مشاهدة النسخة كاملة : فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة
*عبدالرحمن*
2018-10-20, 13:15
تخريج حديث " أيكون المؤمن بخيلا ؟ "
السؤال :
ورد حديث في موطأ الإمام مالك ، هذا نصه: عن صفوان بن سُليم رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل : أيكون المؤمن جباناً ؟ قال : ( نعم ) ، ثم سُئل: أيكون المؤمن بخيلاً ؟
قال : ( نعم ) ، ثم سُئل: أيكون المؤمن كذاباً؟ قال : ( لا ).
ما صحة هذا الحديث ؟
الجواب :
الحمد لله
الحديث المذكور رواه مالك في "الموطأ" (2/990) (19) عن صفوان بن سليم أَنَّهُ قَالَ : " قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا ؟
فَقَالَ: ( نَعَمْ ) ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ فَقَالَ: ( نَعَمْ ) ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا ؟ فَقَالَ: ( لَا ).
ومن طريقه رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/456) (4472).
وهو حديث ضعيف ؛ لأنه مرسل أو معضل ، إذ أن صفوان بن سليم لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو من التابعين ، فيحتمل أن يكون سقط من الإسناد راوٍ أو راويان غير الصحابي .
وقد قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (8/575) : لَا أَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ.
وقال الحافظ ابن حجر في "تخريج مشكاة المصابيح" (4/389): معضل.
وضعفه الألباني في ضعيف "الترغيب والترهيب" (1752).
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-10-20, 13:18
حديث سقوط سبعةٍ من حكام العرب قبل ظهور المهدي : لا أصل له .
السؤال:
ما صحة حديث سقوط 7من حكام العرب قبل ظهور المهدي المنتظر؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
خروج المهدي ثابت في السنة ، وهو من أواخر العلامات الصغرى لقيام الساعة .
قال علماء اللجنة :
" وليس في الأحاديث الصحيحة ما يدل على تحديد زمانه "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /140) .
ثانيا :
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما نعلم – حديث – لا بسند صحيح ولا موضوع – يخبر فيه عن سقوط سبعة من حكام العرب آخر الزمان قبل ظهور المهدي .
فهذا الكلام باطل لا أصل له ، ولا يجوز أن ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه من الكذب عليه .
ومن أمارات الحديث الموضوع : أن لا يكون له وجود في شيء من كتب السنة المعتمدة ، فإذا رأيت الحديث لا وجود له في الصحاح ، ولا السنن
ولا المسانيد ، ولا المعاجم ، ولا المستخرجات ولا الأجزاء الحديثية ، ولا ذكره أحد من أهل العلم المعتبرين في تصانيفهم ، وإنما يتناقله الناس اليوم على صفحات الانترنت وفي منتدياتهم :
فاعلم أنه حديث باطل لا يصح ، وحينئذ فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .
قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-20, 13:44
هل ورد في السنة فضل لـ " أحجار العقيق " ؟
السؤال :
هل لبس أحجار العقيق من السنة ؟
الجواب :
الحمد لله
وردت أحاديث وآثار في فضل لبس حجر العقيق أو جعله فصّاً للخاتم لكن كلها إما ضعيفة أو موضوعة ، ومن ذلك :
1- ما رواه الطبراني في الأوسط ( 6691 ) عن عائشة رضي الله عنها
قالت : " أَتَى بَعْضُ بَنِي جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْسِلْ مَعِيَ مَنْ يَشْتَرِي لِي نَعْلًا وَخَاتَمًا
فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالَ بْنَ رَبَاحٍ، فَقَالَ: ( انطَلِقْ إلى السُّوقِ واشْتَرِ له نَعْلاً ، ولا تَكُنْ سَوْدَاءَ ، واشْتَرِ له خَاتماً، ولْيَكُنْ فَصُّهُ عقيقاً؛ فإنهُ مَنْ تَخَتَّمَ بالعَقِيقِ لم يُقْضَ له إلا الذي هو أَسْعَدُ ) .
قال الشيخ الألباني : موضوع
انظر : " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة "(5573) .
2- وأخرج الطبراني في الأوسط أيضاً ( 103 ) ، وابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 57) عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ لَمْ يَزَلْ يَرَى خَيْرًا ) قال الشيخ الألباني : موضوع
انظر : " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (1/ 399) ، برقم ( 230 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة السؤال التالي :
يعتقد بعض هواة الخواتم والأحجار الكريمة مثل العقيق اليماني ، والفيروزج الإيراني وغيرها أن لها خاصية ، وأن لها أسرارا ، ومنافع ليست لغيرها من الأحجار الأخرى ، ويروجون لذلك دعايات
ويستدلون بأحاديث ، والأقوال التي ذكرها صاحب كتاب " المستطرف" .
والسؤال يا سماحة الشيخ : هل يصح في هذا الباب حديث صحيح ، أو قول يعول عليه في هذه المسألة ؟ وهل ما ورد في هذا الكتاب صحيح يحتج به ؟ وهل لهذه الأحجار ميزات تميزها على غيرها ؟
أفيدونا أفادكم الله.
فأجابوا : " لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في فضل الخواتم والأحجار المذكورة ولا في خواصها، فلا يجوز أن ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله
وقد ثبت أنه قال: ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) ، كما لا يجوز أن يعتقد الإنسان في تلك الخواتم فضلا، ولا يجوز تصديق ما ينسج حولها من قصص وخرافات
وكتاب (المستطرف) لا يجوز الاعتماد عليه في أمور العلم والدين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " .
" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 297 - 299) الفتوى رقم (21469) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-20, 13:48
حديث موضوع في إهداء ثواب الصدقة عن الميت إليه على طبق من نور .
السؤال:
ما صحة هذا الحديث إذا دعيتم للميت دخل عليه الملك ومعه طبق من نور فيقول : هذه هدية لك من أخيك فلان / من قريبك فلان، فيفرح بها ؟.
الجواب :
الحمد لله
هذا حديث موضوع ، رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6504) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَسْلَمَ الصَّدَفِيُّ ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنْكَدِرِيُّ
نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الشَّامِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (
مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَيَتَصَدَّقُونَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ، إِلَّا أَهْدَاهَا إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ نُورٍ ، ثُمَّ يَقِفُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَيَقُولُ: يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْعَمِيقِ ، هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا إِلَيْكَ أَهْلُكَ فَاقْبَلْهَا . فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ
فَيَفُرَحُ بِهَا وَيَسْتَبْشِرُ ، وَيَحْزَنُ جِيرَانُهُ الَّذِينَ لَا يُهْدَى إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ ) وقال الطبراني عقبه :
" لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ "
وقال الهيثمي رحمه الله :
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَفِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّامِيُّ قَالَ عَنْهُ الْأَزْدِيُّ: كَذَّابٌ " .
انتهى من "مجمع الزوائد" (3/ 139) .
وذكره الشيخ الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (486)
وقال : " موضوع ... آفة الحديث من أبي محمد الشامي
قال الذهبي : روى حديثا عن بعض التابعين منكرا
قال الأزدي : كذاب .
وكذا في " اللسان " ، وكأنهما أرادا بالحديث المنكر هذا " انتهى .
فلا تجوز نسبة هذا الكلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا روايته عنه إلا لبيان حاله ، والترهيب من روايته ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ )
رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .
قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ " انتهى .
وفي الباب حديث آخر بلفظ : ( ما الميت في قبره إلا كالغريق المستغيث ينتظر دعوة تلحقه من أب أو أم أو أخ أو صديق ، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها
وإن الله عز وجل ليُدخل على أهل القبور من دعاء أهل الدور أمثال الجبال ، وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار ) .
ذكره الشيخ الألباني في "الضعيفة" (799) وقال " منكر جدا " انتهى .
أما الحديث بلفظ : ( إذا دعوتم للميت دخل عليه الملك ومعه طبق من نور ..
. ) فلم نقف له على أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وسواء كان بهذا اللفظ أو باللفظ الأول ، فلا تجوز نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه
كما لا يجوز أن يُذكر ولو غير منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أمر البرزخ من أمور الغيب ، ولا يجوز الخوض فيها بغير علم .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:38
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل صحَّ في السنَّة قراءة سور معينة من القرآن قبل السفر ؟
السؤال
لقد قرأتُ حديثاً عن جبير رضي الله عنه يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أردت الخروج في سفر عليك أن تقرأ سورة الكافرون والنصر والإخلاص والفلق والناس ولكن في مرة واحدة تبدأ بالبسملة وتنتهي بالبسملة )
لذا فأنا في حاجة إلى الإجابة على هذا في ضوء الكتاب والسنَّة .
الجواب
الحمد لله
نص الحديث الوارد ذِكره في السؤال :
عن جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتُحِبُّ يَا جُبَيْرُ إِذَا خَرَجْتَ سَفَرًا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَمْثَلِ أَصْحَابِكَ هَيْئَةً ، وَأَكْثَرِهِمْ زَادًا ؟ ) فَقُلْتُ : نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي
قَالَ : ( اقْرَأْ هَذِهِ السُّوَرَ الْخَمْسَ : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، وَ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) ، وَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ، وَافْتَتِحْ كُلَّ سُورَةٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَاخْتِمْ قِرَاءَتَكَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قَالَ جُبَيْرٌ : وَكُنْتُ غَنِيًّا ، كَثِيرَ الْمَالِ ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ مع من شاء الله أن أخرج معهم فِي سَفَرٍ فَأَكُونُ مِنْ أَبَذِّهِمْ هَيْئَةً
وَأَقَلِّهِمْ زَادًا ، فَمَا زِلْتُ مُنْذُ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأْتُ بِهِنَّ : أَكُونُ مِنْ أَحْسَنِهِمْ هَيْئَةً ، وَأَكْثَرِهِمْ زَادًا ، حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي ذلك .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 13 / 339 ، حديث رقم 7419 ) .
وهو حديث ضعيف ، فيه مجاهيل .
قال عنه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 134 ) : فيه مَن لم أعرفهم .
وقال عنه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 6963 ) : منكر .
وعليه : فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث على استحباب قراءة شيء من القرآن قبل السفر ، كما لا يصلح الاستدلال به في مسألة البسملة في أول السور .
وينظر : جواب السؤال القادم
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:43
هل يسن للمسافر أن يصلي ركعتين في بيته قبل أن يخرج؟
السؤال
هل يسن للمسافر قبل أن يخرج من بيته للسفر أن يصلي ركعتين تسمى بسنة السفر؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
جاءت بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بمشروعية هذه الصلاة ، إلا أنها لا تسلم من شيء من الضعف .
روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (4912) ط الرشد :
عَنِ الْمُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا خَلَفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ سَفَرًا) .
وهذا الحديث ضعيف لإرساله ، قال ابن مفلح رحمه الله ـ الفروع (2/408) : " منقطع "
انتهى ـ وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (372) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (42 / 373) :
" يُسْتَحَبُّ لِلشَّخْصِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قَال : (مَا اسْتَخْلَفَ عَبْدٌ فِي أَهْلِهِ مِنْ خَلِيفَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهِنَّ فِي بَيْتِهِ إِذَا شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَ سَفَرِهِ)" انتهى باختصار .
وهذا الحديث ضعيف أيضاً .
ضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (5/129) ، وقال الألباني في "الضعيفة" (5840) : " ضعيف جدا " .
وروى البزار في "مسنده" (8567) والبيهقي في "الشعب" (3078) والسمعاني في "الأنساب" (3 / 479) من طريق يحيى بن أيوب عن بكر بن عَمْرو عن صفوان بن سليم -
قال بكر : حسبته عَن أبي سلمة ، عَن أبي هُرَيرة ، عَن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء ، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء ) .
وهذا حديث مختلف فيه ، قال البزار عقبه :
" وهذا الحديث لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن أبي هُرَيرة إلاَّ من هذا الوجه " انتهى .
وقال المناوي :
" قال ابن حجر : حديث حسن ، ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح . وقال الهيتمي : رجاله موثقون"
انتهى ."فيض القدير" (1 / 430) .
وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (505) .
والأقرب – والله أعلم – أن الحديث لا يصح ؛ وذلك لثلاث علل فيه :
1 - بكر بن عمر لم يوثق توثيقا معتبرا ، قال أبو حاتم شيخ . وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال ينظر في أمره . وقال ابن القطان : لا نعلم عدالته . وذكره ابن حبان في الثقات .
"تهذيب التهذيب" (1 / 426)
2 - ويحيى بن أيوب تكلم فيه غير واحد من أهل العلم : منهم الإمام أحمد والنسائي والساجي وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وغيرهم . وقال ابن سعد منكر الحديث .
"تهذيب التهذيب" (11 / 164)
3 – شك بكر بن عمرو فيه - مع ما فيه من الكلام – حيث قال : " حسبته عَن أبي سلمة ، عَن أبي هُرَيرة ، عَن النبي صلى الله عليه وسلم " .
وقد تعقب العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تحسين الحافظ ابن حجر لهذا الحديث ، فقال :
" بكر لم يوثقه أحد ، وليس له في البخاري إلا حديث واحد ( متابعة، وقد أخرجه البخاري من طريق أخرى ) كذا قال ابن حجر نفسه في مقدمة الفتح ص (391) وليس له عند مسلم إلا حديث واحد ...
ثم أخرجه مسلم من وجه آخر، فروايته عن بكر في معنى المتابعة ، وليس له عند مسلم غيره ، كما يعلم من الجمع بين رجال الصحيحين ، ففي تحسين حديثه نظر، كيف وقد شك فيه ؟
مع أن الراوي عنه يحيى بن أيوب ، هو الغافقي . راجع ترجمته في مقدمة الفتح "
انتهى من "تحقيق الفوائد المجموعة" (56-57) .
ومع ضعف الأحاديث الواردة في شأن هذه الصلاة ، إلا أن كثيراً من العلماء قالوا بمشروعيتها ، ولعل سبب ذلك ، تعدد الأحاديث الواردة فيها ، مع ورود ذلك أيضاً عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
وقد بوب ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2 / 81) :
" الرجل يريد السَّفَرَ ، مَنْ كَانَ يسْتَحبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ خُرُوجِهِ " .
وروى فيه حديث المطعم بن مقدام السابق . ثم روى هذه الصلاة عن علي وابن عمر والحارث بن أبي ربيعة رضي الله عنهم ، وذكر أن الحارث صلى هذه الصلاة ، وصلى معه نفر منهم الأسود بن يزيد .
وقد ذكر استحباب هذه الصلاة غير واحد من أهل العلم ، من المذاهب الأربعة .
جاء في"حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" ـ من كتب الأحناف ـ (401) ـ في ذكر الصلوات المستحبة :
"من المندوب ... الصلاة إذا نزل منزلا ، فيستحب أن لا يقعد حتى يصلي ركعتين كما في السير الكبير ، وكذا إذا أراد سفرا أو رجع " انتهى .
وجاء في كتاب " الفواكه الدواني" ـ من كتب المالكية ـ (1/375) :
" يُسْتَحَبُّ إذَا خَرَجَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ ... " .
وجاء في " المجموع شرح المهذب" للنووي ـ من كتب الشافعية ـ (4/387) :
" يُسْتَحَبُّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ"
انتهى . ونحوه في "الأذكار" له (278)
وينظر :"إحياء علوم الدين" (1/205-206) .
وجاء في "الفروع" لابن مفلح ـ من كتب الحنابلة ـ :
" وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاة مَنْ أَرَادَ سَفَرًا وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْحَجِّ . وَعَنْ مُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامِ (مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ سَفَرًا) مُنْقَطِعٌ .
"وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ (إذَا خَرَجْت فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ " "الفروع" (2/408) .
وقال في الموضع المحال عليه في الحج :
" وَيُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ " انتهى (5/298) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:45
التعليق على حديث لا أصل له
السؤال
جاء عند الحاكم في " مستدركه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - فيما معنى الحديث – ( إذا أبغضت أمّتي علماءها ، وشُيّدت أسواقها ، وجُعل الزواج وسيلة لجمع المال إلّا ابتلاهم الله بأربع : المجاعة
وجور الحكام ، وكذب الولاة والقائمين على شوؤنهم ، وتكالب الأمم عليهم ) . فما صحة هذا الحديث ؟ .
الجواب
الحمد لله
بعد طول بحث لم نجد هذا الحديث لا بلفظه ولا بلفظ قريب منه
لا في مستدرك الحاكم ولا في غيره ، فالحديث بهذا اللفظ لا أصل له .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:48
الكلام عن حديث ( ستكون فتنة تستنظف العرب ... ) رواية ودراية
السؤال
بينما كنت أقرأ في كتاب " نهاية العالم " للدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي ، والذي يتكلم عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى فوجدت ضمن العلامات " فتنة تستنظف العرب "
وذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، والحديث فيه مقال .
فأرجو من فضيلتكم شرح الحديث ، وهل ينطبق على الأوضاع الحالية في وطننا العربي .
الجواب
الحمد لله
أولاً:
نص الحديث الوارد ذِكره في السؤال وتحقيق القول في درجته :
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِى النَّارِ اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ ) .
رواه الترمذي ( 2178 ) وأبو داود ( 4265 ) وابن ماجه ( 3967 ) .
والحديث ضعيف لا يصح ؛ فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته وهو زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ .
الثانية : ضعف ليث بن أبي سلَيم .
وقد ضعفه الترمذي بعد روايته ونقل عن الإمام البخاري جهالة زياد ، والاختلاف في الحديث وقفاً ورفعاً ، وضعفه محققو " مسند أحمد " ( 11 / 562 ) والألباني في " السلسة الضعيفة " ( 3229 )
وقد أحسن الشيخ العريفي في قوله " وفيه مقال " وليتَه لم يذكره أصلاً .
ثانياً:
أما معناه :
قال المباركفوري – رحمه الله - : " قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب ) أي : تستوعبهم هلاكاً ، يقال : استنظفتْ الشيءَ إذا أخذتْه كلَّه ، ومنه قولهم " استنظفتُ الخراج " ولا يقال نظَّفته كذا في " النهاية " .
قال القارىء : وقيل : أي : تطهرهم من الأرذال وأهل الفتن .
( قتلاها ) جمع قتيل بمعنى مقتول مبتدأ خبره قوله ( في النار ) أي : سيكونون في النار ، أو هم حينئذ في النار ؛ لأنهم يباشرون ما يوجب دخولهم في النار كقوله تعالى ( إن الأبرار لفي نعيم ) قال القاضي رحمه الله
: المراد بقتلاها : من قُتل في تلك الفتنة ، وإنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليها إعلاء دين أو دفع ظالم أو إعانة محق وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طمعا في المال والملك .
( اللسان فيها ) أي : وقعه وطعنه على تقدير مضاف ، ويدل عليه : رواية ( إشراف اللسان ) أي : اطلاقه وإطالته .
( أشد من السيف )
أي : وقع السيف كما في رواية ؛ لأن السيف إذا ضُرب به أثَّر في واحد ، واللسان تضرب به في تلك الحالة ألف نسَمة "
انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 6 / 335 ) .
وبما أن الحديث لم يصح فلا حاجة للاشتغال بتأويله والأخذ والرد بتفسيره ، وخاصة أنه في أمور الغيب ، ولو صحَّ فلا ينبغي لأحدٍ أن يجزم بتنزيله على واقع معيَّن ظنّاً منه أنه ينطبق عليه
إذ قد يأتي واقع هو ألصق بمعنى الحديث من الواقع المظنون ، وقد يكون الحديث قد انطبق على زمان سالف .
ونسأل الله أن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح وجزاك الله خيراً على أدبك وحسن أخلاقك .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:51
حديث مكذوب فيه أن جبريل ينزل عشر مرات لرفع عشر جواهر من الأرض
السؤال
سمعت حديثا أريد صحته ، وفي أي كتاب يوجد : روي أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في معركة مؤتة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ! هل تنزل بعدي ؟
فقال : نعم يا رسول الله ! أنزل عشرة مرات لرفع عشر جواهر من الأرض. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما ترفع ؟
قال جبريل : الأولى أرفـع البركـة مـن الأرض .
الثانية أرفع من قلوب الخلق الرحمة .
والثالثة أرفع الشفقة من قلوب الأقارب .
الرابعة أرفع العدل مــن الأمــراء .
والخامسة أرفع الـحياء من الـنســـاء .
والسادسة أرفع الـصبـر مـن الفـقـراء .
والسابعة أرفع الزهـد والورع من العلماء .
والثامنة أرفع السـخاء مـن الأغـنيـاء .
والتاسعة أرفــع الــقـــــــرآن .
والعاشرة أرفع الإيــمـــــــــان .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لم يثبت في كتب السنة ، وليس له أصل ولا إسناد ، كما لم نجده في كتب الموضوعات والمكذوبات ، فلا يحل لأحد روايته إلا على سبيل التحذير منه
وليتق الله كل من يساعد في نشر الموضوعات ، ففي ذلك اعتداء على مقام النبوة ، ووقوع في الوعيد الشديد ، بل الواجب على جميع المسلمين التثبت والتحري
وعدم المسارعة إلى تناقل الأحاديث النبوية حتى يطمئن القلب إلى ثبوتها في كتب المحدثين من الأئمة الستة وغيرهم .
ثم إن في الحديث بعض النكارات في المتن ، منها :
أولا : النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج إلى مؤتة باتفاق العلماء ، وإنما بعث جيشه وأمر عليهم زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فكيف يرد في الحديث أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في مؤتة؟!
ثانيا : رفع هذه الأمور من الأرض لا يقتضي نزول جبريل عليه السلام ، فهو الروح الأمين الموكل بالوحي ، وقد انقطع الوحي بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم
وليس في السنة ما يدل على أنه ينزل لرفع الأخلاق الفاضلة من الأرض في آخر الزمان .
ثالثا : ورد في السنة أن الخشوع والأمانة أول ما يرفع من هذه الأمة ، وليست البركة كما في هذا الحديث .
فقد روى الطبراني في " المعجم الكبير " (7/295) عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْخُشُوعُ ) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (رقم/2576)
وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةُ , وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ , وَرُبَّ مُصَلٍّ , لَا خَيْرَ فِيهِ )
رواه الطبراني في "المعجم الصغير" (1/238) من طريق حكيم بن نافع ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر به .
وهذا إسناد قابل للتحسين ، فيه حكيم بن نافع ، قال فيه ابن معين : ليس به بأس ، وضعفه أبو زرعة .
انظر " ميزان الاعتدال " (1/576)
ووردت بذلك آثار صحيحة عن الصحابة كعبد الله بن مسعود عند الحاكم في " المستدرك " وغيره .
رابعا : وفي قوله : ( أرفع الزهد والورع من العلماء ) يحمل قدرا من التناقض ، فالعالم لا يستحق وصف العلم إذا لم يحمل في قلبه قدرا من الزهد والورع يتقي به المحارم المظنونة أو المباحات المشتبهة .
خامسا : وفي الكلام المذكور ركاكة ظاهرة ، وذلك في قوله : ( عشر جواهر )، وفي قوله : ( الشفقة من قلوب الأقارب )
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 15:57
حديث موضوع جاء فيه : ( لا حيلة في الرزق ولا شفاعة في الموت )
السؤال
ما صحة حديث : ( خمسة كتبت على ساق عرش الرحمن ، لا حيلة في الرزق ، ولا شفاعة في الموت ، لا راحة في الدنيا ، لا راد لقضاء الله ، ولا سلامة من ألسنة الناس ) ؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء .
الجواب
الحمد لله
لم نعثر على هذا الحديث في شيء من كتب أهل العلم ، سواء في كتب التفسير أم الحديث أم الفقه أم التاريخ
ولذلك يغلب على ظننا أن لا أصل لهذا الحديث ، بل هو من المختلَقات الموضوعات على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن مختلَقات القرن الخامس عشر الهجري
إذ لم يُعرف حتى في كتب السابقين المخصصة للأحاديث الموضوعة ، فالغالب أن واضعه من المعاصرين ، خاصة مع انتشار الأحاديث المكذوبة في المنتديات والمواقع الاجتماعية ، وانتشار وسائل الاتصال الحديث .
نقول هذا رغم أن المعاني الواردة في الرواية معان صحيحة ، جاء ما يشهد لها من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ، ولكن ليس كل ما صح معناه جازت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وإلا جاز لكل شخص أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويختلق الأحاديث عليه ، ثم تكون حجته أن ما كذبه له شواهده من القرآن والسنة .
فالحق أنه لا يحل نسبة هذا الكلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ )
رواه مسلم في مقدمة صحيحه (رقم/4)
وقد بوب الحافظ ابن حبان على حديث أبي هريرة بمعنى هذا الحديث بقوله :
" فصل : ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير عالم بصحته "
انتهى من " صحيح ابن حبان " (1/210)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:05
إبطال استدلال الطائفة الأحمدية بحديث : ( لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا )
السؤال
ما صحة هذا الحديث : ورد في " سنن ابن ماجة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو كان ابني إبراهيم حياً لكان صِدّيقاً نبياً ) والقاديانية والأحمدية يستخدمون
هذا الحديث كدليل على أن الشريعة خُتمت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن النبوة لم تُختم به.. فما قولكم ؟ وجزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله
يمكننا تلخيص الجواب عن هذه الشبهة بالفقرات الآتية :
أولا :
الحديث المقصود في السؤال لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روي مرفوعا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ ، وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ )
رواه ابن ماجة في " السنن " (1511) من طريق داود بن شبيب الباهلي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان ، قال : حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس به .
وهذا إسناد ضعيف جدا فيه علتان :
العلة الأولى : إبراهيم بن عثمان ، أبو شيبة الكوفي ، اتفق النقاد على ضعفه ، فضعفه أحمد وابن معين ، بل قال فيه ابن المبارك : ارم به ، وقال الترمذي : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك الحديث
. ينظر : " تهذيب التهذيب " (1/145)
العلة الثانية : الانقطاع ، فقد قالوا في ترجمة إبراهيم بن عثمان إنه لم يسمع من الحكم سوى حديث واحد ، ولم يذكروا هذا الحديث
وقالوا في ترجمة الحكم بن عتيبة إنه لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث ، ليس هذا منها ، فضلا عما اشتهر به من التدليس
. ينظر : " تهذيب التهذيب " (2/434)
ولذلك ضعف الحديث ابن عدي في " الكامل " (8/507)، وابن حجر في " الإصابة " (1/94)، وابن كثير في " البداية والنهاية " (8/248) طبعة دار هجر ، والسخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/406)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله
" هذا إسناد ضعيف جداً ؛ إبراهيم هذا متروك الحديث ، وتابعه بقية عن الحكم به ، أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن يونس : أنبأنا سعد ابن أوس أبو زيد الأنصاري
: أنبأنا بقية عنه . و ( بقية ) مدلس وقد عنعنه ، فمن المحتمل أن يكون تلقاه عن إبراهيم هذا أو غيره من المتهمين ثم دلسه !
ثم إن في الطريق إليه محمد بن يونس - وهو الكديمي – وضَّاع "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/3202)، وانظر : (رقم/220)
وللحديث شاهد يرويه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3/138) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا )، ولكنه ضعيف جدا أيضا
فيه ثابت بن أبي صفية ، أبو حمزة الثمالي ، قال فيه الإمام أحمد : ضعيف ، ليس بشيء ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة : لين الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة
وقال ابن عدي : وضعفه بيِّنٌ على رواياته ، وهو إلى الضعف أقرب ، وقال ابن حبان : كان كثير الوهم في الأخبار حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد ، مع غلوه في تشيعه
. ينظر: " تهذيب التهذيب " (2/7-8)
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:06
ثانيا :
ورد معنى الحديث السابق في كلام بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، وهذا تخريج ما ورد:
1- أخرج البخاري في "صحيحه" (6194) من طريق إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت لابن أبي أوفى : رأيت إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قال : " مات صغيراً ، ولو قُضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي عاش ابنُه ، ولكن لا نبيّ بعده "
2- وعن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : " لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا "
رواه أحمد في " المسند " (19/359)، وفي (21/402) وغيره، وقال محققو المسند : " إسناده حسن من أجل السدي " انتهى.
فالخلاصة أن معنى الحديث يصح موقوفا من كلام أنس وابن أبي أوفى ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثا :
وقد اختلف العلماء في هذه الآثار الواردة عن الصحابة على قولين :
القول الأول :
استنكر بعض العلماء هذا الكلام ، وردوا ما يوهمه من أن النبوة يمكن أن تورث .
فقال ابن عبد البر رحمه الله – معلقا على كلام ابن أبي أوفى -
:
" هذا لا أدرى ما هو ، وقد ولد نوح عليه السلام من ليس نبيا ، وكما يلد غير النبي نبيا ، فكذلك يجوز أن يلد النبي غير نبي ، والله أعلم ، ولو لم يلد النبي إلا نبيا لكان كل واحد نبيا
لأنه من ولد نوح عليه السلام ، وذا آدم نبي مكلم ، وما أعلم في ولده لصلبه نبيا غير شيث "
انتهى من " الاستيعاب " (1/60)
وقال الإمام النووي رحمه الله :
" وأما ما روى عن بعض المتقدمين : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيًا ) فباطل ، وجسارة على الكلام في المغيبات ، ومجازفة ، وهجوم على عظيم من الزلات ، والله المستعان "
انتهى من " تهذيب الأسماء واللغات " (1/103)
القول الثاني :
قَبِلَ آخرون مِن أهل العلم الروايات السابقة ، ولكنهم قالوا إن الشرطية فيها غير لازمة ، ولا تدل على جواز الوقوع .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله – معلقا على كلام ابن أبي أوفى رضي الله عنه - :
" مثل هذا لا يقال بالرأي ، وقد توارد عليه جماعة – فذكر حديث ابن عباس وحديث أنس السابقين ثم قال - : فهذه عدة أحاديث صحيحة عن هؤلاء الصحابة ، أنهم أطلقوا ذلك ، فلا أدري ما الذي حمل النووي على استنكار ذلك
ومبالغته...ويحتمل أن لا يكون استحضر ذلك عن الصحابة المذكورين فرواه عن غيرهم ممن تأخر عنهم فقال ذلك .
وقد استنكر قبله ابن عبد البر...مع أن الذي نقل عن الصحابة المذكورين إنما أتوا فيه بقضية شرطية "
انتهى باختصار من " فتح الباري " (10/578)
ويقول الملا علي القاري رحمه الله :
" لا يستلزم وقوع المقدم في القضية الشرطية ، فلا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، فيقرب من قوله صلى الله عليه وسلم على ما رواه أحمد والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر مرفوعا
( لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب ) والله سبحانه أعلم بما كان ، وما يكون ، وبما لا يكون ، وبأنه لو كان كيف يكون "
انتهى باختصار من " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (9/3721)، وأيضا: (9/3932)، وانظر تعليقا مهما له في " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " (ص/290)، وانظر: " الحاوي " للسيوطي (2/119)
رابعا :
الحقيقة أننا نعجب من الاستدلال بهذا الحديث – بفرض صحته – على جواز النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن سياق الحديث على عكس ذلك تماما
يُظهر أن المراد به إعلان انتهاء مقام النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك المقام لن يبلغه أحد من البشر
إذ لو كان ذلك جائزا لكان أحق الناس بها إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله عز وجل توفاه لحكمة يعلمها سبحانه ، فلم يكن نبيا ، ولن يكون غيره نبيا ، فأي بيان أوضح من ذلك لمن أراد الهدى
ولكنه هوى القلوب وعماها عن الحق ، فتحرف الكلم عن مواضعه ، والله عز وجل يقول : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) المائدة/13.
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:06
خامسا :
معلوم عند أهل اللغة أن كلمة ( لو ) لا تدلّ على إمكانية وقوع المعلق ؛ وإنما يقول النحويون إنها حرف امتناع لامتناع ، يعني امتناع الجواب لامتناع الشرط
وذلك كثير في القرآن الكريم ، كقول الله تعالى : ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ) الإسراء/42، وقوله عز وجل : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) الأنبياء/22،
فهل يقول عاقل إن هذه الآيات دليل على جواز أن يكون مع الله آلهة أخرى ؟!
فكذلك سياق الحديث الشريف يدل دلالة ظاهرة على أن المقصود التمثيل والافتراض ، والافتراض لا يعني جواز الوقوع ، بل قد يفترض المستحيل شرعا للوصول إلى مقصد التشبيه والتمثيل أو التدليل .
سادسا :
الاستدلال بآثار الصحابة فيه إلزام ظاهر لهم أيضا ، وذلك في قول ابن أبي أوفى –
كما سبق نقله مما رواه البخاري – ( إلا أنه لا نبي بعده )، فهي جملة صريحة في نفي النبوة عن غير النبي صلى الله عليه وسلم ممن يأتي بعده .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" إذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة : ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا ) على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صلى الله عليه وسلم
لأنها لا تصح هكذا عنه صلى الله عليه وسلم ، وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجرا
وتعكس دليلهم عليهم ؛ إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيرا كان بسبب أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ، ولربما جادلوا في هذا -
كما هو دأبهم - وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذه الآثار ، وأن يرفعوا عنها حكم الرفع ، ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا ولو من الوجه الأول
وهو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا صراحة "
انتهى باختصار من " السلسلة الضعيفة " (1/388)
وأخيرا :
الطائفة القاديانية أو ( اسمها الآخر الأحمدية ) متفق على خروجها عن ملة الإسلام لدى العلماء المعاصرين ، لما تشتمل عليه عقائدهم من أمور كفرية مناقضة لثوابت الشريعة الإسلامية
وقد صدرت بكفرهم عشرات الفتاوى والقرارات المجمعية ، من أهمها قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، رقم/4 (4/3)، فقد خالفت هذه الطائفة إجماع المسلمين القطعي
على أنه لا نبي بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ودلت على ذلك العديد من نصوص الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:09
حديث موضوع فيه صلاة ركعتين وهبة ثوابهما للوالدين
السؤال
قرأت في أحد المواقع ما يأتي : صلاة ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وآية الكرسي خمس مرات ، وقل هو الله أحد خمس مرات ، والمعوذتين خمس مرات
فإذا فرغ استغفر الله خمس عشرة مرة ، وجعل ثوابه لوالديه ، فقد أدَّى حقهما . ما مدى صحة هذا في السنة ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
هذا الحديث ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (1/200) ، وأبو طالب المكي في "قوت القلوب" ، قال فيه الحافظ العراقي في تخريجه :
" أخرجه أبو موسى المديني ، وأبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " بسند ضعيف جدا
وهو منكر " انتهى .
وأورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص/46) ، واللكنوي في "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (1/54) .
ثانياً :
فعل الأعمال الصالحة وهبة ثوابها للأموات ـ الوالدين وغيرهما ـ اختلف العلماء في جوازه ، والراجح أنه لا يصل الميت من ذلك إلا ما وردت به السنة فقط
كالحج والعمرة والصدقة والصيام لمن مات وعليه صيام ، وأفضل من ذلك كله : الدعاء .
فليحرص المسلم على العمل بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيه الكفاية ، ويحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:13
قصة مكذوبة في غضب فاطمة من علي رضي الله عنهما
السؤال
قال لي أحد الصوفية مقولة غريبة ، جعلتني ثائرا جدا ، وأقسمت بالله العظيم أنها لم تحدث ، حيث إنه قص علي الآتي : أن السيدة فاطمة شكت للنبي هجر سيدنا علي فراشها
فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأمسك ببراد الماء ، فنطق البراد وقال : لقد اغتسلت مني فاطمة أربعين مرة ، فضرب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ردف السيدة فاطمة وقال لها : البرود يا فاطمة .
هل هذه القصة لها أي نصيب من الحق أم لا ؟ وبارك الله فيكم .
الجواب
الحمد لله
لم نعثر على القصة الواردة في السؤال ، بل لم نجد لها أثرا من قريب ولا من بعيد ، وغالب الظن أنها – بالتفصيل الوارد في السؤال – مكذوبة موضوعة نسجها بعض القصاصين من خياله الفاسد
ووهمه السقيم الذي يريد تصوير سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بصورة بعض السوقة أو ساقطي المروءات من الآباء ، وهو عليه الصلاة والسلام أكرم البشر مروءة وأشدهم حياء ، وأرقاهم معاملة .
وإنما الذي صح في كتب السنة أنه ثمة تغاضبا واختلافا وقع بين علي بن أبي طالب وفاطمة رضي الله عنهما ، كما يقع بين كثير من الأزواج ، فأصلح النبي صلى الله عليه وسلم ما فسد بينهما بكلام يسير .
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ :
( جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ ، فَقَالَ : أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ؟
قَالَتْ : كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي ، فَخَرَجَ ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ :
انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ ، وَيَقُولُ : قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ )
رواه البخاري (441) ، ومسلم (2409)
وقد راجعنا كتب الشروح ، وروايات هذا الحديث في كتب السنة المسندة ، بل وحتى في كتب الشيعة المليئة بالخرافات ، فلم نجد ما يشير إلى ما ورد في السؤال
ممَّا رجَّح لدينا أن الكذب والاختلاق لا حدود له ، وأن المسلم إذا نقل ما لم يتثبت منه فقد جعل عقله عرضة لكل سخيف من القول ، رديء من النقل ، سقيم من العقل ، وسيحاسبه الله عز وجل على ذلك
فهو القائل سبحانه : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36.
فلا يحل لمسلم حكاية القصة المكذوبة في السؤال ، ولا التفوه بمثلها ، وإذا كانت حرمة بيوت المسلمين محفوظة ، والعلاقة الخاصة بين الرجل وزوجته مصونة لكل مسلم
فكيف بأطهر البيوت وأشرف الأزواج بيت علي وفاطمة رضي الله عنهما ؟!! لا شك أن حرمتها أشد وأعظم ، فلا يحل التجرؤ عليها بالحكايات المختلقة .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" الاعتماد في رواية الأحاديث على مجرد رؤيتها في كتاب ليس مؤلفه من أهل الحديث ، أو في خطب ليس مؤلفها كذلك ، فلا يحل ذلك ، ومن فعله عُزِّر عليه التعزيز الشديد ، وهذا حال أكثر الخطباء
فإنهم بمجرد رؤيتهم خطبة فيها أحاديث حفظوها وخطبوا بها من غير أن يعرفوا أن لتلك الأحاديث أصلاً أم لا ، فيجب على حكام كل بلد أن يزجروا خطباءها عن ذلك "
انتهى من " الفتاوى الحديثية " (ص/32)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-24, 16:17
هل صحَّ الحديث القدسي ( من أجابني حين أدعوه أجيبه حين يدعوني )؟
السؤال
ما مدى صحة هذا الحديث القدسي ( من أجابني حين أدعوه أجيبه حين يدعوني ) ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله
بعد البحث في كتب السنَّة مما وقعت عليه أيدينا واستطعنا الوصول إليه لم نجد هذا الحديث لا بإسناد صحيح ولا بإسناد ضعيف ، بل ولا بإسناد مركب ، فالحديث لا أصل له البتة .
وقد جاء في كتاب الله تعالى ربط إجابة الله تعالى لدعاء عباده بالاستجابة له تعالى بالإيمان به وفعل أوامره واجتناب نواهيه
وهو ما يكاد يطابق معنى الحديث الوارد في السؤال ، وفي ذلك يقول تعالى ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/ 186 .
وإجابة الله تعالى لدعاء لعباده لها صور ثلاثة : إما أن يعجل الله مطلوب السائل ، أو يدفع عنه من الشر بقدر دعائه ، أو يدخر له قدره ثواباً يوم القيامة، لكن على العباد تحقيق أسباب إجابة الدعاء والتخلص من موانع إجابته.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -
: " فمن دعا ربه بقلب حاضر ودعاء مشروع ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء كأكل الحرام ونحوه : فإن الله قد وعده بالإجابة
وخصوصاً إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية والإيمان به الموجب للاستجابة
فلهذا قال ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) أي : يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة ، ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة
ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره سبب لحصول العلم كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ) " .
انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 87 ) .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:17
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الدعاء الذي أنقذ الصحابي من اللص ، وفيه ( يا ودود ! يا ذا العرش المجيد ! )
السؤال
أود أن أتبين درجة هذه الأحاديث ؛ لأنها تصلني على البريد الإلكتروني ولا أعلم صحتها : اقرأه 3 مرات والله يستجيب بإذن الله : ( يا ودود يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا مبدئ يا معيد
يا فعالا لما يريد ، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك ، وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك ، وأسألك برحمتك التي وسعت كل شيء ، لا إله إلا أنت ، يا مغيث أغثني ، ثلاث مرات )
الجواب
الحمد لله
هذا الدعاء المذكور ورد في حديث له قصة مشهورة منتشرة في المنتديات ، لعل من المناسب ذكرها حتى يتبين أمرها :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى ( أبا معلق ) ، وكان تاجراً يتجر بماله ولغيره يضرب به في الآفاق ، وكان ناسكا ورعا ، فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح
فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ، قال : ما تريد إلى دمي ! شأنك بالمال ، فقال : أما المال فلي ، ولست أريد إلا دمك ، قال : أمَّا إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات ؟ قال : صلِّ ما بدا لك
قال : فتوضأ ثم صلَّى أربع ركعات ، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : ( يا ودود ! يا ذا العرش المجيد ! يا فعَّال لما يريد ! أسألك بعزك الذي لا يرام ، وملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك
أن تكفيني شرَّ هذا اللص ، يا مغيث أغثني ! ثلاث مرار ) قال : دعا بها ثلاث مرات ، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه ، فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله
ثم أقبل إليه فقال : قم ، قال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم ؟ قال : أنا ملَكٌ من أهل السماء الرابعة ، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة
ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي : دعاء مكروب ، فسألت الله تعالى أن يوليني قتله .
قال أنس رضي الله عنه : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروباً كان أو غير مكروب ) .
أخرجه ابنُ أبي الدنيا في " مجابي الدعوة " ( 64 ) و" الهواتف " ( 24 )
ومن طريقهِ أخرجه اللالكائي في " شرح أصولِ الاعتقاد " ( 5 / 166 ) وبوَّب عليه : " سياق ما روي من كراماتِ أبي معلق " ، وأخرجه " أبو موسى المديني " –
كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في " الإصابة " ( 7 / 379 ) في ترجمة " أبي معلق الأنصاري " ونقل عنه أنه أورده بتمامه في كتاب " الوظائف "
وكذا رواه عنه تلميذه ابن الأثير في " أسد الغابة " ( 6 / 295 ) - : جميعهم من طريق الكلبي يصله إلى أنس رضي الله عنه .
وقد اضطرب فيه الكلبي واختلفت الرواية عنه :
فمرة يرويه عن الحسن عن أنس – كما هي رواية ابن أبي الدنيا - .
ومرة يرويه عن الحسن عن أبي بن كعب – كما ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة عن سند أبي موسى المديني
- .
ومرة يرويه عن أبي صالح عن أنس – كما في رواية ابن الأثير عن أبي موسى المديني .
قال الشيخ الألباني - رحمه الله - :
وهذا إسناد مظلم ... الآفة إما من الكلبي المجهول ، وإما ممن دونه ، والحسن – وهو البصري – مدلس وقد عنعن ، فالسند واهٍ .
فمن الغريب أن يُذكر ( أبو معلق ) هذا في الصحابة ، ولم يذكروا ما يدل على صحبته سوى هذا المتن الموضوع بهذا الإسناد الواهي ! ولذلك – والله أعلم – لم يورده ابن عبد البر في " الاستيعاب "
وقال الذهبي في " التجريد " ( 2 / 204 ) : له حديث عجيب
لكن في سنده الكلبي ، وليس بثقة ، وهو في كتاب " مجابو الدعوة " ، ويلاحظ القراء أنه قال في الكلبي : " ليس بثقة " ، وفي هذا إشارة منه إلى أنه لم يلتفت إلى قوله في الإسناد : " وليس بصاحب التفسير "
لأن الكلبي صاحب التفسير هو المعروف بأنه ليس بثقة ، وقد قال في " المغني " : " تركوه ، كذَّبه سليمان التيمي ، وزائدة ، وابن معين ، وتركه ابن القطان ، وعبد الرحمن " .
ومن الغرائب أيضاً : أن يَذكر هذه القصة ابن القيم في أول كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " من رواية ابن أبي الدنيا هذه ، معلقا إياها على الحسن ، ساكتاً عن إسنادها ! .
" السلسلة الضعيفة " ( 5737 )
قلت :
وللكلبي متابعة من قبل مالك بن دينار ، فقد أخرج القشيري في " الرسالة القشيرية " ( 2 / 85 ، 86 باب الدعاء ) القصة بسياق مشابه فقال :
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ببغداد قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك قال : أخبرنا محمد بن عبد ربه الحضرمي قال : أخبرنا بشر بن عبد الملك قال : حدثنا موسى بن الحجاج
قال : قال مالك بن دينار : حدثنا الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه ... فذكر الحديث .
لكنها متابعة غير صالحة ، إذ في هذا السند علتان :
الأولى : محمد بن عبد ربه الحضرمي : لم أقف له على ترجمة .
الثانية : بشر بن عبد الملك الراوي عن موسى بن الحجاج : لم أعرفه أيضا ، فكل مَن تُرجم لهم بهذا الاسم ثلاثة :
1. بشر بن عبد الملك الخزاعي مولاهم الموصلي ، روى عن : غسان بن الربيع ومحمد بن سليمان لوين وجماعة ، وروى عنه : الطبراني
.
" تاريخ الإسلام " الذهبي ( أحداث سنة 300 هـ ) .
2. بشر بن عبد الملك ، أبو يزيد الكوفى نزيل البصرة ، روى عن : عون بن موسى ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري ، كتب عنه : أبو حاتم بالبصرة ، وروى عنه : أبو زرعة ، وسئل عنه فقال : شيخ .
" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ( 2 / 362 ) .
3. بشر بن عبد الملك العتبي ، يروى عن : يحيى بن سعيد الانصاري ، روى عنه : أبو سعيد الأشج .
" الثقات " لابن حبان ( 6 / 97 ) .
وهم كما ترى لا يبدو أن أحداً منهم هو المذكور في الحديث .
إلا أن الحافظ ابن ماكولا في " الإكمال " ( 5 / 101 ) ذكر راوياً عن موسى بن الحجاج باسم ( بشران بن عبد الملك ) فقال :
وأما بشران : فهو بشران بن عبد الملك ، أظنه موصليّاً ، حدَّث عن موسى بن الحجاج بن عمران السمرقندى ببيسان عن مالك بن دينار .
انتهى .
فلعله هو المقصود ، وتصحف اسمه في كتاب " القشيري " إلى " بشر " .
أما ابن السماك فهو ثقة ، ترجمته في "سير أعلام النبلاء" للذهبي ( 17 / 312 ) .
وكذا مالك بن دينار ( 127 هـ ) ترجمته في " تهذيب التهذيب " ( 10 / 15 ) .
والخلاصة :
أن القصة والدعاء لا يصحان بوجه من الوجوه ، إلا أن جمل هذا الدعاء وعباراته ليس في شيء منها نكارة
بل كلماته صحيحة عظيمة تشهد لها نصوص من الكتاب والسنة
ولكن لا يعني ذلك لزوم نجاة من دعا بها ، أو اعتقاد نصرة الله تعالى لمن ذكرها ، فذلك متوقف على صحة السند به إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وبما أن السند لم يصح : فلا ينبغي اعتقاد ذلك ، ومن أحب أن يحفظ هذه الكلمات ويدعو بها دون أن ينسبها إلى الشرع : فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:25
هل من الذكر الشرعي قراءة سبحان ربك رب العزة عما يصفون دبر الصلاة أو في كفارة المجلس
السؤال
تصلني من بعض الناس رسائل فيها بعض الأذكار ، فأريد التأكد من صحتها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال دبر كل صلاة : سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين - ثلاث مرات : فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر ) . كذلك الدعاء الذي يستغفر له سبعون ألف ملك إلى يوم القيامة : ( الحمد لله الذي تواضع كل شي
لعظمته ، الحمد لله الذي استسلم كل شيء لعزته ، الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته ، الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه ) من قال الدعاء مرة واحدة تكتب له ألف حسنة
ويرفعه الله ألف درجة ، ويوكل به سبعون ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة . وجزاكم الله خير الجزاء .
الجواب
الحمد لله
أولا :
تخريج الأحاديث الواردة في هذا الباب على الوجه الآتي :
الحديث الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلَوَاتِهِ ، أَوْ حِينَ يَنْصَرِفُ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ )
رواه أبو داود الطيالسي في " المسند " (3/651)، وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/269)، وعبد بن حميد – كما في " المنتخب من المسند " (ص/297) -، والحارث بن أبي أسامة
– كما في " بغية الباحث " (1/297) -، وأبو يعلى في " المسند " (2/363)، والطبراني في " الدعاء " (ص/207)
وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (ص/107)، والبيهقي في " الدعوات الكبير " (1/197)، والواحدي في " التفسير الوسيط " (3/536)، والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (15/175)، وغيرهم .
جميعهم من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب أبي هارون العبدي ، واسمه عمارة بن جوين ، قال البخارى : تركه يحيى القطان . وقال أحمد : ليس بشيء . قال ابن معين : كان عندهم لا يصدق في حديثه
. وقال النسائى : متروك الحديث . وقال شعبة : لأن أقدم فيضرب عنقي أحب إليَّ من أن أقول : حدثنا أبو هارون . وقال الحاكم أبو أحمد : متروك الحديث
. انظر : " تهذيب التهذيب " (7/413)
لذلك قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد ضعيف جداً "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/4201)
الحديث الثاني
: حديث زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ : سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَدِ اكْتَالَ بِالْجَرِيبِ الأَوْفَى مِنَ الأَجْرِ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (5/211)، وعنه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " (3/1175)
قال الطبراني :
حدثنا أحمد بن رشدين المصري ، ثنا عبد المنعم بن بشير الأنصاري ، ثنا عبد الله بن محمد الأنسي مِن ولد أنس ، عن عبد الله بن زيد بن أرقم ، عن أبيه .
وهذا حديث موضوع ، بسبب عبد المنعم بن بشير ، وصفه النقاد بالكذب .
لذلك قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه عبد المنعم بن بشير ، وهو ضعيف جدا "
انتهى من " مجمع الزوائد " (10/103)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع ، آفته عبد المنعم هذا ، قال أحمد وغيره : كذاب . وقال الحاكم : يروي عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات .
واللذان فوقه لم أعرفهما ، ولعلهما شخصان وهميان اختلقهما الأنصاري "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6529)
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:25
الحديث الثالث :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من سرّه أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل : ( سبحان اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ... إلى قوله: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ )، ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ... إلى قوله: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )
أخرجه الثعلبي في " الكشف والبيان " (7/298)، من طريق بشر بن الحسين ، عن الزبير بن عدي ، عن أنس بن مالك .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وآفته بِشْرٌ هذا ، فإنه كذاب ، روى عن الزبير بن عدي موضوعات ، رماه بذلك أبو حاتم وغيره "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)
الحديث الرابع : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( كُنَّا نَعْرِفُ انْصِرَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (11/115) من طريق محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس .
قلنا : وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، ضعفه يحيى بن معين ، وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك
. كما في " لسان الميزان " (5/216)
لذلك قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وهو متروك "
انتهى من " مجمع الزوائد " (10/103)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" واهٍ لا يُفرح به ....ومما يؤكد نكارته أن المحفوظ عن ابن عباس قوله : ( كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ) أخرجه الشيخان "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/4201)
الحديث الخامس
: من مرسل الشعبي رحمه الله ، حيث يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَلْيَقُلْ آخِرَ مَجْلِسِهِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ : سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (10/3234) قال : حدثنا عمار بن خالد الواسطي ، حدثنا شبابة ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن الشعبي ، فذكره .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" إسناده ضعيف ؛ لإرساله ، وعنعنة أبي إسحاق - وهو السبيعي -، واختلاطه ، ويونس - هو: ابنه -، مختلف فيه ، وهو صدوق يهم قليلاً - كما قال الحافظ -
لكن لم يذكروه فيمن سمع من أبيه قبل الاختلاط ، ولعله لذلك كان أحمد يضعف حديثه عن أبيه .
وعلى هذا فقول الحافظ في " نتائج الأفكار " : أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " من مرسل الشعبي بسند صحيح إليه ، فيه تساهلٌ ظاهر "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:26
ثانيا :
وقد ورد قريب من هذا المعنى في الآثار الموقوفة ، ومن ذلك :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى فَلْيَقُلْ عِنْدَ فُرُوغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه عبد الرزاق في " المصنف " (2/236)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/123)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (8/174) وغيرهم .
من طريق سفيان بن عيينة ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي فذكره .
وهذا إسناد واهٍ بسبب أصبغ بن نباتة ، قال النسائي وابن حبان : متروك . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال أبو حاتم : لين الحديث . انظر : " ميزان الاعتدال " (1/271)
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)
والخلاصة :
أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وطرقه وأسانيده لا يقوي بعضها بعضا لأنها شديدة الضعف ، ورواتها فيهم الكذاب والمتهم ومنكر الحديث ، فمثلها لا يتقوى .
ثالثا :
وأما الحديث الآخر الوارد في السؤال : ( الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته ) فقد سبق الجواب عليه في اجابه السؤال السابق
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:36
روايات مكذوبة في كتاب فضائل الأعمال
السؤال
لقد حضرت محاضرة دينية منذ أيام ، وسمعت فيها بعض الأحاديث التي أرغب معرفة مدى صحتها ، إنها أحاديث متعلقة بالصحابة رضي الله عنهم . لقد ذكر المُحاضِر أن الصحابة بلغوا من الإيمان إلى درجة أنهم كانوا يطلعون
على بعض الأمور الغيبية ، وساق الأدلة التي عزاها إلى كتاب فضائل الأعمال - وهو كتاب معروف لدى جماعة التبليغ -.. من ضمن هذه الأحاديث : أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرّ ذات مرة بالمكان الذي وقعت فيه غزوة بدر
فرأى قبراً مفتوحاً ، ورأى في ذلك القبر شخصاً يُعذب ويصرخ : أعطني ماءً.. ولكنه كان يُمنع من أن يأخذ الماء.. وعندما ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال : نعم ، هذا أبو جهل يُعذب هكذا إلى يوم القيامة
. وحديث آخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً نائماً في المسجد ، فأيقظه وسأله عن إيمانه ، فرد عليه الرجل وقال : إيماني على أكمل حال . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : وما علامة ذلك ؟
فرد الرجل وقال : أنه يرى عرش الرحمن ، وملائكة الرزق.. - وذكر واحدة ثالثة لا أستذكرها الآن -... فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم : إيمانك كامل فاحرص عليه . فما صحة هذه الأحاديث
وإذا كانت صحيحة فهل معنى ذلك أن الصحابة كانوا يشاهدون بعض الأمور الغيبية ، وما صحة كتاب " فضائل الأعمال " ؟
أرجو التوضيح والتفصيل وجزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله
أولا :
أما قصة رؤية عبد الله بن عمر عذاب أبي جهل بن هشام في بدر ، فهذا سرد متنها :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( بَيْنَا أَنَا سَائِرٌ بِجَنَبَاتِ بَدْرٍ ، إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ حُفَيرٍ ، فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ ، فَنَادَانِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي ، يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي
فَلَا أَدْرِي ، أَعَرفَ اسْمِي أَوْ دَعَانِي بِدِعَايَةِ الْعَرَبِ ، وَخَرَجَ أَسْوَدُ مِنْ ذَلِكَ الْحُفَيْرِ ، فِي يَدِهِ سَوْطٌ ، فَنَادَانِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، لَا تَسْقِهِ ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ حَتَّى عَادَ إِلَى حُفْرَتِهِ
فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ لِي : أَوَ قَدْ رَأَيْتَهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، وَذَاكَ عَذَابُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/335) قال : حدثنا محمد بن أبي غسان ، ثنا عمرو بن يوسف بن يزيد البصري ، ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة ، عن مالك بن مغول ، عن نافع ، عن ابن عمر فذكره . ثم قال :
"لم يرو هذا الحديث عن مالك بن مغول إلا عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي " انتهى .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب عبد الله بن المغيرة الكوفي ، قال فيه أبو حاتم : ليس بقوي ، وقال ابن يونس : منكر الحديث ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه
وقال النسائي : روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا [يعني: الثوري ومالكا] أتقى الله من أن يحدثا بها ، وسرد له الإمام الذهبي بعض الأحاديث ثم قال : هذه موضوعات .
انظر : " ميزان الاعتدال " (2/487-488)
قال الهيثمي رحمه الله :
" وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو ضعيف "
انتهى من " مجمع الزوائد " (3/57)
وقال أيضا :
" وفيه من لم أعرفه "
انتهى من " مجمع الزوائد " (6/81)
وروى ابن أبي الدنيا في " القبور " (ص/93، رقم/92) قال : حدثنا أبي ، ثنا هشيم ، ثنا مجالد ، عن الشعبي : أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إني مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض
فيضربه رجل بمقمعة معه حتى يغيب في الأرض ، ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك مرارا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم القيامة .
وهذا كما ترى حديث مرسل ، فالشعبي ليس من الصحابة ولا من كبار التابعين ، وله مراسيل كثيرة عن الصحابة .
وفيه أيضا مجالد بن سعيد ، ضعفه يحيى القطان ، وأبو حاتم ، وأحمد ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم
انظر : " تهذيب التهذيب " (10/41)
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:36
ثانيا :
أما الحديث الثاني الوارد في السؤال ، فلعل المراد به حديث الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ الأشعري :
( أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا . قَالَ : انْظُرْ مَا تَقُولُ ، إِنَّ لِكُلُّ حَقٍّ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ ؟
قَالَ : عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا . قَالَ : يَا حَارِثَةُ ! عَرَفْتَ فَالْزَمْ - قَالَهَا ثَلَاثًا -)
وقد روي على وجهين : مرسل ومتصل .
أما المرسل : فقد جاء من أسانيد عدة :
1- ابن نمير ، قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن زبيد مرسلا .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/170)
2- عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن صالح بن سمار وجعفر بن برقان : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحارث بن مالك ...الحديث .
رواه البيهقي بإسناده في " شعب الإيمان " (13/160) وقال : " هذا منقطع ".
3- أخبرنا معمر ، عن صالح بن مسمار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
رواه ابن المبارك في " الزهد " (1/106)، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (54/227)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وهو معضل "
انتهى من " الإصابة " (1/689)
4- قال الحافظ ابن حجر :
" أخرجه – يعني عبد الرزاق - في التّفسير عن الثّوريّ ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن يزيد السلمي قال : قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم للحارث:...."
انتهى من " الإصابة " (1/689)
5- قال ابن أبي شيبة : حدثنا يزيد بن هارون ، أنا أبو معشر، عن محمد صالح الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عوف بن مالك فقال : كيف أصبحت يا عوف بن مالك ؟
انتهى من " الإيمان " لابن أبي شيبة (ص/43)
وأما الوجه المتصل فقد جاء أيضا بأسانيد عدة :
1- من طريق زيد بن الحباب ، ثنا ابن لهيعة ، عن خالد بن يزيد السكسكي ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن محمد بن أبي الجهم ، عن الحارث بن مالك الأنصاري .
رواه عبد بن حميد كما في " المنتخب من المسند " (165)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/166) وعنه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " (2/777)، ورواه البغوي في " معجم الصحابة " (2/75)
والبيهقي في " شعب الإيمان " (13/159)
وهذا إسناد ضعيف بسبب ابن لهيعة ، وبسبب محمد بن أبي الجهم ، لم نقف على توثيق له إلا ذكر بعض المترجمين له في الصحابة ، ولكن في ثبوت صحبته نظر .
وقد قال أبو نعيم رحمه الله :
" لا أراه صحابيا " انتهى من " معرفة الصحابة " (1/202)
وقال ابن حجر رحمه الله :
" بل هو من أتباع التابعين ، روى حديثا فأرسله ، فغلط بعض رواته في لفظ متنه "
انتهى من " الإصابة " (6/261)
وقد سكت عنه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (7/224).
وباقي رجاله روايتهم مقبولة .
2- قال البيهقي في " الزهد الكبير " (ص/355) :
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن المقرئ من كتاب عتيق ، ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان ، ثنا زيد بن أبي أنيسة ، عن عبد الكريم –
هو ابن الحارث كما سماه في إسناده ابن مندة -، عن الحارث بن مالك .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه أبو فروة يزيد بن محمد ، قال فيه الدارقطني : متروك
. انظر: " موسوعة أقوال الدارقطني " (2/723)
3- قال أبو نعيم رحمه الله :
" ورواه محمد بن الفضل بن عطية ، عن غياث بن المسيب ، عن سليمان بن سعيد بن أبي بردة ، عن الربيع بن لوط ، عن الحارث بن مالك الأنصاري أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه "
انتهى من " معرفة الصحابة " (2/777)
وهذا إسناد متوقف فيه أيضا ، إذ لم نقف على ترجمة مفيدة لسليمان بن سعيد بن أبي بردة ، بل ولم نقف على ذكر له في كتب أهل العلم ، وأيضا فيه غياث بن المسيب ، قال فيه الإمام الذهبي رحمه الله : " مجهول "
انتهى من " ميزان الاعتدال " (3/338)
والذي يتحصل للقارئ أن جميع الأسانيد السابقة لا تخلو من نكارة وضعف ، فعمادها على المراسيل والمجاهيل والضعفاء ، ومثلها لا يقوي بعضها بعضا
كما أن شواهد الحديث عن أنس بن مالك وأبي هريرة لا تقوي القصة ، ولا تدل على ثبوتها .
لذلك ضعف العلماء هذا الحديث ، ولم نقف على تصحيحه عند أحد منهم .
قال العقيلي رحمه الله :
" ليس لهذا الحديث إسناد يثبت "
انتهى من " الضعفاء الكبير " (4/455)
وقال ابن تيمية رحمه الله :
" في الحديث الذي رواه ابن عساكر مرسلا ، وروي مسندا من وجه ضعيف لا يثبت "
انتهى من " الاستقامة " (1/194)
وقال ابن رجب رحمه الله :
" وهو حديث روي من وجوه مرسلاً ، وروي مسنداً متصلاً من رواية يوسف بن عطية الصفار ، وفيه ضعف ، عن ثابت ، عن أنس ...والمرسل أصح "
انتهى باختصار من " التخويف من النار " (45)
وقال أيضا :
" روي من وجوه مرسلة، وروي متصلا، والمرسل أصح "
انتهى من " جامع العلوم والحكم "(1/127)
وقال العراقي :
" كلا الحديثين – يعني حديث الحارث الأشعري وشاهده حديث أنس بن مالك – ضعيف "
انتهى من " المغني عن حمل الأسفار " (1575)
وقال الهيثمي رحمه الله :
" فيه ابن لهيعة ، وفيه من يحتاج إلى الكشف عنه "
انتهى من " مجمع الزوائد " (1/57)
وقال البوصيري :
" رواه عبد بن حميد بسند ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة "
انتهى من " إتحاف الخيرة المهرة " (7/454)
ثم إن الحديث – على فرض صحته – لا يدل على أن الحارث الأشعري قصد كونه يرى العرش عيانا ، وإنما يريد التمثيل للدلالة على قوة الإيمان بالله عز وجل ، حتى كأنه يرى الغيب رأي العين
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور في تعريف الإحسان : ( أن تعبد الله كأنك تراه )
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" أن يشهد العبد بقلبه ذلك شهادة ، فيصير كأنه يرى الله ويشاهده ، وهذا نهاية مقام الإحسان ، وهو مقام العارفين ، وحديث حارثة هو من هذا المعنى
فإنه قال : ( كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا ، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وإلى أهل النار يتعاوون فيها . فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عرفت فالزم
عبد نور الله الإيمان في قلبه ) وهو حديث مرسل ، وقد روي مسندا بإسناد ضعيف . وكذلك قول ابن عمر لعروة - لما خطب إليه ابنته في الطواف فلم يرد عليه ثم لقيه فاعتذر إليه –
وقال : كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا ...
" انتهى باختصار من " فتح الباري " لابن رجب (1/212-214)
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:37
ثالثا :
كتاب " فضائل الأعمال " واسمه القديم الذي طبع به أولا : " تبليغي نصاب " ، لمؤلفه : محمد زكريا الكاندهلوي ، مليء بالخرافات التي لا يجوز نقلها ولا حكايتها ، فضلا عن الإيمان بمحتواها .
يقول الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
" فيه من الشركيات والبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة والضعيفة شيء كثير ، فهو في الحقيقة كتاب شر وضلال وفتنة "
انتهى من " القول البليغ " (ص/11)
ويقول الشيخ شمس الدين الأفغاني رحمه الله :
" لكبار أئمة الديوبندية كتب يقدسها الديوبندية ، وهي مكتظة بالخرافات القبورية والوثنيات الصوفية ، نحو : - وذكر كتبا منها - " تبليغي نصاب " أي : نصاب التبليغ ومنهج التبليغ .
وهؤلاء الديوبندية لم يعلنوا البراءة من هذه الكتب ، ولا حذروا منها ، ولا أوقفوا طباعتها ، ولا منعوا بيعها ولا شراءها ، وأسواق الهند وباكستان وغيرها مكتظة بها "
انتهى من " جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية " (2/776)
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " :
" ما نقل في هذه الكتب – منها كتاب " فضائل الأعمال " - مما ذكر في السؤال من البدع المنكرة ، والخرافيات التي لا تستند إلى حقيقة شرعية
ولا إلى أصل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم " انتهى من (المجموعة الثانية 2/99)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز – عبد العزيز آل الشيخ – عبد الله بن غديان – صالح الفوزان – بكر أبو زيد .
وقد سبق التحذير من هذا الكتاب في الجواب القادم
رابعا :
أما ادعاء معرفة الغيب من قبل البشر فذلك ما لا يصدر عن مؤمن تقي ، فكيف بالعلماء والصالحين من الصحابة والتابعين
فقد قال الله عز وجل : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن/26-27. فإذا كان الأنبياء لا يعرفون الغيب إلا بقدر يسير يطلعهم الله عليه ليكون ذلك آية لهم على نبوتهم
فكيف بغيرهم ممن يدعي معرفة الغيب المطلق ، والاطلاع على اللوح المحفوظ .
جاء في متن " العقيدة الطحاوية ":
" العلم علمان : علم في الخلق موجود ، وعلم في الخلق مفقود ، فإنكار العلم الموجود كفر ، وادعاء العلم المفقود كفر ، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود"
وكان من تعليق الشيخ ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :
" من ادعى علم الغيب كان من الكافرين "
انتهى من " شرح الطحاوية " (ص/262)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:41
نقد كتاب فضائل الأعمال لمحمد زكريا الكاندهلوي
السؤال
هل صحيح أن كتاب " فضائل الأعمال " لمحمد زكريا الكاندهلوي يحتوي على العديد من الأمور التي مفادها الشرك ؟
الجواب
الحمد لله
كتاب " فضائل الأعمال " واسمه القديم الذي طبع به أولا : " تبليغي نصاب "
لمؤلفه : محمد زكريا الكاندهلوي
عبارة عن أبواب منوعة في فضائل الأعمال ، كتبها مؤلفها لتكون مرجعا لجماعته " جماعة التبليغ "
فأصبح هذا الكتاب عمدتهم ، يقرؤونه في مجالسهم ، ويدرسونه في مدارسهم ومساجدهم ، وهو مكتوب باللغة الأوردية ، لذلك لم ينتشر في البلاد العربية
وإنما في البلاد التي تنتشر فيها جماعة التبليغ كالهند والباكستان والأفغان .
قال الشيخ حمود التويجري في "القول البليغ" (ص/11) :
" وأهم كتاب عند التبليغيين كتاب "تبليغي نصاب" الذي ألفه أحد رؤسائهم المسمى : محمد زكريا الكاندهلوي ، ولهم عناية شديدة بهذا الكتاب ، فهم يعظمونه كما يعظم أهل السنة " الصحيحين " وغيرهما من كتب الحديث .
وقد جعل التبليغيون هذا الكتيب عمدة ومرجعا للهنود وغيرهم من الأعاجم التابعين لهم ، وفيه من الشركيات والبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة والضعيفة شيء كثير ، فهو في الحقيقة كتاب شر وضلال وفتنة " انتهى .
ويقول الشيخ شمس الدين الأفغاني في كتابه "جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" (2/776) :
" لكبار أئمة الديوبندية كتب يقدسها الديوبندية ، وهي مكتظة بالخرافات القبورية والوثنيات الصوفية ، نحو : - وذكر كتبا منها - " تبليغي نصاب " أي : نصاب التبليغ ومنهج التبليغ
وهؤلاء الديوبندية لم يعلنوا البراءة من هذه الكتب ، ولا حذروا منها ، ولا أوقفوا طباعتها ، ولا منعوا بيعها ولا شراءها ، وأسواق الهند وباكستان وغيرها مكتظة بها " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 2/97) :
" السؤال : أنا رجل مسلم أعيش في بريطانيا ، أرغب في اتباع منهج أهل السنة والجماعة في جميع أمور حياتي ، وبناء على هذا أحاول قراءة كتب دينية بالأردية
وأثناء قراءتي لبعض الكتب الدينية المؤلفة من العالم الشهير والبارز الهندي والمنتسب إلى جماعة التبليغ الديوبندية ، اسمه : الشيخ محمد زكريا كاندهلوي شيخ الحديث
وجدت في كتابه المسمى : ( تبليغي نصاب ) على الصفحة رقم/113 ، في الفصل الخامس ، قصة نقلها المؤلف من كتاب اسمه : ( رونق المجالس ) ، حيث ذكر قصة التاجر الذي مات وقسم ميراثه بين ابنيه
وقد ترك المتوفى إلى جانب المال الكثير شعر رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذ الابن الأصغر شعر رأس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتنازل عن ماله الذي كان يستحقه من وراثة أبيه في حق أخيه الكبير
والذي حصل أن الذي أخذ المال قد أفلس بعد قليل ، والذي أخذ الشعر صار غنيا ، وبعد وفاة الأخ الصغير الذي لديه شعر رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، رأى بعض الصالحين النبي صلى الله عليه وسلم في منامه
حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له : ( من له حاجة فعليه أن يذهب إلى قبر هذا الأخ الصغير ، ويدعو الله سبحانه وتعالى عند قبره لاستجابة دعائه ) نقلا عن كتاب ( تبليغي نصاب ) .
وكذلك قرأت كتابا آخر اسمه ( تاريخ مشائخ جثت ) للمؤلف السالف ذكره الشيخ : محمد زكريا في صفحة رقم ( 232 ) ، حيث ذكر في هذا الكتاب ،
مرة الشيخ حاجي إمداد الله مهاجر مكي كان في مرض موته ، فزاره أحد معتقديه وحزن على حاله التي كان هو فيها ، فعرف الشيخ حزنه عليه ، فقال : ( لا تحزن ، إن الزاهد العابد لا يموت
بل ينتقل من مكان إلى مكان آخر ، وإنه يقضي حاجة الناس وهو في قبره ، كما كان يقضي حاجتهم في حياته ) ، نقلا من كتاب :
( تاريخ مشائخ جثت ) .
والمطلوب أحب أن أسمع عن آرائكم الرشيدة في حق كل من ذكر . وكذلك :
أ - هل هو يبقى مسلما - أي : المؤلف - وراوي القصة بعد هذه العقيدة التي ظهرت لنا من خلال كتبه وكلامه ، بينوا لنا مستدلين بالكتاب والسنة ؟
ب - إذا لم يبق مسلما ، فما الدليل من الكتاب والسنة على خروجه من الملة ؟
فكان الجواب :
" ما نقل في هذه الكتب مما ذكر في السؤال من البدع المنكرة ، والخرافيات التي لا تستند إلى حقيقة شرعية ، ولا إلى أصل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ولا يقول بذلك ولا يعتقده إلا من انتكست فطرته ، وعميت بصيرته ، وضل سواء السبيل .
وادعاء أن شعر الرسول لا يزال موجودا ، وأن من حازه سبب له الغنى ، وادعاء رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالدعاء عند قبر هذا الرجل - كل ذلك كذب وافتراء لا دليل عليه
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الشيطان لا يتمثل بي ) – متفق عليه - فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بدعاء الله عند القبور
وقد نهى عن ذلك في حياته ، وحذر منه أشد التحذير ، ونهى عن الغلو في الأنبياء والصالحين والتوسل بهم بعد موتهم ، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد أتم الله به الدين
وأكمل به النعمة ، فلا يزاد على ما شرعه ولا ينقص منه ، واعتقاد أن الدعاء يستجاب عند القبور بدعة لا أصل لها في الشرع المطهر
وقد تؤول بصاحبها إلى الشرك الأكبر إذا دعا المقبور من دون الله أو معه ، أو اعتقد النفع والضر في المقبور ، فإن النافع الضار هو الله سبحانه .
وكذلك اعتقاد أن الزاهد العابد لا يموت ، بل ينتقل من مكان إلى مكان آخر ، وأنه يقضي حاجات الناس في قبره ، كما كان يقضي حاجاتهم في حياته - اعتقاد فاسد من معتقدات الصوفية المنحرفة
ولا دليل على ذلك ، بل دلت الآيات والأحاديث الصحيحة على أن كل إنسان في هذه الدنيا يموت
قال الله تعالى : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) الأنبياء/35 .
كما دلت الأحاديث الصحيحة أن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له
أو صدقة جارية ، وأن الميت في قبره لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، ومن كانت هذه حاله فإنه لا يملك ذلك لغيره من باب أولى ، ولا يجوز طلب قضاء الحاجات إلا من الله وحده فيما لا يقدر عليه إلا الله
وطلبها من الأموات شرك أكبر ، ومن اعتقد غير ذلك فقد كفر كفرا أكبر يخرجه من الملة والعياذ بالله ، لإنكاره الأدلة الثابتة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك
وعليه أن يتوب من ذلك توبة نصوحا ، ويعزم على عدم العودة لذلك العمل السيئ ، وأن يتبع ما عليه السلف الصالح أهل السنة والجماعة ليفوز برضا الله وجنته ويسلم من عذابه " انتهى .
كما جاء في "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (1/322) :
" يعتمدون – يعني جماعة التبليغ – في اجتماعاتهم في البلاد العربية على القراءة من " رياض الصالحين " ، وفي البلاد الأعجمية على القراءة من " حياة الصحابة "
و " تبليغي نصاب " والأخير مليئ بالخرافات والأحاديث الضعيفة " انتهى.
والخلاصة أن أهل العلم تتابعوا على التحذير من كتاب " تبليغي نصاب " واسمه الآخر " فضائل الأعمال "، فلا يجوز لعامة المسلمين القراءة فيه ، بل عليهم العناية بكتب السنة الصحيحة
والكتب التي يتبع مؤلفوها منهج أهل السنة والجماعة ، أما الكتب التي تحوي الخرافة والكذب ، فلا ينبغي أن يكون لها محل في قلب المسلم ولا في عقله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-27, 17:44
حديث موضوع في وصف حليب الأم المرضعة
السؤال
( حليب الأم المرضعة رزق من الله ، في الصيف يكون باردا ، وفي الشتاء يكون دافئا ، وهما عرقان لا يعلم أحد مِن خلقه أين هما ) أود معرفة صحة هذا الحديث ومصدره ، وهل هو فعلا مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإذا كان كذلك ، فهل ثبت علميا أن حليب الأم في الصيف يكون باردا ، وفي الشتاء يكون دافئا ، خصوصا عند علماء الغرب . وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
أولا :
لم نقف على هذا الحديث في كتب السنة والآثار ، بعد البحث عنه .
لكن ... هناك حديث قدسي قريب من معنى هذا الحديث ، يقول الله تعالى فيه لابن آدم : (فاستخلصت لك في صدر أمك عرقا يدر لبنا ، باردا في الصيف ، حارا في الشتاء ، واستخلصته لك من بين جلد ولحم ودم وعروق) .
رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (10/399) بسنده عن محمد بن كعب القرظي قال :
" قرأت في التوراة - أو قال في صحف إبراهيم الخليل - فوجدت فيها : يقول الله :...- فذكر حديثا طويلا فيه الكلام السابق نقله –" انتهى .
ومحمد بن كعب القرظي من التابعين وليس من الصحابة .
والكتب السابقة دخلها التحريف والزيادة والنقصان ، فلا يوثق بما ينقل منها .
على أن هذا الأثر لم يثبت عن محمد بن كعب القرظي ، لأن في الإسناد إليه : موسى بن عبيدة الربذي ، قال فيه الإمام أحمد : ما تحل الرواية عنه ، وقال : منكر الحديث
وكذا قال أبو حاتم ، وقال يحيى بن معين : ضعيف ، يحدث بأحاديث مناكير ، وضعفه الترمذي والنسائي ، وقال ابن عدي : الضعف على رواياته بيِّن .
انظر : "تهذيب التهذيب" لابن حجر (5/553 – 555) .
ثانيا :
أما من حيث الناحية الطبية فيرجع في ذلك إلى الأطباء .
وللوقوف على أهمية الرضاعة الطبيعية وفوائد حليب الأم يرجى مراجعة مقال الدكتور محمد علي البار ، نشر في " مجلة الإعجاز العلمي "، العدد العاشر ، بعنوان : انحسار الرضاعة خسارة مناعية ".
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:06
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم تكرار التأمين ثلاثا بعد قراءة الفاتحة
السؤال
أقول " آمين " بصوت عال مرة واحدة في نهاية سورة الفاتحة في الصلاة ، ولكن – في مكان ما – يقولون : " آمين " بصوت عال ثلاث مرات في نهاية سورة الفاتحة في الصلاة
ما هو الدليل من السنة النبوية لقولهم ثلاث مرات " آمين " ؟
الجواب
الحمد لله
لم نجد في الأدلة الشرعية الصحيحة ما يدل على مشروعية التأمين ثلاث مرات في صلاة الجماعة ، وإنما ورد في ذلك حديث ضعيف لا يثبت عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال :
( رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ : آمِينَ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (22/22)
قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثني أبي ، ثنا سعد بن الصلت ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، به .
والصواب أنه لا يصح الاستدلال بهذا الحديث على استحباب تثليث التأمين ، وذلك من أوجه عدة :
أولا :
أن الحديث لا يثبت عن وائل بن حجر رضي الله عنه ، فيه علل عدة :
1- عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه وائل بن حجر ، كذا قال البخاري ويحيى بن معين وابن حبان والدارقطني وعامة النقاد .
انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (6/105)
2- تفرد الأعمش برواية هذا اللفظ عن أبي إسحاق السبيعي ، في حين أن كلا من زهير وأبي الأحوص وغيرهما قد رووا هذا الحديث عن أبي إسحاق
وليس فيه اللفظ محل الإشكال : ( ثلاث مرات )، ينظر " المسند الجامع " (15/681) بشار عواد وآخرون.
3- ثم إن سعد بن الصلت لم نجد له توثيقا ولا تجريحا سوى ما قاله الإمام الذهبي رحمه الله : " هو صالح الحديث ، وما علمت لأحد فيه جرحا "
انتهى من " سير أعلام النبلاء " (9/318)
غير أن هذه الكلمة غير كافية في التوثيق ؛ لأنها عارية عن ذكر دليل التوثيق ، هل هو كلام النقاد الذين عاصروه واختبروه
أم هو استقراء أحاديثه ، وإن كان الثاني فماذا يصنع بالحديث الذي بين يدينا في هذه المسألة ، أليس فيها تفرد بحكم لم يرد مثله في السنة الصحيحة !
4- هذا فضلا عن أن حديث التأمين عن وائل بن حجر رضي الله عنه رواه عدة من تلاميذه
من أشهرهم حجر بن عنبس في " مسند أحمد "، وسنن أبي داود (932)، وسنن الترمذي (248)، ولم يذكر أحد منهم هذا اللفظ محل الإشكال .
ثانيا :
ثم على فرض صحة الإسناد فإن معناه محتمل
فقد قال الحافظ رحمه الله :
" الظاهر أن قوله : ( ثلاث مرات ) يعني أنه رآه في ثلاث مرات ، في ثلاث صلوات ، لا أنه ثلّث التأمين " انتهى نقلا من " سبل الهدى والرشاد " للصالحي (8/120)، ولم أقف على هذا التوجيه من كلام ابن حجر في كتبه .
ثالثا :
لم يقل أحد من فقهاء المذاهب الأربعة باستحباب تثليث التأمين ، ولم نجد من ينص على استحبابه سوى ابن حجر الهيتمي في كتابه " الإيعاب " حيث يقول رحمه الله – معلقا على حديث وائل بن حجر السابق - :
" يؤخذ منه أنه يندب تكرير آمين ثلاثا حتى في الصلاة , ولم أر أحدا صرح بذلك "
انتهى نقلا من " حاشية نهاية المحتاج " (1/489)
ولم يوافقه على ذلك محققو فقهاء الشافعية ، ولم يذكره غيره من المتقدمين والمتأخرين ، فيما وقفنا عليه ، بل خالفوه ونصوا على أن المعتمد إفراد التأمين .
يقول الشيخ علي الشبراملسي رحمه الله :
" مجرد أخذه من الحديث لا يقتضي أن الشافعي يقول به ، لجواز أنه اطلع عليه وظهر له فيه ما يمنع من الأخذ به , وقوله : ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ليس على إطلاقه "
انتهى من حاشية " نهاية المحتاج " (1/489)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:14
حديث لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة
السؤال
هل هذا حديث صحيح : عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تعلُم آية من كتاب الله والعمل بها خير من مائة ركعة )
الجواب
الحمد لله
أولا :
الحديث المقصود في السؤال هو ما يروى عن أبي ذر رضي الله عنه قال :
قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ :
( يَا أَبَا ذَرٍّ ! لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ - عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ - خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ )
قوله ( لأن تغدو ) أي : خروجك من البيت غدوة ، ( فتعلَّم ) بحذف التاء . ( مائة ركعة )
أي : نافلة . ( عُمل به أو لم يُعمل به ) أي : سواء كان علما متعلقا بكيفية العمل كالفقه ، أو لا ، بأن يكون متعلقا بالاعتقاد مثلا ، وليس المراد أن يكون علما لا ينتفع به .
انتهى من " حاشية السندي على ابن ماجه "
والحديث رواه ابن ماجه في " السنن " (219)
وابن شاهين في " الكتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن " (رقم/55)
وابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (1/61)، والرافعي في " التدوين في أخبار قزوين ".
جميعهم من طريق العباس بن عبد الله الواسطي ، حدثنا عبد الله بن غالب العباداني ، عن عبد الله بن زياد البحراني ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، فذكره .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه علل :
1- عبد الله بن غالب العباداني : ترجمته في " تهذيب التهذيب " (5/310) ليس فيها توثيق أو تجريح ، لذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " مستور "
انتهى من " تقريب التهذيب " (ص/317)
2- عبد الله بن زياد البحراني : ترجمته في " تهذيب التهذيب " (5/222)
وليس فيها جرح أو تعديل له ، لذلك قال الحافظ الذهبي رحمه الله : " لا أدري من هو "
انتهى من " ميزان الاعتدال " (4/102)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله
: " مستور "
انتهى من " تقريب التهذيب " (ص/304)
3- علي بن زيد بن جدعان : ضعفه أكثر النقاد كأحمد وابن معين والنسائي والدارقطني وغيرهم .
انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (7/283)
لذلك قال العراقي رحمه الله في حكمه على الحديث :
" ليس إسناده بذاك "
انتهى من " المغني عن حمل الأسفار " (1/16)
وقال البوصيري رحمه الله :
" هذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد ، وعبد الله بن زياد "
انتهى من " مصباح الزجاجة " (1/30)
وضعف الشيخ الألباني رحمه الله الحديث في " ضعيف ابن ماجه "، و " ضعيف الترغيب والترهيب ".
وقال ابن القيم رحمه الله
– في حديث يروى عن معاذ بنحو حديث أبي ذر -
:
" لا يثبت رفعه "
انتهى من " مفتاح دار السعادة " (1/532)
ثانيا :
ما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة في فضل طلب العلم وتعلم كتاب الله يغني عن الأحاديث الضعيفة
ومع ذلك فقد وردت آثار موقوفة عن بعض الصحابة والتابعين والسلف الصالحين رضوان الله عليهم فيها ما يدل على تفضيل العلم على العبادة ، وأن العالم ما يزال متعبدا لله تعالى في طريق طلبه للعلم .
قال ابن مسعود :
"لا يزال الفقيه يصلي . قالوا : وكيف يصلي ؟ قال : ذكر الله على قلبه ولسانه .
ويروى عن معاذ موقوفا :
تعلموا العلم ، فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح" .
وقال ابن عباس :
"تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها .
وفي " مسائل إسحاق بن منصور " قلت لأحمد بن حنبل : قوله : تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها ، أي علم أراد ؟ قال : هو العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم
. قلت : في الوضوء والصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا ؟ قال : نعم" .
وقال أبو هريرة :
"لأن أجلس ساعة فأتفقه في ديني أحب إلي من إحياء ليلة إلى الصباح" .
وقال سفيان الثوري :
"ما من عمل أفضل من طلب العلم إذا صحت فيه النية" .
وقال محمد بن علي الباقر :
"عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد" .
انظر هذه الآثار وغيرها في " مفتاح دار السعادة " (1/532) للعلامة ابن قيم الجوزية ، نقلها عن كتب مسندة ككتاب " جامع بيان العلم " لابن عبد البر
وكتب الخطيب البغدادي ، وقد عقد فصلا طويلا هناك في " العلم وفضله وشرفه "، وأطال جدا في بيان فضيلة العلم من عشرات الأوجه (1/219-541)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:18
لا يصح حديث من قرأ " حم " الدخان في ليلةٍ أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك
السؤال
أريد فقط أن أعرف صحة هذا الحديث ، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قرأ سورة الدخان كل ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ) رواه الترمذي .
الجواب
الحمد لله
الحديث المقصود في السؤال هو ما يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قرأ " حم " الدخان في ليلةٍ أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك )
رواه الترمذي في " الجامع " (2888)، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 69)، وأبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب والترهيب " (2/442)، وابن عدي في " الكامل " (6/127)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (8/348)
ومن طريقه البغوي في " التفسير " (4/183)، ورواه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/248)، ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (2/484)
جميعهم من طريق عمر بن عبد الله بن أبي خثعم ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة به .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب عمر بن عبد الله بن أبي خثعم
حيث جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (7/391) :
" عن أبى زرعة : واهي الحديث ; حدث عن يحيى بن أبي كثير ثلاثة أحاديث لو كانت في خمسمائة حديث لأفسدتها .
وقال أبو أحمد بن عدي : منكر الحديث ، وبعض حديثه لا يتابع عليه .
وقال ابن حبان : يضع الحديث ، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه .
وقال الدارقطني في العلل : ضعيف .
وفي سؤالات البرقاني : متروك .
وقال ابن حزم : ساقط .
وقال أبو بكر البزار : منكر الحديث حدث عن يحيى وغيره بأحاديث مناكير " انتهى .
لذلك حكم أهل العلم على هذا الحديث بالضعف وعدم الثبوت :
قال الترمذي رحمه الله – عقب روايته الحديث - :
" هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وعمر بن أبي خثعم يضعف . قال محمد : وهو منكر الحديث " انتهى .
وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع - كما في "الموضوعات" (1/248) - وتبعه أكثر من كتب في الموضوعات .
وكذا حكم الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (14/519، رقم/6734) عليه بالوضع .
تنبيه : وقع في " الكشف والبيان " للثعلبي تسميته عمر بن عبد الله بن أبي السري ، ويبدو أنه تحريف ؛ لأن رواية البغوي من طريق الثعلبي جاء فيها تسميته بأنه : ابن أبي خثعم .
كما وقع في رواية ابن الجوزي للحديث تسمية عمر بأنه " عمر بن راشد "
بناء على أنهما شخص واحد كما في ترجمته في " الضعفاء والمتروكين " لابن الجوزي (2/208)
ولكن الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " (441)
قال : " وقد وهم من زعم أنه عمر بن راشد " انتهى.
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:20
لم يصح حديث في فضل قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة
السؤال
هل من السنة قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة ؟
الجواب
الحمد لله
ورد في فضل سورة " الدخان " أحاديث مرفوعة ، ولكن لا يصح منهما شيء :
أما الحديث الأول :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قرأ " حم " الدخان في ليلة الجمعة غُفر له )
رواه الترمذي (2889) من طريق هشام أبي المقدام ، عن الحسن ، عن أبي هريرة به .
ثم قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وهشام أبو المقدام يضعف ، ولم يسمع الحسن من أبي هريرة ، هكذا قال أيوب ، ويونس بن عبيد ، وعلي بن زيد .
إذن فللحديث علتان :
1-أبو المقدام هشام بن زياد : اتفقت كلمة المحدثين على تضعيفه ، حتى قال ابن حبان : " يروى الموضوعات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به "
. انظر: " تهذيب التهذيب " (11/39).
2-الانقطاع بين الحسن وأبي هريرة .
لذلك ضعفه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 247)، وابن العربي في " عارضة الأحوذي " (6/35)، والألباني في " ضعيف الترمذي ".
الحديث الثاني :
روى الواحدي في " تفسيره " (4/46) حديثا عن أبي بن كعب بنحو الحديث السابق ، إلا أن في سنده سلَّام بن سليم متهم بالكذب ، لذلك حكم عليه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/4632) بأنه ضعيف جدا .
ورواه أيضا عن أبي بن كعب أحمد بن منيع في مسنده - كما في " إتحاف الخيرة المهرة " للبوصيري (6/89) - ثم قال : هذا إسناد ضعيف لجهالة هارون بن كثير .
الحديث الثالث :
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قرأ " حم " الدخان في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتاً في الجنة ) .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/264)
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ضعيف جدا ، أخرجه الأصفهاني في " الترغيب والترهيب " (ص 244 - مصورة الجامعة الإسلامية ) عن حفص بن عمر المازني : أخبرنا فضال بن جبير عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فضال بن جبير ؛ قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال ، يروي أحاديث لا أصل لها . وبه أعله الهيثمي ؛ فقال (2/ 168) :
رواه الطبراني في " الكبير " ، وفيه فضال بن جبير ، وهو ضعيف جداً. وحفص بن عمر المازني : لا يعرف ؛ كما في " اللسان " " انتهى.
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (11/ 191، رقم/5112)
وقد جاء تضعيف هذا الحديث في " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/141)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:33
ما صحة حديث في الحث على العزوبة ، وأوله : ( ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه ) ؟
السؤال
ما صحة هذا الحديث : عن عبد الله بن مسعود قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ، ومن شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر ) ؟
الجواب
الحمد لله
وجدنا هذا الحديث يُروَى بأسانيد ثلاثة :
الإسناد الأول : يروي به الإمام الخطابي في " العزلة " (رقم/9) من طريق محمد بن يونس الكديمى ، قال حدثنا محمد بن منصور الجشمي ، قال حدثنا سلم بن سالم ، قال حدثنا السري بن يحيى
عن الحسن ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ، ومن شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر ، كالثعلب الذي يروغ . قالوا : ومتى ذاك يا رسول الله ؟
قال : إذا لم تُنل المعيشة إلا بمعاصي الله عز وجل ، فإذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة . قال : وكيف ذاك يا رسول الله وقد أمرتنا بالتزوج ؟ قال : لأنه إذا كان ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يدي أبويه
فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده ، فإن لم يكن له زوجة ولا ولد فعلى يدي قرابته . قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَعَيِّرونه بضيق المعيشة ، فيتكلف ما لا يطيق حتى يورده موارد الهلكة )
وهذا إسناد ضعيف فيه علل عدة :
1- سلم بن سالم : قال فيه أحمد بن حنبل : ليس بذاك . وقال النسائي : ضعيف . وقال ابن معين : ليس بشيء
. انظر : " ميزان الاعتدال " (2/185)
2- محمد بن يونس الكديمي : أحد المتروكين .
انظر : " ميزان الاعتدال " (6/378)
3- محمد بن منصور الجشمي : لم نقف له على ترجمة .
وقد نص الحافظ ابن حجر على ضعفه بسبب الكديمي
كما في " الكافي الشاف " (201)
الإسناد الثاني : يروي به الإمام أبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/25) من طريق عبدالله بن الحسن ، ثنا إسحاق بن وهب ، ثنا عبد الملك بن يزيد ، ثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل
عن عبدالله بن مسعود قال : إذا أحب الله عبدا اقتناه لنفسه ، ولم يشغله بزوجة ولا ولد . وقال ابن مسعود : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا رجل يفر بدينه من قرية إلى قرية ، ومن شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر ) .
وهذا إسناد ضعيف أيضا فيه علل :
1- عبد الملك بن يزيد بن فهر – كما في شيوخ إسحاق بن وهب من " تهذيب التهذيب " - : قال فيه الحافظ الذهبي رحمه الله : أتى عن أبى عوانة بخبر باطل في ترك التزويج
لا يُدرَى من هو . كذا في " ميزان الاعتدال " (2/667) .
2- عبد الله بن الحسن بن نصر : ترجمته في " تاريخ بغداد " (9/437) ليس فيها جرح أو تعديل له عن أحد من أهل العلم .
الإسناد الثالث : يروي به الإمام ابن حبان في " الثقات " (8/211) فيقول : حدثنا محمد بن المنذر بن سعيد ، ثنا محمد بن أحمد بن حكيم السيناني ، ثنا أبو روح العابد حاتم بن يوسف
عن ابن المبارك ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر من فج إلى فج ، ومن شاهق إلي شاهق )
وهذا إسناد ضعيف أيضا بسبب :
1- إرسال الحسن البصري .
2- مبارك بن فضالة : قال فيه أبو زرعة يدلس كثيرا وقال أبو داود شديد التدليس .
انظر : " تهذيب التهذيب " (10/31)
الإسناد الرابع : أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " المسند " (2/773 من بغية الباحث)، ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (2/118) قال الحارث
: حدثنا عبد الرحيم بن واقد , ثنا مسعدة بن صدقة أبو الحسين , ثنا سفيان الثوري , عن أبيه , عن الربيع بن خثيم , عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزبة , ولا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ، أو من جحر إلى جحر ، كالطائر يفر بفراخه وكالثعلب بأشباله
, ثم قال : ما أتقاه في ذلك الزمان راع أقام الصلاة بعلم ، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل الناس إلا من خير , ولمائة شاة عفراء أرعاها بسلع أحب إلي من ملك بني النضير , وذلك إذا كان كذا وكذا )
وهذا إسناد ضعيف جدا أيضا بسبب مسعدة بن صدقة ، قال فيه الدارقطني : متروك .
انظر : " ميزان الاعتدال " (4/98).
لذلك قال عنه أبو نعيم : " غريب " انتهى.
الإسناد الخامس : رواه البيهقي في " الزهد الكبير " (ص/183) من طريق جامع بن سودة ، ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من هرب بدينه من شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر
فإذا كان ذلك الزمان لم تنل المعيشة إلا بسخط الله ، فإذا كان ذلك كذلك كان هلاك الرجل على يدي زوجته وولده ، فإن لم يكن له زوجة ولا ولد كان هلاكه على يدي أبويه
فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي قرابته أو الجيران . قالوا : كيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : يعيرونه بضيق المعيشة ، فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي تهلك فيها نفسه )
وهذا إسناد ضعيف أيضا ، فيه جامع بن سوادة : ضعيف يروي أخبارا باطلة
كما في " لسان الميزان " (2/93)
وفيه أيضا تدليس المبارك بن فضالة والحسن البصري .
والحاصل :
أن الحديث ضعيف جدا من جميع طرقه ، لا يقوي بعضها بعضا ، فضلا عن أن الحديث يدعو إلى الترهب والعزوف عن الزواج
وهذا معنى غريب بل منكر في الشريعة ، ليس له شاهد في السنة الصحيحة ، بل الشواهد المتكاثرة على عكسه .
لذلك عقد ابن الجوزي في كتاب " الموضوعات " (2/278) بابا بعنوان : " باب التعزب "
أورد فيه هذا الحديث وغيره ، دلالة على نكارة ورود هذا المعنى في الشريعة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (18/383)
وحكم الإمام الذهبي على الخبر بالبطلان – كما سبق نقله -
وضعف الحديث الحافظ العراقي في " المغني عن حمل الأسفار " (2/24)
وقال الحافظ السخاوي رحمه الله :
" في معناه أحاديث كثيرة كلها واهية "
انتهى من " المقاصد الحسنة " (ص/329)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" منكر " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/3270)
وتجد فيها تضعيف أكثر الطرق المذكورة في هذا الجواب أيضا .
أما موضوع العزلة ، والحديث عن المفاضلة بينها وبين الاختلاط بالناس :
فقد سبق الجواب تجده في الرابط التالي
كيفية التحصن من الفتن ؟ (https://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3997668009&postcount=3)
التعوذات والأذكار النبوية في الفتن والكروب (https://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3997668010&postcount=4)
كيف يُحصِّن المرء نفسه من الفتنة في الدين ؟ (https://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3997668012&postcount=5)
من عوامل الثبات على الدين (https://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3997668014&postcount=6)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:39
حديث موضوع في بكاء اليتيم
السؤال
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ! من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب
فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم . فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة ) السؤال :
هل الحديث صحيح ، وما إسناده ، وجزاكم الله خيرا ، ووفقكم الله لخدمه هذا الدين ، وجعله الله في ميزان حسناتكم .
الجواب
الحمد لله
أولا :
الحديث الوارد في السؤال يُروى عن اثنين من الصحابة الكرام ، ولكن بأسانيد ضعيفة جدا :
الحديث الأول : عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إنّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله سبحانه لملائكته: يا ملائكتي! من أبكى هذا اليتيم الذي غيّب أباه في التراب؟ فيقول الملائكة: ربنا أنت أعلم، فيقول الله
: يا ملائكتي! فإني أشهدكم أنّ لمن أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة» فكان عمر إذا رأى يتيما مسح رأسه، وأعطاه شيئا )
رواه ابن عدي في " الكامل " (3/142)، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (2/269)، والمعافى النهرواني في " الجليس الصالح " (319)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (10/230) واللفظ المسوق أعلاه من كتابه .
جميعهم من طريق الحسن بن أبي جعفر ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف جدا فيه علتان :
1- الحسن بن أبي جعفر : اتفق الأئمة على ضعفه ، حتى قال علي بن المديني : ضعيف ضعيف . وقال فيه البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك
. وقال ابن حبان : غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا .
انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (2/260)
2- علي بن زيد بن جدعان : ضعفه النقاد ، حتى قال فيه ابن حبان : يهم ويخطىء فكثر ذلك منه فاستحق الترك .
كما في " تهذيب التهذيب " (7/324)
ولذلك حكم أهل العلم على هذا الحديث بالضعف الشديد والنكارة :
قال ابن عدي رحمه الله
– بعد أن ساق مجموعة أحاديث للحسن بن أبي جعفر -:
" لعل هذه الأحاديث التي أنكرت عليه توهّمها توهما ، أو شُبِّه عليه فغلط "
انتهى من " الكامل " (3/143)
قال الذهبي رحمه الله :
" إسناده ضعيف "
انتهى من " العلو " (ص/96)
وقال ابن عراق :
" في سنده مَن لم أقف لهم على ترجمة "
انتهى من " تنزيه الشريعة " (2/136)
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا متن منكر جدا مع ضعف إسناده الشديد ، وفيه علل "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/5852)
وقد روى ابن أبي الدنيا في " النفقة على العيال " (رقم/615) هذا الحديث من طريق درست بن زياد ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب من كلامه .
ولكن درست بن زياد قال فيه أبو زرعة : واهي الحديث . وقال البخاري : حديثه ليس بالقائم .
وهكذا اتفق العلماء على ضعفه كما في " تهذيب التهذيب " (3/209)
الحديث الثاني : وقد روي الحديث أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا بَكَى الْيَتِيمُ وَقَعَتْ دُمُوعُهُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ تَعَالَى ، فَيَقُولُ : مَنْ أَبْكَى هَذَا الْيَتِيمَ الَّذِي وَارَيْتُ وَالِدَيْهِ تَحْتَ الثَّرَى ؟ مَنْ أَسْكَتَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ )
رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (15/35)
من طريق موسى بن عيسى البغدادي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك .
وهذا إسناد لا يثبت بسبب موسى بن عيسى ، لم نقف له على ترجمة .
لذلك قال الخطيب رحمه الله :
" هذا حديث منكر جدا ، لم أكتبه إلا بإسناده ، ورجاله كلهم معرفون إلا موسى بن عيسى فإنه مجهول ، وحديثه عندنا غير مقبول "
انتهى من " تاريخ بغداد " (15/35)
وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/168) تحت باب : " بكاء اليتيم "
وقد اتهم الإمام الذهبي موسى بن عيسى هذا بأنه واضع الحديث في أكثر من كتاب
انظر مثلا : " تذكرة الحفاظ " (4/4)، " سير أعلام النبلاء " (14/73)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" كذب "
انتهى من " السلسلة الضعيفة " (5851)
ثانيا :
يكفي في هذا الباب قول الله عز وجل : ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ) الضحى/9.
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
" أي : لا تسيء معاملة اليتيم ، ولا يضق صدرك عليه ، ولا تنهره ، بل أكرمه ، وأعطه ما تيسر ، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك "
انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/928)
ولكن ذلك لا يتعارض مع جواز ضرب اليتيم للتأديب من غير أذى ولا إذلال ، فقد نص العلماء على ذلك .
يقول ابن عابدين رحمه الله :
" وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده "
انتهى من " رد المحتار " (6/426)
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (14/250):
" يجوز ضرب اليتيم لتأديبه بغير إلحاق ضرر به أو أذى أو إذلال " انتهى.
عبد العزيز بن باز – عبد العزيز آل الشيخ – صالح بن فوزان – بكر أبو زيد.
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:43
هل يهتز عرش الرحمن لشيء من المعاصي والذنوب ؟
السؤال
هل ورد في السنة أن جريمة الزنا يهتز لها عرش الرحمن ؟
وهل جريمة الزنا وحدها هي التي يهتز لها عرش الرحمن ، أم جريمتا القتل واللواط أيضا ؟
الجواب
الحمد لله
لم نجد في الكتاب والسنة ما يدل على أن عرش الرحمن يهتز لارتكاب شيء من المعاصي والذنوب
والزنا واللواط من فواحش الذنوب وكبائرها ، ولكن لم يرد اهتزاز العرش بخصوص وقوعها ، ولا يجوز دعوى ذلك إلا بدليل شرعي صحيح وصريح .
يقول الإمام الذهبي رحمه الله:
" والعرش خلق لله مسخر ، إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (1/297)
على أننا نبه السائل إلى أنه قد ورد في شأن هذه الفواحش ما هو أشد ، وأفزع لسامعها ، من اهتزاز العرش .
فقد روى البخاري (4634) ومسلم (2760) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَلَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ) وفي الحديث الأخر الذي رواه البخاري (5221) ومسلم (901) من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والغيرة فيها من البغض والغضب ما يدفع به الإنسان ما غار منه ... فالله سبحانه يبغض ذلك ، وهو سبحانه يبغض كل ما نهى عنه ، كما أنه يحب كل ما أمر به ؛ بل الغيرة مستلزمه لقوة البغض
؛ إذ كل من يغار يبغض ما غار منه ، وليس كل من يبغض شيئا يغار منه ؛ فالغيرة أحض وأقوى "
انتهى . قاعدة في المحبة (200- 201) .
والله أعلم .
...........
هل يهتز عرش الله من الطلاق ؟
السؤال
هل يهتز عرش الله من الطلاق ؟.
الجواب
الحمد لله
روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه حديث موضوع مكذوب .
وهو ما يُروَى عن عليِّ بنِ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه أنّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلَّم قال :
( لا تُطَلِّقُوا ، فإِنَّ الطلاقَ يَهتَزُّ لهُ العَرشُ ) رواهُ ابنُ عديٍّ في "الكامل" (5/112) والخطيبُ في "تاريخِ بغداد" (12/191) ومن طريقِه ابنُ الجوزي في "الموضوعات" (2/277) من طريقِ :
عمرو بنِ جُمَيع عن جُوَيبرٍ عن الضَّحّاكِ عن النزَّال بنِ سبرةَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنه .
قالَ ابنُ الجوزي :
" حديثٌ موضوعٌ ... عمرُو بنُ جميعٍ كان يروي المناكيرَ عن المشاهيرِ ، والموضوعاتِ عن الأثباتِ " انتهى .
وقد حكمَ عليه بالضعفِ والوضعِ كثيرٌ من أهلِ العلمِ منهم :
الخطيبُ البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/187) وابنُ القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" (2/1147) والسخاويُّ في "المقاصد الحسنة" (ص31)
والشوكانيُّ في "الفوائد المجموعة" (ص139) والصغاني والعجلونِي في "كشفِ الخفاء" (1/361) .
والألباني في "السلسلة الضعيفة" (1/278) حديث رقم (147) .
وليس معنى ضعف الحديث أن الطلاق مباح لا يكرهه الله سبحانه وتعالى ، بل الطلاق مكروه إلى الله ، لا يباح إلا للحاجة . ، فليس للرجل أن يطلق امرأته من غير سبب يبيح ذلك .
قال شيخُ الإسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله :
" الأصلُ في الطلاقِ الحظرُ ، وإنما أبيحَ منه قدرَ الحاجةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (33/81) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل في الطلاق الكراهة ، والدليل : قوله تعالى في الذي يؤلون من نسائهم ( أي يحلفون ألا يجامعوا مدة أربعة أشهر ) : ( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
وهذا فيه شيء من التهديد ، لكن في الفيء ( أي الرجوع ) قال : ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله عز وجل ، وأن الأصل فيه الكراهة ، وهو كذلك " انتهى .
"الشرح الممتع" (10/428) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-10-30, 15:52
حديث موضوع في أصل التحيات أنها اسم طائر في الجنة
السؤال
ما صحة هذا القول : التحيات : اسم طائر في الجنة ، على شجرة اسمها الطيبات ، بجوارها نهر اسمه الصلوات ، فإذا قال العبد : التحيات لله والصلوات والطيبات نزل الطائر من الشجرة فانغمس في النهر
ثم نفض ريشه ، فكل قطرة وقعت منه خلق الله منها ملك يستغفر له إلى يوم القيامة .
الجواب
الحمد لله
ليس لهذا الكلام أصل ولا سند عن النبي صلى الله عليه وسلم
فلا تجوز نسبته إلى الشرع
بل يجب التحذير من مثل هذه الأحاديث المكذوبة
وبيان أنها موضوعة لا أصل لها
وأن كل من يساهم في نشرها يناله نصيب من الإثم .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
..............
هل ذكرت التحيات في قصة المعراج ؟
السؤال
ما صحة قصة أن لفظ : ( التحيات ) كانت عندما عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، ووصل سدرة المنتهى ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
( التحيات لله والصلوات والطيبات ، فقال الله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فقالت الملائكة : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )
فهذه القصة تدرس للأطفال في المدارس لتساعدهم على حفظ التحيات ؟
الجواب
الحمد لله
لا يعرف لهذه القصة أصل ولا سند ، ولم نقف لها على أثر في كتب السنة الصحيحة ، وقصة المعراج ثابتة بتفاصيلها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما
وليس فيها شيء عن مناسبة ذكر التشهد المعروف في الصلاة ، وكذلك لم يرد شيء عن هذه القصة حين عَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام هذا التشهد .
فقد روى الشيخان : البخاري (6328) ومسلم (402) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ( كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ
السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ :
إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .
- فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ) .
