تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حُسْنُ الْخُلُقِ


الصفحات : [1] 2

*عبدالرحمن*
2020-07-24, 17:34
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الخلق الحسن صفة سيد المرسلين

وأفضل أعمال الصديقين

وهو - على التحقيق -

شطر الدين وثمرة مجاهدة المتقين ورياضة المتعبدين

والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة والمخازي الفاضحة .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم

( إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاقِ )

رواه البخاري في "الأدب المفرد" (273)

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (45)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ

: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟

فَقَالَ : ( تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ )

رواه الترمذي (2004) وقال صحيح غريب .

وصححه الألباني في صحيح الترمذي

لذلك كانت العناية بضبط قوانين العلاج لأمراض القلوب

وطرق اكتساب الأخلاق الفاضلة من أهم الواجبات

إذ لا يخلو قلبٌ من القلوب من أسقام

لو أُهلمت تَراكمت وترادفت

ولا تخلو نفس من أخلاق

لو أطلقت لساقت إلى الهلكة في الدنيا والآخرة

وهذا النوع من الطب

يحتاج إلى تأنُّقٍ في معرفة العلل والأسباب

ثم إلى تشمير في العلاج والإصلاح

كي ينال الفلاح والنجاح

يقول تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) الشمس/9 ،

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم

يدعو بحسن الخلق ويقول :

( الَّلهُمَّ حَسَّنتَ خَلْقِي فَحَسِّن خُلُقِي )

رواه ابن حبان في صحيحه (3/239)

وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (75)

إذا عرف العبد عيوب نفسه أمكنه العلاج

ولكنَّ بعض من الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم

يرى أحدُهم القذى في عين أخيه

فلا يرى الجذع في عينه

فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق

الأول :

أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس

مُطَّلعٍ على خفايا الآفات

يأخذ عنه العلم والتربية والتوجيه معاً .

الثاني :

أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا

فينصبه رقيبا على نفسه ليلاحظ أحواله وأفعاله

فما كره من أخلاقه وأفعاله

وعيوبه الباطنة والظاهرة ينبهه عليه

فهكذا كان يفعل الأكياس والأكابر من أئمة الدين

كان عمر رضي الله عنه يقول :

رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي .

الطريق الثالث :

أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه

فإن عين السخط تبدي المساويا

ولعل انتفاع الإنسان بعدو مُشاحن يذكِّرُهُ عيوبَه

أكثرُ من انتفاعه بصديقٍ مداهنٍ يُثنى عليه

ويمدحه ويخفى عنه عيوبه .

الطريق الرابع :

أن يخالط الناس

فكل ما رآه مذموما فيما بين الخلق

فليطالب نفسه به وينسبها إليه

فإن المؤمن مرآة المؤمن

فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه

قيل لعيسى عليه السلام : مَن أدَّبك ؟

قال : ما أدبني أحد

رأيت جهل الجاهل شَينًا فاجتنبته .

اخوة الاسلام

في هذا الموضوع سوف يجمعنا يوميا

اقوال العلماء حول خلق من الاخلاق الحميدة

*عبدالرحمن*
2020-07-25, 17:03
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الإحْسَان

معنى الإحْسَان لغةً:

الإحْسَان ضِدُّ الإساءة.

مصدر أحسن أي جاء بفعل حسن

[120] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/193).

معنى الإحْسَان اصطلاحًا:

(الإحْسَان نوعان:

- إحسان في عبادة الخالق:

بأن يعبد الله كأنَّه يراه فإن لم يكن يراه فإنَّ الله يراه.

وهو الجِدُّ في القيام بحقوق الله على وجه النُّصح، والتَّكميل لها

- وإحسانٌ في حقوق الخَلْق...

هو بذل جميع المنافع مِن أي نوعٍ كان، لأي مخلوق يكون

ولكنَّه يتفاوت بتفاوت المحْسَن إليهم

وحقِّهم ومقامهم

وبحسب الإحْسَان، وعظم موقعه

وعظيم نفعه، وبحسب إيمان المحْسِن وإخلاصه

والسَّبب الدَّاعي له إلى ذلك

[121] ((بهجة قلوب الأبرار)) للسعدي (204- 206).

وقال الراغب:

(الإحسان على وجهين:

أحدهما: الإنعام على الغير،

والثاني: إحسان في فعله

وذلك إذا علم علمًا حسنًا أو عمل عملًا حسنًا)

[122] ((المفردات)) (ص 236).

- الفرق بين الإحْسَان والإنْعَام:

(أَنَّ الإحْسَان يكون لنفس الإنسان ولغيره

تقول: أَحْسَنْتُ إلى نفسي.

والإنْعَام لا يكون إلَّا لغيره)

[123] ((لسان العرب)) لابن منظور (13/114).

- الفرق بين الإحْسَان والإفضَال

( أنَّ الإحسان: النفع الحسن.

والإفْضَال: النَّفع الزَّائد على أقلِّ المقدار

وقد خُصَّ الإحْسَان بالفضل

ولم يجب مثل ذلك في الزِّيادة

لأنَّه جرى مجرى الصِّفة الغالبة)

- الفرق بين الإحْسَان والفضل:

(أنَّ الإحْسَان قد يكون واجبًا وغير واجب.

والفضل لا يكون واجبًا على أحد

وإنَّما هو ما يتفضَّل به مِن غير سبب يوجبه)

[125] ((الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (ص 24).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح خلق الاحسان

*عبدالرحمن*
2020-07-26, 04:18
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الإحسان في القرآن الكريم

- قال سبحانه:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النَّحل:90].

قال السعدي:

(الإحْسَان فضيلة مستحبٌّ، وذلك كنفع النَّاس بالمال والبدن والعِلْم، وغير ذلك مِن أنواع النَّفع حتى إنَّه يدخل فيه الإحْسَان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره)

[126] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 447).

وقال تعالى

: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83].

أي: (أحسنوا بالوالدين إحسانًا

وهذا يعمُّ كلَّ إحسان قولي وفعلي ممَّا هو إحسان إليهم

وفيه النَّهي عن الإساءة إلى الوالدين

أو عدم الإحْسَان والإساءة

لأنَّ الواجب الإحْسَان

والأمر بالشَّيء نهيٌ عن ضِدِّه

وللإحْسَان ضِدَّان: الإساءة

وهي أعظم جرمًا، وترك الإحْسَان بدون إساءة

وهذا محرَّم

لكن لا يجب أن يلحق بالأوَّل

وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى، والمساكين

وتفاصيل الإحْسَان لا تنحصر بالعَدِّ، بل تكون بالحَدِّ.

ثمَّ أمر بالإحْسَان إلى النَّاس عمومًا

فقال: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً

ومِن القول الحَسَن: أمرهم بالمعروف

ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العِلْم

وبذل السَّلام، والبشاشة

وغير ذلك مِن كلِّ كلام طيِّب.

ولـمَّا كان الإنسان لا يسع النَّاس بماله

أُمِر بأمرٍ يقدر به على الإحْسَان إلى كلِّ مخلوق

وهو الإحْسَان بالقول

فيكون في ضمن ذلك النَّهي عن الكلام القبيح للنَّاس حتى للكفَّار)

[127] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 57).

- وقوله:تعالى

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص: 77].

قال الشَّوكاني

في تفسير قوله: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ:

(أي: أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك مِن نعم الدُّنْيا)

[128] ((فتح القدير)) للشَّوكاني (4/261).

- وقال عزَّ مِن قائل:

إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56].

قال ابن القيِّم:

(وقوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]

فيه تنبيه ظاهر على أنَّ فعل هذا المأمور به

هو الإحْسَان المطلوب منكم

ومطلوبكم أنتم مِن الله هو رحمته

ورحمته قريبٌ مِن المحسنين الذين فعلوا ما أُمِروا به

مِن دعائه خوفًا وطمعًا

فَقَرُب مطلوبكم منكم

وهو الرَّحمة بحسب أدائكم لمطلوبه منكم

وهو الإحْسَان الذي هو في الحقيقة إحسان إلى أنفسكم

فإنَّ الله تعالى هو الغنيُّ الحميد

وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم.

وقوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ

له دلالة بمنطوقه

ودلالة بإيمائه وتعليله

ودلالة بمفهومه

فدلالته بمنطوقه

على قرب الرَّحمة مِن أهل الإحْسَان

ودلالته بتعليله وإيمائه

على أنَّ هذا القُرْب مستحقٌّ بالإحْسَان

فهو السَّبب في قرب الرَّحمة منهم

ودلالته بمفهومه

على بُعْد الرَّحمة مِن غير المحسنين

فهذه ثلاث دلالات لهذه الجملة.

وإنَّما اختُصَّ أهل الإحْسَان بقرب الرَّحمة منهم

لأنَّها إحسان مِن الله أرحم الرَّاحمين

وإحسانه تعالى إنَّما يكون لأهل الإحْسَان

لأنَّ الجزاء مِن جنس العمل

فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته.

وأمَّا مَن لم يكن مِن أهل الإحْسَان

فإنَّه لـمَّا بَعُد عن الإحْسَان بَعُدَت عنه الرَّحمة

بُعْدًا بِبُعْد وقُرْبًا بقرب

فمَن تقرَّب بالإحْسَان تقرَّب الله إليه برحمته

ومَن تباعد عن الإحْسَان تباعد الله عنه برحمته

والله -سبحانه- يحبُّ المحسنين

ويبغض مَن ليس مِن المحسنين

ومَن أحبَّه الله فرحمته أقرب شيء منه

ومَن أبغضه فرحمته أبعد شيء منه

والإحْسَان- هاهنا-:

هو فِعْل المأمور به

سواءً كان إحسانًا إلى النَّاس أو إلى نفسه

فأعظم الإحْسَان: الإيمان والتَّوحيد

والإنابة إلى الله

والإقبال عليه، والتَّوكل عليه

وأن يعبد الله كأنَّه يراه إجلالًا ومهابةً وحياءً ومحبةً وخشيةً

فهذا هو مقام الإحْسَان

كما قال النَّبيُّ، وقد سأله جبريل عن الإحْسَان

فقال: ((أن تعبد الله كأنَّك تراه))

[129] رواه البخاري (50)، ومسلم (9)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

[130] ((بدائع الفوائد)) لابن القيِّم (3/17-18).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإحْسَان

*عبدالرحمن*
2020-07-26, 16:31
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الإحسان في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛

قال: ((إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحته))

[131] رواه مسلم (1955).

قال المباركفوري:

(قوله: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)).

أي: إلى كلِّ شيء، أو ((على)) بمعنى: في

أي: أمركم بالإحْسَان في كلِّ شيء

والمراد منه العموم الشَّامل للإنسان حيًّا وميتًا.

قال الطَّيبي:

أي أوجب مبالغة؛ لأنَّ الإحْسَان هنا مستحبٌّ

وضمَّن الإحْسَان معنى التَّفضُّل وعدَّاه بعلى.

والمراد بالتَّفضُّل:

إراحة الذَّبيحة بتحديد الشَّفرة

وتعجيل إمرارها وغيره.

وقال الشُّمُنِّيُّ: على- هنا- بمعنى اللام متعلِّقة بالإحْسَان

ولا بدَّ مِن على أخرى محذوفة بمعنى: الاستعلا

المجازي، متعلِّقة بكَتَبَ

والتَّقدير: كَتَبَ على النَّاس الإحْسَان لكلِّ شيء)

[132] ((تحفة الأحوذي))

للمباركفوري (4/664-665).

- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رجل: يا رسول الله

أنؤاخذ بما عملنا في الجاهليَّة؟

قال: ((مَن أحسن في الإسلام لم يُؤاخذ بما عمل في الجاهليَّة

ومَن أساء في الإسلام أُخذ بالأوَّل والآخر))

[133] رواه البخاري (6921)، ومسلم (120).

- وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-

قال: ((أقبل رجلٌ إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم

فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد

أبتغي الأجر مِن الله.

قال: فهل مِن والديك أحدٌ حيٌّ؟

قال: نعم، بل كلاهما.

قال: أفتبتغي الأجر مِن الله؟

قال: نعم

قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))

[134] رواه مسلم (2549).

- وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص

قال: حدَّثني أبي، أنَّه شهد حجَّة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحمد الله وأثنى عليه

وذكَّر ووعظ. فذكر في الحديث قصةً

فقال: ((ألا واستوصوا بالنِّساء خيرًا

فإنَّما هنَّ عَوَان عندكم ليس تملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك

إلَّا أن يأتين بفاحشة مُبَيِّنَة

فإن فعلن فاهجروهنَّ في المضاجع

واضربوهنَّ ضربًا غير مُبَرِّح

فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلًا. ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا

ولنسائكم عليكم حقًّا. فأمَّا حقُّكم على نسائكم فلا يُوطِئْن فرشكم مَن تكرهون

ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تحسنوا إليهنَّ في كسوتهنَّ وطعامهنَّ))

[135] رواه الترمذي (1163)

وابن ماجه (1851)

والنسائي في ((الكبرى)) (8/264)

. قال الترمذي: حسن صحيح.

وصحَّحه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/179)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7880).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رجل لرسول الله صلى - الله عليه وسلم

: ((كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا سمعت جيرانك يقولون: أن قد أحسنت فقد أحسنت. وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأت، فقد أسأت))

[136] رواه ابن ماجه (4223)

وأحمد (1/402) (3808)

وابن حبان (2/285) (526).

وجوَّد إسناده ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (2/112)

وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/274):

رجاله رجال الصَّحيح. وصحَّح إسناده أحمد شاكر

في ((تخريج المسند)) (5/309).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإحْسَان

*عبدالرحمن*
2020-07-27, 17:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد الإحْسَان

1- للإحْسَان ثمرة عظيمة

تتجلَّى في تماسك بنيان المجتمع

وحمايته مِن الخراب والتَّهلكة

ووقايته مِن الآفات الاجتماعيَّة.

2- المحسن يكون في معيَّة الله عزَّ وجلَّ

ومَن كان الله معه فإنَّه لا يخاف بأسًا ولا رهقًا.

3- المحسن يكتسب بإحسانه محبَّة الله عزَّ وجلَّ.

4- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة

حيث يكونون في مأمن مِن الخوف والحزن.

5- المحسن قريب مِن رحمة الله عزَّ وجلَّ.

6- الإحْسَان هو وسيلة المجتمع للرُّقي والتَّقدُّم

وإذا كان صنوه

أي: العدل وسيلة لحفظ النَّوع البَشَريِّ

فإنَّ الإحْسَان هو وسيلة تقدمه ورقيِّه

لأنَّه يؤدِّي إلى توثيق الرَّوابط وتوفير التَّعاون.

7- الإحْسَان وسيلة لإزالة ما في النُّفوس

مِن الكدر وسوء الفهم وسوء الظَّنِّ ونحو ذلك.

8- الإحْسَان في عبادة الخالق يمنع عن المعاصي.

قال ابن القيِّم:

(فإنَّ الإحْسَان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي

فإنَّ مَن عبد الله كأنَّه يراه

لم يكن كذلك إلَّا لاستيلاء ذكره ومحبَّته

وخوفه ورجائه على قلبه

بحيث يصير كأنَّه يشاهده

وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية

فضلًا عن مواقعتها

فإذا خرج مِن دائرة الإحْسَان

فاته صحبة رفقته الخاصَّة

وعيشهم الهنيء، ونعيمهم التَّام

فإن أراد الله به خيرًا أقرَّه في دائرة عموم المؤمنين)

[144] ((الجواب الكافي)) (55-56).

9- الإحْسَان إلى النَّاس سببٌ مِن أسباب انشراح الصَّدر:

الذي يحسن إلى النَّاس ينشرح صدره

ويشعر بالرَّاحة النَّفسيَّة

وقد ذكر ابن القيِّم في (زاد المعاد)

أن الإحْسَان مِن أسباب انشراح الصَّدر، فقال:

(... إنَّ الكريم المحسن أشرح النَّاس صدرًا

وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا

والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق النَّاس صدرًا

وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا)

[145] ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) (2/22).
.
10- الإحْسَان إلى النَّاس يطفئ نار الحاسد.

(إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحْسَان إليه

فكلَّما ازداد أذًى وشرًّا وبغيًا وحسدًا ازددت إليه إحسانًا

وله نصيحةً، وعليه شفقةً

وما أظنُّك تصدِّق بأنَّ هذا يكون

فضلًا عن أن تتعاطاه

فاسمع الآن قوله عزَّ وجلَّ:

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصِّلت: 34-36]

وقال: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [القصص: 54].

.. هذا مع أنَّه لا بدَّ له مع عدوِّه

وحاسده مِن إحدى حالتين

إمَّا أن يملكه بإحسانه فيستعبده وينقاد له ويذلُّ له

ويبقى مِن أحبِّ النَّاس إليه

وإمَّا أن يفتِّت كبده ويقطع دابره

إن أقام على إساءته إليه

فإنَّه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه

ومَن جرَّب هذا عرفه حقَّ المعرفة

والله هو الموفق المعين بيده الخير كلِّه لا إله غيره

وهو المسؤول أن يستعملنا

وإخواننا في ذلك بمنِّه وكرمه)

[146] ((بدائع الفوائد))

لابن القيِّم (2/243-244).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإحْسَان

زهرة المسيلة
2020-07-27, 18:50
بارك الله فيك على الموضوع القيم وجوزيت خيرا

*عبدالرحمن*
2020-07-28, 16:09
بارك الله فيك على الموضوع القيم وجوزيت خيرا

الحمد لله الذي بكرمة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
اسعدك الله بكل ما تحبي

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-07-28, 16:31
احوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الإحْسَان

الإحْسَان ينقسم إلى قسمين:

إحسان في عبادة الله.

وإحْسَان إلى عباد الله

وكل قسم منهما ينقسم إلى واجب ومستحب.

فأما الإحسان في عبادة الله

فيتضمن الإحْسَان في الإتيان بالواجبات الظَّاهرة والباطنة

وذلك بــــ(الإتيان بها على وجه كمال واجباتها

فهذا القَدْر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ

وأمَّا الإحْسَان فيها بإكمال مستحبَّاتها فليس بواجب.

والإحْسَان في ترك المحرَّمات: الانتهاء عنها

وترك ظاهرها وباطنها

كما قال تعالى: وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ [الأنعام:120

فهذا القدر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ.

وأمَّا الإحْسَان في الصَّبر على المقدورات

فأن يأتي بالصَّبر عليها على وجهه

مِن غير تسخُّط ولا جزع)

[147] ((جامع العلوم والحكم)

) لابن رجب (1/382).

وأما الإحسان إلى عباد الله فالواجب منه

(هو الإنصاف، والقيام بما يجب عليك للخلق

بحسب ما توجَّه عليك مِن الحقوق...

بأن تقوم بحقوقهم الواجبة

كالقيام ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام

والإنصاف في جميع المعاملات

بإعطاء جميع ما عليك مِن الحقوق

كما أنَّك تأخذ مالك وافيًا.

قال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النِّساء: 36]

فأمر بالإحْسَان إلى جميع هؤلاء)

[148] ((بهجة قلوب الأبرار)

) للسعدي (ص 204).

وقال ابن رجب:

(والإحْسَان الواجب في معاملة الخَلْق ومعاشرتهم:

القيام بما أوجب الله مِن حقوق ذلك كلِّه

والإحْسَان الواجب في ولاية الخَلْق وسياستهم

القيام بواجبات الولاية كلِّها)

[149] ((جامع العلوم والحكم)

) لابن رجب (1/382-383).

وأما المستحب منه فهو

(القَدْرُ الزَّائد على الواجب في ذلك كلِّه)

[150] ((جامع العلوم والحكم)

) لابن رجب (1/382-383).

ومثال ذلك (بذل نفع بدنيٍّ، أو ماليٍّ

أو علميٍّ، أو توجيه لخير دينيٍّ

أو مصلحة دنيويَّة

فكلُّ معروف صَدَقة

وكلُّ ما أدخل السُّرور على الخَلْق صَدَقة وإحسان

. وكلُّ ما أزال عنهم ما يكرهون

ودفع عنهم ما لا يرتضون مِن قليل أو كثير

فهو صَدَقة وإحسان)

[151] ((بهجة قلوب الأبرار)

) للسعدي (ص 205).

اخوة الاسلام

و لمن اراد الاطلاع علي المزيد

صور الإحْسَان (https://dorar.net/akhlaq/85/%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%86)

الأمثال في الإحْسَان (https://dorar.net/akhlaq/87/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%86)

الإحْسَان في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/89/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة لنشر خُلُقِ اخر

*عبدالرحمن*
2020-07-29, 17:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موعدنا اليوم مع خلق الأُلْفَة

معنى الأُلْفَة لغةً واصطلاحًا

معنى الأُلْفَة لغةً:

يقال: ألِفته إلفًا -من باب علم- وألفته أنِسْت به

ولزمته وأحببته

والاسم الأُلفة بالضمِّ

والأُلفة أيضًا اسم من الائتلاف

وهو الالتئام والاجتماع.

فهو مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ...

وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفًا إذا جَمَعْتَ بينَهم بعد تَفَرُّقٍ

[192] ((لسان العرب)

) لابن منظور (9/10)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/18).

معنى الأُلْفَة اصطلاحًا:

الأُلْفَة: اتِّفاق الآراء في المعاونة على تدبير المعاش

[193] ((التَّعريفات)) للجرجاني (ص 34).

قال الرَّاغب: (الإلْفُ: اجتماع مع التئام

يقال: أَلَّفْتُ بينهم، ومنه: الأُلْفَة)

[194] ((مفردات ألفاظ القرآن)) (ص 81).

التَّرغيب في الألفة في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران: 103].

قال الرَّاغب الأصفهاني:

(قوله: وَلاَ تَفَرَّقُواْ حث على الأُلْفَة والاجتماع

الذي هو نظام الإيمان واستقامة أمور العالم

وقد فضَّل المحبَّة والأُلْفَة على الإِنصاف والعدالة

لأنَّه يحُتاج إلى الإِنصاف حيث تفقد المحبَّة.

ولصدق محبَّة الأب للابن صار مؤتمنًا على ماله

والأُلْفَة أحد ما شرَّف الله به الشَّريعة سيَّما شريعة الإِسلام)

[195] ((تفسير الرَّاغب الأصفهاني)) (2/765).

- وقال تعالى: وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران: 103].

قال الزَّمخشريُّ:

(كانوا في الجاهليَّة بينهم الإحَن

والعداوات والحروب المتواصلة

فألَّف الله بين قلوبهم بالإسلام

وقذف فيها المحبَّة

فتحابوا وتوافقوا وصاروا إخوانًا

متراحمين متناصحين مجتمعين على أمرٍ واحد

قد نظم بينهم وأزال الاختلاف

وهو الأخوَّة في الله)

[196] ((الكشَّاف)) (1/395).

وقال السُّيوطي:

(إذ كنتم تذابحون فيها

يأكل شديدكم ضعيفكم

حتى جاء الله بالإسلام

فآخى به بينكم وألف به بينكم

أما والله الذي لا إله إلَّا هو إنَّ الأُلْفَة لرحمة

وإنَّ الفُرْقَة لعذاب)

[197] ((الدر المنثور)) (2/287).

- وقال سبحانه: وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال: 62-63].

قوله: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ (فاجتمعوا وائتلفوا

وازدادت قوَّتهم بسبب اجتماعهم

ولم يكن هذا بسعي أحد

ولا بقوَّة غير قوَّة الله

فلو أنفقت ما في الأرض جميعًا

مِن ذهب وفضَّة وغيرهما لتأليفهم

بعد تلك النُّفرة والفُرقة الشَّديدة

مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ

لأنَّه لا يقدر على تقليب القلوب إلَّا الله تعالى

وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

ومِن عزَّته أن ألَّف بين قلوبهم

وجمعها بعد الفرقة)

[198] ((تيسير الكريم الرَّحمن)

) للسعدي (1/325).

وقال القرطبي:

في قوله تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ.

(أي: جمع بين قلوب الأوس والخزرج.

وكان تألُّف القلوب مع العصبيَّة الشَّديدة

في العرب مِن آيات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعجزاته

لأنَّ أحدهم كان يُلْطَم اللَّطمة

فيقاتل عنها حتى يستقيدها.

وكانوا أشدَّ خَلْق الله حميَّة

فألَّف الله بالإيمان بينهم

حتى قاتل الرَّجل أباه وأخاه بسبب الدِّين.

وقيل: أراد التَّأليف بين المهاجرين والأنصار.

والمعنى متقارب)

[199] ((الجامع لأحكام القرآن)) (8/42).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الألفة

*عبدالرحمن*
2020-07-30, 16:17
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في الألفة في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال

: ((لـمَّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم

يوم حنين قسم في النَّاس في المؤلَّفة قلوبهم

ولم يعطِ الأنصار شيئًا

فكأنَّهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب النَّاس

فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار

ألم أجدكم ضُلَّالًّا فهداكم الله بي

وكنتم متفرِّقين فألَّفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟

كلَّما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ. قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قال: كلَّما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ. قال: لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب النَّاس بالشَّاة والبعير، وتذهبون بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟

لولا الهجرة لكنت امرءًا مِن الأنصار، ولو سلك النَّاس واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والنَّاس دثار، إنَّكم ستَلْقَون بعدي أَثَرَة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض))

[200] رواه البخاري (4330).

- وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف))

[202] رواه أحمد (2/400) (9187) بلفظ: ((المؤمن مؤلف))

والحاكم (1/73) واللفظ له

والبيهقي (10/236) (21627)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (3/69): منكر

وحسن إسناده الذهبي في ((المهذب)) (8/4255)

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/276):

رجال أحمد رجال الصحيح‏‏

وصحح إسناده الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4925).

- وعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: ((خيار أئمتكم: الذين تحبُّونهم ويحبُّونكم، ويصلُّون عليكم، وتصلُّون عليهم

وشرار أئمتكم: الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم))

[206] رواه مسلم (1855).

- وقال صلى الله عليه وسلم:

((النَّاس معادن كمعادن الفضَّة والذَّهب، خيارهم في الجاهليَّة خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودٌ مجنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))

[208] رواه مسلم (2638).


أقوال السَّلف والعلماء في الأُلْفَة

- عن مجاهد قال: رأى ابن عبَّاس رجلًا فقال: (إنَّ هذا ليحبُّني. قالوا: وما علمك؟

قال: إنِّي لأحبُّه، والأرواح جنودٌ مجنَّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)

[210] ((روضة العقلاء)

) لابن حبان البستي (ص 108).

- وعن الأوزاعيِّ قال: كتب إليَّ قتادة:

إن يكن الدَّهر فرَّق بيننا فإنَّ أُلْفَة الله الَّذي ألَّف بين المسلمين قريب

[211] ((الدر المنثور)

) للسيوطي (4/101).

- وقال يونس الصَّدفي:

(ما رأيت أعقل مِن الشَّافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثمَّ افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثمَّ قال: يا أبا موسى، ألَا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتَّفق في مسألة)

[212] ((سير أعلام النبلاء)

) للذهبي (10/16).

- وقال السُّلمي:

(وأصل التَّآلف هو بغض الدُّنْيا والإعراض عنها

فهي التي توقع المخالفة بين الإخوان)

[213] ((آداب الصحبة)) (ص 78).

- وقال الماورديُّ:

(الإنسان مقصود بالأذيَّة، محسود بالنِّعمة. فإذا لم يكن آلفًا مألوفًا تخطَّفته أيدي حاسديه

وتحكَّمت فيه أهواء أعاديه، فلم تسلم له نعمة، ولم تَصْفُ له مُدَّة. فإذا كان آلفًا مألوفًا انتصر بالأُلْفَة على أعاديه

وامتنع مِن حاسديه، فسَلِمت نعمته منهم، وصَفَت مُدَّتُه عنهم، وإن كان صفو الزَّمان عُسْرًا، وسِلمُه خَطَرًا)

[214] ((أدب الدنيا والدين)) (ص 146).

- وقال الْغَزالِي

(الأُلْفَة ثَمَرَة حُسْن الخُلُق، والتَّفرق ثَمَرَة سوء الخُلُق

فَحُسْن الخُلُق يُوجب التَّحبُّب والتَّآلف والتَّوافق

وسُوء الخُلُق يُثمر التَّباغض والتَّحاسد والتَّناكر)

[215] ((إحياء علوم الدين)) (2/157).

- وقال أبو حاتم:

(سبب ائتلاف النَّاس وافتراقهم بعد القضاء السَّابق هو: تعارف الرُّوحين وتناكر الرُّوحين

فإذا تعارف الرُّوحان وُجِدَت الأُلْفَة بين نفسيهما

وإذا تناكر الرُّوحان وُجِدَت الفُرْقَة بين جسميهما)

[216] ((روضة العقلاء)

) لابن حبان البستي (ص 146).

- وقال أيضًا:

(إنَّ مِن النَّاس مَن إذا رآه المرء يُعْجَب به، فإذا ازداد به علمًا ازداد به عجبًا، ومنهم مَن يبغضه حين يراه

ثمَّ لا يزداد به علمًا إلَّا ازداد له مقتًا، فاتِّفاقهما يكون باتِّفاق الرُّوحين قديمًا)

[217] ((روضة العقلاء)

) لابن حبان البستي (ص 110).

- وقال ابن تيمية:

(إنَّ السَّلف كانوا يختلفون في المسائل الفرعيَّة، مع بقاء الأُلْفَة والعصمة وصلاح ذات البين)

[218] ((الفتاوى الكبرى)

) لابن تيمية (6/92).

- وقال الأبشيهي:

(التَّآلف سبب القوَّة، والقوَّة سبب التَّقوى

والتَّقوى حصنٌ منيع وركن شديد

بها يُمْنَع الضَّيم، وتُنَال الرَّغائب، وتنجع المقاصد)

[219] ((المستطرف))

للأبشيهي (ص 130).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الألفة

الأيمان
2020-07-31, 21:46
سأعود للقراءة...

*عبدالرحمن*
2020-08-01, 17:52
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أسباب الأُلْفَة

هناك أسبابٌ كثيرةٌ تؤدِّي إلى الأُلْفَة والمحبَّة

وتقوي الروابط والعلاقات

بين أفراد المجتمع المسلم فمنها:

1-ومعاشرة النَّاس: التَّعارف

قال صلى الله عليه وسلم:

((الأرواح جنودٌ مجنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف))

[221] رواه البخاري (3336)

ومسلم (2638).

2- التَّواضع:

إنَّ (خفض الجنَاح ولين الكَلِمَة وتَرْك الإغلاظ

مِن أَسبَاب الأُلْفَة واجتماع الكَلِمَة وانتظام الأَمر

ولهذا قيل: مَن لانت كلمته وجبت محبَّته

وحَسُنَت أُحدُوثته

وظمئت الْقُلُوب إلى لقائه وتنافست في مودته)

[222] انظر: ((التيسير بشرح الجامع الصَّغير)

) للمناوي (1/434).

قال ابن عثيمين:

(وظيفة المسلم مع إخوانه

أن يكون هيِّنًا ليِّنًا بالقول وبالفعل

لأنَّ هذا ممَّا يوجب المودَّة والأُلْفَة بين النَّاس

وهذه الأُلْفَة والمودَّة أمرٌ مطلوبٌ للشَّرع

ولهذا نهى النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام

عن كلِّ ما يوجب العداوة والبغضاء)

[223] ((شرح رياض الصالحين)) (2/544).

3- القيام بحقوق المسلمين والالتزام بها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((حق المسلم على المسلم خمسٌ: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس))

[224] رواه البخاري (1240)

ومسلم (2612).

(فهذه الحقوق التي بيَّنها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

كلَّها إذا قام بها النَّاس بعضهم مع بعض

حَصل بذلك الأُلْفَة والمودَّة

وزال ما في القلوب والنُّفوس مِن الضَّغائن والأحقاد)

[225] ((شرح رياض الصالحين)

) لابن عثيمين (2/606).

ومن ذلك:

4- إفشاء السَّلام:

قال صلى الله عليه وسلم:

((يا أيُّها النَّاس أفشوا السَّلام، وأطعموا الطَّعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا باللَّيل والنَّاس نيام، تدخلوا الجنَّة بسلام))

[226] رواه الترمذي (2485)

وابن ماجه (1334)

مِن حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وصحَّحه الترمذي

وقال الحاكم (3/14):

صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي

وصحَّحه البغوي في ((شرح السنة)) (4/40).

(قال الإمام الرَّازي:

الحكمة في طلب السَّلام عند التَّلاقي

والمكاتبة دون غيرهما:

أنَّ تحيَّة السَّلام طُلِبت عند ما ذكر

لأنَّها أوَّل أسباب الأُلْفَة

والسَّلامة التي تضمنها السَّلام

هي أقصى الأماني فتنبسط النَّفس -

عند الاطِّلاع عليه- أيَّ بسطٍ

وتتفاءل به أحسن فأل)

[227] ((فيض القدير)

) للمناوي (1/437).

5- زيارة المسلم وعيادته إذا مرض:

فزيارة المسلم لأخيه المسلم

تبعث على الحبِّ والإخاء

ولا سيَّما عند المرض

مع ما أعده الله من الأجر والثواب له

قال صلى الله عليه وسلم:

((مَن عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوَّأت مِن الجنَّة منزلًا))

[228] رواه الترمذي (2008)

وابن ماجه (1443)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: غريب

وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/515)

: له شاهد بإسناد جيد

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6387).

6- الكلام اللَّين:

فالكلام اللَّين والطَّيب مِن الأسباب

التي تؤلِّف بين القلوب

قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا [الإسراء: 53].

7- التَّعفُّف عن سؤال النَّاس:

قال صلى الله عليه وسلم:

((وازهد فيما في أيدي النَّاس يحبَّك النَّاس))

[229] رواه ابن ماجه (4102)

والحاكم (4/348)

والطبراني في ((المعجم الكبير)) (6/193)

مِن حديث سهل بن سعد السَّاعدي رضي الله عنه.

وضعَّف إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (4/210)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (922).

8- السَّعي للإصلاح بين النَّاس:

قال تعالى: فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ [الأنفال: 1].

9- الاهتمام بأمور المسلمين والإحساس بقضاياهم:

قال صلى الله عليه وسلم:

((المؤمنون كرجل واحد، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسَّهر))

[230] رواه مسلم (2586).

10- التَّهادي:

لا شك أن تقديم الهديَّة يزيد مِن الأُلْفَة والمحبَّة

والتَّقارب بين المهدي والـمُهْدَى إليه

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

قال: ((تهادوا تحابُّوا))

[231] رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (594)

وأبو يعلى (11/9) (6148)

والبيهقي (6/169) (11726).

قال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/53):

إسناده جيد.

وحسَّن إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/1047)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)).

11 – حسن الخلق:

قال الغزالي:

(اعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق

والتفرق ثمرة سوء الخلق‏

فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف

والتوافق وسوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد

والتدابر ومهما كان المثمر محمودًا كانت الثمرة محمودة)

[232] ((إحياء علوم الدين)) (2/157).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الألفة

*عبدالرحمن*
2020-08-02, 16:50
سأعود للقراءة...

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

في انتظار مرورك دائما

*عبدالرحمن*
2020-08-02, 17:00
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال أسباب الأُلْفَة

قد أرجع الماورديُّ أسباب الأُلْفَة

إلى خمسة أسباب رئيسة:

وهي: الدِّين والنَّسب والمصاهرة والمودَّة والبرُّ

فقال:

1- (فأمَّا الدِّين: وهو الأوَّل مِن أسباب الأُلْفَة

فلأنَّه يبعث على التَّناصر

ويمنع مَن التَّقاطع والتَّدابر. وبمثل ذلك وصَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه

فروى سفيان عن الزُّهري عن أنس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث))

[233] رواه البخاري (2076)

ومسلم (2558) بلفظ آخر.

وهذا وإن كان اجتماعهم في الدِّين يقتضيه

فهو على وجه التَّحذير مِن تذكُّر تراث الجاهليَّة

وإحَن الضَّلالة. فقد بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم

والعرب أشدُّ تقاطعًا وتعاديًا

وأكثر اختلافًا وتماديًا

حتى إنَّ بني الأب الواحد يتفرَّقون أحزابًا

فتثير بينهم بالتَّحزب والافتراق أحقاد الأعداء

وإحَن البعداء...

2- وأما النَّسب: وهو الثَّاني مِن أسباب الأُلْفَة

فلأن تعاطف الأرحام حميَّة القرابة

يبعثان على التَّناصر والأُلْفَة

ويمنعان مِن التَّخاذل والفرقة

أنفة مِن استعلاء الأباعد على الأقارب

وتوقيًا مِن تسلُّط الغرباء الأجانب.

وقد رُوِي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

أنَّه قال: ((إنَّ الرَّحم إذا تماسَّت تعاطفت))

[234] ((أدب الدنيا والدين)

) للماوردي (ص 149).

3- وأمَّا المصاهرة:

وهي الثَّالث مِن أسباب الأُلْفَة

فلأنَّها استحداث مواصلة

وتمازج مناسبة

صدرا عن رغبةٍ واختيار

وانعقدا على خيرٍ وإيثار

فاجتمع فيها أسباب الأُلْفَة ومواد المظاهرة.

قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً [الرُّوم: 21]

يعني بالمودَّة المحبَّة

وبالرَّحمة الحنو والشَّفقة

وهما مِن أوكد أسباب الأُلْفَة...

4- وأمَّا المؤاخاة بالمودَّة

وهي الرَّابع مِن أسباب الأُلْفَة

لأنَّها تكسب بصادق الميل إخلاصًا ومصافاة

ويحدث بخلوص المصافاة وفاءً ومحاماةً.

وهذا أعلى مراتب الأُلْفَة

ولذلك آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه

لتزيد ألفتهم، ويقوي تضافرهم وتناصرهم ...

5- وأمَّا البرُّ

وهو الخامس مِن أسباب الأُلْفَة

فلأنَّه يوصِّل إلى القلوب ألطافًا

ويثنيها محبَّة وانعطافًا.

ولذلك ندب الله تعالى إلى التَّعاون به

وقرنه بالتَّقوى له

فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2].

لأنَّ في التَّقوى رضى الله تعالى

وفي البرِّ رضى النَّاس.

ومَن جَمَع بين رضى الله تعالى ورضى النَّاس

فقد تمَّت سعادته، وعمَّت نعمته)

[235] ((أدب الدنيا والدين)

) للماوردي (147-161).

اخوة الاسلام

و لنا عودة لنشر خُلُقِ اخر

*عبدالرحمن*
2020-08-06, 05:13
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الأمَانَة

معنى الأمَانَة لغةً:

الأمانة ضد الخيانة

وأصل الأَمْن:

طمأنينة النفس وزوال الخوف

والأمانة مصدر أمن بالكسر أمانة فهو أمين

ثم استعمل المصدر في الأعيان مجازًا

فقيل الوديعة أمانة ونحوه، والجمع أمانات

فالأمانة اسم لما يُؤمَّن عليه الإنسان

نحو قوله تعالى: وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ [الأنفال: 27]

أي: ما ائتمنتم عليه

وقوله: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [الأحزاب: 72 ]

[242] انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/21)

((مفردات ألفاظ القرآن)) للرَّاغب الأصفهاني (1/90)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/24).

معنى الأمَانَة اصطلاحًا:

الأمانة: هي كلُّ حقٍّ لزمك أداؤه وحفظه

[243] ((فيض القدير)) للمناوي (1/288)

وقيل هي:

(التَّعفُّف عمَّا يتصرَّف الإنسان فيه مِن مال وغيره

وما يوثق به عليه مِن الأعراض والحرم مع القدرة عليه

وردُّ ما يستودع إلى مودعه)

[244] ((تهذيب الأخلاق))

المنسوب للجاحظ (ص 24).

وقال الكفوي:

(كلُّ ما افترض على العباد فهو أمانة

كصلاة وزكاة وصيام وأداء دين

وأوكدها الودائع

وأوكد الودائع كتم الأسرار)

[245] ((الكليات)) (ص 269).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

غصن البآن
2020-08-06, 08:01
السلام عليكم ورحمة الله
دروس وشروحات قيمة .. بارك الله فيك .
اللهم اجعلنا من المحسنين
متابعة

*عبدالرحمن*
2020-08-06, 16:05
السلام عليكم ورحمة الله
دروس وشروحات قيمة .. بارك الله فيك .
اللهم اجعلنا من المحسنين
متابعة

عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

اللهم امين ...

يشرفني مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ

بسمة ღ
2020-08-06, 16:07
السلام عليكم و رحمة الله

ما شاء الله أخي عبد الرحمن

زادكم الله علمًا و نفعًا و فضلاً

متابعة للموضوع القيّم

*عبدالرحمن*
2020-08-06, 16:24
السلام عليكم و رحمة الله

ما شاء الله أخي عبد الرحمن

زادكم الله علمًا و نفعًا و فضلاً

متابعة للموضوع القيّم



عليكم السلام ورحمة الله و بركاته

اللهم امين ....

دائما يشرفني مرورك العطر

جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-08-07, 16:25
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في الأمَانَة في القرآن الكريم

- قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النِّساء: 58].

قال ابن تيمية:

(قال العلماء: نزلت... في ولاة الأمور:

عليهم أن يؤدُّوا الأمانات إلى أهلها

وإذا حكموا بين النَّاس أن يحكموا بالعدل...

وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات

إلى أهلها والحكم بالعدل

فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة)

[246] ((السياسة الشرعية)) (ص 12).

- وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا

وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ

وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب: 72-73].

ففي هذه الآية: (عظَّم تعالى شأن الأمَانَة

التي ائتمن الله عليها المكلَّفين

التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم

في حال السِّرِّ والخفية، كحال العلانية

وأنَّه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة

السَّماوات والأرض والجبال، عَرْض تخيير لا تحتيم

وأنَّكِ إن قمتِ بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلكِ الثَّواب

وإن لم تقومي بها، ولم تؤدِّيها فعليك العقاب.

فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا أي:

خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ

لا عصيانًا لربِّهن، ولا زهدًا في ثوابه

وعَرَضَها الله على الإنسان

على ذلك الشَّرط المذكور، فقَبِلها

وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل)

[248] ((تيسير الكريم الرَّحمن)

) للسعدي (ص 673).

- وقال تعالى في ذكر صفات المفلحين:

وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون: 8]

(أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها

وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربِّه

كالتَّكاليف السِّرِّيَّة

التي لا يطَّلع عليها إلَّا الله

والأمانات التي بين العبد وبين الخلق

في الأموال والأسرار)

[249] ((تيسير الكريم الرَّحمن)

) للسعدي (ص 887).

- والقرآن حكى لنا قصَّة موسى حين سقى لابنتي الرَّجل الصَّالح

ورفق بهما، وكان معهما عفيفًا أمينًا:

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا

قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ

فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء

قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص: 23-26].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

*عبدالرحمن*
2020-08-09, 15:39
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في الأمَانَة في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال:

(أخبرني أبو سفيان أنَّ هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟

فزعمت أنَّه يأمر بالصَّلاة والصِّدق والعفاف والوفاء بالعهد

وأداء الأمَانَة. قال: وهذه صفة نبي)

[250] رواه البخاري (7).

- وعنه أيضًا رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب

وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))

[251] رواه البخاري (33)، ومسلم (59)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(يعني إذا ائتمنه النَّاس على أموالهم أو على أسرارهم

أو على أولادهم أو على أي شيء مِن هذه الأشياء

فإنَّه يخون -والعياذ بالله-، فهذه مِن علامات النِّفاق)

[252] ((شرح رياض الصالحين)

) لابن عثيمين (4/48).

- وعن ابن عباس أيضًا قال

: ((بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدِّث القوم

جاء أعرابيٌّ فقال: متى السَّاعة؟

فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث.

فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال

وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه

قال: أين أُراه السَّائل عن السَّاعة؟

قال: ها أنا يا رسول الله.

قال: فإذا ضُيِّعت الأمَانَة فانتظر السَّاعة

. قال: كيف إضاعتها؟

قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السَّاعة))

[253] رواه البخاري (59)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال:

((حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين

رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدَّثنا أنَّ الأمَانَة

نزلت في جذر قلوب الرِّجال

ثمَّ علموا مِن القرآن ثمَّ علموا مِن السُّنَّة. وحدَّثنا عن رفعها.

قال: ينام الرَّجل النَّومة فتقبض الأمَانَة مِن قلبه فيظلُّ

أثرها مثل أثر الوَكْت. ثمَّ ينام النَّومة فتُقْبض فيبقى فيها

أثرها مثل أثر المجْل

[254] المجل: هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس

أو نحوها ويصير كالقبة فيه ماء قليل

. ((شرح النووي على مسلم)) (2/169).

كجمر دحرجته على رجلك فنَفِط

[255] نفط: أي صار منتفطًا...

يقال انتفط الجرح: إذا ورم وامتلأ ماءً.

((فتح الباري)) لابن حجر (13/39).

فتراه منتبرًا

[256] منتبرًا: مرتفعًا.

(شرح النووي على مسلم)) (2/169).

و ليس فيه شيء، ويصبح النَّاس يتبايعون

فلا يكاد أحد يؤدِّي الأمَانَة

فيقال: إنَّ في بني فلان رجلًا أمينًا. ويقال للرَّجل: ما أعقله

وما أظرفه! وما أجلده!

وما في قلبه مثقال حبَّة خردل مِن إيمان))

[257] رواه البخاري (6497) ومسلم (143).

(الحديث يصوِّر انتزاع الأمَانَة مِن القلوب الخائنة تصويرًا محرجًا

فهي كذكريات الخير في النُّفوس الشِّرِّيرة، تمرُّ بها وليست منها

وقد تترك مِن مرِّها أثرًا لاذعًا. بيد أنَّها لا تحيي ضميرًا مات

وأصبح صاحبه يزن النَّاس على أساس أثرته وشهوته

غير مكترث بكفر أو إيمان!! إنَّ الأمَانَة فضيلة ضخمة

لا يستطيع حملها الرَّجال المهازيل،

وقد ضرب الله المثل لضخامتها

فأبان أنَّها تثقل كاهل الوجود

فلا ينبغي للإنسان أن يستهين بها أو يفرِّط في حقِّها.

قال الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً [الأحزاب: 72]

والظُّلم والجهل آفتان عرضتا للفطرة الأولى

وعُني الإنسان بجهادهما فلن يخلص له إيمان

إلَّا إذا أنقاه مِن الظُّلم:

الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ... [الأنعام: 82]

ولن تخلص له تقوى إلَّا إذا نَقَّاها مِن الجهالة:

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر:28]

ولذلك بعد أن تقرأ الآية التي حملت الإنسان الأمَانَة

تجد أنَّ الذين غلبهم الظُّلم والجهل خانوا ونافقوا وأشركوا

فحقَّ عليهم العقاب

ولم تـكـتب السَّــــلامة إلَّا لأهـــــل الإيمــــــان والأمَــــانَة:

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب: 73])

[258] ((خلق المسلم)) للغزالي (ص 47).

- وعن عبد الله بن عمرو

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

قال: ((أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا يضرَّنَّك

ما فاتك مِن الدُّنْيا: صِدْق حديث

وحِفْظ أمانة، وحُسْن خليقة، وعفَّة طُعْمة))

[259] رواه أحمد (2/177) (6652)

والبيهقي في ((الشُّعب)) (7/202)

مِن حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.

قال المنذري في ((التَّرغيب والتَّرهيب)) (4/50)

: أسانيده حسنة.

وحسَّن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/298)

وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (10/138).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

Ali Harmal
2020-08-09, 20:23
بارك الله فيك يا دكتور عبد الرحمن وجعلة في ميزان حسناتك
جزاك الله خيرا .

موتي ولا دمعة أمي
2020-08-10, 09:50
شروحات رائعة بارك الله فيك
جعلها الله في ميزان حسناتك

*عبدالرحمن*
2020-08-11, 04:00
بارك الله فيك يا دكتور عبد الرحمن وجعلة في ميزان حسناتك
جزاك الله خيرا .

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

شرفني حضورك المميز مثلك

صديقي الغالي

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2020-08-11, 04:02
شروحات رائعة بارك الله فيك
جعلها الله في ميزان حسناتك

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

شرفني حضورك الطيب مثلك

اختي الفاضلة

جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-08-11, 16:04
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في الأمَانَة

- قال أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه:

(أصدق الصِّدق الأمَانَة وأكذب الكذب الخيانة)

[260] روى نحوه البيهقي في

((السنن الكبرى)) (13009).

- وعن ابن أبي نجيح قال:

(لما أُتِي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يقلبه بعود في يده ويقول: والله إنَّ الذي أدَّى إلينا هذا لأمين.

فقال رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدُّون إليك ما أدَّيت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت)

[261] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/115).

- وعن هشام أنَّ عمر قال:

(لا تغرُّني صلاة امرئ ولا صومه

مَن شاء صام، ومَن شاء صلى

لا دين لمن لا أمانة له)

[262] رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (162).

- وقال عبد الله بن مسعود:

(القتل في سبيل الله كفَّارة كلِّ ذنب إلَّا الأمَانَة

وإنَّ الأمَانَة الصَّلاة والزَّكاة والغسل مِن الجنابة

والكيل والميزان والحديث

وأعظم مِن ذلك الودائع)

[263] رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (159).

- وعن أبي هريرة قال:

(أوَّل ما يرفع مِن هذه الأمَّة الحياء والأمَانَة

فسلوها الله)

[264] رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (178).

- وقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما

: (لم يرخِّص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمَانَة)

[265] ذكره ابن عطية في ((تفسيره)) (2/70)

والقرطبي (5/256)

وأبو حيان في ((البحر المحيط)) (3/684).

- وقال نافع مولى ابن عمر:

(طاف ابن عمر سبعًا وصلَّى ركعتين

فقال له رجل مِن قريش: ما أسرع ما طفت وصلَّيت

يا أبا عبد الرَّحمن. فقال ابن عمر:

أنتم أكثر منَّا طوافًا وصيامًا

ونحن خير منكم بصدق الحديث

وأداء الأمَانَة وإنجاز الوعد)

[266] رواه الفاكهي في ((أخبار مكة)) (1/211)

وذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (4/500).

- وعن سفيان بن عيينة قال

: (مَن لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمَانَة رأس ماله)

[267] ((الدر المنثور)) للسيوطي (4/500).

- وقال ميمون بن مهران:

(ثلاثة يؤدَّين إلى البرِّ والفاجر: الأمَانَة

والعهد، وصلة الرَّحم)

[268] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/219).

- وقال الشَّافعي:

(آلات الرِّياسة خمس: صِدق اللَّهجة

وكتمان السِّرِّ، والوفاء بالعهد

وابتداء النَّصيحة، وأداء الأمَانَة)

[269] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (19/30).

- وقال ابن أبي الدُّنْيا:

(الدَّاعي إلى الخيانة شيئان:

المهانة وقلَّة الأمَانَة

فإذا حسمهما عن نفسه

بما وصفت ظهرت مروءته)

[270] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 333).

- وعن خالد الربعي قال كان يقال

: (إنَّ مِن أجدر الأعمال أن لا تُؤخَّر عقوبته

أو يُعجَّل عقوبته: الأمَانَة تُخَان

والرَّحم تُقْطَع، والإحْسَان يُكْفَر)

[271] ((مكارم الأخلاق)) للخرائطي (1/172).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

Ali Harmal
2020-08-11, 19:00
جزاك الله خيرا يا دكتور ورضي عنك ....على المواصلة للموضوع التربوي الأجتماعي .
حفظك الرحمن .

*عبدالرحمن*
2020-08-12, 15:58
جزاك الله خيرا يا دكتور ورضي عنك ....على المواصلة للموضوع التربوي الأجتماعي .
حفظك الرحمن .


و جزاك الله عني كل خير

اخي و صديقي الغالي

و في انتظار مرورك العطر دائما

*عبدالرحمن*
2020-08-12, 16:00
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الأمَانَة

هناك مجالات وصور تدخل فيها الأمَانَة وهي كثيرة

فـ(الأمانة باب واسعٌ جدًّا، وأصلها أمران:

أمانة في حقوق الله:

وهى أمانة العبد في عبادات الله عزَّ وجلَّ.

وأمانة في حقوق البشر)

[273] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/463).

وفيما يلي تفصيل ما يدخل تحتهما من صور:

1- الأمَانَة فيما افترضه الله على عباده:

فمِن الأمَانَة: (ما ائتمنه الله على عباده مِن العبادات

التي كلَّفهم بها

فإنَّها أمانة ائتمن الله عليها العباد)

[274] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/462).

2- الأمَانَة في الأموال:

(ومِن الأمَانَة: العفَّة عمَّا ليس للإنسان به حقٌّ مِن المال

وتأدية ما عليه مِن حقٍّ لذويه

وتأدية ما تحت يده منه لأصحاب الحقِّ فيه

وتدخل في البيوع والديون والمواريث والودائع

والرهون والعواري والوصايا

وأنواع الولايات الكبرى والصُّغرى وغير ذلك)

[275] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرَّحمن الميداني (1/595).

(ومنها الأمَانَة المالية وهي: الودائع

التي تُعْطَى للإنسان ليحفظها لأهلها.

وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان لمصلحته

أو مصلحته ومصلحة مالكها؛

وذلك أنَّ الأمَانَة التي بيد الإنسان

إمَّا أن تكون لمصلحة مالكها أو لمصلحة

مَن هي بيده أو لمصلحتهما جميعًا

فأمَّا الأوَّل فالوديعة تجعلها عند شخص

تقول -مثلًا-: هذه ساعتي عندك

احفظها لي. أو: هذه دراهم

احفظها لي. وما أشبه ذلك

فهذه وديعة المودع فيها بقيت عنده لمصلحة مالكها

وأمَّا التي لمصلحة مَن هي بيده فالعارية:

يعطيك شخصٌ شيئًا يعيرك إيَّاه مِن إناء

أو فراش أو ساعة أو سيَّارة

فهذه بقيت في يدك لمصلحتك

وأمَّا التي لمصلحة مالكها

ومَن هي بيده: فالعين المستأجرة

فهذه مصلحتها للجميع؛ استأجرت منِّي سيَّارة وأخذتها

فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك

وأنا أنتفع بالأجرة

وكذلك البيت والدُّكَّان وما أشبه ذلك

كلُّ هذه مِن الأمانات)

[276] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/462).

3– الأمَانَة في الأعراض:

فمِن الأمَانَة في الأعراض: العفَّة

عمَّا ليس للإنسان فيه حقٌّ منها

وكفُّ النَّفس واللِّسان عن نيل شيء منها بسوء

كالقذف والغيبة.

4- الأمَانَة في الأجسام والأرواح:

فمِن الأمَانَة في الأجسام والأرواح:

كفُّ النَّفس واليد عن التَّعرُّض لها بسوء

من قتل أو جرح أو ضرٍّ أو أذى.

5– الأمَانَة في المعارف والعلوم:

فمِن الأمَانَة في المعارف والعلوم تأديتها

دون تحريف أو تغيير

ونسبة الأقوال إلى أصحابها

وعدم انتحال الإنسان ما لغيره منها.

6- الأمَانَة في الولاية:

فمِن الأمَانَة في الولاية: تأدية الحقوق إلى أهلها

وإسناد الأعمال إلى مستحقِّيها الأكفياء لها

وحفظ أموال النَّاس وأجسامهم وأرواحهم وعقولهم

وصيانتها ممَّا يؤذيها أو يضرُّ بها

وحفظ الدِّين الذي ارتضاه الله لعباده

مِن أن يناله أحدٌ بسوء،

وحفظ أسرار الدَّولة وكلِّ ما ينبغي كتمانه

مِن أن يسرَّب إلى الأعداء

إلى غير ذلك مِن أمور

[277] من رقم 3 إلى 6، منقول من كتاب

الأخلاق الإسلاميَّة)) لعبد الرَّحمن الميداني (1/595).

قال ابن عثيمين:

(ومِن الأمَانَة -أيضًا- أمانة الولاية

وهي أعظمها مسؤوليَّة

الولاية العامَّة والولايات الخاصَّة، فالسُّلطان –مثلًا

الرَّئيس الأعلى في الدَّولة-

أمينٌ على الأمَّة كلِّها، على مصالحها الدِّينية

ومصالحها الدُّنيويَّة

على أموالها التي تكون في بيت المال

لا يبذِّرها ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك

. وهناك أمانات أخرى دونها

كأمانة الوزير -مثلًا- في وزارته

وأمانة الأمير في منطقته

وأمانة القاضي في عمله

وأمانة الإنسان في أهله)

[278] ((شرح رياض الصالحين)) (2/463).

أمَّا إذا تعيَّن رجلان، أحدهما أعظم أمانة

والآخر أعظم قوَّة، قُدِّم أنفعهما لتلك الولاية.

قال ابن تيمية

: (واجتماع القوَّة والأمَانَة في النَّاس قليل

ولهذا كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يقول: اللَّهمَّ أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثِّقة

فالواجب في كلِّ ولاية الأصلح بحسبها

فإذا تعيَّن رجلان أحدهما أعظم أمانة

والآخر أعظم قوَّة، قُدِّم أنفعهما

لتلك الولاية وأقلهما ضررًا فيها

فيُقَدَّم في إمارة الحروب الرَّجل القوي الشُّجاع

-وان كان فيه فجور- على الرَّجل الضَّعيف العاجز

وإن كان أمينًا

كما سُئل الإمام أحمد عن الرَّجلين يكونان أميرين في الغزو

وأحدهما قويٌّ فاجر

والآخر صالح ضعيف، مع أيِّهما يُغْزى؟

فقال: أمَّا الفاجر القويُّ فقوَّته للمسلمين

وفجوره على نفسه

وأمَّا الصَّالح الضَّعيف فصلاحه لنفسه

وضعفه على المسلمين

فيُغْزَى مع القويِّ الفاجر

وقد قال النَّبيُّ: ((إنَّ الله يؤيِّد هذا الدِّين بالرَّجل الفاجر))

[279] رواه البخاري (3062)، ومسلم (111)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ورُوِي: ((بأقوام لا خلاق لهم))

[280] رواه النسائي في ((الكبرى)) (8/147)

والبزار (13/189)

والطبراني في ((الأوسط)) (2/268)

مِن حديث أنس رضي الله عنه.

وصحَّح إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (1/73)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1866).

وإن لم يكن فاجرًا كان أولى بإمارة الحرب

ممَّن هو أصلح منه في الدِّين

إذا لم يسدَّ مسدَّه)

[281] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/254).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

*عبدالرحمن*
2020-08-13, 17:05
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الأمَانَة

7– الأمَانَة في الشَّهادة:

وتكون الأمَانَة في الشَّهادة بتحمُّلها بحسب

ما هي عليه في الواقع

وبأدائها دون تحريف أو تغيير أو زيادة أو نقصان.

8 – الأمَانَة في القضاء:

وتكون الأمَانَة في القضاء بإصدار الأحكام

وفْقَ أحكام العدل التي استُؤْمِن القاضي عليها

وفُوِّض الأمر فيها إليه.

9– الأمَانَة في الكتابة:

وتكون الأمَانَة في الكتابة

بأن تكون على وفْقِ ما يمليه ممليها

وعلى وفْقِ الأصل الذي تُنْسَخ عنه

فلا يكون فيها تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص

وإذا كانت مِن إنشاء كاتبها فالأمَانَة فيها

أن تكون مضامينها خالية مِن الكذب

والتَّلاعب بالحقائق، إلى غير ذلك.

[282] من رقم 7 إلى 10، منقول من كتاب

((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرَّحمن الميداني (1/595).

(ومِن الأمانات ما يكون بين الرَّجل وصاحبه مِن الأمور الخاصَّة

التي لا يجب أن يطَّلع عليها أحدٌ

فإنَّه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها

فلو استأمنك على حديث حدَّثك به

وقال لك: هذا أمانة، فإنَّه لا يحلُّ لك

أن تخبر به أحدًا مِن النَّاس

ولو كان أقرب النَّاس إليك

سواءً أوصاك بأن لا تخبر به أحدًا

أو عُلِم مِن قرائن الأحوال

أنَّه لا يحب أن يطلع عليه أحدٌ

ولهذا قال العلماء:

إذا حدَّثك الرَّجل بحديث والتفت فهذه أمانة. لماذا؟

لأنَّ كونه يلتفت فإنَّه يخشى بذلك أن يسمع أحدٌ

إذًا فهو لا يحبُّ أن يطَّلع عليه أحدٌ

فإذا ائتمنك الإنسان على حديث

فإنَّه لا يجوز لك أن تفشيه.

ومِن ذلك أيضًا ما يكون

بين الرَّجل وبين زوجته مِن الأشياء الخاصَّة

فإنَّ شرَّ النَّاس منزلةً عند الله تعالى يوم القيامة الرَّجل

يفضي إلى امرأته وتفضي إليه

ثمَّ يروح ينشر سرَّها

ويتحدَّث بما جرى بينهما)

11– الأمَانَة في الرِّسالات:

وتكون الأمَانَة فيها بتبليغها إلى أهلها تامَّة

غير منقوصة ولا مزاد عليها

وعلى وفْقِ رغبة محمِّلها

سواء أكانت رسالة لفظيَّة أو كتابيَّة أو عمليَّة

10– الأمَانَة في الأسرار التي يُستأمن الإنسان

على حفظها وعدم إفشائها:

وتكون الأمَانَة فيها بكتمانها

[284] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرَّحمن الميداني (1/595).

12– الأمَانَة في السَّمع والبصر وسائر الحواس:

وتكون الأمَانَة فيها بكفِّها عن العدوان

على أصحاب الحقوق

وبحفظها عن معصية الله فيها

وبتوجيهها للقيام بما يجب فيها مِن أعمال

فاستراق السَّمع خيانة، واستراق النَّظر

إلى ما لا يحلُّ النَّظر إليه خيانة

واستراق اللَّمس المحرَّم خيانة

[285] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرَّحمن الميداني (1/595).

(ومِن معاني الأمَانَة أن تنظر إلى حواسك

التي أنعم الله بها عليك

وإلى المواهب التي خصَّك بها

وإلى ما حُبيت مِن أموالٍ وأولادٍ

فتدرك أنَّها ودائع الله الغالية عندك

فيجب أن تسخرها في قرباته

وأن تستخدمها في مرضاته.

فإن امتُحِنتَ بنقص شيء منها

فلا يستخفَّنَّك الجزع متوهمًا

أنَّ ملكك المحض قد سُلب منك

فالله أولى بك منك. وأولى بما أفاء عليك

وله ما أخذ وله ما أعطى. وإن امتُحِنتَ ببقائها

فما ينبغي أن تجبن بها عن جهاد

أو تفتتن بها عن طاعة

أو تستقوي بها على معصية.

قال الله عزَّ وجلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال: 27-28])

[286] ((خلق المسلم)) للغَزَالي (ص 44).

13- الأمَانَة في النُّصح والمشورة:

ومِن صور الأمَانَة أن تنصح مَن استشارك

وأن تَصْدُق مَن وَثَقَ برأيك

فإذا عرض عليك أحدٌ مِن النَّاس موضوعًا معيَّنًا

وطلب منك الرَّأي والمشورة والنَّصيحة

فاعلم أنَّ إبداء رأيك له أمانة

فإذا أشرت عليه بغير الرَّأي الصَّحيح، فذلك خيانة

[287] ((الأخلاق الإسلاميَّة))

لحسن المرسي (ص 181).

وقد قال الرَّسول صلى الله عليه وسلم

: ((المستشار مؤتمن))

[288] رواه أبو داود (5128)، والترمذي (2822)

وابن ماجه (3745)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه الترمذي

وقال ابن عدي في ((الكامل)) (6/84):

لا بأس به. وصحَّحه ابن مفلح

في ((الآداب الشَّرعية)) (1/308).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الأمَانَة

*عبدالرحمن*
2020-08-15, 16:25
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

المعاني التي ترمز إليها الأمانة

الأمَانَة في نظر الشَّارع واسعة الدِّلالة

وهي ترمز إلى معان شتَّى

مناطها جميعًا شعور المرء بتبعته في كلِّ أمر يُوكل إليه

وإدراكه الجازم بأنَّه مسؤول عنه أمام ربِّه...

والعوام يقصرون الأمَانَة في أضيق معانيها وآخرها ترتيبًا

وهو حفظ الودائع

مع أنَّ حقيقتها في دين الله أضخم وأثقل.

وإنَّها الفريضة التي يتواصى المسلمون برعايتها

ويستعينون بالله على حفظها

حتى إنَّه عندما يكون أحدهم على أُهْبة السَّفر

يقول له أخوه:

((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك))

[299] رواه أبو داود (2600)، والترمذي (3443)

وابن ماجه (2726) مِن حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

قال الترمذي: حسن صحيح غريب مِن هذا الوجه.

وحسَّنه ابن حجر في ((الفتوحات الرباَّنيَّة)) (5/116)

وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (9/70).

وعن أنس قال: ((قلَّما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

إلَّا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))

[300] رواه أحمد (3/154) (12589)

وابن حبان (1/422) (194)، والطبراني في ((الأوسط)) (3/98).

وحسَّنه البغوي في ((شرح السنة)) (1/100)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7179).

ولـمَّا كانت السَّعادة القصوى

أن يُوقَى الإنسان شقاء العيش في الدُّنْيا

وسوء المنقلب في الأخرى

فإنَّ رسول الله جمع في استعاذته بين الحالين معًا

إذ قال: ((اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك مِن الجوع فإنَّه بئس الضَّجيع

وأعوذ بك مِن الخيانة فإنَّها بئس البطانة))

[301] رواه أبو داود (1547)، والنسائي (5468)

وابن ماجه (3354) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه

. وصحَّح إسناده النَّووي في ((الأذكار)) (484)

وحسَّنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (3/169)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1283).

فالجوع ضياع الدُّنْيا والخيانة ضياع الدِّين

[302] ((خلق المسلم)) لمحمد الغَزَالي (40-41).

العمل بالحيل يفتح باب الخيانة:

قال ابن تيمية:

(أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

((أنَّ أوَّل ما يُفْقَد مِن الدِّين الأمَانَة

وآخر ما يُفْقد منه الصَّلاة))

[303] رواه الطبراني في ((المعجم الصَّغير)) (1/238)

وأبو نعيم في ((الحلية)) (4/174)

والبيهقي في ((الشُّعب)) (7/215)

مِن حديث عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.

قال البيهقي في ((شعب الإيمان)) (4/1858):

تفرَّد به حكيم بن نافع، ورُوِي من وجه آخر.

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/324):

فيه حكيم بن نافع، وثَّقه ابن معين وضعَّفَه أبو زرعة

وبقيَّة رجاله ثقات.

وحسنه لألباني في ((صحيح الجامع)) (2575)

مِن حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

وحدَّث عن رفع الأمَانَة مِن القلوب، الحديث المشهور

وقال: ((خير القرون القرن الذي بعثت فيهم

ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم))

فذكر بعد قرنه قرنين

أو ثلاثة، ثمَّ ذكر أنَّ بعدهم قومًا

((يشهدون ولا يستشهدون

ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون

ويظهر فيهم السِّمن))

[304] رواه الترمذي (2222)، وأحمد (4/426) (19836)

واللَّفظ له، وابن حبان (15/123)

مِن حديث عمران بن حصين رضي الله عنه

. قال الترمذي: حسن صحيح.

وصحَّحه أبو نعيم في ((الحلية)) (2/294)

والألباني في ((صحيح الترمذي)) (2222).

وهذه أحاديث صحيحة مشهورة.

ومعلوم أنَّ العمل بالحيل يفتح باب الخيانة والكذب

فإنَّ كثيرًا مِن الحيل لا يتم إلَّا أن يتفق الرَّجلان

على عقد يظهرانه ومقصودهما أمر آخر

كما ذكرنا في التَّمليك للوقف

وكما في الحيل الرِّبويَّة، وحيل المناكح

وذلك الذي اتفقا عليه إن لزم الوفاء به كان العقد فاسدًا.

