكروا هذا الأصل الكبير، قال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف:87] هذا رد المشركين بل يقرون بتوحيد الأسماء والصفات ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف:9] فالمشرك لم ينكر هذه الحقيقة الكبيرة ألا وهي أن الله - جلّ وعلا - هو الخالق .
س/ أذكر الأدلة النبوية علي أن الله جلّ وعلا هو الخالق ؟1ـ ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من حديث شداد بن أوس - رضي الله عنه - وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ( سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) .
2ـ ما رواه البخاري ومسلم وأحمد، واللفظ لأحمد رحم الله الجميع من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه قال: ( كنا نُهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية فيسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نسمع ؛ لأن الأعراب من أهل البدو لا يحسنون ولا يتقنون اختيار الألفاظ، وإنما قد يتكلم أحدهم على سجيته وطبيعته، قد تخرج الكلمات شديدة حادة لكنه يخرج ما عنده فقال أنس: فجاءه رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، ينادي عليه باسمه المجرد .
يقول الأعرابي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -أتانا رسولك: أي أتانا الرسول الذي أرسل إلينا من قبلك؛ ليعلمنا الإسلام، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، فنظر إليه - النبي صلى الله عليه وسلم فقال - النبي صلى الله عليه وسلم -( صدق )
فقال الأعرابي: فمن الذي خلق السماء ؟ هذا هو الشاهد: من الذي خلق السماء ؟ قال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
قال الأعرابي: فمن الذي خلق الأرض ؟
قال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
قال الأعرابي: فمن الذي نصب الجبال وجعل فيها ما جعل ؟
فقال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
فقال الأعرابي: قال فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال آلله أرسلك ؟
قال : (نعم) .
قال الأعرابي: وزعم رسولك أن الله قد فرض علينا خمس صلوات في اليوم والليلة .
قال : (صدق) .
قال الأعرابي: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا ؟
قال : (نعم) .
قال الأعرابي: وزعم رسولك أن الله فرض علينا صيام شهر في السنة .
قال: (صدق) .
قال الأعرابي: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا ؟
قال: (نعم )
فقال الأعرابي: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن .
فقال - النبي صلى الله عليه وسلم - (لئن صدق ليدخلن الجنة ) وفي لفظ (أفلح إن صدق ) والشاهد من سؤال الأعرابي من الذي خلق السماء ؟ من الذي خلق الأرض؟ من الذي خلق الجبال وجعل فيها ما جعل، وجواب - النبي صلى الله عليه وسلم - على هذا الأعرابي بسؤال واحد لا يجيب إلا بلفظ الجلالة المفرد العلم الله .

أبو عبد البر
2007-11-29, 16:59
س/ الرسول صلي الله عليه وسلم كان من أشد الناس ابتلاءً ـ وضح ذلك ؟1-قال - جلّ جلاله - ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾[الفرقان:31] ،
2-وقال تعالي لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [الأنعام:34] ، وأن الأذى يشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب أطهر وأشرف نفس يشتد به الأذى على الحد الذي يحتاج فيه النبي إلى أن يُذَكر من ربه العلي بقوله ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف:35] .
ـ فالرسول - صلى الله عليه وسلم لما ارتقى جبل الصفا بعدما أمر من الله - جلّ جلاله – بالبلاغ ، ونادي النبي على بطون قريش والحديث في الصحيحين ( يا بني فهر يا بني عدي أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا، قال إني رسول الله إليكم بين يدي عذاب شديد، فقال عمه أبو لهب تباً لك سائر اليوم يا محمد، ألهذا جمعتنا ؟ ) .
ـ فمن هذه اللحظة تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصناف الأذى والفتن والمحن والابتلاء، فلم يتوقف الأذى، بل والله لقد تعرض النبي للخنق على يد عقبة بن أبي معيط، عليه من الله ما يستحقه، حتى كادت أنفاس النبي أن تخرج وجاء الصديق ليرد هذا الشقي الفاجر عن رسول الله وهو يقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله .
ـ ووضع التراب على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لقد وضعت النجاسة على ظهره - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد بين يدي الله - تبارك وتعالى
- كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال ( قال أبو جهل أيكم يجيء بسلا جذور بني فلان فيلقيه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم، عقبة بن أبي معيط، وجاء بسلا الجذور، بهذه القاذورات، والنجاسات وانتظر حتى سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فألقى هذا الشقي النجاسة على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد وظل النبي ساجدا والمشركون المجرمون يحيل بعضهم على بعض أي يضحكون ويتمايلون بطراً وكبراً ورسول الله ساجد والنجاسة على رأسه وعلى ظهره، يقول عبدالله بن مسعود وأنا لا أستطيع أن أفعل له شيئاً، حتى جاءت فاطمة ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزالت النجاسة عن ظهره الشريف، فجلس النبي بعدما انتهى من صلاته ويقول اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش) .