وغاية ما وقفنا عليه في هذه القصة :
ما تنقله بعض كتب التفسير عند قوله تعالى : ( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يّـس /58 ، فقالوا : " يشير إلى السلام الذي سلمه الله على حبيبه عليه السلام ليلة المعراج إذ قال له
: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ، فقال في قبول السلام : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين "
انتهى . انظر "روح المعاني" للآلوسي" (3/38) .
وما يذكره بعض شراح السنة عند الكلام على حديث التشهد ، ذكره بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود" (4/238) ، ونقله الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" عن ابن الملك
وكذلك تذكره هذه القصة في بعض كتب الفقه ، مثل حاشية "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/121) ، وفي بعض كتب الصوفية كالقسطلاني والشعراني .
وجميع ذلك ذكر معلق غير مسند ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز تعليمه الأولاد الصغار ، لأنه لا يعرف له أصل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد اتفق أهل العلم على حرمة رواية الأحاديث الموضوعة إلا على سبيل التكذيب والتحذير.
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:37
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث لا أصل له أن عمر بن الخطاب قتل الرجل الذي وجد مع امرأته رجلاً آخر
السؤال
أهمني حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في معناه : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه وجد امرأته تزني ، فطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم إعادة النظر
وتكرر الأمر ثلاثاً ، وفي الأخيرة طلب منه أن يأتي عُمر ويقص عليه ذلك ، فلما فعل ضرب عُمر عنقه . أفيدونا بارك الله فيكم في صحة هذا الحديث .
الجواب
الحمد لله
لم نقف على هذا الحديث بعد البحث عنه فيما بين أيدينا من كتب السنة أو الكتب التي اعتنت بنقل آثار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
أو الكتب التي اعتنت بتوثيق فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيان سياسته وأقضيته .
والذي يغلب على الظن أن هذه القصة مكذوبة لا أصل لها .
ثم إن هذه الرواية الواردة في السؤال لم تذكر سبب قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك الرجل ، بل ظاهرها يدل على أنه لا ذنب له
ولم يفعل ما يستحق أن يقتل عليه ، وإنما كان يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم حال امرأته ووقوعها في الفاحشة .
ثانياً :
لعله اختلط على من كتب هذا الحديث أو حَدّث به ، لعله اختلط عليه بحديث آخر يُروَى عن أبي الأسود قال : ( اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما
فقال الذي قضى عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انطلقا إليه .
فلما أتيا إليه قال الرجل : يا ابن الخطاب ! قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال : ردنا إلى عمر . فردنا إليك . فقال : أكذاك ؟ فقال : نعم . فقال عمر : مَكَانَكُمَا حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما .
فخرج إليهما مشتملاً على سيفه ، فضرب الذي قال : رُدَّنا إلى عمر . فقتله ، وأدبر الآخر فاراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قتل عُمَر والله صاحبي
ولولا أني أعجزتُه لقتلني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت أظن أن يجترئ عُمَر على قتل مؤمن . فأنزل الله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) الآية ، فهدر دم ذلك الرجل
وبرئ عمر من قتله ، فكره الله أن يسن ذلك بعد ، فقال : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) النساء/66. )
رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " وسنده ضعيف ، وقد ضعفه الحافظ ابن كثير بقوله :
"وهو أثر غريب ، وهو مرسل ، وابن لهيعة ضعيف"
انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (2/351) .
وله شاهد آخر مرسل ، يرويه ضمرة بن حبيب : ( أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى للمحق على المبطل ، فقال المقضي عليه : لا أرضى . فقال صاحبه : فما تريد ؟
قال : أن نذهب إلى أبي بكر الصديق . فذهبا إليه فقال الذي قضي له : قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه ؟ فقال أبو بكر : فأنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه و سلم .
فأبى صاحبه أن يرضى وقال : نأتي عمر بن الخطاب . فأتياه ، فقال المقضي له : قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه فأبى أن يرضى ، ثم أتينا أبا بكر الصديق فقال
: أنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم . فأبى أن يرضى ، فسأله عمر ؟ فقال : كذلك . فدخل عمر منزله فخرج والسيف في يده قد سله فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله
فأنزل الله تبارك وتعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 ) .
رواه ابن دحيم في " تفسيره "
– كما نقله الحافظ ابن كثير في " تفسير القرآن العظيم " (2/351) – قال : حدثنا شُعَيب بن شعيب ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا عتبة بن ضَمْرَة ، حدثني أبي به .
وسنده ضعيف ، فضمرة بن حبيب توفي سنة (130هـ) ، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وغالب روايته عن التابعين وليست عن الصحابة رضوان الله عليهم ، فالسند غير متصل .
والحاصل : أن هذا الحديث أيضا لا يصح
ولكنه – مع غرابته – يمكن حمله على وجه مقبول ، وهو أن من يرفض حكم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرضى به ، ويبحث عن حاكم غيره عليه الصلاة والسلام من فعل ذلك ليس بمسلم ، ويكون مرتداً ، وعقوبة المرتد القتل .
أما الحديث الذي ذكره السائل فليس فيه ما يبيح قتل هذا الرجل حسب الرواية التي ذكرت في السؤال .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:42
حديث :(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) لم يثبت
السؤال
هناك قول اشتهر على ألسنة الناس على أنه حديث ، ولا أدري صحة ذلك ، (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) فأرجو التوضيح .
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الكلام مع شهرته لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"لا أصل له مرفوعاً ، وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة"
انتهى من "السلسلة الضعيفة" (8) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( المجموعة الثانية 3/269 ) :
" ليس بحديث مرفوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم " انتهى.
ثانياً :
أما من حيث المعنى :
فالشق الثاني منه وهو قوله : (واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) فهو صحيح المعنى ، وفيه الحث على العمل للآخرة ، ودوام الاستعداد لها ، وهذا أمر مرغوب مطلوب .
ولهذا المعنى شواهد كثيرة من الكتاب والسنة ، فيها الأمر بالاستعداد للآخرة وللقاء الله بالعمل الصالح والمبادرة بذلك .
وأما الشق الأول منه ، وهو قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) فله وجه مقبول ، ووجه آخر مردود :
أما الوجه المقبول : فهو إذا فهم على أنه دعوة إلى الأخذ بالأسباب ، وبذل الوسع في تحصيل الرزق ، والاهتمام بعمارة الأرض فيما يرضي الله عز وجل .
أو يقال : إن معنى قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) : هو التمهل في عمل الدنيا ، وعدم المسارعة به كعمل الآخرة ، بل يتمهل ويتأنى ويزهد فيه لأنه ـ على افتراض أنه مخلد في الدنيا ـ سيأتيه كل ما يريد من الدنيا
وسيأخذ منها كل ما يريد ، ولكن .. ما لا يأتيه اليوم قد يأتيه غداً ... وهكذا يكون هذا الكلام في الحث على الزهد في الدنيا وليس كما يفهمه كثير من الناس .
قال ابن الأثير رحمه الله :
" الظاهر من مَفْهُوم لفظِ هذا الحديث : أمَّا في الدنيا فَلِلْحثِّ على عِمارتها ، وبقاء الناس فيها حتى يَسْكُن فيها ، ويَنْتَفع بها من يَجيء بعدك ، كما انْتَفَعْت أنت بعَمَل من كان قبلك ، وسَكَنْتَ فيما عَمَرَه
فإنّ الإنسان إذا عَلم أنه يَطُول عُمْرُه أحْكَم ما يَعمَلُه ، وحَرصَ على ما يَكْسِبُه ، وأمّا في جانِب الآخرة فإنه حَثٌّ على إخلاص العمل ، وحُضُور النّيَّة والقَلْب في العباداتِ والطاعات ، والإكْثار منها
فإِنّ من يَعْلم أنه يموت غَداً يُكْثر من عبَادَته ، ويُخْلِص في طاعتِه، كقوله في الحديث الآخر : ( صَلِّ صَلاَة مُوَدِّعٍ ) .
قال بعض أهل العلم : المراد من هذا الحديث غَيْرُ السَّابق إلى الفَهْم من ظاهره ؛ لأنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم إنما نَدب إلى الزُّهْد في الدنيا والتَّقْلِيل منها ومن الانْهمَاك فيها والاسْتِمتاع بلَذَّاتها
وهو الغالب على أوَامره ونَواهيه فيما يتعلق بالدنيا ، فكيف يَحُثُّ على عِمارتها والاسْتِكْثار منها ، وإنما أراد - واللّه أعلم - أنّ الإنسان إذا عَلِم أنه يعِيش أبداً قَلَّ حِرْصُه
وعَلِم أنّ مَا يُريدُه لَنْ يَفُوتَه تَحْصِيلُه بتَرْك الحِرْص عليه ، والمُبَادَرة إليه ، فإنه يقول: إن فاتَنِي اليَوْم أدْرَكْتُه غَداً ، فإِنّي أعيش أبداً ، فقال عليه الصلاة والسلام : اعْمَل عَمَل من يَظُنُّ أنه يُخَلَّد
فلا يحْرِص في العمل ، فيكون حَثًّا لَهُ على الترك والتَّقْلِيل بِطَرِيقَة أنيقة ، من الإشَارة والتَّنْبيه ، ويكون أمْرُه لعَمَل الآخِرة على ظاهره ، فيَجْمَع بالأمْرَيْن حَالَة واحدة وهو الزُّهْد والتَّقْلِيل
ولَكِن بلَفْظَيْن مُخْتَلِفَيْن ، وقد اختَصَر الأزهري هذا المعْنى فقال : معْناه : تقْدِيم أمْرِ الآخِرة وأعْمَالِها حِذَارَ المَوْت بالفَوْت على عَمل الدنيا ، وتَأخير أمْر الدنيا كَراهيَة الاشْتِغال بها عن عَمل الآخرة "
انتهى من "النهاية" (1/927) .
ومثل هذا قاله المناوي رحمه الله في "فيض القدير" .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا القول المشهور ، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحاديث الموضوعة ، ثم إن معناه ليس هو المتبادر إلى أذهان كثير من الناس من العناية بأمور الدنيا
والتهاون بأمور الآخرة ، بل معناه على العكس ، وهو المبادرة والمسارعة في إنجاز أعمال الآخرة
والتباطؤ في إنجاز أمور الدنيا
لأن قوله : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ) يعني أن الشيء الذي لا ينقضي اليوم ينقضي غداً ، والذي لا ينقضي غداً ينقضي بعد غدٍ ، فاعمل بتمهل وعدم تسرع ، لو فات اليوم فما يفوت اليوم يأتي غداً ، وهكذا .
وأما الآخرة : فاعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، أي : بادر بالعمل ، ولا تتهاون ، وقدِّر كأنك تموت غداً ، بل أقول : قدِّر كأنك تموت قبل غد ؛ لأن الإنسان لا يدري متى يأتيه الموت .
وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما : (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك) .
هذا هو معنى هذا القول المشهور .
إذاً : فالجواب : أن هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن معناه : ليس كما يفهمه كثير من الناس من إحكام عمل الدنيا وعدم إحكام عمل الآخرة ، بل معناه المبادرة في أعمال الآخرة
وعدم التأخير والتساهل فيها ، وأما أعمال الدنيا فالأمر فيها واسع ، ما لا ينقضي اليوم ينقضي غداً وهكذا " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (فتاوى مصطلح الحديث/شروح الحديث والحكم عليها) .
أما إذا فهم قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) على أنه دعوة إلى الرغبة في الدنيا والتشبث بها ، والحرص على ما فيها من ملذات وشهوات
فهذا فهم مردود ، لا تأتي بمثله الشريعة ، وإنما تأتي دائما بالترغيب في الآخرة ، واتخاذ الدنيا مزرعة وسبيلا إليها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:45
ما صحة حديث بني الإسلام على ثلاثة ؟
السؤال
وجدت هذا الحديث في موقع الكتروني : " مجمع الزوائد " الهيثمي (1/106) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( بني الإسلام على ثلاثة : أهل لا إله إلا الله لا تكفروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك ) أتمنى تخريج هذا الحديث ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يُروى عن علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بني الإسلام على ثلاثة :
1- أهل لا إله إلا الله : لا تُكَفِّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك .
2- ومعرفة المقادير خيرها وشرها من الله .
3- والجهاد ماض إلى يوم القيامة مذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصابة من المسلمين ، لا ينقض ذلك جور جائر ، ولا عدل عادل ) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (5/95) قال : حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي ، قال حدثنا سعدان بن زكريا الدورقي ، قال حدثنا إسماعيل بن يحيى التيمي ، عن سفيان ، عن سعيد
عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي .
والأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي وابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...فذكره .
وهذا الحديث كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ، في سنده : إسماعيل بن يحيى التيمي . قال عنه ابن حبان : " كان ممن يروى الموضوعات عن الثقات وما لا أصل له عن الأثبات
لا يحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحال " انتهى .
" المجروحين " (1/126).
وقال ابن عدي :
" إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي مدني ، يحدث عن الثقات بالبواطيل ، يحدث عن شعبة وعن الثوري ومسعر وابن جريج وغيرهم " انتهى .
" الكامل " (1/302) .
ولذلك قال الهيثمي رحمه الله بعد أن ذكر هذا الحديث في "مجمع الزوائد" (1/298) :
" وفيه إسماعيل بن يحيى التيمي كان يضع الحديث " انتهى .
ويدل على كذب هذا الحديث أيضاً : أنه مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من ذكر أركان الإسلام الخمسة ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ
: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:49
الكلام على حديث : ( أُذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبه )
السؤال
أود ان اسأل عن صحة حديثين ، الحديث الاول : [ إِنَّ الَلّهَ أُذُنٌ لِيَ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيْكٍ رِجْلَاهُ فِيْ الْأَرْضِ وَعُنُقِهِ مَثْنِيَّةً تَحْتَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَقُوْلُ سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ رَبَّنَا قَالَ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِيَ كَاذِبَا
] ، والحديث الثاني : [ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ – رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ – قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ – صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِذَنْ لِيَ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ الْسَّابِعَةَ ، وَالْعَرْشُ عَلَىَ مَنْكِبِهِ ، وَهُوَ يَقُوْلُ سُبْحَانَكَ أَيْنَ كُنْتَ ؟ وَأَيْنَ تَكُوْنُ ؟ ]
.. وإذا كان الحديثين صحيحان فماذا يوجد تحت العرش الملك او الديك ؟ وجزاكم الله كل خير ..
الجواب
الحمد لله
روى أبو يعلى في "مسنده" (6619) حدثنا عمرو الناقد حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبه وهو يقول : سبحانك أين كنت ، وأين تكون )
وكذا رواه الدارمي في "نقضه على المريسي" (1 /479) : حدثنا عمرو بن محمد الناقد به .
وصححه الحافظ في "المطالب العالية" (10 /82) وقال الهيثمي : " رجاله رجال الصحيح "
"مجمع الزوائد" (8 /247)
ورواه الطبراني في "الأوسط" (7324) حدثنا محمد بن العباس ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( إن الله جل ذكره أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه منثني تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا . فرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبا )
وكذا رواه الحاكم (7813) من طريق إسرائيل به ، وصححه ووافقه الذهبي .
وكذا صححه المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/389) والألباني في "الصحيحة" (150)
وأنت ترى أن إسنادي الحديثين واحد ، فمن أهل العلم ، من المتأخرين ، من صححهما ؛ وذكر أن هذا الملك الذي في الحديث الأول ، خلقه الله على صورة الديك الذي في الحديث الثاني
فالحديثان – على ذلك – مخرجهما واحد ، سندا ومتنا .
ومنهم من يرى أن بعض الرواة أخطأ فأبدل إحدى اللفظتين بالأخرى :
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني :
" لعل بعضَ الرواةِ أبدلَ لفظةَ " ديك " بـ " ملك " أو العكس . والله أعلم " .
"تنبيه الهاجد" (4 /28) .
وأما القول بأنهما حديثان مختلفان ، فهو قول ضعيف ؛ لأن السند فيهما واحد .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وإذا اتحد مخرج الحديث ولا سيما في اواخر الإسناد بعد الحمل على التعدد جدا "
انتهى من "فتح الباري" (13/108) .
ومن أهل العلم من يعل الحديث ويضعفه :
قال الدارقطني رحمه الله "العلل" (8 /156) :
" يرويه إسرائيل ، واختلف عنه : فرواه إسحاق بن منصور السلولي ، عن إسرائيل ، عن معاوية بن إسحاق ، عن المقبري ، عن أبي هريرة .
وغيره يرويه ، عن إسرائيل ، عن إبراهيم أبي إسحاق ، وهو إبراهيم بن الفضل ، مديني ضعيف " انتهى .
وإبراهيم بن الفضل متروك : قال ابن معين ليس حديثه بشيء ، وقال البخاري منكر الحديث ، وكذا قال أبو حاتم والنسائي ، وقال النسائي في موضع آخر : ليس بثقة ولا يكتب حديثه
وقال الساجي بلغني عن أحمد أنه قال ليس بشيء ، وقال ابن حبان فاحش الخطأ ، وقال الدارقطني متروك ، وكذا قال الأزدي .
انتهى من"تهذيب التهذيب" (1 /131) .
ولعل الأظهر – والعلم عند الله تعالى – أن الحديث ضعيف لا يصح ، لا بلفظ الديك ، ولا بلفظ الملك ، للعلة التي أشار إليها الإمام الدارقطني رحمه الله ، وهو من هو في صنعة العلل.
والله تعالى أعلم .
ولعل هذا اختيار الإمام ابن القيم أيضا
، قال رحمه الله :
" كل أحاديث الديك كذب إلا حديثا واحدا : ( إذا سمعتم صياح الديكة فسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا ) " انتهى
.
انتهى من"المنار المنيف" (ص 56) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:53
حكم حديث فضل من يعزي أخاه بمصيبة
السؤال
هل هذا الحديث صحيح أم حسن : ( ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة ) رواه ابن ماجة ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يروى معناه مرفوعا عن اثنين من الصحابة الكرام :
الحديث الأول : عن الصحابي الجليل عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
رواه ابن ماجة في " السنن " (1601)، وعبد بن حميد في " المسند " (رقم/287) والدولابي في "الكنى والأسماء" (رقم/956) والطبراني في " الدعاء " (ص/369) من طريق :
خالد بن مخلد البجلي ، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصار ، قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث ، عن أبيه ، عن جده .
وفي هذا الإسناد علتان :
1- الإرسال : لأننا إن قلنا إن المقصود بقوله : " عن جده " هو الصحابي عمرو بن حزم ؛ فإن أبا بكر بن محمد لم يسمع منه .
وإن قلنا : إن المقصود بقوله
: " عن جده " هو محمد بن عمرو بن حزم ، فهذا ليس له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ولد سنة عشر من الهجرة النبوية الشريفة
. كما في " تهذيب التهذيب " (9/370)
لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله : " له رؤية ، وليس له سماع إلا من الصحابة "
انتهى. " تقريب التهذيب " (ص/499)
قال ابن عساكر رحمه الله :
" محمد لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمرو بن حزم لا يعرف لأبي بكر سماع منه " انتهى.
" تاريخ دمشق " (5/55)
2- قيس أبو عمارة الفارسي ، مولى الأنصار : ضعفه الأئمة النقاد ، فقال البخاري : " يعد في أهل المدينة ، فيه نظر " انتهى. وهي كلمة تضعيف منه رحمه الله
. وذكره العقيلي في " الضعفاء " وأورد له حديثين ، وقال : لا يتابع عليهما
. انظر: "تهذيب التهذيب " (8/406)
لذلك ضعفه ابن الملقن في " تذكرة المحتاج " (1/615)
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله :
" انفرد به ابن ماجه ، وفيه إرسال ، ومحمد بن عمرو بن حزم ولد في حياة الرسول سنة عشرة من الهجرة ، وقيس أبو عمارة ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحا " انتهى.
" تنقيح تحقيق أحاديث التعليق " ابن عبد الهادي (2/165)
الحديث الثاني :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا يُحْبَرُ بِهَا ؟ قَالَ : يُغْبَطُ بِهَا )
رواه الطبراني في " الدعاء " (ص/369)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (11/464
) من طريق عبد الله بن هارون ، نا قدامة بن محمد الخشرمي ، حدثني أبي ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك به .
وهذا إسناد منكر شديد الضعف ، فيه علل :
1- عبد الله بن هارون : ساق له ابن عدي في الكامل مجموعة من الأحاديث – منها هذا الحديث – ثم عقبها بقوله : " لم أر لعبد الله بن هارون الفروي أنكر من هذه الأحاديث التي ذكرتها "
انتهى. " الكامل " (4/261)
2- قدامة بن محمد الخشرمي : قال ابن حبان في ترجمته : " يروي عن أبيه ومخرمة بن بكير عن بكير بن عبد الله بن الأشج المقلوبات التي لا يشارك فيها ، روى عنه عبد الله بن هارون الفروي وأهل المدينة
لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد "
انتهى. " المجروحين " (2/219)
فانظر كيف نص ابن حبان على روايته المقلوبات والمنكرات التي لا يشارك فيها .
لذلك قال ابن عدي رحمه الله :
" هذا الحديث بهذا الإسناد ليس له أصل " انتهى.
" الكامل " (4/260)
والحاصل أن الراجح في شأن الحديث أنه ضيعف بطريقيه ، ولا يتقوى أحدهما بالآخر؛ لأن الطريق الثاني يغلب عليها وقوع الخطأ ، والخطأ لا يقوي الضعيف أبدا كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " والمنكر أبدا منكر
".
والقول بضعف الحديث ـ من حيث السند ـ أولى من القول بتحسينه ، كما ذهب إليه بعض أهل العلم من المعاصرين ، أو غيرهم .
جاء في " حاشية السندي على ابن ماجه " (3/374) :
" ( يعزي أخاه ) أي : يأمره بالصبر عليها ، بنحو : أعظم الله أجرك .
( من حلل الكرامة ) أي : من الحال الدالة على الكرامة عنده ، أو من حلل أهل الكرامة ، وهي حلل نسجت من الكرامة ، وهذا مبني على تجسيم المعاني ، وهو أمر لا يعلمه إلا الله تعالى " انتهى.
وقال المناوي رحمه الله :
" فيه أن التعزية سنة مؤكدة ، وأنها لا تختص بالموت ، فإنه أطلق المصيبة ، وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب
والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده " انتهى باختصار .
" فيض القدير " (5/632)
وبعد ذلك كله نقول : إن مشروعية التعزية من الأمور المتفق عليها بين أهل العلم ، لما فيها من مواساة لأهل المصاب ، وإعانة لهم على تحمل مصابهم
فقد عزى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وعزى الصحابة بعضهم بعضا ، والله عز وجل يكتب الأجر للمسلم بواسع كرمه وفضله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 16:57
الكلام على حديث ( أصحابي كالنجوم ) سندا ومتنا .
السؤال
أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، هل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (895) وابن حزم في "الإحكام" (6/244) من طريق سلام بن سليم ، قال : حدثنا الحارث بن غصين ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
وسلام بن سليم ، ويقال ابن سليمان ، متروك متهم قال ابن معين : ليس حديثه بشيء ، وقال ابن حبان : يروى عن الثقات الموضوعات كأنه كان المعتمد لها .
"المجروحين" (1 /339)
وأخرجه الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " ( ص 48 ) والبيهقي في " المدخل " ( 152 ) والديلمي ( 4 / 75 ) من طريق سليمان ابن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا بلفظ
: ( إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء ، فأيها أخذتم به اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة )
وهذا إسناد ضعيف جدا : سليمان بن أبي كريمة ضعيف ، وجويبر هو ابن سعيد الأزدي ، متروك ، كما قال الدارقطني والنسائي وغيرهما ، وضعفه ابن المديني جدا .
"ميزان الاعتدال" (2/222)
"التهذيب" (2/106)
والضحاك هو ابن مزاحم الهلالي لم يلق ابن عباس ، وقال البيهقي عقبه : " هذا حديث متنه مشهور ، وأسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا إسناد " .
ورواه ابن عساكر في "تاريخه" (19/383) والديلمي في " مسنده " (2/190)
من طريق نعيم ابن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا : ( سألت ربي عز وجل فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى الله إلي
: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ؛ فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى "
وهذا إسناد تالف ، نعيم بن حماد ضعيف ، وعبد الرحيم بن زيد العمي كذاب .
"التهذيب" (6/274)
وذكره ابن عبد البر معلقا ( 2 / 183) من طريق أبي شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به .
ثم قال ابن عبد البر : " وهذا إسناد لا يصح ، ولا يرويه عن نافع من يحتج به "
.
وحمزة هذا هو ابن أبي حمزة ، قال ابن معين : لا يساوى فلسا ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال ابن عدى : عامة ما يرويه موضوع .
"ميزان الاعتدال" (1 /606)
وقد تواردت نصوص أهل العلم بعدم صحة هذا الحديث :
فقال الإمام أحمد : " لا يصح هذا الحديث " .
"سلسلة الأحاديث الضعيفة" ، للشيخ الألباني (1 /145) .
وَقَالَ الْحَافِظ أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّار :
" هَذَا الْكَلَام لم يَصح عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم " .
"البدر المنير" (9 /587) .
وقال ابن حزم :
" باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية " .
"الإحكام في أصول الأحكام " (5 /61) .
وقال ابن الملقن :
" جميع طرقه ضعيفة " .
"البدر المنير" (9 /587)
وقال ابن القيم :
" روي من طرق ، ولا يثبت شيء منها " .
إعلام الموقعين [2 /242]
وقال الشوكاني في"الفتح الرباني" (5/179)
" صرح أئمة الجرح والتعديل بأنه لا يصح منها شيء ، وأن هذا الحديث لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " .
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (58) : " موضوع " .
قال الإمام ابن حزم رحمه الله في بيان بطلان هذا الحديث متنا :
" من المحال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله عنهم ، وفيهم من يحلل الشيء وغيره منهم يحرمه ، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب
ولكان أكل البرَد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة وحراما اقتداء بغيره منهم ، ولكان ترك الغسل من الإكسال واجبا اقتداء بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب
وحراما اقتداء بعائشة وابن عمر ، ولكان بيع الثمر قبل ظهور الطيب فيها حلالا اقتداء بعمر ، حراما اقتداء بغيره منهم ، وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة "
انتهى . "الإحكام" (6 /244) .
فتبين بما سبق بطلان هذا الحديث وعدم صحته سندا ومتنا ، فلا تجوز نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، لعموم قوله : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة الصحيح (ص 7) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 17:00
لم يصح حديث في فضل الصلاة بالعمامة
السؤال
ما صحة حديث : ( ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة ) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يُروَى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( رَكْعَتَانِ بِعِمامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلا عِمامَةٍ )
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (2/265، رقم/3233) وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (رقم/14441) لأبي نعيم ، ولكن لم يتسن الوقوف عليه عليه .
يقول المناوي رحمه الله :
" رواه عنه أيضا أبو نعيم - ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمي - ثم إن فيه طارق بن عبد الرحمن أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال النسائي : ليس بقوي .
عن محمد بن عجلان : ذكره البخاري في الضعفاء وقال الحاكم : سيء الحفظ " انتهى باختصار.
" فيض القدير " (4/49)
وعليه : فالحديث ضعيف جدا لا تحل روايته إلا مع بيان ضعفه للحذر منه ، وهكذا قد حكم عليه أهل العلم بالرد وعدم القبول :
فقال السخاوي رحمه الله :
" لا يثبت " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/406)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/ 128، 5699)
وذكره الشيخ أحمد العامري (ت 1143هـ) في كتاب : " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث " (ص/126)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" هذا خبرٌ لا أصل له ، موضوع مكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا أصل لذلك " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا الحديث حديث باطل موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والعمامة - كغيرها من الألبسة - تتبع عادات الناس ، فإن كنت في أناس اعتادوا لبس العمامة فالبسها
وإذا كنت في أناس لا يعتادون لبس العمامة وإنما يلبسون الغترة أو يبقون بلا شيء يستر رؤوسهم فافعل كما يفعلون " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب "
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 17:05
مراحل جمع القرآن الكريم .
السؤال
أنا أسمع أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول إن يس قلب القران ؛ كيف والقرآن لم يتم تجميعه فى عهد الرسول ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
حديث : ( يس قلب القرآن ) قد روي من عدة طرق ، كلها ضعيفة ، لا يصح منها شيء ، وبعضها أضعف من بعض
.
وَنَقَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مَجْهُولُ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ .
"التلخيص الحبير" (2 /245)
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي "علله" : حَدِيث لَا يَصح .
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي "الْخُلَاصَة" : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَفِيه مَجْهُولَانِ .
"البدر المنير" (5 /194-195)
وراجع : "إرواء الغليل" (3/150-151)
"سلسلة الأحاديث الضعيفة" أرقام : (169) ، (5861) ، (5870) ، (6843)
ثانيا :
أما الاستشكال الوارد في السؤال – بغض النظر عن صحة هذا الحديث من ضعفه – فيقال فيه : إن جمع القرآن يطلق ويقصد به حفظه في الصدور
كما قال الله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) القيامة/ 17 قال ابن عباس رضي الله عنهما : " جمعه لك في صدرك " رواه البخاري (5) ومسلم (448) .
وروى البخاري (3810) ومسلم (2465) عن أنس رضي الله عنه قال : " جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ : مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ " .
فحفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحفظه الصحابة رضي الله عنهم ، والمؤمنون من بعدهم ، وهذا أمر لم يتوقف على وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
بل لا يتأتى حفظ القرآن وجمعه من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا إذا كان كله محفوظا مجموعا في حياته صلى الله عليه وسلم .
- ويطلق جمع القرآن ويقصد به جمعه في المصحف ، على الترتيب المعهود ، وهذا هو الذي تأخر إلى خلافة الصديق رضي الله عنه ، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري (4679) أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ :
إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ ... الحديث ، وفيه : قال زيد :
" فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ ، وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ " .
وهناك جمع ثالث ثم في خلافة عثمان رضي الله عنه ، وهو جمع الناس على مصحف واحد ، وحرف واحد من الأحرف التي نزل بها القرآن ، واعتماد هذا المصحف العثماني الأم .
فإنه لما تنازع الناس في القرآن واختلفوا ، فهذا يقرأ بقراءة أبي بن كعب ، وهذا يقرأ بقراءة ابن مسعود ، استشار عثمان الصحابة رضي الله عنهم في جمع الناس على مصحف واحد .
فروى ابن أبي داود في "المصاحف" (1/77) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيرا في المصاحف وإحراق المصاحف
فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعا ، فقال : ما تقولون في هذه القراءة ؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول : إن قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد أن يكون كفرا
قلنا : فما ترى ؟ قال : نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ، ولا يكون اختلاف ، قلنا : فنِعم ما رأيت قال : فقيل : أي الناس أفصح ، وأي الناس أقرأ ؟
قالوا : أفصح الناس سعيد بن العاص ، وأقرؤهم زيد بن ثابت ، فقال : ليكتب أحدهما ويمل الآخر ففعلا وجمع الناس على مصحف " قال علي : والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل .
وصححه الحافظ في "الفتح" (9/18)
فالجمع الذي حصل في عهد الصديق وفي عهد عثمان رضي الله عنهما هو جمع القرآن
في كتاب واحد ، وهو المصحف .
أما الجمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حفظه في صدور المؤمنين ، كما قال الله تعالى : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) العنكبوت/ 49
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق ، أمرًا ونهيًا وخبرًا ، يحفظه العلماء ، يَسَّره الله عليهم حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (6 /286)
فعلى فرض صحة الحديث يكون معناه أن سورة يس قلب القرآن الذي هو كلام الله المحفوظ في صدور الذين أوتوا العلم ، والذي جمع بعد ذلك في الصحف .
فالذي تأخر عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو جمع القرآن من الصحف والرقاع ، وجعله كله في مصحف واحد ، كما هو المعهود الآن
، وليس أن شيئا منه كان ضائعا ، أو غير محفوظ ، أو غير مجموع في الصدور ، حتى تم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن هذا أمر لا يمكن
بل القرآن الذي جمعوه في المصحف ، هو نفسه القرآن المحفوظ في صدور الذين أوتوا العلم ، لا يزيد عنه ولا ينقص .
وقد روى مسلم (810) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ؟
قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ قُلْتُ ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ : ( وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ ) .
فقوله : ( أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ ) يقصد به القرآن المحفوظ المجموع في صدره .
ثالثا :
ليس المراد بالحديث المذكور ، على فرض صحته ، أنها قلب القرآن ، يعني : أنها وسطه من الناحية الكمية ، فهذا غير مراد ، وهو خلاف الواقع أيضا
وإنما المراد به أنه من السور التي جمعت خلاصة مقاصد القرآن الكريم ، ولباب معانيه ، فكأنها منه بمنزلة القلب من الجسد .
قال المباركفوري رحمه الله :
" قوله ( وقلب القرآن يس ) أي لبه وخالصه سورة يس . قال الغزالي : إن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر ، وهو مقرر فيها بأبلغ وجه ؛ فكانت قلب القرآن لذلك . واستحسنه الفخر الرازي .
قال الطيبي : لاحتوائها مع قصرها على البراهين الساطعة ، والايات القاطعة ، والعلوم المكنونة ، والمعاني الدقيقة ، والمواعيد الفائقة ، والزواجر البالغة "
انتهى من " تحفة الأحوذي" (8/159) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 17:11
حديث الدعاء الذي إذا قاله الإنسان تشتاق إليه الجنان لا يصح
السؤال
دعاء إذا قلته تشتاق لك الجنة كما تشتاق لها أنت : قال جبريل عليه السلام : يا محمد ! والذي بعثك بالحق لا يدعو أحد بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه ، واشتاقت إليه الجنة ، واستغفر له الملكان
وفتحت له أبواب الجنة ما تشاء . وهذا الدعاء سهل : ( اللهم إني أسالك إيماناً دائماً ، وأسألك قلباً خاشعاً ، وأسألك علماً نافعاً ، وأسألك يقيناً صادقاً ، وأسألك ديناً قيماً ، وأسألك العافية من كل بلية )
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الدعاء يروى في حديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أنه أتاه جبرئيل عليه السلام ، فبينما هو عنده إذ أقبل أبو ذر ، فنظر إليه جبرئيل فقال
: هو أبو ذر . قلت : يا أمين الله ! وتعرفون أنتم أبا ذر ؟ فقال : نعم والذي بعثك بالحق إن أبا ذر أعرف في أهل السماء منه في أهل الأرض
وإنما ذلك لدعاء يدعو به كل يوم مرتين ، وقد تعجبت الملائكة منه ، فادع به فسل عن دعائه .
فقال عليه السلام : يا أبا ذر ! دعاء تدعو به كل يوم مرتين ؟
قال : نعم فداك أبي وأمي ، ما سمعته من بشر ، وإنما هو عشرة أحرف ألهمني ربي إلهاما ، وأنا أدعو به كل يوم مرتين ، أستقبل القبلة فأسبح الله مليا ، وأهلله مليا ، وأحمده مليا
وأكبره مليا ، ثم أدعو بتلك العشر الكلمات : اللهم إني أسألك إيمانا دائما ، وأسألك قلبا خاشعا ، وأسألك علما نافعا ، وأسألك يقينا صادقا
وأسألك دينا قيما ، وأسألك العافية من كل بلية ، وأسألك تمام العافية ، وأسألك دوام العافية ، وأسألك الشكر على العافية ، وأسألك الغنى عن الناس .
قال جبرئيل : يا محمد ! والذي بعثك بالحق لا يدعو أحد من أمتك هذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر وعدد تراب الأرض
ولا يلقاك أحد من أمتك وفي قلبه هذا الدعاء إلا اشتاقت إليه الجنان ، واستغفر له الملكان ، وفتحت له أبواب الجنة ، ونادت الملائكة : يا ولي الله ! ادخل من أي باب شئت )
أخرجه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " (3/40-41) قال : ثنا عمر بن أبى عمر ، قال ثنا أبو همام الدلال – محمد بن محبب (221هـ)، عن إبراهيم بن طهمان ، عن عاصم بن أبى النجود
، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب به . – نقلنا الإسناد من " جمع الجوامع " للسيوطي ، ، وعنه صاحب "
كنز العمال " (2/678)
وهذا إسناد موضوع ، فيه عمر بن أبي عمر ، وهو أبو حفص العبدي البلخي ، واسمه أيضا عمر بن رياح ، متفق على نكارة حديثه وتركه
بل قال الفلاس : دجال . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات . انظر ترجمته في "
تهذيب التهذيب " (7/448)
وقد وقع تصحيف في " كنز العمال " عند نقل إسناد الحديث ، فسمى شيخ الحكيم الترمذي عمرو بن أبي عمرو ، فأدى إلى التوقف في الإسناد من قبل بعض الباحثين المعاصرين لهذا السبب
والصحيح أنه عمر بن أبي عمر العبدي البلخي ، نص على أنه شيخ الحكيم الترمذي الخطيب البغدادي في " المتفق والمفترق " (رقم/959)
فالحديث موضوع مكذوب لا يحل روايته ولا التحديث به إلا على سبيل التحذير منه وبيان كذبه ووهائه .
ثانيا :
ومما يؤكد رد الحديث وتكذيبه انفراد الحكيم الترمذي بروايته ، وهو غير الإمام محمد بن عيسى الترمذي (279هـ) صاحب السنن المشهور .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" محمد الترمذي الحكيم لم يكن من أهل الحديث ، ولا علم له بطرقه وصناعته ، وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق
ودعوى الكشف على الأمور الغامضة والحقائق، حتى خرج في الكلام على ذلك عن قاعدة الفقهاء ، واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء ، وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية
وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية ، وقالوا : إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة ، فاستوجب بذلك القدح والشناعة ، وملأ كتبه بالأحاديث الموضوعة ، وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة
وعلل فيها خفي الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها "
انتهى من" تحفة المودود " (ص/203)
ويقول السيوطي رحمه الله :
" كل ماعُزِيَ للحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " فهو ضعيف ، فيستغنى بالعزو إليه عن بيان ضعفه "
انتهى باختصار من ف" جمع الجوامع " (1/10)
ثالثا :
لا حرج على من دعا بالكلمات الواردة بهذا الدعاء ، إذ ليس فيها شيء مستنكر ولا مستغرب ، لكن دون أن يعتقد لها هذا الفضل الذي لم ثبت .
وقد جاء عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يقول بعد صلاة الفجر : ( اللهم إني أسألك ررزقا طيبا وعلما نافعا وعملا متقبلا )
رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/234) وابن ماجه في "السنن" (66)
وقال الهيثمي رحمه الله :
" ورجاله ثقات " انتهى .
" مجمع الزوائد " (10/146)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" حسن لشاهده " انتهى.
كما في " الفتوحات الربانية " (3/70)
وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
كما جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه دعا بها وبنحوها .
فقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/164) بسند صحيح عن معاوية بن قرة قال : كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول : ( اللهم إني أسألك إيمانا دائما ، وعلما نافعا ، وهديا قيما )
صححه الألباني في تحقيق " الإيمان " لابن أبي شيبة (106)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 17:15
حديث ضعيف في فضل الدعاء بـ ( يا رب )
السؤال
سؤال : ما صحة هذا الحديث ، وما حكم نشره ؟
( إذا رفع العبد يديه للسماء وهو عاصٍ فيقول : يا رب ! فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ! فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ! فتحجب الملائكة صوته
فيكررها فى الرابعة ، فيقول الله عز وجل : إلى متى تحجبون صوت عبدي عني ؟ لبيك عبدي ، لبيك عبدي ، لبيك عبدي ، لبيك عبدي ) وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
لم يصح حديث في أن الملائكة تحجب صوت العبد عن الله عز وجل ، وكيف ذلك وهي تعلم أن الله يعلم السر وأخفى ، وأنه سبحانه لا يخفى عليه شي
في الأرض ولا في السماء ، فإذا لم يكن للحديث الذي يحمل هذا المعنى شاهدٌ صحيحٌ من حيث السند ، ولا له وجهٌ صحيح من حيث المعنى والنظر ؛ فهو حديث مردود سندا ومتنا .
وقد بحثنا عن نص هذا الحديث فلم نجده مرفوعا في كتب السنة ، وإنما يذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (4/152) وأبو طالب المكي في "قوت القلوب" من كلام محمد بن صعب
وهو رجل مجهول غير معروف ، إلا أن يكون المقصود محمد بن مصعب ( بالميم في أوله ) المتوفَّى سنة (227هـ) ، والغزالي وأبو طالب المكي يتساهلان في إيراد كل أثر ولو كان مردودا أو منكرا أو حتى كان موضوعا .
أما سؤال الله تعالى بأوصاف الربوبية فهو مما يحبه الله تعالى ويرضاه ، والدعاء في القرآن مليء بسؤال الله عز وجل مبدوءا بقول المؤمنين ( ربنا )
منها قوله سبحانه وتعالى : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
. رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ . رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ
فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) آل عمران/191-194
ويمكنك مراجعة السؤال القادم
ففيه زيادة متعلقة بالموضوع أيضا.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-02, 17:18
حديث جابر في العبد الذي يدعو الله وهو عليه غضبان ثم يستجيب له
السؤال
أرغب في معرفة صحة الحديث التالي : ورد في " الحلية " عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (والذي نفسي بيده ، إن العبد ليدعو الله وهو عليه غضبان
فيعرض عنه ، ثم يدعوه فيعرض عنه ، فيقول سبحانه لملائكته : أبى عبدي أن يدعو غيري ، فقد استحييت منه ، يدعوني وأعرض عنه ، أشهدكم أني قد استجبت له) .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث رواه الطبراني في "الدعاء" (1/28) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/208) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (رقم/7088) ، جميعهم من طريق
: عبد الأعلى بن حماد النرسي ، ثنا أبو عاصم العباداني ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه...فذكره .
وهذا إسناد ضعيف جدا .
فيه الفضل بن عيسى الرقاشي : قال فيه أبو زرعة وأبو حاتم : منكر الحديث . وقال أحمد : ضعيف . وسئل أبو داود عن التحديث عنه فقال : لا ، ولا كرامة .
انظر: "تهذيب التهذيب" (8/284) .
وأبو عاصم العباداني : لين الحديث .
ومع ذلك ، فالإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:14
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم حديث إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله
السؤال
ما صحة هذا الحديث : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله ، أما إني لست أقول يعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ، ولكن أعمالاً لغير الله ، وشهوة خفية ) رواه ابن ماجه .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يروى عن الصحابي الجليل شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ
أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا ، وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَشَهْوَةً خَفِيَّةً )
رواه ابن ماجه في " السنن " (رقم/4205) من طريق الحسن بن ذكوان ، عن عبادة بن نسي ، عن شداد بن أوس به .
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن ذكوان ، قال أبو حاتم : ضعيف ليس بالقوي .
وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن معين : ضعيف . وقال أحمد : أحاديثه أباطيل . وذكروا عنه الوقوع في التدليس أيضا في إحدى المرات
فأورده ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين .
وانظر : " تهذيب التهذيب " (2/276)
ثم إن في رواة الإسناد قبل الحسن بن ذكوان بعض أسباب الضعف أيضا .
وفيه علة أخرى وهي الشك في اتصال الحديث ، فقد تردد العلماء في سماع عبادة بن نسي من شداد بن أوس وغيره من الصحابة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" في سماعه – يعني عبادة بن نسي - مِن شداد نظر " انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (5/207)
ولذلك ضعف أهل العلم هذا الحديث ، كالمنذري في " الترغيب والترهيب " (1/55)
والألباني في " ضعيف ابن ماجه ".
وأما متابعة عبد الواحد بن زيد للحسن بن ذكوان بلفظ أطول قريب -
كما في " مسند الإمام أحمد " (28/346)، و" المعجم الكبير " للطبراني (7/284)، و"مستدرك الحاكم " (4/366)
وقال : " هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه " انتهى. والبيهقي في " شعب الإيمان " (9/154) -
فهي متابعة مردودة لا تصلح لتقوية الحديث ، فإن عبد الواحد بن زيد شديد الضعف متروك الحديث باتفاق ، ولذلك علق الذهبي في " التلخيص " على كلام الحاكم قائلا : " عبد الواحد بن زيد متروك " انتهى.
ويغني عن هذا الحديث الأدلة المتواترة في تحريم الرياء وقصد السمعة وجعل ذلك من الشرك بالله عز وجل
وقد جمع كثيرا منها الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) الكهف/110.
ومن أقرب ما جاء في الباب للحديث المذكور : ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ . قَالُوا : وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الرِّيَاءُ )
رواه أحمد في "المسند" (5/429) وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1555)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:17
هل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتمع عليه صيام نافلة فيقضيها في شعبان
السؤال
ما صحة حديث : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، فربما أخَّر ذلك حتى يجتمعَ عليه صوم السنة فيصوم شعبان )
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يُروَى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فربما أخَّر ذلك حتى يجتمع عليه صوم السنة ، وربما أخَّره حتى يصوم شعبان )
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/320)
قال : حدثنا أحمد قال : نا علي بن حرب الجنديسابوري
قال : نا سليمان بن أبي هوذة قال : نا عمرو بن أبي قيس ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : فذكره
. ثم قال : " لا يروى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : عمرو " انتهى.
وهذا إسناد ضعيف بسبب محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى – الفقيه المشهور – قال فيه الإمام أحمد : كان سيء الحفظ ، مضطرب الحديث .
وقال شعبة : ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبى ليلى . وقال علي بن المديني : كان سيء الحفظ ; واهي الحديث .
لذلك ضعف أهل العلم حديثه هذا .
قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام " انتهى.
" مجمع الزوائد " (3/195)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" ابن أبي ليلى ضعيف ، وحديث الباب والذي بعده دال على ضعف ما رواه " انتهى.
" فتح الباري " (4/252)
وقال الشوكاني رحمه الله :
" في إسناده ابن أبي ليلى وهو ضعيف " انتهى.
" نيل الأوطار " (4/332)
وقد اختلف أهل العلم في الحكمة من صوم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر شعبان على أقوال كثيرة ، منها القول السابق ، ولكن دليله لا يصح
ولعل أول من نقله ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (4/115)، وذكر أقوالا أخرى نقلها الحافظ ابن حجر رحمه الله وزاد عليها ، ثم قال :
" والأَوْلى في ذلك ما جاء في حديث أصح مما مضى ، أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال : ( قلت : يا رسول الله ! لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان
قال : ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) " انتهى.
" فتح الباري " (4/215)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:25
حديث موضوع في صلاة ركعتين من كل خميس من شعبان
السؤال
وصلني عبر البريد الإلكتروني رسالة كالتالي : صلاة ركعتين في كل يوم خميس من شعبان المعظم . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( فمن صلّى فيه ركعتين : يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و ( قل هو الله أحد ) مائة مرة
فإذا سلّم صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة : قضى الله له كل حاجة من أمر دينه ودنياه ) أود التأكد من صحة هذا الكلام ، وكيفية القيام بالصلاة ركعتين
علماً بأنه مذكور قراءة : (قل هو الله أحد) مائة مرة ، هل يتم القراءة أثناء الركعتين أو بعدها ؟
الجواب
الحمد لله
ليس لهذا الحديث أصل في كتب السنة ، ويبدو أنه من الأحاديث الموضوعة في فضائل الصلاة في شعبان ، وقد وضعت أحاديث مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل شعبان والصلاة فيه
وليلة النصف منه
فقد قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" وجميع ما روي من الأحاديث المشتهرة في فضائل هذه الليلة – يعني ليلة أول جمعة من رجب - وليلة نصف شعبان : باطل ، كذب ، لا أصل له ، وإن وقع في بعض كتب الأكابر كالإحياء للغزالي وغيره " انتهى.
" الفتاوى الفقهية الكبرى " (1/184)
وكذلك وضعت أحاديث في فضل الصلاة في بعض أيام الأسبوع .
قال الشوكاني رحمه الله :
" الصلاة التي تذكر في يوم الأحد والاثنين وغيرهما من أيام الأسبوع : لا نزاع بين أهل المعرفة بالحديث أنها أحاديث موضوعة ، وأن هذه الصلاة لم يستحبها أحد من أئمة الدين " انتهى.
" الفوائد الموضوعة " (1/74) .
فلا يجوز العمل بهذا الحديث المكذوب الموضوع ، وفي الأحاديث الصحيحة الثانية الكفاية لمن أراد أن يكون من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم حقاً .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:30
هل تصح قصة الجار اليهودي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن إليه؟
السؤال
هل صحيح ما نسمعه من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان له جار يهودي ، وكان يُحسن إليه . سبب سؤالي هو ما قرأته عن عدم صحة هذا !
الجواب
الحمد لله
أولا :
القصة المذكورة في مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد اليهود ، وردت في كتب الحديث :
عن بريدة رضي الله عنه قال :
( كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اذهبوا بنا نعود جارنا اليهودي . قال : فأتيناه ، فقال : كيف أنت يا فلان ؟ فسأله ، ثم قال : يا فلان ، اشهد أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله . فنظر الرجل إلى أبيه ، فلم يكلمه ، ثم سكت ثم قال وهو عند رأسه ، فلم يكلمه ، فسكت ، فقال : يا فلان ، اشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله . فقال له أبوه : اشهد له يا بني .
فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . فقال : الحمد لله الذي أعتق رقبة من النار )
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/553) باب ما يقول لمرضى أهل الكتاب ، وغيره ، وإسناده ضعيف .
وقد وردت القصة أيضا من حديث أبى هريرة رضي الله عنه ، عند العقيلي في " الضعفاء الكبير " (2/242)
وإسناده أيضا ضعيف . قال العقيلي : " وقد روي هذا من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا " انتهى.
ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، رواه الجوزقاني في " الأباطيل والمناكير " (2/195) ، ورجح الدارقطني أنه من مراسيل ثابت ، وليس مسندا عن أنس بن مالك رضي الله عنه
. ينظر : " العلل " للدارقطني (12/31-32) .
وروي أيضا من حديث ابن أبي حسين ، رواه عبد الرزاق في " المصنف " (6/34-35) وأيضا (10/315-316) وابن أبي حسين – واسمه عمر بن سعيد بن أبي حسين
من الذين عاصروا صغار التابعين ، ولم يدرك أحدا من الصحابة .
انظر : " تهذيب التهذيب " (7/453) فالإسناد مرسل ، منقطع .
والخلاصة : أن طرق القصة كلها ضعيفة ، لا يصح منها شيء .
وننبه هنا إلى زيادة اشتهرت عند كثير من الناس اليوم ، أن هذا الجار اليهودي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، ويضع القمامة والشوك في طريقه .
والحق أن هذه الزيادة لا أصل لها في كتب السنة ، ولم يذكرها أحد من أهل العلم ، وإنما اشتهرت لدى المتأخرين من الوعاظ والزهاد من غير أصل ولا إسناد ، والأصل في المسلم الوقوف عند الثابت والمقبول
خاصة وأن متنها فيه نكارة ، إذ من المستبعد جدا أن يؤذي اليهودي النبي صلى الله عليه وسلم في جواره له من غير اعتراض الصحابة ولا دفاعهم عن نبيهم عليه الصلاة والسلام .
ثانيا :
مما يدل ـ أيضا ـ على بطلان الزيادة التي أشرنا إليها من أن هذا الجار كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، أن الحديث قد ثبت على وجه آخر سوى المذكور هنا :
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ : أَسْلِمْ !! فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ
فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .
رواه أحمد (13565) والبخاري (1356) وأبو داود (3095) .
ففي هذا الحديث أن الغلام اليهودي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بل في بعض رواياته
كما في مسند أحمد (12381) ـ أنه : ( كَانَ يَضَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ .. )
فأين هذا مما ذكر من أنه كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
ولا يمنع ذلك أن يكون هذا الغلام جارا للنبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:34
لا يصح حديث فيه قول إبليس أهلكت الناس بالذنوب فأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار
السؤال
يقول الشيطان : ( أهلكت بني آدم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله )
يقول الله سبحانه وتعالى : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين . ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )
الجواب
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث يروى في بعض كتب السنة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما
فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب فأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أنهم مهتدون )
أخرجه أبو يعلى في " المسند " (1/123)، والطبراني في " الدعاء " (ص/504)
بلفظ مختصر، وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم/6) واللفظ المنقول له ، جميعهم من طريق محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر الشيباني
عن عبد الغفور ، عن أبي نصيرة ، عن أبي رجاء العطاردي عن أبي بكر به .
وهذا إسناد ضعيف جداً فيه علتان ظاهرتان :
1- عبد الغفور بن عبد العزيز ، أبو الصباح الواسطي ، اتفق أهل العلم على ضعف حديثه ، بل قال يحيى بن معين : ليس حديثه بشيء . وقال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث
. وقال البخاري : تركوه .
انظر: " لسان الميزان " (4/43)
2- عثمان بن مطر الشيباني : متفق على ضعفه .
انظر: " تهذيب التهذيب " (7/155).
ولذلك ضعف أهل العلم هذا الحديث ، فضعفه ابن كثير –
كما في " تفسير القرآن العظيم " (2/124) -
وقال الشيخ الألباني رحمه الله
: " موضوع " انتهى. "ضعيف الترغيب" (رقم/41)، وكذا في " السلسلة الضعيفة " (رقم/5560)
ثانياً :
يغني عن هذا الحديث الضعيف ، الأحاديث الصحيحة الواردة في فضائل كلمة التوحيد وفضائل الاستغفار ، وفي القرآن الكريم وصف المسارعين إلى الاستغفار بالمتقين
وبيان أجرهم العظيم ، وذلك في قول الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:52
حكم حديث القرآن هدى من الضلال
السؤال
ما صحة هذا الحديث الموجود ببعض المنتديات : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( القرآن هدى من الضلال ، وتبيان من العمى ، واستقالة من العثرة ، ونور من الظلمة ، وضياء من الأحداث
وعصمة من الهلكة ، ورشد من الغواية ، وبيان من الفتن ، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة ، وفيه كمال دينكم ، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار ) ؟
الجواب
الحمد لله
ليس لهذا الحديث أصل في كتب السنة والآثار
ولم نقف عليه لا مسنداً ولا معلقاً في شيء من كتب أهل العلم .
وإنما شاع وانتشر في كتب الرافضة المليئة بالأكاذيب والترهات ، حيث يرويه الكليني في " الكافي " (2/600-601) فيقول :
" أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن الخشاب رفعه ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ( لَا وَاللَّهِ لَا يَرْجِعُ الْأَمْرُ وَالْخِلَافَةُ إِلَى آلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَبَداً ،
وَلَا إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ أَبَداً ، وَلَا فِي وُلْدِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ أَبَداً ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ نَبَذُوا الْقُرْآنَ ، وَأَبْطَلُوا السُّنَنَ ، وَعَطَّلُوا الْأَحْكَامَ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله : الْقُرْآنُ هُدًى مِنَ الضَّلَالِ ، وَتِبْيَانٌ مِنَ الْعَمَى
وَاسْتِقَالَةٌ مِنَ الْعَثْرَةِ ، وَنُورٌ مِنَ الظُّلْمَةِ ، وَضِيَاءٌ مِنَ الْأَحْدَاثِ ، وَعِصْمَةٌ مِنَ الْهَلَكَةِ ، وَرُشْدٌ مِنَ الْغَوَايَةِ ، وَبَيَانٌ مِنَ الْفِتَنِ ، وَبَلَاغٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ ، وَفِيهِ كَمَالُ دِينِكُمْ ، وَمَا عَدَلَ أَحَدٌ عَنِ الْقُرْآنِ إِلَّا إِلَى النَّارِ )
وهذا الأثر - كما ترى – ضعيف الإسناد جدا ، بل مكذوب مخترع ، بسبب جهالة أصحاب أبي علي الأشعري ، وعدم التثبت من الاتصال في إسناده ، وبسبب إرساله .
ولذلك لا يقبل مثل هذا الإسناد ، بل إن بعض الرافضة ردوا هذه الرواية وحكموا عليها بالضعف
مثل المجلسي في " مرآة العقول " (12/481) ، والبهبودي في " صحيح كتاب الكافي ".
وأما أبو علي الأشعري فهو
: " أحمد بن إدريس الفاضل ، أبو علي القمي الأشعري ، من كبار مصنفي الرافضة ، مات سنة ست وثلاث مائة ، وذكره أبو الحسن بن بابويه في تاريخ الري
ونسبه فقال : أحمد بن إدريس بن زكريا بن طهمان ، كان من قدماء الشيعة ، روى عنه جماعة من شيوخ الشيعة ، منهم علي بن الحسين بن موسى
ومحمد بن الحسن بن الوليد ، وقدم الري مجتازاً إلى مكة ، فمات بين مكة والكوفة "
انتهى من " لسان الميزان " (1/136).
ولم يكتف الرافضة بنشر واعتماد مثل هذه الروايات المكذوبة ، بل ذهبوا يؤولون ما جاء فيها بالتأويلات الباطنية المذمومة .
وفي كتب الرافضة من الكذب على أبي عبد الله – وهو جعفر الصادق (ت 148هـ) – الشيء الكثير ، كما قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لم يكذب على أحد ما كذب على جعفر الصادق مع براءته "
انتهى من " منهاج السنة " (4/143)
حتى قال جعفر الصادق - كما تروي كتب الشيعة
-: ".. إن الناس أولعوا بالكذب علينا.."
انتهى. انظر: " بحار الأنوار " (2/246)
وكانت مصيبة جعفر أن اكتنفه - كما تقول كتب الشيعة – قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون : حدثنا جعفر بن محمد
ويحدثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر ، ليستأكلوا الناس بذلك ، ويأخذوا منهم الدراهم.."
انتهى. ينظر "رجال الكشي" (ص 208-209).
ومع ذلك كله نقول :
إن وصف القرآن الكريم بالنور ، والهدى ، والضياء ، والبيان وغير ذلك من الأوصاف الجليلة كلها ثابتة في الكتاب الكريم نفسه .
يقول تعالى : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ) الإسراء/9.
ويقول سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82.
وقال عز وجل : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل/89.
وقال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ) النساء/174.
والآيات في هذا الباب كثيرة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 15:59
ليس من السنة قراءة سورة القدر عقب الوضوء
السؤال
أخبرني أحد الأصدقاء أن قراءة سورة القدر يكفر ذنوب أربعين سنة.. شرط أن تُقرأ بعد الوضوء مباشرة..
فهل هذا صحيح؟
وهل من دليل على هذا القول؟
الجواب
الحمد لله
لا أصل شرعي لهذا الكلام ، وليس في السنة النبوية ما يدل عليه .
قال السخاوي رحمه الله :
" قراءة سورة ( إنا أنزلناه ) عقيب الوضوء : لا أصل له ، وهو مفوت سنته " انتهى .
"المقاصد الحسنة" (ص 664) .
وقال العامري الغزي رحمه الله :
" قراءة سورة القدر عقب الوضوء " لا أصل لها " .
"الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث" (ص 234) .
وذكر الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (1449) حديثا في ذلك وقال عنه : موضوع .
وقد ثبت في السنة النبوية أدعية وأذكار تقال عقب الوضوء ، فعلى المسلم الحرص عليها وعدم الزيادة عليها .
ونقل النووي في "المجموع" (1/385) عن البيهقي قوله :
" أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ
وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ" وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ " انتهى
وأما ما يقال بعده : فقد وردت فيه عدة أحاديث .
ومجموع ما ورد أنه يقول :
( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
روى مسلم (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ :
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) رواه مسلم (234) .
زاد الترمذي (55) : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .
وهذه الزيادة ضعفها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فإنه قال : " هذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث " انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/19) .
وقد صححها الألباني في صحيح الترمذي . وجزم ابن القيم في "زاد المعاد" بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
فقد رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة" والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وقد اختلف الرواة هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي سعيد رضي الله عنه ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" والسند صحيح بلا ريب ، إنما اختلف في رفع المتن ووقفه ، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ ، فلذا حكم عليه بالخطأ
وأما على طريق الشيخ المصنف (يعني النووي) تبعاً لابن الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم ، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع "
انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/21) .
وقد صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (225) و"السلسلة الصحيحة" (2333) .
وانظر : "تمام المنة" (ص 94- 98) .
فهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تقال على الوضوء ، أما الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي في الأذكار (ص 30) :
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته
ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ، وقوله : ( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ) في آخره
وفي حديث آخر في "سنن النسائي" مما يقال بعد الوضوء أيضاً : ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/221) :
" لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء ، وما يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة ، مثل قولهم عند غسل الوجه : (اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه) وقولهم :
عند غسل اليدين : (اللهم أعطني كتابي بيميني ، ولا تعطني كتابي بشمالي ) إلى غير ذلك من الأدعية عند سائر أعضاء الوضوء " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 16:05
هل دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرد عليه الشمس كي يؤدي صلاة العصر ؟
السؤال
سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم نام ذات مرة عن صلاة العصر ، فاستيقظ وقد غربت الشمس ، فدعا الله تعالى أن يأمر الشمس بالشروق حتى يؤدي صلاة العصر...فهل هذا الكلام صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لم نجد في الروايات ما يشتمل على قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر ، ثم دعائه عليه الصلاة والسلام ربه أن يرد عليه الشمس بعدما غربت كي يصلي العصر
ولم نقف على شيء من ذلك في كتب السنة المشهورة ، كما لم نقف عليه في كتب الغرائب والأحاديث الضعاف
وإنما الذي ورد في ذلك هو شغل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى غربت الشمس يوم الخندق ، وهي قصة ثابتة في الصحيحين من طرق عديدة ، وليس فيها شيء عن ذكر رجوع الشمس بعد الغروب
بل فيها أنه عليه الصلاة والسلام صلى العصر بعدما غربت الشمس .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه :
( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا .
فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا ، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ ) رواه البخاري (596) ومسلم (631)
ثانياً :
ربما اشتبه على السائل هذا الذي ذكره في سؤاله ، بقصة أخرى قريبة من ذلك ؛ وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر ، ولكن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يصلها
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان نائماً في حجره ، فكره أن يقوم ليصلي فيوقظ النبي صلى الله عليه وسلم من منامه ، فدعا عليه الصلاة والسلام ربه أن يرد الشمس بعدما غربت كي يصلي علي بن أبي طالب العصر .
فإن كان هذا هو مراد السائل ، فالحديث ضغيف جداً ؛ لأسباب كثيرة ، أهمها سببان :
السبب الأول : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نفي أن يكون وقع ذلك لأحد غير نبي الله يوشع بن نون عليه السلام
وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ... فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ :
إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ )
رواه البخاري (3124) ومسلم (1747)، ولفظ طريق الإمام أحمد رحمه الله في " المسند " (14/65) :
( إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) قال ابن كثير عن هذا الطريق : " على شرط البخاري " انتهى.
ثم علق عليه بقوله رحمه الله :
" فيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام ، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته
فسأل رسولُ الله أن يردها عليه حتى يصلي العصر فرجعت . وقد صححه علي بن صالح المصري ، ولكنه منكر ، ليس في شيء من الصحاح ولا الحسان ، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله
وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها والله أعلم "
انتهى من " البداية والنهاية " (1/376).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" فيه أن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع عليه السلام ، ففيه إشارة إلى ضعف ما يروى أنه وقع ذلك لغيره – ثم أطال في تفصيل ذلك إلى أن قال -
: وجملة القول : أنه لا يصح في حبس الشمس أو ردها شيء إلا هذا الحديث الصحيح "
انتهى من " السلسلة الصحيحة " (رقم/202).
السبب الثاني : أن هذا الخبر لم يرد من طريق صحيح يُعتمد عليه ، بل لم يرد إلا من طرق المجاهيل والمتهمين ، ولذلك جاء حكم المحققين من المحدثين بتضعيف الحديث ورده :
قال ابن الجوزي رحمه الله :
"هذا حديث موضوع بلا شك ، وقد اضطرب الرواة فيه "
انتهى من " الموضوعات " (1/356).
وقال الجورقاني رحمه الله :
" منكر مضطرب "
انتهى من " الأباطيل والمناكير " (1/303).
وقال ابن تيمية رحمه الله :
" المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع .... وليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت ، تُعلم عدالة ناقليه وضبطهم
ولا يُعلم اتصال إسناده ... وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، لا رواه أهل الصحيح ، ولا أهل السنن ، ولا المسانيد أصلاً
بل اتفقوا على تركه والإعراض عنه ، فكيف يكون مثل هذه الواقعة العظيمة التي هي لو كانت حقاً من أعظم المعجزات المشهورة الظاهرة ، ولم يروها أهل الصحاح والمساند
ولا نقلها أحد من علماء المسلمين وحفاظ الحديث ، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة "
انتهى باختصار من " منهاج السنة النبوية " (8/113-122).
وقال ابن كثير رحمه الله :
" هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه ، فلا تخلو واحدة منها عن شيعي ومجهول الحال ، وشيعي ومتروك ، ومثل هذا الحديث لا يقبل فيه خبر واحد إذا اتصل سنده ؛ لأنه من باب ما تتوفر الدواعي على نقله
فلا بد من نقله بالتواتر والاستفاضة ، لا أقل من ذلك ، ونحن لا ننكر هذا في قدرة الله تعالى ، وبالنسبة إلى جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد ثبت في الصحيح أنها ردت ليوشع بن نون ، وذلك يوم حاصر بيت المقدس ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم جاهاً ، وأجل منصباً ، وأعلى قدراً من يوشع بن نون ، بل من سائر الأنبياء على الإطلاق
ولكن لا نقول إلا ما صح عندنا عنه ، ولا نسند إليه ما ليس بصحيح ، ولو صح لكنا من أول القائلين به ، والمعتقدين له ، وبالله المستعان "
انتهى من " البداية والنهاية " (6/87).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/971).
ومن أراد التوسع في البحث في طرق هذا الحديث
فليرجع إلى " منهاج السنة النبوية " (8/113-136)
" اللآلئ المصنوعة " للسيوطي (1/308-312).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 16:10
بيان درجة بعض الأحاديث والآثار في فضل أكل الرمَّان !
السؤال
هل أكل الرمان ينير القلب ويحبس الشيطان والوسوسة أربعين يوماً ؟ .
الجواب
الحمد لله
لم يصح في فضل الرمَّان حديث ، وإنما هو كذب الشيعة الرافضة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ، وكذبهم على جعفر الصادق وغيره من أهل البيت .
وقد روى الكليني في " الكافي " آثاراً عن جعفر الصادق في فضل الرمان ، وكلها من غير أسانيد أو بأسانيد تافة ، ومن ذلك :
1. عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السَّلام – أي : جعفر الصادق - قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " مَنْ أَكَلَ رُمَّانَةً عَلَى الرِّيقِ أَنَارَتْ قَلْبَهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً " .
2. وعنه - أيضاً – قال : " مَن أكل حبَّةً من رمَّان أمرضت شيطان الوسوسة أربعين يوماً " .
وأما المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم : فلم يصح منه حديث كذلك ، بل هو تالف ، من رواية الوضاعين والكذَّابين ، ومن أشهر تلك الروايات :
1. حديث ( من أكل رمَّانة حتى يتمَّها أنار الله قلبه أربعين ليلة ) .
وقد افتري الحديث على الإمام علي بن موسى الرضا عن آبائه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبَل الوضَّاعين الرافضة .
قال الإمام الذهبي – رحمه الله - :
وقد كان " علي الرضا " كبير الشأن ، أهلاً للخلافة ، ولكن كذبت عليه وفيه الرافضة ، وأطروه بما لا يجوز ، وادَّعوا فيه العصمة ، وغلت فيه ، وقد جعل الله لكل شئ قدراً .
وهو بريء من عهدة تلك النسخ الموضوعة عليه ، فمنها :
... .
وبه : ( من أكل رمانة بقشرها أنار الله قلبه أربعين ليلة ) .
... .
فهذه أحاديث وأباطيل من وضع الضُلاَّل .
" سير أعلام النبلاء " ( 9 / 392 / 393 ) .
وقال – رحمه الله - :
وقد كذبت الرافضة على " علي الرضا " وآبائه رضي الله عنهم أحاديث ونسخاً هو بريء من عهدتها ، ومنزَّه من قولها ، وقد ذكروه من أجلها في كتب الرجال .
" تاريخ الإسلام " ( 14 / 272 ) .
2. وحديث أنس بن مالك أنه سأل رسول الله عن الرمان
فقال : ( يا أنس ما من رمانة إلا وفيها حب من حب رمان الجنة ) فسألته الثانية فقال : ( يا ابن مالك ما أكل رجل رمانة إلا ارتد قلبه إليه وهرب الشيطان منه أربعين ليلة ) ولولا استحياؤه من رسول الله لسأله الرابعة .
وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني –
كما قاله السيوطي في " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " ( 2 / 177 ) – وإسناد الحديث – كما نقله السيوطي - :
عن أبي بكر بن خلاَّد حدثنا سعيد بن نصر بن سعيد الطبري حدثنا عمرو بن سماك حدثنا الصبَّاح خادم أنس بن مالك .
والإسناد ضعيف جدّاً أو موضوع ؛ فسعيد بن نصر ، والصبَّاح مجهولان ! .
*عبدالرحمن*
2018-11-05, 16:15
حديث (لا تصلوا علي الصلاة البتراء) لا يثبت
السؤال
ما صحة الحديث : ( لا تصلوا علي الصلاة البتراء ) ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لم يثبت حديث حول " الصلاة البتراء " ، وإنما هو من الأحاديث المكذوبة المنتشرة في كتب الشيعة وليس لها أصل في كتب الحديث والأثر .
يقول الإمام السخاوي رحمه الله :
" ويروى عنه صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على إسناده - : ( لا تصلوا علي الصلاة البتراء . قالوا : وما الصلاة البتراء يا رسول الله ؟
قال : تقولون اللهم صل على محمد ، وتمسكون ، بل قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) أخرجه أبو سعد في شرف المصطفى "
انتهى من "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص/121) .
وذكره العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في "الصواعق المحرقة" (2/430) بصيغة التضعيف " يُروى " دون عزوه إلى شيء من كتب السنة .
ويقول الشيخ عثمان الخميس حفظه الله –
في رده على التيجاني زعمه أن هذا الحديث مجمع عليه - :
" ما أجرأ التيجاني على الكذب ! وقد رجعت إلى كتب التفسير ، فلم أجد أحدا ذكر هذا الحديث ، أما الصلاة البتراء فهي من كذبات التيجاني ، ولم يذكرها أحد من المفسرين الذين رجعت إلى كتبهم
وهم الطبري ، وابن العربي ، والقرطبي ، والنسفي ، والشوكاني ، وابن الجوزي ، وابن تيمية ، وابن عطية ، والنسائي ، والسيوطي "
انتهى من "كشف الجاني في الرد على التيجاني" (ص/59-60) طبعة دار الأمل – القاهرة .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ما هي الصلاة البتراء التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب بقوله : " لا أذكر في هذا حديثا صحيحا ، بارك الله فيكم "
انتهى نقلا من موقعه
ثانيا :
الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم – في غير الصلاة - مستحبة وليست واجبة ، إذ لم يرد دليل على الوجوب ، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك
– كما في " جلاء الأفهام " (ص/547) طبعة مَجمع الفقه.
لأن أكثر الأحاديث الواردة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها ذكر الآل .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" إنها – يعني الصلاة على الآل - مستحبة عليهم بالنص "
انتهى من "تحفة المحتاج" (1/27) .
وعلق العبادي في الحاشية بقوله :
" ترك الصلاة على الآل والصحب : لا حرج في ذلك ولا كراهة " انتهى بتصرف يسير.
والصلاة الكاملة على النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يجمع فيها المسلم بين الآل والصحب والأزواج والذرية .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
" إني لأحب أن يدخل مع آل محمد صلى الله عليه وسلم أزواجه وذريته ; حتى يكون قد أتى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "
انتهى من " أحكام القرآن " (1/73) .
فترك ذكر الآل والأصحاب ، مع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه ، ليس محرما يأثم العبد لأجله ، وإن كان قد فاته الكمال في ذلك ، وترك الأفضل المستحب .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:10
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه
السؤال
أريد السؤال عن صحة هذه الروايات : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، لعظم حقه عليها
...( لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ، ثم استقبلته فلحسته ، ما أدَّت حقه ) ( أتى رجل بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج
فقال لها صلى الله عليه وسلم : أطيعي أباك ، فقالت :والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته ؟
قال حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر منخراه صديدا ودما ثم ابتلعته ما أدت حقه ، قالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تنكحوهن إلا بإذنهن) وهل لفظة
: (لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر منخراه صديدا ودما ثم ابتلعته ما أدت حقه) على ظاهرها ، وأنها تدل على جواز لحس القيح وبلعه
أم أنه كناية عن عظم قدر الزوج ، وهل في هذا الحديث تعارض مع القول بنجاسة القيح والصديد ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
الوارد في السؤال حديثان اثنان :
الحديث الأول :
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
( كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ –
أي : يستقون عليه -، وَإِنَّ الْجَمَلَ استَصْْعَبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِي عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ استَصْْعَبَ عَلَيْنَا ، وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا . فَقَامُوا ، فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَةٍ ، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ :
يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ . فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ . فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ
فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ .
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ .
فَقَالَ : لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ
– أي : تتفجر - بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ )
رواه الإمام أحمد في " المسند " (20/65)، ومن طريقه الضياء في " المختارة " (5/265)
ورواه ابن أبي الدنيا في " العيال " (رقم/527)، والنسائي في " السنن الكبرى " (5/363)، والبزار في " المسند " (رقم/8634)، وأبو نعيم الأصبهاني في " دلائل النبوة " (رقم/277)،
جميعهم من طريق خلف بن خليفة ، عن حفص ابن أخي أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن عمه أنس بن مالك به .
قلنا : وأما حفص بن أخي أنس بن مالك فقال فيه أبو حاتم : صالح الحديث . وقال الدارقطني : ثقة .
انظر : " تهذيب التهذيب " (2/362)
وأما خلف بن خليفة بن صاعد الكوفي (ت 181هـ)، وولد سنة (91هـ، أو 92هـ)
قال فيه ابن معين والنسائي : ليس به بأس
. وقال أبو حاتم : صدوق
. وقال أبو أحمد بن عدى : أرجو أنه لا بأس به ، ولا أبرئه من أن يخطئ في بعض الأحايين في بعض رواياته .
ولكنه مع ذلك وصف بالاختلاط في آخر عمره :
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه :
رأيت خلف بن خليفة وهو كبير ، فوضعه إنسان من يده ، فلما وضعه صاح ، يعنى من الكبر ، فقال له إنسان : يا أبا أحمد ، حدثكم محارب بن دثار ، وقص الحديث . فتكلم بكلام خفي ، وجعلت لا أفهم ، فتركته
ولم أكتب عنه شيئا .
وقال ابن شاهين :
قال عثمان بن أبى شيبة : صدوق ثقة ، لكنه خرف فاضطرب عليه حديثه .
وقال ابن سعد : أصابه الفالج قبل موته حتى ضعف وتغير واختلط .
وحكى القراب اختلاطه عن إبراهيم بن أبي العباس . وكذا حكاه مسلمة الأندلسي ، ووثقه ، وقال : من سمع منه قبل التغير فروايته صحيحة .
ولأجل ذلك قال محققو مسند الإمام أحمد بن حنبل :
" صحيح لغيره ، دون قوله : ( والذي نفسي بيده لو كان من قدمه...الخ) ، وهذا الحرف تفرد به حسين المروذي عن خلف بن خليفة ، وخلف كان قد اختلط قبل موته " انتهى.
" مسند أحمد " طبعة مؤسسة الرسالة (20/65) .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:11
والحديث الثاني :
جاء عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِابْنَةٍ لَهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ ابْنَتِى قَدْ أَبَتْ أَنْ تَزَوَّجَ . فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : أَطِيعِى أَبَاكِ . فَقَالَتْ
: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى تُخْبِرَنِى مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ .
قَالَ : حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَتْ لَهُ قُرْحَةٌ فَلَحِسَتْهَا مَا أَدَّتْ حَقَّهُ )
زاد بعض الرواة : ( أَوِ انْتَثَرَ مَنْخِرَاهُ صَدِيدًا أَوْ دَمًا ، ثُمَّ ابْتَلَعَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُنْكِحُوهُنَّ إِلا بِإِذْنِهِنَّ )
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3/556)، والنسائي في "السنن الكبرى" (3/283)، والبزار – كما في " كشف الأستار " (رقم/1465) -
وابن حبان في " صحيحه " (9/473)، والحاكم في " المستدرك " (2/205)، وعنه البيهقي في " السنن الكبرى " (7/291)
جميعهم من طريق : جعفر بن عون ، قال حدثني ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن نهار العبدي ، عن أبي سعيد به .
وإسناد الحديث لا يحتمل مثل هذا المتن ، مع ما فيه من النكارة .
جعفر بن عون : قال فيه أحمد : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : صدوق .
أما وربيعة بن عثمان : وثقه يحيى بن معين والنسائي ، لكن فيه أبو حاتم : منكر الحديث يكتب حديثه .
وأما نهار العبدي : فقال فيه النسائي حين أخرج حديثه ههنا : مدني لا بأس به .
ولذلك لما قال الحاكم رحمه الله :
" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى.
تعقبه الذهبي في "تلخيصه" فقال ِ:
" بل منكر ، قال أبو حاتم : ربيعة منكر الحديث " انتهى .
وقال الشيخ قال الشيخ عبدالله الجديع في كتابه "تحرير علوم الحديث" (2/757) ,
عند حديثه عن علامات كشف العلة عند المتقدمين:
"أن يدل على نكارة الحديث ما يجده الناقد من نفرة منه ، ينزه عن مثلها الوحي وألفاظ النبوة.
والمقصود أن يقع ذلك الشعور لمن عايش المفردات والمعاني النبوية ، حتى أصبح وهو يحرك لسانه بالألفاظ النبوية ، وكأنه يتذوق منها ريق النبي صلى الله عليه وسلم
فهذا قد يرد عليه من الرواية ما يجد له مرارة ، أو بعض مرارة ، فيرد على قلبه الحرج في نسبة مثل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيكون ذلك الشعور علامة على علة في الرواية ، توجب عليه بحثاً عن محل الغلط منها حتى يقف عليه .
وليس المقصود أن ينصب الناقد هواه ومزاجه مجرداً لقبول الحديث أو رده ، فإن الرأي يخطئ مهما اعتدل وراقب صاحبه ربه ، والهوى لا تعصم منه نفس .
ومما وجدته يصلح لهذا مثالاً ، حديث بقي في القلب منه غصة زماناً ، حتى اطمأنت النفس لعلته ، وهو حديث أبي سعيد الخدري ... "
فذكر الحديث السابق ، ثم قال :
" فهذا الحديث فيما ذكر فيه من وصف حق الزوج على الزوجة بهذه الألفاظ المنفرة المستنكرة ، ليس في شيء من المعهود في سنة أعف خلق الله صلى الله عليه وسلم
والذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب وجوامع الكلم ، وقد فصل الله في كتابه ونبيه ذو الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم في سنته الحقوق بين الزوجين بأجمع العبارات وأحسن الكلمات
كلها من باب قول ربنا عز وجل : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228
.
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:12
وأما علة الحديث فما هي مجرد النفرة من صيغة تلك العبارات ، وإنما روى هذا الحديث جعفر بن عون ، قال : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن نهار العبدي
عن أبي سعيد ، به. قال البزار : " لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد ، ولا رواه عن ربيعة إلا جعفر " .
وقال الحاكم : " حديث صحيح الإسناد " ، فتعقبه الذهبي بجرح ربيعة .
وكنت اغتررت مدة بكون ربيعة هذا قد أخرج له مسلم في " الصحيح " حديثه : " المؤمن القوي " ، من روايته عن محمد بن يحيى بن حبان ، محتجاً به ، فأجريت أمره على القبول في هذا الحديث .
والتحقيق أن تخريج مسلم له لا يصلح الاحتجاج به بإطلاق ، فمسلم قد ينتقي من حديث من تكلم فيه ، وكان الأصل فيه الثقة ، فيخرج من حديثه ما تبين له كونه محفوظاً .
أما هذا الحديث ، فالشأن كما ذكر البزار من تفرد جعفر به عن ربيعة ، وهو إسناد فرد مطلق. وربيعة هذا
قال يحيى بن معين ومحمد بن سعد : " ثقة "
وقال النسائي : " ليس به بأس " ، لكن قال أبو زرعة الرازي : " إلى الصدق ما هو ، وليس بذاك القوي "
وقال أبو حاتم الرازي : " منكر الحديث ، يكتب حديثه " .
قلت : والجرح إذا بان وجهه وظهر قدحه فهو مقدم على التعديل
كما شرحته في محله من هذا الكتاب ، فالرجل أحسن أحواله أن يكون حسن الحديث ، بعد أن يزول عما يرويه التفرد ، فيروي ما يروي غيره ، أو يوجد لحديثه أصل من غير طريقه بما يوافقه .
وليس كذلك في هذا الحديث. اهـ
والحاصل :
أن الجملة المذكورة ، والتي محل استشكال السائل في الروايتين : في ثبوتها نظر ، والأقرب أنها ضعيفة لا تثبت .
وأما تعظيم حق الزوج على زوجته
وما فيه من أنه يبلغ بها أن تسجد له ، لو كان يصح لبشر أن يسجد لبشر ؛ فقد ثبت ذلك في الحديث الذي يرويه جماعة من أصحاب السنن عن جماعة من الصحابة
منهم : أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا )
رواه الترمذي (1159)
وقال : وَفِي الْبَاب عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَطَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَسٍ وَابْنِ
عُمَرَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وقال الهيثمي رحمه الله : " إسناده حسن "
انتهى. " مجمع الزوائد " (9/10)
وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (7/54)
و يمكن الاطلاع علي
الحقوق الزوجية (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2132682)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:18
دراسة حديث أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون
السؤال
كنت أتحدث مع شخص صوفي ، فقال لي : إن هناك حديثاً في مسند الإمام أحمد يقول : ( اذكروا الله ذكراً كثيراً حتى يظن الناس أنكم مجانين ) فهل هذا حديث بالفعل ، وما صحته ؟
الجواب
الحمد لله
نص هذا الحديث يروى عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللهِ حَتَّى يَقُولُوا : مَجْنُونٌ )
رواه الإمام أحمد في " المسند " (18/195، 212)، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (1/102)، وأبو يعلى في " المسند " (2/521)، وابن حبان في " صحيحه " (3/99)
والطبراني في " الدعاء " (ص/521)، والحاكم في " المستدرك " (1/677) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/64) وفي "الدعوات الكبير " (1/17)
وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/4)، وابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " (رقم/156) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/220)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (8/51)
والواحدي في " الوسيط (3/230).
جميعهم من طريق دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري به .
وقد اختلف أهل العلم في هذا الإسناد على قولين :
القول الأول : أنه إسناد حسن أو صحيح :
قال عثمان بن سعيد الدارمى ، عن يحيى بن معين – في دراج بن سمعان - : ثقة .
قال عثمان : دراج أبو السمح ، ومشرح بن هاعان ليسا بكل ذاك ، وهما صدوقان .
وقال عباس الدورى : سألت يحيى بن معين عن حديث دراج ، عن أبى الهيثم ، عن أبى سعيد ، فقال :
ما كان هكذا بهذا الإسناد فليس به بأس ، دراج ثقة ، و أبو الهيثم ثقة .
وقال ابن شاهين :
ما كان بهذا الإسناد فليس به بأس .
انظر : " تهذيب التهذيب " (3/209)
وقد صحح ابن معين هذا الحديث عينه – كما في " تاريخ ابن معين " رواية الدوري (4/413) -.
وقال الحاكم رحمه الله :
" هذه صحيفة للمصريين صحيحة الإسناد ، وأبو الهيثم سليمان بن عتبة العتواري من ثقات أهل مصر " انتهى.
وصححه ابن حبان بإخراجه في " صحيحه "، ونقل المناوي عن الحافظ ابن حجر تحسينه كما سيأتي نقله في كلام الشيخ الألباني رحمه الله .
القول الثاني : أنه إسناد ضعيف بسبب دراج بن سمعان أبو السمح (ت126هـ)
قال أحمد بن حنبل : حديثه منكر .
وحكى ابن عدى ، عن أحمد بن حنبل : أحاديث دراج ، عن أبى الهيثم عن أبى سعيد : فيها ضعف .
وقال أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود : أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم ، عن أبى سعيد .
وقال النسائي : ليس بالقوى . وقال في موضع آخر : منكر الحديث .
وقال أبو حاتم : في حديثه ضعف .
وقال الدارقطني : ضعيف .
وقال في موضع آخر : متروك .
وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي ، يقول : سمعت فضلك الرازى - وذُكر له قول يحيى بن معين فى دراج أنه ثقة -، فقال فضلك : ما هو بثقة ، ولا كرامة له .
وروى له ابن عدي أحاديث ، ثم قال :
وعامة الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع دراج عليه – وذكر منها حديث : ( اذكروا الله حتى يقولوا مجنون ) ثم قال : - وسائر أخبار دراج غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها
وأرجو إذا أخرجت دراجا وبرأته من هذه الأحاديث التي أُنكرت عليه ، أن سائر أحاديثه لا بأس بها ، وتقرب صورته مما قال فيه يحيى بن معين .
انظر : " تهذيب التهذيب " (3/209)
ولذلك ضعف هذا ابن عدي في " الكامل "، والذهبي في " ميزان الاعتدال " (2/25)، بل حكما عليه بالنكارة ، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " ، وقال :
" وأما الذهبي فقد سقط الحديث من " تلخيصه " المطبوع مع " المستدرك " فلم يتبين لي هل تعقبه أم أقره ، و الأحرى به الأول لأمرين :
أحدهما : أنه الذي نعهده منه في غير ما حديث من أحاديث دراج التي صححها الحاكم ، فإنه يتعقبه بدراج ، ويقول فيه " إنه كثير المناكير "
والآخر : أنه أورد دراجا أبا السمح في " الميزان " فقال : " قال أحمد : أحاديثه مناكير و لينه ، ومنه تعلم أن تحسين الحديث كما فعل الحافظ فيما نقله المناوي عنه غير حسن . والله أعلم " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/517) .
وقال أيضا :
" رأيت الشيخ أحمد الغماري في كتابه " المداوي" يميل إلى تحسين أحاديث دراج عن أبي الهيثم في ثلاثة مواضع ، منه ( 1/ 278 ) قال فيه
: فدراج أبو السمح يعلم أمره صغار المبتدئين في طلب الحديث ، وله نسخة معروفة ، وكثير من الحفاظ يحسنها .
وفي ( 1/ 373 - 374 ) قال في الحديث : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد ) ، رداً على المناوي تناقضه فيه : بل هو حسن إن شاء الله ؛ لأن نسخة دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد غايتها الحسن .
وهذا تجاهل منه لقاعدة : ( الجرح مقدم على التعديل مع بيان المسبب ) وهو أن أحاديثه مناكير - كما تقدم عن الإمام أحمد وغيره - ؛ لكن الرجل يتبع هواه ، وينتصر للصوفية والطرقية الرَقَصَة
ويرد أقوال الحفاظ إذا ما جرحوا أحداً من الرواة الصوفية مثل : ( أبي عبد الرحمن السُلمي )، ومن الدليل على ذلك أنه لما خرج هذا الحديث
نقل تصحيح الحاكم لإسناده مقراً له عليه ، وأتبعه بقوله : وهذا الحديث عظيم الشأن ، جليل المقدار ، يشتمل على فوائد كثيرة
أوصلها العارف أبو عبد الله محمد بن علي الزواوي البجايي إلى مئة وست وستين فائدة ، في مجلد لطيف سماه : " عنوان أهل السير المصون وكشف عورات أهل
المجون بما فتح الله به من فوائد حديث : ( اذكروا الله حتى يقولوا : مجنون ) " وقد قرأته وانتفعت به والحمد لله ! .
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : من هذا الزواوي البجايي ؟
لا شك أنه من غلاة الصوفية الجاهلين بالسنة المحمدية أو المتجاهلين لها ؛ يدلك على ذلك هذا العنوان الذي أقل ما يقال فيه أنه تنطع بارد ؛ فإن مثل هذه الفوائد المزعومة التي تجاوزت المائة لم يذكر أحد -
فيما أعلم - هذا العدد ولا قريباً منه في حديث صحيح ، وإنما هو من سخافات الطرقيين الذين وضعوا حديث: ( أذيبوا طعامكم بذكر الله )، ولله درُّ من قال فيهم :
أيا جيل ابتداعٍ شرُّ جيل *** لقد جئتم بأمر مستحيل
أفي القرآن قال لكم إلهي: *** كلوا مثل البهائم وارقصوا لي! " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/7042)
وكذا ضعفه محققو مسند الإمام أحمد طبعة مؤسسة الرسالة (18/195)
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:18
وعلى كل حال : فالحث على ذكر الله ذكرا كثيرا ثابت في الكتاب والسنة الصحيحة :
يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الأنفال/45.
ويقول عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) الأحزاب/41
ويقول سبحانه : ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) الشعراء/227.
وقال جل وعلا : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/21.
وقال جل ذكره في جملة صفات عباده الصالحين : ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) (الأحزاب:35)
اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/35.
ويقول سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة/10.
قال ابن القيم رحمه الله :
" قيد الأمر بالذكر بالكثرة والشدة ؛ لشدة حاجة العبد إليه ، وعدم استغنائه عنه طرفةَ عين ، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له ، وكان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله .
وقال بعض العارفين : لو أقبل عبد على الله تعالى كذا وكذا سنة ، ثم أعرض عنه لحظة ، لكان ما فاته أعظم مما حصله " انتهى.
" الوابل الصيب " (ص/89)
وقال أيضا رحمه الله :
" دوام الذكر لما كان سبباً لدوام المحبة , وكان الله سبحانه أحق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والإجلال ، كان كثرة ذكره من أنفع ما للعبد
وكان عدوُّه حقاً هو الصاد عن ذكر ربه وعبوديته , ولهذا أمر سبحانه بكثرة ذكره في القرآن ، وجعله سبباً للفلاح " انتهى.
" جلاء الأفهام " (ص/339)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:21
لم يرد حديث فيه لعن من شبه الإنسان بالحيوان
السؤال
سمعت من أحد أصدقائي هذا الحديث : ( لعن الله مَن شبَّه الإنسان بالحيوان ) وأريد أن أتأكد هل هو صحيح أم لا
الجواب
الحمد لله
لا نعلم لهذا الحديث أصلا في كتب السنة ، ولم نقف على من ينقله أو يرويه أو يستشهد به من أهل العلم ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يثبت أصله وسنده .
وأما معناه ومضمونه فيحتمل أمرين :
يحتمل النهي عن تشبيه الإنسان بالحيوان ، ولو على وجه ضرب الأمثال الحقة ، أو
المعاني الصحيحة : فهذا حينئذ معنى باطل ، فقد ورد في القرآن الكريم بعض الأمثال التي
ضربها الله عز وجل لمزيد من البيان والهدى للناس ، وذلك كقوله عز وجل : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ
نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ
ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف/175-176.
وقوله سبحانه وتعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا
بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الجمعة/5.
ويحتمل النهي عن سب المسلم ، والتحذير من تشبيهه بالحيوان على وجه التنقص والأذية
فهذا معنى حق ، جاء ما يشهد له في السنة الصحيحة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : (
سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) رواه البخاري (48) ومسلم (64)،
وقد قال سعيد بن المسيب رحمه الله:
" لا تقل لصاحبك يا حمار ، يا كلب ، يا خنزير ، فيقول لك يوم القيامة : أتراني خلقت كلبا أو حمارا أو خنزيرا "
انتهى. "مصنف ابن أبي شيبة" (5/282).
وقال إبراهيم النخعي رحمه الله :
" كانوا يقولون : إذا قال الرجل للرجل : يا حمار ، يا كلب ، يا خنزير ، قال الله له يوم القيامة : أتراني خلقت كلبا أو حمارا أو خنزيرا " انتهى.
" مصنف ابن أبي شيبة " (5/283)
قال الإمام النووي رحمه الله :
" من الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه :
يا حمار ، يا تيس ، يا كلب ، ونحو ذلك ، فهذا قبيح لوجهين :
أحدهما : أنه كذب .
والآخر : أنه إيذاء " انتهى.
" الأذكار " (ص/365)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:25
حديث مكذوب في كتب الشيعة أن حلاوة العسل إنما تخلق من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وآله
السؤال
أحب أن أعرف مدى صحة ذلك الحديث ، مع الرد بالتفصيل ، وجزاكم الله خيرا: ( خرج النبي محمد صلى الله عليه يوما في الطريق للجهاد ، وبعد اختيار موقع المعركة قال لأصحابه : كلوا مما تريدون
. وما إن بدؤوا في تناول طعامهم حتى قال أحد الصحابة : يا رسول الله ! ليس هناك شيء نأكله مع الخبز . ثم رأى الصحابي نحلة تحوم محدثة جلبة بالقرب
فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم : لماذا تحدث النحلة هذا الصوت ؟
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم : إنها تقول : إن رفقاءها من النحل منزعجون ، لأن الصحابة لا يجدون ما يأكلونه مع الخبز ، وأن لديهم منحل عسل قريب في الكهف
لكنهم لا يستطيعون حمله للصحابة . فأشار النبي صلى الله عليه وسلم : يا علي ! اتبع تلك النحلة واجلب لنا العسل . فتبعها علي
وأحضر وعاء من العسل ، وبمجرد أن انتهى الصحابة من الأكل ، جاءت النحلة وطافت محدثة جلبة مرة أخرى . فسأل أحد الصحابة : يا رسول الله ! لماذا هذا ؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم :
لقد سألتُ النحلة عن طعامها ، فكان جوابها أن طعامها من الأزهار في التلال والغابات ، فعدت وسألتها : أيتها النحلة ! إن كان طعامك من الأزهار والورود وهو مر
فكيف يتحول إلى عسل حلو ؟ قالت : يا رسول الله ! لأن من بيننا ملكة غنية تصلي وتسلم عليك
وكل النحل الباقي يصلي ويسلم عليك فيتحول الحامض والمذاق الغير حلو والمر من رحيق الأزهار إلى شراب حلو بسبب أجر الله من الدعاء ، حتى يتحول هذا الشراب إلى عسل يعالج كل الأمراض عدا الموت )
الجواب
الحمد لله
لا أصل لهذا الحديث في كتب السنة والآثار ، ولم يذكره أحد من أهل العلم ، لا مُقرا ولا آثرا
وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة التي ينتشر فيها الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ككتاب " خزينة الجواهر " (ص/586) لعلي أكبر نهاوندي
وهو كتاب مليء بالخرافات والأقاصيص التي لا سند لها ولا زمام
وإنما يبدو أنها من وضع عوام الشيعة ، فيثبتها علماؤهم في كتبهم ، فهم يستحلون الكذب في مثل هذه الأحاديث ، ولا يرعوون عن ذكرها والاستشهاد بها.
وأما أهل السنة فهم حريصون كل الحرص على نقاء الكتب من الأحاديث التي لا أصل لها ، وأقاموا لذلك علوما عظيمة أُنفقت فيها الأعمار والأموال على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان
فلا يروج على علمائنا أمثال هذه الأحاديث ، وإن كنا نؤمن أن الصلاة والسلام على النبي وآله من أفضل الأعمال عند الله ، ولها فضائل ثابتة كثيرة
يمكن مراجعتها في كتاب " جلاء الأفهام " للعلامة ابن قيم الجوزية ، ولكنا نقف عند حدود الله ، ولا نفتري الكذب عن فضائل الأعمال التي لم ترد بها الأدلة الصحيحة .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" فإن زعم هؤلاء الجهلة الكذبة على الله ورسوله وعلى أئمة الإسلام ومصابيح الظلام أن هذه الأحاديث صحت عندهم ؟
قلنا لهم : هذا محال في العادة ، إذ كيف تتفردون بعلم صحة تلك ، مع أنكم لم تتصفوا قط برواية ، ولا صحبة محدث ، ويجهل ذلك – يعني الحديث المكذوب المذكور في كتبكم
- مهرة الحديث وسبَّاقه الذين أفنوا أعمارهم في الأسفار البعيدة لتحصيله ، وبذلوا جهدهم في طلبه ، وفي السعي إلى كل من ظنوا عنده شيئا منه
حتى جمعوا الأحاديث ، ونقبوا عنها ، وعلموا صحيحها من سقيمها ، ودوَّنُوها في كتبهم على غاية من الاستيعاب ، ونهاية من التحرير .
وكيف والأحاديث الموضوعة جاوزت مئات الألوف ، وهم مع ذلك يعرفون واضع كل حديث منها ، وسبب وضعه الحامل لواضعه على الكذب والافتراء على نبيه
فجزاهم الله خير الجزاء وأكمله ، إذ لولا حسن صنيعهم هذا لاستولى المبطلون والمتمردة المفسدون على الدين ، وغيروا معالمه ، وخلطوا الحق بكذبهم حتى لم يتميز عنه ، فضلُّوا وأضلُّوا ضلالا مبينا .
لكن لما حفظ الله على نبيه شريعته من الزيغ والتبديل ، بل والتحريف ، وجعل من أكابر أمته في كل عصر طائفة على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، لم يبال الدين بهؤلاء الكذبة المبطلة الجهلة
ومن ثم قال : ( تركتكم على الواضحة البيضاء ، ليلها كنهارها ، ونهارها كليلها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك )
ومن عجيب أمر هؤلاء الجهلة : أنا إذا استدللنا عليهم بالأحاديث الصحيحة...أتوا بأخبار باطلة كاذبة متيقنة البطلان ، واضحة الوضع والبهتان ، لا تصل إلى درجة الأحاديث الضعيفة التي هي أدنى مراتب الآحاد
فتأمل هذا التناقض الصريح ، والجهل القبيح ، لكنهم لفرط جهلهم وعنادهم وميلهم عن الحق يزعمون التواتر فيما يوافق مذهبهم الفاسد وإن أجمع أهل الحديث والأثر على أنه كذب موضوع مختلق
ويزعمون فيما يخالف مذهبهم أنه آحاد وإن اتفق أولئك على صحته ، وتواتر رواته ، تحكما وعنادا ، وزيغا عن الحق ، فقاتلهم الله ما أجهلهم وأحمقهم " انتهى باختصار.
" الصواعق المحرقة " (1/124)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:28
هل صح حديث عن الذكر الخفي الذي لا يعلم به إلا الله ؟
السؤال
أود أن أعرف الذكر الخفي ، فقد قرأت هذا الحديث في كتاب يقول : إن هناك ذكرا يسمى الذكر الخفي ، حتى الملائكة المخصصة لكتابة جميع أعمالنا لا تعلم شيئا عن هذا الذكر
فلا يعلمه إلا الله الذي سيظهر هذا الذكر الخفي يوم القيامة . فهل هناك حقا ذكر يسمى الذكر الخفي ، وهل هناك حديث يخص هذا الذكر الخفي ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لعل الحديث المقصود في السؤال هو ما يُروَى عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضِّلُ الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك سبعين ضعفا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعين ضعفا
فيقول : إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله لحسابهم ، وجاءت الحفظة بما حفظوا وكتبوا ، قال الله لهم : انظروا هل بقي له من شيء ؟
فيقولون : ربنا ما تركنا شيئا مما علمناه وحفظناه إلا وقد أحصيناه وكتبناه
. فيقول الله تبارك وتعالى له : إن لك عندي خبئا لا تعلمه ، أنا أجزيك به ، وهو الذكر الخفي )
رواه أبو يعلى في " المسند " (8/182)
والبيهقي في " شعب الإيمان " (2/83)، والديلمي في "الفردوس" (2/249) وغيرهم .
من طريق معاوية بن يحيى الصدفي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .
وهذا إسناد ضعيف بسبب معاوية بن يحيى الصدفي ، قال فيه يحيى بن معين : هالك ، ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، في حديثه إنكار . وقال أبو داود والنسائي : ضعيف .
وقال ابن عدي : عامة رواياته فيها نظر
. وقال ابن حبان : كان يشتري الكتب ويحدث بها ثم تغير حفظه فكان يحدث بالوهم . وقال الساجي : ضعيف الحديث جدا ، وكان اشترى كتابا للزهرى من السوق ، فروى عن الزهري
. انظر: " تهذيب التهذيب " (10/220)
ولذلك حكم أهل العلم على حديثه هذا عن الذكر الخفي بالضعف :
قال البيهقي رحمه الله :
" تفرد به معاوية بن يحيى الصدفي ، وهو ضعيف " انتهى.
" شعب الإيمان " (2/84)
ثانيا :
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها موقوفا بلفظ :
( الذكر الخفي الذي لا يكتبه الحفظة يضاعف على ما سواه من الذكر سبعين ضعفا )
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/85) قال : حدثنا أبو داود ، عن هشام ، عن يحيى ، عن رجل ، عن عائشة .
وهذا سند ضعيف فيه رجل مبهم .
وروي أيضا عنها بلفظ :
( الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يضاعف على الذي تسمعه الحفظة بسبعين ضعفا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله للعبد : لك عندي كنز لم يطلع عليه أحد غيري وهو الذكر الخفي )
رواه أبو عبد الله الأندلسي المعروف بـ ابن أبي زمنين (ت399هـ) في " رياض الجنة " (ص/146) من طريق عبد الله بن لهيعة ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، أن عائشة قالت : فذكره .
وهذا سند ضعيف أيضا فيه عبد الله بن لهيعة ، ومنقطع ما بين سعيد بن أبي هلال وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
والحاصل : أنه لا يثتب شيء في ذكر معين أنه يسمى " الذكر الخفي " ، أو أن له فضلا خاصا ، ليس لغيره من الأذكار .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:30
لم يثبت أن الشمس حبست عن الإشراق حتى يؤذن بلال بن رباح
السؤال
سمعت كثيراً من الناس هنا في الهند يتناقلون هذه القصة عن بلال رضي الله عنه ، يقولون إن بعض الصحابة اشتكى من صوت بلال أو من نطقه في الأذان ، فطلبوا منه أن لا يؤذن لصلاة الفجر ، فأذّن شخص آخر
ثم بعد ذلك حُبست الشمس فلم تطلع ، فقلق الناس من ذلك ، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فقال لهم : إن الله أمر الشمس أن لا تطلع حتى يؤذن بلال .
فهل هذه القصة صحيحة ، وهل هناك مصدر صحيح معتمد ذكر هذه القصة ؟
الجواب
الحمد لله
لم يثبت أن الشمس حبست مكانها لأحد إلا لنبي الله يوشع بن نون عليه السلام ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون وقع ذلك لأحد غير يوشع بن نون
وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ... فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ
: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) رواه البخاري (3124) ومسلم (1747)
ولفظ طريق الإمام أحمد رحمه الله في " المسند " (14/65) :
( إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ )
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" فيه أن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع عليه السلام ، ففيه إشارة إلى ضعف ما يروى أنه وقع ذلك لغيره
ومن تمام الفائدة أن أسوق ما وقفنا عليه من ذلك ...
"
وذكر الشيخ رحمه الله ما ورد من حبس الشمس لغير يوشع بن نون عليه السلام ، وبين عللها ، ثم قال :
" وجملة القول : أنه لا يصح في حبس الشمس أو ردها شيء إلا هذا الحديث الصحيح " انتهى.
" السلسلة الصحيحة " (رقم/202) .
والحاصل أننا لم نقف على أصل لقصة حبس الشمس عن الطلوع حتى يؤذن بلال ، لا في رواية صحيحة ، ولا ضعيفة ، بل ولا في حديث موضوع يعرف مخرجه .
والقول بمثل ذلك لا يجوز إلا بدليل صحيح ثابت ، وإلا فهو تخرص وقول على الله بغير علم.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-08, 20:36
حديث :(سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من الإسلام إلا اسمه)
السؤال
أود معرفة مصدر هذا الحديث ، وما إذا كان موضوعا ، وأيضا ما إذا كان هناك حديث عن هذه الأمور صحيح ، تحدث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمور . والحديث هو
: روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، المساجد عامرة وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود )
الجواب
الحمد لله
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر مَن تحت أديم السماء ، مِن عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود )
رواه ابن عدي في " الكامل " (4/227)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (3/317-318) من طريق عبد الله بن دكين ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه به .
وقد اختلف فيه على عبد الله بن دكين:
فرواه كل من يزيد بن هارون – عند ابن عدي –، وسعيد بن سليمان – عند البيهقي مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، على أن الرواة اختلفوا على يزيد بن هارون أيضا
فرواه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " (رقم/8)، والدينوري في "المجالسة" (113)، وابن بطة في "إبطال الحيل" (ص/5) من طرق عن يزيد بن هارون موقوفا وليس مرفوعا .
ورواه بشر بن الوليد – عند ابن عدي في " الكامل " (4/227) – موقوفا من كلام علي بن أبي طالب ، وليس مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
فالحديث ضعيف لا يصح ، وفيه ثلاث علل :
الأولى :
عبد الله بن دكين – وإن روي توثيقه عن بعض أهل العلم – إلا أنه لا يقبل تفرده بالحديث ، فقد ضعفه كثير من النقاد وجرحوه برواية المناكير ، والجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم .
قال ابن معين : " ليس بشيء "
انتهى من " الكامل " (4/227) .
وقال أبو زرعة : " ضعيف "
انتهى من " سؤالات البرذعي " (355) .
وقال أبو حاتم :
" منكر الحديث ، ضعيف الحديث ، روى عن جعفر بن محمد غير حديث منكر "
انتهى من " الجرح والتعديل " (5/48)
وانظر: " تهذيب الكمال " (14/469) .
والحديث الذي معنا هو من رواية عبد الله بن دكين عن جعفر بن محمد ، والتي صرح أبو حاتم بأن فيها مناكير .
العلة الثانية :
تعارض الوقف والرفع بما يرجح ضعف حفظ عبد الله بن دكين ، واضطراب روايته ههنا ، فلا يوثق برفعه للحديث ، ولعل هذا هو سبب إيراد العلماء له في سياق كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه
كما فعل البخاري في " خلق أفعال العباد " (ص/67) حيث قال: "ويذكرون عن علي رضي الله عنه قال : ( يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه ) " انتهى.
العلة الثالثة :
الانقطاع ، فجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، يروي الحديث عن أبيه ، محمد بن علي
عن جده علي بن الحسين ، وعلي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بل حديثه عنه مرسل كما في " جامع التحصيل " (ص/240).
ولذلك حكم الإمام البيهقي على الحديث بقوله : " منقطع "
انتهى. " شعب الإيمان " (3/319)
وذكره الإمام ابن عدي في " الكامل " (4/227)، والذهبي في " ميزان الاعتدال " (4/93) كأمثلة على حديث عبد الله بن دكين المنكر ، وضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/1936) وقال :
" ضعيف جدا، أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 107 / 1 ) من طريق الحاكم بسنده عن خالد بن يزيد الأنصاري عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
قلت – أي الشيخ الألباني - : خالد هذا الظاهر أنه العمري المكي ، فإنه يروي عن ابن أبي ذئب ، كذبه أبو حاتم ويحيى ، وقال ابن حبان ( 1 / 258 ) : " يروي الموضوعات عن الأثبات " .
ثم رواه الديلمي من طريق إسماعيل بن أبي زياد عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ به نحوه.
قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا - كالذي قبله - موضوع ، آفته إسماعيل هذا ، وهو السكوني القاضي ، قال ابن حبان ( 1 / 129 ) : " شيخ دجال ، لا يحل ذكره في الحديث إلا
على سبيل القدح فيه " .
وقد وجدت له طريقا ثالثا ، فقال ابن أبي الدنيا في كتاب " العقوبات "
: أخبرنا سعيد بن زنبور قال : أخبرنا يزيد بن هارون عن عبد الله بن دكين عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فذكره مرفوعا .
قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا إسناد واه ، عبد الله بن دكين مختلف فيه ، وفي ترجمته ساق الحديث الذهبي مشيرا إلى نكارته .
وهذا هو الوجه عندي إن كان قد صح رواية يزيد له عنه ، فإن سعيد بن زنبور لم أجد من ترجمه .
وقد خالفه محمد بن مسلمة فقال : حدثنا يزيد بن هارون به ، لكنه أوقفه على علي رضي الله عنه ، أخرجه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " ( 19 - 20 مخطوط حلب ) : حدثنا
يزيد بن هارون ..ومحمد بن مسلمة هو الواسطي صاحب يزيد بن هارون ، مختلف فيه ، والأكثرون على تضعيفه ، بل قال أبو محمد الخلال . " ضعيف جدا "
.
وقال الذهبي : أتى بخبر باطل اتهم به .
لكن الدينوري نفسه متهم ، فراجع ترجمته في " الميزان " .
وجملة القول أن هذا الحديث بهذه الطرق الثلاث ، يظل على وهائه لشدة ضعفها ، وإن كان معناه يكاد المسلم أن يلمسه ، بعضه أو جله في واقع العالم الإسلامي ، والله المستعان "
انتهى النقل عن " السلسلة الضعيفة ".
وقد خرجه مفصلا الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ، رحمه الله ، في " تكميل النفع بما لم يثبت فيه وقف ولا رفع " (الحديث رقم: 25) وحكم عليه بالضعف الشديد موقوفا ومرفوعا .
وأما مضمون الحديث ، فلم نقف على شاهد صحيح لقوله ( مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر مَن تحت أديم السماء مِن عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود ) .
وأما الجملة الأولى منه – التي فيها دلالة على غربة الإسلام في آخر الزمان – فهي كثيرة ، ومنها الحديث المشهور : ( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) رواه مسلم (145) .
وللاطلاع على الأحاديث الواردة في الباب يرجى النظر في كتاب : " إتحاف الجماعة " للشيخ التويجري (2/68-72) " باب ما جاء في ضعف الإيمان وقلته في آخر الزمان "
والله أعلم.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 18:47
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
روايات همِّ النبي صلى الله عليه وسلم بالانتحار لا تصح لا سنداً ولا متناً
السؤال
أثناء بحثي على المواقع وجدت الرد على أن في " صحيح البخاري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار ، لكني لم أجد النص المذكور في " صحيح البخاري "
حتى تكتمل لي جميع الأركان لكي أزيل الشبهة ، لو تكرمتم بإطلاعي على النص المذكور في " صحيح البخاري " مع الشرح المفصل . و شكراً
لجواب
الحمد لله
أولاً:
الحديث الذي يسأل عنه الأخ السائل موجود في " صحيح البخاري " برقم ( 6581 )
في كتاب " التعبير " ، باب " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة ".
ولفظه :
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ..
. وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ
فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ
فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ " .
ثانياً:
هذه الزيادة ليست من كلام عائشة رضي الله عنها
بل هي من كلام الزهري ، وهو من التابعين لم يدرك تلك الحادثة ، ولم يذكر هو أن أحدا من الصحابة حدثه بها ، ولذا نصَّ على ذلك في الرواية نفسها بقوله : " فيما بلَغنا " .
قال ابن حجر – رحمه الله - :
ثم إن القائل " فيما بَلَغَنا " هو الزهري ، ومعنى الكلام : أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة . وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً ، وقال الكرماني : هذا هو الظاهر .
" فتح الباري " ( 12 / 359 ) .
وقال أبو شامة المقدسي – رحمه الله - :
هذا من كلام الزهري أو غيره ، غير عائشة ، والله أعلم ؛ لقوله : " فيما بلغنا " ، ولم تقل عائشة في شيء من هذا الحديث ذلك .
" شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى " ( ص 177 ) .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 18:47
ثالثاً:
وبلاغات الزهري وغيره لا تُقبل
لأنها مقطوعة الإسناد من أوله ، فهي كالمعلَّقات تعريفاً وحكماً
ومجرد وجود مثل هذه البلاغات أو المعلقات في كتاب الإمام البخاري لا يعني أنها صحيحة عنده ، أو أنها مما يصح أن يقال فيها : رواه البخاري ؛ لأن الذي يقال فيه ذلك هو ما رواه فيه مسندا .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا العزو للبخاري خطأ فاحش ، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري ؛ وليس كذلك ، وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي ... [ وذكر الرواية السابقة ] .
هكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد ( 6 / 232 - 233 ) وأبو نعيم في ( الدلائل ) ( ص 68 - 69 ) والبيهقي في ( الدلائل ) ( 1 / 393 - 395 )
من طريق عبد الرزاق عن معمر به . ومن هذه الطريق أخرجه مسلم ( 1 / 98 ) لكنه لم يسق لفظه ، وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب
وليس فيه الزيادة . وكذلك أخرجه مسلم و أحمد ( 6 / 223 ) من طريق عقيل بن خالد : قال ابن شهاب ، به ، دون الزيادة . وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به .
قلت [ القائل هو الشيخ الألباني ] : ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين :
الأولى : تفرد معمر بها ، دون يونس وعقيل ؛ فهي شاذة .
الأخرى : أنها مرسلة معضلة ؛ فإن القائل : ( فيما بلغنا ) إنما هو الزهري ، كما هو ظاهر من السياق ، وبذلك جزم الحافظ في "الفتح" ...
قلت : وهذا مما غفل عنه الدكتور [ يعني : الدكتور البوطي ، مؤلف الكتاب الذي ينتقده الشيخ ] ، أو جهله ، فظن أن كل حرف في "صحيح البخاري" هو على شرطه في الصحة
ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه والمعلق ، كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه والحديث المرسل الذي جاء فيه عرضا ، كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة .
واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها كما بينته في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) برقم ( 4858 ) ، وأشرت إلى ذلك في التعليق على "مختصري لصحيح البخاري".
انتهى ـ مختصرا ـ من "دفاع عن الحديث النبوي" (40-41) .
رابعاً:
قد جاءت أسانيد أخرى فيها ذِكر حكاية محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار أثناء انقطاع الوحي بعدما جاءه أول مرة ، وكلها أسانيد مردودة ، ما بين ضعيف وموضوع .
ومنها :
1. إسناد ابن مردويه :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
ووقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله " فيما بلغنا "
ولفظه : " ... فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزناً غدا منه " إلى آخره ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري عن عروة ، عن عائشة والأول هو المعتمد .
" فتح الباري " ( 12 / 359 ، 360 ) .
ومعنى قول الحافظ " والأول هو المعتمد " أي : أن رواية الزهري فيها لفظ " فيما بلغنا " وليست هي موصولة .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – معلِّقاً على ترجيح الحافظ - :
ويؤيده أمران :
الأول : أن محمد بن كثير هذا ضعيف ؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي - .
قال الحافظ
:" صدوق كثير الغلط " ، وليس هو محمد بن كثير العبدي البصري ؛ فإنه ثقة .
والآخر : أنه مخالف لرواية عبد الرزاق حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله ، فجعلته من بلاغات الزهري ... .
فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة ، وثبت ضعفها .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 453 ) .
2. إسناد ابن سعد :
قال محمد بن سعد :
أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياماً لا يرى جبريل فحزن حزناً شديداً حتى كان يغدو إلى " ثبير " مرة وإلى " حراء "
مرة يريد أن يلقي نفسه منه فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامداً لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتاً من السماء فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم صعقا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل
على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه يقول : " يا محمد أنت رسول الله حقّاً وأنا جبريل " قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرَّ الله عينه وربط جأشه ثم تتابع الوحي بعد وحمي
" الطبقات الكبرى " ( 1 / 196 ) .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
وهذا إسناد موضوع ؛ آفته : إما محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ فإنه متهم بالوضع ، وقال الحافظ في " التقريب " : " متروك مع سعة علمه " ، وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.
وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى - واسمه : سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني - ، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد ؛ قال فيه الحافظ أيضاً : " متروك "
وحكى في " التهذيب "
أقوال الأئمة الطاعنين فيه ، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه ، ومنها قول الحربي :" رغب المحدثون عن حديثه ، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع ، ولكن الواقدي تالف "
.
وقوله في الإسناد : " ابن أبي موسى " أظنه محرَّفاً من " ابن أبي يحيى "
ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه ؛ فقد دلس بغير ذلك ، قال عبد الغني بن سعيد المصري :
" هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج ، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية ، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج " .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 451 ) .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 18:48
3. إسناد الطبري :
قال ابن جرير الطبري :
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي
: حدِّثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام فقال عبيد - وأنا حاضر يحدث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس - :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهراً ..
. جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ فغتني حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني
فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلي بمثل ما صنع بي قال ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) إلى قوله ( علَّم الإنسان ما لم يعلم ) قال : فقرأته
قال : ثم انتهى ثم انصرف عني وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتاباً ، قال : ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إليَّ من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما قال : قلت : إن الأبعد - يعني نفسه !
- لَشاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبداً لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحنَّ نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن ، قال
: فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال
: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ... ) .
" تاريخ الطبري " ( 1 / 532 ، 533 ) .
ومتن هذه الرواية منكر مخالف للروايات الصحيحة ؛ ففي هذا المتن أن لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل كان في المنام لا يقظة ! ثم إن فيه قوله صلى الله عليه وسلم ( ماذا أقرأ )
! وكلاهما باطل ، فاللقاء بين الرسولين كان يقظة ، والذي قاله صلى الله عليه وسلم ( ما أنا بقارئ ) نفياً عن نفسه أن يكون قارئاً والرواية المنكرة تثبت أن ليس أمِّيّاً ! .
وأما إسناد الرواية : فقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به ، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات ؛ وفيه علل:
الأولى : الإرسال ؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيّاً ، وإنما هو من كبار التابعين ، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
الثانية : سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش - ، قال الحافظ :" صدوق كثير الخطأ " .
قلت : ومع ذلك فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي ؛ وهو راوي كتاب " السيرة " عن ابن إسحاق ، ومن طريقه رواه ابن هشام ، وقال فيه الحافظ :" صدوق ثبت في المغازي " .
وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في " السيرة " ( 1 / 252 ، 253 ) عنه عن ابن إسحاق به دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [ ] ، وفيها قصة الهمّ المنكرة .
فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي ، فتكون منكرة من جهة أخرى ؛ وهي مخالفته للبكائي ؛ فإنه دونه في ابن إسحاق ؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما .
ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب ؛ لنكارة معناها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك ، فقال ( 1 / 4 )
: " ... وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به " .
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية ؛ وهي :
الثالثة : ابن حميد - واسمه محمد الرازي - ؛ وهو ضعيف جدّاً ، كذَّبه جماعة من الأئمة ، منهم أبو زرعة الرازي .
وجملة القول : أن الحديث ضعيف إسناداً ، منكر متناً ، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل ، وهو القائل -
فيما صح عنه - : ( من تردى من جبل فقتل نفسه ؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ) متفق عليه - " الترغيب " ( 3 / 205 ) - لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 455 – 457 ) .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 18:49
خامساً:
قد ثبت بما تقدم ضعف الأسانيد التي رويت في محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار ، بل وبطلان بعضها ، ولا يخفى أن متنها أيضاً باطل منكر ، وذلك من وجوه :
1. أن فترة انقطاع الوحي كانت لإزالة الخوف الذي جاء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه الوحي ، وأنها للاستعداد لما بعده ، فكيف يلتقي هذا مع همِّه صلى الله عليه وسلم بالانتحار ؟! .
قال ابن طولون الصالحي – رحمه الله - :
الحكمة في فترة الوحي - والله أعلم - : ليذهب عنه ما كان يجده صلى الله عليه وسلم من الروع وليحصل له التشوق إلى العود .
" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " ( 2 / 272 ) .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك للحظة في كونه نبيّاً ، فقد ثبَّت الله تعالى قلبه بالوحي ، وما وجده من الرهبة من نزول الوحي أول مرة فيدل على بشريته
وعلى شدة الوحي ، وقد كان يعاني صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عند نزول الوحي في بعض صوره .
والخلاصة :
لم تصح رواية همِّ النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بالانتحار لتأخر الوحي عليه أول أمر الرسالة
والزيادة التي في البخاري ليست على شرطه فلا تنسب للصحيح
وقد أثبتها البخاري رحمه الله أنها من قول الزهري لا غيره ، فهي بلاغ مقطوع الإسناد لا يصح ، وقد ذكرنا للحديث روايات أخرى كلها يؤكد عدم صحة القصة لا سنداً ولا متناً .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 18:53
هل ثبت حديث : (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي)
السؤال
قرأت في بعض المواقع والمنتديات أن إسناد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ....)
إلى آخر الحديث عند خروجه من الطائف : هو إسناد ضعيف . ما مدى صحة هذا الرأي ، هل هو حديث صحيح أم ضعيف ؟.
الجواب
الحمد لله
الحديث يرويه عبد الله بن جعفر رضي الله عنه فيقول :
لما توفي أبو طالب ، خرج النبي إلى الطائف ماشيا على قدميه ، فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، فانصرف ، فأتى ظل شجرة ، فصلى ركعتين ثم قال :
( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني
أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة
أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك )
رواه الطبراني في " الدعاء " (ص/315) واللفظ له – وعزاه بعض أهل العلم إلى " المعجم الكبير " للطبراني-، ومن طريقه الضياء المقدسي في " المختار " (9/179) ، ورواه ابن عدي في " الكامل " (6/111)
ومن طريقه ابن عساكر (49/152) ، ورواه الخطيب البغدادي في " الجامع لأخلاق الراوي " (2/275) وغيرهم :
جميعا من طريق وهب بن جرير بن حازم قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه به .
قلنا : وهذا الإسناد ضعيف ، بسبب عنعنة محمد بن إسحاق ، فهو مدلس مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين
كما وصفه بذلك أحمد والدارقطني .
انظر "مراتب المدلسين" لابن حجر (ص/51)
فمثله لا يقبل حديثه حتى يصرح بالسماع ، لما يخشى أن يكون أسقط شيخا ضعيفا من الإسناد .
قال الهيثمي رحمه الله :
" رواه الطبراني ، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة ، وبقية رجاله ثقات " انتهى.
" مجموع الزوائد " (6/35)
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (المجموعة الثانية: 3/208) :
" هذا الحديث ضعيف من جهة إسناده " انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز آل الشيخ ، صالح الفوزان ، بكر أبو زيد .
ولذلك ضعفه أيضا الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/2933).
وقد ورد هذا الحديث أيضا ـ مرسلا ، من رواية ابن إسحاق في " السيرة " – كما في " تهذيب السيرة " لابن هشام (1/421) ، وفي لفظه بعض الاختلاف ، فيقول :
( فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - فيما ذكر لي - : اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين
وأنت ربي ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك )
غير أن العلماء ما زالوا يوردون هذا الحديث في كتبهم وتصنيفاتهم ، وذلك لأسباب عدة :
1- أن ضعف إسناده ضعف يسير ؛ لأن احتمال الاتصال فيه قائم ، إذ لا يلزم أن يكون المدلس قد أسقط شيخه الذي سمع منه في كل عنعنة .
2- وما زال العلماء يتسمَّحون في رواية الأحاديث اليسيرة الضعف ، في أبواب السير والمغازي والفضائل .
3- ثم إن كثيرا من أهل العلم تناقلوا الحديث معتمدين له ، ومستشهدين بما ورد فيه ، كشيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (10/184)
وما زال العلامة ابن القيم يستشهد به على أن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر في كتب عدة له رحمه الله .
وهذا الذي ذكرناه لا يعني صحة الحديث أو ثبوته
لكنه فقط بيان لعذر من ينقله ويرويه من أهل العلم ، وبيان ـ أيضا ـ لجواز الاستئناس به في معرض السير والفضائل ، لكن يساق بصيغة التمريض والتضعيف : رُوي ، أو : حكي .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 19:00
حديث : ( اذكروا الفاجر بما فيه )
السؤال
ما صحة حديث : ( اذكروا الفاجر بما فيه ) ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث يُروى عن الصحابي الجليل معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أَتَرعُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ ! اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ كَي يَعْرِفَهُ النَّاسُ وَيَحْذَرَهُ النَّاسُ ).
رواه ابن أبي الدنيا في " الغيبة " (رقم/84)، والعقيلي في " الضعفاء " (1/202)
وابن حبان في " المجروحين " (1/220)، والطبراني في " المعجم الكبير " (19/418) ، وابن عديّ في " الكامل " (2/173)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (10/210) وغيرهم كثير :
جميعهم من طريق أبي الضحاك الجارود بن يزيد ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، به .
وهذا إسناد ضعيف جداً بسبب الجارود بن يزيد :
جاء في ترجمته في " ميزان الاعتدال " (2/108) :
" كذبه أبو أسامة ، وضعفه علي ، وقال يحيى : ليس بشيء . وقال أبو داود : غير ثقة . وقال النسائي والدارقطني : متروك . وقال أبو حاتم : كذاب " انتهى.
وقد تواردت نصوص أهل العلم على التصريح بضعف هذا الحديث :
قال الإمام أحمد رحمه الله :
" هذا حديث منكر " انتهى.
نقله في " الكامل " لابن عدي (2/173)
وقال العقيلي رحمه الله :
" ليس له من حديث بهز أصل ، ولا من حديث غيره ، ولا يتابع عليه " انتهى.
" الضعفاء الكبير " (1/202)
وقال ابن حبان رحمه الله :
" والخبر في أصله باطل ، وهذه الطرق كلها بواطيل لا أصل لها " انتهى.
" المجروحين " (1/221)
وقال الإمام البيهقي رحمه الله :
" فهذا حديث يعرف بالجارود بن يزيد النيسابورى ، وأنكره عليه أهل العلم بالحديث .
سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول : كان أبو بكر الجارودى إذا مر بقبر جده يقول : يا أبت ! لو لم تحدث بحديث بهز بن حكيم لزرتك " انتهى.
" السنن الكبرى " (10/210)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ليس هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال : أترغبون عن ذكر الفاجر ، اذكروه بما فيه يحذره الناس " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (28/219)
وقال السخاوي رحمه الله :
" لا يصح " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/563)
وقال الألباني رحمه الله :
" موضوع " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/583)
ثانياً :
أما قول أبي إسماعيل الهروي رحمه الله :
" هذا حديث حسن من حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده ، وقد توبع جارود بن يزيد عليه ، وزعم بعض الناس أن حديث بهز تفرد به وقد وهم " انتهى.
" ذم الكلام وأهله " (4/204-206)
فهو كلام غير مقبول ؛ لأن المتابعات المذكورة للجارود إنما هي سرقات للحديث ، وطرق منكرة مكذوبة ، والضعيف لا يتقوى بمثل ذلك
وهذا من الشروط المهمة في أبواب تقوية الحديث الضعيف ، وقد بين العلماء أسماء الذين سرقوا الحديث ، وأكدوا أن مثل هذه المتابعات لا تقوي الحديث .
قال ابن حبان رحمه الله :
" وأما حديث بهز بن حكيم فما رواه عن بهز بن حكيم إلا الجارود هذا .
وقد رواه سليمان بن عيسى السجزي عن الثوري عن بهز ، قدم نيسابور فقيل له : إن الجارود يروي هذا الحديث عن بهز ؟ فقال : حدثنا سفيان الثوري عن بهز ، فصار حديثه ، وسليمان بن عيسى يؤلف في الروايات .
واتصل هذا الخبر بعمرو بن الأزهر الحراني وكان مطلق اللسان فرواه عن بهز بن حكيم . ورواه العلاء بن بشر لما اتصل عن ابن عيينة عن بهز ، وقلب متنه .
ورواه شيخ من أهل الأبلة يقال له نوح بن محمد ، رأيته وكان غير حافظ للسانه ، عن أبي الأشعث ، عن معتمر عن بهز " انتهى.
" المجروحين " (1/220-221)
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 19:00
وقال الدارقطني رحمه الله :
" هذا حديث الجارود عن بهز وضعه عليه ، وسرقه منه عمرو بن الأزهر ، فحدث به عن بهز ، وعمرو كذاب .
وسرقه منه سليمان بن عيسى وكان دجالا فرواه عن الثوري عن بهز .
وسرقه شيخ يعرف بالعلاء بن بشر فرواه عن سفيان بن عيينة عن بهز ، وابن عيينة لم يسمع من بهز شيئا ، وغيَّر لفظه فقال : ليس للفاسق غيبة " انتهى.
نقله ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/295)
وقال الإمام البيهقي رحمه الله :
" وقد سرقه عنه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم ، ولم يصح فيه شيء " انتهى.
" السنن الكبرى " (10/210)
وقال أيضا رحمه الله :
" هذا حديث يُعد في أفراد الجارود بن يزيد ، عن بهز ، وقد روي عن غيره وليس بشيء ، وهو إن صح فإنما أراد به فاجراً معلنا بفجوره
أو فاجراً يأتي بشهادة ، أو يعتمد عليه في أمانة فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يقع الاعتماد عليه ، وبالله التوفيق " انتهى.
" شعب الإيمان " (12/166)
وقال ابن عدي رحمه الله :
" وقد سرق من الجارود ضعفاء مثل عمرو بن الأزهر وغيره " انتهى.
" الكامل " (3/289)
وقال أيضاً :
" وهذا يعرف بالجارود بن يزيد ، وقد رواه عمرو بن الأزهر وغيره عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ، وروي عن الثوري من رواية ضعيف عنه ، وكل من روى هذا الحديث فهو ضعيف " انتهى.
" الكامل " (5/134)
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" روي أيضا عن سفيان الثوري ، والنضر بن شميل ، ويزيد بن أبي حكيم ، عن بهز ، ولا يثبت عن واحد منهم ذلك ، والمحفوظ أن الجارود تفرد برواية هذا الحديث " انتهى.
" تاريخ بغداد " (7/262)
ثالثاً:
وأما ذكر الفاسق ، بما فيه فإنما يباح حيث كان متعالناً بفسقه ، مجاهرا به ، لا يبالي بما يظهر منه للناس ، فمثل هذا يحذر من حاله ، وينهى عن منكره
ولو كان بذكر ما هو فيه من الفسق والفجور ، فهو الذي أسقط حرمة نفسه ؛ لكن على ألا يحمل عليه غير ما يفعل ، أو يفضح بأمر استسرّ هو به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" – ليس - للمعلن بالبدع والفجور غيبة ، كما روي ذلك عن الحسن البصري وغيره ؛ لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له ، وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته
ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس ، وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ، ويزداد أيضاً هو جرأة وفجوراً ومعاصي
فإذا ذكر بما فيه انكف وانكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته .
قال الحسن البصري : ( أترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذره الناس ) وقد روي مرفوعاً .
و " الفجور " اسم جامع لكل متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله
ولهذا كان مستحقاً للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجوراً أو تهتكاً أو مخالطة لمن هذا حاله بحيث لا يبالي بطعن الناس عليه " انتهى باختصار.
" مجموع الفتاوى " (15/285-286)
وينظر جواب السؤال القادم
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 19:04
هل يجوز ذكر لفظ الفاسق في بعض المنتديات على من اشتهر بالفسق والمجون
السؤال
أنا أشرف على بعض المنتديات .. وتمر علي أحياناً بعض المواضيع أو المشاركات التي يكون فيها إساءة لبعض الأشخاص علناً ، ممن اشتهروا بالفسق والمعاصي حيث يطلق عليهم لقب الفاسق أو المجرم أو الخبيث أو نحو ذلك ..
فما رأيكم حول هذه الكلمات هل ندعها بحجة أنهم هم من أهل الفسق وأنهم هم من جاهروا بمعاصيهم وجعلوا أنفسهم عرضة للتحدث عنهم أم أحذف هذه الكلمات وليس علي إثم في حذفها ؟؟
أفتونا بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين ..
الجواب
الحمد لله
أولا :
إذا كان هذا الشخص المشار إليه ، أو غيره ، متعالنا بفسقه وفجوره ، كأهل الرقص والمجون ، ودعاة السوء : فهذا لا حرمة له في ذلك ، ويجوز ذكر ذلك عنه
إذا كان في ذكره مصلحة شرعية ، من تحذير للناس من فعله ، ونهيهم عن سبيله ، ونحو ذلك من المصالح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا غيبة لفاسق : فليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال : أترغبون عن ذكر الفاجر ؛ اذكروه بما فيه يحذره الناس ...
وهذا النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء :
أحدهما : أن يكون الرجل مظهر للفجور ، مثل الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة ؛ فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه بحسب القدرة ، ويهجر ويذكر ما فعله
ويذم على ذلك ، ولا يرد عليه السلام إذا أمكن من غير مفسدة راجحة . وينبغي لأهل الخير أن يهجروه حيا إذا كان في ذلك كف لأمثاله ، ولا يشيعوا جنازته
. وكل من عَلم ذلك منه ولم ينكر عليه فهو عاص لله ورسوله . فهذا معنى قولهم : من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له .
بخلاف من كان مستترا بذنبه مستخفيا : فإن هذا يستر عليه ، لكن ينصح سرا .
النوع الثاني : أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده [ يعني : جعله شاهدا على عقد ونحوه ] ، ويعلم أنه لا يصلح لذلك : فينصح مستثيره ببيان حاله ؛ فهو كما قال الحسن
: اذكروه بما فيه يحذره الناس ؛ فإن النصح في الدين من أعظم النصح في الدنيا "
انتهى . "مختصر الفتاوى المصرية" (503) .
ثانيا :
إذا جازت غيبة الفاسق المتعالن بفسقه ، أو ترجحت لمصلحة شرعية ، فإن الواجب ألا يتجاوز ذلك حدود ما تهتك فيه من المعاصي ؛ فلا يجوز أن يحمل عليه ـ ظلما وبهتانا
ما لم يتحقق القائل أنه فعله من المعاصي ، ولا يجوز أن يذكر عنه ما استتر به بينه وبين ربه .
قال المناوي رحمه الله :
" (اذكروا الفاجر) الفاسق (بما فيه) : من الفجور ، وهتك ستر الديانة ؛ فذكره بذلك من النصيحة الواجبة لئلا يغتر به مسلم فيقتدي به في فعلته ، أو يضله في بدعته ، أو يسترسل له فيؤذيه بخدعته .
وبيَّن قولُه : ( بما فيه ) : أنه لا يجوز ذكره بغير ما فيه ، ولا بما لا يعلن به .
قال ابن عون : دخلت على ابن سيرين فذكرت الحجاج ؛ أي : بما لم يتظاهر به . فقال : إن الله ينتقم للحجاج ، كما ينتقم منه ؛ وإنك إذا لقيت الله غدا كان أصغر ذنب أصبتَه أشدَّ عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج !!
وأشار بقوله : ( يحذره ) : أي لكي يحذره الناس ، إلى أن مشروعية ذكره بذلك مشروطة بقصد الاحتساب ، وإرادة النصيحة ؛ دفعا للاغترار ونحوه مما ذكر
فمن ذكر واحدا من هذا الصنف تشفيا لغيظه أو انتقاما لنفسه أو احتقارا أو ازدراء ونحو ذلك من الحظوظ النفسانية فهو آثم ، كما ذكره الغزالي ثم السبكي فيما نقله عنه ولده " انتهى .
"فيض القدير" (1/151) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" هل يجوز غيبة تارك الصلاة ؟ " .
فأجاب :
" الحمد لله
إذا قيل عنه إنه تاركُ للصلاة ، وكان تاركَها : فهذا جائز . ويَنبغي أن يُشاعَ ذلك عنه ويُهْجَر حتى يُصلي ، وأمَّا مع القدرة فيجِبُ أن يُستَتابَ ، فإن تابَ وإلا قُتِل " .
"جامع المسائل" (4/122) .
على أنه متى تردد القائل أو الناشر في حصول المصلحة الشرعية الراجحة من وراء ذلك : فالواجب عليه إيثار السلامة ، وتغليب حرمة المسلم على ذكر قول لا يتيقن من نفعه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 19:09
هل توعد النبي صلى الله عليه وسلم المشركين أن يُمَثِّلَ بقتلاهم ؟
السؤال
سمعت شيئا من شيخ في محاضرة أنه عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جسد عمه حمزة بن عبد المطلب ممثلا به أقسم أن يمثل بسبعين من أعدائه . أريد أولا أن أسأل هل هذا صحيح
وإذا كان صحيحا فما يجعلني أتساءل هو كيف يرد النبي صلى الله عليه وسلم السيئ بالسيئ انتقاما ؟ شكرا لكم
الجواب
الحمد لله
يورد العلماء هذا الحديث في تفسير قول الله تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/126.
والجواب عن الاستشكال الوارد عليه يسير وواضح ، وهو أنه حديث ضعيف لا يثبت ، يُروَى عن ثلاثة من الصحابة الكرام مِن طرق لا تصح :
الحديث الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :
( أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ نَظَرَ إِلَى حَمْزَةَ وَقَدْ قُتِلَ وَمُثِّلَ بِهِ ، فَرَأَى مَنْظَرًا لَمْ يَرَ مَنْظَرًا قَطُّ أَوَجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهِ وَلا أَوْجَلَ ، فَقَالَ : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ ، فَقَدْ كُنْتَ وَصُولا لِلرَّحِمِ
فَعُولا لِلْخَيْراتِ ، وَلَوْلا حُزْنُ مَنْ بَعْدَكَ عَلَيْكَ لَسَرَّنِي أَنْ أَدَعَكَ حَتَّى تَجِيءَ مِنْ أَفْوَاجٍ شَتَّى .
ثُمَّ حَلَفَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَكَانَهُ : وَاللَّهِ لأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ .
فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي مَكَانِهِ لَمْ يَبْرَحْ بَعْدُ : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/126، حَتَّى تُخْتَمَ السُّورَةُ ، فَكَفَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمْسَكَ عَمَّا أَرَادَ .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/143)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (3/183)، والحاكم في " المستدرك " (3/218)
والآجري في " الشريعة " (رقم/1677)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (12/185) جميعهم من طريق صالح المري ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف بسبب صالح بن بشير المُرِّي ، القاص العابد ، قال ابن المديني : ضعيف جدا .
وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : ضعيف الحديث ، له أحاديث مناكير
. وقال ابن عدي : عامة أحاديثه منكرات . وهكذا كان عامة المحدثين على ضعف حديثه ونكارته
. انظر: " تهذيب التهذيب " (4/383)
ولذلك قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وهذا إسناد فيه ضعف " انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (4/614)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" بإسناد فيه ضعف " انتهى.
" فتح الباري " (7/371)
وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (رقم/550)
الحديث الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنهما
وقد روي عن ابن عباس من طريقين ضعيفين :
الأول : لفظه : ( لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ ظَفِرْتُ بِهِمْ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ . فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/126
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَلْ نَصْبِرُ ).
رواه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (3/184) ، والبيهقي في " دلائل النبوة " (3/288) كلاهما من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : ثنا قيس ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس به .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" سنده ضعيف ، مسلسل بالضعفاء الثلاثة : ابن أبي ليلى فَمَن دونه " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/550)
والطريق الثاني : لفظه : ( لمَّا انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى منظرا أساءه ، رأى حمزة رضي الله عنه قد شق بطنه ، واصطلم أنفه وجدعت أذناه
فقال : لولا أن يحزن النساء ، أو يكون سنة بعدي لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير ، لأمثلن مكانه بسبعين رجلا ، ثم دعا ببردة فغطى بها وجهه ، فخرجت رجلاه
فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ، وجعل على رجليه شيئا من الإذخر ، ثم قدمه فكبر عليه عشرا ، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة
وكان القتلى سبعين ، فلما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) إلى قوله : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) فصبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يمثل بأحد )
رواه الدارقطني في " السنن " (4/118) ومن طريقه الواحدي في " أسباب النزول " (152)
قال الدارقطني : نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، نا الحكم بن موسى ، نا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الملك بن أبي عتبة أو غيره ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس به .
وهذا إسناد ضعيف ، لما فيه من الإبهام حيث قال : عن عبد الملك بن أبي عتبة أو غيره ، ثم عقبه الدارقطني بتضعيفه قائلا : " لم يروه غير إسماعيل بن عياش ، وهو مضطرب الحديث عن غير الشاميين " انتهى.
الحديث الثالث : عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال :
( لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمزة بن عبد المطلب قال : والله لأمثلن بسبعين منهم . فجاء جبريل بهذه الآية : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) فقال : يا جبريل ! ما هذا ؟
قال : لا أدري حتى أسأل . ثم عاد فقال : ( إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتعطي من حرمك )
رواه ابن مردويه – كما نقل إسناده الزيلعي في " تخريج أحاديث الكشاف " (1/477) – قال :
حدثنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ، ثنا محمد بن يونس ، ثنا عبد الله ابن داود الخريبي ، ثنا عبادة بن مسلم ، عن العلاء بن بدر ، عن قيس بن سعد بن عبادة به .
وفي هذا الإسناد محمد بن يونس الكديمي : متهم بالكذب .
قال حمزة بن يوسف السهمى : سمعت الدارقطنى يقول : كان الكديمى يتهم بوضع الحديث .
وقال ابن حبان : كان يضع الحديث ، لعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث .
" تهذيب التهذيب " (9/475-478)
فالحاصل أن الأحاديث الثلاثة ضعيفة لا تتقوى ، لما فيهما من أسباب الضعف الشديد والنكارة ، والثابت أن الذي توعد بالتمثيل بجثث المشركين هم بعض الصحابة
وليس النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك رغبة في الانتقام لقتلاهم الذين مَثَّل المشركون بهم ، كما هي طبيعة البشر في حب القصاص من الظالم والمعتدي بمثل ما ظلم واعتدى
ولكن الله عز وجل نهاهم عن ذلك ، وندبهم إلى الصبر واحتساب الأجر عند الله .
فقد ثبت عن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال :
( لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا ، وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ ، فِيهِمْ حَمْزَةُ ، فَمَثَّلُوا بِهِمْ ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ : لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ .
قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ )
رواه الترمذي (رقم/3129) وغيره
. وقال الترمذي : حسن غريب . وصححه الذهبي في " التلخيص " (2/391)
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "
وفي " السلسلة الصحيحة " (رقم/2377)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-11, 19:18
لا يصح حديث الأكل في اليوم مرتين من الإسراف
السؤال
قالت عائشة رضي الله عنها : ( رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكلت في اليوم مرتين فقال
: يا عائشة ! أما تحبين أن يكون لك شغل إلا جوفك ، الأكل في اليوم مرتين من الإسراف ، والله لا يحب المسرفين )
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (7/441)
قال : أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي ، أنا محمد بن أحمد بن حمدان ، ثنا أحمد بن محمد بن عبيدة ، ثنا يحيى بن عثمان المصري
حدثني أبي ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، عن عائشة فذكره .
وهذا الإسناد ضعيف .
أبو عبد الرحمن السلمي اسمه محمد بن الحسين ، صاحب كتاب " طبقات الصوفية " (ت412هـ) قال فيه الحافظ الذهبي: تكلموا فيه ، ليس بعمدة
. كما في " ميزان الاعتدال " (3/523).
وعبد الله بن لهيعة ضعيف من قبل حفظه أيضا .
لذلك قال الإمام البيهقي بعد روايته له : "فيه ضعف" انتهى .
وقال المنذري رحمه الله : "فيه ابن لهيعة" انتهى .
"الترغيب والترهيب" (3/101) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : "موضوع" انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (257) .
وقد سبق ذكر مجموعة من الأحاديث الصحيحة الواردة في ذم الإسراف في الطعام
يمكنكم الاطلاع في جواب السؤال القادم وليس في شيء منها ذم الأكل مرتين في اليوم الواحد .
والحاصل :
أن تناول الطعام مرتين في اليوم الواحد من الأمور المباحة الجائزة ، وهو من عادات العرب المعروفة ، كانوا يأكلون في اليوم أكلتين ، أكلة الغداء
وأكلة العشاء ، ومن لم يكن شأنه ذلك إنما كان ذلك بسبب قلة ذات اليد ، وليس من أجل أن الأكل مرتين في اليوم من الإسراف .
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إِلاَّ إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ) رواه البخاري (6455) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"فيه إشارة إلى أنهم ربما لم يجدوا في اليوم إلا أكلة واحدة ، فإن وجدوا أكلتين فإحداهما تمر" انتهى .
" فتح الباري " (11/292) .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:15
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الكلام على حديث : ( ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا ، جائعة عارية يوم القيامة ) .
السؤال
ما مدى صحة هذا الحديث : روى عن ابن بجير رضي الله عنه وكان من الصحابة قال " أصاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم جوع يوما ، فعمد إلى حجر
فوضعه على بطنه ثم قال : ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا ، جائعة عارية يوم القيامة ، ألا رب مكرم لنفسه لها مهين ، ألا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم "؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث رواه ابن سعد في "الطبقات" (7/423) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4 / 531) والبيهقي في "شعب الإيمان" (1461) والقضاعي في "مسند الشهاب" (1423)
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6443) والآجري في "أدب النفوس" (16) وابن بشران في "الأمالي" (153) والدقاق في "مجلس في رؤية الله" (153)
وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/123) وابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص 38) ، كلهم من طريق سعيد بن سنان الكندي أبو مهدي ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير
عن ابن البجير رضي الله عنه ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه يوما جوع ، فوضع حجرا على بطنه
ثم قال : ( ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا ، جائعة عارية يوم القيامة ، ألا رب نفس جائعة عارية في الدنيا ، طاعمة ناعمة يوم القيامة ، ألا رب مكرم نفسه وهو لها مهين
ألا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم ، ألا رب متخوض ومتنعم فيما أفاء الله على رسوله ، ما له عند الله من خلاق ، ألا وإن عمل الجنة حزنة بربوة
ألا وإن عمل النار سهلة بشهوة ، ألا يا رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنا طويلا ) .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، بل موضوع ، وآفته سعيد بن سنان أبو مهدي الحمصي .
قال ابن معين : ليس بثقة
وقال الجوزجاني : أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة ، لا تشبه أحاديث الناس
وقال أحمد بن صالح المصري : منكر الحديث .
وقال دحيم : ليس بشيء
وقال البخاري : منكر الحديث
وقال النسائي : متروك الحديث
وقال ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ
وقال ابن حبان : منكر الحديث لا يعجبني الاحتجاج بخبره ، وقال المروزي عن أحمد : ليس بشيء
وقال الدارقطني : حمصي يضع الحديث .
راجع : "الضعفاء الصغير" للبخاري (ص 52)
"تهذيب التهذيب" (4 / 41)
– "ميزان الاعتدال" (2 / 143)
– "الجرح والتعديل" (4 / 28)
– "المجروحين" (1 / 322)
– "الكاشف" (1 / 438)
– "المغني في الضعفاء" (1 / 261)
– "الكامل" (3 / 359) .
والحديث ذكره الألباني في "الضعيفة" (1115)
وقال : " موضوع " .
وقوله : ( ألا رب متخوض ومتنعم فيما أفاء الله على رسوله ، ما له عند الله من خلاق ) .
يغني عنه ما رواه البخاري (3118) عن خَوْلَةَ بِنْت قَيْسٍ رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
ورواه أحمد (26514) والترمذي (2374) وصححه ، ولفظه : ( إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا شَاءَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ ) .
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" وغيره .
وقوله : ( ألا وإن عمل الجنة حزنة بربوة ، ألا وإن عمل النار سهلة بشهوة ) .
رواه أحمد (3008) من طريق نُوح بْن جَعْوَنَةَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ - ثَلَاثًا - أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ) .
وهذا إسناد واه ، نوح بن جعونة هو نوح ابن أبي مريم ، وهو متهم ، راجع : "الضعيفة" (6741).
ورواه أبو نعيم في "صفة الجنة" من طريق سعيد بن محمد الثقفي ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن شداد بن أوس ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به .
وسعيد بن محمد هو الوراق الثقفي أبو الحسن الكوفي متروك ، راجع "التهذيب" (4/69)
ويغني عنه ما رواه البخاري (6487) ومسلم (2823) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَحُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:19
هل ورد أن من لم يقرأ القرآن في أقل من شهر كتب من المنافقين ؟
السؤال
سمعت أن هناك حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول في ثناياه : إن مَن لا يقرأ القرآن في شهر فإنه منافق . فعلى الرغم من أنني بحثت عن هذا الحديث لكنني لم أجده .
فهل هناك حديث بهذا النص أو يفيد هذا المعنى ، وإذا كان كذلك فما مصدره ، وما قول العلماء فيه ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ما زال أهل العلم يحثون المسلم على الإكثار من ختم القرآن الكريم ، والإكثار من قراءته وتدبره ، فهو كلام الله المتعبد بتلاوته ، الذي يحب عز وجل أن يُتقرب به إليه .
وقد كانت همم السلف رحمهم الله على أنواع شتى :
فمنهم من كان يختم في كل يوم مرة ، ومنهم في ثلاث
ومنهم في أسبوع ، ومنهم من كان يختم في كل شهر مرة ، ولعل الختم في كل شهر مرة هو أدنى الهمم التي لا ينبغي للمؤمن أن يضعف عنها
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( اقرأ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ) رواه البخاري (5052) تحت باب : " في كم يقرأ القرآن " ، ومسلم (1159) .
قال ابن حزم رحمه الله :
" يستحب للمسلم الذي يطلب النجاة أن يأتي بما لعله أن يوازي ذنوبه ويوازن سيئاته ، وأن يواظب على قراءة القرآن فيختمه في كل شهر مرة ، فإن ختمه في أقل فحسن " انتهى.
" رسائل ابن حزم " (3/150)
بل نص فقهاء الحنابلة على أنه " ( يكره تأخير الختم فوق أربعين بلا عذر ) قال أحمد : أكثر ما سمعت أن يختم القرآن في أربعين ، ولأنه يفضي إلى نسيانه والتهاون به " انتهى.
" كشاف القناع " (1/430) .
وإذا حرص المسلم على ألا يمر عليه شهر ، أو أربعون يوما على الأكثر ، إلا وقد ختم القرآن قراءة ، فبإمكانه أن يزيد في قراءته اليومية ، لتقل المدة التي يختم فيها القرآن ، كل حسب حاله واستطاعته .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" الاختيار : أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائفُ ومعارف فليقتصر على قدرٍ يحصل له كمال فهم ما يقرؤه
وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ، ومصالح المسلمين العامة ، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له .
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه ، من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة" انتهى .
"التبيان" (ص76) .
ثانيا :
ما ورد في السؤال من أن لم يختم القرآن في كل شهر مرة هو من المنافقين ، لم يرد به دليل ولا أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أحد من أصحابه ، فيما نعلم
ولم نعثر على الكلام المشار إليه في السؤال منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:22
حديث اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك مكذوب لا أصل له
السؤال
قرأت أن عليا رضي الله عنه دعا بهذا الدعاء : " اللهم أغننا عن خلقك " فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تقل هكذا ، فإن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض
ولكن قل : اللهم أغننا عن شرار خلقك ) ، فهل هذه المعلومة صحيحة . وأنا أدعو : " اللهم أغنني بفضلك عن من سواك " ، فهل صحيح هذا الدعاء ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
ورد عن علي رضي الله عنه أنه قال : اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك . قال : فسمعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لا تقل هكذا
بل قل : اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك ، الذين إذا أعطوا مَنُّوا ، وإذا منعوا عابوا .
وقد جاء هذا الحديث من طريق أسد بن موسى ، ثنا خالد بن عبد الله القسري ، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فذكر الحديث .
وخالد بن عبد الله القسري لم يوثقه أحد في الرواية ، بل قال العقيلي رحمه الله : " لا يتابع على حديثه ، وله أخبار شهيرة ، وأقوال فظيعة ، ذكرها ابن جرير ، وأبو الفرج الأصبهانى ، والمبرد ، وغيرهم " انتهى.
" تهذيب التهذيب " (3/102)
وهذا كاف في إسقاط الحديث ورده ، فكيف إذا اجتمع إلى ذلك ضعف الأسانيد التي روي بها عن أسد بن موسى ، وقد روي عن أسد بن موسى من طريقين :
الطريق الأول : يرويه أحمد بن سعيد بن فرضخ الإخميمي المصري الكذاب في كتابه : " الاحتراف " –
كما في " لسان الميزان " للحافظ ابن حجر (1/178) -
قال ابن فرضخ : حدثنا يوسف بن زيد هو القراطيسي ، ثنا أسد بن موسى ، فذكره .
وأحمد بن سعيد بن فرضخ هذا قال فيه الدارقطني رحمه الله : روى ...أحاديث في ثواب المجاهدين والمرابطين والشهداء موضوعة كلها وكذب
لا تحل روايتها ، والحمل فيها على ابن فرضخ ، فهو المتهم بها ، فإنه كان يركب الأسانيد ، ويضع عليها أحاديث .
انظر: " لسان الميزان " (1/178)
الطريق الثاني : يرويه أبو محمد ابن حيان في " طبقات المحدثين بأصبهان " (3/512)، وعنه أبو نعيم الأصبهاني في " أخبار أصبهان " (1/219) ـ ترقيم الشاملة
قال ابن حيان : حدثنا عبد الله بن عبد السلام بن بندار ، قال ثنا بحر بن نصر ، قال ثنا أسد بن موسى ...فذكره .
وعبد الله بن عبد السلام بن بندار : لم نقف على جرح ولا تعديل فيه ، فلا تقبل منه روايته .
والحاصل : أن هذا الحديث كذب لا أصل له ، لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يجب التحذير منه ، وبيان كذبه .
ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وهو حديث لا أصل له " انتهى.
" لسان الميزان " (1/178)
ومثله حكم عليه الفتني في " تذكرة الموضوعات " (ص/58)
وقال ابن عراق رحمه الله :
" قال السيوطي : لكن هذا الحديث أخرجه الديلمي من طريق أبي نعيم بسند ليس فيه ابن فرضخ .
قلت – أي ابن عراق - : المتابع لابن فرضخ عبد الله بن عبد السلام بن بندار : لم أقف له على ترجمة " انتهى.
" تنزيه الشريعة " (1/414)
وقال العجلوني رحمه الله :
" قال ابن حجر المكي – نقلا عن الحافظ السيوطي - : إنه موضوع " انتهى باختصار.
" كشف الخفاء " (1/188)
ثانيا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن حديث عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أيضا ، أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ :
إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي .
قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟
قَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ .
رواه الترمذي (رقم/3563) وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/266) .
وهذا يدل على جواز الدعاء باللفظ الوارد في السؤال : ( وأغنني بفضلك عمن سواك ) والذي أنكرته هذه القصة المكذوبة ، وهو مما يؤكد بطلانها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:28
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لممسوس ، فخرج منه الجني على هيئة جرو ؟
السؤال
ما صحة هذه الرواية: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم بصبيِ صغير لها وقالت: يا رسول الله إن ابني هذا مصاب بمسّ من الجان
وإن هذا الجني يضايقنا عندما نبدأ طعامنا فيفسده علينا.. فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدر الصبي وقرأ عليه دعاءً، فتقيأ الصبي
فخرج منه حيوان على هيئة كلب صغير ففر هاربا.... مجمع الزوائد، ومستد الدارمي.
الجواب
الحمد لله
روى الإمام أحمد (17098) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا قَدْ أَصَابَهُ لَمَمٌ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ) قَالَ : فَبَرَأَ ، فَأَهْدَتْ لَهُ كَبْشَيْنِ وَشَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا يَعْلَى خُذْ الْأَقِطَ وَالسَّمْنَ وَخُذْ أَحَدَ الْكَبْشَيْنِ وَرُدَّ عَلَيْهَا الْآخَرَ ) .
وهكذا رواه الحاكم (4232) والطبراني في "المعجم الكبير" (679) وهناد في "الزهد" (1338) ووكيع في "الزهد" (500) كلهم من طريق الأعمش به .
وقال البوصيري في "مختصر الإتحاف" (9/107) :
" رواته ثقات " .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8 / 560) :
" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " .
والمنهال بن عمرو لم يسمع من يعلى بن مرة رضي الله عنه ، لكن للحديث طرق متعددة عن يعلى بن مرة به .
فرواه أحمد (17115) من طريق مَعْمَرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ به .
ورواه أيضا (17097) من طريق عثمان بن حكيم قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن يعلى بن مرة به .
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (2271) من طريق شريك عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده به بنحوه .
وله شاهد عند الطبراني في "المعجم الأوسط" (9112) من طريق عبد الحكيم بن سفيان عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن جابر بن عبد الله به .
وشاهد آخر رواه ابن أبي شيبة (32413) والدارمي (17) وعبد بن حميد (1053) والبيهقي في "الاعتقاد" (283) من طريق إسْمَاعِيل بْن عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بنحوه .
فهذه طرق كثيرة تدل على صحة الحديث وثبوته ، وقد قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ساق بعضها : " هذه طرق جيدة متعددة " .
"البداية والنهاية" (6 / 154) .
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (3 / 144) : " إسناده جيد " .
وكل هذه الروايات ليس في واحدة منها أنه صلى الله عليه وسلم دعا لهذا الصبي فخرج منه الشيطان على هيئة الكلب الصغير .
وهذه الرواية عند الإمام أحمد في "مسنده" (2288) من طريق فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا ! فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ وَدَعَا ، فَثَعَّ ثَعَّةً ( يعني تقيأ ) وَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الْأَسْوَدِ وَشُفِيَ .
وهكذا رواه الدارمي (19) والطبراني في "الكبير" (12460) وابن أبي شيبة (24046) من طريق فرقد السبخي به .
وهذا إسناد ضعيف ، فرقد هو ابن يعقوب السبخي البصري :
قال أيوب : ليس بشيء ، وقال يحيى القطان : ما يعجبني التحديث عنه ، وقال أحمد : رجل صالح ليس بقوي في الحديث ، لم يكن صاحب حديث ، وقال أيضا : يروي عن مُرّة منكرات
وقال ابن معين : ليس بذاك ، وقال البخاري : في حديثه مناكير ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال يعقوب بن شيبة : رجل صالح ضعيف الحديث جدا ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث .
انظر : "الجرح والتعديل" (7 / 82) -
"تهذيب التهذيب" (8 / 236-237)
– "ميزان الاعتدال" (3 / 346)
– "المجروحين" (2 / 205)
– "الكامل" (6 / 27) .
والحديث بهذا السياق ضعفه الشيخ أحمد شاكر في "تخريج المسند" (4/136) والألباني في "تخريج أحاديث المشكاة" (5923) ، وقال ابن كثير :
" فرقد السبخي رجل صالح ولكنه سيء الحفظ " .
"البداية والنهاية" (6 / 177) .
وقال محمد المناوي في "تخريج أحاديث المصابيح" (5/225) :
" في سنده فرقد السبخي وقد ضعفوه " .
والخلاصة :
أن هذا الحديث صحيح بطرقه باللفظ الأول ، أما هذا السياق الذي فيه خروج الجرو من جوف الصبي بعد أن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح ؛ لتفرد فرقد السبخي به ، وهو ضعيف سيء الحفظ .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:41
الفردوس وأطيط العرش
السؤال
ما صحة حديث : ( سلوا الله الفردوس ، فإنها سرة الجنة ، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش ) وما معنى أطيط العرش ، وما هي الفردوس ، وما ميزتها عن الجنة ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
أولا : نص الحديث
هذا الحديث يُروَى عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( سَلُوا اللَّهَ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهَا سُرَّةُ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الْفِرْدَوْسِ لَيَسْمَعُونَ أَطِيطَ الْعَرْشِ )
ثانيا : معاني مفردات الحديث
الأطيط : صوت الرحال إذا ثقل عليها الركبان . انظر: " لسان العرب " (1/ 92)، مادة : أطط.
سرة الجنة : أي وسطها وجوفها ، من " سرة " الإنسان ، فإنها في وسطه .
ثالثا : تخريج الحديث
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/246) – ومن طريقه أبو نعيم في " صفة الجنة " (رقم/469)-
ورواه الروياني في " المسند " (رقم/1265)، وابن بطة في " الإبانة " (3/176)، وعثمان بن أبي شيبة في كتاب " العرش " (رقم/12) وغيرهم .
جميعهم من طريق جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة .
رابعا : الحكم على الحديث
إسناد الحديث ضعيف جدا بسبب جعفر بن الزبير ، اتفق الأئمة على ترك حديثه ، حتى روى علي ابن المديني عن غندر : رأيت شعبة راكبا على حمار
فقيل له : أين تريد يا أبا بسطام ؟ قال : أذهب فأستعدي على هذا - يعنى جعفر بن الزبير -، وَضَعَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة حديث كذب .
انظر : " تهذيب التهذيب " (2/92)
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/3705)، وضعف كل الأحاديث التي ورد فيها " أطيط العرش "، وانظر: (رقم/866، ورقم/6329)
وقال الإمام الذهبي رحمه الله :
" الأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل ، فذاك صفة للرحل وللعرش ، ومعاذ الله أن نعده صفة لله ، ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت
وقولنا في هذه الأحاديث أننا نؤمن بما صح منها ، وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره ، فأما ما في إسناده مقال ، أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله ، فإننا لا نتعرض له بتقرير ، بل نرويه في الجملة ونبين حاله " انتهى.
" العلو " (ص/45) طبعة مكتبة أضواء السلف ، وفي (1/415-416) من طبعة دار الوطن بتحقيق الدكتور عبد الله بن صالح البراك .
ويقول الدكتور محمد خليفة التميمي :
" وأما مسألة الأطيط : فلم يثبت في المسألة نص صحيح " انتهى.
تحقيق كتاب " العرش " لابن أبي شيبة (ص/335)
وخالف في ذلك آخرون من أهل العلم ، كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، فقالوا بتصحيح حديث محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة
عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن عرشه لعلى سماواته وأرضه ، وإنه ليئط أطيط الرحل بالراكب )
وهو حديث آخر غير المذكور ، لكنه يشترك معه في ذكر " الأطيط " . ولكن مع تنزيه الله عز وجل أن يحمله شيء من خلقه ، أو يحتاج إلى شيء من خلقه
سبحانه ؛ وإنما هذا اللفظ هي من جزء من حديث أشمل من ذلك ، سيق لبيان عظمة الله جل جلاله ، والإشارة إلى شيء من ملكوته ودلائل قدرته وعظمته
فالسياق قاطع في بيان العظمة والقدرة ، لا الحاجة إلى شيء من الخلق ، جل جلاله سبحانه ، وتقدست أسماؤه .
خامسا : ما هي الفردوس ، وأين مكانها في الجنة ؟
يقول الدكتور محمد خليفة التميمي وفقه الله :
" على الرغم من ضعف الحديث من حيث إسناده ، إلا أن ما جاء فيه من قوله : ( سلوا الله جنة الفردوس فإنها سرة الجنة ) له شاهد من حديث أخرجه البخاري في " صحيحه "
كتاب التوحيد ، باب : ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ )، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله
كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة )
واسم الفردوس : قد يطلق ويراد به جميع الجنة .
وقد يطلق ويراد به : أفضل الجنة وأعلاها ، كما في هذا الحديث .
وكأنه بهذا المعنى أحق وأصوب ، قال تعالى : ( أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) المؤمنون/10-11
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) الكهف/107.
والفردوس في اللغة : البستان .
قال الفراء : أصل اللفظ عربي . وقال مجاهد : هو البستان بالرومية ، واختاره الزجاج .
وأما ما جاء في وصف الفردوس من كونه : ( وسط الجنة وأعلى الجنة ):
فالحافظ ابن حجر يقول : " المراد بالأوسط هنا الأعدل والأفضل : كقوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا ) البقرة/143، فعلى هذا عطف الأعلى عليه للتأكيد .
وقال الطيبي : المراد بأحدهما العلو الحسي ، وبالآخر العلو المعنوي .
وقال ابن حبان : المراد بالأوسط السعة ، وبالأعلى الفوقية .
والصواب أن تفسير الأوسط على المعنى المعنوي لا المكاني لا يساعد عليه ظاهر النص ، ذلك أن ظاهر النص ينص على أن الفردوس هو وسط الجنة وأعلاها
بمعنى أن الفردوس هو ربوة الجنة ، وأن الجنان الأخرى عن جوانبه ومن تحته ، وهو أعلاها .
قال قتادة : الفردوس ربوة الجنة ، وأوسطها ، وأعلاها ، وأفضلها ، وأرفعها .
ويدل على ذلك قوله في الحديث : ( وفوقه عرش الرحمن )، فليس فوق الفردوس إلا عرش الرحمن سبحانه وتعالى ، كما يدل عليه أيضا قوله : ( ومنه تفجر أنهار الجنة )؛ لأن الأنهار عادة تنبع من الأعلى . والله أعلم .
وهذه الصفة أي : كون وسط الشيء أعلاه- لا تتصور إلا في المقبب ، فإن أعلى القبة هو أوسطها ، فالجنة والله أعلم تكون كذلك .
انظر: "فتح الباري": (6/ 13)، "حادي الأرواح": ص 74، 75
"لسان العرب": (2/ 1069)
"النهاية" لابن كثير: (2/233) " انتهى .
النقل عن الدكتور محمد خليفة التميمي في تحقيقه لكتاب " العرش " لعثمان بن أبي شيبة (ص/335)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:50
أحاديث في استحباب صيام العشر الأول من ذي الحجة
السؤال
من خلال المقالة التي على موقعكم ، والمعنونة بـ" العشر الأول من ذي الحجة "، فهمت أنه يُستحب صيام يوم التاسع ، ولكن لم تذكروا ما إذا كان من السنة صيام بقية أيام العشر. وهناك أحاديث لا أدري صحتها
تُبَيِّنُ فضل هذه الأيام ، وتحث على التزود بالطاعات فيها ، بما في ذلك الصيام . هذه الأحاديث هي كالتالي : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة ، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة ، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر )
رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي.
2- عن حفصة رضي الله عنها قالت : ( خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن : صيام يوم عاشوراء ، وعشر من ذي الحجة ، وثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتين قبل الفجر...)
رواه أحمد والنسائي . فمِن هذه الأحاديث أفهم أنه ليس من السنة فقط صيام اليوم التاسع ، بل بقية العشر كذلك .
فهل هذا صحيح ؟ ولماذا لم يُذكر ذلك في المقالة ؟ وهل الأحاديث المذكورة صحيحة ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
صيام تسع من ذي الحجة مستحب ، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر يعني عشر ذي الحجة
فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟
فقال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري 969 ، وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت
: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين )
رواه الإمام أحمد 21829 ، وأبو داود 2437 ، وضعفه في نصب الراية 2 / 180 ، وصححه الألباني .
أما صيام يوم العيد فهو محرم ، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : ( نهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ) رواه البخاري برقم 1992 ، ومسلم برقم 827 ، وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم .
فالعمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من غيرها ، وأما الصيام فلا يصام فيها إلا تسع فقط ، واليوم العاشر هو يوم العيد يحرم صومه .
وعلى هذا ، فالمراد من ( فضل صيام عشر ذي الحجة ) صيام تسعة أيام فقط ، وإنما أطلق عليها أنها عشر على سبيل التغليب .
انظر شرح مسلم للنووي حديث رقم (1176) .
ثانيا :
أما الحديث الوارد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ )
فرواه الترمذي (رقم/758)، والبزار (رقم/7816)، وابن ماجه (رقم/1728) من طريق أبي بكر بن نافع البصري ، قال: حدثنا مسعود بن واصل ، عن نهاس بن قهم ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة به .
وهذا إسناد ضعيف بسبب النهاس بن قهم ، ومسعود بن واصل ، ولذلك اتفقت كلمة علماء الحديث على تضعيفه :
قال الترمذي رحمه الله :
" هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل ، عن النهاس .
وسألت محمدا – يعني البخاري - عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا .
وقد روي عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا شيء من هذا . وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم من قبل حفظه " انتهى.
وقال البغوي رحمه الله :
" إسناده ضعيف " انتهى.
" شرح السنة " (2/624)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فيه ضعف " انتهى.
" شرح العمدة " (2/555)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" إسناده ضعيف " انتهى.
" فتح الباري " (2/534)
وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (رقم/5142)
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله – بعد أن أورد هذا الحديث وغيره في الباب - :
" وفي المضاعفة أحاديث أخر مرفوعة ، لكنها موضوعة ، فلذلك أعرضنا عنها وعما أشبهها من الموضوعات في فضائل العشر ، وهي كثيرة " انتهى.
" لطائف المعارف " (ص/262)
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:50
ثالثا :
أما الحديث الثاني الوارد في السؤال : ( خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن .. ) ، فمداره على هنيدة بن خالد الخزاعي ، وقد جاء عنه على أوجه إسنادية كثيرة ، وبألفاظ مختلفة :
الوجه الأول : هنيدة بن خالد ، عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها .
وقد رواه عنه الحر بن الصيَّاح ، ورواه عن الحر على هذا الوجه ثلاثة من الرواة :
1- عمرو بن قيس الملائي : يرويه النسائي في " السنن " (2416)، وأحمد في " المسند " (44/59)، والطبراني في " المعجم الكبير " (23/205)، وابن حبان في صحيحه (14/332)
وأبو يعلى في " المسند " (12/469) ولفظه : ( أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صِيَامَ عَاشُورَاءَ ، وَالْعَشْرَ ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ
وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ ) والراوي عن عمرو بن قيس هو أبو إسحاق الأشجعي : مجهول ، ولذلك ضعفه به محققو المسند ، والشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (4/111) .
2- وزهير بن معاوية أبو خيثمة : عند النسائي في " الكبرى " (2/135) ولفظ زهير : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، أول اثنين من الشهر ، ثم الخميس ، ثم الخميس الذي يليه )
3- وشريك : أخرجه النسائي في " الكبرى " (2/135)
وأحمد في " المسند " (9/460) طبعة مؤسسة الرسالة، وجعله شريك من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهير .
يقول ابن أبي حاتم رحمه الله :
" سألتُ أبِي ، وأبا زُرعة ، عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ شرِيكٌ ، عنِ الحُرِّ بنِ الصياحِ ، عنِ ابنِ عُمر : أنَّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، كان يصُومُ مِن الشّهرِ الاثنين ، والخمِيس الّذِي يلِيهِ ، ثُمّ اثنين الّذِي يلِيهِ .
فقالا : هذا خطأٌ ، إِنّما هُو الحُرُّ بنُ صياحٍ ، عن هُنيدة بنِ خالِدٍ ، عنِ امرأتِهِ ، عن أُمِّ سلمة ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " انتهى.
" العلل " (1/231)
وقال محققو المسند :
" إسناده ضعيف، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -، سيئ الحفظ ، وقد اختلف عليه في لفظ الحديث – ثم ذكروا ذلك الاختلاف - " انتهى.
" المسند " (9/460)
الوجه الثاني : عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
يرويه أبو عوانة ، عن الحر بن الصياح ، عن هنيدة ، على هذا الوجه : أخرجه أبو داود (رقم/2437)، والنسائي (2372)، (2418)، وأحمد (37/24)، (44/69)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (4/284)
والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/76) ولفظه عند أبي داود : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس )
الوجه الثالث : عن هنيدة ، عن أمه ، عن أم سلمة
من طريق محمد بن فُضَيل ، قال : حدثنا الحسن بن عُبيد الله ، عن هنيدة الخزاعي ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : ( كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ : أوَّلَ خَمِيسٍ
وَالاثْنَيْنَ وَالاثْنَيْنَ - وفىِ رواية - : كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَاْمُرُنِي أَنْ أصُومَ ثَلاثَةَ أيَّام مِنَ الشَّهْرِ : الاثْنَيْن ، وَالْخَمِيس ، وَالاثْنَيْن مِنَ الْجُمُعَةِ الأخْرَى -
وفي رواية -: كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرنِي أَنْ أصُومَ ثَلاثَةَ أيَامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، أوَّلُهَا الاثْنَيْنَ ، وَالْجُمُعَة ، وَالْخَمِيس )
أخرجه أحمد (44/82) ، وأبو يعلى في " المسند " (12/315) ، وأبو داود (2452)، والنَّسائي (4/221)، وليس فيه ذكر لصيام تسع ذي الحجة ، وصيام يوم عاشوراء ، بل اقتصر على صيام ثلاثة أيام من كل شهر .
الوجه الرابع : عن هنيدة ، عن امرأته ، عن أم سلمة
من طريق عبد الرحيم بن سليمان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحر بن صياح ، عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن أم سلمة – باللفظ السابق -
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/216)، (23/420)، وأبو يعلى في " المسند "
الوجه الخامس : عن هنيدة بن خالد ، قال : دخلتُ على أم المؤمنين – ولم يعين اسمها - .
من طريق زهير بن معاوية ، عن الحر بن الصياح ، قال سمعت هنيدة الخزاعي قال : دخلت على أم المؤمنين سمعتها تقول
: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام : أول اثنين من الشهر ، ثم الخميس ، ثم الخميس الذي يليه ) يرويه النسائي (رقم/2415)
والحاصل أن نقاد الحديث اختلفوا في الحكم على هذا الحديث بسبب كل هذا الاختلاف في سنده ومتنه :
فضعف الحديثَ الزيلعي في " نصب الراية " (2/157)، ومحققو مسند أحمد ، والشيخ ابن باز – كما في " مجموع فتاوى ابن باز " (15/417) – وذلك لاضطراب سنده ومتنه ، ولعل هذا هو المتجه في الحكم على الحديث .
وصحح الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " (7/196-199) روايتي زهير بن معاوية وأبي عوانة عن الحر بن الصياح .
وجاء في " العلل " للدارقطني (15/121-122):
" وسئل عن حديث هنيدة بن خالد الخزاعي ، عن حفصة ، قالت : أربعة لم يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء ، والعشر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتان قبل الغداة .
فقال : يرويه الحر بن الصياح ، عن هنيدة بن خالد الخزاعي ، عن حفصة .
وخالفه الحسن بن عبيد الله ، واختلف عنه : فرواه عبد الرحيم بن سليمان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أمه ، عن أم سلمة ؛ ورواه أبو عوانة
عن الحر بن الصياح ، عن هنيدة ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمها " انتهى.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 17:57
لم يثبت عن الإمام الشافعي قوله إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم
السؤال
سمعت أن الإمام الشافعي ذهب لقبر الإمام أبي حنيفة ليدعو الله لنفسه تيمنا ببركة المكان ، وأرى أن هذا أمر خطير ؛ لأننا لا نتبرك بمكان إلا بقول من الله أو رسوله . سأكون ممتنا إذا ما وضحتم أمر هذه الرواية
فهذا الأمر يربكني كثيرا ؛ لأنه قاله أناس يقومون بعمل الكثير من أجل الدين ، ولكنهم يدافعون عن بعض معتقدات كهذه ؟
الجواب
الحمد لله
أولا : تخريج الأثر عن الإمام الشافعي رحمه الله
هذه القصة يرويها مكرم بن أحمد في كتابه " مناقب أبي حنيفة " - كما في رواية القاضي أبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري للكتاب (ص/94)
وعنه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (1/123) - فيقول مكرم بن أحمد :
ثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم ، قال ثنا علي بن ميمون ، قال سمعت الشافعي يقول :
( إني لأتبرك بأبي حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين ، وجئت إلى قبره ، وسألت الله الحاجة ، فما تبعد عني حتى تقضى )
ثانيا : الحكم على إسناده
في هذا الإسناد مطاعن عدة :
الأول : كتاب مكرم بن أحمد اتهمه الدارقطني باشتماله على الوضع والكذب بسبب أحد شيوخه ، واسمه أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس الحماني .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" حدثني أبو القاسم الأزهري ، قال : سئل أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني - وأنا أسمع - عن جمع مكرم بن أحمد فضائل أبى حنيفة فقال : موضوع
كله كذب ، وضعه أحمد بن المغلس الحماني قرابة جبارة ، وكان في الشرقية " انتهى.
" تاريخ بغداد " (4/209)، وانظر ترجمة : أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس الحماني في " لسان الميزان " (1/269) ، وينظر أيضا : تعليق العلامة المعلمي على كلام الدارقطني في: " التنكيل " (1/59) .
الثاني : عمر بن إسحاق بن إبراهيم : لم نقف له على ترجمة .
الثالث : علي بن ميمون : إن كان هو الرقي فهو ثقة كما قال أبو حاتم ، ولكننا لم نقف على من أثبت له سماعا عن الشافعي رحمه الله .
ثالثا : أقوال أهل العلم في هذا الأثر
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه :
مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال : ( إني إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة فأجاب ) أو كلاما هذا معناه .
وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل :
فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا .
وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين ، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء ، فما باله لم يَتَوَخَّ الدعاء إلا عنده .
ثم إن أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم ، لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره .
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها.
وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه " انتهى باختصار.
" اقتضاء الصراط المستقيم " (2/692)
ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله :
" والحكاية المنقولة عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر " انتهى.
" إغاثة اللهفان " (1/246)
ويقول العلامة المعلمي رحمه الله :
" مَن عُمَرُ هذا – يعني عمر بن إسحاق بن إبراهيم الراوي للأثر - ، ومَن شيخُه ، أمُوَثَّقان هما عند الخطيب كما زعم الكوثري ؟!
أما أنا فقد فتشت " تاريخ بغداد " فلم أجد فيه ، لا موثقين ولا غير موثقين ، بل ولا وجدتهما في غيره .
نعم في غيره علي بن ميمون الرقي يروي عن بعض مشايخ الشافعي ونحوهم ، وهو موثق ، لكن لا نعرف له رواية عن الشافعي ، وقد راجعت
" توالي التأسيس " لابن حجر لأنه حاول فيها استيعاب الرواة عن الشافعي فلم أجد فيهم علي بن ميمون ، لا الرقي ولا غيره ، انظر "توالي التأسيس" (ص/81)
هذا حال السند ، ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء
ويؤكد ذلك حال القصة ، فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة ، وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضاً ، إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة
فأما تحري الصلاة عنده فأبعد وأبعد " انتهى.
" التنكيل " (1/60)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" فهذه رواية ضعيفة بل باطلة ، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف ، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال .
ويحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي ، وقد ترجمه الخطيب ، وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، فهو مجهول الحال .
ويبعد أن يكون هو هذا ، إذ إن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال ، فبين وفاتَيهما نحو مائة سنة ، فيبعد أن يكون قد أدركه .
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/22)
وفي "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (2/680-710) مبحث طويل في حكم قصد الدعاء عند قبر معين تبركا به ، خلاصته الحكم ببدعية هذا الفعل وعدم شرعيته
وقد سبق ذكر ذلك في جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 18:00
حكم قراءة القرآن الكريم على القبور، ودعاء الإنسان لنفسه عند القبر
السؤال
ما حكم قراءة القرآن الكريم على القبور ؟
والدعاء للميت عند قبره ؟
ودعاء الإنسان لنفسه عند القبر ؟
الجواب
الحمد لله
" قراءة القرآن الكريم على القبور بدعة ، ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه
وإذا كانت لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، فإنه لا ينبغي لنا نحن أن نبتدعها من عند أنفسنا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما صح عنه :
( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
والواجب على المسلمين أن يقتدوا بمن سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان حتى يكونوا على الخير والهدى ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ( خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ) .
وأما الدعاء للميت عند قبره فلا بأس به ، فيقف الإنسان عند القبر ويدعو له بما يتيسر مثل أن يقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، اللهم أدخله الجنة ، اللهم افسح له في قبره ، وما أشبه ذلك .
وأما دعاء الإنسان لنفسه عند القبر فهذا إذا قصده الإنسان فهو من البدع أيضاً ؛ لأنه لا يخصص مكان للدعاء ، إلا إذا ورد به النص ، وإذا لم يرد به النص ، ولم تأت به السنة
فإنه – أعني تخصيص مكان لدعاء – أيًّا كان ذلك المكان يكون تخصيصة بدعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/228) .
قراءة القرآن عند القبر، غير مشروعة ، لعدم ورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه :
هل يجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن للميت عند زيارة قبره ، وهل ينفعه ذلك ؟
فأجابت :
( ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزور القبور ، ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه ، وتعلموها منه ، من ذلك : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون
نسأل الله لنا ولكم العافية ) ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة من القرآن أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم ، ولو كان ذلك مشروعاً لفعله
وبينه لأصحابه ؛ رغبةً في الثواب ، ورحمةً بالأمة ، وأداءً لواجب البلاغ ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )التوبة/128.
فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع ، وقد عرف ذلك أصحابه رضي الله عنهم فاقتفوا أثره ، واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم
ولم يثبت عنهم أنهم قرأوا قرآناً للأموات ، فكانت القراءة لهم بدعة محدثة ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه )
انتهى من فتاوى اللجنة 9/38
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-11-13, 18:04
حديث الرجل الذي منعه الصدق من سائر المنكرات
السؤال
هل ورد هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : إنني سرقت وشربت الخمر وقامرت وكذبت ، وأريد أن أتوب من هذه الأفعال
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك بالتوقف عن الكذب ، وجميع المنكرات التي ذكرتها سوف تذهب عنك من تلقائها . فوافق الرجل على ترك الكذب
. وفي الليلة التالية ذهب الرجل ليسرق ، ولكن الرجل فكر في أنه إذا سرق سوف يأتي أهله في ساعة متأخرة
وعندما يسألونه أين كان ، فسوف يكذب عليهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأن لا يكذب ، فقرر أنه لا يسرق مرة أخرى ، وبعد فترة أراد الرجل أن يشرب خمرا ، ولكنه عندما أدرك أنه عندما يشرب سوف يسأل عن رائحته
وأنه عليه أن يكذب حول رائحته ، وتوقف الرجل عن الكذب ، فبالتالي توقف عن الشرب والسرقة والقمار . أرجو من فضيلتكم أن تجيبوني في حكم هذا الحديث
لأن معلمي طلب مني إلقاء كلمة على الطلاب والمعلمين تحتوي على هذا الحديث. وجزاكم الله خير الجزاء .
الجواب
الحمد لله
أولا :
ليس هذا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعرف له أصل في كتب السنة ، وإنما تنقله بعض كتب الآداب والرقائق التي هي مظنة الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
جاء في كتاب " المحاسن والأضداد " للجاحظ (ص/14)
وكتاب " ربيع الأبرار " للزمخشري (ص/376) :
" قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : أنا أستسر بخلال أربع : الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، والكذب ، فأيتهن شئت تركت لك يا رسول الله ؟
قال : دع الكذب .
فلما تولى همَّ بالزنا ، فقال : يسألني ، فإن جحدت نقضته ما جَعلتُ له ، وإن أقررت حددت أو رجمت .
ثم هم بالسرقة ، ثم في شرب الخمر ، ففكر في مثل ذلك .
فرجع إليه فقال : قد أخذت علي السبيل ، قد تركتهن أجمع " انتهى.
ومثله في كتاب " التذكرة الحمدونية " (ص/301)، والكامل في الأدب للمبرد (2/156)
وتُنقل هذه القصة أيضا عن بعض أهل العلم من المشايخ أرباب السلوك ، أنه نصح بعض التائبين إليه بترك الكذب ، فأدى به إلى ترك جميع المعاصي ، ولعل ذلك هو الأقرب للصواب في شأن القصة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، ومن ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، والحسنات والسيئات قد تتلازم ويدعو بعضها إلى بعض ، كما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا
وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607)
ثم قال : فالصدق مفتاح كل خير ، كما أن الكذب مفتاح كل شر ، ولهذا يقولون عن بعض المشايخ إنه قال لبعض من استتابه من أصحابه : أنا لا أوصيك إلا بالصدق ، فتأملوا فوجدوا الصدق يدعوه إلى كل خير " انتهى.
" الاستقامة " (467)
ثانيا :
ننقل هنا عن العلامة ابن القيم كلاما مفيدا في تفسير كيف أن الكذب هو سبب المعاصي والآثام.
قال رحمه الله :
" إياك والكذب ، فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس ، فإن الكذب يصور المعدوم موجودا
والموجود معدوما ، والحق باطلا والباطل حقا ، والخير شرا والشر خيراً ، فيفسد عليه تصوره وعلمه ، عقوبة له .
ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه ، فيفسد عليه تصوره وعلمه ، ونفس الكاذب معرضة عن الحقيقة الموجودة ، نزاعة إلى العدم ، مؤثرة للباطل .
وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه - التي هي مبدأ كل فعل إرادي - فسدت عليه تلك الأفعال ، وسرى حكم الكذب إليها ، فصار صدورها عنه كمصدر الكذب عن اللسان ، فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله .
ولهذا كان الكذب أساس الفجور ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
- فذكر حديث ابن مسعود السابق - وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ، ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله
، فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله ، فيستحكم عليه الفساد ، ويترامى داؤه إلى الهلكة إن لم يتدراكه الله بدواء الصدق يقلع المادة من أصلها .
ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق ، وأضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجبن والمهانة وغيرها أصلها الكذب
فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق ، وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب ، والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه
ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته ، فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ، ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب " انتهى باختصار.
" الفوائد " (ص/144-145)
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
Ali Harmal
2018-11-13, 18:58
جزاك الله خيرا .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:36
جزاك الله خيرا .
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:42
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل هناك أدعية وأذكار خاصة بصلاة المغرب ؟
السؤال
هل هذه الأدعية صحيحة
: 1- يستحب أن يقول المسلم قبل المغرب بقليل : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات . فيرسل الله لنا حرسا يحموننا من الشيطان حتى نصبح
، ويكتب لنا عشر حسنات موجبات ، ويمحى عنا عشر سيئات موبقات ، ويكتب لنا أجر عتق عشر رقاب مؤمنات .
2- وعند سماع أذان المغرب : ( اللهم هذا إقبال ليلك ، وإدبار نهارك
وأصوات دعاتك ، فاغفر لي ) 3
- وبعد المغرب يستحب أن يصلي المسلم ركعتين ثم يقول : ( يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك )
. 4- وبعد صلاة المغرب وقبل أن يكلم الناس : ( اللهم إني أسألك الجنة ، اللهم أجرني من النار ) سبع مرات. وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
لم نقف على حديث صحيح يدل على استحباب ذكر أو دعاء معين يقال عند صلاة المغرب خاصة ، سواء قبلها أم بعدها ، ولكن هناك أذكار الصباح والمساء الكثيرة المشهورة
التي يمكن أن يأتي بها العبد المسلم قبيل صلاة المغرب أو بعدها ، ولكنها لا تتعلق بفريضة المغرب نفسها.
ونحن هنا نبين حكم الأحاديث الواردة في السؤال ، ونبين ما يغني عنها من الأحاديث الصحيحة:
الحديث الأول :
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ شَبِيبٍ السَّبَأِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ ، بَعَثَ اللَّهُ مَسْلَحَةً –
أي : حرسا - يَحْفَظُونَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ )
رواه الترمذي (رقم/3534) وقال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد ، ولا نعرف لعمارة بن شبيب سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم .
فهو إذن حديث ضعيف ، والثابت هو أن التهليل عشر مرات مستحب في أذكار الصباح والمساء ، فمن جاء بهذا الذكر عقب صلاة المغرب على اعتبار أن ما بعد المغرب هو من المساء
فلا حرج عليه ، وإن وإن كان المختار له أن يقتصر على الأذكار المعروفة أدبار الصلوات المكتوبات ، والمخرج أن يأتي بها بعد انتهاء أذكار ما بعد الصلاة .
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ
وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ )
رواه البخاري (رقم/3293) ومسلم (2691)
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ :
( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ : كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَالَهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَحَطَّ اللهُ عَنْهُ بِهَا عَشْرَ سَيِّئَاتٍ
وَرَفَعَهُ اللهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ ، وَكُنَّ لَهُ كَعَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُنَّ لَهُ مَسْلَحَةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ يَوْمَئِذٍ عَمَلاً يَقْهَرُهُنَّ ، فَإِنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ، فَمِثْلُ ذَلِكَ )
رواه أحمد (38/545) وصححه محققو طبعة مؤسسة الرسالة، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/114)
الحديث الثاني :
عَنْ أبي كثير مولى أم سلمة ، عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ :
( اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ : فَاغْفِرْ لِي )
رواه عن أبي كثير ثلاثة من الرواة ، وهم :
1- عبد الرحمن بن إسحاق : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/31) ، وعبد بن حميد (رقم/1543)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/303)
2- القاسم بن معن المسعودي : رواه أبو داود (530)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (1/410)
3- حفصة بنت أبي كثير : رواه الترمذي (3589).
وأبو كثير مولى أم سلمة ليس فيه تعديل ولا تجريح ، بل قال الترمذي : إنه لا يعرفه.
ولذلك حكم بعض أهل العلم على الحديث بالضعف ؛ قال الترمذي رحمه الله :
" حديث غريب " ، وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " هذا الحديث لا يجوز نشره بين الأمة إلا مع بيان حاله من الضعف " انتهى.
" تمام المنة " (ص/149)، وانظر "ضعيف أبي داود" (1/191)
وأما تصحيح الحاكم له في "المستدرك " (1/314) ، فقول مرجوح .
وعلى كل حال لا حرج في الدعاء بما ورد في هذا الحديث ، ولكن من غير اعتياد هذا التوقيت ، ولا اعتقاد فضل خاص به ، أو أنه من الأوراد الثابتة في المساء .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" وهو دعاء لا محذور فيه ، لكن توقيته تعبداً لا يصح فيه حديث " انتهى.
" معجم المناهي اللفظية " (ص/608)
الحديث الثالث :
عن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاة المغرب يدخل فيصلي ركعتين ، ثم يقول فيما يدعو : يا مقلب القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك .
فقلت : يا رسول الله ! أتخشى على قلوبنا من شيء ؟ قال : ما من إنسان إلا قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل ، فإن استقام أقامه ، وإن أزاغ أزاغه )
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/657) قال : حدثنا ابن أبي داود ، ثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، ثنا سعيد بن الصلت ، ثنا عطاء بن عجلان ، عن أبي نضرة ، عن أبي هريرة ، عن أم سلمة به .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب عطاء بن عجلان ، فقد ذهب أكثر المحدثين إلى تركه واتهامه بالكذب . انظر : " تهذيب التهذيب " (7/209)
ويغني عنه حديث أَنَس بن مالك رضي الله عنه قَالَ :
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )
رواه الترمذي (رقم/2140) وأحمد في " المسند " (19/160) ، وقال الترمذي : " وفي الباب عن النواس بن سمعان ، وأم سلمة ، وعبيد الله بن عمرو ، وعائشة
وروى بعضه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث أبي سفيان عن أنس أصح " انتهى.
وقد حسنه الترمذي ، وصححه ابن تيمية في " درء التعارض " (9/34)، . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي " ، وصححه محققو مسند أحمد ، طبعة مؤسسة الرسالة ، وقالوا : إسناده قوي على شرط مسلم .
الحديث الرابع :
عن مسلم بن الحارث التميمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ : اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ ، سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا )
رواه أبو داود (5079) ، وأحمد في " المسند " (29/593)، وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (2/326) ، لكن ضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/1624)، وضعفه كذلك محققو مسند أحمد طبعة مؤسسة الرسالة .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا الحديث فقال :
" الحديث في سنده ضعف ، وإذا فعله الإنسان فهو حسن إن شاء الله ؛ لأن سنده مقارب للحسن ، وفيه لين ، فإذا فعله الإنسان فلا حرج إن شاء الله " انتهى.
نقلا عن محاضرة مفرغة لسماحة الشيخ
وعلى كل حال يغني عنه أيضا حديث أنس رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة ، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار : اللهم أجره من النار )
رواه الترمذي (2572) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي ".
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:45
حديث عن غزو الهند
السؤال
هناك حديث يتكلم عن غزو الهند ، وأن من يشارك في هذا الغزو فإنه يدخل الجنة ، أريد معرفة صحة هذا الحديث ، والمرجع ، وسلسلة الرواة ، وشرحه بالتفصيل .جزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله
أولا :
الأحاديث الواردة في غزو الهند هي كالآتي :
الحديث الأول :
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنْ النَّارِ
: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام ) العصابة : الجماعة . أحرزهما : وقاهما .
رواه النسائي (رقم/3175)، والإمام أحمد في " المسند " (37/81) طبعة مؤسسة الرسالة ، وحسنه محققو هذه الطبعة ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/1934)
الحديث الثاني :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : ( وَعَدَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْهِنْدِ ، فَإِنِ اسْتُشْهِدْتُ كُنْتُ مِنْ خَيْرِ الشُّهَدَاءِ ، وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ )
ورد هذا الحديث من طرق ثلاثة عن أبي هريرة :
الطريق الأولى : عن جبر بن عبيدة عن أبي هريرة .
رواه الإمام أحمد في " المسند " (12/28) وغيره ، وهذا إسناد ضعيف بسبب جبر بن عبيدة ،
لم يرو عنه إلا راو واحد اسمه سيار بن الحكم ، ولم يوثقه أحد ، وإنما ذكره ابن حبان في " الثقات " ذكرا مجردا ، ولذلك قال الإمام الذهبي : " لا يُعرف مَن ذا ، والخبر منكر "
انتهى. انظر : " تهذيب التهذيب " (2/59)
الطريق الثاني : البراء بن عبد الله الغنوي ، عن الحسن البصري ، عن أبي هريرة قال :
( حَدَّثَنِي خَلِيلِي الصَّادِقُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ : يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْثٌ إِلَى السِّنْدِ وَالْهِنْدِ ، فَإِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُ فَاسْتُشْهِدْتُ فَذَاكَ
، وَإِنْ أَنَا - فَذَكَرَ كَلِمَةً - رَجَعْتُ وَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ ، قَدْ أَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ )
رواه النسائي في " السنن " (رقم/3173)، وأحمد في " المسند " (14/419)، ولكنه إسناد ضعيف أيضا ، بسبب البراء بن عبد الله الغنوي الذي اتفقت كلمة النقاد على تليين حديثه
كما في " تهذيب التهذيب " (1/427)، ثم فيه انقطاع ما بين الحسن البصري وأبي هريرة رضي الله عنه .
الطريق الثالث : هاشم بن سعيد ، عن كنانة بن نبيه ، عن أبي هريرة .
رواه ابن أبي عاصم في " الجهاد " (رقم/247)، ولكنه إسناد ضعيف أيضا بسبب هاشم بن سعيد ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث
. انظر : " تهذيب التهذيب " (11/17)
الطريق الرابع : عن صفوان بن عمرو ، عن بعض المشيخة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذكر الهند -
فقال : ( ليغزون الهند لكم جيش يفتح الله عليهم ، حتى يأتوا بملوكهم مغللين بالسلاسل ، يغفر الله ذنوبهم ، فينصرفون حين ينصرفون فيجدون ابن مريم بالشام ) قال أبو هريرة
: إن أنا أدركت تلك الغزوة بعت كل طارف لي وتالد وغزوتها ، فإذا فتح الله علينا وانصرفنا فأنا أبو هريرة المحرر ، يقدم الشام فيجد فيها عيسى بن مريم ، فلأحرصن أن أدنوا منه فأخبره أني قد صحبتك يا رسول الله
. قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحك ثم قال : هيهات ، هيهات .
رواه نعيم بن حماد في " الفتن " (ص/409) وفي سنده إبهام الراوي عن أبي هريرة ، كما أن في سنده بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن .
الحديث الثالث : ( يغزو قوم من أمتي الهند ، فيفتح الله عليهم ، حتى يلقوا بملوك الهند مغلولين في السلاسل ، يغفر الله لهم ذنوبهم ، فينصرفون إلى الشام فيجدون عيسى بن مريم بالشام )
رواه نعيم بن حماد في " الفتن " (ص/399) قال : حدثنا الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا إسناد ظاهر الضعف بسبب عنعنة الوليد بن مسلم ، وظاهره ـ أيضا ـ الإرسال ، لأنه ليس فيه أن من حدث صفوان بن عمرو سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أنه كان صحابيا .
فالخلاصة أن حديث ثوبان هو الذي صح في غزوة الهند ، وأما حديث أبي هريرة فعامة أسانيدها ضعيفة
فالله أعلم .
ثانيا :
الذي يبدو من ظاهر حديث ثوبان وحديث أبي هريرة ـ إن صح ـ أن غزوة الهند المقصودة ستكون في آخر الزمان ، في زمن قرب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام
وليس في الزمن القريب الذي وقع في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وقد غزا المسلمون الهند في أيام معاوية سنة أربع وأربعين ، وكانت هنالك أمور سيأتي بسطها في موضعها ، وقد غزا الملك الكبير الجليل محمود بن سبكتكين صاحب غزنة في حدود أربعمائة بلاد الهند
فدخل فيها ، وقتل ، وأسر ، وسبى ، وغنم ، ودخل السومنات ، وكسر الند الأعظم الذي يعبدونه ، واستلب سيوفه ، وقلائده ، ثم رجع سالما مؤيدا منصورا " انتهى.
" البداية والنهاية " (6/223)
ولذلك يقول العلامة حمود التويجري رحمه الله :
" وما ذكر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه نعيم بن حماد من غزو الهند ؛ فهو لم يقع إلى الآن ، وسيقع عند نزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، إن صح الحديث بذلك . والله أعلم " انتهى.
" إتحاف الجماعة " (1/366)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:47
يسأل عن حديث لم نجده في كتب السنة في فضل المرأة المتحجبة
السؤال
أريد التأكد من صحة الحديث فيما معناه : ( إن المرأة المتسترة سترا كاملا لو مشت على بول لطهرته ) هل هذا الحديث صحيح ، وما هو نصه الكامل ؟
الجواب
الحمد لله
لم نقف على حديث بالمعنى الوارد في السؤال ، ولا على حديث قريب منه
ولكن يكفي الحجاب فضلا أن الله عز وجل أمر به في كتابه الكريم
فقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59.
فالمرأة المتسترة ملتزمة بأمر الله ، ممتثلة لشرعه ، ومن كانت كذلك استحقت المغفرة عند الله عز وجل .
يقول الله عز وجل : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب/35.
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
" ( وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ) عن الزنا ومقدماته " انتهى.
" تيسير الكريم الرحمن " (ص/664)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ ، وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ )
رواه البخاري (رقم/6474)
ولا شك أن المرأة المتحجبة حجابا كاملا مع تخَلُّقِها بالعفاف والحياء ، أكثرُ صيانةً لنفسها وعرضها من تلك التي نقص حجابها ، وانكشف شيء من بدنها ، وإن كانت هذه الثانية بعيدة أيضا عن الزنا ومقدماته .
ولذلك وعد الله عز وجل النساء اللاتي تحلين بالحجاب الكامل وصيانة العرض عن الحرام المغفرةَ والأجرَ العظيم ، وضمن لهن النبي صلى الله عليه وسلم دخول الجنة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:50
حديث شيبتني هود وأخواتها
السؤال
( شيبتني هود وأخواتها ) ما هي أخوات هود من السور ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث روي بأسانيد كثيرة ، وعلى أوجه مختلفة ، مدار هذه الأوجه كلها على أبي إسحاق السبيعي الراوي الثقة المشهور ، ولكن الوجه الذي رجحه أهل العلم من المحدثين النقاد هو الوجه الآتي :
عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عكرمة ، عن أبي بكر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا السند منقطع ما بين عكرمة وأبي بكر رضي الله عنه ، فيكون الحديث ضعيفا .
ودليل كون هذا الوجه هو سند الحديث الذي روي به ، وأن ما عداه من الأوجه إنما هي أخطاء من الرواة : أن هذا الوجه رواه عن أبي إسحاق السبيعي ثلاثة من الثقات الحفاظ ، وهم :
1- أبو الأحوص سلام بن سليم : كما في سنن سعيد بن منصور (5/370)، ومصنف عبد الرزاق (6/151)
2- زهير بن معاوية : كما في " العلل " للدارقطني (1/204)
3- إسرائيل بن يونس : وإن كان قد اختلف عليه أيضا ، لكن أكثر أصحابه يروون عن إسرائيل حديث أبي إسحاق على هذا الوجه ، ومنهم صاحبه عبد الله بن رجاء
وهو من المقدمين في إسرائيل ، ولذلك رجح الإمام الدارقطني هذا الوجه عنه ، كما في " العلل " (1/203) فقال : " لم يذكر فيه ابن عباس ، وهو الصواب عن إسرائيل " انتهى.
وأما الأوجه الأخرى التي رويت عن أبي إسحاق السبيعي ، فهي :
إما يرويها بعض الضعفاء أو المتروكين عنه فلا تقبل .
وإما يرويها بعض الثقات ، ولكن روايتهم مرجوحة ، لمخالفتهم من هم أوثق منهم وأكثر عددا، خاصة أن إسرائيل بن يونس كان يقول عن نفسه : كنت أحفظ حديث أبي إسحاق
كما أحفظ السورة من القرآن . وقال فيه ابن مهدي : إسرائيل في أبى إسحاق أثبت من شعبة والثوري .
انظر: " تهذيب التهذيب " (1/263)
جاء في " العلل " (2/110) لابن أبي حاتم رحمه الله :
" سئل أبي عن حديث : أبي إسحاق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شيبك ؟ قال شيبتني هود . الحديث .
متصلا أصح - كما رواه شيبان - أو مرسلا - كما رواه أبو الأحوص - مرسلا .
قال : مرسل أصح " انتهى .
وقال أيضا :
" رواه شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن عكرمة ، أن أبا بكر ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أشبههما بالصواب ، والله أعلم " انتهى.
" العلل " (2/134)
وقال الإمام الترمذي رحمه الله :
" سألت محمدا – يعني البخاري - أيهما أصح ؟ فقال : دعني أنظر فيه . ولم يقض فيه بشيء " انتهى.
" العلل الكبير " (2/371)
وقال السخاوي رحمه الله :
" قال الدارقطني - في ذكر علله واختلاف طرقه في أوائل كتاب العلل ونقله حمزة السهمي عنه - أنه قال : طرقه كلها معتلة " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/360)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" هذا مرسل صحيح ، إلا أنه موصوف بالاضطراب " انتهى.
" المطالب العالية " (3/342)
وقال أيضا رحمه الله :
" مضطرب ، اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي " انتهى.
" النكت على ابن الصلاح " (2/774)
وتابعه السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/305)
والخلاصة أن الحديث فيه انقطاع ما بين عكرمة وأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فلا يمكن الجزم بصحته وهذه العلة قائمة .
ثانيا :
على فرض تصحيح الحديث وقبوله ، خاصة وأنه يتعلق بالرقائق ، وهذه الأبواب ما زال العلماء يتسَمَّحون في رواية الأحاديث فيها ، والتحديث بها
والعمل بمقتضاها ، فأخوات سورة هود التي ذكرت في الحديث أنها شيبت النبي صلى الله عليه وسلم هي :
الواقعة ، والمرسلات ، وعم يتساءلون ، والتكوير .
هكذا وردت أسماء هذه السور في بعض روايات الحديث التي صححها الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " (رقم/955) وإن كان الأصوب الحكم بضعف الحديث .
وهناك بعض الزيادات في بعض الروايات أيضا :
سئل العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن المراد بأخوات هود في حديث : ( شيبتني هود وأخواتها ) ؟
فأجاب بقوله :
المراد بهن :
( الواقعة ، والمرسلات ، وعمّ ، والتكوير ) رواه الترمذي والحاكم .
و – زاد - الطبراني : ( والحاقة )
و – زاد - ابن مردويه ( وهل أتاك حديث الغاشية )
و – زاد - ابن سعد ( والقارعة ، وسأل سائل ، واقتربت الساعة ) " انتهى.
" الفتاوى الحديثية " (ص/116)
يقول المناوي رحمه الله :
" ( شيبتني هود ) أي سورة هود ( وأخواتها ) أي وأشباهها من السور التي فيها ذكر أهوال القيامة ، والعذاب .
والهموم والأحزان إذا تقاحمت على الإنسان أسرع إليه الشيب في غير أوانه " انتهى.
" فيض القدير " (4/221)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:52
حديث : (الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك) مكذوب لا أصل له
السؤال
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك إلى يوم معلوم) قال له إبليس اللعين : هيهات ، هيهات .
الجواب
الحمد لله
الحديث المذكور في السؤال هو جزء من قصة منتشرة في المنتديات ومواقع الإنترنت ، قصة طويلة يزعم واضعها أن حوارا طويلا دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين إبليس اللعين في بيت أحد الأنصار
يزعم فيه إبليس أن ملكا من الملائكة جاءه من عند الله يأمره أن يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويخبره بأمور مهمة وإلا أفناه الله عز وجل وجعله رمادا .
وهي قصة مكذوبة موضوعة ، علامات الكذب فيها ظاهرة ، ولم يروها أحد من أهل العلم
ولا توجد في شيء من كتب السنة ، اللهم إلا ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (3/289ـ290) في ترجمة محمد بن مزيد الخزاعي المعروف بابن أبي الأزهر .
ومن طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/386)
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :
" بينا نحن بفناء الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ، إذ خرج علينا مما يلي الركن اليماني شئ عظيم كأعظم ما يكون من الفيلة ، قال : فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : لُعنت
أو قال خُزيت - شك إسحاق - قال : فقال علي بن أبى طالب عليه السلام : ما هذا يا رسول الله ؟ قال : أو ما تعرفه يا علي ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال : هذا إبليس . قال : فوثب إليه
فقبض على ناصيته وجذبه ، فقال : يا رسول الله أقتله ؟ قال : أو ما علمت أنه قد أجل إلى يوم الوقت المعلوم ؟ قال : فتركه من يده ، فوقف ناحية ثم قال : ما لي ولك يا ابن أبي طالب
والله ما أبغضك أحد إلا وقد شاركت أباه فيه ، اقرأ ما قال الله تعالى : (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ) .
وقال ابن الجوزي : " هذا حديث موضوع " انتهى .
وقال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/367ـ 368) وقال
: " موضوع ، وضعه إسحاق بن محمد النخعي " انتهى .
ومن تأمل في الحوار المزعوم بين النبي صلى الله عليه وسلم وإبليس اللعين عرف ما فيه من الكذب والنكارة ، وذلك أنك تجد فيه :
تسليم إبليس على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : وليس ذلك من فعل الشياطين.
وذكر أنه يستحيي من عثمان بن عفان : وإبليس لم يستحيي من الله تعالى حين أمره بالسجود فأبى ، فكيف يستحيي من بشر !
وذكر نزول قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ) في برصيصا الراهب ، ولم يثبت ذلك في تفسير الآية ، بل ولم تذكره أمهات كتب التفسير أصلا .
وفيه الحلف بالطلاق : وهو لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيه عرض النبي صلى الله عليه وسلم على إبليس التوبة ووعده له بالجنة إن فعل : وهذا أمر منكر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله قضى في كتابه بدخول إبليس النار وخلوده فيها .
وفيه تسبيح إبليس في آخر الحديث : وليس ذلك من فعل الشياطين .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سؤالا :
عن قصة إبليس وإخباره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد مع جماعة من أصحابه ، وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم له عن أمور كثيرة ، والناس ينظرون إلى صورته عيانا ، ويسمعون كلامه جهرا
فهل ذلك حديث صحيح أم كذب مختلق ؟ وهل جاء ذلك في شيء من الصحاح والمسانيد والسنن أم لا ؟ وهل يحل لأحد أن يروى ذلك ؟ وماذا يجب على من يروى ذلك ويحدثه للناس ويزعم أنه صحيح شرعي ؟
فأجاب :
"الحمد لله ، بل هذا حديث مكذوب مختلق ، ليس هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة ، لا الصحاح ولا السنن ولا المسانيد ، ومن علم أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يرويه عنه
ومن قال إنه صحيح فإنه يُعلم بحاله ، فإن أصر عوقب على ذلك ، ولكن فيه كلام كثير قد جُمع من أحاديث نبوية ، فالذي كذبه واختلقه جمعه من أحاديث بعضها كذب وبعضها صدق
فلهذا يوجد فيه كلمات متعددة صحيحة ، وإن كان أصل الحديث وهو مجيء إبليس عيانا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة أصحابه وسؤاله له كذبا مختلقا ، لم ينقله أحد من علماء المسلمين" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (18/350)
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 17:58
حديث (زيارة إبليس للرسول صلى الله عليه وسلم) لا أصل له
السؤال
ما صحة حديث معاذ الذي يذكر قصة زيارة إبليس اللعين للرسول صلى الله عليه وسلم ؟
هذا بعض نصه : يا أهل المنزل .. أتأذنون لي بالدخول ولكم إليّ حاجة ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أتعلمون من المنادي ؟
فقالوا : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هذا إبليس اللعين لَعَنَه الله تعالى . فقال عمر بن الخطاب : أتأذن لي يا رسول الله أن أقتله ؟
الجواب
الحمد لله
لم نجد هذا الحديث في شيء من كتب السنة والآثار التي بين أيدينا ، ولا ندري عن مصدره ولا مرجعه ، ويبدو أنه من المكذوبات الموضوعات التي لا أصل لها .
وقد سئل عنه علماء الجنة الدائمة للإفتاء فقالوا : إنه لا أصل له .
ففي "فتاوى اللجنة الدائمة" ( المجموعة الثانية 3/252) :
أسأل عن الحديث الذي أورده مؤلف الكتاب المسمى " من رياض التوحيد "
الذي نصه : عن ابن العباس رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت رجل من الأنصار في جماعة ، فنادى مناد يا أهل المنزل أتأذنون لي بالدخول ولكم إلي حاجة .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أتعلمون من المنادي؟) فقالوا : الله ورسوله أعلم
. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذا إبليس لعنه الله تعالى) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتأذن لي بقتله يا رسول الله . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (مهلا يا عمر
أما علمت أنه من المنظرين إلى يوم معلوم ، ولكن افتحوا له الباب ، فإنه مأمور فافهموا عنه واسمعوا فإذا هو شيخ أعور . .) إلخ .
فأجابوا :
"الحديث المذكور لا أصل له فيما نعلم ، والمصدر المنقول منه غير معروف ، فالواجب تركه وعدم نشره بين الناس" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:04
حديث : ( أدِّبه سبعا ) لا أصل له في كتب السنة
السؤال
ذكر أحدهم على مسامعي حديثا يقول : قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : إن هناك ثلاث مراحل لتربية الأطفال :
1- من بداية الولادة وحتى سن السابعة يجب ألا تعنفهم أو ترفض شيئا لهم
. 2- من الثامنة وحتى الرابعة عشرة يجب أن تعمل جاهدا لتغرس فيهم أحكام الإسلام وتدربهم عليها
. 3- من الخامسة وحتى الحادية والعشرين يجب أن تصادقهم
. 4- وبعد أن يتخطوا الحادية والعشرين يمكنك أن تتركهم وشأنهم بصفتهم راشدين . فهل هناك حديث بهذا المعنى ؟
وهل هو صحيح ؟
وهل لديكم المراجع ؟
وما هي الدروس المستفادة منه تفصيلا ؟
وأعتذر عن عدم اقتباس الحديث كما هو .
الجواب
الحمد لله
لعل مقصود السائل هو ما يتناقله الناس على أنه حديث – وهو ليس كذلك – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (داعِب ولدك سبعًا ، وأدِّبه سبعًا ، وعلِّمه سبعًا ، ثم اترك حبله على غاربه)
فإن كان كذلك فهذا ليس بحديث ، ولا أصل له في كتب أهل العلم ، وإنما تنقله بعض كتب الأدب من كلام عبد الملك بن مروان .
وقد سئل عنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فقال :
"ليس له أصل ، وإنما المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع)" انتهى .
نقلا عن محاضرة سماحة الشيخ بعنوان : " الغزو الفكري " ، مفرغة في موقع الشبكة الإسلامية
و قد الفتاوى التي تتحدث عن تربية الأبناء ، وتشرح بعض الأفكار المهمة في هذا الموضوع
اضغط هنا (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2162238)
وينبغي هنا التنبيه على أن قوله : (ثم اترك حبله على غاربه) يمكن فهمه على محمل حسن ، وهو منح الأبناء استقلالية في قرارات حياتهم الاجتماعية والعلمية والعملية
وعدم التسلط عليهم كي لا يعود ذلك بالفساد إليهم ، وليس معنى ذلك إهمال الأبناء وعدم توجيه النصح لهم .
قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله :
"الناس يظنون أن وصايا الوالدين حجة على أن للوالدين أن يعبثا باستقلال الولد ما شاء هواهما ، وأنه ليس للولد أن يخالف رأي والديه ولا هواهما ، وإن كان هو عالما وهما جاهلين بمصالحه وبمصالح الأمة والملة
وهذا الجهل الشائع مما يزيد الآباء والأمهات إغراء بالاستبداد في سياستهم للأولاد
فيحسبون أن مقام الوالدية يقتضي بذاته أن يكون رأي الولد وعقله وفهمه دون رأي والديه وعقلهما وفهمهما ، كما يحسب الملوك والأمراء المستبدون أنهم أعلى من جميع أفراد رعاياهم عقلا وفهما ورأيا .
إذا طال الأمد على هذا الجهل الفاشي في أمتنا فإن الأمم التي تربي أولادها على الاستقلال الشخصي تستعبد من بقي من شعوبنا خارجا عن محيط سلطتها قبل أن ينقضي هذا الجهل .
يجب أن نفهم أن الإحسان بالوالدين الذي أمرنا به في دين الفطرة هو أن نكون في غاية الأدب مع الوالدين في القول والعمل بحسب العرف حتى يكونا مغبوطين بنا
وأن نكفيهما أمر ما يحتاجان إليه من الأمور المشروعة المعروفة بحسب استطاعتنا ، ولا يدخل في ذلك شيء من سلب حريتنا واستقلالنا في شئوننا الشخصية والمنزلية
ولا في أعمالنا لأنفسنا ولملتنا ولدولتنا، فإذا أراد أحدهما أو كلاهما الاستبداد في تصرفنا فليس من البر ولا من الإحسان شرعا أن نترك ما نرى فيه الخير العام أو الخاص
أو نعمل ما نرى فيه الضر العام أو الخاص ، عملا برأيهما واتباعا لهواهما .
من سافر لطلب العلم الذي يرى أنه واجب عليه لتكميل نفسه ، أو خدمة دينه أو دولته ، أو سافر لأجل عمل نافع له أو لأمته ، ووالداه أو أحدهما غير راض ; لأنه لا يعرف قيمة ذلك العمل
فإنه لا يكون عاقا ولا مسيئا شرعا ولا عقلا ، هذا ما ينبغي أن يعرفه الوالدون والأولاد : البر والإحسان لا يقتضيان سلب الحرية والاستقلال .
أرأيت لو كانت أمهات سلفنا الأماجد كأمهاتنا أكانوا فتحوا الممالك
وفعلوا هاتيك العظائم ؟ كلا ، بل كانت الرقيقة القلب منهن كتماضر الخنساء رضي الله عنها تدفع بنيها الأربعة إلى القتال في سبيل الله وترغبهم فيه بعبارات تشجع الجبان ، بل تحرك الجماد .
أفترى هذه الأمة تعتبر اليوم بسيرة سلفها ، وهي لم تعتبر بما بين يديها ، وأمام عينيها ، وما يتلى كل يوم عليها من أحوال الأمم التي كانت دونها في العلم والقوة ، والعزة والثروة ، فأصبحت منها في موقع النجم
تشرف عليها من سماء العظمة بالأمر والنهي ، ومنشأ ذلك كله الاستقلال الشخصي في الإرادة والعقل ، فإن الآباء والأمهات متفقون فيها على تربية أولادهم على استقلال العقل والفهم في العلم
واستقلال الإدارة في العمل ، فَقُرَّةُ أعينهم أن يعمل أولادهم بإرادة أنفسهم واختيارهم ما يعتقدون أنه هو الخير لهم ولقومهم .