وإن لم يلزم فقد جُوِّزت الخيانة والكذب في المعاملات

ولهذا لا يطمئن القلب إلى مَن يستحل الحيل خوفًا مِن مكره

وإظهاره ما يبطن خلافه

وفي الصحيحين عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال

: ((المؤمن مَن أَمِنَه النَّاس على دمائهم وأموالهم))

[305] رواه الترمذي (2627)، والنسائي (4995)

وأحمد (2/379) (8918)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الترمذي: حسن صحيح.

وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) 6710). (

و المحتال غير مأمون

وفي حديث ابن عمر أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال

لعبد الله بن عمر:

((كيف بك يا عبد الله إذا بقيت في حثالة مِن النَّاس

قد مَرَجَت عهودهم وأمانتهم

واختلفوا فصاروا هكذا. وشبَّك بين أصابعه

قال: فكيف أفعل يا رسول الله؟

قال: تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر

وتقبل على خاصَّتك، وتدعهم وعوامهم))

[306] رواه أبو يعلى (9/442) (5593)

مِن حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (8/57):

[فيه] سفيان بن وكيع وهو ضعيف.

وروى البخاري = = شطره الأوَّل (480)

ورواه بتمامه: أبو داود (4342)، وأحمد (2/162) (6508)

مِن حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

وحسَّن إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/291)

وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (10/10).

وهو حديث صحيح، وهو في بعض نسخ البخاري

والحيل توجب مرج العهود والأمانات وهو قلقها واضطرابها

فإنَّ الرَّجل إذا سوغ له مَن يعاهد عهدًا

ثمَّ لا يفي به

أو أن يُؤْمَن على شيء

فيأخذ بعضه بنوع تأويل

ارتفعت الثِّقة به وأمثاله

ولم يُؤْمَن في كثير مِن الأشياء أن يكون كذلك

ومَن تأمَّل حيل أهل الدِّيوان وولاة الأمور

التي استحلُّوا بها المحارم

ودخلوا بها في الغلول والخيانة

ولم يبق لهم معها عهدٌ ولا أمانة

عَلِم يقينًا أنَّ الاحتيال والتَّأويلات أوجب عِظَم ذلك

وعَلِم خروج أهل الحيل مِن قوله:

وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون: 8]

وقوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7]

ومخالفتهم لقوله تعالى:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النِّساء: 58]

وقوله تعالى: أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1])

[307] ((إقامة الدليل على إبطال التَّحليل))

لابن تيمية (303-306).

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع خُلُقِ جديد

*عبدالرحمن*
2020-08-16, 15:39
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الإيثَار

معنى الإيثَار لغة

الإيثَار مصدر آثر يُـؤْثِر إيثَارًا

بمعنى التَّقديم والاختيار والاختصاص

فآثره إيثارًا اختاره وفضله

ويقال: آثره على نفسه

والشيء بالشيء خصه به

[313] انظر: ((كتاب الكليات))

لأبي البقاء الكفوي (1/38)

((المعجم الوسيط)) (1/5).

معنى الإيثَار اصطلاحًا:

(الإيثَار أن يقدِّم غيره على نفسه في النَّفع له

والدَّفع عنه، وهو النِّهاية في الأخوة)

[314] ((التعريفات)) للجرجاني (1/59)

وقال ابن مسكويه

: (الإيثار: هو فضيلة للنَّفس

بها يكفُّ الإنسان عن بعض حاجاته

التي تخصُّه حتى يبذله لمن يستحقُّه)

[315] ((تهذيب الأخلاق)) (ص 19).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-17, 15:52
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الفرق بين الإيثَار والسَّخاء والجود

ذكر ابن قيِّم الجوزية فروقًا

بين كلٍّ مِن الإيثار والسَّخاء والجود

مع أنَّها كلَّها أفعال بذلٍ وعطاء

قال ابن القيِّم في مدارج السالكين:

(وهذا المنزل – أي الإيثَار-:

هو منزل الجود والسَّخاء والإحْسَان

وسمِّي بمنزل الإيثَار

لأنَّه أعلى مراتبه

فإنَّ المراتب ثلاثة:

إحداها:

أن لا ينقصه البذل ولا يصعب عليه

فهو منزلة السَّخاء.

الثَّانية:

أن يعطي الأكثر ويبقي له شيئًا

أو يبقي مثل ما أعطى فهو الجود.

الثَّالثة:

أن يؤثر غيره بالشَّيء مع حاجته إليه

وهي مرتبة الإيثَار)

[316] ((مدارج السَّالكين))

لابن القيِّم (2/292).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-19, 03:52
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

إيثار يتعلَّق بالخالق

وهو أفضل أنواع الإيثَار وأعلاها منزلة

وأرفعها قدرًا

يقول ابن القيِّم:

(والإيثَار المتعلِّق بالخالق أجلُّ مِن هذا -

أي مِن الإيثَار المتعلِّق بالخلق- وأفضل

وهو إيثار رضاه على رضى غيره

وإيثار حبِّه على حبِّ غيره

وإيثار خوفه ورجائه على خوف غيره ورجائه

وإيثار الذُّل له والخضوع والاستكانة والضَّراعة

والتملُّق على بذل ذلك لغيره

وكذلك إيثار الطلب منه والسُّؤال

وإنزال الفاقات به على تعلُّق ذلك بغيره)

[336] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/449).

ولهذا النَّوع مِن الإيثَار علامتان تدلان عليه

لا بدَّ أن تظهرا على مدَّعيه، وهما:

الأول: أن يفعل المرء كلَّ ما يحبُّه الله تعالى ويأمر به

وإن كان ما يحبُّه الله مكروهًا إلى نفسه، ثقيلًا عليه.

الثَّاني: أن يترك ما يكرهه الله تعالى وينهى عنه

وإن كان محبَّـــبًا إليه

تشتهيه نفسه، وترغِّب فيه.

يقول ابن القيِّم:

(فبهذين الأمرين يصحُّ مقام الإيثَار)

[337] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/450).

صعوبة هذا الإيثَار على النَّفس:

جُبِلت النَّفس على الرَّاحة والدَّعة والميل إلى الملاذ والمتع

كما جُبِلت على البعد عن كلِّ ما يشقُّ عليها

أو ينغِّص متعتها أو يحدُّ مِن ملذَّاتها

ولـمَّا كان هذا النَّوع مِن الإيثَار

يضادُّ ما جُبِلَت عليه النَّفس مِن الرَّاحة والدَّعة

كان صعبًا عليها التَّلبُّس به

أو التَّخلُّق والتَّحلِّي بمعناه.

يقول ابن القيِّم مبيِّــنًا صعوبة

هذا النَّوع مِن الإيثَار وثقله على النَّفس:

(ومؤنة هذا الإيثَار شديدة لغلبة الأغيار

وقوَّة داعي العادة والطَّبع

فالمحنة فيه عظيمة، والمؤنة فيه شديدة

والنَّفس عنه ضعيفة

ولا يتم فلاح العبد وسعادته إلَّا به

وإنَّه ليسيرٌ على مَن يسَّره الله عليه)

[338] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/450).

وإن كان هذا النَّوع مِن الإيثَار شديدٌ على النَّفس

صعب على الرُّوح إلَّا أنَّ ثمراته وما يجنيه الشَّخص منه

تفوق ثمرات أيِّ نوع مِن الأعمال

فنهايته فوز محقَّق وفلاح محتوم

وملك لا يضاهيه ملك.

(فحقيق بالعبد أن يسمو إليه وإن صَعُب المرتقى

وأن يشمِّر إليه وإن عَظُمَت فيه المحنة

ويحمل فيه خطرًا يسيرًا لملْك عظيم وفوز كبير

فإنَّ ثمرة هذا في العاجل والآجل

ليست تشبه ثمرة شيء مِن الأعمال

ويسيرٌ منه يرقِّي العبد ما لا يرقى غيره إليه

في المدَد المتطاولة

وذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء)

[339] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين))

لابن القيِّم (1/450).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-20, 15:44
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

إيثار يتعلَّق بالخَلْق

وهذا هو النَّوع الثَّاني مِن أنواع الإيثَار

مِن حيث تعلُّقه بالخَلْق.. و

قد قسَّم ابن عثيمين هذا النَّوع مِن الإيثَار

إلى ثلاثة أقسام:

(الأوَّل: ممنوع

والثَّاني: مكروه أو مباح

والثَّالث: مباح.

- القسم الأوَّل: وهو الممنوع:

وهو أن تؤثر غيرك بما يجب عليك شرعًا

فإنَّه لا يجوز أن تقدم غيرك فيما يجب عليك شرعًا..

. فالإيثَار في الواجبات الشَّرعية حرام

ولا يحل لأنَّه يستلزم إسقاط الواجب عليك.

- القسم الثَّاني: وهو المكروه أو المباح:

فهو الإيثَار في الأمور المستحبة

وقد كرهه بعض أهل العلم

وأباحه بعضهم

لكن تَــركُه أولى لا شكَّ إلَّا لمصلحة.

- القسم الثَّالث: وهو المباح:

وهذا المباح قد يكون مستحبًّا

وذلك أن تؤثر غيرك في أمر غير تعبُّدي

أي تؤثر غيرك

وتقدِّمه على نفسك في أمرٍ غير تعبُّدي

[340] ((شرح رياض الصالحين))

لابن عثيمين (3/416-417).

شروط هذا النَّوع مِن الإيثَار:

ذكر ابن القيِّم شروطًا للإيثَار المتعلِّق بالمخلوقين

تنقله مِن حيِّز المنع أو الكراهة إلى حيِّز الإباحة

ولعلَّنا نجملها فيما يلي:

1- أن لا يضيع على المؤْثِر وقته.

2- أن لا يتسبَّب في إفساد حاله.

3- أن لا يهضم له دينه.

4- ألَّا يكون سببًا في سدِّ طريق خير على المؤْثِر.

5- أن لا يمنع للمُؤْثر واردًا.

فإذا توفَّرت هذه الشُّروط

كان الإيثَار إلى الخَلْق قد بلغ كماله

أمَّا إن وُجِد شيء مِن هذه الأشياء

كان الإيثَار إلى النَّفس أَوْلَى مِن الإيثَار إلى الغير

فالإيثَار المحمود

-كما قال ابن القيِّم

هو: (الإيثَار بالدُّنْيا لا بالوقت والدِّين

وما يعود بصلاح القلب)

[341] انظر: ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/446).

ثانيًا: أقسامه مِن حيث باعثه والدَّاعي إليه

- الأوَّل: قسم يكون الباعث إليه الفطرة والغريزة

: كالذي يكون عند الآباء والأمَّهات وأصحاب العِشْق

وهذا كما يقول عبد الرَّحمن الميداني الباعث إليه

فطري في النُّفوس ينتج عنه حبٌّ شديدٌ عارم

والحبُّ مِن أقوى البواعث الذَّاتية الدَّافعة

إلى التَّضْحية بالنَّفس وكلُّ ما يتَّصل بها مِن مصالح وحاجات

مِن أجل سلامة المحبوب أو تحقيق رضاه

أو جلب السَّعادة أو المسرَّة إليه

[342] انظر: ((الأخلاق الإسلامية وأسسها))

لعبد الرَّحمن الميداني (2/435).

تقول أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

((جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها

فأطعمتها ثلاث تمرات

فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرة.

ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها

فاستطعمتها ابنتاها

فشقَّت التَّمرة

التي كانت تريد أن تأكلها بينهما

فأعجبني شأنها

فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنَّة

أو أعتقها بها مِن النَّار))

[343] رواه مسلم (2630)

مِن حديث عائشة رضي الله عنها.

فهذا الإيثَار دافعه حبُّ الأم لابنتيها ورحمتها بهما.

- الثَّاني: وقسم يكون الدَّافع هو الإيمان

وحبَّ الخير للغير

على حساب النَّفس وملذَّاتها ومشتهياتها

وهو كما قال الميداني:

(ليس إيثارًا انفعاليًّا عاطفيًّا مجردًا

ولكنَّه إيثار يعتمد على محاكمة منطقيَّة سليمة

ويعتمد على عاطفة إيمانيَّة عاقلة)

[344] انظر: ((الأخلاق الإسلامية وأسسها))

لعبد الرَّحمن الميداني (2/435).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

Ali Harmal
2020-08-20, 18:06
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حفظك الرحمن يا دكتور عبد الرحمن وجزاك الله خيرا .

*عبدالرحمن*
2020-08-21, 16:17
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حفظك الرحمن يا دكتور عبد الرحمن وجزاك الله خيرا .

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

اللهم امين ...

و بارك الله فيك دائما ابدا

صديقي الغالي

و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-08-21, 16:18
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

درجات الإيثَار

ذَكَر أبو إسماعيل الهرويُّ

في كتابه ((منازل السَّائرين))

أنَّ للإيثار ثلاث درجات:

- الدَّرجة الأولى:

(أن تؤثر الخَلْق على نفسك فيما لا يَحْرُم عليك دينًا

ولا يقطع عليك طريقًا

ولا يفسد عليك وقتًا)

[345] ((منازل السَّائرين))

لعبد الله الأنصاري الهروي (ص 57).

قال ابن القيِّم في شرحه لهذه الدَّرجة

: (يعني: أن تُقدِّمهم على نفسك في مصالحهم

مثل: أن تطعمهم وتجوع

وتكسوهم وتعرى

وتسقيهم وتظمأ

بحيث لا يؤدِّي ذلك إلى ارتكاب

إتلافٍ لا يجوز في الدِّين)

[346] ((مدارج السَّالكين)) (2/297).

- الدَّرجة الثَّانية:

(إيثار رضى الله تعالى على رضى غيره

وإن عَظُمَت فيه المحن وثَقُلَت به المؤن

وضَعُفَ عنه الطول والبدن)

[347] ((منازل السَّائرين))

لعبد الله الأنصاري الهروي (ص 58).

قال ابن القيِّم:

(هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته

ولو أغضب الخَلْق

وهي درجة الأنبياء وأعلاها للرُّسل

عليهم صلوات الله وسلامه

وأعلاها لأولي العزم منهم

وأعلاها لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم)

[348] ((مدارج السَّالكين)) (2/299).

- الدَّرجة الثَّالثة:

إيثارُ إيثارِ الله تعالى:

فإنَّ الخوض في الإيثَار دعوى في الملك

ثمَّ تَرْك شهود رؤيتك إيثار الله

ثمَّ غيبتك عن التَّرك)

[349] ((منازل السَّائرين))

لعبد الله الأنصاري الهروي (ص 58).

قال ابن القيِّم:

(يعني بإيثار إيثار الله: أن تنسب

إيثارك إلى الله دون نفسك

وأنَّه هو الذي تفرَّد بالإيثَار لا أنت

فكأنَّك سلمت الإيثَار إليه

فإذا آثرت غيرك بشيء

فإنَّ الذي آثره هو الحقُّ لا أنت

فهو المؤْثر حقيقة...

وقوله: ثمَّ ترك شهود رؤيتك إيثار الله

يعني أنَّك إذا آثرت إيثار الله بتسليمك

معنى الإيثَار إليه: بقيت عليك مِن نفسك بقيَّةٌ أخرى

لابدَّ مِن الخروج عنها وهي:

أن تُعْرِض عن شهودك رؤيتك أنَّك آثرت الحقَّ بإيثارك

وأنَّك نسبت الإيثَار إليه لا إليك...

وقوله: ثمَّ غيبتك عن التَّرك.

يريد: أنَّك إذا نزلت هذا الشُّهود وهذه الرُّؤية:

بقيت عليك بقيَّةٌ أخرى وهي رؤيتك لهذا التَّرك

المتضمِّنة لدعوى ملكك للتَّرك

وهي دعوى كاذبة

إذ ليس للعبد شيء مِن الأمر

ولا بيده فعل ولا ترك

وإنَّما الأمر كلُّه لله)

[350] ((مدارج السَّالكين)) (2/302).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-22, 16:06
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب

الإيثَار المتعلِّق بالخالق:

ذكر ابن قيِّم الجوزية

أمورًا تجعل مِن هذا الإيثَار أمرًا سهلًا على النَّفس، فقال:

(والذي يسهِّله على العبد أمور:

- أحدها:

أن تكون طبيعته ليِّنة منقادة سلسة ليست بجافية ولا قاسية

بل تنقاد معه بسهولة.

- الثَّاني:

أن يكون إيمانه راسخًا ويقينه قويًّا

فإنَّ هذا ثمرة الإيمان ونتيجته.

- الثَّالث:

قوَّة صبره وثباته.

فبهذه الأمور الثَّلاثة ينهض إلى هذا المقام

ويسهل عليه دركه)

[352] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/450).

الوسائل المعينة على اكتساب

الإيثَار المتعلِّق بالخَلْق:

قال ابن القيِّم:

(فإن قيل: فما الذي يسهِّل على النَّفس هذا الإيثَار

فإنَّ النَّفس مجبولة على الأَثَـــرَة لا على الإيثَار؟

قيل: يسهِّله أمور:

- أحدها:

رغبة العبد في مكارم الأخلاق ومعاليها

فإنَّ مِن أفضل أخلاق الرَّجل وأشرفها

وأعلاها: الإيثَار.

وقد جبل الله القلوب على تعظيم صاحبه ومحبَّته

كما جبلها على بغض المستأثر ومقته

لا تبديل لخلق الله.

- الثَّاني:

النُّفرة مِن أخلاق اللِّئام ومقت الشُّح وكراهته له.

- الثَّالث:

تعظيم الحقوق التي جعلها الله سبحانه وتعالى

للمسلمين بعضهم على بعض

فهو يرعاها حقَّ رعايتها

ويخاف مِن تضييعها

ويعلم أنَّه إن لم يبذل فوق العدل لم يمكنه الوقوف مع حدِّه

فإنَّ ذلك عَسِر جدًّا

بل لا بد مِن مجاوزته إلى الفضل أو التَّقصير عنه إلى الظُّلم

فهو -لخوفه مِن تضييع الحقِّ

والدُّخول في الظُّلم- يختار الإيثَار بما لا ينقصه ولا يضرُّه

ويكتسب به جميل الذِّكر في الدُّنْيا

وجزيل الأجر في الآخرة مع ما يجلبه له الإيثَار

مِن البركة وفيضان الخير عليه

فيعود عليه مِن إيثاره أفضل ممَّا بذله

ومَن جرَّب هذا عرفه

ومَن لم يجرِّبه فليستقرئ أحوال العالم

والموفَّق مَن وفَّقه الله سبحانه وتعالى)

[353] ((طريق الهجرتين وباب السَّعادتين)) (1/448).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

fcnsc
2020-08-22, 16:33
مدح الإسلام حُسْنُ الخُلُق مدحًا عظيمًا، فاعتبره:

- نصف الدين
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "حُسْنُ الخُلُق نصف الدين"

- أكمل الإيمان
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا"

- أفضل الإيمان
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل الناس إيمانًا أحسنهم خُلُقًا"

- أفضل عطاء
ورد أنّه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أفضل ما أُعطي المرء المسلم؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "الخُلُق الحَسَن"

-رأس البرّ
عن الإمام عليّ عليه السلام: "حُسْنُ الخُلُق رأس كل برّ"

- عنوان صحيفة المؤمن
عن الإمام عليّ عليه السلام: "عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه"

- أحسن الحسن
عن الإمام الحسن عليه السلام: "إنّ أحسن الحسن الخُلُق الحسَن"

- ثواب الخُلُق الحَسَن
أكّدت الأحاديث الشريفة على عظيم الثواب على حُسْنُ الخُلُق، ومن تلك الأحاديث:

- أفضل الحسنات
ورد أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن أفضل الحسنات عند الله, فقال: "حُسْنُ الخُلُق، والتواضع، والصبر على البليّة، والرضاء بالقضاء"

- أثقل ما في الميزان
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حُسْنُ الخُلُق"

- مزيل الحجاب عن رحمة الله
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رأيت رجلاً في المنام جاثيًا على ركبتيه بينه وبين رحمة الله حجاب، فجاءه حُسْنُ خُلُقه فأخذه بيده، فأدخله في رحمة الله"

- ثوابه كالجهاد
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حُسْنُ الخُلُق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح"

- مقرِّب من رسول الله
عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أحبّكم إليّ، وأقربكم منّي يوم القيامة مجلسًا: أحسنُكم خُلُقًا، وأشدّكم تواضعًا"

*عبدالرحمن*
2020-08-23, 05:12
مدح الإسلام حُسْنُ الخُلُق مدحًا عظيمًا، فاعتبره:

- نصف الدين
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "حُسْنُ الخُلُق نصف الدين"

- أكمل الإيمان
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا"

- أفضل الإيمان
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل الناس إيمانًا أحسنهم خُلُقًا"

- أفضل عطاء
ورد أنّه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أفضل ما أُعطي المرء المسلم؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "الخُلُق الحَسَن"

-رأس البرّ
عن الإمام عليّ عليه السلام: "حُسْنُ الخُلُق رأس كل برّ"

- عنوان صحيفة المؤمن
عن الإمام عليّ عليه السلام: "عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه"

- أحسن الحسن
عن الإمام الحسن عليه السلام: "إنّ أحسن الحسن الخُلُق الحسَن"

- ثواب الخُلُق الحَسَن
أكّدت الأحاديث الشريفة على عظيم الثواب على حُسْنُ الخُلُق، ومن تلك الأحاديث:

- أفضل الحسنات
ورد أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن أفضل الحسنات عند الله, فقال: "حُسْنُ الخُلُق، والتواضع، والصبر على البليّة، والرضاء بالقضاء"

- أثقل ما في الميزان
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حُسْنُ الخُلُق"

- مزيل الحجاب عن رحمة الله
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رأيت رجلاً في المنام جاثيًا على ركبتيه بينه وبين رحمة الله حجاب، فجاءه حُسْنُ خُلُقه فأخذه بيده، فأدخله في رحمة الله"

- ثوابه كالجهاد
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حُسْنُ الخُلُق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح"

- مقرِّب من رسول الله
عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أحبّكم إليّ، وأقربكم منّي يوم القيامة مجلسًا: أحسنُكم خُلُقًا، وأشدّكم تواضعًا"

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2020-08-23, 16:34
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن جميع الأخلاق

أوفر الحظِّ والنَّصيب

فما مِن خُلُقٍ إلَّا وقد تربَّع

المصطفى صلى الله عليه وسلم على عرشه

وعلا ذِروة سَنَامه

ففي خُلُق الإيثَار كان هو سيِّد المؤثرين وقائدهم

بل وصل الحال به صلى الله عليه وسلم

أنَّه لم يكن يشبع -لا هو ولا أهل بيته-

بسبب إيثاره صلى الله عليه وسلم

قال ابن حجر

: (والذي يظهر أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يؤثر بما عنده

فقد ثبت في الصَّحيحين

أنَّه كان -إذا جاءه ما فتح الله عليه مِن خيبر وغيرها

مِن تمر وغيره- يدَّخر قوت أهله سنة

ثمَّ يجعل ما بقي عنده عُدَّة في سبيل الله تعالى

ثمَّ كان مع ذلك -إذا طرأ عليه طارئ أو نزل به ضيف

- يشير على أهله بإيثارهم

فربَّما أدَّى ذلك إلى نفاد ما عندهم أو معظمه)

[354] ((فتح الباري)) لابن حجر (11/280).

وإليكم أخوة الاسلام

بعض الصُّور مِن إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- عن سهل بن سعد

قال: ((جاءت امرأة ببردة، قال: أتدرون ما البردة؟

فقيل له: نعم، هي الشَّملة منسوج في حاشيتها.

قالت: يا رسول الله، إنِّي نسجت هذه بيدي أكسوكها

فأخذها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها

فخرج إلينا وإنَّها إزاره

فقال رجل مِن القوم: يا رسول الله

اكسنيها. فقال: (نعم).

فجلس النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في المجلس

ثمَّ رجع فطواها، ثمَّ أرسل بها إليه

فقال له القوم: ما أحسنت، سألتها إيَّاه

لقد علمت أنَّه لا يردُّ سائلًا. فقال الرَّجل:

والله ما سألته إلَّا لتكون كفني يوم أموت.

قال سهل: فكانت كفنه))

[355] رواه البخاري (2093)

مِن حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .

- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

قال: ((إنَّا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيَةٌ

[356] الكدية: الأرض الغليظة

وقيل: الأرض الصلبة

وقيل: هي الصفاة العظيمة الشديدة.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/216).

شديدةٌ فجاءوا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

فقالوا: هذه كُدْيَةٌ عرضت في الخندق.

فقال: أنا نازل ثمَّ قام -وبطنه معصوبٌ بحجر

ولبثنا ثلاثة أيَّام لا نذوق ذواقًا-

فأخذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المعول فضرب في الكُدْيَة

فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم

[357] أهيل: منهال لا يثبت.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/741).

أهيم: الرمال الهيم هي التي لا تروى.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/627).

فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت

فقلت لامرأتي: رأيت في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

شيئًا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟

فقالت: عندي شعير وعناق

[358] العناق: الأنثى من المعز.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (10/374).

فذبحت العناق

وطحنت الشَّعير حتى جعلنا اللَّحم بالبرمة.

ثمَّ جئت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر

والبرمة بين الأثافي

[359] الأثافي مفردها: الأثفية والإثفية:

وهي الحجر الذي توضع عليه القدر.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (9/3).

طعيِّم: مصغر طعام.

انظر: ((عمدة القاري)) لبدر الدين العيني (17/180).

قد كادت أن تنضج. فقلت:طعيِّم لي

فقم أنت -يا رسول الله- ورجل أو رجلان. قال: كم هو؟

فذكرت له، فقال: كثير طيِّب.

قال: قل لها لا تنزع البرمة

[360] البرمة: قدر من حجارة.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/45).

ولا الخبز مِن التَّنُّور حتى آتي. فقال: قوموا.

فقام المهاجرون والأنصار

فلمَّا دخل على امرأته. قال: ويحك

جاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار

ومَن معهم! قالت: هل سألك؟

قلت: نعم. فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا

[361] التضاغط: التزاحم.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (7/342).

فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللَّحم ويخمِّر البرمة

والتَّنُّور إذا أخذ منه

ويقرِّب إلى أصحابه ثمَّ ينزع

فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا

وبقي بقيَّةٌ. قال: كلي هذا وأهدي

فإنَّ النَّاس أصابتهم مجاعة))

[362] رواه البخاري (4101)

مِن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.


- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

((قال أبو طلحة لأمِّ سليم: لقد سمعت

صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا

أعرف فيه الجوع، فهل عندك مِن شيء؟

قالت: نعم. فأخرجت أقراصًا مِن شعير

ثمَّ أخرجت خمارًا لها فلفَّت الخبز ببعضه

ثمَّ دسَّته تحت يدي ولاثتن ببعضه

[363] اللوث الطي واللي.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (2/185).

ثمَّ أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم

في المسجد ومعه النَّاس، فقمت عليهم

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: آرسلك أبو طلحة؟

فقلت: نعم. قال:بطعام؟

قلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا.

فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته

فقال أبو طلحة: يا أمَّ سليم

قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس

وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: الله ورسوله أعلم.

فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمِّي يا أمَّ سليم ما عندك

فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتَّ

وعصرت أمُّ سليم عكَّة فأدمته

[364] فأدمته أي صيرت ما خرج من العكة له إدامًا

والعكة بضم المهملة وتشديد الكاف إناء من جلد

مستدير يجعل فيه السمن غالبا والعسل.

انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (6/590).

ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول

ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم

فأكلوا حتى شبعوا، ثمَّ خرجوا

ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثمَّ خرجوا

ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم

فأكلوا حتى شبعوا، ثمَّ خرجوا

ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأكل القوم كلُّهم حتى شبعوا

والقوم سبعون أو ثمانون رجلًا))

[365] رواه البخاري (3578)، ومسلم (2040)

مِن حديث أنس رضي الله عنه .



و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-24, 04:34
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن إيثار الصَّحابة رضوان الله عليهم

ضرب الصَّحابة أروع أمثلة الإيثَار وأجملها

ومَن يتأمَّل في قصص إيثارهم

يحسب ذلك ضربًا مِن خيال

لولا أنَّه منقولٌ لنا عن طريق الأثبات

وبالأسانيد الصَّحيحة الصَّريحة.

وإليكم بعضًا مِن النَّماذج

التي تروي لنا صورًا رائعة مِن الإيثَار:

ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- عن أبي هريرة رضي الله عنه ((أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلَّا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن يضمُّ- أو يضيف- هذا؟

فقال رجل مِن الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته

فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما عندنا إلَّا قوت صبياني.

فقال: هيِّئي طعامك، وأصبحي سراجك

[367] وأصبحي سراجك: أي أوقديه.

انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (7/120).

ونوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيَّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوَّمت صبيانها

ثمَّ قامت كأنَّها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنَّهما يأكلان، فباتا طاويين

[368] الطيان: الجائع.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/20).

فلمَّا أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ضحك الله اللَّيلة- أو عجب مِن فعالكما-

فأنزل الله: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]))

[369] رواه البخاري (3798)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

الأنصار... إيثار منقطع النَّظير:

أقبل المهاجرون إلى المدينة لا يملكون مِن أمر الدُّنْيا شيئًا

قد تركوا أموالهم وما يملكون خلف ظهورهم

وأقبلوا على ما عند الله عزَّ وجلَّ

يرجون رحمته ويخافون عذابه

فاستقبلهم الأنصار الذين تبوَّؤوا الدَّار

وأكرموهم أيَّما إكرام

ولم يبخلوا عليهم بشيء مِن حطام الدُّنْيا...

في صورة يعجز عن وصفها اللِّسان

ويضعف عن تعبيرها البيان:

- فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((لما قدم المهاجرون المدينة نزلوا على الأنصار في دورهم

فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا مثل قوم نزلنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أبذل في كثير منهم، لقد أشركونا في المهنأ (4) وكفونا المؤنة

ولقد خشينا أن يكونوا ذهبوا بالأجر كلِّه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلَّا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم به عليهم))

[371] رواه الضيَّاء في ((المختارة)) (5/290)

مِن حديث أنس رضي الله عنه.

وصحَّح سنده البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (7/325).

- وهذا عبد الرَّحمن بن عوف ((لـمَّا قدم المدينة آخى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الرَّبيع الأنصاريِّ

وعند الأنصاريِّ امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله

فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلُّوني على السُّوق...))

[372] رواه البخاري (2048)

مِن حديث عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه.

إيثار... حتى بالحياة:

وقد وصل الحال بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آثروا إخوانهم بحياتهم.

. وهذا غاية الجود، ومنتهى البذل والعطاء.

- ففي غزوة اليرموك قال عكرمة بن أبي جهل: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن وأفرُّ منكم اليوم؟!

ثمَّ نادى: مَن يبايع على الموت؟

فبايعه عمُّه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة مِن وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدَّام فسطاط خالد حتى أُثْبِتُوا جميعًا جراحًا

وقُتِل منهم خلقٌ، منهم ضرار بن الأزور -رضي الله عنهم-...

فلمَّا صرعوا مِن الجراح استسقوا ماء، فجيء إليهم بشربة ماء، فلمَّا قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر

فقال: ادفعها إليه. فلما دُفِعَت إليه نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه. فتدافعوها كلُّهم -مِن واحد إلى واحد- حتى ماتوا جميعًا ولم يشربها أحد منهم -رضي الله عنهم- أجمعين

[373] ((البداية والنهاية)) لابن كثير (7/15).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-25, 04:32
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن إيثار السَّلف رحمهم الله

وعلى نفس الطَّريق سار سلف الأمَّة

وصالحوها يحذون مَن سبقهم

مِن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

حذو القذَّة بالقذَّة

ويتَّبعون آثارهم

وإليكم أخوة الاسلام نماذج مِن إيثارهم رحمهم الله:

- عن أبي الحسن الأنطاكيِّ:

أنَّه اجتمع عنده نيِّف وثلاثون رجلًا بقرية مِن قرى الرَّيِّ

ومعهم أرغفة معدودة لا تُشْبِع جميعهم

فكسروا الرُّغفان، وأطفئوا السِّراج

وجلسوا للطَّعام، فلمَّا رُفع فإذا الطَّعام بحاله

لم يأكل منه أحد شيئًا إيثارًا لصاحبه على نفسه.

- قال الهيثم بن جميل: جاء فضيل بن مرزوق-

وكان مِن أئمة الهدى زهدًا وفضلًا-

إلى الحسن بن حيي، فأخبره أن ليس عنده شيء

فقام الحسن فأخرج ستَّة دراهم

وأخبره أنَّه ليس عنده غيرها

فقال: سبحان الله أليس عندك غيرها وأنا آخذها

فأخذ ثلاثة وترك ثلاثة.

- ورُوِي أنَّ مسروقًا ادَّان دينًا ثقيلًا

وكان على أخيه خيثمة دين

قال: فذهب مسروق فقضى دين خيثمة

وهو لا يعلم

وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم

[380] ((إحياء علوم الدين)) للغزَّالي (2/174).

- وقال عبَّاس بن دهقان:

ما خرج أحدٌ مِن الدُّنْيا كما دخلها إلَّا بشر ابن الحارث

فإنَّه أتاه رجل في مرضه

فشكا إليه الحاجة

فنزع قميصه وأعطاه إيَّاه

واستعار ثوبًا فمات فيه

[381] ((إحياء علوم الدين)) للغزَّالي (3/258).

هذا غيضٌ مِن فيض

وما أغفلناه أكثر ممَّا ذكرناه

ويكفي مِن القلادة ما أحاط بالعنق.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الإيثَار

*عبدالرحمن*
2020-08-26, 04:17
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

نماذج مِن إيثار العلماء المعاصرين

ابن باز.. بقيَّة مِن إيثار السَّلف:

يقول محمَّد بن موسى -وهو يتحدَّث عن الشَّيخ ابن باز:

(والذي بيده ليس له ولو سُئل ما سُئل

فربَّما سُئل مالًا فأعطاه

وربَّما أتته الهديَّة في المجلس فسأله أحدُ الحاضرين

إيَّاها فأعطاها إيَّاه

بل كثيرًا ما يبتدر مَن بجانبه بالهديَّة التي تُقَدَّم لسماحته

بل ربَّما سُئل عباءته التي يلبسها فأعطاها مَن سأله إيَّاها)

[382] ((جوانب مِن سيرة الإمام

عبد العزيز بن باز رحمه الله))

لمحمد بن إبراهيم الحمد (182).

يؤثرون له بعيونهم ..

والجزاء مِن جنس العمل:

كان الشَّيخ ابن باز قريبًا مِن النَّاس.. محببًّا إليهم..

ومِن أعجب قصص الإيثَار التي حصلت مع الشَّيخ قصتان:

أولاها: لرجل مسلم مِن بلجيكا وهو مغربيُّ الأصل

قدم على سماحة الشَّيخ

فلمَّا مَثُل أمام سماحته قال:

يا سماحة الشَّيخ أنا فلان مِن محبِّيك

وقد جئتك مهديًا لك إحدى عيني

ولقد سألت طبيبًا مختصًّا

فقال لي: لا مانع. وسوف أذهب إلى المستشفى

وإلى الطَّبيب المختص لنزعها وإهدائها لك.

فقال له سماحة الشَّيخ: يا أخي

بارك الله لك في عينيك

ونفعك بهما، نحن راضون بما كتب الله لنا.

- وفي عام 1418هـ جاء رجل مِن السُّودان

وأخذ يتجوَّل بين المكاتب في دار الإفتاء في الرِّياض

وهو يقول: لم أجد مَن يتجاوب معي

ولا مَن يدخلني على سماحة الشَّيخ

قال الشَّيخ محمَّد بن موسى الموسى:

فقلت له: وما تريد مِن سماحته؟

فقال: أنا أتيت إلى سماحته مهديًا إليه إحدى عينيَّ

أدخلوني على سماحته

فأخذت بيده وأدخلته عليه، فلمَّا رآه وسلم عليه

قال: يا سماحة الشَّيخ أنا مِن بلاد السُّودان

جئت إليك مهديًّا إحدى عينيَّ

فتفضَّل بقبولها وخذ إحداها.

فشكر له سماحة الشَّيخ صنيعه ومحبَّته

وقال: بارك الله لك في عينيك

نحن راضون بما كتب الله لنا

[383] انظر: ((جوانب مِن سيرة

الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله))

لمحمد بن إبراهيم الحمد (506 -507).

أقوالٌ وحِكمٌ في الإيثَار

- (قال أحدهم:

لا تُوَاكِلَنَّ جائعًا إلَّا بالإيثَار

ولا تُوَاكِلَنَّ غنيًّا إلَّا بالأدب

ولا تُوَاكِلَنَّ ضيفًا إلَّا بالنَّهمة

[384] نهم في الطعام إذا كان لا يشبع

والنهامة: إفراط الشهوة في الطعام.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/593).

والانبساط

[385] ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3/557).

- وقال أيضًا: إنِّي لألقم اللُّقمة أخًا مِن إخواني

فأجد طعمها في حلقي

[386] ((إحياء علوم الدين)) للغزَّالي (2/174).

وقال يوسف بن الحسين:

مَن رأى لنفسه ملكًا لا يصحُّ منها الإيثَار

لأنَّه يرى نفسه أحقَّ بالشَّيء برؤية ملكه

إنَّما الإيثَار ممَّن يرى الأشياء كلَّها للحقِّ

فمَن وصل إليه فهو أحقُّ به

فإذا وصل شيء مِن ذلك إليه يرى نفسه

ويده فيه يد أمانة

يوصِّلها إلى صاحبها أو يؤدِّيها إليه)

[387] كتاب ((عوارف المعارف)) للسهروردي (2/76).

اخوة الاسلام

يمكنكم الاطلاع ايضا علي

الإيثَار في واحة الشِّعر (https://www.dorar.net/akhlaq/168/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع خُلُقِ اخر

*عبدالرحمن*
2020-08-27, 05:30
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ البِرِّ

معنى البِرِّ لغةً:

البِرُّ: الصِّدق والطَّاعة والخير والفضل

وبَرَّ يَبـَــرُّ، إذا صَلَحَ. وبَرَّ في يمينه يَبَر

إذا صدَّقه ولم يحنث. وبَرَّ رحمه يَبَرُّ

إذا وصله. ويقال: فلان يَبَرُّ ربَّه ويتبرَّره

أي: يطيعه. ورجل بَرٌّ بذي قرابته

وبارٌّ: من قوم بررة وأبرار،

والمصدر: البِرُّ

والبَـرُّ: الصَّادق أو التقي وهو خلاف الفاجر

والبِرُّ: ضدُّ العقوق. وبَرِرْتُ والدي بالكسر

أَبَـــرُّهُ برًّا، وقد بَرَّ والده يَبَرُّه ويَبِرُّه بِرًّا..

. وهو بَـرٌّ به وبارٌّ.. وجمع البَرِّ الأبرار

وجمع البَارِّ البَرَرَةُ

[394] ((لسان العرب)) لابن منظور (4/51)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/43).

معنى البِرِّ اصطلاحًا:

قال المناوي:

(البِرُّ بالكسر أي: التوسُّع في فعل الخير

والفعل المرضِي

الذي هو في تزكية النَّفس...

يقال: بَرَّ العبدُ ربَّه.

أي: توسَّع في طاعته...

وبِرُّ الوالد: التَّوسع في الإحسان إليه

وتحرِّي محابِّه، وتوقِّي مكارهِه، والرِّفقُ به

وضدُّه: العقوق. ويستعمل البِرُّ في الصِّدق

لكونه بعض الخير المتوسَّع فيه)

[395] ((التوقيف)) (ص 122).

قال القاضي المهدي

: (والبِرُّ: هو الصِلة، وإسداء المعروف

والمبالغة في الإحسان)

[396] ((صيد الأفكار)) للقاضي المهدي (2/302).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البِرِّ

*عبدالرحمن*
2020-08-27, 18:10
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الفرق بين البِرِّ وبعض الصفات

- الفرق بين البِرِّ والخير:

(أنَّ البِرَّ مضَمَّن بجعل عاجل قد قُصِد وجه النفع به

فأمَّا الخير فمطلق

حتَّى لو وقع عن سهو لم يخرج عن استحقاق الصِّفة به.

ونقيض الخير: الشَّر، ونقيض البِرِّ: العقوق)

[397] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص 95).

- الفرق بين البِرِّ والصلة:

(أنَّ البِرَّ سعة الفضل المقصود إليه

والبِرُّ أيضًا يكون بلين الكلام

وبَرَّ والده إذا لقيه بجميل القول والفعل

والصِّلة: البِرُّ المتأصِّل.

وأصل الصِّلة: وصلة على فعله

وهي للنَّوع والهيئة، يقال: بارٌّ وصولٌ

أي: يصل برَّه فلا يقطعه.

وتواصل القوم: تعاملوا بوصول

بِرِّ كل واحد منهم إلى صاحبه.

وواصله: عامله بوصول البِرِّ.

وفي القرآن: وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ [القصص: 51]

أي: كثَّــرْنا وصول بعضه ببعض بالحكم الدَّالة على الرَّشد)

[398] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص 95).

- الفرق بين الصَّدقة والبِرِّ:

(الفرق بين البر وَالصَّدَقَة

أنَّك تصَّدَّق على الفقير لسدِّ خلَّته

وتبرُّ ذا الحقِّ لاجتلاب مودَّته

ومن ثمَّ قيل: بِرُّ الوالدين.

ويجوز أن يقال: البِرُّ هو: النَّفع الجليل.

ومنه قيل: البِرُّ لسعته محلًّا له نفعة

ويجوز أن يقال: البِرُّ سعة النَّفع. وقيل: البِرُّ الشَّفقة)

[399] ((الفروق اللغوية)) (ص 170).

- الفرق بين القُرْبَان والبِرِّ:

قال أبو هلال

(إنَّ القُرْبَان: البِرُّ الذي يتقرَّب به إلى الله

وأصله المصدر، مثل الكفران والشُّكران)

[400] ((الفروق اللغوية)) (ص 170).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البِرِّ

*عبدالرحمن*
2020-08-28, 04:59
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في البِرِّ في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2].

(قوله جلَّ ذكره:

وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى

البِرُّ: فعل ما أُمِرْت به

والتَّقوى: ترك ما زُجرت عنه.

ويقال: البِرُّ: إيثار حقِّه سبحانه

والتَّقوى: ترك حظِّك.

ويقال: البِرُّ: موافقة الشَّرع

والتَّقوى: مخالفة النَّفس.

ويقال: المعاونة على البِرِّ بحسن النَّصيحة

وجميل الإشارة للمؤمنين.

والمعاونة على التَّقوى بالقبض على أيدي الخطَّائين

بما يقتضيه الحال من جميل الوعظ

وبليغ الزَّجر، وتمام المنع على ما يقتضيه شرط العلم.

والمعاونة على الإثم والعدوان

بأن تعمل شيئًا مما يُقتدى بك لا يرضاه الدِّين

فيكون قولك الذي تفعله

ويُقتدى بك (فيه) سنَّة تظهرها

و(عليك) نبُوُّ وِزْرها.

وكذلك المعاونة على البِرِّ والتَّقوى

أي الاتصاف بجميل الخصال

على الوجه الذي يُقتدى بك فيه)

[402] ((لطائف الإشارات)) للقشيري (1/398-399).

التَّرغيب في البِرِّ في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن الـنَّـوَّاسِ بن سمعانَ رضي الله عنه

قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن البِرِّ والإثم، فقال:

((البِرُّ حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

وكرهت أن يطلع عليه النَّاس))

[403] رواه مسلم (2553).

قال ابن دقيق العيد:

(أمَّا البِرُّ فهو الَّذي يُبِرُّ فاعلَه

ويلحقه بالأبرار، وهم المطيعون لله عزَّ وجلَّ.

والمراد بحسن الخلق: الإنصاف في المعاملة

والرِّفق في المحاولة، والعدل في الأحكام

والبذل في الإحسان، وغير ذلك من صفات المؤمنين)

[404] ((شرح الأربعين النووية))

لابن دقيق العيد (ص 94).

- وعن ثوبانَ رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لا يزيد في العمر إلَّا البِرُّ

ولا يردُّ القدر إلَّا الدُّعاء

وإنَّ الرَّجل ليُحْرَم الرِّزق بخطيئة يعملها))

[406] رواه ابن ماجه (18)

قال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (1/13):

سألت شيخنا أبا الفضل العراقي -رحمه الله- عن هذا الحديث

فقال: هذا حديث حسن.

وحسنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (18)

دون قوله: ((وإن الرجل...)).

قال السِّندي في حاشيته:

(قوله: ((لا يزيد في العمر إلا البِرُّ))

إمَّا لأنَّ البارَّ ينتفع بعمره وإن قلَّ

أكثر ممَّا ينتفع به غيره وإن كثر

وإما لأنَّه يُزاد له في العمر حقيقة

بمعنى أنَّه لو لم يكن بارًّا

لقصر عمره عن القدر الذي كان إذا بَرَّ

لا بمعنى أنَّه يكون أطول عمرًا من غير البارِّ

ثمَّ التفاوت إنَّما يظهر في التَّقدير المعلَّق

لا فيما يعلم الله تعالى أنَّ الأمر يصير إليه

فإنَّ ذلك لا يقبل التَّغير. وإليه يشير قوله تعالى:

يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد: 39])

[407] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/47).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((عليكم بالصِّدق

فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البِرِّ.

وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة.

وما يزال الرجل يصدُق

ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقًا.

وإيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور.

وإنَّ الفجور يهدي إلى النَّار. وما يزال الرَّجل يكذب

ويتحرَّى الكذب حتَّى يُكتب عند الله كذابًا))

[408] رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607).

قال القاري: (..

((عليكم بالصِّدق)). أي: الزموا الصِّدق

وهو الإخبار على وفق ما في الواقع

. ((فإنَّ الصِّدق)). أي: على وجه ملازمته ومداومته.

((يهدي)). أي: صاحبه. ((إلى البِرِّ)).

وهو جامع الخيرات من اكتساب الحسنات واجتناب السيئات

ويطلق على العمل الخالص الدَّائم المستمر معه إلى الموت.

((وإنَّ البِرَّ يهدي)). أي: يوصل صاحبه. ((إلى الجنَّة))

. أي: مراتبها العالية ودرجاتها)

[409] ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (7/3029).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البِرِّ

*عبدالرحمن*
2020-08-29, 04:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد البر

1- البِرُّ طريق موصل إلى الجنَّة:

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

(عليكم بالصِّدق؛ فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البِرِّ

وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة

وإنَّ الرَّجل يَصْدُق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا).

2- من فضائل البِرِّ أنه سبيل للزيادة في العمر:

فعن سلمان رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: (لا يردُّ القضاء إلَّا الدُّعاء

ولا يزيد في العمر إلَّا البِرُّ).

3- البِرُّ من أسباب سعادة المرء في الدَّارين.

4- البِرُّ يؤدِّي إلى نيل محبَّة النَّاس

وإلى الألفة وشيوع روح المحبَّة في المجتمع.

5- بذل البِرِّ يؤكِّد المحبَّة، فقد قيل:

(أربعة تؤكِّد المحبَّة: حسن البِشْر، وبذل البِرِّ

وقصد الوفاق، وترك النِّفاق)

[424] ((صيد الأفكار)) للقاضي المهدي (1/357).

قال الماورديُّ: (وأما البِرُّ

وهو الخامس من أسباب الألفة

فلأنَّه يوصل إلى القلوب ألطافًا

ويثنيها محبَّة وانعطافًا)

[425] ((أدب الدنيا والدين)) (ص182).

6- البِرُّ طريقٌ لراحة البال، واستقرار النَّفس واطمئنانها:

ففي حديث وابصة بن معبد قال:

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

: ((جئتَ تسأل عن البِرِّ والإثم؟

قلت: نعم. قال: استفت قلبك

البِرُّ ما اطمأنَّت إليه النَّفس، واطمأنَّ إليه القلب))

[426] رواه أحمد (4/228) (18030)، والدارمي (2/320) (2533)

وأبو يعلى (3/160) (1586)، والطبراني (22/148) (403)

وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/23)

وحسنه النووي في ((الأذكار)) (504)

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/297):

رجال أحد إسنادي الطبراني ثقات،

وقال الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (2705):

فيه ابن مكرز وهو مجهول

وفي المسند بإسناد صحيح على شرط مسلم دون قوله:

((استفت نفسك... ثلاثا))

وله شاهد دون الزيادة وسنده صحيح.

7- البِرُّ إحدى الصِّفات التي لا تكتمل مكارم الأخلاق إلَّا بها:

عن النَّوَّاس بن سمعانَ رضي الله عنه:

((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ والإثم؟

فقال: البِرُّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك

وكرهت أن يطَّلع عليه النَّاس)).

8- أنَّ كلَّ أنواع الخير ينطوي تحت كلمة البِرِّ

[427] ((صيد الأفكار)) للقاضي المهدي (2/304).

قال ابن القيِّم:

(إنَّ أعمال البِرِّ تنهض بالعبد، وتقوم به

وتصعد إلى الله به

فبحسب قوة تعلُّقه بها يكون صعوده مع صعودها)

[428] ((طريق الهجرتين)) (ص274).

9- أنَّ البِرَّ يحرس النِّعم ويحصِّنها:

يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم:

((ما نقص مال عبد من صدقة))

[429] رواه الترمذي (2325)، وأحمد (4/231) (18060).

من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه.

قال الترمذي: حسن صحيح.

وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2325).

(وقيل: من تلقَّى أوائل النِّعم بالشُّكر

ثم أمضاها في سبل البِرِّ

فقد حرسها من الزَّوال، وحصَّنها من الانتقال)

[430] ((صيد الأفكار)) للقاضي المهدي (1/382).

10- أنَّ البِرَّ والإحسان إلى النَّاس يعطي هيبة

تعين على أمور الدُّنيا والدِّين

فمن أحسن إلى النَّاس عظم في أعينهم

ولقي الاحترام والتوقير

وبادلوه الحبَّ

ممَّا يجعل له مكانته وهيبته في المجتمع

فتعينه تلك المكانة على أموره

[431] ((صيد الأفكار)) للقاضي المهدي (2/304).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البِرِّ

*عبدالرحمن*
2020-08-30, 06:21
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام البِرِّ

البِرُّ ينقسم إلى قسمين:

بِرُّ صِلَة، وبِرُّ معروف.

قال الماورديُّ

: (والبِرُّ نوعان: صِلَة، ومعروف.

فأما الصلَة: فهي التَّبرع ببذل المال

في الجهات المحدودة لغير عوض مطلوب

وهذا يبعث عليه سماحة النَّفس وسخاؤها

ويمنع منه شحُّها وإباؤها.

قال الله تعالى:

وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9].

وأما النَّوع الثَّاني من البِرِّ فهو: المعروف

ويتنوع أيضا نوعين: قولًا وعملًا.

فأما القول: فهو طيب الكلام

وحسن البِشْر، والتودُّد بجميل القول

وهذا يبعث عليه حسن الخلق

ورِقَّة الطبع، ويجب أن يكون محدودًا كالسَّخاء

فإنَّه إن أسرف فيه كان مَلَقًا مذمومًا

وإن توسط واقتصد فيه كان معروفًا، وبِرًّا محمودًا.

وأمَّا العمل: فهو بذل الجاه والمساعدة بالنَّفس

والمعونة في النَّائبة

وهذا يبعث عليه حبُّ الخير للنَّاس

وإيثار الصَّلاح لهم. وليس في هذه الأمور سَرَفٌ

ولا لغايتها حَدٌّ، بخلاف النَّوع الأوَّل

لأنَّها وإن كثرت فهي أفعال خير تعود بنفعين:

نفع على فاعلها في اكتساب الأجر

وجميل الذِّكر

ونفع على المعان بها في التخفيف عنه

والمساعدة له

[432] ((أدب الدنيا والدين)) (183، 201).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البِرِّ

*عبدالرحمن*
2020-08-31, 04:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور البِرِّ

البِرُّ لفظةٌ تعمُّ جميع أعمال الإحسان

وتشمل كلَّ خصال الخير

وعلى هذا فللبر أشكال وصور كثيرة

لكنْ من أبرز صور البِرِّ والإحسان:

البِرُّ بالوالدين:

قال الله تعالى مثنيًا على نبيه عيسى عليه السلام: وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا [مريم: 32].

وقال عن نبيه يحيى عليه السلام

: وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا [مريم: 14].

وقرن بر الوالدين بتوحيده فقال:

وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا 23

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

((سألت النبي صلى الله عليه وسلم

أي العمل أحب إلى الله تعالى؟

قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟

قال: الجهاد في سبيل الله))

فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بر الوالدين

أفضل من الجهاد في سبيل الله

(ويكاد الإنسان لا يفي والديه حقهما عليه مهما أحسن إليهما

لأنهما كانا يحسنان إليه حينما كان صغيرًا

وهما يتمنيان له كل خير

ويخشيان عليه من كل سوء

ويسألان الله له السلامة وطول العمر

ويهون عليهما من أجله كل بذلٍ مهما عظم

ويسهران على راحته

دون أن يشعرا بأي تضجر من مطالبه

ويحزنان عليه إذا آلمه أي شيء)

[433] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرحمن الميداني (2/22).

ولا يقتصر بر الوالدين على حال حياتهما

بل يمتد أيضًا إلى ما بعد مماتهما

ففي الحديث ((عن أبي أُسَيْد مالك بن ربيعة السَّاعدي

قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذْ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله

هل بقي من بِرِّ أبوي شيء أبرُّهما به بعد موتهما؟

قال: نعم، الصَّلاة عليهما، والاستغفار لهما

وإنفاذ عهدهما من بعدهما

وصلة الرَّحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهما))

[434] رواه أبو داود (5142)، وأحمد (3/497) (16103)

والطبراني (19/267) (592)، والحاكم (4/171)

والبيهقي (4/28) (7142).

وحسنه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/307)

وقال ابن باز في ((مجموع فتاوى ابن باز)) (25/372):

ثابت. وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبي داود)) (5142).

وفي الحديث الآخر، حديث ابن عمر:

((مِنْ أبَرِّ البِرِّ، أن يصل الرَّجل

أهل وُدِّ أبيه بعد أن يُوَلِّي))

435] رواه مسلم (2552).

فصلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته

هو من تمام بِرِّه.

(وإذا قيل: فما هو البِرُّ الذي أمر الله به ورسوله؟

قيل: قد حَدَّه الله ورسوله بحَدٍّ معروف

وتفسير يفهمه كلُّ أحد

فالله تعالى أطلق الأمر بالإحسان إليهما

وذكر بعض الأمثلة التي هي أنموذج من الإحسان

فكل إحسان قوليٍّ أو فعليٍّ أو بدنيٍّ

بحسب أحوال الوالدين والأولاد والوقت والمكان

فإنَّ هذا هو البِرُّ...

فكلُّ ما أرضى الوالدين من جميع أنواع المعاملات العرفيَّة

وسلوك كلِّ طريق ووسيلة ترضيهما

فإنَّه داخل في البِرِّ، كما أنَّ العقوق: كلُّ ما يسخطهما

من قول أو فعل.

ولكن ذلك مقيد بالطَّاعة لا بالمعصية.

فمتى تعذَّر على الولد إرضاء والديه إلا بإسخاط الله

وجب تقديم محبَّة الله على محبَّة الوالدين.

وكان اللَّوم والجناية من الوالدين

فلا يلومان إلا أنفسهما)

[436] ((بهجة قلوب الأبرار)) للسعدي (216-217).

اخوة الاسلام

و لمن اراد الاطلاع علي المزيد

موانع فعل البِرِّ (https://www.dorar.net/akhlaq/188/%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B9-%D9%81%D8%B9%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1)


الحِكَم والأمثال في البِرِّ (https://www.dorar.net/akhlaq/190/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1)

البِرُّ في واحة الشِّعر (https://www.dorar.net/akhlaq/192/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)



و لنا عودة لزيادة العلم بخُلُقِ اخر

*عبدالرحمن*
2020-09-01, 04:45
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ البَشَاشَة

معنى البَشَاشَة لغةً:

البَشَاشَة: هي طلاقة الوجه

وقد بَشِشْت به، أَبَشُّ بَشَاشَةً

ورجل هَشٌّ بَشٌّ، أي طَلْق الوجه طيب

[467] انظر: ((الصحاح)) للجوهري (1/44).

ومن معاني البَشِّ: اللُّطف في المسألة

والإقبال على الرجل

وقيل: هو أن يضحك له

ويلقاه لقاء جميلًا. تقول: بَشِشْت به بَشًّا وبَشَاشَةً.

والبَشِيش: الوجه. يقال: رجل مضيء البَشِيش

أي: مضيء الوجه.

والبَشُّ أيضا: فرح الصَّديق بالصَّديق

والتَّبَشْبُش في الأصل التَّبَشُّش

فاستثقل الجمع بين ثلاث شينات

فقلبت إحداهن باءً

[468] انظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/81)

و((لسان العرب)) لابن منظور (6/266).

وقولهم: قد رحب فلان بفلان وبَشَّ به

معنى بَشَّ به: سُّرَّ به، وفرح، وانبسط إليه

[469] انظر: ((الزاهر في معاني كلمات الناس))

للأنباري (1/225).

معنى البَشَاشَة اصطلاحًا:

البَشَاشَة هي: طلاقة الوجه، مع الفرح، والتَّبسُّم

وحسن الإقبال، واللُّطف في المسألة

[470] انظر: ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (1/73).

أما طلاقة الوجه:

وهو إشراقه حين مقابلة الخلق

وهو ضدُّ العبوس.

وهي أيضًا: السُّرور بمن تلقاه

[471] ((مجمل اللغة)) لابن فارس (ص 112).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البَشَاشَة

*عبدالرحمن*
2020-09-02, 05:09
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الفرق بين البِشْر والهشاشة والبَشَاشَة

هناك فرق بين البِشْر والهشاشة والبَشَاشَة

فالبِشْر أول ما يظهر من السُّرور بلُقي من يلقاك

ومنه البِشَارة

وهي أول ما يصل إليك من الخبر السَّار

فإذا وصل إليك ثانيًا،لم يُسَمَّ بشارة

ولهذا قالت الفقهاء:

إنَّ من قال: من بشَّرني بمولود من عبيدي فهو حرٌّ.

أنه يُعتق أول من يخبره بذلك.

وفي المثل: البِشْر علم من أعلام النَّجح.

والهَشَاشَة هي الخفَّة للمعروف

وقد هَشِشْت يا هذا، بكسر الشين

وهو من قولك: شيء هَشٌّ

إذا كان سهل التَّناول

فإذا كان الرَّجل سهل العطاء

قيل: هو هَشٌّ بَيِّنُ الهَشَاشَة.

والبَشَاشَة: إظهار السُّرور بمن تلقاه

وسواء كان أولًا أو أخيرًا

[472] انظر: ((الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (1/101).

فوائد البَشَاشَة وطلاقة الوجه

1- طلاقة الوجه تبشر بالخير

ويقبل على صاحبها النَّاس

والوجه العبوس سبب لنفرة النَّاس.

2- من فوائدها محبَّة الله عزَّ وجل

لقوله عليه السَّلام:

((إنَّ الله يحبُّ الطَّلْق الوجه، ولا يحبُّ العبوس))

[493] رواه أبو عبد الرحمن السلمي

في ((آداب الصحبة)) (115).

3- طلاقة الوجه للضيف من إكرامه

مع طيب الحديث عند الدُّخول

والخروج، وعلى المائدة

[494] انظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/18).

وقد قيل: (من آداب المضيف: أن يخدم أضيافه

ويظهر لهم الغنى، والبسط بوجهه

فقد قيل: البَشَاشَة خير من القِرَى)

[495] انظر: ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب))

للسفاريني (2/116).

4- تكلُّفُ البِشْر والطَّلاقة

وتجنُّب العبوس والتَّقطيب من الوسائل المعينة

على اكتساب الأخلاق الحميدة.

5- الهَشَاشَة وطلاقة الوجه تثمر المحبَّة

بين المسلمين، والتآلف بينهم.

[494] انظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/18).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البَشَاشَة

*عبدالرحمن*
2020-09-03, 05:04
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

مدح البَشَاشَة وطلاقة الوجه في السنة النبوية

وردت أحاديث من السُّنَّة النَّبويَّة

تحثُّ على البَشَاشَة وطلاقة الوجه

ومن هذه الأحاديث:

- عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال:

قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم:

((لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا

ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق))

[473] رواه مسلم (2626).

(قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق))

روي (طَلْق) على ثلاثة أوجه

: إسكان اللام وكسرها، وطليق، بزيادة ياء

ومعناه: سهل منبسط. فيه الحثُّ على فضل المعروف

وما تيسَّر منه وإن قلَّ، حتى طلاقة الوجه عند اللِّقاء)

[474] ((شرح النووى على مسلم)) (16/177).

- عن جابر بن عبد الله، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((كلُّ معروف صدقة

وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق))

[475] رواه الترمذي (1970)، وأحمد (3/360) (14920)

والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (9/31) (9044)

وحسنه الترمذي

والبغوي في ((شرح السنة)) (3/406)

وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1970)

قال المباركفوري:

(...((وإنَّ من المعروف)) أي: من جملة أفراده

((أن تلقى أخاك)) أي: المسلم. ((بوجهٍ)) بالتنوين

((طَلْق)) معناه: يعني تلقاه منبسط الوجه متهلِّله)

[476] انظر: ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (6/344).

وقال في ((دليل الفالحين)):

(أي بوجه ضاحك مستبشر

وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن

ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره

وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين)

[477] انظر: ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين))

لابن علان (2/356).

وقال أيضًا: (أي: متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام

لأنَّ الظَّاهر عنوان الباطن

فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له

وفرحك بلُقْيَاه

والمطلوب من المؤمنين التوادُّ والتحابُّ)

[478] انظر: ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين))

لابن علان (5/165).

- عن أبي ذر رضي الله عنه، قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة

وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة

وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة

وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة

وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة

وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة))

[479] رواه الترمذي (1956)، والبزار (9/457) (4070)

وابن حبان (2/287) (529). قال الترمذي: حسن غريب.

وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1956)

وشعيب الأرناوؤط في تحقيق ((صحيح ابن حبان)) (2/287).

((تبسُّمك في وجه أخيك))

أي: على وجه الانبساط. صدقة. أي: إحسان إليه

أو لك، فيه ثواب صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة

ونهيك عن المنكر صدقة

والصَّدقات مختلفة المراتب

[480] انظر: ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (6/205).

قال المناوي: (.

..((تبسُّمك في وجه أخيك)) أي في الإسلام

((لك صدقة)) يعني: إظهارك له البَشَاشَة

والبِشْر إذا لقيته

تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة.

قال بعض العارفين: التبسُّم والبِشْر من آثار أنوار القلب

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ [عبس: 38-39]

قال ابن عيينة: والبَشَاشَة مصيدة المودَّة

و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق

وكلام ليِّن. وفيه رَدٌّ على العالم الذي يصَعِّر خدَّه للناس

كأنَّه معرض عنهم

وعلى العابد الذي يعبِّس وجهه ويقطِّب جبينه

كأنَّه منزَّهٌ عن النَّاس، مستقذر لهم

أو غضبان عليهم.

قال الغزالي: ولا يعلم المسكين

أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب

ولا في الوجه حتى يُعَفَّر

ولا في الخدِّ حتى يُصَعَّر

ولا في الظَّهر حتى ينحني

ولا في الذَّيل حتى يُضَمَّ، إنَّما الورع في القلب)

[481] ((فيض القدير)) (3/226).

قال ابن بطَّال:

(فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه

من أخلاق النُّبوة

وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة)

[482] انظر: ((شرح صحيح البخارى)) (5/193).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البَشَاشَة

*عبدالرحمن*
2020-09-04, 04:42
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في البَشَاشَة وطلاقة الوجه

- عن هشام بن عروة، عن أبيه قال

: (مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا

وكلمتك طيبة

تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء)

[483] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/254) (8057).

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه:

(إنَّ المسلمَيْنِ إذا التقيا

فضحك كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه

ثم أخذ بيده، تَحَاتَّتْ ذنوبهما كتحات ورق الشجر)

[484] ذكره ابن حمدون في ((التذكرة الحمدونية)) (2/228).

قال عبد الله بن المبارك:

(حسن الخلق: طلاقة الوجه

وبذل المعروف، وكفُّ الأذى)

[485] رواه الترمذي (2005).

- قال ابن القيِّم:

(طلاقة الوجه والبِشْر المحمود وسط

بين التَّعبيس والتَّقطيب، وتصعير الخدِّ

[486] التصعير: إمالة الخد عن النظر إلى الناس

تهاونا من كبر كأنه معرض.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/356).

وطيِّ البِشْر عن البَشَر

وبين الاسترسال مع كلِّ أحد بحيث يذهب الهيبة

ويزيل الوقار، ويطمع في الجانب

كما أنَّ الانحراف الأوَّل يوقع الوحشة، والبغضة

والنُّفرة في قلوب الخَلْق

وصاحب الخُلُق الوسط: مهيب محبوب عزيز جانبه

حبيب لقاؤه. وفي صفة نبيِّنا: من رآه بديهة هابه

[487] البديهة: أول كل شيء وما يفجأ منه.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/475).

ومن خالطه عشرة أحبَّه)

[488] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/311).

- قال بعض الحكماء:

(الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر

فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره)

[489] انظر: ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/239).

قيل للأوزاعي رحمه الله:

ما كرامة الضَّيف؟

قال: طلاقة الوجه، وطيب الحديث

[490] انظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/18).

قال ابن حبان:

(البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكما

؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة

ويحرق هيجان المباغضة

وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي)

[491] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 75).

- وقال أبو جعفر المنصور:

(إنْ أحببت أنْ يكثر الثَّناء الجميل

عليك من النَّاس بغير نائل، فالْقَهُمْ ببِشْر حسن)

[492] ((عين الأدب والسياسة))

لعلي بن عبد الرحمن بن هذيل، (ص 154)

نقلًا عن كتاب ((سوء الخلق)) لإبراهيم الحمد.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ البَشَاشَة

*عبدالرحمن*
2020-09-05, 05:55
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من البشاشة

في حياة الرَّسول صلى الله عليه وسلم

- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم

لأخت خديجة -رضي الله عنها- وفاءً لها

كما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:

((استأذنت هالة بنتُّ خويلد -أخت خديجة-

على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فعرف استئذان خديجة، فارتاح لذلك

فقال: اللهمَّ هالة. قالت: فَغِرْت.

فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش

حمراء الشِّدقين، هلكت في الدَّهر

قد أبدلك الله خيرًا منها))

[496] رواه البخاري (3821)، ومسلم (2437).

- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم

عند مقابلة ذوي الخلق السيِّئ

مداراة لهم واتقاء لفحشهم وتأليفًا لهم

كما ورد عن عروة بن الزُّبير

أنَّ عائشة -رضي الله عنها- أخبرته قالت:

((استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

ائذنوا له، بئس أخو العشيرة! أو ابن العشيرة. فلما دخل

ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله!

قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام!

قال: أي عائشة! إنَّ شرَّ النَّاس من تركه النَّاس

أو ودعه النَّاس اتقاء فحشه))

[497] رواه البخاري واللفظ له (6054)

ومسلم (2591).

- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم عند مقابلته للناس

فعن جرير رضي الله عنه قال:

((ما حجبني النَّبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت

ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي))

[498] رواه البخاري (3035)، ومسلم (2475).