ـ قال أبو جهل والحديث رواه مسلم أيعفر محمد وجهه بين أظهركم، يعني يأتي ليسجد لربه بين أظهرنا، واللات والعزى لئن جاء محمد ليسجد لأطأن عنقه ولأعفرن وجهه، يزعم هذا الوغد أنه سيطأ بقدمه عنق ورأس رسول الله وهو ساجد بين يدي ربه - جلّ جلاله - وبالفعل سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه فجاء أبو جهل وهو يزعم أنه سيطأ عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففاجئ القوم بأنه يعود إلى الخلف القهقرة ويدفع بيديه هكذا، قالوا ما وراءك يا أبا الحكم، قال إن بيني وبين محمد خندقاً من نار، وإني لأرى أجنحة فلما انفلت النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته قال ( والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواًَ ) .
ـ بل لقد قال النبي يوماً لعائشة كما في الصحيحين ( قالت يا رسول الله هل أتى عليك يوماً أشد من يوم أحد ؟ ) أحد تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم للقتل، بل لقد شج وجهه الشريف، ودخلت حلقة المغفر في وجنتيه الشريفتين، وكسرت رباعيته، وانتشر بالفعل في الميدان خبر قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد ألقى بعض الصحابة السلاح بالفعل، واستسلموا للموت، حتى مر عليهم أنس بن النضر
وحديثه في الصحيحين قال ما تصنعون لما ألقيتم السلاح ؟ قالوا مات رسول الله فما نصنع بالحياة بعده؟ قال قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، فالسيدة عائشة تقول ( هل أتى عليك يوماً كان أشد من يوم أحد؟ ) اسمع ماذا قال ( قال لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يوم عرضت نفسي على ابن عبد يليل بن عبد كلال فلما لم يجبني إلى ما أردت عدت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب وإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فرأيت جبريل - عليه السلام - ينادي السلام عليك يا محمد إن الله سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك وقد أرسل إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، قال فناداني ملك الجبال وقال السلام عليك يا محمد، إن الله بعثي إليك فمرني بما شئت، لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت فقال: لا يا ملك الجبال، بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا ) .
ـ قيل له يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً ؟ قال ( الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ) وفى لفظ قال - صلى الله عليه وسلم - ( وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة ) .
ـ بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتهم في عرضه اتهم في شرفه، واتهمت عائشة في شرفها وعرضها، واتهم صفوان بن المعطل السلمي واتهم الصديق - رضي الله عنه - واتهم المجتمع الإسلامي كله بهذه التهمة النكراء، ومع ذلك يقول الله - جلّ جلاله - في هذه المحنة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾[النور:11] .
س/هل ربنا جلّ جلاله لا يعرف الصادق من الكاذب إلا بعد أن تقع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟الله - جلّ جلاله - يقول ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ وهل لا يعلم الله الصادق من الكاذب إلا بعد وقوع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟ كلا ، فالله - جلّ جلاله - يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن، لو قدر الله - عزّ وجلّ - له أن يكون لعلم كيف يكون ، فما من جبل على ظهر الأرض إلا ويعلم الله ما في قعره ما في وعره، وما من بحر ولا نهر على سطح الأرض إلا ويعلم الله ما في وعره، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه،
قال - جلّ جلاله - ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام:59] ، وقالوا: الله - عزّ وجلّ - لا يحاسب الخلق بمقتضى علمه فيهم، وإنما بمقتضى عملهم هم، فالله يعلم الصادق من الكاذب، لكن تأتي المحنة لتثبت للصادق صدقه، وللكاذب كذبه، فلا يعامل الخلق بمقتضى علمه فيهم وهو الحكم الحق العدل - جلّ جلاله - وإنما بمقتضى عمل الخلق بأنفسهم، فيعامل أو يجازي الصادق على صدقه ويجازي الكاذب على كذبه، ثم ليظهر للصف المسلم الصادق من الكاذب .
س/ ما المراد بالْعَصْرِ ؟ وهل يجوز القسم به ؟الله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر والعصر هو الدهر، فهو محل الأحداث من خير وشر،
1- ومن أهل العلم من قال بأن المراد بالعصر هنا هو عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -
2- ومن أهل العلم من قال أن المراد بالعصر هنا صلاة العصر كما ثبت في الصحيح .
ـ والله - جلّ جلاله - له أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالخالق - تبارك وتعالى - فالله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر بالدهر بالأيام والليالي ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾[الفرقان:62] .
س/ مامعني قوله تعالي ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ ؟ وما الذي استثناه الله من ذلك ؟
أي إن الإنسان، كل الإنسان لفي خسر، أي لفي خسران، واستثنى الله - تبارك وتعالى - إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ .
س/ ما المراد من قوله تعالي: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ؟﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ ِ﴾ ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ لابد أن تعلم أنك إن سلكت الدرب ستتعرض للمحن والأذى فلابد أن تصبر نفسك وأن تدعو غيرك إلى الصبر.