وإنما قرة أعين أكثر آبائنا وأمهاتنا أن ندرك بعقولهم لا بعقولنا ، ونحب ونبغض بقلوبهم لا بقلوبنا ، ونعمل أعمالنا بإرادتهم لا بإرادتنا ، ومعنى ذلك ألا يكون لنا وجود مستقل في خاصة أنفسنا
فهل تخرج هذه التربية الاستبدادية الجائرة أمة عزيزة عادلة ، مستقلة في أعمالها
وفي سياستها وأحكامها ، أم البيوت هي التي تغرس فيها شجرة الاستبداد الخبيثة للملوك والأمراء الظالمين ، فيجنون ثمراتها الدانية ناعمين آمنين ؟
فعليكم يا علماء الدين والأدب أن تبينوا لأمتكم في المدارس والمجالس حقوق الوالدين على الأولاد ، وحقوق الأولاد على الوالدين ، وحقوق الأمة على الفريقين ، ولا تنسوا قاعدتي الحرية والاستقلال
فهما الأساس الذي قام عليه بناء الإسلام ، وإن علماء الشعوب الشمالية التي سادت في هذا العصر علينا ، يعترفون بأنهم أخذوا هاتين المزيتين - استقلال الفكر والإرادة - عنا
وأقاموا بناء مدنيتهم عليهما ، ولله در القائل منا : "لاعب ولدك سبعا ، وأدبه سبعا ، وصاحبه سبعا ، ثم اجعل حبله على غاربه" انتهى باختصار.
"تفسير المنار" (5/72-75) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:10
قصة ثعلبة الذي رأى امرأة تغتسل فمات من خوف الله
السؤال
أود التأكد من صحة قصة سمعتها ، وعلى القول بضعفها هل يجوز حكايتها ؛ لأن في حكايتها أثراً طيباً في نفوس الناس ، وهل يلزمني عند حكايتها توضيح ضعفها ؟
والقصة هي
: "ثعلبة بن عبد الرحمن ، كان غلاما يتيما من الأنصار ، لا يتجاوز عمره ست عشرة سنة ، كان يكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسله يوما في حاجة له من أسواق المدينة ،
فمر ببيت من بيوت الأنصار ، فنظر إلى باب البيت فإذا بباب البيت مفتوحا ، وإذا بستر مرخى على حمام ، فجاءت الريح فحركت الستر ، فإذا وراء الستر امرأة تغتسل ، فنظر إليها نظرة أو نظرتين ثم أفاق واستعظم الأمر
وخشي من نزول آيات فيه ، وذكره مع المنافقين لهذا الذنب ، فخشي أن يرجع عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج في الصحراء ما يدرون أين ذهب
فلما تأخر عليه ثلاثة أيام أمر بعض الصحابة أن يبحثوا عنه في المدينة فلم يعثروا له على أثر ، فصبر حتى أربعين يوما ، فأمرهم أن يبحثوا عنه في الفلوات لقلقه عليه الصلاة والسلام
فذهبوا يبحثون عنه ، فوقفوا على جماعة من البدو ، فوصفوه لهم فقال البدو : لعلكم تبحثون عن الفتى البكاء ؟ فقالوا : أين هو ؟ قالوا : على سفح هذا الجبل
ينزل آخر النهار فاختبئوا له واحتملوه إلى بيته ؛ لأنه كان متعبا من شدة البكاء ، وذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله ثعلبة عن نزول آيات فيه ؟
قال : لا . فاشتد مرض ثعلبة ، والنبي جالس بجنبه حتى مات رضي الله عنه ، فصلوا عليه وهم في الجنازة ليدفنوه كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي على أطراف قدميه
فسأله عمر عن ذلك ، فقال : ويحك يا عمر والله ما أجد لقدمي موضعا من كثرة ما يزاحمني عليه من الملائكة" .
الجواب
الحمد لله
القصة المذكورة في السؤال مختصرة من قصة مطولة ، تُروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :
إن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن أسلم ، فكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، بعثه في حاجة ، فمر بباب رجل من الأنصار ، فرأى امرأة الأنصاري تغتسل
فكرر النظر إليها ، وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج هاربا على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدينة فولجها ، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما
وهي الأيام التي قالوا ودعه ربه وقلى
ثم إن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ! إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري
. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمر ويا سلمان ! انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن ، فخرجا في أنقاب المدينة ، فلقيهما راع من رعاء المدينة يقال له : ذفافة .
فقال له عمر : يا ذفافة ! هل لك علم بشاب بين هذه الجبال ؟
فقال له ذفافة لعلك تريد الهارب من جهنم ؟
فقال له عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم ؟
قال : لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعا يده على رأسه وهو يقول : يا ليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي في الأجساد ولم تجردني في فصل القضاء
. قال عمر : إياه نريد . قال : فانطلق بهم رفاقة ، فلما كان في جوف الليل خرج عليهم من بين تلك الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو يقول : يا ليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي في الأجساد
ولم تجردني لفصل القضاء . قال : فعدا عليه عمر فاحتضنه فقال : الأمان الخلاص من النار . فقال له عمر : أنا عمر بن الخطاب . فقال : يا عمر ! هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي ؟
قال : لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم . يا عمر ! لا تدخلني عليه إلا وهو يصلي ، وبلال يقول : قد قامت الصلاة . قال : أفعل . فأقبلا به إلى المدينة
فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الغداة ، فبدر عمر وسلمان الصف
فما سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر مغشيا عليه ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا عمر ويا سلمان ! ما فعل ثعلبة بن عبد الرحمن ؟
قالا : هو ذا يا رسول الله . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال : ثعلبة ! قال : لبيك يا رسول الله !
فنظر إليه فقال : ما غيَّبك عني ؟
قال : ذنبي يا رسول الله . قال : أفلا أدلك على آية تكفر الذنوب والخطايا ؟
قال : بلى يا رسول الله ! قال : قل : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قال : ذنبي أعظم يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: بل كلام الله أعظم . ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانصراف إلى منزله
. فمرض ثمانية أيام ، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! هل لك في ثعلبة نأته لما به ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا بنا إليه . فلما دخل عليه أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فوضعه في حجره ، فأزال رأسه عن حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أزلت رأسك عن حجري ؟
قال : إنه من الذنوب ملآن . قال : ما تجد ؟
قال : أجد مثل دبيب النمل بين جلدي وعظمي . قال : فما تشتهي ؟ قال : مغفرة ربي . قال : فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلا أعلمه ذلك ؟
قال : بلى . فأعلَمَه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك . فصاح صيحة فمات . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسله وكفنه وصلى عليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على أطراف أنامله
فقالوا : يا رسول الله ! رأيناك تمشي على أطراف أناملك ؟ قال : والذي بعثني بالحق نبيا ما قَدِرت أن أضع رجلي على الأرض من كثرة أجنحة مَن نزل لتشييعه من الملائكة .
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/329-331) وفي "معرفة الصحابة" (1/498) – ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/121) .
ورواه الخرائطي في "اعتلال القلوب" (272) ، ومن طريقه ابن قدامة في "التوابين" (105-108).
ورواه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" (ص/51) .
وابن مندة مختصرا - كما في " الإصابة " لابن حجر (1/405) -:
جميعهم من طريق : سليم بن منصور بن عمار ، ثنا أبي ، عن المنكدر بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما...فذكر القصة .
إلا أن رواية الخرائطي ليس فيها ذكر قوله تعالى : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
وهذا الحديث ضعيف ، فيه عدة علل :
أولا : سليم بن منصور بن عمار لم يوثقه أحد من أهل العلم توثيقا صريحا .
قال ابن أبي حاتم رحمه الله :
"روى عنه أبي ، وسألته عنه فقلت : أهل بغداد يتكلمون فيه ؟
فقال : مه ، سألت ابن أبى الثلج عنه فقلت له : إنهم يقولون : كتب عن ابن علية وهو صغير ؟
فقال : لا ، كان هو أسن منا" انتهى .
"الجرح والتعديل" (4/216) .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:11
وقال الذهبي رحمه الله :
"تُكُلِّم فيه ولم يُتْرَك" انتهى .
"المغني في الضعفاء" (1/285) .
وقد ذكر بعض أهل العلم أنَّ له متابعا ، ولكنها متابعة ضعيفة أيضا .
قال ابن عراق رحمه الله :
"سُليم توبع ، فقد رواه عثمان بن عمر الدراج في جزئه فقال : حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن هشام الطالقاني ، حدثني جدي ، حدثنا منصور بن عمار . وهذا الطالقاني ما عرفته" انتهى .
"تنزيه الشريعة" (1/349) .
ثانيا : منصور بن عمار الواعظ .
كان إليه المنتهى في بلاغة الوعظ ، وترقيق القلوب ، وتحريك الهمم ، وعظ ببغداد والشام ومصر ، وبعد صيته واشتهر اسمه .
قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : منكر الحديث . وقال العقيلي : فيه تجهم . وقال الدارقطني : يروي عن الضعفاء أحاديث لا يتابع عليها .
انظر: "ميزان الاعتدال" (4/187-188) .
ثالثا : المنكدر بن محمد بن المنكدر
قال ابن عيينة : لم يكن بالحافظ . وعن يحيى بن معين : ليس بشيء . وقال مرة : ليس به بأس . وقال أبو زرعة : ليس بالقوي . وقال أبو حاتم : كان رجلا لا يفهم الحديث ، وكان كثير الخطأ
لم يكن بالحافظ لحديث أبيه . وقال الجوزجاني والنسائي : ضعيف . ولخص الحافظ ابن حجر في "التقريب" الحكم عليه فقال : لين الحديث .
انظر: "تهذيب التهذيب" (10/318) .
رابعا : وفي الحديث علة في المتن أيضا :
فالآية المذكورة في الحديث : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) الضحى/3 ، نزلت في مكة قبل الهجرة ، وفي هذا الحديث ما يدل على نزولها في المدينة بعد الهجرة ، وهذه مخالفة منكرة .
وقد حكم عليه ابن الجوزي رحمه الله بأنه موضوع فقال :
"هذا حديث موضوع شديد البرودة ، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله : (وذلك حين نزل عليه : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) وهذا إنما أنزل عليه بمكة بلا خلاف ، وليس في الصحابة من اسمه ذفافة
وقد اجتمع في إسناده جماعة ضعفاء
، منهم : المنكدر ، قال يحيى : ليس بشيء . وقال ابن حبان : كان يأتي بالشيء توهما ، فبطل الاحتجاج بأخباره . ومنهم : سليم بن منصور ، فإنهم قد تكلموا فيه" انتهى .
"الموضوعات" (3/123) ، ووافقه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/416) .
وقال ابن الأثير رحمه الله :
"فيه نظر غير إسناده ، فإن قوله تعالى : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) نزلت في أول الإسلام والوحي والنبي بمكة ، والحديث في ذلك صحيح ، وهذه القصة كانت بعد الهجرة فلا يجتمعان" انتهى .
"أسد الغابة" (1/358) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"قال ابن مندة - بعد أن رواه مختصرا - : تفرد به منصور .
قلت – أي الحافظ ابن حجر - :
وفيه ضعف ، وشيخه أضعف منه ، وفي السياق ما يدل على وهن الخبر ؛ لأن نزول (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) كان قبل الهجرة بلا خلاف" انتهى .
"الإصابة" (1/405)، ونقله السخاوي وأقره في "التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة" (152).
والحاصل : أن هذه القصة سندها مسلسل بالضعفاء ،
وفي متنها ما يدل على نكارتها ، فلا يجوز روايتها ولا التحديث بها إلا مع بيان ضعفها ، وكونها تتعلق بالرقائق لا يجيز التساهل في شأنها ، لأن إسنادها شديد الضعف
وقد اشترط العلماء الذين أجازوا رواية الحديث الضعيف في أبواب الرقائق ألا يكون شديد الضعف ، وليس فيه ما يستنكر .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:14
الكلام على حديث: (ثَلاثٌ لازِمَاتٌ لأُمَّتِي : الطِّيَرَةُ ، وَالْحَسَدُ ، وَسُوءُ الظَّنِّ)
السؤال
الرجاء البيان حول هذا الحديث : (ثلاثة لا يسلم منها المرء الحسد والظن والطيرة) .
وفيما وصلنا الخبر أنه موجود في سنن الترمذي فهل هو موجود فيها ؟
وإن وجد فأين يمكن أن يكون؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ليس هذا الحديث في جامع الترمذي ، ولا رواه أحد من أهل السنن ، ولكن له أصل في كتب الحديث :
قال ابن أبي عاصم رحمه الله في "الآحاد والمثاني" (1962) حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ
عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (ثَلاثٌ لازِمَاتٌ لأُمَّتِي : الطِّيَرَةُ ، وَالْحَسَدُ ، وَسُوءُ الظَّنِّ ، فَقَالَ رَجُلٌ :
فَمَا يُذْهِبُهُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّنْ كُنَّ فِيهِ ؟ قَالَ : إِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفِرْ ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلاَ تَحَقِّقْ ، وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَأَمْضِهِ) .
وهكذا رواه الطبراني في "الكبير" (3227) والمحاملي في "الأمالي" (343) وأبو الشيخ في "التوبيخ" (145) من طريق إسماعيل بن قيس به .
وهذا إسناد ضعيف جداً ، قال البخاري والدارقطني وأبو حاتم الرازي عن إسماعيل بن قيس : منكر الحديث . وقال ابن عدي : عامة ما يرويه منكر .
"لسان الميزان" (1 / 429)
وله شاهد رواه البغوي في "شرح السنة" (6 / 335) من طريق مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فذكره .
قال البغوي : مرسل .
ورواه البيهقي في "الشعب" (1173)
من طريق يحيى بن السكن ثنا شعبة عن محمد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به .
وهذا الإسناد لايصح ، فيحيى بن السكن ضعفه أبو حاتم ، وقال الذهبي : ليس بالقوي .
"ميزان الاعتدال" (7 / 183) .
ومحمد هو ابن إسحاق ، وهو مدلس ، فلا يقبل منه الحديث إلا إذا صرح بالسماع ، وهذا مفقود هنا ، لأنه قال : عن الأعرج .
ورواه البيهقي في "الشعب" (1174)
من طريق يحيى بن اليمان ثنا شعبة عن محمد بن إسحاق عن علقمة بن أبي علقمة عن أبي هريرة به مرفوعا . فأسنده .
وهذا الإسناد خطأ ، والصواب عن علقمة مرسلاً ، ويحيى بن يمان ضعيف .
انظر : "ميزان الاعتدال" (7/230) .
وله شاهد يرويه معمر في "جامعه" ومن طريقه عبد الرزاق في "المصنف (19504)
والبيهقي في "الشعب" (1172) عن إسماعيل بن أمية مرفوعا ، وهذا معضل .
وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (4019) .
فتبين بهذا أن الحديث ضعيف لا يصح .
وتفسير الحديث – على فرض ثبوته - :
أن هذه الثلاثة كثيرا ما تقع في النفس دون قصد ، فلا يضر المسلم مجرد وقوعها في نفسه ، ما لم يسترسل معها ، ويعمل بها .
قال المناوي رحمه الله :
" لأن الحسد واقع في النفس كأنها مجبولة عليه ، فلذلك عذرت فيه ، فإذا استرسلت فيه بمقالها وفعالها كانت باغية .
ومخرجه من الطيرة – وهي التشاؤم - أن لا يرجع عن مقصده ، بل يعزم ويتوكل على ربه.
ومخرجه من الظن أن لا يحقق ، فلا يعمل بمقتضاه ، بل يتوقف عن القطع والعمل به .
ومخرجه من الحسد أن لا يبغي على المحسود " انتهى بتصرف .
"فيض القدير" (3 / 402) (4 / 595) .
وعن الحسن البصري قال : " ما من آدمي إلا وفيه الحسد ، فمن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه منه شيء " .
"فتح الباري" (10 / 482).
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 16:46
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث مكذوب في فضل صلاة ركعتين بعد غسل الحيض
السؤال
جاءني إيميل يقول في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا اغتسلت المرأة من حيضتها ، وصلت ركعتين تقرأ فيها الفاتحة وسورة الإخلاص 3 مرات في كل ركعة :
غفر لها كل ذنب عملته صغيرا أو كبيرا , ولم تكتب لها خطيئة إلي الحيضة الثانية , وأعطاها أجر 60 شهيدا .........) إلي آخر الحديث ، هل هذا حديث صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لا أصل له ، ولم يرد في كتب الحديث المشهورة ، وإنما ذكره الشيخ عبد الرحمن الصفوري (ت 894هـ) في كتابه " نزهة المجالس ومنتخب النفائس " (ص/240) حيث قال:
" عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا اغتسلت المرأة من حيضها ، وصلت ركعتين تقرأ فاتحة الكتاب
وقل هو الله أحد ثلاث مرات ، غفر الله لها كل ذنب عملته من صغيرة أو كبيرة ، ولم تكتب عليها خطيئة إلى الحيضة الأخرى ، وأعطاها أجر ستين شهيدا
وبنى لها مدينة في الجنة ، وأعطاها على كل شعرة على رأسها نورا ، وإن ماتت إلى الحيضة الأخرى ماتت شهيدة ) " انتهى .
ويكفي انفراد هذا الكتاب بالحديث دلالة على كذبه ووضعه ، فهو كتاب مليء بالآثار الباطلة .
قال الشيخ محمد رشيد رضا :
"يجب أن لا يعتمد على الأحاديث التي حشيت بها كتب الوعظ والرقائق والتصوف من غير بيان تخريجها ودرجتها
ولا يختص هذا الحكم بالكتب التي لا يعرف لمؤلفيها قدم في العلم ككتاب (نزهة المجالس) المملوء بالأكاذيب في الحديث وغيره ، بل إن كتب أئمة العلماء كالإحياء لا تخلو من الموضوعات الكثيرة" انتهى .
" مجلة المنار " (3/545) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 16:50
صلاة التسابيح لا يصح فيها حديث
السؤال
أريد أن أعرف صلاة التسبيح ، والتي وصفت بأنها غاية في الأهمية ، وكان الدليل من أبو داوود والترمذي ، ولكن بدون رقم الحديث وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لعمه العباس رضي الله عنه وأرضاه يا عماه ألا أعطيك ؟ ألا أمنحك ؟ ألا أحبوك ؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده ، وصغيره وكبيره
وسره وعلانيته ، عشر خصال ، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ، فإن فرغت من القرآن قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة
ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً ، ثم تهوي ساجداً ، فتقولها وأنت ساجد عشراً ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً
ثم تسجد فتقولها عشراً ، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً ، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ، تفعل ذلك في الأربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل
فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ) .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
روى أبو داود في سننه (1297) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّاهُ : أَلَا أُعْطِيكَ ، أَلَا أَمْنَحُكَ ، أَلَا أَحْبُوكَ
أَلَا أَفْعَلُ بِكَ ، عَشْرَ خِصَالٍ إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ
عَشْرَ خِصَالٍ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ ، وَأَنْتَ قَائِمٌ قُلْتَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ، ثُمَّ تَرْكَعُ
فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ الرُّكُوعِ ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا
ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً ، فَافْعَلْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً ) .
وروى الترمذي نحو هذا الحديث من رواية أبي رافع (كتاب: الصلاة ، باب : ما جاء في صلاة التسبيح ، رقم الحديث : 482) .
فهذا الحديث فيه بيان صفة صلاة التسابيح .
ثانياً :
اختلف أهل العلم رحمهم الله في مشروعية صلاة التسابيح ، وسبب اختلافهم فيها اختلافهم في ثبوت الحديث الوارد فيها ، والمحققون منهم على تضعيفه .
1. قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/438) :
" فأما صلاة التسبيح , فإن أحمد قال : ما يعجبني . قيل له : لم ؟ قال : ليس فيها شيء يصح ، ونفض يده كالمنكر " انتهى .
2. وقال النووي رحمه الله في "المجموع شرح المهذب" (3/547-548)
: " قال القاضي حسين ، وصاحبا التهذيب والتتمة ...
.. : يستحب صلاة التسبيح ؛ للحديث الوارد فيها ، وفي هذا الاستحباب نظر ; لأن حديثها ضعيف , وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف ,
فينبغي ألا يفعل بغير حديث , وليس حديثها بثابت , وهو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه
: يا عباس يا عماه ألا أعطيك , ألا أمنحك , ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال .
. الحديث ) رواه أبو داود وابن ماجه , ورواه الترمذي من رواية أبي رافع بمعناه . قال الترمذي : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التسبيح غير حديث قال : ولا يصح منه كبير شيء ,
وقد قال العقيلي : ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت " انتهى بتصرف .
3. وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع فتاوى" (11/579)
: " وأجود ما يروى من هذه الصلوات حديث صلاة التسبيح ، وقد رواه أبو داود ، والترمذي ، ومع هذا ، فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة ، بل أحمد ضعف الحديث
ولم يستحب هذه الصلوات ، وأما ابن المبارك ، فالمنقول عنه ليس مثل الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها قعدة طويلة بعد السجدة الثانية
وهذا يخالف الأصول ، فلا يجوز أن تثبت بمثل هذا الحديث .
ومن تدبر الأصول علم أنه موضوع ، وأمثال ذلك ، فإنها كلها أحاديث موضوعة ، مكذوبة ، باتفاق أهل المعرفة " انتهى .
4. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/327)
: " والذي يترجح عندي أن صلاة التسبيح ليست بسُنة ، وأن حديثها ضعيف وذلك من وجوه :
الأول: أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل تثبت به مشروعيتها .
الثاني: أن حديثها مضطرب ، فقد اختلف فيه على عدة أوجه .
الثالث: أنها لم يستحبها أحد من الأئمة ، قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى : (قد نص أحمد ، وأئمة أصحابه على كراهتها ولم يستحبها إمام) . قال : (وأما أبو حنيفة ومالك والشافعي فلم يسمعوها بالكلية) .
الرابع: أنه لو كانت هذه الصلاة مشروعة لنقلت للأمة نقلاً لا ريب فيه ، واشتهرت بينهم لعظم فائدتها ، ولخروجها عن جنس العبادات ، فإننا لا نعلم عبادة يخير فيها هذا التخير
بحيث تفعل كل يوم ، أو في الأسبوع مرة ، أو في الشهر مرة ، أو في الحول مرة ، أو في العمر مرة ، فلما كانت عظيمة الفائدة، خارجة عن جنس الصلوات
ولم تشتهر ، ولم تنقل ، عُلم : أنه لا أصل لها ، وذلك لأن ما خرج عن نظائره ، وعظمت فائدته فإن الناس يهتمون به وينقلونه ويشيع بينهم شيوعاً ظاهراً
فلما لم يكن هذا في هذه الصلاة علم أنها ليست مشروعة ، ولذلك لم يستحبها أحد من الأئمة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى
وإن فيما ثبتت مشروعيته من النوافل لخير وبركة لمن أراد المزيد ، وهو في غنى بما ثبت عما فيه الخلاف والشبهة " انتهى .
وينظر للفائدة السؤال القادم
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 16:52
هل تصح صلاة التسابيح
السؤال
هل ورد حديث يؤيد صلاة التسابيح ؟
إذا كان الجواب بنعم ، فما هو مصدره ؟.
الجواب
الحمد لله
لقد ورد في صلاة التسابيح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحسَّنه بعض أهل العلم ، ولكن ذهب كثيرون إلى ضعفه وعدم مشروعية هذه الصلاة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن صلاة التسابيح فأجابت :
صلاة التسابيح بدعة وحديثها ليس بثابت ، بل هو منكر ، وذكره بعض أهل العلم في الموضوعات .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة م/8 ص/163
وقال الشيخ ابن عثيمين : صلاة التسابيح غير مشروعة وذلك لضعف حديثها قال الإمام أحمد : لا تصح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية هي كذب
وقال إنه لم يستحبها أحد من الأئمة وصدق رحمه الله فإن من تأمل تلك الصلاة وجد فيها من الشذوذ في كيفيتها وصفتها ووجد فيها الشذوذ في فعلها
ثم إنها لو كانت مشروعة لكانت مما توافر الروايات على نقلها لكثرة فضلها وأجرها
فلما لم يكن ذلك ولم يستحبها أحد من الأئمة علم أنها ليست بصحيحة . ووجه شذوذ عملها كما جاء في الحديث الذي روي فيها يصليها في كل يوم مرة أو في كل أسبوع أو في كل شهر
أو في كل سنة أو في العمر مرة ، وهذا دليل على أنها ليست بصحيحة
ولو كانت مشروعة لكانت على وجه مستمر ، لا يُخيَّر فيها الإنسان هذا التخيير المتباعد المترامي الأطراف ، وبناء على ذلك فإن الإنسان لا ينبغي له أن يفعلها .
والله أعلم .
فتاوى منار الإسلام 1/203
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 16:57
أحاديث ضعيفة في فضل قراءة سورة الإخلاص مائتي مرة
السؤال
المدرّسة ذكرت عدة أحاديث عن فضل سورة الإخلاص ، ولا أدري بصحتها
فأرجو منكم التوضيح : ( من قرأ سورة الإخلاص 200 مرة غفرت له ذنوب خمسين سنة )
الجواب
الحمد لله
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في فضل قراءة سورة الإخلاص مائة مرة ، ولا مائتي مرة، وما روي في ذلك فضعيف لا يثبت ، ومن ذلك الحديث المذكور في السؤال
فقد جاء عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ مَرَّةٍ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) مُحِيَ عَنْهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ )
جاء هذا الحديث من طريق حاتم بن ميمون أبو سهل ، عن ثابت البناني ، عن أنس به .
رواه الترمذي (رقم/2898) وغيره ، وابن عدي في " الكامل " ( 2 / 845 ) ، ومن طريقه البيهقي فى "الشعب" (رقم/2548) .
وهذا طريق ضعيف بسبب حاتم بن ميمون ، فقد أنكر العلماء مروياته وحكموا عليها بالرد
انظر : " تهذيب التهذيب " (2/131)
ولذلك ضعفه الترمذي نفسه بعد أن رواه بقوله : " هذا حديث غريب من حديث ثابت عن أنس "
وضعفه ابن كثير في " تفسير القرآن العظيم " (8/524)،
والشيخ الألباني في " السلسة الضعيفة " (رقم/300)، وكذا سئلت اللجنة الدائمة عن هذا الحديث –
كما في " فتاوى اللجنة " (المجموعة الثانية 3/264) فأجابوا بعدم صحته .
ومما جاء بهذا المعنى أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قرأ : ( قل هو الله أحد ) مرة بورك عليه ، فإن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهله ، فإن قرأها ثلاثا بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه
وإن قرأها اثنتي عشرة مرة بنى الله له بها اثني عشر قصرا في الجنة وتقول الحفظة : انطلقوا بنا ننظر إلى قصور أخينا ، فإن قرأها مئة مرة كفر عنه ذنوب خمس وعشرين سنة ؛ ما خلا الدماء والأموال
فإن قرأها مئتي مرة كفر عنه ذنوب خمسين سنة ؛ ما خلا الدماء والأموال ، وإن قرأها ثلاث مئة مرة كتب له أجر أربع مئة شهيد
كل قد عقر جواده وأهريق دمه، وأن قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مكانه من الجنة أو يرى له ) .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع . رواه ابن عساكر ( 5/149/1 ) عن محمد بن مروان عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - :
وهذا : موضوع ؛ آفته محمد بن مروان - وهو السدي الصغير - وهو كذاب ، وأبان بن أبي عياش متروك .
ولا أعلم في فضل قراءة ( قل هو أحد ) ألف مرة حديثا ثابتا ، بل كل ما روي فيه واه جدا " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/2812)
وجاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفرت له ذنوب مائتي سنة )
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" منكر . رواه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (3/113/1) ، والخطيب (6/187 )
وابن بشران ( ج 12 ق 62 وجه 1 )، والبيهقي في " الشعب " ( 1 / 2 / 35 / 1 ـ 2) من طريق الحسن بن أبي جعفر الجعفري حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا .
وهذا سند ضعيف جدا ، الحسن بن جعفر الجعفري : قال الذهبي : ضعفه أحمد والنسائي ، وقال البخاري والفلاس : منكر الحديث ، ومن بلاياه هذا الحديث .
قلت – يعني الشيخ الألباني - : إلا أنه لم يتفرد به ، فقال السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 239 ) : أخرجه ابن الضريس في " فضائل القرآن " ، والبيهقي في " شعب الإيمان " من طريق الحسن بن
أبي جعفر به ، وأخرجه البزار من طريق الأغلب بن تميم عن ثابت عن أنس
وقال : لا نعلم رواه عن ثابت إلا الحسن بن أبي جعفر والأغلب ، وهما متقاربان في سوء الحفظ ، وأخرجه ابن الضريس والبيهقي من طريق صالح المري عن ثابت عن أنس .
قلت : وصالح هذا هو ابن بشير الزاهد ، قال البخاري والفلاس أيضا : منكر الحديث .
والخلاصة أن هذه الطرق الثلاث شديدة الضعف فلا ينجبر بها ضعف الحديث ، على أن معناه مستنكر عندي جدا لما فيه من المبالغة ، وإن كان فضل الله تعالى لا حد له " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/295)
وفي الباب أحاديث أخرى فيها بعض الاختلاف في الأعداد ، ففي بعضها قراءة سورة الإخلاص خمسين مرة
وفي أحاديث أخرى مائة مرة ، وليس لها أسانيد ثابته ، وإن كان ثبت في فضائل سورة الإخلاص أحاديث أخرى صحيحة في البخاري ومسلم
لكنها ليست بهذا المعنى
يمكن مراجعتها في " تفسير ابن كثير " رحمه الله (4/733)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 16:59
دعاء مكذوب منتشر يقولون لو دعي به على مجنون لأفاق ولو دعي به على الحديد لذاب
السؤال
سؤال: ما مدى صحة الحديث المستجاب ؟
الجواب
الحمد لله
إن كان المقصود هو الدعاء المنتشر في كثير من المنتديات والمواقع ، وفيه :
عن عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له :
اللهم أنت حي لا تموت ، وخالق لا تغلب ، وبصير لا ترتاب ، وسميع لا تشك ، وصادق لا تكذب ، وقاهر لا تغلب ، وأبدي لا تنفد ، وقريب لا تبعد ، وغافر لا تظلم ، وصمد لا تطعم
وقيوم لا تنام ، وجبار لا تقهر ، وعظيم لا ترام ، وعالم لا تُعَلَّم ، وقوي لا تضعف ، وعليم لا توصف ، ووفي لا تخلف ، وعدل لا تحيف ، وغني لا تفتقر ، وحكيم لا تجور
ومنيع لا تقهر ، ومعروف لا تنكر ، ووكيل لا تحقر ، وغالب لا تغلب ، ووتر لا تستأمر ، وفرد لا تستشير ، ووهاب لا تمل ، وسريع لا تذهل ، وجواد لا تبخل ، وعزيز لا تذل
وحافظ لا تغفل ، وقائم لا تنام ، ومحتجب لا ترى ، ودائم لا تفنى ، وباق لا تبلى ، وواحد لا تشبه ، ومقتدر لا تنازع .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي بعثني لو دعي بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت
ولو دعي بها على ما جار لسكن ، ومن أبلغ إليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه ، ولو أن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه إلى الموضع الذي يريد
ولو دعي به على مجنون لأفاق ، ولو دعي على امرأة قد عسر عليها لهون عليها ولدها ، ولو دعا بها والمدينة تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله
ولو دعي بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل ، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى بها قبل أن ينظر السلطان إليه لخلصه الله من شره
ومن دعى بها عند منامه بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين ، وجوههم أحسن من الشمس والقمر
يسبحون له ، ويستغفرون له ، ويدعون ، ويكتبون له الحسنات ، ويمحون عنه السيئات ، ويرفعون له الدرجات .
فقال سلمان : يا رسول ! أيعطي الله بهذه الأسماء كل هذا الخير ؟
فقال : لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها ، فإني أخشى أن يدعوا العمل ويقتصروا على هذا .
ثم قال : من نام وقد دعا بها ، فإن مات مات شهيدا وإن عمل الكبائر ، وغفر لأهل بيته ، ومَن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة ) هذا الحديث رواه الحافظ ابن مندة محمد بن إسحاق (ت395هـ) في
"مسند إبراهيم بن أدهم" (رقم/28)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/192) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/409) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/175-177)
ثم قال : " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفى طرقه كلمات ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها ، وأسماء لله يتعالى الحق عنها ، ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد .
وفى الطريق الأول : أحمد بن عبد الله وهو الجويباري .
وفى الطريق الثاني : سليمان بن عيسى .
وفى الثالث : الحسين بن داود .
وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث ، والله أعلم أيهم وضعه أولا ، ثم سرقه منه الآخران وبدلا فيه وغيرا . وقد روي لنا من طريق مظلم ، فيه مجاهيل ، وفيه زيادات ونقصان " انتهى .
ووافقه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (2/294) وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/393)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " موضوع "
انتهى "السلسلة الضعيفة" (رقم/780) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:02
درجة حديث صوموا تصحوا
السؤال
هل عبارة : ( صوموا تصحوا ) حديث صحيح ، وهل صححه بعض العلماء وضعفه البعض.
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث مروي من طرق ضعيفة لا تثبت ، وهذا تفصيلها :
الحديث الأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه .
روي عنه من طريق : محمد بن سليمان بن أبي داود ، أخبرنا زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا ، ولفظه :
( اغْزُوا تَغْنَمُوا، وَصُومُوا تَصِحُّوا، وَسَافِرُوا تَسْتَغْنُوا )
رواه العقيلي في " الضعفاء الكبير " (2/92) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " (8/174)، ورواه في جزء أحاديث أبي عروبة الحراني (رقم/45).
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير بن محمد . انتهى .
وفي رواة هذا الإسناد بعض النقد :
1- محمد بن سليمان بن أبي داود المعروف بـ " بومة ": قال النسائي : لا بأس به ، وقال أبو حاتم : منكر الحديث . كما في " تهذيب التهذيب " (9/200) روى له النسائي فقط.
2- زهير بن محمد ، أبو المنذر الخراساني ، توفي سنة (162هـ) اختلف فيه النقاد على قولين :
القول الأول : التوثيق :
قال الإمام أحمد : ثقة . وقال يحيى بن معين : صالح لا بأس به . وضعفه في رواية معاوية بن صالح عنه . وقال يعقوب بن شيبة : صدوق صالح الحديث . وقال موسى بن هارون : أرجو أنه صدوق .
القول الثاني : التضعيف :
قال النسائي : ضعيف . وقال في موضع آخر : ليس به بأس ، وعند عمرو بن أبي سلمة عنه مناكير .وقال الحاكم أبو أحمد : في حديثه بعض المناكير .
وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : يخطئ ويخالف . وذكره أبو زرعة في أسامي الضعفاء .
القول الثالث ، وهو الأظهر في حاله : التفصيل ؛ فإذا روى عنه أهل الشام وجدت النكارة في حديثه ، سواء منه أو من الرواة عنه ، وإذا روى عنه أهل العراق فأحاديثه صحيحة .
قال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله – وذكر رواية الشاميين عن زهير بن محمد -
قال : يروون عنه أحاديث مناكير هؤلاء ، ثم قال لي : ترى هذا زهير بن محمد الذي يروون عنه أصحابنا . ثم قال : أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة ; عبد الرحمن بن مهدى
وأبو عامر أحاديث مستقيمة صحاح ، وأما أحاديث أبى حفص ذاك التنيسى عنه فتلك بواطيل موضوعة ، أو نحو هذا ، فأما بواطيل فقد قاله .
قال البخارى : ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير ، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح . وقال أبو حاتم : محله الصدق ، وفي حفظه سوء
وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدث من حفظه ففيه أغاليط ، وما حدث من كتبه فهو صالح.
وقال أبو أحمد بن عدى : لعل أهل الشام أخطأوا عليه ، فإنه إذا حدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبه المستقيمة ، وأرجو أنه لا بأس به .
وقال العجلي : لا بأس به ، وهذه الأحاديث التي يرويها أهل الشام عنه ليست تعجبني .
انظر " تهذيب التهذيب " (3/350) .
وهذا التفصيل في حاله هو الذي اعتمده الحافظ ابن حجر في حاله . قال رحمه الله .
" رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها . قال البخاري ، عن أحمد : كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر . وقال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه " انتهى.
"تقريب التهذيب" (1/316) .
واعتمد الشيخ الألباني في إعلال الحديث على ذلك . قال رحمه الله :
" وهو ضعيف في رواية الشاميين عنه وهذه منها .
قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 75) رواه الطبراني في " الأوسط " وأبو نعيم في " الطب النبوي " من حديث أبي هريرة بسند ضعيف .
قلت : ولا ينافيه قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 60 ) والهيثمي في " المجمع " ( 3 / 179 )
بعد أن نسباه للطبراني : ورجاله ثقات ، لأنه لا ينفي أن يكون في السند مع ثقة رجاله علة تقتضي ضعفه ، كما لا يخفى على العارف بقواعد هذا العلم ، وقد كشفنا عن علته " انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (رقم/253) ، وينظر أيضا : " السلسلة الضعيفة " (رقم/5188) .
وقال العقيلي عنه :
" لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين " انتهى.
وضعفه العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " (3/87) .
وذكره الصغاني في " الموضوعات " (ص/50) وتابعه عليه كثير ممن جمع في الأحاديث الموضوعات .
الحديث الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنهما .
رواه ابن عدي في " الكامل في الضعفاء " (7/57) قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد بن علي القرشي ، ثنا محمد بن رجاء السندي ، ثنا محمد بن معاوية النيسابوري
ثنا نهشل بن سعيد ، عن الضحاك ، عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ الحديث السابق .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب نهشل بن سعيد المتهم بالكذب
كما في " تهذيب التهذيب " (10/479)
الحديث الثالث : عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (2/357) من طريق حسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوموا تصحوا ) .
وهذا إسناد تالف أيضا لأن حسين بن عبد الله بن ضميرة كذبه مالك ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث كذاب . وقال أحمد : لا يساوي شيئا .
انظر : " لسان الميزان " (2/289) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:09
حديث نساء هالكات
السؤال
وصلني بالبلوتوث البارحة ملف صوتي عن حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن النساء ، وهذا هو نص الحديث : عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فوجدته يبكي بكاء شديدا ، فقلت : فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : يا علي ! ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد
وأذكرت شأنهن لما رأيت من شدة عذابهن : رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها . ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها . ورأيت امرأة معلقة بثديها
. ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها . ورأيت امرأة قد شد رجلاها إلى يدها وقد سلط عليها الحيات والعقارب . ورأيت امرأة عمياء في تابوت من النار يخرج دماغ رأسها
من فخذيها وبدنها يتقطع من الجذام والبرص . ورأيت امرأة معلقة برجليها في النار . ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها في مقدمها ومؤخرها بمقارض من نار . ورأيت امرأة تحرق وجهها ويدها وهي تأكل أمعاءها .
ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار وعليها ألف ألف لون من بدنها . ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها والملائكة يضربون على رأسها وبدنها بمقاطع من النار
. فقالت فاطمة : حسبي وقرة عيني ، أخبرني ما كان عملهن وسيرهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟ فقال صلى الله عليه وسلم :
يا بنيتي ! أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال . أما المعلقة بلسانها كانت تؤذي زوجها . أما المعلقة بثديها فإنها كانت تمتنع عن فراش زوجها .
أما المعلقة برجلها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها . أما التي تأكل لحم جسها فإنها كانت تزين بدنها للناس .
أما التي شد رجلاها إلى يدها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قليلة الوضوء قذرة اللعاب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تنظف وكانت تستهين بالصلاة .
أما العمياء والصماء والخرساء فإنها كانت تلد من الزنا فتعلقه بأعنق زوجها . أما التي كانت تقرض لحمها بالمقارض فإنها كانت قوّادة
. أما التي رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمّامة كذابة .
أما التي على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها فإنها كانت معلية نواحة. ثم قال صلى الله عليه وسلم : ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها )
فهل هو حديث موضوع وجزاك الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس له أصل في كتب أهل السنة
وغاية ما هنالك أن الفقيه ابن حجر الهيتمي ذكره في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/97) عن بعض أهل العلم ذكرا مجردا ، ثم قال : " انتهى ماذكره ذلك الإمام ، والعهدة عليه " انتهى.
وكذلك ترويه بعض كتب الشيعة المشحونة بالكذب والخرافات ، كما في "عيون أخبار الرضا" (2/9) ، وكذلك في "بحار الأنوار" للمجلسي (8/310). بإسناد فيه بعض الكذابين والمجهولين.
وقد صدرت في هذا الحديث نشرة خاصة من "اللجنة الدائمة" (17/165) جاء فيها :
" ترى اللجنة أن هذه النشرة – يعني التي فيها الحديث - مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى من نسبت إليهم روايتها عنه
يستحق من اختلقها أو روَّجها الوعيد الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) متفق على صحته .
فيجب على المسلمين تكذيب هذه النشرة ، وتمزيقها ، وإتلافها ، وتحذير الناس منها ، ومعاقبة من يقوم بترويجها ؛ لأنها من أعظم الكذب " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز – كما في "مجموع الفتاوى" (8/305) - :
" هذا الخبر معروف ، يتداوله كثير من الناس ، وهو باطل ومكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس له أصل ، وهو من الموضوعات المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم
وعلى علي وفاطمة رضي الله عنهما ، وما أكثر ما يكذبه بعض الشيعة على علي رضي الله عنه ، فينبغي لمن وقع في يده شيء من هذا أن يتلفه ، ويخبر من حوله بأنه كذب ، والله المستعان "
انتهى. وانظر أيضا (26/225) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:12
حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا بالمسجد)
السؤال
سمعت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه : (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فما مدى صحة هذا الحديث؟
الجواب
الحمد لله
"هذا الحديث ضعيف فيما نعلم ، وإنما هو معروف عن علي رضي الله عنه من قوله ، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ)
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله ابن أم مكتوم وكان أعمى ، لما قال له : يا رسول الله ، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد ، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟
فقال له نبينا عليه الصلاة والسلام : (هل تسمع النداء بالصلاة) قال : نعم ، قال : (فأجب) فأمره أن يجيب النداء ، وفي لفظ : قال له : (لا أجد لك رخصة) .
فدل ذلك على أن الواجب أن تؤدى الصلوات في المساجد مع المسلمين ، ولا يجوز أن تؤدى في البيوت ، وقال صلى الله عليه وسلم : (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ
ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ
بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) فهذا يدل على أن ترك الصلاة في الجماعة أمر منكر يستحق صاحبه العقوبة ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام .
فالواجب على الرجال المؤمنين أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم وليس لهم الصلاة في البيت
. أما حديث : (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فهذا لا نعلمه صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو مما جاء عن علي رضي الله عنه من قوله ، معناه صحيح ، معناه الوعيد على ترك الصلاة في المسجد
وأنه لا صلاة له ، إذ لا صلاة له كاملة إلا في المسجد ، صلاته صحيحة مع الإثم إذا صلى في البيت ، لكن الصلاة الكاملة الصحيحة التي يسلم صاحبها من الإثم هي التي تؤدى مع إخوانه في بيوت الله" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/980) .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:13
حديث ضعيف في فضل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
السؤال
قرأت في أحد الكتب الدينية حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما معناه : (من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام) فما درجة صحة هذا الحديث؟
وكيف تكون المغفرة مائتي عام مع أن الإنسان قد لا يعيش إلى هذه السن؟!
الجواب
الحمد لله
"هذا الخبر لا نعلم له أصلاً ؛ بل هو فيما يظهر لي موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له .
نعم ، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على الصلاة عليه فقال : (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا) ، وجاء في بعض الروايات : (وكَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ
وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ) والله عز وجل يقول : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب/56 ، هذا هو السنة ، أما هذا الخبر فلا أصل له" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/1050) .
*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:19
اختلاف حكم الألباني على حديث في العقيقة،وهل يجزئ ذبح العقيقة قبل اليوم السابع؟
السؤال
أخرج الألباني في كتابه " صحيح الجامع " حديث ( العقيقة تذبح لسبع ، أو لأربع عشرة ، أو لإحدى وعشرين ) الذي رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي
وقال عنه : حديث صحيح ، في حين وجدت الحديث في كتاب " الإرواء " - نفس الحديث - ، وقد ضعفه . المرجو الرد على هذا السؤال ، وما حكم أن يعق في اليوم الواحد والعشرين ؟ .
الجواب
الحمد لله
أولاً:
ننبه إلى لفظة وردت في السؤال جاءت في غير مكانها
وهي قول السائل " أخرج الألباني " ثم ذكر حديثاً في كتابٍ من كتب الشيخ الألباني رحمه الله ، والصواب : أن يقال : " أورد الألباني " ، أو " ذكَرَ "
وذلك أن كتاب الشيخ رحمه الله ليس مصدراً أصليّاً في الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي وغيرها مما روى أصحابها الأحاديث بأسانيدها .
والكتب التي تخلو من الأسانيد - كالكتب المعاصرة – إذا نُقل الحديث منها : فيقال " ذكره " ، أو " أورده " ، أو " نقله " ومثيلاتها من العبارات ، وأما من يذكر الحديث بإسناده فيقال عند نسبة الحديث إليه : " رواه " و " أخرجه " .
ثانياً:
أما الحديث المشار إليه فقد جاء من حديث بريدة ، وحديث أم كرز :
أ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ وَلأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلإِحْدَى وَعِشْرِينَ ) .
رواه الطبرانى في " المعجم الأوسط " ( 5 / 136 ) والبيهقي ( 9 / 303 ) .
قال الهيثمي – رحمه الله - :
رواه الطبراني في " الصغير " ، و" الاوسط " ، وفيه إسماعيل بن مسلم المكى ، وهو ضعيف لكثرة غلطه ووهمه .
" مجمع الزوائد " ( 4 / 59 ) .
ب. عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا : نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزوراً فقالت عائشة رضي الله عنها : " لا ،
بل السنَّة أفضل ، عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ، تقطع جُدُولا ، ولا يكسر لها عظم ، فيأكل ، ويطعم ، ويتصدق ، وليكن ذاك يوم السابع ، فإن لم يكن : ففي أربعة عشر ، فإن لم يكن : ففي إحدى وعشرين " .
رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 266 ) .
" جُدُولاً " أي : أعضاء ، والجَدْل - بفتح الجيم - : العضو .
والحديث ضعيف .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
ظاهر الإسناد : الصحة ، ولكن له عندي علتان :
الأولى : الانقطاع بين عطاء وأم كرز ؛ لما ذكرته فيما تقدم من الكلام على طرق حديث أم كرز هذه عند حديث عائشة ، رقم ( 1166 ) .
والأخرى : الشذوذ والإدراج ، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين كما سبق هناك ، وليس فيهما قوله
: " تقطع جدولاً ... " ، فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء ، ويؤيده أن عامر الأحول رواه عن عطاء عن أم كرز قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ) . قال : وكان عطاء يقول : " تقطع جدولا .
.. " دون قوله " ولكن ذاك يوم السابع ... " أخرجه البيهقي ( 9 / 302 ) ، فقد بيَّن عامر أن هذا القول ليس مرفوعاً في الحديث ، وإنما هو من كلام عطاء موقوفاً عليه ، فدل أنه مدرج في الحديث .
" إرواء الغليل " ( 4 / 369 ) .
وبذلك يتبين أن الراجح ضعف الحديث المذكور في العقيقة ، وإذا كان للشيخ الألباني رحمه الله اجتهادان في الحديث ، فالأظهر منهما ما بين فيه حجته وفصل قوله فيه
وهو قوله بتضعيف الحديث ، لا سيما وهو المتأخر منهما .
ثالثاً:
وأما من حيث الحكم الشرعي العملي : فإنه قد اختلف العلماء في الوقت التي تُجزئ فيه العقيقة على أقوال ، مع اتفاقهم على استحباب كون ذلك الذبح في اليوم السابع .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 30 / 278 ، 279 ) :
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن وقت ذبح العقيقة يبدأ من تمام انفصال المولود ، فلا تصح عقيقة قبله ، بل تكون ذبيحة عادية .
وذهب الحنفية والمالكية إلى أن وقت العقيقة يكون في سابع الولادة ولا يكون قبله .
واتفق الفقهاء على استحباب كون الذبح في اليوم السابع على اختلاف في وقت الإجزاء كما سبق.
وقال المالكية : إن وقت العقيقة يفوت بفوات اليوم السابع .
وقال الشافعية : إن وقت الإجزاء في حق الأب ونحوه ينتهي ببلوغ المولود .
وقال الحنابلة - وهو قول ضعيف عند المالكية -
: إن فات ذبح العقيقة في اليوم السابع يسن ذبحها في الرابع عشر ، فإن فات ذبحها فيه انتقلت إلى اليوم الحادي والعشرين من ولادة المولود فيسن ذبحها فيه وهو قول عند المالكية
وهذا مروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها .انتهى
والراجح من تلك الأقوال : أن العقيقة تستحب في اليوم السابع من ولادة المولود ، وأنه إن فات ذلك اليوم : فتُذبح في أي يوم ؛ لضعف الحديث الوارد في كونها تُذبح في اليوم الرابع عشر ، والواحد والعشرين
إن فات اليوم السابع ، وأن ذبحها متعلق بالولادة ، فتجوز قبل السابع وبعده ، وهو قول الشافعية والحنابلة - كما سبق - ، وهو ما رجحه ابن القيم رحمه الله ، ووافقه عليه علماء اللجنة الدائمة .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
والظاهر : أن التقييد بذلك – أي : اليوم السابع - استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو الثامن أو العاشر أو ما بعده : أجزأت .
" تحفة المودود بأحكام المولود " ( ص 63 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
العقيقة سنَّة مؤكدة عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية ، وعن الجارية شاة واحدة ، وتذبح يوم السابع ، وإذا أخرها عن السابع : جاز ذبحها في أي وقت ، ولا يأثم في تأخيرها ، والأفضل تقديمها ما أمكن .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 439 ) .
وقالوا – أيضاً - :
وتحديد اليوم السابع للذبح لا يؤخذ منه أن مشروعيتها لا تبدأ إلا في اليوم السابع ؛ فإن الولادة هي سبب طلب العقيقة ، واليوم السابع هو الوقت الأفضل لتنفيذ هذا الأمر المشروع
ولهذا لو ذبحها قبل السابع : أجزأت ، كما قال ابن القيم ومن وافقه من أهل العلم .
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 445 ، 446 ) .
وانظر حكم العقيقة
اضغط هنا (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2161673)
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:07
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
قال الله لموسى : يا موسى لم أجعل ذلك لنفسي فكيف أجعله لك ؟
السؤال
قال موسى عليه السلام يناجي ربّه : رب نجني من ألسنة الناس . قال : يا موسى ! أنت تطلب شيئاً لم أصنعه لنفسي ؟!
الجواب
الحمد لله
لم نقف على هذا الأثر بالإسناد المعتمد ، ولم نجده في كتب السنة والآثار ، وإنما رأيناه في بعض كتب الرقائق والمواعظ بغير إسناد ولا إحالة معتمدة .
يقول ابن مفلح المقدسي رحمه الله :
" وقال موسى صلوات الله عليه : يا رب ! إن الناس يقولون فيَّ ما ليس فيَّ !
فأوحى الله إليه : يا موسى : لم أجعل ذلك لنفسي ، فكيف أجعله لك " انتهى.
" الآداب الشرعية " (1/7-8)
ونحوه في " قوت القلوب " لأبي طالب المكي (2/309)
" سراج الملوك " لأبي بكر الطرطوشي (229) ترقيم الشاملة.
ونحن – وإن كنا لا نثبته لعدم وقوفنا على مستنده – إلا أن معناه لا يظهر فيه ما يستنكر ، ؛ فالله عز وجل لم يقض - فيما قضاه من السنن الكونية – ألا يجاوز أحد من خلقه فيه الحد
وألا يعامله أحد من البشر بما لا يليق بجلاله وعظمته ، بل أخبرنا سبحانه وتعالى عن أقوام قصروا في جنبه، ولم يعرفوا له قدره عز وجل
فقال : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ
وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) الأنعام/91، وقال سبحانه: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج/74.
وقال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) الزمر/67.
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ) رواه البخاري (7378)، ومسلم (2804)
والفائدة من ذلك أن لا يكون نقد الحساد وطعن المغرضين سببا في فتور المسلم عن نجاحه وتقدمه ، ولا سببا في حبوط همته وضعف عزيمته ، وليتذكر دائما أن الله عز وجل
والملائكة ، والرسل والأنبياء لم يسلموا من الشتم والأذى .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:11
عمل أصله في الأرض وفرعه في السماء !!
السؤال
أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في تفسيره للآية/24 من سورة إبراهيم : وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل ، حَدَّثَنَا أَبَان - يَعْنِي اِبْن زَيْد الْعَطَّار - حَدَّثَنَا قَتَادَة :
أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه ! ذَهَبَ أَهْل الدُّثُور بِالْأُجُورِ .
فَقَالَ : ( أَرَأَيْت لَوْ عَمَدَ إِلَى مَتَاع الدُّنْيَا فَرَكَّبَ بَعْضه عَلَى بَعْض أَكَانَ يَبْلُغ السَّمَاء ؟ أَفَلَا أُخْبِرُك بِعَمَلٍ أَصْلُهُ فِي الْأَرْض وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاء ؟ قَالَ : مَا هُوَ يَا رَسُول اللَّه ؟
قَالَ : تَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، وَاَللَّه أَكْبَر ، وَسُبْحَان اللَّه ، وَالْحَمْد لِلَّهِ عَشْر مَرَّات فِي دُبُر كُلّ صَلَاة ، فَذَاكَ أَصْلُهُ فِي الْأَرْض وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاء ) بحثت عن صحة هذا الحديث فلم أظفر بشيء
علما بأني أطبق هذا الحديث منذ سنوات ، فهل أحصل على أجر إذا طبقت حديثا ضعيفا قبل أن يتبين لي صحته ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (رقم/13098)، ولم نقف عليه عند غيره ، وسلسلة الإسناد التي يرويه بها رواتها ثقات حفاظ :
1- فأولهم أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ المعروف .
2-والثاني : موسى بن إسماعيل : هو المنقري مولاهم ، أبو سلمة التبوذكي البصري : قال فيه يحيى بن معين : ثقة مأمون . وقال أبو الوليد الطيالسي
: موسى بن إسماعيل ثقة ، صدوق . وقال محمد بن سعد : كان ثقة ، كثير الحديث . وقال أبو حاتم : ثقة .
انظر: " تهذيب التهذيب " (10/335)
3-والثالث : أبان بن يزيد العطار : قال فيه الإمام أحمد : ثبت في كل المشايخ . وقال ابن معين : ثقة . وقال النسائي : ثقة . وقال ابن المديني : كان عندنا ثقة .
انظر: " تهذيب التهذيب " (1/101)
4-والرابع : قتادة بن دعامة السدوسي الإمام الحافظ ، من أئمة التابعين المشهورين ، ذكره ابن المديني فيمن تدور عليهم الأحاديث من أهل البصرة ، ولد سنة ستين أو إحدى وستين ، وتوفي سنة مائة وبضع عشرة .
كما في " تهذيب التهذيب " (8/355)
وليس ثمة أي انقطاع بين هؤلاء الرواة ، فكلهم أخذ عن شيخه ، وثبت الاتصال بينهم ، وروايتهم عن بعضهم مشهورة محفوظة .
ومع ذلك تبقى في الحديث علة ظاهرة ، وهي : الإرسال .
فقتادة من صغار التابعين ، وليس من الصحابة ، بل ولا من كبار التابعين ، ولم يثبت سماعه عن أحد من الصحابة سوى أنس بن مالك رضي الله عنه ، بل بينه وبين كثير من كبار التابعين انقطاع ، ولم يثبت له عنهم سماع .
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
" ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك".
انظر: " جامع التحصيل في أحكام المراسيل " للعلائي (ص/255)
وروايته ههنا مرسلة ، لم يصرح فيها باسم من أخذ عنه الحديث ، ورفعه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل روايته حتى يظهر اسم شيخه الذي أخذ عنه الحديث
فقد يكون ضعيفا ، خاصة وأن قتادة من المكثرين من الإرسال ، والعلماء لا يقبلون مراسيله ، حتى كان يحيى بن سعيد القطان لا يراها شيئا ويقول : هي بمنزلة الريح .
انظر : " جامع التحصيل " (ص/37)
قال الحافظ الذهبي رحمه الله :
" ومن أوهى المراسيل عندهم : مراسيل الحسن . وأوهى من ذلك : مراسيل الزهري ، وقتادة ، وحميد الطويل ، من صغار التابعين . وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات
فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير ، عن صحابي ، فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين " انتهى.
" الموقظة " (ص/40) تحقيق عبد الفتاح أبو غدة.
فالحاصل أن هذا الحديث ضعيف لا يصح ، وعلته الإرسال .
ثانيا :
إذا ورد الحديث الضعيف بنسبة فضيلة معينة لعبادة ، وكانت هذه الفضلية مشروعة من حيث الأصل بأدلة أخرى صحيحة : يجوز للمسلم – في هذه الحالة
- أن يقوم بتلك العبادة مستحضرا الأجر والفضل الوارد في الحديث الضعيف ، طمعا في كرم الله وسعة فضله ، ورجاء أن يحقق الله له مقصوده ومرامه
والمرفوض في فضائل الأعمال هي الأحاديث التي ترد بتقييد العبادة بصفة معينة ، أو هيئة معينة ، لم يرد الشرع بها أصلا ، فهذه لا يعمل بها في الفضائل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مقادير الثواب والعقاب وأنواعه : إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع ، جازت روايته والعمل به ، بمعنى : أن النفس ترجو ذلك الثواب
أو تخاف ذلك العقاب ، كرجل يعلم أن التجارة تربح ، لكن بلغه أنها تربح ربحا كثيرا
فهذا إن صدق نفعه ، وإن كذب لم يضره ... فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا ، مثل صلاة في وقت معين ، بقراءة معينة
أو على صفة معينة : لم يجز ذلك ؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي .
بخلاف ما لو روي فيه : ( من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله كان له كذا وكذا ) فإن ذكر الله في السوق مستحب ، لما فيه من ذكر الله بين الغافلين ، فأما تقدير الثواب المروي فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته .
فالحاصل : أن هذا الباب يروى ، ويعمل به في الترغيب والترهيب ، لا في الاستحباب ؛ ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي " انتهى باختصار.
" مجموع الفتاوى " (18/66)
وقال العلامة المعلمي رحمه الله :
" صيغة الدعاء المروية بسند ضعيف يكثر الانتفاع بها بدون ارتكاب محظور ، فقد يختار المكلف ذلك الدعاء لا لكونه مأثورا ، بل لكونه جامعا للمقاصد ، أو بليغا ، أو مناسبا لحاله
ونحو ذلك ، وإذا اختير دعاء لداع من هذه الدواعي ، وواظب عليه المُختار : لم يكن عليه حرج إجماعا " انتهى.
"حكم العمل بالحديث الضعيف" (ق/16):
نقلا عن محقق " الوابل الصيب " عبد الرحمن قائد (ص/30)
والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير من الأذكار المشروعة أدبار الصلوات ، وردت بها أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرها ، فلا حرج عليك من الإتيان بها
أحيانا ـ على النسق المذكور في الحديث الوارد في السؤال ، مع رجاء أن يكتب الله لك الأجر الوارد فيه
فهو أمر إن لم ينفع لم يضر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ؛ مع أن الصيغة المشهورة في ذلك : التسبيح ثلاثا وثلاثين ، والتحميد والتكبير مثل ذلك : أفضل
والمواظبة عليها أفضل ، لكن لا بأس بالتنويع بين الصيغ الواردة في ذلك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:16
ما صحة حديث التمر والنواة في باب مزاح النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السؤال
الحديث : كان علي رضي الله عنه والرسول صلى الله عليه وسلم يأكل التمر ، فجعل علي يأكل التمر ويرمي النواة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم
فقال علي : يا رسول الله ! هل أكلت التمر كله ؟ فقال النبي : وهل أكلت التمر بنواه ؟
ما صحة هذا الحديث ، وما درجته ؟؟
الجواب
الحمد لله
هذه القصة في مزاح النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابتة ، بل لم ينسبها أحد من أهل العلم – فيما اطلعنا – إليه صلى الله عليه وسلم ، وإنما تنقل في بعض كتب الأخبار والآداب عن بعض أصحاب الفكاهة والأدب .
جاء في كتاب " أنساب الأشراف " ليحيى البلاذري (12/113-114 دار الفكر ) ما يلي :
" ثم إن الصمة – واسمه مالك بن بكر - أتى عكاظ بعد ما شاء الله ، وحرب بن أمية بعكاظ يطعم الناس ، فدخل وثعلبة بن الحارث اليربوعي عليه ، فأكلا
وقدم إليهما تمرا ، فجعل الصمة يأكل ويلقي النوى بين يدي ثعلبة ، فلما فرغا قال ثعلبة للصمة : إنه لا نوى بين يديك أفكنت تبلغ النوى ؟ إنك لكبير البطن " انتهى باختصار.
وجاء في كتاب " آداب المؤاكلة " لأبي البركات الغزي (ص/1) ما يلي :
" المُشنِّع : وهو الذي يجعل ما ينفيه عن طعامه من عظام أو نوى تمر وغيره بين يدي جاره تشنيعاً عليه بكثرة الأكل .
حكي أن متلاحيين حضرا على مائدة بعض الرؤساء ، فقدم لهما رطبا ، فجعل أحدهما كلما أكل جعل النوى بين يدي الآخر حتى اجتمع بين يديه ما ليس بين يدي أحد من الحاضرين مثله
فالتفت الأول إلى رب المنزل ، وقال : ألا ترى يا سيدنا ما أكثر أكل فلان الرطب ! فإن بين يديه من النوى ما يفضل به الجماعة ، فالتفت إليه صاحبه
وقال : أما أنا أصلحك الله فقد أكلت كما قال رطباً كثيراً ، ولكن هذا الأحمق قد أكل الرطب بنواه ، فضحك الجماعة وخجل المشنع " انتهى.
والحاصل أن الحديث الوارد في السؤال ليس له أصل في كتب السنة والآثار ، فلا يجوز التحديث به ، ولا روايته ونقله إلا على سبيل بيان حكمه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:19
لم يثبت عن علي بن أبي طالب التشنيع على جنس النساء
السؤال
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أيها الناس ! لا تطيعوا للنساء أمراً ، ولا تأمنوهن على مال ، ولا تدعوهن يدبرن أمر عشير
فإنهن إن تُرِكن وما يردن أفسدن الملك ، وعصين المالك ، وجدناهن لا دين لهن في خلواتهن ، ولا ورع لهن عند شهواتهن ، اللذة بهن يسيرة ، والحيرة بهن كثيرة
فأما صوالحهن ففاجرات ، وأما طوالحهن فعاهرات ، وأما المعصومات فهن المعدومات ، فيهن ثلاث خصال من اليهود : يتظلمن وهن ظالمات ، ويحلفن وهن كاذبات
ويتمنعن وهن راغبات ، فاستعيذوا بالله من شرارهن ، وكونوا على حذر من خيارهن ، والسلام .
الجواب
الحمد لله
هذا الكلام لا تصح نسبته إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وذلك لدليلين اثنين :
الأول : أنه ليس له أصل إسنادي في كتب السنة والآثار ، ولا يعرف له موضع في كتب أهل السنة
اللهم إلا أن القرطبي نقله بنصه في كتاب " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " (ص/818) من طبعة دار المنهاج ، وقال المحقق الدكتور الصادق : بحثت عن هذا الأثر عن علي رضي الله عنه ولم أجده
وما أظن أن يثبت مثل هذا عنه رضي الله عنه ، لما فيه من المبالغة في التشنيع على النساء على وجه لا يليق " انتهى. وعن الإمام القرطبي نقله السخاوي في "
المقاصد الحسنة " (ص/458) والعجلوني في " كشف الخفاء " (2/63) ولم يحكما فيه بشيء.
الثاني : فيه مبالغة ظاهرة في التشنيع على جنس النساء ، والتحذير منهن ، ولو كان التحذير مقتصرا
على شرار النساء لكان مقبولا ، أما أن يشمل التحذير والتشنيع الصالحات من النساء فهذا أمر مرفوض لا يقبل ، وليس في الشريعة ما يؤيده
ولا يصدر عن مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو العالم بقول الله تعالى : ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) النساء/34
وبقوله عز وجل : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب/35.
وكل ما ورد من آثار في بعض كتب التاريخ والأدب تحث على ترك طاعة النساء ، ومخالفة أمرهن ، وذم الصالحات فيهن ، وتخوين الطاهرات منهن : فهي آثار مردودة لا تثبت
وإنما يؤمن بها الرافضة في تراثهم المزور ، فقد عقد الكليني في كتابه " الكافي " (5/518)
بابا بعنوان " باب في ترك طاعتهن "، وسرد فيه مجموعة من الآثار التي تشنع على النساء في هذا الشأن
وأما نحن فنقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) رواه أبو داود (رقم/236)، فالنساء فيهن العابدات المؤمنات اللاتي شاركن في بناء التاريخ الإسلامي العظيم
فلا يقبل التعميم الذي يرد في بعض الآثار عن بعض السلف وفيه مبالغة التشنيع على جنس النساء .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:23
هل صحيح أن من سمع الغناء في الدنيا لم يسمعه في الآخرة ؟
السؤال
هل صحيح أن مَن سمع الغناء في الدنيا لم يسمعه في الآخرة ، وهل هناك ما يدل على ذلك ؟
أفيدونا
الجواب
الحمد لله
أولاً :
تحريم الغناء المقترن بالمعازف مقرر في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ، وعلى ذلك اتفقت كلمة المذاهب الأربعة ، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في موقعنا في أبواب (الغناء والملاهي) .
وقد فَسَّر يعض السلف قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) الروم/15 ، بأنه سماع الغناء .
وانظر: "تفسير الطبري" و "تفسير ابن كثير" .
لكننا لم نقف على حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن من سمع الغناء في الدنيا لم يسمعه في الآخرة .
وقد جاء في الشريعة بعض نظائر لهذا الوارد في السؤال :
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا ، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ) رواه البخاري (5575) ومسلم (2003) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ) رواه البخاري (5834) ومسلم (2069) .
ثانياً :
أما إن كان السائل يقصد ما رواه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " (2/87) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يستمع الروحانيين في الجنة .
فقيل : وما الروحانيون يا رسول الله ؟ قال : قراء أهل الجنة) .
فقد قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"موضوع : أخرجه الواحدي في تفسيره "الوسيط" (3/441 - 442 - طبع دار الكتب العلمية) من طريق حماد بن عمرو عن أبي موسى - من ولد أبي هريرة - عن أبيه عن جده مرفوعاً .
قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا موضوع آفته (حماد بن عمرو) - وهو: النصيبي - ، قال الذهبي في "المغني" : "روى عن الثقات موضوعات ، قاله النقاش ، وقال النسائي : متروك" .
قلت : وهو معدود فيمن يضع الحديث ، كما قال ابن عدي وغيره " انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (6516) .
وقد حكمت عليه اللجنة الدائمة للإفتاء بالضعف أيضاً .
وانظر : "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/232) .
وقد ذكر القرطبي رحمه الله هذا الحديث في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (14/53) وعلق عليه بقوله :
"وقد ذكرنا في كتاب التذكرة مع نظائره : (فمن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة) ، (ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) . إلى غير ذلك
وكل ذلك صحيح المعنى على ما بيناه هناك ... ولهذه الآثار وغيرها قال العلماء بتحريم الغناء ، وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به ، الذي يحرك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل
والمجون الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن
فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه ؛ لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق
فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح ؛ كالعرس والعيد
وعند التنشيط على الأعمال الشاقة
كما كان في حفر الخندق وحدو أنجشة وسلمة بن الأكوع. فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام " انتهى .
وانظر كتاب "التذكرة" للقرطبي صـ 631 .
وكلام القرطبي رحمه الله في جواز القليل من الغناء في أوقات الفرح ، إنما هو في الغناء الذي لا يصحبه شيء من آلات المعازف والموسيقى ، فهو مجرد أشعار وأناشيد تقال بشيء من التنغيم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:25
لم يصح حديث في فضل قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة
السؤال
هل من السنة قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة ؟
الجواب
الحمد لله
ورد في فضل سورة " الدخان " أحاديث مرفوعة ، ولكن لا يصح منهما شيء :
أما الحديث الأول :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قرأ " حم " الدخان في ليلة الجمعة غُفر له )
رواه الترمذي (2889) من طريق هشام أبي المقدام ، عن الحسن ، عن أبي هريرة به .
ثم قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وهشام أبو المقدام يضعف ، ولم يسمع الحسن من أبي هريرة ، هكذا قال أيوب ، ويونس بن عبيد ، وعلي بن زيد .
إذن فللحديث علتان :
1-أبو المقدام هشام بن زياد : اتفقت كلمة المحدثين على تضعيفه ، حتى قال ابن حبان : " يروى الموضوعات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به ".
انظر: " تهذيب التهذيب " (11/39).
2-الانقطاع بين الحسن وأبي هريرة .
لذلك ضعفه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 247)، وابن العربي في " عارضة الأحوذي " (6/35)، والألباني في " ضعيف الترمذي ".
الحديث الثاني :
روى الواحدي في " تفسيره " (4/46) حديثا عن أبي بن كعب بنحو الحديث السابق ، إلا أن في سنده سلَّام بن سليم متهم بالكذب ، لذلك حكم عليه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/4632) بأنه ضعيف جدا .
ورواه أيضا عن أبي بن كعب أحمد بن منيع في مسنده - كما في " إتحاف الخيرة المهرة " للبوصيري (6/89) - ثم قال : هذا إسناد ضعيف لجهالة هارون بن كثير .
الحديث الثالث :
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قرأ " حم " الدخان في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتاً في الجنة ) .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/264)
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ضعيف جدا ، أخرجه الأصفهاني في " الترغيب والترهيب " (ص 244 - مصورة الجامعة الإسلامية ) عن حفص بن عمر المازني : أخبرنا فضال بن جبير عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فضال بن جبير ؛ قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال ، يروي أحاديث لا أصل لها . وبه أعله الهيثمي ؛ فقال (2/ 168)
: رواه الطبراني في " الكبير " ، وفيه فضال بن جبير ، وهو ضعيف جداً. وحفص بن عمر المازني : لا يعرف ؛ كما في " اللسان " " انتهى.
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (11/ 191، رقم/5112)
وقد جاء تضعيف هذا الحديث في " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/141)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:27
حديث لا تسيدوني في صلاتكم لا أصل له
السؤال
قيل في حديث : ( لا تسيدوني في صلاتكم ) هل صحيح هذا الحديث َ؟
في صلاتي أحبذ قول: اللهم صل على سيدنا محمد ، وليس فقط : اللهم صل على محمد ؟
الجواب
الحمد لله
ليس هذا اللفظ المذكور بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين العلماء ذلك :
قال الإمام السخاوي رحمه الله :
" لا أصل له " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/135).
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" لا أصل له " انتهى.
" الفتاوى الفقهية الكبرى " (1/151)
وتابعهم على ذلك أكثر من ألَّف في الأحاديث الموضوعة ، انظر " المصنوع في معرفة الموضوع " للملا علي القاري (ص/205)
كما نص كثير من الفقهاء في كتبهم على إنكار هذا الحديث
كما في " رد المحتار " (1/513)، " الفواكه الدواني " (2/359)
" نهاية المحتاج " (1/530) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" حديث : ( لا تسوِّدوني ) وينطقه العوام ( لا تسيِّدوني ) لا أصل له كما نقله صاحب كشف الخفاء . وأما حديث : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ) فجزء من حديث طويل
أخرجه الإمام الترمذي عن أبي سعيد الخدري ، وقال : حديث حسن صحيح .
وأما تسييد الرسول صلى الله عليه وسلم في غير الأذان والإقامة والصلاة ، فجائز للحديث السابق .
وأما في الأذان والإقامة والتشهد في الصلاة فيقول المرء كما ورد في السنة ، ولا يزيد على المشروع ؛ لأن الأذان والإقامة والصلاة عبادة ، والعبادة مبناها على التوقيف ، فيقتصر على ما وردت به الأدلة " انتهى.
الأسماء : عبد العزيز بن باز – عبد الرزاق عفيفي – عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (المجموعة الثانية 3/265)
أما عن حكم إضافة لفظ " سيدنا " في الصلاة الإبراهيمية فهي من المسائل الخلافية بين أهل العلم ، وقد سبق تقرير القول بالمنع من ذلك
وأن الأولى الاقتصار على ما جاء في السنة ، لأن الصلاة عبادة توقيفية لا تضاف الأذكار فيها إلا بأدلة شرعية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:30
يسأل عن أحاديث ضعيفة وموضوعة في الترهيب من الظلم
السؤال
أريد أن أعرف هل هذه الأحاديث صحيحة ؛ لأن معي موضوعا عن الظلم ، وأريد أن أكتب هذه الأحاديث . وجزاكم الله خيرا . 1- عن حذيفة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوحى الله تعالى إليّ : يا أخا المرسلين ! يا أخا المنذرين ! أنذر قومك فلا يدخلوا بيتا من بيوتي ولأحد من عبادي عند أحد منهم مظلمة ,
فإني ألعنه ما دام قائما يصلي بين يدي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها ، فأكون سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويكون من أوليائي وأصفيائي
ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة ) 2- عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :( إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه )
3- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :( ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء إلا قال الله عز وجل : لبيك عبدي حقا ، لأنصرنك ولو بعد حين ) 4- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ( يقول الله تعالى : اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيري )
الجواب
الحمد لله
ننقل هنا أحكام العلماء على هذه الأحاديث باختصار ، وحاصل ذلك كله أن الأحاديث الواردة في السؤال جميعها مردودة غير مقبولة ، منها الضعيف ، ومنها الموضوع والذي لا أصل له.
ومن أراد الوقوف على الأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع ، فعليه بكتاب :
1- " رياض الصالحين " للإمام النووي : " باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم ".
2-وكتاب : " الترغيب والترهيب " للإمام المنذري بتحقيق الشيخ الألباني (3/127) : " باب الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله والترغيب في نصرته ".
الحديث الأول :
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أوحى الله تعالى إليّ : يا أخا المرسلين ! يا أخا المنذرين ... )
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ضعيف ، أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/116)
: حدثنا سليمان بن أحمد : ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج : ثنا إسحاق بن إبراهيم بن رزيق : ثنا أبو اليمان : ثنا الأوزاعي : حدثني عبدة : حدثني زر بن حبيش قال: سمعت حذيفة يقول
: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:...فذكره . وقال : " غريب من حديث الأوزاعي عن عبدة ، ورواه علي بن معبد عن إسحاق بن أبي يحيى العكي عن الأوزاعي... به ".
قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات مترجمون في " التهذيب " ، إلا شيخ أبي نعيم سليمان بن أحمد وهو الحافظ الطبراني صاحب " المعاجم الثلاثة "
وهو أشهر من أن يذكر ، وإلا إسحاق بن إبراهيم بن زريق . فإني جهدت في أن أجد له ترجمة فلم أوفق . ثم بدا لي شيء وهو أن جده :( زريق ) ... محرف من ( زبريق )
وأنه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء المصري ، فإنه يعرف بـ : ( ابن زبريق ) ، وهو من هذه الطبقة ، وقد مضى له حديث برقم (758) من رواية الطبراني بواسطة آخر له عنه : ثنا عمرو بن الحارث ..
. فإذا كان هو هذا ، فهو ضعيف جداً - كما بينت هناك - ، وقال الحافظ في " التقريب "
: " صدوق يهم كثيراً ، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب "، ولعله قد خفي حاله على الحافظ ابن رجب الحنبلي ، فقال في " جامع العلوم والحكم " (ص 261) - بعد أن عزاه للطبراني -
: " وهذا إسناد جيد ، وهو غريب جداً " . ولم أجد من عزاه للطبراني ، ولا هو في شيء من " معجمه الثلاثة " ، فلعله في بعض كتبه الأخرى مثل " مسند الشاميين " فليراجع ، فإن يدي لا تطوله الآن
وليس هو في المجلدين المطبوعين بتحقيق أخينا عبد المجيد السلفي فرج الله عنه كربه . وأما إسحاق بن أبي يحيى العكي : فلم أعرفه " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/6308) .
وقد خرج الشيخ طارق عوض الله هذا الحديث ، وجزم أنه : ابن زبريق ، قال : " وابن زبريق هذا ليس بشيء ، لا تقوم بحديثه الحجة " . ثم ذكر أن صواب الاسم الأخير : إسحاق بن أبي يحي الكعبي .
قال : " والكعبي هذا هالك ، كما في الميزان واللسان " انتهى .
انظر : جامع العلوم والحكم ، لابن رجب ، تحقيق الشيخ طارق عوض الله (2/360، هـ1).
الحديث الثاني :
عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه )
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/301-302) والبيهقي في " شعب الإيمان " (9/533) ، من طريق صالح بن حسان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه
عن جده ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياك ودعوة المظلوم ، فإنما يسأل الله حقه ، وإن الله لا يمنع ذا حق حقه )
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب صالح بن حسان ، فهو متروك متفق على نكارة حديثه وشدة ضعفه .
انظر: " تهذيب التهذيب " (4/385) .
والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" ، رقم (1697) .
الحديث الثالث:
( ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء ... )
لم نجده في كتب السنة والآثار ، وإنما تنقله بعض كتب الأدب ، أحيانا مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحيانا من كلام بعض التابعين ، ككتاب " نهاية الأرب " للنويري (6/37)
وكتاب : " المستطرف " (1/233)، فلا يجوز التحديث به ، كما تحرم نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يوقف له على إسناد ثابت إليه .
الحديث الرابع:
( يقول الله تعالى : اشتد غضبي على مَن ظَلَمَ مَن لا يجد له ناصرا غيري )
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
" ( يقول الله عز وجل : اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري )
ضعيف جدا : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1/111/2228 ) ، و " الصغير " ( رقم 718 – الروض النضير ) ، و من طريقه الديلمي ( 1/1/115 - 116 )
عن مسعر بن الحجاج النهدي : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي مرفوعا به .
وقال الطبراني : " لم يروه عن أبي إسحاق إلا شريك ، تفرد به مسعر بن الحجاج "
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله -:
وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل :
الأولى : الحارث - و هو الأعور - متهم بالكذب .
الثانية : أبو إسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط .
الثالثة : شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - ضعيف الحفظ .
الرابعة : مسعر بن الحجاج النهدي كذا في المصادر المذكورة ، ولم أجد له ترجمة . وفي " الميزان " و " اللسان " :
"مسعر بن يحيى النهدي ، لا أعرفه ، وأتى بخبر منكر "، ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن عباس ، والظاهر أنه هو هذا . والله أعلم " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/2392)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:35
هل تصح هذه الأحاديث التي تدل على جواز استعمال المسبحة؟
السؤال
في أحد المنتديات وضعت إحداهن موضوعا عن البدع ، ولكن كان فيه أحاديث ضعيفة وصحيحة الإسناد ، وهي عن المسبحة ، وكانت كالآتي
: لم يثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه استخدمها ، ولم يستخدم الحجر ، ولم يستخدم النّوى كما يُدّعى في الحديث الضّعيف أنّه أقرّ جويرية على ذلك ، هذا غير صحيح
لم يقرّها على استخدام النّوى . التسبيح بالمسبحة جائز ، وما ورد فيها من أحاديث العدّ بالنوى والحصى كاف في الدلالة على أصل مشروعيتها ، لصلاحية تلك الأحاديث من حيث الصنعة الحديثية للاستدلال
منها حديث سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل ، فقال : سبحان الله عدد ما خلق في السماء ...
والحديث صححه ابن حبان والحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي، وخرجه أبو داود رقم 1500 ، والترمذي حديث رقم 3568 ، وقال : حديث حسن. السؤال هنا : كيف نفهم التناقض هنا ؟
وهل الحديث حسن أم ضعيف ؟
وكيف يكون حديث حسن ويقابله حديث ضعيف ؟
الجواب
الحمد لله
الأحاديث الوارد فيها إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بعض أمهات المؤمنين على عد التسبيح على النوى حديثان :
الحديث الأول :
عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها قالت : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا ، فَقَالَ : لَقَدْ سَبَّحْتِ بِهَذِهِ
أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ ، فَقُلْتُ : بَلَى عَلِّمْنِي . فَقَالَ : قُولِي : سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ) رواه الترمذي (3554) بسند ضعيف ، فيه : هاشم بن سعيد الكوفي ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث .
"تهذيب التهذيب" (11/17) .
ولذلك قال الترمذي بعد روايته له :
"هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، وليس إسناده بمعروف" انتهى .
وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي وقال عنه : منكر .
ورواه الطبراني في "الدعاء" (ص/494) وفي سنده : يزيد بن متعب مولى صفية .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
"يزيد لم يوجد له ترجمة" انتهى .
"السبحة" (ص/18) .
ومع ذلك فقد صحح هذا الحديث علي القاري في "مرقاة المصابيح" فقال : "وهذا أصل صحيح لتجويز السبحة ، بتقريره صلى الله عليه وسلم فإنه في معناها
إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما يعد به ، ولا يعتد بقول من عدها بدعة" انتهى. نقله عنه في "تحفة الأحوذي" .
وقد حسنه الحافظ ابن حجر أيضاً ، وذكر طريقاً أخرى عند الطبراني في "الدعاء" ، والظاهر من صنيعه أنه حسنه بمجموع طرقه .
نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية على الأذكار النووية" (1/245) .
الحديث الثاني :
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : (أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى - أَوْ قَالَ حَصًى - تُسَبِّحُ بِهِ ، فَقَالَ
: أَلَا أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ
وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ) .
قوله : (دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى) لم يبين في شيء من طرق الحديث من هي؟ فيحتمل أنها صفية رضي الله عنها كما في الحديث الأول
ويحتمل أنها جويرية رضي الله عنها ، وحديثها في صحيح مسلم ، ولكن ليس فيه ذكر للنوى أو الحصى .
انظر: "الفتوحات الربانية" (1/244) .
وهذا الحديث رواه الترمذي (3568) وأبو داود (1500) من طريق سعيد بن أبي هلال ، عن خزيمة ، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، عن أبيها . وروي أيضا بإسقاط خزيمة .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" خزيمة هذا مجهول ، قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال ، وكذا قال الحافظ في " التقريب "
: إنه لا يعرف ، وسعيد بن أبي هلال مع ثقته حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، وكذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل " لابن حزم ( 2 / 95 ) ، ولعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث
فإن بعض الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا ، ولذلك لم يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال
فلا يخلو هذا الإسناد من علة الجهالة أو الانقطاع ، فأنَّى للحديث الصحة أو الحسن ؟! " انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (83) .
ومع هذا ، فقد صححه الحافظ ابن حجر ، فقال : "حديث صحيح ، ورجاله رجال الصحيح ، إلا خزيمة فلا يعرف نسبه ولا حاله ، ولا روى عنه إلا سعيد بن أبي هلال
وذكره ابن حبان في الثقات كعادته فيمن لم يجرح ولم يأت بمنكر ، وصححه الحاكم" انتهى .
"الفتوحات الربانية" (1/244) .
وقال عنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/360) :
"إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما" انتهى .
وقد ضعف هذين الحديثين الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ، فقال :
"وحديثا صفية وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، في ثبوت كل منهما نظر" انتهى .
"السبحة تاريخها وحكمها" ص 16 .
ثانيا :
قد يختلف العلماء في حكم حديث معين ، هل هو صحيح أم حسن أم ضعيف؟ كما قد يختلفون في فهم الحديث والاستنباط منه ، فتتنوع المذاهب الفقهية بحسب تنوع الاجتهادات .
قال المعلمي رحمه الله :
"يختلفون في صحة بعض الأحاديث ، وذلك قليل بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه" انتهى .
"الأنوار الكاشفة" (ص/52).
وعلى المسلم في هذه الحالة ـ إن كان أهلاً للبحث والتحقيق ـ أن يفعل ذلك ، حتى يصل إلى الحكم على الحديث بنفسه .
فإن كان لا يستطيع ذلك ، فإنه يسأل من يثق بعلمه ودينه عن حكم الحديث ، ثم يفعل ما يفتيه به .
وإذا ظهر أن المسألة من المسائل الاجتهادية ، فإنه لا ينبغي أن يكون ذلك سبباً للاضطراب أو التنازع ، فإن الله تعالى قضى أن يخلق الناس متفاوتين في العلوم والأفهام
وما دام الاختلاف لا يتعلق بثوابت الدين ومحكماته فالأمر يسير إن شاء الله تعالى .
ثالثا :
أما حكم استعمال السبحة ؛ فقد سبق بيان اختلاف العلماء في حكمها في جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:38
حكم استخدام المسبحة
السؤال
ما حكم استخدام المسبحة ؟
الجواب
الحمد لله
ذهب بعض العلماء في مسألة السبحة إلى جواز استعمالها مع قولهم بأنّ التسبيح باليد أفضل وعدّها بعضهم من البدع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (22/187) :
وربما تظاهر أحدهم بوضع السجادة على منكبه وإظهار المسابح في يده وجعله من شعار الدين والصلاة
. وقد علم بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم وكانوا يسبحون ويعقدون على أصابعهم كما جاء في الحديث " اعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات ، مستنطقات
" وربما عقد أحدهم التسبيح بحصى أو نوى . والتسبيح بالمسابح من الناس من كرهه ومنهم من رخّص فيه لكن لم يقل أحد : أن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها .
.هـ. ثمّ تكلّم رحمه الله عن مدخل الرياء في التسبيح بالمسبحة وأنّه رياء بأمر ليس بمشروع وهو أسوأ من الرياء بالأمر المشروع .
وفي سؤال لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( اللقاء المفتوح 3/30) عن التسبيح بالمسبحة هل هي بدعة فأجاب : التسبيح بالمسبحة تركه أولى وليس ببدعة لأن له أصلا وهو تسبيح بعض الصحابة بالحصى
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن التسبيح بالأصابع أفضل وقال " اعقدن - يخاطب النساء - بالأنامل فإنهن مستنطقات
" فالتسبيح بالمسبحة ليس حراما ولا بدعة لكن تركه أولى لأن الذي يسبح بالمسبحة ترك الأولى وربما يشوب تسبيحه شيء من الرياء لأننا نشاهد بعض الناس يتقلد مسبحة فيها ألف خرزة كأنما يقول للناس
: انظروني إني أسبح ألف تسبيحة ،
ثالثا : أن الذي يسبح بالمسبحة في الغالب يكون غافل القلب ولهذا تجده يسبح بالمسبحة وعيونه في السماء وعلى اليمين وعلى الشمال مما يدل على غفلة قلبه فالأولى
أن يسبح الإنسان بأصابعه والأولى أن يسبح باليد اليمنى دون اليسرى لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه ولو سبح بيديه جميعا فلا بأس لكن الأفضل أن يسبح بيده اليمنى فقط .ا.هـ.
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في السلسلة الضعيفة (1/110) عند تخريجه لحديث " نعم المذكّر السبحة" : ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور :
الأول أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أصحابه على أمر لا يعرفونه ؟
والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح في " البدع والنهي عنها" عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا فضربه برجله ثم قال
: لقد سَبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ، وسنده صحيح إلى الصلت ، وهو ثقة من اتباع التابعين .
الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه.
وقال أيضا (1/117) :
ولو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل لكفى فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل !
ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعة ، فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! وبعضهم يعدُّ بها وهو يحدثك أو يستمع لحديثك
! وآخِر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أنني رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة ! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون
عن ذكر الله طرفة عين وكثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب فقد اتفق لي مرارا -
وكذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم فرد عليّ السلام بالتلويح دون أن يتلفظ بالسلام ومفاسد هذه البدعة لا تحصى فما أحسن ما قال الشاعر:
وكل خير في اتباع من سلف
وكل شر في ابتداع من خلف
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-11-20, 18:49
مدى صحة قصة النبي داوود مع المرأة
السؤال
هل هذه القصة حقيقية ؟
أرجو الإفادة : قصة وعبرة : روي أن امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت : يا نبي الله ! ربك ظالم أم عادل ؟
فقال داود : ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور . فقال لها : ما قصتك ؟
قالت : أنا أرملة ، عندي ثلاثة بنات أقوم عليهن من غزل يدي ، فلما كان أمس شددت غزلي بخرقة حمراء ، وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأطعم أطفالي ، فإذا بطائر انقض علي وأخذ الخرقة والغزل وذهب
وبقيت حزينة لا أملك شيئا أطعم به أطفالي. فبينما كانت المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود ، فأذن بالدخول ، وفوجئ حينها بعشرة من التجار ، كل واحد بيده (100) دينار
, قالوا : يا نبي الله أعطها لمستحقها . فقال داود عليه السلام : ما كان سبب حملكم هذا المال ؟ قالوا : يا نبي الله ! كنا في مركب ، فهاجت علينا الريح
وأشرفنا على الغرق ، فإذا بطائر يلقي علينا خرقة حمراء وفيها غزل ، فسددنا به عيب المركب ، فهانت علينا الريح ، وانسد العيب ، ونذرنا إلى الله أن يتصدق كل واحد منا ب (100) دينار
وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت. فالتفت داوود عليه السلام إلى المرأة وقال لها : ربي يجزيك في البر والبحر وتجعلينه ظالما ؟!
.. وأعطاها المال ، وقال : أنفقيه على أطفالك.
الجواب
الحمد لله
لم نجد أثرا لهذه الحكاية في كتب العلماء ، ولم نقف لها على سند ، فلا نعلم حقيقة أمرها ولا مصدرها .
ويبعد تصديق مضمون هذه القصة ، فإننا نستبعد أن ينتظر مَن على المركب أن يلقي إليهم طائر قماشا وغزلا يسدون به الخرق ، فعيب المركب لا يسده الغزل
ولو كان كذلك لخلعوا بعض ثيابهم وأنقذوا أنفسهم من الغرق بها ، ولم ينتظروا ذلك الطائر ، وذلك القماش .
وهي حكاية على كل حال ، تروى من غير تصديق ولا تكذيب ، فالغالب أنها من الإسرائيليات التي جاز لنا حكايتها مع عدم الجزم بوقوعها .
وإذا كان من يحكي هذه القصة ، يريد أن يقول للناس : إن الله تعالى يُقدّر الخير للمؤمن من حيث لا يحتسب ، ومن حيث يظن العبد أن هذا شر له
فهذا المعنى صحيح ، وله شواهد من الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة/216 .
وقال تعالى : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) النساء/19 .
وقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (2999) .
فعلى المؤمن أن يرضى بقضاء الله وقدره ، ويؤمن أن الله تعالى لن يقدر له إلا الخير .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 16:41
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث مكذوب في التحذير من إغضاب الزوج لزوجته
السؤال
هل الحديث التالي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم : (فوالله لو أغضب زوجٌ زوجتَه وقفَّى عنها راحلا ، تاركا إياها حزينة ، فإن الله يكتب له في كل خطوة لعنة ، ويبعد عنه رزقه
ويقلل من عافيته ، ويكتب له من كل دمعة من عينيها ألف جمرة في كل ليلة ، نصفها في الدنيا ، والنصف الآخر في الآخرة)؟
الجواب
الحمد لله
ليس هذا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من الأكاذيب التي لا أصل لها ، والتي ينقلها بعض أهل البدع وبعض عوام الناس الذين لا يعون مدى خطورة الكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وواضح جداً ما في هذا الكلام من المبالغة الشديدة في ترتيب عقوبة معينة على فعل لا يستحق كل ذلك .
ومن أراد أن يأمر الرجل بالإحسان إلى امرأته ، وينهاه عن ظلمها فعنده من الأحاديث الصحيحة ما يغني عن هذا الكذب .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رواه الترمذي (3895) وقال : حسن غريب صحيح ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1174) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ : الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) رواه أحمد (2/439) وحسنه النووي في "رياض الصالحين" (146) ومحققو مسند أحمد ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1015) .
ومعنى الحديث: اللهم اشهد أني أضيق على الناس وأشدد عليهم في تضييع حق اليتيم والمرأة.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 16:53
هل هذه الأحاديث صحيحة ؟
السؤال
تأتيني رسائل على الإيميل تتضمن أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم
، ولا أعلم صحة هذه الأحاديث ، مما يؤدي إلى خوفي من إرسالها ونشرها , خوفا من أن تكون هذه الأحاديث ضعيفة وموضوعة , لخطورة نقل هذه الأحاديث
لما فيها من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم . وأرجو من فضيلتكم تخريج هذه الأحاديث وبيان سبب العلة إن كانت ضعيفة لنساهم في نشر السنة النبوية الصحيحة. والأحاديث هي
:1- ( من صلى علي ألف صلاة لم يمت حتى يبشر بالجنة
)2- ( من صلى علي في اليوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة ، سبعين منها في الآخرة وثلاثين منها في الدنيا
)3- ( من صلى عليَّ حين يصبح عشرا ، وحين يمسي عشرا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة )4- ( من صلى عليَّ واحدة صلى الله بها عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات
ورفع له عشر درجات )5- ( ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أسلم عليه )6- ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة
)7-( يأتي زمان على أمتي يحبون خمسا وينسون خمسا , يحبون الدنيا وينسون الآخرة , يحبون المال ينسون الحساب , يحبون المخلوق وينسون الخالق , يحبون القصور وينسون القبور
, يحبون المعصية وينسون التوبة , فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء وموت الفجاءة وجور الحاكم )8- ( من يزني يزنا بأهله )9- ( لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )
10- ( من قال لا إله إلا الله الجليل الجبار ، لا إله إلا الله الواحد القهار ، لا إله إلا الله الكريم الستار ، لا إله إلا الله الكبير المتعال ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا
ربا وشاهدا ، أحد صمد ، ونحن له مسلمون ، ولا إله إلا الله لا شريك له ، إلها واحدا ، ربا شاهدا ، أحد صمد ، ونحن له عابدون ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، وربا شاهدا
ونحن له صابرون ، ولا إله إلا الله محمد رسول الله ، اللهم إليك فوضت أمري ، وعليك توكلت يا أرحم الراحمين ) من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه حج (360) حجة
وختم (360) ختمة ، وأعتق( 360) عبدا ، وتصدق بـ (360) دينارا ، وفرج عن (360) مغموما ، وبمجرد أن قاله الرسول صلى الله عليه وسلم نزل جبريل عليه السلام وقال : يا رسول الله ! أي عبد من عبيد الله سبحانه وتعالى
أو أي أحد من أمتك يا محمد ، ولو مرة واحدة في العمر ، بحرمتي وجلالي ضمنت له سبعة أشياء : رفعت عنه الفقر , أمنته من سؤال منكر ونكير , أمررته على الصراط , حفظته من موت الفجاءة ,
حرمت عليه دخول النار , حفظته من ضغطة القبر , حفظته من غضب السلطان الجائر والظالم .
الجواب
الحمد لله
يمكن الجواب عن درجة صحة هذه الأحاديث بالأحكام الآتية :
الحديث الأول : ( من صلى عليَّ ألفَ صلاة لم يمت حتى يبشر بالجنة )
هذا الحديث رواه أبو الشيخ الأصبهاني – كما عزاه إليه السخاوي في " القول البديع " (95)، وحكم عليه بالنكارة ، ونقل الحكم بنكارته أيضا عن الحافظ ابن حجر -.
وقد خرج الشيخ الألباني رحمه الله حديثا قريبا من لفظه : ( من صلى علي في يوم ( الجمعة ) ألف مرة ؛ لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة ) ، حيث جاء في كلامه رحمه الله :
" ضعيف جداً : رواه ابن سمعون في " الأمالي " (172/ 1)
عن محمد بن عبد العزيز الدينوري : أخبرنا قرة بن حبيب القشيري : أخبرنا الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس بن مالك مرفوعاً .
ومن هذا الوجه : أخرجه ابن شاهين في "الترغيب والترهيب" (ق 261/ 2) ؛ وإليه عزاه المنذري (2/ 281) مشيراً إلى تضعيفه .
قلت – أي الشيخ الألباني - : وعلته : الحكم بن عطية ؛ فإنه ضعيف ؛ كما في "التقريب" .
والدينوري شر منه ؛ قال الذهبي : ليس بثقة ؛ أتى ببلايا .
لكن رواه الأصبهاني في " ترغيبه " (ص 234 -
مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن عبد الله بن محمد بن سنان القزاز البصري : أخبرنا قرة بن حبيب به .
ومحمد بن عبد الله بن محمد ؛ لم أعرفه ، ولعل الأصل :
"... عن محمد بن سنان" ؛ فإن محمد بن سنان القزاز البصري معروف ، وهو ضعيف . والله أعلم .
وقال السخاوي في "القول البديع" (ص 95) :
" رواه ابن شاهين في " ترغيبه " وغيره ، وابن بشكوال من طريقه ، وابن سمعون في "أماليه" ؛ وهو عند الديلمي من طريق أبي الشيخ الحافظ
وأخرجه الضياء في " المختارة " وقال : لا أعرفه من حديث الحكم بن عطية ، قال الدارقطني : حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها .
وقال أحمد : لا بأس به ؛ إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة . قال : وروي عن يحيى بن معين أنه قال : هو ثقة .
قلت – أي السخاوي - :
وقد رواه غير الحكم ، وأخرجه أبو الشيخ من طريق حاتم ابن ميمون عن ثابت ؛ ولفظه : ( لم يمت حتى يُبَشَّرَ بالجنة ) .
وبالجملة فهو حديث منكر كما قاله شيخنا - يعني الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله -.
وقال في مكان آخر – يعني السخاوي - (145)
: أخرجه ابن شاهين بسند ضعيف "
انتهى النقل عن الشيخ الألباني رحمه الله باختصار من " السلسلة الضعيفة " (رقم/5110)
وينظر : تحقيق " جلاء الأفهام " لابن القيم (ص/61،64) ، طبعة مجمع الفقه الإسلامي – جدة ،" مجموع فتاوى ابن باز " (26/343) ، "اللقاء الشهري" (لقاء رقم/27، سؤال رقم/6) .
الحديث الثاني : ( من صلى علي في اليوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة ، سبعين منها في الآخرة وثلاثين منها في الدنيا )
هذا الحديث مروي عن اثنين من الصحابة رضوان الله عليهم :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليَّ صلاة في الدنيا ، من صلى عليَّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة ، سبعين من حوائج الآخرة
وثلاثين من حوائج الدنيا ، ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبري كما يدخل عليكم الهدايا ، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته ، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء )
رواه ابن منده في " الفوائد " (ص/82)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (3/111)
و"حياة الأنبياء" (29) ، ومن طريق البيقهي : ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (54/301) ، وعزاه السيوطي في " الحاوي " (2/140) للأصبهاني في " الترغيب ".
رووه من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار ، عن أبيها عثمان بن دينار ، عن أخيه مالك بن دينار ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه به .
مع التنبيه إلى أن سند البيهقي في "الشعب" سقط منه كل من عثمان بن دينار وأخوه مالك بن دينار ، وهما مثبتان في "حياة الأنبياء" له ، وعند ابن عساكر عن البيهقي ، فالصواب إثباتهما.
جاء في " لسان الميزان " (4/140) :
" عثمان بن دينار ، أخو مالك بن دينار البصري ، والد حكامة : لا شيء ، والخبر كذب بين" انتهى ، وذكره ابن حبان في الثقات قال : يروي عن أخيه ، وعنه بنته حكامة ، وهي لا شيء
. قلت – أي الحافظ ابن حجر - : ولفظ العقيلي ، روت عنه ابنته أحاديث بواطيل ليس لها أصل " انتهى.
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من صلى عليَّ مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة ، عجل له منها ثلاثين حاجة ، وأخر له سبعين ، وفي المغرب مثل ذلك )
قال السخاوي رحمه الله :
" أخرجه أحمد بن موسى الحافظ بسند ضعيف " انتهى.
" القول البديع " (ص/169)
وعزاه السيوطي في " جمع الجوامع " إلى ابن النجار محمد بن محمود بن حسن بن هبة الله (643هـ) صاحب تاريخ بغداد ، كما عزاه في " داعي الفلاح " (رقم/92) للمستغفري ، ولم نقف على سنده عندهما
وإنما وقفنا على سند الحافظ أحمد بن موسى ، فقد نقله ابن القيم رحمه الله في " جلاء الأفهام " (ص/507) حيث قال : قال أحمد بن موسى الحافظ ، حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم
قال ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن أسيد ، حدثنا إسماعيل بن يزيد ، حدثنا إبراهيم بن الأشعث الخراساني ، حدثنا عبد الله بن سنان بن عقبة بن أبي عائشة المدني
عن أبي سهل بن مالك ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما به.
وهذا سند ضعيف ، فيه إبراهيم بن الأشعث : منكر الحديث . " لسان الميزان " (1/!32)
وله طريق أخرى عن جابر :
قال ابن القيم رحمه الله :
" قال ابن مندة الحافظ : حدثنا عبد الصمد العاصمي ، أخبرنا إبراهيم بن أحمد المستملي ، حدثنا محمد بن درستويه ، حدثنا سهل بن متويه ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا عباس بن بكار
حدثنا أبو بكر الهذلي ، حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن صلَّى علَيَّ في كل يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة : سبعين منها لآخرته ، وثلاثين منها لدنياه ) قال الحافظ أبو موسى المديني هذا حديث حسن " انتهى.
" جلاء الأفهام " (ص/509)
والصواب أن هذا إسناد منكر ، بسبب أبي بكر الهذلي البصري : قال النسائي : متروك الحديث . وقال علي بن المديني : ضعيف ليس بشيء . واتفقت كلمة أهل العلم على تضعيفه.
انظر " تهذيب التهذيب " (12/46)
والخلاصة أن الحديث منكر لا يثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لا من حديث أنس ولا من حديث جابر .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 16:54
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" وأما حديث : ( من صلى علي في يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة ؛ سبعون منها لآخرته وثلاثون منها لدنياه ) فلا نعلم له أصلا ، بل هو من كذب الكذابين " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن باز " (8/314) .
الحديث الثالث : ( من صلى عليَّ حين يصبح عشرا ، وحين يمسي عشرا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة ) .
هذا الحديث مروي عن الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا ، وحين يمسي عشرًا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة )
رواه الطبراني – كما عزاه إليه العلماء الذين نقلوا هذا الحديث ، ولكنا لم نقف عليه في المطبوع من كتب الطبراني – ورواه ابن أبي عاصم في " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (ص/48، رقم61) .
والحديث عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ـ (10/163)
إلى الطبراني ، قال : " رواه الطبراني بإسنادين ، وإسناد أحدهما جيد ، ورجاله وثقوا" .
وقد نقل الحافظ ابن القيم رحمه الله في كتابه " جلاء الأفهام " (ص/63) إسناد الطبراني لهذا الحديث أنه قال : حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي الرقي
حدثنا محمد بن علي بن ميمون ، حدثنا سليمان بن عبد الله الرقي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن إبراهيم بن محمد بن زياد قال : سمعت خالد بن معدان ، يحدث عن أبي الدرداء به .
وفي هذا الإسناد علل عدة ، منها :
1-خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء
. انظر: " جامع التحصيل " (ص/171)
2-إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني : ترجمته في " التاريخ الكبير " للبخاري (1/323)
" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (2/127) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا .
3- بقية بن الوليد مدلس ولم يصرح بالسماع .
4- سليمان بن عبد الله الرقي : قال فيه ابن معين : ليس بشيء . " لسان الميزان " (3/96)
ولذلك ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1/441)، والسخاوي في " القول البديع " (179)
والألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/5788)، والشيخ مقبل الوادعي في " الشفاعة " (ص/270)
وقد جاءت في فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة كثيرة تغني عن مثل هذا الحديث الضعيف
كما أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تنال بالعديد من الأعمال الصالحة المعينة في السنة الصحيحة .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ : حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
رواه البخاري (614)
وانظر جواب السؤال رقم : (130213) .
الحديث الرابع : ( من صلى عليَّ واحدة صلى الله بها عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات ، ورفع له عشر درجات )
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )
رواه النسائي (1297) وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".
الحديث الخامس : ( ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أسلم عليه )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ )
رواه أحمد (16/477) ط الرسالة ، وأبو داود (2041) وصححه النووي في " الأذكار " (154)
وابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " (2/173) وغيرهم .
الحديث السادس : ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة )
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً ) .
رواه الترمذي (484) وقال :
هذا حديث حسن غريب . وصححه ابن حبان كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " (455)، وحسنه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (3/295)
وحسنه الشيخ الألباني لغيره في " صحيح الترغيب " (1668) .
الحديث السابع : ( يأتي زمان على أمتي يحبون خمسا وينسون خمسا , يحبون الدنيا وينسون الآخرة , يحبون المال ينسون الحساب , يحبون المخلوق وينسون الخالق ,
يحبون القصور وينسون القبور , يحبون المعصية وينسون التوبة , فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء وموت الفجاءة وجور الحاكم )
لم نقف عليه في كتب السنة ، والظاهر أنه لا أصل له ، وكذا جاء الحكم عليه في موقع " الدرر السنية "
الحديث الثامن : ( مَن يَزْنِ يُزْنَ بأهله )
ليس هذا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما كلام منتشر على ألسنة الناس ، ومضمونه غير صحيح باللازم ، فأهل الزاني قد يكونون من أهل الخير والصلاح
فكيف يؤاخذهم الله بجريرة غيرهم ، وهو سبحانه عز وجل يقول : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام/164
وقد يقبل مثل هذا الكلام في حالة أن يكون الزاني وأهله من أهل الشر والفسق والفساد ، فيعاقب الله الزاني بزوجته العاصية ، فيصيبه في عرضه كما أصاب الناس في أعراضهم
وكما تدين تدان ، وقد خبر الناس هذا الأمر في أحوال الزناة كثيرا ، حتى يروى عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال :
عفّوا تعِفُّ نِسَاؤُكُمْ فِي المَحْرَمِ ** وتجنبوا مالا يليقُ بمسلمِ
إنَّ الزنا دينٌ فإن أقرضتهُ ** كَانَ الزِّنَا مِنْ أهلِ بَيْتِك فَاعْلَمِ
وقد أورد ابن الجوزي في كتاب " الموضوعات " (3/106) حديثا قريبا من هذا المعنى ، جاء فيه : ( ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته )...ثم قال ابن الجوزي رحمه الله :
" ليس في هذه الأحاديث شيء يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج حديث : ( ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته ) :
" موضوع . رواه ابن عدي ( 15 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 278) عن إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا .
وقال ابن عدي : " وإسحاق بن نجيح بيِّنُ الأمر في الضعفاء ، وهو ممن يضع الحديث " . وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 149 رقم 728 ) وقال : " إنه
من أباطيل إسحاق بن نجيح " .
ومما يؤيد بطلان هذا الحديث أنه يؤكد وقوع الزنى في أهل الزاني ، وهذا باطل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )
نعم إن كان الرجل يجهر بالزنا ويفعله في بيته فربما سرى ذلك إلى أهله والعياذ بالله تعالى ، ولكن ليس ذلك بحتم كما أفاده هذا الحديث ، فهو باطل " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/723)
وقال أيضا رحمه الله في تخريج حديث : ( من زنى زني به ، ولو بحيطان داره ) :
" موضوع . رواه ابن النجار بسنده عن القاسم بن إبراهيم الملطي : أنبأنا المبارك بن عبد الله المختط : حدثنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا .
قال ابن النجار :
" فيه من لا يوثق به " . قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : وهو القاسم الملطي كذاب . كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي ( ص 134 )
و " تنزيه الشريعة " لابن عراق (1/316) . قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار هذا !! و خفي أمره على المناوي فلم يتعقبه بشيء " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/724) .
الحديث التاسع : ( لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )
هذا الحديث رواه جماعة من أصحاب السنن عن جماعة من الصحابة ، منهم أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا )
رواه الترمذي (1159) وقال
: وَفِي الْبَاب عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَطَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وقال الهيثمي رحمه الله :
" إسناده حسن " انتهى. " مجمع الزوائد " (9/10)، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (7/54) .
الحديث العاشر : ( من قال لا إله إلا الله الجليل الجبار ، لا إله إلا الله الواحد القهار ، لا إله إلا الله الكريم الستار ، لا إله إلا الله الكبير المتعال ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا
ربا وشاهدا ، أحد صمد ، ونحن له مسلمون ، ولا إله إلا الله لا شريك له ، إلها واحدا ، ربا شاهدا ، أحد صمد ، ونحن له عابدون ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، وربا شاهدا
ونحن له صابرون ، ولا إله إلا الله محمد رسول الله ، اللهم إليك فوضت أمري ، وعليك توكلت يا أرحم الراحمين ) من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه حج (360) حجة ، وختم (360) ختمة
وأعتق( 360) عبدا ، وتصدق بـ (360) دينارا ، وفرج عن (360) مغموما
وبمجرد أن قاله الرسول صلى الله عليه وسلم نزل جبريل عليه السلام وقال : يا رسول الله ! أي عبد من عبيد الله سبحانه وتعالى ، أو أي أحد من أمتك يا محمد
ولو مرة واحدة في العمر ، بحرمتي وجلالي ضمنت له سبعة أشياء : رفعت عنه الفقر , أمنته من سؤال منكر ونكير , أمررته على الصراط , حفظته من موت الفجاءة ,
حرمت عليه دخول النار , حفظته من ضغطة القبر , حفظته من غضب السلطان الجائر والظالم )
هذا الحديث كذب موضوع ، سبق بيان حكمه والنقل عن اللجنة الدائمة تكذيبه
وذلك في جواب السؤالين القادمين
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 16:57
هل يحرم الزاني من الحور العين ؟ وما حكم حديث : " من زنى زني به.. "؟
السؤال
هل إذا زنى الرجل وتاب يحرم من الحور في الآخرة ، وما معنى " يزنى به ولو في جدار داره " وإذا كان المعنى أي من محارمه فما ذنبهم.
الجواب
الحمد لله
الزاني وغيره من أهل المعاصي إذا تابوا إلى الله توبة صادقة تاب الله عليهم ، وكفر سيئاتهم ، كما دلت على ذلك الأدلة المتكاثرة في الكتاب والسنة
ومنها قوله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53
بل إذا حسنت توبته قد تبدل سيئاته إلى حسنات بسعة فضل الله ورحمته
كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيه مهانا
. إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/68،69،70 . ومقتضى مغفرة الله للذنب وقبوله للتوبة أن لا يعاقب عليه .
أما من أصر على الزنى ولم يتب منه فقد ثبت في حقه أنواع من العقوبات في الدنيا ، وفي القبر ، وفي الآخرة ، ولم نجد نصا يدل على منعه من الحور العين
لكن قاسه بعض العلماء على ما ثبت من الوعيد في حق من مات ولم يتب من شرب الخمر أنه لا يشربها في الآخرة ، ووعيد من لم يتب من لبس الحرير في الدنيا بأنه لا يلبسه في الآخرة .
قال ابن القيم رحمه الله وهو يعدد العقوبات التي تقع على الزاني إذا لم يتب :
" ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن والله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه
يوم القيامة وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا . بل كل ما ناله العبد في الدنيا من حرام فاته نظيره يوم القيامة "
روضة المحبين لابن القيم ( 365 - 368 )
وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: " من زنى زني به ولو بحيطان داره " فهو حديث موضوع كما حكم عليه السيوطي وابن عراق والألباني في السلسلة الضعيفة ( 2/155 )
وعليه فلا وجه للاعتراض بما ذكر . على أن الحديث لو صح فيمكن حمله على معنى صحيح وهو : أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد
فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر ، وإذا كان رب البيت مضيعا لنفسه فمن باب أولى أن يضيع أهله ، ولا يربيهم على ما يصلح دينهم
فلا يبعد عند ذلك وقوعهم فيما يقع فيه من المعاصي لضعف إيمانهم . وفي الواقع قصص كثيرة تدل على حدوث مثل هذا ، وهو من العقوبات الدنيوية العاجلة التي يعاقب الله بها أمثال هؤلاء الذين يهتكون عورات المسلمين
فيهتك الله عوراتهم جزاء وفاقا ، والله سبحانه يفعل ما يشاء على وفق الحكمة البالغة ، والعدل التام ، لا يظلم أحدا ، ولا يُسأل عما يفعل وهو الحكيم العليم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:01
كما تَدِينُ تُدَان
السؤال
( كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ) ماذا يدل على صحة هذه المقولة من الدين ؟
الجواب
الحمد لله
( كما تدين تدان ) ، أو ( الجزاء من جنس العمل ) ، حكمة بليغة تناقلها الناس قديما ، وجاءت الشواهد من الكتاب والسنة دالة على صدقها ، فهي سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى عظة وعبرة للناس .
يقول ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1/71) :
" تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل " انتهى .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (11/178) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( البِرُّ لا يَبْلَى ، وَالِإثْمُ لَا يُنْسَى ، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ ، فَكُن كَمَا شِئتَ ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ )
قال الحافظ ابن حجر "فتح الباري" (13/466) :
" مرسل ، ورجاله ثقات " انتهى .
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع .
وعن مالك بن دينار قال : مكتوب في التوراة ( كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، وَكَمَا تَزرَعُ تَحصُدُ )
رواه الخطيب البغدادي في "اقتضاء العلم العمل" (98)
قال ابن قتيبة رحمه الله : ويقولون "كما تَدِينُ تُدان" أي: كما تَفعل يُفعل بك، وكما تُجازِي تُجازَى، وهو من قولهم : "دِنْتُه بما صَنَعَ" أي: جازيته.
قال في لسان العرب (13/164) :
" أي : كما تُجازِي تُجازَى ، أي : تُجَازَى بفعلك وبحسب ما عملت " انتهى .
وهي قاعدة عظيمة مطردة في جميع الأحوال ، وبالتأمل في الكتاب والسنة نجد شواهد ذلك:
فقد عاقب الله تعالى المنافقين بجنس ما أذنبوا وارتكبوا ، فقال في سورة البقرة :
( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) فعاقبهم على استهزائهم بدين الله عقابا من جنس عملهم ، فقال سبحانه :
( اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) البقرة/14-15
وقال تعالى في سورة التوبة :
( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ، سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) التوبة/79
قال ابن كثير رحمه الله "تفسير القرآن العظيم" (4/128) :
" قوله ( سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ ) من باب المقابلة على سوء صنيعهم واستهزائهم بالمؤمنين ؛ لأن الجزاء من جنس العمل " انتهى .
وكذلك الحدود التي شرعها الله تعالى ، كان الجزاء فيها من جنس العمل .
يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) المائدة/38
" أي مجازاة على صنيعهما السيء في أخذهما أموال الناس بأيديهم ، فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك ، والجزاء من جنس العمل " انتهى .
ومما وعد الله به عباده المؤمنين قوله تعالى ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) الرحمن/60
قال ابن القيم في "بدائع الفوائد" (3/528) :
" لأن الجزاء من جنس العمل ، فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن الله إليهم برحمته " انتهى .
كما رتب الله تعالى من الأجور والثواب على بعض الأعمال ما هو مشاكل ومناسب للعمل نفسه ، ومن ذلك :
قوله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) البقرة/40
وقوله تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) البقرة/152
وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد/7
وقوله سبحانه : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النور/22
يقول ابن كثير رحمه الله "تفسير القرآن العظيم" (3/368) :
" فإن الجزاء من جنس العمل ، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك ، وكما تصفح نصفح عنك " انتهى .
ومن السنة أحاديث كثيرة ، منها :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ارحَمُوا مَن فِيْ الأَرضِ يَرحَمْكُمْ مَن فِي السَّمَاءِ )
رواه أبو داود (4941) وصححه الألباني في صحيح أبي دواد .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( احفَظِ اللَّهَ يَحفَظْكَ ) رواه الترمذي (2516) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه
مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ) رواه البخاري (2442) ومسلم (2580)
قال ابن رجب "جامع العلوم والحكم" (1/338) :
" هذا يرجع إلى أن الجزاء من جنس العمل ، وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى " انتهى .
ومن ذلك أيضا ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ، في قول الله تعالى للرحم حين تعلقت به سبحانه : ( أَمَا تَرضَينَ أَن أَصِلَ مَن وَصَلَكِ وَأَقطَعَ مَن قَطَعَكِ ؟ قَالَت : بَلَى ، قَالَ : فَذَاكِ لَكِ ) رواه البخاري (4830) ومسلم (2554) .
وقد جاء في السنة من الوعيد على بعض الذنوب ما هو مناسب ومشاكل لها ، فمن ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم :
( مَن لَعَنَ شَيئًا لَيسَ لَهُ بِأَهلٍ رَجَعَتِ الَّلعنَةُ عَلَيهِ )
رواه الترمذي (1978) وقال : حسن غريب .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ ، وَمَن شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيهِ )
رواه الترمذي (1940) وقال : حسن غريب .
ومنه ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن سُئِلَ عَن عِلمٍ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلجِمَ يَومَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِن نَارٍ )
رواه الترمذي (2649) وقال : حديث حسن .
قال المناوي في "فيض القدير" (6/146) : " الحديث خرج على مشاكلة العقوبة للذنب " انتهى
وهكذا كلما تأملت في نصوص الوحي ، وفي حوادث التاريخ ، وفي سنن الله في أرضه ، تجد أنها لا تتخلف عن هذه السنة ( الجزاء من جنس العمل
وكما تدين تدان ) ، وذلك من مقتضى عدله وحكمته سبحانه وتعالى ، فمن عاقب بجنس الذنب لم يظلم ، ومن دانك بما دنته به لم يتجاوز :
فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها
وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:05
أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
هل ما يلي صحيح؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
1. أربع تمرض البدن "كثرة الكلام وكثرة النوم وكثرة الطعام وكثرة الاجتماع بالناس"
2. أربع تفني الجسد "الهم والحزن والجوع والسهر"
3. أربع تشحب الوجه وتزيل البشر منه "الكذب والأذى والفتوى دون علم وكثرة الغلط"
4. أربع تزيد نضرة الوجه وسعادته "المروءة والوفاء والكرم والتقوى.
5. أربع تمنع الرزق "نوم الصبح وقلة الصبح والكسل والخيانة.
6. أربع تزيد الرزق "قيام الليل وكثرة الاستغفار بالأسحار وتعاهد الصدقة والذكر أول النهار وآخره.
الجواب
الحمد لله
أولا :
الواجب على كل مسلم أن يتحرى فيما يقوله أو يكتبه
قبل أن ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى لا يقع في الكذب عليه ، ونسبة ما لم يقله إليه ؛ وليس كل كلام صواب وحق ، أو معنى جميل ، ولفظ رائق :
يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بمجرد ذلك .
فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قال : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( َمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) متفق عليه .
قال النووي رحمه الله :
" يَحْرُم رِوَايَة الْحَدِيث الْمَوْضُوع عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ فَمَنْ رَوَى حَدِيثًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَضْعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ رِوَايَتِهِ وَضْعَهُ فَهُوَ دَاخِل فِي هَذَا الْوَعِيد ,
مُنْدَرِج فِي جُمْلَة الْكَاذِبِينَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْحَدِيث السَّابِق " مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ " انتهى .
ثانياً :
هذا الكلام المذكور في السؤال ، سواء أكان حديثا واحدا أو عدة أحاديث ، لم نجد له ـ بعد البحث ـ
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا ، لا بإسناد ، ولا بغير إسناد ، ولا ذكره ، فيما نعلم ، أحد ممن تكلم في الأخلاق والرقائق .
وجملة : "أربع تمنع الرزق : نوم الصبح" : وردت من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الصُّبْحَة تمنع بعض الرزق ) .
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/251) ، وهو حديث ضعيف جداً .
انظر : "السلسلة الضعيفة" ، للشيخ لألباني ، رحمه الله (3019) .
وورد بلفظ : ( لا تناموا عن طلب أرزاقكم فيما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ) .
وهو ضعيف جدا أيضا ، انظر : "الضعيفة" (6991)
وجملة "أربع تزيد الرزق" وذكر منها تعاهد الصدقة : روى نحوا منها الديلمي في "مسند الفردوس" (1/47) بلفظ : ( استعينوا على الرزق بالصدقة ) ، وهو حديث ضعيف .
راجع : "ضعيف الجامع" (818) ، للشيخ الألباني .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:07
حديث : ( لا تكونوا إمعة ) لا يصح سندا ، ومعناه صحيح
السؤال
ما مدى صحّة حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال : (لا يكون المؤمن إمّعة ، ذا أساء النّاس أساء معهم ، وإذا أحسنوا أحسن معهم)؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث روي من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ، تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا
وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا) رواه الترمذي (2007) بإسناد ضعيف .
وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "ضعيف الترمذي" غير أنه صححه من قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
ولا شك أن المعنى الذي تضمنه الحديث صحيح ، فالذي ينبغي للمؤمن أن يحسن اعتقاداته وأقواله وأعماله ، سواء أحسن الناس أم أساؤوا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به ، وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده
فلا يزيد فيه ولا ينقص منه ، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمَّعَةً يتبع كلَّ ناعق ، بل ينبغي أن يُكَوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعا لا تابعا ، وحتى يكون أسوة لا متأسيا
لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/301) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:10
حديث بروا نساءكم لا أصل له
السؤال
ما هو صحة حديث : ( بروا نساءكم ، فإن بني إسرائيل لم يبروا نساءهم فزنت نساؤهم ) ؟
الجواب
الحمد لله
ليس لهذا الحديث أصل في كتب السنة ـ فيما نعلم ـ ، كما لم نقف على حديث قريب من معناه
فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجب الحذر من ذكره في المنتديات والمواقع ، والواجب علينا تطهير المواقع من مثل هذه الأحاديث المكذوبة .
ويغني عنه الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي جاءت بالأمر بالإحسان إلى النساء والزوجات ومعاشرتهن بالمعروف ، منها :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1174) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:13
حديث:( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا) حديث ضعيف لا يصح
السؤال
ما معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن خير أجناد الأرض جند مصر ) أليس أصل اليهود الذين آمنوا مع رسول الله موسى صلى الله عليه وسلم من مصر ، أليس جند مصر هم من اكتفوا بتحرير سيناء عام 1973
ولم يحاربوا من أجل القدس . وشكرا .
الجواب
الحمد لله
الحديث المقصود في السؤال جزء من خطبة طويلة لعمرو بن العاص رضي الله عنهما ، خطبها في أهل مصر ، فكان مما قال لهم : حدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: ( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض . فقال له أبو بكر : ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال : لأنهم في رباط إلى يوم القيامة
) أخرج هذه الخطبة ابن عبد الحكم (ت257هـ) في " فتوح مصر " (ص/189)
والدارقطني في " المؤتلف والمختلف " (2/1003) ، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (46/162)
وأخرجها ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي (ت 387هـ) في " فضائل مصر " (ص/83) ، وعزاه المقريزي في " إمتاع الأسماع " (14/185) لابن يونس .
جميعهم من طريق ابن لهيعة ، عن الأسود بن مالك الحميري ، عن بحير بن ذاخر المعافري، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه علل ثلاثة :
عبد الله بن لهيعة : قال الذهبي رحمه الله في " الكاشف " (ص/590): " العمل على تضعيف حديثه " انتهى.
الأسود بن مالك : لم أقف له على ترجمة .
بحير بن ذاخر المعافري : ترجم له البخاري في " التاريخ الكبير " (2/138)
وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/411)، والذهبي في " تاريخ الإسلام " (7/326) ولم يذكر فيه أحد جرحا ولا تعديلا، وإنما ذكره ابن حبان في " الثقات " (4/81).
وبهذا يتبين أن الحديث ضعيف جدا ، فلا يستشكل المعنى بعد ضعف السند .
وعلى كل حال : فأجناد المسلمين فيهم الخير الكثير ، وكل من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله
وفي وصاية رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يجوز إطلاق الأحكام العامة على أجناد بلاد معينة بغير دليل صحيح
وخسارة بعض المعارك ليس دليلا على فساد جميع الجند
كما أن النصر في المعركة ليس دليلا على صلاح جميع الجند .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-22, 17:19
هل ثمة دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ؟
السؤال
هل يوجد دعاء يحفظك من موت الفجأة ? وما هو ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
موت الفجأة من أقدار الله التي يقضي بها في عباده ، بأن يصيب الموتُ العبدَ مفاجأة من غير إمهال ولا إخطار ، وإنما هجوما تنسل به الروح من غير معاناة سكرات الموت ومقدماته .
وهو صورة من صور الموت التي وجدت قديما ، وزاد انتشارها حديثا بسبب حوادث السير المعروفة اليوم ، والعدوان على الشعوب والأفراد بآلات القتل الحديثة الفاتكة .
وقد جاء في بعض الآثار والأحاديث أن انتشار موت الفجأة من علامات الساعة ، حسَّن هذه الآثار الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/506) وقال : له طرق يقوي بعضها بعضا
والألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/370)، ويمكن الاطلاع عليها في كتاب : "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (2/236) للشيخ حمود التويجري .
ثانيا :
ثم إن موت الفجأة يحتمل أن يكون خيرا ، ويحتمل أن يكون شرا ، وذلك بحسب اختلاف حال المتوفى ، وما له عند الله عز وجل :
1- فإذا كان المتوفَّى من أهل الصلاح والخير ، وله عند الله من الحسنات والأعمال الصالحة ما يُرجَى أن تكون نورا بين يديه يوم القيامة :
فجميع صور الموت بالنسبة له من الخير ، سواء موت الفجأة ، أو بعد معاناة سكرات الموت : موت الفجأة رحمة وتخفيف وعفو من رب العباد
فلا يجد من ألم الموت وشدة سكراته ومعاناة مرضه شيئا يذكر ، وإن وقع له ذلك ولم يكن موته فجأة كان تكفيرا لسيئاته
ورفعة لدرجاته عند الله ، وذلك تصديق لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر المؤمن كله له خير ، وأن موت المؤمن راحة له من نصب الدنيا وعذابها ، إلى نعيم الآخرة .
2- أما إذا كان المتوفَّى من المقصرين أو الفسقة الظلمة أو الكفرة :
فموت الفجأة بالنسبة له نقمة وغضب ، إذ عوجل بالموت قبل التوبة ، ولم يمهل كي يستدرك ما مضى من تفريطه وتقصيره
فأُخِذَ أخذةَ انتقام وغضب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ ) رواه أبو داود (رقم/3110) .
ولما كان الجزم بصلاح النفس أو تقصيرها من الأمور العسرة ، وتتفاوت فيها القلوب ، وتتنازعها أسباب الورع والخوف أو الثبات واليقين ، وجدنا في الآثار عن السلف بعض الاختلاف في نظرتهم لموت الفجأة
فمَن غَلَّبَ جانب الخوف من الله ، وظنَّ في نفسه التقصير
: كان يستعيذ من موت الفجأة ، ويرجو أن يكفر الله خطاياه بمعالجة سكرات الموت، ومَن غَلَّب جانب الرجاء ، وسعة رحمة الله : رأى في موت الفجأة فرجا ورحمة وعفوا من الله عز وجل .
فإذا قرأنا عن السلف كلاما عن موت الفجأة ظاهره التعارض ، فهو في الحقيقة والباطن ليس اختلاف تعارض ، وإنما اختلاف تنوع .
عن عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قالا :
" أسف على الفاجر وراحة للمؤمن : يعني الفجأة " انتهى.
" مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)، " السنن الكبرى " للبيهقي (3/379).
وعن تميم بن سلمة ، قال : مات منا رجل بغتة ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذة غضب , فذكرته لإبراهيم - وقل ما كنا نذكر لإبراهيم حديثا إلا وجدنا عنده فيه - فقال : كانوا يكرهون أخذة كأخذة الأسف .
" مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)
ثالثا:
أما الأحاديث المرفوعة فلم يصح منها شيء سوى الحديث المذكور سابقا : ( موت الفجأة أخذة أسف )
مع أن بعض أهل العلم تكلم فيه ، وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى أنه روي مرفوعا وموقوفا ، وذكر أنه الإمام البخاري رحمه الله أشار بترجمته إلى أنه في إسناده مقالا.
ينظر: فتح الباري ، للحافظ ابن حجر (3/254) .
أما غيره من الأحاديث المتعلقة بموت الفجأة مدحا أو ذما ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ منها : فلم يصح منها شيء .
ولذلك قال الفيروزأبادي رحمه الله :
" ما ثبت فيه شيء " انتهى.
" سفر السعادة " (ص/353)
رابعاً :
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ، وما ينتشر في المنتديات عن ذلك الدعاء الذي يكتب لمن قاله أجر (360) حجة ، ويحفظ من موت الفجأة وغير ذلك
إنما هو كذب موضوع لا أصل له في كتب السنة
والأولى أن يدعو الإنسان بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ :
كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )
رواه مسلم (2739)
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
zakaria226
2018-11-23, 23:57
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:28
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدي حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:32
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل يصح حديث (لن يغلب عسر يسرين) ؟
السؤال
في قوله تعالى : ( إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )
قال الرسول صلى الله عليه وسلم - بما معناه- : ( اصبروا فلا يهزم عسر يسرين )، هل هذا الحديث صحيح ؟
وإن كان ، فما هو نص الحديث الصحيح ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
ورد هذا الحديث من طريقين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ـ فيما نعلم ـ وكلاهما ضعيف .
الأول : من مراسيل الحسن البصري ، ومراسيله ـ كما هو معلوم ـ ضعيفة ، بل من أضعف المراسيل .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"ضعيف : أخرجه الحاكم (2/ 528) عن إسحاق بن إبراهيم الصنعاني : أنبأ عبد الرزاق : أنبأ معمر ، عن أيوب ، عن الحسن : في قول الله عز وجل : (إن مع العسر يسراً)
قال : خرج النبي صلي الله عليه وسلم يوماً مسروراً فرحاً ، وهو يضحك وهو يقول : (لن يغلب عسر يسرين)
وقال هو والذهبي : مرسل . فعلة الحديث الإرسال .
كذلك أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 151) من مرسل الحسن وقتادة ، ولا يقوي أحدهما الآخر ؛ لاحتمال أن يكونا تلقياه من شيخ واحد ، واحتمال أن يكون تابعياً مثلهما ، واحتمال أن يكون ضعيفاً أو مجهولاً
وهو السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل وجعلهم إياه من أقسام الحديث الضعيف ، كما هو مقرر في علم المصطلح " انتهى باختصار.
"السلسلة الضعيفة" (4342) .
الثاني : من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .
رواه ابن مردويه – كما عزاه إليه الزيلعي في " تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف " (4/236) – قال :
" فيه مرفوع آخر رواه ابن مردويه في تفسيره فقال :
حدثنا أحمد بن محمد بن السري ، ثنا المنذر بن محمد بن المنذر ، ثني أبي ، ثنا يحيى بن محمد بن هانئ ، عن محمد بن إسحاق ، ثني الحسن بن عطية العوفي ، عن أبيه
عن جابر بن عبد الله قال : ( لما نزلت : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابشروا لن يغلب عسر يسرين ) " انتهى.
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن عطية العوفي ، فقد اتفق أهل العلم على تضعيفه . انظر: "تهذيب التهذيب" (2/294) ، ولذلك ضعف الحافظ ابن حجر حديث جابر هذا في
"فتح الباري" (8/712) .
ثانيا :
ثبت هذا من كلام بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، أصحها ما رواه الحاكم في "المستدرك" (2/329) بسند صحيح ، قال فيه الحاكم : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي في "التلخيص"
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أنه بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام ، وقد تألب عليه القوم ، فكتب إليه عمر : سلام عليك ، أما بعد : فإنه ما ينزل بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجا
ولن يغلب عسر يسرين ، و ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) قال : فكتب إليه أبو عبيدة : سلام عليك .
وأما بعد : فإن الله يقول في كتابه : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) إلى آخرها
. قال : فخرج عمر بكتابه فقعد على المنبر فقرأ على أهل المدينة ثم قال : يا أهل المدينة ! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أن ارغبوا في الجهاد ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" قوله تعالى : ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) فالعسر - وإن تكرر مرتين - فتكرر بلفظ المعرفة ، فهو واحد ، واليسر تكرر بلفظ النكرة
فهو يسران ، فالعسر محفوف بيسرين ، يسر قبله ، ويسر بعده ، فلن يغلب عسر يسرين " انتهى.
" بدائع الفوائد " (2/155) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قال ابن عباس عند هذه الآية : (لن يغلب عسر يسرين) قال أهل البلاغة : توجيه كلامه : أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة
( فإن مع العسر يسراً ) ، ( إن مع العسر يسرا ) العسر الأول أعيد في الثانية بأل ، فأل هنا للعهد الذكري ، وأما اليسر فإنه لم يأت معرفاً بل جاء منكراً
والقاعدة : أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير أن الثانية غير الأول إلا ما ندر ، والعكس إذا كرر الاسم مرتين وهو معرف فالثاني هو الأول إلا ما ندر
إذاً : في الآيتين الكريمتين يسران ، وفيهما عسر واحد ؛ لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف .
( فإن مع العسر يسرا ) هذا الكلام خبر من الله عز وجل ، وخبره أكمل الأخبار صدقاً ، ووعده لا يخلف ، فكلما تعسر عليك الأمر فنتظر التيسير " انتهى باختصار.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/80)
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه أحمد (5/19) طبعة مؤسسة الرسالة وصححه المحققون
وقال ابن رجب : حسن جيد . "
جامع العلوم والحكم " (1/459) .
فينبغي للعبد أن يحسن ظنه بالله ، وأن يقوى يقينه بفرج من عنده سبحانه ، فهو عز وجل عند حسن ظن عبده به ، وأن يبذل أسباب الفرج من الصبر والتقوى وحمد الله على كل حال
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا . ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) الطلاق/4- 5 .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب ، واليسر بالعسر : أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا هو حقيقة التوكل على الله
وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج - فإن الله يكفي مَن توكل عليه ، كما قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) " انتهى.
" جامع العلوم والحكم " (ص/197) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:35
حديث (لا تمارضوا فتمرضوا)
السؤال
ما صحة الحديث : (لا تمارضوا فتمرضوا ، ولا تحفروا قبوركم فتموتوا) ؟
وما حكم من يتمارض ليأخذ ما ليس حقه في عمله كموظف حكومة؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن أبي حاتم رحمه الله :
"سألت أبي عن حديث رواه عاصم بن إبراهيم الداري
عن محمد بن سليمان الصنعاني ، عن منذر بن النعمان الأفطس ، عن وهب بن منبه ، عن عبد الله بن عباس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تمارضوا فتمرضوا ، ولا تحفروا قبوركم فتموتوا) .
قال أبي : هذا حديث منكر " انتهى .
"العلل" (2/321) .
وقال السخاوي رحمه الله :
"أسنده الديلمي من جهة أبي حاتم الرازي : حدثنا عاصم بن إبراهيم ، عن المنذر بن النعمان ، عن وهب بن قيس به مرفوعا . وعلى كل حال فلا يصح ، وإن وقع لبعض أصحابنا
وأما الزيادة التي على ألسنة كثير من العامة فيه ، وهي : (فتموتوا فتدخلوا النار) فلا أصل لها أصلا" انتهى .
"المقاصد الحسنة" (716) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
"منكر ... وعلته محمد بن سليمان هذا قال الذهبي في "الميزان" : مجهول ، والحديث الذي رواه منكر ، يعني هذا" انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (259) ، وانظر "الفوائد المجموعة" للشوكاني (262) ، "الأسرار المرفوعة" لعلي القاري (590) .
والتمارض : يعني التظاهر بالمرض مع أن الحقيقة السلامة منه ، وهو من الكذب على الناس، ومن النفاق العملي الظاهر ، ولا يجوز للمسلم أن يتظاهر بأمر مخالف للحقيقة .
وتشتد الحرمة إذا تظاهر بهذا المرض للوصول إلى مراده بالكذب والحيلة والتزوير ، كحال أولئك العمال والموظفين الذين يتمارضون ليحصلوا على ما لا يستحقون من الأجازات أو التعويضات أو غيره
وكلها يأكلها أصحابها سحتا نسأل الله السلامة والعافية .
وقد سبق التحذير من هذا العمل في جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:42
الأعذار الطبية الكاذبة التي يقدمها الطلبة والموظفون
السؤال
ما حكم ما يفعله بعض الموظفين والطلاب من إحضار أعذار طبية كاذبة ، وفي الحقيقة يكون سبب غيابهم ليس مرضيا ، وإنما لأجل سفر مثلا
أو نوم ، وهل يجوز لو غاب طالب عن الامتحان بسبب أنه نام ولم ينتبه للمنبه مثلا ، وتأخر على موعد الامتحان - أن يستعين بالأعذار الطبية الكاذبة لأنه في الحقيقة معذور ؟
الجواب
الحمد لله
الواجب على المسلم حفظ الأمانة وأداؤها ، ومراقبة الله تعالى في جميع أمره ، فيصدق في قوله وعمله ، ولا يسلك مسالك الخيانة والشبهة ، ولا يرد موارد الظن والريبة .
يقول الله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) النساء/58 .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (2/338) :
" يُخبرُ تعالى أنَّه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك ) رواه الإمام أحمد وأهل السنن
وهو يَعمُّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان : من حقوق الله عزَّ وجلَّ على عباده من الصلاة والزكاة والصيام
والكفارات والنذور وغير ذلك مِمَّا هو مؤتَمَن عليه لا يطَّلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض ، كالودائع وغير ذلك مِمَّا يأتَمنون به من غير اطلاع بينة على ذلك
فأمر الله عزَّ وجلَّ بأدائها ، فمَن لَم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة " انتهى .
والتقصير في أداء العمل بالتغيب عنه أو عدم إتمامه أو الإهمال فيه يُعَدُّ من الخيانة المحرَّمة ، فكيف إذا جمع مع ذلك الكذب واختلاق الأعذار بطريقة أو بأخرى ؟!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) رواه مسلم (2553)
والموظف الذي يُقَصِّرُ في وظيفته ، ثم يأتي بأعذارٍ طبيةٍ مختلقةٍ يشعر في قرارةِ قلبه ونفسه بالإثم والخطأ ، ويكره أن يطَّلِع الناس على فعلته
حتى من المقربين إليه ، فهو يحب أن يظهر بمظهر الأمين الصادق المنتج الملتزم بوظيفته وعمله .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم تقدم الموظف لدائرة حكومية يعمل فيها بطلب إجازة مرضية وهو غير صادق ؟
فأجابوا : "
إذا كان واقع الموظف كما ذكر فلا يجوز ذلك ؛ لما فيه من الكذب وغش الدولة ، وأخذ ما يقابل أيام الإجازة المرضية الكاذبة من المال بغير حق " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (15/152-153)
وسئلوا أيضا (15/153-154) :
" إنني أعمل مدرسا ، وكذلك زوجتي مدرسة - والحمد لله - ، ويحصل بعض الأيام أن نتغيب كلانا أو أحدنا ، ليس لعذر شرعي ، وإنما بسبب نوم أو كسل
وفي اليوم التالي نأتي بأعذار كاذبة ، وأحيانا يتغاضى عنا مديرونا ، فما الحكم في ذلك ؟
وماذا نعمل بالراتب الذي تقاضيناه على تلك الأيام التي لم نحضرها للدوام ؟
علما أننا نندم على غيابنا في ذلك اليوم ، ونعزم على عدم العودة ، ثم نعود أخرى .
فأجابوا :
" الواجب على من وُكل إليه عمل يتقاضى في مقابله راتبا أن يؤدي العمل على الوجه المطلوب ، فإن أخل بذلك من غير عذر شرعي لم يحل له ما يتقاضاه من الراتب
لأنه يأخذه في غير مقابل ، وعليه : يجب عليكم التوبة ، وعدم العودة إلى ما ذكرت ، والتزم الأمانة في أداء العمل الذي يوكل إليك ، والتصدق فيما يقابل ما أخذت من راتب بدون عذر شرعي " انتهى .
وسئلوا أيضا (15/156) :
" كيف يكون الإخلاص في العمل ، وهل هو من الأمانة المذكورة في القرآن ؟
فأجابوا :
" الإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجر عليه هو : أداؤه على الوجه المطلوب والمتفق عليه في العقد أو النظام الوظيفي ، وهو من الأمانة التي يجب أداؤها ، كما في قوله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (5/40) :
" الواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص وعناية , وحفظا للوقت ، حتى تبرأ الذمة
ويطيب الكسب ، ويرضي ربه ، وينصح لدولته في هذا الأمر أو للشركة التي هو فيها أو لأي جهة يعمل فيها , هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح
يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ويعمل بقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )
ومن خصال أهل النفاق الخيانة في الأمانات ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ) متفقعليه .
فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأهل النفاق ، بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم ، وأن يحافظ على أمانته ، وأن يؤدي عمله بغاية العناية ، ويحفظ وقته ، ولو تساهل رئيسه
ولو لم يأمره رئيسه ، فلا يقعد عن العمل أو يتساهل فيه ، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيرا من رئيسه في أداء العمل ، والنصح في الأمانة ، وحتى يكون قدوة حسنة لغيره " انتهى .
وليتق الله كذلك الأطباء الذين يعينون هؤلاء الموظفين المقصرين على تقصيرهم ، فيكتبون لهم الأعذار وهم يعلمون أنها غير حقيقية ولا واقعية
فيكونون سببا في فساد الموظفين وتشجيع الإهمال والتقصير وأكل أموال الناس بالباطل .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "اللقاء الشهري" (7/سؤال رقم 4)
هل يجوز للطبيب أن يعطي أحداً من الناس إجازة مرضية - وخاصة للموظفين - عندما يكون هذا الشخص لا يحتاج حقيقة إلى هذه الإجازة
وهذا الطبيب لم يعاين هذا الشخص ولم يكشف عليه ، وهل يأثم الطبيب لو أعطى المريض إجازة مرضية أكثر مما يستحق ؟
فأجاب :
" في الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئاً فجلس ، فقال : وقول الزور وشهادة الزور )
ولا شك أن الطبيب إذا أعطى شخصاً إجازة مرضية وهو ليس بمريض لا شك أنه قال الزور وشهد شهادة الزور
وأنه آثم وأتى كبيرة من أكبر الكبائر ، وكذلك الذي أخذ هذه الإجازة آثم وكاذب على الجهات المسئولة ، وآكل للمال بالباطل ، فإن الراتب الذي يقابل هذه الإجازة أخذه بغير حق
وكذلك إذا أعطاه أكثر مما يحتاج ، مثل أن يحتاج إلى ثلاثة أيام إجازة مرضية ويعطيه أربعاً ، فإن هذا حرام من أكبر الكبائر .
والحقيقة أن الإنسان كلما فكر في مثل هذه الأمور يعجب كيف يقع هذا في شأن المسلم ، ألسنا كلنا مسلمين ؟ أليس دين الإسلام يحرم هذا ؟ أليس العقل المجرد عن الإيمان والإسلام يحرم هذا ؟ الجواب : بلى
لكن مع الأسف أن يقع هذا من المسلمين ، ويكون وصمة عار في جبين كل مسلم . الآن يقول بعض السفهاء : إن الكفار أنصح من المسلمين وأصدق من المسلمين وأوفى من المسلمين
وهذا قد يكون صدقاً في بعض الأحيان ، لكننا نقول لهذا : دين الإسلام أكمل من كل ما سواه من الأديان ، ومنهج الإسلام خير من كل منهج ، وشرعة الإسلام فوق كل شريعة
لكن البلاء من أهل الإسلام وليس من الإسلام ، وما دمت رجلاً أنتمي إلى الإسلام وأفخر به وأعتز به وأرجو به ثواب الله ، فلماذا أخالف شريعة الإسلام ؟! لماذا أقول الزور ؟
لماذا أشهد الزور ؟ لماذا آكل المال بالباطل ؟
لماذا أخون الجهات المسئولة ؟ كل هذا مما يؤسف له ، وكل هذا مما أوجب تأخر المسلمين وتسلط الأعداء عليهم . إخواننا المسلمين في بعض الجهات الإسلامية ينحرون نحر الخروف
يذبحون ذبحاً ، تنتهك حرماتهم ، تسبى ذراريهم ، تغتنم أموالهم ، لماذا ؟ كل هذا بذنوبنا ومعاصينا . فنسأل الله أن يعاملنا بعفوه وأن ينصرنا على أعدائنا " انتهى .
والطالب في ذلك كالموظف لا يجوز له أن يكذب ويأتي بشهادة زور .
نسأل الله الهداية للجميع .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:47
ما صحة حديث (إن الله يبغض الحبر السمين) ؟
السؤال
هل هذا الحديث صحيح (إن الله يبغض الحبر السمين) ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
بعد البحث عن هذا الحديث تبين لنا أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تصح نسبته إليه ، ولم يثبت عمن يُروَى عنهم أيضا من الصحابة رضوان الله عليهم .
وقد روي هذا الحديث عن الصحابي أبي أمامة رضي الله عنه .
عزاه إليه أبو الليث السمرقندي في " بستان العارفين "
– كما قال السخاوي في " المقاصد الحسنة (207) -
ولكن لم نقف على أصل هذه الرواية ، والسمرقندي تروج عليه الأحاديث الموضوعة
كما قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (16/323)، فلا تقبل منه نسبة هذا الحديث إلى أبي أمامة رضي الله عنه ، ولذلك تعقبه السخاوي بقوله : " ولكن ما علمته في المرفوع " انتهى .
وقد روي بسند ضعيف عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً .
فعن سعيد بن جبير قال : (جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف ، فخاصم النبي صلى الله عليه وسلم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى
هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين؟
قال : وكان حبرا سمينا ، فغضب وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء .
فقال له أصحابه الذين معه : ويحك ولا على موسى؟ قال : ما أنزل الله على بشر من شيء
فأنزل الله عز وجل : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) الأنعام/91 .
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (4/1342) ، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" (11/521) كلاهما من طريق يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة القمي ، عن سعيد بن جبير به .
وهذا إسناد ضعيف بسبب يعقوب بن عبد الله القمي ، قال فيه الدارقطني : ليس بالقوي . انظر: "ميزان الاعتدال" (4/452) ، وقال ابن مندة في جعفر بن أبي المغيرة :
ليس هو بالقوى في سعيد بن جبير . انظر: "ميزان الاعتدال" (1/417) .
ثانياً :
روي هذا القول عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما ولا يصح عنهما .
أما قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد رواه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (81) ، وفي "إصلاح المال" (333) قال : حدثنا خالد بن مرداس ، قال : حدثنا المعلى الجعفي ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قال عمر .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه المعلى بن هلال بن سويد الحضرمي ، ويقال الجعفي ، أبو عبد الله الطحان الكوفي العابد : كذاب وضاع باتفاق النقاد . انظر : "
ميزان الاعتدال" (4/152) .
وأما قول ابن مسعود رضي الله عنه ، فقد عزاه إليه الغزالي في "إحياء علوم الدين" (3/81) ، ولم نقف عليه بعد البحث ، وكتب الغزالي مليئة بما لا أصل له .
فالحاصل : أنه لم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه الكرام .
والثابت في شريعتنا ذم السمن لمن تكلفه بالإسراف في الملذات من الطعام والشراب والاشتغال به عن العمل النافع الصالح الذي يستغرق على المسلم عمره ووقته .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ . وَقَالَ اقْرَءُوا : (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) رواه البخاري (4729) ومسلم (2785) .
قال النووي رحمه الله :
"فيه ذم السِّمَن" انتهى .
"شرح مسلم" (17/129) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"في هذا الحديث من الفقه : ذم السِّمَن لمن تكلفه ، لما في ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم ، بل يدل على تحريم الأكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به الترفه والسمن.
ومن حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (خيركم قرني ثم الذين يلونهم - قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة - ثم إن من بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون
ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن) وهذا ذم ، وسبب ذلك : أن السمن المكتسب إنما هو من كثرة الأكل والشره ، والدعة والراحة والأمن والاسترسال مع النفس على شهواتها
فهو عبد نفسه ، لا عبد ربه ، ومن كان هذا حاله وقع لا محالة في الحرام ، وكل لحم تولد عن سحت فالنار أولى به ، وقد ذم الله تعالى الكفار بكثرة الأكل فقال
: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) محمد/12، فإذا كان المؤمن يتشبه بهم ، ويتنعم بتنعمهم في كل أحواله وأزمانه ، فأين حقيقة الإيمان
والقيام بوظائف الإسلام ؟! ومن كثر أكله وشربه كثر نهمه وحرصه ، وزاد بالليل كسله ونومه ، فكان نهاره هائما ، وليله نائما " انتهى باختصار .
"الجامع لأحكام القرآن" (11/67) .
وقد روى أبو نعيم رحمه الله في "حلية الأولياء" (9/146) بسنده إلى الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : (ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن . قيل له : ولم؟
قال : لأن العاقل لا يخلو من إحدى خلتين : إما أن يغتم لآخرته ومعاده ، أو لدنياه ومعاشه ، والشحم مع الغم لا ينعقد ، فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم ، فيعقد الشحم) .
والمقصود من ذلك كله ذم السِّمَن الناتج عن الإسراف والفراغ والاستغراق في ملذات الدنيا عن العمل للآخرة ، أما من أصابه السمن لعلة أو لطبيعة جسمه عن غير إسراف ولا إفراط فهذا لا عتب عليه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:50
حديث : ( مصر كنانة الله في أرضه ) لا أصل له
السؤال
ما مدى صحة حديث : ( مصر كنانة الله في أرضه ) ، وما معناه ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لا أصل له ، ولم يرو في كتب السنة ، وقد نص العلماء على ذلك :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" هذا مأثور لكن ما أعرف إسناده " انتهى.
" أحاديث القصاص " (ص/87)
يقول بدر الدين الزركشي رحمه الله :
" لم أجده " انتهى.
" التذكرة " (ص/191)
وقال السخاوي رحمه الله :
" لم أره بهذا اللفظ في مصر " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/609)
وقال السيوطي رحمه الله :
" لا أصل له " انتهى.
" الدرر المنتثرة " (ص/17)
وقال الشيخ مرعي الكرمي رحمه الله:
" لا أصل له " انتهى.
" الفوائد الموضوعة " (ص/107)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" لا أصل له " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/888)
والكنانة هي الجعبة الصغيرة من الجلد لحفظ النبل والسهام
فكأن هذا الأثر يشبه مصر بكنانة السهام التي يصيب الله تعالى بها الطغاة والظالمين والمتجبرين ، فيرميهم بأهلها الذين هم جند الله ، ولذلك جاء في بعض الكتب تكملة الأثر السابق بقولهم : ما طلبها عدو إلا أهلكه الله .
وقد ورد نحو هذا الأثر في بلاد الشام أيضاً :
يقول الملا علي قاري رحمه الله :
" وقد ورد لفظ الكنانة في الشام ، أخرجه ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : قرأت فيما أنزل الله على بعض الأنبياء أن الله يقول : الشام كنانتي
فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم . موضوع مبناه ، وإن كان صحيحاً عندنا معناه " انتهى.
" الأسرار المرفوعة " (ص/319)
ونحن نرجو أن تكون مصر والشام وسائر بلاد المسلمين منطلقاً لجند الله لتحرير أراضي المسلمين المحتلة ، وإرجاع العزة المسلوبة لهذه الأمة .
هذا وقد صح في فضائل مصر حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا )
قَالَ : فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا.
رواه مسلم (رقم/2543)
قال النووي رحمه الله :
" قال العلماء : القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما ، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به .
وأما الذمة : فهي الحرمة والحق ، وهي هنا بمعنى الذمام .
وأما الرحم : فلكون هاجر أم إسماعيل منهم .
وأما الصهر : فلكون مارية أم إبراهيم منهم " انتهى.
" شرح مسلم " (16/97)
وقال المناوي رحمه الله :
" أي : اطلبوا الوصية من أنفسكم بإتيان أهلها خيراً ، أو معناه : اقبلوا وصيتي فيهم ، يقال أوصيته فاستوصى أي قبل الوصية ، يعني : إذا استوليتم عليهم
وتمكنتم منهم ، فأحسنوا إليهم ، وقابلوهم بالعفو عما تنكرون ، ولا يحملنكم سوء أفعالهم وقبح أقوالهم على الإساءة إليهم ، فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة .
ثم علَّلَه بقوله : ( فإن لهم ذمة ) ذماماً وحرمة وأماناً من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإن أمه مارية منهم .
( ورحماً ) بفتح فكسر : قرابة ، لأن هاجر أم إسماعيل منهم " انتهى.
" فيض القدير " (1/523-524)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:53
قراءة سورة يس في الصباح والمساء ؟
السؤال
أود أن أسأل عن صحة حديث : ( من قرأ " يس "
إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ) انتهى . وعن ما ورد عن مداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءتها فجراً .
الجواب
الحمد لله
هذا الأثر المذكور في السؤال روي من قول التابعي الجليل يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال :
( من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح . قال : وأنبأنا مَن جرَّبَ ذلك )
رواه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (رقم/218، ص/101)
قال : أخبرنا عباس بن الوليد ، ثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال ... فذكره .
ثم قال في (حديث رقم/220) :
أخبرنا علي بن الحسن ، ثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : من قرأ... مثل حديث عباس .
فمدار هذا الأثر على عامر بن يساف ، وقد اختلف فيه أهل الجرح والتعديل ، قال ابن عدي : منكر الحديث عن الثقات ، ومع ضعفه يكتب حديثه
. وقال أبو داود : ليس به بأس ، رجل صالح
. وقال العجلي : يكتب حديثه وفيه ضعف . وذكره بن حبان في الثقات . انظر " لسان الميزان " (3/224)
وقال أبو حاتم : هو صالح . " الجرح والتعديل " (6/329) وجاء في "تعجيل المنفعة " (1/207):
واختلف فيه قول يحيى بن معين، فقال ابن البرقي عنه : ثقة . وقال عباس الدوري عنه : ليس بشيء .
وانظر: " تهذيب التهذيب " (5/66)
ورواية الدوري عن ابن معين أرجح من رواية ابن البرقي .
فتحصل من كلام الأئمة أن تفرد عامر بن يساف غير مقبول لوجود المناكير في حديثه . ولذلك قال الذهبي : له مناكير . وقال الحافظ في " تقريب التهذيب ": لين الحديث .
وبهذا يتبين ضعف روايته لهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير .
على أنَّه ، لو قدر صحته ، فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ولا كلام أحد من أصحابه ، وإنما هو من كلام يحيى ، وهو من صغار التابعين ، توفي سنة (132هـ) .
قال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف رحمه الله :
" العمدة في دين الله عز وجل : صحة النقل ، وثبوت العرش ، وهذا أثر منكر لا يصح " انتهى.
" أحاديث ومرويات في الميزان " (ص/75) طبعة ملتقى أهل الحديث.
كما لم نقف على حديث يدل على مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة " يس " فجراً ، وقد سبق في موقعنا بيان أن جميع الأحاديث المروية في فضل هذه السورة ضعيفة
يمكن مراجعة ذلك في جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 16:57
فضل سورة ( يس )
السؤال
هل هناك أحاديث صحيحة في فضل قراءة سورة ( يس ) ؟
البعض يقول : إنها لِمَا قُرِأت له ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
سورة ( يس ) من سور القرآن المكية العظيمة
عدد آياتها ثلاث وثمانون آية ، فواصلها القصيرة لها وقع قوي في النفوس المؤمنة ، موضوعاتها الرئيسية هي موضوعات السور المكية ، تحدثت عن توحيد الألوهية والربوبية وعاقبة المكذبين بهما
والقضية التي يشتد عليها التركيز في السورة هي قضية البعث والنشور .
ثانياً :
قد وردت عدة أحاديث في فضائل هذه السورة ، أكثرها مكذوبة موضوعة ، وبعضها ضعيف ضعفا يسيرا ، ولم نقف على حديث صحيح مخصوص في فضل سورة ( يس ) .
فمما ورد من فضائلها ويضعفه أهل العلم بالحديث – وإنما نسوقه هنا للتنبيه عليه - :
( إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن ( يس ) ، من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات )
( من قرأ سورة ( يس ) في ليلة أصبح مغفورا له )
( من داوم على قراءتها كل ليلة ثم مات مات شهيدا )
( من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) ، خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات )
انظر "الموضوعات" لابن الجوزي (2/313) ، "الفوائد المجموعة" للشوكاني (942،979) ، وانظر للأهمية رسالة : " حديث قلب القرآن يس في الميزان ، وجملة مما روي في فضائلها " لفضيلة الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ، حفظه الله .
ثالثا :
ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته .
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك .
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث :
" لا أصل له بهذا اللفظ "
انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع
. كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1 .
ولا يجوز لأحد أن ينسب هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يتحدث به في مجالس الناس
ومن يزعم أن التجربة تدل على صحة هذا الحديث ، يقال له : والتجربة وقعت من كثير ممن قرأ ( يس ) لقضاء حاجته فلم يقضها الله له ، فلماذا نأخذ بتجربتك ولا نأخذ بتجربة غيرك !؟
وما ينقله الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/742) عن بعض أهل العلم :
" أنَّ مِن خصائص هذه السورة أنها لا تُقرَأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى " انتهى .
فهو اجتهاد منهم ليس عليه دليل من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين ، ومثل هذا الاجتهاد لا يجوز نسبته إلى الله تعالى ورسوله ، إنما ينسب مثل هذا إلى قائله
بحيث يكون صوابه له وخطؤه عليه ، ولا يجوز أن ينسب إلى كتاب الله تعالى أو سنة رسوله ما نتيقن أنه منه .
قال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
على أننا ننبه هنا إلى أن كثيرا ممن تقضى له الحاجات عند دعائه ، أو قراءته لمثل ذلك ، إنما تقضى له لأجل ما قام بقلبه من الاضطرار والفقر إلى ربه ، وصدق اللجوء إليه
لا لأجل ما قرأه من دعاء ، أو دعا عنده من قبر أو نحو ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ثم سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطرا اضطرارا لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له ، لصدق توجهه إلى الله
وإن كان تحري الدعاء عند الوثن شركا ، ولو استجيب له على يد المتوسل به ، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته ، فإنه يعاقب على ذلك ويهوي في النار ، إذا لم يعف الله عنه ..."
ثم يقول : " ومن هنا يغلط كثير من الناس ؛ فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة أو دعوا دعاء ، ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء
فيجعلون ذلك دليلا على استحسان تلك العبادة والدعاء ، ويجعلون ذلك العمل سُنّة ، كأنه قد فعله نبي ؛ وهذا غلط لما ذكرناه ، خصوصا إذا كان ذلك العمل إنما كان أثره بصدق قام بقلب فاعله حين الفعل
ثم تفعله الأتباع صورة لا صدقا ، فيُضَرون به ؛ لأنه ليس العمل مشروعا فيكونَ لهم ثواب المتبعين ، ولا قام بهم صدق ذلك الفاعل ، الذي لعله بصدق الطلب وصحة القصد يكفر عن الفاعل " .
انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم (2/698، 700)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 17:02
ليس هذا بحديث : الدنيا سوق ربح فيه قوم وخسر آخرون
السؤال
انتشرت في بعض الرسائل البريدية نصائح عن استغلال الدنيا بالطاعات ويذكر فيها : ( الدنيا سوق ربح فيها قوم ، وخسر آخرون ) ما صحة هذا الحديث ؟
الجواب
الحمد لله
ليس هذا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيما نعلم ـ ، وإنما هو حكمة من الحكم المأثورة ، يَقصِد بها الواعظ تذكيرَ الناس بحقيقة الدنيا
وأنها مزرعة للآخرة ، فالسعيدُ من يفهم حقيقتها ويجتهد فيها بما يكون به رابحاً لا خاسراً.
روى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (55/149) بسنده إلى سفيان بن عيينة رحمه الله قال :
" دخل محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز يوم ولي
فقال : يا أمير المؤمنين ! إنما الدنيا سوق من الأسواق ، فمنها خرج الناس بما ربحوا منها لآخرتهم ، وخرجوا منها بما يضرهم ، فكم من قوم غرَّهم مثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت فاستوعبهم
وخرجوا من الدنيا مرملين [المُرْمِل هو من نفد زاده] ، لم يأخذوا من أمر الدنيا والآخرة ، فاقتَسَم مالَهم من لم يحمدهم ، وصاروا إلى من لم يعذرهم ، فانظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت فابتغ به البدل حيث يجوز البدل
ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على غيرك ترجو جوازها عنك . يا أمير المؤمنين ! افتح الأبواب ، وسهل الحُجَّاب ، وانصر المظلوم " انتهى .
وقال الشيخ عطية سالم رحمه الله :
" وكنت قد سمعت من الشيخ – يعني محمد الأمين الشنقيطي - رحمة الله تعالى علينا وعليه يقول:
إن العمر وزمن الحياة حجة على الإنسان ، كالرسالة والنذارة سواء ، وذكر قوله تعالى : ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ )
فجعل في الآية التعمير ، وهو إشغال العمر موجباً للتذكر والتأمل ، ومهلة للعمل ، كما تخبر إنساناً بأمر ثم تمهله إلى أن يفعل ما أمر به ، فهو أمكن في الحجة عليه .
فكان القسم في العصر على الربح والخسران
يعني في سورة العصر ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ) - أنسبَ ما يكون بينهما ، إذ جعلت حياة الإنسان كسوق قائمة ، والسلعة فيه العمل ، والعامل هو الإنسان
كما قال تعالى : (هلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) .
وفي الحديث الصحيح عند مسلم : ( سبحان الله تملأ الميزان - وفيه - : كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) ، فإن كان يشغل عمره في الخير فقد ربح وأعتق نفسه ، وإلاَّ فقد خسر وأهلكها .
ويشير لذلك أيضاً قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ) .
فصح أن الدنيا سوق ، والسلعة فيها عمل الإنسان ، والمعاملة فيه مع الله تعالى " انتهى .
" أضواء البيان " (8/445-446) .
وما تجده في بعض مواقع الفرق المبتدعة من نقل هذا الكلام بعنوان : قال عليه السلام : ( الدنيا سوق ربح فيه قوم ، وخسر آخرون ) فهم لا يقصدون بذلك النبي عليه الصلاة والسلام
وإنما يريدون بعض أئمة آل البيت ، وهم يسوقونه كعادتهم من غير إسناد ولا توثيق ، والواجب الحذر من كل ما ينقلونه ، فمادة علومهم ومواقعهم هي الكذب والافتراء.
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 17:05
حديث مكذوب في فضل سجدة الشكر
السؤال
فضل سجدة الشكر : ( إن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول : يا ملائكتي ! انظروا إلى عبدي ، أدى فريضتي
وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، يا ملائكتي ماذا له ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك . ثم يقول الرب تعالى : ثم ماذا له ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك . فيقول الرب تعالى : ثم ماذا ؟
فتقول الملائكة : يا ربنا كفاه ما همه . فيقول الله سبحانه وتعالى : ثم ماذا ؟
فلا يبقى شيء من الخير إلا قالته الملائكة . فيقول الله تعالى : يا ملائكتي ثم ماذا ؟
فتقول الملائكة : يا ربنا لا علم لنا . فيقول الله تعالى : لأشكرنه كما شكرني ، وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي ) . أفتوني بارك الله فيكم : ما صحته ؟
الجواب
الحمد لله
سجود الشكر مستحب ، وهو سجدة واحدة يسجدها المسلم عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة ، واستحبابها ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعل أصحابه الكرام رضي الله عنهم .
فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ) رواه أبو داود (2774) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وقد سجد كعب بن مالك رضي الله عنه حين جاءه خبر توبة الله عليه . رواه البخاري (4418) ومسلم (2769) .
وسجد أبو بكر رضي الله عنه شكرا حين جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب .
وسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين رأى ذا الثدية بين قتلى الخوارج .
انظر : "مصنف ابن أبي شيبة" (2/366-368) .
وأما الحديث الوارد في السؤال فلم يروه أحد من علماء الحديث الثقات ، ولم يذكره أحد في كتب السنة والآثار ، وإنما تذكره بعض كتب الشيعة المليئة بالأحاديث المكذوبة
ككتاب " من لا يحضره الفقيه " (1/333، حديث رقم/979، باب سجدة الشكر والقول فيها ، وكتاب " تهذيب الأحكام " للطوسي (2/110)، وإنما يسندانه إلى جعفر الصادق
وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن في إسناده محمد بن أبي عمير ، جاء في ترجمته في " لسان الميزان " (5/221) " محمد بن أبي عمير ، عن أبيه : حدَّث عنه ابن جريج : مجهول . انتهى .
وفي إسناده أيضا كل من حريز بن أبي حريز ، ومرازم بن حكيم ، ولم يذكر أحد من أهل العلم فيهما توثيقاً ، وانظر ترجمتهما في "لسان الميزان" (2/181 ، 186) .
فالحاصل : أنه لا تجوز نسبة هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجب الحذر من نشره بين الناس .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤالين القادمين
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-24, 17:09
صفة سجدة الشكر
السؤال
ما هي صفة صلاة الشكر لله تعالى على عملٍ ما ، أركانها وشروطها؟
الجواب
الحمد لله
سجدة الشكر مشروعة لما يسر ، من جلب نفع ودفع ضر ، وقد دلت على ذلك الأحاديث والآثار ، فمن الأحاديث حديث أبي بكرة رضي الله عنه :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره وبشر به خر ساجدا شكرا لله تعالى ) رواه الخمسة إلا النسائي ، قال الترمذي: حسن غريب
ولفظ أحمد : أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة ، فقام فخر ساجداً . أخرجه أحمد 5/45، والحاكم 4/291.
ومنها : حديث عبد الرحمن بن عوف قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته فدخل واستقبل القبلة فخر ساجدا فأطال السجود ثم رفـــع رأسه وقال :
( إن جبريل أتاني فبشرني ، فقال : إن الله عز وجل يقول لك : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه ، فسجدت لله شكرا ) رواه أحمد
قال المنذري : وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء بإسناد صحيح ومن حديث كعب بن مالك وغير ذلك . انتهى . وأما الآثار فمنها : أن أبا بكر رضي الله عنه سجد حين جاءه خبر قتل مسيلمة
. رواه سعيد بن منصور في سننه ، وسجد علي رضي الله عنه حين وجد ذا الثدية في الخوارج . رواه أحمد في المسند ، وسجد كعب بن مالك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما بشر بتوبة الله عليه . وقصته متفق عليها .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء7/266
.............
ماذا يقول في سجود الشكر؟
السؤال
ماذا يقول في سجود الشكر ؟.
الجواب
الحمد لله
لم يرد في الأحاديث تخصيص سجود الشكر بدعاء معين ، ولذلك قال العلماء : يقول في سجود الشكر ما يقوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء .
فيقول : سبحان ربي الأعلى ، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . ثم يدعو بما أحب .
قال ابن قدامة رحمه الله : صفة سجود الشكر في أفعاله وأحكامه وشروطه كصفة سجود التلاوة اهـ المغني 2/372 . وقال في سجود التلاوة : ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة اهـ المغني 2/362 .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
: يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت أو لنعمة تهيأت للإنسان وهو كالتلاوة خارج الصلاة ، فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير ، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ، ثم يخر ساجدا ويدعو بعد قوله سبحان ربي الأعلى
اهـ فتاوى منار الإسلام 1/205 .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 16:46
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل جاء في قول لا إله إلا الله عدد الحركات والسكون فضل خاص ؟
السؤال
كثيرا ما رأيتها في المنتديات والإيميل تأتيني : قال رجل من السلف : لا إله إلا الله عدد ما كان , وعدد ما يكون , وعدد الحركات والسكون
وبعد مرور سنة كاملة قالها مرة أخرى ، فقالت الملائكة : إننا لم ننتهِ من كتابة حسنات السنة الماضية .
الجواب
الحمد لله
لا يصح نسبة الأجر والفضل إلى هذا الدعاء ، أو غيره من الأدعية والأذكار والعبادات ، بغير دليل صحيح من الكتاب والسنة .
والأثر المذكور في السؤال لم يرد في كتب أهل العلم ، ولا رواه المحدثون في كتبهم المسندة
فلا يجوز نشره بين الناس ولا التحديث به إلا على وجه التحذير منه
والواجب على المسلمين الحذر من نشر الكذب على الدين ، ومن تساهل في ذلك أصابه نصيب من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من كذب عليه متعمداً .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
ما صحة دعاء امرأة تقول : لا إله إلا الله عدد ما كان وما يكون ، وعدد حركاته ، وعدد خلقه من خلق آدم حتى يبعثون .
فقال :
أشبه ما يكون هذا الدعاء بالتنطع ، ولو قالت : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، أو لا إله إلا الله عدد خلقه ، لكفاها عن ذلك كله
وكان من ذكر النبي عليه الصلاة والسلام : ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، سبحان الله وبحمده رضا نفسه ، سبحان الله وبحمده زنة عرشه ، سبحان الله وبحمده مداد كلماته )
هذا من أجمع ما يكون من التسبيح ، وأما هذه الأشياء التي يأتي بها بعض الناس يعجبه السجع الذي فيها والمعنى المبتكر ! فإن العدول عنها إلى ما جاءت به السنة هو الخير " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/63، سؤال رقم/14)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 16:53
حكم زيادة (في الجنة) في الدعاء الذي بعد الأذان
السؤال
(وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته في الجنة) . ما حكم هذه الزيادة : "في الجنة"؟
الجواب
الحمد لله
"زيادة "في الجنة" ما لها أصل وينتهي الدعاء بقول : (وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد) .
ومن المناسب هنا أن نذكر أنه يستحب أيضاً عند الشهادتين أن يقول : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ، فإذا قال المؤذن : "أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن محمداً رسول الله" يقول المستمع مثله ، ثم يقول عند ذلك
: " رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً" ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنه ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم (أن من قال ذلك غفر له ذنبه) فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/694 ، 695) .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 16:58
ما صحة حديث السفياني ؟
السؤال
ما هي صحة رواية هذا الحديث التالي : روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق ، وعامة من يتبعه من كلب ، فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان
فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة ، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني فيبعث إليه جنداً من جنده فيهزمهم
فيسير إليه السفياني بمن معه ، حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم ، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم ) المستدرك .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث (حديث السفياني) من الأحاديث التي تناقلها الناس في السنوات الأخيرة ، وحاول بعض الناس تفسيره بما يوافق ما يمر به المسلمون من أزمات وحروب ، إلا أنه حديث ضعيف لا يصح .
قال عنه الشيخ الألباني رحمه الله :
" منكر : أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/520)
من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: ثنا الوليد بن مسلم : ثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً .
وقال: صحيح على شرط الشيخين . ووافقه الذهبي .
قلت – أي الشيخ الألباني - : وفيه نظر من ناحيتين :
الأولى : أن ابن أبي سمينة لم يخرج له مسلم .
والأخرى : عنعنة الوليد بن مسلم ، فإنه كان يدلس تدليس التسوية ، وهو أن يسقط شيخ شيخه ، أي : شيخ الأوزاعي ، فقد جاء في ترجمته : عن الهيثم بن خارجة قال :
قلت للوليد بن مسلم: قد أفسدت حديث الأوزاعي ! قال : وكيف ؟
قلت : تروي عنه عن نافع ، وعنه عن الزهري ، وعنه عن يحيى - يعني: ابن كثير - وغيرك يدخل بين الأوزاعي ونافع : عبدَ الله بن عامر الأسلمي ، وبينه وبين الزهري : قرة ، فما يحملك على هذا ؟
فقال : أُنبِّلُ الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء ! قلت : فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء المناكير – وهم ضعفاء - فأسقطتهم أنت ، وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الأثبات ، ضعف الأوزاعي ! فلم يلتفت إلي قولي !
ذكره العلائي في "المراسيل" (ص 118)
والحافظ في "التهذيب" ومن قبله الذهبي في "السير" (9/215)
ومن قبله المزي في " تهذيبه" (31/97)
ومن قبلهم ابن عساكر في "التاريخ" (17/906). وذكروا نحوه عن الإمام الدارقطني .
وإذا عرفت هذا، وأن الوليد كان يدلس تدليس التسوية أيضاً ، فمن الغريب أن لا يفصح الذهبي في كتبه عن ذلك ! ومنها : " السير "، فقال فيه : ثقة حافظ ، لكنه رديء الحفظ
فإذا قال : حدثنا ، فهو حجة ". ومثله قوله في " الكاشف "
: "... وكان مدلساً ، فيتقى من حديثه ما قال فيه: ( عن ) ". ولعله يعني ذلك في كل سلسلة إسناده ، أعني : كما عنعن هنا بين الأوزاعي وشيخه يحيى ، وبين هذا و ( أبي سلمة ) ، ويحتج به
إذا صرح بالتحديث مكان العنعنة . هذا التأويل محتمل يساعد عليه ما تقدم، لكني رأيته قد أفصح بخلافه ، فقال في "المغني": " فإذا قال : حدثنا الأوزاعي ، فهو حجة "! وهذا تقصير منه بلا شك
فالصواب وصفه بالنوعين من ( تدليس السماع) ، وهو ما صرح به الحافظ في "التقريب" و " مقدمة الفتح"، فقال فيه (450): " عابوا عليه كثرة التدليس، والتسوية ..
. وقد احتجوا به في حديثه عن الأوزاعي، و ..و ..". لكن في هذا الإطلاق المتعلق باحتجاج الشيخين به نظر ، فقد قال الذهبي عقب رواية الهيثم المتقدمة وغيرها: قلت
: البخاري ومسلم قد احتجا به ، ولكنهما ينتقيان حديثه ، ويتجنبان ما ينكر له ".
قلت: ولعل حديثنا هذا من قبيل ما تجنباه لنكارته ، ولما فيه من العنعنة ، ولذلك فقد وهم الذهبي - فضلاً عن الحاكم - في تصحيحه على شرطهما ، لما علمت من ترجمة ابن أبي سمينة، ولأنه ليس فيه تحديث الأوزاعي فمن فوقه .
يضاف إلى ذلك : يحيى بن أبي كثير مدلس أيضاً عن شيوخه ، معروف بذلك ، كما في "مراسيل العلائي" وغيره .
والخسف المذكور في آخر الحديث قد صح من حديث حفصة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليؤمَّنَّ هذا البيت جيش يغزونه
حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض ، يخسف بأوسطهم ، وينادي أولُهم آخرهم ، ثم يخسف بهم ، فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم ) رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (1924 و 2432) " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (6520) .
وقد ضعف هذا الحديث - بل وجميع أحاديث السفياني كذلك - الدكتور الطريفي حفظه الله ، في ملتقى أهل الحديث :
وكذلك الدكتور حاتم العوني حفظه الله :
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
" لم يجئ في خروجه – يعني السفياني - حديث صحيح يعتمد عليه " انتهى.
" إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (1/63) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" حديث السفياني أخرجه الحاكم في مستدركه ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولكن الحاكم - رحمه الله - معروف بالتساهل بالتصحيح " انتهى .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (2/62)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:02
حديث مكذوب في محاولة جبريل عليه السلام أن يقيس عرض الجنة
السؤال
أريد أن توجهوني هل هذا حديث أم أثر ، لكي أعرف كيف أرد على كاتبي هذا الحديث أو المعتقدين به : عن جبرئيل عليه السلام عندما طلب الإذن من الله بأن يقوم بقياس عرض الجنة ، فأعطاه الله الإذن بذلك
فانطلق بالطيران في الجنة ، فطار مدة 300 ألف عام ثم توقف وطلب من الله أن يمده بالعون ليطير 300 ألف عام أخرى ، فأمدَّه الله سبحانه وتعالى
فانطلق جبريل ، ولما قطع 300 ألف عام توقف ، وطلب من الله أن يمده ب 300 ألف عام أخرى ، وهكذا حتى قطع جبريل 900 ألف عام يطير في الجنة
ثم توقف فرأى قصرا في الجنة قد أطلت منه إحدى الحوريات ، فقالت له يا جبرئيل ماذا تفعل ؟
قال أريد أن أقيس عرض الجنة ، قالت : يا جبرئيل لا تتعب نفسك ، أنت الآن منذ انطلاقتك الأولى تطير في حدود مملكتي ، قال : ومن أنت ؟
قالت : أنا زوجة لأحد المؤمنين .
الجواب
الحمد لله
ليس هذا النقل الوارد في السؤال بحديث ولا بأثر ، ولم يذكره أحد من أهل العلم من المُحدِّثين ولا المفسرين ولا المؤرخين ، فيما نعلم ؛ وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة ومواقعهم
وهي مليئة بالكذب والأساطير والخرافات ، فيبدو أن هذه القصة واحدة من افتراءاتهم على الدين .
والمسلم يستغني في وصف الجنة بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة ، فقد وصف الله عز وجل عرض الجنة في القرآن الكريم فقال :
( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133.
وقال عز وجل :
( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الحديد/21.
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
" ( عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) أي : عرضها كعرض السموات والأرض ، كما قال في سورة الحديد : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) أي : سَعَتُها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة
لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه ، يقول : هذه صفة عَرْضِها فكيف طُولها ! قال الزهري : إنما وصف عرضها ، فأما طولُها فلا يعلمه إلا الله
وهذا على التمثيل ، لا أنها كالسموات والأرض لا غير ، معناه : كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى : ( خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ ) سورة هود/107
يعني : عند ظنكم ، وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم وقالوا : أرأيتم قوله : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) فأين النار ؟
فقال عمر : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنه لمثلها في التوراة . ومعناه أنه حيث يشاء الله " انتهى.
معالم التنزيل " (2/104)
وإذا كان قد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه ( يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا ) رواه البخاري (3251) ومسلم (2826)، فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن ؟!
وإذا كان ورد أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له ( مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا ) رواه البخاري (6571) ومسلم (186)، وهو فرد واحد
فكيف تكون سعة الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن ؟! هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز وجل .
فالحاصل أن هذا الخبر الوارد في السؤال غير صحيح ، بل مكذوب مصنوع ، تتناقله بعض المنتديات التي تكثر فيها الخرافات ، فلا بد من الحذر منها .
وقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا ، فالكذب نفسه كبيرة من كبائر الذنوب
فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:06
حديث في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
ما صحة هذا الحديث؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : (إنّ الله أعطى ملكاً من الملائكة أسماع الخلق ، فهو قائم على قبري إلى يوم القيامة ، لا يصلّي عليَّ أحد صلاة إلاّ سمّاه باسمه واسم أبيه
وقال : يا محمّد صلّى عليك فلان بن فلان ، وقد ضمن لي ربّي تبارك وتعالى أن أردّ عليه بكلّ صلاة عشراً)
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث مروي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الله وكل بقبري ملَكا أعطاه أسماع الخلائق ، فلا يصلي عليَّ أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه : هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك) .
رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (6/416) ، والبزار في "المسند" (2/266) ، والحارث بن أبي أسامة في "المسند" – كما في "بغية الباحث" (2/962) –
وعزاه غير واحد للطبراني في "المعجم الكبير" ، ورواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/248)
جميعهم من طرق عن نعيم بن ضمضم العامري ، عن عمران بن حميري الجعفري ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه به مرفوعا .
زاد ابن النجار : (وقد ضمن لي ربي تبارك وتعالى أن أرد عليه بكل صلاة عشرا) .
قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يُروَى عن عمار إلا بهذا الإسناد .
وهذا الحديث ضعيف جدا بسبب نعيم بن ضمضم ، وابن الحميري .
قال ابن عبد الهادي رحمه الله :
"هذا حديث ليس بثابت ، وعمران بن حميري : مجهول ، وقد ذكر البخاري أنه لا يتابع على حديثه . هذا ، ونعيم بن ضمضم - ويقال ابن جهضم - : لم يشتهر من حاله ما يوجب قبول خبره" انتهى .
"الصارم المنكي" (1/205) .
وقال الهيثمي رحمه الله :
"فيه ابن الحميرى ، واسمه عمران ، قال البخاري : لا يتابع على حديثه . وقال صاحب الميزان : لا يعرف . ونعيم بن ضمضم ضعَّفه بعضهم . وبقية رجاله رجال الصحيح" انتهى .
"مجمع الزوائد" (10/162) .
وضعفه السخاوي في "القول البديع" (ص/165) ، وكذلك السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/362) .
وقد صحت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه سلام من يسلم عليه من أمته ، وأنه يرد ذلك .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: (مَا مِن أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيهِ السَّلَامَ) رواه أبو داود (2041) ، صححه النووي في "الأذكار" (ص/154) ، وابن حجر في "فتح الباري" (6/563) ، والشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" .
وعن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: (أكثروا الصلاة علي ، فإن الله وكل بي ملكا عند قبري ، فإذا صل علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1530) .
رواه الديلمي (1/1/31) .
ولكن .. لم نجد شاهدا لقوله : (وقد ضمن لي ربي .... إلخ) .
وقد ورد فيمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من هذا ، بأن الله تعالى هو الذي يصلي عليه عشراً .
فقد روى مسلم (408) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا) صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:12
أحاديث مكذوبة في فضائل المعلم
السؤال
هل هذا الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو : (خير الناس ، وخير من يمشي على وجه الأرض ، المعلمون لكتاب الله ، فإنهم كلما خلق الدين جددوه
أعطوهم ولا تشاحوهم ، فإن المعلم إذا قال للصبي قل : " بسم الله الرحمن الرحيم " فقالها كتب الله براءة للصبي ، وبراءة للمعلم ، وبراءة لأبويه من النار) ومنه : (ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر
ولا ينالهم الحساب ، وهم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق : رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما هم به راضون ، وداع يدعو إلى الصلاة ابتغاء وجه الله
وعبد أحسن فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين مواليه) وكذلك عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : (اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وبارك لهم في كسبهم ومعاشهم) وقال : (اللهم اغفر للمعلمين
وأطل أعمارهم ، وأظلهم تحت ظلك ، فإنهم يعلمون كتابك)
الجواب
الحمد لله
لمعلم الخير والقرآن في ديننا مكانة عظيمة ، ومنزلة عالية لا تكاد تعدلها منزلة أخرى ، إذ التعليم وظيفة الأنبياء وعمل الرسل الكرام ، وأي فضيلة أعظم من حمل ميراث الأنبياء وتقسيمه بين الناس .
ويكفي لبيان فضله قول النبي صلى الله عليه وسلم : (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رواه البخاري (5027) .
وأما الأحاديث الواردة في السؤال : فهي غير صحيحة ، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما الحديث الأول فيروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المعلمون خير الناس ، كلما خلق الذكر جدوده
عظموهم ، ولا تستأجروهم فتحرجوهم ، فإن المعلم إذا قال للصبي قل : (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وقال الصبي : (بسم الله الرحمن الرحيم) كتب الله براءة للصبي ، وبراءة لوالديه ، وبراءة للمعلم من النار)
رواه ابن مردويه – كما عزاه إليه غير واحد - ، ومن طريقه ابن الجوزي في " التحقيق في أحاديث الخلاف " (2/219) ثم قال :
"هذا الحديث لا يجوز الاحتجاج به لأنه من عمل أحمد بن عبد الله الهروي ، وهو الجويباري ، وكان كذابا يضع الحديث" انتهى .
وكذا حكم عليه بالوضع كل من المزي ، وابن عبد الهادي ، والذهبي كما في "تنقيح تحقيق التعليق" (3/67) ، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (276) .
وأما حديث : (ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ....إلخ) فقد رواه الطبراني وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2578) . وظاهرٌ أن الحديث ليس في فضل معلم القرآن .
وأما حديث : (اللهم اغفر للمعلمين - ثلاثا - ، وأطل أعمارهم ، وبارك لهم في كسبهم)
فرواه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/500) ، ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (3/63)
ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/221)
في "باب ثواب المعلمين" عن ابن عباس رضي الله عنهما ، من طريق أصرم بن حوشب عن نهشل بن سعيد ، وكلاهما كذاب أو متهم بالكذب
انظر "تهذيب التهذيب" (10/479)
"ميزان الاعتدال" (1/272) .
ولذلك تواردت كتب الموضوعات على ذكر هذا الحديث والحكم عليه بالوضع ، منهم الخطيب البغدادي ، وابن الجوزي ، والسيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/253)
وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (287) ، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (276) ، وملا علي القاري في "الأسرار المرفوعة" (107) ، وغيرهم .
وأما حديث : (اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وأظلهم تحت ظلك ، فإنهم يعلمون كتابك) .
فهذا يرويه الخطيب البغدادي أيضا في "تاريخ بغداد" (12/399) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/221) من طريق محمد بن الفرخان : قال الخطيب البغدادي : غير ثقة
. وقال الذهبي رحمه الله :
"ومحمد بن الفرخان افتراه ، وألصقه بابن عرفة بسند الصحيحين ، وزاد فيه : (وأظلهم تحت عرشك)"
انتهى . "تلخيص الموضوعات" (ص/57) .
وإتماما للفائدة فقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله مجموعة من الأحاديث الموضوعة في فضل المعلم ، فقال :
"ومنها حديث : ( اللهم اغفر للمعلمين لا يذهب القرآن وأعز العلماء لا يذهب الدين ) وهو موضوع
ومنها حديث : ( من علم عبدًا آية من الكتاب فهو له عبد ) قال الحافظ ابن تيمية : هو موضوع , وقد رواه الطبراني .
ومنها حديث : ( الأنبياء قادة , والفقهاء سادة , ومجالستهم زيادة ) قال الصغاني : موضوع , ونقول : إنه زاد في مدح الفقهاء على مدح الأنبياء
, وظاهره أن الواضع يريد المشتغلين بعلم الأحكام الظاهرة , ولم يكن يسمى هذا فقهًا في العصر الأول كما أنه لم يكن يومئذ في المسلمين صنف يلقبون بالفقهاء .
ومنها حديث : ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم سائل عن علم الباطن : ما هو؟
فقال : سألت جبريل عنه , فقال : يقول الله : هو بيني وبين أحبائي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم , لا يطلع عليه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ) . ذكره في الذيل عن حذيفة مرفوعا .
قال الحافظ ابن حجر : هو موضوع .
ونقول : إن فيه من الضلالة أن الله يهب لهؤلاء الأولياء المعارف التي لا يهبها للأنبياء والملائكة على الإطلاق , والظاهر أن واضعه من مشايخ الطريق الدجالين .
ومنها حديث : ( من خرج في طلب العلم ؛ حفته الملائكة بأجنحتها، وصلت عليه الطير في السماء والحيتان في البحار , ونزل في السماء منازل سبعين من الشهداء ) . قالوا : في إسناده كذاب .
ومنها حديث : ( من تعلم بابًا من العلم ليعلمه الناس ابتغاء وجه الله ؛ أعطاه الله أجر سبعين نبيًّا ) . قالوا : في إسناده متروك . ونقول : قاتل الله أمثال هذا الواضع، فإنهم لم يزاحموا إلا الأنبياء عليهم السلام .
ومنها حديث : ( إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء ) إلخ ما هو مذكور في الإحياء وغيره , قال الحافظ الذهبي في الميزان : إنه موضوع .
ومنها حديث : ( طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة , وطلب العلم يومًا خير من عبادة ثلاثة أشهر ) . في إسناده كذاب , وكأنه أراد أن يعتذر عن عدم عبادته .
ومنها حديث : ( إذا جلس المتعلم بين يدي المعلم ؛ فتح الله عليه سبعين بابًا من الرحمة ) إلخ , وهو موضوع .
ومنها حديث : ( من زار العلماء فقد زارني ، ومن صافح العلماء فقد صافحني ، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني ، ومن جالسني في الدنيا أجلس إليّ يوم القيامة ) في إسناده كذاب .
ومنها حديث : ( الشيخ في قومه كالنبي في أمته ) . جزم ابن حجر وغيره بأنه موضوع
. ومنها الحديث المشهور الذي يعلقه كثير من العلماء فوق رؤوسهم بالخط العريض تنبيهًا للناس على علو مقامهم وهو : ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) . قال ابن بحر الزركشي : لا أصل له " انتهى.
" مجلة المنار " (3/657).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:17
حديث : (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي)
السؤال
ما صحة هذا الحديث : قال النبي صلى الله عليه وآله : (من صلّى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي )؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث مروي عن الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا ، وحين يمسي عشرًا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة) رواه الطبراني
– كما عزاه إليه العلماء الذين نقلوا هذا الحديث ، ولكنا لم نقف عليه في المطبوع من معجم الطبراني ، لأن أحاديث أبي الدرداء ، لم تطبع بعد في "المعجم الكبير" للطبراني .
وقد نقل الحافظ ابن القيم رحمه الله في كتابه " جلاء الأفهام " (ص/63) إسناد الطبراني لهذا الحديث أنه قال :
حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي الرقي ، حدثنا محمد بن علي بن ميمون ، حدثنا سليمان بن عبد الله الرقي ، حدثنا بقية بن الوليد ،
عن إبراهيم بن محمد بن زياد قال : سمعت خالد بن معدان ، يحدث عن أبي الدرداء به .
وفي هذا الإسناد عدة علل ، منها :
1- خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء . انظر: " جامع التحصيل " (ص/171) .
2- إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني : لم ينقل عن أحد فيه توثيق ولا تجريح . ترجمته في "التاريخ الكبير" للبخاري (1/323)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/127) .
3- بقية بن الوليد مدلس ولم يصرح بالسماع ، غير أن الشيخ الألباني رحمه الله ذكر في "السلسلة الضعيفة" (5788) أنه صرح بالتحديث في رواية أخرى ، وأن السند إليه صحيح .
وقد ضعف هذا الحديث الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/441) ، والسخاوي في "القول البديع" (179) ، والشيخ مقبل الوادعي في " الشفاعة " (ص/270) .
وكان الشيخ الألباني رحمه الله قد حَسَّن هذا الحديث في "صحيح الجامع" (5357)
ثم تراجع وضعفه في "السلسلة الضعيفة" (5788) .
وقد جاءت في فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة كثيرة تغني عن مثل هذا الحديث الضعيف
كما أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تنال بالعديد من الأعمال الصالحة المعينة في السنة الصحيحة .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ
وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ : حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (614) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:20
قول الناس: (إن الله يجعل قدرته في أضعف مخلوقاته) إنما هو مثل وليس بحديث
السؤال
ما هي صحة الحديث أو القول الذي يتواتر على ألسنة الناس : (إن الله يجعل قدرته في أضعف مخلوقاته) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو مثل مشهور تتناقله ألسنة الناس
يقصدون منه بيان عظيم قدرة الله تعالى ، وأن الله تعالى قد يُري للناس كمال قدرته في مخلوق ضعيف من مخلوقاته ، فيجعل هذا المخلوق آية واضحة وعلامة ظاهرة على كمال قدرة الله تعالى .
وليس المقصود أن نفس قدرة الله تعالى تكون في هذا المخلوق ، فإن هذا لا يمكن ، أن يتصف مخلوق بصفات الله تعالى .
ومن أمثلة ذلك : المثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن الذباب
ليبين سبحانه عجز الآلهة المزعومة ، وفقرها أن تنصر نفسها من انتقاص الذباب منها ، وهو خلق حقير صغير بالنسبة لمخلوقات الله ، ولكن عظيم قدرة الله تبدو في كل شيء .
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج/73 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"يقول تعالى منبها على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ) أي : لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به ، (فَاسْتَمِعُوا لَهُ)
أي : أنصتوا وتفهموا ، (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) أي : لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد على أن يقدروا على خلق ذباب واحد ما قدروا على ذلك .
وأخرج صاحبا الصحيح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة)
ثم قال تعالى أيضا : (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) أي : هم عاجزون عن خلق ذباب واحد ، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه
لو سلبها شيئًا من الذي عليها من الطيب ، ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك .
هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها ، ولهذا قال : (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)
قال ابن عباس : الطالب : الصنم ، والمطلوب : الذباب . واختاره ابن جرير ، وهو ظاهر السياق . وقال السدي وغيره : الطالب : العابد ، والمطلوب : الصنم " انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (5/453-454) .
وقد أظهر الله بعض آياته العظيمة على يد أضعف خلقه ، وذلك حين أهلك أبرهة الحبشي لما أراد هدم الكعبة بجيشه الجرار
ولكن الله سبحانه وتعالى أهلك هذا الجيش بواسطة الطير الأبابيل ، تحمل في أرجلها حجارة من سجيل ، فكانت آية عظيمة إلى يوم القيامة .
وقد قال قتادة في تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ) محمد/4 ، قال : "إي والله بجنوده الكثيرة ، كلُّ خَلْقِه له جند ، ولو سلط أضعف خلقه لكان جندا" انتهى .
"جامع البيان" (22/158) .
ومنه ما يذكره المفسرون في سبب هلاك نمرود الذي ألقى إبراهيم عليه السلام في النار ، فقد ذكروا أن الله تعالى أهلكه وجنده بالبعوض .
وقد عقد الحافظ أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه "العظمة" (4/1509) بابا قال فيه : "ذكر نمرود ، وعظم سلطانه ، وعتوه ، وتمرده ، وتسليط الله تعالى أضعف خلقه عليه ، احتقارا له ، وتهاونا بشأنه" انتهى .
وما الأمراض الخطيرة التي يبتلي الله بها العباد إلا مثالا ظاهرا على قهر الإنسان بخلق ضعيف صغير من خلق الله ، وهي الجراثيم ، فيقف الإنسان عاجزاً عن مدافعتها أو مقاومتها!!
وفي جميع ذلك عظة وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:25
حديث: (صلاتكم علي مغفرة لذنوبكم)
السؤال
ما صحة هذا الحديث ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : ( أكثروا الصّلاة عليّ ، فإنّ صلاتكم عليّ مغفرةٌ لذنوبكم ) .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لا يصح سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما بسند ضعيف جدا ، ولفظه : (أكثروا الصلاة علي
فإن صلاتكم علي مغفرة لذنوبكم ، واطلبوا لي الدرجة الوسيلة ، فإن وسيلتي عند ربي شفاعة لكم) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"ضعيف جدا ، رواه ابن عساكر ( 17/246/1 ) ، عن ناشب بن عمرو الشيباني : نا مقاتل بن حيان عن أبي صالح عن الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، ناشب بن عمرو الشيباني ، قال البخاري : منكر الحديث . وقال الدارقطني : ضعيف" انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (رقم/2252) .
وما جاء في هذا الحديث من أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لمغفرة ذنوبه ، قد ثبت في حديث آخر .
روى أحمد (20736) والترمذي (2457) - واللفظ له -
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قَالَ : (قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟
فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ : قُلْتُ : الرُّبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ : النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ : قُلْتُ : فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ
فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) وحسنه الألباني في "سنن الترمذي" .
قال ابن القيم رحمه الله في "جلاء الأفهام" :
"سئل شيخنا أبو العباس عن تفسير هذا الحديث ، فقال : كان لأبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه ، فسأل النبي هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه ؟ فقال إن زدت فهو خير لك . فقال له : النصف ؟
فقال : إن زدت فهو خير لك ... إلى أن قال : أجعل لك صلاتي كلها ؟
أي : أجعل دعائي كله صلاة عليك ؟ قال : إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك . لأن من صلى على النبي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ومن صلى الله عليه كفاه همه ، وغفر له ذنبه . هذا معنى كلامه رضي الله عنه" انتهى .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (منْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ
آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ . حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (614) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:28
حديث: (أجر المعلم كأجر الصائم القائم) لا يصح
السؤال
ما صحة الحديث التالي ومن رواه : ( أَجْرُ الْمُعَلِّمِ كَأَجْرِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ) ؟
الجواب
الحمد لله
لم نجد – بعد البحث والتفتيش – هذا الحديث مسندا في كتب أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لم نقف عليه في آثار الصحابة والتابعين ، أو في كلام العلماء المتبوعين .
وغاية ما هنالك أن الإمام الماوردي ذكره في كتاب "أدب الدنيا والدين" (ص/99) في معرض حديثه عن آداب المعلمين ، فقال :
"ومن آدابهم : أن يقصدوا وجه الله بتعليم من علَّموا ، ويطلبوا ثوابه بإرشاد من أرشدوا ، مِن غير أن يعتاضوا عليه عوضا ، ولا يلتمسوا عليه رزقا .
قال الله تعالى : (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا) قال أبو العالية : لا تأخذوا عليه أجرا ، وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم ! علِّم مجانا كما عُلِّمْتَ مجانا .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أجر المعلم كأجر الصائم القائم) ، وحَسْبُ مَن هذا أجره أن يلتمس عليه أجرا " انتهى .
وفي إيراده للحديث بصيغة المبني للمجهول " روي " إشعار بعدم ثبوته .
هذا ؛ وقد وضع الكذابون في أبواب " فضائل المعلم " أحاديث كثيرة ، عقد لها الحافظ ابن الجوزي بابا في كتابه "الموضوعات" .
وفي الأحاديث الصحيحة في فضل من عَلَّم الناسَ الخير ما يغني عن هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
ومن أعظم ما جاء في فضائل المعلم : قوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها
وحتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير) رواه الترمذي (3685) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-26, 17:34
حديث: (النظر إلى علي عبادة) حديث كذب
السؤال
ما صحة هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( النظر إلى علي عبادة ) رواه الطبراني والحاكم ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
وطرقه كلها ضعيفة شديدة الضعف
وقد حكم عليه جماعة من العلماء بأنه كذب موضوع
لا سيما وفي الحديث فضيلة لم يعلم في السنة نسبتها لأحد
ولا حتى للنبي صلى الله عليه وسلم !
وأيضاً : الحديث يتعلق بفضيلة من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد كان هذا الموضوع مرتعاً خصباً للكذبة والوضاعين ، فوضعوا أحاديث نسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لترويج باطلهم
ونشر مذهبهم ، ولكن علماء الحديث وحفاظه كانوا لهم بالمرصاد ، وكشفوا كذبهم.
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله هذا الحديث في كتابه "الموضوعات" وقال :
"لا يصح من جميع طرقه" انتهى .
"الموضوعات" (2/126) .
وحكم عليه الإمام الذهبي بالوضع والبطلان في أكثر من موضع في كتبه
منها في "ميزان الاعتدال" (3/236) .
وذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص/359) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع .... – ثم توسع في تخريج الحديث ثم قال : - وجملة القول أن الحديث - مع هذه الطرق الكثيرة - لم تطمئن النفس لصحته ؛ لأن أكثرها من رواية الكذابين والوضاعين
وسائرها من رواية المتروكين والمجهولين الذين لا يبعد أن يكونوا ممن يسرقون الحديث ، ويركبون له الأسانيد الصحيحة . ولذلك فما أبعد ابن الجوزي عن الصواب حين حكم عليه بالوضع " انتهى.
"السلسلة الضعيفة" (4702) .
وأخيرا ... فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الصحيحة كثيرة ، لا ينقصها هذه الفضيلة الضعيفة التي لم يروها أصحاب المشهورة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 16:42
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث قدسي مكذوب يصف حال الجنين في رحم أمه
السؤال
وصلني هذا الحديث على الإيميل ، وأريد التأكد من صحته وشكرا : حديث قدسي تقشعر له الأبدان ، تتجلى عظمة الخالق.. في الحديث القدسي الشريف قال سبحانه وتعالى : ( يا ابن آدم ! جعلتك في بطن أمك
وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم ، وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام ، وجعلت لك متكأ عن يمينك ، ومتكأ عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فالكبد ، وأما الذي عن شمالك فالطحال
وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك ، فهل يقدر على ذلك غيري ، فلما أن تمَّت مُدَّتك ، وأوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه ، لا لك سن تقطع ، ولا يد تبطش
ولا قدم تسعى ، فأبعث لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا ، حارا في الشتاء ، وباردا في الصيف ، وألقيت محبتك في قلبي أبويك فلا يشبعان حتى تشبع ، ولا يرقدان حتى ترقد
فلما قوي ظهرك ، واشتد أزرك ، بارزتني بالمعاصي في خلواتك ، ولم تستح مني ، ومع هذا إن دعوتني أجبتك ، وإن سألتني أعطيتك ، وإن تبت إلي قبلتك )
الجواب
الحمد لله
هذا حديث مكذوب موضوع ، لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لم ينقله أهل العلم في كتبهم ، ولا عرفوه في علمهم ، وإنما جاء بسند ضعيف عن محمد بن كعب القرظي قال :
" قرأت في التوراة - أو قال في صحف إبراهيم الخليل - فوجدت فيها :
يقول الله : يا ابن آدم ! ما أنصفتني ، خلقتك ولم تك شيئا ، وجعلتك بشرا سويا ، خلقتك من سلالة من طين ، فجعلتك نطفة في قرار مكين
ثم خلقت النطفة علقة ، فخلقت العلقة مضغة ، فخلقت المضغة عظاما ، فكسوت العظام لحما ، ثم أنشأتك خلقا آخر ... " .
ثم ذكره ، بنحو مما ورد في السؤال .
رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (10/399) بسند فيه راوٍ اسمه : موسى بن عبيدة الربذي ، وقد اتفقت كلمة أئمة الحديث على تضعيف هذا الراوي .
انظر " تهذيب التهذيب " (10/359)
وبهذا يتبين أن هذه التفاصيل الواردة في الأثر غير ثابتة ، وكثير منها منكرة غير صحيحة ،
منها قوله :
( وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام ): ومعلوم أن مكان الجنين مفصول تماما عن مكان الطعام ، فلا تصله رائحته أصلا .
ومنها قوله : ( وجعلت لك متكأ عن يمينك ، ومتكأ عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فالكبد ، وأما الذي عن شمالك فالطحال ) وليس الكبد ولا الطحال متكأ للجنين .
ومنها قوله : (وأوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه ) وخروج الجنين من بطن أمه على ريشة من جناح الملك لم يرد في الأحاديث الصحيحة ، والمعلوم المشاهد أنه ينزل من بطن أمه بالولادة .
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 16:48
حديث قدسي مكذوب فيه تفصيل ما حول الجنين في رحم أمه
السؤال
جاء لي حديث عن طريق الإيميل ، وأريد التأكد منه هل هو صحيح أم لا ، ويقول الحديث :
قال سبحانه وتعالى : ( يا ابن آدم ! جعلتك في بطن أمك ، وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم
وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام ، وجعلت لك متكأ عن يمينك ، ومتكأ عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فالكبد ، وأما الذي عن شمالك فالطحال
وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك ، فهل يقدر على ذلك غيري ، فلما أن تمَّت مُدَّتك ، وأوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه ، لا لك سن تقطع ، ولا يد تبطش
ولا قدم تسعى ، فأبعث لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا ، حارا في الشتاء ، وباردا في الصيف ، وألقيت محبتك في قلبي أبويك فلا يشبعان حتى تشبع ، ولا يرقدان حتى ترقد
فلما قوي ظهرك ، واشتد أزرك ، بارزتني بالمعاصي في خلواتك ، ولم تستح مني ، ومع هذا إن دعوتني أجبتك ، وإن سألتني أعطيتك ، وإن تبت إلي قبلتك ) أرجو الإفادة بصحة هذا الحديث .
الجواب
الحمد لله
الكلام المذكور هو مما اشتهر بين الناس مما لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم .
وقد وجدنا نصا قريبا منه منقولا عن التوراة ، وليس عن الكتاب والسنة رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (10/399) بسنده عن محمد بن كعب القرظي قال :
" قرأت في التوراة - أو قال في صحف إبراهيم الخليل - فوجدت فيها :
يقول الله :
يا ابن آدم ! ما أنصفتني ، خلقتك ولم تك شيئا ، وجعلتك بشرا سويا ، خلقتك من سلالة من طين
فجعلتك نطفة في قرار مكين ، ثم خلقت النطفة علقة ، فخلقت العلقة مضغة ، فخلقت المضغة عظاما ، فكسوت العظام لحما ، ثم أنشأتك خلقا آخر .... " فذكره مطولاً ، بنحو ما ورد في السؤال ، وفيه زيادات بعض الجمل عليه .
والواجب على كل مسلم أن يتثبت فيما ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لئلا يقع في الكذب عليه .
ثم إن بدا له أن ينقل كلاماً عن معيّن فلينسبه إلى قائله . وإذا قدر أن الكلام مقبول ومعناه صحيح ، فهذا لا يجيز نسبته لله سبحانه وتعالى ولا لنبيه صلى الله عليه وسلم ، بدون برهان ، وعلم صحيح .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 16:57
الأحاديث الواردة في فضل طول العمر في الإسلام
السؤال
ما رأيكم في هذه الأحاديث ؟
17555- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه - رفع الحديث – قال : (المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنة كتبت لوالده - أو لوالديه - ، وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه
فإذا بلغ الحنث جرى عليه القلم ، أمر الملكان اللذان معه أن يحفظا وأن يشددا ، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمَّنه الله من البلايا الثلاثة : الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ الخمسين خفف الله حسابه
فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة بما يحب ، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين كتب الله حسناته وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وشفَّعه في أهل بيته
وكان أسير الله في أرضه ، فإذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئاً كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير ، فإذا عمل سيئة لم تكتب عليه) 17556-
وفي رواية : عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من مسلم يعمر في الإسلام . فذكر نحوه وقال : فإذا بلغ السبعين سنة في الإسلام أحبه الله وأحبه أهل السماء) 17557-
وفي رواية : (إذا بلغ سبعين سنة في الإسلام أحبه أهل السماء وأهل الأرض) 17558- وفي رواية : (فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إلى الله بما يحب الله ، فإذا بلغ السبعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وكان أسير الله في أرضه ، وشفع في أهل بيته) رواها كلها أبو يعلى بأسانيد. 17559- ورواه أحمد موقوفاً باختصار وقال فيه : (فإذا بلغ الستين رزقه الله عز وجل إنابة يحبه عليها) 17560-
وروى بعده بسنده إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله. من "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " المجلد العاشر.
الجواب
الحمد لله
الحديث الوارد بهذا المعنى جاء عن سبعة من الصحابة رضوان الله عليهم ، وهم : أنس بن مالك ، وعثمان بن عفان ، وأبو هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وشداد بن أوس
وعبد الله بن أبي بكر الصديق ، وأشهر هذه الأحاديث حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقد جاء من طرق كثيرة ، روى بعضها الحافظ أبو يعلى في " المسند " (6/351) .
وبعد الاطلاع على كلام أهل العلم على هذه الأحاديث
تبين أنها كلها ضعيفة ضعفا لا ينجبر ولا يتقوى بتعدد الطرق والأسانيد ، وأنها مثال على الأحاديث التي تكثر طرقها ولكن لا تزيدها إلا ضعفا بسبب وجود المجاهيل والمناكير في أسانيدها .
قال الإمام البيهقي رحمه الله :
"روي هذا من أوجه أخر عن أنس رضي الله عنه ، وروي عن عثمان وكل ذلك ضعيف" انتهى .
"الزهد" (646) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
" الموضوعات " (1/180) .
وقال الحافظ العراقي رحمه الله :
" موضوع قطعا " انتهى.
" القول المسدد " للحافظ ابن حجر (9) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" هذا حديث غريب جدا ، وفيه نكارة شديدة "
انتهى. " تفسير القرآن العظيم " (5/397) .
وضَعَّف الحديثَ محققو مسند الإمام أحمد من جميع طرقه (21/12) طبعة مؤسسة الرسالة .
وكذا ضعفه العلامة المعلمي اليماني في تعليقه على " الفوائد المجموعة " (ص/482) وقال :
" واعلم أن هذا الخبر يتضمن معذرة وفضيلة للمسنين وإن كانوا مفرطين أو مسرفين على أنفسهم ، فمن ثَمَّ أولع به الناس ، يحتاج إليه الرجل ليعذر عن نفسه ، أو عمن يتقرب إليه
فإما أن يقويه ، وإما أن يركب له إسناداً جديداً ، أو يلقنه من يقبل التلقين ، أو يدخله على غير ضابط من الصادقين ، أو يدلسه عن الكذابين ، أو على الأقل يرويه عنهم ، ساكتا عن بيان حاله " انتهى.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وجدت نفسي لا تطمئن لتصحيح هذا الحديث وَإِنْ كان معناه يوافق هوى النفس ؛ فقد بلغت الخامسة والسبعين ! أضف إلى ذلك أنه لا يلتقي مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( أعذر الله إلى امرئ أُخِّرَ أجله حتى بلغ ستين سنة )
رواه البخاري وغيره . وهو مخرج مع بعض شواهده في " الصحيحة " برقم ( 1089 )
. قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 240 )
: " الإعذار : إزالة العذر . والمعنى : أنه لم يبق له اعتذار ، كأن يقول : لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به . ...
. وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له ؛ فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة ، والإقبال على الآخرة بالكلية " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (5983-5984) .
على أن الحديث ـ إن صح ـ فله معنى صحيح ، وهو أن يُحمل الحديث على أهل الاستقامة ، فهؤلاء يكرمهم الله تعالى بما جاء في هذا الحديث ، أما الفسقة الفجرة فلا يستحقون مثل هذا الإكرام .
قال الحافظ بن حجر :
"على أن للحديث عندي مخرجا لا يرد عليه شيء من هذا على تقدير الصحة وذلك أنه وإن كان لفظه عاما فهو مخصوص ببعض الناس دون بعض ، لأن عمومه يتناول الناس كلهم
وهو مخصوص قطعا بالمسلمين ، لأن الكفار لا يحميهم الله ، ولا يتجاوز عن سيئاتهم ، ولا يغفر ذنوبهم
ولا يشفعهم ، وإذا تعين أن لفظة العام محمول على أمر خاص فيجوز أن يكون ذلك خاصا أيضا ببعض المسلمين دون بعض ، فيخص مثلا بغير الفاسق ، ويحمل على أهل الخير والصلاح
فلا مانع لمن كان بهذه الصفة أن يمن الله تعالى عليه بما ذكر في الخبر ، ومن ادعى خلاف ذلك فعليه البيان والله المستعان" انتهى .
" القول المسدد " (22-24).
فائدة :
ذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر" (ص/278) موعظة ، لاعتبار الإنسان بما يمر من زمانه ، وما يستقبل منه فقال :
"العاقل من فهم مقادير الزمان ؛ فإنه فيما قبل البلوغ صبي ، ليس على عمره عيار ....
فإذا بلغ فليعلم أنه زمان المجاهدة للهوى ، وتعلم العلم ، فإذا رزق الأولاد ، فهو زمان الكسب للمعاملة ، فإذا بلغ الأربعين ، انتهى تمامه ، وقضى مناسك الأجل ، ولم يبق إلا الانحدار إلى الوطن .
كأن الفتى يرقى من العمر سلمًا ... إلى أن يجوز الأربعين وينحطُّ
فينبغي له عند تمام الأربعين أن يجعل جل همته التزود للآخرة ، ويكون كل تلمحه لما بين يديه ، ويأخذ في الاستعداد للرحيل ، وإن كان الخطاب بهذا لابن عشرين ، إلا أن رجاء التدارك في حق الصغير لا في حق الكبير .
فإذا بلغ الستين ؛ فقد أعذر الله إليه في الأجل ، وجاز من الزمن ، فليقبل بكليته على جمع زاده ، وتهيئة آلات السفر ، وليعتقد أن كل يومٍ يحيا فيه غنيمة ، ما هي في الحساب ، خصوصًا إذا قوي عليه الضعف وزاد .
وكلما علت سنه فينبغي أن يزيد اجتهاده .
فإذا دخل في عشر الثمانين ليس إلا الوداع ، وما بقي من العمر إلا أسف على تفريط ، أو تعبد على ضعف .
نسأل الله عز وجل يقظة تامة ، تصرف عنا رقاد الغفلات ، وعملًا صالحًا نأمن معه من الندم يوم الانتقال . والله الموفق " انتهى.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:01
حديث مكذوب فيه : ( بحرمتي وجلالي ضمنت له سبعة أشياء )
السؤال
دعاء لمرة واحدة بالعمر: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضمون الحديث أنه قال: من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه حج 360 حجة، وختم 360 ختمة، وأعتق 360 عبدا، وتصدق ب 360 دينارا، وفرج عن 360 مغموما
وبمجرد أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديث نزل جبرائيل عليه السلام وقال: يا رسول الله! أي عبد من عبيد الله سبحانه وتعالى، أو أي أحد من أمتك يا محمد قرأ الدعاء ولو مرة واحدة
في العمر بحرمتي وجلالي ضمنت له سبعة أشياء : رفعت عنه الفقر. أمنته من سؤال منكر ونكير. أمررته على الصراط . حفظته من موت الفجأة . حرمت عليه دخول النار . حفظته من ضغطة القبر .
حفظته من غضب السلطان الجائر والظالم . الدعاء : لا إله إلا الله الجليل الجبار ، لا إله إلا الله الواحد القهار, لا إله إلا الله الكريم الستار ، لا إله إلا الله الكبير المتعال , لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا
ربا وشاهدا ، أحدا وصمدا ، ونحن له مسلمون , لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ، ربا وشاهدا ، أحدا وصمدا ، ونحن له عابدون ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا
ربا وشاهدا ، أحدا وصمدا ، ونحن له قانتون , لا إله إلا وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، ربا وشاهدا ، أحدا وصمدا ، ونحن له صابرون , لا إله إلا الله محمد رسول الله , اللهم إليك فوضت أمري ، وعليك توكلت ، يا أرحم الراحمين .
الجواب
الحمد لله
هذا الفضل المنسوب لهذا الدعاء فضل مكذوب ، لم يرد في كتب السنة والآثار
ولا عن الصحابة ولا التابعين ، وتظهر عليه علامات الكذب ، لما فيه من المبالغة والمجازفة في ترتيب الأجر على العمل ، وقد حكم العلماء المعاصرون عليه بالرد والكذب .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (24/281-283) ما يلي :
" الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي/ بواسطة معالي د . محمد بن سعد الشويعر ، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (3598)
وتاريخ 9 7 1420 هـ ، وقد ذكر معاليه أن أحد المواطنين جاءه بنشرة يقول إنه وجدها بالمسجد الذي يصلي فيه ، ويطلب إفتاءه نحوها ، وقد جاء في هذه النشرة ما نصه : .
. " . [ وذكروا الحديث بنحو مما ورد في السؤال ] .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت :
بأن هذا الدعاء المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم دعاء باطل ، لا أصل له من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والحديث المروي في فضله حديث باطل مكذوب
ولم نجد من أئمة الحديث مَن خَرَّجه بهذا اللفظ ، ودلائل الوضع عليه ظاهرة ؛ لأمور ، منها:
1 - مخالفة هذا الدعاء ومناقضته لصحيح المعقول وصريح المنقول من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك لترتيب هذه الأعداد العظيمة من الثواب المذكور لمن قرأ هذا الدعاء .
2 - اشتماله على لفظ ( علي ولي الله ) ، ولا شك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أولياء الله إن شاء الله ، ولكن تخصيصه بذلك دون غيره فيه نفثة رافضية.