اخوة الاسلام

و هذا اراد الاطلاع علي المزيد

نماذج من البشاشة في حياة السَّلف والعلماء (https://www.dorar.net/akhlaq/210/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1)

أقوال وأمثال عن البَشَاشَة وطلاقة الوجه (https://www.dorar.net/akhlaq/212/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%87)

موانع اكتساب البَشَاشَة (https://www.dorar.net/akhlaq/205/%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9)

البَشَاشَة وطلاقة الوجه في واحة الشِّعر (https://www.dorar.net/akhlaq/214/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)


و لنا عودة لزيادة العلم بخُلُقِ اخر

*عبدالرحمن*
2020-09-06, 04:41
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

معنى التَّأنِّي لغةً:

الأَناةُ والأَنَى: الحِلم والوقار

وأَنِيَ وتَأَنَّى واسْتأْنَى: تَثبَّت

ورجل آنٍ -على فاعل-

أَي: كثير الأَناة والحِلْم.

وتقول للرَّجل: إنَّه لذو أناةٍ،

أي: لا يَعجَل في الأمور، وهو آنٍ: وقورٌ

[533] انظر: الصحاح ((تاج اللغة وصحاح العربية))

للجوهري (6/2274)

((مقاييس اللغة))، لابن فارس (1/142).

معنى التَّأنِّي اصطلاحًا:

التَّأنِّي والأناة هو: التَّثبُّت وترك العَجَلَة

[534] ((شرح صحيح مسلم)) للنَّووي (1/189).

وقال أبو هلال العسكريُّ:

(الأناة: هي المبالغة في الرِّفق

بالأمور والتَّسبُّب إليها)

[535] ((الفروق اللغوية)) (1/204).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-07, 05:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّأنِّي في القرآن الكريم

- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ

كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النِّساء: 94].

قال الطَّبري:

فتبيَّنوا، يقول: فتأنَّوا في قتل مَن أشكل عليكم أمره

فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره

ولا تعجلوا فتقتلوا مَن الْتَبَس عليكم أمره

ولا تتقدَّموا على قتل أحدٍ

إلَّا على قتل مَن علمتموه -يقينًا-

حرْبًا لكم ولله ولرسوله)

[539] ((جامع البيان في تأويل القرآن))

للطبري (9/70).

- وقال سبحانه: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف: 50].

قال ابن عطيَّة:

(هذا الفعل مِن يوسف -عليه السَّلام-

أناةً وصبرًا وطلبًا لبراءة السَّاحة

وذلك أنَّه -فيما رُوِي- خشي

أن يخرج وينال مِن الملك مرتبة

ويسكت عن أمر ذنبه صفحًا

فيراه النَّاس بتلك العين أبدًا

ويقولون: هذا الذي راود امرأة مولاه

فأراد يوسف -عليه السَّلام- أن تَبِين براءته

وتتحقَّق منزلته مِن العفَّة والخير)

[540] ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز))

لابن عطية (3/252).

وقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الحديد: 4].

(خلقها في ستَّة أيام -والله أعلم- لحكمتين:...

الثَّانية: أنَّ الله علَّم عباده التُّؤدة والتَّأنِّي

وأنَّ الأهم إحكام الشَّيء لا الفراغ منه

حتى يتأنَّى الإنسان فيما يصنعه

فعلَّم الله -سبحانه- عباده التَّأنِّي

في الأمور التي هم قادرون عليها)

[541] ((تفسير الحجرات – الحديد))

لابن عثيمين (1/362).

وقال عزَّ مِن قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].

(قرأ الجمهور: فتبيَّنوا مِن التَّبيُّن

وقرأ حمزة والكسائي: فتثبَّتوا، مِن التَّثبُّت

والمراد مِن التَّبيُّن: التَّعرُّف والتَّفحُّص

ومِن التَّثبُّت: الأناة وعدم العَجَلَة

والتَّبصُّر في الأمر الواقع

والخبر الوارد حتى يتَّضح ويظهر)

[542] ((فتح القدير)) للشَّوكاني (5/71).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-08, 06:01
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّأنِّي في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس-:

((إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة))

[543] رواه مسلم (25).

قال القاضي عياض:

(الأناة: تربُّصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل

والحِلْم: هذا القول الذي قاله

الدَّال على صحَّة عقله

وجودة نظره للعواقب

قلت: ولا يخالف هذا ما جاء في مسند أبي يعلى وغيره:

أنَّه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ:

((إنَّ فيك خصلتين...)) الحديث

قال: يا رسول الله، كانا فيَّ أم حدثا؟

قال: ((بل قديم))

قال: قلت: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبُّهما)

[544] ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج))

للنَّووي (1/189).

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:

((التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان))

[545] رواه أبو يعلى (7/247) (4256)

والبيهقي (10/104) (20767)

قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/359)

والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/22):

رجاله رجال الصحيح

وجوَّد إسناده ابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (2/120)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3011).

قال المناوي:

(التَّأنِّي مِن الله تعالى

أي: ممَّا يرضاه ويثيب عليه

والعَجَلَة مِن الشَّيطان

أي: هو الحامل عليها بوسوسته

لأنَّ العَجَلَة تمنع مِن التَّثبُّت، والنَّظر في العواقب)

[546] ((فيض القدير شرح الجامع الصَّغير)) (3/184).

وقال ابن القيِّم:

(العَجَلَة مِن الشَّيطان فإنَّها خفَّةٌ

وطيشٌ وحدَّةٌ في العبد تمنعه مِن التَّثبُّت والوقار والحِلْم

وتوجب له وضع الأشياء في غير مواضعها

وتجلب عليه أنواعًا من الشُّرور

وتمنع عنه أنواعًا من الخير)

[547] ((الروح)) (ص 258)

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لو لبثتُ في السِّجن ما لبث يوسف لأجبت الدَّاعي))

قال القاسمي:

(مدحه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على هذه الأناة

كان في طي هذه المدحة بالأناة والتَّثبُّت

تنزيهه وتبرئته ممَّا لعلَّه يسبق إلى الوهم

أنَّه همَّ بامرأة العزيز همًّا يؤاخذ به

لأنَّه إذا صبر وتثبَّت فيما له ألَّا يصبر فيه

وهو الخروج مِن السِّجن

مع أن الدَّواعي متوافرة على الخروج منه

فلأن يصبر فيما عليه أن يصبر

فيه مِن الهمِّ، أولى وأجدر)

[549] ((محاسن التَّأويل)) (6/185)

انظر: ((شرح النووي على مسلم)) (2/185).

- وعن أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-

قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال

: ((إنِّي ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن لا تعجلي

حتى تستأمري أبويك))

[550] رواه البخاري (4786)، ومسلم (1475).

قال ابن حجر: (قوله: ((فلا عليك أن لا تعجلي)).

أي: فلا بأس عليك في التَّأنِّي

وعدم العَجَلَة حتى تشاوري أبويك)

[551] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (8/521).

- وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((التُّؤدة في كلِّ شيء خيرٌ إلَّا في عمل الآخرة))

[552] رواه أبو داود (4810)، وأبو يعلى (2/123)، (792)

والحاكم (1/132)، والبيهقي (10/194) (20592).

والحديث سكت عنه أبو داود

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

ووثق رواته ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (2/229)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

قال القاري: (التُّؤدة: بضمِّ التَّاء وفتح الهمزة

أي: التَّأنِّي، ((في كلِّ شيء))

أي: مِن الأعمال. ((خيرٌ)) أي: مستحسن

((إلَّا في عمل الآخرة))

أي: لأنَّ في تأخير الخيرات آفات.

ورُوِي أنَّ أكثر صياح أهل النَّار مِن تسويف العمل.

قال الطِّيبي: وذلك لأنَّ الأمور الدُّنيويَّة

لا يعلم عواقبها في ابتدائها أنَّها محمودة العواقب

حتى يتعجَّل فيها

أو مذمومة فيتأخر عنها

بخلاف الأمور الأخرويَّة

لقوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ –

وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ)

[553] ((مرقاة المفاتيح)) (8/3164).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-09, 04:38
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في التَّأنِّي

- كتب عمرو بن العاص إلى معاوية يعاتبه في التَّأنِّي

فكتب إليه معاوية: (أما بعد

فإنَّ التَّفهُّم في الخبر زيادة ورشد

وإنَّ الرَّاشد مَن رشد عن العَجَلَة

وإنَّ الخائب مَن خاب عن الأناة

وإنَّ المتثبِّت مصيب

أو كاد أن يكون مصيبًا

وإنَّ العَجِل مخطئٌ أو كاد أن يكون مخطئًا)

[554] ((شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة))

لللالكائي (8/1533).

- وقال مالك: (كان يُقَال: التَّأنِّي مِن الله

والعَجَلَة مِن الشَّيطان

وما عَجِل امرؤٌ فأصاب، واتَّأد آخر فأخطأ

إلَّا كان الذي اتَّأد أصوب رأيًا، ولا عَجِل امرؤٌ فأخطأ

واتَّأد آخر فأخطأ، إلَّا كان الذي اتَّأد أيسر خطأ)

[555] ((المدخل إلى السنن الكبرى))

للبيهقي (1/437).

- وقال إبراهيم بن أدهم: (ذكروا الأناة في الأشياء كلِّها

فقال الأحنف: أمَّا أنا فإذا حضرت جنازة لم أتأنَّ

وإذا وجدت كفؤًا زوَّجت ولم أتأنَّ

وإذا حضرت الصَّلاة لم أتأنَّ)

[556] ((شعب الإيمان))

للبيهقي (11/459 – برقم 8831).

- وقال أبو عثمان بن الحداد

: (مَن تأنَّى وتثبَّت تهيَّأ له مِن الصَّواب

ما لا يتهيَّأ لصاحب البديهة)

[557] ((جامع بيان العلم وفضله))

لابن عبد البر (2/1127).

- أوصى مالك بن المنذر بن مالك بنيه، فقال:

(يا بنيَّ! الزموا الأناة، واغتنموا الفرصة تظفروا)

[558] ((المجالسة وجواهر العلم))

للدينوري (6/306).

- وقال أبو حاتم: (الخائب مَن خاب عن الأناة،

والعَجِل مخطئٌ أبدًا كما أن المتثبِّت مصيبٌ أبدًا)

[559] ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) (1/218).

وقال أيضًا: (إنَّ العاجل لا يكاد يلحق

كما أنَّ الرَّافق لا يكاد يُسْبَق

والسَّاكت لا يكاد يندم

ومَن نطق لا يكاد يسلم

وإن العَجِل يقول قبل أن يعلم

ويجيب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرِّب)

[560] ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) (1/216).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-10, 07:03
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد التَّأنِّي

1- دلالة على رجاحة العقل

ووفور الرَّزانة، وطمأنينة القلب.

2- يعصم الإنسان مِن الضَّلال والخطأ.

قال ابن عثيمين:

(الأناة: التَّأنِّي في الأمور وعدم التَّسرُّع

وما أكثر ما يهلك الإنسان

ويزلُّ بسبب التَّعجُّل في الأمور

وسواء في نقل الأخبار

أو في الحكم على ما سمع

أو في غير ذلك.

فمِن النَّاس -مثلًا- مَن يتخطَّف الأخبار بمجرَّد

ما يسمع الخبر يحدِّث به، ينقله

. ومِن النَّاس مَن يتسرَّع في الحكم

سمع عن شخص شيئًا مِن الأشياء

ويتأكَّد أنَّه قاله

أو أنَّه فعله ثمَّ يتسرَّع في الحكم عليه

أنَّه أخطأ أو ضلَّ أو ما أشبه ذلك

وهذا غلط، التَّأنِّي في الأمور كلُّه خيرٌ)

[561] ((شرح رياض الصالحين)) (3/577- 578).

3- التَّأنِّي كلُّه خيرٌ ومحمود العاقبة في الدُّنْيا والآخرة.

4- صيانة للإنسان مِن الأخلاق المذمومة:

قال ابن القيِّم:

(إذا انحرفت عن خُلُق الأناة والرِّفق انحرفت:

إمَّا إلى عَجَلة وطيش وعنف

وإمَّا إلى تفريط وإضاعة، والرِّفق والأناة بينهما)

[562] ((مدارج السَّالكين)) (2/296).

5- سببٌ لنيل محبَّة الله ورضاه سبحانه:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

لأشجِّ عبد القيس:

((إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة))

[563] رواه مسلم (25).

6- صيانة الإنسان مِن كيد الشَّيطان وتسلُّطه عليه:

قال صلى الله عليه وسلم:

((التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلَة مِن الشَّيطان))

[564] رواه أبو يعلى (7/247) (4256)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3011).

قال الغزالي:

(الأعمال ينبغي أن تكون بعد التَّبصرة والمعرفة

والتَّبصرة تحتاج إلى تأمُّل وتمهُّل

والعَجَلَة تمنع مِن ذلك

وعند الاستعجال يروِّج الشَّيطان شرَّه

على الإنسان مِن حيث لا يدري)

[565] ((إحياء علوم الدين)) (3/33).

7- التَّريُّث عند وصول الخبر إليه:

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-11, 05:16
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور التَّأنِّي

التَّأنِّي مطلوبٌ في كثير من الأحوال والمواقف

التي تمرُّ على الإنسان

ومِن هذه الأحوال التي يتطلَّب فيها التَّأنِّي:

1- عند الذهاب إلى الصَّلاة:

فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال:

((بينما نحن نصلِّي مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

إذ سمع جلبة الرِّجال، فلمَّا صلَّى قال: ما شأنكم؟

قالوا: استعجلنا إلى الصَّلاة.

قال: فلا تفعلوا إذا أتيتم الصَّلاة فعليكم بالسَّكينة

فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا))

[566] رواه البخاري (635).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

((إذا سمعتم الإقامة

فامشوا إلى الصَّلاة وعليكم بالسَّكينة والوقار

ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا

وما فاتكم فأتمُّوا))

[567] رواه البخاري (636).

ففي الحديثين نهي عن الاستعجال والإسراع لإدراك الصَّلاة

والأمر بالتَّأنِّي والسَّكينة في المجيء للصَّلاة والقيام لها

[568] انظر: ((فتح الباري شرح صحيح البخاري))

لابن حجر (2/118)

((عمدة القاري شرح صحيح البخاري))

لبدر الدين العيني (5/150).

2- التَّأنِّي في طلب العلم:

قال تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ [القيامة: 16].

قال ابن القيِّم في هذه الآية

: (ومِن أسرارها -سورة القيامة-:

أنَّها تضمَّنت التَّأنِّي والتَّثبُّت في تلقِّي العِلْم

وأن لا يحمل السَّامع شدَّة محبَّته وحرصه

وطلبه على مبادرة المعلِّم بالأخذ قبل فراغه مِن كلامه

بل مِن آداب الرَّب التي أدب بها نبيَّه

أَمْرُه بترك الاستعجال على تلقِّي الوحي

بل يصبر إلى أن يفرغ جبريل مِن قراءته

ثمَّ يقرأه بعد فراغه عليه

فهكذا ينبغي لطالب العلم ولسامعه

أن يصبر على معلِّمه حتى يقضي كلامه)

[569] ((التبيان في أقسام القرآن)) (1/159).
.
3- التَّأنِّي عند مواجهة العدو في ساحة القتال:

قال النُّعمان بن مقرن للمغيرة بن شعبة

-رضي الله عنهم- في تأخير القتال يوم نهاوند

: ((ربَّما أشهدك الله مثلها مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

فلم يُندِّمك، ولم يخزك

ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

كان إذا لم يقاتل في أوَّل النَّهار

انتظر حتى تهبَّ الأرواح، وتحضر الصَّلوات))

[570] رواه البخاري (3160).

قال ابن حجر: (قوله: ((فلم يندِّمك))

أي: على التَّأنِّي والصَّبر حتى تزول الشَّمس)

[571] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (6/256).

وقال الشَّافعي:

(لا ينبغي أن يولِّي الإمام الغزو إلَّا ثقة في دينه

شجاعًا ببدنه، حسن الأناة

عاقلًا للحرب بصيرًا بها، غير عَجِلٍ ولا نَزِق

ويتقدَّم إليه أن لا يحمل المسلمين على مهلكة بحال)

[572] ((السنن الكبرى)) للبيهقي (9/70).

4- التَّأنِّي في الإنكار في الأمور المحتملة:

فعن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

في قصَّة موسى والخضر -عليهما السَّلام- وفيه-

((فعمد الخضر إلى لوح مِن ألواح السَّفينة، فنزعه،

فقال موسى: قومٌ حملونا بغير نَوْلٍ

[573] النول: الأجر. ((النهاية في غريب الحديث والأثر))

لابن الأثير (5/129).

عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟!

قال: ألم أقل إنَّك لن تستطيع معي صبرًا؟

قال: لا تؤاخذني بما نسيت

ولا ترهقني مِن أمري عسرًا))

[574] رواه البخاري (122)

ومسلم (2380)، واللَّفظ للبخاري.

قال ابن حجر:

(إنَّ الذي فعله الخضر ليس في شيء منه ما يناقض الشَّرع

فإنَّ نقض لوح مِن ألواح السَّفينة لدفع الظَّالم عن غصبها

ثمَّ إذا تركها أعيد اللَّوح- جائزٌ شرعًا وعقلًا

ولكن مبادرة موسى بالإنكار بحسب الظَّاهر

وقد وقع ذلك واضحًا في رواية أبي إسحاق

التي أخرجها مسلم

ولفظه: فإذا جاء الذي يسخِّرها فوجدها منخرقة

تجاوزها فأصلحها، فيُستفاد منه وجوب التَّأنِّي

عن الإنكار في المحتملات)

[575] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (1/222).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-12, 05:13
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور التَّأنِّي

6- عند الفصل في المنازعات وإنزال العقوبات:

ففي قصَّة أمير المؤمنين عمر

في قضائه بين علي بن أبي طالب والعبَّاس

-رضي الله عنهما-

في فيء الرَّسول صلى الله عليه وسلم مِن بني النَّضير

قال لهما عمر رضي الله عنه: (اتَّئدوا)

[579] رواه البخاري (4033).

قال ابن حجر:

(قوله: ((اتَّئدوا)). المراد: التَّأنِّي والرَّزانة)

[580] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (1/91).

وقال أبو عثمان بن الحدَّاد

: (القاضي شأنه الأناة والتَّثبُّت

ومَن تأنَّى وتثبَّت تهيَّأ له مِن الصَّواب

ما لا يتهيَّأ لصاحب البديهة)

[581] ((جامع بيان العلم وفضله))

لابن عبد البر (2/1127).

وقال الأصفهاني:

(قال بعضهم: ينبغي للسُّلطان أن يؤخِّر العقوبة

حتى ينقضي سلطان غضبه

ويعجِّل مكافأة المحسن

ويستعمل الأناة فيما يحدث

ففي تأخير العقوبة إمكان العفو إن أحبَّ ذلك

وفي تعجيل المكافأة بالإحْسَان

مسارعة الأولياء إلى الطَّاعة)

[583] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (1/242).

الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّأنِّي

1- الدُّعاء:

كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الله

بأن يهديه إلى أحسن الأخلاق

فكان مِن دعائه:

((واهدني لأحسن الأخلاق

لا يهدي لأحسنها إلَّا أنت

واصرف عنِّي سيئها

لا يصرف عنِّي سيئها إلَّا أنت))

[588] رواه مسلم (771).

2- النَّظر في عواقب الاستعجال:

قال أبو إسحاق القيرواني:

(قال بعض الحكماء: إيَّاك والعَجَلَة

فإنَّ العرب كانت تكنِّيها أمَّ الندامة

لأنَّ صاحبها يقول قبل أن يعلم

ويجيب قبل أن يفهم

ويعزم قبل أن يفكِّر

ويقطع قبل أن يقدِّر

ويحمد قبل أن يجرِّب

ويذمُّ قبل أن يخبر

ولن يصحب هذه الصِّفة أحدٌ إلَّا صحب النَّدامة

واعتزل السَّلامة)

[589] ((زهر الآداب وثمر الألباب)) (4/942).

3- معرفة معاني أسماء الله وصفاته:

فمِن أسمائه سبحانه: الحليم والرَّفيق

ومِن معانيهما: التَّأنِّي في الأمور، والتَّدرج فيها

ومن ذلك إمهال الكافرين والظَّالمين

إقامة للحجَّة وقطعًا للمحجة؛ ليهلك مَن هلك عن بينة

ويحيى مَن حيَّ عن بينة

[590] انظر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/557

، ((صفات الله -عزَّ وجلَّ- الواردة في الكتاب والسنة))

لعلوي السقاف (1/139، 180).

قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [يونس: 11].

4- قراءة سيرة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:

فنستفيد مِن سنَّته صلى الله عليه وسلم

التَّأنِّي والصَّبر على الإيذاء

قال خباب بن الأرت رضي الله عنه:

((شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو متوسِّد بردة له في ظلِّ الكعبة

قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟

قال: كان الرَّجل فيمن قبلكم يُحْفر له في الأرض

فيُجْعَل فيه

فيُجَاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشَقُّ باثنتين

وما يصدُّه ذلك عن دينه

ويُمَشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه مِن عظم أو عصب

وما يصدُّه ذلك عن دينه

والله ليتمَّنَّ هذا الأمر

حتى يسير الرَّاكب مِن صنعاء إلى حضرموت

لا يخاف إلَّا الله

أو الذِّئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون))

[591] رواه البخاري (3612).

5- قراءة سيرة السَّلف الصَّالح:

ففي سيرة سلفنا الصَّالح نماذج كثيرة

تدلُّ على تحلِّيهم بخلق التَّأنِّي

والتَّريُّث في أمورهم

فقراءة سِيَرهم تعين على الاقتداء بهم

وانتهاج طريقهم.

6- استشارة أهل الصَّلاح والخبرة:

إذا أقدم الشَّخص على أمرٍ يجهله فعليه

أن يستشير أهل الصَّلاح والخبرة

ولا يتعجَّل في أمره

قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم:

وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].

قال الماورديُّ:

(الحزم لكلِّ ذي لبٍّ أن لا يبرم أمرًا

ولا يمضي عزمًا إلَّا بمشورة ذي الرَّأي النَّاصح

ومطالعة ذي العقل الرَّاجح.

فإنَّ الله تعالى أمر بالمشورة

نبيَّه صلى الله عليه وسلم مع ما تكفَّل به مِن إرشاده

ووعد به مِن تأييده

فقال تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ..

وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى-:

أمره بمشاورتهم ليستنَّ به المسلمون ويتَّبعه فيها المؤمنون

وإن كان عن مشورتهم غنيًّا)

[592] ((أدب الدنيا والدين)) (1/300).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-13, 05:08
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نموذج مِن تأنِّي الأنبياء والمرسلين عليهم السَّلام

نبيُّ الله يوسف عليه السَّلام:

تأنَّى نبيُّ الله يوسف -عليه الصَّلاة والسَّلام-

مِن الخروج مِن السِّجن حتى يتحقَّق الملك

ورعيَّته براءة ساحته ونزاهة عرضه

وامتنع عن المبادرة إلى الخروج ولم يستعجل في ذلك.

قال تعالى: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف: 50].

قال ابن عطيَّة:

(هذا الفعل مِن يوسف -عليه السَّلام-

أناةً وصبرًا وطلبًا لبراءة السَّاحة)

[593] ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز))

لابن عطية (3/252).

نموذج للتَّأني مِن سير الصَّحابة رضي الله عنهم

تأنِّي أبي ذر الغفاري في قصَّة إسلامه

قال ابن عبَّاس:

((لـمَّا بلغ أبا ذر مبعث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

بمكَّة قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي

فاعلم لي علم هذا الرَّجل الذي يزعم أنَّه يأتيه

الخبر مِن السَّماء، فاسمع مِن قوله ثمَّ ائتني

فانطلق الآخر حتى قدم مكَّة

وسمع مِن قوله

ثمَّ رجع إلى أبي ذر فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق

وكلامًا ما هو بالشِّعر.

فقال: ما شفيتني فيما أردت فتزوَّد وحمل شنَّة

[594] الشنة: الخلق من كل آنية صنعت من جلد

. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/241).

له فيها ماء حتى قدم مكَّة

فأتى المسجد فالتمس النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه

وكره أن يسأل عنه، حتى أدركه -يعني اللَّيل- فاضطجع

فرآه عليٌّ فعرف أنَّه غريب

فلمَّا رآه تبعه، فلم يسأل واحد منهما صاحبه

عن شيء حتى أصبح

ثمَّ احتمل قربته وزاده إلى المسجد

فظلَّ ذلك اليوم

ولا يرى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، حتى أمسى

فعاد إلى مضجعه، فمرَّ به عليٌّ

فقال: ما آن للرَّجل أن يعلم منزله؟ فأقامه

فذهب به معه، ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء

حتى إذا كان يوم الثَّالث فعل مثل ذلك

فأقامه عليٌّ معه، ثمَّ قال له: ألا تحدِّثني؟

ما الذي أقدمك هذا البلد؟

قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدنِّي، فعلتُ، ففعل

فأخبره، فقال: فإنَّه حقٌّ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإذا أصبحت فاتَّبعني

فإنِّي إن رأيت شيئًا أخاف عليك

قمت كأنِّي أُريق الماء

فإن مضيت فاتَّبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل

فانطلق يقفوه

حتى دخل على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ودخل معه

فسمع مِن قوله، وأسلم مكانه))

[595] رواه مسلم (2474).

فنجد في هذه القصَّة أنَّ أبا ذرٍّ رضي الله عنه لم يظهر

ما يريده حتى يتحصَّل على بغيته

وقد تأنَّى رضي الله عنه في البحث

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والسُّؤال عنه

حتى لا تعلم به قريش، وتثنيه عن هدفه الذي مِن أجله

تحمَّل المشاق والمتاعب.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّأنِّي أو (الأناة)

*عبدالرحمن*
2020-09-14, 05:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أسباب عدم التَّأنِّي

1- الغضب والحزن الشَّديد:

روى ابن عبَّاس عن أمير المؤمنين

عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنهم-

في قصَّة اعتزال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نساءه

وفيه: ((اعتزل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أزواجه

فقلت: خابت حفصة وخسرت...

فخرجت فجئت إلى المنبر

فإذا حوله رهط يبكي بعضهم

فجلست معهم قليلًا

ثمَّ غلبني ما أجد

فجئت المشربة التي فيها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

فقلت لغلام له أسود: استأذن لعمر))

[584] رواه البخاري (5191).

قال ابن حجر:

(الغضب والحزن يحمل الرَّجل الوقور

على ترك التَّأنِّي المألوف منه

لقول عمر: ثم غلبني ما أجد. ثلاث مرَّات)

[585] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (9/279)

والحديث أخرجه البخاري (5191).

وقال ابن الجوزي

: (أشدُّ النَّاس تفريطًا مَن عَمِل مبادرة في واقعة

مِن غير تثبُّت ولا استشارة

خصوصًا فيما يوجبه الغضب

فإنَّه طلب الهلاك أو النَّدم العظيم.

وكم مَن غَضبَ فقتل وضرب

ثمَّ لما سكن غضبه؛ بقي طول دهره في الحزن

والبكاء والنَّدم! والغالب في القاتل أنَّه يقتل

فتفوته الدُّنْيا والآخرة)

[586] ((صيد الخاطر)) (1/385).

و يمكن للقارئ الكريم

الاطلاع علي المزيد من

أسباب عدم التَّأنِّي (https://www.dorar.net/akhlaq/232/%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%86%D9%8A)

الفرق بين الأناة وبعض الصِّفات (https://www.dorar.net/akhlaq/219/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA)

التَّأنِّي في واحة الشِّعر (https://www.dorar.net/akhlaq/241/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة من اجل الاستفادة من شرح خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-09-17, 16:49
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ التَّضْحية

معنى التَّضْحية لغةً:

التضحية مصدر ضحَّى

يقال: ضحَّى بنفسه أو بعمله أو بماله:

بذله وتبرع به دون مقابل.

وهي بهذا المعنى محدثة

[607] ((المعجم الوسيط)) (1/535)

((المعجم الوجيز)) (ص 377).

التَّرغيب في التَّضْحية في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء [آل عمران:140].

قال القاسمي: (أي: وليكرم ناسًا منكم بالشَّهادة

ليكونوا مثالًا لغيرهم في تَضْحية النَّفس شهادةً للحقِّ

واستماتةً دونه، وإعلاءً لكلمته)

[608] ((تفسير القاسمي)) (2/419).

- قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ

وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء

أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ

وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب:21-27].

(لما ذكر تعالى غزوة الأحزاب

وموقف المنافقين المذبذبين منها

بالقعود عن الجهاد، وتثبيط العزائم

أمر المؤمنين في هذه الآيات بالاقتداء بالرَّسول الكريم

في صبره وثباته، وتَضْحِيته وجهاده)

[609] ((صفوة التفاسير)) للصابوني (2/476).

- قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 169].

(فيما ذكر إشارة إلى أنَّ المؤمن الذي يضَحِّي بنفسه

في سبيل نصر دينه ودعوة ربِّه

هو من الشُّهداء الأبْـــرَار

الذين يظفرون بجنان الخلد، وهم أحياء

أرواحهم في حواصل طير خُضْر

تسرح في الجنَّة حيث شاءت)

[610] ((التفسير المنير)) لوهبة الزحيلي (2/40).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّضْحية

*عبدالرحمن*
2020-09-18, 04:28
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّضْحية في السُّنَّة النبوية

- عن أبي هريرة رضي الله عنه

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:

((انتدب الله لمن خرج في سبيله

-لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي-

أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة

أو أدخله الجنَّة، ولولا أن أشقَّ على أمَّتي

ما قعدت خلف سريَّة

ولوددت أنِّي أُقتل في سبيل الله ثم أحيا

ثم أُقتل ثم أحيا، ثم أُقتل))

[611] رواه البخاري (36)، ومسلم (1876).

فبذل النَّفس والشَّهادة في سبيل الله هي ذروة التَّضْحية.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنَّه قال: ((من خير معاش النَّاس لهم،

رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله

يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً

[612] الهيعة: الصوت تفزع منه وتخافه من عدو.

انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (22/417).

أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه

أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف

أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة

ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين

ليس من النَّاس إلا في خير))

[613] رواه مسلم (1889).

- وعنه أيضًا رضي الله عنه

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: ((ما نقصت صدقة من مال

وما زاد الله عبدًا بعفو إلَّا عزًّا.

وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله))

[614] رواه مسلم (2588).

فلا خوف من التَّضْحية بالمال عند النَّفقة.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّضْحية

سليم المبتسم
2020-09-18, 09:25
كالعادة ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة شكراً لك بانتظار الجديد القادم دمت بكل خير

*عبدالرحمن*
2020-09-19, 05:10
كالعادة ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة شكراً لك بانتظار الجديد القادم دمت بكل خير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

يشرفتي متابعتك

و حضورك اللطيب مثلك

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-09-19, 05:20
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام التَّضْحية

تنقسم التَّضْحية إلى قسمين:

1- التَّضْحية المحمودة (المشروعة):

ومنها:

- التَّضْحية بالنَّفس:

قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ [البقرة: 216].

(أخبر أنَّه مكروه للنُّفوس

لما فيه من التَّعب والمشقَّة

وحصول أنواع المخاوف، والتعرُّض للمتالف، ومع هذا

فهو خيرٌ محضٌ؛ لما فيه من الثَّواب العظيم

والتَّحرُّز من العقاب الأليم

والنَّصر على الأعداء والظَّفر بالغنائم، وغير ذلك

ممَّا هو مُرَبٍّ، على ما فيه من الكراهة)

[615] ((تفسير السعدي)) (ص 96).

- التَّضْحية بالمال:

قال تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:10-11].

كذلك تدلُّ وقائع التَّربية النَّبويَّة

على أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يشترطها

ويجعلها شارة الإيمان وصدقه.

والإنسان عنده ميل فطري إلى أن يضَحِّي بنفسه

وماله في سبيل المثل الأعلى

بل إنَّ هذه التَّضْحية هي أمر راسخ في فطرة الإنسان

وجزء من وجوده

وما تعظيم الشَّجَاعَة عند البَشَر إلا تقديرًا لقيمة التَّضْحية

في سبيل المثل الأعلى

ولذلك جُعل الجهاد أفضل الأعمال

[616] ((أهداف التربية الإسلامية))

لماجد الكيلاني (ص 128).

2- التَّضْحية المذمومة (غير المشروعة):

التضحية المذمومة هي التَّضْحية في نصرة باطل

أو من أجل جاهلية

وكل تضحية لم تكن في سبيل الله أو ابتغاء مرضاته

أو تحقيقًا لمقصد شريف نبيل فهي مذمومة.

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال:

((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله؟

فإنَّ أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حَمِيَّةً

فرفع إليه رأسه

قال: وما رفع إليه رأسه إلَّا أنَّه كان قائمًا

فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

فهو في سبيل الله عزَّ وجلَّ))

[617] رواه البخاري (123).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّضْحية

*عبدالرحمن*
2020-09-20, 05:01
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نموذج من تَضْحية النَّبي صلى الله عليه وسلم

الرَّسول صلى الله عليه وسلم قمة في الأخلاق الكريمة

وفي التَّضْحية والشَّجَاعَة، فكان أشجع النَّاس

وأقواهم قلبًا، وأثبتهم جنانًا

وقد كانت حياته كلُّها تَضْحية في سبيل الإسلام

فعن أنس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

((لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد

وأخفت في الله، وما يخاف أحد

ولقد أتت علي ثلاثون ليلة من بين يوم وليلة

وما لي ولبلال رضي الله عنه ما يأكله ذو كبد

إلا ما يواري إبط بلال))

[624] رواه الترمذي (2472)، وابن ماجه (123)

قال الترمذي: حسن غريب.

وصححه ابن القيم في ((عدة الصابرين)) (1/299)

والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2472).

وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لقد أُخِفتُ"

أي: لقد أخافَني المشرِكون واضطهَدوني

وحارَبوني وحاوَلوا قتلي، "في الله

أي: في سَبيلِ اللهِ وأنا أدْعو إلى دِينِ اللهِ

"وما يُخافُ أحَدٌ"

أي: قَبلَ أن يُخيفوا أحدًا غيري أو يَضطَهِدوا أحدًا غيري

"ولقد أُوذيتُ في اللهِ"

أي: ولقد لَحِقني الأذى في سبيلِ اللهِ

وأنا أدعو إلى دِينِ اللهِ حيثُ أصابني من المشرِكين

الضربُ والتسفيهُ والإيذاءُ وضيَّقوا عليَّ

"وما يُؤذَى أحدٌ"

أي: وما نال أحدًا الأذى غيري

وهذا في بدايةِ الإسلامِ

"ولقد أتَت علَيَّ ثلاثون مِن بينِ يومٍ وليلةٍ"

أي: ولقد مرَّ علَيَّ ثلاثونَ يومًا بلَياليهنَّ

"وما لي ولبِلالٍ طعامٌ"

أي: وليس معَنا طعامٌ أنا وبلالُ بنُ رَباحٍ

"يَأكُلُه ذو كَبِدٍ"، أي: يأكلُه مخلوقٌ حيٌّ له كبد

"إلَّا شيءٌ يُواريه إبْطُ بلالٍ"

أي: وليس معَنا إلَّا طعامٌ قليلٌ يَستُرُه بلالٌ تَحتَ إِبْطِه مِن قِلَّتِه.

مصدر الشرح

https://www.dorar.net/hadith/sharh/83801

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّضْحية

*عبدالرحمن*
2020-09-22, 05:33
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من تَضْحية الصَّحابة

حياة الصَّحابة مليئة بمواقف التَّضْحية والفداء

والبذل والعطاء، من أجل نصرة دين الله

وهذه نماذج من تضحياتهم.

أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

خطب النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال:

(إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنيا وبين ما عنده

فاختار ما عند الله. فبكى أبو بكر رضي الله عنه

فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ؟

إن يكن الله خيَّر عبدًا بين الدُّنيا وبين ما عنده

فاختار ما عند الله

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد

وكان أبو بكر أعلمنا. قال: يا أبا بكر لا تبك

إنَّ أمَنَّ النَّاس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر

ولو كنت متَّخذًا خليلًا من أمتي

لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوَّة الإسلام ومودَّته

لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر)

[625] رواه البخاري (466)، ومسلم (2382).

وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطَّاب

يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق

فوافق ذلك عندي مالًا

فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا

قال: فجئت بنصف مالي

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟

قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده

فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟

قال: أبقيت لهم الله ورسوله

قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا))

[626] رواه أبو داود (1678)، والتِّرمذي (3675)

والدارمي (1/480) (1660)، والبزار (1/394) (270)

والحاكم (1/574)، والبيهقي (4/180) (8026).

وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود))

والوادعي في ((الصَّحيح المسند)) (996).

عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:

عن ابن عمر رضي الله عنهما:

(أنَّ عمر بن الخطَّاب أصاب أرضًا بخيبر

فأتى النَّبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها

فقال: يا رسول الله، إنِّي أصبت أرضًا بخيبر

لم أصب مالًا قطُّ أنفس عندي منه، فما تأمر به؟

قال: إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها.

قال: فتصدَّق بها عمر: أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث

وتصدَّق بها في الفقراء، وفي القُرْبى، وفي الرِّقاب

وفي سبيل الله، وابن السَّبيل، والضَّيف

لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف

ويطعم غير مُتَمَوِّلٍ) قال: فحدَّثت به ابن سيرين

فقال: غير مُتَأَثِّلٍ مالًا)

[627] رواه البخاري (2737)، ومسلم (1632).

أبو طلحة رضي الله عنه:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:

((كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل

وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَاء

وكانت مستقبلة المسجد

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها

ويشرب من ماء فيها طيِّب

قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية:

لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]

قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: يا رسول الله، إنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول:

لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ

وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاء، وإنَّها صدقة لله

أرجو برَّها وذخرها عند الله

فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال:

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ

ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت

وإنِّي أرى أن تجعلها في الأقربين.

فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسَّمها أبو طلحة

في أقاربه وبني عمِّه))

تابعه رَوْحٌ. وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل

عن مالك: ((رايح))

[628] رواه البخاري (1461)، ومسلم (998).

الزُّبير بن العوَّام رضي الله عنه:

يقول ابن كثير، وهو يستعرض غزوة تبوك:

(وقد كان فيمن شهد اليرموك: الزُّبير بن العوَّام

وهو أفضل من هناك من الصَّحابة

وكان من فرسان النَّاس وشجعانهم

فاجتمع إليه جماعة من الأبطال يومئذ

فقالوا: ألا تحمل فنحمل معك؟

فقال: إنَّكم لا تثبتون، فقالوا: بلى! فحمل وحملوا،

فلمَّا واجهوا صفوف الرُّوم، أحجموا، وأقدم هو

فاخترق صفوف الرُّوم حتَّى خرج من الجانب الآخر

وعاد إلى أصحابه. ثم جاؤا إليه مرَّة ثانية

ففعل كما فعل في الأولى

وجُرِح يومئذ جرحين بين كتفيه، وفي رواية: جُرح)

[629] ((البداية والنهاية)) (7/15).

وعن عروة (أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

قالوا للزُّبير: ألا تشد فنشدَّ معك؟

قال: إنِّي إن شددت كذبتم.

فقالوا: لا نفعل. فحمل عليهم حتى شقَّ صفوفهم

فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلًا

فأخذوا بلجامه، فضربوه ضربتين: ضربة على عاتقه

بينهما ضربة ضربها يوم بدر.

قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب

وأنا صغير. قال: وكان معه عبد الله بن الزُّبير

وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس ووكَّل به رجلًا)

[630] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (3/46).

أنس بن النَّضر رضي الله عنه:

عن أنس رضي الله عنه أنَّ عمَّه غاب عن بدر

فقال: (غبت عن أوَّل قتال النَّبي صلى الله عليه وسلم

لئن أشهدني الله مع النَّبي صلى الله عليه وسلم

ليرينَّ الله ما أجد، فلقي يوم أحد، فهزم النَّاس

فقال: اللهم إنِّي أعتذر إليك مما صنع هؤلاء

يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به المشركون

فتقدَّم بسيفه فلقي سعد بن معاذ

فقال: أين يا سعد، إنِّي أجد ريح الجنَّة دون أحد

فمضى فقُتل، فما عُرف

حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه

وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم)

[631] ((صحيح البخاري)) (5/95).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّضْحية

*عبدالرحمن*
2020-09-23, 06:03
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موانع اكتساب صفة التَّضحية

1- عدم الإخلاص لله في العمل.

2- حبُّ النَّفس والأثرة.

3- الانغماس في اللَّهو والتَّرف والدعة.

4- إساءة الظنِّ وعدم الثِّقة.

5- ضعف الإيمان، والتَّفكير في الرِّزق الذي يقعده

عن الإنفاق والتَّضْحية بالمال

والخوف من الموت الذي يقعده

عن الجهاد والتَّضْحية بالنَّفس.

6- التَّعلق بالدُّنيا وزينتها، والتثاقل إلى الأرض.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ

إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التوبة: 38-39].

7- البخل، وعدم الإنفاق في سبيل الله:

قال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38].

وقال تعالى: أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف: 10-11].

اخوة الاسلام من اراد الاطلاع علي المزيد

الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية (https://www.dorar.net/akhlaq/259/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%A9)

حِكَمٌ وأقوالٌ في التضحية (https://www.dorar.net/akhlaq/268/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%A9)

التَّضْحية في واحة الشِّعر (https://www.dorar.net/akhlaq/270/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من شرح خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-09-24, 04:34
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ التَّعاون

معنى التَّعاون لغةً:

العون: الظَّهير على الأمر

وأعانه على الشَّيء: ساعده

واستعان فلانٌ فلانًا وبه: طلب منه العون.

وتعاون القوم: أعان بعضهم بعضًا

[639] ((لسان العرب)) لابن منظور (13/298)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 222)

((المعجم الوسيط)) (2/638).

والمعْوانُ: الحَسَن المعُونة للنَّاس، أو كثيرها

[640] ((تاج العروس)) للزبيدي (35/431).

معنى التَّعاون اصطلاحًا:

التَّعاون هو: (المساعدة على الحقِّ

ابتغاء الأجر مِن الله سبحانه)

[641] ((موسوعة الأخلاق)) لخالد الخراز (ص 441).

أهمية التَّعاون

لقد جعل الله سبحانه وتعالى التَّعاون فطرة جبلِّيَّة

جبلها في جميع مخلوقاته: صغيرها وكبيرها

ذكرها وأنثاها، إنسها وجنِّها

فلا يمكن لأيِّ مخلوق أن يواجه

كلَّ أعباء الحياة ومتاعبها منفردًا

بل لابدَّ أن يحتاج إلى مَن يعاونه ويساعده

لذلك فالتَّعاون ضرورة مِن ضروريَّات الحياة

التي لا يمكن الاستغناء عنها

فبالتَّعاون يُنْجز العمل بأقصر وقت وأقلِّ جهد

ويصل إلى الغرض بسرعة وإتقان.

والملاحظ أنَّ نصوص الشَّريعة جاءت بالخطاب الجماعي

فقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ

وردت (89) مرَّة

وقوله: أَيُّهَا النَّاسُ عشرين مرَّة

وقوله: بَنِي آدَمَ خمس مرَّات

دلالة على أهمية الاجتماع والتَّعاون والتَّكامل

وقد حثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على التَّعاون ودعا إليه

فقال: ((مَن كان معه فضل ظهر

فليعد به على مَن لا ظهر له

ومَن كان له فضلٌ مِن زاد فليعد به على مَن لا زاد له))

[642] رواه مسلم (1728).

وشبَّه المؤمنين في اتِّحادهم وتعاونهم بالجسد الواحد،

فقال: ((مثل المؤمنين في توادِّهم

وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد

إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى))

[643] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللَّفظ له.

وقال صلى الله عليه وسلم:

((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا))

[644] رواه البخاري (481) ومسلم (2585).

وقال صلى الله عليه وسلم

: ((يد الله مع الجماعة))

[645] رواه التِّرمذي (2166)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن التِّرمذي))

وحثَّ على معونة الخدم ومساعدتهم، فقال:

((ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم

فإن كلَّفتموهم فأعينوهم))

[646] رواه البخاري (31) ومسلم (1661).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

Ali Harmal
2020-09-24, 18:18
بارك الله في اخي الدكتور عبد الرحمن وجزاك الله خيرا .

*عبدالرحمن*
2020-09-25, 05:57
بارك الله في اخي الدكتور عبد الرحمن وجزاك الله خيرا .

الحم لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك

اخي و صديقي الفاضل

و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-09-25, 06:15
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّعاون في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 1-3].

(أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك

ويحثُّه عليه، ويرغِّبه فيه)

[647] ((تيسير الكريم الرَّحمن)) للسعدي (1/934).

(فهذه السُّورة العظيمة القصيرة

اشتملت على معان عظيمة

مِن جملتها: التَّواصي بالحقِّ

وهو التَّعاون على البرِّ والتَّقوى)

[648] ((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)) لابن باز (5/87).

- وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2].

قال ابن كثير:

(يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات

وهو البرُّ، وترك المنكرات وهو التَّقوى

وينهاهم عن التَّناصر على الباطل

والتَّعاون على المآثم والمحارم)

[649] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/12).

وقال القرطبيُّ:

(هو أمرٌ لجميع الخَلْق بالتَّعاون على البرِّ والتَّقوى

أي ليُعن بعضكم بعضًا

وتحاثُّوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به

وانتهوا عمَّا نهى الله عنه وامتنعوا منه

وهذا موافقٌ

لما رُوِي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال

: ((الدَّالُّ على الخير كفاعله))

[650] رواه التِّرمذي (2670)

وقال الألباني في ((صحيح سنن التِّرمذي)): حسن صحيح.

وقال الماورديُّ:

ندب الله سبحانه إلى التَّعاون بالبرِّ

وقرنه بالتَّقوى له؛ لأنَّ في التَّقوى رضا الله تعالى

وفي البرِّ رضا النَّاس

ومَن جمع بين رضا الله تعالى

ورضا النَّاس فقد تمَّت سعادته، وعمَّت نعمته)

[651] ((الجامع لأحكام القرآن)) (6/46-47).

وقال ابن باز:

(والمعنى: احذروا مغبَّة التَّعاون على الإثم والعدوان

وترك التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، ومِن العاقبة

في ذلك: شدَّة العقاب لمن خالف أمره

وارتكب نهيه وتعدَّى حدوده)

[652] ((محموع فتاوى ومقالات متنوعة)) (5/93).

- وقوله عزَّ وجلَّ: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا

وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103].

قال أبو جعفر الطَّبري:

(يعني بذلك جلَّ ثناؤه: وتعلَّقوا بأسباب الله جميعًا.

يريد بذلك -تعالى ذكره-:

وتمسَّكوا بدين الله الذي أمركم به

وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم

مِن الألفة والاجتماع على كلمة الحقِّ

والتَّسليم لأمر الله)

[653] ((جامع البيان في تأويل القرآن)) (5/643).

وقال السعدي:

(فإنَّ في اجتماع المسلمين على دينهم

وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم

وبالاجتماع يتمكَّنون مِن كلِّ أمر مِن الأمور

ويحصل لهم مِن المصالح التي تتوقَّف على الائتلاف

ما لا يمكن عدُّها، مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى)

[654] ((تيسير الكريم الرَّحمن)) (ص 141).

- وقوله: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 29-32].

قال مقاتل بن سليمان:

(اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي يقول: اشدد به ظهري

وليكون عونًا لي

وأشركه في أمري الذي أمرتني به

يتَّعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعًا)

[655] ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/26).

وقال السعدي:

(عَلِم عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ مدار العبادات كلِّها

والدِّين على ذكر الله، فسأل اللهَ أن يجعل أخاه معه

يتساعدان ويتعاونان على البرِّ والتَّقوى

فيكثر منهما ذكر الله مِن التَّسبيح والتَّهليل

وغيره مِن أنواع العبادات)

[657] ((تيسير الكريم الرَّحمن)) (ص 504).

وقال أبو جعفر الطَّبري:

(قوِّ ظهري، وأعنِّي به)

[656] ((جامع البيان في تأويل القرآن)) (16/55).

وقال المراغي:

(أي: أحكم به قوَّتي، واجعله شريكي في أمر الرِّسالة

حتى نتعاون على أدائها على الوجه

الذي يؤدِّي إلى أحسن الغايات

ويوصل إلى الغرض على أجمل السُّبل)

[658] ((تفسير المراغي)) (16/107).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

*عبدالرحمن*
2020-09-26, 04:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّعاون في السُّنَّة النَّبويَّة

- قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم:

((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا))

[659] رواه البخاري (481) و مسلم (2585).

قال ابن بطَّال:

(تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدُّنْيا والآخرة

مندوبٌ إليه بهذا الحديث)

[660] ((شرح صحيح البخاري)) (9/227).

- وعن ابن عمر رضي الله عنه،

أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه

ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته

ومَن فرَّج عن مسلم كربةً

فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة

ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة))

قال ابن بطَّال في شرح هذا الحديث:

(... وباقي الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر

والألفة، والسِّتر على المؤمن

وترك التَّسمع به، والإشهار لذنوبه)

[663] ((شرح صحيح البخاري)) (6/571).

- وعن أنس رضي الله عنه، قال:

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا))

قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا

فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يده))

[666] رواه البخاري (2444).

قال ابن بطَّال: (والنُّصرة عند العرب: الإعانة والتَّأييد

وقد فسَّره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه مِن الظُّلم

لأنَّه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أدَّاه ذلك

إلى أن يُقْتَصَّ منه

فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره

وهذا يدلُّ مِن باب الحكم للشَّيء

وتسميته بما يؤول إليه...)

[667] ((شرح صحيح البخاري)) (6/572).

- وعن أبي عبد الرَّحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا،

ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا))

[669] رواه البخاري (2843)، ومسلم (1895) واللَّفظ له.

قال ابن عثيمين

: (هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى

فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه

إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي

لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير

فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو

ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم

فانتدب رجلًا مِن المسلمين

وقال: اخلفني في أهلي بخير

فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه)

[671] ((شرح رياض الصالحين)) (2/374).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا

نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة

ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة

ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة.

والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...))

[672] رواه مسلم (2699).

قال ابن دقيق العيد:

(هذا الحديث عظيم جامع لأنواعٍ مِن العلوم والقواعد والآداب

فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم

بما يتيسَّر مِن عِلْم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة

أو نصيحة أو غير ذلك)

[673] ((شرح الأربعين النووية)) (1/119).

وقال النَّوويُّ

في تعليقه على حديث: ((مثل المؤمنين في توادهم...))

: (صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا

وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة

والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ)

[675] ((شرح النووي على مسلم)) (8/395).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

*عبدالرحمن*
2020-09-27, 04:41
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام التَّعاون

ينقسم التَّعاون إلى قسمين:

1- تعاون على البرِّ والتَّقوى.

2- تعاون على الإثم والعدوان.

قال ابن تيمية:

(فإنَّ التَّعاون نوعان: الأوَّل: تعاونٌ على البرِّ والتَّقوى

: مِن الجهاد وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق

وإعطاء المستحقِّين

فهذا ممَّا أمر الله به ورسوله. ومَن أمسك عنه خشية

أن يكون مِن أعوان الظَّلمة فقد ترك فرضًا على الأعيان

أو على الكفاية متوهِّمًا أنَّه متورِّعٌ.

وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع

إذ كلٌّ منهما كفٌّ وإمساكٌ.

والثَّاني: تعاونٌ على الإثم والعدوان، كالإعانة على دمٍ معصومٍ

أو أخذ مالٍ معصومٍ، أو ضرب مَن لا يستحقُّ الضَّرب، ونحو ذلك

فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله. نعم

إذا كانت الأموال قد أُخِذَت بغير حقٍّ

وقد تعذَّر ردُّها إلى أصحابها

ككثيرٍ مِن الأموال السُّلطانيَّة

فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثُّغور

ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك:

مِن الإعانة على البرِّ والتَّقوى)

[680] ((السياسة الشَّرعية)) (ص 40).

أقوال العلماء في التَّعاون

- قال عطاء بن أبي رباح:

(تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث

فإن كانوا مرضى فعودوهم

أو مشاغيل فأعينوهم، أو نسوا فذكِّروهم)

[676] ((إحياء علوم الدِّين)) للغزَّالي (2/176).

- وقال ابن تيمية:

(حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة

بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها

وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا)

[677] ((الفتاوى الكبرى)) (6/364).

- وقال أبو حمزة الشَّيباني

لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟

قال: (هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ

المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ

وإن تفرقت دورهم وأبدانهم)

[678] ((الإخوان)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 99).

- وقال أبو الحسن العامري

: (التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء

واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد)

[679] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان التَّوحيدي (9/148).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

*عبدالرحمن*
2020-09-28, 05:23
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج تطبيقيَّة في التعاون من حياة الأنبياء والمرسلين

- أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السَّلام ببناء الكعبة

فقام إبراهيم عليه السَّلام استجابة لأمر الله

وطلب مِن ابنه إسماعيل أن يساعده على تنفيذ هذا الأمر الإلهي

ويعينه في بناء الكعبة

فقال له: ((يا إسماعيل، إنَّ الله أمرني بأمرٍ

قال: فاصنع ما أمرك ربُّك، قال: وتعينني؟

قال: وأعينك، قال: فإنَّ الله أمرني

أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمةٍ

[683] الأكمة: الموضع الذي يكون أشد ارتفاعا

مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا.

انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (31/223).

مرتفعةٍ على ما حولها، قال: فعند ذلك

رفعا القواعد مِن البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة

وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء

جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه

وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة

وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127]

قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))

[684] رواه البخاري (3364).

- عندما أرسل الله سبحانه وتعالى موسى عليه السَّلام

إلى فرعون وكلَّفه بأن يدعو فرعون إلى عبادة الله وحده

طلب موسى عليه السَّلام مِن ربِّه سبحانه وتعالى

المعينَ والمساعدَ على هذا الأمر العظيم

فطلب منه أن يجعل له أخاه هارون معاونًا ومساعدًا

في دعوته فرعون

فقال: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:29-32]

فقال الله له: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36]

وجعل هارون معاونًا ومساعدًا لموسى عليه السَّلام

في دعوته إلى الله

وآتاه النُّبوَّة استجابة لدعوة موسى

[685] انظر: ((جامع البيان)) للطبري (18/300)

((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (5/83)

((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (11/192)..

نماذج تطبيقيَّة مِن الأمم السَّابقة في التَّعاون

التَّعاون بين ذي القرنين وأصحاب السَّدِّ:

(لقد مكَّن الله عزَّ وجلَّ لذي القرنين في الأرض

وآتاه مِن كلِّ شيء سببًا، فتوفَّرت القدرة والسُّلطة

وتهيَّأت أمامه أسباب القوَّة والنُّفُوذ

التي لم تتوفَّر لكثير غيره. وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ

قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ

وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا [الكهف:83-84]

ومع ذلك لم يستغن ذو القرنين عن معونة الآخرين

حينما أراد أن يقوم بعمل كبير

وإنجاز عظيم: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ

وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً

قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ

فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا

عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا [الكهف: 93-94]

فصارحهم ذو القرنين

بأن مثل هذا العمل الضَّخم يحتاج إلى التَّعاون

ولا يتمُّ دونه

فقال: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا [الكهف: 95].. الآيات

فماذا كانت نتيجة هذا التَّعاون العظيم؟

كانت نتيجته إتمام عمل عظيم، سدٌّ منيع

لا يستطيع مهاجموه أن يعلو ظهره

ولا أن يحدثوا فيه خَرْقًا.

. والدَّرس الذي نخرج به أنَّ التَّعاون إذا أخلص له أهلوه

وبذلوا فيه بصدقٍ ما استطاعوا حقق لهم

مِن النتائج ما يكفي ويشفي)

[686] ((الرَّائد دروس في التَّربية والدَّعوة))

لمازن عبد الكريم الفريح (1/228-229).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

*عبدالرحمن*
2020-09-29, 05:26
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج تطبيقية مِن حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في التَّعاون

- كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

يسعى لقضاء حوائج المسلمين، ويحبُّ إعانتهم

والوقوف معهم فيما يلمُّ بهم مِن نوازل

وكان مجبولًا على ذلك مِن صغره وقبل بعثته

وقد بيَّنت ذلك أمُّنا خديجة رضي الله عنها

عندما كانت تخفِّف مِن روع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

عند عودته مِن غار حراء بعد نزول الوحي عليه

وكان فزعًا، فقالت له: (كلا والله ما يخزيك الله أبدًا

إنَّك لتصل الرَّحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم

وتقري الضَّيف، وتعين على نوائب الحقِّ)

[687] رواه البخاري (3) و مسلم (160)، واللَّفظ للبخاري.

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يكون في مَهْنة أهله

فإذا حضرت الصَّلاة قام إلى الصَّلاة))

[688] رواه البخاري (6039).

- وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:

((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

ينقل التُّراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه

[689] أغمر بطنه: أي وارى التراب جلده وستره.

انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (13/264).

نماذج تطبيقيَّة مِن حياة الصَّحابة في التَّعاون

كان الصَّحابة رضوان الله عليهم

مثالًا يُحْتَذى بهم في التَّعاون

وكانوا في ذلك المثل الأسمى

فكانوا كخليَّة النَّحل في تكاتفها وتعاونها

وكالجسد الواحد إذا اشتكى منهم عضو تداعى

له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى

و(في الوقت الذي كان فيه أبو عبيدة بن الجرَّاح

وسعد بن أبي وقَّاص

وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص

يفتحون مصر والشَّام والعراق

كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يسوسون النَّاس

ويرعون شؤونهم

وكان معاذ بن جبل وابن عبَّاس وابن عمر يعلِّمون النَّاس

ويفتونهم ويربُّونهم

وكان أبو هريرة وأنس وعائشة يحفظون الحديث ويروونه

وكان أبو ذرٍّ وأبو الدَّرداء يعظون النَّاس والحكَّام وينصحونهم

فتعاونوا ولم يتعايبوا.. وتناصروا ولم يتدابروا)

[691] ((التيه والمخرج)) لعدنان عرعور (53-54).

ونقف هنا وقفات مع نماذج

مِن تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم.

تعاون أبي بكر وأهل بيته

مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في هجرته:

- جهَّز أبو بكر راحلتين عندما أعلمه

النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالهجرة

وخاطر بنفسه وهاجر مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

وعندما وصلا غار ثور دخل أبو بكر أوَّلًا ليستبرأ

الغار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كي لا يصيبه أذى

وأعدَّت أسماء بنت أبي بكر لهما جهاز السَّفر

وكان عبد الله بن أبي بكر يأتي لهما بأخبار قريش

وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر يريح الغنم عليهما

وهما في الغار ليشربا مِن لبنها

وفي طريقهما إلى المدينة كان أبو بكر

إذا تذكر طلب قريش للرَّسول صلى الله عليه وسلم مشى خلفه

وإذا تذكر رصدها له مشى أمامه

[693] انظر: ((صحيح البخاري)) حديث رقم (3905).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

Ali Harmal
2020-09-29, 19:58
جزاك الله خيرا يا دكتور وبارك فيك وجعل كل اعمالك في ميزان حسناتك .

*عبدالرحمن*
2020-09-30, 04:48
جزاك الله خيرا يا دكتور وبارك فيك وجعل كل اعمالك في ميزان حسناتك .

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيك

اخي و صديقي الغالي

و جزاك الله عني كل خير

لك كامل احترامي و تقديري

*عبدالرحمن*
2020-09-30, 05:01
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

ونقف هنا وقفات مع نماذج

مِن تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم.

تعاون الصَّحابة رضوان الله عليهم في بناء المسجد النبوي:

- عندما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

لبني النَّجار: ((يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا

قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله

فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين

وفيه خربٌ وفيه نخلٌ

فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين

فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع

فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة

وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معهم

وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة

فاغفر للأنصار والمهاجرة))

[694] رواه البخاري (428)، ومسلم (524).

تعاون الأنصار مع المهاجرين بعد الهجرة:

- قال عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه:

((آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد:

إنِّي أكثر الأنصار مالًا

فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان

فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها

فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك

دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع

فما رحت حتى استفضلت أقِطًا وسمنًا))

[695] الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض

يطبخ ثم يترك حتى يمصل.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (7/257).

[696] رواه البخاري (2048).

- وقالت الأنصار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

: ((اقسم بيننا وبينهم النَّخل

قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا

في التَّمر. قالوا: سمعنا وأطعنا))

[697] رواه البخاري (3782).

ومِن تعاون الصَّحابة أيضًا:

- موقفهم في قصَّة سلمان رضي الله عنه

عندما كاتب سيِّده، وكان فقيرًا لا يملك ما كاتب عليه

فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للصَّحابة

: ((أعينوا أخاكم)) فأعانوه

حتى تحرَّر مِن رقِّه، وأصبح حرًّا

[698] رواه أحمد (5/441)

وحسَّن إسناده الألباني في ((السِّلسلة الصَّحيحة)) (2/556)

وحسَّن الحديث الوادعي في ((الصَّحيح المسند)) (84).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّعاون

*عبدالرحمن*
2020-10-01, 04:55
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

ميادين التَّعاون

(لقد أقام الإسلام التَّعاون بين المسلمين على أساس مُحْكَم

ومدَّ له في كلِّ ناحية مِن نواحي الحياة

بسببٍ. فالتَّمثيل القرآني لأهل الإيمان

أنَّهم كالبنيان المرصوص

وفي التَّمثيل النَّبوي كالجسد الواحد

. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقَّق على وجهها إلَّا بالتَّعاون.

ودين الله بنيان شامخ

لا يقوم ولا يثبت إلَّا حين تتراص لبناته

وتتضامن مبانيه؛ لتسدَّ كلُّ لبنة ثغرتها.

وإذا كان الله سبحانه قد خَلَق الخَلْق لعبادته وطاعته

فإنَّ هذه العبادات والطَّاعات أنواع: قلبيَّة عقليَّة كالإيمان

وبدنيَّة كالصَّلاة، وماليَّة كالزَّكاة

ومركَّبة مِن البدن والمال كالحجِّ والجهاد.

وكلُّ هذه العبادات بأنواعها

لا تقام ولا تشاد إلَّا بوسائلها: مِن صحة الفكر

وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل:

مِن التَّفقُّه في الدِّين، والإحسان في الأعمال

مِن زراعة وصناعة وحرف

وإتقان في العلوم والمعارف

مِن الطِّب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات.

ومِن المقطوع به -كما سبق- أنَّ الإنسان بمفرده

بل حتى الرَّهط مِن النَّاس والجماعة المحدودة

مِن القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد

بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبيَّن حاجة النَّاس

إلى الاجتماع والتَّآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة

ويتطلبه الدِّين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم.

وهذا بعض البسط لصورٍ مِن التَّعاون

في أحكام الإسلام وآدابه

وإذا استجلاها رجل الدَّعوة عرف ضرورة التَّعاون

وحاجته إليه في ميدانه ومجاله.

فالصَّلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما

والحجُّ بشعائره، وعقد النِّكاح بوليمته وآدابه

وعقيقة المولود، وإجابة الدَّعوى حتى للصَّائم

كلُّها مناشط عباديَّة اجتماعيَّة تعاونيَّة

ولا تكون صورتها الشَّرعية إلَّا كذلك.

إنَّه انتظام عجيب بين أهل الإسلام في مواطن السُّرور والحزن

ناهيك بصورة الأخوَّة، ومبدأ الشُّورى

وحقوق المسلمين فيما بينهم

في القربى والجوار والضَّيف وابن السَّبيل واليتامى والمساكين

مع ما يحيط بذلك مِن سياج الآداب الاجتماعيَّة

مِن إفشاء السَّلام، وفسح المجالس

وثمَّة صورٌ مِن المعاونات في كفِّ الظُّلم، ونصرة المظلوم

ودفع الصَّائل بسلاح أو مال. بل هل يقوم الجهاد

وتُقام الحدود، وتُستوفى الحقوق

ويقوم الأمر بالمعروف

والنَّهي عن المنكر إلَّا بالتَّعاون والتآزر.

وهناك التَّعاون بالرَّأي، بما يدلُّ على الحقِّ، ويخرج مِن الحيرة

وينقذ مِن المأزق والهلكة، في النَّصيحة والمشاورة

وقد يكون تعاونًا بالجاه؛ مِن الشَّفاعة

لذي الحاجة عند من يملك قضاءها...

فإذا وضع المسلمون أيديهم على هذه الأسباب الوثيقة

يتقدَّمهم أولو الأمر والعلماء والدُّعاة

بلغوا المكانة المحفوفة بالعزَّة المشار إليها

بقوله سبحانه: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8])..


[699] ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد (51)

ربيع الأول - جمادى الثَّانية، 1418هـ، (212-215). .

(قال ابن خويز مندادٍ في أحكامه:

والتَّعاون على البِرِّ والتَّقوى يكون بوجوهٍ

فواجبٌ على العالم أن يعين النَّاس بعلمه فيعلِّمهم

ويعينهم الغني بماله، والشُّجاع بشجاعته في سبيل الله

وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة

((المؤمنون تتكافؤ دماؤهم ويسعى بذمَّتهم

أدناهم وهم يدٌ على مَن سواهم))

[700] رواه أبو داود (4530)، والنسائي (8/19)

وأحمد (1/122) (993)، والبزار (2/290)

وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/159)

والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (8/19)

وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/212)

, والحديث روي من طرق عن عائشة

وابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.

ويجب الإعراض عن المتعدِّي وترك النُّصرة له

وردُّه عمَّا هو عليه))

[701] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (6/46).

اخوة الاسلام

و هذه روابط مواضيع اخري

و من اراد الاطلاع علي المزيد

أقوال العلماء في التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/282/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

فوائد التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/284/%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

آثار التَّعاون على الإثم والعدوان (https://dorar.net/akhlaq/288/%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86)

موانع اكتساب التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/292/%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

أصناف النَّاس في التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/305/%D8%A3%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

حِكمٌ وأمثالٌ في التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/311/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

مِن أقوال الحكماء في التَّعاون (https://dorar.net/akhlaq/313/%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86)

التَّعاون في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/315/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من شرح خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-10-02, 04:58
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ التَّواضُع

معنى التَّواضُع لغةً:

التواضع التذلل، يُقَال: وضَعَ فُلانٌ نَفْسَهُ وضْعًا

ووُضُوعًا بالضَّم، وَضَعَةً، بالفَتْحِ:

أي أذلَّها. وتَوَاضَعَ الرَّجُلُ: إذا تَذَلَّلَ

وقيل: ذَلَّ وتَخاشَعَ

[734] ((العين)) للفراهيدي (2/196)

((تاج العروس)) لمرتضى الزبيدي (22/343).

معنى التَّواضُع اصطلاحًا:

التَّواضُع هو: (ترك التَّرؤس، وإظهار الخمول

وكراهية التَّعظيم، والزِّيادة في الإكرام

وأن يتجنَّب الإنسان المباهاة بما فيه مِن الفضائل

والمفاخرة بالجاه والمال

وأن يتحرَّز مِن الإعجاب والكِبْر)

[735] ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص 25).

وقيل هو: (رضا الإنسان بمنزلة

دون ما يستحقُّه فضله ومنزلته.

وهو وسطٌ بين الكِبْر والضِّعَة

فالضِّعَة: وضع الإنسان نفسه مكانًا يزري به بتضييع حقِّه.

والكِبْر: رفع نفسه فوق قدره)

[736] ((الذَّريعة إلى مكارم الشَّريعة))

للرَّاغب الأصفهاني (ص 299).

وقيل هو: (إظهار التَّنزُّل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه

وقيل: هو تعظيم مَن فوقه فضله)

[737] ((فتح الباري)) لابن حجر (11/341).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-03, 04:57
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّواضُع في القرآن الكريم

- قال الله تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان: 63]

قال ابن القيِّم: (أي: سكينة ووقارًا

متواضعين غير أشرين ولا مَرِحين ولا متكبِّرين،

قال الحسن: علماء حلماء.