3 - أنه يلزم من العمل بهذا الدعاء أن قارئه يدخل الجنة وإن عمل الكبائر أو أتى بما يناقض الإيمان ، وهذا باطل ومردود عقلا وشرعا .
وعلى ذلك فإن الواجب على كل مسلم أن لا يهتم بهذه النشرة ، وأن يقوم بإتلافها
وأن يحذر الناس من الاغترار بها وأمثالها ، وعليه أن يتثبت في أمور دينه فيسأل أهل الذكر عما أشكل عليه حتى يعبد الله على نور وبصيرة
ولا يكون ضحية للدجالين وضعاف النفوس الذين يريدون صرف المسلمين عما يهمهم في أمور دينهم ودنياهم ، ويجعلهم يتعلقون بأوهام وبدع لا صحة لها . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم " انتهى.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:03
حديث : (من صلى علي صلاة صلى الله عليه ألف صلاة)
السؤال
ما صحة هذا الحديث : قال النبي صلى الله عليه وآله : (من صلى عليه صلاةً صلى الله عليه ألف صلاة , ومن صلى عليه عشراً كانت له نوراً يوم القيامة
ومن صلى عليه ألف صلاةً كاملة كانت له شفيعاً يوم القيامة ، ومن صلىّ عليه في كل يوم ألف صلاة لم يعذب في قبره ولو كانت ذنوبه كزبد البحر)؟
الجواب
الحمد لله
لم نجد هذا الحديث في شيء كتب السنة التي بين أيدينا ، ولم نقف على نقله عند أحد من أهل العلم ، فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والظاهر : أنها مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما يدل على ذلك :
أنه مخالف لما ثبت في الصحيح ، فمما ثبت في السنة الصحيحة أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر مرات ، وليس ألف مرة.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا) رواه مسلم (384) .
والمشروع للمؤمن أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، بقدر استطاعته ، لما يترتب على ذلك من عظيم الثواب في الدنيا والآخرة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله من أعظم الأسباب في طمأنينة القلوب وراحتها , وفي السكون إلى الله سبحانه وتعالى والأنس به سبحانه ,
وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة , لكن ليس للاستغفار حد محدود , ولا للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حد محدود , بل المشروع أن تكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ,
ولا يتعين عدد معين , وتستغفر كثيرا مائة أو أكثر أو أقل , أما التحديد بمائة فليس له أصل ، ولكنك تكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قائما وقاعدا , في الليل والنهار
, وفي الطريق وفي البيت ؛ لأن الله جل وعلا قال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)
فأكثر من ذلك وأبشر بالخير ، وليس هناك حد محدود ، تصلي على النبي ما تيسر : عشرا أو أكثر أو أقل ، على حسب التيسير ، من غير تحديد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/209) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:06
حديث (زيارة إبليس للرسول صلى الله عليه وسلم) لا أصل له
السؤال
ما صحة حديث معاذ الذي يذكر قصة زيارة إبليس اللعين للرسول صلى الله عليه وسلم ؟
هذا بعض نصه : يا أهل المنزل .. أتأذنون لي بالدخول ولكم إليّ حاجة ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أتعلمون من المنادي ؟
فقالوا : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هذا إبليس اللعين لَعَنَه الله تعالى . فقال عمر بن الخطاب : أتأذن لي يا رسول الله أن أقتله ؟
.... وجزاكم الله عنا وعن المسلمين لما تقدمون لهم خير الجزاء !
الجواب
الحمد لله
لم نجد هذا الحديث في شيء من كتب السنة والآثار التي بين أيدينا ، ولا ندري عن مصدره ولا مرجعه ، ويبدو أنه من المكذوبات الموضوعات التي لا أصل لها .
وقد سئل عنه علماء الجنة الدائمة للإفتاء فقالوا : إنه لا أصل له .
ففي "فتاوى اللجنة الدائمة" ( المجموعة الثانية 3/252) :
أسأل عن الحديث الذي أورده مؤلف الكتاب المسمى " من رياض التوحيد "
الذي نصه : عن ابن العباس رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت رجل من الأنصار في جماعة ، فنادى مناد يا أهل المنزل أتأذنون لي بالدخول ولكم إلي حاجة
. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أتعلمون من المنادي؟
) فقالوا : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذا إبليس لعنه الله تعالى) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتأذن لي بقتله يا رسول الله
. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (مهلا يا عمر ، أما علمت أنه من المنظرين إلى يوم معلوم ، ولكن افتحوا له الباب ، فإنه مأمور فافهموا عنه واسمعوا فإذا هو شيخ أعور . .) إلخ .
فأجابوا :
"الحديث المذكور لا أصل له فيما نعلم ، والمصدر المنقول منه غير معروف ، فالواجب تركه وعدم نشره بين الناس" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:09
حديث العمل عبادة لا أصل له
السؤال
سمعت حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم نصه : (إن العمل كالعبادة) ، وبحثت في كل الكتب الصحيحة ولم أجد هذا الحديث .. ساعدوني في معرفة إن كان حديثا صحيحا أو ضعيفا ، ولكم الأجر إن شاء الله .
الجواب
الحمد لله
حديث : (العمل عبادة) أو (العمل كالعبادة) لا أصل له في كتب الحديث والآثار ، ولم نقف عليه فيما بين يدينا من كتب السنة ، فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
بل الواجب تحذير الناس من ذلك ، وتنبيههم إلى وجوب التحري عند نشر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله:
"هذا الحديث لا أصل له ، ولعل مستند هذا القول هو ما يتداوله العوام من أن رجلاً كان يتعبد في المسجد ليل نهار وله أخ ينفق عليه ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له
: من ينفق عليك ؟ قال : أخي . قال : أخوك أعبد منك .
وهذا باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة المعتبرة" انتهى باختصار. (نقلا عن موقعه).
والعمل المباح كالتجارة والصناعة .. ونحوها يكون عبادة إذا نوى الإنسان به نية حسنة ، ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم ، أو النفقة على أهله
والتصدق على المحتاجين ، وصلة الرحم ، ونفع المسلمين بهذا العمل .. ونحو ذلك من النيات الصالحة التي يثاب عليها .
ولكن .. بشرط : أن لا يشغله هذا العمل عما أوجبه الله عليه ، كالصلاة والزكاة والصيام
قال الله تعالى : (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور/37 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"وأما العمل فإنه لا يصح أن نقول إن العمل عبادة إلا العمل الذي هو تعبد لله ، فهذا لا شك فيه ، لكن العمل من أجل الدنيا : هذا ليس بعبادة إلا أن يؤدي إلى أمرٍ مطلوبٍ شرعاً
مثل أن يعمل لكف نفسه وعائلته عن سؤال الناس ، والاستغناء بما أغناه الله عز وجل ، ولهذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام : (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله -
قال الراوي- أحسبه قال كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر) والعمل للدنيا على حسب نية العامل
فإن أراد به خيراً كان خيرا ، وإذا أراد به سوى ذلك كان على ما أراد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى)" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (فتاوى النكاح/ التعدد والقسم بين الزوجات) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:14
حديث : (إن عمر لحسنة من حسنات أبي بكر) حديث موضوع
السؤال
أرجو بيان درجة الحديث الوارد في " الغرر في فضائل عمر رضي الله عنه " لجلال الدين السيوطي ، الحديث الأربعون : عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عمار ! أتاني جبريل آنفاً فقلت
: يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب في السماء فقال : يا محمد ! لو حدثتك بفضائل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر
وإن عمر لحسنة من حسنات أبي بكر ) أخرجه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يرويه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/158) ، وأبو يعلى في "المسند" (3/179) ، من طريق : الوليد بن الفضل العنزي قال : نا إسماعيل بن عبيد بن نافع العجلي
عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه به .
وقال الطبراني : "لم يرو هذا الحديث عن حماد إلا إسماعيل ، تفرد به الوليد" انتهى .
والوليد بن الفضل العنزي ، قال ابن حبان في "المجروحين" (3/82) في ترجمته : "شيخ
يروي عن عبد الله بن إدريس وأهل العراق المناكير التي لا يشك من تبحر في هذه الصناعة أنها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به بحال إذا انفرد" انتهى .
وفيه أيضا : إسماعيل بن عبيد العجلي البصري
ضعيف كما في "ميزان الاعتدال" (1/238).
ولذلك حكم الأئمة على هذا الحديث بأنه موضوع مكذوب .
قال أبو حاتم :
"هذا حديث باطل موضوع ، اضرب عليه" انتهى .
"العلل" (2/385) .
وقال الإمام أحمد :
"لا أعرف إسماعيل بن نافع ، هذا حديث موضوع" انتهى .
"المنتخب من العلل" للخلال (108) .
وحكم عليه بالوضع ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/321) ، وابن القيم في "المنار المنيف" (ص/115) ، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/238) .
وفضائل أبي بكر وعمر عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحيحة كثيرة ومشهورة لا تخفى ، ولا تحتاج إلى هذا الحديث الموضوع لإثباتها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:20
حديث: (ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر)
السؤال
هل هذا الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح وهو : (ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر
ولا ينالهم الحساب ، وهم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما هم به راضون
وداع يدعو إلى الصلاة ابتغاء وجه الله ، وعبد أحسن فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين مواليه)؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث يروى عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم :
الحديث الأول : عن ابن عمر رضي الله عنهما ، ولفظه : (ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : عَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ ، وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ ، وَرَجُلٌ يُنَادِي بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) .
وقد جاء عنه من طريقين :
الطريق الأول : رواه الإمام أحمد في "المسند" (2/26) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (6/105)
والترمذي في "الجامع" (1986) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (10/129) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/320) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/451) جميعهم من طريق :
أبي اليقظان ، عن زاذان ، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً .
وهذا السند ضعيف ، بسبب أبي اليقظان واسمه عثمان بن قيس ، قال فيه يحيى بن معين : ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث منكر الحديث . وقال الدارقطني: متروك.
انظر: "تهذيب التهذيب" (7/146) .
الطريق الثاني : رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/433) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/318) وغيره من طريق :
الحارث بن مسلم ، ثنا بحر بن كثير ، عن الحجاج بن فرافصة ، عن الأعمش ، عن عطاء ، عن ابن عمر .
وهذا السند ضعيف جدا أيضا بسبب بحر بن كثير السقا ، قال فيه الذهبي في "الضعفاء" (1/192) : "كان ممن فحش خطؤه ، وكثر وهمه ؛ حتى استحق الترك" انتهى .
الحديث الثاني : عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما ، ولفظ حديثهما :
(ثلاثة على كثيب من مسك أسود يوم القيامة ، لا يهولهم الفزع ، ولا ينالهم الحساب :
رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما وهم به راضون . ورجل أذن في مسجد دعا إلى الله ابتغاء وجه الله . ورجل ابتلي بالرق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة) .
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/382) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (3/355) من طريق: الفضل بن ميمون السلمي ، عن منصور بن زاذان ، عن زاذان أبي عمر الكندي ، قال : سمعت أبا سعيد وأبا هريرة رضي الله عنهما .
وهذا السند ضعيف جدا أيضا ، فيه الفضل بن ميمون ، جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (4/451) : "الفضل بن ميمون ، أبو سلمة ، شيخ لعارم ، قال أبو حاتم : منكر الحديث
سمع معاوية بن قرة وجماعة . قال بن المديني : لم يزل عندنا ضعيفا . انتهى ، وضعفه الدارقطني في العلل ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وغيرهما" انتهى .
فالحاصل : أن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد نص جماعة من الأئمة والعلماء على تضعيفه ، كالإمام البخاري رحمه الله في "التاريخ" (6/105) . والدارقطني في "العلل" (13/159)
. وابن عساكر في "معجم الشيوخ" (2/147) وابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/319) . والشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (6812) ، وضعفه محققو مسند الإمام أحمد في طبعة مؤسسة الرسالة (8/418) .
ثانياً :
أما مضمون الحديث ، فقد جاء بذكر فضائل ثلاثة من الأعمال الجليلة ، وهذه الأعمال لا تتوقف فضيلتها على هذا الحديث الضعيف ، بل أجرها مستقر بأدلة وشواهد أخرى :
1- أما الإمامة في الصلاة : فيقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" هذه الوظيفة الدينية المهمة التي تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، وتولاها خلفاؤه الراشدون ..
. ولهذا كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : اجعلني إمام قومي ؛ لما يعلمون في ذلك من الفضيلة والأجر .
لكن مع الأسف الشديد ؛ نرى في وقتنا هذا كثيرًا من طلبة العلم يرغبون عن الإمامة ، ويزهدون فيها ، ويتخلون عن القيام بها ؛ إيثارًا للكسل وقلة رغبة في الخير
وما هذا إلا تخذيل من الشيطان ، فالذي ينبغي لهم القيام بها بجد ونشاط واحتساب للأجر عند الله ؛ فإن طلبة العلم أولى بالقيام بها وبغيرها من الأعمال الصالحة "
انتهى باختصار. " الملخص الفقهي " (1/215-216) .
2- وأما الأذان
ورد في السنة المطهرة ما يدل على أن المؤذن له فضل لم يرد لغيره مثله ، ومن ذلك :
1- عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له :
إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة
. قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ( 584 ) .
2- عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ) رواه مسلم ( 387 ) .
قال النووي رحمه الله :
" قيل : معناه أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى ؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه ، فمعناه :
كثرة ما يرونه من الثواب ، وقال النضر بن شميل : إذا ألجم الناسَ العرقُ يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق ، وقيل : معناه أنهم سادة ورؤساء
والعرب تصف السادة بطول العنق ، وقيل : معناه أكثر أتباعا ، وقال ابن الأعرابي : معناه أكثر الناس أعمالا ، قال القاضي عياض وغيره : ورواه بعضهم " إعناقاً " بكسر الهمزة أي : إسراعاً إلى الجنة " انتهى .
والعَنَق نوع من السير سريع .
" شرح مسلم " ( 4 / 91 ، 92 ) .
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) . رواه البخاري ( 590 ) ومسلم ( 437 ) .
ومعنى الحديث : أن الناس لو يعلمون ما في الأذان والصف الأول من الثواب العظيم والأجر الجزيل ثم لم يجدوا طريقا للقيام بالأذان والوقوف في الصف الأول إلا القرعة لفعلوها واقترعوا من أجل تحصيل فضلهما .
4- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم ، والمؤذنُ يغفر له بمد صوته
ويصدقه من سمعه من رطب ويابس ، وله مثل أجر من صلى معه ) رواه النسائي ( 646 ) وصححه المنذري والألباني كما في " صحيح الترغيب " ( 235 ) .
وأما فضل الإقامة فقد تشملها الأحاديث السابقة في فضل الأذان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الإقامة أذاناً ، وذلك في قوله : ( بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ ) رواه البخاري ( 598 ) ومسلم ( 838 ) .
قال الحافظ :
" قَوْله : ( بَيْنَ كُلّ أَذَانَيْنِ ) أَيْ أَذَان وَإِقَامَة " انتهى .
وقد ورد حديث خاص في فضل الإقامة :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن أذَّن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة ، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة
ولكل إقامة ثلاثون حسنة ) رواه ابن ماجه ( 728 ) وصححه المنذري والألباني كما في " صحيح الترغيب " ( 248 ) .
3- وأما إحسان العبد إلى مولاه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ) رواه مسلم (1666) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-11-28, 17:23
حديث مكذوب في الدعاء على من زنى في الغربة
السؤال
ما حكم مَن زنى خارج البلاد التي يقيم فيها ؟
وما صحة الحديث الذي يقول : قال صلى الله عليه وسلم : (مَن زنى في غربته لا رجع سالماً ولا غانماً) هل هو صحيح أم موضوع ؟
الجواب
الحمد لله
ليس هذا الكلام بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعله دعاء دعا به بعض الخطباء على من زنى في غربته فظنه الناس حديثاً .
هذا وقد ذكر بعض أهل العلم في كتب الموضوعات كلمة قريبة من هذا المعنى ، وفيها :
(من عصى الله في غربته رده الله خائباً).
قال الشيخ ملا علي القاري رحمه الله :
"لا أصل له فيما أعلمه" انتهى .
" الأسرار المرفوعة " (ص/354)
"كشف الخفاء" (ص/189) .
والزنا من كبائر الذنوب وأقبحها في أي مكان كان ، قال الله تعالى : (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) الإسراء/32 .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:19
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث لا أصل له في أن الأكل والشرب عورتان
السؤال
" الأكل والشرب عورتان، فاستروهما " ، هل هو حديث صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
بعد البحث عن هذا الحديث في كتب السنة لم نجد له أصلاً ، وهذا الحديث لم يذكره حتى العلماء الذين ألفوا في جمع الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فلعله من الأحاديث المكذوبة التي وضعت في الأزمنة المتأخرة .
والمعنى الذي تضمنه الحديث لا أصل له في السنة النبوية ، فليس الأكل والشرب من العورات التي يلزم سترها .
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مع أصحابه ، فكيف يكون الأكل والشرب عورة؟!
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:21
هل ورد أنه يدخل مع المرأة النار أربعة أشخاص إذا هي دخلتها؟
السؤال
سمعت أن المرأة إذا قُدّر لها أن تدخل النار فإنه يدخل معها أربعة أشخاص كذلك ، فهل هذا صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
لم نقف على حديث بهذا المعنى ، لا صحيحٍ ولا ضعيف ، ولن يدخل أحد النار بذنوب غيره ، فإنه لن يتحمل أحد ذنوب أحد ، قال الله تعالى : (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْر أُخْرَى) الأنعام/164، وقال عز وجل: ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) فاطر/18.
وهذا الأصل قد بينه الله تعالى في كتبه المنزلة على أنبيائه السابقين أيضاً ، كما قال تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم/36- 39 .
"فكل عامل له عمله الحسن والسيئ ، فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء ، ولا يتحمل أحد عن أحد ذنباً" . "تفسير السعدي" .
وخطب الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وكان من خطبته : (أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ ، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ) رواه الترمذي (2159) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فلا يؤخذ أحد بجريرة أحد ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وليس في السنة حديث يدل على أن أناسا يدخلون النار بسبب أوزار غيرهم ، وإنما يدخلونها بوزر أنفسهم .
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:28
هل فعل أحد أفراد الأسرة لذنب اقترفه والدهم في الماضي من تعجيل العقوبة ؟!
السؤال
هل عندما يعمل شخص ذنب ، وبعد ذلك يكتشف أن ابنه أو أي شخص من عائلته عمل ذات الذنب ، هل ذلك :
كما تدين تدان ، أم إنه تعجيل للعقوبة ؟
وهل يجب أن يعاقب هذا الشخص الذي تحت مسئوليته وعمل الذنب ؟
أم إنه يقول : إن هذا عقاب من الله لظلمه لنفسه ، وبما كسبت يداه وإنه خارج إرادة الشخص الذي تحت مسئوليته ؟
أرجو إفتاءنا ، وجزاكم الله خيرا
الجواب
الحمد لله
الإنسان لا يؤاخذ بذنب غيره، كما قال الله سبحانه : ( وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
الأنعام:164، قال العلامة الشوكاني رحمه الله في فتح القدير عند تفسير الآية : " أي لا يؤاخذ مما أتت من الذنب ، وارتكبت من المعصية سواها ؛ فكل كسبها للشر عليها لا يتعداها إلى غيرها " انتهى.
ثم قال رحمه الله : " وقد قيل : إن المراد بهذه الآية في الآخرة ، والأولى حمل الآية على ظاهرها ، أعني العموم . " انتهى.
وإذا كان كذلك فإن الله تعالى لا يقدر الذنب على إنسان مؤاخذة له بذنب غيره ، ولكنه سبحانه وتعالى حكيم فيما يفعل ، وهو أعلم أين يضع فضله .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في شفاء العليل (1/71): ( فالله أعلم حيث يضع هداه وتوفيقه كما هو أعلم حيث يجعل رسالته.) فهو سبحانه يهدي ويوفق من يشاء فضلا ، ويخذل من يشاء عدلاً.
ولكن شؤم المعصية قد يسري من شخص لآخر ، لمجالسته له وإلفه لعمله ؛ إذ ربما جره ذلك إلى موافقته في فعله
والاقتداء به، وربما كان في تقدير الله المعصية على قريب العاصي إساءة له ، وتنغيص عليه ؛ فكان في ذلك نوع من المجازاة له، ولكن مع اعتقاد أن الله قدر ذلك بتمام عدله وحكمته.
ومن الكلام المأثور عن علي رضي الله عنه ، في كتب الأدب : " من هَتك حجاب أخيه ، هُتِك حجاب بنيه !! "
.
وفي قول الله تعالى: ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )مريم: 28
قال قتادة رحمه الله :
" كانت من أهل بيت يُعرفون بالصلاح ، ولا يُعرفون بالفساد ؛ ومن الناس من يُعرفون بالصلاح ويتوالدون به ، وآخرون يُعرفون بالفساد ويتوالدون به "
تفسير الطبري (18/186) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
"أي: أنت من بيت طيب طاهر، معروف بالصلاح والعبادة والزهادة ، فكيف صدر هذا منك ؟! "
تفسير ابن كثير (5/226)
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
" وذلك أن الذرية - في الغالب - بعضها من بعض ، في الصلاح وضده
" اهـ تفسير السعدي (492) .
وفي سنن أبي داود (3963) وغيره ، وصححه الألباني ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ ) ؛ أَيْ الزَّانِيَانِ وَوَلَدهمَا .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" ولد الزنا إن آمن وعمل صالحا دخل الجنة ، وإلا جوزي بعمله كما يجازى غيره ، والجزاء على الأعمال لا على النسب ، وإنما يذم ولد الزنا لأنه مظنة أن يعمل عملا خبيثا ، كما يقع كثيرا
كما تحمد الأنساب الفاضلة لأنها مظنة عمل الخير ؛ فأما اذا ظهر العمل فالجزاء عليه ، وأكرم الخلق عند الله أتقاهم "
اهـ مجموع الفتاوى (4/312) .
قال الشاعر :
وَأَوَّلُ خبثِ الماءِ خَبثُ تُرابِهِ وَأَوَّلُ لُؤمِ القَومِ لُؤمُ الحَلائِلِ
وليس ذلك كما قلنا من مؤاخذة الإنسان بذنب غيره في شيء ؛ وإنما الطبع لص ، والأيام دُول ، والمعاصي ديون !!
وكما أن الله تعالى يمن على عبده الصالح
ويُقر عينه بصلاح زوجه وذريته ، فقد يكون من عقاب العاصي أن يرى شؤم معصيته فسادا في ذريته ، أو معصية في أهله ، نعوذ بالله من غضبه وشر عقابه .
وأما تأديبه ، بل وعقابه لشخص تحت رعايته ، وقد وقع في نفس الذنب الذي وقع فيه هو من قبل
فنعم هذا واجب عليه أيضا : أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في بيته فيلزمه أن ينكر على من ولاه الله عليه إذا وقع في المعصية التي هو واقع فيها .
قال العلامة السفاريني رحمه الله في غذاء الألباب (1/219): يجب على كل مؤمن مع الشروط المتقدمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو فاسقاً ، حتى على جلسائه وشركائه في المصعية. انتهى.
وقال العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب (4/180):
" لا يشترط في الآمر والناهي كونه متمثلاً ما يأمر به ، مجتنباً ما ينهى عنه ، بل عليه أن يأمر وينهى نفسه وغيره ، فإن اختل أحدهما لم يسقط الآخر ." انتهى.
على أنه سوف يكون عيبا عليه ، أي عيب ، وشينا في حقه أي شين : أن يأمر الناس بالمعروف وينسى نفسه ، وينهاهم عن المنكر الذي يأتيه :
قال الله تعالى: ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) البقرة:44 ،وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) الصف : 2-3 .
فليس له من مخرج من تلك الورطة ، ولا علاج لذلك الفصام ، إلا بالتوبة النصوح ، والأخذ بعمل الخير ، قبل أن يذوق وبال أمره : ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) .
قال الشاعر :
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:33
حديث بعنوان "دروس في الحب" ليس في شيء من كتب السنة المعتمدة
السؤال
أريد التأكد من صحة هذا الحديث بعنوان " دروس في الحب " : (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم ، وسألهم مبتدأً بأبي بكر ماذا تحب من الدنيا ؟
فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحب من الدنيا ثلاثا : الجلوس بين يديك ، والنظر إليك ، وإنفاق مالي عليك . وأنت يا عمر ؟
قال : أحب ثلاثا : أمر بالمعروف ولو كان سرا ، ونهي عن المنكر ولو كان جهرا ، وقول الحق ولو كان مرا . وأنت يا عثمان ؟ قال أحب ثلاثا : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام
. وأنت يا علي ؟ قال : أحب ثلاثا : إكرام الضيف ، والصوم بالصيف ، وضرب العدو بالسيف . ثم سأل أبا ذر الغفاري : وأنت يا أبا ذر ماذا تحب في الدنيا ؟
قال أبو ذر : أحب من الدنيا ثلاثا : الجوع ، والمرض ، والموت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولِمَ ؟
فقال أبو ذر : أحب الجوع ليرق قلبي ، وأحب المرض ليخف ذنبي ، وأحب الموت لألقى ربي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حبب إلي من دنياكم ثلاث : الطيب ، والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة .
وحينئذ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السلام وقال : وأنا أحب من دنياكم ثلاثا : تبليغ الرسالة ، وأداء الأمانة ، وحب المساكين . ثم صعد إلى السماء وتنزل مرة أخرى وقال : الله عز وجل يقرؤكم السلام ويقول
: إنه يحب من دنياكم ثلاثا : لسانا ذاكرا ، وقلبا خاشعا ، وجسدا على البلاء صابراً) .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث غير موجود في كتب السنة والآثار ، ولم نعثر له على أصل عند المحدثين ، وقد وجدنا الشيخ إسماعيل العجلوني ذكره في كتاب
" كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس " (ص/340)، وعزاه إلى كتاب "المواهب" ، وغالب الظن أنه كتاب " المواهب اللدنية في المنح المحمدية " للقسطلاني
وهو كتاب تكثر فيه الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها ، ثم نقل عنه قوله : "وقال الطبري : خرجه الجندي ، والعهدة عليه. انتهى"
ثم قال العجلوني رحمه الله :
"ونقل الشبراملسي في "حاشيته على المواهب" عن " الذريعة " لابن العماد أنه قال فيها : وعن الشيخ أبي محمد النيسابوري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه...إلى آخر الحديث"
انتهى . ثم عزاه لكتاب " المجالس " للخفاجي .
وهذه الكتب كلها كما ترى ليست من أصول السنة ولا من الكتب التي هي دواوين الإسلام .
وخروج الحديث عن كتب السنة المشهورة المعتمدة مما يستدل به على ضعفه ، إذ لو كان صحيحاً لما أعرض عنه هؤلاء الأئمة مع حاجة الناس إليه .
وقد ذكر كثير من علماء الحديث : أن من الطرق التي يعرف بها عدم صحة الحديث : كونه روي في بعض الكتب التي ليست من دواوين الإسلام المشهورة .
قال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/99) : "فمتى رأيت الحديث خارجاً عن دواوين الإسلام كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود ونحوها فانظر فيه :
فإن كان له نظير من الصحاح والحسان قرب أمره ، وإن ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده.. الخ" انتهى .
وقال الزيلعي : "يكفينا في تضعيف أحاديث الجهر بالبسملة إعراض أصحاب الجوامع الصحيحة ، والسنن المعروفة ، والمسانيد المشهورة المعتمد عليها في حجج العلم ومسائل الدين عنه" انتهى .
"نصب الراية" (1/479) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث استشفاع آدم بمحمد عليهما الصلاة والسلام :
"هذا الحديث لم ينقله أحد عن النبي صلى الله عليه و سلم لا بإسناد حسن ولا صحيح ، بل ولا ضعيف يستأنس به ويعتضد به ...
ويكفيك أن هذا الحديث ليس في شيء من دواوين الحديث التي يعتمد عليها ، لا في الصحاح كالبخاري ومسلم وصحيح ابن خزيمة وأبي حاتم بن حبان وابن منده والحاكم
ولا في المستخرجة على الصحيح لأبي عوانة وأبي نعيم ومستخرج البرقاني والإسماعيلي ، ولا في السنن كسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه
ولا في الجوامع كجامع الترمذي وغيره ، ولا في المسانيد كمسند أحمد ونحوه ، ولا في المصنفات كموطأ مالك ومصنف عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ووكيع ومسلمة
ولا في كتب التفسير المروية بالأسانيد التي يميز فيها بين المقبول والمردود كتفسير عبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم وابن أبي شيبة وبقي بن مخلد ونحوهم
وتفسير ابن أبي حاتم وابن داود ومحمد بن جرير وأبي بكر بن المنذر وابن مردويه" انتهى .
"الرد على البكري" (1/57) .
وقال أيضاً :
"والحديث المذكور : (إذا اقتتل خليفتان فأحدهما ملعون) كذب مفترى ، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث ، ولا هو في شيء من دواوين الإسلام المعتمدة" انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/446) .
وقال أيضا :
"ولكن بعض الناس ظن أن توسل الصحابة به صلى الله عليه وسلم كان بمعنى أنهم يقسمون به ، ويسألون به .
وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها في الأحاديث ، لا في الصحيحين ، ولا كتب السنن ، ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد وغيره
وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيرا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (1/248) .
وقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى : "إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد
ولم نجده في أحد الصحيحين ، ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة ، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته" انتهى .
"المقدمة" (صـ 16) .
وقال ابن جماعة : "مع غلبة الظن أنه لو صح لما أهمله أئمة الأعصار المتقدمة" انتهى من "تدريب الرواي" (1/143) .
فتبين بذلك : أن العلماء يستدلون بخروج الحديث عن دواوين الإسلام المشهورة يستدلون بذلك على ضعفه .
ومما يدل على عدم صحة هذا الحديث : ما نسب فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (حبب إلي من دنياكم ثلاث : الطيب ، والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة) ، فإن الصلاة ليست من أمور الدنيا .
قال ابن القيم رحمه الله :
"ومن رواه : (حبب إليَّ من دنياكم ثلاث) فقد وهم ، ولم يقل صلى الله عليه وسلم : (ثلاث) ، والصلاة ليست من أمور الدنيا التي تُضاف إليها" انتهى .
" زاد المعاد " (1/151).
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
"وأما زيادة : (ثلاث) فهي في "الإحياء" في موضعين ، وفي "الكشاف" في آل عمران : قال الزين العراقي ، وابن حجر ، والزركشي
وغيرهم : ولم تقع في شيء من طرقه ، بل هي مفسدة للمعنى ، فإن الصلاة ليست من الدنيا" انتهى .
"الفتاوى الحديثية" (ص/277) ، وانظر: "الإحياء" (3/219) ، "السلسلة الضعيفة" (6940) .
والواجب على المسلم أن يتثبت فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب التي يستحق صاحبها عذاب النار ، نسأل الله السلامة والعافية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:37
هل صح حديث في هجر الشخص المؤذي مائة مرة ؟
السؤال
منذ عام سألت إحدى صديقاتي سؤالاً ، ما كان يتوجب علي أن أسألها ؛ لأنه على ما يبدو أنه جرحها ، ومنذ ذلك الحين هجرتني ولم تعد تكلمني
وعندما هدأت الأمور بعض الشيء سألتها عن سبب هجرانها لي ، فقالت : إن هناك حديثًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه أن الشخص إذا جرح مشاعرك فاهجره مائة مرة
. فهل هذا صحيح ، وهل هناك حديث يتعلق بمثل هذا ؟
الجواب
الحمد لله
لم نقف على حديث يتضمن هذا المعنى ، ولا نرى ذلك صحيحا ولا مقبولا ، فقد صحت الأحاديث الكثيرة في التحذير من هجر المسلم لأخيه المسلم
كما جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة في الحث على العفو عن الزلات ، وتجاوز العثرات ، ومسامحة الإخوان والأصدقاء عند صدور أي خطأ منهم ، فكيف يصح حديث بالحث على هجر المسلم من غير سبب شرعي صحيح .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه :
" لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة ، أن يظن بها سوءا ، وهو يجد لها في شيء من الخير مصدرا " . التمهيد ، لابن عبد البر (18/20) .
وقال الأحنف بن قيس: حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا : ظلم الغضب ، وظلم الدالة ، (يعني : الدلال) وظلم الهفوة . وقال آخر : ما شتمت أحدا قط ؛ لأنه إن شتمني كريم :
فأنا أحق مَن غَفَرَها له ، أو لئيم : فلا أجعل عرضي له غرضا . ثم تمثل وقال :
وأَغفِرُ عوراءَ الكريم ادِّخَاره ..
. وأُعرِضُ عن شتم اللئيم تكرما
وقد قيل :
خذ من خليلك ما صفا ..
. ودع الذي فيه الكدر
فالعمر أقصر مِنْ مُعا .
.. تَبةِ الخليلِ على الغِيَر
ينظر : " إحياء علوم الدين " (2/183-186) .
واعلمي ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن من أعظم مقاصد الشيطان الخبيث ، وأشد حيله : أن يوقع البغضاء والعداوة بين المسلمين .
عَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ؛ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ) .
ولهذا حرم الله تعالى كل ما من شأنه أن يوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين . قال الله تعالى :
( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة /91 .
ويمكن الاطلاع على الأحاديث الواردة في ذم التهاجر في كتاب الإمام المنذري ، واسمه :
" الترغيب والترهيب " (3/304)، فقد عقد فيه بابا بعنوان : " الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر "، جمع فيه أكثر ما ورد في السنة في هذا الموضوع .
وانظري اجابه السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:41
لا يجوز هجر المسلم لاختلاف وجهات النظر
السؤال
أعلم أنه يجوز للمسلم أن يغضب على أخيه مدة لا تتجاوز 3 أيام ، وأن خيرهما الذي يبدأ بالسلام ، لكن إذا كنت لا أرى هذا الأخ إلا مرة واحدة في الأسبوع أو ما يقارب ذلك
فهل يجوز لي أن أعرض عنه بعد مواجهته 3 مرات ، أم أن علي أن أتقيد بالحد المذكور ( 3 أيام فقط ) ؟
إن أنا فعلت ، فإن الأخ سوف لن يعي أني مستاء منه ، أعلم أن هذا الأسلوب ليس من الأساليب الحسنة التي يحرص المسلم على التخلق بها ، لكن قد يحصل أن يقوم أحد الإخوة بفعل شيء ما ، فأقرر إشعاره أني لا أوافقه فعله .
الجواب
الحمد لله
"هجر المسلم لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "
رواه البخاري ( 5727 ) ومسلم ( 2560 ) ، ولا سيما إذا كان المؤمن قريباً لك أخاً أو ابن أخ أو عمّاً أو ابن عم فإن الهجر في حقِّه يكون أشد إثماً .
اللهم إلا إذا كان على معصية ، وكان في هجره مصلحة ، بحيث يقلع عن هذه المعصية فلا بأس به ، لأن هذا من باب إزالة المنكر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم ( 49 ) ، والأصل أن هجر المؤمن لأخيه المؤمن محرّم حتى يوجد ما يقتضي الإباحة" .انتهى.
انظر " فتاوى منار الإسلام " لابن عثيمين ج/ 3 ص/732 .
وقال ولي الدين العراقي :
"هذا التحريم محله في هجرانٍ ينشأ عن غضب لأمر جائز لا تعلق له بالدين ، فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية أو بدعة : فلا مانع منه
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجران كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم
قال ابن عبد البر : وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له وزجراً عنها ، وقال أبو العباس القرطبي :
فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك ولا يختلف في هذا
وقال ابن عبد البر – أيضاً - : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه
فإن كان كذلك رخص له في مجانبته ، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية" .
"انتهى من طرح التثريب " ( 8 / 99 ) .
والذي ينبغي عليك إذا ارتكب أخوك محرّماً مناصحته وبيان حرمة هذا الأمر وأنه لا يجوز ، وتذكّيره بالله ، فإذا رأيت منه تمادياً على هذه المعصية ورأيت أن المصلحة في هجره فهذا حكمه الجواز كما سبق
وأما إن كان مجرّد فعل لا توافقه عليه ، أو اختلاف وجهات النظر فبيّن له عدم موافقتك لفعله أو خطأه في وجهة نظره ، أما أن تجعل من هجره إشعاراً بعدم موافقته فهذا قد يؤدي به إلى عدم القبول منك أصلاً
فضلاً عن أنه لا يعتبر ذلك مسوغاً شرعيّاً لهجره أكثر من ثلاثة أيام ، وسبق في فتوى الشيخ ابن عثيمين أن الأصل في الهجر الحرمة حتى يوجد ما يقتضي الإباحة .
والواجب على المسلم أن يكون واسع الصدر ، ناصحاً لإخوانه
وأن يتحمّل منهم ويغض الطرف عن هفواتهم ، لا أن يستعجل في اتخاذ حل قد يكون سبباً للقطيعة والهجر المحرّم ، وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على نبينا محمد .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:44
ما صحة حديث : (لولا محمد ما خلقتك)؟
السؤال
ما رأيكم في هذا الحديث : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فقال الله : يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد ؟
فقال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا
لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ـ فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، وإذ قد سألتني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك) .
الجواب
الحمد لله
" هذا الحديث موضوع ، كما أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ لأن الله سبحانه إنما خلق الجن والإنس ليُعبد وحده لا شريك له، ومن جملة الإنس : آدم عليه الصلاة والسلام، والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (26/327) .
وقال عنه البيهقي في "دلائل النبوة" (5/489) :
"تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف" انتهى .
وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "التوسل" (ص166) :
"روي مرفوعا وموقوفا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفيه : عبد الرحمن بن أسلم، ضعيف باتفاقهم ، ويغلط كثيرا" انتهى .
وحكم عليه الألباني رحمه الله بأنه موضوع ، في "السلسلة الضعيفة" (25) .
وانظر جواب السؤال القادم
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:46
بطلان حديث (لولاك ما خلقت الأفلاك)
السؤال
ما رأيك بهذا الحديث : " إذا لم يكن يوجد محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله سبحانه وتعالى لم يكن ليخلق الكون" . بصراحة فأنا أشتبه بصحة هذا الحديث فهل يمكن أن تلقي بعض الضوء .
الجواب
الحمد لله
قد رويت أحاديث باطلة وموضوعة بهذا المعنى ، فمن ذلك :
(لو لاك ما خلقت الأفلاك)
ذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 326) وقال :
قال الصغاني : موضوع اهـ
قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (282) : موضوع اهـ
ومنها : ما رواه الحاكم عن ابن عباس قال :
أوحى الله إلى عيسى عليه السلام : يا عيسى آمن بمحمد ، وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار
ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فسكن .
قال الحاكم : صحيح الإسناد !! وتعقبه الذهبي بقوله :
أظنه موضوعاً على سعيد اهـ .
يعني : سعيد بن أبي عروبة (أحد رواة هذا الحديث) ، وقد روى هذا الحديث عنه عمرو بن أوس الأنصاري وهو المتهم بوضع هذا الحديث ، وقد ذكره الذهبي في "الميزان"
وقال : أتى بخبر منكر ، ثم ساق هذا الحديث ، وقال : وأظنه موضوعاً. ووافقه الحافظ ابن حجر كما في "اللسان" .
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (280) : لا أصل له اهـ .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
هل الحديث الذى يذكره بعض الناس : لولاك ما خلق الله عرشاً ولا كرسياً ولا أرضاً ولا سماء ولا شمسا ولا قمرا ولا غير ذلك صحيح هو أم لا ؟
فأجاب :
محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه ، ومن هنا قال من قال : إن الله خلق من أجله العالم . أو أنه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا .
لكن ليس هذا حديثا عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا ، ولم ينقله احد من أهل العلم بالحديث عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم
بل ولا يعرف عن الصحابة بل هو كلام لا يُدْرَى قائله اهـ. مجموع الفتاوى (11/86-96) .
وسئلت اللجنة الدائمة :
هل يقال : إن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا ؟
فأجابت :
لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خُلقت لما ذكره الله سبحانه في قوله عز وجل :
"الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما" , أما الحديث المذكور فهو مكذوب
على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة (1/312) .
وسئل الشيخ ابن باز عن هذا الحديث فقال :
الجواب : هذا ينقل من كلام بعض العامة وهم لا يفهمون ، يقول بعض الناس إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس وهذا باطل لا أصل له ، وهذا كلام فاسد
فالله خلق الدنيا ليعرف ويُعلم سبحانه وتعالى وليُعبد جل وعلا ، خلق الدنيا وخلق الخلق ليُعرف بأسمائه وصفاته ، وبقدرته وعلمه ، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى
لا من أجل محمد ، ولا من أجل نوح ، ولا موسى ، ولا عيسى ، ولا غيرهم من الأنبياء ، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له اهـ فتاوى نور على الدرب (46) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:50
حديث : (يا علي، لا تنم حتى تأتي بخمسة أشياء ...)
السؤال
قرأت هذا الحديث وأريد أن أعرف ، هل هو صحيح أم لا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا علي لا تنم إلا أن تأتي بخمسة أشياء وهي قراءة القرآن كله ، والتصدق بأربعة آلاف درهم ، وزيارة الكعبة
وحفظ مكانك في الجنة ، وإرضاء الخصوم ، قال علي : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما تعلم أنك : إذا قرأت سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثلاث مرات فقد قرأت القرآن كله
وإذا قرأت الفاتحة أربع مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم ، وإذا قلت : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير
عشر مرات ، فقد زرت الكعبة ، وإذا قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عشر مرات ، فقد حفظت مكانك في الجنة ، وإذا قلت : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات ، فقد أرضيت الخصوم).
الجواب
الحمد لله
"هذا الحديث لم يرد في كتاب من كتب الحديث المعتمدة
بل هو من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم
وقد نص أهل العلم رحمهم الله تعالى على أن الوصايا المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بها عليا ، وكل ما صدر بياء النداء من الرسول لعلي كلها موضوعة ، ما عدا قوله عليه الصلاة والسلام :
(يا علي ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي) ، وممن نص على ذلك الشيخ ملا علي القاري في كتاب :
"الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" المعروف بـ "الموضوعات الكبرى" ، والشيخ إسماعيل العجلوني في كتابه : "كشف الخفاء ومزيل الإلباس".
ولذلك فإني أحذر إخواني المسلمين من الاغترار بهذا الحديث وأمثاله من الأخبار الموضوعة أو العمل على طبعها أو نشرها بين المسلمين ، لما في ذلك من تضليل العامة ، والتلبيس عليهم
والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وعد المتعمد له بالوعيد العظيم ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (إن كذبا علي ليس ككذب على غيري
من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) وقال : (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) .
وفي الأخبار الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم المدونة في كتب الحديث المعتمدة من الصحاح والسنن والمسانيد غنية لمن وفقه الله إلى الخير عن اللجوء إلى أخبار الكذابين
والوضاعين، أسأل الله أن يرزق الجميع العلم النافع ، والعمل الصالح ، ويجنب الجميع طرق الضلال والانحراف ، إنه سميع قريب" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (26/328-330) .
*عبدالرحمن*
2018-12-01, 17:53
أحاديث توقيت الحجامة لم يصح منها شيء
السؤال
هل الحجامة في أيام السبت أو الجمعة مكروهة إذا صادفت 19 أو 17 أو 21 ؟
كما ورد حديث : ( لا تحتجموا يوم الأربعاء ، ولا الجمعة ، ولا السبت ، ولا الأحد ) ، وهذا أصبح مهما بين مسلمي بريطانيا . أرجو التوضيح :
هل هذه أحاديث ضعيفة أم صحيحة ؟ .
الجواب
الحمد لله
أولا :
ورد في توقيت الحجامة أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من قوله ومن فعله ، وهي تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أحاديث تنص على أيام الحجامة المفضلة ، وأنها أيام السابع عشر – خاصة إذا صادف يوم ثلاثاء - ، والتاسع عشر ، والحادي والعشرين من الشهر القمري ، وأيام الاثنين والخميس من أيام الأسبوع .
القسم الثاني : أحاديث تنهى عن الحجامة في أيام معينة من أيام الأسبوع : وهي أيام السبت ، والأحد ، والثلاثاء – وقد ورد أيضا الحث على الحجامة يوم الثلاثاء -، والأربعاء ، والجمعة.
وقد نصَّ أكثر الأئمة على ضعف أحاديث هذين القسمين كلها ، وأنه لم يصح منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه بعض النصوص عنهم :
1- سئل الإمام مالك عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء فقال :
" لا بأس بذلك ، وليس يوم إلا وقد احتجمتُ فيه ، ولا أكره شيئا من هذا " انتهى باختصار.
" المنتقى شرح الموطأ " (7/225) نقله عن " العتبية ".
وجاء في " الفواكه الدواني " (2/338) من كتب المالكية :
" تجوز في كل أيام السنة حتى السبت والأربعاء ,
بل كان مالك يتعمد الحجامة فيها , ولا يكره شيئا من الأدوية في هذين اليومين , وما ورد من الأحاديث في التحذير من الحجامة فيهما فلم يصح عند مالك رضي الله عنه " انتهى.
2- يقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله :
" ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء – يعني في توقيتها - إلا أنه أمر بها " انتهى.
نقله ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/215)
3- نقل الخلال عن الإمام أحمد أن الحديث لم يثبت .
نقله ابن حجر في "فتح الباري" (10/149).
4- يقول البرذعي :
" شهدت أبا زرعة لا يُثبِتُ في كراهة الحجامة في يوم بعينه ، ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا " انتهى.
"سؤالات البرذعي" (2/757)
5- وقال الحافظ ابن حجر - في شرح قول الإمام البخاري : " باب في أي ساعة يحتجم ، واحتجم أبو موسى ليلا " - :
" وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه ، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ، ولا تتقيد بوقت دون وقت ، لأنه ذكر الاحتجام ليلا " انتهى.
"فتح الباري" (10/149)
6- وقال العقيلي رحمه الله :
" وليس في هذا الباب - في اختيار يوم للحجامة - شيء يثبت " انتهى.
"الضعفاء الكبير" (1/150)
7- وقد عقد ابن الجوزي رحمه الله في كتابه "الموضوعات" (3/211-215) أبوابا كاملة جمع فيها هذه الأحاديث الواردة ، ويعقبها بقوله :
" هذه الأحاديث ليس فيها شيء صحيح " انتهى.
8- ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" والحاصل أنه لم يثبت شيء في النهي عن الحجامة في يوم معين" انتهى.
" المجموع " (9/69) وإن كان النووي يحسن حديث توقيت الحجامة في أيام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين .
9- قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" هذه الأحاديث لم يصح منها شيء " انتهى.
"فتح الباري" (10/149)
ثانيا :
استحب كثير من أهل العلم عمل الحجامة في أيام السابع عشر ، والتاسع عشر ، والحادي والعشرين من الشهر القمري ، اعتمادا على عدة حجج :
1- ورود ذلك بأسانيد صحيحة عن الصحابة رضوان الله عليهم :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحتجمون لوتر من الشهر )
رواه الطبري في "تهذيب الآثار" (رقم/2856)
قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس به .
وهذا إسناد صحيح . قال أبو زرعة : أجود شيء فيه حديث أنس : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجمون لسبع عشرة ، ولتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ) "سؤالات البرذعي" (2/757)
وروى الطبري أيضا بعد الأثر السابقة عن رفيع أبو العالية ، قال : ( كانوا يستحبون الحجامة لوتر من الشهر)
وعن ابن عون ، قال : ( كان يوصي بعض أصحابه أن يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة ) قال أحمد : قال سليم : وأخبرنا هشام ، عن محمد أنه زاد فيه : وإحدى وعشرين .
ولعل اعتياد الصحابة لذلك كان عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يشعر بأن لهذه الأحاديث المرفوعة أصلا ؛ بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى تقوية بعض الأحاديث المرفوعة في ذلك
، كالإمام الترمذي حين أخرج حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل ، وكان يحتجم لسبع عشرة
وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ) رقم (2051) ، قال : حديث حسن .
وكذلك فعل بعض المتأخرين كالسيوطي في "الحاوي للفتاوي" (1/279-280)، وابن حجر الهيتمي في فتاواه (4/351) ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/622، 1847) .
وإن كان ما قدمناه من نصوص الأئمة على تضيعف المرفوع أقوى وأظهر .
2- تأييد ذلك من جهة الطب :
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله – بعد أن أورد أحاديث الحجامة في السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين - :
" وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء : أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره .
وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره .
قال الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت " انتهى.
"زاد المعاد" (4/54)
أما بالنسبة لاختيار أيام الأسبوع للحجامة فلم يثبت شيء من ذلك من جهة الطب
فيما نعلم ، وإن كان ورد عن بعض الصحابة ذلك ، وثبت عن الإمام أحمد أنه كان يتوقى الحجامة يومي السبت والأربعاء ، نقل ذلك ابن القيم في " زاد المعاد " (4/54) عن الخلال .
قال ابن مفلح ، رحمه الله :
" تكره الحجامة في يوم السبت ويوم الأربعاء نص عليهما في رواية أبي طالب وجماعة وزاد أحمد رواية محمد بن الحسن بن حسان ويقولون يوم الجمعة وهذا الذي قطع به في المستوعب وغيره .
وقال المروذي : كان أبو عبد الله يحتجم يوم الأحد ويوم الثلاثاء .
قال القاضي : فقد بين اختيار يوم الأحد , والثلاثاء وكره يوم السبت , والأربعاء وتوقف في الجمعة . انتهى كلامه ,
والقاعدة أنه إذا توقف في شيء خرج فيه وجهان .
وعن الزهري مرسلا ( من احتجم يوم السبت , أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه .) ذكره أحمد واحتج به ، قال أبو داود وقد أسند ولا يصح .
وذكر البيهقي أنه وصله غير واحد وضعف ذلك , والمحفوظ منقطع انتهى كلامه .
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناده عن مكحول مرسلا . , والوضح : البرص .
وحكي لأحمد أن رجلا احتجم يوم الأربعاء واستخف بالحديث وقال ما هذا الحديث ؟ فأصابه وضح , فقال أحمد : "لا ينبغي لأحد أن يستخف بالحديث " رواه الخلال .
وعن ابن عمر مرفوعا ( أن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه ) رواه البيهقي بإسناد حسن وفيه عطاف بن خالد وفيه ضعف " . انتهى .
الآداب الشرعية ، لابن مفلح (3/333) .
وكذلك ورد عن ابن معين وعلي بن المديني نحو من ذلك .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 19:19
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث مكذوب بعنوان ليته كان جديدا..ليته كان بعيدا...ليته كان كاملا
السؤال
كان أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراش الموت ، فنطق بثلاث كلمات : ليته كان جديدا ، ويذهب في غفوة ، ويفيق وهو يقول : ليته كان بعيدا ، ويذهب في غفوة ويفيق وهو يقول
: ليته كان كاملا . وبعدها فاضت روحه . ذهب الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسألوه عن هذه الكلمات
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الرجل في يوم من الأيام كان يمشي ، وكان معه ثوب قديم ، فوجد مسكينا يشتكي من شدة البرد فأعطاه الثوب ، فلما حضرته الوفاة
ورأى قصرا من قصور الجنة ، فقالت له ملائكة الموت : هذا قصرك . فقال : لأي عمل عملته ؟؟ فقالوا له : لأنك تصدّقت ذات ليلة على مسكين بثوب . فقال الرجل : إنه كان باليا فما بالنا لو كان جديدا ، ليته كان جديدا
. وكان في يوم ذاهبا للمسجد ، فرأى مُقعدا يريد أن يذهب للمسجد ، فحمله إلى المسجد ، فلما حضرته الوفاة ، ورأى قصرا من قصور الجنة ، قالت له ملائكة الموت : هذا قصرك .
فقال : لأي عمل عملته ؟؟ فقالوا له : لأنك حملت مُقعدا ليصلي في المسجد . فقال الرجل : إن المسجد كان قريبا ، فما بالنا لو كان بعيدا ، ليته كان بعيدا . وفي يوم من الأيام كان يمشي
وكان معه بعض رغيف ، فوجد مسكينا جائعا فأعطاه جزءا منه ، فلما حضرته الوفاة ورأى قصرا من قصور الجنة ، فقالت له ملائكة الموت : هذا قصرك
فقال لأي عمل عملته ؟؟ فقالوا له : لأنك تصدّقت ببعض رغيف لمسكين . فقال الرجل : إنه كان بعض رغيف ، فما بالنا لو كان كاملا ، ليته كان كاملا ً . أريد أن أعرف هل هذا حديث ، وهل هو صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
ليس هذا الكلام الوارد في السؤال من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من كلام أحد الصحابة أو التابعين ، بل لم نجده – حسب ما وصل إليه بحثنا - في شيء من كتب العلماء
قديمها وحديثها ، صحيحها وضعيفها ، فالغالب أنه كذبة من الكذبات التي يتداولها الناس
وربما ابتكرها بعض المتأخرين ، ونسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أكثرها هذه الأيام والله المستعان ، فقد تجرأ أقوام على هذه الكبيرة العظيمة ، جريمة وضع الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم .
فالواجب على كل مسلم الحذر من هذه الموضوعات ، والعمل على تحذير الناس منها ، وعدم المساعدة في نشرها ، بل المساعدة في محوها من المجالس والمنتديات
واستبدالها بالأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة في الحث على الصدقة والإحسان للفقراء والمساكين .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) .
رواه مسلم في مقدمة صحيحه (5) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 19:21
حديث: (أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار)
السؤال
ما صحة حديث : ( أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار ) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث جاء بسند واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم
رواه الإمام الدارمي رحمه الله في سننه (1/69) فقال: أخبرنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن المبارك ، عن سعيد بن أبى أيوب ، عن عبيد الله بن أبى جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار ) .
وهذا الإسناد إلى عبيد الله بن أبي جعفر صحيح
غير أن عبيد الله بن أبي جعفر المتوفي سنة 136 من أتباع التابعين ، ولا تعرف له رواية عن الصحابة رضي الله عنهم . فحديثه هذا يسمى "معضل" وهو من أقسام الحديث الضعيف ، لعدم اتصال سنده .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" أما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيسمونه : المعضل ، وهو أخفض مرتبة من المرسل "
انتهى." الكفاية " (ص/29).
وقد ضعفه كل من الحافظ ابن رجب في " شرح حديث ما ذئبان جائعان "
والعجلوني في "كشف الخفاء"
وضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (1814).
والحديث وإن كان ضعيفاً غير أن معناه صحيح ، فمن أقدم على الفتوى من غير تثبت ولا بحث في الأدلة فقد تسبب في إدخال نفسه النار .
وانظر : "فيض القدير" (1/205، 206) .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 19:27
الحديث القدسي إني والإنس والجن في نبأ عظيم لا يصح
السؤال
ما هو تخريج الحديث القدسي التالي ، فهو متداول بكثرة في المنتديات ، وأرغب في معرفة الزيادات الضعيفة أو الموضوعة في الحديث ، وجزاكم الله خيرا .
يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، أرزق ويُشكر سواي ) ( خيري إلى العباد نازل ، وشرّهم إليّ صاعد
أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ ) ( أهل ذكري أهل مجالستي ، من أراد أن يُجالسني فليذكرني . أهل طاعتي أهل محبتي .
أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم ، وإن أبَوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد ، ومن أعرض عني ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب ؟
ألك رب سواي ! ) ( الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندي بمثلها وأعفو ، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم )
الجواب
الحمد لله
أولا :
الجزء الأول من هذا الحديث وهو قوله : ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، أرزق ويُشكر سواي ) من الأحاديث القدسية الضعيفة المشهورة
والأحاديث القدسية من أكثر الأبواب التي دخل فيها الضعيف والمكذوب .
أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (2/93)، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/77) وعبد الغني المقدسي في " التوحيد " (108) -
وأخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " – كما عزاه إليه في " الدر المنثور " (7/625) -
وأخرجه أيضاً البيهقي في " شعب الإيمان " (4/134)، والديلمي في " الفردوس " (3/166)
كلهم من طريق بقية بن الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، وشريح بن عبيد الحضرميان ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" ضعيف .... منقطع ، فإن عبد الرحمن بن جبير ، وشريح بن عبيد لم يدركا أبا الدرداء ، فعلة الحديث الانقطاع "
انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/2371)، وضعفه السيوطي في " الجامع الصغير "
والمناوي في شرحه " فيض القدير " (4/469).
ومع ذلك فمعنى الحديث صحيح مقبول ، وليس فيه ما ينكر ، إلا أنه لا تجوز نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" معناه صحيح ، أن الله يخلق ويعبد سواه ، الله خلق المشركين وعبدوا سواه ، والله يرزق ويشكر سواه ، هذا واقع " انتهى.
نقلا من موقعه
ثانيا :
أما الجزء الثاني وهو قوله : ( خيري إلى العباد نازل ، وشرّهم إليّ صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ )
فهو حديث موضوع مكذوب وإن كان معناه مقبول أيضا :
جاء في " السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/3287) للشيخ الألباني رحمه الله :
" ( يقول الله تعالى : يا ابن آدم ! ما تنصفني ، أتحبب إليك بالنعم
وتتمَقَّتُ إليَّ بالمعاصي ، خيري إليك منزل ، وشرك إليَّ صاعد ، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح ! يا ابن آدم ! لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف ؛ لسارعت إلى مقته )
موضوع . أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 4)
والديلمي (4/ 257-زهر الفردوس) من طريق داود بن سليمان الغازي : حدثني علي بن موسى الرضا .. (قلت : فساق إسناده عن آبائه عن علي رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا موضوع ؛ آفته الغازي هذا ، وهو شيخ كذاب كما تقدم مراراً .
لكن تابعه أحمد بن علي بن مهدي الرقي : حدثنا أبي : حدثنا علي بن موسى الرضا به .
أخرجه الديلمي ، وكذا نظيف المصري في "الفوائد" (ق106/ 2) ، ومن طريقه أبو نصر الغازي في "جزء من الأمالي" (ق78/ 1) وزاد :
( تفعل الكبائر أو ترتكب الكبائر ثم تتوب إلي فأقبلك إذا خلصت نيتك ، وأصفح عما مضى من ذنوبك ، وأدخلك جنتي وأجعلك في جواري ، سوءة (!) لإقامتك على قبيح فعالك )
لكن الرقي هذا وأبوه لم أعرفهما ، ولعل أحدهما سرقه من الغازي ؛ فإن لوائح الوضع والصنع على الحديث ظاهرة " انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله .
والحديث أخرجه أيضا ابن عساكر في " معجم الشيوخ " (رقم/1270) من الطريق الأولى الموضوعة ، ويروى في كتب أخرى من نقل وهب بن منبه عن الكتب السابقة ، وهو بذلك أشبه .
ثالثا :
أما الجزء الثالث من الحديث المذكور ، وهو قوله :
( أهل ذكري أهل مجالستي ، من أراد أن يُجالسني فليذكرني . أهل طاعتي أهل محبتي . أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم ، وإن أبَوا فأنا طبيبهم
أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد ، ومن أعرض عني ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب ؟ ألك رب سواي !)
فلم نجده مسندا ولا مأثورا في كتب أهل العلم ، وأقدم من رأيناه ذكره هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (14/319) حيث قال :
" وقد جاء فى بعض الأحاديث :
( يقول الله تعالى : أهل ذكري أهل مجالستي ، وأهل شكري أهل زيادتي ، وأهل طاعتي أهل كرامتي ، وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي
إن تابوا فأنا حبيبهم ، أي محبهم ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأكفر عنهم المعائب )
وذكر تكملته ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين " (1/194) من غير عزو لكتاب .
رابعا :
أما الجزء الأخير من الحديث ، وهو قوله : ( الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندي بمثلها وأعفو ، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم )
فقد صح نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ) رواه مسلم (2687) .
وبالجملة ، فالحديث ـ بهذا السياق ـ ليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان بعض جمله قد روي مفرقا ، كما ذكرنا في الجواب .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 20:23
حديث: (تصدق علي رضي الله عنه بخاتمه وهو راكع)
السؤال
سمعت أن قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدق بخاتمه وهو راكع .
فهل هذا الحديث صحيح ؟ .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث موضوع ، وضعه وروّجه بعض الكذابين ، ليثبت به فضيلة لعلي رضي الله عنه .
وعلي رضي الله عنه فضائله كثيرة مشهورة لا تحتاج إلى مثل هذا الكذب .
وعند التأمل في هذه الحديث فإنه لا يثبت فضيلة لعلي رضي الله عنه .
وقد بَيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال :
"وقد وضع بعض الكاذبين حديثاً مفترى أن هذه الآية نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة ، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل ، وكذبه بَيِّن من وجوه كثيرة :
منها : أن قوله : (الذين) صيغة جمع ، وعليّ واحد .
ومنها : أن (الواو) ليست واو الحال ، إذ لو كان كذلك لكان لا يسوغ أن يتولى إلا من أعطى الزكاة في حال الركوع ، فلا يتولى سائر الصحابة والقرابة .
ومنها : أن المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب ، وإيتاء الزكاة في نفس الصلاة ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق علماء الملة ، فإن في الصلاة شغلاً .
ومنها : أنه لو كان إيتاؤها في الصلاة حسناً لم يكن فرق بين حال الركوع وغير حال الركوع ، بل إيتاؤها في القيام والقعود أمكن .
ومنها : أن علياً لم يكن عليه زكاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أنه لم يكن له أيضاً خاتم ، ولا كانوا يلبسون الخواتم ، حتى كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى كسرى ، فقيل له : إنهم لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً ، فاتخذ خاتماً من وَرِق [فضة] ونقش فيها : محمد رسول الله .
ومنها : أن إيتاء غير الخاتم في الزكاة خير من إيتاء الخاتم ، فإن أكثر الفقهاء يقولون : لا يجزئ إخراج الخاتم في الزكاة .
ومنها : أن هذا الحديث فيه أنه أعطاه السائل ، والمدح في الزكاة : أن يخرجها ابتداء ، ويخرجها على الفور ، لا ينتظر أن يسأله سائل .
ومنها : أن الكلام في سياق النهي عن مولاة الكفار والأمر بموالاة المؤمنين ، كما يدل عليه سياق الكلام"
انتهى ."منهاج السنة النبوية" (2/30-32) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا الحديث فقال :
"هذا الحديث ليس بصحيح ، ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير ، وحكم عليه بالضعف ؛ لضعف رجال أسانيده ، وجهالة بعضهم .. وذكر أنه لم يقل أحد من أهل العلم فيما يعلم بفضل الصدقة حال الركوع . أ هـ المقصود .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله منهاج السنة أن الحديث المذكور موضوع .
وبهذا يعلم أن قوله تعالى : (وَهُمْ رَاكِعُونَ) معناها : وهم خاضعون ، ذليلون لله تعالى ؛ لأن الركوع والسجود يمثلان غاية الذل لله والاستكانة
فالمؤمن يتصدق وهو خاضع لله ، لا متكبر ، ولا مُدْلٍ بعمله ، ولا مراءٍ ولا مُسَمِّع .. والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (26/218) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 20:26
هل صح أن الحجب تنكشف بين الله وبين العباد وقت الإفطار من الصوم ؟
السؤال
ورد في الحديث عن فضل الصيام : " أن موسى عليه الصلاة والسلام قال : يا رب ! لقد شرفتني بالتكلم معك بلا ترجمان , فهل أعطيت هذا الشرف لغيري ؟ فيقول الله سبحانه وتعالى
: يا موسى ! سوف أرسل أمة من الأمم - والتي هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم - وهم ذو شفاه وألسن جافة , وأجسام نحيلة هزيلة ، وسوف يدعونني فيكونوا أقرب إلي منك .
يا موسى ! بينما أنت تتكلم معي ، هناك 70000 حجاب بيني وبينك , لكن عند وقت الإفطار سوف لن يكون هناك أي حجاب بيني وبين أمة محمد صلى الله عليه وسلم "
سؤالي هو : هل هذا الحديث صحيح ؟ لأنه قد انتشر على النت .
الجواب
الحمد لله
ليس هذا الحديث من السنة النبوية ، وليس هو مما يعرفه الحفاظ والمحدثون في كتبهم ومسانيدهم ، ولا تتناقله إلا بعض الكتب التي ملأها أصحابها بالموضوعات والمكذوبات والقصص والخرافات
ككتاب " نزهة المجالس ومنتخب النفائس " للمؤرخ الأديب عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري ، المتوفى سنة (894هـ)، ص/182-183 باب فضل رمضان والترغيب في العمل الصالح فيه "
وكذلك في تفسير " روح البيان " (8/112) لإسماعيل حقي الحنفي الخلوتي المتوفى سنة (1127هـ)، فقد ذكرا نحو هذا الحديث الذي يقصده السائل
حيث جاء فيه : ( قال موسى عليه السلام : يا رب ! أكرمتني بالتكليم ، فهل أعطيت أحداً مثل ذلك ؟
فأوحى الله تعالى : يا موسى ! إن لي عباداً أخرجهم في آخر الزمان وأكرمهم بشهر رمضان فأكون أقرب لأحدهم منك ؛ لأنك كلمتني وبيني وبينك سبعون ألف حجاب
فإذا صامت أمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى ابيضت شفاههم ، واصفرت ألوانهم، أرفع الحجب بيني وبينهم وقت إفطارهم . يا موسى ! طوبى لمن عطش كبده ، وأجاع بطنه في رمضان )
ثم إن في متن هذا الحديث ما يدل على نكارته ، وذلك في قوله في الحديث ( فأكون أقرب لأحدهم منك – يعني موسى عليه السلام )، والمعلوم في عقائد المسلمين أن الرسل والأنبياء أفضل من جميع البشر سواهم
فكيف وموسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، فكيف يتقرب الله إلى عباده أكثر من نبيه موسى عليه السلام
وقد قال في حقه جل وعلا : ( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) مريم/52، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " أُدنيَ حتى سمع صريف القلم "
– يعني بكتابة التوراة -.
انظر: " تفسير القرآن العظيم " للحافظ ابن كثير (5/237).
والخلاصة : أن هذا الحديث المذكور ليس في شيء من الكتب المعتمدة ، ولا يجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا اعتقاد ما فيه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 20:30
حديث ارحموا موتاكم بالصدقة
السؤال
جاء في حاشية الستين : ذكر في نزهة المجالس عن كتاب " المختار ومطالع الأنوار " عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( لا يأتي على الميت أشد من الليلة الأولى
فارحموا موتاكم بالصدقة ، فمن لم يجد فليصل ركعتين ، يقرأ في كل ركعة منهما فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، وألهاكم ، وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ، ويقول اللهم ابعث ثوابها إلى قبره فلان ابن فلانة
فيبعث الله من ساعته إلى قبره ألف ملك ، من كل ملك نور وهدية
يؤنسونه في قبره إلى أن ينفخ في الصور ، ويعطي الله المصلى بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات ويرفع الله له أربعين ألف درجة ألف حجة وعمرة ويبنى له ألف مدينة في الجنة ويعطى ثواب ألف شهيد ويكسى ألف حلة.....)
السؤال هل هذا الكلام صحيح , أرجو مساعدتنا بالإجابة لتصحيح أدياننا في البلاد غير الإسلامية .
الجواب
الحمد لله
من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من الكذب عليه
وتوعد عليه أشد الوعيد ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (1209) ومسلم (5) عَنْ الْمُغِيرَةِ بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ؛ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) .
والأحاديث في هذا كثيرة معلومة .
وانظر جواب السؤال القادم
وقد ذكر أهل العلم بعض علامات ، يمكن للمشتغل بسنة النبي صلى الله عليه
الذي طالت ممارسته لأحاديثه ، ومعرفته بما يخرج من مشكاته ، أن يتعرف بها النص المروي ، هل هو مما يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم
أو لا ؛ وذكروا بعضا من العلامات التي تشيع في أحاديث الكذابين والوضاعين .
فمن ذلك قول ابن القيم رحمه الله في هذه العلامات :
" فمنها : اشتماله على أمثال هذه المجازفات ، التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله ، وهي كثيرة جدا " انتهى .
المنار المنيف (50) .
وهذا إذا كان للحديث المذكور إسناد مروي يمكن النظر فيه ، والحكم عليه بما يقتضيه حاله ، وفق قواعد علم الحديث ؛ فكيف إذا كان مجرد حكاية مذكورة في كتاب ، لا يعرف صاحبه بعلم السنة ، أو التحقيق فيها .
وقد سئلت اللجنة الدائمة الحديث المذكور في السؤال ، فأجابت :
" لا شك أن الحديث المذكور في السؤال من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن الصدقة والصلاة بالكيفية المذكورة في هذا الحديث الموضوع
لا أصل لهما، ولا يشرع للمسلم أن يصلي عن أحد لا في أول ليلة يدفن فيها الميت ولا في غيرها، أما الصدقة فمشروعة عن الميت المسلم متى شاء أقاربه أو غيرهم الصدقة عنه
لما ثبت من الحديث الصحيح ، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أمي افتلتت نفسها ولم توص ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ) .
ولم يخص ليلة الدفن ولا غيرها ، وقد أجمع العلماء من أهل السنة والجماعة على أن الميت المسلم ينتفع بالصدقة عنه والدعاء له، أما المؤلف لكتاب (المختار ومطالع الأنوار) فلا نعرفه ، ولم نقف على كتابه المذكور
ولكن ما نقلتم عنه يدل على أنه ليس من أهل العلم المعتبرين ، فنسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين المزيد من العلم النافع والعمل الصالح " .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
: المجلد التاسع ـ الفتوى رقم (2090) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-03, 20:36
حكم من كذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
السؤال
ما حكم المفتري على النبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الجواب
الحمد لله
الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، منكر عظيم ، وإثم كبير
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري (1229) ، ورواه مسلم في مقدمة صحيحه (3) دون قوله : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار " رواه البخاري (106).
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبِِينَ" رواه مسلم (1).
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كفر من تعمد الكذب عليه صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ( فإن قيل : الكذب معصية إلا ما استثنى في الإصلاح وغيره والمعاصي قد توعد عليها بالنار فما الذي امتاز به الكاذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوعيد على من كذب على غيره ؟
فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما :
أن الكذب عليه يكفر متعمده عند بعض أهل العلم ، وهو الشيخ أبو محمد الجويني ، لكن ضعفه ابنه إمام الحرمين ومن بعده ، ومال ابن المنير إلى اختياره
ووجهه بأن الكاذب عليه في تحليل حرام مثلا لا ينفك عن استحلال ذلك الحرام أو الحمل على استحلاله ، واستحلال الحرام كفر، والحمل على الكفر كفر
. وفيما قاله نظر لا يخفى ، والجمهور على أنه لا يكفر إلا إذا اعتقد حل ذلك.
الجواب الثاني
أن الكذب عليه كبيرة ، والكذب على غيره صغيره فافترقا ، ولا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه أو كذب على غيره أن يكون مقرهما واحدا
أو طول إقامتهما سواء ، فقد دل قوله صلى الله عليه وسلم "فليتبوأ" على طول الإقامة فيها، بل ظاهره أنه لا يخرج منها لأنه لم يجعل له منزلا غيره إلا أن الأدلة القطعية قامت على أن خلود التأبيد ( يعني في النار )
مختص بالكافرين ، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الكذب عليه وبين الكذب على غيره فقال : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد "
انتهى من الفتح 1/244
وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول في هذه المسألة ، وذكر حكم من كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم مشافهة ، وحكم من كذب عليه في الرواية
وحكم من روى حديثا يعلم أنه كذب ، ومال رحمه الله إلى القول بكفر من كذب عليه مشافهة ، قال في الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/328 – 339) بعد ذكر حديث بريدة ولفظه
: " كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه فأتاهم وعليه حلة فقال إن رسول الله كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم
ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها ، فأرسل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال "كذب عدو الله " ثم أرسل رجلا فقال: " إن وجدته حيا وما أراك تجده حيا فاضرب عنقه وإن وجدته ميتا فأحرقه بالنار" قال: فذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كذب علي متعمدا"
قال شيخ الإسلام : (هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح لا نعلم له علة )
ثم قال : ( وللناس في هذا الحديث قولان :
أحدهما : الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء من قال يكفر بذلك ، قاله جماعة منهم أبو محمد الجويني ، حتى قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني:
"مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله
والملحدون كالمحاصرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن ، فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له".
ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ، ولهذا قال : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحدكم" فإن ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أمر الله به ، يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله
وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به ، ومن كذّبه في خبره أو امتنع من التزام أمره ، فهو كمن كذب خبر الله وامتنع من التزام أمره، ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه
أو أخبر عن الله خبرا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم ، فكذلك من تعمد الكذب على رسول الله .
يُبين ذلك أن الكذب عليه بمنزلة التكذيب له ، ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه) بل ربما كان الكاذب عليه أعظم إثما من المكذّب له ، ولهذا بدأ الله به
كما أن الصادق عليه أعظم درجة من المصدّق بخبره ، فإذا كان الكاذب مثل المكذّب أو أعظم، والكاذب على الله كالمكذّب له ، فالكاذب على الرسول كالمكذب له .
يُوضح ذلك أن تكذيبه نوع من الكذب فإن مضمون تكذيبه الإخبار عن خبره أنه ليس بصدق ، وذلك إبطال لدين الله ، ولا فرق بين تكذيبه في خبر واحد أو في جميع الأخبار، وإنما صار كافرا لما تضمنه من إبطال رسالة الله ودينه
والكاذب عليه يُدخل في دينه ما ليس منه عمدا ، ويزعم أنه يجب على الأمة التصديق بهذا الخبر وامتثال هذا الأمر ، لأنه دين الله ، مع العلم بأنه ليس لله بدين .
والزيادة في الدين كالنقص منه ، ولا فرق بين من يكذب بآية من القرآن أو يضيف كلاما يزعم أنه سورة من القران عامدا لذلك .
وأيضا ، فإن تعمد الكذب عليه استهزاء به واستخفاف؛ لأنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست مما أمر به ، بل وقد لا يجوز الأمر بها ، وهذه نسبة له إلى السفه أو أنه يخبر بأشياء باطلة ، وهذه نسبة له إلى الكذب، وهو كفر صريح .
وأيضا ، فإنه لو زعم زاعم أن الله فرض صوم شهر آخر غير رمضان ، أو صلاة سادسة زائدة ، ونحو ذلك ، أو أنه حرم الخبز واللحم، عالما بكذب نفسه ، كفر بالاتفاق .
فمن زعم أن النبي أوجب شيئا لم يوجبه ، أو حرم شيئا لم يحرمه ، فقد كذب على الله ، كما كذب عليه الأول ، وزاد عليه بأن صرح بأن الرسول قال ذلك ، وأنه أفتى القائل - لم يقله اجتهادا واستنباطا.
وبالجملة فمن تعمد الكذب الصريح على الله فهو كالمتعمد لتكذيب الله وأسوا حالا ، ولا يخفى أن من كذب على من يجب تعظيمه ، فإنه مستخف به مستهين بحرمته .
وأيضا ، فإن الكاذب عليه لابد أن يشينه بالكذب عليه وينتقصه بذلك ، ومعلوم أنه لو كذب عليه كما كذب عليه ابن أبي سرح في قوله " كان يتعلم مني " أو رماه ببعض الفواحش الموبقة أو الأقوال الخبيثة
كفر بذلك، فكذلك الكاذب عليه؛ لأنه إما أن يأثر عنه أمرا أو خبرا أو فعلا ، فإن أثر عنه أمرا لم يأمر به ، فقد زاد في شريعته ، وذلك الفعل لا يجوز أن يكون مما يأمر به؛ لأنه لو كان كذلك لأمر به
لقوله : " ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا أمرتكم به ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا نهيتكم عنه" فإذا لم يأمر به، فالأمر به غير جائز منه
فمن روى عنه أنه قد أمر به ، فقد نسبه إلى الأمر بما لا يجوز له الأمر به ، وذلك نسبة له إلى السفه .
وكذلك إن نقل عنه خبرا ، فلو كان ذلك الخبر مما ينبغي له الإخبار به لأخبر به ، لأن الله تعالى قد أكمل الدين ، فإذا لم يخبر به فليس هو مما ينبغي له أن يخبر به .
وكذلك الفعل الذي ينقله عنه كاذبا فيه لو كان مما ينبغي فعله وترجح ، لفعله ، فإذا لم يفعله فتركه أولى.
فحاصله أن الرسول أكمل البشر في جميع أحواله ، فما تركه من القول والفعل فتركه أولى من فعله ، وما فعله ففعله أكمل من تركه
فإذا كذب الرجل عليه متعمدا أو أخبر عنه بما لم يكن ، فذلك الذي أخبر به عنه نقص بالنسبة إليه ؛ إذ لو كان كمالا لوجد منه ، ومن انتقص الرسول فقد كفر .
واعلم أن هذا القول في غاية القوة كما تراه ، لكن يتوجه أن يُفرق بين الذي يكذب عليه مشافهة ، وبين الذي يكذب عليه بواسطة ، مثل أن يقول: حدثني فلان بن فلان عنه بكذا
فإن هذا إنما كذب على ذلك الرجل ونسب إليه ذلك الحديث ، فأما إن قال : هذا الحديث صحيح أو ثبت عنه أنه قال ذلك ، عالما بأنه كذب ، فهذا قد كذب عليه، وأما إذا افتراه ورواه رواية ساذجة ففيه نظر
لاسيما والصحابة عدول بتعديل الله لهم ، فالكذب لو وقع من أحد ممن يدخل فيهم لعظم ضرره في الدين، فأراد قتل من كذب عليه ، وعجل عقوبته ليكون ذلك عاصما من أن يدخل في العدول من ليس منهم من المنافقين ونحوهم .
وأما من روى حديثا يعلم أنه كذب ، فهذا حرام كما صح عنه أنه قال : " من روى عني حديثا يعلم أنه كذب فهو أحد الكاذبين" لكن لا يكفر إلا أن ينضم إلى روايته ما يوجب الكفر؛ لأنه صادق في أن شيخه حدثه به
لكن لعلمه بأن شيخه كذب فيه لم تكن تحل له الرواية ، فصار بمنزلة أن يشهد على إقرار أو شهادة أو عقد وهو يعلم أن ذلك باطل ، فهذه الشهادة حرام ، لكنه ليس بشاهد زور)
ثم ذكر القول الثاني في المسألة ، فقال :
( القول الثاني : أن الكاذب عليه تغلظ عقوبته ، لكن لا يكفر ، ولا يجوز قتله ؛ لأن موجبات الكفر والقتل معلومة
وليس هذا منها ، فلا يجوز أن يثبت ما لا أصل له ، ومن قال هذا فلا بد أن يقيد قوله بأن لم يكن الكذب عليه متضمنا لعيب ظاهر، فأما إن أخبر أنه سمعه يقول كلاما يدل على نقصه وعيبه دلالة ظاهرة
مثل حديث "عرق الخيل" ونحوه من الترهات ، فهذا مستهزئ به استهزاء ظاهر
ولا ريب أنه كافر حلال الدم. وقد أجاب من ذهب إلى هذا القول عن الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنه كان منافقا فقتله لذلك لا للكذب ، وهذا الجواب ليس بشيء ...) ثم ذكر رحمه الله أوجها في الرد على هذا الجواب .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 18:52
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث موضوع في فضل الحمل والولادة والرضاعة
السؤال
أسأل عن ما صحة حديث قرأته مؤخراً ولم أسمع بها من قبل ومما جاء فيه : ( .. أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله
فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين ، فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ، ولم يمص مصة ، إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة
فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله. ..) وهل يمكن إحالتي على مرجع أو كتاب يتحدث عن فضل طاعة المرأة لزوجها شريطة أن يكون ما فيه صحيحاً .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه :
( أن سلامة - حاضنة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم - قالت : يا رسول الله ! تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء . قال : أصحابك دسسنك لهذا ؟ قالت : أجل
هن أمرنني . قال : أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله
فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين ، فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها
ولم يمص مصة ، إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة ، فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله. سلامة ! تدري لمن أعني بهذا ؟ للمتعففات الصالحات المطيعات لأزواجهن
اللواتي لا يكفرن العشير )
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/20)، وأبو نعيم في "معجم الصحابة" (رقم/7049)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/347)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/274) وغيرهم :
من طريق هشام بن عمار ، حدثني أبي عمار بن نصير ، عن عمرو بن سعيد الخولاني ، عن أنس بن مالك به .
ثم قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن النبي إلا بهذا الإسناد تفرد به هشام بن عمار . اهـ.
وهذا حديث موضوع مكذوب ، حكم عليه ابن حبان في " المجروحين " (2/34) بالوضع، وكذا ابن الجوزي في "الموضوعات" (باب ثواب المرأة إذا حملت ووضعت) (2/273)
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" حديث موضوع ، لوائح الوضع عليه ظاهرة ، آفته الخولاني هذا
. قال الذهبي : " حدث بموضوعات " . ثم ساق له هذا الحديث . وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2/274 )
من رواية الطبراني في " الأوسط " ، وقال : " قال ابن حبان ، عمرو بن سعيد الذي يروي هذا الحديث الموضوع عن أنس ; لا يحل ذكره إلا على جهة الاعتبار للخواص " . وأقره السيوطي في " اللآلىء " ( 2/175 ) .
ومن طريق الخولاني هذا رواه ابن منده في " المعرفة " (2/329/2) ، وكذا الحسن بن سفيان في " مسنده " كما في " الفيض " " انتهى.
"السلسلة الضعيفة" (رقم/2055)
ومن أراد النظر في الأحاديث النبوية المتعلقة بموضوع فضل طاعة المرأة لزوجها وقيامها على شؤونه ، فليرجع إلى كتاب الإمام المنذري ، واسمه " الترغيب والترهيب "
فقد عقد في الجزء الثالث (ص/31) فصلا بعنوان : " ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته ، وحسن عشرتها ، والمرأة بحق زوجها ، وطاعته ، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته "
جمع في هذا الفصل جميع الأحاديث المتعلقة بهذا الموضوع ، وهي في غالبها صحيحة ، ولكن في بعضها ضعف ، فمن أراد الاقتصار على قراءة ما يصححه أهل العلم من ذلك فليرجع إلى كتاب
" صحيح الترغيب والترهيب " للشيخ الألباني (2/193) وليقرأ الفصل السابق نفسه وقد حذف منه الأحاديث الضعيفة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 18:56
أثر عن كعب الأحبار في بعض ما أنزل على موسى عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم
السؤال
ما صحة هذا الحديث الشريف : عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : قرأت في بعض ما أنزل على موسى عليه السلام : " يا موسى ! ركعتان يصليهما أحمد وأمته
وهي صلاة الغداة - مَن يصليهما غفرت له ما أصاب من الذنوب من ليله ويومه ، ويكون في ذمتي . يا موسى ! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته - وهي صلاة الظهر
- أعطيهم بأول ركعة فيها المغفرة ، وبالثانية أثقل ميزانهم ، وبالثالثة أوكل عليهم الملائكة يسبحون ويستغفرون لهم ، وبالرابعة أفتح لهم أبواب السماء ، ويشرف عليه الحور العين
. يا موسى ! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته - وهي صلاة العصر – فلا يبقى مسلم فى السماوات والأرض الا استغفر لهم ، ومن استغفر لهم الملائكة لم أعذبه . يا موسى !
ثلاث ركعات يصليها أحمد وأمته حين تغرب الشمس أفتح لهم أبواب السماء ، لا يسألون من حاجة الا قضيتها لهم . يا موسى ! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته حين يغيب الشفق
وهي خير لهم من الدنيا وما فيها ، ويخرجون من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم . يا موسى ! يتوضأ أحمد وأمته كما أمرتهم ، أعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء والأرض
. يا موسى ! يصوم أحمد وأمته شهرا فى كل سنة - وهو شهر رمضان - أعطيهم بصيام كل يوم مدينة فى الجنة ، وأعطيهم بكل خير يعملون فيه من التطوع أجر فريضة ، وأجعل فيه ليلة القدر
من استغفر منهم فيها مرة واحدة نادما صادقا من قلبه ، فإن مات من ليله أو شهره أعطيته أجر ثلاثين شهيدا . يا موسى ! إن في أمة محمد رجالا يقومون على كل شرف
يشهدون أن لا إله إلا الله ، فجزاؤهم بذلك جزاء الأنبياء عليهم السلام ، ورحمتى عليهم واجبة ، وغضبي بعيد منهم ، ولا أحجب باب التوبة عن واحد منهم ما داموا يشهدون أن لا إله إلا الله "
الجواب
الحمد لله
لم نجد هذا الأثر من كلام كعب الأحبار في كتب أهل العلم المسندة وغير المسندة
ولم نقف على شيء قريب من معناه ، وكعب الأحبار (ت 32هـ) من أكثر الرواة الذين كَذَب عليهم الكذَّابون ، ونسب إليهم كلُّ مُغرضٍ ما أراد أن يدسه في الدين
ومع أنه ليس من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، إلا أنه من علماء بني إسرائيل من التابعين الذين أسلموا ، ونقلوا إلى المسلمين شيئاً من الكتب السابقة ، فكثرت في أحاديثه العجائب والغرائب والمنكرات .
فلا يجوز التصديق بهذا الأثر المنسوب إليه ، لما فيه من المبالغات الظاهرة ، منها - على سبيل المثال - قوله :
( يا موسى ! يتوضأ أحمد وأمته كما أمرتهم ، أعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء والأرض )
ومنها قوله : ( وأَجْعَلُ فيه ليلة القدر
من استغفر منهم فيها مرة واحدة نادما صادقا من قلبه ، فإن مات من ليله أو شهره أعطيته أجر ثلاثين شهيدا )
قال الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (2/843) :
" ومن جملة القرائن الدالة على الوضع (يعني وضع الحديث ، وأنه مكذوب) : الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير ، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير
وهذا كثير موجود في حديث القُصَّاص والطُرقِيَّة – يعني جهلة المتصوفة - " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:01
حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)
السؤال
ما هو مصدر ( أبغض الحلال عند الله الطلاق ) حديث أم ماذا ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث مداره على الراوي الثقة : " معرف بن واصل "، عن الإمام الثقة " محارب بن دثار " ، المتوفى سنة (116هـ) ، وهو من طبقة التابعين ، ولكن جاء عن " معرف " على وجهين :
الأول : مسندا متصلا عن معرف بن واصل ، عن محارب ، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه محمد بن خالد الوهبي عن معرف ، هكذا ، مسندا
كما عند أبي داود (2178)، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى" (7/322)، وابن عدي في "الكامل" (6/2453)
.
الثاني : مرسلاً عن معرف بن واصل ، عن محارب بن دثار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بدون ذكر ابن عمر .
رواه هكذا أحمد بن يونس ، ويحيى بن بكير ، ووكيع بن الجراح .
كما عند أبي داود في "السنن" (2177)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/322)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/253)، وذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" (11)، والدارقطني في "العلل" (13/225).
ولمَّا رأى المحدِّثون أنَّ مَن رواه مرسلا أوثق وأكثر ممَّن رواه مسندا متصلا رجحوا الإرسال
والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، ونصوا على أن من رواه متصلا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخطأ ووهم .
قال ابن أبي حاتم :
" قال أبي : إنما هو محارب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا "
انتهى. "العلل" (1/431)
وقال الدارقطني رحمه الله :
" والمرسل أشبه "
انتهى. "العلل" (13/225).
وقال البيهقي رحمه الله :
" هو مرسل ، وفي رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر موصولا ، ولا أراه حفظه "
انتهى. "السنن الكبرى" (7/322)
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله عن الإرسال : " وهو أشبه "
انتهى. "المحرر في الحديث" (1/567).
ورجح السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص/11) الإرسال، وقال : " وصنيع أبي داود مشعر به فإنه قدم الرواية المرسلة " انتهى.
وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "عمدة التفسير" (1/583) :
"في صحته نظر كثير" انتهى .
وقال الألباني في "إرواء الغليل" (2040) : "وجملة القول : أن الحديث رواه عن معرف بن واصل أربعة من الثقات ، وهم : محمد بن خالد الواهبي ، وأحمد بن يونس ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى ابن بكير.
وقد اختلفوا عليه ، فالأول منهم رواه عنه عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً وقال الآخرون : عنه عن محارب مرسلاً .
ولا يشك عالم بالحديث أن رواية هؤلاء أرجح ، لأنهم أكثر عدداً ، وأتقن حفظاً ، فإنهم جميعاً ممن احتج به الشيخان في "صحيحيهما"
فلا جرم أن رجح الإرسال ابن أبي حاتم عن أبيه ، وكذلك رجحه الدارقطني في "العلل" والبيهقي كما قال الحافظ في "التلخيص" (3/205) وقال الخطابي وتبعه المنذري في "مختصر السنن" (3/92)
: "والمشهور فيه المرسل" انتهى .
وللحديث شاهد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، رواه الدارقطني في "السنن" (4/ 35)، وابن عدي في "الكامل" (2/ 694)
بلفظ: ( ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق )، وله ألفاظ أخرى، ولكن إسناده ضعيف جدا لا يصلح للاستشهاد به .
غير أن الحديث مع ترجيح عدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن معناه صحيح .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) وهذا الحديث ليس بصحيح ، لكنَّ معناه صحيح ، أن الله تعالى يكره الطلاق ، ولكنه لم يحرمه على عباده للتوسعة لهم
فإذا كان هناك سبب شرعي أو عادي للطلاق صار ذلك جائزاً ، وعلى حسب ما يؤدي إليه إبقاء المرأة ، إن كان إبقاء المرأة يؤدي إلى محظور شرعي لا يتمكن رفعه إلا بطلاقها فإنه يطلقها
كما لو كانت المرأة ناقصة الدين ، أو ناقصة العفة ، وعجز عن إصلاحها ، فهنا نقول : الأفضل أن تطلق ، أما بدون سبب شرعي ، أو سبب عادي ، فإن الأفضل ألا يطلق ، بل إن الطلاق حينئذٍ مكروه " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم 55، سؤال رقم 3) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:07
حديث : ( إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) لا يصح
السؤال
ما صحة هذا الحديث : ( من رأيتموه يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ) ؟
الجواب
الحمد لله
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) الآيَةَ
) رواه الترمذي (2617) ، وأحمد في مسنده (27325) ، وغيرهما ، جميعهم من طريق دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد به .
وهذا إسناد ضعيف ، علَّتُه : دراج بن سمعان أبو السمح القرشي :
قال الدارقطني : ضعيف . وخص الإمام أحمد وأبو داود تضعيفه في الأحاديث التي يرويها عن أبي الهيثم ، كما في هذا الحديث
. انظر "تهذيب التهذيب" (3/209) .
ولذلك قال الترمذي عقب روايته الحديث : غريب حسن ، وقال في الموضع الثاني : حسن غريب .
وقال العلامة علاء الدين مغلطاي : " هذا حديث ضعيف الإسناد " انتهى .
"شرح سنن ابن ماجه" (1/1345) .
ولما صحح الحاكم الحديث في "المستدرك" تعقبه الذهبي بقوله : " دراج كثير المناكير " انتهى .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ليس بصحيح ولا حسن الإسناد ؛ لأنه من طريق دراج أبي السمح عن أي الهيثم عن أبي سعيد ، ودراج هذا قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعف "
ولذلك تعقب الذهبيُّ الحاكمَ بقوله : " قلت : درَّاج كثير المناكير " " انتهى .
"تمام المنة" (ص/291) .
وجاء تضعيفه أيضا في فتوى للجنة الدائمة (4/444) ، وضعفه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين"
وسبق نشر ذلك في السؤال القادم
وقد أشار الحافظ ابن رجب إلى أن متن الحديث فيه ما ينكر أيضا ، لأنه لا يشهد لأحد بالإيمان ، وإنما يشهد بالإسلام ، لأن الإسلام وصف الظاهر ، وأما الإيمان فهو وصف الباطن .
كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ : أَوْ مُسْلِمًا فَسَكَتُّ قَلِيلاً ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي ، فَقُلْتُ : مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ
فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ : أَوْ مُسْلِمًا . ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي ، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : يَا سَعْدُ !
إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ ) رواه البخاري (27) ومسلم (150)
.
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" والظاهر - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر سعدا عن الشهادة بالإيمان ؛ لأن الإيمان باطن في القلب ، لا اطلاع للعبد عليه ، فالشهادة به شهادة على ظن ، فلا ينبغي الجزم بذلك
كما قال : " إن كنت مادحا لا محالة فقل : أحسب فلانا كذا ، ولا أزكي على الله أحدا " .
وأمره أن يشهد بالإسلام لأنه أمر مطلع عليه ، كما في " المسند " عن أنس مرفوعا : " الإسلام علانية ، والإيمان في القلب ". – قال الشيخ الألباني : منكر . "السلسلة الضعيفة" (6906) -
ولهذا كره أكثر السلف أن يطلق الإنسان على نفسه أنه مؤمن ، وقالوا : هو صفة مدح ، وتزكية للنفس بما غاب من أعمالها ، وإنما يشهد لنفسه بالإسلام لظهوره .
فأما حديث : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) : فقد خرجه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث دراج ، عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد مرفوعا . وقال أحمد : هو حديث منكر ، و دراج له مناكير " انتهى .
"فتح الباري" (1/122) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:10
هل نشهد للرجل بالإيمان إذا كان يعتاد الصلاة في المسجد ؟
السؤال
هل يُشهد للرجل بالإيمان بمجرد اعتياده المساجد كما جاء في الحديث ؟.
الجواب
الحمد لله
"نعم ، لا شك أن الذي يحضر الصلوات في المساجد ، حضوره لذلك ، دليل على إيمانه ، لأنه ما حمله على أن يخرج من بيته ويتكلف المشي إلى المسجد إلا الإيمان بالله عز وجل .
وأما قول السائل : "كما جاء في الحديث" فهو يشير إلى ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" . ولكن هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم" اهـ
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/55)
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:15
فضل سورة " الجمعة "
السؤال
هل لسورة الجمعة أهمية خاصة ؟
وهل يستحب قراءتها يوم الجمعة كسورة الكهف ؟
الجواب
الحمد لله
لم يصح في فضائل سورة الجمعة شيء مخصوص ، إنما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان
يقرأ بها في صلاة الجمعة في الركعة الأولى ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ ) رواه مسلم (879) .
جاء في كتاب " الصحيح والسقيم من فضائل القرآن الكريم " لآمال سعدي (ص/81) :
" لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة الجمعة شيء ، وقد وردت في فضلها روايات ضعيفة وموضوعة
منها : ( من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر حسنات بعدد من أتى الجمعة ومن لم يأتها من أمصار المسلمين ) –
رواه الثعلبي في "الكشف والبيان" (9/305) من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم الكذاب الوضاع المشهور ، ولذلك قال المناوي في "الفتح السماوي" : موضوع - " انتهى .
ولكن سورة الجمعة من سور " المفصل " التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه فضل بها على سائر الكتب والأنبياء ، فعنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ )
رواه أحمد (4/107) ، صححه الألباني في "بداية السول" (ص/59) ، وقال محققو المسند بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:18
قول الإمام "إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج"
السؤال
كثيراً ما نسمع من أئمة المساجد عند تسوية الصفوف قول : ( إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج ) ، هل هو حديث أو قول ؟
الجواب
الحمد لله
" لا شك أن الصف الأعوج صف ناقص ، وأن المصلين يأثمون إذا لم يسووا الصف
لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد مَن لم يسوِّ الصف ، فقال : ( عباد الله ، لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ، وأما الحديث الذي ذكرت : ( إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج ) ، فهذا ليس بصحيح " انتهى .
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"لقاءات الباب المفتوح" (1/21) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-05, 19:22
دعاء ( اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله )
السؤال
أردت السؤال عن صحة هذا الدعاء : ( اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله ، وإن كان في الأرض فأخرجه ، وإن كان بعيدا فقربه ، وإن كان قريبا فيسره ، وإن كان قليلا فكثره
وإن كان كثيرا فبارك لي فيه ) ، وإن كان صحيحا فهل يقال في ظرف أو وقت معين ؟
الجواب
الحمد لله
لم يثبت هذا الدعاء في كتب السنة والأثر عن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد من قول أحد الصحابة أو التابعين ، وإنما هو دعاء أعرابية مجهولة سمعها بعض أهل العلم تدعو به في عرفات .
فقد روى الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" بسنده (ص/727) : " عن الأصمعي قال :
" سمعت أعرابية بعرفات وهي تقول : اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله ، وإن كان في الأرض فأخرجه ، وإن كان نائيا فقربه ، وإن كان قريباً فيسره " انتهى .
وكذا نقله الجاحظ في "البيان والتبيين" (517) ، والزمخشري في "ربيع الأبرار" (178) وغيرهم .
والمراد من هذا الدعاء ، من حيث الجملة ، تحقيق حصول الرزق ، وتيسير وصوله ، وهو أمر لا حرج فيه ، وإن كنا نرى في هذا الدعاء نوعا من التكلف ، والتشقيق في المسألة
وهو خلاف أكمل الهدي ، هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه من بعده ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ ) رواه أحمد (27649) وأبو داود (1482) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
والمراد بجوامع الدعاء : " الْجَامِعَة لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ، وَهِيَ مَا كَانَ لَفْظه قَلِيلًا وَمَعْنَاهُ كَثِيرًا ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وَقِنَا عَذَاب النَّار )
وَمِثْل الدُّعَاء بِالْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة .
وَقَالَ عَلِيّ الْقَارِيّ : وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ الْأَغْرَاض الصَّالِحَة ، أَوْ تَجْمَعُ الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى وَآدَاب الْمَسْأَلَة " انتهى .
"عون المعبود شرح سنن أبي داود" (4/249) .
وعَنْ ابْنٍ لِسَعْد بن أبي وقاص ، أَنَّهُ قَالَ : ( سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا وَبَهْجَتَهَا وَكَذَا وَكَذَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَسَلَاسِلِهَا وَأَغْلَالِهَا وَكَذَا وَكَذَا
فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (
سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ ) ؛ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ؛ إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنْ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الشَّرِّ !! ) رواه أحمد (1486) وأبو داود (1480) ، وصححه الألباني
.
وقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم أن يقول :
( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ) رواه مسلم (2713) .
وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ؟!
قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟!
قَالَ : قُلْ : ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ) رواه الترمذي (3563) ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وانظر : تصحيح الدعاء ، للشيخ بكر أبو زيد ، ص (61-63) .
فأين هذا كله من تشقيق دعاء الأعرابي هذا ؟! .
فالذي نختاره لك ، ويختاره كل عاقل ، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهديه ، فإن عرضت لك حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ، فادع بما تحب من قضاء حاجتك
وتيسير أمرك ، وليس من شرط ذلك أن يكون الدعاء بعينه مأثورا محفوظا ، بل إن كان في المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم حاجتك ومسألتك ، فبها ونعمت ، وهو الأكمل ، وإلا فادع بما تحب من خير الدنيا والآخرة
فإن أبيت إلا أن تدعو بهذا الدعاء ، فليكن ذلك في المرة بعد المرة ، ولا تجعله وردا دائما لك
ولا هديا ملازما ، لكن من غير نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعدم اعتقاد أفضليته ، ولا تخصيصه بزمان أو مكان أو عبادة .
وقد وقع بعض متأخري فقهاء الشافعية في هذا الخطأ ، فذكروا هذا الدعاء فيما يسن في صلاة الضحى ، وقالوا :
" يسن أن يدعو في صلاة الضحى بهذا الدعاء :
اللهم إن الضحى ضحاؤك ، والبها بهاؤك ، والجمال جمالك ، والقوة قوتك ، والقدرة قدرتك ، والعصمة عصمتك ، اللهم إن كان رزقي في السماء
فأنزله ، وإن كان في الأرض فأخرجه ، وإن كان معسرا فيسره ، وإن كان حراما فطهره ، وإن كان بعيدا فقربه ، بحق ضحائك وبهائك وجمالك وقوتك وقدرتك ، آتني ما آتيت عبادك الصالحين " انتهى .
ذكره الدمياطي البكري في "حاشية إعانة الطالبين" (1/295) ، وحاشية الطبلاوي على "تحفة المحتاج" (2/231) ، وحاشية الجمل (1/485) .
فخصصوا هذه الجمل في عبادة معينة من غير دليل من الكتاب والسنة ، وزادوا في جمل الدعاء كلمات تضم مخالفات وتجاوزات ، كقوله ( بحق ضحائك ) ، ولا يعلم أن للضحى حق وجاه يسأل الله به .
فالحق أن دعوى استحباب هذا الدعاء في صلاة الضحى فتح لباب البدعة والإحداث في الدين ، وليس هو من هدي الفقهاء المتقدمين الراسخين
ولا من عمل السلف الصالحين ، فينبغي الحذر منه ، وبيان كذب نسبته إلى السنة النبوية .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
Aminoxno
2018-12-05, 21:53
شكرا علي الموضوع القيم
عمر بن هاشم
2018-12-06, 03:27
جزاكم الله خير الجزاء على هذا التوضيح
عمر بن هاشم
2018-12-06, 03:28
كم من الأحاديث تفترى عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عمر بن هاشم
2018-12-06, 03:29
يجب تحذير الناس من الأحاديث المدسوسة
smail adn
2018-12-07, 11:49
جعله الله في ميزان حسناتك
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:08
شكرا علي الموضوع القيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
الشكر موصول لحضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:24
جزاكم الله خير الجزاء على هذا التوضيح
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار المزيد من مرورك العطر
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
كم من الأحاديث تفترى عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعلا و هذا حال العظماء
يفتري عليه لعل يقلل ذلك منه
و لكن يقول الله تعالي
يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
يجب تحذير الناس من الأحاديث المدسوسة
و هذا هو واجبي وواجبك وواجب كل من يعلم
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:27
جعله الله في ميزان حسناتك
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم اجعله في ميزان حسناتنا جميعا
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:42
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
التعليق على دعاء " الجوشن الكبير " عند الرافضة
السؤال
قرأت دعاء " الجوشن الكبير " ، وبصراحة : أريد أن أتأكد هل هو من أدعية الرافضة ؟
وما صحة الحديث الذي ورد في مقدمة الدعاء ؟ وهل يجوز الدعاء به ؟ .
الجواب
الحمد لله
نعم ، هذا الدعاء وارد في كتب الرافضة المبنية على الجهل ، والكذب ، والخرافة
وهو وارد عندهم في كتبهم بسند مختلق مكذوب - عَنِ السّجاد عن أبيه عَنْ جدّه عن النبيّ صلّى الله علَيهِ
– ويزعمون أنه " قد هبط به جبريل على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهُو في بعْضِ غزواته وَعَلَيْهِ جَوشن – أي : درع - ثقيل ، فقال : يا محمّد
ربّك يقرئك السّلام ويقوُل لكَ : اخلع هذا الجوشَنْ ، واقرأ هذا الدّعاء ؛ فهو أمان لكَ ، ولأمّتك "
.
وزعموا : أنه " مَنْ كتبه على كفنه : استحى الله أن يُعذّبه بالنّار ، ومَنْ دعا به بنيّة خالِصة في أوّل شهر رَمضان : رزقه الله تعالى ليلة القدر ، وَخلق له سَبعين ألف ملك يسبّحون الله
وَيُقدّسونه ، وَجَعَلَ ثوابهم له ، وَمَن دعا به في شهر رمضان ثلاث مرّات : حرّم الله تعالى جَسده على النّار ، وأوجب له الجَنّة ، ووكّل الله تعالى به مَلَكين يحفظانه مِن المعاصي ، وَكانَ في أمان الله طول حَياته "
.
وزعموا في آخر المطاف : " أنه قال الحُسين عليه السلام : أوصاني أبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام بحفظ هذا الدّعاء ، وتعظيمه ، وأن أكتبه على كفنه ، وأن أعلّمه أهلي
وأحثّهم عليه ، وهُو ألف اسْم ، وفيه الاسم الأعظم " .
ونص أول الدعاء :
" اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ يا اَللهُ يا رَحْمنُ يا رَحيمُ يا كَريمُ يا مُقيمُ يا عَظيمُ يا قَديمُ يا عَليمُ يا حَليمُ يا حَكيمُ سُبْحانَكَ يا لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ خَلِّصْنا مِنَ النّارِ يا رَبِّ .
يا سَيِّدَ السّاداتِ يا مُجيبَ الدَّعَواتِ يا رافِعَ الدَّرَجاتِ يا وَلِيَّ الْحَسَناتِ يا غافِرَ الْخَطيئاتِ يا مُعْطِيَ الْمَسْأَلاتِ يا قابِلَ التَّوْباتِ يا سامِعَ الاَْصْواتِ يا عالِمَ الْخَفِيّاتِ يا دافِعَ الْبَلِيّاتِ " .
ونص آخره :
" يا حَليماً لا يَعْجَلُ يا جَواداً لا يَبْخَلُ يا صادِقاً لا يُخْلِفُ يا وَهّاباً لا يَمَلُّ يا قاهِراً لا يُغْلَبُ يا عَظيماً لا يُوصَفُ
يا عَدْلاً لا يَحيفُ يا غَنِيّاً لا يَفْتَقِرُ يا كَبيراً لا يَصْغُرُ يا حافِظاً لا يَغْفُلُ سُبْحانَكَ يا لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ خَلِّصْنا مِنَ النّارِ يا رَبِّ " .
ولا يشك كل من شمَّ رائحة علم الحديث أن هذا الدعاء مختلق مكذوب على نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن ما فيه من فضائل فإنما هي من وضع الكذَّابين
وليس هذا بغريب على الرافضة ، فهم أجهل الطوائف المنتسبة للإسلام وأكذبها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -
:
فإنَّك لا تجد في طوائف أهل القبلة أعظم جهلا من الرافضة ، ولا أكثر حرصاً على الدنيا ، وقد تدبرتهم ، فوجدتهم لا يضيفون إلى الصحابة عيباً إلا وهم أعظم الناس اتصافا به
والصحابة أبعد الناس عنه ، فهم أكذب الناس بلا ريب ، كمسيلمة الكذاب إذ قال " أنا نبي صادق ، ومحمد كذاب " ! ، ولهذا يصفون أنفسهم بالإيمان ، ويصفون الصحابة بالنفاق
وهم أعظم الطوائف نفاقاً ، والصحابة أعظم الخلق إيماناً .
" منهاج السنة النبوية " ( 2 / 87 ) .
وهذا الدعاء المكذوب فهو أبعد ما يكون نسبةً لهذا الدين العظيم ، وفيما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وسنه من الأدعية والأذكار من الغنى والكفاية ما عجز المرء عن القيام به كله ، والوفاء بحقه .
ثم إن فيها من جوامع الكلم ، والنور ، والبهاء ، والبلاغة ، ما يُعرف أنه من دين الإسلام ، فهي بعيدة عن الطول ، والسجع المتكلف ، والفضائل المبالغ بها ، يعرف ذلك كل من وقف عليها ، وتأمل معانيها .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ .
رواه أبو داود ( 1482 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال بدر الدين العيني – رحمه الله -
:
قوله : " يستحب الجوامع من الدعاء " أي : التي تجمعُ الأغراض الصالحة ، والمقاصد الصحيحة ، أو تجمعُ الثناء على اللّه تعالى ، وآداب المسألة .
قوله : " ويدع ما سوى ذلك " أراد به : الأدعية المطولة ، والتي لا تجمعُ الأغراض الصحيحة . " شرح سنن أبي داود " للعيني ( 5 / 397 ، 398 ) .