وقال محمَّد بن الحنفيَّة: أصحاب وقار وعفَّة، لا يسفِّهون

وإن سُفِه عليهم حلموا. والهَوْن -بالفتح- في اللُّغة: الرِّفق واللِّين

والهُون -بالضَّم-: الهَوَان فالمفتوح منه: صفة أهل الإيمان

والمضموم صفة أهل الكُفْران، وجزاؤهم مِن الله النِّيران)

[740] ((مدارج السَّالكين)) (3/108).

(وقال تعالى مخاطبًا رسوله، ممتنًّا عليه وعلى المؤمنين

فيما أَلان به قلبه على أمَّته المتَّبعين لأمره، التَّاركين لزجره

وأطاب لهم لفظه

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159])

[741] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/148).

- كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يلين جانبه للمؤمنين

وأن يتواضع لهم

فقال: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88].

قال القرطبيُّ في تفسير هذه الآية:

(أي: أَلِن جانبك لمن آمن بك، وتواضعْ لهم)

[742] ((الجامع لأحكام القرآن)) (10/56).

وقال عزَّ مِن قائل:

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشُّعراء: 215].

- ووصف الله سبحانه وتعالى أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

بأنَّهم (يظهرون العطف والحُنُوَّ والتَّواضُع للمؤمنين

ويظهرون الشِّدَّة والغلظة والتَّرفُّع على الكافرين)

[743] ((فتح القدير)) للشَّوكاني (2/75).

حيث قال

: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: 54 ].

وقال ابن كثير: (هذه صفات المؤمنين الكُمَّل

أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليِّه

متعزِّزًا على خصمه وعدوِّه

كما قال تعالى:

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح: 29])

[744] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/136).

وقال ابن القيِّم: (لـمَّا كان الذُّل منهم ذُلَّ رحمة وعطف وشفقة وإخبات،

عدَّاه بأداة على تضمينًا لمعاني هذه الأفعال

فإنَّه لم يرد به ذُلَّ الهوان الذي صاحبه ذليل

وإنَّما هو ذُلُّ اللِّين والانقياد الذي صاحبه ذلول

فالمؤمن ذلول كما في الحديث: المؤمن كالجمل الذَّلول

والمنافق والفاسق ذليل)

[745] ((مدارج السَّالكين)) (2/327).

- وقوله تعالى:

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 24]

(حيث أمر الله بالتَّواضُع للوالدين

ذلًّا لهما ورحمة واحتسابًا للأجر)

[746] ((تيسير الكريم الرَّحمن))

لعبد الرَّحمن السعدي (1/456).

- وقال سبحانه:

تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: 83].

قال ابن كثير:

(يخبر تعالى أنَّ الدَّار الآخرة ونعيمها المقيم

الذي لا يحول ولا يزول،

جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين

لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ

أي: ترفُّعًا على خلق الله وتعاظمًا

عليهم وتجبُّرًا بهم، ولا فسادًا فيهم)

[747] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/258).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

اميرة الامواج
2020-10-03, 05:29
بارك الله فيك وجزاك كل خير

سلام من قلب يحب السلام

*عبدالرحمن*
2020-10-03, 15:15
بارك الله فيك وجزاك كل خير

سلام من قلب يحب السلام


الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك

بارك الله فيكِ

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-10-04, 05:11
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّواضُع في السُّنَّة النبوية

رغَّب الإسلام في التَّواضُع وحثَّ عليه ابتغاء مرضات الله

وأنَّ مَن تواضع جازاه الله على تواضعه بالرِّفعة

وقد وردت نصوصٌ مِن السُّنَّة النَّبويَّة تدلُّ على ذلك:

- منها قوله صلى الله عليه وسلم:

((ما نقصت صدقة مِن مال

وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا

وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله))

[748] رواه مسلم (2588)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم

((وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله)):

(فيه وجهان: أحدهما: أنَّ الله تعالى يمنحه ذلك

في الدُّنْيا جزاءً على تواضعه له

وأنَّ تواضعه يُثْبِتُ له في القلوب محبَّةً ومكانةً وعزَّةً.

والثَّاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه)

[749] ((إكمال المعْلِم شرح صحيح مسلم))

للقاضي عياض (8/59).

وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا

حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ))

[750] رواه مسلم (2865)

مِن حديث عياض بن حمار رضي الله عنه .

(يعني: أن يتواضع كلُّ واحد للآخر

ولا يترفَّع عليه، بل يجعله مثله أو يكرمه أكثر

وكان مِن عادة السَّلف رحمهم الله:

أنَّ الإنسان منهم يجعل مَن هو أصغر منه مثل ابنه

ومَن هو أكبر مثل أبيه، ومَن هو مثله مثل أخيه

فينظر إلى ما هو أكبر منه نظرة إكرام وإجلال

وإلى مَن هو دونه نظرة إشفاق ورحمة

وإلى مَن هو مثله نظرة مساواة

فلا يبغي أحدٌ على أحد

وهذا مِن الأمور التي يجب على الإنسان أن يتَّصف بها

أي بالتَّواضُع لله عزَّ وجلَّ ولإخوانه مِن المسلمين

[751] ((شرح رياض الصَّالحين)) لابن عثيمين (3/524).

وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مَن ترك اللِّباس تواضعًا للَّه

وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق

حتى يخيِّره مِن أيِّ حلل الإيمان شاء يلبسها))

[752] رواه التِّرمذي (2481)

مِن حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه. وحسَّنه

وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6145).

قال ابن عثيمين:

(وهذا يعني أنَّ الإنسان إذا كان بين أناس متوسِّطي

الحال لا يستطيعون اللِّباس الرَّفيع

فتواضع وصار يلبس مثلهم

لئلَّا تنكسر قلوبهم، ولئلَّا يفخر عليهم

فإنَّه ينال هذا الأجر العظيم

أمَّا إذا كان بين أناس قد أنعم عليهم

ويلبسون الثِّياب الرَّفيعة لكنَّها غير محرَّمة

فإنَّ الأفضل أن يلبس مثلهم

لأنَّ الله تعالى جميل يحبُّ الجمال

ولا شكَّ أنَّ الإنسان إذا كان بين أناس رفيعي الحال

يلبسون الثِّياب الجميلة

ولبس دونهم فإنَّ هذا يُعَدُّ لباسَ شهرة

فالإنسان ينظر ما تقتضيه الحال)

[753] ((شرح رياض الصالحين)) (4/317-318).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-05, 04:52
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن تواضع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جمَّ التَّواضُع

لا يعتريه كِبرٌ ولا بَطَرٌ على رِفْعَة قَدْرِه وعلوِّ منزلته

يخفض جناحه للمؤمنين ولا يتعاظم عليهم

ويجلس بينهم كواحد منهم

ولا يُعْرَف مجلسه مِن مجلس أصحابه

لأنَّه كان يجلس حيث ينتهي به المجلس

ويجلس بين ظهرانيهم فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو

حتى يسأل عنه

روى أبو داود في سننه عن أبي ذرٍّ وأبي هريرة رضي الله عنهما

قالا: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو

حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن نجعل له مجلسًا يعرفه الغريب إذا أتاه...))

[803] رواه أبو داود (4698)، والنَّسائي (4991).

وسكت عنه أبو داود

وصحَّحه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (4698).

وقال له رجل: يا محمَّد، أيا سيِّدنا وابن سيِّدنا

وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((يا أيُّها النَّاس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشَّيطان

أنا محمَّد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله

ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله))

[804] رواه أحمد (3/153) (12573)

والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9/103)

وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/611).

- وكان صلى الله عليه وسلم مِن تواضعه

يتفقَّد أحوال أصحابه ويقوم بزيارتهم

فقد روى البخاريُّ في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال:

((إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكِر له صومي

فدخل علي فألقيت له وسادة مِن أَدَم

[805] أَدَم: الجلد المدبوغ.

انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/313).

حشوها ليف فجلس على الأرض

وصارت الوسادة بيني وبينه

فقال أما يكفيك مِن كلِّ شهرٍ ثلاثة أيَّام. قال: قلت: يا رسول الله!

قال: خمسًا. قلت: يا رسول الله! قال: سبعًا. قلت: يا رسول الله!

قال: تسعًا. قلت: يا رسول الله! قال: إحدى عشرة.

ثمَّ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

: لا صوم فوق صوم داود -عليه السَّلام -

شطر الدَّهر: صم يومًا وأفطر يومًا))

[806] رواه البخاري (1980)، ومسلم (1159).

وكان يتفقَّدهم حتى في الغزوات والمعارك

ومِن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه مِن حديث أبي برزة:

((أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له

فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: هل تفقدون مِن أحدٍ.

قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ.

قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ؟

قالوا: لا. قال: لكنِّي أفقد جليبيبًا

فاطلبوه. فطُلِب في القتلى

فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمَّ قتلوه،

فأتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوقف عليه

فقال: قتل سبعة ثمَّ قتلوه، هذا منِّي وأنا منه

هذا منِّي وأنا منه. قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلَّا ساعدا

النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: فحفر له ووضع في قبره))

[807] رواه مسلم (2472).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-06, 05:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن تواضع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

وكان مِن تواضعه صلى الله عليه وسلم، القيام بخدمة أصحابه

روى مسلم في صحيحه مِن حديث أبي قتادة

وفيه -في قصَّة نومهم عن صلاة الفجر-: ((

...قال ودعا بالميضأة

فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأبو قتادة يسقيهم

-أي أصحابه- فلم يَعْدُ أن رأى النَّاس ماءً في الميضأة تكابُّوا عليها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنوا الْمَلَأَ

[808] الملأ: الخلق والعشرة.

انظر: ((شرح مسلم)) للنووي (5/188).

كلُّكم سيَرْوى. قال: ففعلوا. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

يصبُّ وأسقيهم حتى ما بقي غيري

وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: ثمَّ صبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: لي اشرب. فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله

. قال: إنَّ ساقي القوم آخرهم شربًا. قال: فشربت

وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: فأتى النَّاس الماء جامِّين رِوَاء

[809] جامِّين رِوَاء: مستريحين قد رووا من الماء.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/106).

[810] رواه مسلم (681).

ومِن تواضعه صلى الله عليه وسلم

أنَّه إذا مرَّ على الصِّبيان، سلَّم عليهم

فقد روى البخاريُّ ومسلم عن أنس رضي الله عنه:

((أنَّه مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم

وقال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يفعله))

[811] رواه البخاري (6247)، ومسلم (2168).

((وكان صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار

ويسلِّم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم))

[812] رواه ابن حبان (2/205)

وقال الألباني في ((السِّلسلة الصَّحيحة)) (5/149):

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وعن أنس رضي الله عنه قال:

((إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا

حتى يقول لأخٍ لي صغير: يا أبا عُمَيْر

ما فعل النُّغَير؟))

[813] رواه البخاري (6129)، ومسلم (2150).

ومِن تواضعه صلى الله عليه وسلم

أنَّه كان يشارك في خدمة أهله في البيت

فقد روى البخاريُّ عن الأسود

قال: ((سألت عائشة: ما كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

يصنع في بيته؟

قالت: كان يكون في مِهْنَةِ أهله -

تعني خدمة أهله -

فإذا حضرت الصَّلاة خرج إلى الصَّلاة))

[814] رواه البخاري (676)

مِن حديث عائشة رضي الله عنها.

وكان مِن تواضعه صلى الله عليه وسلم

أنه يركب الحمار ويستردف فيه

يحكي لنا أنس رضي الله عنه

عن حال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيقول:

((كان صلى الله عليه وسلم يُرْدِف خلفه

ويضع طعامه على الأرض

ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار))

[815] رواه الحاكم (4/132) (7128)

. وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4945).

وعن عبيد بن حنين أنَّه سمع ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-

يحدِّث أنَّه قال: ((مكثت سنة

أريد أن أسأل عمر بن الخطَّاب عن آية

فما أستطيع أن أسأله هيبة له

حتى خرج حاجًّا فخرجت معه...))

[816] رواه البخاري (4913).

الحديث. وفيه: ((وإنَّه –

أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم

- لَعَلَى حصيرٍ ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة

مِنَ أَدَم حشوها ليف، وإنَّ عند رجليه قَرَظًا

[817] القرظ: شجر يدبغ به

وقيل: هو ورق السلم يدبغ به الأدم.

انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (7/454).

مصبوبًا، وعند رأسه أَهَبٌ معلَّقة

فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيتُ، فقال: ما يبكيك؟

فقلت: يا رسول الله، إنَّ كِسْرَى وقيصر فيما هُمَا فيه

وأنت رسول الله!

فقال: أَمَا ترضى أن تكون لهم الدُّنْيا ولنا الآخرة))

[818] رواه البخاري (4913).

ومِن تواضعه صلى الله عليه وسلم: استجابته للدَّعوة

وقبوله الهديَّة مهما قلَّت قيمتها

روى البخاريُّ مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه

عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال

: ((لو دُعِيت إلى ذراع أو كُرَاع لأجبت

ولو أُهْدِي إليَّ ذراع أو كراع لقَبِلت))

[819] رواه البخاري (2568).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-07, 05:38
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في التَّواضُع

- عن عائشة رضي الله عنها، قالت:

(إنَّكم لتغفلون أفضل العبادة: التَّواضُع)

[760] رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10/405)

. وقال ابن حجر العسقلاني في ((الأمالي المطلقة)) (96):

حسن غريب، اخْتُلف فيه على ابن المبارك

والمشهور عنه أنَّه موقوف.

وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه:

(لا يبلغ عبدٌ ذُرَى الإيمان حتى يكون التَّواضُع

أحبَّ إليه مِن الشَّرف

وما قلَّ مِن الدُّنْيا أحبَّ إليه ممَّا كَثُر

ويكون مَن أحبَّ وأبغض في الحقِّ سواء

يحكم للنَّاس كما يحكم لنفسه وأهل بيته)

[761] رواه ابن المبارك في ((الزُّهد)) (2/52)

مِن حديث مكحول رحمه الله.

- و(سُئِل الفضيل بن عياض عن التَّواضُع

فقال: يخضع للحقِّ، وينقاد له، ويقبله ممَّن قاله)

[762] ((مدارج السَّالكين)) لابن قيِّم الجوزيَّة (2/329).

- وقال ابن المبارك: (رأس التَّواضُع أن تضع نفسك

عند مَن هو دونك في نعمة الدُّنْيا حتى تُعْلِمه

أن ليس لك بدنياك عليه فضل

وأن ترفع نفسك عمَّن هو فوقك في نعمة الدُّنْيا

حتى تُعْلِمه أنَّه ليس له بدنياه عليك فضل)

[763] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 142).

- وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال

: (رأيت أمَّ الدَّرداء مع نساء المساكين جالسة ببيت المقدس)

[764] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 149).

- وقال قتادة: (مَن أُعْطِي مالًا أو جمالًا وثيابًا وعلمًا

ثمَّ لم يتواضع، كان عليه وبالًا يوم القيامة)

[765] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 142).

- وقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص لعبد الملك:

(أيُّ الرِّجال أفضل؟ قال: مَن تواضع عن رفعة

وزهد على قُدْرَة، وترك النُّصرة على قومه)

[766] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 144).

- وقال إبراهيم بن شيبان: (الشَّرف في التَّواضُع

والعزُّ في التَّقوى، والحرِّية في القناعة)

[767] ((مدارج السَّالكين)) لابن قيِّم الجوزيَّة (2/330).

- وقال علوان بن داود البجلي:

حدَّثني شيخٌ مِن همدان عن أبيه قال

: (بعثني قومي في الجاهليَّة بخيلٍ أهدوها لذي الكَلَاع

فأقمت ببابه سنةً لا أصِلُ إليه

ثمَّ أشرف إشرافةً على النَّاس مِن غُرْفَة له

فخرُّوا له سجودًا، ثمَّ جلس فلقيته بالخيل، فقبلها

ثمَّ لقد رأيته بحمص وقد أسلم، يحمل بالدِّرهم اللَّحم

فيبتدره قومه ومواليه فيأخذونه منه فيأبى تواضعًا

وقال:

أفٍّ لذي الدُّنْيا إذا كانت كذا
أنا منها كلَّ يوم في أذى

ولقد كنت إذا ما قيل مَن
أنعم النَّاس معاشًا قيل ذا

ثمَّ بُدِّلت بعيش شقوة
حبَّذا هذا شقاء حبَّذا

[768] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 146).

- وعن صالح المرِّيِّ قال

: (خرج الحسن ويونس وأيوب يتذاكرون التَّواضُع

فقال لهما الحسن: وهل تدرون ما التَّواضُع؟

التَّواضُع: أن تخرج مِن منزلك

فلا تلق مسلمًا إلَّا رأيت له عليك فضلًا)

[769] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 154).

- (وولي أبو هريرة رضي الله عنه إمارةً مرَّةً

فكان يحمل حزمة الحطب على ظهره،

يقول: طرِّقوا للأمير)

[770] رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (67/373).

- وقال يحيى ابن أبي كثير

: (رأس التَّواضُع ثلاث: أن ترضى بالدُّون مِن شرف المجلس

وأن تبدأ مَن لقيته بالسَّلام

وأن تكره مِن المدحة والسُّمعة والرِّياء بالبِرِّ)

[771] ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 155).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-08, 04:55
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام التَّواضُع

(التَّواضُع تواضعان: أحدهما محمود، والآخر مذموم

والتَّواضُع المحمود:

ترك التَّطاول على عباد الله والإزراء بهم.

والتَّواضُع المذموم: هو تواضع المرء لذي الدُّنْيا رغبةً في دنياه

فالعاقل يلزم مفارقة التَّواضُع المذموم على الأحوال كلِّها

ولا يفارق التَّواضُع المحمود على الجهات كلِّها)

[779] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 59).

التَّواضُع المحمود على نوعين:

النَّوع الأوَّل:

(تواضع العبد عند أمر الله امتثالًا

وعند نهيه اجتنابًا

فإنَّ النَّفس لطلب الرَّاحة تتلكأ في أمره

فيبدو منها نوع إباء وشِرَاد هربًا مِن العبوديَّة

وتثبت عند نهيه طلبًا للظَّفر بما مُنِع منه

فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه

فقد تواضع للعبوديَّة.

والنَّوع الثَّاني:

تواضعه لعظمة الرَّب وجلاله وخضوعه لعزَّته وكبريائه

فكلَّما شمخت نفسه ذكر عظمة الرَّب تعالى وتفرُّده بذلك

وغضبه الشَّديد على مَن نازعه ذلك

فتواضعت إليه نفسه

وانكسر لعظمة الله قلبه، واطمأنَّ لهيبته وأخبت لسلطانه

فهذا غاية التَّواضُع، وهو يستلزم الأوَّل مِن غير عكس

والمتواضع -حقيقةً- مَن رُزِق الأمرين، والله المستعان)

[780] ((الروح)) لابن القيِّم (ص 234).

التَّواضُع المذموم:

قال ابن القيِّم:

(ومِن التَّواضُع المذموم: المهانة.

والفرق بين التَّواضُع والمهانة:

أنَّ التَّواضُع يتولَّد مِن بين العلم بالله سبحانه

ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله

وتعظيمه ومحبَّته وإجلاله

ومِن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها

فيتولَّد مِن بين ذلك كلِّه خُلُقٌ هو التَّواضُع وهو انكسار القلب لله

وخفض جناح الذُّل والرَّحمة بعباده

فلا يرى له على أحدٍ فضلًا

ولا يرى له عند أحدٍ حقًّا

بل يرى الفضل للنَّاس عليه، والحقوق لهم قِبَلَه

وهذا خُلُقٌ إنَّما يعطيه الله عزَّ وجلَّ مَن يحبُّه ويكرمه ويقرِّبه.

وأمَّا المهانة: فهي الدَّناءة والخِسَّة

وبذل النَّفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها

كتواضع السِّفَل في نيل شهواتهم

وتواضع المفعول به للفاعل

وتواضع طالب كلِّ حظٍّ لمن يرجو نيل حظِّه منه

فهذا كلُّه ضِعَةٌ لا تواضع، والله سبحانه يحبُّ التَّواضُع

ويبغض الضِّعَة والمهانة

وفي الصَّحيح عنه

: وأُوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ

ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ

[781] رواه مسلم (2865)

مِن حديث عياض بن حمار رضي الله عنه.

[782] ((الروح)) (ص 234).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-09, 05:36
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

درجات التَّواضُع

ذكر أبو إسماعيل الهرويُّ للتواضع ثلاث درجات، فقال:

(الدَّرجة الأولى: التَّواضُع للدِّين

وهو أن لا يعارِض بمعقولٍ منقولًا

ولا يتَّهم للدِّين دليلًا، ولا يرى إلى الخلاف سبيلًا)

[783] ((مدارج السَّالكين)) (3/120).

قال ابن القيِّم: (التَّواضُع للدِّين:

هو الانقياد لما جاء به الرَّسول

والاستسلام له والإذعان

وذلك بثلاثة أشياء:

الأوَّل:

أن لا يعارِض شيئًا ممَّا جاء به بشيء مِن المعارَضَات

الأربعة السَّارية في العالم المسمَّاة:

بالمعقول والقياس والذَّوق والسِّياسة.

فالأولى: للمنحرفين أهل الكِبْر مِن المتكلِّمين

الذين عارضوا نصوص الوحي بمعقولاتهم الفاسدة

وقالوا: إذا تعارض العقل والنَّقل: قدَّمنا العقل وعزلنا النقل

إمَّا عزل تفويض، وإمَّا عزل تأويل

والثَّاني: للمتكبِّرين مِن المنتسبين إلى الفقه

قالوا: إذا تعارض القياس والرَّأي والنُّصوص:

قدَّمنا القياس على النَّص ولم نلتفت إليه

والثَّالث:للمتكبِّرين المنحرفين مِن المنتسبين إلى التَّصوف والزُّهد

فإذا تعارض عندهم الذَّوق والأمر: قدَّموا الذَّوق والحال

ولم يعبؤوا بالأمر

والرَّابع: للمتكبِّرين المنحرفين مِن الولاة والأمراء الجائرين

إذا تعارضت عندهم الشَّريعة والسِّياسة:

قدَّموا السِّياسة ولم يلتفتوا إلى حكم الشَّريعة

فهؤلاء الأربعة: هم أهل الكِبْر.

والتَّواضُع: التَّخلُّص مِن ذلك كلِّه.

الثَّاني:

أن لا يتَّهم دليلًا مِن أدلَّة الدِّين

بحيث يظنُّه فاسد الدِّلالة أو ناقص الدِّلالة أو قاصرها

أو أنَّ غيره كان أولى منه

ومتى عَرَض له شيء مِن ذلك فليتَّهم فهمه

وليعلم أن الآفة منه والبليَّة فيه

وهكذا الواقع في الواقع حقيقةً:

أنَّه ما اتَّهم أحدٌ دليلًا للدِّين إلَّا وكان المتِّهم هو الفاسد الذِّهن

المأفون في عقله وذهنه

فالآفة مِن الذِّهن العليل لا في نفس الدِّليل

وإذا رأيت مِن أدلَّة الدِّين ما يُشْكل عليك وينبو فهمك عنه

فاعلم أنَّه لعظمته وشرفه استعصى عليك

وأنَّ تحته كنزًا مِن كنوز العلم

ولم تؤتَ مفتاحه بَعْدُ، هذا في حق نفسك

وأمَّا بالنِّسبة إلى غيرك: فاتَّهم آراء الرِّجال على نصوص الوحي

وليكن ردُّها أيسر شيء عليك للنصوص

فما لم تفعل ذلك فلست على شيء ولو.. ولو..

وهذا لا خلاف فيه بين العلماء

قال الشَّافعي -قدَّس الله روحه-:

أجمع المسلمون على أنَّ مَن استبانت له سنَّة رسول الله

: لم يحلَّ له أن يدعها لقول أحد.

الثَّالث:

أن لا يجد إلى خلاف النَّص سبيلًا البتَّة:

لا بباطنه ولا بلسانه ولا بفعله ولا بحاله

بل إذا أحسَّ بشيء مِن الخلاف:

فهو كخلاف المقْدِم على الزِّنا وشرب الخمر وقتل النَّفس

بل هذا الخلاف أعظم عند الله مِن ذلك

وهو داع إلى النِّفاق

وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم.

واعلم أنَّ المخالف للنَّص لقول متبوعه وشيخه ومقلَّده

أو لرأيه ومعقوله وذوقه وسياسته

إن كان عند الله معذورًا -ولا والله ما هو بمعذور-

فالمخالف لقوله -لنصوص الوحي-

أولى بالعذر عند الله ورسوله وملائكته والمؤمنين مِن عباده.

فوا عجبًا إذا اتَّسع بطلان المخالفين للنُّصوص

لعذر مَن خالفها تقليدًا أو تأويلًا أو لغير ذلك

فكيف ضاق عن عذر مَن خالف

أقوالهم وأقوال شيوخهم لأجل موافقة النُّصوص؟!

وكيف نصبوا له الحبائل وبغوه الغوائل ورموه بالعظائم

وجعلوه أسوأ حالًا مِن أرباب الجرائم؟!

فرموه بدائهم وانسلو منه لواذًا

وقذفوه بمصابهم وجعلوا تعظيم المتبو

عين ملاذًا لهم ومعاذًا، والله أعلم)

[784] ((مدارج السَّالكين)) (3/120).

قال صاحب المنازل:

(ولا يصحُّ ذلك إلَّا بأن يعلم:

أنَّ النَّجاة في البصيرة والاستقامة

بعد الثِّقة وأنَّ البيِّنة وراء الحجَّة)

[785] ((مدارج السَّالكين)) (3/124).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-10, 05:14
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال درجات التَّواضُع

قال ابن القيِّم:

(يقول: إنَّ ما ذكرناه مِن التَّواضُع للدِّين بهذه الأمور الثَّلاثة:

الأولى: علمه أنَّ النَّجاة مِن الشَّقاء والضَّلال:

إنَّما هي في البصيرة

فمن لا بصيرة له: فهو مِن أهل الضَّلال في الدُّنْيا

والشَّقاء في الآخرة

والبصيرة نور يجعله الله في عين القلب

يفرِّق به العبد بين الحقِّ والباطل

ونسبته إلى القلب: كنسبة ضوء العين إلى العين

وهذه البصيرة وهبيَّة وكسبيَّة

فمَن أدار النَّظر في أعلام الحقِّ وأدلَّته

وتجرَّد لله مِن هواه: استنارت بصيرته

ورُزِق فُرْقَانًا يفرِّق به بين الحقِّ والباطل.

الثَّاني: أن يعلم أنَّ الاستقامة إنَّما تكون بعد الثِّقة

أي لا يُتصور حصول الاستقامة في القول والعمل

والحال إلَّا بعد الثِّقة بصحَّة ما معه مِن العلم

وأنَّه مقتبسٌ مِن مشكاة النُّبوَّة

ومَن لم يكن كذلك فلا ثقة له ولا استقامة.

الثَّالث: أن يعلم أنَّ البيِّنة وراء الحجَّة

والبيِّنة مراده بها: استبانة الحقِّ وظهوره

وهذا إنَّما يكون بعد الحجَّة إذا قامت

استبان الحقُّ وظهر واتَّضح

وفيه معنى آخر وهو: أنَّ العبد إذا قَبِل حجَّة الله

بمحض الإيمان والتَّسليم والانقياد:

كان هذا القبول هو سبب تبيُّنها وظهورها وانكشافها لقلبه

فلا يصبر على بينة ربِّه إلَّا بعد قبول حجَّته.

وفيه معنى آخر أيضًا:

أنَّه لا يتبيَّن له عيب عمله مِن صحَّته

إلَّا بعد العلم الذي هو حجَّة الله على العبد

فإذا عرف الحجَّة اتَّضح له بها

ما كان مشكلًا عليه مِن علومه

وما كان معيبًا مِن أعماله.

وفيه معنى آخر أيضًا:

وهو أن يكون وراء بمعنى: أمام

والمعنى: أنَّ الحجَّة إنَّما تحصل للعبد بعد تبيُّنها

فإذا لم تتبيَّن له لم تكن له حجُّة

يعني: فلا يقنع مِن الحجَّة بمجرَّد حصولها بلا تبيُّن

فإنَّ التَّبيُّن أمام الحجَّة، والله أعلم)

[786] ((مدارج السَّالكين)) (3/124).

قال صاحب المنازل: (الدَّرجة الثَّانية:

أن ترضى بما رضي الحقُّ به لنفسه عبدًا مِن المسلمين أخًا

وأن لا تردَّ على عدوِّك حقًّا

وأن تقبل مِن المعتذر معاذيره)

[787] ((مدارج السَّالكين)) (3/126).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-11, 05:04
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال درجات التَّواضُع

قال ابن القيِّم: (يقول: - أي: الهروي-

إذا كان الله قد رضي أخاك المسلم لنفسه عبدًا

أفلا ترضى أنت به أخًا؟!

فعدم رضاك به أخًا -وقد رضيه سيِّدك

الذي أنت عبده، عبدًا لنفسه- عين الكِبْر

وأيُّ قبيح أقبح مِن تكبُّر العبد على عبدٍ مثله

لا يرضى بأخوَّته، وسيِّده راض بعبوديَّته؟!

فيجيء مِن هذا: أنَّ المتكبِّر غير راض بعبوديَّة سيِّده

إذ عبوديَّته توجب رضاه بأخوَّة عبده

وهذا شأن عبيد الملوك: فإنَّهم يرون بعضهم خشداشية بعض

[788] الخشداش: لفظ فارسي معناه: الزَّميل في الخدمة

والخشداشية: هم الأمراء الذين نشؤوا مماليك

عند سيِّدٍ واحد فنبتت بينهم رابطة الزَّمالة

((هامش مدارج السَّالكين)).

ومَن ترفَّع منهم عن ذلك: لم يكن مِن عبيد أستاذهم.

قوله: (وأن لا تردَّ على عدوِّك حقًّا)

أي: لا تصحُّ لك درجة التَّواضُع حتى تقبل الحقَّ

ممَّن تحبُّ وممَّن تبغض

فتقبله مِن عدوِّك كما تقبله مِن وليِّك

وإذا لم تردَّ عليه حقَّه

فكيف تمنعه حقًّا له قِبَلَك

بل حقيقة التَّواضُع: أنَّه إذا جاءك قَبِلْتَه منه

وإذا كان له عليك حقٌّ: أدَّيته إليه

فلا تمنعك عداوته مِن قبول حقِّه

ولا مِن إيتائه إيَّاه.

وأمَّا (قبولك مِن المعتذر معاذيره)

فمعناه: أنَّ مَن أساء إليك

ثمَّ جاء يعتذر مِن إساءته

فإنَّ التَّواضُع يوجب عليك قبول معذرته حقًّا كانت أو باطلًا

وتكل سريرته إلى الله تعالى

كما فعل رسول الله في المنافقين الذين تخلَّفوا عنه في الغزو

فلمَّا قدم جاءوا يعتذرون إليه

فقَبِل أعذارهم ووَكَل سرائرهم إلى الله تعالى

وعلامة الكَرَم والتَّواضُع: أنَّك إذا رأيت الخلل

في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه

وقُلْ: يمكن أن يكون الأمر كما تقول

ولو قُضِي شيءٌ لكان، والمقدور لا مدفع له. ونحو ذلك)

[789] ((مدارج السَّالكين)) (3/126).

قال صاحب المنازل أبو إسماعيل الهروي:

(الدَّرجة الثَّالثة: أن تتَّضع للحقِّ

فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة

ورؤية حقِّك في الصُّحبة، وعن رسمك في المشاهدة)

[790] ((مدارج السَّالكين)) (3/127).

قال ابن القيِّم: (يقول:-أي: الهروي- التَّواضُع

بأن تخدم الحقَّ سبحانه وتعبده بما أمرك به

على مقتضى أمره لا على ما تراه مِن رأيك

ولا يكون الباعث لك داعي العادة

كما هو باعث مَن لا بصيرة له

غير أنَّه اعتاد أمرًا فجرى عليه

ولو اعتاد ضدَّه لكان كذلك)

[791] ((مدارج السَّالكين)) (3/127).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-12, 04:46
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور التَّواضُع

1- تواضع الإنسان في نفسه:

ويكون ذلك بألَّا يظنَّ أنَّه أعلم مِن غيره

أو أتقى مِن غيره، أو أكثر ورعًا مِن غيره

أو أكثر خشية لله مِن غيره

أو يظنُّ أنَّ هناك مَن هو شرٌّ منه

ولا يظنُّ أنَّه قد أخذ صكًّا بالغفران!! وآخر بدخول الجنَّة!!

لأنَّ القلوب بين إصبعين مِن أصابع الرَّحمن، يقلِّبها كيف يشاء

يقول الله تعالى:

وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال: 24].

وقال أبو زيد: ما دام العبد يظنُّ

أنَّ في الخَلْق مَن هو شرٌّ منه فهو متكبِّر

فقيل له: فمتى يكون متواضعًا؟

قال: إذا لم ير لنفسه مقامًا ولا حالًا.

فإنَّ العمل قد لا يُقْبَل

إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27]

ولهذا قال بعض السَّلف:

لو أعلم أنَّ الله قبل منِّي تسبيحة لتمنَّيت أن أموت الآن!

ومِن ذلك: التَّواضُع عندما تسمع نصيحة

فإنَّ الشَّيطان يدعوك إلى ردِّها

وسوء الظَّنِّ بالنَّاصح

لأنَّ معنى النَّصيحة أنَّ أخاك يقول لك

: إنَّ فيك مِن العيوب كيت وكيت.

أمَّا مَن عصمه الله تعالى

فإنَّه إذا وجد مَن ينصحه ويدلُّه على عيوبه

قهر نفسه وقبل منه، ودعا له وشكره

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم، في تعريف الكِبْر:

((الكِبْر: بَطَر الحقِّ، وغمط النَّاس))

[793] رواه مسلم (91)

مِن حديث ابن مسعود رضي الله عنه .

يعني: ردُّ الحقِّ

وبخس النَّاس أشياءهم. فالمستكبر صاحب نفسيَّة متعاظمة

لا يكاد يمدح أحدًا أو يذكره بخير

وإن احتاج إلى ذلك شفعه بذكر بعض عيوبه.

أمَّا إن سمع مَن يذكره ببعض عيوبه فهيهات أن ينصاع أو يلين

وما ذاك إلَّا لمركَّب النَّقص في نفسه

ولهذا كان مِن كمال الإنسان أن يقبل النَّقد

والملاحظة بدون حساسيَّة أو انزعاج أو شعور بالخَجَل والضَّعف

وها هو أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يحمل الرَّاية

ويرفع الشِّعار: رحم الله امرءًا أهدى إلينا عيوبنا

[794] رواه الدارمي (1/506).

2- التَّواضُع في التعلُّم

قال الشَّافعي:

لا يطلب هذا العلم أحدٌ بالملْك وعزَّة النَّفس فيفلح

لكن مَن طلبه بذلَّة النَّفس، وضيق العيش، وخدمة العلم

وتواضع النَّفس أفلح.

وعن الأصمعي قال: مَن لم يتحمَّل ذلَّ التَّعلُّم ساعة

بقي في ذلِّ الجهل أبدًا.

قال عبد الله بن المعتز: المتواضع في طلب العلم

أكثرهم علمًا، كما أنَّ المكان المنخفض أكثر البقاع ماء.

وكذلك ينبغي أن يتحمَّل الطَّالب ما يكون مِن الشَّيخ

أو مِن بقيَّة الطَّلبة لئلَّا يفوته العلم

فتفوته الدُّنْيا والآخرة

مع حصول العدو وطلبه

وشماتة الأعداء مِن الأربعة الأمور بالاستعاذة منهنَّ

في الصَّحيحين في قوله عليه السَّلام:

((تعوَّذوا بالله مِن جهد البلاء، ودَرَك الشَّقاء

وسوء القضاء، وشماتة الأعداء))

[795] رواه البخاري (6616)، ومسلم (2707)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

3- التَّواضُع مع النَّاس:

فالمسلم يخالط النَّاس ويدعوهم إلى الخير

وإلى الأخلاق الإسلاميَّة

ومِن طبيعة النَّاس أنَّهم لا يقبلون قول مَن يعظِّم نفسه ويحقرهم

ويرفع نفسه ويضعهم

وإن كان ما يقوله حقًّا

بل عليه أن يعرف أنَّ جميع ما عنده هو فضلٌ مِن الله

فالمسلم المتواضع هو الذي لا يعطي لنفسه

حظًّا في كلامه مع الآخرين

ومِن تواضع المسلم مع النَّاس:

أن يجالس كلَّ طبقات المجتمع

ويكلِّم كلًّا بما يفهمه، ويجالس الفقراء والأغنياء.

قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ

يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-13, 05:28
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال صور التَّواضُع

4- التَّواضُع مع الأقران:

ومِن التَّواضُع: تواضع المسلم مع قرينه

وذلك لأنه كثيرًا ما تشتعل المنافسة

ويقع التَّحاسد بينهم

وربَّما يؤدي ذلك إلى نوع من استعلاء بعضهم على بعض

ثم محاولة الحط من قدر قرينه

والتنقص منه بأي صورة من الصور

أو السعي في النيل منه

وقد يلبس عليه الشيطان ذلك ويلبسه لبوس النصح

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

5- تواضع الإنسان مع مَن هو دونه:

مِن التَّواضُع: التواضع مع من هو أقل منك

بل لا يُتصوَّر التواضع إلا مع من هو دونك

سواء في العلم أو الفهم أو المال أو الجاه

ومن هو أصغر منك سنا وغير ذلك

بل إذا رأيت من وقع في معصية

فلا تتعالى عليه وتعجب بنفسك وعملك

فربما كانت معصيته سببًا في توبة وإنابة

وذل وانكسار

وربما كان إعجاب الإنسان بعمله سببًا في حبوط عمله.

عن جندب رضي الله عنه

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث

: ((أنَّ رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان.

وأنَّ الله تعالى قال: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟!

فإنِّي قد غفرت لفلان وأحبطت عملك))

[798] رواه مسلم (2621).

6- تواضع صاحب المال:

فإنَّ مَن مَنَّ الله عليهم بالمال، والجاه، والقوَّة، والنُّفوذ

أحوج الخَلْق إلى خُلُق التَّواضُع

لأنَّ هذه النِّعم مدعاة إلى الكِبْر والفخر.

وما ابتليت الأمَّة بمصيبة الكِبْر إلَّا مِن هؤلاء

ولو نظر صاحب المال -مثلًا- إلى سالف أمره

لكان أجدر به إذا ما رُزِق مالًا أن يشكر ربَّه

الذي أغناه بعد فقر

وأعطاه بعد حرمان

وأشبعه بعد جوع، وأمَّنه بعد خوف

وأن يجعل التَّواضُع فراشه، ودثاره، وزينته

هذا هو الشُّكر العملي الحقيقي.

أمَّا أن يتكبَّر وهذا حاله، فلا أدري بم يوصف هذا الإنسان

وقد بدِّلت لديه المفاهيم والموازين.

وكذلك يقال لصاحب كلِّ نعمة: عليك بالتَّواضُع

فلربَّما دارت عليك الأيام، وبُدِّل الحال.

7- تواضع القائد مع الأفراد:

القائد النَّاجح هو الذي يخفض جناحه للأفراد الذين تحت إمرته

لأنَّه كلَّما تواضع لهم وخفض لهم جناحه

كان أقرب إلى نفوسهم

وكان أمره لهم محببًّا إليهم

فهم يطيعونه عن حبٍّ وإخلاص

يقول تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشُّعراء: 215].

ومِن مظاهر هذا التَّواضُع

عدم الاستبداد بالرَّأي والانفراد باتخاذ القرار

وذلك أنَّ استفراغ ما عند الأفراد مِن آراء

وأفكار لا شكَّ أنَّ ذلك يفتح أبوابًا كانت مغلقة على القادة

والاستماع إليها والنُّزول عن الرَّأي إليها

– إذا كانت صحيحة –

تقلِّل مِن نسبة الخطأ في القرار

وببركة الشُّورى قد يجبر الله ما بها مِن قصور

وألَّا يجد القادة في نفوسهم شيئًا

إذا تحوَّلوا إلى جنود أو أفراد في الصَّفِّ بعد

أن كانوا قادة؛ وذلك لأنَّ الأجر والثَّواب

يكون بالإخلاص والتجرُّد، والصِّدق مع الله.

وكما يقول الفضيل بن عياض:

(مَن أحبَّ الرِّياسة لم يفلح أبدًا)

ولا شكَّ أنَّ المؤمن كلَّما ازداد تواضعًا ازداد إيمانًا بالله وقربًا منه

وكلَّما ازداد عتوًّا وترفُّعًا على النَّاس

ازداد مقتًا وبعدًا منه سبحانه.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-14, 05:16
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الأسباب التي تعين على التَّواضُع

1- تقوى الله:

وهذا مِن أوَّل الأمور والأسباب التي تعين المرء على التَّواضُع

وتردعه عن أخلاق أهل السَّفه والكِبْر

لأنَّ التَّقوى وقاية مِن كلِّ ما يغضب الله تعالى

وفعل جميع الطَّاعات التي أمر الله تعالى بها

فالكِبْر كبيرة مِن الكبائر

ولا يتَّصف بها أهل التَّقوى

والتَّواضُع مِن محاسن الأخلاق

ولابدَّ أنَّه يكون في أهل التَّقوى.

وهذا شيء يجب أن يكون مركوزًا في فطرة كلِّ إنسان

وخاصَّة إذا كان بالمرء تيه وعجب

عليه أن يعلم أنَّ الأيَّام دُوَل، يوم لك ويوم عليك

فلا ينبغي للعاقل أن يفرح بدنيا أقبلت عليه

ومِن ثَمَّ يشمخ بها، ويتعالى بنعم الله على عباد الله

والله يقول: وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]

فمَن تذكَّر دائمًا هذه السُّنَّة الكونيَّة خضع لإخوانه ولعامَّة النَّاس

وخفض جناحه لهم

لأنَّه ربَّما تقلَّبت به الدُّنْيا

فيذلُّ بعد أن كان عزيزًا

ويفتقر بعد أن كان غنيًّا

ويعلو عنه مَن كان يترفَّع عليه

فلِمَ الكِبْر والتِّيه والعجب؟!

قال تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا

فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: 83].

2- عامل النَّاس بما تحبُّ أن يعاملوك به:

ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ المرء يحبُّ أن يتواضع له النَّاس

ويخفضوا جناحهم له، ويعاملوه برفق ولين

ويبغض -مِن ناحيةٍ أخرى- مَن يُغْلِظ له

ومَن يتكبَّر عليه بأي صورة مِن الصُّور.

ولو كان المرء جرابًا حُشِي كِبْرًا لتألَّم وتأفَّف -أيضًا

- ممَّن يتكبَّر عليه، فلِمَ الكيل بمكيالين؟!!

[799] ((التواضع في ضوء القرآن والسُّنَّة الصَّحيحة))

لسليم الهلالي (31، 32).

3- التَّفكُّر في أصل الإنسان

إذا عرف الإنسان نفسه

علم أنَّه أذلُّ مِن كلِّ ذليل

ويكفيه نظرة في أصل وجوده بعد العدم مِن تراب

ثمَّ مِن نطفة خرجت مِن مخرج البول

ثمَّ مِن علقة، ثمَّ مِن مضغة

فقد صار شيئًا مذكورًا

بعد أن كان لا يسمع ولا يبصر

ولا يغني شيئًا، فقد ابتدأ بموته قبل حياته

وبضعفه قبل قوَّته، وبفقره قبل غناه.

وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا بقوله:

مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ [عبس: 18-19].

ثمَّ امتنَّ عليه بقوله: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ [عبس: 20].

وبقوله: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً [الإنسان: 2].

لقد أحياه الله بعد موت، وأحسن تصويره

وأخرجه إلى الدُّنْيا، فأشبعه وأرواه، وكساه وهداه، وقوَّاه.

فمِن هذا بدايته، فأي وجه لتكبُّره وفخره وخيلائه؟!

قال ابن حبَّان:

(وكيف لا يتواضع مَن خُلِق مِن نطفة مَذِرَة

وآخره يعود إلى جيفة قذرة

وهو بينهما يحمل العذرة؟). اهـ

[800] ((روضة العقلاء))

لابن حبان البستي (ص 61).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّواضُع

*عبدالرحمن*
2020-10-15, 05:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الأسباب التي تعين على التَّواضُع

4- معرفة الإنسان قَدْرَه:

قال تعالى: وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا

إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً [الإسراء: 37].

(أي: أنت أيُّها المتكَبِّر المختال ضعيف حقير عاجز محصور

بين جمادين أنت عاجز عن التَّأثير فيها

فالأرض التي تحتك لا تقدر أن تؤثِّر فيها بشدَّة وطئك عليها

والجبال الشَّامخة فوقك لا يبلغ طولك طولها

فاعرف قَدْرَك، ولا تتكبَّر، ولا تمش في الأرض مرحًا). اهـ

[801] ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/592).

5- تذكُّر الأمراض والأوجاع والمصائب:

(ما أجمل التَّواضُع واللِّين!!

فلو رأيت أهل البلاء بشتَّى صنوفهم للمست التَّواضُع

يعلو وجوههم وأبدانهم!

انظر إلى مَن غلَّه المرض

واستوثق منه الوجع، وهدَّه الألم

انظر إليه إذا جاء الزَّائر يزوره! وطالع محيَّاه

فسترى فاقة وكسرة وحاجة إلى كلِّ إنسان!

فهو يأنس بهذا! ويشدُّ على يد هذا! ويطلب الدُّعاء

مِن آخر! ويتشوَّف إلى رنين الهاتف

فلربَّما سمع كلمة تشدُّ مِن أزره

أو ربَّما سعد بدعوة مجابة أو... أليس في هذا الحال

درس لكلِّ مَن اختال يومًا، أو تطاول حينًا، أو تكبَّر زمنًا؟!

بلى والله.

وما قيل هنا، يقال في أهل المصائب كافَّة

فلماذا التَّجمُّل بالتَّواضُع عند الضُّرِّ

والافتخار والمباهاة والأشر والكِبْر عند الرَّخاء

والنِّعمة في العلن والسِّرِّ؟!

6- تطهير القلب:

القلب إذا صَلحَ صَلحَ العمل كلُّه بإذن الله تعالى

فعلى مَن أراد اكتساب خُلُق التَّواضُع أن يطهِّر قلبه

مِن الأمراض التي عصفت به مِن حقدٍ وحسدٍ وعجبٍ وغرورٍ

لأنَّ القلب هو موطن هذه الأمراض كلِّها)

[802] ((دروس إيمانية في الأخلاق الإسلامية))

لخميس السعيد (ص 61) (بتصرُّف يسير).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

الفرق بين التَّواضُع وبعض الصِّفات (https://dorar.net/akhlaq/320/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B6%D8%B9-%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA)

التَّواضُع في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/350/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B6%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-10-16, 04:53
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ التَّودُّد

معنى التَّودُّد لغةً:

التَّودُّد من الوُدِّ، والوُدُّ: مصدر الموَدَّة:

الوُدُّ: الحُبُّ يكون في جميع مداخل الخير

والتواد التحاب.

وتودَّدَ إليه: تَحَبَّبَ. وتَوَدَّدَه: اجْتَلَبَ وُدَّه

[857] ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (9/369)

((لسان العرب)) لابن منظور (3/453).

معنى التَّودُّد اصطلاحًا:

التَّودُّد هو: (طلب مَوَدَّة الأكفاء بما يوجب ذلك)

[858] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 71)

((معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم)) للسيوطي (ص 208).

وقال ابن حجر:

(هو تقرُّب شخصٍ من آخر بما يحب)

[859] ((فتح الباري)) (10/439).

وقال ابن أبي جمرة:

(التَّوَادُد: التَّواصل الجالب للمحبَّة)

[860] ((فتح الباري)) (10/439).

التَّرغيب في التَّودُّد في القرآن الكريم

- قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي

بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34].

قيل لابن عقيل: أسمع وصية الله عزَّ وجلَّ يقول:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ

كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وأسمع النَّاس يعدُّون من يُظهر خلاف ما يبطن منافقًا

فكيف لي بطاعة الله تعالى، والتَّخلُّص من النِّفاق؟

فقال: النِّفاق هو: إظهار الجميل وإبطان القبيح

وإضمار الشَّر مع إظهار الخير لإيقاع الشَّر. والذي تضمنته الآية

إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن

[863] ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب))

للسفاريني (1/208-209).

- وقال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا

وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا

يعني: المرأة هي من الرَّجل

لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا أي: تستأنسوا بها

وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً محبَّة، وَرَحْمَةً يعني: الولد

[864] ((تفسير القرآن العزيز)) لابن أبي زمنين (3/359).

وقال الطبري: وقوله: وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً

يقول: جعل بينكم بالمصاهرة والخُتُونة

مَوَدَّة تتوادُّون بها، وتتواصلون من أجلها

وَرَحْمَةً رحمكم بها، فعطف بعضكم بذلك على بعض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

[865] ((جامع البيان)) للطبري (20/86).

- وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [مريم: 96].

عن مجاهد، في قوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا،

قال: (يحبُّهم ويحبِّبُهم إلى المؤمنين)

[866] ((تفسير مجاهد)) (ص 459).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّودُّد

*عبدالرحمن*
2020-10-17, 04:10
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في التَّودُّد في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟

على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل)

[867] رواه الترمذي (2488).

وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2488).

قال القاري: (... ((قريب))

أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطَّاعة

وملاطفتهم قدر الطَّاعة. ((سهل))

أي: في قضاء حوائجهم

أو معناه: أنه سمح القضاء، سمح الاقتضاء

سمح البيع، سمح الشِّراء)

[868] ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (8/3179).

- وعن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنهما

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد

إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى))

[870] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له.

ففي هذا الحديث: تعظيم حقوق المسلمين

والحضُّ على تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضًا

[871] ((تطريز رياض الصالحين)) للحريملي (ص 174).

- وعن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال

: ((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

إنِّي أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟

قال: لا. ثم أتاه الثَّانية فنهاه، ثم أتاه الثَّالثة

فقال: تزوَّجوا الوَدُود الولود؛ فإنِّي مكاثر بكم الأمم))

[872] رواه أبو داود (2050)، والنسائي (6/65)

وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1143).

الوَلُود: كثيرة الولد، والوَدُود: الموْدُودَة

لما هي عليه من حسن الخلق، والتَّوَدُّد إلى الزَّوج

[873] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/104-105).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

((أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله! إنَّ لي قرابة أصلهم ويقطعوني

وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأَحْلُم عنهم ويجهلون علي

فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنَّما تُسِفُّهم الم

[874] تطعمهم الرماد الحار ((شرح النووي على مسلم)) (16/115).

ولا يزال معك من الله ظهير

[875] المعين والدافع لأذاهم ((شرح النووي على مسلم)) (16/115).

عليهم ما دمت على ذلك))

[876] رواه مسلم (2558).

فأيَّده النَّبي صلى الله عليه وسلم على تودُّدِه إليهم

وإن لم يجد منهم مقابلًا لما يقوم به، إلَّا الإساءة إليه.

- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

((أنَّ رجلًا من الأعراب لقيه بطريق مكة

فسلم عليه عبد الله. وحمله على حمار كان يركبه

وأعطاه عمامة كانت على رأسه

فقيل له: أصلحك الله! إنَّهم الأعراب

وإنَّهم يرضون باليسير.

فقال عبد الله: إنَّ أبا هذا كان وُدًّا لعمر بن الخطَّاب

وإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول: إنَّ أبَرَّ البِرِّ: صِلَة الولد أهل وُدِّ أبيه))

[877] رواه مسلم (2552).

و الحديث متضمِّن لبِرِّ الأب وإكرامه

لكونه بسببه. وتلتحق به أصدقاء الأم

والأجداد والمشايخ، والزَّوج والزَّوجة)

[879] ((شرح النووي على مسلم)) (16/109-110).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّودُّد

sarrow
2020-10-17, 14:23
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2020-10-17, 16:40
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2020-10-18, 05:05
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم في التَّودُّد

كان هذا الخُلَق واقعًا ملموسًا في حياة

النبي صلى الله عليه وسلم

فقد كان صلى الله عليه وسلم يتوَدَّد إلى أصحابه

ومن هم حوله، فمن ذلك:

- ما روته عائشة رضي الله عنها، من أنَّ رجلًا استأذن

على النَّبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال

: ((بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة.

فلما جلس تطلَّق النَّبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه

فلما انطلق الرَّجل. قالت له عائشة: يا رسول الله! حين رأيت الرَّجل

قلت له كذا وكذا، ثم تطلَّقت في وجهه

وانبسطت إليه. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة

متى عهدتني فحاشًا؟

إنَّ شر النَّاس عند الله منزلة يوم القيامة

من تركه النَّاس اتقاء شرِّه))

[901] رواه البخاري (6032)، ومسلم (2591).

قال ابن الجوزي:

(هذا إنَّما فعله رسول الله على وجه المداراة

فسَنَّ ذلك لأمَّته، فيجوز أن يُستعمل

مثل هذا في حق الشِّرِّير والظَّالم)

[902] ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (4/348).

- ومن ذلك توَدُّده صلى الله عليه وسلم لمن حوله

بتبسُّمه في وجوه أصحابه، ودعائه لهم

فعن جرير رضي الله عنه

قال: ((ما حجبني النَّبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت

ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي

ولقد شكوت إليه أنِّي لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري

وقال: اللهمَّ ثبِّته، واجعله هاديًا مهديًّا))

[904] رواه البخاري (3035، 3036)، ومسلم (2475).

- ومِنْ توَدُّده صلى الله عليه وسلم أنَّه

((كان يمرُّ بالصِّبيان فيسلم عليهم))

[905] رواه البخاري (6247)، ومسلم (2168).

- وكان ((إذا لقيه أحد من أصحابه

قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرَّجل هو الذي ينصرف عنه

وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده

ناوله إياها فلم ينزع يده منه

حتى يكون الرَّجل هو الذي ينزع يده منه

وإذا لقي أحدًا من أصحابه فتناول أذنه،

ناوله إياها ثم لم ينزعها حتى يكون الرَّجل

هو الذي ينزعها عنه))

[906] رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/378)

من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4780).

- ومِنْ توَدُّده صلى الله عليه وسلم لأصحابه أنَّه:

((كان يأتي ضعفاء المسلمين

ويزورهم ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم))

[907] رواه الحاكم (2/506)،

وصحح إسناده البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (5/495).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ التَّودُّد

*عبدالرحمن*
2020-10-19, 05:02
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في التَّودُّد

- قال الحسن: (التَّقدير نصف الكسب

والتَّودُّد نصف العقل، وحسن طلب الحاجة نصف العلم)

[880] ((البيان والتبيين)) للجاحظ (2/65).

- وسئل الحسن عن حسن الخلق

فقال: (الكرم، والبذلة، والتَّودُّد إلى النَّاس)

[881] ((الموشى)) للوشاء (ص 28).

- وعن ميمون بن مهران قال:

(المروءة: طلاقة الوجه، والتَّودُّد إلى النَّاس، وقضاء الحوائج)

[882] ((المروءة)) لابن الرزبان (ص 70).

- وقال أبو حاتم:

(الواجب على العاقل أنْ يتحبَّب إلى النَّاس بلزوم حسن الخلق

وترك سوء الخلق

لأنَّ الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشَّمس الجليد

وإن الخلق السَّيئ ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل

وقد تكون في الرَّجل أخلاق كثيرة صالحة كلُّها

وخلق سيئ، فيفسد الخلق السَّيئ الأخلاق الصَّالحة كلَّها)

[883] ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء))

لابن حبان البستي (ص 64).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

الفرق بين التودد وبعض الصفات (https://dorar.net/akhlaq/355/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AF%D8%AF-%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA)

نماذج من حياة الصَّحابة رضي الله عنهم في التَّودُّد (https://dorar.net/akhlaq/371/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%B1%D8%B6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%86%D9%87%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AF%D8%AF)

نماذج من العلماء والسَّلف في التَّودُّد (https://dorar.net/akhlaq/373/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AF%D8%AF)

أقوالٌ وأمثالٌ في التَّودُّد (https://dorar.net/akhlaq/375/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AF%D8%AF:)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-10-20, 05:21
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الحِكْمَة

معنى الحِكْمَة لغةً:

الحَكَمَةُ: ما أحاط بحَنَكَي الفرس، سُمِّيت بذلك

لأنَّها تمنعه من الجري الشَّديد

وتُذلِّل الدَّابَّة لراكبها، حتى تمنعها من الجِماح

[1135] من جمح الفرس: إذا ذهب يجري جريًا غالبًا و

اعتز فارسه وغلبه. ((لسان العرب)) (2/426).

ومنه اشتقاق الحِكْمَة

لأنَّها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل.

وأَحْكَمَ الأَمْرَ: أي أَتْقَنَه فاستَحْكَم

ومنعه عن الفساد، أو منعه من الخروج عمَّا يريد

[1136] ((القاموس المحيط)) للفيروز أبادي (ص 1415)

((لسان العرب)) لابن منظور (12/143)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 62)

معنى الحِكْمَة اصطلاحًا:

قال أبو إسماعيل الهروي:

(الحِكْمَة اسم لإحكام وضع الشيء في موضعه)

[1137] ((منازل السائرين)) للهروي (ص 78).

وقال ابن القيِّم

: (الحِكْمَة: فعل ما ينبغي

على الوجه الذي ينبغي

في الوقت الذي ينبغي)

[1138] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/449).

وقال النَّووي: (الحِكْمَة، عبارة عن العلم المتَّصف بالأحكام

المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى

المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس

وتحقيق الحقِّ، والعمل به

والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل

والحَكِيم من له ذلك)

[1139] ((شرح النووي على مسلم)) (2/33).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-21, 04:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الحِكْمَة في القرآن الكريم

- قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ

وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النَّحل: 125].

ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ

أي: بالمقالة المحْكَمة الصَّحيحة.

وهو الدَّليل الموضِّح للحقِّ، المزيح للشُّبهة)

[1142] ((محاسن التأويل)) للقاسمي (6/422).

- وقال تعالى: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء

وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [البقرة: 269].

(أي: أنَّه تعالى يُعطي الحِكْمَة والعلم النَّافع المصرِّف للإرادة

لمن يشاء من عباده، فيميِّز به الحقائق من الأوهام

ويسهل عليه التَّفرقة بين الوسواس والإلهام، وآلة الحِكْمَة

العقل المستقل بالحكم في إدراك الأشياء بأدلتها

على حقيقتها

ومن أُوتي ذلك عرف الفرق بين وعد الرَّحمن ووعد الشَّيطان

وعضَّ على الأوَّل بالنَّواجذ

وطرح الثَّاني وراءه ظهريًّا، وفهم الأمور)

[1143] ((تفسير المراغي)) (3/41-42).

وقال السعدي: (إنَّ من آتاه الله الحِكْمَة فقد آتاه خيرًا كثيرًا

وأيُّ خير أعظم من خير فيه سعادة الدَّارين

والنَّجاة من شقاوتهما! وفيه التَّخصيص بهذا الفضل

وكونه من ورثة الأنبياء، فكمال العبد متوقِّف على الحِكْمَة

إذ كماله بتكميل قوَّتيه العلميَّة والعمليَّة

فتكميل قوَّته العلميَّة: بمعرفة الحقِّ

ومعرفة المقصود به

وتكميل قوَّته العمليَّة: بالعمل بالخير وترك الشَّر

وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل

وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره

وبدون ذلك لا يمكنه ذلك)

[1144] ((تفسير السعدي)) (ص 115).

- قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ

فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [لقمان: 12].

(يخبر تعالى عن امتنانه على عبده الفاضل لُقْمان، بالحِكْمَة

وهي العلم بالحقِّ على وجهه وحِكْمَته، فهي العلم بالأحكام

ومعرفة ما فيها من الأسرار والإحكام

فقد يكون الإنسان عالـمًا، ولا يكون حكيمًا)

[1145] ((تفسير السعدي)) (ص 648).

الحِكْمَة في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول

((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا

فسلطه على هلكته في الحق

ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلِّمها))

[1146] رواه البخاري (1409)، ومسلم (816).

قال النَّووي: (ورجل آتاه الله حكمة

فهو يقضي بها ويعلِّمها

معناه: يعمل بها ويعلِّمها احتسابًا

والحكمة: كلُّ ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح)

[1147] ((شرح النووي على مسلم)) (6/98).

عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال: ضمَّني رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال: ((اللهمَّ علِّمه الحِكْمَة))

[1148] رواه البخاري (3756).

قال ابن حجر: (اختلف الشُّرَّاح في المراد بالحِكْمَة هنا

فقيل: القرآن، كما تقدم، وقيل: العمل به، وقيل: السُّنَّة

وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله

وقيل: العقل، وقيل: ما يشهد العقل بصحته

وقيل: نور يُفرِّق به بين الإلهام والوسواس

وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة.

وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التَّفسير

في تفسير قوله تعالى:

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ

والأقرب أنَّ المراد بها في حديث ابن عباس: الفهم في القرآن)

[1149] ((فتح الباري)) لابن حجر (1/170).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-22, 05:08
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نموذج من حِكْمَة نبيِّ الله سليمان عليه السلام في القضاء

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((بينما امرأتان معهما ابنان لهما

جاء الذئب فأخذ أحد الابنين، فتحاكمتا إلى داود

فقضى به للكبرى، فخرجتا فدعاهما سليمان

فقال: هاتوا السِّكين أشقُّه بينهما

. فقالت الصُّغرى: يرحمك الله

هو ابنها، لا تشقَّه، فقضى به للصُّغرى))

[1189] رواه البخاري (6769)، (3427)، ومسلم (1720).

قال ابن الجوزي: (أما داود عليه السلام

فرأى استواءهما في اليد فقدم الكبرى لأجل السن

وأما سليمان عليه السلام فرأى الأمر محتملًا

فاستنبط فأحسن، فكان أَحَدَّ فطنة من داود

وكلاهما حكم بالاجتهاد

لأنه لو كان داود حكم بالنص لم يسع سليمان أن يحكم بخلافه

ولو كان ما حكم به نصًّا لم يخف على داود.

وهذا الحديث يدل على أن الفطنة والفهم موهبة لا بمقدار السن)

[1190] ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (3/510).

نموذج من حِكْمَة النَّبي صلى الله عليه وسلم في معاملة قومه

- عن عائشة، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم

أنَّها قالت للنَّبي صلى الله عليه وسلم

((هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟

قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت

وكان أشدُّ ما لقيت منهم يوم العقبة

إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال

فلم يجبني إلى ما أردت

فانطلقت وأنا مهموم على وجهي

فلم أستفق إلا وأنا بقَرْن الثَّعالب

فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت

فإذا فيها جبريل، فناداني

فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك

وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.

فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ

ثم قال: يا محمد

فقال ذلك فيما شئت أن أُطْبِق عليهم الأخشبين

[1191] جبلا مكة قعيقعان وأبو قبيس

سميا بذلك لعظمهما وخشونتهما

((فتح الباري)) لابن حجر (1/76).

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده

لا يشرك به شيئًا))

[1192] رواه البخاري (3231)، ومسلم (1795).

- وفي صلح الحُدَيْبِية: دعا النَّبي صلى الله عليه وسلم الكاتب

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم

: ((اكتب: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

. فقال سهيل: أما الرَّحمن، فوالله ما أدري ما هو

ولكن اكتب: باسمك اللهمَّ.

فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرَّحمن الرَّحيم.

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: اكتب: باسمك اللهم

ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمَّد رسول الله.

فقال سهيل: والله لو كنَّا نعلم أنَّك رسول الله

ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك

ولكن اكتب: محمَّد بن عبد الله.

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

والله إنِّي لرسول الله، وإن كذَّبتموني

اكتب: محمَّد بن عبد الله...))

[1193] رواه البخاري (2731).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-24, 14:23
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من حِكْمَة السلف

أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

((إنَّ أبا بكر رضي الله عنه خرج

وعمر رضي الله عنه يكلِّم النَّاس

فقال: اجلس. فأبى، فقال: اجلس. فأبى

فتشهَّد أبو بكر رضي الله عنه، فمال إليه النَّاس

وتركوا عمر، فقال: أما بعد

فمن كان منكم يعبد محمَّدًا صلى الله عليه وسلم

فإن محمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد مات

ومن كان يعبد الله، فإنَّ الله حيٌّ لا يموت

قال الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى الشَّاكِرِينَ [آل عمران: 144]

والله لكأنَّ النَّاس لم يكونوا يعلمون أنَّ الله أنزلها

حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه النَّاس

فما يُسْمَع بَشَرٌ إلَّا يتلوها))

[1194] رواه البخاري ((1241).

عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:

قال عمر: ((وافقت ربِّي في ثلاث، قلت: يا رسول الله

لو اتخذنا من مقام إبراهيم مُصَلًّى؟

فنزلت: وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]

وقلت: يا رسول الله، إنَّ نساءك يدخل عليهن البَرُّ والفاجر

فلو أمرتهن أن يحتجبن؟

فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم

نساؤه في الغَيْرة، فقلت لهن:

عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التَّحريم: 5]

قال: فنزلت كذلك))

[1195] رواه البخاري (402)

ومسلم مختصرا (2399) واللفظ للبخاري.

عثمان بن عفان رضي الله عنه:

فقد أمر الصحابة إذا اختلفوا في شيء عند جمع القرآن

أن يكتبوه بلغة قريش، ففعلوا

حتى إذا نسخوا الصُّحف في المصاحف

ردَّ عثمان الصُّحف إلى حفصة رضي الله عنها

وأرسل إلى كلِّ أُفُقٍ من الآفاق بمصحف ممَّا نسخوا

وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفة أو مصحف أن يُحرق

[1196] ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (1/165).

الحسن بن علي رضي الله عنه:

عن الأعمش قال: (ما زال الحسن

يعي الحِكْمَة حتى نطق بها)

[1197] ((مصنف ابن أبي شيبة)) (35220).

عمر بن عبد العزيز:

حجَّ سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز

فأصابهم برقٌ ورعدٌ، حتى كادت تنخلع قلوبهم

فنظر سليمان إلى عمر وهو يضحك

فقال سليمان: يا أبا حفص

هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟

فقال: يا أمير المؤمنين، هذا صوت رحمة الله

فكيف لو سمعت صوت عذاب الله؟

فقال: هذه المائة ألف درهم، فتصدَّق بها.

فقال عمر: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: وما هو؟

قال: قوم صحبوك في مظالم لهم، لم يصلوا إليك

فجلس سليمان فردَّ المظالم.

وحدث من سليمان بن عبد الملك أنَّ سليمان قال له: يا أبا حفص

إنا وُلِّينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم

فما رأيت من مصلحة العامَّة فمُر به

فكان من ذلك أنَّ عمر أمر بعزل عمال الحجَّاج

وأقيمت الصَّلاة في أوقاتها بعد ما كانت أُمِيتت عن وقتها

مع أمور جليلة كان يُسمع من عمر فيها

فقد قيل: إنَّ سليمان حجَّ فرأى الخلائق بالموقف

فقال لعمر: أما ترى هذا الخَلْق الذي لا يحصي عددهم إلا الله؟

قال: هؤلاء اليوم رعيَّتك، وهم غدًا خصماؤك

فبكى سليمان بكاءً شديدًا

[1199] ((مناقب عمر)) لابن الجوزي (52-53)

((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (5/121).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-25, 05:14
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أنواع الحِكْمَة ودرجاتها

الحِكْمَة نوعان:

النَّوع الأوَّل: حِكْمَة علميَّة نظريَّة

وهي الاطلاع على بواطن الأشياء

ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها

خلقًا وأمرًا، قدرًا وشرعًا.

النَّوع الثَّاني: حِكْمَة عمليَّة

وهي وضع الشيء في موضعه

[1168] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/478).

درجات الحِكْمَة:

وهي على ثلاث درجات:

الدَّرجة الأولى:

أن تعطي كلَّ شيء حقَّه ولا تعدِّيه حدَّه

ولا تعجِّله عن وقته، ولا تؤخِّره عنه.

لما كانت الأشياء لها مراتب وحقوق

تقتضيها شرعًا وقدرًا. ولها حدود ونهايات تصل إليها ولا تتعدَّاها.

ولها أوقات لا تتقدَّم عنها ولا تتأخَّر

كانت الحِكْمَة مراعاة هذه الجهات الثلاث.

بأن تُعطي كلَّ مرتبة حقَّها الذي أحقَّه الله بشرعه وقدره.

ولا تتعدَّى بها حدَّها. فتكون متعديًا مخالفًا للحِكْمَة.

ولا تطلب تعجيلها عن وقتها فتخالف الحِكْمَة.

ولا تؤخِّرها عنه فتفوتها...

فالحِكْمَة إذًا: فعل ما ينبغي

على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي...

فكلُّ نظام الوجود مرتبط بهذه الصِّفة.

وكلُّ خلل في الوجود

وفي العبد فسببه الإخلال بها. فأكمل النَّاس

أوفرهم نصيبًا. وأنقصهم وأبعدهم عن الكمال

أقلهم منها ميراثًا.

ولها ثلاثة أركان: العلم، والحلم، والأَنَاة.

وآفاتها وأضدادها: الجهل، والطَّيش، والعجلة.

فلا حِكْمَة لجاهل، ولا طائش، ولا عجول.

الدَّرجة الثَّانية:

أن تشهد نظر الله في وَعْده

وتعرف عدله في حُكْمه. وتلحظ بِرَّه في منعه.

أي: تعرف الحِكْمَة في الوعد والوعيد

وتشهد حُكْمه كما في قوله:

إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا

وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]

فتشهد عدله في وعيده

وإحسانه في وعده، وكلٌّ قائمٌ بحِكْمَته.

وكذلك تعرف عدله في أحكامه الشَّرعية

والكونيَّة الجارية على الخلائق

فإنَّه لا ظلم فيها، ولا حَيْف ولا جور

[1169] الحيف: الميل في الحكم

والجور والظلم. ((لسان العرب)) لابن منظور (9/60).

وكذلك تعرف بِرَّه في منعه.

فإنَّه سبحانه هو الجَوَاد الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق

ولا يَغِيض ما في يمينه سعَة عطائه.

فما منع من منعه فضله إلَّا لحِكْمَة كاملة في ذلك.

الدَّرجة الثَّالثة:

أن تبلغ في استدلالك البصيرة

وفي إرشادك الحقيقة. وفي إشارتك الغاية.

فتصل باستدلالك إلى أعلى درجات العلم.

وهي البصيرة التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب

كنسبة المرئي إلى البصر

وهذه هي الخصِّيصة التي اختصَّ بها الصَّحابة عن سائر الأمَّة

وهي أعلى درجات العلماء

[1170] ((مدارج السالكين))

لابن القيم (2/448 -452)، بتصرف.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-26, 05:15
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موانع اكتساب الحِكْمَة

1- من موانعها ما ذكره إبراهيم الخواص، حيث قال:

(الحِكْمَة تنزل من السَّماء

فلا تسكن قلبًا فيه أربعة:

الركون إلى الدُّنيا، وهمُّ غدٍ، وحبُّ الفضول، وحسد أخٍ)

[1171] ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) لأبي نعيم (13/326).

2- التَّعجل في الأمور، وترك التَّأني في اتخاذ القرار

فالعجلة في غير موضعها تدلُّ على خفَّة العقل، وقلَّة رزانته

وغلبة الشَّهوة عليه

ولهذا جعل ابن القيِّم من آفات الحِكْمَة وأضدادها العجلة

وقال: (فلا حكمة لجاهل، ولا طائش، ولا عجول)

[1172] ((الرائد - دروس في التربية والدعوة))

لمازن عبد الكريم الفريح (3/50).

قال أبو حاتم البستي:

(والعَجِل يقول قبل أن يعلم

ويجيب قبل أن يفهم، ويَحْمدُ قبل أن يجرِّب

ويذمُّ بعد ما يحمد، ويعزم قبل أن يفكِّر

ويمضي قبل أن يعزم، والعَجِل تصحبه النَّدامة

وتعتزله السَّلامة. وكانت العرب تكنِّي العجلة: أمَّ النَّدامات)

[1173] ((روضة العقلاء)) لأبي حاتم البستي (ص 216).

3- ضيق الأفق، وعدم التَّفكر في عواقب الأمور

ونقصد بضيق الأفق: سطحية التَّفكير

وبساطته إلى حد الغفلة أو السَّذاجة

والنَّظر إلى الأمور من جانب واحد

. وسوء تقدير للعواقب والنَّتائج

وجهل بالواقع، يضاف إلى ذلك عشوائيَّة العمل

وارتجاليَّة الأهداف، وإهدار الطَّاقات في قضايا ثانويَّ

، وتبديدٌ للجهود في أمور هامشيَّة

وشَغْل النَّفس بالكماليَّات مع التَّفريط بالضَّروريات

4- فَقْد البصيرة الدَّالة على حقائق الأمور

فيتَّخذ قراره على ظواهرها.

5- عدم استشارة الصَّالحين، وأهل الخبرة

6- عدم الاستفادة من خبرات السَّابقين.

[1174] ((الرائد - دروس في التربية والدعوة))

مازن عبد الكريم الفريح (3/53).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِكْمَة

*عبدالرحمن*
2020-10-27, 04:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

وسائل اكتساب الحِكْمَة

1- التَّفقه في الدِّين، وهو من الخير الكثير الذي أشارت إليه الآية:

قال تعالى: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ

فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [البقرة: 269])

[1176] ((هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا))

لمحمود محمد الخزندار (ص 122).

2- مجالسة أهل الصَّلاح، والاختلاط بهم، والاستفادة منهم

لذا كان لُقْمان يقول لابنه وهو يوصيه ويدُلُّه

على طريق الحِكْمَة: (يا بُنَيَّ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك

فإنَّ الله يحيي القلوب بنور الحِكْمَة

كما يحيي الأرض الميِّتة بوابل السَّماء)

[1178] ((تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك)) (3/161).

3- العبادة الحقَّة لله سبحانه، والارتباط الوثيق به

والبعد عن المعاصي، وطرد الهوى

كلُّ ذلك من طُرُق نَيْل الحِكْمَة

فعن الحسن، قال: (من أحسن عبادة الله في شبيبته

لقَّاه الله الحِكْمَة عند كِبَر سنِّه

وذلك قوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا

وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [القصص: 14

[1179] ((المجالسة وجواهر العلم))

لأبي بكر الدينوري (6/240).

4- تحرِّي الحلال في مأكله ومشربه وملبسه

وشأنه كلِّه سبب في نَيْل الحِكْمَة

والوصول إلى مصافِّ الحكماء.

5- كثرة التَّجارب، والاستفادة من مدرسة الحياة

فــ(من مشارب الحِكْمَة: الاستفادة من العمر والتَّجارب

بالاعتبار، وأخذ الحَيْطة لأمر الدِّين والدُّنيا

ففي الحديث: ((لا يُلدغ المؤمن من جحر مرَّتين)

[1181] رواه البخاري (6133)، ومسلم (2998).

وكثرة التَّجارب هي التي تُكْسِب صاحبها الحلم والحِكْمَة)

[1182] ((هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا))

لمحمود محمد الخزندار (ص 123).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

وسائل اكتساب الحِكْمَة (https://dorar.net/akhlaq/469/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9)

من معاني الحِكْمَة (https://dorar.net/akhlaq/454/%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9)

حِكَم وأمثالٌ عن الحِكْمَة (https://dorar.net/akhlaq/476/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-10-28, 05:03
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذْل

معنى الجُود لغةً:

الجُود: المطر الغزير

وجاد الرَّجل بماله يجُود جُودًا بالضَّم، فهو جَوَادٌ

[942] ((الصحاح في اللغة)) للجوهري (2/461)

((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (1489)

((المعجم الوسيط)) (2/784).

وقيل: الجَوَاد: هو الذي يعطي بلا مسألة

صيانة للآخذ مِن ذلِّ السُّؤال

[943] ((تاج العروس)) للزبيدي (7/527).

معنى الجُود اصطلاحًا:

قال الجرجاني: (الجُود: صفة

هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض)

[945] ((التعريفات)) (ص 79).

معنى الكَرَم لغةً:

الكَرَم: ضدُّ اللُّؤْم، كرُم كرامة وكَرَمًا وكَرَمة

فهو كريم وكريمة، وكرماء وكرام وكرائم

وكرم فلان: أعطى بسهولة وجاد، وكرم الشيء عزَّ ونفس

[948] ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/798).

معنى الكَرَم اصطلاحًا:

قال الجرجاني: (الكَرَم: هو الإعطاء بسهولة)

[949] ((التعريفات)) (ص 184).

وقال القاضي عياض:

(وأما الجود والكرم والسخاء والسماحة، ومعانيها متقاربة

وقد فرق بعضهم بينها بفروق

فجعلوا الكرم: الإنفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره ونفعه

وسموه أيضا جرأة، وهو ضد النذالة)

[951] ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) (1/230).

معنى السَّخاء لغةً:

السَّخاوة والسَّخاء: الجُود، والكرم. والسَّخي: الجَوَاد

وفي الفعل ثلاث لغات سخا من باب علا

وسخي من باب تعب، وسَخُو من باب قرُب

[952] ((لسان العرب)) لابن منظور (14/373)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/270).

معنى السَّخاء اصطلاحًا:

قال المناويُّ: (السَّخاء: الجُود

أو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي

أو بذل التَّأمُّل قبل إلحاف السَّائل)

[953] ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص 192).

معنى البَذْل لغةً:

بَذَلَ الشَّيء: أعطاه وجاد به. والبَذْل نقيض المنع

وكلُّ مَن طابت نفسه لشيءٍ فهو باذلٌ. ورجلٌ بذَّال

وبَذُول: إذا كَثُر بذله للمال.

يقال: بَذَلَ له شيئًا، أي: أعطاه إيَّاه

[956] ((العين)) للخليل أحمد (8/187)

((تهذيب اللغة)) للهروي (14/312)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 31)

((معجم ديوان الأدب)) للفارابي (2/138).

معنى البَذْل اصطلاحًا:

قال المناويُّ: (البَذْل: الإعطاء عن طيب نفس)

[957] ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص 73).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-10-29, 04:53
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الجُود والكَرَم والسَّخاء والبذل في القرآن الكريم

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ

فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ

فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذَّاريات: 24-26].

قال الطَّبري: (عن مجاهدٍ، قوله: ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ

قال: أكرمهم إبراهيم، وأمر أهله لهم بالعجل حينئذٍ)

[963] ((جامع البيان في تفسير القرآن)) (21/525).

وقال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ

كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ

وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261].

قال ابن كثير:

(هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لتضعيف الثَّواب لمن أنفق في سبيله

وابتغاء مرضاته، وأنَّ الحسنة تضاعف

بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ)

[965] ((تفسير القرآن العظيم)) (1/691).

وقال تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً

فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274].

قال ابن كثير

: (هذا مدحٌ منه تعالى للمنفقين في سبيله

وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات مِن ليلٍ أو نهارٍ

والأحوال مِن سرٍّ وجهار

حتى إنَّ النَّفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا)

[966] ((تفسير القرآن العظيم)) (1/707).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-10-30, 05:39
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الجُود والكَرَم والسَّخاء والبذل في السُّنَّة النَّبويَّة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ

أنفقته في سبيل الله ودينارٌ أنفقته في رقبة

ودينارٌ تصدَّقت به على مسكين

ودينارٌ أنفقته على أهلك

أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك))

[968] رواه مسلم (995).

قال النَّوويُّ: (في هذا الحديث فوائد

منها: الابتداء في النَّفقة بالمذكور على هذا التَّرتيب

. ومنها: أنَّ الحقوق والفضائل إذا تزاحمت

قُدِّم الأوكد فالأوكد.

ومنها: أنَّ الأفضل في صدقة التَّطوع أن ينوِّعها في جهات الخير

ووجوه البرِّ بحسب المصلحة، ولا ينحصر في جهةٍ بعينها)

[969] ((شرح النووي على مسلم)) (7/81).

وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال

: بينما نحن في سفرٍ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

إذ جاء رجلٌ على راحلةٍ له

قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

((مَن كان معه فضل ظهرٍ، فليعد به على مَن لا ظهر له

ومَن كان له فضلٌ مِن زاد، فليعد به على مَن لا زاد له))

[974] رواه مسلم (1728).

قال النَّوويُّ: (في هذا الحديث:

الحثُّ على الصَّدقة والجُود والمواساة والإحسان

إلى الرُّفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب

وأمرُ كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج

وأنَّه يُكتفى في حاجة المحتاج بتعرُّضه للعطاء

وتعريضه مِن غير سؤال)

[975] ((شرح النووي على مسلم)) (12/33).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-10-31, 05:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل

المجالات التي يشملها الكَرَم والجُود والعطاء متنوِّعة وكثيرة

فمنها:

1- العطاء مِن المال

ومِن كلِّ ما يمتلك الإنسان مِن أشياء ينتفع بها، كالذَّهب والفضَّة

والخيل، والأنعام، والحرث، وكلِّ مأكول، أو مشروب

أو ملبوس، أو مركوب، أو مسكون، أو يؤوي إليه

وكلِّ آلة أو سبب أو وسيلة ينتفع بها

وكلِّ ما يُتَدَاوى به أو يقي ضرًّا أو يدفع بأسًا

إلى غير ذلك مِن أشياء يصعب إحصاؤها.

2- ومنها العطاء مِن العلم والمعرفة

وفي هذا المجال مَن يحبُّون العطاء، وفيه بخلا

ممسكون ضنينون

والمعطاء في هذا المجال هو الذي لا يدَّخر عنده

علمًا ولا معرفة عمَّن يُحْسِن الانتفاع بذلك

والبخيل هو الذي يحتفظ بمعارفه وعلومه لنفسه

فلا ينفق منها لمستحقِّيها، ضنًّا بها ورغبةً بالاستئثار.

3- ومنها عطاء النَّصيحة، فالإنسان الجَوَاد، كريم النَّفس

لا يبخل على أخيه الإنسان بأيِّ نصيحةٍ تنفعه في دينه أو دنياه

بل يعطيه نُصْحَه الذي ينفعه مبتغيًا به وجه الله تعالى.

4- ومنها: العطاء مِن النَّفس، فالجواد يعطي مِن جاهه

ويعطي مِن عَطْفِه وحنانه

ويعطي مِن حلو كلامه وابتسامته وطلاقة وجهه

ويعطي مِن وقته وراحته، ويعطي مِن سمعه وإصغائه

ويعطي مِن حبِّه ورحمته، ويعطي مِن دعائه وشفاعته

وهكذا إلى سائر صور العطاء مِن النَّفس.

5- ومنها: العطاء مِن طاقات الجسد وقواه

فالجواد يعطي مِن معونته، ويعطي مِن خدماته

ويعطي مِن جهده

فيعين الرَّجل في دابَّته فيحمله عليها أو يحمل له عليها

ويميط الأذى عن طريق النَّاس وعن المرافق العامَّة

ويأخذ بيد العاجز حتى يجتاز به إلى مكان سلامته

ويمشي في مصالح النَّاس، ويتعب في مساعدتهم

ويسهر مِن أجل معونتهم، ومِن أجل خدمتهم

وهكذا إلى سائر صور العطاء مِن الجسد

6- ويرتقي العطاء حتى يصل إلى مستوى التَّضحية بالحياة كلِّها

كالمجاهد المقاتل في سبيل الله، يجود بحياته

لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه، ابتغاء مرضاة ربِّه

[996] ((الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها))

لعبد الرَّحمن الميداني (2/361-363) بتصرُّف واختصار.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-11-01, 05:14
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نموذج مِن كرم الأنبياء والمرسلين عليهم السلام

إبراهيم الخليل عليه السَّلام:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((كان أوَّل مَن أضاف الضَّيف إبراهيم))

[998] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/395) (8641).

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وحسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4451).

قال المناويُّ: (كان يسمَّى أبا الضِّيفان

كان يمشي الميل والميلين في طلب مَن يتغدَّى معه...

وفي ((الكشَّاف)): كان لا يتغدَّى إلَّا مع ضيف)

[999] ((فيض القدير)) (4/543).

قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ [الذَّاريات: 24].

قال مجاهد: سمَّاهم (مُكْرَمين) لخدمة إبراهيم إيَّاهم بنفسه

[1000] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (17/45).

وقال الرَّازي: (أُكْرِموا إذ دخلوا،

وهذا مِن شأن الكريم أن يُكْرِم ضيفه وقت الدُّخول

فإن قيل: بماذا أُكْرِموا؟ قلنا: ببشاشة الوجه أولًا

وبالإجلاس في أحسن المواضع وألطفها ثانيًا

وتعجيل القِرَى ثالثًا

وبعد التَّكليف للضَّيف بالأكل والجلوس)

[1001] ((مفاتيح الغيب)) (28/174).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-11-01, 18:15
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن كرم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وجوده

لقد مثَّل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى

والقدوة الحسنة في الجُود والكَرَم

فكان أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان

فكان أجود بالخير مِن الرِّيح المرسلة.

(وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبِّه للعطاء

إذ كان يعطي عطاء مَن لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه

ثقة بعظيم فضل الله، وإيمانًا بأنَّه هو الرزَّاق ذو الفضل العظيم)

((الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها))

لعبد الرَّحمن الميداني

عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه

قال: ((ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم

على الإسلام شيئًا إلَّا أعطاه

قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين

فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا

فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة))

[1034] رواه مسلم (2312).

وقال أبو هريرة رضي الله عنه:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرُّني أن لا يمرَّ عليَّ ثلاثٌ

وعندي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أرصدُهُ لدينٍ))

[1035] رواه البخاري (2389).

(إنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم

يقدِّم بهذا النَّموذج المثالي للقدوة الحسنة

لاسيَّما حينما نلاحظ أنَّه كان في عطاءاته الفعليَّة

مطـبِّــقًا لهذه الصُّورة القوليَّة التي قالها

فقد كانت سعادته ومسرَّته عظيمتين

حينما كان يبذل كلَّ ما عنده مِن مال.

ثمَّ إنَّه يربِّي المسلمين بقوله وعمله على خُلُق حبِّ العطاء

إذ يريهم مِن نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها)

[1036] ((الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها))

لعبد الرَّحمن الميداني (2/378).

وكان صلى الله عليه وسلم يُؤْثِـر على نفسه

فيعطي العطاء ويمضي عليه الشَّهر

والشَّهران لا يُوقَد في بيته نارٌ

[1039] ((مكارم الأخلاق)) لابن عثيمين (ص 56).

فما أعظم كرمه وجوده وسخاء نفسه

صلى الله عليه وسلم

وما هذه الصِّفة الحميدة إلَّا جزءٌ مِن مجموع الصِّفات

التي اتصف بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم

فلا أبلغ ممَّا وصفه القرآن الكريم

بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل

*عبدالرحمن*
2020-11-02, 05:08
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل

قال أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه:

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء)

[976] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار))

للزَّمخشري (4/357).

- وعنه رضي الله عنه: (الجُود حارس الأعراض)

[977] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار))

للزَّمخشري (4/357).

- وقال عليٌّ رضي الله عنه

: (السَّخاء ما كان ابتداءً

فأمَّا ما كان عن مسألة فحياء وتذمُّم)

[978] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار))

للزَّمخشري (4/380).

- (وقال جعفر بن محمَّد الصَّادق:

إنَّ لله وجوهًا مِن خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده

يرون الجُود مجدًا، والإفضال مغنمًا

والله يحبُّ مكارم الأخلاق)

[989] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار))

للزَّمخشري (4/357).

- وقال بعض العلماء:

(الكَرَم: هو اسم واقع على كلِّ نوع مِن أنواع الفضل

ولفظٌ جامعٌ لمعاني السَّمَاحة والبَذْل)

[993] ((عين الأدب والسياسة))

لأبي الحسن بن هذيل (ص 105).

- وقالوا: (السَّخيُّ مَن كان مسرورًا ببذله، متبـرِّعًا بعطائه

لا يلتمس عرض دنياه فيحْبَطُ عملُه

ولا طلب مكافأة فيسقط شكرُه

ولا يكون مَثَلُه فيما أعطى مَثَلُ الصَّائد الذي يلقي الحَبَّ للطَّائر

ولا يريد نفعها ولكن نَفْعَ نفسه)

[994] ((صلاح الأمَّة في علوِّ الهمَّة))

لسيِّد العفَّاني (2/616-617).

الأسباب المعينة على الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل

دوافع البَذْل والعطاء عند الإنسان كثيرة؛ منها

1- توفيق الله له بالبَذْل والنَّفقة.

2- نفسه الطيِّبة.

3- حبُّ عمل الخير.

4- حثُّ أهل الخير له على النَّفقة والعطاء والكَرَم.

5- مقتضيات المجتمع الإسلامي وحاجاته الملِحَّة إلى التَّعاون

والتَّكامل لبناء الاقتصاد الإسلامي بناءً قويًّا وعزيزًا.

[997] ((التصوير النَّبوي للقيم الخلقية))

لعلي علي صبح (ص 181) بتصرُّف.

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

نماذج مِن كرم الصَّحابة وجودهم (https://dorar.net/akhlaq/404/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%B1%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D9%87%D9%85)

نماذج مِن السَّلف في الكَرَم والجُود (https://dorar.net/akhlaq/406/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%AF)

حِكمٌ وأمثالٌ في الكَرَم والجُود (https://dorar.net/akhlaq/410/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%AF)

الكَرَم والجُود في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/416/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-11-03, 05:00
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الحَيَاء

معنى الحَيَاء لغةً:

الحياء: الحشمة، ضد الوقاحة.

وقد حيي منه حياء واستحيا واستحى فهو حَيِيٌّ

وهو الانقباض والانزواء

[1301] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/122)

((لسان العرب)) (14/217)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/160).

معنى الحَيَاء اصطلاحًا:

هو: (انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه)

[1302] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 94).

وقال ابن حجر: (الحَياء:

خُلُق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح

ويمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ)

[1303] ((فتح الباري)) (1/52).

وقيل هو: (تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان مِن خوف

ما يُعَاب به ويُذَمُّ، ومحلُّه الوجه)

[1304] ((التبيان في تفسير غريب القرآن)) لابن الهائم (ص 61).

التَّرغيب في الحَيَاء في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26].

فُسِّر لباس التَّقوى بأنَّه الحَيَاء كما رُوِي عن الحسن

[1307] ((تفسير الآلوسي)) (4/344).

ومعبد الجهني

[1308] ((تفسير الثَّعالبي)) (3/19).

قال تعالى: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء

قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ

وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25].

قال مجاهد: (يعْني: واضعةً ثوبها على وجهها ليست بخرَّاجةٍ ولا وَلَّاجةٍ)

[1309] ((تفسير مجاهد)) (ص529).

قال الطَّبري: (فأَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)، وهي تسْتَحْيِي منه)

[1310] ((جامع البيان)) للطبري (18/221).

وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ

إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ

وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ

إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ

وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53].

قال ابن كثير:

(قيل: المراد أنَّ دخولكم منزله بغير إذنه

كان يشُقُّ عليه ويتأذَّى به

لكن كان يكره أن ينهاهم عن ذلك مِن شدَّة حَيَائه عليه السَّلام

حتى أنزل الله عليه النَّهي عن ذلك

[1311] ((تفسير ابن كثير)) (6/454).

وقال الشَّوكاني:

(أي:يسْتَحْيِي أن يقول لكم: قوموا، أو اخرجوا)

[1312] ((فتح القدير)) (4/342).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

hamza ziani
2020-11-03, 10:03
اللهم إنا نسألك حسن الخلق

*عبدالرحمن*
2020-11-04, 04:45
اللهم إنا نسألك حسن الخلق

اللهم امين يارب العالمين

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2020-11-04, 05:07
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في الحَيَاء في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى:

إذا لم تستح فاصنع ما شئت))

[1313] رواه البخاري (6120).

قال الخطَّابي: (قال الشَّيخ: معنى قوله ((النُّبوَّة الأولى))

أنَّ الحَيَاء لم يزل أمره ثابتًا

واستعماله واجبًا منذ زمان النُّبوَّة الأولى

وأنه ما مِن نبيٍّ إلَّا وقد نَدَب إلى الحَيَاء وبُعِث عليه

وأنَّه لم ينسخ فيما نسخ مِن شرائعهم

ولم يُبَدَّل فيما بُدِّل منها)

[1314] ((معالم السنن)) للخطَّابي (4/109).

قال ابن القيِّم: (خُلق الحَيَاء

مِن أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا

وأكثرها نفعًا، بل هو خاصَّة الإنسانيَّة

فمَن لا حياء فيه، فليس معه مِن الإنسانيَّة إلَّا اللَّحم

والدَّم وصورتهما الظَّاهرة

كما أنَّه ليس معه مِن الخير شيء)

[1315] ((مفتاح دار السَّعادة)) (1/277) بتصرُّف يسير.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستُّون- شعبة

أعلاها: قول: لا إله إلَّا الله.

وأدناها: إماطة الأذى عن الطَّريق.

والحياء شعبة مِن الإيمان))

[1316] رواه مسلم (35).

قال السعدي: (هذا الحديث مِن جملة النُّصوص الدَّالة

على أنَّ الإيمان اسمٌ يشمل عقائد القلب وأعماله

وأعمال الجوارح، وأقوال اللِّسان

فكلُّ ما يقرِّب إلى الله

وما يحبُّه ويرضاه مِن واجبٍ ومستحبٍّ فإنَّه داخلٌ في الإيمان.

وذكر هنا أعلاه وأدناه

وما بين ذلك وهو: الحَيَاء.

ولعلَّ ذكر الحَيَاء

لأنَّه السَّبب الأقوى للقيام بجميع شعب الإيمان.

فإنَّ مَن استحيا مِن الله لتواتر نعمه

وسوابغ كرمه، وتجلِّيه عليه بأسمائه الحسنى

-والعبد مع هذا كثير التَّقصير مع هذا الرَّبِّ الجليل الكبير

يظلم نفسه ويجني عليها-

أوجب له هذا الحَيَاء التوقِّي مِن الجرائم

والقيام بالواجبات والمستحبَّات)

[1319] ((بهجة قلوب الأبرار)) (ص 179).

- وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال:

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الحَيَاء لا يأتي إلَّا بخير))

[1320] رواه البخاري (6117)، ومسلم (37).

قال ابن حجر: (إذا صار الحَيَاء عادة

وتخَلَّق به صاحبه، يكون سببًا يجلب الخير إليه

فيكون منه الخير بالذَّات والسَّبب)

[1323] ((فتح الباري)) (10/522).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((استحيوا مِن الله حقَّ الحياء.

قال: قلنا: يا رسول الله إنَّا لنستحيي

والحمد للَّه. قال: ليس ذاك

ولكنَّ الاستحياء مِن الله حقَّ الحياء:

أن تحفظ الرَّأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى

وتتذكَّر الموت والبِلَى

ومَن أراد الآخرة، ترك زينة الدُّنيا

فمَن فعل ذلك، فقد استحيا مِن الله حقَّ الحياء))

[1326] رواه التِّرمذي (2458)

وحسَّنه الألباني في ((صحيح التِّرمذي)) (2458).

قال المباركفوريُّ في شرح الحديث:

(قوله: ((استحيوا مِن الله حقَّ الحَيَاء)).

أي: حياءً ثابتًا ولازمًا صادقًا

قاله المناويُّ، وقيل: أي: اتَّقوا الله حقَّ تقاته.

((قلنا يا نبيَّ الله إنَّا لنستحيي)).

لم يقولوا: حقَّ الحَيَاء؛ اعترافًا بالعجز عنه.

((والحمد لله)). أي على توفيقنا به.

((قال: ليس ذاك)). أي: ليس حقَّ الحَيَاء ما تحسبونه

بل أن يحفظ جميع جوارحه عمَّا لا يرضى.

((ولكن الاستحياء مِن الله حقَّ الحَيَاء: أن تحفظ الرَّأس)).

أي: عن استعماله في غير طاعة الله

بأن لا تسجد لغيره، ولا تصلِّي للرِّياء

ولا تخضع به لغير الله، ولا ترفعه تكــبُّرًا.

((وما وعى)).

أي: جمعه الرَّأس مِن اللِّسان والعين والأذن عمَّا لا يحلُّ استعماله.

((وتحفظ البطن)). أي: عن أكل الحرام

((وما حوى)). أي ما اتصل اجتماعه به مِن الفرج

والرِّجلين واليدين والقلب، فإنَّ هذه الأعضاء متَّصلة بالجوف

وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي

بل في مرضاة الله تعالى.

((وتتذكَّر الموت والبِلَى)). بكسر الباء

مِن بَلَى الشَّيء إذا صار خَلِقًا متفتِّتًا

يعني تتذكَّر صيرورتك في القبر عظامًا بالية.

((ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدُّنْيا)).

فإنَّهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء

قاله القاري.

وقال المناويُّ: لأنَّهما ضرَّتان

فمتى أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى)

[1328] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (7/130-131).

- عن أنس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما كان الفُحْش في شيء إلَّا شانه

وما كان الحَيَاء في شيء إلَّا زَانَهُ))

[1330] رواه التِّرمذي (1974)

وصححه الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (2635).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

*عبدالرحمن*
2020-11-05, 04:44
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الحَيَاء

(ينقسم الحَيَاء باعتبار محلِّه إلى قسمين:

1- القسم الأوَّل:

حياء فطريٌّ: وهو الذي يُولَد مع الإنسان متزوِّدًا به

ومِن أمثلته: حياء الطِّفل عندما تنكشف عورته أمام النَّاس

وهذا النَّوع مِن الحَيَاء منحة أعطاها الله لعباده.

2- والقسم الثَّاني:

حياء مكتسب: وهو الذي يكتسبه المسلم مِن دينه

فيمنعه مِن فعل ما يُذَمُّ شرعًا

مخافة أن يراه الله حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.

وينقسم باعتبار متعلَّقه إلى قسمين:

القسم الأوَّل الحَيَاء الشَّرعي::

وهو الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام، وهو محمود.

- القسم الثَّاني: الحَيَاء غير الشَّرعي:

وهو ما يقع سببًا لترك أمر شرعي

وهذا النَّوع مِن الحَيَاء مذموم

وهو ليس بحياء شرعي، وإنَّما هو ضعف ومهانة)

[1339] ((الأخلاق الإسلاميَّة))

لحسن السعيد المرسي (ص 146).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

*عبدالرحمن*
2020-11-05, 19:37
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد الحَيَاء

1- أن الحَيَاء مِن خصال الإيمان

2- هجر المعصية خجلًا من الله سبحانه وتعالى

3- الإقبال على الطَّاعة بوازع الحبِّ لله عزَّ وجلَّ.

4- يبعد عن فضائح الدُّنْيا والآخرة.

5- أصل كلِّ شعب الإيمان.

6- يكسو المرء الوَقَار فلا يفعل ما يخلُّ بالمروءة

والتوقير ولا يؤذي مَن يستحقُّ الإكرام.

7- لا يمنع مِن مواجهة أهل الباطل ومرتكبي السوء.

8- مَن استحى مِن الله ستره الله في الدُّنْيا والآخرة.

9- يُعدُّ صاحبه مِن المحبوبين عند الله وعند النَّاس.

10- يمنع الشَّخص عن الفواحش، ويجعله يستتر بها

إذا هو سقط في شيء مِن أوحالها.

11- يدفع المرء إلى التَّحلِّي بكلِّ جميل محبوب

والتَّخلِّي عن كلِّ قبيح مكروه

((الأخلاق الإسلاميَّة)) لعبد الرَّحمن الميداني (2/491).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

*عبدالرحمن*
2020-11-06, 05:15
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الحَيَاء المذموم:

مِن صور الحَيَاء المذموم

- الحَيَاء في طلب العلم:

إذا تعلَّق الحَيَاء بأمر دينيٍّ، يمنع الحَيَاء مِن السُّؤال فيه أو عرضه

في تعليم أو دعوة، فإنَّ ممَّا ينبغي حينها، رفع الحرج

ومدافعة هذا الحَيَاء الذي يمنع مِن التَّحصيل العلمي

أو الدَّعوة إلى الله سواءً عند الرِّجال أو النساء

[1340] ((المرأة المسلمة المعاصرة..

إعدادها ومسؤوليتها في الدَّعوة))

لأحمد بن محمد أبا بطين (388-389).

فقد ورد أنَّ أمَّ سليم رضي الله عنها

((جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقالت: يا رسول الله إنَّ الله لا يستحيي مِن الحق

فهل على المرأة مِن غسلٍ إذا احتلمت؟

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء.

فغطَّت أمُّ سلمة -تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟!

قال: نعم، تَرِبَت يمينك، فيمَ يشبهها ولدها))

وعن مجاهد، قال: (إنَّ هذا العلم لا يتعلَّمه مستحٍ ولا متكبِّرٍ)

[1342] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (3/287).

الحَيَاء لا يمنع المسلم مِن أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر

قال تعالى: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53].

بل الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر سمة مِن سمات هذه الأمَّة

كما قال عزَّ وجلَّ: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ

وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [آل عمران:110].

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مع شدَّة حيائه

لم يثنه ذلك عن قول الحقِّ

ويتبيَّن ذلك في موقفه مع أسامة بن زيد رضي الله عنهما

حينما أراد أن يشفع في حدٍّ مِن الحدود

فلم يمنعه حياؤه صلى الله عليه وسلم

مِن أن يقول لأسامة في غضب: أتشفع في حدٍّ مِن حدود الله؟!

ثمَّ قام فاختطب

ثمَّ قال: إنَّما أهلك الذين قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه

وإذا سرق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحد

وايم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمَّد سرقت لقطعت يدها)

[1346] رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688

مِن حديث عائشة رضي الله عنه.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

*عبدالرحمن*
2020-11-08, 04:51
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موانع اكتساب الحَيَاء

- الغناء:

روى البيهقي وابن أبي الدُّنْيا عن أبي عثمان اللَّيثيِّ قال:

قال يزيد بن الوليد النَّاقص: (يا بني أميَّة إيَّاكم والغناء

فإنَّه ينقص الحَيَاء، ويزيد في الشَّهوة، ويهدم المروءة)

[1350] ((روح المعاني)) للألوسي (11/68).

- ارتكاب المعاصي:

بيَّن ابن القيِّم أنَّ الذُّنوب والمعاصي تُذْهِب الحَيَاء

فقال: (ومِن عقوباتها ذهاب الحَيَاء الذي هو مادَّة الحياة للقلب

وهو أصل كلِّ خير وذهاب كلِّ خير بأجمعه

وفي الصَّحيح عنه أنَّه قال: ((الحَيَاء خير كلُّه)).

وقال: ((إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى:

إذا لم تستح فاصنع ما شئت)).

وفيه تفسيران: أحدهما أنَّه على التَّهديد والوعيد

والمعنى: مَن لم يستح فإنَّه يصنع ما شاء مِن القبائح

إذِ الحامل على تركها الحَيَاء

فإذا لم يكن هناك حياءٌ نزعه مِن القبائح

فإنَّه يواقعها، وهذا تفسير أبي عبيدة

والثَّاني: أنَّ الفعل إذا لم تستح فيه مِن الله فافعله

وإنَّما الذي ينبغي تركه ما يُستحى منه مِن الله

وهذا تفسير الإمام أحمد في رواية ابن هاني

فعلى الأوَّل يكون تهديدًا

كقوله: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصِّلت:40]

وعلى الثَّاني يكون إذنًا وإباحة

فإن قيل فهل مِن سبيل إلى حمله على المعنيين؟ قلت: لا

ولا على قول مَن يحمل المشترك على جميع معانيه

لما بين الإباحة والتَّهديد مِن المنافاة

ولكن اعتبار أحد المعنيين يوجب اعتبار الآخر

والمقصود: أنَّ الذُّنوب تُضْعِف الحَيَاء مِن العبد

حتى ربَّما انسلخ منه بالكلِّيَّة

حتى ربَّما أنَّه لا يتأثَّر بعلم النَّاس بسوء حاله

ولا باطِّلاعهم عليه

بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعله

والحامل على ذلك انسلاخه مِن الحَيَاء

وإذا وصل العبد إلى هذه الحالة

لم يبق في صلاحه مطمع)

[1351] (الجواب الكافي) (69-70).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحَيَاء

*عبدالرحمن*
2020-11-08, 16:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب الحَيَاء

الحَيَاء موجود في فطرة الإنسان

وعلينا أن نجعله رفيقًا لنا في كلِّ أقوالنا وأفعالنا

وهناك بعض الوسائل التي تنمِّي هذه الصِّفة

وتقوِّيها في نفوسنا، ومِن هذه الوسائل:

1- اتِّباع أوامر الله سبحانه والخوف منه

ومراقبته في كلِّ حين، واستشعار معيته.

2- اتِّباع سنَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والاقتداء به

في حياته القوليَّة والفعليَّة.

3- غضُّ البصر عمَّا حرَّم الله سبحانه وتعالى

وعدم تتبُّع عورات الآخرين.

4- الصَّبر عن المعصية يعين على ملازمة الحَيَاء.

5- تربية الأولاد على الحَيَاء.

6- مجالسة مَن يتَّصف بصفة الحَيَاء

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

الفرق بين الحَيَاء والخجل (https://dorar.net/akhlaq/510/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AC%D9%84)

مِن مظاهر قلَّة الحَيَاء (https://dorar.net/akhlaq/525/%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D9%82%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1)

الحَيَاء في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/542/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-11-09, 04:48
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الحِلْم

معنى الحِلْم لغةً:

الحِلْمُ -بالكسر-: الأَناةُ والعقل، وجمعه: أَحْلام وحُلُومٌ

[1209] ((لسان العرب)) لابن منظور (12/145).

والحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال: حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ

[1210] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/93).

معنى الحِلْم اصطلاحًا:

عُرِّف الحِلْم بعدَّة تعريفات منها:

الحِلْم: ضبط النَّفس والطَّبع عن هيجان الغضب

[1211] ((مفردات ألفاظ القرآن)) للرَّاغب (ص 253).

وقيل هو: (الطُّمَأْنِينَة عند سَوْرَة الغضب

وقيل: تأخير مكافأة الظَّالم)

[1212] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 92).

وقيل الحِلْم: (اسم يقع على زمِّ النَّفس

عن الخروج عند الورود عليها

ضدُّ ما تحبُّ إلى ما نهي عنه.

فالحِلْم يشتمل على المعرفة والصَّبر والأَنَاة)

[1213] ((روضة العقلاء)) لابن حبَّان البستي (ص 208).

التَّرغيب في الحِلْم في القرآن الكريم

وردتْ آيات قرآنيَّة كثيرة تشير إلى صفة الحِلْم

ووصف الله نفسه بالحِلْم، وسمَّى نفسه الحليم

ووردت آيات تدعو المسلمين إلى التَّحلِّي بهذا الخُلُق النَّبيل

وعدم المعاملة بالمثل ومقابلة الإساءة بالإساءة

والحثِّ على الدَّفع بالتي هي أحسن

والتَّرغيب في الصَّفح عن الأذى والعفو عن الإساءة

- قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ

وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

الَّذِينَ ُينفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ

وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133-134].

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:

وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ

(أي: لا يعملون غضبهم في النَّاس

بل يكفون عنهم شرَّهم

ويحتسبون ذلك عند الله عزَّ وجلَّ.

ثمَّ قال تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ

أي: مع كفِّ الشَّرِّ يعفون عمَّن ظلمهم في أنفسهم

فلا يبقى في أنفسهم مَوجدة على أحد

وهذا أكمل الأحوال

ولهذا قال: وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين فهذا مِن مقامات الإحسان)

[1218] ((تفسير ابن كثير)) (2/122).

- وقال عزَّ وجلَّ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ

وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِلْم

*عبدالرحمن*
2020-11-10, 04:48
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في الحِلْم في القرآن الكريم

ووصف الله عزَّ وجلَّ بعضَ أنبيائه بالحِلْم

قال تعالى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات:101]

يقول ابن تيمية: (وقد انطوت البشارة على ثلاثٍ:

على أنَّ الولد غلامٌ ذكرٌ، وأنَّه يبلغ الحِلْم

وأنَّه يكون حليمًا

وأيُّ حلمٍ أعظم مِن حلمه حين عرض عليه أبوه الذَّبح

فقال: سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102]

وقيل: لم ينعت الله الأنبياء بأقلَّ مِن الحِلْم وذلك لعزَّة وجوده

ولقد نعت إبراهيم به في قوله تعالى:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوبة:114]

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ [هود:75]

لأنَّ الحادثة شهدت بحلمهما

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ

قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ

مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ

افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102])

[1219] ((مجموع الفتاوى)) (4/332).

- قال ابن كثير في قوله تعالى:

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصِّلت:34]

(أي: إذا أحسنت إلى مَن أساء إليك

قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبَّتك

والحنو عليك، حتى يصير كأنَّه وليٌّ لك حميم

أي: قريب إليك مِن الشَّفقة عليك والإحسان إليك.

ثمَّ قال: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا [فصِّلت:35]

أي: وما يقبل هذه الوصيَّة ويعمل بها إلَّا مَن صبر على ذلك

فإنَّه يشقُّ على النُّفوس

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ أي: ذو نصيب وافر

مِن السَّعادة في الدُّنْيا والآخرة.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما

في تفسير هذه الآية:

(أمر الله المؤمنين بالصَّبر عند الغضب، والحِلْم عند الجهل

والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله مِن الشَّيطان

وخضع لهم عدوُّهم كأنَّه وليٌّ حميم)

[1220] ((تفسير ابن كثير)) (7/181)

التَّرغيب في الحِلْم في السُّنَّة النَّبويَّة

- قال صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس

: ((إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم والأَنَاة))

[1221] رواه مسلم (18)

مِن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه قال:

((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التَّأنِّي مِن الله

والعجلة مِن الشَّيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير مِن الله

وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى الله مِن الحِلْم))

[1222] رواه أبو يعلى (7/247)

والبيهقي في ((الشُّعب)) (6/211)

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة

إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب))

[1223] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609).

قال ابن عبد البر: (في هذا الحديث مِن الفقه: فضل الحِلْم.

وفيه دليلٌ على أنَّ الحِلْم: كتمان الغيظ.

وأنَّ العاقل مَن مَلَك نفسه عند الغضب

لأنَّ العقل -في اللُّغة-: ضبط الشَّيء وحبسه منه)

[1225] ((التمهيد)) (6/322).

- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى..)

[1226] رواه مسلم (432)

مِن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

(أي ذوو الألباب والعقول، واحدها: حِلْمٌ بالكسر

فكأنَّه مِن الحِلْم: الأَنَاة والتَّثبُّت في الأمور

وذلك مِن شعائر العقلاء

وواحد النُّهى: نُهْيَة بالضَّم، سُمِّي العقل بذلك

لأنَّه ينهى صاحبه عن القبيح

[1227] ((حاشية السيوطي والسندي على سنن النسائي)) (2/423).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِلْم

*عبدالرحمن*
2020-11-11, 05:00
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج مِن حلم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

لقد بلغ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم غاية الحِلْم والعفو

والسُّنَّة النَّبويَّة حافلة بمواقف الرَّسول الكريم في الحِلْم

ومِن ذلك:

- قصَّة الأعرابي الذي جبذ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

بردائه جَبْذَةً شديدةً

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

((كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه

[1266] الجبذ: الجذب. ((النهاية في غريب الحديث والأثر))

لابن الأثير (1/235).

بردائه جبْذَةً شديدةً، حتى نظرت إلى صفحة عاتق

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثَّرت بها

حاشية البُرْد مِن شدَّة جَبْذَته

ثمَّ قال:يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك

فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثمَّ ضحك، ثمَّ أمر له بعطاء))

[1267] رواه البخاري (3149).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا

أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ

فهمَّ به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: دعوه فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالًا. ثمَّ قال: أعطوه سِنًّا مِثْل سِنِّه

قالوا: يا رسول الله، لا نجد إلَّا أمثل مِن سِنِّه

فقال: أعطوه، فإنَّ مِن خيركم أحسنكم قضاءً))

[1268] رواه البخاري (2306).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال

: ((كأنِّي أنظر إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

يحكي نبيًّا مِن الأنبياء ضربه قومه فأدموه

فهو يمسح الدَّم عن وجهه

ويقول: ربِّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون))

[1269] رواه البخاري (3477).

قال النَّوويُّ: (فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم

مِن الحِلْم والتَّصبُّر والعفو والشَّفقة على قومهم

ودعائهم لهم بالهداية والغفران

وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنَّهم لا يعلمون

وهذا النَّبيُّ المشار إليه مِن المتقدِّمين

وقد جرى لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد)

[1270] ((شرح النَّووي على مسلم)) (12/150).

- وعن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم الحديبية

هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه

ثمانون رجلًا مِن أهل مكَّة بالسِّلاح مِن قِبَل جبل التَّنْعيم

يريدون غِرَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فدعا عليهم فأُخذوا، قال عفَّان: فعفا عنهم

ونزلت هذه الآية:

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم

بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح: 24])

[1278] رواه مسلم (1808)، وأحمد (3/122) (12249).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِلْم

malak96
2020-11-11, 13:39
بارك الله فيك من اروع المواضيع التي قراتها اليوم
بالنسبة لي فحسن الخلق ينتج اكثر من مراقبة اخلاق الناس
فانا مثلا اراقب جميع اصدقائي واخوتي واقاربي حتى اعرف الاخلاق الحسنة من الاخلاق السيئة
والواجبة من المنتهية
وبالنهاية فالدنيا معاملة ان عاملت بحسن تعامل بحسن

*عبدالرحمن*
2020-11-12, 04:57
بارك الله فيك من اروع المواضيع التي قراتها اليوم
بالنسبة لي فحسن الخلق ينتج اكثر من مراقبة اخلاق الناس
فانا مثلا اراقب جميع اصدقائي واخوتي واقاربي حتى اعرف الاخلاق الحسنة من الاخلاق السيئة
والواجبة من المنتهية
وبالنهاية فالدنيا معاملة ان عاملت بحسن تعامل بحسن

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

بارك الله فيكِ

بسم الله ما شاء الله

طريقتك طريقة رائعة خاصة اذا كانت

تسير علي اساس واضح

و هو الاطلاع علي مناهج الاخلاق الاسلامية من مصادرها الموثقة

ثم ارشاد من غاب عنه بعض هذه الاخلاق

حتي تعم الفائدة للجميع

*عبدالرحمن*
2020-11-12, 05:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السَّلف والعلماء في الحِلْم

- قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه:

(ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك

ولكنَّ الخير أن يَكْثُر علمك ويَعْظُم حلمك

وأن لا تباهي النَّاس بعبادة الله

وإذا أحسنت: حمدت الله تعالى

وإذا أسأت: استغفرت الله تعالى)

[1228] رواه أبو نعيم في ((الحلية)) (1/75)

والبيهقي في ((الزُّهد الكبير)) (276)

موقوفًا على علي رضي الله عنه.

- (وبلغ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه

أنَّ جماعة مِن رعيَّته اشتكوا مِن عمَّاله

فأمرهم أن يوافوه، فلمَّا أتوه

قام فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أيُّها النَّاس، أيَّتها الرَّعيَّة

إنَّ لنا عليكم حقًّا: النَّصيحة بالغيب والمعاونة على الخير

أيَّتها الرُّعاة إنَّ للرَّعيَّة عليكم حقًّا فاعلموا أنَّه لا شيء أحبُّ إلى الله

ولا أعزُّ مِن حِلْم إمامٍ ورِفْقِه

وليس جهلٌ أبغض إلى الله ولا أغمَّ من جهل إمامٍ وخرْقه)

[1229] رواه هنَّاد في ((الزُّهد)) (2/602)

والطَّبري في ((التاريخ)) (4/224).

وقال رضي الله عنه

(تعلَّموا العلم وتعلَّموا للعلم السَّكينة والحِلْم)

[1230] رواه الطَّبراني في ((الأوسط)) (6/200)

ووكيع في ((الزُّهد)) (538)، وأحمد في ((الزُّهد)) (99).

- وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي لحامل القرآن

أن يكون باكيًا محزونًا حكيمًا حليمًا سكينًا

ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيًا

ولا غافلًا ولا صخَّابًا ولا صيَّاحًا ولا حديدًا)

[1231] رواه ابن أبي شيبة (35584)

وأحمد في ((الزُّهد)) (133)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/129)

موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه.

- وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:

(لا يبلغ العبد مبلغ الرَّأي حتى يغلب حِلْمُه جهله

وصبرُه شهوته، ولا يبلغ ذلك إلَّا بقوَّة الحِلْم)

[1232] ((الحِلْم)) لابن أبي الدُّنْيا (25-26).

- وعن أبي الدَّرداء قال: (ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك

ولكنَّ الخير أن يَعْظُم حِلْمُك، ويَكْثُر علمك

وأن تنادي النَّاس في عبادة الله

فإذا أحسنت حمدت الله، وإذا أسأت استغفرت الله)

[1237] رواه ابن أبي شيبة (34585)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/212)

وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (47/158).

- وقال محمَّد بن عليٍّ رضي الله عنهما

: (مَن حَلُمَ وَقَى عِرْضه، ومَن جادت كفُّه حَسُن ثناؤه

ومَن أَصْلح مالَه استَغْنى، ومَن احتمل المكْروه كثرت مَحاسنه

ومَن صَبر حُمِد أمرُه، ومَن كظَم غيظَه فشا إحسانُه

ومَن عَفا عن الذُّنوب، كثُرت أياديه

ومَن اتَّقى الله كفاه ما أهمَّه)

[1243] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه الأندلسي (1/181).

- وعن معاوية بن قرَّة قال: (مكتوبٌ في الحكمة:

لا تجالس بحِلْمك السُّفهاء، ولا تجالس بسفهك الحُلَماء)

[1245] ((الحِلْم)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 53).

- وعن الحسن قال: (المؤمن حليمٌ لا يجهل وإن جُهِل عليه

حليمٌ لا يظلم، وإن ظُلِم غَفَر، لا يقطع

وإن قُطِع وصل، لا يبخل، وإن بُخلِ عليه صبر)

[1246] ((الحِلْم)) لابن أبي الدُّنْيا (ص 54-55).

- وقال عطاء بن أبي رباح:

(ما أوى شيءٌ إلى شيءٍ أزين مِن حلمٍ إلى علم)

[1248] رواه الدارمي (1/470) (596).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِلْم

*عبدالرحمن*
2020-11-13, 05:18
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب الحِلْم:

1- تذكُّر كثرة حلم الله على العبد، فالله سبحانه وتعالى حليم

يرى معصية العاصي ومخالفته لأمره فيمهله

قال تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ

فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة: 235].

قال أبو حاتم: (الواجب على العاقل، إذا غضب واحتدَّ

أن يذكر كثرة حلم الله عنه، مع تواتر انتهاكه محارمه

وتعدِّيه حرماته، ثمَّ يَحْلُم

ولا يخرجه غيظه إلى الدُّخول في أسباب المعاصي)

[1253] ((روضة العقلاء)) لابن حبَّان البستي (ص 212).

2- تذكُّر الثَّواب مِن الله للعافين عن النَّاس

قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ

وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ

الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133- 134].

عن أبي جعفر الخطمي أنَّ جدَّه عمير بن حبيب

وكان قد بايع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم- أوصى بنيه

فقال لهم: (أيْ بني! إيَّاكم ومخالطة السُّفهاء

فإنَّ مجالستهم داء، وإنَّه مَن يَحْلُم عن السَّفِيه يُسَر بحِلْمِه

ومَن يجبه يندم

ومَن لا يقر بقليل ما يأتي به السَّفِيه، يقر بالكثير

[1255] رواه الطَّبراني (17/50) (108)، والبيهقي (10/95) (20705)

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/269): رجاله ثقات.

3- الرَّحمة بالجاهل، ومِن ذلك ما جاء

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال

((بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذ جاء أعرابيٌّ، فقام يبول في المسجد

فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه. قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه

دعوه. فتركوه حتى بال

ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه

فقال له: إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول ولا القذر

إنَّما هي لذكر الله عزَّ وجلَّ، والصَّلاة

وقراءة القرآن. أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:

فأمر رجلًا مِن القوم فجاء بدلوٍ مِن ماء فشنَّه عليه

[1257] رواه مسلم (285) مِن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

[1256] شنه: صبه. ((شرح النووي على مسلم)) (3/193).

4- التَّرفُّع عن المعاملة السَّيِّئة بالمثل

وهذا يدلُّ على شرف النَّفس، وعلوِّ الهمَّة

يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

((غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نَجْدٍ

فلمَّا أدركته القائلة وهو في واد كثير العِضَا

[1258] العضاه: كل شجرة ذات شوك

((شرح النووي على مسلم)) (15/44).

فنزل تحت شجرة، واستظلَّ بها وعلَّق سيفه

فتفرَّق النَّاس في الشَّجر يستظلُّون

وبينا نحن كذلك إذ دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا

فإذا أعرابيٌّ قاعد بين يديه

فقال: إنَّ هذا أتاني وأنا نائمٌ، فاخترط سيفي

[1259] اخترط السيف: سله من غمده

((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/23).

استيقظت وهو قائمٌ على رأسي مخترطٌ صلتًا

[1260] صلتًا: مجردا

((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/45).

قال: مَن يمنعك مني؟ قلت: الله. فشَامَه ثمَّ قعد، فهو هذا

قال: ولم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم))

[1261] رواه البخاري (4139).

5- التَّفضُّل على المسيء

ومِن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال

: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية

فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه بردائه جَبْذَةً شديدةً

حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم

قد أثَّرت بها حاشية البُرْد مِن شدَّة جَبْذَته

ثمَّ قال: يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك

فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثمَّ ضحك، ثمَّ أمر له بعطاء)

[1262] رواه البخاري (3149).

6 الاستحياء مِن جزاء الجواب، وكان الأحنف بن قيس يقول:

(مَن لم يصبر على كلمة سمع كلمات

ورُبَّ غيظٍ قد تجرَّعته مخافة ما هو أشدُّ منه

[1263] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/279).

7- الرِّعاية ليدٍ سالفة، وحرمة لازمة، وهذا مِن الوفاء

وحُسنِ العهد، وكمال المروءة

عن حفص بن غياث قال: (كنت جالسًا عند جعفر بن محمد

ورجل يشكو رجلًا عنده، قال لي كذا، وفعل لي كذا

فقال له جعفر: مَن أكرمك فأكرمه

ومَن استخفَّ بك فأكرم نفسك عنه)

[1264] ((روضة العقلاء)) لابن حبَّان البستي (213).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الحِلْم

*عبدالرحمن*
2020-11-14, 04:54
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد الحلم

1- الحليم عظيم الشَّأن، رفيع المكان

محمود الأمر، مرضي الفعل

[1249] ((روضة العقلاء)) لابن حبَّان البستي (208).

2- (أنَّه دليل كمال العقل وسعة الصَّدر، وامتلاك النَّفس

3- يعمل على تآلف القلوب ونشر المحبَّة بين النَّاس

4- يزيل البغضاء بين النَّاس ويمنع الحسد)

[1250] ((نضرة النعيم)) (5/1752) - بتصرف.

5- صفة الحِلْم عواقبها محمودة

6- أوَّل عِوَض الحَليم عن حِلْمه أنَّ النَّاس أنصارُه على الجاهل

[1251] هذا القول يُنْسَب لعليٍّ رضي الله عنه

انظر: ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه الأندلسي (1/182).

7- الحليم له القوَّة في التَّحكُّم في انفعالاته

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة

إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب))

[1252] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609)

مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

الفرق بين الحِلْم وبعض الصِّفات (https://dorar.net/akhlaq/483/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%85-%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA)

الأمثال في الحِلْم (https://dorar.net/akhlaq/503/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%85)

الحِلْم في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/505/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-11-14, 18:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الرَّحْمَة

معنى الرَّحْمَة لغةً:

الرحمة: من رحمة يرحمه، رحمة ومرحمة

إذا رقَّ له، وتعطف عليه

وأصل هذه المادة يدلُّ على الرقة والعطف والرأفة

وتراحم القوم: رحم بعضهم بعضًا.

ومنها الرَّحِم: وهي عَلاقة القرابة.

وقد تطلق الرَّحْمَة، ويراد بها ما تقع به الرَّحْمَة

كإطلاق الرَّحْمَة على الرِّزق والغيث

[1386] انظر: ((الصحاح)) للجوهري (5/1929)

و((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/498)

و((لسان العرب)) لابن منظور (12/230)

و((مختار الصحاح)) للرازي (ص 120).

معنى الرَّحْمَة اصطلاحًا:

(الرَّحْمَة رقَّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ

وقد تستعمل تارةً في الرِّقَّة المجرَّدة

وتارة في الإحسان المجرَّد عن الرِّقَّة)

[1387] ((مفردات القرآن)) للراغب (1/347).

وقيل: (هي رِقَّة في النفس

تبعث على سوق الخير لمن تتعدى إليه)

[1388] ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (26/21).

وقيل: هي (رِقَّة في القلب

يلامسها الألم حينما تدرك الحواس أو تدرك بالحواس

أو يتصور الفكر وجود الألم عند شخص آخر

أو يلامسها السُّرور حينما تدرك الحواس أو تدرك بالحواس

أو يتصور الفكر وجود المسرة عند شخص آخر)

[1389] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها))

لعبد الرحمن الميداني (2/3).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-15, 05:02
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الفرق بين الرَّحْمَة والرَّأفة

قال القفال: (الفرق بين الرَّأفة والرَّحْمَة

أنَّ الرَّأفة مبالغة في رحمة خاصة

وهي دفع المكروه وإزالة الضَّرر

كقوله: وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور: 2]

أي: لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما

وأمَّا الرَّحْمَة فإنَّها اسم جامع

يدخل فيه ذلك المعنى

ويدخل فيه الانفصال والإنعام)

[1391] ((مفاتيح الغيب)) لفخر الدين الرازي (4/93).

قال ابن عاشور:

(والرَّأفة: رِقَّة تنشأ عند حدوث ضر بالمرؤوف به

. يقال: رؤوفٌ رحيم.

والرَّحْمَة: رقَّة تقتضي الإحسان للمرحوم

بينهما عمومٌ وخصوص مطلق)

[1390] ((التحرير والتنوير)) (10/239).

وقال أبو البقاء الكفوي:

الرَّحْمَة هي أن يوصل إليك المسار

والرَّأفة هي أن يدفع عنك المضار...

فالرَّحْمَة من باب التزكية، والرَّأفة من باب التَّخلية

والرَّأفة مبالغة في رحمة مخصوصة

هي رفع المكروه وإزالة الضر

فذكر الرَّحْمَة بعدها في القرآن مطردًا لتكون أعم وأشمل

[1392] ((الكليات)) (1/742).

وقيل: (الرَّأفة أشد من الرَّحْمَة)

وقيل: (الرَّحْمَة أكثر من الرَّأفة

والرَّأفة أقوى منها في الكيفية؛

لأنَّها عبارة عن إيصال النِّعم صافية عن الألم)

[1393] ((الفروق اللغوية)) للعكسري (1/246).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-15, 16:35
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الرَّحْمَة في القرآن الكريم

ذكر الله هذه الصفة العظيمة في غير ما آية من كتابه الكريم

إمَّا في معرض تسميه واتصافه بها

أو في معرض الامتنان على العباد بما يسبغه عليهم من آثارها

أو تذكيرهم بسعتها

أو من باب المدح والثناء للمتصفين بها المتحلِّين بمعانيها

أو غير ذلك من السياقات، ومن ذلك:

- تَسمِّيه جلَّ وعلا باسم الرَّحمن والرَّحيم

واتصافه بصفة الرَّحْمَة:

وهذا كثير جدًّا في القرآن

نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر:

قوله تعالى: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة: 3]

فقد سمى الله نفسه بهذين الاسمين المشتملين على صفة الرَّحْمَة

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هما اسمان رقيقان

أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر رحمة)

[1394] ((تفسير البغوي)) (1/51).

- ومن ذلك أنَّ الله جعل هذه الصفة لصفوة خلقه، وخيرة عباده

وهم الأنبياء والمرسلين

ومن سار على نهجهم من المصلحين

فقد قال الله تعالى ممتنًا على رسوله صلى الله عليه وسلم

على ما ألقاه في قلبه من فيوض الرَّحْمَة

جعلته يلين للمؤمنين، ويرحمهم ويعفو عنهم

ويتجاوز عن أخطائهم:

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ [آل عمران: 159].

أي: فبسبب رحمة من الله أودعها الله في قلبك يا محمد

كنت هيِّنًا، لين الجانب مع أصحابك

مع أنهم خالفوا أمرك وعصوك

[1395] ((صفوة التفاسير)) للصابونى (1/154).

- ومن ذلك ثناء الله على المتَّصفين بالرَّحْمَة والمتخلِّقين بها

فقد قال تعالى واصفًا رسوله صلى الله عليه وسلم

وأصحابه الذين معه:

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ

رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح: 29]

فهم أشدَّاء على الكفار، رحماء بينهم

بحسب ما يقتضيه منهم إيمانهم

فالإيمان بالله واليوم الآخر متى تغلغل في القلب حقًّا

غرس فيه الرَّحْمَة بمقدار قوته وتغلغله

[1396] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها))

لعبد الرحمن الميداني (2/17).

- وقال تعالى: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ

فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ

أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ [البلد: 11 – 18].

قال محمد الطاهر بن عاشور:

(خصَّ بالذِّكر من أوصاف المؤمنين، تواصيهم بالصَّبر

وتواصيهم بالمرحمة

لأنَّ ذلك أشرف صفاتهم بعد الإيمان

فإنَّ الصَّبر ملاك الأعمال الصَّالحة كلِّها

لأنَّها لا تخلو من كبح الشَّهوة النَّفسانيَّة

وذلك من الصَّبر. والمرحمة

ملاك صلاح الجماعة الإسلاميَّة

قال تعالى: رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح: 29]

والتَّواصي بالرَّحمة فضيلة عظيمة

وهو أيضًا كناية عن اتِّصافهم بالمرحمة

لأنَّ من يوصي بالمرحمة هو الذي عرف قدرها وفضلها

فهو يفعلها قبل أن يوصي بها)

[1397] ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (30/361).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-17, 05:46
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الرَّحْمَة في السُّنَّة النَّبويَّة

أما السُّنَّة فقد استفاضت نصوصها الداعية إلى الرَّحْمَة

الحاثَّة عليها، المرغِّبة فيها إمَّا نصًّا أو مفهومًا

كيف لا وصاحبها صلى الله عليه وسلم هو نبي الرَّحْمَة

كما وصف نفسه فقال:

((أنا محمد، وأحمد، والمقفي

والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرَّحْمَة))

[1398] رواه مسلم (2355)

من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

عن النُّعمان بن بشير رضي اللَّه عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادِّهم، وتعاطفهم

كمثل الجسد إذا اشتكى عضوًا

تداعى له سائر جسده بالسَّهر والحمَّى))

[1399] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586).

يقول النووي معلقًا على هذا الحديث:

(هذه الأحاديث صريحة في تعظيم

حقوق المسلمين بعضهم على بعض

وحثِّهم على التراحم، والملاطفة، والتعاضد

في غير إثم ولا مكروه)

[1400] ((شرح النووي على مسلم)) (16/139).

- وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت:

((جاء أعرابيٌّ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال:

تقبِّلون الصِّبيان فما نقبِّلهم

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرَّحْمَة؟))

قال ابن بطال: (رحمة الولد الصغير

ومعانقته، وتقبيله، والرفق به

من الأعمال التي يرضاها الله ويجازي عليها

ألا ترى قوله عليه السلام للأقرع بن حابس حين ذكر

عند النَّبي صلى الله عليه وسلم أن له عشرة من الولد

ما قبل منهم أحدًا: ((من لا يرحم لا يرحم))؟

[1403] رواه البخاري (5997)، ومسلم (2318)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الرَّاحمون يرحمهم الرَّحمن

ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السَّماء))

[1404] رواه بألفاظ متقاربة: أبو داود (4941)

والترمذي (1924)

وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3522).

- وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال

سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:

((لا تنزع الرَّحْمَة إلَّا من شقيٍّ))

[1406] رواه أبو داود (4942)

وصححه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/117)

وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7467).

ويقول المناوي: (لأنَّ الرَّحْمَة في الخلق رقة القلب

ورقته علامة الإيمان، ومن لا رأفة له لا إيمان له

ومن لا إيمان له شقي، فمن لا رحمة عنده شقي)

[1408] ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (2/962).

- وعن جرير بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لا يرحم الله من لا يرحم النَّاس))

[1409] رواه البخاري (7376).

واستفاضت الأحاديث الدالة على الرَّحْمَة بمفهومها

وهي لا تكاد تحصى

وذلك لأنَّه ما من معاملة من المعاملات

أو رابطة من الروابط الاجتماعية أو الإنسانية

إلا وأساسها وقوام أمرها الرَّحْمَة.

فمن علاقة الإنسان بنفسه التي بين جنبيه

وعلاقته بذويه وأهله

إلى علاقته بمجتمعه المحيط به

إلى معاملته لجميع خلق الله من إنسان أو حيوان

كل ذلك مبني على هذا الخلق الرفيع، والسَّجيَّة العظيمة.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-18, 04:52
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الرحمة من حيث المدح والذم

إن خلق الرَّحْمَة منه ما هو محمود - وهو الأصل -

ومنه ما هو مذموم.

أما المحمود فهو ما ذكرناه آنفًا واستدللنا عليه من كتاب الله

وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم

بما يغني عن إعادة ذكره هاهنا.

وأما المذموم:

فهو ما حصل بسببه تعطيل لشرع الله

أو تهاون في تطبيق حدوده وأوامره

كمن يشفق على من ارتكب جرمًا يستحق به حدًّا

فيحاول إقالته والعفو عنه

ويحسب أنَّ ذلك من رحمة الخلق وهو ليس من الرَّحْمَة في شيء

بل الرَّحْمَة هي إقامة الحد على المذنب

والرَّأفة هي زجره عن غيِّه وردُّه عن بغيه بتطبيق حكم الله فيه

قال ابن تيمية:

((إنَّ العقوبات الشَّرعيَّة كلَّها أدوية نافعة

يصلح اللَّه بها مرض القلوب

وهي من رحمة الله بعباده ورأفته بهم

الدَّاخلة في قوله تعالى

: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]

فمن ترك هذه الرَّحمة النَّافعة لرأفة يجدها بالمريض

فهو الَّذي أعان على عذابه وهلاكه

وإن كان لا يريد إلَّا الخير إذ هو في ذلك جاهل أحمق)

[1415] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/291).

- لذا نهى الله تعالى المؤمنين عن أن تأخذهم رأفة أو رحمة

في تطبيق حدود الله وإقامة شرعه فقال:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ

وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور: 2].

قال ابن تيمية:

(إنَّ دين الله هو طاعته، وطاعة رسوله

المبني على محبَّته ومحبَّة رسوله

وأن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه ممَّا سواهما

فإنَّ الرَّأفة والرَّحمة يحبُّهما اللَّه ما لم تكن مضيِّعةً لدين الله)

[1416] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/290).

ومن الرَّحْمَة المذمومة

ما يكون سببًا في فساد المرحوم وهلاكه

كما يفعل كثير من الآباء من ترك تربية الأبناء وتأديبهم

وعقوبتهم رحمة بهم، وعطفًا عليهم

فيتسببون في فسادهم وهلاكهم وهم لا يشعرون.

قال ابن تيمية:

(ما يفعله بعض النِّساء والرِّجال الجهَّال بمرضاهم

وبمن يربُّونه من أولادهم، وغلمانهم، وغيرهم

في ترك تأديبهم وعقوبتهم

على ما يأتونه من الشَّرِّ ويتركونه من الخير رأفةً بهم

فيكون ذلك سبب فسادهم وعداوتهم وهلاكهم)

[1417] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/291).

وقال ابن القيم: (إنَّ الرَّحْمَة

صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد

وإن كرهتها نفسه، وشقَّت عليها

فهذه هي الرَّحْمَة الحقيقية

فأرحم النَّاس بك من شقَّ عليك

في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك

فمن رحمة الأب بولده: أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل

ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره

ويمنعه شهواته التي تعود بضرره

ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به

وإن ظن أنَّه يرحمه، ويرفهه، ويريحه،

فهذه رحمة مقرونة بجهل كرحمة الأم)

[1418] ((إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)) (2/174).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

hagr abdo
2020-11-18, 14:13
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-11-18, 17:23
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-11-18, 17:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الرَّحْمَة

1- شفقة الإمام برعيته

وتجنب ما من شأنه أن يجلب المشقة عليهم:

- عن عائشة رضي الله عنها قالت:

((أعتم النَّبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة

حتَّى ذهب عامَّة اللَّيل

وحتَّى نام أهل المسجد، ثُمَّ خرج فصلَّى

فقال: إنَّه لوقتها، لولا أن أشقَّ على أمَّتي))

[1420] رواه مسلم (638).

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إذا صلى أحدكم للنَّاس فليخفِّف

فإنَّ في النَّاس الضَّعيف والسَّقيم وذا الحاجة))

[1421] رواه البخاري (703)، ومسلم (467).
.
2- التوسط في العبادات وترك ما يشق على النفس:

عن عائشة رضي الله عنها:

((أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

دخل عليها وعندها امرأة، قال: من هذه؟

قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه

عليكم بما تطيقون، فوالله لا يملُّ الله حتى تملوا

وكان أحب الدِّين إليه ما داوم عليه صاحبه))

[1422] رواه البخاري (43)، مسلم (785).

3- البر بالوالدين.. وخفض جناح الذُّل من الرَّحْمَة لهما:

- عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال:

((سألت النَّبي صلى الله عليه وسلم:

أيُّ العمل أحبُّ إلى اللّه عزَّ وجلَّ؟

قال: الصَّلاة على وقتها. قال: ثُمَّ أي؟

قال: برُّ الوالدين. قال: ثُمَّ أي؟

قال: الجهاد في سبيل الله))

[1423] رواه البخاري (527)، ومسلم (85).

4 الوصية بالمرأة خيرًا والإحسان إليها:

قال صلى الله عليه وسلم:

((استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنَّهن عوانٍ عندكم

[1425] أسراء، أو كالأسراء.

((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/314).

أخذتموهنَّ بأمانة الله

واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله))

[1426] رواه مسلم (1218) بلفظ مقارب

من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

5 الشفقة على الأبناء

والعطف والحزن عليهم، إذا أصابهم مكروه:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابيٌّ

إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال:

تقبِّلون الصِّبيان فما نقبِّلهم

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

((أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرَّحْمَة؟))

[1427] رواه البخاري (5998).

6- الرَّحْمَة بمن هم تحت سلطانه، من العبيد

والخدم، والعمال، وغيرهم:

عن المعرور بن سويد رحمه الله تعالى

قال: لقيت أبا ذرٍّ بالرَّبذة

[1430] الربذة: مكان معروف بين مكة والمدينة.

((فتح الباري)) لابن حجر (1/121).

و عليه حلَّة

[1431] الحلة ثوبان من جنس واحد.

((فتح الباري)) لابن حجر (1/86).

وعلى غلامه حلَّة، فسألته عن ذلك

فقال: إنِّي ساببت رجلًا فعيَّرته بأمِّه

فقال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم:

((يا أبا ذر أعيَّرته بأمِّه؟

إنَّك امرؤ فيك جاهليَّة، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم

فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممَّا يأكل

وليلبسه ممَّا يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم

فإن كلَّفتموهم فأعينوهم))

[1432] رواه البخاري (30)، ومسلم (1661).

7 - الأمر بإحسان القِتلة والذبحة:

عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه أنَّه قال:

ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،

قال: ((إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيء

فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح

وليحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته))

[1433] رواه مسلم (1955).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-19, 05:09
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من رحمة النَّبي صلى الله عليه وسلم

قال تعالى واصفًا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم:

لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ

حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة: 128].

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم النَّاس بالنَّاس

وأرأفهم بهم؛ المؤمنين ومن لم يكن يدين بدين الإسلام أصلًا

بل إنَّ رحمته صلى الله عليه وسلم تعدت ذلك إلى الحيوان

والجماد، وسنعرض هنا بعض النماذج

من رحمته صلى الله عليه وسلم:

رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفَّار:

- (عن عائشة رضي اللّه عنها زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم

أنَّها قالت للنَّبي صلى الله عليه وسلم:

هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟

قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت

وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة

إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال

فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي

فلم أستفق إلَّا وأنا بقرن الثَّعالب، فرفعت رأسي

فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل

فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك

وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.

فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد

فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين.

فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم

من يعبد الله لا يشرك به شيئًا))

[1441] رواه البخاري (3231).

قال ابن حجر: (في هذا الحديث بيان شفقة

النَّبي صلى الله عليه وسلم على قومه

ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى:

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ [آل عمران: 159]

وقوله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107])

[1442] ((فتح الباري)) (6/316).

رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان:

عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:

((أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم

فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدث به أحدًا من النَّاس

وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم

لحاجته هدفًا أو حائش نخل

قال: فدخل حائطًا لرجل من الأنصار فإذا جمل

فلما رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه

فأتاه النَّبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه، فسكت

فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟

فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال:

أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها؟

فإنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه))

[1443] روى مسلم (342) أوله، وأبو داود (2549)

وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2549)

- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

((كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر

فانطلق لحاجته فرأينا حُمرة معها فرخان

فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمرةُ فجعلت تفرِش

فجاء النَّبي صلى الله عليه وسلم

فقال: (من فجع هذه بولدها؟

ردُّوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد حرقناها

فقال: من حرَّق هذه؟

قلنا: نحن، قال: إنَّه لا ينبغي أن يعذِّب بالنَّار إلَّا ربُّ النَّار))

[1444] رواه أبو داود (2675).

وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2675).

رحمته صلى الله عليه وسلم بالجماد:

- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما،

أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم:

((كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة

فقالت امرأة من الأنصار

أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟

قال: إن شئتم. فجعلوا له منبرًا

فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر

فصاحت النخلة صياح الصبي

ثم نزل النَّبي صلى الله عليه وسلم فضمَّه إليه

[1445] أي: ضمَّ جذع النخلة إليه عليه الصلاة والسلام.

تئنُّ أنين الصبي الذي يسكن،

قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها))

[1446] رواه البخاري (3584).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-19, 18:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من رحمة الصحابة رضوان الله عليهم

سار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهجه

واقتدوا به في التمسك بهذا الخلق الكريم

حتى صار الرجل المعروف بشدته، وصرامته

هيِّنًا ليِّنًا، رحيمًا رؤوفًا.

رحمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي عرف بشدَّته

وقوَّته، تغير الرَّحْمَة من طباعه، فيصبح رقيقًا يمتلأ قلبه رحمة

ويفيض فؤاده شفقةً

ومما يدل على ذلك قوله لعبد الرحمن بن عوف

حينما أتاه يكلمه في أن يلين لهم

لأنَّه أخاف النَّاس حتى خاف الأبكار في خدورهن

فقال: (إني لا أجد لهم إلَّا ذلك

والله لو أنهم يعلمون ما لهم عندي، من الرَّأفة

والرَّحْمَة، والشفقة، لأخذوا ثوبي عن عاتقي

[1447] ((المجالسة وجواهر العلم))

لأبي بكر الدينوري (4/43) (1199).

- ورآه عيينة بن حصن يومًا يقبل أحد أبنائه

وقد وضعه في حجره وهو يحنو عليه،

فقال عيينة: أتُقبِّل وأنت أمير المؤمنين؟

لو كنت أمير المؤمنين ما قبلت لي ولدًا.

فقال عمر: الله، الله حتى استحلفه ثلاثًا

فقال عمر: فما أصنع إن كان الله نزع الرَّحْمَة من قلبك؟

إنَّ الله إنَّما يرحم من عباده الرُّحماء

[1448] ((جامع معمر بن راشد)) (11/299) (20590).

- واشتهى الحوت يومًا

فقال: لقد خطر على قلبي شهوة الطري من حيتان

فخرج يرفأ، في طلب الحوت لعمر رضي الله عنه، ورحل راحلته

فسار ليلتين مدبرًا، وليلتين مقبلًا، واشترى مكتلًا

وجاء بالحوت، ثم غسل يرفأ الدابة

فنظر إليها عمر فرأى عرقًا تحت أذنها

فقال: عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر

لا والله لا يذوقه عمر، عليك بمكتلك

[1449] رواه أحمد (1/319) (443)، وابن عساكر (44/301).

(ومرَّ رضي الله عنه براهب فوقف ونودي بالراهب

فقيل له: هذا أمير المؤمنين

فاطَّلَع فإذا إنسان به من الضر والاجتهاد وترْكِ الدنيا

فلمَّا رآه عمر بكى، فقيل له: إنَّه نصراني

فقال عمر: قد علمت ولكني رحمته

ذكرت قول الله عزَّ وجلَّ: عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية: 3- 4]

رحمتُ نصبَه واجتهاده وهو في النَّار)

[1450] رواه عبد الرزاق (3/420) (3584).

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها

فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة

ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها

فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة

التي كانت تريد أن تأكلها بينهما

فأعجبني شأنها

فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: ((إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنة

أو أعتقها بها من النار))

[1451] رواه مسلم (2630).

- وهذا أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه من رحمته

أنه كان له جفنة

[1452] الجفنة: القصعة

((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 1186).

من ثريد، غدوة، وجفنة عشية

للأرامل واليتامى والمساكين

[1453] رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4/299)

وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (62/99).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الرَّحْمَة

*عبدالرحمن*
2020-11-20, 05:01
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

قالوا عن الرَّحْمَة

- قال السعدي عن عَلَامة وجود الرَّحْمَة في قلب العبد:

(وعلامة الرَّحْمَة الموجودة في قلب العبد

أن يكون محبًّا لوصول الخير لكافة الخلق عمومًا

وللمؤمنين خصوصًا، كارهًا حصول الشر والضرر عليهم

فبقدر هذه المحبة والكراهة تكون رحمته)

[1459] ((بهجة قلوب الأبرار)) للسعدي (ص 189).

فمتى ما وُجِدَتْ هذه العلامة في قلب العبد

دلَّت على أنَّ قلبه عامر بالرَّحْمَة، مفعم بالرَّأفة.

- وقال مصطفى لطفي المنفلوطي:

(إن الرَّحْمَة كلمة صغيرة..

ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل

ما بين الشمس في منظرها، والشمس في حقيقتها.

لو تراحم النَّاس لما كان بينهم جائع، ولا مغبون، ولا مهضوم

ولأقفرت الجفون من المدامع، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع

ولمحت الرَّحْمَة الشقاء من المجتمع

كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام.

أيُّها الإنسان ارحم الأرملة التي مات عنها زوجها

ولم يترك لها غير صبية صغار

ودموع غزار، ارحمها قبل أن ينال اليأس منها

ويعبث الهم بقلبها، فتؤثر الموت على الحياة.

ارحم الزوجة أم ولدك، وقعيدة بيتك، ومرآة نفسك، وخادمة فراشك

لأنَّها ضعيف؛ ولأنَّ الله قد وكل أمرها إليك

وما كان لك أن تكذب ثقته بك.

ارحم ولدك وأحسن القيام على جسمه، ونفسه

فإنَّك إلا تفعل قتلته أو أشقيته فكنت أظلم الظالمين.

ارحم الجاهل، لا تتحين فرصة عجزه عن الانتصاف لنفسه

فتجمع عليه بين الجهل والظلم

ولا تتخذ عقله متجرًا تربح فيه، ليكون من الخاسرين.

ارحم الحيوان؛ لأنَّه يحس كما تحس

ويتألم كما تتألم، ويبكي بغير دموع ويتوجع.

ارحم الطير لا تحبسها في أقفاصها

ودعها تهيم في فضائها حيث تشاء

وتقع حيث يطيب لها التغريد والتنقير

إنَّ الله وهبها فضاء لا نهاية له، فلا تغتصبها حقها

فتضعها في محبس لا يسع مد جناحها

أطلق سبيلها وأطلق سمعك وبصرك وراءها

لتسمع تغريدها فوق الأشجار، وفي الغابات

وعلى شواطئ الأنهار

وترى منظرها وهي طائرة في جو السماء

فيخيَّل إليك أنَّها أجمل من منظر الفلك الدائر، والكوكب السيَّار.

أيها السعداء أحسنوا إلى البائسين والفقراء

وامسحوا دموع الأشقياء

وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)

[1460] ((مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة)) (ص 88).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد يمكنه من خلال

الأسباب المعينة على التخلق بخلق الرَّحْمَة (https://dorar.net/akhlaq/563/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%82-%D8%A8%D8%AE%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9)

الرَّحْمَة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/578/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

محمد المبخوت 79
2020-11-20, 06:48
اللهم آمين ، جزاك الله خيرا و بارك فيك

*عبدالرحمن*
2020-11-21, 04:46
اللهم آمين ، جزاك الله خيرا و بارك فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك اخي الفاضل

و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-11-21, 04:46
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ السَّتْرُ

معنى السَّتر لغةً:

السَّتْـرُ: تَغَطية الشَّيء

وهو مَصْدَرُ سَتَر الشَّيء يَسْتُرُه ويَسْتِرُه سَتْرًا وسَتَرًا

أي: غَطَّاهُ أو أخفاهُ.

وكلُّ شَيْء سَتَــرْتَه فالشَّيء مَسْتُور

والذي تَسْتُرُه به سِتْرٌ له.

والسِّتْرُ والسُّتْرَةُ والمسْتَرُ والسِّتَارُ والسِّتَارَةُ: ما يُسْتَتَرُ به

قال تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ

عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا [الكهف: 90]

[1552] انظر: ((المفردات في غريب القرآن))

للراغب الأصفهاني (1/396)

((لسان العرب)) لابن منظور (4/343، 344)

((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (1/404)

معنى السَّتر اصطلاحًا:

المراد بالسَّتْر هنا (السَّتْـرُ على المسلم إن وقع في معصية

شريطة أن لا يعلنها ويجهر بها

[1553] انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/117)

و((التَّرغيب والتَّرهيب)) للمنذري (3/237).

وقيل: (السَّتْـرُ هو: إخفاء العيب، وعدم إظهاره

فمن كان معروفًا بالاستقامة

وحصل منه الوقوع في المعصية، نُوصِح وسُتِر عليه)

[1554] ((فتح القوي المتين))

للشيخ عبد المحسن العباد (ص 122).

الفرق بين الغُفْران والسَّتر

(أنَّ الغُفْران أخصُّ، وهو يقتضي إيجاب الثَّواب.

والسَّتْر: ستْـرُك الشَّيء بسِتْرٍ

ثم استعمل في الإضراب عن ذِكْر الشَّيء

فيقال: سُتِر فلانٌ

إذا لم يُذْكر ما اطُّلِع عليه من عثراته. وسَتَر الله عليه

خلاف فضحه. ولا يقال لمن يُسْتر عليه في الدُّنيا إنَّه غُفِر له

لأنَّ الغُفْران يُنبئ عن استحقاق الثَّواب على ما ذكرنا

ويجوز أن يُستر في الدُّنيا على الكافر والفاسق)

[1555] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/236).

وقال أبو البقاء الكفوي:

(الغُفْران: يقتضي إسقاط العقاب، ونيل الثَّواب

ولا يستحقُّه إلَّا المؤمن

ولا يُستعمل إلَّا في البارئ تعالى.

والسَّتْـرُ: أخص من الغُفْران إذ يجوز أن يَسْتر ولا يَغْفر)

[1556] ((الكليات)) للكفوي (1/666).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ السَّتر

*عبدالرحمن*
2020-11-22, 04:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في السَّتْر في القرآن الكريم

لقد حثَّ الإسلام على السَّتْر، ورغَّب فيه

واتَّخذ وسائل من أجل ذلك، فشرع حدَّ القذف

حتَّى لا يُطْلِق كلُّ أحد لسانه

وكذا أمر في إثبات حدِّ الزِّنى بأربعة شهود

ونهى عن أن يتجسَّس المسلم على أخيه

كما توعَّد بالعذاب لكلِّ من يشيع الفاحشة في المؤمنين:

- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ

فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النُّور: 19].

قال ابن كثير: (أي: يختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح

لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا أي: بالحدِّ

وفي الآخرة بالعذاب)

[1557] ((تفسير ابن كثير)) (6/29).

- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ

إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا

أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات: 12].

عن مجاهد في قوله تعالى:

وَلا تَجَسَّسُوا قال: (خذوا ما ظهر لكم، ودعوا ما سَتَر الله)

[1558] ((تفسير الطَّبري)) (21/375).

وقال الطَّبري: (وقوله: وَلا تَجَسَّسُوا يقول

: ولا يتتبَّع بعضكم عَوْرة بعض، ولا يبحث عن سرائره

يبتغي بذلك الظُّهور على عيوبه

ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره

وبه فاحمدوا أو ذمُّوا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره)

[1559] ((تفسير الطَّبري)) (21/375[

- وقال تعالى: وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ

وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ

وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ [فصِّلت: 22].

قال القرطبي: (معنى تَسْتَتِرُونَ: تستخفون

في قول أكثر العلماء

أي: ما كنتم تستخفون من أنفسكم

حذرًا من شهادة الجوارح عليكم

ولأنَّ الإنسان لا يمكنه أن يُخفِي من نفسه عمله

فيكون الاستخفاء بمعنى ترك المعصية)

[1560] ((تفسير القرطبي)) (15/352).

وقال البيضاوي: (أي: كنتم تَسْتَتِرون عن النَّاس

عند ارتكاب الفواحش، مخافة الفضيحة

وما ظننتم أنَّ أعضاءكم تشهد عليكم بها

فما اسْتَـتَــرْتم عنها.

وفيه تنبيه على أنَّ المؤمن ينبغي أن يتحقَّق

أنَّه لا يمرُّ عليه حال إلا وهو عليه رقيب

. وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ [فصِّلت: 22]

فلذلك اجترأتم على ما فعلتم)

[1561] ((تفسير البيضاوي)) (5/70).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ السَّتر

*عبدالرحمن*
2020-11-23, 05:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

التَّرغيب في السَّتْر في السُّنَّة النَّبويِّة

كان النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرَّجل الشَّيء

،لم يقل: ما بال فلان يقول؟

ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟

وهذا مشهور عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة

[1562] انظر على سبيل المثال ما رواه البخاري (456، 750).

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

كلُّ أمَّتي معافى إلا المجَاهرين، وإنَّ من المجَاهرة:

أن يعمل الرَّجل باللَّيل عملًا

ثمَّ يصبح وقد سَتَره الله عليه، فيقول: يا فلان

عملت البارحة كذا وكذا.

وقد بات يَسْتُره ربُّه، ويصبح يكشف سِتْر الله عنه))

[1563] رواه البخاري (6069) واللَّفظ له، ومسلم (2990).

قال العيني: (أنَّ ستْر الله مستلزم لستْر المؤمن على نفسه

فمن قصد إظهار المعصية والمجَاهرة

فقد أغضب الله تعالى فلم يَسْتُره

ومن قصد التَّسَتُّر بها حياءً من ربِّه ومن النَّاس

مَنَّ الله عليه بِسِتره إيَّاه)

[1565] ((عمدة القاري)) للعيني (22/138).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((من نفَّس عن مؤمن كُرْبة من كُرَب الدُّنيا

نفَّس الله عنه كُرْبة من كُرَب الآخرة

ومن سَتَر على مسلم، سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة

والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه))

[1566] رواه مسلم (2699).

قال المباركفوري: (من سَتَر مسلمًا

أي: بَدَنه أو عيبه بعدم الغيبة له، والذَّبِّ عن معائبه

وهذا بالنِّسبة إلى من ليس معروفًا بالفساد

وإلَّا فيُستحب أن تُــرْفع قصَّته إلى الوالي

فإذا رآه في معصية، فينكرها بحسب القدرة، وإن عَجز

يرفعها إلى الحاكم إذا لم يترتَّب عليه مفسدة)

[1567] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (4/574).

- وعن أبي برزة الأسلمي، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه

لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عَورَاتهم

فإنَّه من اتَّبع عَوراتهم يتَّبع الله عَوْرته

ومن يتَّبع الله عَوْرته يفضحه في بيته))

[1568] رواه أبو داود (4880)،

وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4880):

حسن صحيح.

(فاسْتُر إخوانك، فإنَّه لا طاقة لك بحرب الله

القادر على كشف عيوبك، وفضح ذنوبك

التي لا يعلمها النَّاس عنك

وألْجِم لسانك عن الخوض في الأعراض، وتتبُّع العَورات

وإفساد صِيت إخوانك، وإساءة سُمْعَتهم)

[1569] ((هذه أخلاقنا)) لمحمود الخزندار (ص 453).

- وفي إحدى روايات حديث ماعز

أنَّه جاء إلى أبي بكر الصِّديق

فقال له: ((إنَّ الآخر زنى -يريد نفسه- فقال له أبو بكر:

هل ذكرت هذا لأحد غيري؟

فقال: لا. فقال له أبو بكر: فتُب إلى الله

واسْتَتِر بسِتر الله؛ فإنَّ الله يقبل التَّوبة عن عباده. فلم تُقْرِره نفسه

حتَّى أتى عمر بن الخطَّاب، فقال له مثل ما قال لأبي بكر

فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر.

فلم تُقْرِره نفسه حتَّى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال له: إنَّ الآخر زنى. فقال سعيد:

فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرَّات

كلُّ ذلك يُعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

حتَّى إذا أكثر عليه، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم

إلى أهله فقال: أيشتكي، أم به جِنَّة؟

فقالوا: يا رسول الله، والله إنَّه لصحيح

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبِكْر أم ثيِّب؟

فقالوا: بل ثيِّب، يا رسول الله،

فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرُجِم))

[1572] رواه مالك في ((لموطأ)) (5/1196)، واللَّفظ له

. قال ابن حزم في ((المحلَّى)) (11/146)

وابن حجر في ((فتح الباري)) (12/125):

مرسل. وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (6/470):

رُوي متَّصلًا من وجوه.

قال ابن عبد البر: (وفي هذا الحديث من الفقه:

أنَّ السَّتْر أولى بالمسلم على نفسه -

إذا وقَّع حدًّا من الحدود- من الاعتراف به عند السُّلطان

وذلك مع اعتقاد التَّوبة والنَّدم على الذَّنب

وتكون نيَّته ومعتقده ألَّا يعود

فهذا أولى به من الاعتراف،

فإنَّ الله يقبل التَّوبة عن عباده، ويحبُّ التَّــوَّابين)

[1573] ((التمهيد)) (23/119).

- وفي رواية: ((أنَّ رجلًا اسمه هَزَّال

هو الذي أشار على ماعز أن يأتي

النَّبي صلى الله عليه وسلم فيخبره

فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم يا هَزَّال

لو سَتَرْته بردائك، لكان خيرًا لك))

[1574] رواه مالك في ((الموطأ)) (5/1198)

والنَّسائي في ((السُّنن الكبرى)) (4/306) (7277).

من حديث سعيد بن المسيب.

وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (23/125):

[مرسل] وهو يستند من طرق صحاح.

قال أبو الوليد الباجي: (وقوله صلى الله عليه وسلم لـهَزَّال

((يا هَزَّال، لو سَتَــرْته بردائك، لكان خيرًا لك)).

هَزَّال هذا هو: هَزَّال بن رئاب بن زيد بن كليب الأسلمي.

ويريد بقوله: ((لو سَتَــرْته بردائك، لكان خيرًا لك)).

يريد: ممَّا أظهرته من إظهار أمره

وإخبار النَّبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر به

فكان ستْره بأن يأمره بالتَّوبة، وكتمان خطيئته

وإنَّما ذكر فيه الرِّداء على وجه المبالغة

بمعنى أنَّه لو لم تجد السَّبيل إلى سِتْره إلَّا بأن تَسْتُره

بردائك ممَّن يشهد عليه

لكان أفضل ممَّا أتاه، وتسبَّب إلى إقامة الحدِّ عليه

والله أعلم وأحكم)

[1575] ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (7/135).

وقال ابن الأثير: (ومنه حديث ماعز

((ألَا سَتَرْته بثوبك يا هَزَّال)).

إنما قال ذلك حبًّا لإخفاء الفضيحة

وكراهيةً لإشاعتها)

[1576] ((النِّهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/341).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ السَّتر

*عبدالرحمن*
2020-11-24, 05:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور السَّتْرِ

1- ستر المسلم نفسه:

(المسلم عليه أن يستر نفسه

فلا يُشْهر خطاياه أمام الخَلْق

ولا يذكر زلَّاته أمام النَّاس، ولو كانوا أصدقاءه

إلَّا على وجه السُّؤال والفتيا

دون تحديد أنَّه الفاعل، سيَّما عند من يعرفه)

[1607] ((خُلُق المؤمن)) لمصطفى مراد (ص 113).

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((كلُّ أمَّتي معافى إلا المجَاهرين، وإنَّ من المجَاهرة

أن يعمل الرَّجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه

فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا

وقد بات يَسْتُره ربُّه، ويصبح يكشف سِتْر الله عنه))

[1608] رواه البخاري (6069) واللَّفظ له، ومسلم (2990).

2- ستْر المسلم لإخوانه المسلمين:

وكما يَسْتُر المسلم نفسه، عليه أن يَسْتُر إخوانه المسلمين

إذا رأى منهم عيبًا أو خطأً

قال صلى الله عليه وسلم:

((من نفَّس عن مؤمن كُرْبةً من كُرَب الدُّنيا

نفَّس الله عنه كُرْبةً من كُرَب الآخرة

ومن سَتَر على مسلم، سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة

والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه))

[1610] رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

3- ستْر الميِّت:

إذا غسَّل المسلم ميِّتًا، فرأى فيه شيئًا معيبًا

فعليه أن يَسْتره، ويكتم أمره

قال صلى الله عليه وسلم:

((من غسَّل ميِّتًا، فكتم عليه، غَفَر الله له أربعين مرَّةً))

[1611] رواه الطبراني (1/315) (929)

وصحَّحه الألباني في ((صحيح التَّرغيب والترهيب)) (3492).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ السَّتر

*عبدالرحمن*
2020-11-25, 04:40
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب صفة السَّتْر:

1- أن تعلم فضل السَّتْر، وأنَّ من سَتَر أخاه المسلم

سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة.

2- أن تستشعر معنى أخوة الإيمان

فقد قال الله عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مثل المؤمنين في تَوَادِّهِم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد

إذا اشتكى منه عُضْو، تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى))

[1612] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللَّفظ له.

3- أن تضع نفسك مكان أخيك الذي أخطأ وزلَّ

فهل تحبُّ أن تُفْضَح أم تُسْتَر؟

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال

: ((لا يؤمن أحدكم، حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه))

[1613] رواه البخاري (13) واللَّفظ له، ومسلم (45).

4- أن ينشغل العبد بإصلاح نفسه

: قال الحسن البصري: (يا ابن آدم، لن تنال حقيقة الإيمان

حتَّى لا تعيب النَّاس بعيب هو فيك

وتبدأ بذلك العيب من نفسك، فتصلحه

فما تصلح عيبًا إلَّا ترى عيبًا آخر

فيكون شغلك في خاصَّة نفسك).

وقيل لربيع بن خُثَيْم: ما نراك تعيب أحدًا،

ولا تذمُّه! فقال: ما أنا على نفسي براضٍ

فأتفرَّغ من عيبها إلى غيرها)

[1615] ((موارد الظمآن)) لعبد العزيز السلمان (1/377).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

أقوال السَّلف والعلماء في الحثِّ على السَّتْر (https://dorar.net/akhlaq/611/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AB-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AA%D8%B1)

فوائد السَّتْرِ (https://dorar.net/akhlaq/613/%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AA%D8%B1)

السَّتْرُ في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/617/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AA%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-11-26, 05:21
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ العَدْل

معنى العدل لغة

العدل خلاف الجور، وهو القصد في الأمور

وما قام في النفوس أنه مستقيم

مِن عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل من عُدولٍ وعَدْلٍ

يقال: عَدَلَ عليه في القضية فهو عادِلٌ. وبسط الوالي عَدْلَهُ

[2330] ((الصحاح في اللغة)) للجوهري (5/1760)

((لسان العرب)) لابن منظور (11/430).

((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص1030)

((المصباح المنير)) للفيومي (2/396).

معنى العدل اصطلاحًا:

العدل هو:(أن تعطي من نفسك الواجب وتأخذه)

[2331] ((الأخلاق والسير)) لابن حزم (ص 81).

وقيل هو: (استعمال الأمور في مواضعها، وأوقاتها

ووجوهها، ومقاديرها، من غير سرف

ولا تقصير، ولا تقديم، ولا تأخير)

[2333] ((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 28).

الفرق بين العدل والقسط:

(القسط: هو العدل البيِّن الظاهر

ومنه سمي المكيال قسطًا، والميزان قسطًا

لأنه يصور لك العدل في الوزن حتى تراه ظاهرًا

وقد يكون من العدل ما يخفى

ولهذا قلنا: إن القسط هو النصيب الذي بينت وجوهه

وتقسط القوم الشيء تقاسموا بالقسط)

[2334] ((الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (ص 428).

الفرق بين العدل والإنصاف

(الإنصاف: إعطاء النصف، والعدل يكون في ذلك وفي غيره

ألا ترى أنَّ السارق إذا قُطع قيل: إنه عدل عليه. ولا يقال: إنه أنصف

وأصل الإنصاف أن تعطيه نصف الشيء

وتأخذ نصفه من غير زيادة ولا نقصان

وربما قيل: أطلب منك النصف.

كما يقال: أطلب منك الإنصاف.

ثم استعمل في غير ذلك مما ذكرناه

ويقال: أنصف الشيء. إذا بلغ نصف نفسه

ونصف غيره إذا بلغ نصفه)

[2335] ((الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (ص 80).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-11-27, 05:26
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في العدل في القرآن الكريم

أمر الله بإقامة العدل وحثَّ عليه، ومدح من قام به

وذلك في آيات كثيرة منها:

1- آيات فيها الأمر بالعدل:

- قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

قال السعدي: (فالعدل الذي أمر الله به، يشمل العدل في حقِّه

وفي حق عباده، فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة موفرة

بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق

المالية والبدنية والمركبة منهما في حقِّه وحقِّ عباده

ويعامل الخلق بالعدل التام

فيؤدي كلُّ والٍ ما عليه تحت ولايته

سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى

وولاية القضاء ونواب الخليفة، ونواب القاضي.

والعدل هو ما فرضه الله عليهم في كتابه

وعلى لسان رسوله، وأمرهم بسلوكه

ومن العدل في المعاملات أن تعاملهم

في عقود البيع والشراء وسائر المعاوضات

بإيفاء جميع ما عليك، فلا تبخس لهم حقًّا

ولا تغشهم ولا تخدعهم وتظلمهم. فالعدل واجب

والإحسان فضيلة مستحب

[2337] ((تفسير الكريم الرحمن)) (ص 447).

- وقال عزَّ مِن قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ

بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ

إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا

وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء:135].

يقول ابن كثير: (يأمر تعالى عباده المؤمنين

أن يكونوا قوَّامين بالقسط، أي: بالعدل

فلا يعدلوا عنه يمينًا ولا شمالًا، ولا تأخذهم في الله لومة لائم

ولا يصرفهم عنه صارف

وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه.

وقوله:شُهَدَاءَ لِلَّهِ كما قال: وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ [الطلاق: 2].

أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله

فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقًّا

خالية من التحريف والتبديل والكتمان

ولهذا قال: وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ.

أي: اشهد الحقَّ، ولو عاد ضررها عليك

وإذا سُئِلتَ عن الأمر فقل الحقَّ فيه

وإن كان مضرة عليك

فإنَّ الله سيجعل لمن أطاعه

فرجًا ومخرجًا من كلِّ أمر يضيق عليه)

[2338] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/433).

- وقال سبحانه: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ

وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ

لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ

لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى:15].

يقول تعالى ذكره: (وقل لهم يا محمد:

وأمرني ربي أن أعدل بينكم معشر الأحزاب

فأسير فيكم جميعًا بالحق الذي أمرني به وبعثني بالدعاء إليه.

.. وعن قتادة، قوله: ((وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ قال:

أمر نبي الله صَلَّى الله عليه وسلَّم أن يعدل

فعدل حتى مات صلوات الله وسلامه عليه))

[2339] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (21/517).

والعدل ميزان الله في الأرض

به يأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد

وبالعدل يصدق الله الصادق

ويكذب الكاذب، وبالعدل يرد المعتدي ويوبخه)

[2340] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (21/517).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-11-28, 05:05
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال الترغيب في العدل في القرآن الكريم

2- آيات فيها مدح من يقوم بالعدل:

- قال سبحانه:

وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف:181].

قال ابن كثير: (يقول تعالى: وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ

أي: ومن الأمم أُمَّةٌ قائمة بالحق

قولًا وعملًا يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يقولونه ويدعون إليه

وَبِهِ يَعْدِلُونَ يعملون ويقضون.

وقد جاء في الآثار: أنَّ المراد بهذه الأمة المذكورة في الآية

هي هذه الأمة المحمدية.

قال سعيد، عن قتادة في تفسير هذه الآية:

بلغنا أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم

كان يقول إذا قرأ هذه الآية: هذه لكم

وقد أُعطي القوم بين أيديكم مثلها:

وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى

أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف:159])

[2341] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (13/286).

[2342] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/516).

- وقال عزَّ مِن قائل:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ

وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ

هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل:76].

(يقول الله تعالى:

هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ

يعني: هل يستوي هذا الأبكم الكلُّ على مولاه

الذي لا يأتي بخير حيث توجَّه

ومن هو ناطق متكلم، يأمر بالحقِّ، ويدعو إليه،

وهو الله الواحد القهار

الذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته

يقول: لا يستوي هو تعالى ذكره

والصنم الذي صفته ما وصف.

وقوله وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل: 76]

يقول: وهو مع أمره بالعدل

على طريق من الحقِّ في دعائه إلى العدل

وأمره به مستقيم، لا يعوج عن الحقِّ، ولا يزول عنه)

[2343] ((جامع البيان)) للطبري (17/262).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-11-29, 05:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في العدل في السنة النبوية

لقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم العدل، ورغَّب فيه

وقد وردت الأحاديث تدلُّ على تطبيقه قواعد العدل

وإرسائه لمعالمه منها:

- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:

((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة

في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكارهنا

وعلى أن لا ننازع الأمر أهله

وعلى أن نقول بالعدل أين كنَّا

لا نخاف في الله لومة لائم))

[2344] رواه النسائي (4153)، وأحمد (3/441) (15691)

- وقال صلى الله عليه وسلم:

((إنَّ المقسطين يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن

-وكلتا يديه يمين- الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا

[2345] أي: كانت لهم عليه ولاية.

((شرح النووي على مسلم)) (12/ 211).

[2346] رواه مسلم (1827).

قال ابن عثيمين: (فالعدل واجب في كلِّ شيء

لكنه في حق ولاة الأمور آكد وأولى وأعظم

لأنَّ الظلم إذا وقع من ولاة الأمور حصلت الفوضى

والكراهة لهم، حيث لم يعدلوا)

[2347] ((شرح رياض الصالحين)) (3/641).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((سبعة يظلُّهم الله تعالى في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه:

إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله

ورجل قلبه معلَّق في المساجد

ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه

ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال

فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها

حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه

ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))

[2348] رواه البخاري (660)، ومسلم (1031).

قال ابن رجب: (وأول هذه السبعة: الإمام العادل:

وهو أقرب الناس من الله يوم القيامة

وهو على منبر من نور على يمين الرحمن

وذلك جزاء لمخالفته الهوى

وصبره عن تنفيذ ما تدعوه إليه شهواته وطمعه وغضبه

مع قدرته على بلوغ غرضه من ذلك

فإنَّ الإمام العادل دعته الدنيا كلها إلى نفسها

فقال: إني أخاف الله رب العالمين

وهذا أنفع الخلق لعباد الله

فإنه إذا صلح صلحت الرعية كلها

وقد رُوي أنَّه ظلُّ الله في الأرض

لأنَّ الخلق كلَّهم يستظلون بظلِّه

فإذا عدل فيهم أظلَّه الله في ظلِّه)

[2349] ((فتح الباري)) (4/59).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-11-30, 05:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام العدل

(والعدل ضربان:

1- مطلق: يقتضي العقل حسنه

ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخًا

ولا يوصف بالاعتداء بوجه

نحو: الإحسان إلى من أحسن إليك

وكفِّ الأذية عمن كفَّ أذاه عنك.

2- وعدل يعرف كونه عدلًا بالشرع

ويمكن أن يكون منسوخًا في بعض الأزمنة

كالقصاص وأروش الجنايات

وأصل مال المرتد. ولذلك قال:

فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة:194]

وقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40]

فسمي اعتداء وسيئة

وهذا النحو هو المعني بقوله:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]

فإنَّ العدل هو المساواة في المكافأة

إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر

والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه، والشرَّ بأقلَّ منه)

[2365] ((مفردات ألفاظ القرآن))

للراغب الأصفهاني (ص552).

صور العدل

العدل له صور كثيرة، تدخل في جميع مناحي الحياة

نقتصر على ذكر أهمها، فمنها:

1- عدل الوالي:

والوالي سواء كانت ولايته ولاية خاصة أو عامة

يجب عليه أن يعدل بين الرعية. وأن يستعين بأهل العدل.

قال ابن تيمية، بعد أن ذكر عموم الولايات وخصوصها

كولاية القضاء، وولاية الحرب، والحسبة، وولاية المال

قال: (وجميع هذه الولايات هي في الأصل ولاية شرعية

ومناصب دينية، فأيُّ مَن عدل في ولاية من هذه الولايات

فساسها بعلم وعدل، وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان-

فهو من الأبرار الصالحين، وأيُّ مَن ظلم وعمل فيها بجهل

فهو من الفجار الظالمين)

[2366] ((مجموع الفتاوى)) (28/68).

وقال أيضًا: (يجب على كلِّ ولي أمر أن يستعين

بأهل الصدق والعدل

وإذا تعذَّر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل)

[2367] ((مجموع الفتاوى)) (28/68).

2- العدل في الحكم بين الناس:

سواء كان قاضيًا، أو صاحب منصب

أو كان مصلحًا بين الناس،

وذلك بإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه

قال تعالى: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-12-01, 06:40
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال صور العدل

3- العدل مع الزوجة أو بين الزوجات:

بأن يعامل الزوج زوجته بالعدل

سواء في النفقة والسكنى والمبيت

وإن كن أكثر من واحدة، فيعطي كلًّا منهنَّ بالسوية.

قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ

مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً

أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3].

أما إذا كان له ميل قلبيٌّ فقط إلى إحداهن

فهذا لا يدخل في عدم العدل

قال تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ

فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ

وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:129].

قال ابن بطال: (قوله: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ.

أي: لن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم

في حبهنَّ بقلوبكم حتى تعدلوا بينهنَّ في ذلك

لأنَّ ذلك مما لا تملكونه وَلَوْ حَرَصْتُمْ

يعنى ولو حرصتم في تسويتكم بينهن في ذلك.

قال ابن عباس: لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهنَّ

ولو حرصت. قال ابن المنذر: ودلت هذه الآية

أن التسوية بينهنَّ في المحبة غير واجبة)

[2368] ((شرح صحيح البخاري)) (7/336).

4- العدل بين الأبناء:

قال صلى الله عليه وسلم:

((فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم))

[2369] رواه البخاري (2587)

من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

ويكون العدل بين الأولاد في العطية والهبة، والوقف

[2370] تنبيه: في حالة النفقة الواجبة يعطي الوالد كل

واحد من الأولاد ما يحتاجه

فلو احتاج أحد أبنائه إلى الزواج، زوجه ودفع له المهر

لأن الابن لا يستطيع دفع المهر

ولا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى

لهذا الذي احتاج إلى الزواج

لأن التزويج من النفقة، كذلك النفقة على الدراسة

إلى غير ذلك.

انظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/80).

والتسوية بينهم حتى في القُبَل

فعن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يستحبون

أن يعدل الرجل بين ولده حتى في القُبَل)

[2371] رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (6/234).

5- العدل في القول:

فلا يقول إلا حقًّا، ولا يشهد بالباطل

قال تعالى: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ

أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأنعام:152].

وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ

شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [النساء:135].

6- العدل في الكيل والميزان:

قال تعالى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام:152]

(يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء

كما توعَّد على تركه في قوله تعالى:

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين: 1 -6]

وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان)

[2372] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/364).

7- العدل مع غير المسلمين:

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ

بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا

هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة: 8].

(وفي كون العدل مع الأعداء الذين نبغضهم أقرب للتقوى

احتمالان:

الأول: أن يكون أقرب إلى كمال التقوى، وذلك

لأنَّ كمال التقوى يتطلب أمورًا كثيرة، منها هذا العدل

والأخذ بكلِّ واحد من هذه الأمور يقرب

من منطقة التقوى الكاملة.

الثاني: أن يكون أقرب إلى أصل التقوى

فعلًا من ترك العدل مع الأعداء

ملاحظين في ذلك مصلحة للإسلام وجماعة المسلمين

وذلك لأنَّه قد يشتبه على ولي الأمر من المسلمين

في قضية من القضايا المتعلقة بعدو من أعدائهم

هل التزام سبيل العدل معه أرضى لله؟

أو ظلمه هو أرضى لله باعتباره معاديًا لدين الله؟

وأمام هذا الاشتباه يعطي الله منهج الحل

فيقول: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة: 8]

أي: مهما لاحظتم أنَّ ظلمه لا يتنافى مع التقوى

فالعدل معه أقرب للتقوى.

ولا يخفى أن من ثمرات هذا العدل ترغيب أعداء الإسلام

بالدخول فيه، والإيمان بأنَّه هو الدين الحقُّ

وكم من حادثة عدل حكم فيها قاضي المسلمين لغير المسلم

على المسلم اتباعًا للحق

فكانت السبب في تحبيبه بالإسلام ثم في إسلامه)

[2373] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/581).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-12-02, 06:15
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من عدل الرسول صلى الله عليه وسلم

الإسلام هو دين العدالة

وإنَّ أمة الإسلام هي أمة الحق والعدل

وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم العدل

وكان نموذجًا في أعلى درجاته

وأقامه خلفاؤه من بعده.

- فقد ورد ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

عدل صفوف أصحابه يوم بدر

وفي يده قدح يعدل به القوم

فمر بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار

قال: وهو مستنتل

[2374] استنتل من الصف إذا تقدم أصحابه.

((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 644).

من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بالقدح في بطنه، وقال: استو يا سواد.

فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل

فأقدني. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

استقد. قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني

وليس عليَّ قميص. قال:

فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: استقد

[2375] اقتص. انظر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر))

لابن الأثير (4/ 119).

قل: فاعتنقه، وقبَّل بطنه

وقال: ما حملك على هذا يا سواد؟

قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل

فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير))

[2376] رواه أبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (3/1404)

قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (6/808):

إسناده حسن إن شاء الله تعالى.

- وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

((أنَّ قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سرقت

في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح

فقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ

رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

فكلمه فيها أسامة بن زيد

فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟!

فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله.

فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب

فأثنى على الله بما هو أهله

ثم قال أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا

إذا سرق فيهم الشريف تركوه

وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد

وإني -والذي نفسي بيده- لو أنَّ فاطمة

بنت محمد سرقت لقطعت يدها))

[2377] رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688).

ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقُطعت يدها.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-12-03, 05:54
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أهمية العدل

أرسل الله رسله وأنزل معهم ميزان العدل

ليقوم الناس بالقسط، وما ذلك إلا لأهميته

قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ

الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25].

ووردت نصوص قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة

تأمر بالعدل وترغب فيه، وتمدح من يقوم به.

يقول ابن القيم: (...

إن الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه

ليقوم الناس بالقسط

وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات

فإذا ظهرت أمارات العدل

وأسفر وجهه بأي طريق كان؛

فثم شرع الله ودينه

والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخصَّ طرق العدل

وأماراته وأعلامه بشيء، ثم ينفي ما هو أظهر منها

وأقوى دلالة وأبين أمارة فلا يجعله منها

ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها

بل قد بيَّن سبحانه بما شرعه من الطرق

أن مقصوده إقامة العدل بين عباده

وقيام الناس بالقسط

فأي طريق استخرج بها العدل والقسط

فهي من الدين وليست مخالفة له)

[2336] ((الطرق الحكمية)) (ص 19).

فوائد العدل

1- بالعدل يستتب الأمن في البلاد

وتحصل الطمأنينة في النفوس

ويشعر الناس بالاستقرار

وبذلك يُقضى على المشكلات الاجتماعية والاضطرابات

التي تحدث في الدول، بسبب الظلم.

2- بالعدل يعم الخير في البلاد:

فالعدل سبب في حصول الخير والبركة

إذا كان منتشرًا بين الولاة

وبين أفراد المجتمع

يقول ابن الأزرق: (إنَّ نية الظلم كافية في نقص بركات

العمارة فعن وهب بن منبه قال:

إذا هم الولي بالعدل أدخل الله البركات

في أهل مملكته حتى في الأسواق والأرزاق

وإذا هم بالجور أدخل الله النقص في مملكته

حتى في الأسواق والأرزاق)

[2361] ((بدائع السلك)) لابن الأزرق (1/227).

فقيام العدل في الأرض كالمطر الوابل

بل هو خير من خصب الزمان كما قيل

فمن كلامهم: (سلطان عادل خير من مطر وابل

وقالوا عدل السلطان خير من خصب الزمان

وفي بعض الحكم: ما أمحلت أرض سال عدل السلطان

فيها ولا محيت بقعة فاء ظله عليها

[2362] ((بدائع السلك)) لابن الأزرق (1/232).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العَدْل

*عبدالرحمن*
2020-12-04, 05:36
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال فوائد العدل

3- ظهور رجحان العقل به:

قيل لبعضهم: مَن أرجح الملوك عقلًا، وأكملهم أدبًا وفضلًا؟

قال: من صحب أيامه بالعدل، وتحرَّز جهده من الجور

ولقي الناس بالمجاملة، وعاملهم بالمسألة

ولم يفارق السياسة، مع لين في الحكم

وصلابة في الحقِّ، فلا يأمن الجريء بطشه

ولا يخاف البريء سطوته

[2363] ((بدائع السلك)) لابن الأزرق (1/231).

4- العدل أساس الدول والملك وبه دوامهما:

فبالعدل يدوم الملك، ويستقر الحاكم في حكمه

و(في بعض الحِكم: أحقُّ الناس بدوام الملك وباتصال الولاية

أقسطهم بالعدل في الرعية

وأخفهم عنها كلًّا ومؤونة

ومن أمثالهم: من جعل العدل عُدَّة طالت به المدة)

5- من قام بالعدل نال محبة الله سبحانه

قال تعالى: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9]

6- بالعدل يحصل الوئام بين الحاكم والمحكوم.

7- بالعدل يسود في المجتمع التعاون والتماسك.

[2364] ((بدائع السلك)) لابن الأزرق (1/231).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

أقوال السلف والعلماء في العدل (https://dorar.net/akhlaq/916/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84)

من أقوال الحكماء في العدل (https://dorar.net/akhlaq/916/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84)

العدل في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/931/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-12-04, 17:39
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الغَيْرة

معنى الغَيْرة لغةً:

الغَيْرة بالفتح المصدر من قولك:

غار الرجل على أَهْلِه والمرأَة على بَعْلها

تَغار غَيْرة وغَيْرًا وغارًا وغِيارًا

والغَيْرة هي الحَمِيَّة والأنَفَة

[2898] انظر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر))

لابن الأثير (3/401)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 232).

و((لسان العرب)) لابن منظور (5/34).

معنى الغَيْرة اصطلاحًا:

الغَيْرة: كراهة الرجل اشتراك غيره فيما هو حقه

[2899] ((الكليات)) لأبي البقاء الكفوي (ص 671).

وبنحوه قال الجرجاني:

(الغَيْرة كراهة شركة الغير في حقِّه)

((التعريفات)) (ص 163).

- وقال الراغب الأصفهاني:

(الغَيْرة ثوران الغضب حماية على أكرم الحرم

وأكثر ما تراعى في النساء)

[2900] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص 347).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-05, 05:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الغيرة

- عن أبي هريرة رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((إن الله تعالى يغار

وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه))

[2901] رواه البخاري ( 5223).

(معناه: أن الله يغار إذا انتهكت محارمه

وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله

لأن انتهاك المحارم فعل العبد

ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره.

وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها

فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق

بل هي صفة تليق بعظمته، مثل الغضب، والرضا

ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها)

[2902] ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري))

لعبد الله الغنيمان (1/335).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((المؤمن يغار، والله أشد غيرًا))

[2903] رواه مسلم ( 2761).

- وعن جابر رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن من الغَيْرة ما يحب الله -عز وجل-

ومنها ما يبغض الله -عز وجل-

ومن الخيلاء ما يحب الله -عز وجل-

ومنها ما يبغض الله -عز وجل

- فأما الغَيْرة التي يحب الله -عز وجل-

فالغَيْرة في الريبة.

وأما الغَيْرة التي يبغض الله -عز وجل-

فالغَيْرة في غير ريبة

والاختيال الذي يحب الله -عز وجل-

اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة.

والاختيال الذي يبغض الله -عزَّ وجلَّ-

الخيلاء في الباطل))

[2904] رواه أبو داود (2659)، والنسائي (5/78)

وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/325)

والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).

قال الشوكاني:

(فالغَيْرة في الريبة: نحو أن يغتار الرجل على محارمه

إذا رأى منهم فعلًا محرمًا

فإن الغَيْرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله...

والغَيْرة في غير ريبة:

نحو أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها

وكذلك سائر محارمه

فإن هذا مما يبغضه الله تعالى

لأنَّ ما أحلَّه الله تعالى فالواجب علينا الرضى به

فإن لم نرض به كان ذلك من إيثار حمية الجاهلية

على ما شرعه الله لنا)

[2905] ((نيل الأوطار)) (7/287).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

مال العز
2020-12-05, 13:19
بوركت اخي جزاك الله خير جعلها صدقة جارية في ميزانك

*عبدالرحمن*
2020-12-05, 17:04
بوركت اخي جزاك الله خير جعلها صدقة جارية في ميزانك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-06, 05:44
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من غيرة النبي صلى الله عليه وسلم

- غيرته على حرمات الله:

النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس غيرة لله

فكان يغضب إذا انتهكت حرمات الله

فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم

لنفسه في شيء يؤتى إليه

حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله))

[2933] رواه البخاري (6853).

النماذج والصور على غيرته على محارم الله كثيرة جدًّا.

- غيرته على نسائه:

كان أعدل البشر غيرة على نسائه

فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعندي رجل قاعد، فاشتدَّ ذلك عليه

ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله

إنَّه أخي من الرضاعة

قالت: فقال: انظرن إخوتكن من الرضاعة

فإنما الرضاعة من المجاعة))

[2934] رواه البخاري ( 2647) ومسلم ( 1455).

قال الحافظ بن حجر:

(والمعنى: تأملن ما وقع من ذلك

هل هو رضاع صحيح بشرطه

من وقوعه في زمن الرضاعة ومقدار الارتضاع؟

فإنَّ الحكم الذي ينشأ من الرضاع

إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط.

قال المهلب: معناه انظرن ما سبب هذه الأخوة

فإنَّ حرمة الرضاع، إنما هي في الصغر

حتى تسد الرضاعة المجاعة)

[2935] ((فتح الباري)) (9/148).

- وعن أم سلمة رضي الله عنها

((أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها

وفي البيت مخنث، فقال المخنث لأخي

أم سلمة عبد الله بن أبي أمية:

إن فتح الله لكم الطائف غدًا، أدلك على بنت غيلان

فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلنَّ هذا عليكنَّ))

[2936] رواه البخاري ( 5235)

ومسلم ( 2180)، واللفظ للبخاري.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-08, 05:50
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الغَيْرة

أولًا: أقسام الغيرة من حيث كونها غيرة للمحبوب أو عليه

قسَّم ابن القيم الغَيْرة إلى نوعين:

(غيرة للمحبوب، وغيرة عليه.

1- فأما الغَيْرة له: فهي الحمية له، والغضب له

إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته

وناله مكروه من عدوه؛ فيغضب له المحب ويحمى

وتأخذه الغَيْرة له بالمبادرة إلى التغيير،

ومحاربة من آذاه، فهذه غيرة المحبين حقًّا

وهي من غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به

واستحلَّ محارمه، وعصى أمره

وهذه الغَيْرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب

وماله وعرضه لمحبوبه؛ حتى يزول ما يكرهه

فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفة يكرهها محبوبه ويمقته عليها

أو يفعل ما يبغضه علية

ثم يغار له بعد ذلك أن يكون في غيره صفة يكرهها ويبغضها

والدين كله في هذه الغَيْرة، بل هي الدين

وما جاهد مؤمن نفسه وعدوه، ولا أمر بمعروف

ولا نهى عن منكر إلا بهذه الغَيْرة

ومتى خلت من القلب خلا من الدين

فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لم يكن له كما يحبُّ

والغَيْرة تصفي القلب

وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد.

2- وأما الغَيْرة على المحبوب فهي: أنفة المحب وحميته

أن يشاركه في محبوبه غيره.

وهذه أيضًا نوعان:

غيرة المحب أن يشاركه غيره في محبوبه

وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيره)

[2913] ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين))

لابن قيم (ص 347).

ثانيًا: أقسام الغيرة من حيث كونها محمودة أو مذمومة

قال ابن القيم: (وغيرة العبد على محبوبه نوعان:

1- غيرة ممدوحة يحبها الله.

2- وغيرة مذمومة يكرهها الله.

فالتي يحبها الله: أن يغار عند قيام الريبة.

والتي يكرهها: أن يغار من غير ريبة

بل من مجرد سوء الظن، وهذه الغَيْرة تفسد المحبة

وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه.

وفي المسند وغيره عنه قال:

((الغَيْرة غيرتان: فغيرة يحبها الله

وأخرى يكرهها الله

قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما الغَيْرة التي يحب الله؟

قال: أن تؤتى معاصيه، أو تنتهك محارمه

قلنا: فما الغَيْرة التي يكره الله؟

قال: غيرة أحدكم في غير كنهه))

[2914] رواه الخرائطي في ((اعتلال القلوب)) (717).

من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.

[2915] ((روضة المحبين)) (ص 297).

(وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته وعرضه

فإنه يطلب منه الاعتدال في الغَيْرة

فلا يبالغ فيها حتى يسيء الظن بزوجته

ولا يسرف في تقصي حركاتها وسكناتها

لئلا ينقلب البيت نارًا

وإنما يصح ذلك إن بدت أسباب حقيقية تستدعي الريبة)

[2916] ((خلق المؤمن)) لمصطفى مراد (ص 109).

قال صلى الله عليه وسلم:

((إنَّ من الغَيْرة ما يحبُّ الله، ومنها ما يكره الله

فالغَيْرة التي يحبُّها الله الغَيْرة في الريبة

والغَيْرة التي يكرهها الله الغَيْرة في غير ريبة))

[2917] رواه أبو داود (2659)، والنسائي (5/78)

وقال ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (25/108): إسناده جيد

وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/325)

والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).

وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم

أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم، ويطلب عثراتهم

[2918] رواه البخاري (1801) و مسلم ( 715) واللفظ له.

ويمكن إجمال أسباب الغَيْرة المذمومة في ضعف الإيمان

ووسوسة الشيطان

وما يعتري القلب من أمراض إلى غير ذلك.

ويترتب على هذه الغيرة المذمومة أمور منها:

الوقوع في الغيبة والتلبس بالسخرية

وترك بذل الخير للآخرين، السعي في الإضرار بالغير

ومعاداة أقارب الزوج وهضم حقوقهم

والحسد، والحقد، والسحر، والتجسس، والآلام النفسية

والأمراض البدنية، والاحتيال والكيد، والقتل

وقد تصل الغيرة المذمومة بصاحبها إلى الكفر والعياذ بالله.

وتتلخص معالجة الغيرة المذمومة في تقوى الله تعالى

ومطالعة الأجر العظيم للصابرين، وإحسان الظن، والقناعة

والبعد عن مجالس السوء،

وذكر الموت وتقوية الإيمان باليوم الآخر

والدعاء، وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

قال لأمِّ سلمة لما ذكرت من غيرتها:

((وأدعو الله أن يذهب بالغَيْرة))

[2919] رواه مسلم ( 918).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-09, 05:43
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الناس في الغَيْرة على محارم الله:

عدَّ ابن تيمية أقسام الناس في الغَيْرة على محارم الله

بعد أن بيَّن الغَيْرة التي يحبها الله

والغَيْرة التي يبغضها الله

فقال: (وهنا انقسم بنو آدم أربعة أقسام:

1- قوم لا يغارون على حرمات الله بحال

ولا على حرمها مثل: الديُّوث والقوَّاد وغير ذلك

ومثل أهل الإباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله

ولا يدينون دين الحقِّ

ومنهم من يجعل ذلك سلوكًا وطريقًا

وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا

وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ [الأعراف: 28].

2- وقوم يغارون على ما حرَّمه الله

وعلى ما أمر به مما هو من نوع الحبِّ والكره

يجعلون ذلك غيرة

فيكره أحدهم من غيره أمورًا يحبها الله ورسوله

ومنهم من جعل ذلك طريقًا ودينًا

ويجعلون الحسد والصدَّ عن سبيل الله

وبغض ما أحبه الله ورسوله غَيرة.

3- وقوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه

فنراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها

بل يبغضون الصلوات والعبادات

كما قال تعالى فيهم:

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ

وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59].

4- وقوم يغارون مما يكرهه الله

ويحبون ما يحبه الله، هؤلاء هم أهل الإيمان)

[2924] ((الاستقامة)) لابن تيمية (2/10).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-10, 06:13
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الغَيْرة

1- الغَيْرة لله سبحانه وتعالى:

ومن صور هذه الغَيْرة:

- الغيرة لدين الله:

فالمسلم يغار أن تؤتى المعاصي، أو أن تنتهك المحارم

ومن الغيرة لدين الله القيام بشعيرة

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال صلى الله عليه وسلم:

((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده

فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه

وذلك أضعف الإيمان))

[2920] رواه مسلم (49).

- الفرح بزوال الظلم والظلمة:

إن المسلم الغيور ليفرح إذا أزيل منكر، وقمعت فاحشة

وأخمدت فتنة، كيف لا، وربنا يقول:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا

لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون [النور: 19].

(بل إن الفرح بما يصيب الناس من البلاء

وإن كان مذمومًا؛ فإنه حين يكون لإصابة مفسد

أو ظالم ببلاء يمنعه من فساده وظلمه

ويجعله لغيره من الظلمة عبرة، فلا يكون مذمومًا

بل غيرة في الدين، والغَيْرة من الإيمان

ففرحه حينئذ بزوال الفساد والظلم

لا بإصابة البلاء والمصيبة، كمذكره بعض العلماء)ا

[2921] ((الغيرة على المرأة)) لعبد الله المانع (ص 72).

و كيف لا يفرح المسلم إذا رأى الظلمة والمستبدين

يزولون ويتساقطون كأوراق الخريف!!.

2- الغيرة للرسول صلى الله عليه وسلم:

يجب على كلِّ مسلم أن يغار لرسوله الكريم إذا أُسيء إليه

فيدافع عنه، ويذبُّ عن عرضه

وينصره بما يستطيع.

3- غيرة الرجل على أهله:

قال النووي: (والرجل غيور على أهله

أي: يمنعهم من التعلق بأجنبي بنظر، أو حديث، أو غيره)

[2922] ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (10/132).

وقال ابن القيم:

(وأما الغَيْرة على المحبوب فهي:

أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره)

[2923] ((روضة المحبين)) (ص 347).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-11, 06:07
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أسباب ضعف الغَيْرة

لضعف الغيرة أسباب عديدة

نقتصر على ذكر بعضها فيما يلي:

1- ضعف الإيمان:

يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن الغيرة

لا تكون إلا من مؤمن بقوله:

((إن الله يغار وإن المؤمن يغار))

[2925] رواه البخاري (5223) ومسلم (2761) واللفظ له.

فحياة القلب بالإيمان تجعل الإنسان غيورًا

وبقدر إيمانه تكون غيرته

وإذا ضعف الإيمان ضعفت الغيرة

2- كثرة الذنوب:

قال ابن القيم: (ومن عقوبات الذنوب:

أنها تطفئ من القلب نار الغَيْرة

التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن

فالغَيْرة حرارته وناره التي تُخرج

ما فيه من الخبث، والصفات المذمومة)

[2926] ((الجواب الكافي)) (ص 66).

3- الجهل:

فمن أسباب ضعف الغيرة الجهل بأهمية الغيرة

وخطورة غيابها، فضدُّ الغيرة الدياثة

وضد الغيور الديوث

كذلك الجهل بعظم المسؤولية تجاه الأهل

فالرجل محاسب ومسؤول يوم القيامة

عن رعيته ومن تحت رعايته.

4- التقليد للكفار والمفسدين:

فالغيرة من الأخلاق الفاضلة التى يراد لها

أن تقلع من بلاد المسلمين

بفعل دعاة تقليد الغرب الذين انعدمت لديهم الغيرة

لذا يريدون إماتة خلق الغَيْرة في نفوس المسلمين

وقد حذَّر الإسلام من تقليد الكفار والتشبه بهم

قال صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم))

[2927] رواه أبو داود (4031) واللفظ له

وصحح الحديث ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (358/4

، والألباني في ((صحيح الجامع) (2831).

والحديث روي من طرق عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

5- وسائل الإعلام الفاسدة:

إن لوسائل الإعلام دورًا كبيرًا في إفساد الناس: كالإذاعة

والتلفاز، والصحف، والشبكة العنكبوتية، وغيرها

فالكثير من هذه الوسائل مليء بالأغاني الفاحشة

والصور الخليعة، والمسلسلات الماجنة

التي اعتاد الناس مشاهدتها

وغرس قيم وأخلاق لا تمت للإسلام ولا للمسلمين بصلة

فأخذ خلق الغَيْرة يضعف شيئًا فشيئًا.

6- انتشار المنكرات:

إنَّ انتشار المنكرات في المجتمعات الإسلامية

بلا نكير ولا تغيير يجعلها مألوفة لدى الناس

فتضعف الغيرة في القلوب

يقول ابن القيم في أثر المعاصي في الإنسان

و(كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة

على نفسه وأهله وعموم الناس

وقد تضعف في القلب جدا حتى لا يستقبح

بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره)

[2928] (الجواب الكافي)) لابن القيم (67).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الغَيْرة

*عبدالرحمن*
2020-12-12, 05:23
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السلف والعلماء في الغَيْرة

قال إسماعيل بن خارجة الفزاري وهو يوصي ابنته:

(... وإياك والغيرة؛ فإنها مفتاح الطلاق)

[2907] ((أدب النساء الموسوم بكتاب العناية والنهاية))

لعبد الملك بن حَبِيب القرطبي (164).

- وقال أبو الأسود لابنته:

(إياك والغَيْرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة

وأزين الزينة الكحل؛ وعليك بالطيب

وأطيب الطيب إسباغ الوضوء)

[2908] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (4/76).

- وقال ابن القيم:

(إن أصل الدين الغَيْرة، ومن لا غيرة له لا دين له

فالغَيْرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح

فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغَيْرة تميت القلب

فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة

ومثل الغَيْرة في القلب

مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه

فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلًا

ولم يجد دافعًا، فتمكَّن، فكان الهلاك

ومثلها مثل صياصي الجاموس

التي تدفع بها عن نفسه وولده

فإذا تكسرت طمع فيها عدوه)

[2909] ((الجواب الكافي)) (ص 68).

- وقال الراغب الأصفهاني عن الغيرة:

(جعل اللَّه سبحانه هذه القوة في الإنسان

سببًا لصيانة الماء وحفظًا للإنسان

ولذلك قيل: كلُّ أمة وضعت الغَيْرة في رجالها

وضعت العفة في نسائها

وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته)

[2910] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص 347).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

نماذج من غيرة الأنبياء عليهم السلام (https://dorar.net/akhlaq/1112/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85)

نماذج من غيرة الصحابة (https://dorar.net/akhlaq/1116/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D8%A9)

الغَيْرة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1118/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-12-13, 05:16
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الشهامة

معنى الشهامة لغةً:

الشهامة مصدر شهم، وهذه المادة تدلُّ على الذكاء.

والشهم: الذكي الفؤاد المتوقد، الجلد، والجمع شهام...

وقد شهم الرجل، بالضم، شهامة وشهومة

إذا كان ذكيًّا، فهو شهم أي جلد.

وقيل: الشهم معناه في كلام العرب: الحمول

الجيد القيام بما يحمل

الذي لا تلقاه إلا حمولًا، طيب النفس بما حمل

[1933] ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد (3/405)

((الزاهر في معاني كلمات الناس)) لأبي بكر الأنباري (1/114)

((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (4/196)

((لسان العرب)) لابن منظور (12/328)

((معجم ديوان الأدب)) لأبي إبراهيم الفارابي (2/277)

((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/223).

معنى الشهامة اصطلاحًا:

قال ابن مسكويه: (الشهامة هي:

الحرص على الأعمال العظام توقعًا للأحدوثة الجميلة)

[1934] ((تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق))

لابن مسكويه (ص 30).

وقيل الشهامة هي: (الحرص على الأمور العظام

توقعًا للذكر الجميل عند الحقِّ والخلق)

[1935] ((التوقيف على مهمات التعاريف))

للمناوي (ص 5).

وقيل هي: (عزة النفس وحرصها

على مباشرة أمور عظيمة، تستتبع الذكر الجميل)

[1936] ((المعجم الوسيط)) (ص 498).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشهامة

Mohamed Hasan
2020-12-13, 14:15
جزاك الله الف خير

*عبدالرحمن*
2020-12-13, 16:48
جزاك الله الف خير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-14, 05:23
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الشهامة في القرآن الكريم

- قال تعالى:

وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ

مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي

حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى

إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

[القصص: 23- 24]

قال ابن عطية: (استعمال السؤال بالخطب

إنما هو في مصاب، أو مضطهد

أو من يشفق عليه، أو يأتي بمنكر من الأمر

فكأنه بالجملة في شر فأخبرتاه بخبرهما)

[1937] ((المحرر الوجيز)) (4/283).

قال الحجازي: (فثار موسى

وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة، وسقى لهما

وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما)

[1938] (( التفسير الواضح))

للحجازي محمد محمود (2/825).

- وقال سبحانه:

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ

كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ

وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 104]

قال السعدي: (ذكر سبحانه ما يقوِّي قلوب المؤمنين

فذكر شيئين: الأول:

أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك

فإنه يصيب أعداءكم

فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية

أن تكونوا أضعف منهم

وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك

لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام

وانتصر عليه الأعداء على الدوام

لا من يدال مرة، ويدال عليه أخرى)

[1939] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 199).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشهامة

*عبدالرحمن*
2020-12-15, 05:19
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الشهامة في السنة النبوية

- عن أنس رضي الله عنه، قال:

((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس

وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة

ليلة سمعوا صوتًا، قال: فتلقاهم

النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ

[1940] عُرْيٍ: أي ليس عليه سرج ولا أداة

ولا يقال في الآدميين إنما يقال عريان.

((فتح الباري)) لابن حجر (6/70).

وهو متقلِّد سيفه، فقال: لم تراعوا

[1941] لم تراعوا: هي كلمة تقال عند تسكين

الروع تأنيسًا، وإظهارًا للرفق بالمخاطب.

((فتح الباري)) لابن حجر (10/457).

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرًا

[1942] بحرا: أي واسع الجري

((شرح النووي على مسلم)) (15/68).

يعني الفرس))

[1943] رواه البخاري (3040) واللفظ له ومسلم (2307).

قال القرطبي: (في هذا الحديث ما يدل على

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له

من جودة ركوب الخيل، والشَّجَاعَة، والشهامة

والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها

ما لم يكن عند أحد من الناس

ولذلك قال أصحابه عنه: إنه كان أشجع الناس

وأجرأ الناس في حال الباس

ولذلك قالوا: إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه

إذا التحمت الحروب، وناهيك به؛ فإنه ما ولَّى قطُّ منهزمًا

ولا تحدث أحد عنه قط بفرار)

[1944] ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (6/100).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

((إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

لما رأى من الناس إدبارًا

قال: اللهم سبع كسبع يوسف

[1945] سبع كسبع يوسف: أي: اجعل سنيهم سبعًا

أو ليكن سبعًا، ويُروى سبع بالرفع،

وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف

أي: البلاء المطلوب عليهم سبع سنين

كالسنين السبع التي كانت في زمن يوسف

وهي السبع الشداد التي أصابهم فيها القحط

أو يكون المعنى: المدعو عليهم قحط كقحط يوسف.

((عمدة القاري)) لبدر الدين العيني (7/28).

فأخذتهم سنة حصت

[1946] حصّت: حصت بحاء وصاد مشددة مهملتين

أي: استأصلته. ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (17/141).

كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف

[1947] الجيف: جيفة بالكسر الميت الذي أنتن

وقوله: (الجيف) بالكسر وفتح الياء هو الجمع.

((فتح الباري)) لابن حجر (1/101).

وينظر أحدهم إلى السماء،

فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان

فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله

وبصلة الرحم، وإنَّ قومك قد هلكوا، فادع الله لهم))

[1948] رواه البخاري (1007)

ومسلم (2798). واللفظ للبخاري.

قال ابن حجر:

(قوله: فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر

فإنها قد هلكت. إنَّما قال لمضر

لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز

وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة

فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن أن يطلب الدعاء لهم

ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش

لئلا يذكرهم فيذكِّر بجرمهم، فقال: لمضر؛ ليندرجوا فيهم

ويشير أيضًا إلى أنَّ غير المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم

وقد وقع في الرواية الأخيرة:

وإن قومك هلكوا. ولا منافاة بينهما

لأنَّ مُضر أيضًا قومه وقد تقدم في المناقب

أنه صلى الله عليه وسلم كان من مضر

قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر

: إنك لجريء، أي: أتأمرني أن أستسقي لمضر

مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟!)

[1949] ((فتح الباري)) (8/571).

فالنبي صلى الله عليه وسلم رغم عداوة قريش

وإيذائها للمؤمنين، لما جاءه أبو سفيان يطلب

منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته

ورغبته في هدايتهم

فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء

لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشهامة

*عبدالرحمن*
2020-12-16, 05:31
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موانع اكتساب صفة الشهامة

1- قسوة القلب.

2- الأنانية، وخذلان المسلمين، واللامبالاة بمعاناتهم:

إنَّ خذلان المسلم لأخيه المسلم أمر تنكره الشريعة

وإن من حق المسلم على المسلم أن لا يخذله

(وهو إن حدث ذريعة لخذلان المسلمين جميعًا

حيث تنتشر عدوى الأنانية وحب الذات

وإيثار الراحة والمصلحة الخاصة على مشاركة

الغير آلامهم وآمالهم

فيكثر التَّنصل من المسؤولية بين المسلمين

حتى يقضي عليهم أعداؤهم واحدًا تلو الآخر

فتموت فيهم خلال الآباء، والشهامة

ونجدة الملهوف، وإغاثة المنكوب

وسوف يجنح المظلوم والضعيف إلى الأعداء

طوعًا أو كرهًا

لما يقع به من ضيم وما يصيبه من خذلان من إخوانه

ثم ينزوي بعيدًا عنهم، وتنقطع عرى الأخوة

بينه وبين من خذلوه وأسلموه للأعداء)

[1950] ((الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية))

لمحماس الجلعود (2/937).

3- الجبن والبخل:

فالشهامة إنما تقوم على الشَّجَاعَة لنجدة المحتاج

والكرم لإعانة أصحاب الحاجات

فمن فقدهما ضعفت شهامته، وماتت مروءته.

4- الذُّل، والهوان، وضعف النفس:

فالإنسان الذليل والأمة الذليلة أبعد الناس عن النصرة

وتلبية نداء الإغاثة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.

6- الحقد والعداوة والبغضاء.

7- تشبه الرجال بالنساء في اللباس

كلبس الذهب والحرير:

قال ابن القيم: (حرم -الذهب- لما يورثه بملامسته

للبدن من الأنوثة والتخنث، وضد الشهامة والرجولة)

[1951] ((زاد المعاد)) (4/73).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشهامة

*عبدالرحمن*
2020-12-17, 05:20
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب صفة الشهامة

1- الصبر.

قال الراغب الأصفهاني: (الصبر يزيل الجزع

ويورث الشهامة المختصة بالرجولية)

[1952] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة))

للراغب الأصفهاني (ص 115).

2- الشَّجَاعَة.

3- علو الهمة وشرف النفس.

فــ(من سجايا الإسلام التحلي بكبر الهمة

مركز السالب والموجب في شخصك

الرقيب على جوارحك

كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ

لترقى إلى درجات الكمال

فيجري في عروقك دم الشهامة

والركض في ميدان العلم والعمل

فلا يراك الناس واقفًا إلا على أبواب الفضائل

ولا باسطًا يديك إلا لمهمات الأمور)

[1953] ((حلية طالب العلم))

لبكر أبو زيد (ص 173)

((موارد الظمآن لدروس الزمان))

لعبد العزيز السلمان (3/409).

4- العدل والإنصاف.

5- مصاحبة ذوي الشهامة والنجدة.

6- الإيمان بالقضاء والقدر.

فــ (من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر:

أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة

فالمجاهد في سبيل الله

يمضي في جهاده ولا يهاب الموت

لأنه يعلم أن الموت لا بد منه

وأنه إذا جاء لا يؤخر؛ لا يمنع منه حصون ولا جنود

أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ

وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ [النساء: 78]

قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ

عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران: 154]

وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية

من الإيمان بالقدر

يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء

وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين)

[1954] ((الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد))

لصالح الفوزان (303 – 304 ).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

فوائد الشهامة (https://dorar.net/akhlaq/770/%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A9:)

نماذج من الصحابة رضي الله عنهم في الشهامة (https://dorar.net/akhlaq/779/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%B1%D8%B6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%86%D9%87%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A9)

الشهامة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/781/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2020-12-18, 05:32
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الشَّجَاعَة

معنى الشَّجَاعَة لغةً:

الشجاعة: شدَّة القلب عند البأس

وأصل هذه المادة يدل على جرأة وإقدام.

يقال: شجُع شجاعة: اشتد عند البأس

[1762] انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/173)

((الصحاح)) للجوهري (3/1235)

((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/247)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 354).

معنى الشَّجَاعَة اصطلاحًا:

قيل هي: (الإقدام على المكاره، والمهالك

عند الحاجة إلى ذلك

وثبات الجأش عند المخاوف، والاستهانة بالموت)

[1763] ((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 27).

وقال ابن حزم: (حد الشَّجَاعَة:

بذل النفس للموت، عن الدين، والحريم

وعن الجار المضطهد

وعن المستجير المظلوم

وعن الهضيمة ظلمًا في المال، والعرض

وفي سائر سبل الحق، سواء قلَّ من يعارض أو كثر)

[1764] ((الأخلاق والسير)) لابن حزم (ص 80).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-19, 05:43
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الفرق بين الشَّجَاعَة وبعض الصفات

- الفرق بين الشجاعة والقوة:

(كثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة وهما متغايران

فإن الشجاعة هي ثبات القلب عند النوازل

وإن كان ضعيف البطش.

وكان الصديق رضي الله عنه أشجع الأمة

بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان عمر وغيره أقوى منه

ولكن برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه

في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال

وهو في ذلك ثابت القلب، ربيط الجأش

يلوذ به شجعان الصحابة وأبطالهم

فيثبتهم، ويشجعهم)

[1765] ((الفروسية)) لابن القيم (ص 500).

- الفرق بين البسالة والشَّجَاعَة:

أنَّ أصل البسل: الحرام

فكأن الباسل يتعذَّر على أحد أو يحرم عليه

أن يصيبه في الحرب بمكروه؛ لشدته فيها وقوته.

والشَّجَاعَة: الجرأة، والشُّجاع: الجريء

المقدام في الحرب ضعيفًا كان أو قويًّا

والجرأة قوة القلب الداعي إلى الإقدام على المكاره

فالشَّجَاعَة تنبئ عن الجرأة

والبسالة تنبئ عن الشدَّة

[1766] ((الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (ص 99).

- الفرق بين الشَّجَاعَة والجرأة:

أنَّ الشَّجَاعَة من القلب:

وهي ثباته واستقراره عند المخاوف

وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن

فإنَّه متى ظن الظفر وساعده الصبر ثبت

كما أنَّ الجبن يتولد من سوء الظن وعدم الصبر

فلا يظن الظفر ولا يساعده الصبر.

وأما الجرأة: فهي إقدام، سببه قلة المبالاة

وعدم النظر في العاقبة

بل تقدم النفس في غير موضع الإقدام

معرضة عن ملاحظة العارض، فإمَّا عليها، وإمَّا لها

[1767] ((الروح)) لابن القيم (ص 237) بتصرف.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-20, 05:44
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الشَّجَاعَة في القرآن الكريم

- أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالقتال في سبيله

والثبات عليه، والإقدام في الحروب، وعدم الجبن

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ

زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ

أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ

وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال: 16].

- وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ

إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ

وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ

بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ [الأنفال: 65].

قال السعدي: (يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ

أي: حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم

وينشِّط هممهم، من الترغيب في الجهاد

ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك

وذكر فضائل الشَّجَاعَة والصبر

وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة

وذكر مضار الجبن

وأنه من الأخلاق الرذيلة المنقصة للدين والمروءة

وأنَّ الشَّجَاعَة بالمؤمنين أولى من غيرهم)

[1768] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 325).

- وقال سبحانه: وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ

وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190].

- وأمر الله المسلمين بالثبات في الجهاد فقال:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ

وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [الأنفال:45].

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-21, 06:04
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الشَّجَاعَة في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف

وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك

واستعن بالله ولا تعجز

وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا

ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل

فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان))

[1769] رواه مسلم (2664).

قال النووي: (والمراد بالقوة هنا

عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة

فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا

على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه

وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك

واحتمال المشاق في ذات الله تعالى

وأرغب في الصلاة، والصوم، والأذكار

وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها

ومحافظةً عليها، ونحو ذلك)

[1770] ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (4/2052).

- وعن عمرو بن ميمون الأودي قال:

كان سعد يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات

كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول:

((إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

كان يتعوذ منهن دبر الصلاة:

اللهم إني أعوذ بك من الجبن

وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر

وأعوذ بك من فتنة الدنيا

وأعوذ بك من عذاب القبر، فحدثت به مصعبًا فصدقه))

قال المهلب: (أما استعاذته صلى الله عليه وسلم

من الجبن، فإنَّه يؤدي إلى عذاب الآخرة

لأنَّه يفر من قرنه في الزحف

فيدخل تحت وعيد الله لقوله:

وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ [الأنفال: 16] الآية

وربما يفتن في دينه، فيرتد لجبن أدركه)

[1772] ((شرح البخاري)) لابن بطال (5/35).

- وعن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال:

((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

على السمع والطاعة، في العسر واليسر،

والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا

وعلى أن لا ننازع الأمر أهله

وعلى أن نقول بالحق أينما كنا

لا نخاف في الله لومة لائم))

[1773] رواه البخاري (7199)، ومسلم (1709).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-22, 05:33
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور الشَّجَاعَة

1- الإقدام في ساحات الوغى في الجهاد في سبيل الله

والاستهانة بالموت.

2- الجرأة في إنكار المنكر وبيان الحق:

قال صلى الله عليه وسلم:

((أفضل الجهاد، كلمة عدلٍ عند سلطانٍ جائر))

[1796] رواه أبو داود (4344)

وحسنه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (196)

3- الشَّجَاعَة في الأعمال التي تحتاج

إلى تحمل المخاطر ورباطة الجأش:

كرجال الشرطة، ورجال الإطفاء، وعمال المناجم، وغيرهم.

4- حضور الذهن عند الشدائد:

من أكبر مظاهر الشَّجَاعَة، حضور الذهن عند الشدائد

فشجاعٌ من إذا عراه خطبٌ، لم يذهب برشده

بل يقابله برزانة وثبات

ويتصرف فيه بذهن حاضر، وعقل غير مشتت

[1797] ((الأخلاق الإسلامية))

لجمال نصار. بتصرف (ص 206).

5- الشَّجَاعَة الأدبية:

والمراد بها أن يبدي الإنسان رأيه

وما يعتقد أنَّه الحق، مهما ظنَّ النَّاس به

أو تقوَّلوا عليه، فيقول الحق بأدب

وإن تألَّم منه النَّاس

ويعترف بالخطأ، وإن نالته عقوبة

ويرفض العمل بما لا يراه صوابًا

[1798] ((الأخلاق الإسلامية))

لجمال نصار. بتصرف (ص 206).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-23, 05:48
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

مراتب الشجعان

تحدث ابن القيم عن مراتب الشجعان فقال:

(أوَّل مراتبهم الهُمام

وسمي بذلك لهمته وعزمه

وجاء على بناء فُعَال كشجاع.

الثاني المقدام

وسمي بذلك من الإقدام، وهو ضد الإحجام

وجاء على أوزان المبالغة، كمعطاء، ومنحار

لكثير العطاء، والنحر،

وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث

كامرأة معطار كثيرة التعطر، ومذكار تلد الذكور.

الثالث الباسل:

وهو اسم فاعل من بسل يبسل، كشرف يشرف

والبسالة الشَّجَاعَة والشدة

وضدها فشل يفشل فشالة

وهي على وزنها فعلًا ومصدرًا وهي الرذالة

الرابع البطل:

وجمعه أبطال وفي تسميته قولان:

أحدهما: لأنَّه يبطل فعل الأقران

فتبطل عند شجاعة الشجعان

فيكون بطل بمعنى مفعول في المعنى

لأنَّ هذا الفعل غير متعد.

والثاني: أنَّه بمعنى فاعل لفظًا ومعنى

لأنَّه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم

فهو بطل بمعنى مبطل.

ويجوز أن يكون بطل بمعنى مبطل بوزن مكرم

وهو الذي قد بطله غيره،

فلشجاعته تحاماه النَّاس

فبطلوا فعله باستسلامهم له، وترك محاربتهم إياه.

الخامس: الصنديد بكسر الصاد)

الشَّرِيفُ الشُّجَاعُ

[1795] ((الفروسية)) (503).

وسائل اكتساب خلق الشَّجَاعَة

1- اللجوء إلى الله بالدعاء والإكثار من الذكر:

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ

وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [الأنفال:45].

(للعلماء في هذا الذكر ثلاثة أقوال:

الأول: اذكروا الله عند جزع قلوبكم

فإن ذكره يعين على الثبات في الشدائد.

الثاني: اثبتوا بقلوبكم، واذكروه بألسنتكم

فإن القلب لا يسكن عند اللقاء ويضطرب اللسان

فأمر بالذكر حتى يثبت القلب على اليقين

ويثبت اللسان على الذكر

ويقول ما قاله أصحاب طالوت:

وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا

صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة: 250]

وهذه الحالة لا تكون إلا عن قوة المعرفة

واتقاد البصيرة، وهي الشَّجَاعَة المحمودة في النَّاس.

الثالث: اذكروا ما عندكم من وعد الله لكم

في ابتياعه أنفسكم ومثامنته لكم)

[1799] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (8/23).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

*عبدالرحمن*
2020-12-24, 05:57
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد الشَّجَاعَة

الشَّجَاعَة لها فوائد تعود على الفرد والمجتمع، منها:

1- أنها سبب لانشراح الصدر:

قال ابن القيم: (فإنَّ الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان

متسع القلب، والجبان أضيق النَّاس صدرًا

وأحصرهم قلبًا، لا فرحة له ولا سرور

ولا لذة له ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي

وأما سرور الروح ولذتها، ونعيمها، وابتهاجها

فمحرم على كل جبان

كما هو محرم على كل بخيل

وعلى كل معرض عن الله سبحانه غافل عن ذكره

جاهل به وبأسمائه تعالى وصفاته ودينه

متعلق القلب بغيره)

[1788] ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/22).

2- الشَّجَاعَة أصل الفضائل:

فمن يتصف بالشَّجَاعَة يتحلى أيضًا بالنجدة

وعظم الهمة، والثبات، والصبر، والحلم

وعدم الطيش، والشهامة، واحتمال الكد.

3- الشَّجَاعَة تحمل صاحبها على عزة النفس

وإيثار معالي الأخلاق والشيم:

قال ابن القيم: (والشَّجَاعَة تحمله على عزة النفس

وإيثار معالي الأخلاق والشيم، وعلى البذل والندى

الذي هو شجاعة النفس، وقوتها

على إخراج المحبوب، ومفارقته

وتحمله على كظم الغيظ، والحلم

فإنَّه بقوة نفسه، وشجاعتها، يمسك عنانها

ويكبحها بلجامها عن النزغ، والبطش

كما قال: ((ليس الشديد بالصرعة

إنَّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))

وهو حقيقة الشَّجَاعَة

وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه)

[1789] ((الفروسية)) لابن القيم (ص 491).

4- الرجل الشجاع يحسن الظن بالله:

قال ابن القيم: (والجبن خلق مذموم عند جميع الخلق

وأهل الجبن: هم أهل سوء الظن بالله

وأهل الشَّجَاعَة والجود: هم أهل حسن الظن بالله

كما قال بعض الحكماء في وصيته: عليكم بأهل السخاء

والشَّجَاعَة، فإنَّهم أهل حسن الظن بالله

والشَّجَاعَة جُنَّة للرجل من المكاره

والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه

فهو جند وسلاح يعطيه عدوه ليحاربه به

وقد قالت العرب: الشَّجَاعَة وقاية، والجبن مقتلة

وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنِّهم

أنَّ جبنهم ينجيهم من القتل والموت، فقال الله تعالى:

قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ

أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً [الأحزاب: 16].

[1790] ((الفروسية)) لابن القيم (ص 491).

5- لا تتم مصلحة الإمارة والسياسة إلا بالشَّجَاعَة:

قال ابن تيمية: (لا تتم رعاية الخلق وسياستهم

إلا بالجود الذي هو العطاء

والنجدة التي هي الشَّجَاعَة

بل لا يصلح الدين والدنيا إلا بذلك

ولهذا كان من لا يقوم بهما، سلبه الأمر ونقله إلى غيره

كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ

إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ

أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ

قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[التوبة: 38-39]

وقال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ

وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ

قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38]

وقد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ

مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً

مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10]

فعلق الأمر بالإنفاق الذي هو السخاء

والقتال الذي هو الشَّجَاعَة

وكذلك قال الله تعالى في غير موضع:

وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ [التوبة: 41])

[1791] ((السياسة الشرعية)) (ص 74).

وقال في موضع آخر: (كما أنَّ عليهم -

أي ولاة الأمور- من الشَّجَاعَة

والسَّمَاحَة ما ليس على غيرهم

لأنَّ مصلحة الإمارة لا تتم إلا بذلك)

[1792] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/180).

6- الشجاعة تجمع جملة من الفضائل وهي

أ- كِبَرُ النفس:

وهو الاستهانة باليسير، والاقتدار على حمل الكرائه

فصاحبه أبدًا يؤهل نفسه للأمور العظام مع استخفافه لها.

ب- النَّجدة:

وهي ثقة النفس عند المخاوف، حتى لا يخامرها جزع.

ج- عظم الهمة:

وهي فضيلة للنفس، تحتمل بها سعادة الجد وضدها

حتى الشدائد التي تكون عند الموت.

د- الثبات:

وهو فضيلة للنفس، تقوى بها على احتمال الآلام

ومقاومتها في الأهوال خاصة.

هـ- الحلم:

وهو فضيلة للنفس، تكسبها الطمأنينة

فلا تكون شغِبَة، ولا يحركها الغضب بسهولة وسرعة.

و- السكون:

وهو عدم الطيش، فهو إمَّا عند الخصومات

وإمَّا في الحروب التي يذب بها عن الحريم

أو عن الشريعة. وهو قوة للنفس

تقسر حركتها في هذه الأحوال لشدتها.

ز- الشهامة:

وهي الحرص على الأعمال العظام

توقعًا للأحدوثة الجميلة.

ح- احتمال الكد:

وهو قوة للنفس، بها تستعمل آلات البدن

في الأمور الحسية، بالتمرين وحسن العادة.

[1793] ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص 18)، بتصرف.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الشَّجَاعَة

Ali Harmal
2020-12-24, 17:57
بارك الرحمن فيك يا دكتور وجزاك الله خيرا على كل ما تقدمة وجعلة في ميزان حسناتك.

*عبدالرحمن*
2020-12-25, 05:16
بارك الرحمن فيك يا دكتور وجزاك الله خيرا على كل ما تقدمة وجعلة في ميزان حسناتك.

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيك اخي و صديقي الغاضل

و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-25, 05:26
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال وسائل اكتساب خلق الشَّجَاعَة

2- (ترسيخ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر

وأن الإنسان لن يصيبه إلا ما كتب الله له.

3- ترسيخ عقيدة الإيمان باليوم الآخر.

4- غرس اليقين بما أعده الله من النعيم في الجنة

للذين يقاتلون في سبيل الله.

5- التدريب العملي بدفع الإنسان إلى المواقف المحرجة

التي لا يتخلص منها إلا بأن يتشجع.

6- الاقتناع بأن معظم مثيرات الجبن

لا تعدو كونها مجرد أوهام لا حقيقة لها.

7- القدوة الحسنة وعرض مشاهد الشجعان، وذكر قصصهم.

8- إثارة دوافع التنافس

ومكافأة الأشجع بعطاءات مادية)

[1800] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرحمن الميداني. بتصرف (2/568).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

نماذج في الشَّجَاعَة (https://dorar.net/akhlaq/721/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AC%D8%A7%D8%B9%D8%A9)

أقوال السلف والعلماء في الشَّجَاعَة (https://dorar.net/akhlaq/707/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AC%D8%A7%D8%B9%D8%A9)

الشَّجَاعَة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/730/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AC%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

thegolden
2020-12-25, 20:03
جزاك الله كل خير اخي الكريم

*عبدالرحمن*
2020-12-26, 05:09
جزاك الله كل خير اخي الكريم

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيك اخي الغاضل

و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-26, 05:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ القناعة

معنى القناعة لغةً:

القناعة مصدر قنِع، بالكسر

يقنَع قُنوعًا وقناعةً إذا رضي، وقَنَعَ، بالفتح

يقنَع قُنوعًا إذا سأل

والقُنوع: الرضا باليسير من العطاء

. وقال بعض أهل العلم:

إن القُنوع قد يكون بمعنى الرضا

والقانع بمعنى الراضي

وهو من الأضداد. وسمِّيت قناعةً

لأنه يقبل على الشيء الذي له راضيًا

[3135] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/32)

((الصحاح تاج اللغة)) للجوهري (3/1273)

((لسان العرب)) لابن منظور (8/298).

معنى القناعة اصطلاحًا:

(القناعة: هي الرضا بما أعطى الله)

[3136] ((مشارق الأنوار))

لأبي الفضل البستي (2/187).

وقال السيوطي: (القناعة: الرضا بما دون الكفاية

وترك التشوُّف إلى المفقود، والاستغناء بالموجود)

[3137] ((معجم مقاليد العلوم)) (205، 217).

وقال المناوي: (هي: السكون عند عدم المألوفات.

وقيل: الاكتفاء بالبلغة. وقيل سكون الجأش

عند أدنى المعاش. وقيل: الوقوف عند الكفاية)

[3138] ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص275).

الفرق بين القناعة وبعض الصفات

- الفرق بين القصد والقناعة:

(أن القصد: هو ترك الإسراف والتقتير جميعًا.

والقناعة: الاقتصار على القليل والتقتير

ألا ترى أنه لا يقال هو قنوع إلا إذا استعمل

دون ما يحتاج إليه

ومقتصد لمن لا يتجاوز الحاجة ولا يقصر دونها

وترك الاقتصاد مع الغنى ذم

وترك القناعة معه ليس بذم

وذلك أنَّ نقيض الاقتصاد الإسراف

وقيل: الاقتصاد من أعمال الجوارح

لأنَّه نقيض الإسراف

وهو من أعمال الجوارح والقناعة من أعمال القلوب)

[3139] ((معجم الفروق اللغوية))

لأبي هلال العسكري (ص430).

- الفرق بين القناعة والزهد:

قال الراغب: (القناعة: الرضا بما دون الكفاية

والزهد: الاقتصار على الزهيد

أي: القليل وهما يتقاربان

لكن القناعة تقال اعتبارًا برضا النفس

والزهد يقال اعتبارًا بالمتناول لحظ النفس

وكلُّ زهد حصل لا عن قناعة فهو تزهُّد لا زهد)

[3140] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص225).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

الامل شعاري
2020-12-27, 01:39
جزاك الله كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-27, 05:09
جزاك الله كل خير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-27, 05:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في القناعة في القرآن الكريم

- قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى

وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم

بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل: 97].

عن محمد بن كعبٍ في قوله تعالى:

وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً. قال: القناعة

[3141] ((القناعة والتعفف)) لابن أبي الدنيا (61).

وفسَّرها علي بن أبي طالب رضي الله عنه

أيضًا بالقناعة

[3142] انظر: ((تفسير القرآن العظيم )) لابن كثير (2/346).

و(عن الحسن البصري

قال: الحياة الطيبة: القناعة)

[3143] ((جامع البيان)) للطبري (14/351).

- وقال تعالى: إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ

مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور: 32].

قال البغوي: (قيل: الغنى: هاهنا القناعة)

[3144] ((معالم التنزيل)) (6/40).

وذهب إلى ذلك أيضًا الخازن

[3145] ((لباب التأويل)) (3/294).

- وقال سبحانه: وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج: 36].

قال الطبري: (وأما القانع الذي هو بمعنى المكتفي

فإنه من قنعت بكسر النون أقنع قناعة وقنعًا وقنعانًا)

[3146] ((جامع البيان)) للطبري (16/569).

وقال مجاهد: (القانع: جارك الذي يقنع بما أعطيته)

[3147] ((جامع البيان)) للطبري (16/563).

وقال أبو إسحاق الثعلبي:

(القانع من القناعة، وهي الرضا والتعفف وترك السؤال)

[3148] ((الكشف والبيان)) للثعلبي (7/23).

وقال الرازي: (قال الفراء: والمعنى الثاني القانع

هو الذي لا يسأل من القناعة

يقال: قنع يقنع قناعةً

إذا رضي بما قسم له وترك السؤال)

[3149] ((مفاتيح الغيب)) للرازي (23/226).

- وقال تعالى: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً

وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].

قال النسفي: ( وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً عفوًا ومغفرة

أو المال والجنة، أو ثناء الخلق ورضا الحق

أو الإيمان والأمان، أو الإخلاص والخلاص

أو السنة والجنة، أو القناعة والشفاعة..)

[3150] ((مدارك التنزيل)) للنسفي (1/172).

وقال أبو حيان في تفسير قوله تعالى: حَسَنَةً:

(.. القناعة بالرزق، أو: التوفيق والعصمة

أو: الأولاد الأبرار.. قاله جعفر)

[3151] ((البحر المحيط)) (2/310).

- قال تعالى: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ الانفطار: 13.

قال الرازي: (قال بعضهم:

النعيم: القناعة، والجحيم: الطمع)

[3152] ((مفاتيح الغيب)) (31/80).

وقال النيسابوري: (وقال آخرون:

النعيم: القناعة والتوكل)

[3153] ((غرائب القرآن ورغائب الفرقان)) (6/460).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

A__M__S
2020-12-27, 07:49
ما شاء الله

*عبدالرحمن*
2020-12-28, 05:54
ما شاء الله

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة

*عبدالرحمن*
2020-12-28, 06:14
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في القناعة في السنة النبوية

- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنَّعه الله))

[3154] رواه مسلم ( 1054).

قال ابن حجر: (ومعنى الحديث:

أن من اتصف بتلك الصفات حصل على مطلوبه

وظفر بمرغوبه في الدنيا والآخرة)

[3155] ((فتح الباري)) لابن حجر (11/275).

وقال المناوي: (رُزق كفافًا

وقنَّعه الله بالكفاف، فلم يطلب الزيادة)

[3156] ((فيض القدير)) (4/508).

وقال القرطبي: (أنَّ من فعل تلك الأمور

واتصف بها فقد حصل على مطلوبه

وظفر بمرغوبه في الدنيا والآخرة)

[3158] ((المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم) (3/99).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه

((أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يومًا يحدث-

وعنده رجلٌ من أهل البادية- أنَّ رجلًا من أهل الجنة

استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟

قال: بلى، ولكني أحبُّ أن أزرع، قال: فبذر

فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده

فكان أمثال الجبال

فيقول الله عزَّ وجلَّ: دونك يا ابن آدم

فإنَّه لا يشبعك شيءٌ. فقال الأعرابي:

والله لا نجده إلا قرشيًّا، أو أنصاريًّا

فإنهم أصحاب زرعٍ، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرعٍ.

فضحك النبي صلى الله عليه وسلم))

[3159] رواه البخاري (2348).

قال ابن بطال: (وقوله: دونك يا ابن آدم

لا يشبعك شيء. يدلُّ على فضل القناعة

والاقتصار على البلغة، وذمِّ الشَّرَهِ والرغبة)

[3160] ((شرح البخاري)) (6/489).

وقال ابن حجر: (وفيه إشارةٌ

إلى فضل القناعة، وذمِّ الشَّرَهِ)

[3161] ((فتح الباري)) (5/27).

- وقال صلى الله عليه وسلم:

((اللهمَّ اجعل رزق آل محمدٍ قُوتًا ))

[3162] رواه مسلم (1055).

قال ابن حجر: (أي: اكفهم من القوت بما لا يرهقهم

إلى ذلِّ المسألة، ولا يكون فيه فضولٌ

تبعث على الترفُّه والتبسُّط في الدنيا.

وفيه حجةٌ لمن فضَّل الكفاف

لأنَّه إنما يدعو لنفسه وآله بأفضل الأحوال)

[3163] ((فتح الباري)) (11/275).

وقال النووي: (قال أهل اللغة العربية:

القُوت ما يسدُّ الرَّمَق، وفيه فضيلة التقلل من الدنيا

والاقتصار على القوت منها، والدعاء بذلك)

[3164] ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (7/146).

- وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

((من أصبح وأمسى آمنًا في سِرْبه

معافى في بدنه، عنده قوت يومه

كان كمن حِيزت له الدنيا بحذافيرها))

[3165] رواه الترمذي (2346)، وابن ماجه (3357)

وقال المناوي: ( (عنده قوت يومه)

أي: غداؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك

يعني: من جمع الله له بين عافية بدنه

وأمن قلبه حيث توجَّه

وكفاف عيشه بقوت يومه وسلامة أهله

فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا

لم يحصل على غيرها

فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها

بأن يصرفها في طاعة المنعم

لا في معصية، ولا يفتر عن ذكره)

[3166] ((فيض القدير)) (6/68).

وقال المباركفوري: (... ((عنده قوت يومه)) أ

ي: كفاية قوته من وجه الحلال ((فكأنما حِيزت)).

والمعنى فكأنما أُعطي الدنيا بأسرها.)

[3167] ((تحفة الأحوذي)) (7/10).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مَن يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنَّ

أو يعلم من يعمل بهنَّ؟

قلت: أنا يا رسول الله! فأخذ يدي فعدَّ خمسًا

فقال: اتَّقِ المحارم تكن أعبد الناس

وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس

وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا

وأحبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا

ولا تكثر الضحك؛ فإنَّ كثرة الضحك تميت القلب))

[3168] رواه الترمذي (2305)، وابن ماجه (3417)

قال المناوي: ((وارضَ بما قسم الله لك)

أي: أعطاك (تكن أغنى الناس)

فإنَّ من قنع بما قسم له

ولم يطمع فيما في أيدي الناس استغنى عنهم

ليس الغنى بكثرة العرض

ولكن الغنى غنى النفس)

[3169] ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (1/27).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

الامل شعاري
2020-12-28, 23:53
جزاك الله كل خير اخي

*عبدالرحمن*
2020-12-29, 05:19
جزاك الله كل خير اخي

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله كل خير

*عبدالرحمن*
2020-12-29, 05:40
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السلف والعلماء في القناعة

- (قال عبد الله بن عباس:

القناعة مال لا نفاد له)

[3170] ذكره ابن عبد ربه في ((العقد الفريد)) (3/169).

- (وقال سعد بن أبي وقاص لابنه: يا بني:

إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة

فإنها مال لا ينفد

وإياك والطمع فإنه فقر حاضر

وعليك باليأس

فإنك لم تيأس من شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه)

[3172] رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (20/363).

- و(قال عمر بن عبد العزيز:

الفقه الأكبر القناعة، وكفُّ اللسان)

[3173] ((أدب المجالسة وحمد اللسان)) لابن عبد البر (ص 87).

- وقال الراغب: (الفقر أربعة:

فقر الحسنات في الآخرة

وفقر القناعة في الدنيا

وفقر المقتني، وفقرها جميعًا، والغني بحسبه،

فمن حصل له في الدنيا فقد القناعة

والمقتني فهو الفقير المطلق على سبيل الذم

ولا يقال له غني بوجه)

[3174] ((تفسير الراغب)) للراغب الأصفهاني (1/564).

- و(قال أكثم بن صيفي لابنه: يا بني

من لم ييأس على ما فاته ودع بدنه

ومن قنع بما هو فيه قرَّت عينه)

[3175] ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص 149).

- (وقال بكر بن عبد الله المزني:

يكفيك من الدنيا ما قنعت به

ولو كفَّ تمرٍ، وشربة ماءٍ، وظلَّ خباءٍ

وكلما انفتح عليك من الدنيا شيءٌ

ازدادت نفسك به تعبًا)

[3176] ((القناعة والتعفف)) لابن أبي الدنيا (ص 62).

- وقال (نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك

يقول: مروءة القناعة أفضل من مروءة الإعطاء.

- وقال أبو حاتم: (مِن

أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطرًا القناعة

وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء

والثقة بالقسم

ولو لم يكن في القناعة خصلة تُحمد إلا الراحة

وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل

لكان الواجب على العاقل

ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال)

[3177] ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص149).

- وقال أيضًا (القناعة تكون بالقلب

فمن غني قلبه غنيت يداه

ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه

ومن قنع لم يتسخط وعاش آمنا مطمئنًا

ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته

والجَدُّ والحرمان كأنهما يصطرعان بين العباد)

[3178] ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص150).

- و(قال أبو سليمان الداراني:

إن قومًا طلبوا الغنى فحسبوا أنَّه في جمع المال

ألا وإنما الغنى في القناعة

وطلبوا الراحة في الكثرة

وإنما الراحة في القلة

وطلبوا الكرامة من الخلق

ألا وهي في التقوى

وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق واللين

وفي طعامٍ طيبٍ،

والنعمة في الإسلام الستر والعافية)

[3179] ((الزهد الكبير)) للبيهقي (ص80).

- و(قال أبو محرز الطفاوي:

شكوت إلى جارية لنا ضيق المكسب عليَّ وأنا شاب

فقالت لي: يا بني استعن بعزِّ القناعة عن ذلِّ المطالب

فكثيرًا والله ما رأيت القليل عاد سليمًا.

قال أبو محرز:

ما زلت بعد أعرف بركة كلامها في قنوعي)

[3182] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/258).

- و(عن الحسن

قال: لا تزال كريمًا على الناس-

أو لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم

فإذا فعلت ذلك استخفُّوا بك

وكرهوا حديثك وأبغضوك)

[3183] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم الأصبهاني (3/20).

- (وكان محمد بن واسع يبل الخبز اليابس بالماء

ويأكل ويقول: من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد)

[3185] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/239).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

*عبدالرحمن*
2020-12-29, 15:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد القناعة

1- سبب لنيل محبة الله.

2- علامة كمال الإيمان.

3- تجعل الإنسان يعيش حياة هنيئة طيبة.

4- تشيع المودة، وتنشر المحبة بين الناس.

5- تكسب الإنسان قوة الإيمان، والثقة به

والرضا بما قسم.

6- سبيل لراحة النفس، والبعد عن الهموم.

7- وقاية من الغيبة ،والنَّمِيمَة، والحسد.

8- طريق موصل إلى الجنة.

9- سبب للبركة.

10- عز للنفس.

11- تكسب صاحبها غنى النفس.

12 فيها تحقيق لشكر الله تعالى على نعمه.

13- تعفف عما في أيدي الناس

[3186] انظر: ((نضرة النعيم))

لمجموعة من الباحثين (8/3235).

و((الأخلاق الإسلامية وأسسها))

لعبد الرحمن الميداني (2/363-365) بتصرف واختصار.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

*عبدالرحمن*
2020-12-30, 05:42
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من قناعة النبي صلى الله عليه وسلم

كان النبي صلى الله عليه وسلم قنوعًا زاهدًا

فكان من أبعد الناس عن ملذات الدنيا

وأرغبهم إلى الآخرة

وقد خيره ربه جلَّ وعلا بين الدنيا

وأن يعيش فيها ما شاء، وبين الآخرة

فاختار الآخرة وما عند الله

وخيَّره أن يكون ملكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا

فاختار أن يكون عبدًا نبيًّا.

- قال عمر رضي الله عنه:

((دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو مضطجعٌ على حصيرٍ، فجلست، فأدنى عليه إزاره

[3189] الإزار: ما تحت العاتق في وسطه الأسفل

وقيل: الإزار: ما يستر أسفل البدن ولا يكون مخيطا

. ((تاج العروس)) للزبيدي (10/43).

وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه

فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإذا أنا بقبضةٍ من شعيرٍ نحو الصاع

ومثلها قرظًا في ناحية الغرفة

وإذا أفيقٌ معلقٌ، قال: فابتدرت عيناي

قال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟

قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي

وهذا الحصير قد أثَّر في جنبك

وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى

وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار

وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفوته

وهذه خزانتك، فقال: يا ابن الخطاب

ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟

قلت: بلى...))

[3190] رواه البخاري ( 4913) ومسلم (1479 ) واللفظ له.

- وعن ابن عباس رضي الله عنهما

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو:

((اللهم قنِّعني بما رزقتني، وبارك لي فيه

واخلف على كلِّ غائبة لي بخير))

[3191] رواه ابن خزيمة (4/217) (2728)، والحاكم (1/626).

قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه

وحسنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (4/383).

- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة:

((ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال

ثلاثة أهلة في شهرين

وما أُوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم

نار. فقلت: ما كان يُعيِّشكم؟

قالت: الأسودان: التمر والماء

إلا أنَّه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم

جيران من الأنصار كان لهم منائح

[3192] جمع منيحة: وهي ناقة أو شاة

تعطى لينتفع بلبنها ويعيدها.

وكذلك إذا أعطاه لينتفع

بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها.

((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (4/364).

وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم

من أبياتهم، فيسقيناه))

[3193] رواه البخاري (6459) ومسلم (2972) واللفظ للبخاري.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((اللهم ارزق آل محمد قوتًا))

[3194] رواه مسلم (1055).

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدم

[3195] الأدم: جمع أديم

وهو الجلد الذي قد تم دباغه وتناهى.

((تاج العروس)) للزبيدي (31/192).

و حشوه ليف))

[3196] رواه البخاري (6456) ومسلم ( 2082) واللفظ للبخاري.

- وعن قتادة رضي الله عنه قال:

((كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم

وقال: كلوا، فما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم

رأى رغيفًا مرقَّقًا

[3197] رغيفًا مرققًا: أَي ملينا محسنا.

((مشارق الأنوار على صحاح الآثار))

للقاضي عياض (1/298).

حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سميطًا

[3198] شاة سميطا: أي مشوية.

((لسان العرب)) لابن منظور (7/322).

بعينه قط))

[3199] رواه البخاري ( 5421).

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم

وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد

إلا شطر شعير في رف لي

فأكلت منه حتى طال علي، فكلته ففني))

[3200] رواه البخاري ( 6451) ومسلم ( 2973).

- وعن عائشة رضي الله عنها

زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

((لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم

وما شبع من خبز وزيت، في يوم واحد، مرتين))

[3201] رواه مسلم (2974).

- وعن أنس رضي الله عنه قال:

((لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم

على خوان حتى مات

وما أكل خبزًا مرقَّقًا حتى مات))

[3202] رواه البخاري ( 6450).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لو كان لي مثل أحد ذهبًا ما يسرني

أن لا يمرَّ علي ثلاث وعندي منه شيء

إلا شيء أرصده لدين))

[3203] رواه البخاري (2389).

- وعن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قالت:

((ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم

أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر))

[3204] رواه البخاري ( 6455).

- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

((ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم

من خبز شعير، يومين متتابعين

حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم))

[3205] رواه مسلم ( 2970).

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

((ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام

برٍّ ثلاث ليال تباعًا حتى قُبض))

[3206] رواه البخاري ( 5416) ومسلم (2970).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

*عبدالرحمن*
2020-12-31, 05:22
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من قناعة الصحابة رضي الله عنهم

لقد سار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

على ما كان عليه واتبعوا آثاره

وتخلَّقوا بأخلاقه، وعاشوا التقشُّف

[3207] التقشف: لبس الثياب المرقعة الوسخة

والقشف شدة العيش. ((طلبة الطلبة)) للنسفي (88).

الزهد في أول أمرهم نظرًا لقلة ذات اليد

ثم انتشر الإسلام وجاءتهم الغنائم وفتح الله عليهم

فلم تؤثر هذه الأموال التي اكتسبوها من الغنائم على زهدهم

بل استمروا على ما هم فيه من قناعة وتقشف

وهنا نذكر بعض النماذج من قناعة الصحابة وبعدهم عن الطمع:

- عن أبي العالية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((من يكفل لي أن لا يسأل أحدًا شيئًا، وأتكفل له بالجنة؟

فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا))

[3208] رواه أبو داود (1643)، وأحمد (5/276) (22428)

الحديث سكت عنه أبو داود

وصحح إسناده ابن جرير في ((مسند عمر)) (1/30)

والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/39)

- وعن أبي هريرة، قال: (لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة

ما منهم رجلٌ عليه رداءٌ، إما إزارٌ وإما كساءٌ

قد ربطوا في أعناقهم

فمنها ما يبلغ نصف الساقين

ومنها ما يبلغ الكعبين

فيجمعه بيده، كراهية أن تُرى عورته)

[3209] رواه البخاري ( 442).

قال الحافظ ابن حجر:

(قوله: لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة

. يُشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين

وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين

الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في

غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضًا

لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة)

[3210] ((فتح الباري)) (1/536).

- وعن الحسن قال: (كان عطاء سلمان خمسة آلاف

وكان أميرًا على زهاء ثلاثين ألفًا من المسلمين

وكان يخطب في عباءة يفترش نصفها

ويلبس نصفها، فإذا خرج عطاؤه تصدَّق به

وأكل من سفيف يده)

[3211] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/197-198)

ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (21/434).

- نماذج في القناعة عند السلف

- (وقال زمعة بن صالحٍ: كتب إلى أبي حازمٍ بعض

بني أمية يعزم عليه إلا رفع إليه حوائجه

فكتب إليه: أما بعد، فقد جاءني كتابك تعزم علي

أن أرفع إليك حوائجي، وهيهات

قد رفعت حوائجي إلى ربي

ما أعطاني منها قبلت، وما أمسك علي منها قنعت)

[3214] ((القناعة)) لابن السني (ص40).

- (وعن حفصٍ الجعفي، قال: ورث داود الطائي من أمه

أربع مائة درهمٍ، فمكث يتقوت بها ثلاثين عامًا

فلما نفدت، جعل ينقض سقوف الدويرة، فيبيعها.

- وقال عطاء بن مسلمٍ: عاش داود عشرين سنةً

بثلاث مائة درهمٍ)

[3215] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (7/424).

- (وذكر إبراهيم بن السري الزجاج:

أنه كان يجري على أبي جعفرٍ في الشهر أربعة دراهم

يتقوت بها. قال: وكان لا يسأل أحدًا شيئًا)

[3216] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (13/546).

نموذج في القناعة عند العلماء المعاصرين

الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي:

كان الشنقيطي قنوعًا بما رزقه الله، زاهدًا في الدنيا

عفيفًا عما في أيدي الناس

كريمًا بما يملك. وقد ذكر عنه بعض أقاربه وطلابه

شيئًا من قناعته وزهده، نذكر طرفًا منها:

قال عنه ابنه عبد الله: (كان رحمه الله لا يريد الدنيا

ولا يهتم بها، ويحرص على الاقتصاد. ويقول:

الذي يفرحنا أن الدنيا لو كانت ميتة

لأباح الله منها سد الخلة.

وكان يقول: لم أقترض قطُّ لأحد، ولم أبع، ولم أشتر

وترك لي والدي ثروة، فكنت أعيش منها

وكان عندي كنز عظيم أرجو الله

أن لا يضيع مني؛ هو القناعة.

وقال عنه أيضًا: أنَّه كان في المدينة

وكان لا يوجد عنده أي مال

وقد وعده أحد جيرانه أن يقترض له مالًا.

ولما أراد الشيخ رحمه الله أن يأتيه وجده يشتغل

وعليه ملابس متبذلة، فرجع عنه وكأنه

وجد في نفسه قليلًا أنه في عازة.

قال: ولم أشعر حتى خررت ساجدًا

في الطريق في الغبار

ورفعت رأسي وعندي فرح ونشوة لا يعلمها إلا الله

إكرامًا لما أعطاني من العلم، فكيف أريد دنيا

وربي أكرمني بالعلم، وبفهم كتاب الله.

فذهبت إلى البيت وكأنَّ الدنيا كملت لي

لاستشعاري نعمة الله علي بما أعطاني من فهم القرآن.

وقد سد الله لي تلك الحاجة من غير أن أسأل أحدًا

ونذهب لأحد، إكرامًا منه وفضلًا)

[3217] ((جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

في تقرير عقيدة السلف)) لعبد العزيز الطويان (1/38).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

الامل شعاري
2020-12-31, 07:45
بارك الله فيك.

parenses4680
2020-12-31, 23:18
بارك الله فيك اخي

*عبدالرحمن*
2021-01-01, 06:06
بارك الله فيك.

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-01, 06:07
بارك الله فيك اخي

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-01, 06:25
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

مراتب القناعة

قال الماوردي:

(والقناعة قد تكون على ثلاثة أوجهٍ:

فالوجه الأول:

أن يقنع بالبلغة من دنياه

البُلْغَةُ : ما يكفي لسدّ الحاجة

ويصرف نفسه عن التعرُّض لما سواه.

وهذا أعلى منازل القناعة.

والوجه الثاني:

أن تنتهي به القناعة إلى الكفاية

ويحذف الفضول والزيادة.

وهذه أوسط حال المقتنع.

والوجه الثالث:

أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف على ما سنح

فلا يكره ما أتاه وإن كان كثيرًا

ولا يطلب ما تعذَّر وإن كان يسيرًا.

وهذه الحال أدنى منازل أهل القناعة

لأنها مشتركةٌ بين رغبةٍ ورهبةٍ.

أما الرغبة؛ فلأنه لا يكره الزيادة على الكفاية إذا سنحت.

وأما الرهبة؛ فلأنه لا يطلب المتعذر

عن نقصان المادة إذا تعذرت)

[3187] ((أدب الدنيا والدين)) (126-127).

موانع اكتساب القناعة

1- الإكثار من مجالسة ذوي الأموال والمترفين.

2- طلب الزيادة عن الكفاية، والتوسع في جمع الأموال.

3- ترك قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته.

4- قلة تذكر الموت والدار الآخرة.

5- الانغماس في شهوات الدنيا.

6- التوسع في المباحات والإكثار منها.

الأسباب المعينة على اكتساب القناعة:

1- اكتفاء الإنسان بما رُزق.

2- الاطلاع على سيرة السلف الصالح

وزهدهم وقناعتهم، والاقتداء بهم.

3- الاقتصاد في الإنفاق، وعدم الإسراف والتبذير.

4- الإلحاح في الدعاء بأنَّ يرزقه الله القناعة

كما فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

5- الإيمان الجازم بأنَّ الأرزاق مقدرة مقسومة.

6- تعويد النفس على القناعة، والبعد عن الحرص والطمع.

7- تقوية الإيمان بالله تعالى.

8- النظر إلى من هو أقل منه في الرزق

ولا ينظر إلى من هو أعلى منه

[3188] ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم:

((انظروا إلى من أسفل منكم

ولا تنظروا إلى من هو فوقكم

فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم))

رواه مسلم (2963).

9- الاعتقاد بأن الله سبحانه جعل التفاوت في الأرزاق

بين الناس لحكمة يعلمها.

10- تذكر الموت وزيارة القبور.

11- قراءة القرآن والتأمل في الآيات القرآنية

التي تناولت قضية الرزق والمعيشة.

12 أن يعلم أنَّ في القناعة عزة للنفس

وفي الطمع ذل ومهانة.

13- أن يعرف أنَّ في جمع المال انشغال القلب به.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ القناعة

أنس حبوب
2021-01-01, 12:57
ما شاء الله يا أعضاء إستمروا

*عبدالرحمن*
2021-01-02, 05:48
ما شاء الله يا أعضاء إستمروا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2021-01-02, 06:06
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موعظة عمر بن عبد العزيز في القناعة:

(قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

من وعظ أخاه بنصيحةٍ له في دينه

ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته

وأدى واجب حقه، فاتقوا الله

فإنها نصيحةٌ لكم في دينكم فاقبلوها

وموعظةٌ منجيةٌ من العواقب فالزموها

فالرزق مقسومٌ، ولن يعدو المرء ما قسم له

فأجملوا في الطلب، فإنَّ في القنوع سعةً وبلغةً

وكفًّا عن كَلَفةٍ، لا يحل الموت في أعناقكم

وجهته أيامكم ، وما ترون ذاهبٌ

وما مضى كأن لم يكن، وكل ما هو آتٍ قريبٌ

أما رأيتم حالات المنيب وهو يشرف ويعد فراغه

وقد ذاق الموت وعائلهم تعجيل إخراج أهله إياه

من داره إلى قبره، وسرعة انصرافهم إلى مسكنه

وجهه مفقودٌ، وذكره منسي، وبابه عن قليلٍ مهجورٌ

كأن لم يخالط إخوان الحفاظ، ولم يعمر الديار

فاتقوا يومًا لا تخفى فيه مثقال حبةٍ في الموازين)

[3219] ((القناعة والتعفف)) لابن أبي الدنيا (ص 64).

موعظة وهب بن منبه لعطاء الخرساني في القناعة:

(قال وهب بن منبهٍ لعطاءٍ الخراساني:

ويحك يا عطاء! ألم أخبر أنك تحمل علمك

إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا

ويحك يا عطاء! تأتي من يغلق عنك بابه

ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه!

وتدع من يفتح لك بابه ويظهر لك غناه

ويقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]

. يا عطاء أترضى بالدون من الدنيا مع الحكمة

ولا ترضى بالدون من الحكمة مع الدنيا؟!

ويحك يا عطاء! إن كان يغنيك ما يكفيك

وإنَّ أدنى ما في الدنيا يكفيك

وإن كان لا يغنيك ما يكفيك

فليس في الدنيا شيءٌ يكفيك.

ويحك يا عطاء! إنما بطنك بحرٌ من البحور

ووادٍ من الأودية، ولا يملؤه شيءٌ إلا التراب)

[3220] ((القناعة والتعفف)) لابن أبي الدنيا (67-68).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

أقوال الأدباء والحكماء في القناعة (https://dorar.net/akhlaq/1229/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9)

أمثال في القناعة (https://dorar.net/akhlaq/1231/%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9)

القناعة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1233/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2021-01-02, 14:37
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ العفة

معنى العفة لغةً:

مصدر عفَّ يقال: عَفَّ عن الحرام يعِفُّ عِفَّةً وعَفًّا

وعَفَافَةً أي: كفَّ

فهو عَفٌّ وعَفِيفٌ والمرأة عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ وأعَفَّهُ الله

واسْتَعَفَّ عن المسألة أي: عفَّ، وتَعَفَّفَ: تكلف العِفَّةَ.

والعِفة الكَفُّ عما لا يَحِلُّ ويَجْمُل

والاسْتِعْفاف طلَبُ العَفافِ

[2592] ((لسان العرب)) لابن منظور (9/253).

((مختار الصحاح)) للرازي (4/1405)

معنى العفة اصطلاحًا:

هي: (هيئة للقوة الشهوية متوسطة

بين الفجور الذي هو إفراط هذه القوة

والخمود الذي هو تفريطها

فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة)

[2593] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 151).

وقيل هي: (ضبط النفس عن الشهوات

وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد

ويحفظ صحته فقط، واجتناب السَّرف

في جميع الملذات وقصد الاعتدال)

[2594] ((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 21)

وقيل هي: (ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية

وهي حالة متوسطة من إفراط وهو الشره

وتفريط وهو جمود الشهوة)

[2595] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة))

للراغب الأصفهاني (ص 318)

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-03, 05:32
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في العفة في القرآن الكريم

- قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ

ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ

وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ

عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ

أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ

أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ

أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ

أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ

وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:30-31].

- وقال سبحانه: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا

حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور: 33].

(أي: ليطلب العفة عن الحرام والزنا الذين لا يجدون

ما لا ينكحون به للصداق والنفقة،

حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أي: يوسع عليهم من رزقه)

[2596] ((معالم التنزيل)) للبغوي (6/41).

- وقال سبحانه: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ

نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ

غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور: 60].

(وقوله: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ

أي: وترك وضعهنَّ لثيابهنَّ

وإن كان جائزًا خير وأفضل لهن، والله سميع عليم)

[2597] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/84)

- وقال سبحانه: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ

مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا

وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم [البقرة: 273].

يحسبهم (... الْجَاهِلُ بحالهم أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ

أي: من تعففهم عن السؤال وقناعتهم

يظن من لا يعرف حالهم أنهم أغنياء

والتعفف التفعل من العفة وهي الترك

يقال: عفَّ عن الشيء إذا كف عنه

وتعفف إذا تكلف في الإمساك.

تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ السيماء والسيمياء

والسمة: العلامة التي يعرف بها الشيء

واختلفوا في معناها هاهنا

فقال مجاهد: هي التخشع والتواضع

وقال السدي: أثر الجهد من الحاجة والفقر

وقال الضحاك: صفرة ألوانهم من الجوع والضر

وقيل رثاثة ثيابهم

لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا قال عطاء: إذا كان عندهم

غداء لا يسألون عشاءً، وإذا كان عندهم عشاء

لا يسألون غداءً

وقيل: معناه لا يسألون الناس إلحافًا أصلًا

لأنه قال: من التعفف، والتعفف ترك السؤال)

[2598] ((معالم التنزيل)) للبغوي (1/338).

- وقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ

فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا

إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ

وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ

أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [النساء:6].

(أي: من كان في غُنْية عن مال اليتيم فَلْيستعففْ عنه

ولا يأكل منه شيئًا.

قال الشعبي: هو عليه كالميتة والدم)

[2599] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/216).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-04, 05:33
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في العفة في السنة النبوية

- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ثلاثة حقٌّ على الله عونهم:

المجاهد في سبيل الله

والمكاتب الذي يريد الأداء

والناكح الذي يريد العفاف))

[2600] رواه الترمذي (1655)، والنسائي (3120)

وابن ماجه (2518). وحسنه الترمذي

والبغوي في ((شرح السنة)) (5/6)

وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/5)

وجوَّد إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (765).

(أي العفة من الزنا .

قال الطِّيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانًا

بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان

وتقصم ظهره، لولا أنَّ الله تعالى يعينه

عليها لا يقوم بها، وأصعبها العفاف

لأنَّه قمع الشهوة الجبلِّية المركوزة فيه

وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين

فإذا استعفَّ وتداركه عون الله تعالى ترقَّى

إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين)

[2601] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (5/296).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة:

اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم

وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم

وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم))

[2602] رواه أحمد (5/323) (22809)

وابن حبان (1/506)، والحاكم (4/399).

وصحح إسناده الحاكم

وقال الذهبي في ((المهذب)) (5/2451): إسناده صالح.

قال ابن عبد البرِّ في شرحه لهذا الحديث:

(اضمنوا لي ستًّا: من الخصال ((من أنفسكم))

بأن تداوموا على فعلها ((أضمن لكم الجنة))

أي دخولها ((اصدقوا إذا حدثتم))

أي: لا تكذبوا في شيء من حديثكم

إلا إن ترجح على الكذب مصلحة

أرجح من مصلحة الصدق في أمر مخصوص

كحفظ معصوم ((وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم)).

قال البيهقي: ودخل فيه ما تقلَّد المؤمن بإيمانه من العبادات

والأحكام، وما عليه من رعاية حق نفسه، وزوجه

وأصله، وفرعه، وأخيه المسلم، من نصحه

وحق مملوكه، أو مالكه، أو موليه

فأداء الأمانة في كل ذلك واجب

((واحفظوا)) أيها الرجال والنساء ((فروجكم))

عن فعل الحرام لثنائه تعالى على فاعليه بقوله:

وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ [الأحزاب: 35]

((وغضُّوا أبصاركم)) كفوها عما لا يجوز النظر إليه

((وكفُّوا أيديكم)) امنعوها من تعاطي

ما لا يجوز تعاطيه شرعًا، فلا تضربوا بها

من لا يسوغ ضربه، ولا تناولوا بها مأكولًا

أو مشروبًا حرامًا، ونحو ذلك

فمن فعل ذلك؛ فقد حصل على رتبة الاستقامة

المأمور بها في القرآن، وتخلقوا بأخلاق أهل الإيمان

[2603] ((فيض القدير)) للمناوي (1/683).

- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال:

((إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم. حتى إذا نفد ما عنده.

قال: ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم.

ومن يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنه الله.

ومن يصبر يصبره الله.

وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر))

[2604] رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053).

قال ابن عبد البر:

(فيه الحض على التعفف والاستغناء بالله عن عباده

والتصبر، وأنَّ ذلك أفضل ما أعطيه الإنسان

وفي هذا كلِّه نهي عن السؤال

وأمر بالقناعة والصبر)

[2605] ((التمهيد)) لابن عبد البر (10/133).

- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((سرحتني

[2606] السرح: الإرسال. يقال: سرح إليه رسولًا:

أي أرسله. ((تاج العروس)) للزبيدي (6/463).

أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأتيته وقعدت فاستقبلني وقال:

من استغنى أغناه الله عز وجل

ومن استعفَّ أعفَّه الله عزَّ وجلَّ

ومن استكفى كفاه الله عزَّ وجلَّ

ومن سأل وله قيمة أوقية

فقد ألحف. فقلت: ناقتي الياقوتة

خير من أوقية فرجعت ولم أسأله))

[2607] رواه النسائي (2595)، وأحمد (3/9) (11075).

وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/329)

وجود إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (5/401).

- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:

((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))

[2608] رواه مسلم (2721).

قال النووي:

(أما العفاف والعفة؛ فهو التنزه عما لا يباح

والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس

والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم)

[2609] ((شرح صحيح مسلم)) (17/41).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

aymen1995
2021-01-04, 13:56
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2021-01-05, 04:55
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و بارك الله فيك اخي الفاضل

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-05, 05:05
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام العفة

(العفة نوعان: أحدهما العفة عن المحارم

والثاني العفة عن المآثم.

فأما العفة عن المحارم فنوعان:

أحدهما: ضبط الفرج عن الحرام.

والثاني: كف اللسان عن الأعراض.

فأما ضبط الفرج عن الحرام

فلأنه مع وعيد الشرع

وزاجر العقل معرة فاضحة، وهتكة واضحة)

[2625] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (321).

(وأما العفة عن المآثم فنوعان:

أحدهما: الكف عن المجاهرة بالظلم

والثاني: زجر النفس عن الإسرار بخيانة)

[2626] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي، بتصرف (ص 329) .

صور العفة

1- العفة عما في أيدي الناس:

وهي أن يعفَّ عما في أيدي الناس، ويترك مسألتهم

فعن ثوبان رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا

وأتكفَّل له بالجنة)).

فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا

[2629] رواه أبو داود (1643)

وأحمد (5/276) (22428)، والحاكم (1/571).

وصحح إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/39)

وصحح إسناده النووي في ((رياض الصالحين)) (237)

وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (1643).

2- العفة عما حرم الله:

وهي أن يعفَّ عن المحرمات والفواحش.

ونذكر هنا عفة نبي الله يوسف عليه السلام

حيث وجدت دواعي الفتنة

ولم يستسلم أمام التهديدات والإغراءات.

3- كف اللسان عن الأعراض:

يجب على المسلم كف لسانه عن أعراض الناس

وأن لا يقول إلا طيبًا.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((المسلم من سلم المسلمون من لسانه، ويده

والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه))

[2630] رواه البخاري (10).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-05, 17:38
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من عفة النبي صلى الله عليه وسلم

- كان النبي صلى الله عليه وسلم

في أعلى درجات العفة

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

أخذ الحسن بن علي تمرة

من تمر الصدقة فجعلها في فيه

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كخ كخ

[2657] كخ كخ: هو زجر للصبي وردع.

ويقال عند التقذر أيضًا فكأنه أمره بإلقائها

من فيه وتكسر الكاف وتفتح وتسكن الخاء

وتكسر بتنوين وغير تنوين.

((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (4/273).

رم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة))

[2658] رواه البخاري (1491)، ومسلم (1069).

- وعنه أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((إني لأنقلب إلى أهلي

فأجد التمرة ساقطة على فراشي

ثم أرفعها لآكلها

ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها))

[2659] رواه البخاري (2432)، ومسلم (1070).

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:

مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق قال:

((لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها))

[2660] رواه البخاري (2431).

عفة يوسف عليه السلام

فقد أخبر الله سبحانه (عن عشق امرأة العزيز ليوسف

وما راودته وكادته به

وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه

مع أن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله

فإن مواقعة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع

وكان الداعي هاهنا في غاية القوة.

وذلك من وجوه:

أحدها: ما ركَّبه الله سبحانه في طبع الرجل

من ميله إلى المرأة.

الثاني: أنَّ يوسف عليه السلام كان شابًّا

وشهوة الشباب وحدَّته أقوى.

الثالث: أنَّه كان عزبًا

ليس له زوجة ولا سرية تكسر شدة الشهوة.

الرابع: أنَّه كان في بلاد غربة

يتأتَّى للغريب فيها من قضاء الوطر

ما لا يتأتى له في وطنه وبين أهله ومعارفه.

الخامس: أنَّ المرأة كانت ذات منصب وجمال

بحيث إنَّ كلَّ واحد من هذين الأمرين يدعو إلى مواقعتها.

السادس: أنها غير ممتنعة ولا آبية.

السابع: أنها طلبت وأرادت وبذلت الجهد

فكفته مؤنة الطلب، وذلَّ الرغبة إليها

بل كانت هي الراغبة الذليلة

وهو العزيز المرغوب إليه.

الثامن: أنَّه في دارها، وتحت سلطانها وقهرها

بحيث يخشى إن لم يطاوعها من أذاها له

فاجتمع داعي الرغبة والرهبة.

التاسع: أنَّه لا يخشى أن تنمَّ عليه هي ولا أحد من جهتها

فإنها هي الطالبة الراغبة

وقد غلَّقت الأبواب، وغيَّبت الرقباء.

العاشر: أنَّه كان في الظاهر مملوكًا لها في الدار

بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها، ولا ينكر عليه

وكان الأنس سابقًا على الطلب

وهو من أقوى الدواعي.

الحادي عشر: أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال

فأرته إياهنَّ، وشكت حالها إليهن؛ لتستعين بهنَّ عليه.

الثاني عشر: أنها توعدته بالسجن والصغار

وهذا نوع إكراه.

الثالث عشر: أنَّ الزوج لم يظهر منه الغيرة والنخوة

ما يفرق به بينهما، ويبعد كلًّا منهما عن صاحبه

بل كان غاية ما قابلها به أن قال ليوسف:

أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وللمرأة:

وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ

وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع

وهنا لم يظهر منه غيرة.

ومع هذه الدواعي كلها فآثر مرضاة الله وخوفه

وحمله حبه لله على أن اختار السجن على الزنى:

قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ.

وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه

وأنَّ ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه كيده

صبا إليهنَّ بطبعه، وكان من الجاهلين

وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه)

[2654] ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص 208) بتصرف.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-06, 05:55
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السلف والعلماء في العفة

- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

وهو على المنبر:

(لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب

فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها

ولا تكلفوا الصغير الكسب

فإنه إذا لم يجد يسرق،

وعفُّوا إذا أعفَّكم الله

وعليكم من المطاعم بما طاب منها)

[2611] رواه مالك (2/981) (42)

موقوفًا على عثمان بن عفان رضي الله عنه.

- وقال محمد بن الحنفية

(الكمال في ثلاثة: العفة في الدين

والصبر على النوائب، وحسن التدبير في المعيشة)

[2614] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (329).

- وقال عمر بن عبد العزيز:

(خمس إذا أخطأ القاضي منهن خصلة

كانت فيه وصمة: أن يكون فهمًا

حليمًا عفيفًا صليبًا

[2616] صليبًا: من الصلابة بوزن عظيم

أي قويًا شديدًا يقف عند الحق ولا يميل مع الهوى

ويستخلص حق المحق من المبطل ولا يجابيه.

((فتح الباري)) لابن حجر (13/149).

عالـمًا سؤولًا عن العلم)

[2617] رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (7163).

- وقال أيوب السختياني:

(لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان:

العفة عن أموال الناس، والتجاوز عنهم)

[2618] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة))

للراغب الأصفهاني (ص 319).

- وقال الحسن البصري: (لا يزال الرجل كريمًا

على الناس حتى يطمع في دينارهم

فإذا فعل ذلك استخفوا به

وكرهوا حديثه وأبغضوه).

- وقال الشافعي: (الفضائل أربع: إحداها:

الحكمة، وقوامها الفكرة.

والثانية: العفَّة، وقوامها الشهوة.

والثالثة: القوة، وقوامها الغضب.

والرابعة: العدل، وقوامه في اعتدال قوى النفس).

- وقال أبو حاتم البستي:

(أعظم المصائب: سوء الخلق، والمسألة من الناس

والهم بالسؤال نصف الهرم، فكيف المباشرة بالسؤال

ومن عزت عليه نفسه، صغرت الدنيا في عينيه

ولا ينبل الرجل حتى يعفَّ عما في أيدي الناس

ويتجاوز عما يكون منهم، والسؤال من الإخوان ملال

ومن غيرهم ضد النوال)

[2619] ((روضة العقلاء)) (ص 146).

- وعن المديني قال: (كان يقال: مروءة الصبر

عند الحاجة والفاقة بالتعفف

والغنى أكثر من مروءة الإعطاء)

[2620] ((روضة العقلاء)) (ص 151).

المُرُوءَةُ : آدابٌ نفسانيَّةٌ تحمِلُ مُراعاتُها الإنسانَ

على الوقوف عند محاسِن الأخلاق وجميل العادات

أَو هي كمال الرُّجوليَّة

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-07, 05:49
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أساس العفة وتمامها

قال الراغب الأصفهاني وهو يبين أساس وتمام العفة

: (وأساسها يتعلق: بضبط القلب

عن التطلع للشهوات البدنية

وعن اعتقاد ما يكون جالبًا للبغي والعدوان.

وتمامها يتعلق: بحفظ الجوارح

فمن عدم عفة القلب يكون منه التمني وسوء الظنِّ

اللذان هما أسُّاس كلِّ رذيلة

لأن من تمنى ما في يد غيره حسده

وإذا حسده عاداه، وإذا عاداه نازعه

وإذا نازعه ربما قتله.

ومن أساء الظنَّ عادى وبغى وتعدى

ولذلك نهى الله سبحانه عنهما جميعًا فقال

: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء: 32]

وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا

مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم [الحجرات: 12]

فأمر فيهما بقطع شجرتين يتفرع عنهما جلُّ الرذائل والمآثم.

ولا يكون الإنسان تامَّ العفة

حتى يكون عفيف اليد، واللسان، والسمع، والبصر.

فمن عدمها في اللسان:

السخرية، والتجسس، والغيبة

والهمز، والنَّمِيمَة، والتنابز بالألقاب.

ومن عدمها في البصر:

مدُّ العين إلى المحارم

وزينة الحياة الدنيا المولدة للشهوات الرديئة.

ومن عدمها في السمع:

الإصغاء إلى المسموعات القبيحة.

وعماد عفة الجوارح كلِّها

ألا يطلقها صاحبها في شيء مما يختص بكلِّ واحد منهما

إلا فيما يسوغه العقل والشرع دون الشهوة والهوى

[2628] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص 318).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

leonette
2021-01-07, 16:06
بارك الله فيك اخي الفاضل

*عبدالرحمن*
2021-01-08, 05:04
بارك الله فيك اخي الفاضل

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة

و جزاكِ الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-08, 05:29
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على العفة

1- أن يتقي الله في سره وعلانيته:

قال الله تعالى:

وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ

وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:3]

ويقول تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر: 19]

قال ابن عباس في قوله تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ

قال: (هو الرجل يكون بين الرجال

فتمر بهم امرأة فينظر إليها

فإذا نظر إليه أصحابه غضَّ بصره)

[2641] ((تفسير القرآن))

لأبي المظفر السمعاني (5/13).

2- أن يدعو الله بأن يصرف عنه السوء والفحشاء:

قال سبحانه وتعالى عن نبيه يوسف عليه السلام

وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ

فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف: 33-34]

قال ابن تيمية: (فلا بد من التقوى بفعل المأمور

والصبر على المقدور

كما فعل يوسف عليه السلام اتقى الله

بالعفة عن الفاحشة، وصبر على أذاهم له

بالمراودة والحبس، واستعان الله ودعاه

حتى يثبته على العفة، فتوكل عليه

أن يصرف عنه كيدهن، وصبر على الحبس)

[2642] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/131).

3- تنشئة الأبناء على التربية الإسلامية:

التربية الإسلامية من أهم الوسائل المعينة على العفة

والتي ينبغي فيها مراعاة غرس الفضيلة

والعفة في الأبناء، والتربية على الالتزام

بالأحكام الشرعية منذ نعومة أظفارهم.

4- الزواج:

الزواج المبكر من أقوى الوسائل المعينة للعفاف

قال صلى الله عليه وسلم:

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة

[2643] الباءة: الجماع. ((شرح النووي على مسلم)) (9/173).

فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج

ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء

[2644] الوجاء: فبكسر الواو وبالمد

وهو رض الخصيتين والمراد هنا أن الصوم يقطع

الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء.

((شرح النووي على مسلم)) (9/173).

[2645] رواه البخاري (5065)، ومسلم (1400)

واللفظ له، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

5- سد الذرائع التي تؤدي إلى الفساد:

- عدم الخلوة بالمرأة الأجنبية:

قال صلى الله عليه وسلم:

إيَّاكُمْ والدُّخُولَ علَى النِّساءِ

فقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: يا رَسولَ اللَّهِ

أفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قالَ: الحَمْوُ المَوْتُ.

رواه البخاري 5232

حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ

مِنَ الدُّخولِ على النِّساءِ الأجنبيَّاتِ والخَلوةِ بهنَّ

فقال: "إيَّاكم والدُّخولَ على النِّساءِ"

فإنَّه ما خَلا رجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثالثَهما

فإنَّ النُّفوسَ ضعيفةٌ، والدَّوافعَ إلى المعاصي قويَّةٌ

"فقالَ رجلٌ مِنَ الأنصارِ يا رسولَ اللهِ، أفرأيتَ الحَموَ؟"

والحَموُ، هو قريبُ الزَّوجِ كالأخِ والأبِ والعمِّ ونحوِ ذلك

قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "الحموُ الموتُ"

أي: إنَّ دخولَ وخلوةَ أقاربِ الزَّوجِ يجبُ

أنْ تُجتنبَ كما يُجتنَبُ الموتُ

أو المعنى أنَّ دخولَ أقاربِ الزَّوجِ على المرأةِ كالموتِ

لأنَّه يؤدِّي إلى موتِ الدِّينِ في القلوبِ؛

وذلك لأنَّ دخولَه أخطرُ مِن دخولِ الأجنبيِّ

وأقربُ إلى وقوعِ الجريمةِ

لأنَّ النَّاسَ يَتساهلونَ بِخِلْطةِ الرَّجلِ بزَوجةِ أخيهِ

والخَلوةِ بها فيدخلُ بدونِ نكيرٍ

فيكونُ الشَّرُّ منه أكثرَ والفتنةُ به أمكَنَ.

وفي الحديثِ: النَّهيُ عَنِ الدُّخولِ على الأجنبيَّاتِ

والخَلوةِ بهنَّ؛ سدًّا لذريعةِ وقوعِ الفاحشةِ.

وفيه: الابتعادُ عَن مَواطنِ الزَّللِ عامَّةً

خشيةَ الوقوعِ في الشَّرِّ

وقال:صلى الله عليه وسلم:

((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما))

رواه الترمذي 2165

قال ابن تيمية: (ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية

لأنها مظنة الفتنة. والأصل أن كل ما كان سببًا للفتنة

فإنه لا يجوز؛ فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدُّها

إذا لم يعارضها مصلحة راجحة

ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرمًا

إلا إذا كان لمصلحة راجحة

مثل: نظر الخاطب، والطبيب، وغيرهما

فإنَّه يباح النظر للحاجة؛ لكن مع عدم الشهوة)

[2648] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/251).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ العفة

*عبدالرحمن*
2021-01-08, 15:02
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال الوسائل المعينة على العفة

5- سد الذرائع التي تؤدي إلى الفساد:

- عدم التبرج:

قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ

تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33].

- الاستئذان عند الدخول:

وقد جعل الاستئذان من أجل البصر

كما قال صلى الله عليه وسلم، وقال سبحانه:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ

حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور: 27].

- غض البصر:

قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ

وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور: 30].

قال ابن القيم:

(فلما كان غض البصر أصلا لحفظ الفرج بدأ بذكره...

وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب

فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته

وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته)

[2649] ((روضة المحبين)) (ص 92).

- التفريق في المضاجع:

لابد من التفريق في المضاجع بين الأولاد

كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم:

((مروا أولادكم بالصلاة لسبع

واضربوهم عليها لعشر

وفرقوا بينهم في المضاجع)

[2652] رواه أبو داود (495)، وأحمد (2/187) (6756)

من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه

. صححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (3/238)

وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (29/186)

والألباني في ((الإرواء)) (298)

وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (11/36).

(فهذا الحديث نصٌّ في النهي

عن بداية الاختلاط داخل البيوت

إذا بلغ الأولاد عشر سنين

فواجب على الأولياء التفريق بين أولادهم في مضاجعهم

وعدم اختلاطهم، لغرس العفة والاحتشام في نفوسهم

وخوفًا من غوائل الشهوة التي تؤدي إليها

هذه البداية في الاختلاط

ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه)

[2653] ((حراسة الفضيلة)) لبكر أبو زيد (ص 129).

6- إقامة الحدود:

فإقامة الحدود تردع لمن تسول له نفسه

أن يقوم بأمر حذر منه الشارع.

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

شروط العفة (https://dorar.net/akhlaq/1007/%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D8%A9)

نماذج في العفة (https://dorar.net/akhlaq/1017/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D8%A9)

العفة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1028/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2021-01-09, 05:24
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ الوَرَع

معنى الورع لغةً:

الورع: التَّـقْوَى، والتَّحَرُّج

والكَفُّ عن المحارِم. من وَرِعَ الرَّجُلُ

كوَرِثَ، والورِع، بكسر الرَّاءِ: الرجلُ التَّقِي المتَحَرِّج

والورَعُ في الأصل: الكَفُّ عن المحارِم والتحَرُّج منه

ثم اسْتعِير للكفِّ عن المباح والحلالِ

[3967] انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/388).

و((تاج العروس)) للزبيدي (22/313).

معنى الورع اصطلاحًا:

الورع: هو اجتناب الشبهات

خوفًا من الوقوع في المحرمات

[3968] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 252).

وعرفه القرافي بقوله:

(ترك ما لا بأس به؛ حذرًا مما به البأس)

[3969] ((الفروق)) (4/210).

وقال الكفوي:

(الورع: الاجتناب عن الشبهات

سواء كان تحصيلًا أو غير تحصيل)

[3970] إذ قد يفعل المرء فعلًا تورعًا

وقد يتركه تورعًا أيضًا، ويستعمل بمعنى التقوى

وهو الكفُّ عن المحرمات القطعية.

((الكليات)) لأبي البقاء (ص 944).

الفرق بين الزهد والورع

قال ابن القيم: (والفرق بينه وبين الورع:

أنَّ الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

والورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة)

[3971] ((الفوائد)) (ص 181).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

*عبدالرحمن*
2021-01-10, 05:14
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الترغيب في الورع من السنة النبوية

- عن سعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما:

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((فضل العلم أحبُّ إليَّ من فضل العبادة

وخير دينكم الورع))

[3972] رواه الحاكم (1/170) (314)

والبيهقي في ((الآداب)) (1/335) (830).

حسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/72)

وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4214).

قال المناوي: (لأنَّ الوَرِع دائم المراقبة للحقِّ

مستديم الحذر أن يمزج باطلًا بحقٍّ

كما قال الحبر: كان عمر كالطير الحذر.

والمراقبة توزن بالمشاهدة

ودوام الحذر يعقب النجاة والظفر)

[3973] ((فيض القدير)) (3/487).

- وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت

من رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك

فإنَّ الصدق طمأنينة، وإنَّ الكذب ريبة))

قال ابن حجر: (قوله: ((يريبك)).

بفتح أوله ويجوز الضمُّ، يقال: رابه يريبه بالفتح

وأرابه يريبه بالضمِّ ريبة، وهي الشكُّ والتردد

والمعنى إذا شككت في شيء فدعه

وترك ما يُشَكُّ فيه أصل عظيم في الورع...

قال الخطابي: كلُّ ما شككت فيه، فالورع اجتنابه)

[3975] ((فتح الباري)) (5/52).

- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما:

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشبَّهات

لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتَّقى المشبَّهات

استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات

كراع يرعى حول الحِمَى يوشك أن يُواقعه

ألا وإنَّ لكلِّ ملك حمى

ألا إنَّ حمى الله في أرضه محارمه

ألا وإنَّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلُّه

وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب))

[3976] رواه البخاري (52) ومسلم (1599).

قال ابن رجب: (هذا الحديث حديث عظيم

وهو أحد الأحاديث التي مدار الدين عليها

وقد قيل: إنَّه ثلث العلم أو ربعه...

ومعنى الحديث: أنَّ الله أنزل كتابه

وبيَّن فيه حلاله وحرامه

وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ما خفي

من دلالة الكتاب على التحليل والتحريم

فصرَّح بتحريم أشياء غير مصرَّح بها في الكتاب

وإن كانت عامتها مستنبطة من الكتاب وراجعة إليه

فصار الحلال والحرام على قسمين:

أحدهما:

ما هو واضح لا خفاء به على عموم الأمة؛

لاستفاضته بينهم وانتشاره فيهم

ولا يكاد يخفى إلا على من نشأ ببادية بعيدة عن دار الإسلام

فهذا هو الحلال البيِّن والحرام البيِّن.

ومنه: ما تحليله وتحريمه لعينه

كالطيبات من المطاعم، والمشارب والملابس

والمناكح، والخبائث من ذلك كله.

ومنه: ما تحليله وتحريمه من جهة كسبه،

كالبيع، والنكاح، والهبة، والهدية، وكالربا

والقمار، والزنا، والسرقة

والغصب، والخيانة، وغير ذلك.

القسم الثاني:

ما لم ينتشر تحريمه وتحليله في عموم الأمة

لخفاء دلالة النص عليه

ووقوع تنازع العلماء فيه ونحو ذلك

فيشتبه على كثير من الناس

هل هو من الحلال أو من الحرام؟

وأمَّا خواص أهل العلم الراسخون فيه فلا يشتبه عليهم

بل عندهم من العلم الذي اختصوا به عن أكثر الناس

ما يستدلون به على حلِّ ذلك أو حرمته

فهؤلاء لا يكون ذلك مشتبهًا عليهم لوضوح حكمه عندهم.

أما من لم يصل إلى ما وصلوا إليه فهو مشتبه عليه

فهذا الذي اشتبه عليه إن اتقى ما اشتبه عليه حلَّه وحرمه

واجتنبه فقد استبرأ لدينه وعرضه

بمعنى أنه طلب لهما البراءة مما يشينهما

وهذا معنى الحديث الآخر:

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)).

وهذا هو الورع، وبه يحصل كمال التقوى)

[3977] ((فتح الباري)) (5/52).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

sawsen ben taieb
2021-01-10, 09:21
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد

*عبدالرحمن*
2021-01-11, 05:11
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقوال السلف والعلماء في الورع

- قال أبو الدرداء: (تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ

حتى يتقيه من مثقال ذرة

وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال

خشية أن يكون حرامًا، حجابًا بينه وبين الحرام)

[3978] رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (2/19)

- وقال الحسن: (مازالت التقوى بالمتقين

حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام).

- وقال الثوري: (إنما سموا المتقين

لأنهم اتقوا ما لا يُتَّقى. ورُوي عن ابن عمر قال:

إني لأحبُّ أن أدع بيني وبين الحرام

سترة من الحلال لا أخرقها).

- وقال ميمون بن مهران: (لا يسلم للرجل الحلال

حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال).

- وقال سفيان بن عيينة: (لا يصيب عبد حقيقة الإيمان

حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال

وحتى يدع الإثم وما تشابه منه)

[3979] ((فتح الباري)) لابن رجب (1/205).

- وقال إبراهيم بن أدهم: (الورع ترك كلِّ شبهة

وترك ما لا يعنيك هو ترك الفضلات).

- وقال الشبلي: (الورع أن يتورَّع

عن كلِّ ما سوى الله.

وقال إسحاق بن خلف: الورع في المنطق

أشدُّ منه في الذهب والفضة

والزهد في الرياسة أشدُّ منه في الذهب والفضة

لأنهما يبذلان في طلب الرياسة).

- وقال أبو سليمان الداراني:

(الورع أول الزهد، كما أنَّ القناعة أول الرضا).

- وقال يحيى بن معاذ:

(الورع الوقوف على حدِّ العلم من غير تأويل).

وقال: (الورع على وجهين: ورع في الظاهر

وورع في الباطن، فورع الظاهر أن لا يتحرك إلا لله

وورع الباطن هو أن لا تُدخل قلبك سواه).

وقال: (من لم ينظر في الدقيق من الورع

لم يصل إلى الجليل من العطاء).

- وقيل: (الورع الخروج من الشهوات، وترك السيئات).

- وقيل: (من دقَّ في الدنيا ورعه -

أو نظره - جلَّ في القيامة خطره).

- وقال يونس بن عبيد: (الورع الخروج من كلِّ شبهة

ومحاسبة النفس في كلِّ طرفة عين).

- وقال سفيان الثوري: (ما رأيت أسهل من الورع

ما حاك في نفسك فاتركه).

- وقال سهل: (الحلال هو الذي لا يُعصَى الله فيه

والصافي منه الذي لا ينسى الله فيه

وسأل الحسن غلامًا، فقال له: ما ملاك الدين؟

قال: الورع. قال: فما آفته؟

قال: الطمع. فعجب الحسن منه).

- وقال الحسن: (مثقال ذرةٍ من الورع

خيرٌ من ألف مثقال من الصوم والصلاة).

- وقال أبو هريرة:

(جلساء الله تعالى غدًا أهل الورع والزهد)

[3980] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (1/236).

- وقال بعض السلف: (لا يبلغ العبد حقيقة التقوى

حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس).

- وقال بعض الصحابة:

(كنا ندع سبعين بابًا من الحلال

مخافة أن نقع في بابٍ من الحرام)

[3981] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/25).

- وقال الهروي: (الورع توَقٍّ مستقصًى على حذر

وتحرُّجٌ على تعظيم)

[3982] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/25).

- وقال ابن مسكويه: (وأما الورع فهو لزوم الأعمال

الجميلة التي فيها كمال النفس)

[3983] ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص 29).

- وقال سفيان: (عليك بالورع يخفف الله حسابك

ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك

وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك)

[3984] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 112).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

*عبدالرحمن*
2021-01-12, 05:19
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أقسام الورع

قال ابن تيمية: (فأما الورع المشروع المستحب

الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم فهو:

اتقاء ما يخاف أن يكون سببًا للذمِّ والعذاب

عند عدم المعارض الراجح.

ويدخل في ذلك أداء الواجبات

والمشتبهات التي تشبه الواجب

وترك المحرمات والمشتبهات التي تشبه الحرام

وإن أدخلت فيها المكروهات قلت: نخاف أن يكون

سببًا للنقص والعذاب)

[3985] ((مجموع الفتاوى)) (20/137).

1- الورع الواجب:

(وأما الورع الواجب: فهو اتقاء ما يكون سببًا للذمِّ والعذاب

وهو فعل الواجب وترك المحرم

والفرق بينهما فيما اشتبه أمن الواجب هو أم ليس منه؟

وما اشتبه تحريمه أمن المحرم أم ليس منه؟

فأما ما لا ريب في حله فليس تركه من الورع

وما لا ريب في سقوطه فليس فعله من الورع.

وقولي (عند عدم المعارض الراجح)

فإنه قد لا يترك الحرام البيِّن، أو المشتبه

إلا عند ترك ما هو حسنة موقعها في الشريعة

أعظم من ترك تلك السيئة

مثل من يترك الائتمام بالإمام الفاسق

فيترك الجمعة والجماعة والحجَّ والغزو

وكذلك قد لا يؤدي الواجب البين

أو المشتبه إلا بفعل سيئةٍ أعظم إثمًا من تركه

مثل من لا يمكنه أداء الواجبات من الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر لذوي السلطان

إلا بقتال فيه من الفساد أعظم من فساد ظلمه.

والأصل في الورع المشتبه

قول النبي صلى الله عليه وسلم

((الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ

وبين ذلك أمور مشتبهات

لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس

فمن ترك الشبهات؛ استبرأ عرضه ودينه

ومن وقع في الشبهات

وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى

يوشك أن يواقعه))

[3986] رواه البخاري (52)، ومسلم (1599)

من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

وهذا في الصحيحين. وفي السنن قوله:

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))

[3987] رواه الترمذي (2516)، والنسائي (5711)

وأحمد (1/200) (1723). وصححه الترمذي

وصحح إسناده الحاكم، وصححه الذهبي.

و قوله: ((البرُّ ما اطمأنَّت إليه النفس، وسكن إليه القلب))

[3988] رواه أحمد (4/228) (18035)

من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه.

حسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/351)

وقوله في صحيح مسلم في رواية:

(البرُّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك

وإن أفتاك الناس))

[3989] رواه مسلم (2553)

وابن أبي الدنيا في ((التواضع والخمول)) (ص 224) واللفظ له.

(وإنه رأى على فراشه تمرة

فقال: لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها))

[3990] رواه البخاري (2431)، ومسلم (1071)

من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

[3991] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (20/137).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

*عبدالرحمن*
2021-01-13, 05:37
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

استكمال أقسام الورع

2- الورع الفاسد:

قال ابن تيمية: (كثيرٌ من الناس تنفر نفسه

عن أشياء لعادةٍ ونحوها، فيكون ذلك مما يقوِّي

تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهم في أوهام

وظنون كاذبة، فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد

فيكون صاحبه ممن قال الله تعالى فيه:

إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ [النجم: 23]

وهذه حال أهل الوسوسة في النجاسات

فإنهم من أهل الورع الفاسد المركب من نوع دين

وضعف عقل، وعلم، وكذلك ورع قوم يعدون غالب

أموال الناس محرمة أو مشتبهة أو كلها

وآلَ الأمر ببعضهم إلى إحلالها لذي سلطان

لأنَّه مستحقٌّ لها وإلى أنَّه لا يقطع بها يد السارق

ولا يحكم فيها بالأموال المغصوبة.

وقد أنكر حال هؤلاء الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره

وذم المتنطعين في الورع

وقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال:

((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

هلك المتنطعون. قالها ثلاثًا))

[3992] رواه مسلم (2670).

وورع أهل البدع كثيرٌ منه من هذا الباب

بل ورع اليهود والنصارى والكفار

عن واجبات دين الإسلام من هذا الباب

وكذلك ما ذمه الله تعالى في القرآن من ورعهم

عمَّا حرَّموه ولم يحرِّمه الله تعالى

كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام.

ومن هذا الباب الورع الذي ذمَّه

الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيح

لما ترخَّص في أشياء؛ فبلغه

أن أقوامًا تنزهوا عنها فقال:

((ما بال رجالٍ يتنزهون عن أشياء أترخَّص فيها

والله إني لأرجو أن أكون أعلمهم بالله وأخشاهم.

وفي رواية: أخشاهم وأعلمهم بحدوده له))

[3993] رواه البخاري (6101)

من طريق عائشة رضي الله عنها بلفظ:

((ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه،

فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية))

ورواه مسلم (2356) بلفظ آخر.

وكذلك حديث صاحب القبلة.

ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علمٍ كثيرٍ

بالكتاب والسنة والفقه في الدين

وإلا فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه

كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج

والروافض وغيرهم

. الثالثة: جهة المعارض الراجح. هذا أصعب من الذي قبله

فإنَّ الشيء قد يكون جهة فساده يقتضي تركه فيلحظه المتورع

ولا لحظ ما يعارضه من الصلاح الراجح

وبالعكس فهذا هذا. وقد تبين أنَّ من جعل الورع الترك فقط

وأدخل في هذا الورع أفعال قوم ذوي مقاصد صالحة

بلا بصيرة من دينهم، وأعرض عما فوتوه

بورعهم من الحسنات الراجحة، فإنَّ الذي فاته من دين الإسلام

أعظم مما أدركه، فإنَّه قد يعيب أقوامًا

هم إلى النجاة والسعادة أقرب)

[3994] ((مجموع الفتاوى)) (20/137).

3- الورع المندوب:

وهو الوقوف عن الشبهات

[3995] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة))

للراغب الأصفهاني (ص 323).

4- الورع الذي هو فضيلة:

وهو الكفُّ عن كثير من المباحات

والاقتصار على أقل الضرورات

وذلك للنبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين

[3996] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة))

للراغب الأصفهاني (ص 323).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

*عبدالرحمن*
2021-01-14, 05:26
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صور ومظاهر الورع

الورع له صور ومظاهر عدة

وقد ذكر ابن أبي الدنيا مظاهر للورع، منها:

1- الورع في النظر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه:

((لا تتبع النظرة النظرة

فإنَّ لك الأولى، وليست لك الآخرة))

[3999] رواه أبو داود (2149)، والترمذي (2777)

وقال الحاكم (2/212): صحيح على شرط مسلم.

عن أنس رضي الله عنه قال:

(إذا مرَّت بك امرأة، فغمِّض عينيك حتى تجاوزك)

[4000] رواه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص 66).

عن داود الطائي قال:

(كانوا يكرهون فضول النظر)

[4001] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 62).

وقال وكيع: خرجنا مع سفيان الثوري في يوم عيد

فقال: (إنَّ أول ما نبدأ به في يومنا غضُّ أبصارنا)

[4003] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 63).

2- الورع في السمع:

عن أبي هريرة رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((من استمع إلى حديث قومٍ لا يحبُّون

أن يستمع حديثهم، أذيب في أذنه الآنك))

[4004] رواه أحمد (2/504) (10556)

وابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص 73).

وعن نافع قال: (سمع ابن عمر مزمارًا - قال -

فوضع أصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق

وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئًا؟

قال فقلت لا. قال فرفع أصبعيه من أذنيه

وقال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم

فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا)

[4005] رواه أبو داود (4924)

وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4924).

3- الورع في الشم:

فعن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال

: (قدم على عمر رضي الله عنه مسكٌ

وعنبرٌ من البحرين، فقال عمر: والله لوددت أني أجد

امرأةً حسنةً تزن لي هذا الطيب

حتى أفرقه بين المسلمين.

فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل:

أنا جيدة الوزن، فهلمَّ أزن لك. قال: لا. قالت: ولم؟

قال: إني أخشى أن تأخذيه هكذا -وأدخل أصابعه

في صدغيه- وتمسحين عنقك

فأُصيب فضلًا عن المسلمين)

[4006] رواه أحمد في ((الزهد)) (ص 98)

وابن شبه في ((تاريخ المدينة)) (2/703).

وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله

(أنه أُتي بغنائم مسك؛ فأخذ بأنفه

فقالوا: يا أمير المؤمنين: تأخذ بأنفك لهذا؟

قال: إنما ينتفع من هذا بريحه

فأكره أن أجد ريحه دون المسلمين)

[4007] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 68).

4- الورع في اللسان:

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

أنه اطلع على أبي بكر رضي الله عنه وهو يمدُّ لسانه

فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟

قال: هذا أوردني الموارد

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((ليس شيءٌ من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدَّته))

[4008] رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص50)

والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/24) (4596).

وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (535):

صحيح الإسناد على شرط البخاري.

وعن الحسن بن حي قال: (فتشت عن الورع

فلم أجده في شيءٍ أقل منه في اللسان)

[4009] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 77).

وعن الفضيل بن عياض قال:

(أشدُّ الورع في اللسان)

[4010] ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص 77).

5- الورع في البطن:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا

وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين

فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51]

وقال: أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]

ثم ذكر العبد يطيل السفر أشعث أغبر

رافعًا يديه: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام

وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لهذا؟))

[4013] رواه مسلم (1015).

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((من استطاع منكم ألا يجعل في بطنه إلا طيبًا فليفعل

فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه))

[4014] رواه البخاري (7152)

وابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص86) واللفظ له.

6- الورع في الفتوى:

كان الصحابة ومن بعدهم من التابعين رضي الله عنهم

يتورعون أشدَّ الورع عن الفتوى

فكانوا يدفعون الفتوى عن أنفسهم، ولا يُقدمون عليها.

فعن البراء رضي الله عنه قال: (لقد رأيت ثلاثمائة

من أهل بدر، ما منهم من أحد

إلا وهو يحبُّ أن يكفيه صاحبُه الفتوى)

[4016] رواه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (8/276).

وقال ابن أبي ليلى: (أدركت مئةً وعشرين من الأنصار

من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

يُسأل أحدهم المسألة

فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا

حتى ترجع إلى الأول وما منهم من أحد يحدث بحديث

أو يُسأل عن شيء، إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه)

[4017] ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/61).

(كان ابن سيرين إذا سئل عن شيء من الحلال والحرام

تغير لونه وتبدل، حتى كأنه ليس بالذي كان.

وقال عطاء بن السائب: أدركت أقوامًا

إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء

فيتكلَّم وإنه ليرعد.

وروي عن مالك أنه كان إذا سئل عن مسألة

كأنه بين الجنة والنار)

[4018] ((مجموع رسائل ابن رجب)) (1/23).

وقال أبو حصين عثمان بن عاصم التابعي الجليل:

(إنَّ أحدهم ليفتي في المسألة

ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر)

[4020] ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/61).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

Ali Harmal
2021-01-14, 19:29
وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا يا دكتور على كل ما تنشرة وجعلة في ميزان حسناتك .

*عبدالرحمن*
2021-01-15, 04:55
وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا يا دكتور على كل ما تنشرة وجعلة في ميزان حسناتك .

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك اخي و صديقي الفاضل

و جزاك الله عنى كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-15, 05:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

درجات الورع

قال الهروي: (الورع على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى:

تجنُّب القبائح لصون النفس

وتوفير الحسنات، وصيانة الإيمان.

الدرجة الثانية:

حفظ الحدود عند ما لا بأس به

إبقاءً على الصيانة والتقوى

وصعودًا عن الدناءة، وتخلصًا عن اقتحام الحدود.

الدرجة الثالثة:

التورُّع عن كلِّ داعيةٍ تدعو إلى شتات الوقت

والتعلُّق بالتفرُّق، وعارض يعارض حال الجميع)

[3997] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/22).

وقال الغزالي: (الورع عن الحرام على أربع درجات:

الأولى: ورع العدول:

وهو الذي يجب الفسق باقتحامه، وتسقط العدالة به

ويثبت اسم العصيان، والتعرض للنار بسببه

وهو الورع عن كلِّ ما تحرمه فتاوى الفقهاء.

الثانية: ورع الصالحين:

وهو الامتناع عما يتطرق إليه احتمال التحريم

ولكن المفتي يرخص في التناول بناء على الظاهر

فهو من مواقع الشبهة على الجملة.

الثالثة: ما لا تحرِّمه الفتوى

ولا شبهة في حلِّه، ولكن يُخاف منه أداؤه إلى محرم

وهو ترك ما لا بأس به مخافة مما به بأس

وهذا ورع المتقين.

الرابعة: ما لا بأس به أصلًا

ولا يخاف منه أن يؤدي إلى ما به بأس

ولكنه يتناول لغير الله

وعلى غير نية التقوِّي به على عبادة الله

أو تتطرَّق إلى أسبابه المسهلة له كراهية

أو معصية، والامتناع منه ورع الصديقين)

[3998] ((إحياء علوم الدين)) (2/94).

مفاهيم مغلوطة في الورع:

(يقع الغلط في الورع من اتجاهات:

أحدها:

اعتقاد كثيرٍ من الناس أنه من باب الترك

فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام

لا في أداء الواجب، وهذا يُبتلى به كثيرٌ

من المتدينة المتورعة؛ ترى أحدهم يتورع

عن الكلمة الكاذبة، وعن الدرهم فيه شبهة

لكونه من مال ظالم أو معاملةٍ فاسدة

ويتورع عن الركون إلى الظلمة

من أجل البدع في الدين، وذوي الفجور في الدنيا

ومع هذا يترك أمورًا واجبةً عليه، إما عينًا، وإما كفاية

وقد تعينت عليه من صلة رحم، وحقِّ جار، ومسكين

وصاحب، ويتيم، وابن سبيل، وحقِّ مسلم

وذي سلطان، وذي علم، وعن أمرٍ بمعروف

ونهيٍ عن منكر، وعن الجهاد في سبيل الله

إلى غير ذلك مما فيه نفعً للخلق في دينهم

ودنياهم مما وجب عليه

أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى

بل من جهة التكليف ونحو ذلك.

وهذا الورع قد يوقع صاحبه في البدع الكبار

فإنَّ ورع الخوارج، والروافض، والمعتزلة

ونحوهم من هذا الجنس

تورعوا عن الظلم وعمَّا اعتقدوه ظلمًا

من مخالطة الظلمة في زعمهم

حتى تركوا الواجبات الكبار من الجمعة والجماعة

والحج، والجهاد، ونصيحة المسلمين، والرحمة لهم

وأهل هذا الورع ممن أنكر عليهم الأئمة

كالأئمة الأربعة، وصار حالهم يذكر

في اعتقاد أهل السنة والجماعة.

الجهة الثانية من الاعتقاد الفاسد:

أنه إذا فعل الواجب والمشتبه، وترك المحرم والمشتبه

فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم

بأدلة الكتاب والسنة، وبالعلم لا بالهوى)

[4022] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (20/137).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ الوَرَع

*عبدالرحمن*
2021-01-16, 05:08
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فوائد الورع

1- من فوائده أنه يجلب محبة الله سبحانه وتعالى.

2- فيه الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

3- فيه ترك الشبهات، والبعد عنها.

4- به يطيب المطعم والمشرب.

5- أنه سببٌ لاستجابة الدعاء.

6- أنه خير خصال الدين

كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

7- فيه الاستبراء للدين والعرض.

8- أنه سمةٌ من سمات العُبَّاد.

9- الورع سببٌ من أسباب كمال التقوى.

وسائل اكتساب الورع

ذكر الحكيم الترمذي بعض الوسائل في اكتساب الورع فقال:

(فالورع من التورع يكون بخمسة أشياء:

أحدهما: بالعلم.

الثاني: بتذكرة منه لما عليه، ورغبته فيما له.

والثالث: بتذكرة عظمة الله، وجلاله وقدرته وسلطانه.

والرابع: بتذكرة استحيائه من الملك الجبار.

والخامس: بتذكرة خوفه من غضب الله عليه

وبقائه له على الشبه)

[4021] ((العقل والهوى)) للحكيم الترمذي.

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

نماذج في الورع (https://dorar.net/akhlaq/1567/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B1%D8%B9)

الورع في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1576/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B1%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

*عبدالرحمن*
2021-01-17, 05:19
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ المروءَة

معنى المروءَة لغةً:

المروءة هي كمال الرجولية

مصدر من: مَرُؤ يَمْرُؤ مُروءة

فهو مَرِيء أي: بَيِّن المروءَة

وتَمَرَّأ فلان: تَكَلَّف المروءَة. وقيل: صار ذا مُروءَةٍ

وفلان تَمَرَّأ بالقوم:

أي سعى أن يوصف بالمروءَة بإِكرامهم

أَو بنقصهم وعَيْبهم

[3521] انظر: ((العين)) للفراهيدي (8/299)

((تاج العروس)) للزبيدي (1/427)

((المعجم الوسيط)) (2/860)

((المخصص)) لابن سيده (1/245)

((المصباح المنير)) للفيومي (ص 217)

((مختار الصحاح)) للرازي (ص 292).

معنى المروءَة اصطلاحًا:

قال الماورديُّ:

(المروءَة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها

حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد

ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق)

[3522] ((أدب الدنيا والدين)) (ص 325).

وقال ابن عرفة:

(المروءَة هي المحافظَةُ على فِعْل ما تَرْكُه

من مُباحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا...

وعلى ترْك ما فعلُه من مُباحٍ يوجبُ ذَمَّه عُرْفًا...)

[3523] ((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص 591).

وقال الفيومي:

(المروءَة آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان

على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات)

[3524] ((المصباح المنير)) (8/446)

الفرق بين المروءَة وبعض الصفات

- الفرق بين المروءَة والفتوَّة

قد يظنُّ ظانٌّ أنَّ المروءَة والفتوة

شيء واحد لا يختلفان في معناهما

وليس ذلك بصحيح

بل بينهما فرق واضح وهو أنَّ المروءَة أعمُّ من الفتوة

فالمروءَة هي ما يتخلَّق به الإنسان مما يختص به في ذاته

أو يتعدَّى إلى غيره، بينما الفتوة ما يتخلَّق به الإنسان

ويكون متعديًا إلى غيره.

قال ابن القيم في التفريق بينهما:

(أن المروءَة أعمُّ منها، فالفتوة نوع من أنواع المروءَة

فإنَّ المروءَة استعمال ما يجمل ويزين مما هو مختصٌّ بالعبد

أو متعدٍّ إلى غيره

وترك ما يُدنِّس ويشين مما هو مختص أيضًا به

أو متعلِّق بغيره، والفتوة إنما هي استعمال

الأخلاق الكريمة مع الخلق)

[3531] ((مدارج السالكين)) (2/340).

- العلاقة بين المروءَة والعقل:

سُئِلَ بعض الحكماءِ عن العلاقة بين العقل والمروءَة فقال:

(العَقل يأمرك بِالْأنفعِ، والمروءَة تأمرك بِالأجمل)

[3532] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص325).

- الفرق بين المروءَة والكرم:

(الكرم والمروءَة... قرينان في الفضل

ومتشاكلان في العقل

والفرق بينهما مع التشاكل من وجهين:

أحدهما: أن الكرم: مراعاة الأحوال

أن يكون على أنفعها وأفضلها

والمروءَة: مراعاة الأحوال

أن يكون على أحسنها وأجملها.

والوجه الثاني: أن الكرم، ما تعدى نفعه

إلى غير فاعله. والمروءَة:

قد تقف على فاعلها ولا تتعدى إلى غيره

فإن استعملها في غيره مازجت الكرم

ولم ينفرد بالمروءَة وصار بالاجتماع أفضل

وإن افترقا كان الكرم أفضل لتعدي نفعه

وتعدي النفع أفضل.

وليس واحد من الكرم والمروءَة خلقًا مفردًا

ولكنه يشتمل على أخلاق يصير مجموعها كرمًا ومروءةً)

[3533] ((تسهيل النظر وتعجيل الظفر)) للماوردي (ص 28).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ المروءَة

*عبدالرحمن*
2021-01-18, 05:28
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

المروءَة في القرآن الكريم

المروءَة: هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها على الوقوف

عند محاسن الأخلاق وجميل العادات

وهي رعيٌ لمساعي البر ورفع لدواعي الضر

وهي طهارة من جميع الأدناس والأرجاس

لذا فإنَّ كلَّ آية من كتاب الله تأمر بفضيلة من الفضائل

أو تنهى عن رذيلة من الرذائل فهي تدلُّ على المروءَة

وترشد إلى طريقها، ونحن هنا بصدد ذكر بعض الآيات

التي تأمر بالتحلي بمحاسن الأخلاق، والتزين بجميلها:

- قال الله تعالى:

خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 99].

قيل لسفيان بن عيينة: (قد استنبطت من القرآن كل شيء

فهل وجدت المروءَة فيه؟ فقال: نعم، في قوله تعالى:

خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ

يقول: ففيه المروءَة وحسن الأدب ومكارم الأخلاق

فجمع في قوله: خُذِ الْعَفْوَ صلة القاطعين والعفو عن المذنبين

والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين

وذلك في قوله: خُذِ الْعَفْوَ

ودخل في قوله: وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ صلة الأرحام

وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار

والاستعداد لدار القرار

ودخل في قوله: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ

الحض على التخلق بالحلم، والإعراض عن أهل الظلم

والتنزه عن منازعة السفهاء

ومساواة الجهلة والأغبياء

وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة).

- وقال الله تبارك وتعالى في صفات عباده

الذين اتصفوا بأعلى صفات المروءَة ووصلوا إلى غاياتها:

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ

الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا

كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا

وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا

وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ

وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ

وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا

فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا

وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا

وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا

وَعُمْيَانًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا

وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا

أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا

خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [الفرقان: 63-76].

- وقال فيهم أيضًا شاهدًا لهم بالفلاح:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ

وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ

أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ

فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ [المؤمنون: 1-10].

- وقال أيضًا في وصفهم

: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا [الإنسان: 7 – 9].

- وقال الله عزَّ وجلَّ:

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا

وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ

إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص: 77].

قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى في هذه الآية:

(فيها عين المروءَة وحقيقتها)

[3534] ((المروءَة)) لمحمد بن خلف بن المرزبان (ص133).

- وقال الله تبارك وتعالى على لسان لقمان

وهو يعظ ابنه ويعطيه دروسًا

في القيم ومعالم في المروءَة:

يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ

وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ

وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا

إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ

وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 17-19].

- وقال الله تبارك وتعالى:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا

تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى

مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل: 90 – 92].

وقد جعل سفيان الثوري المروءَة مبنية على ركنين

استمدهما من هذه الآية الكريمة

حيث سئل عن المروءَة ما هي؟

فقال: (الإنصاف من نفسك، والتفضل لله تعالى

: إنَّ الله يأمر بالعدل، وهو الإنصاف، والإحسان

وهو التفضل، ولا يتمُّ الأمر إلا بهما

ألا تراه لو أعطى جميع ما يملك

ولم ينصف من نفسه لم تكن له مروءة

لأنَّه لا يريد أن يعطي شيئًا إلا أن يأخذ من صاحبه مثله

وليس مع هذا مروءة)

[3535] ((مكارم الأخلاق)) للخرائطي (1/372).

فكلُّ هذه الآيات وما سواها

-وما أكثرها في كتاب الله تبارك وتعالى-

متضمنة لأصول المروءَة وركائزها التي تبنى عليها

وإن كانت لا تدلُّ على المروءَة بحروفها.

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ المروءَة

*عبدالرحمن*
2021-01-19, 05:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

المروءَة في السُّنَّة النَّبويَّة

وردت كثير من الأحاديث

تشير إلى بعض ما تضمنته صفة المروءة

من حسن الخلق وجميل المعاشرة

والتحذير من كلِّ ما يشين الإنسان، ويدنِّس عرضه

وسنقتصر على عرض بعض هذه الأحاديث:

- ((قيل: يا رسول الله، من أكرم الناس؟

قال: أتقاهم لله. قالوا: ليس عن هذا نسألك.

قال: يوسف نبي الله، بن نبي الله، بن خليل الله.

قالوا: ليس عن هذا نسألك.

قال: فعن معادن العرب تسألوني؟

خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا))

[3536] رواه البخاري (3374)، ومسلم (2378).

قال النووي: (معناه أنَّ أصحاب المروءات

ومكارم الأخلاق في الجاهلية

إذا أسلموا وفقهوا فهم خيار الناس)

[3537] ((شرح النووي على مسلم)) (15/ 135).

- ومن ذلك حديث عائشة أمِّ المؤمنين في بدء الوحي

والذي فيه قول خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

((كلَّا واللَّه ما يخزيك اللَّه أبدًا، إنَّك لتصل الرَّحم

وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم

وتقري الضَّيف، وتعين على نوائب الحقِّ... ))

[3538] رواه البخاري (3).

- و((عن أبي ذرٍّ رضي اللَّه عنه قال: سألت

النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟

قال: إيمان باللَّه، وجهاد في سبيله.

قلت: فأيَّ الرِّقاب أفضل؟

قال: أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها:

قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق.

قال: فإن لم أفعل؟ قال: تدع النَّاس من الشَّرِّ

فإنَّها صدقة تصدَّق بها على نفسك))

[3539] رواه البخاري (2518).

- وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:

((السَّاعي على الأرملة والمسكين

كالمجاهد في سبيل اللَّه وأحسبه قال:

وكالقائم لا يفتر، وكالصَّائم لا يفطر))

[3540] رواه البخاري (6007) ومسلم (2982).

- وعن سهل رضي اللَّه عنه قال:

قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:

((أنا وكافل اليتيم في الجنَّة هكذا

وأشار بالسَّبَّابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا))

[3541] رواه البخاري (5304).

حقيقة المروءَة

يتكلم ابن القيم عن حقيقة المروءَة فيقول: حقيقتها:

(اتصاف النفس بصفات الإنسان

التي فارق بها الحيوان البهيم والشيطان الرجيم،

فإنَّ في النفس ثلاثة دواع متجاذبة:

1- داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشيطان

من الكبر، والحسد، والعلو، والبغي

والشرِّ، والأذى، والفساد، والغشِّ.

2- وداع يدعوها إلى أخلاق الحيوان

وهو داعي الشهوة.

3- وداع يدعوها إلى أخلاق الملك: من الإحسان

والنصح، والبرِّ، والعلم، والطاعة

فحقيقة المروءَة: بغض هذين الداعيين

وإجابة الداعي الثالث

وقلة المروءَة وعدمها: هو الاسترسال مع هذين الداعيين

والتوجه لدعوتهما أين كانت

فالإنسانية والمروءَة والفتوة: كلها في عصيان الداعيَيْن

وإجابة الداعي الثالث)

[3530] ((مدارج السالكين)) (2/351).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ المروءَة

*عبدالرحمن*
2021-01-20, 05:16
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

درجات المروءَة

للمروءة ثلاث درجات ذكرها ابن القيم، فقال:

- الدرجة الأولى:

مروءة المرء مع نفسه

وهي أن يحملها قسرًا على ما يجمل ويزين

وترك ما يدنس ويشين ليصير لها ملكة في العلانية

فمن أراد شيئًا في سرِّه وخلوته

ملكه في جهره وعلانيته

فلا يكشف عورته في الخلوة

ولا يتجشأ بصوت مزعج ما وجد إلى خلافه سبيلًا

ولا يخرج الريح بصوت وهو يقدر على خلافه

ولا يجشع وينهم عند أكله وحده.

وبالجملة: فلا يفعل خاليًا ما يستحي من فعله في الملأ

إلا ما لا يحظره الشرع والعقل

ولا يكون إلا في الخلوة كالجماع والتخلي ونحو ذلك.

- الدرجة الثانية:

المروءَة مع الخلق

بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء والخلق الجميل

ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه

وليتخذ الناس مرآة لنفسه

فكلُّ ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه

وما أحبَّه من ذلك واستحسنه فليفعله.

وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكلِّ من خالطه وصاحبه

من كامل، وناقص، وسيئ الخلق، وحسنه

وعديم المروءَة، وغزيرها.

وكثير من الناس يتعلم المروءَة ومكارم الأخلاق

من الموصوفين بأضدادها، كما روي عن بعض الأكابر

أنه كان له مملوك سيئ الخلق

فظٌّ غليظ لا يناسبه

فسُئل عن ذلك فقال: أدرس عليه مكارم الأخلاق.

وهذا يكون بمعرفة مكارم الأخلاق في ضد أخلاقه

ويكون بتمرين النفس على مصاحبته ومعاشرته والصبر عليه.

- الدرجة الثالثة:

المروءَة مع الحقِّ سبحانه، بالاستحياء من نظره إليك

واطلاعه عليك في كلِّ لحظة ونفس

وإصلاح عيوب نفسك جهد الإمكان

فإنه قد اشتراها منك

وأنت ساع في تسليم المبيع وتقاضي الثمن

وليس من المروءَة: تسليمه

على ما فيه من العيوب وتقاضي الثمن كاملًا

أو رؤية مِنَّته في هذا الإصلاح

وأنَّه هو المتولِّي له لا أنت

فيغنيك الحياء منه عن رسوم الطبيعة

والاشتغال بإصلاح عيوب نفسك عن التفاتك إلى عيب غيرك

وشهود الحقيقة عن رؤية فعلك وصلاحك

[3568] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/353).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ المروءَة

*عبدالرحمن*
2021-01-21, 05:25
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

شروط المروءَة

للمروءة شروط لا تتأتى إلا بها

ولا يحصلها الشخص إلا بنوع من المعاناة وبذل الجهد

يقول الماوردي: (من حقوق المروءَة وشروطها

ما لا يتوصَّل إليه إلَّا بالمعاناة

ولا يوقف عليه إلَّا بالتَّفقُّد والمراعاة

فثبت أنَّ مراعاة النَّفس على أفضل أحوالها هي المروءَة.

وإذا كانت كذلك فليس ينقاد لها مع ثقل كلفها

إلَّا من تسهَّلت عليه المشاقُّ رغبةً في الحمد

وهانت عليه الملاذُّ حذرًا من الذَّمِّ)

[3565] ((أدب الدنيا والدين)) (ص 326).

وقد عدَّد بعض البلغاء بعض شروط المروءَة

فقال: (من شرائط المروءَة أن تعفَّ عن الحرام

وتتصلَّف عن الآثام، وتنصف في الحكم

وتكفَّ عن الظلم، ولا تطمع في ما لا تستحق

ولا تستطيل على من لا تسترق

ولا تعين قويًّا على ضعيف، ولا تؤثر دنيًّا على شريف

ولا تُسِرَّ ما يُعقب الوزر والإثم

ولا تفعل ما يقبح الذكر والاسم)

[3566] ((تسهيل النظر وتعجيل الظفر)) للماوردي (ص 29).

وقد أجاد الماوردي في بيان شروط المروءة

مع حسن التقسيم، وبراعة العرض

وفيما يلي تلخيص لكلامه:

من هذه الشروط

الأول شروط المروءَة فِي نفسِ الشخص:

وشروطها فِي نفسِه بعد التِزامِ ما أوجبه الشَّرع

من أحكامِه يكون بثلاثة أمورٍ وهي:

1- العِفَّة: وهي نوعان:

أحدهما: العِفَّة عن المحارِمِ: وهذه تكون بشيئين اثنين:

أحدهما: ضبط الفرجِ عن الحرامِ.

والثَّانِي: كفُّ اللِّسانِ عن الأعراضِ.

والثَّانِي: العِفَّة عن المآثِمِ: وهذه أيضًا لا تكون إلا بشيئين:

أَحدهما: الكفُّ عن المجاهرةِ بِالظُّلمِ.

والثَّانِي: زجر النَّفسِ عن الإِسرارِ بِخِيانةٍ.

2- النَّزاهة: وهي نوعانِ:

أَحدهما: النَّزاهة عن المطامِعِ الدَّنِيَّةِ .

والثَّاني: النَّزاهة عن مواقف الرِّيبة.

3- الصِّيانة: وهي نوعانِ:

أَحدهما: صِيانة النَّفسِ بالتِماس كِفايتها، وتقدِير مادَّتها.

والثَّاني: صيانتها عن تحمُّل المنن من النَّاسِ

والاسترسال في الاستعانة.

الثَّانِي: شروط المروءَة في غيره، وتكون بثلاثة أمور وهي:

- المؤازرة: وهي نوعانِ:

أحدهما: الإِسعاف بِالجاه.

والثَّاني: الإسعاف فِي النَّوائِب.

- والمياسرة وهي نوعانِ:

أَحدهما: العفو عن الهفوات.

والثَّانِي: المسامحة في الحقوق وهي نوعان:

المسامحة في عقودٍ: بأَن يكون فيها سهل المناجزةِ

قلِيل المحاجزةِ، مأمون الغيبةِ، بعِيدًا مِن المكرِ والخدِيعةِ.

المسامحة في حقوق: وتتنوَّع المسامحة فِيها نوعينِ:

أَحدهما فِي الأَحوالِ: وهو اطِّراح المنازعةِ فِي الرُّتبِ

وترك المنافسةِ فِي التَّقدُّمِ.

والثَّانِي فِي الأَموالِ: وهي ثلاثة أنواع:

وهي مسامحة إسقاطٍ لِعدمٍ

ومسامحة تخفِيفٍ لِعجزٍ، ومسامحة إنكارٍ لِعسرةٍ.

- والإِفضال: وهو نوعان:

إفضال اصطِناعٍ: وهو نوعان:

أحدهما: ما أَسداه جودًا فِي شكورٍ.

والثَّانِي: ما تأَلَّف به نبوة نفورٍ.

وإِفضال استكفافٍ ودِفاعٍ:

وذلك لأَنَّ ذا الفضلِ لا يعدم حاسِد نِعمةٍ

ومعانِد فضِيلةٍ، يعترِيهِ الجهل بِإِظهارِ عِنادِهِ

ويبعثه اللُّؤم على البذاءِ بِسفهِهِ

فإِن غفل عن استِكفافِ السُّفهاءِ

وأَعرَض عن استِدفاعِ أَهلِ البذاءِ

صار عِرضه هدفًا لِلمثالِبِ، وحاله عُرضةً للنَّوائب

وإذا استكفى السَّفِيه

واستدفع البذِيء صان عرضه، وحمى نِعمته.

ولاستِكفافِ السُّفهاءِ بالإِفضالِ شرطان:

أحدهما: أَن يخفِيه حتَّى لا ينتشِر فِيهِ مطامِع السُّفهاء

فيتوصَّلون إلى اجتِذابِهِ بِسبِّه، وإِلى مالِه بِثلبِه.

والثَّاني: أَن يتطلَّب له فِي المجاملة وجهًا

ويجعله فِي الإِفضال عليه سببًا

لأَنَّه لا يرى أَنَّه على السَّفهِ واستِدامةِ البذاءِ

[3567] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي بتصرف (329-355).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ المروءَة

*عبدالرحمن*
2021-01-22, 05:30
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الوسائل المعينة على اكتساب المروءَة

1- علو الهمة والتطلع إلى السمو بالنفس

والترقي بها إلى المعالي.

2- منافسة أصحاب المروءات ومسابقة أصحاب الأخلاق العالية

وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26].

3- شرف النفس واستعفافها ونزاهتها وصيانتها.

4- المال الصالح خير معين على بلوغ المروءات

قال أبو حاتم: (من أحسن ما يستعين به المرء

على إقامة مروءته المال الصالح

فالواجب على العاقل أن يقيم مروءته بما قدر عليه

ولا سبيل إلى إقامة مروءته إلا باليسار من المال

فمن رزق ذلك، وضنَّ بإنفاقه في إقامة مروءته

فهو الذي خسر الدنيا والآخرة

ولا آمن أن تفجأه المنية فتسلبه عما ملك كريهًا

وتودعه قبرًا وحيدًا

ثم يرث المال بعد من يأكله ولا يحمده، وينفقه ولا يشكره

فأي ندامة تشبه هذه، وأي حسرة تزيد عليها

[3580] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص233).

ولذا قال بعض العرب: (المروءَة طعام مأكول

ونائل مبذول، وبشر مقبول، وكلام معسول.

وقيل: لا مروءة لمقل.

وقال بعضهم: المال والمروءَة رضيعا لبان، وشريكا عنان

وغزيا حصان، وفرسا رهان.

وقال بعضهم: لا مروءة إلا بالمال والفعال

. ورفع إلى المنصور كثرة نفقات

محمد بن سليمان والي البصرة

فوقع: أعظم الناس مروءة أكثرهم مؤنة)

[3581] ((عين الأدب والسياسة))

لابن هذيل الأندلسي (142-143).

5- اختيار الزوجة الصالحة

((فاظفر بذات الدين تربت يداك))

[3582] رواه البخاري (5090) ومسلم (1466).

قال مسلمة بن عبد الملك:

(ما أعان على مروءة المرء كالمرأة الصالحة).

6- مجالسة أهل المروءات، ومجانبة السفهاء وأهل السوء.

أسند ابن حبان عن بعضهم قال:

(كان يقال: مجالسة أهل الديانة تجلو

عن القلب صدأ الذنوب

ومجالسة ذوي المروءات تدلُّ على مكارم الأخلاق

ومجالسة العلماء تذكي القلوب)

[3583] ((روضة العقلاء)) (ص 234).

ومتى جالس المرء أهل المروءات

اكتسب منهم صالح الأخلاق والصفات:

قال ابن عبد البر:

(فلا تكاد تجد حسن الخلق، إلا ذا مروءة وصبر)

[3584] ((الاستذكار)) (5 / 105).

وكذلك إن عاشر المرء إخوان السوء

وقليلي المروءَة أخذ عنهم أخلاقهم

وكان ذلك سببًا في القدح بمروءته:

قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه:

(آفة المروءَة إخوان السوء)

[3585] ((المروءَة)) للمرزبان (ص117)

و((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (234).

اخوة الاسلام

و لمن يريد الاطلاع علي المزيد

يمكنه من خلال الروابط التالية

أقوال السلف والعلماء في المروءَة (https://dorar.net/akhlaq/1357/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%A1%D8%A9)

المروءَة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1381/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل الاستفادة من خلق اخر

قنون المربي والأستاذ
2021-01-22, 09:02
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ومن حسن الخلق
تذكير الإخوان بدوام حسن الخلق في سائر أيام السنة
{....إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون.....}
لِْنت لنا وكانت جوانبك وطيئة
وعليه ألفتنا وألفناك
فتبين أّنّ:....حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الدار ويزيدان في الأعمار...
فبارك الله فيك في يوم مبارك

*عبدالرحمن*
2021-01-23, 05:41
{....إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون.....}
لِْنت لنا وكانت جوانبك وطيئة
وعليه ألفتنا وألفناك
فتبين أّنّ:....حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الدار ويزيدان في الأعمار...
فبارك الله فيك في يوم مبارك




الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

و هذا وسام شرف احملة علي صدري

و تاج فوق رَأْسي افتخر به بين الخلائق

بارك الله فيكم و عليكم

و جزاكم الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2021-01-23, 05:56
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

خُلُقِ كتمَان السِّرِّ

الكتمان لغةً:

الكتمان مصدر كتم، من باب نصر

يقال: كتم الشيء كَتمًا وكِتمانًا: ستره وأخفاه

[3247] ((مختار الصحاح)) للرازي (ص 266)

((المعجم الوسيط)) (2/776).

السِّر لغةً:

السِّرُّ: ما تكتمه وتخفيه، وهو خلاف الإعلان

وجمعه أسرار. والسرِيرةُ: كالسِّرِّ

والجمع السرائر

وأسْرَرْت الحديث إسرارًا أخفيته

[3250] انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/356)

و((تاج العروس)) للزبيدي (12/5)

((المصباح المنير)) للفيومي (1/273)

((المعجم الوسيط)) (1/426).

الكتمان اصطلاحًا:

الكتمان هو: ستر الحديث

[3248] ((المفردات)) للراغب الأصفهاني (ص 702).

وقيل: (هو ضبط النفس ضد دوافع التعبير عما يختلج فيها)

[3249] ((الأخلاق الإسلامية))

لعبد الرحمن الميداني (2/343).

السِّر اصطلاحًا:

السِّر هو: الحديث المكتتم في النفس

[3251] ((التوقيف على مهمات التعاريف))

للمناوي (ص 193).

- الفرق بين النَّجوى والسِّرِّ:

(أنَّ النجوى: اسم للكلام الخفي الذي تناجي به صاحبك

كأنَّك ترفعه عن غيره

وذلك أنَّ أصل الكلمة الرفعة

ومنه النجوة من الأرض

وسمِّي تكليم الله تعالى موسى عليه السلام مناجاةً

لأنَّه كان كلامًا أخفاه عن غيره.

والسِّرُّ: إخفاء الشيء في النفس، ولو اختفى بسترٍ

أو وراء جدارٍ لم يكن سرًّا

ويقال في هذا الكلام سر تشبيهًا بما يخفي في النفس

ويقال: سري عند فلان، تريد ما يخفيه في نفسه من ذلك

ولا يقال: نجواي عنده.

وتقول لصاحبك: هذا أُلقيه إليك

. تريد المعنى الذي تخفيه في نفسك

والنجوى تتناول جملة ما يتناجى به من الكلام

والسِّر يتناول معنى ذلك

وقد يكون السِّر في غير المعاني مجازًا

تقول: فعل هذا سرًّا

وقد أسرَّ الأمر. والنجوى لا تكون إلا كلامًا)

[3252] ((الفروق)) لأبي هلال العسكري (ص 533).

- الفرق بين الكتمان والإسرار:

(قيل: المكتوم يختص بالمعاني

كالأسرار والأخبار

لأنَّ الكتمان لا يستعمل إلا فيهما.

والمستور يختص بالجثث والأعيان

لأنَّ الأصل في السِّر تغطية الشيء بغطاء

. ثم استعمل في غيرها تجوزًا)

[3253] ((الفروق)) لأبي هلال العسكري (ص 448).

- الفرق بين الكتمان والاختفاء:

(أن الكتمان هو السكوت عن المعنى، وقوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ [البقرة: 159]

أي: يسكتون عن ذكره.

والإخفاء: يكون في ذلك وفي غيره

والشاهد أنك تقول: أخفيت الدرهم في الثوب.

ولا تقول: كتمت ذلك.

وتقول: كتمت المعنى وأخفيته.

فالإخفاء أعمُّ من الكتمان)

[3254] ((الفروق)) لأبي هلال العسكري (ص 447).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ كتمَان السِّرِّ

*عبدالرحمن*
2021-01-24, 05:41
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

كتمان السِّر في القرآن الكريم

- قال تعالى حكايةً عن كتمان يوسف عليه السلام

للرؤيا التي رآها بأمر من أبيه:

قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا

إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [يوسف: 5].

قال ابن كثير:

(يقول تعالى مخبرًا عن قول يعقوب لابنه يوسف

حين قصَّ عليه ما رأى من هذه الرؤيا، التي تعبيرها

خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيمًا زائدًا

بحيث يخرُّون له ساجدين إجلالًا، وإكرامًا، واحترامًا

فخشي يعقوب عليه السلام، أن يحدِّث بهذا المنام

أحدًا من إخوته فيحسدوه على ذلك

فيبغوا له الغوائل، حسدًا منهم له

ولهذا قال له:

يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا [يوسف: 5]

أي: يحتالوا لك حيلة يردونك فيها...

ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر)

[3255] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/371).

وقال سبحانه في مؤمن آل فرعون الذي كتم إيمانه:

وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ

أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ

مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا

يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر: 28].

كتمان السِّر في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

((إنَّ من أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة

الرجل يفضي إلى امرأته

وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها))

[3256] رواه مسلم (1437).

قال ابن الجوزي: (المراد بالسرِّ ها هنا:

ما يكون من عيوب البدن الباطنة

وذاك كالأمانة فلزم كتمانه)

[3257] ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (3/174).

- وعن جابر رضي الله عنه

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال:

((إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة))

[3258] رواه أبو داود (4868)، والترمذي (1959)

. وحسنه الترمذي، والألباني في ((صحيح الجامع)) (486).

قال المناوي في شرحه لهذا الحديث:

(قوله: إذا حدَّث الرجل. أي: الإنسان فذكر الرجل

غالبي .الحديث. وفي رواية:أخًا له بحديث. وفي أخرى:

إذا حدث رجل رجلًا بحديث ثم التفت.

أي: غاب عن المجلس أو التفت يمينًا وشمالًا

فظهر من حاله بالقرائن أنَّ قصده أن لا يطَّلع على حديثه

غير الذي حدَّثه به. فهي. أي: الكلمة التي حدثه بها.

أمانة. عند المحدث أودعه إياها

فإن حدَّث بها غيره فقد خالف أمر الله

حيث أدَّى الأمانة إلى غير أهلها

فيكون من الظالمين فيجب عليه كتمها

إذ التفاته بمنزلة استكتامه بالنطق

قالوا وهذا من جوامع الكلم

لما في هذا اللفظ الوجيز من الحمل على آداب العشرة

وحسن الصحبة، وكتم السِّر، وحفظ الودِّ

والتحذير من النَّمِيمَة بين الإخوان، المؤدية للشنآن

[3259] شنأه: أبغضه وتجنبه. ((المعجم الوسيط)) (1/495).

ما لا يخفى)

[3260] ((فيض القدير)) (1/329).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ كتمَان السِّرِّ

*عبدالرحمن*
2021-01-25, 05:18
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نماذج من كتمان السِّر

في حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم

- كان للكتمان أثر كبير في مباغتة

النَّبي صلى الله عليه وسلم للعدو:

(فبعد شهرين من غزوة أحد بلغ النَّبي صلى الله عليه وسلم

أن طليحة وسلمة ابني خويلد يحرضان قومهما

بني أسد بن خزيمة

لغزو المدينة المنورة ونهب أموال المسلمين فيها

وقرر النَّبي صلى الله عليه وسلم إرسال جيش من المسلمين

وأمرهم بالسير ليلًا والاستخفاء نهارًا

وسلوك طريق غير مطروقة حتى لا يطلع

أحد على أخبارهم ونياتهم

فباغتوا بذلك بني أسد في وقت لا يتوقعونه)

[3285] ((الرسول القائد)) لمحمود شيت (203).

- وفي غزوة (دومة الجندل) قاد النَّبي صلى الله عليه وسلم

ألف راكب وراجل، من المهاجرين والأنصار

لمنع القبائل التي تقطن (دومة الجندل)

من قطع الطرق ونهب القوافل

والقضاء على حشودها التي تزمع غزو المدينة المنورة.

وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسلمين من المدينة المنورة

يكمن بهم نهارًا ويسير ليلًا

وقد قطع المسلمون المسافة بين المدينة المنورة و(دومة الجندل)

فلم يجد المسلمون أحدًا منهم...

وعاد المسلمون من (دومة الجندل)

بعد أن أقاموا فيها بضعة أيام.

إن كتمان نيات المسلمين بالمسير ليلًا

هو الذي جعلهم ينتصرون على أعدائهم

[3286] ((دروس في الكتمان من الرسول القائد))

لمحمود شيت (ص 23).

- وفي غزوة فتح مكة المكرمة بلغ النَّبي صلى الله عليه وسلم

في تطبيق عامل الكتمان حد الرَّوعة

حتى ليمكن اعتبار هذه الغزوة مثالًا من أعظم أمثلة التاريخ

العسكري في تطبيق الكتمان إلى أبعد الحدود.

وأمر أهله أن يجهزوه

ولكنه لم يخبر أحدًا من المسلمين في الداخل أو الخارج بنياته

وأهدافه من حركته واتجاهها

بل أخفى نياته وأهدافه واتجاه حركته

حتى عن أقرب المقربين إليه

ولما اقترب موعد الحركة صرَّح الرسول صلى الله عليه وسلم

بأنَّه سائر إلى مكة المكرمة

ولكنه بث عيونه وأرصاده؛ ليحول دون وصول أخبار

اتجاه حركته إلى قريش

وبعث حاطب بن أبي بلتعة رسالة أعطاها

امرأة متوجهة إلى مكة المكرمة

أخبرهم في تلك الرسالة بنيات المسلمين

في التوجه إلى فتح مكة المكرمة

[3287] ((دروس في الكتمان من الرسول القائد))

لمحمود شيت (ص 31).

فعن عبيد الله بن أبي رافع

قال: سمعت عليًّا رضي الله عنه، يقول:

بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير

والمقداد بن الأسود، قال:

((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة

ومعها كتاب فخذوه منها

فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة

فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب.

فقالت: ما معي من كتاب.

فقلنا: لتخرجنَّ الكتاب أو لنلقين الثياب

فأخرجته من عقاصها

[3288] عقاصها: بكسر العين أي شعرها المضفور

وهو جمع عقيصة. ((شرح النووي على صحيح مسلم )) (16/56).

فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين

من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟

قال: يا رسول الله، لا تعجل عليَّ إني كنت

امرأً ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها

وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة

يحمون بها أهليهم وأموالهم

فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم

أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي

وما فعلت كفرًا ولا ارتدادًا

ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد صدقكم.

قال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق

قال: إنَّه قد شهد بدرًا

وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطَّلع على أهل بدر

فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))

[3289] رواه البخاري (3007)، ومسلم (161).

و لنا عودة من اجل استكمال شرح

خُلُقِ كتمَان السِّرِّ