وفي " عون المعبود " ( 4 / 249 ) :
أي : الجامعة لخير الدنيا والآخرة ، وهي ما كان لفظه قليلاً ، ومعناه كثيراً ، كما في قوله تعالى ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، ومثل الدعاء بالعافية في الدنيا والآخرة .انتهى
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:48
حديث ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ) حديثُ ضعيف الإسناد صحيح المعنى
السؤال
( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب )
الجواب
الحمد لله
أولا :
روي هذا الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) رواه أبو داود (1518) وابن ماجه (3819)
وأحمد في "المسند" (1/248) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/240)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/351) ، وغيرهم .
جميعهم من طريق الحكم بن مصعب ، ثنا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، أنه حدثه عن ابن عباس به .
وهذا السند ضعيف بسبب الحكم بن مصعب
لم يوثقه أحد ، إنما قال فيه أبو حاتم : هو شيخ للوليد بن مسلم ، لا أعلم روى عنه أحد غيره ، وحكم عليه كل من الذهبي وابن حجر بالجهالة
بل ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/187) ، وقال : يخطئ ، وذكره في "المجروحين" (1/249) ، وقال : ينفرد بالأشياء التي لا ينكر نفي صحتها من عني بهذا الشأن ، لا يحل الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار .
لذلك ضعفه البغوي في "شرح السنة" (3/100) ، والذهبي في "المهذب" (3/1278) وفي تعقبه على الحاكم في المستدرك ، والألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/705) .
ثانيا :
ورغم ضعف الحديث ، فإن معناه مقبول له ما يشهد له من الأدلة الصحيحة ، فقد قال الله تعالى في فضل الاستغفار : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا .
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10-12.
ويقول سبحانه وتعالى : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير ) هود/3.
ولذلك ذكر العلامة ابن القيم في كتابه "الوابل الصيب" في الفصل الثامن عشر : الاستغفار ، ضمن الأذكار الجالبة للرزق ، الدافعة للضيق والأذى .
وهو على كل حال من تقوى الله عز وجل ، التي هي سبب كل خير يصيب المتقين .
يقول الله سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الحديث المذكور رواه أبو داود وابن ماجه ، وهذا ضعيف ؛ لأن في إسناده الحكم بن مصعب وهو مجهول .
ولكن الأدلة الكثيرة من الآيات والأحاديث تدل على فضل الاستغفار والترغيب فيه ، مثل قول الله سبحانه : (
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) الآية من سورة هود ، وقوله سبحانه في آخر المزمل : ( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) والله ولي التوفيق " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (26/90) .
وقال أيضا رحمه الله :
" على كل حال فالحديث المذكور يصلح ذكره في الترغيب والترهيب ؛ لكثرة شواهده الدالة على فضل الاستغفار ، ولأن أكثر أئمة الحديث قد سهلوا في رواية الضعيف في باب الترغيب والترهيب
لكن يُروى بصيغة التمريض كـ " يُروى " ، و " يُذكر " ، ونحوهما ، لا بصيغة الجزم ، قال الحافظ العراقي في ألفيته ، رحمه الله :
وإن ترد نقلا لواه أو لما ... يشك فيه لا بإسنادهما
فأت بتمريض كيروى واجزم ..
. بنقل ما صح كقال فاعلم
وسهلوا في غير موضوع رووا
... من غير تبيين لضعف ورأوا
بيانه في الحكم والعقائد ...
عن ابن مهدي وغير واحد " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (26/259) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا الحديث ضعيف ، ولكن معناه صحيح ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )
وقال تعالى عن هود : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) ، ولا شك أن الاستغفار سبب لمحو الذنوب
وإذا محيت الذنوب تخلفت آثارها المرتبة عليها ، وحينئذٍ يحصل للإنسان الرزق والفرج من كل كرب ، ومن كل هم ، فالحديث ضعيف السند ، لكنه صحيح المعنى " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (شروح الحديث والحكم عليها) ( شريط 238 ، وجه أ )
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:56
حديث ( إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها ) لا أصل له
السؤال
سؤال : ما صحة : ( إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها ) فهل هذا حديث أم لا ؟
وإذا كان حديثاً فهل هو صحيح ؟
وما حكم قرع الكؤوس ببعضها ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
أما ما يروى من حديث فيه النهي عن قرع الكؤوس ، فمما لا أصل له في السنة النبوية ، بل لم يرد له ذكر في كتب الموضوعات حتى ، فيبدو أنه متأخر الوضع والانتشار بين الناس .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث : ( ما تقارع كأسان إلا حرم ما فيهما )
فأجاب : " ليس له أصل " انتهى .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل هذا القول حديث : ( إذا قرع الكأس بالكأس حرم ما فيه ) ، وما درجة صحته إن كان حديثا ؟
فأجاب بقوله : " لا يصح ، لا يصح " انتهى .
ثانيا :
أما حكم قرع الكؤوس عند الشرب فهو المنع والتحريم ؛ لما فيه من تشبه ظاهر بعادات شراب الخمور الذين يتخذون بعض المظاهر عادات لهم في وقوعهم في المعصية .
يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله :
" لو اجتمع جماعة ، وزينوا مجلسا ، وأحضروا آلات الشرب وأقداحه ، وصبوا فيها السكنجبين ، ونصبوا ساقيا يدور عليهم ويسقيهم ، فيأخذون من الساقي ويشربون
ويحيى بعضهم بعضا بكلماتهم المعتادة بينهم ، حَرُمَ ذلك عليهم وإن كان المشروب مباحا في نفسه ؛ لأن في هذا تشبها بأهل الفساد " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (2/272) .
السكنجبين : شراب مركب من حامض وحلو
كذا في "المعجم الوسيط" (1/440) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 17:59
حديث أعطوا السائل ولو جاء على فرس
السؤال
سؤال : أريد أن أعرف صحة حديث ورد بمعنى : ( أعطوا السائل ، ولو جاءكم على فرس )
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث روي بأسانيد عدة ، وأحسن هذه الأسانيد :
1- مرسل زيد بن أسلم : فقد روى الإمام مالك في الموطأ (5/1450) عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَعْطُوا السَّائِلَ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا بين رواة مالك وليس في هذا اللفظ مسند يحتج به فيما علمت " انتهى .
"التمهيد" (5/294) .
2- حديث الحسين بن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( للسائل حق وإن جاء على فرس ) أخرجه أبو داود (1665) ، وأحمد (1/201) ، وغيرهم من طريق مصعب بن محمد بن شرحبيل ، قال حدثني يعلى بن أبي يحيى ، عن فاطمة بنت حسين ، عن حسين بن علي به .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وهذا إسناد ضعيف ، ومن جوده فقد أخطأ ؛ فإن يعلى بن أبي يحي مجهول ، كما قال أبو حاتم وتبعه الحافظ ، ومصعب بن محمد : وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : يُكتب حديثه ولا يُحتج به .
قلت [ القائل : الشيخ الألباني ] : وقد اختُلف عليه في إسناده "
وفصل الشيخ رحمه الله وجوه الاختلاف فيه ، ثم قال في آخره ، بعد تقرير ضعفه :
" وأما قول الحافظ العراقي : ( بسند جيد ) : فغير جيد ؛ لما فيه من الجهالة والاضطراب ، كما سبق بيانه " انتهى .
السلسلة الضعيفة (3/558-562) ، رقم (1378) .
وانظر : أيضا : التعليق على مسند الإمام أحمد ، ط الرسالة (3/254-255) .
والحديث قال عنه ابن المديني أيضا : لا أصل له
كما في كشف الخفا (1/144) .
وقال عنه الإمام أحمد ـ أيضا ـ : لا أصل له
كما ذكره ابن الصلاح في مقدمته (155) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:07
حديث اتخاذ العهد عند الله
السؤال
ما مدى صحة هذا الحديث قبل أن أنشره ؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه : ( أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا ؟
قيل : يا رسول الله ! وما ذاك ؟
قال : يقول عند كل صباح ومساء : " اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك في هذه الحياة بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
وأن محمداً عبدك ورسولك ، فلا تكلني إلى نفسي ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تباعدني من الخير ، وتقربني من الشر ، وإني لا أثق إلا برحمتك
فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد " فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعاً ، ووضعها تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الله عهد ؟
فيقوم فيدخل الجنة )
الجواب
الحمد لله
أولا :
الدعاء بما ورد في هذا الحديث لا بأس به ولا حرج ، اقتداء بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فقد صح عنه أنه كان يدعو به ، وكلماته جليلة عظيمة لها شواهد من الكتاب والسنة الصحيحة .
غير أن لا يجوز اعتقاد الفضل المذكور في الحديث : أن ملكا يكتبه عنده ويختمه ويحفظه إلى يوم القيامة ، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الفضل
بل ولا حتى الدعاء ، إنما ورد عن ابن مسعود أنه كان يدعو بكلماته ، ولم يرد عنه ذكر ذلك الفضل له ، فيجب أن يتنبه إلى الفرق بين الأمرين .
ثانيا :
أما بيان تخريج الحديث ودرجته ، فهو كالآتي :
هذا الدعاء جاء عن ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم :
الأول : عن ابن مسعود رضي الله عنه .
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَالَ : اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنْ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنْ الْخَيْرِ ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ .
إِلَّا قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : إِنَّ عَبْدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَوْفُوهُ إِيَّاهُ . فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ )
قَالَ سُهَيْلٌ فَأَخْبَرْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَوْنًا أَخْبَرَ بِكَذَا وَكَذَا ، قَالَ : مَا فِي أَهْلِنَا جَارِيَةٌ إِلَّا وَهِيَ تَقُولُ هَذَا فِي خِدْرِهَا .
هذا الحديث جاء من طريق مرفوعة ، وأخرى موقوفة ، وهي الأصح .
أما المرفوعة :
فمن طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح وعبد الله بن عثمان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود به .
رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/412)
قال ابن كثير في تفسيره (7/103) : انفرد به الإمام أحمد .
قال الهيثمى في "مجمع الزوائد" (10/174) :
" رجاله رجال الصحيح ، إلا أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود " انتهى .
ولذلك ضعفه أيضا محققو المسند (7/32) ، والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6/9).
أما الموقوفة :
فمن طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود به .
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/68) وابن أبي حاتم في "التفسير" – كما عزاه إليه ابن كثير في "التفسير" (5/265) ، والسيوطي في "الدر المنثور" (5/542)
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (9/186) ، والحاكم في "المستدرك" (2/409) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/271)
إلا أن الحاكم لم يذكر في سنده أبا فاختة وهو سعيد بن علاقة والد ثوير بن أبي فاختة – ويبدو أنه سقط من المطبوع .
قلت : وهذا سند صحيح ، ليس في رجاله مطعن ، اللهم إلا في المسعودي
فقد أخذ عليه العلماء أنه اختلط في آخر عمره ، ولكن نص ابن معين على أن حديثه عن عون بن عبد الله صحيح قبل الاختلاط .
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (6/211)
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وقال الذهبي في تلخيصه : صحيح .
وأخرجه محمد بن فضيل الضبي في "الدعاء" (رقم/51) موقوفا أيضا من طريق أخرى :
حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ومالك بن مغول ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : كان يقول : فذكره وفيه ( فما قالهن عبد قط إلا كتبن في رق ، ثم ختمن بخاتم
حتى يوافيها يوم القيامة ، أين أصحاب العهود ؟ )
قلت : ورواية القاسم بن عبد الرحمن عن جده عبد الله بن مسعود مرسلة
كما في "تهذيب التهذيب" (8/322) ، و"جامع التحصيل" (ص/252)
الثاني : عن زيد بن ثابت رضي الله عنه :
( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ دُعَاءً وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ بِهِ أَهْلَهُ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ : قُلْ كُلَّ يَوْمٍ حِينَ تُصْبِحُ :
( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، وَمِنْكَ وَبِكَ وَإِلَيْكَ
اللَّهُمَّ مَا قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ أَوْ حَلَفْتُ مِنْ حَلِفٍ فَمَشِيئَتُكَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، مَا شِئْتَ كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
اللَّهُمَّ وَمَا صَلَّيْتُ مِنْ صَلَاةٍ فَعَلَى مَنْ صَلَّيْتَ ، وَمَا لَعَنْتُ مِنْ لَعْنَةٍ فَعَلَى مَنْ لَعَنْتَ ، إِنَّكَ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ
وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَمَاتِ ، وَلَذَّةَ نَظَرٍ إِلَى وَجْهِكَ ، وَشَوْقًا إِلَى لِقَائِكَ ، مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، أَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ، أَوْ أَعْتَدِيَ أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ ، أَوْ أَكْتَسِبَ خَطِيئَةً مُحْبِطَةً أَوْ ذَنْبًا لَا يُغْفَرُ .
اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، فَإِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَأُشْهِدُكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيدًا
أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ ، وَلِقَاءَكَ حَقٌّ
وَالْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا ، وَأَنْتَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى ضَيْعَةٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ
فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )
رواه الإمام أحمد في "المسند" (5/191) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/119) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1/421) ، وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم/47) بلفظ مختصر .
كلهم من طريق أبي بكر ابن أبي مريم ، عن ضَمْرَة بْن حَبِيبِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ به .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/697)
واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/489) من الطريق نفسها إلا أنه لم يذكر فيها أبا الدرداء ، بل رواه عن زيد بن ثابت مباشرة .
قلت : وهذا السند له علتان :
الأولى : اتفقت كلمة المحدثين على ضعف أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم
انظر "تهذيب التهذيب" (12/29) .
الثانية : الانقطاع بين ضمرة بن حبيب - ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/459) وفيها أنه توفي سنة (130 هـ) - وبين أبي الدرداء توفي سنة (32هـ)
ولذلك علق الذهبي على قول الحاكم " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى .
قال الذهبي في تعليقه : أبو بكر ضعيف فأين الصحة ؟
وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (5/157) متابعة لأبي بكر ابن أبي مريم ، من طريق بكر بن سهل الدمياطي ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن زيد بن ثابت ولم يذكر أبا الدرداء .
إلا أن بكر بن سهل الدمياطي (287هـ) قال فيه النسائي : ضعيف . كما في "سير أعلام النبلاء" (13/426) ، وضمرة بن حبيب (130هـ) عن زيد بن ثابت (45،48هـ) منقطع أيضا .
لذلك ضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" (397)
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:07
الثالث : عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قال في دبر الصلاة بعد ما يسلم هؤلاء الكلمات ، كَتَبَهُ مَلَك في رق
فختم بخاتم ، ثم رفعها إلى يوم القيامة ، فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي : أين أهل العهود ؟ حتى يدفع إليه . والكلمات أن تقول :.. فذكر نحو حديث ابن مسعود )
رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول في أحاديث الرسول" (2/272) من المطبوع ، وهو بسنده في المخطوط ( ورقة/207) - حيث إن المطبوع خال من الأسانيد - :
قال الترمذي الحكيم : حدثنا عمر بن أبي عمر ، قال ثنا عبدالله بن أبي أمية الفزاري ، عن أبي علي الرمَاح ، عن عمر بن ميمون ، عن مقاتل بن حيان ، عن الأسود بن هلال ، عن أبي بكر الصديق به .
وفي هذا السند عمر بن أبي عمر شيخ الحكيم الترمذي ، فقد جاء في "لسان الميزان" (1/31) نقل الحافظ عن الجوزقاني قوله فيه : مجهول ، ثم عقب بقول : " عمر معروف ، لكنه ضعيف " انتهى .
والواقف على حديثه يرى فيه من المناكير ما يجزم بضعفه ووهنه ، ولعله ممن يركب الأسانيد أو يسرقها . كما أن عبد الله بن أبي أمية شيخه لم نجد من يوثقه من أهل العلم .
فالخلاصة أن هذا الدعاء لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وأما من أراد أن يدعو بكلماته من غير اعتقاد فضل خاص لها فلا حرج عليه إن شاء الله
لا سيما وقد صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، الدعاء به .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:13
قصة التشهد في الصلاة هل يصح أن أصلها كان في المعراج ؟
السؤال
يتناقل كثيراً في المنتديات موضوع عن قصة التشهد ، ويدعو كاتب المقال فيه إلى الخشوع في الصلاة وإلى التفكر في أصل قصة التشهد ، وقد جاء في هذا المقال :
..حوار التشهـّد يبدأ المشهد بسيدنا رسول الله وهو يمشي في معيـّة سيدنا جبريل في طريقهما لسدرة المنتهى في رحلة المعراج ، وفي مكان ما يقف سيدنا جبريل عليه السلام فيقول له سيدنا محمد
: أهنا يترك الخليل خليله ؟
قال سيدنا جبريل : لكل منا مقام معلوم يا رسول الله ، إذا أنت تقدّمت اخترقت ، وإذا أنا تقدّمت احترقت ، وصار سيدنا جبريل كالحلس البالي من خشية الله ، فتقدم سيدنا محمد إلى سدرة المنتهى واقترب منها
ثم قال سيدنا رسول الله : التحيات لله والصلوات الطيبات ، رد عليه رب العزة : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، قال سيدنا رسول الله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فقال سيدنا جبريل - وقيل : الملائكة المقربون - : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمَّداً رسول الله . هل نستشعر عند قراءة التشهد هذا الحوار الراقي ؟
هل نستشعر أن سيدنا رسول الله تذكرنا هناك عند سدرة المنتهى ، ....ولكنه بحنانه تذكرنا هناك ؟ .
.. كم نحبك يا رسول الله ، كم نتمنى أن نراك في المنام ، ولو معاتباً ، المهم أن نكحل أعيننا بطلعتك ، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله . هل بعد هذا ستقرأ التشهد كما كنت تقرؤه سابقاً ؟
هل بعد ذلك ستصلي على سيدنا رسول الله في الصلاة الإبراهيمية بنفس الفتور؟ هل ستكثر بعد هذا من الصلاة على حبيبك سيدنا محمد ؟ بالتأكيد ستثاب إذا أرسلتها
و لن تأثم إذا تركتها ، إذاً هل تريد الثواب ؟ .
اللهم ارحم قارئ وناشر هذه الرسالة ، واجعله من عتقائك .." .
الجواب
الحمد لله
ما جاء في السؤال من وجود قصة لأصل التشهد حصلت في معراج نبينا صلى الله عليه وسلم
: لا أصل له في الشرع .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل التشهد الذي نقرؤه في الصلاة هو الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عند سدرة المنتهى في المعراج ؟ .
فأجابوا : " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفِّي بين كفيه
كما يعلمني السورة من القرآن : ( التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) رواه الجماعة
وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله ... ) ، وذكره ، وفيه عند قوله : ( وعلى عباد الله الصالحين )
: ( فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض ) ، وفي آخره : ( ثم يتخير من المسألة ما شاء ) متفق عليه .
ولأحمد من حديث أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وأمره أن يعلمه الناس ( التحيات لله ) ، وذكره .
قال الترمذي :
حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، وقال أبو بكر البزار :
هو أصح حديث في التشهد ، قال : وقد روي من نيف وعشرين طريقاً ، وممن جزم بذلك : البغوي في " شرح السنة " انتهى .
وبهذا تعلم أن هذه الصفة هي أصح ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما كونه صلى الله عليه وسلم أتى بالتشهد وهو ساجد عند " سدرة المنتهى " ليلة المعراج : فلا نعلم له وللسجود في ذلك المكان ليلة المعراج أصلاً " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 6 ، 7 ) .
وانظر جواب السؤال القادم
وبذلك يتبين أنه لا يشرع نشر مثل هذه الرسائل التي لم يثبت مضمونها ، أو احتوت على بدعة من بدع الاعتقاد أو العمل ، بل لا ينبغي للمرء أن يقدم على نشر شيء إلا بعد تأكده من ثبوته وصحته .
عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) رواه مسلم (5) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:16
هل ذكرت التحيات في قصة المعراج ؟
السؤال
ما صحة قصة أن لفظ : ( التحيات ) كانت عندما عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، ووصل سدرة المنتهى ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( التحيات لله والصلوات والطيبات
فقال الله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فقالت الملائكة : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) ، فهذه القصة تدرس للأطفال في المدارس لتساعدهم على حفظ التحيات ؟
الجواب
الحمد لله
لا يعرف لهذه القصة أصل ولا سند ، ولم نقف لها على أثر في كتب السنة الصحيحة ، وقصة المعراج ثابتة بتفاصيلها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما
وليس فيها شيء عن مناسبة ذكر التشهد المعروف في الصلاة ، وكذلك لم يرد شيء عن هذه القصة حين عَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام هذا التشهد .
فقد روى الشيخان : البخاري (6328) ومسلم (402)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ( كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ :
إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .
- فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ) .
وغاية ما وقفنا عليه في هذه القصة :
ما تنقله بعض كتب التفسير عند قوله تعالى : ( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يّـس /58 ، فقالوا : " يشير إلى السلام الذي سلمه الله على حبيبه عليه السلام ليلة المعراج إذ قال له :
" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ، فقال في قبول السلام : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين "
انتهى . انظر "روح المعاني" للآلوسي" (3/38) .
وما يذكره بعض شراح السنة عند الكلام على حديث التشهد ، ذكره بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود" (4/238) ، ونقله الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" عن ابن الملك
وكذلك تذكره هذه القصة في بعض كتب الفقه ، مثل حاشية "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/121) ، وفي بعض كتب الصوفية كالقسطلاني والشعراني .
وجميع ذلك ذكر معلق غير مسند ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز تعليمه الأولاد الصغار ، لأنه لا يعرف له أصل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد اتفق أهل العلم على حرمة رواية الأحاديث الموضوعة إلا على سبيل التكذيب والتحذير.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:20
حديث تبغض العرب فتبغضني
السؤال
ما درجة صحة هذا الحديث : عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك . قلت : يا رسول الله وكيف أبغضك وبك هداني الله ؟
قال : تبغض العرب فتبغضني )
الجواب
الحمد لله
أولا :
نص هذا الحديث كما يلي :
عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( يَا سَلْمَانُ ! لاَ تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ .
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ أَبْغَضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللَّهُ ؟
قَالَ : تَبْغَضُ العَرَبَ فَتَبْغَضُنِي ) .
هذا الحديث رواه الترمذي (رقم/3927) ، والبزار في "مسنده" (2513)
والطبراني في "المعجم الكبير" (6/238) ، والحاكم في "المستدرك" (4/86) وغيرهم من طريق أبو بدر شجاع بن الوليد ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن سلمان .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه علتان :
1- قابوس بن أبي ظبيان : قال ابن معين : ضعيف الحديث . وقال أبو حاتم : لا يحتج به . وضعفه الدارقطني وغيره
. انظر "تهذيب التهذيب" (8/306)
2- الانقطاع بين أبي ظبيان – وهو حصين بن جندب – وبين سلمان الفارسي رضي الله عنه . قال الترمذي بعد روايته الحديث : " وسمعت محمد بن إسماعيل [ يعني : البخاري ] يقول : أبو ظبيان لم يدرك سلمان
مات سلمان قبل علي " انتهى. وقال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (50): لا أظن حصين بن جندب سمع من سلمان .
وانظر: "تهذيب التهذيب" (2/380) .
والحديث أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/270) من طريق خالد بن عبد الرحمن ، عن مسعر ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن سلمان .
وهذه متابعة ضعيفة جدا بسبب خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي المكي : وهو ذاهب الحديث ، ورماه عمرو بن علي الفلاس بالوضع
.
ولذلك قال الحافظ المنذري في "أجوبة على أسئلة في الجرح والتعديل" (ص/84): " حديث منكر " انتهى. وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " ضعيف الإسناد "
انتهى. "السلسلة الضعيفة" (رقم/2029)
ثانيا :
ضعف هذا الحديث لا يعني عدم ثبوت أي فضل لجنس العرب ، فقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب ، القليل منها صحيح ، والكثير منها ضعيف أو موضوع .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وفي المسألة آثار غير ما ذكرته ، في بعضها نظر ، وبعضها موضوع " انتهى.
"اقتضاء الصراط المستقيم" (ص/159)
ويقول أيضا رحمه الله معلقا على هذا الحديث :
" فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بغض العرب سببا لفراق الدين ، وجعل بغضهم مقتضيا لبغضه .
وقد سبق الحديث عن موضوع تفضيل جنس العرب ، وبيان ما هو الفهم الصحيح لهذه المسألة
وذلك في جواب سؤال سابق
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:26
لم يثبت أن المسيح سيدفن في آخر الزمان في الحجرة النبوية
السؤال
يروى أن هناك مساحة فارغة بجانب قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لكي يستخدمها نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم بعد موته ، فهل هذا صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
لم يَرِد في السنة النبوية ما يدلُّ على مكان دفن المسيح عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، وأما الحديث الذي يُروى في ذلك فضعيف جدا لا يثبت ، وهذا بيانه :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض ، فيتزوج ، ويولد له ، ويمكث خمسا وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر ) .
رواه ابن أبي الدنيا – كما عزاه إليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/562) - وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/915) وفي "المنتظم" (1/126)
وفي "الوفا" (2/714) أيضا : من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي .
قال ابن الجوزي :
" هذا حديث لا يصح ، والإفريقي ضعيف بمرة " انتهى .
وأورده الذهبي في "ميزان الاعتدال" في سياق المناكير التي رواها هذا الراوي ، وقال : " فهذه مناكير غير محتملة " انتهى .
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" برقم (6562) : " منكر " انتهى .
ووردت بعض الآثار في هذا الشأن عن علماء الصحابة ممن قرؤوا التوراة وعرفوا ما فيها :
1- قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه : ( مكتوب في التوراة صفة محمد ، وصفة عيسى بن مريم ، يدفن معه ) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (6/229) ، والترمذي في "السنن" (رقم/3617)
والطبراني في "المعجم الكبير" (القطعة المفقودة ص/111) ، والآجري في كتاب "الشريعة" (3/1324) بألفاظ متقاربة ، ولكني اخترت اللفظ الذي عند الترمذي لتصريحه بنقل الكلام عن التوراة .
كلهم رووه من طريق عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عثمان بن الضحاك : قال أبو داود : ضعيف
. انظر "تهذيب التهذيب" (7/124) .
وفيه : محمد بن يوسف لم يوثقه أحد ، وإنما ذكره ابن حبان في "الثقات"
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (9/534)
لذلك قال البخاري رحمه الله بعد إخراجه الحديث في التاريخ الكبير في ترجمته : " هذا لا يصح عندي ، ولا يتابع عليه " انتهى .
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" برقم (6962) : " موقوف ضعيف " انتهى .
2- عن سعيد بن المسيب قال : ( إن قبور الثلاثة في صُفَّة بيت عائشة ، وهناك موضع قبر يدفن فيه عيسى عليه السلام ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " من وجه ضعيف " انتهى .
"فتح الباري" (7/66) .
كما ذكر ذلك بعض العلماء والمؤرخين :
قال الإمام القرطبي رحمه الله :
" ثم يقبض الله روح عيسى عليه السلام ويذوق الموت ، ويدفن إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة ... ، وقد قيل إنه يدفن بالأرض المقدسة مدفن الأنبياء " انتهى .
"التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص/1301)
وذكر نحوه ابن عساكر وغيره .
والذي يتحصل مما سبق أنه لم يثبت في حوادث آخر الزمان دفن عيسى عليه السلام في الحجرة النبوية ، وما ورد في ذلك إنما هي آثار ضعيفة السند ، ومأخوذة عن غير الكتاب والسنة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 16:39
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة
السؤال
هل حديث : ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ).
الجواب
الحمد لله
ورد هذا الحديث عن ثمانية من الصحابة :
أشهرها وأكثرها طرقا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
وورد أيضا عن عبد الله بن عمر ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود ، وأنس ، وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم جميعا .
وورد عن الشعبي مرسلاً .
وعامة أهل العلم على تضعيف هذا الحديث من جميع طرقه التي أوردها الحافظ الدارقطني في "السنن" (كتاب
الصلاة/باب ذكر قوله صلى الله عليه و سلم من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة واختلاف الروايات) (1/323)، وضعفها كلها هناك .
وكذلك فعل الإمام البيهقي في جزء خاص سماه : "القراءة خلف الإمام"، وفي "السنن الكبرى" (2/159) (كتاب الصلاة/ باب من قال لا يقرأ خلف الإمام على الإطلاق)
قال الإمام البخاري رحمه الله :
" هذا خبر لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز ، وأهل العراق ، وغيرهم ؛ لإرساله وانقطاعه " انتهى.
"خير الكلام في القراءة خلف الإمام" (ص/9) مكتبة الإيمان – الطبعة الثانية – 1405هـ.
وقال المجد ابن تيمية رحمه الله :
" وقد روي مسندا من طرق كلها ضعاف ، والصحيح أنه مرسل " انتهى.
"منتقى الأخبار" (رقم/700)
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" لهذا الحديث طرق : عن جابر ، وعن علي ، وابن عمر ، وابن عباس ، وعمران بن حصين : ليس فيها ما يثبت " انتهى.
"العلل المتناهية" (1/428)
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" روي هذا الحديث من طرق ، ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (1/109)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" لكنه حديث ضعيف عند الحفاظ ، وقد استوعب طرقه وعلله الدارقطني وغيره " انتهى.
"فتح الباري" (2/242)
وقال أيضا رحمه الله :
" حديث : ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) مشهورٌ من حديث جابر رضي الله عنه ، وله طرق عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وكلها معلولة " انتهى.
"تلخيص الحبير" (1/232)
وقال النووي رحمه الله :
" ضعيف " انتهى.
"الخلاصة" (1/377)
وقد نص على ضعفه أيضا كثير من أصحاب الرأي أتباع أبي حنيفة ، وإن قالوا بمضمونه بسقوط القراءة عن المأموم مطلقا .
جاء في "معرفة السنن والآثار" (رقم/953) للبيهقي قال :
" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت سلمة بن محمد الفقيه ، يقول :
سألت أبا موسى الرازي الحافظ عن الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة ) ؟
فقال : لم يصح فيه عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ، إنما اعتمد مشايخنا فيه الروايات عن علي ، وعبد الله بن مسعود ، والصحابة .
قال أبو عبد الله – هو الحاكم صاحب المستدرك -
:
أعجبني هذا لمَّا سمعته ، فإن أبا موسى أحفظ من رأينا من أصحاب الرأي على أديم الأرض " انتهى.
وللتوسع في تخريج الحديث
ينظر : "نصب الراية" للزيلعي (2/6)،
"إرواء الغليل" للشيخ الألباني (2/268)
وأما حكم قراءة المأموم خلف الإمام ، فهي من مسائل الخلاف بين أهل العلم ؛ وقد سبق في موقعنا بيان أن الصحيح وجوب قراءة صلاة الفاتحة على الجميع : الإمام والمأموم والمنفرد
وفي جميع الصلوات أيضا : السرية والجهرية .
فيرجى مراجعة ذلك في جواب السؤالين القادمين
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 16:49
قراءة الفاتحة في الصلاة
السؤال
سؤالي يتعلق بالطريقة الصحيحة لتأدية صلاة الفريضة خلف الإمام ، وبالتحديد قراءة سورة الفاتحة .
1- هل يجب علينا أن نقرأ سورة الفاتحة بصوت منخفض والإمام يقرأ بها جهرا خلال
الركعتين الأوليتين من صلوات الفريضة ؟
2- هل يجب علينا أن نقرأ سورة الفاتحة في نفس الحالة لكن في الركعة الثالثة أو الركعة الرابعة ، أي في الركعات التي يُسرّ فيها الإمام بالقراءة ؟
لقد أثير هذا السؤال نتيجة لأن جماعة الحي السكني ترغب في تصحيح طريقة صلاتنا . وأهل الحي على رأيين ،
أحدهما هو : إذا كان الإمام يصلي فإن علينا أن نستمع فقط سواء أكان يقرأ جهرا (الركعتين الأولى والثانية) أو سرا (في الثالثة والرابعة) ؛ أما أصحاب الرأي الآخر فقالوا بأن الصلاة لا تقبل بدون قراءة سورة الفاتحة
سواء أقرأ بها الإمام جهرا أم سرا .
أرجو أن تبين لنا الصواب وتزودنا بأكبر عدد ممكن من الدلائل ..
الجواب
الحمد لله
قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة في حق الإمام والمنفرد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا صَلاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رواه البخاري (الأذان/714)
أما قراءة الفاتحة للمأموم خلف الإمام في الصلاة الجهرية فللعلماء فيها قولان :
القول الأول : أنها واجبة ، والدليل عليها عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ولمّا علّم النبي صلى الله عليه وسلم المُسِيء صلاته ، أمره بقراءة الفاتحة .
وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها في كل ركعة ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
" وَقَدْ ثَبَتَ الإِذْنُ بِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِغَيْرِ قَيْد , وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " جُزْء الْقِرَاءَة " وَاَلتِّرْمِذِيّ وَابْن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَة مَكْحُول عَنْ مَحْمُود بْن الرَّبِيع عَنْ عُبَادَة
" أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَجْرِ , فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ . قَالَ : فَلَا تَفْعَلُوا إِلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ , فَإِنَّهُ لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا " ا.هـ .
القول الثاني : أن قراءة الإمام قراءة للمأموم ، والدليل على ذلك قول الله تعالى : ( وإذا قُرِئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ) الأعراف /204
قال ابن حجر : " وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَالْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيث ( وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِي .
والذين يقولون بوجوبها ، فإنهم يقولون إنها تُقرأ بعد أن يفرغ الإمام من قراءة الفاتحة ، وقبل أن يَشْرَع في قراءة السورة الأخرى ، أو أنها تُقرأ في سَكَتَاتِ الإمام قال ابن حجر :
" يُنْصِتُ إِذَا قَرَأَ الإِمَام وَيَقْرَأُ إِذَا سَكَتَ " إ.هـ . قال الشيخ ابن باز : المقصود بسكتات الإمام أي سكتة تحصل من الإمام في الفاتحة أو بعدها ، أو في السورة التي بعدها
فإن لم يسكت الإمام فالواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة ولو في حال قراءة الإمام في أصح قولي العلماء
. انظر فتاوى الشيخ ابن باز ج/11 ص/221
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال فأجابت :
الصحيح من أقوال أهل العلم وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والإمام والمأموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الأدلة الدالة على ذلك وخصوصها
وأما قول الله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) فعام ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا قرأ فأنصتوا )
عام في الفاتحة وغيرها . فيخصصان بحديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) جمعا بين الأدلة الثابتة ، وأما حديث : ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) فضعيف
ولا يصح ما يقال من أن تأمين المأمومين على قراءة الإمام الفاتحة يقوم مقام قراءتهم الفاتحة ، ولا ينبغي أن تجعلوا خلاف العلماء في هذه القضية وسيلة إلى البغضاء والتفرق والتدابر
وإنما عليكم بمزيد من الدراسة والاطّلاع والتباحث العلمي . وإذا كان بعضكم يقلّد عالماً يقول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية وآخرون يقلدون
عالماً يقول بوجوب الإنصات للإمام في الجهرية والاكتفاء بقراءة الإمام للفاتحة فلا بأس بذلك ، ولا داعي أن يشنِّع هؤلاء على هؤلاء ولا أن يتباغضوا لأجل هذا .
وعليهم أن تتسع صدورهم للخلاف بين أهل العلم ، وتتسع أذهانهم لأسباب الخلاف بين العلماء ، واسألوا الله الهداية لما اختلف فيه من الحق إنه سميع مجيب ، وصلى الله على نبينا محمد
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 16:53
تسقط الفاتحة عن المأموم في موضعين ؟
السؤال
إذا دخلت المسجد والإمام راكع وركعت معه ، فهل تحسب لي الركعة ؟ مع أني لم أقرأ الفاتحة .
وإذا دخلت معه قبل الركوع ثم كبر ولم أتمكن من قراءة الفاتحة ، فماذا أفعل ؟ هل أركع معه ولا أكمل الفاتحة ، أو أكمل الفاتحة ثم أركع ؟.
الجواب
الحمد لله
سبق في جواب السؤال السابق أن قراءة الفاتحة ركن في الصلاة في حق كل مصلٍّ : الإمام والمأموم والمنفرد ، في الصلاة الجهرية والسرية .
والدليل على ذلك ما رواه البخاري (756) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) .
انظر : "المجموع" (3/283- 285) .
ولا تسقط الفاتحة عن المأموم إلا في موضعين :
الأول : إذا أدرك الإمام راكعا ، فإنه يركع معه ، وتحسب له الركعة وإن كان لم يقرأ الفاتحة .
ويدل على ذلك : حديث أبي بكرة رضي الله عنه أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : ( زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ) رواه البخاري ( 783) .
ووجه الدلالة : أنه لو لم يكن إدراك الركوع مجزئاً لإدراك الركعة مع الإمام لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء تلك الركعة التي لم يدرك القراءة فيها , ولم ينقل عنه ذلك , فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة .
انظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (230) .
الموضع الثاني الذي تسقط فيه الفاتحة عن المأموم :
إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبيل الركوع ولم يتمكن من إتمام الفاتحة ، فإنه يركع معه ولا يتم الفاتحة ، وتحسب له هذه الركعة .
قال الشيرازي رحمه الله في "المهذب" :
" وإن أدركه في القيام وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة ; لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل , فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان :
أحدهما : يركع ويترك القراءة ; لأن متابعة الإمام آكد ; ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة .
الثاني : يلزمه أن يتم الفاتحة ; لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها " انتهى .
"المجموع" (4/109) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله إذا دخلت في الصلاة قبيل الركوع بقليل ، فهل أشرع في قراءة الفاتحة أو أقرأ دعاء الاستفتاح ؟ وإذا ركع الإمام قبل إتمام الفاتحة فماذا أفعل ؟
فأجاب :
" قراءة الاستفتاح سنة وقراءة الفاتحة فرض على المأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، فإذا خشيت أن تفوت الفاتحة فابدأ بها ومتى ركع الإمام قبل أن تكملها
فاركع معه ويسقط عنك باقيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ) متفق عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/243-244) .
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا أدرك المصلي الجماعة وكان الإمام يقرأ القرآن بعد الفاتحة في صلاة جهرية كالمغرب مثلا فهل يقرأ هو الفاتحة أم لا يقرأ
وإذا أدرك الإمام واقفاً فقرأ الحمد لله رب العالمين فقط ثم كبر الإمام فهل يركع هو الآخر أم يتم القراءة ؟
فأجابت :
" قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة على الإمام والمنفرد والمأموم , في سرية أو جهرية ؛ لعموم أدلة قراءة الفاتحة في الصلاة ، ومن جاء إلى الجماعة وكبر مع الإمام لزمه قراءتها ,
فإن ركع الإمام قبل إكماله لها وجبت عليه متابعته , وأجزأته تلك الركعة ، كما أن من أدرك الإمام في الركوع إدراكا كاملاً أجزأته تلك الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها , وذلك على الصحيح من قولي العلماء
, وسقطت عنه الفاتحة , لعدم تمكنه من قراءتها ، لحديث أبي بكرة المشهور المخرج في صحيح البخاري " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة " (6/387) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مأموم دخل الصلاة بعد انتهاء تكبير الإمام للإحرام وقراءته للفاتحة , ثم شرع في القراءة ولكن ركع الإمام فهل يركع المأموم أو يكمل قراءة الفاتحة ؟
فأجاب :
" إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع , ولم يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة , إن كان لم يبق عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق الإمام في الركوع فهذا حسن
, وإن كان بقي عليه كثير بحيث إذا قرأ لم يدرك الإمام في الركوع فإنه يركع مع الإمام وإن لم يكمل الفاتحة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/106) .
وانظر : "الشرح الممتع" (3/242- 248) .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 16:57
حديث ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ) لا أصل له
السؤال
هل هدا الحديث صحيح : ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ) ؟
الجواب
الحمد لله
لم نعثر على هذا الحديث – بعد البحث والتفتيش – في كتب السنة النبوية
ولم يذكره ـ فيما وقفنا عليه ـ سوى برهان الدين الحلبي في "السيرة الحلبية" (3/295) من غير إسناد ولا عزو لكتب الأثر ، ولذلك فلا تصح نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قد يكون في معناه بعض التردد .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا القول الذي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له " انتهى.
"السلسلة الصحيحة" (رقم/3942)
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية (3/224) :
" هذا اللفظ المذكور ليس حديثا فيما نعلم " انتهى.
على أن الأدب الذي تضمنه هذا الكلام
مازال أهل العلم ، وأهل العقل والحكمة يقولون به :
أنه لا ينبغي للإنسان أن يُدخل طعاما على طعام آخر في بطنه ، بل ينتظر حتى تطلب نفسه الطعام وتشتهيه
فإذا اشتهته وأعطاها حاجتها منه ، فليقتصد في تناوله ، ولا يملأ بطنه منه ، بحيث يتجاوز حد الاعتدال والتوسط في ذلك .
عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ؛ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ
فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه أحمد (16735) والترمذي (2380) ، وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وصححه الألباني .
قال صاحب " الفواكه الداواني" (2/317) :
( ومن آداب الأكل ) المقارنة له ( أن تجعل بطنك ) ثلاثة أقسام ( ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للنفس ) لاعتدال الجسد وخفته ; لأنه يترتب على الشبع ثقل البدن وهو يورث الكسل عن العبادة
ولأنه إذا أكثر من الأكل لما بقي للنفس موضع إلا على وجه يضر به , ولما ورد : المعدة بيت الداء , والحمية رأس الدواء , وأصل كل داء البردة
. والحمية خلو البطن من الطعام , والبردة إدخال الطعام على الطعام , ولفظ المعدة إلخ من كلام بعض الحكماء أدخله بعض الوضاع في المسند المرفوع ترويجا له ...
ومن كلامهم أيضا ما قاله مالك : ومن طب الأطباء أن ترفع يدك من الطعام وأنت تشتهيه... وقال سحنون : كل شيء يعمل على الشبع إلا ابن آدم إذا شبع رقد .. "
وقال السفاريني في غذاء الألباب (2/110) :
" ينبغي للآكل أن يجعل ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للهواء ..
امتثالا لما قال الرسول الشفيق الناصح لجميع الخلق المرشد للمنافع الدينية والدنيوية , والمنقذ من الهلاك , والمفاسد صلى الله عليه وسلم فهو الحكيم الناصح , والعليم الذي أتى بالعلم النافع
, والحق الواضح . ولهذا قال الحافظ ابن رجب عن هذا الحديث : إنه أصل عظيم جامع لأصول الطب كلها . وقد روي أن ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة
قال : لو استعمل الناس هذه الكلمات يعني من قوله صلى الله عليه وسلم : حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه إلى آخره لسلموا من الأمراض , والأسقام ولتعطلت المارستانات ودكاكين الصيادلة .
قال الحافظ ابن رجب : وإنما قال هذا ; لأن أصل كل داء التخم قال بعضهم : أصل كل داء البَرْدَة وروي مرفوعا ولا يصح رفعه . , وقال القرطبي في شرح الأسماء : لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة .
وفي الإحياء ذكر هذا الحديث يعني تقسيم البطن أثلاثا لبعض الفلاسفة فقال : ما سمعت كلاما في قلة الأكل أحكم من هذا , ولا شك أن أثر الحكمة فيه واضح , وإنما خص الثلاثة بالذكر
; لأنها أسباب حياة الحيوان ولأنه لا يدخل البطن سواها .. وقال ( الحارث بن كلدة ) طبيب العرب : " الحمية رأس الدواء , والبطنة رأس الداء ) ورفعه بعضهم ولا يصح أيضا قاله الحافظ ,
وقال الحارث أيضا : الذي قتل البرية , وأهلك السباع في البرية , إدخال الطعام على الطعام , قبل الانهضام " انتهى
.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:21
حديث امش ميلا عد مريضا
السؤال
ما صحة الحديث : ( امش ميلا عد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين ، امش ثلاثة أميال زر أخا في الله ) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث جاء من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بإسناد ضعيف ، وجاء من كلام بعض التابعين بأسانيد صحيحة .
أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( امش ميلا عد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين
امش ثلاثة زر أخا في الله ) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (5/179) قال : حدثنا محمد بن بشر القزاز ، قال حدثنا هشام بن عمار ، قال ثنا عمرو بن واقد ، عن علي بن يزيد الألهاني ، عن القاسم عن أبي أمامة به.
وهذا إسناد ضعيف جدا ، بسبب عمرو بن واقد : قال فيه البخاري : منكر الحديث . وقال ابن حبان : استحق الترك . وقال النسائي والدارقطني : متروك .
انظر "تهذيب التهذيب" (8/116) .
وكذلك علي بن يزيد الألهاني اتفق أهل العلم على ضعفه
. انظر "تهذيب التهذيب" (7/397) .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2936) .
أما ما صحَّ عن التابعين ، فقد ورد عن ثلاثة منهم :
1- عن مكحول رحمه الله قال : ( امش ميلا عُد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين ، امش ثلاثة زر في الله ) رواه ابن وهب في "الجامع" (رقم/174) قال : وأخبرني مسلمة بن علي ، عن زيد بن واقد ، وهشام بن الغازي ، عن مكحول .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب مسلمة بن علي : متروك . انظر "تهذيب التهذيب" (10/147) ، وانظر "السلسلة الضعيفة" (رقم/2936) .
ورواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص/152) قال : حدثنا عمار بن نصر المروزي حدثنا شعيب أبو حرب عن أبي عتبة العنسي عن يحيى عن مكحول .
وهذا إسناد حسن إن كان شعيب هو ابن حرب ، وإلا فلم أقف على ترجمة شعيب أبي حرب . والله أعلم .
2- عن عطاء الخراساني رحمه الله .
رواه ابن وهب في "الجامع" (رقم/174) قال : أخبرني يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني .
وهذا إسناد صحيح .
3- وجاء أيضا من كلام حسان بن عطية رحمه الله .
رواه هناد بن السري في "الزهد" (1/227) قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : فذكره .
وهذا إسناد صحيح .
يقول المناوي رحمه الله :
" ( امش ميلا ) هو ثلاثة فراسخ ، ( عُد ) ندبا ( مريضا ) مسلما .
( امش ) ندبا ( ميلين أصلح بين اثنين ) إنسانين أو فئتين ، أي : حافظ على ذلك وإن كان عليك فيه مشقة ، كأن تمشي إلى محل بعيد .
( امش ) ندبا ( ثلاثة أميال زر أخا في الله تعالى ) وإن لم يكن أخاك من النسب .
ومقصوده أن الثالث أفضل وآكد وأهم من الثاني ، والثاني من الأوّل " انتهى .
"التيسير شرح الجامع الصغير" (1/484) .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:25
حديث من كان في قلبه مودة لأخيه
السؤال
ما صحة الحديث : ( من كان في قلبه مودة لأخيه ثم لم يُطلعه عليها فقد خانه ) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص/124)
ومن طريقه ابن قدامة في "المتحابين في الله" (ص/66، رقم/78) عن زياد بن أيوب ، حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبو كعب الشامي ، عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من كان في قلبه مودة لأخيه لم يُطلعه عليها فقد خانه ) .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد ضعيف لإرساله . وأبو كعب الشامي لم أعرفه . وعبد الحميد بن عبد الرحمن : هو الحماني ؛ وفيه ضعف " انتهى .
"السلسلة الضعيفة" (رقم/4639) .
ويغني عن هذا الحديث الضعيف ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
( إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ) رواه أبو داود (رقم/5124) وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (ص/128) ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (417) .
ويغني عنه أيضا ما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْلَمْتَهُ ؟
قَالَ : لَا . قَالَ : أَعْلِمْهُ . قَالَ : فَلَحِقَهُ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ . فَقَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ ) رواه أبو داود (رقم/5125) ، وصححه النووي في "رياض الصالحين" (183)، والألباني في "صحيح أبي داود".
قَالَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله : مَعْنَاهُ الْحَثّ عَلَى التَّوَدُّد وَالتَّأَلُّف ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُحِبّهُ اِسْتَمَالَ بِذَلِكَ قَلْبه وَاجْتَلَبَ بِهِ وُدّه
وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُحِبّ لَهُ وَوَادّ لَهُ قَبِلَ نَصِيحَته وَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ قَوْله فِي عَيْب إِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ نَفْسه ، أَوْ سَقْطَة إِنْ كَانَتْ مِنْهُ ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَم ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَسُوء
ظَنّه فِيهِ فَلَا يَقْبَل مِنْهُ قَوْله ، وَيُحْمَل ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْعَدَاوَة وَالشَّنَآن " اِنْتَهَى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:30
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
السؤال
في معنى الحديث ( من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم ) . أريد التأكد من صحة الحديث ، وراوي الحديث .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث جاء مرويا عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم ، ولكن الطرق إليهم كلها منكرة شديدة الضعف ، وهذا بيان ذلك :
الحديث الأول :
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:
( من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء ، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء ، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم )
روي هذ الحديث من عدة طرق عن حذيفة:
1- عن شقيق بن سلمة عن حذيفة به :
رواه الحاكم في "المستدرك" (4/352) وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/132) من طريق إسحاق بن بشر ، ثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن شقيق به .
وهذا إسناد شديد الضعف منكر :
بسبب إسحاق بن بشر ، جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (1/184) :
" قال ابن حبان: لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب . وقال الدارقطني : كذاب متروك . يروي العظائم عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري "
انتهى. ولذلك قال الذهبي في "التلخيص" :
" أحسب الخبر موضوعا "
انتهى. وقال ابن الجوزي : " هذا حديث لا يصح ، والمتهم به إسحاق "
انتهى. وضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (2/180)
2- عن أبي العالية عن حذيفة :
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/270) "والصغير" (2/131)
وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/252) :
من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية به . وقال الطبراني : لايروى هذا الحديث عن حذيفة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به عبد الله بن أبي جعفر الرازي .
وهذا سند ضعيف منكر :
فرواية عبد الله عن أبي جعفر محل طعن ومظنة نكارة ، لذلك قال ابن حبان : يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه . فمثله لا يحتمل تفرده بحديث لم يشاركه فيه سوى المتهمين والمجهولين
.
انظر ترجمة عبد الله بن أبي جعفر في "تهذيب التهذيب" (12/57) وفي (5/177)
وله طريق ثالث ذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي (2/266) ، وضعف الشيخ الألباني سنده جدا ، بسبب من فيها من المتهمين ، وبعض المجاهيل .
الحديث الثاني :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من أصبح وهمه غير الله عز وجل فليس من الله في شيء ، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم )
رواه الحاكم في "المستدرك" (4/356) وأبو عبد الله الدقاق في "مجلس إملاء في رؤية الله" (رقم/396) وابن بشران في "الأمالي" (رقم/395) :
من طريق : إسحاق بن بشر ، حدثنا مقاتل بن سليمان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود مرفوعا به .
وهذا إسناد منكر أيضا .
فقد سبق نقل طعن أهل العلم في إسحاق بن بشر ، ولذلك قال الذهبي في " تلخيص المستدرك " : إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادقين .
الحديث الثالث :
عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من أصبح وهمه الدنيا فليس من الله في شيء ، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، ومن أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا )
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/29) من طريق طريق يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي ذر به . وقال : تفرد به يزيد بن ربيعة.
وهذا إسناد منكر أيضا .
فيه يزيد بن ربيعة الرحبي : قال فيه البخاري : أحاديثه مناكير
. وقال النسائي : متروك .
انظر "ميزان الاعتدال" (4/422)
وبه ضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/433)
وضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (2/180).
الحديث الرابع :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من أصبح وهمه غير الله فليس من الله ، ومن أصبح لا يهتم للمسلمين فليس منهم )
رواه ابن عدي في "الكامل" (7/67) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/361) من طريق وهب بن راشد ، ثنا فرقد السبخي ، عن أنس به .
وهذا إسناد منكر .
فيه وهب بن راشد : قال فيه الدارقطني : متروك ، وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به بحال . "ميزان الاعتدال" (4/352) وقال البيهقي : إسناده ضعيف . وفيه أيضا فرقد السبخي ضعيف الحديث ، كثير الخطأ .
والحاصل أن طرق الحديث جميعها ضعيفة شديدة الضعف ، لا تتقوى بتعددها ، فلا يجوز نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وقد ضعف الحديث من جميع طرقه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/309-312)
ولكن يغني عنه جميع الشواهد من الكتاب والسنة التي تدعو المؤمنين إلى التحابب والتراحم ، ومراعاة الأخوة الإيمانية فيما بينهم
ومنها قوله سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/10
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه البخاري (6011) ومسلم (2586)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:39
الأحاديث الواردة في زواج النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة من مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وكلثوم أخت موسى عليه السلام
السؤال
نسمع في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سيتزوج في الحياة الآخرة السيدة مريم أم عيسى عليه السلام ، وآسية زوجة فرعون
وكلثوم أخت النبي موسى عليه السلام . ما هو الثابت من هذا في الأحاديث ، وما هو غير الثابت ؟
الجواب
الحمد لله
جاء في بعض الأحاديث المروية ما يدل على أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم سيتزوج في الجنة كلا من السيدة مريم البتول أم عيسى عليه السلام ، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون ، وكلثوم أخت موسى عليه السلام .
ونحن نورد هنا ما ورد من ذلك ، مع مناقشتها من حيث القبول أو الرد :
الدليل الأول :
ما جاء في تفسير قوله تعالى : ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) التحريم/5
فقد روي عن بريدة رضي الله عنه في تفسير هذه الآية قوله :
( وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه ، فالثيب : آسية امرأة فرعون ، وبالأبكار : مريم بنت عمران )
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"
– نقلا عن تفسير ابن كثير (8/166) وإلا فلم أقف عليه في المطبوع بين أيدينا من المعجم الكبير -
قال : حدثنا أبو بكر بن صدقة ، حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق ، حدثنا عبد الله بن أمية ، حدثنا عبد القدوس ، عن صالح بن حَيَّان ، عن ابن بُرَيدة ، عن أبيه به .
وهذا إسناد ضعيف .
صالح بن حيان :
جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/386
) قول ابن معين فيه : ليس بذاك ، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ، شيخ ، وقال النسائي : ليس بثقة . وقال ابن حبان : يروى عن الثقات أشياء لا تشبه حديث الأثبات ، لا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد .
كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :
( دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بمارية القبطية سريته ببيت حفصة بنت عمر ، فوجدتها معه...- فذكر حديثا طويلا ، جاء في آخره - :
فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم امرأة فرعون وأخت نوح ، ومن الأبكار مريم بنت عمران ، وأخت موسى عليهم السلام )
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/13) قال :
حدثنا إبراهيم ، قال حدثنا هشام بن إبراهيم أبو الوليد المخزومي إمام مسجد صنعاء
قال أخبرنا موسى بن جعفر بن أبي كثير مولى الأنصار ، عن عمه ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة به .
ثم قال : " لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به هشام بن إبراهيم " انتهى .
وهذا إسناد منكر .
موسى بن جعفر جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (6/113) قول الذهبي : " لا يعرف وخبره ساقط " انتهى. ثم قال الحافظ ابن حجر : " ولفظ العقيلي لما ذكره : مجهول بالنقل ، لا يتابع على حديثه ، ولا يصح.
وأظن أن الذهبي حكم عليه بالبطلان لِما في آخره من الخطأ ، وأما قصة مارية فلها طرق كثيرة تشعر بأن لها أصلا "
انتهى. وضعفه السيوطي في "الدر المنثور" (8/216)
الدليل الثاني :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
( جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت خديجة
فقال : إن الله يقرئها السلام ، ويبشرها ببيت في الجنة من قَصَب ، بعيد من اللهب ، لا نَصَب فيه ولا صَخَب ، من لؤلؤة جوفاء ، بين بيت مريم بنت عمران ، وبيت آسية بنت مزاحم )
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/117) قال : أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا أنا محمد بن عبد الرحمن ، أنا أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس التميمي
أنا أبو الوليد محمد بن إدريس الشامي السرخسي ، نا سويد بن سعيد ، نا محمد بن صالح بن عمر ، عن الضحاك ومجاهد، عن ابن عمر به .
وهذا إسناد منكر أيضا ، فيه عدة علل :
1- محمد بن صالح بن عمر، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/581): مجهول.
2- سويد بن سعيد الحدثاني: ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/275) وفيها تضعيف كثير من أهل العلم له، وأنه كان يقبل التلقين.
3- أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس (378هـ) : ترجم له الذهبي في "تاريخ الإسلام" (26/633) وقال: شيخ صالح مسند.
الدليل الثالث :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال :
( يا خديجة ! إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام . فقالت : يا رسول الله ، وهل تزوجت قبلي ؟ قال : لا ، ولكن الله زوجني مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وكلثم أخت موسى )
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118) قال
: أخبرنا أبو غالب محمد بن عمرو بن محمد الشيرازي بأصبهان ، أنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب المقرئ ، نا القاضي أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد البردي إملاء
أنا أبو بكر هلال بن محمد بن محمد بالبصرة ، نا محمد ابن زكريا الغلابي ، نا العباس بن بكار ، نا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس به .
وهذا إسناد منكر أيضا .
أبو بكر الهذلي : ترجمته في "تهذيب التهذيب" (12/46) وفيها اتفاق المحدثين على تضعيفه جدا ، وأنه أخباري متروك الحديث .
وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (8/166) : ضعيف أيضا .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:40
الدليل الرابع :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أُعْلِمتُ أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون . فقلت : هنيئًا لك يا رسول الله )
رواه أبو يعلى – ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118) -
والطبراني في "المعجم الكبير" (8/258) ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/459) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/113) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (رقم/1460)
وابن عدي في "الكامل" (7/180) جميعهم من طريق :
عبد النور بن عبد الله ، حدثنا يونس بن شعيب ، عن أبي أمامة به .
وهذا إسناد موضوع .
عبد النور كذاب ، قال العقيلي : " كان غالياً في الرفض ، ويضع الحديث خبيثاً " وقال الذهبي : " كذاب " انتهى.
ويونس بن شعيب : قال فيه البخاري : "منكر الحديث"
وقال العقيلي : "حديثه غير محفوظ"
وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/139) : "لست أعرف له من أبي أمامة
سماعا ، على مناكير ما يرويه في قلتها ، كأنه كان المتعمد لذلك ، لا يجوز الاحتجاج به بحال"
. وانظر "لسان الميزان" (6/332)
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053) : " وهذا إسناد موضوع " انتهى.
الدليل الخامس :
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( دخل علي رسول الله مسرورا ، فقال : يا عائشة ! إن الله عز وجل زوجني مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم في الجنة .
قالت : قلت : بالرفاء والبنين يا رسول الله )
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (2/683-684/604-عجالة الراغب المتمني) والديلمي في "مسند الفردوس" (8620) ، قال ابن السني :
أخبرنا أحمد بن إبراهيم المديني بعمان ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها به. قال أبو بكر بن السني : كذا كتبته من كتابه .
وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه تدليس أبي إسحاق السبيعي ، وهو من أهل المرتبة الثالثة من المدلسين في تصنيف الحافظ ابن حجر
فلا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث ، كما لم نقف على ترجمة لشيخ ابن السني : أحمد بن إبراهيم المديني .
الدليل السادس :
عن سعد بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن الله عز وجل قد زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وامرأة فرعون ، وأخت موسى )
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/52) –
ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118) –
قال الطبراني : حدثنا عبدالله بن ناجية ، ثنا محمد بن سعد العوفي ، ثنا أبي ، ثنا عمي ، ثنا يونس بن نفيع ، عن سعد بن جنادة به .
وهذا إسناد ضعيف جدا .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/218) : " رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم " انتهى.
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053)
: " فيه من يعرف بالضعف... محمد بن سعد - هو: ابن محمد بن الحسن بن عطية -: قاضي بغداد ، وفيه لين
وأبوه سعد مثل يونس بن نفيع ؛ لم أجد لهما ترجمة . وعمه هو : الحسين بن الحسن بن عطية ؛ قال الذهبي في " المغني " : " ضعفوه ". انتهى.
الدليل السابع :
عن ابن أبي رواد ، قال :
( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه ، فقال لها : بالكره مني ما أرى منك يا خديجة
وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا ، أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ؟ قالت : وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم . قالت : بالرفاء والبنين )
رواه الطبراني (22/451) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/119)
وأبو نعيم الأصبهاني في "معجم الصحابة" (رقم/6738)
ورواه ابن الجوزي في "المنتظم في التاريخ" (1/267/ ترجمة خديجة) من طريق ثنا الزبير بن بكار ، حدثني محمد بن حسن ، عن يعلى بن المغيرة ، عن بن أبي رواد به .
وهذا سند منقطع معضل .
فإن ابن أبي رواد هو عبد العزيز بن عبد المجيد بن أبي رواد من كبار أتباع التابعين ، توفي سنة (159هـ)
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/218)
: " منقطع الإسناد ، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف " انتهى.
والخلاصة أن الأحاديث الواردة في هذا الباب كلها ضعيفة منكرة ، لا يصح منها شيء ، ولا تجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما لا يجوز الخوض بما جاء فيها ، فذلك من الغيب الذي لم يطلعنا الله عليه ، ويجب أن نكل أمره إلى الله عز وجل .
يقول ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/75) بعد أن ساق مجموعة من أحاديث الباب :
" وكل من هذه الأحاديث في أسانيدها نظر " انتهى.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-12, 17:47
حديث موضوع في الوعيد على من ترك الصلوات الخمس
السؤال
ما صحة نسبة هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم :
( من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور ، ومن ترك صلاة الظهر فليس في رزقه بركة ، ومن ترك صلاة العصر فليس في جسمه قوة ، ومن ترك صلاة المغرب فليس في أولاده ثمرة ، ومن ترك صلاة العشاء فليس في نومه راحة ) ؟
الجواب
الحمد لله
سئلت "اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 3/259)
عن هذا الحديث وأحاديث أخرى ، فأجابت عليها بقولها :
" هذه الأحاديث لم تُعزَ إلى كتاب من كتب السنة ، ولا نعلم لها أصلا بعد البحث عنها ، فالواجب منع توزيعها ونشرها " انتهى.
كما سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
في برنامج نور على الدرب في تاريخ 20/محرم/1427هـ ( الدقيقة 17-19 من الشريط ) عن هذا الحديث فقال :
" هذا لا أصل له فيما أعلم ، وجاء الوعيد فيمن ترك الصلاة من القرآن ومن السنة النبوية الصحيحة
فيُكتَفى بما جاء ، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
: ( بَينَ العَبدِ وَبَينَ الكُفرِ تَركُ الصَّلاةِ ) رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( العَهدُ الذِي بَينَنَا وَبَينَهُمُ الصَّلاةُ ، فَمَن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ ) رواه أهل السنن . والله عز وجل يقول عن المجرمين :
( مَا سَلَكَكُمْ فِيْ سَقَرَ ، قَالُوْا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ ) السبب الأول الذي أوردهم سقر هو أنهم تركوا الصلاة ، فترك الصلاة كفر والعياذ بالله
مخرج من الملة ، سواء تركها جاحدا لوجوبها أو تركها معترفا بوجوبها ، إلا من تركها ناسيا أو نائما..
وأما هذا الذي ذكره السائل فلا أعرف له أصلا ، وكذلك ما يوزع من بعض النشرات ( مَن ترك الصلاة عوقب بخمس عشرة عقوبة ) لا أصل له " انتهى .
فعلى هذا لا يجوز نشر هذا الحديث ، ولا نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل الواجب التحذير منه ، وبيان أنه لا أصل له في كتب أهل السنة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 17:51
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث من لم يعرف إمام زمانه يموت موتة الكافر من كذب الشيعة
السؤال
أريد شرحا لهذا الحديث ؛ لأن الشيعة دائما يستدلون به : ( من لم يعرف إمام زمانه ، يموت موتة الكافر )
الجواب
الحمد لله
الشيعة من أجهل الناس في المنقولات ، وأحمقهم في العقليات ، إذا استدلوا فلا يستدلون بدليل صحيح ، وإذا تكلموا فلا يتكلمون برأي رجيح .
قال الشعبي رحمه الله :
" لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخَما ، ولو كانت من البهائم لكانت حُمُرا "
رواه عبد الله بن أحمد في السنة (2/549) .
وهذا الحديث الذي يستدلون به مثال على ذلك ، فقد امتلأت به كتب الشيعة من المتقدمين والمتأخرين ، فأورده الكليني في "الكافي" ، وابن بابويه القمي
والطوسي ، والبرقي ، والنعماني ، والحر العاملي ، والمجلسي ، والبحراني ، وغيرهم من الذين سطروا مخازي الشيعة في كتبهم .
ومع ذلك فليس لهذا الحديث إسناد يعرف ، ولا طريق يعتمد ، بل هو – باللفظ المذكور – كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – في رده على " الحلي " الرافضي استدلاله بهذا الحديث - :" قوله : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) يقال له :
أولا : من روى هذا الحديث بهذا اللفظ ؟ وأين إسناده ؟ وكيف يجوز أن يحتج بنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير بيان الطريق الذي به يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله
وهذا لو كان مجهول الحال عند أهل العلم بالحديث ، فكيف وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف
إنما الحديث المعروف مثل ما روى مسلم في صحيحه عن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد ابن معاوية
فقال : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ، فقال إني لم آتك لأجلس
أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ، سمعته يقول : ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )
وهذا حدث به عبد الله بن عمر لعبد الله بن مطيع بن الأسود لما خلعوا طاعة أمير وقتهم يزيد
مع أنه كان فيه من الظلم ما كان ، ثم إنه اقتتل هو وهم ، وفعل بأهل الحرة أمورا منكرة
فعلم أن هذا الحديث دل على ما دل عليه سائر الأحاديث الآتية من أنه لا يخرج على ولاة أمور المسلمين بالسيف
وأن من لم يكن مطيعا لولاة الأمور مات ميتة جاهلية، وهذا ضد قول الرافضة ، فإنهم أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور ، وأبعد الناس عن طاعتهم إلا كرها ، ونحن نطالبهم أولا بصحة النقل .
ثم بتقدير أن يكون ناقله واحدا ، فكيف يجوز أن يثبت أصل الإيمان بخبر مثل هذا الذي لا يعرف له ناقل ، وإن عرف له ناقل أمكن خطؤه وكذبه ، وهل يثبت أصل الإيمان إلا بطريق علمي .
"منهاج السنة النبوية" (1/59)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" وهذا الحديث رأيته في بعض كتب الشيعة ، ثم في بعض كتب القاديانية ، يستدلون به على وجوب الإيمان بدجالهم ميرزا غلام أحمد المتنبي
ولو صح هذا الحديث لما كان فيه أدنى إشارة إلى ما زعموا ، و غاية ما فيه وجوب اتخاذ المسلمين إماما يبايعونه ، وهذا حق كما دل عليه حديث مسلم وغيره .
ثم رأيت الحديث في كتاب " الأصول من الكافي " للكليني من علماء الشيعة (1/377)
رواه عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن الفضيل ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله مرفوعا ، وأبو عبد الله هو الحسين بن علي رضي الله عنهما .
لكن الفضيل هذا - وهو الأعور - أورده الطوسي الشيعي في "الفهرست" (ص126)
ثم أبو جعفر السروي في "معالم العلماء" (ص81) ، ولم يذكرا في ترجمته غير أن له كتابا !
وأما محمد بن عبد الجبار فلم يورداه مطلقا ، وكذلك ليس له ذكر في شيء من كتبنا .
فهذا حال هذا الإسناد الوارد في كتابهم " الكافي " الذي هو أحسن كتبهم كما جاء في المقدمة (ص 33 ) .
ومن أكاذيب الشيعة التي لا يمكن حصرها قول الخميني في "كشف الأسرار" (ص197) :
وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة ، منقول عن النبي : ... ثم ذكره دون أن يقرنه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، وهذه عادته في هذا الكتاب !
فقوله : وأهل السنة كذب ظاهر عليهم ؛ لأنه غير معروف لديهم كما تقدم ، بل هو بظاهره باطل إن لم يفسر بحديث مسلم كما هو محقق في " المنهاج " و " مختصره " ، و حينئذ فالحديث حجة عليهم فراجعهما " انتهى.
"السلسلة الضعيفة" (رقم/350)
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال الآتي :
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) أو كما قال .
فما المقصود بالحديث في العصر الراهن ، وكيف نفهمه ونطبقه ؟
فأجابت :
الحديث الأول : لا نعلم صحته بهذا اللفظ .
وأما الحديث الثاني : فأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن نافع رحمه الله قال : لما خلعوا يزيد واجتمعوا على ابن مطيع أتاه ابن عمر رضي الله عنه ، فقال عبد الله بن مطيع :
اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ، فقال له عبد الله بن عمر : إني لم آتك لأجلس
أتيتك لأحدثك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ) .
ومعنى الحديث : أنه لا يجوز الخروج على الحاكم ( ولي الأمر ) إلا أن يرى منه كفرا بواحا ، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح ، كما أنه يجب على الأمة أن يؤمروا عليهم أميرا يرعى مصالحهم ويحفظ حقوقهم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (4/419)
إذا فالفرق بين أهل السنة والشيعة في هذين الحديثين هو أن الحديث الذي اخترعه الرافضة يوجب على المسلمين الإيمان بالإمامة التي هي في مقام النبوة عندهم
حيث يعتقدون العصمة للأئمة ، ويعتقدون ولايتهم عن الله سبحانه وتعالى ، ونحو ذلك من العقائد البدعية المضلة .
أما أهل السنة فيفهمون من الحديث الصحيح الذي يرويه الإمام مسلم ضرورة طاعة ولاة أمور المسلمين –
إذا أقاموا الدين والعدل - ، وهو مضمون حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أيضا ، حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ) رواه البخاري (3606) ومسلم (1847)
فالمقصود لزوم جماعة المسلمين ، وعدم شق عصا الفتنة والفرقة ، والسمع للإمام الذي هو الحاكم في غير معصية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 17:57
هل يكثر الموت في شهر شعبان ؟
السؤال
هل ورد أثر أن شعبان يكثر فيه قبض الأرواح ؟
الجواب
الحمد لله
الذي جاء في بعض الآثار أن أسماء من كُتب عليهم الموت في العام كله توحى إلى ملك الموت في شهر شعبان ، ويخبر بأسمائهم في صحائف من عند الله سبحانه وتعالى
أو أن التقدير السنوي لآجال البشر يكتب في شعبان ، فالموت يقدر في هذا الشهر بحسب ما ورد في هذه الآثار .
لكنها آثار وأحاديث ضعيفة كلها ، فلا ينبغي الاعتماد عليها ، ولا التعويل على ما جاء فيها .
قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله :
"وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّلُ عليه ، لا في فضلها ، ولا في نسخ الآجال فيها ، فلا تلتفتوا إليها" انتهى .
"أحكام القرآن" (4/117) .
وقد سبق بيان ذلك ، ونقل كلام أهل العلم في هذا الشأن في جواب الاسئلة الثلاثة القادمة
وننقل هنا - لمزيد فائدة – بعض ما ذكره السيوطي رحمه الله من الآثار المتعلقة بكتابة الآجال في شعبان ، في كتابه "الدر المنثور" (7/401-402) ، ونعقب كل أثر بتعليق يسير .
قال رحمه الله :
" أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة :
(فيها يفرق كل أمر حكيم) قال : في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة ، وينسخ الأحياء من الأموات ، ويكتب الحاج ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد .
وهذا مخالف للصواب الموافق لتفسير جماهير السلف للآية ، أن المراد بها ليلة القدر
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
ضعفه الشوكاني في "فتح القدير" (4/801)
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة .
وهذا مرسل ضعيف .
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فسألته ؟ قال : (إن الله يكتب فيه كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم) .
رواه أبو يعلى في "المسند" (8/311) وفي سنده سويد بن سعيد الحدثاني ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وطريف ، وكل منهم مضعف في كتب التراجم .
وأخرج الدينوري في " المجالسة " عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة) .
"المجالسة وجواهر العلم" (ص/206) ، وهو مرسل ، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (رقم/4019) .
وأخرج ابن جرير والبيهقي في " شعب الإيمان " عن الزهري
عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ،
فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة . فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى .
وهو مجرد قول لعطاء ، ولم يَذْكر له إسناداً .
وأخرج الخطيب وابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ، ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان
فقلت : يا رسول الله ! إن شعبان لَمِن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟ فقال : " نعم يا عائشة ! إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان ، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح) .
ولفظ ابن النجار : (يا عائشة ! إنه يكتب فيه ملك الموت من يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم) .
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/436) وفي إسناده أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني كما في "ميزان الاعتدال" (4/507) ، وفيه أحمد بن محمد بن حميد المخضوب
أبو جعفر المقرئ ، قال فيه الدارقطني : ليس بالقوي . فالحديث ضعيف جدا .
والحاصل : أنه لم يصح في كثرة الموت في شعبان حديث صحيح .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:00
ليلة النصف من شعبان لا تخصص بالعبادة
السؤال
قرأت في أحد الكتب أن صيام ليلة النصف من شعبان بدعة من البدع ، و قرأت في مصدر آخر أن من الأيام التي يستحب الصيام فيها ليلة النصف من شعبان … ما الحكم القطعي في ذلك ؟ .
الجواب
الحمد لله
لم يثبت في فضل ليلة النصف من شعبان خبر صحيح مرفوع يعمل بمثله حتى في الفضائل بل وردت فيها آثار عن بعض التابعين مقطوعة و أحاديث أصحها موضوع أو ضعيف جداً
و قد اشتهرت تلك الروايات في كثير من البلاد التي يغمرها الجهل من أنها تكتب فيه الآجال و تنسخ الأعمار … إلخ
و على هذا فلا يشرع إحياء تلك الليلة و لا صيام نهارها و لا تخصيصها بعبادة معينة و لا عبرة بكثرة من يفعل ذلك من الجهلة ، و الله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
فإذا أراد أن يقوم فيها كما يقوم في غيرها من ليالي العام - دون زيادة عمل ولا اجتهاد إضافي
ولا تخصيص لها بشيء - فلا بأس بذلك ، وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر
أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم اثنين أو خميس فلا بأس بذلك إذا لم يعتقد مزيد فضل أو أجر آخر لم يثبت . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:04
ما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان
السؤال
ما هي أهمية الخامس عشر (15) من شعبان، هل هي الليلة التي يقرر فيها مصير كل شخص للعام المقبل ؟
وما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان ، هل هي تلك التي في شعبان ، أم أنها ليلة القدر؟.
الجواب
الحمد لله
ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن في تلك الليلة يكون تحديد مصير الأشخاص ، أو أقدارهم .
يراجع سؤال رقم 8907 .
أما الليلة الواردة في قول الله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (3-4) الدخان ، قال ابن جرير الطبري رحمه الله
واختلف أهل التأويل في تلك الليلة ، أي ليلة من ليالي السنة هي . فقال بعضهم هي ليلة القدر ، وعن قتادة أنها ليلة القدر ، وقال آخرون هي ليلة النصف من شعبان
قال : والصواب في ذلك قول من قال : يعني بها ليلة القدر ، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ذلك كذلك لقوله تعالى : ( إنا كنا منذرين ) تفسير الطبري 11/221
وقوله تعالى : ( فيها يُفرق كل أمر حكيم ) : قال ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري
: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَام تِلْكَ السَّنَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَبِهِ صَدَّرَ النَّوَوِيُّ كَلامَهُ فَقَالَ : قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَتْ لَيْلَة الْقَدْر لِمَا تَكْتُبُ فِيهَا الْمَلائِكَةُ مِنْ الأَقْدَارِ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق وَغَيْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَة وَقَتَادَةَ وَغَيْرهمْ , وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : إِنَّمَا جَاءَ ( الْقَدْر ) بِسُكُونِ الدَّال
, وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي الْقَدَرِ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ فَتْحَ الدَّالِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَفْصِيلُ مَا جَرَى بِهِ الْقَضَاء وَإِظْهَارُهُ وَتَحْدِيدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَة لِتَحْصِيلِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ فِيهَا مِقْدَارًا بِمِقْدَار .ِ
وليلة القدر لها فضل عظيم لمن أحسن فيها العمل واجتهد في العبادة .
قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) وقد جاء في فضل هذه الليلة أحاديث كثيرة
فمنها ، ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( الصوم/1768)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:08
هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟
السؤال
هل يجوز بعد العلم بضعف حديث أن نأخذ به ؛ وذلك من باب فضائل الأعمال " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " علماً أن الصوم نفلاً في تعبد لله وكذلك قيام الليل .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع والباطل ، وهذا لا يحل الأخذ به ولا العمل بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .
وقد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم
منهم ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 )
وابن قيم الجوزية في " المنار المنيف " رقم 174 – 177 )
وأبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( 124- 137 )
والعراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582)
وقد نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : في " حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان "
إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .
وقال – رحمه الله - :
ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها
وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .
انظر السؤال رقم ( 8907 )
ثانياً :
وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم الأخذ بالحديث الضعيف
مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .
وقال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .
" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) .
وانظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:14
حديث لا أصل له يُروَى في فضائل بعض سور القرآن
السؤال
ما مدى صحة هذا الحديث ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( عشرة تمنع عشرة ) : سورة الفاتحة تمنع غضب الله . سورة يس تمنع عطش يوم القيامة . سورة الواقعة تمنع الفقر . سورة الدخان تمنع أهوال يوم القيامة
. سورة الملك تمنع عذاب القبر . سورة الكوثر تمنع الخصومة . سورة الكافرون تمنع الكفر عند الموت . سورة الإخلاص تمنع النفاق . سورة الفلق تمنع الحسد . سورة الناس تمنع الوسواس ) .
الجواب
الحمد لله
أولا :
باب فضائل القرآن الكريم من أكثر الأبواب التي وضع فيها الوضاعون أحاديثهم
ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان كثير منهم يحتسب ذلك عند الله
ويظن – لفرط جهله – أنه إنما يرغب الناس بكتاب الله تعالى ، وهو في الحقيقة يرتكس في وعيد النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري (1291) ومسلم (933) .
ومن أمثلة ذلك : ما رواه الحاكم في "المدخل" (54) بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة
وليس عند أصحاب عكرمة هذا ؟ فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ، ومغازي ابن إسحاق ، فوضعت هذا الحديث حِسبة .
( يعني أنه يبتغي بها الثواب عند الله ) .
وقد اتفق العلماء على حرمة رواية الحديث الموضوع ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ ، فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَِيْن ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
قال النووي رحمه الله "شرح مسلم" (1/71) :
" يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعا ، أو غلب على ظنه وضعه
فمن روى حديثا علم أو ظن وضعه ، ولم يبين حال روايته وضعه ، فهو داخل في هذا الوعيد ، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
ثانياً :
أما الحديث المذكور في السؤال ، فلم نجده في شيء من الكتب ، لا الصحيحة ولا الموضوعة ، بعد البحث الشديد عنه ، فيبدو أنه لا أصل له البتة
وذلك مما يعجب له المسلم ، أن وضع الحديث لا زال مستمرا إلى أيامنا هذه ، وأن الأحاديث الموضوعة في تكاثر مستمر ، والله المستعان .
وبعض السور المذكورة في هذا الحديث لم يصح شيء من فضائلها ، وهي :
سورة يس والدخان والواقعة والكوثر .
انظر : "تدريب الراوي" (2/372) ، وكتاب "الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم"
أما الفاتحة : فقد جاء في فضائلها أحاديث كثيرة ، ليس في شيء منها أنها تمنع غضب الله .
وأما سورة الملك : فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : (إِنَّ سُورَةً مِنَ القُرآنِ ، ثَلَاثُونَ آيَةً ، شَفَعَت لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ) رواه الترمذي (2891)
وقال : حديث حسن
وصححه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/277)
وابن الملقن في "البدر المنير" (3/561)
وقال ابن حجر "التلخيص الحبير" (1/382) : أعله البخاري وله شاهد بإسناد صحيح ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وأما سورة الكافرون : فالذي صح في فضلها ، ما جاء عن نوفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها : ( إِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّركِ ) رواه أبو داود (5055)
وصححه ابن حجر في "تغليق التعليق" (4/408) والألباني في صحيح أبي داود .
وسورة الإخلاص أيضا لم يأت في فضلها أنها تمنع النفاق .
والمعوذتان تمنعان من الشيطان والعين والحسد وسائر الشرور ، فقد جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تَعَوَّذ بِهِمَا
فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثلِهِمَا) رواه أبو داود (1463) وصححه الألباني في صحيح أبي دواد .
الخلاصة : أن هذا الحديث مكذوب لا أصل له .
وقد حكم عليه الشيخ ابن عثيمين بالكذب في المجموعة الرابعة من خطب الجمعة
في خطبة مسجلة بعنوان ( مسؤوليات الإمام والمأموم في الصلاة ، بعض المكذوبات عن الله تعالى ورسوله ) ، وهي مطبوعة في موقعه رحمه الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:17
حديث جابر في العبد الذي يدعو الله وهو عليه غضبان ثم يستجيب له
السؤال
أرغب في معرفة صحة الحديث التالي : ورد في " الحلية " عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (والذي نفسي بيده ، إن العبد ليدعو الله وهو عليه غضبان ، فيعرض عنه
ثم يدعوه فيعرض عنه ، فيقول سبحانه لملائكته : أبى عبدي أن يدعو غيري ، فقد استحييت منه ، يدعوني وأعرض عنه ، أشهدكم أني قد استجبت له) .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث رواه الطبراني في "الدعاء" (1/28)
وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/208)
والديلمي في "مسند الفردوس" (رقم/7088)
جميعهم من طريق : عبد الأعلى بن حماد النرسي ، ثنا أبو عاصم العباداني ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي
عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه...فذكره .
وهذا إسناد ضعيف جدا .
فيه الفضل بن عيسى الرقاشي : قال فيه أبو زرعة وأبو حاتم : منكر الحديث . وقال أحمد : ضعيف . وسئل أبو داود عن التحديث عنه فقال : لا ، ولا كرامة .
انظر: "تهذيب التهذيب" (8/284) .
وأبو عاصم العباداني : لين الحديث .
ومع ذلك ، فالإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:23
هل ذكرت أم المؤمنين صفية بنت حيي في قصة الشاة المسمومة التي أهديت إلى النبي صلى لله عليه وسلم في خيبر ؟
السؤال
هل للسيدة صفية أم المؤمنين دخل من قريب أو بعيد فى سم الشاة التي قدمت إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب
الحمد لله
قصة الشاة المسمومة التي أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم في خيبر ثابتة في السيرة الصحيحة ، وقد جاءت في سياقات متعددة ، أشهرها سياقان اثنان :
الأول : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، فَجِىءَ بِهَا ، فَقِيلَ : أَلاَ نَقْتُلُهَا ؟ قَالَ : لاَ . فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِى لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري (2617) ومسلم (2190) كلاهما من طريق خالد بن الحارث ، حدثنا شعبة
عن هشام بن زيد ، عن أنس به . يقول النووي: ( لهوات ) : جمع لهاة ، هي اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك ، كأنه بقي للسم علامة وأثر من سواد أو غيره .
والثاني : رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (رقم/3169) :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ :
( لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : اجْمَعُوا إِلَىَّ مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ يَهُودَ . فَجُمِعُوا لَهُ : فَقَالَ : إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ .
فَقَالُوا : نَعَمْ . قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَبُوكُمْ ؟ قَالُوا : فُلاَنٌ
. فَقَالَ : كَذَبْتُمْ ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ . قَالُوا : صَدَقْتَ . قَالَ : فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ . فَقَالُوا : نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِى أَبِينَا .
فَقَالَ لَهُمْ : مَنْ أَهْلُ النَّارِ . قَالُوا : نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا .
فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : اخْسَئُوا فِيهَا ، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا . ثُمَّ قَالَ : هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ . قَالَ : هَلْ جَعَلْتُمْ فِى هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا
. قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالُوا : أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ )
وليس في هاتين الروايتين – كما ترى – أي ذكر لأم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها.
وإنما ورد ذكرها في سياق آخر يرويه ابن شهاب الزهري فيقول :
( لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر
وقتل من قتل منهم ، أهدت زينب بنت الحارث اليهودية - وهي ابنة أخي مرحب - لصفية شاة مصليَّةً وسمَّتها وأكثرت في الكتف والذراع
لأنه بلغها أنه أحب أعضاء الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية ومعه بشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة ، فقدمت إليهم الشاة المصلية
فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتف وانتهش منها ، وتناول بشر بن البراء عظما فانتهش منه ، فلما استرط رسول الله صلى الله عليه وسلم لقمته استرط بشر بن البراء ما في فيه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفعوا أيديكم ، فإن كتف هذه الشاة يخبرني أن قد بُغِيتُ فيها . فقال بشر بن البراء : والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت
فما منعني أن ألفظها إلا أني أعظمت أن أنغصك طعامك ، فلما أسغت ما في فيك ، لم أكن أرغب بنفسي
عن نفسك ، ورجوت أن لا تكون استرطتها وفيها بغي . فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه مثل الطيلسان ، وماطله وجعه حتى كان لا يتحول إلى ما حول )
أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/360) قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو جعفر البغدادي ، قال : حدثنا أبو علاثة ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا ابن لهيعة ، قال : حدثنا أبو الأسود ، عن عروة بن الزبير .
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، قال : أخبرنا أبو بكر بن عتاب ، قال : حدثنا القاسم الجوهري ، قال : حدثنا ابن أبي أويس ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عمه موسى بن عقبة .
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، قال : حدثنا محمد بن فليح ، قال : حدثنا موسى بن عقبة
- وهذا الإسناد مرسل ، فالزهري من أئمة التابعين ، توفي سنة (125هـ) ، ولا يُدرى عمن يروي القصة بهذا السياق ، وهو كثير الإرسال ، وقد استضعف العلماء مراسيله حتى كان يحيى بن سعيد القطان لا يعدها شيئا .
- ثم إن في الطريق إلى الزهري بعض الضعفاء كابن لهيعة ، ومحمد بن فليح ، واسماعيل بن أبي أويس ، وكلهم في تراجمهم من الطعن والتضعيف ما يوجب الشك والتردد .
- ومما يدل على عدم الوثوق بالتفاصيل المذكورة هنا أيضا الاختلاف الواقع في مرويات الزهري لهذه القصة ، مما يغلب على الظن أن الوهم فيها من شيوخ الزهري الذين أخذها عنهم وطوى ذكرهم
ويمكن مراجعة جميع روايات الزهري في هذا الأمر في كتاب "مرويات الإمام الزهري في المغازي" للدكتور محمد العواجي (2/636-646)
وعلى كل حال ، فلو ثبت هذا السياق فمعناه أن المرأة اليهودية أهدت الشاة المسمومة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأكل منها في بيت أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها
ولو كان لها رضي الله عنها علم بما فعلته تلك المرأة لجاء الوحي بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما جاءه بخبر السم الموجود في كتف الشاة ، ولكنها رضي الله عنها كانت راغبة في الإسلام
مقبلة على الدين الجديد ، مستبشرة بزواج النبي صلى الله عليه وسلم منها
وفي سيرتها من كتب التراجم ما يدل على عظيم غبطتها بزواج النبي صلى الله عليه وسلم منها بعد إسلامها مباشرة
يمكن مراجعتها في "الإصابة" لابن حجر (7/739)
وتأمل معي ، أخي السائل ، ذلك المقام العالي ، الذي أنزلها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعلم منه أدب الذبّ عن أهل بيت رسول الله وحريمه ، ومن تكون صفيّة الحسيبة النسيبة :
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ : إِنِّي ابْنَةُ يَهُودِيٍّ ، فَبَكَتْ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ : مَا شَأْنُكِ ؟ فَقَالَتْ : قَالَتْ لِي حَفْصَةُ إِنِّي ابْنَةُ يَهُودِيٍّ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكِ ابْنَةُ نَبِيٍّ وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا حَفْصَةُ ) رواه أحمد (11984) والترمذي (3894) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-14, 18:31
أحاديث في اقتران الإجابة بالدعاء
السؤال
أرغب في معرفة صحة هذه الأحاديث :
1- روى الطبراني عن عبدالله بن مسعود مرفوعا
:
( من أعطي الدعاء أعطي الإجابة ، لأن الله تعالى يقول ادعوني استجب لكم ).
2- عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ماكان الله ليفتح لعبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة ، الله أكبر من ذلك ) . انظر : جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب معزوا للطبراني
وعزاه الهيثمي في شرح الأربعين للطبراني ، وعزاه في كنز العمال للديلمي . وفي الحلية لأبي نعيم عن أنس رضي الله عنه مرفوعا : ( ما أذن الله لعبد في الدعاء حتى أذن له بالإجابة ) انظر الفتح الكبير .
3- روى الترمذي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا فتح على العبد الدعاء فليدع ربه فإن الله يستجيب له ) .
4- روى أبو يعلى بإسناده عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : ( أربع خصال واحدة منهن لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي
فأما التي لي لا تشرك بي شيئا وأما التي لك علي فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي فارض لهم ماترض لنفسك ) .
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذه الأحاديث تتعلق بموضوع واحد
وهو باب اقتران الإجابة بالدعاء ،
وهي – وإن كانت ضعيفة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم – إلا أن القرآن الكريم جاء بمقتضى ما فيها
ويشهد لمعانيها ، حيث يقول الله عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186 .
غير أن الإجابة التي وعد الله بها يجب أن تسبقها بعض الشروط التي تحقق القبول عند الله عز وجل .
قال الطبراني في "المعجم الصغير" (2/198) :
" وقد افتتن جماعة ممن لا علم لهم ، بأن يقولوا ندعوا ولا يستجاب لنا ، وهذا رد على الله عز وجل ؛ لأن الله يقول وقوله الحق : ( ادعوني استجب لكم )
وقال : ( إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )
ولهذا معنى لا يعرفه إلا أهل العلم والمعرفة ، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم : روى أبو سعيد الخدري وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
( ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا استجاب له ، فهو من دعوته على إحدى ثلاث : أما أن يعجل له في الدنيا ، وإما أن تدخر في الآخرة ، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها )" انتهى .
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (1/392) :
" لكن الدعاء سبب مقتض للإجابة ، مع استكمال شرائطه ، وانتفاء موانعه ، وقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض شروطه ، أو وجود بعض موانعه " انتهى .
ثانيا :
أما أحكام الأحاديث الواردة في هذا السؤال ، فهي على الوجه الآتي :
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أَعطَى أربعًا أُعطِيَ أربعًا ، وتفسير ذلك في كتاب الله :
من أعطى الذكر ذكره الله ؛ لأن الله يقول : ( اذكروني أذكركم ) .
ومن أعطى الدعاء أعطي الإجابة ؛ لأن الله يقول : ( ادعوني استجب لكم ) .
ومن أعطى الشكر أعطي الزيادة ؛ لأن الله يقول : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) .
ومن أعطى الاستغفار أعطي المغفرة ؛ لأن الله يقول : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا ) .
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/117-118) وفي "المعجم الصغير" (2/198)
ومن طريقه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1/247) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/839)
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/126)
وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك" (رقم/532) ، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1/360) لابن مردويه . وذكره الواقدي في "فتوح الشام" (266) .
كلهم مِن طريق :
محمد بن إسحاق بن موسى المروزي قال حدثنا محمود بن العباس صاحب بن المبارك قال حدثنا هشيم ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود رضي الله عنه به .
قال الطبراني :
لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا هشيم تفرد به محمود بن العباس .
ومحمود بن العباس هذا قد اتهمه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/77) بوضع الحديث ، وقال : "له خبر منكر . ثم ذكر هذا الحديث " انتهى.
وقال في "تلخيص العلل المتناهية" (ص/307) : باطل .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/152) : " فيه محمود بن العباس وهو ضعيف "انتهى.
وقال ابن الجوزي : " هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تفرد به محمود بن العباس وهو مجهول " انتهى .
فهذا حديث ضعيف جدا ، لا يصح بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- وأما حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ما كان الله ليفتح لعبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة ، الله أكرم من ذلك )
فقد جاء من طريقين عن أنس رضي الله عنه :
الأولى : عن جعفر بن محمد بن بريق قال حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي قال حدثنا الحسن بن محمد البلخي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه به .
رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/242)
وقال : لا أصل له . وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/171)
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب الحسن بن محمد البلخي
قال فيه العقيلي : منكر الحديث ولا يتابع عليه وليس له أصل .
الثانية : عن عبد الرحمن بن خالد بن نجيح قال : حدثنا حبيب قال : حدثنا محمد بن عمران ، عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن ، عن أنس مرفوعاً لكن بلفظ : ( ما أذن الله لعبد في الدعاء حتى أذن له بالإجابة ) .
رواه أبو نعيم في "الحلية" (3/263) وقال : "حديث غريب من حديث ربيعة ، تفرد به حبيب كاتب مالك عن محمد عنه" انتهى.
وهذا إسناد ضعيف جدا أيضا ، بسبب حبيب بن أبي حبيب ، فهو متروك ، وكذبه بعض أهل العلم
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (2/182)
وعبد الرحمن بن خالد بن نجيح قال فيه الدارقطني : متروك الحديث
. انظر "لسان الميزان" (3/413).
ولذلك حكم الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/4416) على هذا الحديث بقوله : موضوع .
3. وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا فتح على العبد الدعاء فليدع ربه فإن الله يستجيب له ) .
فلم نجده بهذا اللفظ عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وقد عزاه السيوطي في الجامع الكبير إلى الترمذي
والظاهر أنه يقصد الحكيم الترمذي صاحب "نوادر الأصول" ، وليس الإمام أبا عيسى صاحب السنن ، وكتب الحكيم الترمذي تتفرد بالموضوعات والمناكير كثيرا ، فلا يعول عليها إن لم تذكر فيها الأسانيد الصحيحة .
أما صاحب السنن أبو عيسى الترمذي ، فقد روى نحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما (3548) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ) .
وهذا أيضا حديث ضعيف ، قال فيه الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ القُرَشِيِّ ، وَهُوَ الْمَكِّيُّ الْمُلَيْكِيُّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/145) : إسناده لين .
وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي".
4. وأما حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : ( أَرْبَعُ خِصَالٍ : وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِي ، وَوَاحِدَةٌ لَكَ ، وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي :
فَأَمَّا الَّتِي لِي : فَتَعْبُدُنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا .
وَأَمَّا الَّتِي لَكَ عَلَيَّ : فَمَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ جَزَيْتُكَ بِهِ .
وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ : فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الإِجَابَةُ .
وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي : فَارْضَ لَهُمْ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ )
رواه أبو يعلى في "المسند" (5/143) ، والبزار في مسنده برقم (19) "كشف الأستار" ، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (رقم/151، 533) :
كلهم من طريق صالح المري قال : سمعت الحسن ، يحدث عن أنس بن مالك به .
وصالح المري وهو ابن بشير بن وداع
جاء في "تهذيب التهذيب" (4/383) تضعيف عامة المحدثين له
قال فيه ابن معين : ليس بشيء . وقال ابن المديني : ضعيف ضعيف . وقال البخاري : منكر الحديث .
وقال النسائي : متروك الحديث .
قال الهيثمي في "المجمع" (1/51) :
" في إسناده صالح المري وهو ضعيف ، وتدليس الحسن أيضا ، والمحمل هنا على صالح بن بشير المري ، فهو ضعيف جدا ، وقد تفرد به " انتهى.
وقال ابن عدي في "الكامل" (5/96) : منكر .
فالحاصل أن هذه الأحاديث المسؤول عنها كله ضعيفة لا تصح ، ويغني عن هذه الأحاديث الآيات التي ذكرناها ، والتي فيها وعد الله تعالى من دعاه بالإجابة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 15:36
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حديث من رضي من الله بالقليل من الرزق ..
السؤال
ما هي درجة حديث " مَن رضي من الله بالقليل من الرزق : رضي الله منه بالقليل من العمل " ؟.
الجواب
الحمد لله
الحديث : رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 7 / 204 ) .
وفيه : إسحاق بن محمد الفروي ، وقد ضعفه النسائي وأبو داود والدارقطني .
انظر : " ميزان الاعتدال " ( 1 / 351 )
و " تهذيب التهذيب " ( 1 / 217 ) .
وقد ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 334 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 15:43
حديث مكذوب في فضل سبحان الله والحمد لله
السؤال
أريد أن أعرف مدى صحة الحديث القائل بأنه : إن قال قائل سبحان الله تزرع له نخلة في الجنة ، فإن قال الحمد لله تكون أوراقها ملائكة يسألون الله لك المغفرة حتى يوم القيامة .
الجواب
الحمد لله
أولا :
جاء في الحديث الصحيح في فضل التسبيح أنها كلمةٌ تُغرس بها نخلة في الجنة .
فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قَالَ : سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ )
رواه الترمذي (3464) وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير عن جابر
. وقال المنذري (2/347) : إسناده جيد . وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/104) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (حديث رقم/64)
ثانيا :
أما الأحاديث الواردة في بيان صورة النخلة التي تغرسها كلمة " سبحان الله " ، وتفصيل أوراقها وأغصانها
فلم يصح منها شيء ، وقد ورد فيها ثلاثة أحاديث مرفوعة – بحسب ما وقفنا عليه – كلها شديدة الضعف أو مكذوبة ، وهذا بيان ذلك :
الحديث الأول :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه فقرا أو دينا في حاجة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( فأين أنت من صلاة الملائكة وتسبيح الخلائق وبها ينزل الله الرزق من السماء ؟
قال ابن عمر : فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟
قال فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا ، وكان متكئا ، فقال :
يا ابن عمر ! تقول من طلوع الفجر إلى صلاة الصبح : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، وأستغفر الله ، مائة مرة ، تأتيك الدنيا راغمة ذاخرة ، ويخلق الله عز وجل من كل كلمة تقولها ملكا يسبح له ، لك ثوابه إلى يوم القيامة )
جاء هذا الحديث من طرق ثلاثة ، كلها كذب موضوعة :
1- من طريق إسحاق بن إبراهيم الطبري ، عن عبد الله بن الوليد العدني ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر به .
رواه ابن حبان في "المجروحين" (1/138) بسنده ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/164) ، ورواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (1/343)
والديلمي في "مسند الفردوس" (3731) ، ونقله الحافظ في "لسان الميزان" من إخراج الدارقطني له في "الرواة عن مالك" ، ولعل الدارقطني يرويه هنا عن ابن حبان
فإنه كذلك في سند ابن الجوزي ، وعزاه السيوطي في "الخصائص الكبرى" (2/262) للخطيب البغدادي في "
رواة مالك" ، وعزاه العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين" (1/299) إلى المستغفري في " الدعوات " .
قلت : وهذا سند منكر جدا ، بسبب إسحاق بن إبراهيم الطبري : قال فيه ابن حبان : " منكر الحديث جدا ، يأتي عن الثقات الأشياء الموضوعات ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب " انتهى.
2- من رواية ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/164) عن بعض المجهولين ، حيث قال: وقد روي من طريق آخر الله أعلم بها : أنبأنا إسماعيل بن أبي صالح المؤذن ، أنبأنا عبد الله بن علي بن إسحاق الفقيه
أنبأنا أبو حسان محمد بن أحمد المزكي ، حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جابر العطار
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم الهروي ، حدثنا أبو رجاء محمد بن أحمد بن حمدويه ، حدثنا علي بن الجهم ، حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن مالك بن أنس ، عن نافع
عن ابن عمر : " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إنى أكد في العمل ولا يأتيني إلا الجهد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فأين أنت عن تسبيح الملائكة ؟
قالوا : وما هو ؟ قال : أن تسبح قبل أن تصلي الفجر مائة مرة : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، أتاك الله برزقك وإن كرهت " انتهى.
3- قال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (1/462):
" وله طريق آخر : قال الحاكم في " تاريخه " : حدثنا محمد بن أحمد النصرأباذي ، حدثنا العباس بن حمزة ، حدثنا أحمد بن خالد الشيباني
حدثنا عبد الله بن نافع المدني ، عن مالك به . فذكره بلفظ الطريق الأول سواء . وأحمد بن خالد : الظاهر أنه الجويباري : أحد الدجالين الكبار . والله أعلم " انتهى.
ولذلك اتفق المحدثون على ضعف هذا الحديث .
فقال عنه ابن حبان في "المجروحين" (1/138) : لا أصل له بجمله ، ولا أشك أنه موضوع على مالك " انتهى .
وقال ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (1/343) :
" باطل عن مالك " انتهى .
وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/164) :
" هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
وقال العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين للغزالي" (1/299) :
" أخرجه المستغفري في " الدعوات " من حديث ابن عمر ، وقال : غريب من حديث مالك ، ولا أعرف له أصلا في حديث مالك " انتهى.
ويقول الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3/434) ، في ترجمة عبد الرحمن بن محمد اليحمدي
ويقال التميمي :
" شيخ مجهول ، روى عنه أحمد بن محمد بن غالب المعروف بغلام خليل وهو تالف ، وأخرج الدارقطني في " الرواة عن مالك " عن داود بن حبيب ، عن أحمد بن محمد بن غالب ، عنه ، عن مالك
عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رجل : يا رسول الله ! وذكر الحديث .
قال الحافظ ابن حجر : وأخرجه الخطيب من طريق أبي الفتح الأزدي ، عن عبد الله بن غالب ، عن غلام خليل ، عن عبد الرحمن بن محمد التميمي به .
وأخرج من طريق أبي حمة محمد بن يوسف ، عن يزيد بن أبي حكيم ، عن إسحاق بن إبراهيم الطبري ، عن مالك نحوه ، وقال : لا يصح عن مالك ، ولا أظن إسحاق لقي مالكا .
وقد رواه جماعة بأسانيد كلها ضعاف " انتهى باختصار.
وقد سبق الحكم عليه في جواب السؤال القادم
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 15:44
الحديث الثاني :
أورد السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (2/40) حديثا بهذا المعنى أيضا :
( من قال سبحان الله وبحمده ، خلق الله ملكا ، له عينان ، وجناحان ، وشفتان ، ولسان ، يطير مع الملائكة ، ويستغفر لقائلها إلى يوم القيامة )
وأروده صاحب السيرة الحلبية (1/246) ، وأيضا في "نزهة الجالس" (ص/287)
ولم نقف على إسناد لهذا الحديث .
الحديث الثالث :
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قال : سبحان الله وبحمده : غرس الله له ألف ألف نخلة في الجنة ، أصلها ذهب ، وفروعها در ، وطلعها كثدي الأبكار ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، كلما أخذ منها شيء عاد كما كان )
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (2/150) قال : ثنا حذيفة ، ثنا أبو أمية ، ثنا جعفر بن جسر بن فرقد القصاب ، عن أبيه ، عن ثابت ، عن أنس به .
قلت : وجعفر بن جسر هذا ، قال فيه ابن عدي في "الكامل" (2/150) بعد أن ذكر حديثه هذا في مناكيره :
" لجعفر بن جسر أحاديث مناكير غير ما ذكرت ، ولم أر للمتكلمين في الرجال فيه قولا ، ولا أدري كيف غفلوا عنه ؛ لأن عامة ما يرويه منكر
وقد ذكرته لما أنكرت من الأسانيد والمتون التي يرويها ، ولعل ذاك إنما هو من قبل أبيه ، فإن أباه قد تكلم فيه من تقدم ممن يتكلمون في الضعفاء ؛ لأني لم أر يروي جعفر عن غير أبيه " انتهى .
وقال العقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/187) :
" حفظه فيه اضطراب شديد ، كان يذهب الى القدر ، وحدث بمناكير " انتهى.
وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/833) :
" هذا حديث لا يصح " انتهى.
وضعفه ابن القيم في "المنار المنيف" (ص/43)
والحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/404)
وقد جاء من كلام شهر بن حوشب ، الراوي المعروف ، قوله :
( من قال : سبحان الله وبحمده : خلق الله من كلمته تلك ملكا ، فيذهب إلى السماء الرابعة فيغتسل في نهر يقال له الحياة ، ثم يخرج منها ، فينفض جناحه ، فيقطر منه مثل قطر السماء
فيخلق الله عز وجل من كل قطرة ملكا يسبحه ، ويقدسه ، ويثبت ذلك للعبد إلى النفخة الأولى )
رواه أبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة" (1/492)
قال : حدثنا الفضل بن العباس بن مهران ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب به .
والحاصل أنه لم يصح حديث في أنه إذا سبح المسلم ربه ، خلق الله تعالى ملكا يستغفر له إلى يوم القيامة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 15:49
حديث ضعيف فيه دعاءٌ يُقبِلُ بالدنيا على العبد
السؤال
أرغب في معرفة صحة هذا الحديث : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن الدنيا أدبرت عني وتولت . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأين أنت من صلاة الملائكة ، وتسبيح الخلائق ، وبه يرزقون ؟
قل عند طلوع الفجر : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، أستغفر الله ، مائة مرة ، تأتيك الدنيا صاغرة ) فولى الرجل ، فمكث ثم عاد فقال : يا رسول الله ! لقد أقبلت علي الدنيا فما أدري أين أضعها .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث ضعيف ، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (3731) ، ونقله الحافظ في "لسان الميزان" وقال : أخرجه الدارقطني في "الرواة عن مالك" ، وعزاه السيوطي في "الخصائص الكبرى" (2/262) للخطيب البغدادي في "رواة مالك" .
وقال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3/434)
في ترجمة عبد الرحمن بن محمد اليحمدي ، ويقال التميمي : " شيخ مجهول
روى عنه أحمد بن محمد بن غالب المعروف بغلام خليل وهو تالف ، وأخرج الدارقطني في " الرواة عن مالك " عن داود بن حبيب
عن أحمد بن محمد بن غالب ، عنه ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رجل : يا رسول الله ! وذكر الحديث
قال الحافظ ابن حجر :
وأخرجه الخطيب من طريق أبي الفتح الأزدي ، عن عبد الله بن غالب ، عن غلام خليل ، عن عبد الرحمن بن محمد التميمي به .
وأخرج من طريق أبي حمة محمد بن يوسف ، عن يزيد بن أبي حكيم ، عن إسحاق بن إبراهيم الطهوي ، عن مالك نحوه ، وقال : لا يصح عن مالك
ولا أظن إسحاق لقي مالكا . وقد رواه جماعة بأسانيد كلها ضعاف " انتهى باختصار.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة فيها سؤال الغنى ، والبركة في الرزق ، فليدع المسلم بها ويجتنب الأحاديث الضعيفة ، منها :
1- عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ
فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ، قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟ قَالَ : قُلْ : (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) رواه الترمذي (3563) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
2- روى الترمذي (3500) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ : (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي
وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي. قَالَ : فَهَلْ تَرَاهُنَّ تَرَكْنَ شَيْئًا؟) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي
3- وفي دعاء القنوت المشهور : (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ) رواه الترمذي (646) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ولتعلم أخي السائل أن الغنى الحقيقي هو غنى النفس ، وليس كثرة المال
روى البخاري (6446) ومسلم (1051) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 15:52
هل ورد حديث صحيح في فضل عنترة بن شداد ؟
السؤال
هل صح ورود حديث عن فضل عنترة بن شداد ، فيه أنه اجتمع فيه صفات الرجل المسلم.
الجواب
الحمد لله
يقول الزركلي في ترجمة عنترة :
" عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية ابن قراد العبسي : أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، ومن شعراء الطبقة الأولى . من أهل نجد . أمه حبشية اسمها زبيبة ، سرى إليه السواد منها .
وكان من أحسن العرب شيمة ، ومن أعزهم نفسا ، يوصف بالحلم على شدة بطشه ، وفي شعره رقة وعذوبة . وكان مغرما بابنة عمه " عبلة "
فقل أن تخلو له قصيدة من ذكرها . اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر ، وشهد حرب داحس والغبراء
وعاش طويلا ، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي . ينسب إليه " ديوان شعر - ط " أكثر ما فيه مصنوع . و " قصة عنترة - ط " خيالية يعدها الإفرنج من بدائع آداب العرب
وقد ترجموها إلى الألمانية والفرنسية ، ولم يعرف واضعها . وللمستشرق الألماني ( توربكي ) كتاب عن " عنترة " طبع في هيدلبرج سنة 1868 م
ولمحمد فريد أبي حديد " أبو الفوارس عنتر بن شداد - ط ، " ولفؤاد البستاني " عنتر بن شداد - ط " " انتهى.
"الأعلام" (5/91)
ولم يرد في كتب السنة والآثار – فيما علمنا - أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنترة بن شداد العبسي (المتوفى سنة 22 قبل الهجرة) في حديث واحد
ومع ذلك وجدنا بعض الناس ينقلون أن النبي صلى لله عليه وسلم يقول : ( لم أسمع وصف عربي أحببتُ أن أقابله أكثر من عنترة )
ولكن هذا أيضا لا أصل له ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز التحديث به إلا على وجه الرد والتضعيف .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 16:02
حديث الأعرابي الذي يقول إن سألني لأسألنه
السؤال
أود أن أستفسر عن حديث الأعرابى للرسول صلى الله عليه وسلم ، فى كلامه عن الله عز وجل : ( إن سألني لأسألنه : إن سألني عن ذنوبي سألته عن مغفرته )
وأظن حضراتكم تعلمون بقية الحديث . هل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم المنتشرة بين الناس .
وقد سئل عنه الشيخ حاتم الشريف فقال :
" إن الحديث المذكور يصلح مثالاً للأحاديث التي تظهر فيها علامات الوضع والكذب
وفيه من ركاكة اللفظ ، وضعف التركيب ، وسمج الأوصاف
ولا يَشُكُّ من له معرفة بالسنة النبوية وما لها من الجلالة والجزالة أنه لا يمكن أن يكون حديثاً صحيحاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم أجده بهذا اللفظ
وليت أن السائل يخبرنا بالمصدر الذي وجد فيه هذا الحديث ليتسنى لنا تحذير الناس منه .
على أن أبا حامد الغزالي على عادته رحمه الله قد أورد حديثاً باطلاً في "إحياء علوم الدين" (4/130) قريباً في مضمونه من الحديث المسؤول عنه
وفيه أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ! من يلي حساب الخلق يوم القيامة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الله تبارك وتعالى ، قال : هو بنفسه ؟ قال : نعم ، فتبسم الأعرابي
فقال صلى الله عليه وسلم : ممَّ ضحكت يا أعرابي ؟ قال : إن الكريم إذا قدر عفا ، وإذا حاسب سامح.. إلى آخر الحديث .
وقد قال العراقي عن هذا الحديث :" لم أجد له أصلاً " وذكره السبكي ضمن الأحاديث التي لم يجد لها إسناداً
( تخريج أحاديث الإحياء: رقم 3466 ، وطبقات الشافعية الكبرى : 6/364)
ومع ذلك فالنصوص الدالة على سعة رحمة الله تعالى وعظيم عفوه عز وجل وقبوله لتوبة التائبين واستجابته لاستغفار المستغفرين كثيرة في الكتاب وصحيح السنة .
قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25
وقال تعالى : ( ورحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/156
وفي الصحيحين البخاري (7554) ومسلم (2751)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي) والله أعلم " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 16:33
حديث : (إن نقدت الناس نقدوك)
السؤال
الرجاء إفادتنا بدرجة صحة الحديث المروي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن نقدت الناس نقدوك ، وإن تركتهم تركوك) وأين نجده ؟
قيل لي إنه يوجد في كتاب صحيح البخاري لكنني لم أجده.
الجواب
الحمد لله
حديث أبي الدرداء المذكور ليس في "صحيح البخاري".
وله عدة ألفاظ منها : (إن نافرت الناس نافروك ، وإن هربت منهم أدركوك , وإن تركتهم لم يتركوك . قال : كيف أصنع ؟ قال : هب عرضك ليوم فقرك) وهو مخالف للفظ الوارد في السؤال .
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق "(47/ 178،179) من طريق فَرَج بن فَضالة عن لقمان بن عامر عن أبي الدرداء به .
وسنده ضعيف فإن فَرَج بن فَضالة ضعيف , ولقمان بن عامر روايته عن أبي الدرداء منقطعة.
انظر :
"تهذيب التهذيب" (8/456) ,
"التقريب" (2/107).
ثم إنهم اضطربوا فيه فروي بالسند نفسه من قول أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفا عليه ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه ابن عساكر في"تاريخ دمشق" (47/178).
ثم رواه ابن عساكر (47/179) من طريق أنس بن عياض عن يحي بن سعيد قال : قال
أبو الدرداء به موقوفا عليه من قوله.
وسنده منقطع , قال ابن المديني عن يحي بن سعيد الأنصاري : "لا أعلمه سمع من صحابي غير أنس" .
"التهذيب" لابن حجر (11/223).
وورد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/126) رقم (7575) وأبو عمرو الداني في"السنن الواردة في الفتن" (219) وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/17).
وسنده ضعيف ، فيه بقية بن الوليد وهو يدلس تدليس التسوية , وصدقة بن عبد الله السّمين ضعيف .
انظر : "مجمع الزوائد" للهيثمي (7/285).
وورد عند الداني وابن عساكر بلفظ : (إن نافذتهم نافذوك) قال ابن الأثير: "أي : إن قلتَ لهم قالوا لك ، ويُروى بالقاف والدال المهملة" . أي : ناقدتهم.
"النهاية" (5/92) .
وإنما يثبت هذا الأثر من قول أبي مسلم الخولاني ، قال : (كان الناس وَرَقاً لا شوك فيه ، وإنهم اليوم شوك لا وَرَق فيه ، إن ساببتهم سابوك ، وإن ناقدتهم ناقدوك ، وإن تركتهم لم يتركوك) .
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/206) وابن أبي عاصم في "الزهد"(1/367)
وأبو نعيم في "الحلية" (2/123) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/228).
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 16:39
حديث أم سلمة فيمن لم يطف طواف الإفاضة يوم العيد حتى غربت الشمس
السؤال
سمعت أن طواف الإفاضة لا بد أن يكون يوم العيد قبل غروب الشمس ، وأن من لم يطف قبل غروب الشمس فإنه يرجع إلى الإحرام مرة أخرى ولا يجوز له لبس المخيط ولا التطيب .. حتى يطوف . فهل هذا صحيح ؟
الجواب
الحمد لله
قد ورد في ذلك حديث رواه أحمد (25321) وأبو داود (1708)
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مساء يوم النحر : (إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ
فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ) .
إلا أن هذا الحديث ضعفه أكثر العلماء ، وحُكي الإجماع على عدم العمل به .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن هذا الحديث ، فأجاب :
"سؤالكم عن حديث أم سلمة رضي الله عنها أن من لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس من يوم العيد عاد محرماً .
أفيدكم بأنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة ، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
وذلك من وجوه :
الأول : من جهة سنده ، فإن مداره عند الإمام أحمد وأبي داود وابن خزيمة على محمد بن إسحاق صاحب السير المعروف ، قال : أخبرنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها
وفيه : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (إذا أنتم أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت عدتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به) .
فأما ابن إسحاق ففي مفاريده بعض النكارة ، فقد سئل الإمام أحمد عن الحديث ينفرد به ابن إسحاق تقبله؟
قال : لا والله . وقال محمد بن يحيى : حسن الحديث عنده غرائب . وقال الدارقطني : اختلف الأئمة فيه، وليس بحجة ، وإنما يعتبر به اهـ "تهذيب" (9/39-46) . ولعل هذا الحديث من مفاريده المنكرة .
وأما أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة فقال فيه في "التقريب" (2/448) : مقبول من الثالثة .
وقال فيه في "المحلي" (7/142) : ليس معروفاً بنقل الحديث ، ولا معروفاً بالحفظ ، ولو صح يعني : حديث أم سلمة لقلنا به مسارعين إلى ذلك .
وقد أخرج الطحاوي في شرح "معاني الآثار" (2/228) نحو حديث أم سلمة لكنه عن طريق عبد الله بن لهيعة
قال فيه في "التقريب" (1/144) : صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما اهـ قلت : وقد ضعفه بعض الحفاظ مطلقاً ، وبعضهم فيما روى عنه غير العبادلة .
فإذا كان هذا سند الحديث لم يروه إلا من في روايتهم نظر ومقال
وأعرض عنه الأئمة الكبار من نقلة الحديث وحفاظه من رجال البخاري ومسلم وأمثالهم مع أنه في أمر تعم البلوى به ، وتتوافر الدواعي على نقله ، كان ذلك دليلاً على أنه لا أصل له .
الوجه الثاني : من جهة متنه ، فمتنه شاذ ، لأن الأحاديث في الصحيحين وغيرهما ظاهرة متضافرة في أن التحلل الأول يحصل قبل الطواف بالبيت
بدون قيد وقوعه قبل الغروب ، مثل قول عائشة رضي الله عنها : (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت) ولا يمكن أن تقيد بمثل هذا الحديث الشاذ
ولهذا قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/229) لما ذكر حديث عائشة رضي الله عنها :
"فقد عارض ذلك حديث ابن لهيعة الذي بدأنا بذكره في هذا الباب ، فهذه أولى ، لأن معها من التواتر وصحة المجيء ما ليس مع غيرها مثله " اهـ .
الوجه الثالث : من جهة العمل به ، إذ لم يعمل به من الأمة [من] أئمتها وعلمائها إلا نفر قليل من الصحابة
. إن صح النقل عنهم . فقد قال الطبري في كتابه "القرى لقاصدي أم القرى" (ص472) حين ذكر الحديث : "وهذا حكم لا أعلم أحداً قال به" اهـ .
ونقل النووي في "شرح المهذب" (8/165)
عن البيهقي قوله : "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به . قلت (النووي) : فيكون منسوخاً
دل الإجماع على نسخه ، فإن الإجماع لا يَنْسخ ولا يُنْسخ ، لكن يدل على ناسخ اهـ فوافق البيهقيَّ النوويُّ على نفي العلم بالمخالف ، بل جعله إجماعاً دالاً على نسخ الحديث ، يعني
: لأن الأمة لم تعمل به ، لكن في كلام النووي رحمه الله نظر ، لأن دعوى النسخ تستلزم ثبوت المنسوخ ، والحديث لم يثبت أصلاً حتى يدعى فيه النسخ .
هذا وقد نقل بعض الناس عن عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة أنه قال به ولعله فهم ذلك من قوله فيما نقله عنه الطبري في كتابه "القرى" (ص470) إنه لا يحل الطيب لمن لم يطف بالبيت بعد عرفة وإن قصر
. أخرجه سعيد بن منصور . وإنما قلت ذلك لأنه يبعد جداً أن يكون عروة بن الزبير قال بمقتضى حديث أم سلمة ثم يخفى قوله على مثل الطبري والبيهقي .
وعلى هذا ؛ يكون معنى قول عروة : إنه لا يحل له الطيب حتى يطوف بالبيت
وهذا قول مشهور والنزاع في هذا معروف ، والفرق بينه وبين مقتضى حديث أم سلمة بل صريحة أن حديث أم سلمة يدل على أنه يحل قبل الطواف بالبيت لكن إن أخر الطواف عن غروب الشمس يوم العيد عاد محرماً .
أما ما نقله الطبري عن عروة فيدل على توقف حل الطيب على الطواف وبين هذا وذاك فرق ظاهر .
الوجه الرابع :
أن مقتضاه مخالف لمقتضى الأصول الشرعية والقواعد المرعية ، فإن مقتضاها أن العامل متى حل من العبادة لم يعد إليها إلا بنية جديدة
وهذا مما يضعف ثبوت الحديث ، ولو ثبت لكان القول به واجباً ، وكل قاعدة لها مستثنيات"
انتهى من فتوى مكتوبة بخط الشيخ رحمه الله بتاريخ 5/12/1415هـ .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 16:46
حديث ( مَن استغفر للمؤمنين كتب له بكل مؤمن حسنة )
السؤال
جاء في الحديث ( مَن استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب له بكل مؤمن حسنة ) ما المقصود بالحديث ؟ وهل هو على ظاهره ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لم يصح حديث في تعيين فضل معين للاستغفار للمؤمنين والمؤمنات
وما ورد في ذلك لا يثبت ، وفي أسانيدها ضعف وفي متونها نكارة ، إذ فيها مبالغة في الأجر لا تتناسب مع العمل ، وهذه هي الأحاديث الواردة في ذلك :
1- عن عبادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة )
رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (3/234) من طريق بكر بن خنيس عن عتبة بن حميد عن عيسى بن سنان عن يعلى بن شداد بن أوس عن عبادة بن الصامت .
وعيسى بن سنان : ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن معين في رواية .
انظر "تهذيب التهذيب" (8/212)
وعتبة بن حميد : قال فيه أحمد : ضعيف ليس بالقوي . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
وأما بكر بن خنيس فأكثر كلمة المحدثين على تضعيفه ونكارة حديثه .
انظر "تهذيب التهذيب" (1/428)
فلا وجه لقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) : إسناده جيد
. وعليه اعتمد الشيخ الألباني في تحسينه في "صحيح الجامع" (6026)
لأنه لم يطلع على سنده في "مسند الشاميين" إذ لم يكن قد طبع بعد .
2- عن أم سلمة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من قال كل يوم اللهم اغفر لى وللمؤمنين والمؤمنات ألحق به من كل مؤمن حسنة )
رواه الطبراني في الكبير(23/370) وفي إسناده أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي ، جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (1/255)
: " قال يحيى : ضعيف ، ليس حديثه بشيء ، وقال مرة : متروك الحديث .
وقال النسائي والدارقطني: متروك . وقد مشاه شعبة ، وقال : اكتبوا عنه ، فإنه شريف . وقال البخاري : سكتوا عنه . وذكره ابن عدى وساق له بضعة عشر حديثا معروفة ، لكنها منكرة الاسناد " انتهى .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210)
: " فيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف " انتهى .
3- عن أنس رضي الله عنه ، جاء عنه من طريقين :
- من طريق عمر بن عبيد الطنافسي عن شعيب بن كيسان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ :
( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات رد الله عز و جل عليه من آدم فما دونه ).
رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/219
) والعقيلي في "الضعفاء" (2/182) وابن بشران في "الأمالي" (برقم/244) وغيرهم .
قلت : فيه علتان : الأولى : ضعف شعيب بن كيسان ، والثاني : الانقطاع بينه وبين أنس ، فقد قال البخاري عقب إخراجه له : " لا يعرف له سماع من أنس ، ولا يتابع عليه "
لذلك ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/277) في منكراته
وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 321) : وسنده ضعيف .
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5976) : " منكر " انتهى .
- من طريق معمر عن أبان عن أنس مرفوعا بلفظ :
( ما من عبد يدعو للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عليه عن كل مؤمن ومؤمنة مضى أو هو كائن إلى يوم القيامة بمثل ما دعا به )
رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/217)
قلت : وأبان الذي يروي عنه معمر بن راشد هو ابن أبي عياش اتفقت كلمة المحدثين على تضعيفه وتركه .
انظر "تهذيب التهذيب" (1/99)
4- عن أبى الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة أو خمسا وعشرين مرة أحد العددين كان من الذين يستجاب لهم ويرزق بهم أهل الأرض )
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) :
" رواه الطبراني وفيه عثمان بن أبى العاتكة ، وقال فيه حدثت عن أم الدرداء ، وعثمان هذا وثقه غير واحد وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله المسمين ثقات " انتهى .
*عبدالرحمن*
2018-12-16, 16:48
5- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من لم يكن عنده مال يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانها صدقة )
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/128)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) : " فيه من لم أعرفهم " انتهى .
6- عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
( أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، فإنها زكاة )
رواه ابن حبان (3/185) في صحيحه ، وإسناده ضعيف ؛ لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم ، وقد ضعفها أحمد وأبو داود وغيرهما
انظر "تهذيب التهذيب" (3/209)
ثانيا :
الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات من دعاء الرسل والأنبياء الكرام ، فقد دعا به نوح عليه السلام : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) نوح/28
ودعا به إبراهيم عليه السلام فقال : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) إبراهيم/41
وأمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يدعو به فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) محمد/19
وحكاه الله عن المؤمنين الصادقين المخلصين فقال : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10
فيستحب لجميع المسلمين الدعاء بالمغفر لإخوانهم المسلمين ، الأحياء منهم والميتين ، ولا شك أن الملائكة ستؤمن على دعائه وسيأتيه مثل ما دعا به .
روى عبد الرزاق في "المصنف" (2/217) :
" عن ابن جريج قال : قلتُ لعطاء : أَستَغفرُ للمؤمنين والمؤمنات ؟
قال : نعم ، قد أُمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، فإنَّ ذلك الواجبَ على الناس ، قال الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ )
قلتُ : أفتدع ذلك في المكتوبة أبداً ؟ قال : لا .
قلت : فبِمَن تبدأ ، بنفسك أم بالمؤمنين ؟
قال : بل بنفسي ، كما قال الله : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ ) " انتهى .
يقول ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/298-299) :
" والجميعُ مشتركون في الحاجة بل في الضرورة إلى مغفرةِ الله وعفوِه ورحمتِه
فكما يُحبُّ - أي المسلم - أن يَستغفرَ له أخوه المسلمُ ، كذلك هو أيضاً ينبغي أن يستغفرَ لأخيه المسلم
فيصير هِجِّيراه : ربِّ اغفر لي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات ، وقد كان بعضُ السلف يستحبُّ لكلِّ أحدٍ أن يُداوم على هذا الدعاء كلَّ يوم سبعين مرَّة ، فيجعل له منه وِرداً لا يُخلُّ به .
وسمعتُ شيخَنا - أي ابن تيمية – يذكرُه ، وذكر فيه فضلاً عظيماً لا أحفظه
وربَّما كان مِن جملة أوراده التي لا يُخلُّ بها ، وسمعتُه يقول : إنَّ جعلَه بين السجدتين جائزٌ ، فإذا شهدَ العبدُ أنَّ إخوانه مصابون بمثل ما أُصيب به
محتاجون إلى ما هو محتاجٌ إليه لَم يمتنع من مساعدتهم إلاَّ لفرطِ جهله بمغفرة الله وفضلِه ، وحقيقٌ بهذا أن لا يُساعَد ، فإنَّ الجزاءَ من جنس العمل " انتهى .
فتضعيف الأحاديث السابقة هو تضعيف لأن تكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولخصوص الأجور المذكورة فيها ، وذلك لا يعني عدم استحباب الاستغفار لجميع المسلمين والمسلمات .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:02
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
قصة خرافة عن كوكب " الزهرة " ونجم " سهيل "
السؤال
ما هي حقية كوكب الزهرة أنها كانت امرأة ، ونجم سهيل أنه كان رجلا ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد لعنهما .
الجواب
الحمد لله
أولا :
القصة التي تُروى عن كوكب الزُّهرة ، جاءت في سياق قصة أخرى تحكي أمر هاروت وماروت ، حاصلها أن الملائكة تعجبوا مِن عصيان بني آدم في الأرض
فأمرهم الله أن يختاروا منهم مَن ينزل إلى الأرض وتركب فيه الشهوة ، كي ينظروا أيطعيون أم يعصون ، فاختاروا هاروت وماروت ، فجاءت الزهرة – امرأة حسناء – فتعرضت لهما حتى أغوتهما
ثم مسخها الله كوكبا في السماء ، وأدرك الملائكةُ الأمر فاستغفروا للمؤمنين .
جاءت هذه الرواية من حديث ابن عمر على وجهين :
1- من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار .
وذلك من طرق عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار به .
رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/73-74) وعنه الطبري في "تفسيره" (2/429-430) ، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/306) ، وهذا سند صحيح متصل رجاله ثقات .
2- من قول النبي صلى الله عليه وسلم :
وذلك من طريق نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، وقد رواه عن نافع ثلاثة :
- فرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
عند الطبري في تفسيره (2/432) . وفرج بن فضالة : له أحاديث مناكير .
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (8/262)
ومعاوية بن صالح : له أوهام .
انظر: "تهذيب التهذيب" (10/211)
- زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر به مرفوعا .
رواه أحمد في المسند (2/134) ، وعبد بن حميد (787) ، وابن حبان في صحيحه (14/63)
والبزار (2938) – كشف الأستار- ، والبيهقي في "السنن" (10/4-5) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (662) . وموسى بن جبير :
قال فيه ابن حبان : يخطئ ويخالف . وقال ابن القطان : لا يعرف حاله
. كذا في "تهذيب التهذيب" (10/339)
وزهير بن محمد فيه كلام أيضا ، خلاصة حكم الحافظ ابن حجر عليه أنه ثقة يغرب ويأتي بما ينكر .
انظره في "تهذيب التهذيب" (3/350)
- موسى بن سرجس عن نافع :
كما عند ابن مردويه - كذا نقله ابن كثير في تفسيره (1/354) - ، وموسى بن سرجس لم يُنقل عن أحد فيه حكم ، فهو مجهول الحال ، وقد ضعف الترمذي حديثا له رواه في سننه
. انظر "تهذيب التهذيب" (10/307)
وبذلك يتبين أن الرواية الصحيحة هي من كلام كعب الأحبار ، وليست المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن رفعه [ أي نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ]
منكر ظاهر من خطأ بعض الرواة ، دلنا على ذلك اجتماع قرائن نكارة المتن وضعف السند ، ومخالفة الصحيح .
لذلك قال أبو حاتم - كما في "العلل" (2/69) – عن واحدة من روايات الرفع :
"هذا حديث منكر" انتهى .
وقال البزار : " وإنما أتى الرفع هذا عندي من زهير ؛ لأنه لم يكن بالحافظ " انتهى .
وقال البيهقي عن روايته عن كعب الأحبار : " وهذا أشبه " انتهى .
ويقول ابن كثير رحمه الله بعد أن وصف الروايات عن نافع بالغرابة :
" وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار
لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع ، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل "
انتهى . "تفسير القرآن العظيم" (1/354)
وقد مال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" إلى تصحيح أصل القصة فقال (ص/39) :
" له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة ، لكثرة الطرق الواردة فيها وقوة مخارج أكثرها " انتهى .
غير أن كلام المتقدمين الذين ضعفوا الرواية أولى وأقرب ، فالطرق الكثيرة مخالفةٌ للطريق الصحيحة
وضعف رواتها يرجح رجوعها إلى كعب الأحبار وليس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد علق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيق المسند (2/143) على كلام الحافظ بقوله :
" أما هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها ، فلا ، فإنها كلها طرق معلولة أو واهية ، إلى مخالفتها الواضحة للعقل
لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط
بل من ناحية أن الكوكب الذي تراه صغيرا في عين الناظر قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف ، فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة " انتهى .
ومن أظهر علامات نكارة القصة التفاوت الكبير في ألفاظ رواياتها ، فمنها المختصر ومنها المطول
ومنها الزائد ومنها الناقص ، وبعضها فيها لعن النبي صلى الله عليه وسلم كوكب الزهرة وبعضها يسكت عن ذلك ، بل ومنها ما يذكر مسخ الزهرة إلى كوكب
ومنها ما يسكت عنه ، أما الرواية عن كعب الأحبار فقد جاءت بلفظ واحد مختصر ، ليس فيه ذكر قصة الزهرة ومسخها إلى كوكب ، وإنما تقتصر على قصة الملكين هاروت وماروت .
وقد وردت القصة عن ابن مسعود وابن عباس من الصحابة رضوان الله عليهم ، وعن جماعة من التابعين
ساق مروياتهم الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ثم قال (1/360) :
" وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين ، كمجاهد والسدي والحسن وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم
وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين ، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى
وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها ، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال " انتهى .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:02
ثانيا :
أما ما يُحكى عن النجم " سُهيل " ، أنه كان رجلا من بني آدم ، ثم مُسخ إلى نجمٍ مُعلق في السماء ، فكل ما ورد فيه مكذوب موضوع ، وقصة خرافة يتناقلها الناس والرواة ، وهذا تفصيله :
1- عن عمرو بن دينار أنه صحب ابن عمر في السفر ، فكان إذا طلع سُهيلٌ قال : لعن الله سهيلا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كان عشَّارا
– يأخذ عشر الأموال ضريبة - يظلمهم ويغصبهم أموالهم ، فمسخه الله شهابا ، فجعله حيث ترون )
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/147) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم/651) ، والبزار – كما في "كشف الأستار" (1902 و903) جميعهم من طريق إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار به
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا إبراهيم بن يزيد .
لكن عند البزار متابعة مبشر عن عمرو بن دينار ، إلا أنها متابعة ساقطة ، فقد قال البزار بعد إخراجه لهما :
" لا نعلم أحدا رواه عن عمرو بن دينار عن ابن عمر إلا إبراهيم : وهو لين الحديث , وإنما ذكرناه على ما فيه من العلة لأنا لم نحفظه إلا من هذين الوجهين " انتهى .
وذكره الذهبي في "الميزان" (3433) في ترجمة مُبَشِّر ، وعده من مناكيره .
وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/187) :
" هذا الحديث لا يصح موقوفا ولا مرفوعا " انتهى .
ومن دلائل نكارة الحديث وتخليط إبراهيم بن يزيد أنه يرويه مرة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ، ومرة عن عمرو عن عبد الرحمن بن السايب عن ابن عمر .
كما أسنده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق الدارقطني -
2- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لعن الله سهيلا - ثلاث مرات - , فإنه كان يعشر الناس في الأرض , فمسخه الله شهابا )
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/108) ,
وكذا أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (649،650) في باب : ما يقول إذا رأى سهيلا
. والخطيب البغدادي في "السابق واللاحق" (ص/78) والدارقطني في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني (4/187)
من طريق جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه .
يقول ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/188) :
" وقد رواه وكيع عن الثوري موقوفا وهو الصحيح . وهذا لا يصح لأن مداره على جابر الجعفي . قال جرير : لا أستحل أن أروي عنه . وقال أبو حنيفة : ما رأيت أكذب منه . وقال يحيى بن معين : لا نكتب حديثه " انتهى .
وجاء في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني (4/187) :
" وسئل عن حديث أبي الطفيل عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا رأى سهيلا لعنه وقال : كان رجلا ينحس الناس بالظلم فمسخه الله شهابا .
فقال : يرويه جابر الجعفي ، واختلف عنه :
فرواه الثوري عن جابر : فقال إبراهيم بن خالد وأبو حذيفة عن الثوري عن جابر عن أبي الطفيل عن علي ولا أراه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وخالفهما وكيع ومحمد بن عبد الوهاب القناد فروياه عن الثوري موقوفا بغير شك .
ورواه عيسى بن يونس عن أخيه إسرائيل عن جابر مرفوعا أيضا ، ورفعه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن جابر .
والصحيح موقوفا " انتهى .
3- وفي رواية أخرى عن علي بن أبي طالب بسياقٍ مختلفٍ جاء فيها :
" أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن المُسوخ ؟ فقال : هم ثلاثة عشر...فذكرها ثم قال :
وأما سهيل فكان عشَّارًا باليمن ، وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت وماروت " انتهى .
عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1/249) للزبير بن البكار في "الموفقيات" ، و"ابن مردويه" و"الديلمي" ولم أقف على إسناد منها .
ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" في " باب ذكر المسوخ " (1/185) بسنده ثم قال :
" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما وضعه إلا ملحد يقصد وهن الشريعة بنسبة هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أو مستهين بالدين لا يبالي ما فعل ، والمتهم به مغيث – مولى جعفر بن محمد عنه عن أبيه عن جده عن علي - .
قال أبو الفتح الازدي : خبيث كذاب لا يساوي شيئا ، روى حديث المسوخ ، وهو حديثٌ منكر .
قال المصنف – ابن الجوزي - : وحديث ابن حبيبة الصحيح : ( فإنه ما مسخ الله عز وجل شيئا فجعل له نسلا ) يرد هذا " انتهى .
فالحاصل أنه لم تثبت الحكاية عن مسخ رجل إلى النجم " سهيل " بسند مرفوع صحيح
وكل ما ورد في ذلك من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فهي أحاديث منكرة ضعيفة ، حكم عليها أهل العلم بالوضع والترك ، منهم الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (4196) .
وغاية ما هنالك أنه قد تصح فيها بعض الآثار الموقوفة عن بعض الصحابة ، غير أن هذه الآثار ليس لها حكم الرفع ، والأخذ بما فيها موضع شك ، لاحتمال تلقيها عن بني إسرائيل احتمالا قويا ظاهرا
كما هو الأمر في قصة مسخ الزهرة إلى الكوكب المعروف ، والخرافات التي ترويها الإسرائيليات تأتي بهذا القبيل من القصص والأحداث .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:08
صحة حديث : " اللهم فارج الهم وكاشف الغم "
السؤال
ما صحة هذا الحديث : ( اللهم فارج الهم ، وكاشف الغم ، ومجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة مَن سواك )
الجواب
الحمد لله
أولا :
جاء نص هذا الدعاء في حديثين اثنين :
1- في حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
( دخل علي أبو بكر ، فقال : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه ؟ قلت : ما هو ؟
قال : كان عيسى بن مريم يعلمه أصحابَه قال : لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه : "
اللهم فارج الهم ، كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك "
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكانت علي بقية من الدين ، وكنت للدين كارها ، فكنت أدعو بذلك ، فأتاني الله بفائدة فقضاه الله عني .
قالت عائشة : كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم ، فكانت تدخل علي فأستحيي أن أنظر في وجهها ؛ لأني لا أجد ما أقضيها ، فكنت أدعو بذلك
فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ، ما هو بصدقة تصدق بها علي ، ولا ميراث ورثته ، فقضاه الله عني ، وقسمت في أهلي قسما حسنا ، وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق ، وفضل لنا فضل حسن )
رواه البزار – عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) – وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق" (رقم/40) والطبراني في "الدعاء" (1/317)
وابن عدي في "الكامل" (2/203) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47/472) ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/696)
والبيهقي في "دلائل النبوة" (رقم/2420) وفي "الدعوات الكبير" (رقم/167) وفي مسند الفردوس للديلمي (رقم/1988)
من عدة طريق عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الحكم بن عبد الله الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة به .
وقال الحاكم : " وهذا حديث صحيح غير أنهما لم يحتجا بالحكم بن عبد الله الأيلي " انتهى .
والصواب أن الحكم بن عبد الله الأيلي ضعيف الحديث جدا ، وكذبه غير واحد من الأئمة
جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (2/332) : "
كان ابن المبارك شديد الحمل عليه . وقال أحمد : أحاديثه كلها موضوعة . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال السعدي وأبو حاتم : كذاب . وقال النسائي والدارقطني وجماعة : متروك الحديث .
وقال البخاري : تركوه كان ابن المبارك يوهنه البتة وفي رواية يضعفه . وقال مسلم في "الكنى" : منكر الحديث " انتهى باختصار فإن تشنيع العلماء على حديثه كثير .
وبهذا يتبين أن الحديث منكر أو موضوع ، خلافا لما ذهب إليه الإمام الحاكم رحمه الله
ولهذا وضعفه الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/57)
وذكر له علة أخرى هي عدم سماع القاسم من عائشة ، وحكم عليه بالضعف أيضا الإمام السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) ، وحكم عليه الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1143) بالوضع .
2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( يا علي ! ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك : توضأ ، وصل ركعتين ، واحمد الله ، وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات
ثم قل : اللهم ! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين
اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )
يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/5287) :
" منكر : أخرجه الأصبهاني (2/ 534/ 1278 - ط) عن إسحاق بن الفيض : أخبرنا المضاء : حدثني عبدالعزيز عن أنس مرفوعاً .
قلت – الشيخ الألباني - : وهذا إسناد ضعيف مظلم ... " ثم فصل القول في علله رحمه الله ، فانظر الموضع المشار إليه من الضعيفة .
والخلاصة أن نص هذا الدعاء لم يرد من طريق صحيح ، بل طرقه شديدة الضعف ، لذلك حكم عليه العلماء بالوضع وأوردوه في كتب الموضوعات
كما في "تذكرة الموضوعات" للفتني (ص 53) ، "تنزيه الشريعة" (2/333) ، "الفوائد المجموعة" (ص 59 ، 52) .
ثانيا :
لا حرج في أن يجعل المرء ذلك من دعاء نفسه ، أو أن يسأل الله الحاجات بألفاظه
فهي عبارات صحيحة لها شواهد كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة
فيها تذلل وتقرب وإظهار خضوع لله رب العالمين ، كما فيها توسل بصفات الله تعالى ورحمته التي وسعت كل شيء ، فمن دعا به – من غير اعتقاد مزيد فضل له ولا خصوص أجر – يرجى له القبول والاستجابة .
عن عبد الرحمن بن سابط قال :
( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك )
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/109)
بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، لكن عبد الرحمن هذا من التابعين ، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (6/181)
فيكون حديثه مرسلا ، والحديث المرسل يستأنس به في الأذكار والدعاء .
بل إن الدعاء ، متى استقام معناه ، وصح لفظه ، جاز الدعاء به ، ولو لم يكن مأثورا أصلا ، فباب الدعاء مفتوح لمن يجتهد فيه
وإن كان الدعاء المأثور الثابت أعظم بركة ، وأسد معنى ، وأبعد عن التكلف والعدوان في الدعاء .
وانظر جواب السؤالين القادمين
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:12
هل تشرع صلاة الحاجة ؟
وهل تنفع التجربة لفعلها ؟
السؤال
صلاة الحاجة باثنتي عشرة ركعة مع التشهد بين كل ركعتين وفي التشهد الأخير نثني على الله عز وجل ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسجد ونقرأ
فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات ونقول عشر مرات " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير "
ثم نقول : " اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " ثم نسأل حاجتنا ونرفع رأسنا من السجود ونسلم يميناً و يساراً .
سؤالي هو :
قيل لي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في السجود وقد جربتها في أيام الدراسة والله سبحانه وتعالى استجاب دعائي وأنا لي حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وأريد أن أصليها فما هي نصيحتكم لي ؟.
الجواب
الحمد لله
رويت " صلاة الحاجة " في أربعة أحاديث : اثنان منهما موضوعان ، والصلاة في أحدهما اثنتا عشرة ركعة ، وفي الآخر ركعتان ، والثالث ضعيف جدّاً ، والرابع ضعيف ، والصلاة فيهما ركعتان .
أما الأول : فهو الذي جاء في السؤال وهو من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين
فإذا تشهدت من آخر صلاتك فأثنِ على الله ، وصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم
واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات ، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات
ثم قل : اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة
ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ، ثم سلِّم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب لهم ) .
رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 63 ) من طريق عامر بن خداش عن عمرو بن هارون البلخي .
ونقل ابن الجوزي تكذيب عمرو البلخي عن ابن معين ، وقال : وقد صح النهي عن القراءة في السجود .
انظر : " الموضوعات " ( 2 / 63 ) و " ترتيب الموضوعات " للذهبي ( ص 167 ) .
وفي الدعاء بـ " معاقد العز من عرش الله " خلاف بين العلماء ، على حسب المقصود من هذا اللفظ الذي لم يرد في الشرع ، وقد منع الدعاء به بعض أهل العلم ، ومنهم الإمام أبو حنيفة
لأنه من التوسل البدعي ، وأجازه آخرون لاعتقادهم أنه توسل بصفة من صفات الله عز وجل لا أنه يجوز عندهم التوسل بالمخلوقين .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" أقول : لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح ، رواه ابن الجوزي في " الموضوعات "
وقال : " هذا حديث موضوع بلا شك " ، وأقره الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " ( 273 ) فلا يحتج به
وإن كان قول القائل : " أسألك بمعاقد العز من عرشك " يعود إلى التوسل بصفة من صفات الله عز وجل : فهو توسل مشروع بأدلة أخرى ، تغني عن هذا الحديث الموضوع .
قال ابن الاثير رحمه الله : " أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أي : بالخصال التي استحق بها العرش العز ، أو بمواضع انعقادها منه ، وحقيقة معناه : بعز عرشك ، وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء " .
فعلى الوجه الأول من هذا الشرح وهو الخصال التي استحق بها العرش العز : يكون توسلاً بصفة من صفات الله تعالى فيكون جائزاً ، وأما على الوجه الثاني الذي هو مواضع انعقاد العز من العرش :
فهو توسل بمخلوق فيكون غير جائز ، وعلى كلٍّ فالحديث لا يستحق زيادة في البحث والتأويل ؛ لعدم ثبوته ، فنكتفي بما سبق " انتهى كلام الألباني .
" التوسل أنواعه وأحكامه " ( ص 48 ، 49 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" هذا الحديث فيه من الغرابة كما ذكر السائل من أنه شرع قراءة الفاتحة في غير القيام في الركوع أو في السجود ، وتكرار ذلك ، وأيضًا في السؤال بمعاقد العز من العرش وغير ذلك
وكلها أمور غريبة ، فالذي ينبغي للسائل أن لا يعمل بهذا الحديث
وفي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا إشكال فيها ، وفيها من نوافل العبادات والصلوات والطاعات ما فيه الخير والكفاية إن شاء الله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً . رواه مسلم ( 480 ) .
وفي جواب السؤال رقم (34692) سبق ذكر الحديث وتضعيفه من جهة السند والمتن عن علماء اللجنة الدائمة فلينظر .
وأما الحديث الثاني الوارد في صلاة الحاجة فهو :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاءني جبريل عليه السلام بدعوات فقال : إذا نزل بك أمر من أمر دنياك فقدمهن ثم سل حاجتك : يا بديع السموات والأرض
يا ذا الجلال والإكرام ، يا صريخ المستصرخين ، يا غياث المستغيثين ، يا كاشف السوء ، يا أرحم الراحمين ، يا مجيب دعوة المضطرين ، يا إله العالمين ، بك أنزل حاجتي وأنت أعلم بها فاقضها ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) - ، وذكر الشيخ الألباني – رحمه الله – في " ضعيف الترغيب " ( 419 ) و " السلسلة الضعيفة " ( 5298 ) أنه موضوع .
وأما الحديث الثالث : فهو :
عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء
ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين
أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم ، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) .
رواه الترمذي ( 479 ) وابن ماجه ( 1384 ) .
قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وفي إسناده مقال .
وذكر الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 416 ) وقال : حديث ضعيف جدّاً .
وقد سبق تضعيف الحديث في جواب السؤال رقم (10387) فلينظر .
وأما الحديث الرابع فهو :
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا علي ، ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك ؟ توضأ وصل ركعتين واحمد الله وأثن عليه
وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم قل : اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
الحمد لله رب العالمين ، اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) وضعفه الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 417 ) وقال : إسناده مظلم ، فيه من لا يُعرف ، وانظر " السلسلة الضعيفة "( 5287 ) .
والخلاصة : أنه لم يصح في هذه الصلاة حديث ، فلا يشرع للمسلم أن يصليها ، ويكفيه ما ورد في السنة الصحيحة من صلوات وأدعية وأذكار ثابتة .
ثانياً :
وأما قول السائلة إنها جربتها فوجدتها نافعة : فهذا قد قاله غيرها قبلها ، والشرع لا يثبت بمثل هذا .
قال الشوكاني رحمه الله :
" السنَّة لا تثبت بمجرد التجربة ، وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنَّة ، وهو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجاً "
انتهى باختصار .
" تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وأما ما ذكر من أن فلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ، وفلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ؛ هذا كله لا يدل على صحة الحديث ، فكون الإنسان يُجرِّب الشيء ويحصل له مقصوده لا يدل على صحة ما قيل فيه أو ما ورد فيه
لأنه قد يصادف حصول هذا الشيء قضاءً وقدراً ، أو يصادف ابتلاءً وامتحاناً للفاعل ، فحصول الشيء لا يدل على صحة ما ورد به " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:15
أدعية لقضاء الدين
السؤال
مستدين بديون تجارية متعلقة بالسوق ولكن كثرت الديون وتعددت لدرجة استحالة الوفاء بها في ظل الظروف السوقية الحالية ولا أجد سبيلا للسداد ....ماذا أفعل ؟.
الجواب
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يفرج همك وأن يقضي دينك ، وأن يرزقك من فضله .
وهذه بعض النصائح نرجو أن يكون فيها عون لك :
أولا :
أن تتحلى بالصبر ، وأن تسعى للتخلص مما أنت فيه بالبحث عن طرق مشروعة للكسب ، تجني منها بعض الأرباح ، وتعوض خسائرك ، وتقضي دينك
فأبواب الرزق واسعة ، وقد يبدأ الإنسان بعمل صغير ثم يبارك له فيه ، وهذا واقع مشاهد .
ثانيا :
أن تقلل من النفقة الخاصة بك ، وأن تعلم أن الدائنين أولى بكل ما زاد عن نفقتك الضرورية ، فلا تتهاون في أمر الدَّيْن ، ولا تسترسل في الإنفاق
ولا يحملنك اليأس من سداده على أن تنساه ، أو تقصر في البحث عن مخرج منه .
ثالثا :
أن تستسمح أصحاب الدين ، وأن تخبرهم بعجزك عن السداد ، وأن تطلب منهم المهلة ، فهذا خير لك من الهروب والمماطلة التي تزيدهم عليك حنقا وضيقا .
رابعا :
أن تصلح ما بينك وبين الله تعالى ، ليصلح لك ما بينك وبين الناس ، وقد وعد الله أهل طاعته بالمزيد من فضله
فقال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97
. وقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.
وقال : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ) نوح/10- 12.
فأكثر من الاستغفار والتوبة والعمل الصالح ، فإن رحمة الله قريب من المحسنين .
خامسا :
إذا كنت قد أخذت هذه الديون وأنت عازم على أدائها فعليك أن تحسن الظن بالله تعالى وتثق به أنه سيقضيها عنك ، روى البخاري ( 2387) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه )
وروى ابن ماجة ( 2409) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
سادساً :
توجه إلى الله تعالى بالدعاء ، وأيقن بالإجابة ، فإن من أدمن طرق الباب ، يوشك أن يفتح له ، وتخير لدعائك أوقات الإجابة ، كالثلث الأخير من الليل ، وبعد عصر الجمعة
وما بين الأذان والإقامة ، وفي السفر ، وعند الفطر من الصوم .
وإليك بعض الأدعية المناسبة لحالك :
روى الترمذي (3563) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ، قَالَ : أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ
عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ، قَالَ : قُلْ : ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
والمكاتبة : تعهد العبد بدفع مال لسيده حتى يعتقه .
و( جبل صِير) اسم جبل .
وروى الطبراني في معجمه الصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : ( ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيناً لأداه الله عنك ؟ قل يا معاذ :
اللهم مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
تعطيهما من تشاء ، وتمنع منهما من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ). وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1821).
وروى أحمد ( 3712 ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ
مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ
أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . قَالَ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1822).
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:23
أحاديث نبوية في ذم الإسراف في الطعام
السؤال
ما صحة هذين الحديثين لو سمحتم : روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع ؛ فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، وضعفت قلوبهم
وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري . ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نأكل كل ما تشتهيه الأنفس ؛ فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت ) رواه ابن ماجه . وهل هناك في الشرع شيء ينهى أن يسرف المسلم في أكله
أو أن لا يستطيع التحكم في أكله ويأكل في كل وقت وحين ؟
حديث أو آية أو كتاب ممكن أن تنصحون به ينهى المسلم عن هذه الأمور ، أو يكلمنا عن هدي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، عن أكله ومطعمه . جزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
أولا :
شهوة البطن من أعظم المهلكات ، وسببُ كثيرٍ من الآفات والأمراض القلبية والبدنية
إذ تتبعها شهوة الفرج ، ثم الرغبة في الجاه والمال لتحقيق هاتين الشهوتين ، ويتولد من ذلك من أمراض القلوب الرياء والحسد والتفاخر والكبر بسبب الانشغال بالدنيا ، وغالبا ما يدفعه ذلك إلى المنكر والفحشاء
كله بسبب هذه الشهوة ، وقد قالت العرب قديما : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء .
يقول الله عز وجل : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31
وفي السنة النبوية من الحث على الاعتدال في الطعام ، وذم الإسراف الشيء الكثير :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ
وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2265)
وعَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَكَلَ كَثِيرًا ، فَقَالَ : يَا نَافِعُ ! لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ) رواه البخاري (5393) ومسلم (2060)
يقول النووي في شرح هذا الحديث (14/25) :
" قال العلماء : ومقصود الحديث التقليل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها والقناعة ، مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده ، وأما قول ابن عمر فى المسكين الذى أكل عنده كثيرا :
" لا يدخلن هذا علي " ، فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ؛ ولأن القدر الذى يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة " انتهى .
وقد سبق ذكر أحاديث أخرى في هذا الباب ، فانظر السؤال القادم
ثانيا :
يلخص لنا ابن القيم رحمه الله تعالى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الطعام والشراب ، ويستخلصه من الأحاديث الصحيحة ، فيقول –
كما في "زاد المعاد" (1/147) -:
" وكذلك كان هديُه صلى الله عليه وسلم وسيرتُه في الطعام ، لا يردُّ موجوداً ، ولا يتكلف مفقوداً ، فما قُرِّبَ إليه شيءٌ من الطيبات إلا أكله ، إلا أن تعافَه نفسُه ، فيتركَه من غير تحريم ، وما عاب طعاماً قطُّ ، إن اشتهاه أكله
وإلا تركه ، كما ترك أكل الضَّبِّ لمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ ، ولم يحرمه على الأمة ، وأكل الحلوى والعسل
وكان يُحبهما ، وأكل لحم الجزور ، والضأن ، والدجاج ، ولحم الحُبارى ، ولحم حِمار الوحش ، والأرنب ، وطعام البحر ، وأكل الشواء ، وأكل الرُّطبَ والتمرَ... ولم يكن يردُّ طَيِّباً ، ولا يتكلفه
بل كان هديه أكلَ ما تيسر ، فإن أعوزه صَبَرَ حتى إنه ليربِطُ على بطنه الحجر من الجوع ، ويُرى الهلالُ والهلالُ والهلالُ ولا يُوقد في بيته نارٌ " انتهى باختصار .
ثالثا :
ذكر العلماء فوائد الاعتدال في الطعام وعدم الإسراف ، ومنها :
1- صفاءُ القلبِ وإيقادُ القريحة وإنفاذ البصيرة ، فإنّ الشبعَ يورثُ البلادةَ ويُعمي القلب ، ولهذا جاءَ في الحكمة ( مَن أجاعَ بطنَه عظُمت فكرتُه وفَطُن قلبُه ) .
2- الانكسارُ والذلُ وزوالُ البَطَرِ والفرحِ والأشرِ ، الذي هو مبدأُ الطغيانِ والغفلةِ عن الله تعالى .
3- أن لا ينسى بلاءَ الله وعذابه ، ولا ينسى أهلَ البلاء ، فإن الشبعانَ ينسى الجائعَ وينسى الجوع ، والعبدُ الفطنُ لا يجدُ بلاءَ غيرِه إلا ويتذكرُ بلاءَ الآخرة .
4- من أكبر الفوائد : كسرُ شهواتِ المعاصي كلّها ، والاستيلاءُ على النفسِ الأمّارةِ بالسوء ، فإنَّ منشأَ المعاصي كلِّها الشهواتُ والقوى ، ومادةُ القوى والشهواتِ لا محالة الأطعمة .
قال ذو النون : ما شبعتُ قطُّ إلا عصيتُ أو هممتُ بمعصية .
5- دفعُ النومِ ودوامُ السَّهر ، فإنَّ مَن شَبِع كثيرًا شرب كثيرًا
ومن كثر شربُه كثرَ نومه ، وفي كثرةِ النومِ ضياعُ العمر وفوتُ التهجدِ وبلادةُ الطبعِ وقسوةُ القلب ، والعمرُ أنفسُ الجواهرِ ، وهو رأسُ مالِ العبدِ ، فيه يتجر ، والنومُ موت ، فتكثيره يُنقِصُ العمر .
6- صحةُ البدن ودفعُ الأمراض ، فإن سببَها كثرةُ الأكل وحصولُ الأخلاط في المعدة ، وقد قالَ الأطباء : البِطْنةُ أصلُ الداء ، والحِميةُ أصلُ الدواء .
" ملخصة من إحياء علوم الدين (3/104-109) "
رابعا :
أما الأحاديث المذكورة في السؤال فلم يصح منها شيء :
الحديث الأول :
قالت عائشة رضي الله عنها : ( إن أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد قضاء نبيها صلى الله عليه وسلم : الشبع ، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم
فتصعبت قلوبهم ، وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري في "الضعفاء" –
كما عزاه إليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/335)
ورواه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (رقم/22)
من طريق غسان بن عبيد الأزدي الموصلي ، قال : حدثنا حمزة البصري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة به .
قلت : وهذا السند ضعيف جدا بسبب غسان بن عبيد ، جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (4/418)
: " قال أحمد بن حنبل : كتبنا عنه ، قدم علينا ههنا ثم حرقت حديثه . قال ابن عدي : الضعف على حديثه بين . – وفي رواية عن يحيى بن معين - ضعيف ...- ثم عد حديث عائشة الذي معنا من مناكيره – " انتهى بتصرف .
ولذلك قال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1239) : " منكر موقوف " انتهى .
تنبيه : جاء في السؤال نسبة هذا الحديث إلى البخاري ، وهذا خطأ كبير ؛ لأن إطلاق القول بـ : " رواه البخاري " ، ينصرف عادة إلى الصحيح ، والبخاري له كتب أخرى كثيرة ، يروي فيها الأحاديث بأسانيده
ولا يشترط فيها الصحة ، منها كتاب "الضعفاء الصغير" وهو مطبوع ، وله كتاب "الضعفاء الكبير" : ذكره ابن النديم وبروكلمان في "تاريخ الأدب" (ص/65) وأنه ما زال مخطوطا في مكتبة "بتنة" في الهند
فإذا قدر أن البخاري روى حديثا في شيء من كتبه ، سوى الصحيح الذي هو أعظم دواوين الإسلام ، فينبغي أن يبين عند نسبة الحديث :
رواه البخاري في التاريخ ، أو : في الضفعاء ، أو في الأدب المفرد .. ، مثلا ، ثم يبحث في سند الحديث : هل هو صحيح أو لا ، كما هو الحال في الكتب الأخرى .
وحديث عائشة هذا لعله في "الضعفاء الكبير" ، فقد بحثنا عنه في "الصغير" فلم أجده ، كما أن الضعفاء الصغير نادرا ما يذكر فيه الأحاديث والأسانيد . والله أعلم .
الحديث الثاني :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( إِنَّ مِنْ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ ) رواه ابن ماجه (3352)
وأبو يعلى في "المسند" (5/154) وأبو نعيم في "الحلية" (10/213) والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/46)
وغيرهم من طرق عن بقية بن الوليد حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن عن أنس مرفوعا .
وهذا السند ضعيف جدا ، فيه عدة علل ، منها :
1- يوسف بن أبي كثير :
قال عنه ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/421) : " أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفون " انتهى .
2- نوح بن ذكوان : منكر الحديث :
جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (10/484) :
" قال ابن عدي : أحاديثه غير محفوظة . وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يجب التنكب عن حديثه ... وقال أبو نعيم : روى عن الحسن المعضلات ، وله صحيفة عن الحسن عن أنس : لا شىء " انتهى باختصار.
ولذلك ضعف الحديث غير واحد من أهل العلم : ابن حبان في "المجروحين" (3/47) ، وابن عدي في "الكامل" (8/299) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/182)
والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/188) والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (515)
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/241) : موضوع .
وفيما سبق من الأحاديث الصحيحة غنى عن هذين الحديثين الضعيفين
ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب : " الجوع " لابن أبي الدنيا ، و "مختصر منهاج القاصدين " لابن قدامة ، "زاد المعاد" لابن القيم ، و "شرح رياض الصالحين" للشيخ ابن عثيمين .
وانظر جواب السؤال بعد القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:27
ولدٌ يجادلُ والدتَه في أمورِ طعامِهِ وصلاتِهِ
السؤال
أخي سمين جدًا ، ويأكل كثيرًا ، وكلما نَصَحَتْه والدتي في التقليل من الأكل ، وتهدده بأنها سوف لن ترضى عنه إذا لم يسمع كلامها ، فيقول : إن الأكل ليس محرمًا ، وليس للوالدة أن تمنعه من أمر حلال ؟
وأيضًا، هو لا يصلي في المسجد ، وكلما قالت له الوالدة : لماذا لا تذهب ؟ يقول : إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة كما قال الإمام أبو حنيفة .
وأيضًا يؤخر الصلاة بعد الأذان بفترة طويلة ، وكلما قلنا له : لماذا لا تصلي في الوقت ؟
فيقول : أنا لم أتجاوز الوقت المحدد ، فالصلاة لها أوقاتٌ معروفةٌ ليست مقترنةً بالأذان والإقامة . فكيف نجيب عليه ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
إنّ مِن أعظمِ ما امتنّ الله سبحانه وتعالى به على عبادِهِ أنْ سخَّر لهم ما في الأرضِ جميعا منه ، وأنزل عليهم النعم ، وأباح لهم الطيباتِ من المأكلِ والمشربِ والملبس وغيرها .
ولكنه سبحانه وتعالى أيضًا ذم كلَّ من يسرفُ في استعمالِ هذه المباحات ، أو يترخصُ فيها ترخصًا يؤذيه ، أو يشغله عن ما هو أنفعُ له في دينِه ودنياه .
قال سبحانه وتعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
ثانياً :
من أخطرِ المهلكاتِ لابنِ آدمَ شهوةُ البطن ، والبطنُ ينبوع الشهواتِ ومَنِبتُ الأدواء والآفات .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
أي : يكفي ابن آدم من الطعام ما يقيم صلبه فقط , ولا يزيد على ذلك , فإن أبى وأصَرَّ على الزيادة , فيأكل ما يملأ ثلث بطنه , ويكون ثلث آخر للشراب , ويبقى الثلث للتنفس , ولا يزيد على هذا القدر .
انظر : "تحفة الأحوذي" .
وقد كان العقلاءُ في الجاهليةِ والإسلامِ يتمدحونَ بقلةِ الأكل .
قال حاتمُ الطائيُّ :
فإنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ وَفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعَا
"فتح الباري" (9/669) .
وإذا أكثر الإنسان من الطعام حتى ضره ذلك ، كان هذا حراما .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل كثرةُ الأكلِ حرام ؟
فأجابوا :
" نعم ، يَحرُمُ على المسلمِ أن يُكثرَ من الأكلِ على وجهٍ يضرُّه ؛ لأنّ ذلك من الإسراف ، والإسرافُ حرام
لقول الله سبحانه وتعالى : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ) الأعراف/31 " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/329) .
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الترهيب من الإكثار من الشبع
وأن ذلك سبب للتألم بالجوع يوم القيامة ، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ( كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا
أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه الترمذي (2015) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والْجُشَاء هُوَ صَوْتٌ مَعَ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ الإنسان عِنْدَ الشِّبَعِ .
وَرَوَاهُ اِبْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَزَادُوا :
فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا , كَانَ إِذَا تَغَدَّى لا يَتَعَشَّى وَإِذَا تَعَشَّى لا يَتَغَدَّى , وَفِي رِوَايَةٍ لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا : قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ : فَمَا مَلأَتْ بَطْنِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً .
انظر : "تحفة الأحوذي" .
وسبيلُ ترك الأكلِ الكثير إنما هو بالتدريج ، فمن اعتادَ الأكلَ الكثيرَ وانتقلَ دفعةً واحدةً إلى القليل ضعفَ وعظُمت مشقته ، فينبغي أن يتدرجَ إليه قليلًا قليلًا
وذلك بأن ينقص قليلا قليلا من طعامِه المعتاد ، حتى يصلَ إلى الحدّ المعتدلِ من الطعام .
ثالثاً :
إن كانت صلاةُ الجماعة سنةً مؤكدة ، أو كانت الصلاة في أول الوقت فضيلة ، فذلك يعني أن نَعَضَّ عليها بالنواجذ ونحرصَ عليها ، لا أن نُهمِلَها ونتهاونَ بأدائِها
ولْنحمدِ اللهَ تعالى أن شرعَ لنا سُننَ الهدى ومناسكَ العبادةِ والخير ، ولْنأخذِ العبرةَ من حالِ سلفنا من الجيل الأول .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( من سرّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فليحافِظ على هؤلاء الصلواتِ حيثُ ينادَى بهن ، فإنّ اللهَ شرعَ لنبيكم سننَ الهُدى ، وإنّهنَّ مِن سننِ الهُدى
ولو أنّكم صلّيتُم في بيوتِكم كما يُصَلّي هذا المتخلِّفُ في بيتِهِ لتركتُم سنةَ نبيِّكم ، ولو تركتم سنةَ نبيِّكم لضلَلَتم ، وما مِن رجلٍ يتطهرُ فيُحسِنُ الطهور ، ثم يَعمِد إلى مسجدٍ مِن هذه المساجد
إلا كتبَ اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنة ، ويرفعُه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق ، ولقد كان الرجلُ يؤتى به يهادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم (654) .
وهذا على فرضِ كونِ صلاةِ الجماعة سنةً مؤكدةً ,
نسألُ اللهَ تعالى أن يوفقَنا وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:30
هديه صلى الله عليه وسلم في الطّعام والحمية
السؤال
كيف كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأكل والحمية ؟
الجواب
الحمد لله
1. أما هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل فأكمل هدي ، وقد بيَّنه الإمام ابن القيم ، فقال :
أ. كان إذا وضع يده في الطعام قال : "بسم الله" ، ويأمر الآكل بالتسمية ، ويقول :
"إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره" حديث صحيح . - رواه الترمذي (1859) و أبو داود (3767)- .
والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل ، .. وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ولا معارض لها .
ب. وكان إذا رفع الطعام من بين يديه يقول : "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنى عنه ربَّنا عز وجل ذكره البخاري . - البخاري ( 5142 ) - .
ج. وما عاب طعاماً قط ، بل كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه ، وسكت . - رواه البخاري ( 3370 ) ومسلم ( 2064 ) - .
وربما قال : "أجدني أعافه إني لا أشتهيه" . - رواه البخاري ( 5076 ) ومسلم ( 1946) - .
د. وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهلَه الإدام ، فقالوا : ما عندنا إلا خلّ ، فدعا به فجعل يأكل منه ، ويقول : "نِعْم الأُدْم الخل" . - رواه مسلم (2052) - .
هـ. وكان يتحدث على طعامه كما تقدم في حديث الخل .
وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله : "سمِّ الله وكُلْ مما يليك" . - رواه البخاري ( 5061 ) ومسلم ( 2022) - .
و. وربما كان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً ، كما يفعله أهل الكرم ، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن وقوله له مراراً : "اشرب"
فما زال يقول : "اشرب" حتى قال : والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً . - رواه البخاري ( 6087 ) - .
ز. وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منـزل عبد الله بن بسر ، فقال : "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم ، وارحمهم" ذكره مسلم . - رواه مسلم (2042) - .
ح. وكان يأمر بالأكل باليمين وينهى عن الأكل بالشمال ، ويقول : "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" - رواه مسلم (2020) - ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ؛ فإن الآكل بها إما شيطان ، وإما مشبه به .
وصح عنه أنه قال لرجل أكل عنده فأكل بشماله : "كل بيمينك" ، فقال لا أستطيع فقال : "لا استطعت" ، فما رفع يده إلى فيه بعدها . - رواه مسلم (2021) - فلو كان ذلك جائزاً لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبره حمله على ترك امتثال الأمر : فذلك أبلغ في العصيان ، واستحقاق الدعاء عليه.
ط. وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون "أن يجتمعوا على طعامهم ، ولا يتفرقوا وأن يذكروا اسم الله عليه يبارك لهم فيه" . - رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) - .
انظر لما سبق : " زاد المعاد " ( 2/ 397 - 406 ) .
ك. وصح عنه أنه قال : "لا آكل متكئاً" . - رواه البخاري ( 5083 ) .
ل. وكان يأكل بأصابعه الثلاث وهذا أنفع ما يكون من الأكلات .
انظر : " زاد المعاد " ( 220 - 222) ، والله أعلم .
2. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية :
أ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يأكل .
ب. ويأكل ما ينفع .
ج. ويجعل من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه ، لذلك روى لنا ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" .
رواه البخاري ( 5081 ) ومسلم ( 2060 ) .
د. وعلَّم أمته أمراً يحتمون به مِن أمراض الطعام والشراب فقال : "ما ملأ آدمي وعاء شرّاً من بطنٍ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه"
. رواه الترمذي (1381) وابن ماجه (3349) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2265 ) .
والله تعالى أعلم .
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:36
ما يُسمى " دعاء العرش " دعاء مبتدع مكذوب
السؤال
ما مدى صحة هذا الدعاء ، وهل له وجود في السنة النبوية ؟
قيل إن جبريل علية السلام أتى النبي صلى الله علية وسلم فقال : يا محمد ! السلام يقرئك السلام ، ويخصك بالتحية والإكرام ، وقد أوهبك هذا الدعاء الشريف
يا محمد ! ما من عبد يدعو وتكون خطاياه وذنوبه مثل أمواج البحار ، وعدد أوراق الأشجار ، وقطر الأمطار وبوزن السموات والأرض ، إلا غفر الله تعالى ذلك كله له
. يا محمد ! هذا الدعاء مكتوب حول العرش ، ومكتوب على حيطان الجنة وأبوابها ، وجميع ما فيها .. ومما ورد فيه : .... يا محمد ! ما من عبد قرأ هذا الدعاء إلا غفرت ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء
ومثل الرمل والحصى ، وقطر الأمطار ، وورق الأشجار ، ووزن الجبال وعدد ريش الطيور ، وعدد الخلائق الأحياء والأموات ، وعدد الوحوش والدواب ، يغفر الله تعالى ذلك كله
ولو صارت البحار مدادا ، والأشجار أقلاما ، والإنس والجن والملائكة ، وخلق الأولين والآخرين يكتبون لي يوم القيامة ، لفني المداد ، وتكسر الأقلام ، ولا يقدرون على حصر ثواب هذا الدعاء .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : بهذا الدعاء ظهر الإسلام والإيمان . وقال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه : نسيت القرآن مرارا كثيرة فرزقني الله حفظ القرآن ببركة هذا الدعاء .
وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : كلما أردت أن أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، أقرأ هذا الدعاء . وقال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه :
كلما أشرع في الجهاد أقرأ هذا الدعاء ، وكان تعالى ينصرني على الكفار ببركة هذا الدعاء . ومن قرأ هذا الدعاء وكان مريضا ، شفاه الله تعالى ، أو كان فقيرا أغناه الله تعالى
ومن قرأ هذا الدعاء وكان به هم أو غم زال عنه ، وإن كان عليه دين خلص منه ، وإن كان في سجن وأكثر من قراءته خلصه الله تعالى ، ويكون آمنا شر الشيطان ، وجور السلطان .
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لي جبريل : يا محمد ! من قرأ هذا الدعاء بإخلاص قلب ونية على جبل لزال من موضعه ، أو على قبر لا يعذب الله تعالى ذلك الميت في قبره ولو كانت
ذنوبه بالغة ما بلغت ؛ لأن فيه أسم الله الأعظم . وكل من تعلم هذا الدعاء وعلمه لمؤمنين يكون له أجر عظيم عند الله ، وتكون روحة مع أرواح الشهداء ، ولا يموت حتى يرى ما أعده الله تعالى له من النعيم المقيم .
فلازم قراءة هذا الدعاء في سائر الأوقات تجد خيرا كثيرا مستمرا إن شاء الله تعالى . فنسأل الله تعالى الإعانة على قراءته ، وأن يوفقنا والمسلمين لطاعته ، إنه على ما شاء قدير وبعباده خبير
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين . الدعاء : بسم الله الرحمن الرحيم : لا إله إلا الله الملك الحق المبين
لا إله إلا الله العدل اليقين ، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، سبحانك إني كنت من الظالمين ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك والحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير ، وإليه المصير
وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله إقرارا بربوبيته ، سبحان الله خضوعا لعظمته ، اللهم يا نور السموات والأرض ، يا عماد السموات والأرض ، يا جبار السموات والأرض ، يا ديان السموات والأرض
يا وارث السموات والأرض ، يا مالك السموات والأرض ، يا عظيم السموات والأرض ، يا عالم السموات والأرض ، يا قيوم السموات والأرض ، يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة . اللهم إني أسألك أن لك الحمد
لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السموات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، برحمتك يا أرحم الراحمين . بسم الله أصبحنا وأمسينا ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، وأن الجنة حق
والنار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور . الحمد لله الذي لا يرجى إلا فضله ، ولا رازق غيره . الله أكبر ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير .
اللهم إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تطهر بها قلبي ، وتكشف بها كربي ، وتغفر بها ذنبي ، وتصلح بها أمري ، وتغني بها فقري ، وتذهب بها شري ، وتكشف بها همي وغمي ، وتشفي بها سقمي
وتقضي بها ديني ، وتجلو بها حزني ، وتجمع بها شملي ، وتبيض بها وجهي . ............
اللهم استر عورتي ، واقبل عثرتي ، واحفظنى من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ومن تحتي ، ولا تجعلني من الغافلين . اللهم إني أسألك الصبر عند القضاء ، ومنازل الشهداء
وعيش السعداء ، والنصر على الأعداء ، ومرافقة الأنبياء ، يا رب العالمين . آمين يا أرحم الراحمين .
الجواب
الحمد لله
هذا الدعاء كذب مختلق مصنوع ، لا يجوز نقله ولا روايته ولا العمل به ، ومن تساهل في ذلك تعرض للوعيد الشديد ، وكان نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم خصمَه يوم القيامة ، وعلامة الوضع والكذب باديةٌ عليه
إذ لا يُعرف في ديننا دعاءٌ تكون له كل هذه الفضائل المبالغ فيها ، ولو كان شيء من ذلك موجودًا في شريعتنا لوجدتَ عشرات الأسانيد الصحيحة تتسابق في نقله وروايته
أما هذا الدعاء فلم يرد ولا بإسناد ضعيف .
يقول ابن القيم رحمه الله في "المنار المنيف" (ص/19)
في حديثه عن علامات الحديث الموضوع :
" اشتماله على المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهي كثيرة جدا
كقوله في الحديث المكذوب : ( من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة ، يستغفرون الله له ) وأمثال هذه المجازفات الباردة
التي لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين : إما أن يكون في غاية الجهل والحمق ، وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص بالرسول بإضافة مثل هذه الكلمات إليه " انتهى .
ويقول ابن حجر في "النكت" (2/843) :
" ومن جملة القرائن الدالة على الوضع الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير ، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية " انتهى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/372-373) :
" الدعاء المسمى بـ : ( دعاء العرش وفضائل دعاء العرش ) دعاء مبتدع ، لا أصل له ، ولا دليل عليه من الكتاب والسنة ، ولم ينسب إلى مرجع معتمد ، فهو من اختراع من وضعه ، وواضعه مجهول
وفيه ألفاظ مكذوبة ، مثل قوله : ( أسألك باسمك المكتوب على جناح جبريل وعلى ميكائيل وعلى جبهة إسرافيل ، وعلى كف عزرائيل الذي سميت به منكرا ونكيرا وبحق أسرار عبادك عليك )
وفيه وعود مكذوبة لأجل إغراء الناس بهذا الدعاء المبتدع ، مثل قوله : ( من دعا به مرة واحدة حشره الله يوم القيامة ووجهه يتلألأ . . إلخ )
( وإن كان له ذنوب أكثر من ماء البحر وقطر الأمطار . . إلخ )
( ويكتب له ثواب ألف عمرة مبرورة ، وإن قرأه خائف أمنه الله ، أو عطشان سقاه الله
أو جائع أطعمه الله . إلخ ) ( وإن حمله ذو عاهة برئ ، أو زوجة أكرمها زوجها ، وأمن من الجن والإنس والمردة والشياطين والأوجاع والأمراض ، ورجع إلى أهله إن كان غائبا . .) إلى آخر كذبه .
وهذا دعوة إلى تعليق التمائم والحروز والتعلق بغير الله .
فالواجب منع توزيعه ونشره وإتلاف ما وجد منه ، ومعاقبة من يروجه بين الناس ؛ لأنه دعوة لنشر البدع والخرافات وتعليق التمائم والحروز . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-17, 17:40
حديث ( لا يهين المرأة إلا اللئيم ) لا يثبت
السؤال
هل هذا الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا أدري بالضبط صيغة الحديث ، ما أعرفه أنه هكذا : الحديث ( لا يكرم المرأة إلا الكريم , ولا يهين المرأة إلا اللئيم , ولا يغلبن إلا الكريم , ولا يغلبهن إلا اللئيم
وأنا أريد أن أكون - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - مغلوبا أي كريما ، وليس غالبا أي لئيما )
الجواب
الحمد لله
لا نَعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل هذا الكلام بهذا اللفظ ، ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين
وإنما يُروَى في ذلك شيءٌ قريب من اللفظ المذكور ، ولكنه أيضا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا بيان ذلك :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ، ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم )
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (13/313) وعنه ابن أخيه في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" (109)
وهذا سند ابن عساكر :
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أخبرني القاضي أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي العجائز ، حدثني أبي ، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد
أنا جدي أبو عبد الله ، أنا مسدد بن عبد الله الحمصي قالا : نا أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف بن يعقوب الربعي ، نا أبو بكر وأبو القاسم محمد وعامر ابنا خريم بن محمد
قالا نا أبو عبد الغني الحسن بن علي بن عيسى الأزدي ، نا عبد الرزاق بن همام ، أنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة بن خالد ، عن علي بن أبي طالب به .
يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (845) :
" موضوع . وهذا إسناد واهٍ بِمَرَّة ، وفيه علل :
1 - داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة كما قال الحافظ في "التقريب" ، ومستنده قول ابن المديني : " ما رواه عن عكرمة فمنكر " . وكذا قال أبو داود .
2- إبراهيم الأسلمي : كذاب كما قال يحيى القطان وابن معين وابن المديني ، وروى أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (34/1) بسند صحيح عن يحيى بن سعيد قال
: " لم يُترك إبراهيم بن أبي يحيى للقدر ، وإنما للكذب " وقال ابن حبان (1/92) : " كان يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم ، ويكذب مع ذلك في الحديث "
3- أبو عبد الغني الأزدي : متهم بالوضع ، وفي ترجمته ساق ابن عساكر هذا الحديث ، وقال فيها
: " وكان ضعيفا " . ثم روى عن أبي نعيم أنه قال : " حدث عن مالك أحاديث موضوعة " . وكذا قال الحاكم ، ثم تعقب ابن عساكر أبا نعيم بقوله : " ولا أعلم روى عن مالك ولا أدركه "
قلت – القائل هو الشيخ الألباني رحمه الله - : وهو إنما يروي عن مالك بواسطة عبد الرزاق ، وقد ساق له الدارقطني من هذا الوجه حديثا وقال : " باطل ، وضعه أبو عبد الغني على عبد الرزاق "
وكذا رواه ابن عساكر في ترجمته ، لكن قد ساق له ابن حبان (1/235) حديثا آخر ، صرح فيه بقوله :
" حدثنا مالك " فهو من أكاذيبه عليه . وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات ، لا تحل الرواية عنه بحال " "انتهى باختصار .
وفيما ورد في إكرام النساء والإحسان إليهن من الأحاديث الصحيحة الكثيرة غُنيةٌ عن هذا الحديث المنكر ، وهي – بلا شك – أبلغ عبارة وأوفى بيانا وأعظم أثرا من كل مروي ضعيف أو مكذوب :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468)
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في صحيح الترمذي وفي "السلسلة الصحيحة" (1174)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ )
رواه أحمد (2/439) وحسنه النووي في "رياض الصالحين" (146) ومحققو مسند أحمد ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1015)
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/166) في شرح الحديث الأخير :
" بأن تعاملوهما برفق وشفقة ، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه ، ولا تقصروا في حقهما الواجب والمندوب ، وَوَصَفَهُمَا بالضعف استعطافا وزيادة في التحذير والتنفير
فإن الإنسان كلما كان أضعف كانت عناية الله به أتم ، وانتقامه من ظالمه أشد " انتهى .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:35
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
أحاديث نداء القبر وخطابه أحاديث ضعيفة منكرة
السؤال
هل حديث : " القبر ينادي خمس مرات المتوفى " حديث صحيح أم ضعيف وليس له أصل ؟
أرجو الرد مدعما بالحديث الصحيح ؛ لأن الموضوع مهم جدا جدا ، ولا نريد أن نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا السؤال أحمله أمانة في أعناقكم ، وأرجو الرد السريع مع جزيل الشكر .
الجواب
الحمد لله
جاء في خطاب القبر وندائه وكلامه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
الحديث الأول :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَلَّاهُ ، فَرَأَى نَاسًا كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ – يعني : يضحكون -
قَالَ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى ، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ الْمَوْتِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلَّا تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُولُ : أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ .
فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ . قَالَ : فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ .
وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أَوْ الْكَافِرُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ : لَا مَرْحَبًا وَلَا أَهْلًا ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ .
قَالَ : فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْتَقِيَ عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ . قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِهِ فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ . قَالَ : وَيُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنِّينًا ، لَوْ أَنْ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا ، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتَّى يُفْضَى بِهِ إِلَى الْحِسَابِ .
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ )
رواه الترمذي في سننه (2460) والبيهقى فى شعب الإيمان (1/498) من طريق القاسم بن الحكم العرني عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري به .
وقال الترمذي : حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وهذا سند ضعيف جدا ، فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي ، جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (7/55): عن أحمد بن حنبل : ليس بمحكم الحديث ، يكتب حديثه للمعرفة .
و قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم : ضعيف الحديث . وقال النسائى : متروك الحديث
. وقال ابن عدي : ضعيف جدا ، يتبين ضعفه على حديثه . وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات ، حتى يسبق إلى القلب أنه المُتَعَمِّد لها ، فاستحق الترك
. وقال الحاكم : روى عن محارب أحاديث موضوعة . وقال أبو نعيم الأصبهانى : يحدث عن محارب بالمناكير ، لا شيء " انتهى .
لذلك قال الحافظ العراقي عن هذا الحديث ـ "تخريج الإحياء" (1/400) ـ :
" فيه عبيد الله بن الوليد الصافي ضعيف " ، وضعفه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (359) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (269)
وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (10/749) :
" عطية ضعيف مدلس والوصافي ضعيف جدا " انتهى .
وقال في "ضعيف الترمذي" :
" ضعيف جدا ، ولكن جملة ( هاذم اللذات ) صحيحة " انتهى .
الحديث الثاني :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ ، فَجَلَسَ إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا ، فَقَالَ : مَا يَأْتِي عَلَى هَذَا الْقَبْرِ مِنْ يَوْمٍ إلا وَهُوَ يُنَادِي بِصَوْتٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ : يَا ابْنَ آدَمَ ! كَيْفَ نَسِيتَنِي ؟
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَبَيْتُ الْغُرْبَةِ ، وَبَيتُ الْوَحْشَةِ ، وَبَيْتُ الدُّودِ ، وَبَيْتُ الضِّيقِ ، إلا مَنْ وَسَّعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ )
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8/273)
وفي "المعجم الكبير" في القطعة المفقودة من الثالث عشر برقم (1363) من طريق محمد بن أيوب بن سويد أخبرنا أبي أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به .
وقال : " لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا أيوب بن سويد تفرد به ابنه " انتهى .
وهذا سند ضعيف جدا ، بسبب محمد بن أيوب بن سويد
جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (3/487) :
" ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه ، قال أبو زرعة : رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة "
انتهى . وانظر "المجروحين" (2/299)
ولذلك قال الحافظ الهيثمي عن هذا الحديث ـ "مجمع الزوائد" (3/165) ـ
: " فيه محمد بن أيوب بن سويد وهو ضعيف "
انتهى . وضعفه الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" (62)
والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (359) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (269) وغيرهم ، وقال الألباني في " السلسلة الضعيفة" (4990) : موضوع .
الحديث الثالث :
عن أبي الحجاج الثمالي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يَقُولُ الْقَبْرُ لِلْمَيِّتِ حِينَ يُوضَعُ فِيهِ : وَيْحَكَ ابْنَ آدَمَ ! مَا غَرَّكَ بِي ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْفِتْنَةِ ، وَبَيْتُ الظُّلْمَةِ ، وَبَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَبَيْتُ الدُّودِ ؟
مَا غَرَّكَ بِي إِذَ كُنْتَ تَمُرُّ بِي فَدَّادًا – يعني متبخترا - ؟
فَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا أَجَابَ عَنْهُ مُجِيبُ الْقَبْرِ ، فَيَقُولُ : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ الْقَبْرُ : إِذَنْ أَعُودُ إِلَيْهِ خَضْرَاءَ ، وَيَعُودُ جَسَدُهُ نُورًا ، وَيَصْعَدُ رُوحُهُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ )
أخرجه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (1/281) ، وابن أبى عاصم فى "الآحاد والمثاني" (4/371) ، وأبو يعلى (12/285) والطبرانى (22/377) ، وأبو نعيم فى "الحلية" (6/90)
جميعهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن هيثم بن مالك عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن أبي الحجاج الثمالي رضي الله عنه به .
وهذا سند ضعيف بسبب أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم
قال فيه أحمد : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : منكر الحديث .
وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني : ضعيف . وقال ابن حبان : كان من خيار أهل الشام ، ولكن كان رديء الحفظ ، يحدث بالشىء فَيَهِم ، ويكثر ذلك ، حتى استحق الترك
. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (12/29)
لذلك قال الهيثمى (3/164) : " فيه أبو بكر بن أبى مريم ، وفيه ضعف لاختلاطه " انتهى .
وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (5/252) : إسناده ضعيف . وقال الذهبي في "العلو" (29): " هذا حديث غريب ، وابن أبي مريم ضعيف من قبل حفظه " انتهى .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:35
الخلاصة :
أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في نداء القبر شيء ، والأحاديث التي جاءت بذلك منكرة شديدة الضعف ، مع أنه ليس في شيء مما وقفنا عليه منها تقييد ذلك النداء بخمس مرات ، إنما فيه مطلق النداء ، والله أعلم .
وقد ورد في كلام بعض السلف من المواعظ شيء فيه نداء القبر وخطابه :
فأخرج ابن عبد البر في "التمهيد" (18/145) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال :
" إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول : يا ابن آدم ! ما غرك بي ؟ ألم تعلم أني بيت الوحدة ؟ ألم تعلم أني بيت الظلمة ؟ ألم تعلم أني بيت الحق ؟ يا ابن آدم ! ما غرك بي ؟
! لقد كنت تمشي حولي فدادا – يعني : متبخترا – " انتهى .
وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (1/360) : عن بلال بن سعد قال :
" ينادي القبر كل يوم : أنا بيت الغربة ، وبيت الدود والوحشة ، وأنا حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة " انتهى .
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/165) وهناد في "الزهد" (209) وأبو نعيم في "الحلية" (3/271) من كلام عبيد بن عمير ، وهو من كبار التابعين الثقات ، أخرج له أصحاب الكتب الستة ، توفي سنة (68هـ) قال :
" إن القبر ليقول : يا بن آدم ! ماذا أعددت لي ؟! ألم تعلم أني بيت الغربة ، وبيت الوحدة ، وبيت الأكلة ، وبيت الدود " انتهى .
والذي يظهر أن هذا الكلام ممن قاله من السلف ، إنما هو ـ والله أعلم ـ من باب الوعظ والتخويف ، وحكاية لسان حال القبر وحال المعرض الغافل
يقصدون به تذكير الناس والتأثير البليغ فيهم ، لا أنه ينطق بذلك فعلا ، وإن كان ذلك ـ لو ثبت به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير مستنكر ولا بعيد .
يقول الحافظ ابن الجوزي في "بستان الواعظين ورياض السامعين" (181) :
" عباد الله ! ما من أحد - لا مؤمن ولا فاجر - إلا وقبره يناديه بكرة وعشية : إما بالبشرى والسرور
وإما بالويل والثبور ، فمن فكر فيه وفي وحشته ، وضيقه وغمته
كان عليه أوسع من الدنيا ، وأفرج منها ، وأبدله الله خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وجعل القبر خيرا من داره ، فأكثروا ذكره في الآناء والأوقات ، وأطيعوا جبار الأرضين والسموات
عساه يجعله لكم روضة من رياض الجنات ، ويقيكم فيه الذل والحسرات .
فاللهَ اللهَ ، جدوا في العمل ، فإن القبر أمامكم ، والموت يطلبكم ، يفرق ما جمعتم ، ويخرب ما قد بنيتم بقطع الأنفاس ، وينقلكم إلى ضيق اللحود والأرماس
فمن قدم إلى القبر عملا صالحا وجده روضة من رياض الجنان ، ومن لم يكن له عمل وجده حفره من حفر النيران ، فاستعدوا له يا معشر الأصحاب والإخوان " انتهى .
فينبغي لمن أراد أن يذكر شيئا قريبا من كلامهم ألا ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
بل يحكيه على أنه من لسان حال القبر ، وكأن القبر لو قدر له أن ينطق لصاح بهذا الخطاب ، وبهذا يتحقق المقصود من الموعظة ، ويسلم المرء من إثم التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:40
حديث طويل مكذوب في سياق قصة موت النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
أفيدونا عن صحة الحديث المروي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" عن جابر في قوله : ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً )
قال : لما نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم قال : " يا جبريل نفسي قد نعيت " .
قال جبريل عليه السلام : ( وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ) ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن ينادي بـ ( الصلاة جامعة ) ، فاجتمع المهاجرون والأنصار
ثم صلى بهم عليه الصلاة والسلام ، ثم صعد المنبر ، فحمد الله عز وجل ، وأثنى عليه ، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب ، وبكت منها العيون ، ثم قال : أيها الناس ! أي نبي كنت لكم ؟
قالوا : جزاك الله من نبي خيراً ، كنت لنا كالأب الرحيم ، وكالأخ الناصح الشفيق
أديت رسالات الله عز وجل ، وأبلغتنا وحيه ، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبياً عن أمته ..... ، فذكر الحديث بطوله ) .
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث الطويل يرويه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" (3/58) وعنه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/74) ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/295)
قال : حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه عن وهب بن منبه : عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما به .
قال الهيثمي بعد إيراده هذا الحديث (8/605) :
" رواه الطبراني ، وفيه عبد المنعم بن إدريس : وهو كذاب وضاع " انتهى .
وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/301) :
" هذا حديث موضوع محال ، كافأ الله من وضعه ، وقبَّح من يشين الشريعة بمثل هذا التخليط البارد ، والكلام الذى لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالصحابة .
والمتهم به عبد المنعم بن إدريس : قال أحمد بن حنبل : كان يكذب على وهب . وقال يحيى : كذاب خبيث .
وقال ابن المدينى وأبو داود : ليس بثقة . وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني : هو وأبوه متروكان ." انتهى .
وكذا ذكره في الموضوعات السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/257) وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/330) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (324)
وقد احتوى هذا الحديث المكذوب جملا من الأمور :
1- فيه ذكر قصة وفاته صلى الله عليه وسلم واستئذان ملك الموت عليه
وذكر تفاصيل غير ثابتة في تلك الحادثة العظيمة ، ومن المعلوم لدى أهل العلم أن قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر المواضيع التي كذب فيها الكذابون ، وتناقل الناس فيها أشياء لا تثبت .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :
" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها ، ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم
فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .
ولم يصح في استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم لقبض روحه أي حديث وأي خبر ، وكل ما ورد في ذلك إما منكر أو موضوع ،
وانظر جواب السؤال القادم
2- أما قصة طلب عكاشة القصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء ما يشبهها من طريق صحيح ؛ لكن فيها أن الذي طلب القصاص هو أسيد بن حضير رضي الله عنه
فقد روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ :
( بَيْنَمَا هُوَ – يعني أسيد بن حضير - يُحَدِّثُ الْقَوْمَ - وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ - بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ . فَقَالَ : أَصْبِرْنِي
. فَقَالَ : اصْطَبِرْ . قَالَ : إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ . فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَمِيصِهِ ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ ، قَالَ : إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ )
رواه أبو داود (5224) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/102) ، ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/205) والحاكم في "المستدرك" (3/327) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/76) .
وهذا الحديث سنده صحيح ، صححه الحاكم وكذا الذهبي ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
جاء في "عون المعبود" (14/90) :
" ( فطعنه النبي صلى الله عليه و سلم ) أي ضربه على سبيل المزاح
( فقال ) أي أسيد ( أصبرني ) أي : أقدرني ومكني من استيفاء القصاص حتى أطعن في خاصرتك كما طعنت في خاصرتي . ( اصطبر ) أي : استوف القصاص .
( فاحتضنه ) أي اعتنقه وأخذه في حضنه وهو ما دون الإبط إلى الكشح .
( وجعل يقبل كشحه ) هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الأقصر من أضلاع الجنب .
( قال إنما أردت هذا ) أي : ما أردت بقولي أصبرني إلا هذا التقبيل ، وما أردت حقيقة القصاص " انتهى .
3- وفي الحديث جمل منكرة شنيعة :
منها : ( فإن أول من يصلي علي الرب عز وجل من فوق عرشه ) وهل يصلي الله على الناس صلاة الجنازة ؟! هذا من شنيع كذب الوضاعين .
ومنها قوله : ( فلما بلغ الروح الركبتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوه . فلما بلغ الروح السرة نادى النبي صلى الله عليه وسلم : واكرباه .
فلما بلغ الروح إلى الثندؤة نادى النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ! ما أشد مرارة الموت )
ووجه النكارة أن فيه إشعارا بتسخط النبي صلى الله عليه وسلم وجزعه عند الموت ، وحاشاه من ذلك
.
ومنها قوله : ( فكبرنا بتكبير جبريل عليه السلام ، وصلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة جبريل عليه السلام ) ولا يعرف أن الملائكة تؤم المسلمين وتصلي بهم ، إنما هذا من منكر ما يرويه الرواة المتهمون .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:44
تخريج حديث استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض روحه
السؤال
ما صحة هذا الحديث : ( دخل الملك جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ملك الموت بالباب ، ويستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن من أحد قبلك
فقال له : ائذن له يا جبريل . ودخل ملك الموت وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى .
فوقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم ( كما سيقف عند رأس كل واحد منا ) وقال : أيتها الروح الطيبة ، روح محمد بن عبد الله ، اخرجي إلى رضى من الله ورضوان ورب راضٍ غير غضبان ).
الجواب
الحمد لله
في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أحداثٌ كثيرةٌ
روى فيها الرواةُ الشيءَ الكثير ، ولكن خُلِطَ الصحيح فيه بالمكذوب ، وتساهل الكثيرون في ذكر ما ليس له أصل ، وما لم يأت إلا من طريق منكر متروك
والذي يبتغي السلامة في هذا الباب عليه بالأحاديث الصحيحة ، إذ فيها الغنية والكفاية ، وفيها من وصف أحداث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه العبرة والعظة والحكمة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :
" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها
ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم ، فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .
وبعد البحث في مرويات قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم نقف على الحديث الذي ذكره السائل
بهذا اللفظ لكن رويت أحاديث في استئذان ملك الموت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ قريب مما ذكره السائل ، ولكنها أحاديث ضعيفة حكم عليها العلماء بالنكارة والوضع ، فمن ذلك :
حديث يرويه علي بن الحسين عن أبيه في قصة طويلة فيها ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبته له .
وهذه قصة رواها الطبراني في المعجم الكبير (3/129)
وفي كتاب الدعاء (1/367) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/35) : فيه عبد الله بن ميمون القداح ، وهو ذاهب الحديث .
وكذلك حكم عليه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/560) والحافظ ابن حجر في "أجوبة بعض تلامذته" (1/87)
وابن كثير في البداية والنهاية (5/290) وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5384) : موضوع .
وحديث آخر يرويه ابن عباس رضي الله عنها ، وفيه ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه .
رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/141) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/36) : وفيه المختار بن نافع وهو ضعيف .
وقال العراقي في تخريج الإحياء (4/560) :
وفيه المختار بن نافع منكر الحديث .
وأما تخييره صلى الله عليه وسلم بين الموت والبقاء في الدنيا ، وكذلك قوله : ( بل الرفيق الأعلى ) فهذا ثابت عنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها
وقد سبق ذكره في جواب السؤال القادم فليرجع إليه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لقصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكرت بعض كتب التاريخ أن ملك الموت أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه على شكل أعرابي ، ما صحة هذا الكلام ؟
فأجاب رحمه الله :
" هذا غير صحيح ...لم يأته ملك الموت ولم يستأذن منه ، بل خطب – صلى الله عليه وسلم –
في آخر حياته خطبة وقال : ( إن عبدا خيَّره الله تعالى بين الخلد في الدنيا ما شاء الله
وبين لقاء ربه ، فاختار لقاء ربه ) هكذا قال في آخر حياته ، فبكى أبو بكر ، فتعجب الناس كيف يبكي أبو بكر من هذه الكلمات ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو المُخيَّر
وكان أبو بكر أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا الذي ورد ، أما أن ملك الموت جاء يستأذنه فهذا غير صحيح "
انتهى . "لقاء الباب المفتوح" (2/340)
ومن أراد المزيد من الأحاديث الصحيحة في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع إلى كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (5/248) باب احتضاره ووفاته عليه الصلاة والسلام
وكذلك كتاب "صحيح السيرة النبوية" تأليف إبراهيم العلي ، الباب السادس : مرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – ووفاته .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:47
آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال
ما هو آخر حديث نطق به الرسول صلي الله عليه وسلم قبل أن يودع عليه الصلاة والسلام الدنيا ؟.
الجواب
الحمد لله
آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يودع الدنيا : ( اللهم الرفيق الأعلى ) وعلى ذلك بوب البخاري في كتاب المغازي من صحيحه ، باب : آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
: وساق حديث عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ
عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى فَقُلْتُ إِذًا لا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا
وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ٌ) رواه البخاري (4463) ومسلم (2444)
وأما ما رواه أحمد (1691) من حديث أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ
صححه الألباني في الصحيحة برقم (1132) وما رواه أبو داود (5156) وابن ماجه (2698) من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ آخِرُ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم )
صححه الألباني في صحيح أبي داود ، ونحو ذلك من الأحاديث فالمراد بها أن ذلك من آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أو أن ذلك آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ـ من الذي كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده . فهذه الأحاديث آخريتها نسبية ، وأما حديث عائشة فآخريته مطلقة .
انظر فيض القدرير للمناوي (5/250-251).
فائدة : قال السهيلي : الحكمة من اختتام كلام المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الكلمة ( اللهم الرفيق الأعلى ) كونها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب
حتى يستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان ، لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع ، فلا يضره ، إذا كان قلبه عامرا بالذكر .
نقله الحافظ في الفتح (8/138) .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:53
النوم بعد العصر وحديث ( عجبت لمن عام ونام بعد العصر )
السؤال
هل هناك حديت نبوي يقول : ( عجبت لمن عام ونام بعد العصر ) ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لم يصح في أمر النوم بعد العصر ، مدحا أو ذما ، حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، والحديث الذي يذكره السائل الكريم غير مروي في الكتب المسندة
ولم يذكره أحد من أهل العلم ، فهو حديث مكذوب لا أصل له ، فلا يجوز اعتقاد صحته ، ولا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الكذب عليه صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب .
ثانيا :
ومن الأحاديث المكذوبة المشتهرة على ألسنة الناس في شأن ذم النوم بعد العصر ، حديث :
( من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه )
قال الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1/112/حديث رقم 39) :
" ضعيف . أخرجه ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" ( 1 / 283 ) من طريق خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 69 ) وقال : لا يصح ، خالد كذاب ، والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث .
قال السيوطي في " اللآليء " (2 /150) : قال الحاكم وغيره : كان خالد يدخل على الليث من حديث ابن لهيعة ، ثم ذكره السيوطي من طريق ابن لهيعة فمرة قال : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا .
ومرة قال : عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا . و ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه . و قد رواه على وجه ثالث
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 211/1) والسهمي في "تاريخ جرجان" (53) عنه عن عقيل عن مكحول مرفوعا مرسلا . أخرجاه من طريق مروان
قال : قلت لليث بن سعد - ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان - يا أبا الحارث ! مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة .. ؟ فذكره
قال الليث : لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل !
ثم رواه ابن عدي من طريق منصور بن عمار حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده .
والحديث رواه أبو يعلى وأبو نعيم في " الطب النبوى " (12/2 نسخة السفرجلاني ) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا .
وعمرو بن الحصين هذا كذاب كما قال الخطيب وغيره ، وهو راوي حديث العدس وهو :
( عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا ) وهو حديث موضوع " انتهى
كلام الشيخ الألباني رحمه الله .
ثالثا :
أما حكم النوم بعد العصر فقد جاء فيه قولان عن أهل العلم :
الأول : الكراهة ، وقد نص عليه كثير من الفقهاء في كتب الفقه ، وبعضهم يستدل عليه بالحديث السابق ، المشار إلى ضعفه ، وبعضهم يستدل عليه ببعض الآثار السلفية ، والتجربة الطبية .
جاء عن خَوَّات بن جبير من الصحابة أنه قال عن النوم بعد آخر النهار إنه حُمق .
وجاء عن مكحول من التابعين أنه كان يكره النوم بعد العصر ، ويخاف على صاحبه من الوسواس .
انظر "مصنف ابن أبي شيبة" (5/339)
ونقل المروذي قال : سمعت أبا عبد الله – يعني الإمام أحمد بن حنبل – يكره للرجل أن ينام بعد العصر ، يخاف على عقله .
نقله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/159) وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/22)
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/219) :
" ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ، ويفسد اللون ويورث الطحال ويرخي العصب ، ويكسل ويضعف الشهوة ، إلا في الصيف وقت الهاجرة .
وأردؤه نوم أول النهار ، وأردأ منه النوم آخره بعد العصر .
ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة فقال له : قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق ؟
... قال بعض السلف : من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه " انتهى .
وانظر "مطالب أولي النهى" (1/62) ، "غذاء الألباب" (2/358) ، "كشاف القناع" (1/79) ، "الآداب الشرعية" ابن مفلح (3/159) ، "أدب الدنيا والدين" (355-356) ، "شرح معاني الآثار" (1/99)
الثاني : هو الجواز ، لأن الأصل هو الإباحة ، ولم يرد النهي عنه في حديث صحيح ، والأحكام الشرعية تؤخذ من الأحاديث الصحيحة ، لا من الأحاديث الضعيفة فضلا عن المكذوبة ، ولا من آراء الناس .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة"
(حديث رقم/39) بعد أن أورد عن الليث بن سعد الفقيه المصري المعروف
إنكاره النهي عن نومة العصر ، وقوله لمن سأله : مالك تنام بعد العصر ؟ لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل – علق على ذلك الشيخ رحمه الله قائلا :
" ولقد أعجبني جواب الليث هذا ، فإنه يدل على فقه وعلم ، ولا عجب
فهو من أئمة المسلمين ، والفقهاء المعروفين ، وإني لأعلم أن كثيرا من المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر ، ولو كانوا بحاجة إليه
فإذا قيل له : الحديث فيه ضعيف ، أجابك على الفور : يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال !
فتأمل الفرق بين فقه السلف ، وعلم الخلف ! " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/148) :
" سمعت من أناس تحريم النوم بعد العصر ، هل ذلك صحيح ؟
فجاء الجواب :
" النوم بعد العصر من العادات التي يعتادها بعض الناس ، ولا بأس بذلك ، والأحاديث التي في النهي عن النوم بعد العصر ليست بصحيحة " انتهى .
وهذا القول هو الراجح ، لعدم صحة النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم
وأما ما جاء عن السلف من الآثار التي تنهى عن نومة العصر ، فهي محمولة على الكراهة من جهة الطب لا من جهة الشرع
يعني لما اشتهر عند العرب قديما وبين بعض الأطباء الأوائل أن النوم بعد العصر غير صحي ، وقد يؤدي إلى إضرار في البدن ، فكرهوا للإنسان النوم بعد العصر كي لا يضر نفسه ، من غير نسبة ذلك إلى السنة والتشريع .
فيرجع في الأمر إلى الطب ، فإن ثبت من جهته الضرر والأذى ، كره للمرء أن يضر نفسه ، وأما الشرع فلم يثبت فيه النهي عن ذلك ابتداء .
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 18:58
حكم النوم بعد الفجر وبعد العصر
السؤال
هل هناك حكم يتعلق بالنوم بعد الفجر؟
الجواب
الحمد لله
بالنسبة للنوم بعد صلاة الإنسان للفجر ، فلم يرد نص يمنع منه ، فهو باق على الأصل ( وهو الإباحة ) .
ولكن كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم إذا صلوا الفجر جلسوا في مصلاهم حتى تطلع الشمس ، كما ثبت في " صحيح مسلم 1/463 رقم 670 " من حديث سماك بن حرب قال :
( قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم
كثيراً ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح - أو الغداة - حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام ؛ وكانوا يتحدثون ، فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ويتبسم .
وأيضا فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يبارك لأمته في بكورها ، كما في حديث صخر الغامدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اللهم بارك لأمتي في بكورها ) قال : وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم في أول النهار ، وكان صخرٌ رجلاً تاجراً ، وكان يبعث تجارته أول النهار
فأثرى وأصاب مالاً . خرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد فيه جهالة ، وجاء ما يشهد له من حديث علي وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم جميعاً -
ومن هنا كره بعض السلف النوم بعد الفجر
فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ( 5/222 رقم 25442 ) بإسناد صحيح عن عروة بن الزبير أنه قال : كان الزبير ينهى بنيه عن التصبح ( وهو النّوم في الصّباح ) ، قال عروة : إني لأسمع أن الرجل يتصبح فأزهد فيه .
والخلاصة أن الأولى بالإنسان أن يقضي هذا الوقت فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة ، وإن نام فيه ليتقوى على عمله فلا بأس ، لا سيما إذا كان لا يتيسر له النوم في غير هذا الوقت من النهار
وخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ( 5/223 رقم 25454 ) من حديث أبي يزيد المديني قال :
غدا عمر على صهيب فوجده متصبّحاً ، فقعد حتى استيقظ ، فقال صهيب : أمير المؤمنين قاعد على مقعدته ، وصهيب نائم متصبّح !! فقال له عمر : ما كنت أحب أن تدع نومة ترفق بك .
وأما النوم بعد العصر فهو جائز ومباح أيضاً ، ولم يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن النوم في هذا الوقت .
وأما ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه " فهو حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر : " السلسة الضعيفة ، رقم : 39
" والله أعلم .
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-12-18, 19:05
أحاديث ذم العزوبة كلها باطلة
السؤال
أريد شرح وتفسير هذه الأحاديث النبوية ، وهل هي صحيحة ؟
روي عن رسول الله صلى الله و سلم أنه قال
: 1- ( تزوج وإلا فأنت من إخوان الشياطين )
2- ( النكاح سنتي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني )
3- ( أراذل موتاكم العزاب ) بارك الله فيكم , مع خالص الشكر والتحية .
الجواب
الحمد لله
أولا :
ثبت في السنة النبوية الصحيحة الحث على الزواج والترغيب في النكاح
وجاءت بذلك شواهد الكتاب والسنة المتكاثرة ، وذلك لما في الزواج من فضيلة ظاهرة ومحاسن كثيرة ، وقد سبق في موقعنا بيان الكثير من ذلك بالشرح والتفصيل :
فانظر مثلا السؤالين القادمين
ومن الأحاديث التي تحث على الزواج ما جاء في الصحيحين : البخاري (5063) ومسلم (1401) عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال :
( جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ .
قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا .
وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ .
وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا .
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا !! أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )
لكن لا يصلح هذا الحديث أن يكون دليلا على ذم العزوبة وترك الزواج مطلقا ، إلا إذا ترك الزواج رهبانية وتقربا إلى الله بهذا الترك ، وظنا أن العزَب أفضل من المتزوج
فحينئذ يشمله هذا الحديث ، ويكون ممن تبرأ منهم النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (9/105-106) :
" المراد بـ "السنة" الطريقة ، لا التي تقابل الفرض ، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره ، والمراد : مَن ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني ، ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية
فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى ، وقد عابهم بأنهم ما وَفَوْهُ بما التزموه ، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة
فيفطر ليتقوى على الصوم ، وينام ليتقوى على القيام ، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل .
وقوله : ( فليس مني ) إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه ، فمعنى " فليس مني " أي : على طريقتي ، ولا يلزم أن يخرج عن الملة .
وإن كان إعراضا وتنطعا يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله فمعنى ( فليس مني ) : ليس على ملتي ؛ لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر .
وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه " انتهى .
إذن فليس في الحديث دلالة على ذم العزوبة بالإطلاق ، خاصة إذا كانت نتيجةَ ظروف أو عدم رغبة في النكاح أو مرض أو نحو ذلك من الأعذار
وكيف تأتي الشريعة بذم من لا يستحق الذم ، ومن كان قَدَرُه ألا يجتمع بزوجة يأنس إليها وتأنس إليه !!
والغريب أن بعض الكذابين أرادوا أن يناقضوا أولئك الذين يذمون العزوبة مطلقا ، فوضعوا من الأحاديث في مدح العزوبة
وكذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ، حتى قال ابن القيم رحمه الله في "المنار المنيف" (ص/177) : " أحاديث مدح العزوبة كلها باطلة " انتهى .
من هنا تعلم أنه لا يصح حديث في ذم العزوبة ولا في مدحها ، وكل حديث فيه ذم للعَزَب وتنقيصٌ لقدره فهو حديثٌ باطلٌ أو منكر ، فقد جمع العلماء هذه الأحاديث ودرسوها فلم يجدوا فيها شيئا صحيحا ثابتا .
يقول الإمام السخاوي في "المقاصد الحسنة" (135) بعد أن ذكر شيئا من أحاديث ذم العزوبة :
" إلى غيرهما من الأحاديث التي لا تخلو من ضعف واضطراب ، ولكنه لا يبلغ الحكم عليه بالوضع "
انتهى . وبمثله قال الفتني في "تذكرة الموضوعات" (125)
ثانيا :
أما حديث : ( تزوج وإلا فأنت من إخوان الشياطين ) وحديث ( أراذل موتاكم العزاب ) .
فقد جاءا في حديث عُكاف بن وداعة الهلالي من طرق كلها ضعيفة ، قال فيها الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/536) بعد أن ذكرها في ترجمته : " والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطراب "
انتهى . وقال في "تعجيل المنفعة" (2/20) : " لا يخلو طريق من طرقه من ضعف " انتهى
.
وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/609) :
" هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم...قالوا لا يصح من هذا شيء " انتهى .
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" : " والأسانيد فيه كلها ضعيفة " انتهى .
وحكم عليه الشيخ الألباني بالنكارة في "السلسلة الضعيفة" (2511) (6053)
وطرقه مضطربة ، تجتمع عند مكحول الدمشقي الثقة فقيه أهل الشام "تهذيب التهذيب" (10/292) إلا أن الضعف في الطريق الموصلة إليه ، أو في الشيخ الذي أخذ عنه :
1- فقد جاء من طرق عن بُرد بن سنان – وهو ثقة – عن مكحول عن عطية بن بسر الهلالي عن عكاف بن وداعة الهلالي ، ولفظه :
( أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا عكاف ! ألك امرأة ؟ قال : لا . قال : فجارية ؟ قال : لا .
قال : وأنت صحيح موسر ؟ قال : نعم
. قال : فأنت إذا من إخوان الشياطين ، إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم ، وإن كنت منا فإن من سنتنا النكاح ، يا ابن وداعة ! إن شراركم عزابكم
وأراذل موتاكم عزابكم ، يا بن وداعة ! إن المتزوجين المبرءون من الخنا ، أبا الشيطان تمرسون
والذي نفسي بيده ما للشيطان سلاح أبلغ - وقال بعضهم أنفذ - في الصالحين من الرجال والنساء من ترك النكاح ، يا ابن وداعة ! إنهن صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف
قال : بأبي وأمي يا رسول الله وما كرسف ؟ قال : رجل عبد الله على ساحل البحر خمسمائة عام - وقال بعضهم ثلاثمائة عام - يقوم الليل ويصوم النهار ، فمرت به امرأة فأعجبته فتنها
وترك عبادة ربه وكفر بالله ، وتدارك الله عز وجل بما سلف فتاب عليه ، قال : بأبي وأمي يا رسول الله زوجني ؟ قال : زوجتك باسم الله والبركة زينب بنت كلثوم الحميرية )
رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/356) وابن قانع في "معجم الصحابة" (1274)
وعلة هذه الرواية عطية بن بسر ، قال العقيلي : لا يتابع عليه . ثم أسند إلى البخاري قوله : عطية بن بسر عن عكاف بن وداعة لم يقم حديثه .
وقال ابن حبان في "الثقات" (5/261) : " عطية بن بسر ، شيخ من أهل الشام ، حديثه عند أهلها ، روى عنه مكحول في التزويج متنا منكرا ، وإسناده مقلوب " انتهى .
2- وجاء من طريق محمد بن راشد عن مكحول عن رجل عن أبي ذر فذكر نحوه ، ولكن في لفظه : ( تزوج وإلا فأنت من المذبذبين )
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6/171/10387) ، وعنه أحمد (5/163) ، وعنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/118)
وعلة هذه الطريق جهالة شيخ مكحول ، ولعله هو عطية بن بسر الهلالي المذكور في الرواية السابقة . أما محمد بن راشد فكلام الأئمة على توثيقه .
"تهذيب التهذيب" (9/160)
3- من طريق معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازني .
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/195)
وأبو يعلى في "مسنده" (12/260) وبحشل في "تاريخ واسط" (ص201) وابن حبان في "المجروحين" (3/3)
والطبراني في "المعجم الكبير" (18/85 - 86) ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/356) والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/381) وابن الأثير في "أسد الغابة" (4/43)
وهو عند أبي نعيم في "معجم الصحابة" (4961) بشكل مختلف ، ولكن العلة واحدة وهي في معاوية بن يحيى الصدفي
جاء في "تهذيب التهذيب" (10/220)
قال ابن معين : هالك ليس بشىء . وقال أبو زرعة : ليس بقوى ، أحاديثه كأنها مقلوبة .
و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، فى حديثه إنكار . وقال أبو داود : ضعيف . وقال النسائى : ضعيف . وقال أبو أحمد بن عدى : عامة رواياته فيها نظر .
وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/335) : فيه معاوية بن يحيى منكر الحديث جدا ، تغير حفظه فكان يحدث بالوهم فيما سمع " انتهى .
وكذا أعله الدارقطني في "التعليقات على المجروحين" (255) والزيلعي في "تخريج الكشاف" (2/439) والهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/253)
والحاصل أن طرق هذا الحديث كلها ساقطة واهية ، ولا يقوي بعضها بعضا لما فيها من النكارة والاضطراب ، والمتن منكر كما سبق بيانه .
ثالثا :
أما حديث ( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فلفظه ، كما رواه ابن ماجه (1846) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي ، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ، وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ )
وفي إسناده عيسى بن ميمون ، وهو ضعيف ؛ قال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء . انظر : ميزان الاعتدال (4/245-246) .
ولأجل ذلك قال البوصيري في تخريج حديث عائشة السابق : " إِسْنَاده ضَعِيف لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْف عِيسَى بْن مَيْمُون الْمَدِينِيّ ، لَكِنْ لَهُ شَاهِد صَحِيح . " اهـ
وانظر السلسلة الصحيحة (2383) .
والله أعلم .
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir