تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه


الصفحات : [1] 2

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:11
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة

اهلا و مرحبا بكم في سلسلة جديدة

الأسرة في الإسلام

لقد اعتنى الإسلام بالآداب منذ بدء تكوينها فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل وعواصف الأزمات .

وهناك آداب يلتزم بها المسلم مع الله
-سبحانه- ومنها

عدم الإشراك بالله:

فالمسلم يعبد الله -سبحانه- ولا يشرك به أحدًا، فالله-سبحانه- هو الخالق المستحق للعبادة بلا شريك، يقول تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا} [النساء: 36].

إخلاص العبادة لله:

فالإخلاص شرط أساسي لقبول الأعمال، والله -سبحانه- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه، بعيدًا عن الرياء، يقول تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}
[الكهف: 110].

مراقبة الله:

فالله -سبحانه- مُطَّلع على جميع خلقه، يرانا ويسمعنا ويعلم ما في أنفسنا، ولذا يحرص المسلم على طاعة ربه في السر والعلانية، ويبتعد عمَّا نهى عنه، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) _[متفق عليه].

الاستعانة بالله:

المسلم يستعين بالله وحده، ويوقن بأن الله هو القادر على العطاء والمنع، فيسأله سبحانه ويتوجه إليه بطلب العون والنصرة، يقول تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران: 26]

ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله) [الترمذي].

محبة الله:

المسلم يحب ربه ولا يعصيه، يقول تعالى: {والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [البقرة: 165].

تعظيم شعائره:

المسلم يعظم أوامر الله، فيسارع إلى تنفيذها، وكذلك يعظم حرمات الله، فيجتنبها، ولا يتكاسل أو يتهاون في أداء العبادات، وإنما يعظم شعائر الله؛ لأنه يعلم أن ذلك يزيد من التقوى، قال تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32].

الغضب إذا انتُُهكت حرمات الله: فالمسلم إذا رأى من يفعل ذنبًا أو يُصر على معصية، فإنه يغضب لله، ويُغيِّر ما رأى من منكر ومعصية، ومن أعظم الذنوب التي تهلك الإنسان، وتسبب غضب الله، هو سب دين الله، أو سب كتابه، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسلم يغضب لذلك

وينهى من يفعل ذلك ويحذِّره من عذاب الله -عز وجل-.

التوكل على الله:

المسلم يتوكل على الله في كل أموره، يقول الله -تعالى-: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58] ويقول تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا} [الطلاق:3]

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم توكَّلون على الله حق توكَّله، لرُزِقْتُم كما يُرْزَق الطير تغدو خِمَاصًا (جائعة) وتعود بطانًا (شَبْعَي)) _[الترمذي].

الرضا بقضاء الله:

المسلم يرضى بما قضاه الله؛ لأن ذلك من علامات إيمانه بالله وهو يصبر على ما أصابه ولا يقول كما يقول بعض الناس: لماذا تفعل بي ذلك يا رب؟

فهو لا يعترض على قَدَر الله، بل يقول ما يرضي ربه، يقول تعالى: {وليبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر
الصابرين .

الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 155-157].

الحلف بالله:

المسلم لا يحلف بغير الله، ولا يحلف بالله إلا صادقًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) [متفق عليه].

شكر الله:

الله -سبحانه- أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى؛ فيجب على المؤمن أن يداوم على شكر الله بقلبه وجوارحه، يقول تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إني عذابي لشديد} [إبراهيم: 7].

التوبة إلى الله:

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار }
[التحريم: 8].

ويقول تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:13].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يأيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة) [مسلم].

وهكذا يكون أدب المسلم مع ربه؛ فيشكره على نعمه، ويستحي منه
سبحانه، ويصدق في التوبة إليه، ويحسن التوكل عليه، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، ويرضى بقضائه، ويصبر على بلائه، ولا يدعو سواه، ولا يقف لسانه عن ذكر الله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ودائمًا يراقب ربه، ويخلص له في السر والعلانية.

و ادعوكم لمعرفه المزيد من
الآداب الاسلامية

بدايه الآداب الاسلامية بوجه عام
عن طريق سؤال وجواب

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127558

بر الوالدين

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127753

صلة الرحم

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127903

حق الجار

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128036

الأخوة الإسلامية

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128262

اداب السلام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128437

آداب التلاوة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128631

آداب السفر

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128793

آداب النوم

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128961

آداب الضيافة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129139

آداب العطاس

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129302

آداب التقبيل والمعانقة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129466

آداب الأكل والشرب

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129659

آداب النكاح

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129861

آداب الكلام مع النساء

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2130051

الرؤى والأحلام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2130241

الأسماء والكنى والألقاب

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2130428

اسألكم الدعاء بظهر الغيب
,,,,,,,,,,,,

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:14
السؤال

: ما حكم قولهم: " نفخ الله في صورته " عند تماثل شحص ما للشفاء؟

الجواب :

الحمد لله

ينبغي أن نعرف أن الكناية عن المعاني : هو أسلوب عربي معروف ، وطريقة من طرائق العرب في بيانها وخطابها .

والكناية معناها في اللغة :

" أن تتكلم بالشيء، وتريد غيره، وهي مصدر كنيت بكذا عن كذا، إذا تركت التصريح به ...

ومعناها اصطلاحًا: لفظ أطلق، وأريد به لازم معناه الحقيقي، مع قرينة غير مانعة من إرادة هذا المعنى .

كما تقول: محمد طويل النجاد، فالمعنى الحقيقي لهذا اللفظ: هو أن نجاد محمد طويلة ، وليس هذا مرادًا, إنما المراد لازم هذا المعنى ، وهو أن محمدًا طويل القامة؛ إذ يلزم عادة من طول النجاد أن تكون القامة طويلة .

ويصح مع هذا إرادة المعنى الحقيقي أيضًا بأن يراد المعنيان معًا -طول النجاد " انتهى من "المنهاج الواضح للبلاغة" (149) . وينظر أيضا: "البلاغة العربية" لحبنكة (2/135) .

والذي يظهر لنا أن هذه العبارة ، هي من هذا الباب : باب الكنايات ، أو التعبيرات المجازية ، التي لا يراد بها حقيقة اللفظة ، وحَرْفية العبارة .

وإنما مراد القائل لها هنا ، فيما يظهر لنا : أنه قد تماثل للشفاء ، فدبت فيه روح الحياة ، بعد ما شارف الموت والعدم ؛ فكأن الله تعالى قد "نفخ في صورته" ، يعني : جثته التي كانت هامدة ، أو شارفت الهمود ، فأحياه بالشفاء ، كما يحي الموتى بالنفخ في "صورهم" ...

وقد يقال ذلك على وجه الدعاء ، لمن شارف الهلاك ، أو اشتد به المرض : " ربنا ينفخ في صورته " ؛ على هذا المعنى المجازي ، والتعبير الكنائي أيضا ؛ ومرادهم : الدعاء له بالشفاء ، وأن ينفخ الله الروح ، في هذه الجثة – الصورة – الهامدة .

وإطلاق العبارة ، إن أريد بهذا المعنى ، على ما هو الظاهر لنا : لا محذور فيه ولا حرج .

وإن كان الأولى ، بكل حال ، أن يعبر المرء في خبره ، وفي دعائه ، وفي سائر أمره ، بالألفاظ البينة الواضحة ، والعبارات الشرعية ، ويدع ما كان مجملا ، غير بين المعنى بنفسه .

ومن رابه في هذه الجملة شيء ، فليدعها ، وليلزم ما وضح وبين له .

وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ ) رواه الترمذي (2518) وغيره ، وصححه الألباني .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:15
السؤال :

رزقت امرأة من معارفي بولد وسمته محمدا ، فتقول : محمد وأحس أنك من نور الكوثر ، ونور السماء ، وأكثر) فما حكم قولها هذا القول ؟

الجواب :

الحمد لله

قول الأخت المذكورة : أحس أنك من نور الكوثر ونور السماء .

هو على ما اعتاده الناس من المبالغة باستعمال التشبيه البليغ ، وذلك بحذف أداة التشبيه ووجه الشبه، فحقيقة قولها: أحس كأنك من نور الكوثر ونور السماء في إشراقك وتعلق النفس بك وتشوقها إليك، ونحو ذلك من المعاني.

وتدليل الصغير ، وملاعبته ، ومناغاته بمثل ذلك : نرجو ألا يكون به بأس ؛ لأنه مما يعلم أنه من باب المبالغة في الاستملاح والتدليل ، وإظهار المحبة وتعلق القلب به ، وهذا أمر فطري ، يعرفه الناس ، ويعتادون مثله .

وأما قولها: "أو أكثر" : فالذي يظهر أنه من الإغراق في المبالغة والإطراء ، حتى يوقع في الكذب ، وليس في مجرد المجازات أو التشبيهات الملائمة .

ولتنظر ما ثبت في الحديث ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ) رواه البخاري (2892).

فإن أهون شيء في الجنة – وليس فيها شيء هين – أعظم من الدنيا كلها ، فكيف يوصف الطفل بأن جماله أكثر من الكوثر ؟!

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:19
السؤال :

أمي عندما ترجوني لفعل شيء أو تطلب مني فعل الشيء تقول لي "سقت عليك النبي " باللهجة المصرية وأنا لا أفهم معناها فهل فيها مشكلة أم ماذا وهل كلمة God إذا وجدتها في كتاب للغة الانجليزية أقصها خوفا من الامتهان يعني هل تأخذ حكم أسماء الله الحسنى لأني ترجمتها على جوجل وهي بمعنى الله وهل يجوز حرقها خشية الامتهان وجزاكم الله خيرا

الجواب :

الحمد لله

أولا:

قول القائل: سقت عليك النبي، أو سايق عليك النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تفعل كذا، أو ألا تفعل كذا، هو من الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يكون بعد وفاته، فلا يستشفع به إلى الخلق، ولا إلى الخالق، بأن يقال: يا رب لأجل النبي أو بجاه النبي؛ لأن ذلك بدعة لم ترد في الشرع.

ثم إن هذا القول لا حقيقة له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لن يشفع له، ولن يتوسط في أمره، فلا معنى لقوله: سقت عليك النبي؛ إذ لا يستجيب النبي صلى الله عليه وسلم له.


ثانيا:

يجب احترام أسماء الله تعالى، سواء كتبت بالعربية أو بغيرها من اللغات، وقد أحسنت بقص هذه الكلمة التي معناها "الله" خوفا عليها من الامتهان، ولا حرج عليك في حرقها، أو دفن القصاصة في مكان طاهر.

قال الدسوقي رحمه الله: " قال الشيخ إبراهيم اللقاني محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله"

انتهى من حاشية الدسوقي (1/ 113).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:

" تقع تحت يدي بحكم عملي أوراق ومعاملات فيها ذكر الله فما الواجب عمله نحو تلك الأوراق؟

جـ: هذه الأوراق التي فيها ذكر الله يجب الاحتفاظ بها وصيانتها عن الابتذال والامتهان حتى يفرغ منها، فإذا فرغ منها ولم يبق لها حاجة ، وجب دفنها في محل طاهر ، أو إحراقها ، أو حفظها في محل يصونها عن الابتذال ، كالدواليب والرفوف ونحو ذلك"

انتهى من مجموع فتاوى ابن باز (6/ 394).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (4/ 76): " لدي جرائد قديمة كثيرة مطروحة بعد القراءة، فهل يجوز إعطاء الجرائد للغسال وبياع العيش أو الخبز ، لاستعمالها في ذلك عند اللزوم؟

ج: لا يجوز إعطاء الجرائد للغسال ليلف فيها الملابس، ولا لبائع العيش أو الخبز ليستعملها لفافة للخبز أو العيش؛ لأن الغالب في الجرائد أن فيها مقالات إسلامية تشتمل على آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ويكتب فيها الكثير من أسماء الله تعالى، واستعمالها فيما ذكر : امتهان لآيات القرآن ، والأحاديث النبوية ، وأسماء الله تعالى، فالواجب صيانتها، أو إحراقها، أو دفنها في مكان طاهر.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.


فأسماء الله تعالى يجب احترامها وصيانتها بأي لغة كتبت .

على أنه ينبغي أن يراعى في ذلك اصطلاح أهل اللغة، فإذا كانت كلمة ( God) مثلا، لا يراد بها الله، إلا إذا بدئت بالحرف الكبير، فإن هذه الصفة هي التي يتعلق بها الحكم ؛ من الصيانة ووجوب الاحترام، بخلاف ما بدئ بالحرف الصغير، ويراد به مطلق الإله، ما لم يدل سياق الكلام على أن المراد به الله ، جل جلاله ، فيجب مراعاته .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:23
السؤال

اسمي فيه "عبد القادر" وفى كثير من التعاملات في الدواوين الحكومية مثلا احتاج إلى كتابة اسمي عند تقديم طلب ما ، ثم بعد ذلك قد يلقون بهذا الطلب في القمامة. فهل علي مسئولية في ذلك ؟ .

الجواب

الحمد لله

لا بأس من كتابتك اسمك في الأوراق والمعاملات التي تحتاج إلى تقديمها إلى غيرك ولا حرج عليك ، وإنما الإثم والحرج على من يلقي هذه الأوراق في القمامة ؛ لأن فيها امتهاناً للفظ الجلالة .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

هل يجوز كتابة البسملة على بطاقات الزواج ؟ نظراً لأنها ترمى بعد ذلك في الشوارع أو في سلال المهملات .

فأجاب :

يشرع كتاب البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل امرئ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر ) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ رسائله بالتسمية ، ولا يجوز لمن يتسلم البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه ، وهكذا الجرائد وأشباهها ، لا يجوز امتهانها ولا إلقاؤها في القمامات ولا جعلها سفرة للطعام ولا ملفاً للحاجات لما يكون فيها من ذكر الله عزّ وجل ، والإثم على مَنْ فعل ذلك ، أمّا الكاتب فليس عليه إثم . ا.هـ .

مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ( 5 / 427 ) ط : الثانية .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:24
السؤال :

ما حكم قول "محارب السرطان " ؟

الجواب

الحمد لله

لا حرج في إطلاق القول بأن فلانا حارب السرطان، أو محارب له، ونحو ذلك؛ إذ المقصود، أنه يقاومه، ويدفعه، ويفر منه.

ومقاومة المرض ومدافعته : مشروعة ؛ وذلك بالتداوي، وحسن الظن بالله، وعدم الاستسلام للمرض أو لليأس.

وفي الحديث: ( تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ ) رواه أحمد (17726) وأصحاب السنن ، وأبو داود (3855)، والترمذي (2038) ، وابن ماجه (3436) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

ويصح إطلاق ذلك أيضا : إذا كان الشخص طبيبا ماهرا في علاجات السرطان ..

أو لم يكن طبيبا ، لكن كان محسنا ، يعين المرضى على العلاج منه ، ويتحمل عنهم ، أو يساعدهم في علاجه ، أو تحمل كلفته ، أو نحو ذلك .

والحاصل :

أن هذا التعبير لا حرج في إطلاقه على مقاومة المرض ومدافعته، أو على من يفعل ذلك ، أو يعين عليه .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:28
السؤال :

ماحكم قول : "مات من لا يستحق الموت على يد من لا يستحق الحياة "

فلقد انتشرت بكثافة على كل وسائل التواصل الإحتماعية ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه الجملة تحتمل معنيين؛ الأول : لا إشكال فيه، والثاني : فيه تسخّط واعتراض على القدر:

فأما الأول:

فهو أن تقال في رجلٍ قُتِل ظلما ، فيكون قصد قائلها : أن المقتول لم يرتكب جريمة يستحق عليها أن يعاقب بالقتل ، وأن القاتل هو الذي يستحق الموت لظلمه وبغيه واعتدائه على الناس، فهذا الظالم لا يستحق الحياة ، لو كان العدل موجودا ؛ لأنه ارتكب جريمة يستحق عليها القتل ، قصاصا من جريمته . فعدم استحقاقه للحياة : هو أثر جريمته التي ارتكبها .

فهذا المعنى لا إشكال فيه ، وهو بمثابة قولهم : فلان لا يستحق العقاب ولا يستحق الإهانة التي حصلت عليه .

وأما المعنى الثاني :

فهو أن يقصد الاعتراض على القدر، وعلى حكمة الله في تسيير ملكوته سبحانه ، وأنه كان ينبغي أن لا يموت فلان ، بل يموت فلان ، ونحو ذلك من المقاصد التي فيها اعتراضٌ على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، وطعنٌ في حكمته وعلمه .

وكثير من الناس : يقوم في نفسه هذا المعنى ، وإن لم يقو على التصريح به ، أو حتى مواجهة نفسه بحقيقته : أن مثل هذا الذي مات ، كان أحق بالحياة ، من كثير من الأحياء ؛ كان أحق بها ، ولو لم يكن قد قتل ظلما ، ولو لم يكن مراده بمن لا يستحق الحياة : هؤلاء القتلة ، الذين يستحقون الموت قصاصا ؛ كثير من الناس يقوم بقلوبهم هذا المعنى مطلقا ؛ أن مثل هذا الكريم ، أو الجواد ، أو الشجاع ... : هو الذي يستحق الحياة ، ويطال عمره ، ويفدى بهؤلاء الناقصين من الناس !!

ولا يخفى ما في مثل ذلك من الاعتراض على حكمة الله ، والتسخط لقضائه وقدره ، ومنازعة الله في حكمه وسلطانه .

فليحذر العاقل اللبيب : نزغات الشيطان في القلوب ، وما يفسد به الأديان .

والواجب على المسلم أن يؤمن بالقدر ، ويصبر على ما ينوبه من المصائب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

وإذا كانت العبارة بهذه الإجمال والاحتمال ، بل كثير من الناس إنما يقوم بنفوسهم وقلوبهم : المعنى الباطل ؛ تأكد تركها ، والبعد عنها ، والتعبير عن المعاني الصحيحة ، بعبارات لا لبس فيها ولا إشكال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الواجب : إطلاق العبارات الحسنة ، وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص .

والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة "

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (8/294) .

وقد استدل القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) البقرة/ 104.

بأن في الآية دليلًا "على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض..."

انتهى من "تفسير القرطبي (2/57) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:30
السؤال :

لماذا ربنا يعطي الذي ليس محتاجاً ، والمحتاج لحاجه لا تأتي له ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

أمر الله تعالى بحفظ اللسان ، وأن لا يتكلم العبد بالكلمة إلا وهو يعلم أنه ليس فيها إثم ، وأخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه الناس يُكبون في جهنم بحصائد ألسنتهم ، وما أكثر ما يخترع الناس أمثالاً ، أو تجري ألسنتهم بكلمات تكون فيها مهلكتهم ، إن لم يتداركهم ربهم تعالى برحمته .

وإن العبد الموفَّق ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يثيبه الله عليها أعظم الثواب ، وإن العبد المخذول ليتكلم بالكلمة لا يظن أنها تبلغ به شيئاً تهوي به في نار جهنم .

قال تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/ 18 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) .

رواه البخاري ( 6113 ) .

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ) .

رواه البخاري ( 6109 ) .

وقال بعض السلف : " ما على وجه الأرض شيء أَحوج إلى طول حَبْس من اللسان " ! .

ثانياً:

مثل هذا الكلام القبيح يدرج في أمثال بعض البلاد ، وتتناقله الألسن ، دون أن يعي أحدهم أنه وقع بقوله في مخالفات شرعية ، تتعلق بصفات الله تعالى ، وأسمائه ، وأفعاله ، ففي هذا القول الوارد في السؤال اعتراض على أفعال الله تعالى ، وتقديراته ، وعلمه ، وحكمته ، وعدله .

ومن تلك الأمثال الدارجة " يعطي الحلَق للذي ليس له أُذُن ! " و " يعطي اللحم للذي ليس له أسنان " ، ويعنون به : الله تعالى .

وفي هذا الكلام ما لا يخفى من سوء الأدب مع الله تعالى ، وسوء الظن به ، فيقال فيه :

1. في كلام السوء هذا يعني أن الله تعالى أعطى النعمة من لا يستحقها ، وأن هناك مَن هو أولى بهذه النعمة مِن هذا المُعطَى ! وهذا من أعظم الطعن في حكمة الله ، وعدله .

وليس أحدٌ في غنى عن فضل الله وعطائه ، وقد قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/ 15 .

والله تعالى يقدِّر ما يشاء لحكَم جليلة ، فمن أغناه الله فلحكمة ، ومن أفقره الله فلحكمة ، فهو يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لحكَمة ، قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/من الآية 28 ، وقال تعالى : ( فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الحجرات/ 8 .

ولله خزائن السموات والأرض ، وما يهبه تعالى لخلقه : فهو بقدَرٍ معلومٍ ، قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) الحِجر/ 21 .

2. وما يظنه الإنسان القاصر في فهمه وإدراكه أن الخير له هو في غناه ، وسلطانه ، وجاهه : خطأ ، وقصور ، يتناسب مع طبيعة الإنسان القاصرة ، فقد يكون الخير في نزع تلك الأشياء منه ، كما قد يكون الذل خيراً له ! نعم ، فلربما ذلُّه قاده إلى إسلام بعد كفر ، أو طاعة بعد معصية ، كما أن المال ، والملك ، والجاه ، والعز قد يكون شرّاً له ، فيكون هذا المسكين يعترض على قدر الله وحكمته ، ويسعى لما فيه تلفه ، وهلاكه .

قال تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران/ 26 .

ومن تأمل حديث الأقرع والأبرص والأعمى : علم أن القَرَعَ والبَرَصَ كانا خيراً لصاحبيهما من المال الذي طلباه ، فلما طلب الأول شعراً حسناً فأُعطيه ، وطلب الثاني جلداً حسناً فأُعطيه ، بل وأُعطي كل واحد منهما مالاً وفيراً : كان ذلك سبباً في فتنتهما ، وسخط الله عليهما ، حيث أنكرا نعمة الله عليهما ، وبخلا بما أعُطيا من مال .

والحديث رواه البخاري ( 3277 ) ومسلم ( 2964 ) .

3. ثم إن الله تعالى هو المتفرد بالملك ، والخلق ، والرزق ، ولا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولم يحصل الاعتراض على هبة النعمة من الله إلا من المشركين وإخوانهم .

قال ابن كثير – رحمه الله – تعليقاً على آية ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ) - :

أي : أنت المتصرف في خلقك ، الفعَّال لما تريد ، كما ردَّ تبارك وتعالى على من يتحكم عليه في أمره ، حيث قال : ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) الزخرف / 31 ، قال الله تعالى ردّاً عليهم : ( أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) الآية ، الزخرف/ 32 ، أي : نحن نتصرف في خلقنا كما نريد ، بلا ممانع ، ولا مدافع ، ولنا الحكمة ، والحجة في ذلك ، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد ، كما قال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) الأنعام/ 124 ، وقال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 29 ) .

ولما ذكر الله تعالى اعتراض بعض الناس على مُلكٍ آتاه الله بعض خلقه : أرجع الله تعالى الأمر إلى علمه ، وحكمته ، وفضله ، وأن الأمر لا يرجع إلا إليه عز وجل ، وذلك في قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 247 .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

قوله تعالى : ( والله يؤتي ملكه من يشاء ) أي : يُعطي ملكَه من يشاء ، على حسب ما تقتضيه حكمته ، كما قال تعالى : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) آل عمران/ 26 .

قوله تعالى : ( والله واسع ) أي : ذو سعة في جميع صفاته : واسع في علمه ، وفضله ، وكرمه ، وقدرته ، وقوته ، وإحاطته بكل شيء ، وجميع صفاته وأفعاله .

و ( عليم ) أي : ذو علم بكل شيء ، ومنه : العلم بمن يستحق أن يكون ملِكاً ، أو غيرَه من الفضل الذي يؤتيه الله سبحانه وتعالى من يشاء .

" تفسير سورة البقرة " ( 3 / 213 ، 214 ) .

4. أن قائل مثل هذه العبارات وقع في الفتنة من حيث يشعر أو لا يشعر ، فالله تعالى جعل الناس بعضهم لبعض فتنة ، منهم الغني ، ومنهم الفقير ، ومنهم الشريف ، ومنهم الوضيع ، فمن رضي بما قسم الله ، ولم يسخطه : نجا من الفتنة ، ومن اعترض وسخط : فله السخط ، قال تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ) الفرقان/ من الآية 20 ، وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام/ 53 .

قال القرطبي – رحمه الله - :

قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ) أي : إن الدنيا دار بلاء ، وامتحان ، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس ، مؤمن ، وكافر ، فالصحيح فتنة للمريض ، والغني فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغني ، ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه ؛ فالغني ممتحن بالفقير ، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه ، والفقير ممتحن بالغني ، عليه ألا يحسده ، ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه ، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق ، كما قال الضحاك في معنى ( أَتَصْبِرُونَ ) : أي : على الحق .

وأصحاب البلايا يقولون : ِلمَ لمْ نُعَافَ ؟ والأعمى يقول : لمَ لمْ أُجعل كالبصير ؟ وهكذا صاحب كل آفة ، والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره ، وكذلك العلماء ، وحكام العدل ، ألا ترى إلى قولهم ( لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) الزخرف/ 31 ، فالفتنة : أن يَحسد المبتلى المعافى ، ويَحقر المعافى المبتلى ، والصبر : أن يحبس كلاهما نفسه ، هذا عن البطر ، وذاك عن الضجر. ( أَتَصْبِرُونَ ) محذوف الجواب ، يعني : أم لا تصبرون ؟ .

" تفسير القرطبي " ( 13 / 18 ) .

5. أن مثل هذه الكلمات الدارجة على الألسنة فيها سوء ظن بالله تعالى ، وهي فتنة لم يَنج منها كثير من الناس ، فيظن الواحد منهم أنه يستحق أكثر مما قدِّر له ، وأنه أولى بكثرة الخير والصرف عن السوء والشر من غيره ، وفي ذلك من الاعتراض على قدر الله تعالى ما يخلخل به المرء ركناً من أركان الإيمان ، وهو الإيمان بالقدر شرِّه وخيره ، وأنه كله من عند الله ، قدَّره ، وكتبه ، وشاءه ، ثم خلقه ، بحكمته تعالى ، وعدله .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

فأكثر الخلق ، بل كلهم ، إلا مَن شاء الله : يظنون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ السَّوْءِ ، فإن غالبَ بني آدم يعتقد أنه مبخوسُ الحق ، ناقصُ الحظ ، وأنه يستحق فوقَ ما أعطاهُ اللهُ ، ولِسان حاله يقول : ظلمني ربِّي ، ومنعني ما أستحقُه ، ونفسُه تشهدُ عليه بذلك ، وهو بلسانه يُنكره ، ولا يتجاسرُ على التصريح به ، ومَن فتَّش نفسَه ، وتغلغل في معرفة دفائِنها ، وطواياها : رأى ذلك فيها كامِناً كُمونَ النار في الزِّناد ، فاقدح زنادَ مَن شئت : يُنبئك شَرَارُه عما في زِناده ، ولو فتَّشت مَن فتشته : لرأيت عنده تعتُّباً على القدر ، وملامة له ، واقتراحاً عليه خلاف ما جرى به ، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ، فمستقِلٌّ ، ومستكثِر ، وفَتِّشْ نفسَك هل أنت سالم مِن ذلك ؟ .

فَإنْ تَنجُ مِنْهَا تنج مِنْ ذِى عَظِيمَةٍ ... وَإلاَّ فَإنِّى لاَ إخَالُكَ نَاجِيَاً

فليعتنِ اللبيبُ الناصحُ لنفسه بهذا الموضعِ ، وليتُبْ إلى الله تعالى ، وليستغفِرْه كلَّ وقت من ظنه بربه ظن السَّوْءِ ، وليظنَّ السَّوْءَ بنفسه التي هي مأوى كل سوء ، ومنبعُ كل شرٍّ ، المركَّبة على الجهل ، والظلم ، فهي أولى بظن السَّوْءِ من أحكم الحاكمين ، وأعدلِ العادلين ، الراحمين ، الغنيِّ الحميد ، الذي له الغنى التام ، والحمدُ التام ، والحكمةُ التامة ، المنزّهُ عن كل سوءٍ في ذاته ، وصفاتِهِ ، وأفعالِه ، وأسمائه ، فذاتُه لها الكمالُ المطلقُ مِن كل وجه ، وصفاتُه كذلك ، وأفعالُه كذلك ، كُلُّها حِكمة ، ومصلحة ، ورحمة ، وعدل ، وأسماؤه كُلُّها حُسْنَى .

فَلا تَظْنُنْ بِرَبِّكَ ظَنّ سَؤْءِ ... فَإنَّ اللهَ أَوْلَى بِالجَمِيلِ

وَلا تَظْنُنْ بِنَفْسِكَ قَطُّ خَيْراً ... وَكَيْفَ بِظَالِمٍ جَانٍ جَهُولِ

وَقُلْ يَا نَفْسُ مَأْوَى كُلِّ سُوءِ ... أَيُرجَى الخَيْرُ مِنْ مَيْتٍ بَخيلِ

وظُنَّ بِنَفّسِكَ السُّوآى تَجِدْهَا ... كَذَاكَ وخَيْرُهَا كَالمُسْتَحِيلِ

وَمَا بِكَ مِنْ تُقىً فِيهَا وَخَيْرٍ ... فَتِلْكَ مَوَاهِبُ الرَّبِّ الجَلِيلِ

وَلَيْسَ بِهَا وَلاَ مِنْهَا وَلَكِنْ ... مِنَ الرَّحْمن فَاشْكُرْ لِلدَّلِيلِ

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 3 / 235 ، 236 ) .

وبنصيحة ابن القيم الرائعة نختم كلامنا ، فلعلَّ كلَّ واحدٍ منَّا أن يفتِّش نفسه ، ويتأمل في حالها ، ونرجو الله تعالى أن يصلح أحوالنا ، وأن يسدد أقولنا ، وأعمالنا .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-05-08, 17:33
السؤال :

ما حكم قول هذه الكلمات : أ- توفي شخص فقال بعضهم : والله ما يستاهل . ب – إذا حصل أذى للإنسان قالوا : مسكين . يعني : لماذا يحصل له هذا؟

الجواب :

الحمد لله

"أولاً : قول : (والله ما يستاهل) لا يجوز استعماله ؛ لأنه اعتراض على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، إذ معناها : أن ما أصاب فلاناً من مرض أو محنة أو موت ونحو ذلك لا يستحقه ، وهذا طعن في حكمة الله سبحانه .

ثانياً : قول : (مسكين) لمن حصل له أذى ، يعني لماذا يحصل له هذا : يقال في هذا اللفظ ما قيل في اللفظ الأول .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/360) .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-09, 02:23
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


ما مدى صحة مقوله؛ الله يعطي بقدر ما يأخذ؟

السؤال :

ما صحة هذه العبارة لأن في نفسى شيء منها ( الله يأخذ بقدر ما يعطى ويعوض بقدر ما يحرم وييسر بقدر ما يعسر )

الجواب :

الحمد لله

المقصود من هذه العبارة أحد معان ثلاثة:

المعنى الأول:

أن يراد بها حقيقة المقابلة؛ وأن الله تعالى إذا أخذ من عبد نعمة ، أعطاه مقابلها بمقدارها .

فتكون هذه العبارة ، بهذا الإطلاق : غير صحيحة .

بل لا بدّ من تفصيل؛ خلاصته : أن سلب النعم والحرمان يكون ابتلاء من الله تعالى واختبارا.

قال الله تعالى: ( لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) البقرة /155.
ومثل هذا يرجى له ، من فضل الله ومنه عليه : أن يزيل ما أصابه من الضر ، ويفرج عنه .

لكن كون التعويض بقدر ، وبمثل ما حرمه العبد : ليس هناك دليل عليه ، ولا تحجير على فضل الله واسع ، ولا تحكم في قضائه وقدره ؛ فهو – سبحانه الفعال لما يريد ؛ لا يُسأل عما يفعل ، وهم يُسْألون .

ومن الحرمان وسلب النعم ما يكون عقوبة على معصية.

قال الله تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) الشورى /30.

فصاحب هذه العقوبة إن تاب وصبر، فهو على خير ، ويرجى أن يعود الله عليه بفضله ، ويمن عليه بما فاته ، أو خير منه .

قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنفال/70

المعنى الثاني:

أن تقال على وجه التسلية للمصاب، ولا يقصد بها حقيقة المقابلة الواردة فيها ، وإنما يقصد بها بيان عظيم فضل الله تعالى وكرمه، وأن نعمه لا تنقطع عن العباد، وأنه كما أنعم سابقا فإنه ينعم لاحقا فلا شيء يعجزه ، ولا حد لكرمه ونعمه سبحانه وتعالى.

وهذا المعنى صحيح ، وهو واجب على المسلم اعتقاده؛ فصاحب المصيبة لا يجوز له أن يقنط من رحمة الله تعالى.
قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) الحجر /56.

قال تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) يونس/107

بل الواجب على صاحب المصيبة أن يحسن الظن بالله تعالى.

المعنى الثالث:

ألا يقصد بهذه العبارة حقيقة المقابلة ، وإنما يراد بها : بيان عظيم كرم الله تعالى وأن نعمه سابغة ولا تنقطع عن العباد، وأن ما يلحق بالناس من مصائب لا تذكر بجانب ما يسبقها ويلحقها ويقارنها من نعم لا تحصى.

قال الله تعالى:

( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم /34 .

وقال الله تعالى: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) النحل /18.

فيقول الإنسان هذه العبارة على وجه شكر النعم وأنه لا يكفرها لمصيبة تخللت هذه النعم، وهذا نوع من أنواع التحدّث بنعمة الله تعالى؛ كما حث الله تعالى على ذلك:

( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى /11.

فهذا المعنى إذا كان هو المقصود من هذه العبارة : فهو معنى محمود وصاحبه موعود بالفضل.

قال الله تعالى: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم /7.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-09, 02:28
حكم مقولة " لعبة القدر"

السؤال :

ما حكم قول لعبة القدر ؟

حيث يوجد مسلسل بهذا الاسم ، وما حكم الناس الذين يستمعون إليه ؟

وهل هذا القول مخرج من الملة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

مقولة: " لعبة القدر"؛ هي في حقيقتها كلمة كفرية؛ لأن من المجمع عليه في دين الإسلام؛ أن الله هو الذي قدّر الأقدار كلها.

قال الله تعالى:

( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر /49.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )، كقوله: ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )، وكقوله: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه؛ ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (7 / 482).

والله لا يقدّر شيئا إلا لحكمة؛ فهو الحكيم العليم؛ وقد نفى الله تعالى عن نفسه صفة اللعب.

قال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ، لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ) الأنبياء /16 - 17.

وقال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص /27.

وقال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) الدخان /38 - 39.

ومن المعلوم أن الإيمان بقدر السابق ، وعلمه المحيط : هو من أركان الإيمان التي لا يصح لأحد إيمانه إلا بها .

ففي صحيح مسلم ( 8 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه بلغه أن بعض الناس ينكر القدر فقال : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ( أي : يحلف بالله ) لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ثم أنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر" .

وفي صحيح مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ . قَالَ : رَبِّ ، وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) رواه أبو داود (4700) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

والقدر هو "فعل الله " جل جلاله ، وهو سبحانه منزه عن اللعب والعبث ، بل أفعاله كلها حكمة ، وعدل ، ورحمة ، لا يخرج عن ذلك في شيء من قدره وفعله سبحانه : ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) هود/56

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ، رحمه الله :

" قد ورد في صحيفة محلية خبر جاء فيه: " .. البالغ من العمر 13 ربيعا مزدهرا برحيق الصبا ، كان على موعد مع الحزن والأسى ، ولعبة القدر العمياء.." . ولكن القدر المترصد لمنصور لم يحكم لعبته الأزلية.. إلخ ... فما حكم الشرع في مثل هذا الكلام ؟

فأجاب :

" المشروع للمسلم عند وقوع المصائب المؤلمة الصبر والاحتساب، وأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل، وأن يتحمل الصبر ويحذر الجزع والأقوال المنكرة لقول الله سبحانه: ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، لكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها ) .

ولا يجوز الجزع ، وإظهار السخط ، أو الكلام المنكر مثلما ذكر في السؤال (لعبة القدر العمياء)، وهكذا قوله: (ولكن القدر المترصد لمنصور لم يحكم لعبته الأزلية).

هذا الكلام وأشباهه : من المنكرات العظيمة ، بل من الكفر البواح ؛ لكونه اعتراضا على الله سبحانه ، وسبا لما سبق به علمه ، واستهزاء بذلك .

فعلى من قال ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه توبة صادقة . "

. انتهى ، من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/414) .

وسئل الشيخ صالح آل الشيخ ، حفظه الله :

" هل يجوز أن نَصِفَ القدر بالظلم؟ " .

فأجاب :

" لا يجوز ؛ لأنَّ القدر فعل الله - عز وجل - ، وتقديره ؛ فلا يوصف بالظلم : ( وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) [الكهف:49]." انتهى. من "شرح الطحاوية" (739) .

ثانيا:

الحكم على قول أنه كفر لا يلزم منه تكفير قائله.

بل لا بد للحكم بتكفير شخص معيّن من توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع : يقال : هي كفر ؛ قولا يطلق، كما دل على ذلك الدلائل الشرعية؛ فإن "الإيمان" من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله؛ ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم.

ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر ، حتى يثبت في حقه شروط التكفير، وتنتفي موانعه، مثل من قال: إن الخمر أو الربا حلال؛ لقرب عهده بالإسلام؛ أو لنشوئه في بادية بعيدة، أو سمع كلاما أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها...

فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة، كما قال الله تعالى: ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )، وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان "

انتهى. "مجموع الفتاوى" (35 / 165 - 166).

ومن أهم شروط تكفير قائل هذه الكلمة القبيحة، أن يكون قائلها عالما بقبحها، متعمدا لهذا المعنى القبيح.

قال ابن عبد البر:

" قالوا: وإنما الكافر من عاند الحق، لا من جهله؛ وهذا قول المتقدمين من العلماء ومن سلك سبيلهم من المتأخرين "

انتهى. من "التمهيد" (18 / 42).

والملاحظ أن كثير من العوام يقولون مثل هذا الكلام وهم غير منتبهين لفساد معناه؛ فالبعض يظن أنه مجرد تعبير لبيان تداول الخير والشر، والفقر والغنى، والشقاء والسعادة، ولا يخطر على باله أن فيه إساءة إلى الله تعالى، وأنه مخالف لنصوص الوحي.

فالحاصل؛ أن كثيرا من عوام المسلمين يقول مثل هذه المقولة عن جهل وعدم تفحص لمعناها، ولا يقولها معاندة لنصوص الشرع.

فلذا يجب على المسلم أن ينصح غيره ممن يستعمل مثل هذه المقولة وأن يبين له خطورتها الشرعية.

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-10, 02:04
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم قول : قبح الله وجهك .

السؤال :

ماحكم قول قبح الله وجهك للزوجة ؟

وهل الحكم يستوي مع غيرها من الناس ؟

وهل الحكم يشمل الكفار؟

الجواب :

الحمد لله

روى البخاري في "الأدب المفرد" (172): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا تقُولُوا: قَبَّح الله وجْهَهُ )، وحسنه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص 85) .

وقد نص على علة هذا النهي في رواية أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (12 / 382) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يَقُلْ: قَبَّحَ اللهُ وَجْهَكَ وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ )، وحسن إسناده الألباني في "السلسة الصحيحة" (2 / 519).

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة" (498)، وغيره، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ ) وهذا حديث اختلف أهل العلم في صحته، وممن صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وقال حرب الكرماني في "كتاب السنة" سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هو حديث صحيح "

انتهى. "فتح الباري" (5 / 183).

وينظر : "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" للكوسج (15/87) .

وصرح شيخ الإسلام ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" (6 / 447 - 448): أن أدنى أحواله أن يكون حسنا.

وفي الفتوى رقم (20652) ورقم (21949) قد تم بسط معنى ( فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ )، فيحسن مراجعتها للأهمية.

فحكم النهي متعلق بمعنى ؛ وهو : أن هذا الوجه مكرم فلا يهان؛ لكرامة الصورة التي خلق الله عليها آدم عليه السلام وشرّفه بها.

وهذا المعنى موجود في وجه الكافر في الدنيا ، كما هو موجود في وجه المسلم، فيكون الحكم شاملا لجميع الآدميين؛ كما هو مقرر عند أهل العلم: أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ومن الأصول -المستنبطة من الكتاب والسنة-: قولهم: "الحكم يدور مع علته ثبوتاً وعدماً" .

فالعلل التامة التي يعلم أن الشارع رتب عليها الأحكام، متى وجدت وجد الحكم، ومتى فقدت لم يثبت الحكم "

انتهى. "رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة" (ص 105).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه عام في جميع الآدميين "

انتهى. "بيان تلبيس الجهمية" (6 / 582).

ثانيا:

تقبيح وجه الزوجة داخل في النهي السابق، بلا إشكال ؛ فإذا كنا قد قررنا أنه لا يشرع تقبيح وجه الكافر ؛ فكيف بوجه الزوجة والعشير ؟!

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصها ، بالذكر في هذا الحكم ، تنبيها على هذا الخطر ، ألا تجر الملاحاة بين الزوجين إلى الوقوع فيما نهى الشرع ، أو التساهل فيما لا يشرع من القول .

فعن معاوية بن حيدة، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نِسَاؤُنَا؛ مَا نَأْتِي مِنْهُنَّ وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: ( ائْتِ حَرْثَكَ أَنَّى شِئْتَ، وَأَطْعِمْهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَاكْسُهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تُقَبِّحِ الْوَجْهَ، وَلَا تَضْرِبْ )

رواه أبو داود (2143)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1 / 596).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-10, 02:11
ما حكم من يصف غيره بأنه يهودي
يقصد أنه بخيل أو طماع ؟

السؤال

: إذا وصف أحد المسلمين غيره من المسلمين بأنه (يهودي) لأنه لا يشتري الكثير من الأشياء في المتجر (من المحتمل ليعبر عن بخله) أو عندما يطلب مسلمٌ من مسلمٍ آخر أن يعطيه 50 دولارًا فيصفه بأنه يهودي (من المحتمل أن ذلك يعني أنه طماع) فما الحكم في هاتين الحالتين؟

الجواب :

الحمد لله

إذا سب المسلم أخاه المسلم وانتقصه ، فقد أتى محرما من المحرمات الظاهرة ، واقترف من سقطات اللسان ما يراكم عليه السيئات ويأكل الحسنات .

قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات /11 .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : )سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)

رواه البخاري (رقم/48)، ومسلم (64) .

وعنه أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) وقال : حسن غريب . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

يقول المباركفوري رحمه الله :

" قوله : ( ليس المؤمن ) أي : الكامل .

) بالطعان) أي : عيَّاباً الناس .

) ولا اللعان) ولعل اختيار صيغة المبالغة فيها: لأن الكامل قل أن يخلو عن المنقصة بالكلية .

) ولا الفاحش) أي : فاعل الفحش أو قائله . وفي "النهاية" : أي : من له الفحش في كلامه وفعاله .

قيل : أي : الشاتم . والظاهر أن المراد به : الشتم القبيح الذي يقبح ذكره .

) ولا البذيء ) قال القاري : هو الذي لا حياء له ." انتهى باختصار.

" تحفة الأحوذي " (6/11) .

وهذا إذا قصد المسلم بوصفه لأخيه بأنه "يهودي" أنه بخيل أو طماع ، على وجه الشتم والسب له في وجهه ، أو على جهة الغيبة له في عدم حضوره .

أما إذا قصد بذلك أنه على دين اليهود وملتهم فإن التحريم في هذا يكون أشد .

قال صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60).

وهذا على سبيل التشديد في هذا القول .

وقال السرخسي :

" وإن قال : يا يهودي يا نصراني أو يا مجوسي أو يا ابن اليهودي لا حد عليه ؛ لأن القذف بالكفر ليس في معنى القذف ، فإنه لا يشين المقذوف إذا كان إسلامه معلوما ، ولكنه يعزر ؛ لأن نسبة المسلم إلى الكفر حرام وبارتكاب المحرم يستوجب التعزير "

انتهى من "المبسوط" (9/126) .

وقال ابن حزم رحمه الله :

" والرمي بالكفر حرام ولا حد فيه .. وإنما هو التعزير فقط للأذى ؛ لأنه منكر ، وتغيير المنكر واجب ، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالله تعالى التوفيق "

انتهى من "المحلى" (12/250) .

والخلاصة : لا يجوز للمسلم أن يرمي أخاه المسلم بأنه يهودي أو نصراني أو غير ذلك ، حتى ولو كان يقصد بذلك أن فيه صفة من صفات اليهود أو النصارى أو غيرهم .

والواجب تنبيه من يقع في ذلك إلى غلطه ، وألا يتساهل في مثل هذا القول ، فيعتدي على حرمة أخيه المسلم .

والله أعلم .

ملخص الجواب :

لا يجوز للمسلم أن يرمي أخاه المسلم بأنه يهودي أو نصراني أو غير ذلك ، حتى ولو كان يقصد بذلك أن فيه صفة من صفات اليهود أو النصارى أو غيرهم

*عبدالرحمن*
2018-05-10, 02:16
هل يجوز تكفير المسلم
لمجرد أن عمله ليس من الدين ؟

السؤال :

هل من الكفر أن تتخيل نفسك تقول ، أو أن تقول فعلاً : "إن ذلك الشخص كافر" ، وأنت تقصد بذلك أن عمله ليس من الدين ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

مجرد كون عمل الشخص ليس من الدين ، أو كونه مخالفا لبعض النصوص الشرعية ، لا يقتضي الكفر ، ولا يجوز تكفير الفاعل لمجرد ذلك ، حتى يكون فعله أو قوله ، الذي ليس من الدين ، كفرا حقيقيا في ميزان الشرع ، فالكفر حكم شرعي ، لا يقال فيه بالرأي والهوى والتشهي ، إنما مرده إلى الله ورسوله ، ولو كفرنا كل من خالف الشرع ، أو جاء بما ليس فيه : لكفرنا جماهير المسلمين ، ولما كاد يسلم من الكفر أحد .

وتكفير المسلم أو تفسيقه ليس بالأمر الهين ، ولذلك يجب التثبت فيه غاية التثبت .

ويجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :

أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق

الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين ، أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" الواجب على المرء أن يتقي الله عز وجل في هذه المسألة ، وأن لا يكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (6/ 2) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

من كفر أحدا : فإن كان كما يقول ، وإلا : فقد افترى إثما مبينا ، وصار على خطر عظيم ؛ لعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا )

رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60) .

إلا أنه لا يكفر بتكفيره إياه ، كفرا مخرجا عن الملة .

قال النووي رحمه الله :

" هَذَا الْحَدِيث مِمَّا عَدَّهُ بَعْض الْعُلَمَاء مِنْ الْمُشْكِلَات ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَاد; وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ : أَنَّهُ لَا يَكْفُر الْمُسْلِم بِالْمَعَاصِي ، كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا ، وَكَذَا قَوْله لِأَخِيهِ : يَا كَافِر ، مِنْ غَيْر اِعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَام .

وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَقِيلَ فِي تَأْوِيل الْحَدِيث أَوْجُه :

أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْمُسْتَحِلّ لِذَلِكَ , وَهَذَا يُكَفَّر .

وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَعْنَاهُ : رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَته لِأَخِيهِ ، وَمَعْصِيَة تَكْفِيره .

وَالثَّالِث : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْخَوَارِج الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ . وَالْوَجْه الرَّابِع : مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يؤول بِهِ إِلَى الْكُفْر ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ , كَمَا قَالُوا , بَرِيد الْكُفْر , وَيُخَاف عَلَى الْمُكْثِر مِنْهَا أَنْ يَكُون عَاقِبَة شُؤْمهَا الْمَصِير إِلَى الْكُفْر .
وَالْوَجْه الْخَامِس : مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيره ; فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَة الْكُفْر ، بَلْ التَّكْفِير . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قَوْلُهُ: (مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) فَقَدْ سَمَّاهُ أَخَاهُ حِينَ الْقَوْلِ؛ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بَاءَ بِهَا فَلَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِسْلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ ، لَمْ يَكُنْ أَخَاهُ " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (7/ 355) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" ... وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ ، وَالتَّشْبِيهِ لَهُ بِالْكُفَّارِ ، لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) ، وَقَوْلِهِ: ( كُفْرٌ بِاَللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ) ، وَقَوْلُهُ : (مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) ... "

انتهى من "المغني" (2/ 332) .

ثالثا :

من توهم من نفسه ، أو تخيل نفسه أنه يقول عن فلان : أنه كافر ، فليس مجرد ذلك مما يدخله في حكم من كفره ، وأطلق لسانه بذلك فعلا ؛ حتى يدل على ذلك قوله ، أو فعله ؛ فإن هذا قد يكون من حديث النفس وتوهماتها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ )

رواه البخاري (5269) ، ومسلم (127) .

على أنه ينبغي أيضا الاحتراز من سوء الظن بالمسلم ؛ فإن سوء الظن من الخصال الذميمة والأخلاق الرديئة ، وخاصة فيما يتعلق بعقيدة المسلم ودينه .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-10, 02:21
هل يجوز للعبد أن يقول :
" كبريائي لا يسمح لي بكذا"؟

السؤال

هل علي الانسان إثم إذا قال على نفسه : كبريائي لا يسمح لي . وهل هذا يعارض قول الله تعالى (وله الكبرياء في السموات والارض وهو العزيز الحكيم )

الجواب:

الحمد لله

عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبدالرحمن البراك حفظه الله فأفاد:

بأن الذي يظهر أن العامة لا يقصدون بهذه العبارة الكبرياء والكبر المنهي عن اتصاف الإنسان به، وإنما يريدون بذلك العزة والكرامة، أي: كرامتي لا تسمحي لي بذلك، وهذا المعنى صحيح لا شيء فيه

ولكن الأولى تجنب التعبير عنه بالكبرياء، للنهي عن اتصاف الإنسان به وإن كان لا يقصد المعنى المنهي عنه ، ففي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» رواه مسلم

والله اعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-16, 04:14
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


السؤال:

قم للمعلم وفّه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا ، هل يجوز لنا قول هذا؟

الجواب :

الحمد لله

هذا البيت المشهور هو مطلع قصيدة من عيون الشعر العربي الحديث، لأمير الشعراء أحمد شوقي (ت1932م)، ألقاها في حفل قام به نادي مدرسة المعلمين العليا، بين الناس من يومها ، لما فيها من قيم عليا تحث على العلم والتعليم، وترفع مكانة المعلم بين الناس.

فكان مما جاء في هذه القصيدة:

قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا
*** كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
*** يبني وينشئ أنفسا وعقولا
سبحانك اللهم خيرَ معلِّم
*** علّمت بالقلم القرونَ الأولى
أخرجت هذا العقل من ظلماته
*** وهديته النور المبين سبيلا
أرسلت بالتوراة موسى مرشدا
*** وابنَ البتول فعلّم الإنجيلا
وفجرت ينبوع البيان محمدا
*** فسقى الحديث وناول التنزيلا

إلى آخر القصيدة التي تقرؤها في ديوان "الشوقيات" (ص245)، طبعة "كلمات عربية للترجمة والنشر".

ولا يظهر حرج في مطلع القصيدة المذكور ؛ بل نرى القصيدة متجهة في المضمون القيِّم الذي نأمله من الشعر والقصيدة ، أن تنسج في قلب القارئ والمستمع نسيجا قويا من الأخلاق والقيم النبيلة، وتغرس في نفوس الناشئة أجمل ما يمكن أن يغرس في سبيل الارتقاء بالنفوس والمجتمعات إلى المعالي.

وما قد يستشكله السائل من قوله: "كاد المعلم أن يكون رسولا"، لا يؤثر فيما سبق بيانه، وذلك من جهات ثلاث :
الأولى:

أن المراد هنا ليس حقيقة الرسالة والنبوة ، التي بعثها بها الأنبياء ، وختمها محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا لا مدخل فيه لسعي العبد ، بل هي اجتباء واصطفاء من الله جل جلاله ، للمكرمين من خلقه ، وهي قد ختمت ، ولم يبق أحد ينالها ، أو يطمع فيها .

وإنما المعلم – هنا - : رسول بالمعنى المجازي، لأنه يحمل رسالة العلم والأخلاق، وكل من يحمل هذه الرسالة فهو رسول بهذا المعنى، يحمل رسالة العلم ، وأمانة الأجيال على عاتقه .

ومع أن فيهم الصالح والطالح ، والخيِّر والشِّرِّير ؛ فإن "المخصوص" بهذا المدح : إنما هو معلم الناس الخير والحق ، كما في القصيدة نفسها : "يبني وينشئ أنفسا وعقولا" .

وهذا هو الذي يسلك بالجيل ، على طريق الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام .

الثانية :

استعمال فعل التقريب "كاد" يعني أن المعلم لم يبلغ مرتبة رسول الله، ولكنه لعظم مكانته شبهه بمن يقرب من مكانهم ، لو كان ذلك ينال بالقرب والسعي ؛ إذا لناله معلم الخير . كما قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرِثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ، أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) رواه أحمد في "المسند" (36/46).
الثالثة :

أننا وجدنا في أقوال العلماء ما يقترب من هذه المعاني، ومن ذلك مثلا قول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "من قرأ القرآن فكأنما استُدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يوحى إليه" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 120) .

وهذا كلام واضح في تشبيه مكانة قارئ القرآن بمكانة أنبياء الله؛ بجامع معرفة كلام الله الذي هو القاسم المشترك في هذه المكانة العظيمة، ولكن مع ملاحظة الفارق الكبير أيضا، وهو مكانة الوحي المنزل من السماء، التي يحظى بها النبي والرسول، ولا تكون لغيرهم من الناس ، مهما علت منزلته.

والشاهد هنا هو التشبيه والتقريب الذي استعمله عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو قريب جدا من تشبيه أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله.

وقد قَالَ أَبُو الفرج ابن الحنبلي (توفي سنة 634هـ) وهو يصف الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة (توفي سنة 558 هـ) ، والد موفق الدين ابن قدامة صاحب "المغني" قال :

"كان لَهُ قدم فِي العبادة والصلاح ، سمعت والدي – هو : نجم بن عبد الوهاب الحنبلي توفي سنة 586هـ - يَقُول: لو كَانَ نبي يبعث في زمان الشيخ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة : كَانَ هُوَ"

انتهى من "ذيل طبقات الحنابلة" (3/125) .

فمثل هذه الكلمات لا تفسر تفسيرا حرفيا ، وإنما يؤخذ منها المعنى العام ، وهو مدح ذلك الشخص ، وأن عبادته وزهده وأخلاقه ... إلخ تشبه عبادة وزهد وأخلاق الأنبياء ، وأنه أفضل أهل زمانه ... ونحو ذلك .

فكذلك هذا البيت من الشعر ، لا يقصد منه المعنى الحرفي ، وهو أن منزلة المعلم قريبة من منزلة الرسول ، ولكن المراد مدح المعلم وأنه قائم بعمل الرسول ، وهو تعليم الناس الخير والحق.

ومن كلام علمائنا المعاصرين وجدنا العلامة ابن جبرين رحمه الله يستشهد بهذا البيت، كما ورد في "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (4/ 14، بترقيم الشاملة آليا) قوله:

"إن العلماء والدعاة والمعلمين لهم رتبة ومكانة راقية، وقدر في النفوس، حيث إن الله تعالى ميزهم، وحملهم العلم الشرعي، والفقه في الدين، والدعوة إليه، وجعل لهم منزلة مرموقة، سيما إذا تصدوا للتدريس في الجامعات، أو المعاهد العلمية، أو الحلقات، أو المنابر، ومواضع الدعوة، فإن على الطلاب أن يعرفوا لهم قدرهم، ويحترموهم .
وقد قيل في المعلم:

قم للمعلم وفه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا" انتهى.

وأما إذا قصد السائل استشكال الشطر الأول من البيت، وهو قول أحمد شوقي: "قم للمعلم" :

فليس هذا بمحذور أيضا؛ لأن مسألة القيام للمعلم مسألة خلافية بين الفقهاء، والأكثرون على استحباب هذا القيام وجوازه، إجلالا للمعلم، واحتراما لقدره ومكانته.

فمثل هذه القضايا الخلافية لا تجعل معيارا للحكم على الشعر بالحظر أو المنع.

والخلاصة : أننا لا نرى حرجا في هذا البيت من الشعر، لا على قائله، ولا على المستشهد به.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-16, 04:16
حكم قولهم قاهر المستحيل
وقاهر المرض ومكث في صراع مع المرض

السؤال :

سؤالي عن إطلاق عبارة ( قاهر المستحيل ) تطلق على شخص معاق فيقوم بأعمال قد لا يقوم بها السليم . وأيضا عبارة قاهر المرض أو مكث في صراع مع المرض أو الموت

الجواب :

الحمد لله

الأولى ترك هذه العبارات، وإن كان الغالب أن مطلقها لا يريد من ورائها معنى محذورا.

فقولهم: قاهر المستحيل، يعنون به: تمكن المعاق من العمل والإنجاز، وعدم الاستسلام لإعاقته، وهذا العمل ليس مستحيلا عقليا ، كالجمع بين الضدين، ولا مستحيلا عاديا كالطير في الهواء، ولكنه أمر شاق على أمثاله، فتسميته مستحيلا : هو من باب التوسع في العبارة ، وكنايات الكلام .

وكذلك قولهم: قاهر المرض، يعنون به أنه تغلب عليه، فإن البدن القوي يتغلب على المرض ويتجاوزه. أو أنه تحمله بصبر ، حتى زال عنه ، ولم يضعف له ، ولم تهِن قواه .

وقولهم: مكث في صراع مع المرض : أي طال مرضه، وقاوم بدنه المرض، إلى أن يتغلب واحد منهما.

وكذلك: صارع الموت، وهو استمرار آلام النزع.

فكل هذا : من باب التوسع في العبارة ، ولا يظهر في مثل ذلك التوسع حرج ، إن شاء الله .

لكن ينبغي التنبه إلى أن بعض الملاحدة يستعمل هذه العبارات ويريدون أن الإنسان تحدى القدر، وغلبه، وهذا كفر وكذب، فلا أحد يمكنه رد القدر إلا بالقدر نفسه، أي ببذل الأسباب التي قدر الله أنها تدفع البلاء، كالتداوي، والحمية، والدعاء، كما جاء في الحديث: (لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ)

رواه أحمد (22386) وابن ماجه (90) من حديث ثوبان، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.

والدعاء من جملة ما قدر الله تعالى. فالقدر يرد بالقدر، والعبد إنما يفر من قدر الله إلى قدر الله.

وأما أن يغلب أحد القدر، فهذا لا يكون، بل الأمر كما قال تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف/21

ولهذا فالأولى ترك هذه العبارات، ورد الفضل إلى الله تعالى، فيقال: شفاه الله، وأنعم لله عليه بالشفاء، وأعانه الله، وذلل له الصعاب، ونحو هذا، فإن الفضل كله بيد الله سبحانه.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-16, 04:19
السؤال :

من أحد أصدقائي يأتيني هدية فيه مكتوب "لبيك ثار الله”، وأنا في شكوك عن استخدامه، وعليه يرجى لدى الأستاذ الكريم بالإفادة عن تفسير "ثار الله، والحكم عن استخدامه

الجواب :

الحمد لله

التلبية في اللغة هي الاستجابة ، ومعنى " لبيك فلان " : استجبت لك يا فلان ، بحذف حرف النداء .

وحذف حرف النداء ، شائع في اللغة العربية ، وأمثلته في القرآن كثيرة ، كقوله تعالى ( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) والمعنى : يا يوسف أعرض عن هذا ، ومنه قوله تعالى ( رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ) فـ "ياء النداء" قبل "رب" محذوفة ، وهذا كثير في القرآن .

ومعنى " لبيك ثأر الله " : استجبت ، أو سأستجيب لك ، يا ثأر الله .

والتلفظ بالاستجابة لثأر الله أو ثأر رسوله أو ثأر فلان أو علان ؛ كل هذا لا حرج فيه ؛ إذا كان قائله يريد به أن يستنهض الهمم ، للغيرة والثأر لدين الله ، فهو كقول القائل : وا إسلاماه ، أو يا خيل الله اثأري ، أو نحو هذه الألفاظ ، فهذه ألفاظ حق ، ولا حرج فيها .

غير أن استعمال هذه الكلمة صار شائعا عند الرافضة الحاقدين ، ويقصدون بها الأخذ بثأر الحسين بن علي رضي الله عنه وعن أبيه ، ويرمون أهل السنة – ظلما وبهتانا - بعداوته وقتله ، مع أن أهل السنة أولى بالحسين وبجميع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم منهم .

وهؤلاء لو كان عندهم عقل وعدل وإنصاف ، فممن يريدون الأخذ بثأر الحسين ؟!

وقد مات قتلة الحسين منذ نحو ألف وأربعمائة سنة !!

ولكنهم يطلقون مثل هذه العبارة لحمل سفهائهم وجهالهم على قتل أهل السنة .

والله تعالى يقول : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/164 .

ولكنه الحقد على أهل الإسلام ، من أهل السنة خصوصا ، تبديه مثل هذه العبارات .. لما كانوا يتسترون بالتقية زمانا ....

وأما اليوم : فلا يحتاج الأمر إلى بيان .. والله المستعان .

وقد عرف عن الرافضة توزيع الهدايا والأطعمة في ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه ، ويكتبون فيها هذه العبارة وما يشابهها ؛ ليستميلوا الناس إلى باطلهم ، ويغووهم بذلك .

فإذا كان الأمر كذلك ، فاحذر كل الحذر من هذا الصديق ، وما يهديك من كتب القوم ، وضلالاتهم ؛ فبين له ذلك ، وحذره من ضلال الرافضة ، وفساد طريقتهم ولا يجوز لك أن تقبل منه شيئا جاء على هذا النحو ؛ حفاظا على سلامة دينك ، وإضعافا لباطلهم ، وبعدا عن إقرارهم عليه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-16, 04:23
حكم قول "خرج النبي من مكة مذموما مدحورا"

السؤال :

قال أحد الأئمة في خطبة جمعة متحدثا عن فتح مكة: "خرج النبي من مكة مذموما مدحورا". ولقد نُصح بأن يمتنع عن وصف النبي بمثل هذه العبارات، لكنه عاد في خطبة عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ليبرر هذه العبارة في حق النبي صلى الله عليه وسلم بتبريرات غير مقنعة. فأرجو من سماحتكم توضيح هذه المسألة.

لجواب:

الحمد لله

هذا القول منكر عظيم، وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخشى على صاحبه إن أصر عليه، وبيان ذلك كما يلي:

أولا:

المدحور هو المطرود، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج من مكة مطرودا، وإنما خرج بنفسه مهاجرا ، منصورا من الله تعالى .

وكانت قريش حريصة عند خروجه ألا يخرج، ووضعت لمن يرده ويأتي به الجوائز، بعد أن كانت تفكر أولا في إخراجه صلى الله عليه وسلم ، ثم عدلت عن ذلك خشية انتشار دعوته، فهاجر صلى الله عليه وسلم رغما عنها، ولم يكن حال خروجه مطرودا، صلوات الله وسلامه عليه.

وإنما نسب الله إخراجه من مكة للكفار، باعتبار أنهم ضيقوا عليه، وآذوه، ولم يمكنوه من تبليغ دعوة ربه فيهم ، حتى اضطر للهجرة، كما قال تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة/40

وقوله: (إِذْ أَخْرَجَهُ) متعلق بـ (نَصَرَهُ) فقد نصره الله تعالى وقت خروجه، فكان خروجه نصرا عظيما له، وغمّا لأعدائه.

قال ابن عطية رحمه الله في تفسيره

: " وقوله " إذ أخرجه الذين كفروا " يريد فعلوا من الأفاعيل ما أدى إلى خروجه ، وأسند الإخراج إليهم ؛ إذ المقصود تذنيبهم .

ولما كان مقصد أبي سفيان بن الحارث الفخر في قوله : ( من طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ ) ؛ لم يقرره النبي صلى الله عليه وسلم"

انتهى من المحرر الوجيز (3/ 39).

وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله: " ويتعلق (إذ أخرجه) بـ (نصره) ؛ أي زمن إخراج الكفار إياه، أي من مكة، والمراد خروجه مهاجرا.

وأسند الإخراج إلى الذين كفروا ، لأنهم تسببوا فيه ، بأن دبروا لخروجه غير مرة ، كما قال تعالى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) [الأنفال:30] ، وبأن آذوه وضايقوه في الدعوة إلى الدين، وضايقوا المسلمين بالأذى والمقاطعة، فتوفرت أسباب خروجه .

ولكنهم كانوا مع ذلك يترددون في تمكينه من الخروج ، خشية أن يظهر أمر الإسلام بين ظهراني قوم آخرين، فلذلك كانوا في آخر الأمر مصممين على منعه من الخروج، وأقاموا عليه من يرقبه ، وحاولوا الإرسال وراءه ليردوه إليهم، وجعلوا لمن يظفر به جزاء جزلا، كما جاء في حديث سراقة بن جعشم" .

إلى أن قال:

" (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم).

التفريع مؤذن بأن السكينة أنزلت عقب الحلول في الغار، وأنها من النصر، إذ هي نصر نفساني، وإنما كان التأييد بجنود لم يروها ، نصرا جثمانيا.

وليس يلزم أن يكون نزول السكينة عقب قوله: (لا تحزن إن الله معنا) ؛ بل إن قوله ذلك هو من آثار سكينة الله التي أنزلت عليه، وتلك السكينة هي مظهر من مظاهر نصر الله إياه، فيكون تقدير الكلام: فقد نصره الله فأنزل السكينة عليه ، وأيده بجنود حين أخرجه الذين كفروا، وحين كان في الغار، وحين قال لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا. فتلك الظروف الثلاثة متعلقة بفعل (نصره) على الترتيب المتقدم . وهي كالاعتراض بين المفرع عنه والتفريع .

وجاء نظم الكلام على هذا السبك البديع ، للمبادأة بالدلالة على أن النصر حصل في أزمان وأحوال، ما كان النصر ليحصل في أمثالها لغيره ، لولا عناية الله به، وأن نصره كان معجزة خارقا للعادة"

انتهى من التحرير والتنوير (10/ 201).

وبهذا يُعلَم أنه لا يجوز أن يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج طريدا من مكة؛ لأنه من الكذب، وباطل القول.

ويشبه هذا ما قاله العز بن عبد السلام رحمه الله جوابا لمن سأله: " هل يتوجه إنكار على من قال: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه آوى النبي صلى الله عليه وسلم طريداً، وآنسه وحيداً، أم لا؟

فأجاب:

" من زعم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه آوى النبي صلى الله عليه وسلم طريداً : فقد كذب .

ومن زعم أنه آنسه وحيداً : فلا بأس بقوله"

انتهى من "فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/114).

وما أشار إليه ابن عطية من إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان بن الحارث قوله: ومن طردتُ كل مطرد، جاء مبينا في الطبقات الكبرى لابن سعد (4/ 52):

" ... كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يهجو أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أسلم قال ...

لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً * لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ

لَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ * فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدَى وَأَهْتَدِي

هَدَانِيَ هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي ودلَّني ... على اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (بل نحن طردناكم)...

وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم وَابْنُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مُعْتَمَّيْنِ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ، قَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَسْفِرُوا تَعَرَّفُوا» ، قَالَ: فَانْتَسَبُوا لَهُ وَكَشَفُوا عَنْ وجُوهِهِمْ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَيُّ مُطَّرِدٍ طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَوْ مَتَى طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ؟» قَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «لَا تَثْرِيبَ يَا أَبَا سُفْيَانَ» " انتهى.

على أن الوصف بـ:"الدحر" : أقبح ، وأشنع من الوصف بالطرد ؛ لأمرين:

الأول: أنه ارتبط بوصف إبليس وأهل النار كما سيأتي.

الثاني: أنه يفيد الإبعاد مع الإهانة.

قال ابن جزي رحمه الله: " { مَّدْحُوراً } أي مُبعداً ، أو مُهاناً" انتهى من التسهيل، ص887

ثانيا:

أن قوله: خرج مذموما مدحورا. بالجمع بين هذين الوصفين، أمر في غاية القبح، والبطلان .

وذلك أن هذا الوصف إنما جاء في كتاب الله تعالى لإبليس ولأهل النار، وارتبط في أذهان الناس بذلك، فلا ريب في تحريم استعارته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى في حق إبليس: (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا) الأعراف/18، وقال: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا) الإسراء/18

والمذءوم هو المذموم.

فلو سلمنا صحة الوصف بالطرد ، باعتبار المفهوم العام للإخراج ، وأن الكفار ضيقوا عليه صلى الله عليه وسلم حتى خرج، فإن الجمع بين هذه الوصفين ، اللذين وصف الله بهما إبليس ، وأهل النار: أمر غاية في القبح والشناعة ، ولا ندري : ما مسوغه عنده ، وما الذي ألجأه إليه أصلا ، وأورده ذلك المورد ؟!

ثالثا:

أن الفقهاء منعوا من كل ما يُشعر بهضم جنابه صلى الله عليه وسلم، أو التنقص من حقه، أو منافاة التوقير والتعظيم له.

قال القاضي عياض رحمه الله: " وأفتى أبو عبد الله بن عتاب ، في عَشّار ، قال لرجل : أدِّ ، واشك إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقال: إن سألت أو جهلت، فقد جهل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم = [ أفتى ] : بالقتل.

وأفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم ، المتفقه الطليطلى ، وصلبه ، بما شُهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، وتسميته إياه أثناء مناظرته ، باليتيم ، وختن حيدرة ، وزعمه أن زهده لم يكن قصدا، ولو قدر على الطيبات أكلها ، إلى أشباه لهذا...

وقال القاضي أبو عبد الله ابن المرابط: من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم هُزم : يستتاب ؛ فإن تاب ، وإلا قتل ؛ لأنه تنقص ، إذ لا يجوز ذلك عليه في خاصته ، إذ هو على بصيرة من أمره ، ويقين من عصمته.

وقال حبيب بن ربيع القروى: مذهب مالك وأصحابه : أن من قال فيه صلى الله عليه وسلم ما فيه نقص : قتل دون استتابة.

وقال ابن عتاب: الكتاب والسنة : موجِبان أن من قصد النبي صلى الله عليه وسلم بأذى ، أو نقص ، معرّضا ، أو مصرحا ، وإن قل : فقتله واجب.

فهذا الباب كله مما عده العلماء سبا ، أو تنقصا : يجب قتل قائله ، لم يختلف في ذلك متقدمهم ولا متأخرهم ، وإن اختلفوا في حكم قتله على ما أشرنا إليه ونبينه بعد .

وكذلك أقول: حكم من غمصه ، أو عيّره برعاية الغنم ، أو السهو أو النسيان أو السحر أو ما أصابه من جرح أو هزيمة لبعض جيوشه أو أذى من عدوه أو شدة من زمنه أو بالميل إلى نسائه فحكم هذا كله لمن قصد به نقصه: القتل، وقد مضى من مذاهب العلماء في ذلك ويأتي ما يدل عليه"

انتهى من "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/ 217).

وقال الدسوقي رحمه الله في ردة وقتل من قال: "هُزم أو هزمت جيوشه": " وإنما قتل قائل ذلك; لأن غاية ما هناك أن بعض الأفراد فر يوم أحد، وهذا نادر والنبي صلى الله عليه وسلم وغالب الجيش لم يفر".

وقال: "الذي عليه مالك وعامة أصحابه أن من قال : إن النبي هزم يقتل ولا تقبل توبته وهو المذهب. وظاهر الإطلاق: أي قَصَد القائل بذلك التنقيص أم لا. وإنما قتل; لأن الله عصمه من الهزيمة فنسبة الهزيمة إليه فيه إلحاق نقص به"

انتهى من حاشية الدسوقي (4/ 310).

ولهذا فالواجب على هذا الخطيب أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يعتذر عن خطئه، وأن يحذر الإصرار والمكابرة ، ومحاولة توجيه قوله.

نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى وأن يقينا مضلات الفتن.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-16, 04:27
أثر ابن مسعود أنذرتكم صعاب المنطق
لا يفسر بالمنطق الأرسطي

السؤال :

قرأت في مقالات روايةً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أنذرتكم صعاب المنطق". هل الرواية صحيحة ؟

وهل هناك ذكر لـ "المنطق" في الصدر الأول في الإسلام ؟ وهل القول بأن المنطق هو : ما يقبله النطق الصحيح. فما أصل هذه الكلمة؟

الجواب

الحمد لله

إذا كنت تقصد بسؤالك عن "المنطق" هو "المنطق الصوري الأرسطي" المشهور تعريفه بأنه آلة تعصم الفكر عن الزلل، فهذا لم يستعمل في الصدر الأول من الإسلام، ولم يرد على لسان أحد من الصحابة والتابعين، ولم تكن العرب تعرفه حتى ترجم في العصر العباسي عن الكتب اليونانية والسريانية، وانتقل إلى العرب وذاع صيته وانتشر بين العلماء بين القبول والرفض.

ولذلك ؛ فما روي في أثر ابن مسعود رضي الله عنه من قوله: (أنذرتكم صعاب المنطق) : لم يُرِد به المنطق الأرسطي الذي لم يكن قد بلغه أصلا، ولا تعرفه العرب، وتأخر انتقاله إلى العلوم الإسلامية كثيرا .

وإنما يريد به المعنى اللغوي لكلمة "المنطق"، كما فسرها العلماء رحمهم الله، أي أنه رضي الله عنه ينهى عوام الناس عن المسائل الصعاب الدقاق، وهي ما تسمى في الفقه بـ "الأغلوطات"، نعني: المسائل الفقهية الدقيقة التي يراد بالتنقيب عنها ضرب الفقه بعضه ببعض، ومغالطة الفقيه بإيهامه وقوع الغلط والتناقض في الفروع ، محل السؤال.

يقول أبو عبيد الهروي رحمه الله (ت401هـ):

"الأغلوطات...أراد المسائل التي يُغالَط بها العلماء، فيُستَزلوا، فيهيج بذلك شر وفتنة...

قال القتيبي: هو مثل حديث عبد الله بن مسعود (أنذرتكم صعاب المنطق) ؛ يريد : المسائل الدقاق والغوامض .

وإنما نهى عنها ، لأنها غير نافعة في الدين، ولا تكاد تكون إلا فيما [لا] يقع أبدا.

ألا ترى قول عبد الله: (وبحسب المؤمن من العلم أن يخشى الله)" انتهى من "الغريبين في القرآن والحديث" (ص1382)

ويقول الإمام البغوي رحمه الله:

"روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (أنذرتكم صعاب المنطق)، يريد المسائل الدقاق والغوامض، وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدين، ولا يكاد يكون إلا فيما لا يقع أبدا.

يُكرَه للرجل أن يتكلف لسؤال ما لا حاجة به إليه، وإن دعت الحاجة إليه، فلا بأس" انتهى من "شرح السنة" (1/308)

ويقول ابن الأثير رحمه الله:

"أراد المسائل التي يغالَط بها العلماء ليَزِلُّوا فيها، فيهيج بذلك شر وفتنة.

وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدين، ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع.

ومثله قول ابن مسعود: (أنذرتكم صعاب المنطق) يريد المسائل الدقيقة الغامضة.

فأما الأُغلوطات : فهي جمع أُغلوطة، أُفعولة، من الغلط، كالأحدوثة والأعجوبة" انتهى من "النهاية في غريب الحديث والأثر" (3/ 378)، ونحوه في "العباب الزاخر" (1/292)، وفي "لسان العرب" (7/364)

هذا وقد فسر بعض العلماء ما يحكى من كلام ابن مسعود رضي الله عنه في سياق الأخلاق والآداب التي تحث على صيانة اللسان عن الآفات، وحفظ الكلام عن اللغو والعبث.

يقول الإمام الماوردي رحمه الله:

"قال بعض الحكماء: من كثر كلامه كثرت آثامه.

وقال ابن مسعود: (أُنذِرُكم فضول المنطق).

وقال بعض البلغاء: كلام المرء بيان فضله، وترجمان عقله، فاقصره على الجميل، واقتصر منه على القليل، وإياك ما يسخط سلطانك، ويوحش إخوانك، فمن أسخط سلطانه تعرض للمنيَّة، ومَن أوحش إخوانه تبرأ مِن الحرية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وهل يكب الناس على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم)

وقال بعض الحكماء: مقتل الرجل بين فكيه.

وقال بعض البلغاء: الحَصَر [ = هو حبس اللسان عن الكلام] خير من الهَذَر؛ لأن الحصر يُضعٍف الحجة، والهذر يتلف المحجة.

وقال بعض الأدباء: يا رب ألسنة كالسيوف تقطع أعناق أصحابها" انتهى من "أدب الدنيا والدين" (ص: 278)

والحاصل : أننا لم نقف على أي إسنادٍ لكلام ابن مسعود في كتب الآثار، وإنما نقله بعض شراح الحديث من المتقدمين والمتأخرين، ومعناه عندهم لا يتصل بالحديث عن "المنطق الصوري"، وإنما عن "المنطق" بمعنى التحدث والسؤال والكلام.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-17, 02:19
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم إطلاق لفظ ( مسؤول ) على الله عز وجل

السؤال:

لاحظت في كلام بعض الدعاة عند التحدث عن مسألة الرزق مثلا، أنهم يقولون: الله هو "المسؤول" عن الرزق ، والواضح من كلامهم أن القصد هو أن الله تكفل بالرزق فلا ينبغي أن نحمل هذا الهم

وليس القصد أن الله يُسأَل ، وسؤالي هو: هل يصح أن ننسب هذا اللفظ إلى الله عز وجل ، بغض النظر عن نية قائله ، وهو سبحانه وتعالى يقول: ( لاً يُسْأًلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون ) ؟

الجواب :

الحمد لله

المقرر عند أهل العلم - رحمهم الله تعالى - أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .

فإذا لم يثبت الاسم ، وكان معناه صحيحا فإنه يجوز الإخبار به عن الله تعالى ، لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات ، لكن لا يعبّد بهذا الاسم ، فلا يقال مثلا : عبد المسئول ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (84270).

واسم "المسؤول" لم يثبت دليل يدل على أنه من أسماء الله تعالى ، فلا يجوز أن يسمى الله تعالى بهذا الاسم ، ولكن هل يجوز إطلاقه من باب الإخبار ؟ هذا فيه تفصيل:

أولا :

إن كان المقصود به أنه يخبر به عن الله تعالى أنه المسؤول بمعنى أن الخلق يسألونه من فضله ورحمته ورزقه ، ويلجؤون إليه في قضاء مصالحهم وتفريج كروبهم ، فهذا معنى صحيح ، وقد أخبر تعالى بما يدل عليه في كتابه العزيز في مثل قوله تعالى : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن )الرحمن/ 29.

قال ابن كثير في تفسيره (7 / 494) :

" وقوله : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ غِنَاهُ عَمَّا سِوَاهُ ، وَافْتِقَارِ الْخَلَائِقِ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْآنَاتِ، وَأَنَّهُمْ يَسْأَلُونَهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ، وَأَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأن" انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره (17 / 166):

" قوله تعالى: (يسأله من في السماوات والأرض) قيل: المعنى : يسأله من في السموات الرحمة، ومن في الأرض الرزق
.
وقال ابن عباس وأبو صالح: أهل السموات يسألونه المغفرة ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونهما جميعا.

وقال ابن جريج: وتسأل الملائكة الرزق لأهل الأرض، فكانت المسألتان جميعا من أهل السماء وأهل الأرض لأهل الأرض" انتهى.

وقد دأب أهل العلم على استعمال هذا اللفظ في مثل هذه السياقات .

قال ابن كثير في " البداية والنهاية" (14 / 234): " فالله هو المسؤول أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ" انتهى.

وقال الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها" (6 / 276): " والله هو المسؤول أن يحفظ علينا إيماننا، ويطهر قلوبنا من الحسد والغل والكبر، إنه خير مسؤول" انتهى.

ثانيا:

أن يكون المقصود أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب السلطة والتدبير للأمور ، فهنا أيضا يصح الإخبار به عنه سبحانه ، في لغة من يستعملونه في مثل هذا المعنى ، ولا يوهم عندهم نقصا ، ولا معنى فاسدا . فإنه سبحانه من يدبر الأمر ، قال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِه ) يونس/ 3

وقال تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) الزمر/ 62، 63 ، قال البغوي في تفسيره (7 / 130): " ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) أي: الأشياء كلها موكولة إليه ، فهو القائم بحفظها. ( له مقاليد السموات والأرض ) مفاتيح خزائن السموات والأرض" انتهى.

وقال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية :

" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَرَبُّهَا وَمَلِيكُهَا وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، وَكُلٌّ تَحْتَ تَدْبِيرِهِ وَقَهْرِهِ وكلاءته"

انتهى من "تفسير ابن كثير" (7 / 111).

فإن أوهم في عرف الناس : أنه مسؤول ، كالمسؤولين في الدنيا ، وأن هناك ، ولو من حيث الصورة ، والبروتوكول الشكلي ، من "يسألهم" : يعني : يحاسبهم ، ويقتضيهم الحقوق والواجبات ، ويحاسبهم على التقصير ، سواء كان السائل والمحاسب : هو "المسؤول" الأعلى منه رتبة ، أو كان هو الشعب ، في زعمهم وقولهم .

نقول : متى أوهم الاستعمال في حق الله جل جلاله ، شيئا من هذه المعاني الفاسدة ، أو غيرها من وجوه النقص ، والجرأة على مقام رب العالمين : لم يحل استعماله في حق الله جل جلاله ، ولا الإخبار به عنه ، ويجب الاقتصار على ما ورد ، وصح معناه من غير شك ، ولا تطرق وهم أو ظن .

وبهذا يتبين أنه متى كان المقصود باستعمال لفظ "المسؤول" : أن الله تعالى يُسْأل عن شيء من أفعاله أو أقداره ، أو ما يحكم به على خلقه على سبيل المؤاخذة أو المحاسبة : فهذا معنى باطل ، بلا شك ، ولا يجوز استعمال ذلك اللفظ في حقه سبحانه ، على هذا الوجه الباطل ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا جل شأنه ، قال تعالى : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)الأنبياء/ 23 .

قال ابن كثير في تفسيره (5 / 337)

: " وَقَوْلُهُ: ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، لِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَعُلُوِّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَلُطْفِهِ ، ( وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) أَيْ: وَهُوَ سَائِلٌ خَلْقَهُ عَمَّا يَعْمَلُونَ، كَقَوْلِهِ: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ) " انتهى.

وقال السمعاني في تفسيره (3 / 374):

" قوله تعالى: ( لا يسأل عما يفعل وهم يُسْألون ) يعني: لا يسأل عما يحكم على خلقه ، والخلق يسألون عن أفعالهم وأعمالهم ، وقيل: لا يسأل عما يفعل؛ لأنه كله حكمة وصواب، وهم يسألون عما يفعلون ، لجواز الخطأ عليهم، وقيل: معنى لا يسأل عما يفعل: لا يقال له: لم؟ ، ولماذا؟ بخلاف الخلق" انتهى.

وقال الطحاوي في "متن الطحاوية بتعليق الألباني" (1 / 50):

" قال الله تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الْأَنْبِيَاءِ: 23] . فَمَنْ سَأَلَ لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الْكِتَابِ ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكتاب كان من الكافرين" انتهى.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-17, 02:21
السؤال :

ما حكم قول : الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه؟

الجواب:

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد :

" لا أصل لهذه الكلمة ، وهي فاسدة من حيث المعنى ، فلا منتهى لحمد الله". انتهى

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-17, 02:23
هل يجوز إطلاق " الربّ " - معرَّفا -
على الله تعالى ؟

السؤال :

هل يجوز للمسلم أن يقول كلمة '' الربّ '' بدلاً من '' الله '' مثلا : بارك الربّ فيك / أعانك الربّ.. أم أنّ كلمة '' الربّ '' مقتصرة على المسيحيين فقط ؟؟

الجواب :

الحمد لله

إطلاق اسم " الربّ " على الله تعالى إطلاق صحيح لا محذور فيه ، وقد جاء ذلك في النصوص الشرعية وكلام أهل العلم .

فروى البخاري (4849) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يُقَالُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلَأْتِ، وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ)

وروى مسلم (479) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)

وغير هذا من الأحاديث .

وقال البخاري رحمه الله في "صحيحه" (9/ 134):

" بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الخَلاَئِقِ ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلاَمِهِ، وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ " انتهى .

وقال أيضا (9/ 142):

" بَابُ كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ، وَنِدَاءِ اللَّهِ المَلاَئِكَةَ " انتهى .

وقال الترمذي رحمه الله في "سننه" (2/ 307):

" بَابُ مَا جَاءَ فِي نُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ " انتهى .

و"الرب " من أسماء الله الحسنى الجامعة ، ومعناه : ذو الربوبية على خلقه أجمعين ، خلقا وملكا وتصرفا وتدبيرا .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد المعطي المانع الضار النافع المقدم المؤخر الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويسعد من يشاء ويشقي ويعز من يشاء ويذل من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى " انتهى من "بدائع الفوائد" (2/ 249)

وقال النووي رحمه الله: " قال العلماء: لا يطلق الرب بالألف واللام، إلا على الله تعالى خاصة " انتهى من "الأذكار للنووي" (ص363) .

فإطلاق " الربّ " على الله تعالى لا محذور فيه ، بل هو من أسماء الله الحسنى .

ولكن اعتياد استعمال هذا الاسم ، والاستعاضة به عن " الله " أو " الرحمن " أو " رب العالمين " كأن يقول القائل : بارك الرب فيك أو : باركك الرب ، أو : أعانك الرب ، أو نسأل الرب لك المغفرة ، ونحو ذلك : لا يجوز

لما فيه من الشبه بالنصارى ، الذين يعتادون ذلك ، ويتحدثون عن "الإله" باسم "الرب" ، حتى إنهم لا يكادون يذكرون اسم "الله" ، ونحن المسلمين نخالفهم في هذا ، فاسم "الله" هو الاسم العلم على رب العالمين ، الذي تفرد به عمن سواه .

فالذي ينبغي للمسلم ويحسن به أن يكون أكثر استعماله هو لاسم الله تعالى "الله" ، وإذا استعمل اسم "الرب" أحيانا ، وكان السياق مناسبا لذلك فلا بأس بذلك .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-17, 02:26
حكم قول : " دخيل الله " و " دخيل النبي "

السؤال:

أود أن أستفسر عن حكم التلفظ ببعض الكلمات المنتشرة على ألسن الناس عندنا في سوريا ، من أمثلة : ( دخيل الله ) أو ( دخيل النبي ) أو : لعن السماء ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الأولى بالمسلم تجنب الألفاظ التي لا يُدرَى معناها والمقصود منها بشكل واضح ، أو تحتمل معنى قبيحاً ، حتى لا يزلَّ لسانه بكلمة لا يدري أين تذهب به ؛ وفي الحديث الصحيح : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) ، رواه الترمذي (2319) وصححه.

ثانياً :

كلمة ( دخيل الله ) الأصل في معناها : أنه مستجير بالله لاجئ إليه ، وفي حمايته وحفظه .

وهذا معنى صحيح ، لا لبس ولا إشكال فيه .

وقد يستعملها البعض بمعنى آخر غير الاستجارة بالله ، وهذا لا حرج فيه كذلك .

ثالثاً :

أما كلمة ( دخيل النبي ) فهي تعني في أصلها : الاستجارة بالنبي والاستغاثة به ، وهذا معنى باطل لا يجوز لمسلم أن يقصده .

إلا أن كثيراً من الناس في بلاد الشام يطلق هذه اللفظة ، ولا يقصد بها الاستغاثة ولا المعنى الحرفي للكلمة ، بل هي تستعمل في سياقات مختلفة ، عند التعجب ، وعند الطلب ، أو بمعنى ( من أجل النبي ) ، وليس منها الاستغاثة في غالب الأحوال .

فهي ـ في مثل ذلك ـ تشبه الكلمات التي كانت تجري على ألسنة العرب ولا يقصد بها معناها ، كـ ( ثكلتك أمك ، عقرى حلقى ، تربت يداك ...) .

والواجب تجنب استعمال هذا اللفظ ، ونحوه من المشتبهات ، لما يتضمنه من إيهام المعنى المنكر ، إلا أنه لا يقال في حق قائله : إنه استغاث بغير الله .

ثالثاً : أما قول بعضهم " يلعن سَمَاك " ، فهي كلمة تطلق للسب والشتم ، وأكثر الناس لا يدري معناها الدقيق ، لكنها تدور حول لعن السماء ، أو ما هو فوقك ، وأحيانا يستخدمها الساب تهرباً من سب الذات الإلهية ، فيلجأ لهذا اللفظ توريةً ، وبعضهم يطلقها ولا يقصد منها شيئاً محدداً.

وعلى كل الأحوال : فالمسلم مطالب بتجنب مثل هذه الكلمات الموهمة .

ومن قصد بهذا اللفظ لعن السماء ، فقد وقع في الحرام وارتكب محظوراً ؛ لأن من لعن شيئاً بغير حق : ردت عليه اللعنة ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَلْعَنِ الرِّيحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ ) رواه الترمذي (1978) وصححه الألباني.

ولا شك أن السماء أولى ألا تُلعن ، لأنها ليست أهلا للعن والعياذ بالله .

وكذلك فإن اللعن منهي عنه ، وليس هو من أخلاق أهل الإيمان ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-05-17, 02:29
حكم ما يقال في بعض الأعراس :
الورد كان شوك من عرق النبي فتح

السؤال :

هناك كلمة أود معرفة هل لها أصل من حديث أو حقيقة ، وهل يجوز قولها وإنشادها ، كما يحدث في الأعراس ، فهي تقال للعريس من أصحابه ورفاقه : " الورد كان شوك ، من عرق النبي فتح... " جزاكم الله خيرا

الجواب :

الحمد لله

عبارة : " الورد كان شوك من عرق النبي فتَّح " .

هذه العبارة يقصد بها مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن عرقه ، من طيبه بلغ درجة أن الورد منه تفتح ، بعد أن كان شوكا .

فأما كون عرق النبي صلى الله عليه وسلم كان ذا رائحة طيبة : فهذا أمر ثابت كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلاَ دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ ، أَوْ عَرْفًا قَطُّ : أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . رواه البخاري (3561) ومسلم (2330) .

ورواه الترمذي (2015) بلفظ : ( ... وَلَا شَمَمْتُ مِسْكًا قَطُّ وَلَا عِطْرًا كَانَ أَطْيَبَ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

أما مدح النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العبارة ، فالذي يظهر تركه ، لما فيه من الغلو ، والقول المخالف للواقع ؛ فالورد لم يتفتح من عَرَق النبي صلى الله عليه وسلم ، رغم أنه أطيب من الطيب ؛ وشأنه أطيب من ذلك ، ومقامه أجل من ذلك ، لكن هذا ليس واقعا ، ولم يحدث ، وإنما هو من باب المغالاة ، والغلو في المدح ؛ وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في مدحه بما ليس بصحيح .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري (3445) .

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى :

" الإطراء: مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه " انتهى . "النهاية في غريب الحديث" (3 / 123).

ولعل بعض من ألف مثل هذا المديح ، أو الغناء ، إنما أخذه من حديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه :

( خلق الورد الأحمر من عرق جبريل ليلة المعراج، وخلق الورد الأبيض من عرقي، وخلق الورد الأصفر من عرق البراق ) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : موضوع.

رواه ابن عساكر (4 / 236 / 1) عن الحسن بن عبد الواحد القزويني: أخبرنا هشام بن عمار: أخبرنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا.

قلت: وهذا حديث موضوع آفته القزويني هذا قال الذهبي:

" روى في خلق الورد الأحمر خبرا كذبا، وهو غير معروف ".

وقال ابن عساكر عقب الحديث:

" قرأت بخط عبد العزيز الكتاني: قال لي أبو النجيب الأرموي: " هذا حديث موضوع، وضعه من لا علم له، وركبه على هذا الإسناد الصحيح ".

وأقره الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان ". "

انتهى . "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2 / 187) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-18, 05:01
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


ما حكم قول البعض ؛ في مزبلة التاريخ .

السؤال :

ما حكم قول البعض: " مزبلة التاريخ " أليست من سب الدهر ؟

أليس من الأفضل القول مثلاً: مزبلة البشرية ؟ وشكراً

الجواب :

الحمد لله

أولا :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ )

رواه البخاري (4826) ومسلم (2246) .

والحديث له تفسيران مشهوران :

التفسير الأول :

نهي عن سب الدهر ؛ لأن الله تعالى هو خالق الدهر ومقدر أحداثه فسب أيامه ولياليه وما يقع فيه من مصائب وبلاء هو في حقيقته سب لمن قدّرها وخلقها وهو الله تعالى .

قال البيهقي رحمه الله تعالى :

" قال الشافعي في رواية حرملة: وإنما تأويله ، والله أعلم ، أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت ، أو هرم ، أو تلف أو غير ذلك ، فيقولون: إنما يهلكنا الدهر ، وهو الليل والنهار .. فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر ؛ فيجعلون الليل والنهار اللذين يفعلان ذلك

فيذمون الدهر ، فإنه الذي يفنينا ويفعل بنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا الدهر ) على أنه الذي يفنيكم ، والذي يفعل بكم هذه الأشياء ، فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبوا الله تبارك وتعالى ، فإن الله فاعل هذه الأشياء .

قال الشيخ: وطرق هذا الحديث وما حفظ بعض رواته من الزيادة فيه دليل على صحة هذا التأويل "

انتهى من " السنن الكبرى" (7 / 131) .

التفسير الثاني :

أنه نهي عن سبّ الدهر لأنه اسم من اسماء الله تعالى ومعناه القديم الأزلي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" والقول الثاني: قول نعيم بن حماد ، وطائفة معه من أهل الحديث والصوفية: إن الدهر من أسماء الله تعالى ، ومعناه القديم الأزلي .

ورووا في بعض الأدعية: يا دهر ! يا ديهور ! يا ديهار ! وهذا المعنى صحيح ؛ لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء ، وهو الآخر ليس بعده شيء ؛ فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهرا بكل حال .

فقد أجمع المسلمون وهو مما علم بالعقل الصريح أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان ، أو ما يجري مجرى الزمان ...

" انتهى . "مجموع الفتاوى" (2 / 494) .

ثانيا :

وعلى أي تفسير حمل الحديث السابق ؛ فإن مقولة " مزبلة التاريخ " لا تدخل في معنى الحديث ونهيه ؛ ولا يراد بها لا سب الزمان ، ولا سب الحياة ، ولا سب التاريخ أو عيبه ، إنما يراد بها سب الشخص المعين ، أو الطائفة المعينة ، أو من يقال عنه : إلى "مزبلة التاريخ" ؛ ومراد قائل ذلك :

أن التاريخ ، إن ذكر هذا الشخص المعين : فلن يذكر بخير ، وأعماله شر وسوء .

وإن وضعه في مكان : فسوف يضعه في أسوأ مكان يوضع فيه "شيء" ، وأرذله ، وهو "المزبلة" .

وهذا كله إنما هو من باب : مجاز القول ، وكناياته ، ويراد به : عيب الشخص المعين ، أو الطائفة ، كما سبق ، ولا علاقة لهذا أصلا : بذم التاريخ ، أو الزمان .

والحاصل ؛ أن مقولة " مزبلة التاريخ " لا يتناولها حديث النهي عن سب الدهر ؛ لأنها موجهة فقط لوصف أفعال البشر الدنيئة التي تقع تحت مسؤوليتهم وتصدر باختيارهم وارادتهم .

لكن يجب على قائل ذلك : أن يتنبه ، فلا يوقعها إلا على من يستحقها من الكفار ، وعتاة أهل الشر والبغي والطغيان ، ويحذر من التساهل فيها ، فيقع هو في البغي والعدوان ، أو الغيبة والبهتان.

والله أعلم .

الخلاصة ؛ أن مقولة في "مزبلة التاريخ" لا تحمل المعنى الذي من أجله جاء النهي عن "سبّ الدهر " .

*عبدالرحمن*
2018-05-18, 05:05
حكم مقولة غضب الطبيعة التي
تذكر في بعض الأفلام الوثائقية

السؤال:

ما حكم مشاهدة الأفلام الوثائقية فى أوقات الفراغ التى لا تحتوى على محاذير شرعية ، ولكن المتحدث فيها أحيانا يقول : (غضب الطبيعة) ، أو ( أن الطبيعة قالت عكس ذلك) ، وبالتأكيد هو لم يقصد المعنى الكفري ، ولكن يقولها على سبيل المجاز ، فما حكم مشاهدتها ؟ مع بيان حرمة هذه العبارات .

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في مشاهدة الأفلام الوثائقية الخالية من المحاذير الشرعية، إذا لم تشغل عن واجب.

ولا يجوز نسبة شيء للطبيعة كالغضب والقول والهبة ، ولو على سبيل المجاز؛ لما في ذلك من مشابهة الملاحدة والإيهام بصحة قولهم ، فإن الملاحدة ينسبون الأفعال للطبيعة على أنها الخالقة والموجدة ، وذلك كفر لا شك فيه، فوجب الحذر من قولهم ، والبعد عن مشابهتهم .

ومعلوم أن الطبيعة خلق من خلق الله تعالى لا تصرّف لها من ذاتها ، إلا بما أمرها الله به من إغراق أو هدم أو غيره ، كما قال: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) الزخرف/55، وآسفونا: أغضبونا.

وقال سبحانه: (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) العنكبوت/39، 40 .

وقد أدب الله عباده المؤمنين بترك موافقة أهل الباطل في كلماتهم، فقال: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة/104 .

قال ابن كثير رحمه الله:

"نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم ، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص -عليهم لعائن الله-فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا، يقولون: راعنا. يورّون بالرعونة، كما قال تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم

وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) [النساء: 46] وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم، بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون: السام عليكم. والسام هو: الموت. ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ "وعليكم". وإنما يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا.

والغرض: أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا. فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم) .

وروى الإمام أحمد: ... عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "... من تشبه بقوم فهو منهم".

ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد ، على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ، ولباسهم وأعيادهم ، وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نُقرّ عليها" .

انتهى ، مختصرا ، من "تفسير ابن كثير" (1/373).

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة " : " لا يجوز أن يقال ولا أن يكتب : " لا زال في عالمنا بعض هبات الطبيعة " ولو ادعَى في ذلك أنه مجاز ؛ لأن فيه تلبيسا على الناس ، وإيناسا للقلوب بما عليه أهل الإلحاد ، إذ لا يزال كثير من الكفرة ينكر الرب ، ويسند إحداث الخير والشر إلى غير الله حقيقة

فينبغي للمسلم أن يصون لسانه وقلمه عن مثل هذه العبارات ؛ صيانة لنفسه عن مشاركة أهل الإلحاد في شعارهم ومظاهرهم ، وبعدا عما يلهجون به في حديثهم ، حتى يكون طاهرا من شوائب الشرك في سيرته الظاهرة ، وعقيدته الباطنة ، ويجب عليه قبول النصيحة ، وألا يتمحل لتصحيح خطئه ، وينتحل الأعذار لتبرير موقفه ، فالحق أحق أن يتبع ، وقد قال الأول : إياك وما يعتذر منه "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 162).

والمشاهد لهذه الأفلام إذا أنكر هذه العبارات ولم يرضها، فلا شيء عليه.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-18, 05:08
ما حكم قول الإنسان والنبي ؟

السؤال:

قرات فى فتوى عن حكم قول " والنبى " التى انتشرت بشكل كبير جدا فى بلدي ، فقال : " فإن كان قصد القائل الحلف بالنبي فلا يجوز ، وأما إن قصد القائل التوسل إلى الغير لقضاء حاجته

فهذا جائز، وهو جارٍ على عادة العرب ، من قولهم : سألتك بالله والرحم ، وأنشدك بالله والرحم ، وهو أحد القولين في تفسير قوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) فما صحة هذا القول ؟

الجواب

الحمد لله

"عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد :

" هذا التفصيل له وجه ، ولكن لا ينبغي التعويل عليه ، لأنه :

-سيكون سبيلا لإشاعة الحلف بغير الله .

-أن التفريق بينهما عسير ، وألفاظ العامة متشابهة ، ولا يتأتَّى التمييز بينها لكل أحد ".
انتهى .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-18, 05:15
هل تجوز نسبة الظن لله ؟

السؤال:

هل تجوز نسبة الظن لله ؛ كأن يقول أحدهم : كن عند ظن الله بك ، أو عند حسن ظن الله بك ؟

الجواب :

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد : " أن التعبير بهذا اللفظ باطل ومنكر ، فلا تجوز إضافة الظن لله ، ولا يقال إن الله ظن كذا أو حسن ظن الله بفلان كذا ، ونحو ذلك " انتهى .

والله أعلم .

محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-18, 05:20
عزم على المعصية مقترنة بقوله
بإذن الله أو إن شاء الله

السؤال:

ما حكم من ربط مشيئة الله وإذنه مع معصيته ، مثل : بإذن الله عندما أعود سوف أسمع أغاني ، وهكذا ؟

الجواب :

الحمد لله

الغالب في تعليق بعض العامة معاصيهم على إذن الله ومشيئته ، أنهم يريدون بذلك تأكيد العزم على المعصية ، والتصريح بالنية الحاضرة للوقوع فيها، فهو تعليق يقصد به عند قائله العزم على المعصية .

ولا يخفى على المسلمين أن العزم على المعصية ، ورجاء الوقوع فيها في قابل الأيام، معصية سابقة على الفعل نفسه ، ونية آثمة يحاسب المرء عليها إذا انعقد عزمه على ذلك وركنت نفسه إليه ، أو تكلم بها، أو بدأ بالبحث عن أسبابها فعلا، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا ، أَوْ يَعمَلُوا بِهِ)

رواه البخاري (2528) ، ومسلم (127)

يقول ابن حجر رحمه الله:

" اقتران الفعل بالهم أو بالعزم لا نزاع في المؤاخذة به"

انتهى من "فتح الباري" (13/34) .

ومثاله في السنة ذاك الذي صرح بنيته وعزمه على إنفاق المال في المعصية ، فقال: ( لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ) رواه الترمذي في "السنن" (رقم/2325) وقال: حسن صحيح .

ومثاله أيضا ما ذكره العلماء عن نذر المعصية ، فمن نذر الوقوع في المعصية فقد عقد عزمه عليها، ولم يكتف بذلك ، حتى تلفظ بلسانه بها، بل وربطها بألفاظ الإلزام والالتزام التي هي عبارات شديدة وأكيدة ، ولها حرمتها في الشريعة الإسلامية ، ومع ذلك بقي الأمر في دائرة "نذر المعصية"، ولم يخرجه العلماء إلى دائرة التكفير ، أو استحلال الحرام المعلوم تحريمه من الدين بالضرورة.

وذكر مشيئة الله في سياق العزم على المعصية يدل على ضعف الوازع الديني ، والوازع الأدبي مع الله سبحانه ؛ فذكر الله ومشيئته إنما شرعت طلبا للاستعانة بالله تعالى ، وتبركا بذكر اسمه ، ورجاء وقوع المطلوب ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم للمريض: (لاَ بَأْسَ ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)

رواه البخاري في "صحيحه" (3616)

وذلك لا يليق إلا بالطاعات أو المباحات ، أما المعاصي والآثام فحقها التوبة منها ، والاستغفار لها ، وليس التهاون بها بذكر اسم الله معها .

نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعن جميع المسلمين.

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

aminemohcine
2018-05-19, 15:31
بارك الله فيكِ

*عبدالرحمن*
2018-05-19, 21:32
بارك الله فيكِ

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب اخي الكريم
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-05-22, 22:47
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم قول : " الله محبة " .

السؤال:

هل كلمة ( الله محبة ) تجوز شرعا ؟ ؛ لأني سمعت الشيخ ديدات رحمة الله عليه يقول عنها : لا تجوز ، لله الاسماء الحسنى فأدعوه بها ، وهي ليست من الاسماء الحسنى ، وكثير من الناس يقولون : الله محبة يرجى التوضيح .

الجواب:

الحمد لله

أولا :

لا يجوز إطلاق "الله محبة" على الله سبحانه وتعالى ، وذلك للأسباب الآتية :

1- أن هذه الكلمة "الله محبة" هي شعار للنصارى ، فهم الذين يطلقون هذه الكلمة على الله ، ولا يجوز لمسلم أن يتشبه بالمشركين وأهل الضلال فيما هو من خصائصهم وشعاراتهم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (3512)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله : (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)"

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص 83 ).

2- أن معنى هذه الكلمة معنى فاسد ، لا يجوز أن ينسب إلى الله تعالى ؛ فإنهم يزعمون أن معناها : "أن الله خلقنا لأنه يحبنا" ، ولذلك فإنه "بذل ابنه الوحيد من أجلنا" !!

اما الكلام على عقيدة الصلب والفداء عند النصارى وبيان بطلانها ، وبطلان القول ببنوة المسيح عليه السلام

أما رفض المسلمين لهذه الفكرة فليس فيه عجب ولا غرابة ، إذ كان القرآن الذي يؤمنون به ، ويصدقون بخبره قد نفى ذلك الأمر نفيا قاطعا ، كما قال الله تعالى : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء/157

لكن الشأن إنما هو في النصارى الذين صارت عقيدة الصلب والفداء عندهم من الأهمية بمكانٍ ، بحيث صار الصليب شعارا لدينهم !!

والعجيب أنهم يختلفون في شكل هذا الصليب اختلافا يُلمح إلى تخبطهم في أصل هذه الفرية !!

إن كل ما يتعلق بقصة الصلب هو محل اختلاف بين أناجيلهم ومؤرخيهم :

فقد اختلفوا في وقت العشاء الأخير بزعمهم ، الذي كان مقدمة من مقدمات الصلب ، واختلفوا في التلميذ الخائن الذي دل على السيد المسيح :

هل كان قبل العشاء الأخير بيوم على الأقل ، كما يروي لوقا ، أو أثناءه ، بعد أن أعطاه المسيح اللقمة ، كما يروي يوحنا ؟!

وهل المسيح هو الذي حمل صليبه كما يروي يوحنا ، على ما كان معتادا فيمن يصلب ، على حد قول نيتنهام ، أو هو سمعان القيرواني ، كما يروي الثلاثة الآخرون ؟!

وإذا كانوا قد ذكروا أن اثنين من اللصوص صلبا كما صلب المسيح ، أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فما كان موقف هذين المصلوبين من المسيح المصلوب ، بزعمهم :

هل عيره اللصان بصلبه ، وأن ربه أسلمه إلى أعدائه ، أو عيره أحدهما فقط ، والثاني انتهر هذا المُعَيِّر ؟!

ثم في أي ساعة كان هذا الصلب : الثالثة كما يروي مرقس ، أو السادسة كما يروي يوحنا ؟!

وماذا حدث بعد الصلب الذي زعموه :

إن مرقس يروي أن حجاب الهيكل قد انشق من فوق إلى أسفل ، ويزيد متى أن الأرض تزلزلت ، والصخور تشققت ، وقام كثير من القديسين من قبورهم ، ودخلوا المدينة المقدسة ، وظهروا لكثيرين ، بينما لوقا يروي أن الشمس أظلمت ، وانشق حجاب الهيكل من وسطه ، فلما رأى قائد المائة ما كان ، مجد الله قائلا : بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا .

وأما يوحنا فلا يعلم عن ذلك شيئا !!

وليس هذا فقط هو كل ما تحويه قصة الصلب ، كما توردها الأناجيل ، من عناصر الضعف ، ودلائل البطلان ، وإنما يمكن للناظر في تفاصيل الروايات التي توردها الأناجيل لهذه القصة أن يلمس بأدنى نظر ما بينها من اختلاف شديد في تفاصيل تلك القصة ، وما دار حولها ، بحيث يتعذر الإيمان بذلك كله ، أو التصديق بأي ذلك كان !!

وكم هي شاقة تلك المحاولة اليائسة لسد تلك الثغرات ، وستر عورات الكتب المحرفة ، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه المحفوظ : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/82 إنها محاولة قروي ساذج لإقناع العلماء أن قنابل الذَّرَّة مصنوعة من كيزان الذٌّرَة ، على حد تعبير بعض الدعاة !!

وبعيدا عن سقوط الثقة بأخبار الأناجيل المحرفة ، والتي اعترف أهلها أنفسهم بأنها لم تنزل على المسيح هكذا ، بل ولا كتبت في حياته ، فإن شهود الإثبات جميعاً لم يحضروا الواقعة التي يشهدون فيها، كما قال مرقس: { فتركه الجميع وهربوا } ( مرقس 14/50 )

وإزاء ذلك الموقف الذي لم يشهده أحد ممن حكاه ، فلتذهب الظنون كل مذهب ، والخيال مثل الشِّعر : أعذبه أكذبه !!

ولنكمل صورة الحديث عن أسطورة صلب المسيح عليه السلام ، بما ذكرته الأناجيل من تنبؤات المسيح بنجاته من القتل :

ذات مرة أرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة الحرس ليمسكوا به ، فقال لهم :

{ سأبقى معكم وقتا قليلا ، ثم أمضي إلى الذي أرسلني ، ستطلبوني فلا تجدوني ، وحيث أكون أنا لا تقدرون أن تجيئوا } [ يوحنا : 7/32-34 }

وفي موقف آخر يقول :

{ أنا ذاهب ، وستطلبوني ، وفي خطيئتكم تموتون ، وحيث أنا ذاهب لا تقدرون أنتم أن تجيئوا .

فقال اليهود : لعله سيقتل نفسه ، لأنه قال : حيث أنا ذاهب لا تقدرون أن تجيئوا .

وقال لهم : أنتم من أسفل ، أما أنا فمن فوق ، أنتم من هذا العالم ، وما أنا من هذا العالم .....

متى رفعتم ابن الإنسان ، عرفتم أني أنا هو ، وأني لا أعمل شيئا من عندي ، ولا أقول إلا ما علمني الآب ، والآب الذي أرسلني هو معي ، وما تركني وحدي ، لأني في كل حين أعمل ما يرضيه } . [ يوحنا : 8/21-29 ]

ثم يعود ليقول لهم آخر الأمر :

{ لن تروني إلا يوم تهتفون : تبارك الآتي باسم الرب . وخرج يسوع من الهيكل ...} [ متى : 32/39 ، 24/1 ] وأيضا : [ لوقا 13/35 ] .

لقد كان المسيح ، كما تصوره هذه النصوص وغيرها أيضا ، على ثقة من أن الله ـ تعالى ـ لن يسلمه إلى أعدائه ، ولن يتخلى عنه :

{ تجيء ساعة ، بل جاءت الآن ، تتفرقون فيها ، كل واحد في سبيله ، وتتركوني وحدي ؛ ولكن لا أكون وحدي ، لأن الآب معي ... ستعانون الشدة في هذا العالم ، فتشجعوا ؛ أنا غلبت العالم !! } [ يوحنا : 16/32-33] .

ولأجل هذا كان المارة ، بل كل من حضر التمثيلية المزعومة لصلبه (!!) يسخرون من المسيح ، حاشاه من ذلك صلى الله عليه وسلم ، كما يقول كاتب هذا الإنجيل :

{ وكان المارة يهزون رؤوسهم ويشتمونه ، ويقولون : ... إن كنت ابن الله ، فخلص نفسك ، وانزل عن الصليب . وكان رؤساء الكهنة ، ومعلمو الشريعة والشيوخ يستهزئون به ، فيقولون : خلَّصَ غيره ، ولا يقدر أن يخلص نفسه ؟! هو ملك إسرائيل ، فلينزل الآن عن الصليب لنؤمن به ؛ توكَلَ على الله وقال : أنا ابن الله ، فلينقذه الله إن كان راضيا عنه . وعيره اللصان المصلوبان معه أيضا ، فقالا مثل هذا الكلام .}

لكن يبدو أن يقين عسى بمعية الله له قد بدأ يتزعزع ، على ما تصوره أناجيلهم المحرفة ، حاشاه عليه السلام من ذلك :

{ جاء معهم يسوع إلى موضع اسمه جَتْسِماني ، فقال لهم : اجلسوا ههنا حتى أذهب وأصلّي هناك، ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي ، وبدأ يشعر بالحزن والكآبة ، فقال لهم: نفسي حزينة حتى الموت ، امكثوا ههنا واسهروا معي . وابتعد عنهم قليلاً وارتمى على وجهه ، وصلّى فقال : إن أمكن يا أبي فلتعبر عني هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا ، بل كما أنت تريد . ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً.. وابتعد ثانية ، وصلّى فقال : يا أبي إذا كان لا يمكن أن تعبر عني هذه الكأس، إلا إن أشربها ، فلتكن مشيئتك ، ثم جاء فوجدهم أيضاً نياماً ... وعاد إلى الصلاة مرة ثالثة ، فردد الكلام نفسه . ثم رجع إلى التلاميذ ، وقال لهم : أنيام بعدُ ومستريحون ؟! جاءت الساعة التي فيها يُسْلَم ابن الإنسان إلى أيدي الخاطئين } [ متى 26/36 -40] .

ويصف لوقا المشهد ، فيقول : { ... ووقع في ضيق ، فأجهد نفسه في الصلاة ، وكان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض ، وقام عن الصلاة ، ورجع إلى التلاميذ فوجدهم نياما من الحزن ، فقال لهم ما بالكم نائمين ، قوموا وصلوا لئلا تقعوا في التجربة } [ لوقا 22/44 ] .

ولأجل هذا الاستهزاء بدعوى المسيح ، في زعمهم ، ولأجل ما كان يظنه المسيح من أن الله معه ولن يخذله ، كان منطقيا أن ينهي الكاتب الذي افترى هذا المشهد الدرامي ، بلقطة بائسة تمثل حسرة المسيح ، وخيبة ظنه في معية الله له ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، يقول الكاتب المفتري :

{ وعند الظهر خيم على الأرض كلها ظلام حتى الساعة الثالثة , ونحو الساعة الثالثة صرخ يسوع بصوت عظيم : إلهي ، إلهي ، لماذا تركتني ؟!! } [ متى : 27/38-47 ] وأيضا :

[ مرقس : 15/29-35 ] .

وإذ قد عرفنا قيمة تلك القصة في ميزان النقد ، فإن ما بني عليها من عقيدة الفداء والتضحية تبع لها .

*عبدالرحمن*
2018-05-22, 22:50
فهذا المعنى لا شك في بطلانه ، فقد خلق الله كل الخلق ، ومنهم الشيطان "إبليس" فهل يحب اللهُ إبليسَ؟! وهو أكفر الخلق بالله .

لقد خلق الله كل البشر ، فهل يحب اللهُ فرعونَ والنمرودَ ؟! وهما من هما في الكفر بالله ، والعتو عليه ، وحربه ، وعداوته ؟!!

هل يحب اللهُ أعداءه وأعداء أنبيائه ؟! هل يحب الله قتلة الأنبياء ؟! هل يحب اللهُ من يشرك به ويتطاول عليه وينسب إليه النقائص؟!

إن مفهوم "الله محبة" الذي يثبته من ينسب هذه الكلمة إلى الله : مفهوم باطل ، ولذلك لا تجد هذا الوصف ـ "الله محبة" ـ ثابتا لله تعالى في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية ، بل في الكتاب الذي يؤمن به النصارى بعهديه : القديم والجديد ، لا تجد أن الله وصف نفسه بهذا الوصف ، ولا وصفه به أحد الأنبياء ، وإنما أطلق ذلك على الله يوحنا وبولس ، ونحوهما .

3- أن من يطلق هذا الوصف على الله تعالى "الله محبة" يغفل ، أو يتغافل عن جانب آخر من صفات الله تعالى ، فإن الناس سوف ينقسمون يوم القيامة إلى قسمين لا ثالث لهما: قسم آمنوا بالله ورسله وأطاعوه ، فهؤلاء يرضى الله عنهم ويدخلهم دار النعيم ، وقسم آخر كفروا بالله ورسله ، فهؤلاء يغضب الله عليهم ، ويدخلهم دار العذاب الأليم .

فهناك من صفات الله ما يدل على الرحمة والرأفة ، والإحسان والعفو والمغفرة والفضل ... إلخ ، وبهذه الصفات أدخل الله تعالى الجنة من أدخل من عباده .

وهناك من صفات الله تعالى ما يدل على الغضب والكراهية والانتقام وشدة العذاب ... إلخ ، وبهذه الصفات أدخل الله النار من أدخل من عبيده .

فالذي ينظر إلى جانب واحد من الصفات دون الآخر هو قاصر النظر ، لم يحقق العبودية التي أرادها الله منه .
ولذلك حذرنا العلماء من ذلك المزلق ، وقال من قال منهم : " مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ : فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ : فَهُوَ حروري ، وَمَنْ عَبْدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ :

فَهُوَ مُرْجِئٌ وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ : فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ "، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح ذلك : " وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُبَّ الْمُجَرَّدَ تَنْبَسِطُ النُّفُوسُ فِيهِ حَتَّى تَتَوَسَّعَ فِي أَهْوَائِهَا ، إذَا لَمْ يَزَعْهَا وَازِعُ الْخَشْيَةِ لِلَّهِ ، حَتَّى قَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى : {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ، وَيُوجَدُ فِي مُدَّعِي الْمَحَبَّةِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ مَا لَا يُوجَدُ فِي أَهْلِ الْخَشْيَةِ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/81) .

ثانيا :

أما مفهوم "محبة الله تعالى لعبده" في الإسلام :

فإن من أعلى الغايات التي يسعى إليه المؤمن أن يفوز بمحبة الله له ، ولن تجد في القرآن الكريم أن محبة الله تعالى مبذولة لكل الخلق ، أو لكل البشر كما يزعم من يقول : "الله محبة" ؛ ولكنك تجدها لطائفة من البشر ، وهم الذين آمنوا بالله وأطاعوه ، وقد ذكر الله لنا صفات من يحبهم الله تعالى وأعمالَهم حتى يكون ذلك باعثا لنا إلى الاتصاف بتلك الصفات ، والقيام بتلك الطاعات ، حتى نفوز بمحبة الله تعالى لنا .

قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222.

)فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) آل عمران /76.

)وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران /134.

)إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران /159.

)إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة /42.

)إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ) الصف /4.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) المائدة/54.

وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى قائلا : (اللهم إني أسألك حبك) رواه الترمذي (3235) ونقل تصحيحه عن الإمام البخاري ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وفي المقابل تجد في القرآن الكريم صفات وأعمالا كثيرة أخبرنا الله تعالى أنه لا يحب أهلها ، وذلك حتى نتجنب تلك الصفات والأعمال ونحذر من الاتصاف بها ، قال الله تعالى :

)وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة/276.

)فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) آل عمران /32.

)وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران /57.

)إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) النساء /36.

)إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً) النساء/107.

)وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) المائدة/64.

)وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام /141.

)إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) الأنفال /58.

)إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) النحل/23.

)إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) الحج/38.

(وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة/190.

وبهذا يتبين أن "محبة الله تعالى" ليست لكل الخلق ، ولا لكل البشر ، وإنما هي لمن آمن بالله ورسله ، وأطاع الله تعالى ، واتصف بالصفات التي يحبها الله .

نسأل الله تعالى أن يرزقنا محبته ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-22, 22:56
حكم مهاترة بعض العوام
بقولهم: ما لك على ربي؟

السؤال :

نحن نعلم أن سب الله ورسوله كفر أكبر مخرج من الملة ، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وجب قتله بإجماع المسلمين ، هناك أناس يقولون أقوالا ـ والعياذ بالله ـ مثل " ما لَك على ربي ، وأجيت على ربي ، ومالْ ربي عليك"

. فهل يعتبر هذا كفرا أكبر مخرجا من الملة ؟

وهل يعتبر من السب والشتم على الله الذي يوجب القتل في الإسلام إذا كان هناك دولة إسلامية حاكمة ؟

وسؤال آخر يختص بهذا: من سب الله ورسوله كفر بالله ، والآن يريد التوبة والاستغفار، فهل يجب عليه الاغتسال ؟

وإن لم يغتسل هل يبقى على الكفر ؟

أم أن الغسل يكون واجبا فقط عندما يهتدي كافر إلى الإسلام ؟

الجواب :

الحمد لله

لا تزال آفات اللسان بالمرء حتى تكبه في النار على وجهه ، وقد لا يكون ذلك بسبب اعتقاد جازم باطل ، ولا بسبب معاملة سيئة مع الناس، وإنما بسبب ضعف الوازع الأدبي مع الله عز وجل، وخفوت جانب تعظيم الله سبحانه في قلبه وعقله .

ذلك أن إدخال لفظ الجلالة " الله "، أو اسم الربوبية " ربي "، أو " ربنا "، في مهاترات الناس ومشاحناتهم فيما بينهم ، وكأن الله سبحانه وتعالى شاخص بينهم في هذا الإسفاف: لا يصدر عن مسلم يعظم الله في قلبه حق التعظيم ، ويشهد له بالكمال والجلال ، يقول عز وجل: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج/ 74.

والمسلم مطالبٌ بالتأدب مع الله سبحانه وتعالى في ألفاظه أعظم الأدب ، فلا يجمع مع مشيئته مشيئة أخرى بواو العطف، فلا يقول: ما شاء الله وشئت، رغم عذر التخريج اللغوي لهذا الجمع، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ: مَا شَاءَ اللهُ. فَلْيَفْصِلْ بَيْنَهُمَا: ثُمَّ شِئْتَ) رواه أحمد في "المسند " (45/ 43) بسند صحيح.

ولا يُقحم اسم الربوبية في تعامله مع سيده ، رغم صحة ذلك لغة أيضا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ. وَضِّئْ رَبَّكَ. اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلاَيَ)

رواه البخاري (2552) ، ومسلم (2249) .

وكمال التأدب مع الله سبحانه يقضي على المسلم بمراعاة الألفاظ إلى الغاية الممكنة ، وانتقاء أحسنها وأكملها في الحديث عن الله سبحانه .

ومن باب أولى أن ينزه المرء لفظ "الجلالة" أو "الربوبية" عن لغط القول وارتفاع الأصوات بينهم، كي لا تهوي به كلمة واحدة في النار من حيث يشعر أو لا يشعر.

وهذه الألفاظ الواردة في السؤال يستعملها بعض العوام - من أهل البلاد التي تقال فيها - في سياق المغاضبة والتهجم على المخاطَب ، ولكي يَشعرَ المخاطَبُ بعظيم ما فعله، وشديد ما أغضب مخاصمه منه ، يقحم كلمة "ربي"، يريد أن ما واجهتني به من أذى وعدوان ، بلغ مني أعظم مبلغ

ونال مني أكبر نوال، فلا يجد ما يعبر عن ذلك سوى التعبير بكلمة "ربي"؛ لأنها أعظم ما يخص الإنسان، فيقول: ما لَكْ على ربي! أو: فكأنه يقول له: ما شأنك وشأني! وكأنك تتقصد أذاي في كل شيء، وفي أعظم شيء عندي! ونحو ذلك من المعاني والسياقات.

ونحوها أيضا: أجيت على ربي! يريدون بها أنك جئت وأصبت كل شأني وأحوالي.

فهي كلمة خاطئة آثمة ولا شك؛ لأن سياقها ليس سياق الأدب والتعظيم، ومستعملوها هم السوقة من الناس ، لكن توضيح معناها السابق يجعلنا نتوقف في التكفير بها مطلقا، كما لا نفتي بأنها ليست مكفرة مطلقا .

بل الواجب على مَن جَرَت على لسانه نحو هذه المقولات المتنوعة أن يستفتي أهل العلم في بلده عن تلك الواقعة ، وما قصده في كلامه ، والسياق الذي أدى به إليه ، كي يتمكن المفتي من تحديد إن كانت كلمة مكفرة صدرت استهزاء أو سبا وتنقيصا لله سبحانه ، أم لا.

وفي جميع الأحوال، فإن الاغتسال ليس شرطا من شروط التوبة، سواء التوبة من الردة أو من كلمة السوء، وإنما هو واجب - في قول المالكية والحنابلة - للمرتد أو الكافر الأصلي الذي دخل في الإسلام من جديد

ولكن لو لم يغتسل ، وصدقت توبته وإسلامه، فإن الله عز وجل يتقبل منه، ولا يحرمه فضل التوبة بسبب عدم اغتساله.

نسأل الله تعالى لنا ولجميع المسلمين الهداية لأحسن الأقوال والأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا هو عز وجل.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-22, 23:00
السؤال:

هل يجوز تسمية نصوص الإنجيل والتوراة آيات ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

إذا كان المقصود بإطلاق " آيات " على فواصل التوراة والإنجيل الحقيقيين ، اللذين أنزلهما الله عز وجل قبل التبديل والتحريف ، فلا حرج في ذلك ، كما سمى القرآن الكريم نفسه فواصل التوراة والإنجيل بأنها " آيات "، ولكن القرآن تحدث عن الكتابين بما هما " كلام الله "، وليس عن الكتابين المحرفين المبدلين .

يقول الله عز وجل : ( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ )البقرة/ 41.

وقال تعالى : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُون ) آل عمران/ 113 .

ويقول جل وعلا : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون ) المائدة/ 44.

ويقول سبحانه : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين ) الأعراف/ 175.
ويقول أيضا : ( وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) القصص/ 45.

ويقول عزوجل : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الجمعة/ 5.

كلها آيات قرآنية كريمة ، تطلق على ما نزل في التوراة والإنجيل من رب العالمين بأنها " آيات "، وما هذا إلا لأنها كلام الله جل وعلا ، دون تبديل أو تحريف .

يقول الإمام الطبري رحمه الله :

" القول في تأويل قوله : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ) اختلف في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تلك آيات التوراة "

انتهى من " جامع البيان " (15/ 11) .

ومنه ما ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من إطلاق ( آية الرجم ) على ما ورد في التوراة في شأن الرجم . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : " كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا ، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى ( آيَةِ الرَّجْمِ ) "

رواه البخاري (3635) ، ومسلم (1699) .

وذلك لأن القرآن الكريم أخبر في هذه الحادثة أن التوراة فيها حكم الرجم ، وهو حكم الله الذي جاء به موسى عليه السلام لليهود ، وذلك في قوله تعالى : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّه )المائدة/ 43 ، ولذلك ساغ أن يطلق الصحابي ، على ما ورد في التوراة في شأن الرجم : أنه " آية الرجم ".

ولأجل ذلك ، فقد عبر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، عن مضمون قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ )المائدة/ 45 بأنها : " آية التوراة "، كما في " مجموع الفتاوى " (14/85)، وذلك لأنه مضمونُ حقٍّ شهد القرآن الكريم به .
ثانيا :

أما إذا كان السياق يتحدث عن التوراة أو الإنجيل المحرفين ، بما هما عليه في أيدي الناس اليوم ، وما فيهما من الفقرات المشتملة على الشرك ، أو الأخبار الكاذبة ، أو إطلاق صفات النقص على الله عز وجل ، أو كان السياق يتحدث عن بعض فقراتهما المطبوعة اليوم ، التي لا نعلم عن حقيقة أمرها شيئا ، لكونها مما سكت القرآن الكريم عن مضمونها ، فلا يجوز إطلاق وصف " الآيات " على هذه الفواصل ، بهذا الاعتبار ، وذلك لما يلي :

1. لما في هذا الإطلاق من إيهام المصداقية ، وتنزيل المحرف منزلة المحفوظ المنزل من عند الله تعالى ، وإيهام تساوي القرآن الكريم بالكتب الدينية المطبوعة اليوم ، ولا شك أن دفع هذا الإيهام مطلب شرعي ، ومقصد عقائدي .

2. ولأننا لم نجد – بعد بحث مجهد – أحدا من علماء الإسلام يطلق هذا الإطلاق ، فيصف فقرة من التوراة أو الإنجيل محرفة ، أو مناقضة لما في القرآن ، أو حتى مسكوتا عنها ، بأنها " آية ".

ولذلك قال أبو الوليد الباجي رحمه الله :

" فصول التوراة تسمى ( آيات ) ، لما تضمنته من الهدى والحق الذي نزل على سبيل الهدى والحق ، ما لم ينسخ ، فإذا نسخ حكمها وتلاوتها امتنع ذلك فيها " .

انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (7/ 133) .

فانظر كيف قيد رحمه الله ( الآيات ) بما تحقق اشتماله على الحق ، أما المحرف أو المنسوخ فلا يوصف بذلك ، ومراده بالمنسوخ هنا المنسوخ في شريعة التوراة نفسها .

فكيف بما حرفته أيدي العابثين ، من غير إذن ولا سلطان ، من رب العالمين .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-22, 23:10
السؤال:

ما صحة المقولة التالية التي تتداول على ألسنة العامة : " لقمة في فم جائع خير من بناء آلف جامع " ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذه المقولة : " لقمة في فم جائع ، خير من بناء ألف جامع " ، قد يظن بعض الناس أنها حديث نبوي ، وهذا ليس بصحيح .
قال العجلوني في "كشف الخفاء" (2 / 145) :

" ( لقمة في بطن الجائع أفضل من عمارة ألف جامع ) الظاهر أنه ليس بحديث " انتهى .

وقال محمد بن محمد درويش الحوت الشافعي رحمه الله تعالى : " ( لقمة في بطن جائع خير من بناء جامع ) : ليس بحديث "

انتهى من " أسنى المطالب " (ص 250) .

وهي مقولة باطلة من حيث المعنى ، فكيف يصح تفضيل لقمة واحدة على بناء ألف مسجد يعبد الله فيها ؟!

وتفضيل الأعمال بعضها على بعض بهذه الطريقة وإثبات المفاضلة بالعدد لا يمكن معرفته إلا بثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو باب لا يدخله الاجتهاد ولا القياس .

ثانيا :

هل الأفضل إطعام الجائع أو بناء المسجد ؟

إذا نظرنا إلى هذه المسألة من حيث الأصل ، فلا شك أن بناء مسجد واحد أفضل من إطعام الجائع :

1-فالمسجد يحقق مصالح المسلمين الدينية ، وإطعام الجائع يحقق من حيث الأصل مصلحة دنيوية ، ولا شك أن المصالح الدينية أولى ومقدمة على المصالح الدنيوية .

قال ابن الأمير الحاج رحمه الله تعالى :

" (ويقدم حفظ الدين) من الضروريات على ما عداه عند المعارضة لأنه المقصود الأعظم قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) وغيره مقصود من أجله ، ولأن ثمرته أكمل الثمرات ، وهي نيل السعادة الأبدية في جوار رب العالمين " .

انتهى من " التقرير والتحبير " (3/294).

2- إطعام الجائع الواحد أو عدة جائعين هو نفع متعد لفئة محدودة ومصلحته محدودة ، أما بناء المسجد الواحد فنفعه متعد لجماعة المسلمين والمصالح المتولدة عنه أيضا متعددة فيحقق مصلحة إقامة الشعائر وتفقيه المسلمين وتربيتهم وجمع كلمتهم وحلّ مشاكلهم .

ولا شك أن فعلا يتعدى نفعه إلى كثيرين والمصالح الناشئة عنه كثيرة هو أفضل من فعل يتعدى نفعه لفئة قليلة ، والمصالح الناشئة عنه أقل .

قال عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى :

" كل مطيع لله محسن إلى نفسه ، فإن كان إحسانه متعديا إلى غيره تعدّد أجره بتعدد من تعلق به إحسانه ، وكان أجره على ذلك مختلفا باختلاف ما تسبّب إليه من جلب المصالح ودرء المفاسد "

انتهى من " القواعد الكبرى " (2 / 394) .

3- إطعام الجائع هو صدقة غير جارية من حيث الأصل ، أمّا بناء المسجد الواحد فهو صدقة جارية يبقى أجرها مستمرا يلحق الباني ما بقي هذا المسجد .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ) رواه ابن ماجه (242) ، وحسّنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجه " .

ثالثا :

ما سبق ذكره من المفاضلة هو من حيث الأصل ، لكن الأولى والأفضل هو القيام بهما معا إذا كانت هناك قدرة .
قال عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى :

" إذا اجتمعت المصالح الأخروية الخالصة ، فإن أمكن تحصيلها حصلناها ، وإن تعذر تحصيلها حصلنا الأصلح فالأصلح والأفضل فالأفضل " .

انتهى من " القواعد الكبرى " (1 / 91) .

لكن إذا تعارضا ولم يمكن القيام إلا بواحد منهما ، فهنا يرجع إلى الترجيح بين هذه المصالح ، كما مرّ في كلام الشيخ عز الدين بن عبد السلام .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" الشّريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وأنّها ترجّح خير الخيرين وشرّ الشّرّين ، وتحصيل أعظم المصلحَتين بتفويت أدناهما ، وتدفع أعظم المفسدتَين باحتمال أدناهما "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (20/48) .

وفي هذه الحالة قد يقترن بإطعام الجائع من القرائن في بعض الأحيان ما يجعله أفضل من بناء الجامع .

فمثلا : البلدة التي أصابتها مجاعة تهدّ قوة أهلها وتقعدهم عن الحركة فإطعامهم في هذه الحالة أولى من بناء مسجد لهم لن يأتي إليه أحد ، وموتهم بسبب الجوع مفسدة لا يمكن تداركها ، أما بناء المسجد فيمكن تداركه في المستقبل .
أو بلدة للمسلمين في حالة حرب وتكالب عليها الأعداء ونفذ طعامهم فلا شك أن تقوية شوكتهم بالطعام أولى من بناء مسجد تهدمه المعارك .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:10
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم عبارة تفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بدلا من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السؤال:

في البلاد الفارسية يترجمون "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بقولهم "تفضل الرسول صلى الله عليه وسلم " احتراما زائدا ؛ فهل هذا جائز أم مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ؟ علما بأن كلمة قال بالفارسية "گفت" وتفضل " فرمود " ، وهي موجودة في كتب الحديث المترجمة .

الجواب :

الحمد لله

لفظة " تفضل " لها معنيان :

المعنى الأول :

معنى عرفي : حيث جرت عادة الناس على استعمالها بقصد الأدب وإظهار الاحترام .

مثل قولنا : تفضل علينا المحاضر أو الشيخ ببيان كذا وكذا ...

المعنى الثاني :

معنى لغوي : ومعناه فعل الإنسان لشيء على سبيل الإحسان مع عدم وجوبه عليه .

جاء في " لسان العرب " (11 / 525) :

" وأَفْضَلَ الرجل على فلان وتَفَضَّلَ بمعنى إذا أناله من فضله وأحسن إليه ، والإفضال: الإحسان " انتهى .
ويقولون في معنى التّبرع : " وتَبَرَّعَ بالعَطاءِ : تَفَضَّلَ بما لا يجب عليه "
.
انتهى من " القاموس المحيط " ( ص 703 ) .

ولا يظهر أن من يستعمل هذا التعبير ، يدور في ذهنه المعنى الثاني أصلا ، وإنما مراده بذلك : المعنى الأول ، كما قال السائل : إنهم يفعلون ذلك من باب الاحترام الزائد .

وهذا المقصد ، وإن كان مقصدا حسنا في نفسه ؛ إلا أنه مخالف لطريقة الصحابة والتابعين والأئمة ، وهم أكثر الناس محبةً للرسول صلى الله عليه وسلم ، وتعظيما له ، وتأدبا معه ، ومع ذلك كانوا يقولون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يظن أحد أنه أعظم تأدبا مع الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة وأئمة الدين .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله ـ

في تفسيره لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ) الأحقاف/11 ـ

"وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها" .

انتهى من " تفسير ابن كثير" (7/278).

فالخير كل الخير في اتباع السلف ، فهم أكمل الناس دينا وأحسنهم أدبا .

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للسير على منهاجهم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:13
السؤال :

هل يجوز أن يقال للشخص في مصنعه أو في سلطانه : " إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز لأحد أن يبالغ في ثنائه ومدحه لشخص ؛ حتى يثبت له من الصفات ما لا يجوز إلا لله عز وجل .

وقد جاءت نصوص الشرع بالنهي عن الغلو في الدين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" الغلو هو مجاوزة الحد ، بأن يزاد في حمد الشيء ، أو ذمه ، على ما يستحق ، ونحو ذلك "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 106) .

وقد روى الإمام أحمد (12551) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1097) .

ولا شك أن قول القائل : " فلان في مصنعه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " من أعظم المبالغة في وصف شخص ما ، وتسلطه ، واقتداره على تصرفه في مكانه ؛ فإن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الله وحده ، وليس ذلك لأحد سواه ، لا في بيته ولا في سلطانه ، ولا في ملكه ولا بين خدمه ولا بين أولاده وزوجاته.

وكم من مريد أمرا في سلطانه منعه الله بقدرته ومشيئته من تنفيذ ذلك الأمر ، إما بموته ، أو بعصيان مَنْ أَمَره ، أو برجوعه عما أمر ، أو بخلاف من هو أشد منه بأسا وقوة ، من ملك أو أمير أو ذي سلطان ، أو بغير ذلك من الأسباب التي يقدرها الله تعالى ؛ وذلك لأن مشيئة العبد ليست مستقلة ، إنما هي تابعة لمشيئة الله تعالى ، كما قال الله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير / 29 .

فقد يشاء العبد شيئا ولا يكون ، أما الله سبحانه وتعالى ، فهو وحده : الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون .

فلا يجوز لأحد أن يصف إنسانا بأنه يقول للشيء كن فيكون ، فذلك الوصف لا يكون إلا لله عز وجل .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

سمعت من بعض الناس يقول حديثا قدسيا عبارته: "عبدي أطعني تكن عبدا ربانيا يقول للشيء: كن، فيكون"، هل هذا حديث قدسي صحيح، أم غير صحيح؟

فأجابوا : " هذا الحديث لم نعثر عليه في شيء من كتب السنة، ومعناه يدل على أنه موضوع، إذ إنه ينزل العبد
المخلوق الضعيف منزلة الخالق القوي سبحانه، أو يجعله شريكا له، تعالى الله عن أن يكون له شريك في ملكه.
واعتقادُه شركٌ وكفر؛ لأن الله سبحانه هو الذي يقول للشيء: كن، فيكون، كما في قوله عز وجل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 "
.
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 471) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:18
هل صحيح أن يثرب كان اسما
للمدينة ثم نهي عن استعماله ؟

السؤال:

قرأت في بعض كتب السيرة أن اسم "يثرب" يطلق على المدينة المنورة ، وفي بعض الكتب الأخرى يطلق على سوريا ، فما الصحيح ؟ وسمعت أحدهم يلقي دروساً في السيرة فأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استخدام اسم يثرب، فأرجو منكم التوضيح

الجواب :

الحمد لله

أولا :

" يثرب " كان اسماً للمدينة النبوية في الجاهلية . فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( رَأَيْتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا اليَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ ) رواه البخاري (3622) ، ومسلم (2272) .

قال النووي رحمه الله تعالى :

" وأما " يثرب " فهو اسمها في الجاهلية ، فسماها الله تعالى المدينة ، وسماها رسول الله طيبة وطابة "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (15/31) .

فبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم صارت تسمى المدينة .

ومن ذلك قول الله تعالى : ( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ ) التوبة /120.
وسميت طيبة وطابة .

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ ) رواه مسلم (1385) .

وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّهَا طَيْبَةُ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - ، وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ ) رواه البخاري (4589) ، ورواه مسلم (1384) واللفظ له .

ثانيا :

ينبغي للمسلم أن يسمي المدينة بهذا الاسم (المدينة ، أو طيبة ، أوطابة) فهي الأسماء الشرعية لها .

وقد ورد في السنة ما يشير إلى النهي عن تسميتها بـ " يثرب " .

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى ، يَقُولُونَ يَثْرِبُ ، وَهِيَ المَدِينَةُ ) رواه البخاري (1871) ، ومسلم (1382) .

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :

" وفي هذا الحديث دليل على كراهية تسمية المدينة بيثرب على ما كانت تسمى في الجاهلية "

انتهى من " التمهيد " (23/171) .

قال القرطبي رحمه الله تعالى :

" ( يقولون : يثرب ، وهي المدينة ) ؛ أي : تسميها الناس : يثرب ، والذي ينبغي أن تُسمَّى به : المدينة . فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك الاسم ، على عادته في كراهة الأسماء غير المستحسنة ، وتبديلها بالمستحب منها . وذلك : أن يثرب لفظ مأخود من الثرب ، وهو الفساد ، والتثريب : وهو المؤاخذة بالذنب

. وكل ذلك من قبيل ما يكره ، وقد فهم العلماء من هذا : منع أن يقال : يثرب . حتى قال عيسى بن دينار : مَن سمَّاها يثرب كُتِبت عليه خطيئة . فأما قوله تعالى : ( يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ) الأحزاب (13) ، هو حكاية عن قول المنافقين ، وقيل : سُميت : يثرب بأرض هناك ، المدينة ناحية منها . وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم : طيبة ، وطابة ، من الطيب

" انتهى من " المفهم " (3/498) .

وأما إطلاق اسم "يثرب" على سوريا ، فقد وجدنا أن هناك قرية في سوريا تابعة لمحافظة الرقة تسمى "يثرب" . وكذلك وجدنا منطقة في العراق تابعة لمحافظة صلاح الدين تسمى بهذا الاسم أيضا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:21
حكم قول : " ارمِ حمولك على الله " .

السؤال:

أريد ان أسأل ما حكم قول : " ارمي حمولك على الله " والتي هي بمعنى توكل على الله ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه العبارة ، ما دام المقصود بها التوكل على الله ، فلا حرج فيها ، ويكون معناها : استعن بالله وتوكل عليه ، وأسنِد كشف الضر ورفع البلاء إليه ، وأحسن الظن به في هَمِّ المعاش ، وأثقال الحياة ، واجعلها عليه ، ثقة به ، ورغبة في عافيته وكفايته وكرمه ، مع الأخذ بالأسباب

ويكون قوله : " ارم " في معنى " اجعل " ، أو : " دع " ، ونحو ذلك .

وإن كان الأولى استعمال عبارات الشرع ، مثل : توكل على الله ، واستعن بالله ، ونحو ذلك ؛ فهذا أضبط وأهدى سبيلا .
وينبغي أن يعلم أن التوكل على الله والاعتماد عليه لا يعني ترك الأخذ بالأسباب والتفريط فيها ، بل المؤمن يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب ، ويعلم أن الأمر كله بيد الله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فعلى العبد أن يكون قلبه معتمداً على الله ، لا على سببٍ من الأسباب ، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة ، فإن كانت الأسباب مقدورة له ، وهو مأمور بها: فَعَلَها، مع التوكل على الله ، كما يؤدي الفرائض ، وكما يجاهد العدو ، ويحمل السلاح ، ويلبس جُنَّة الحرب ، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أُمر به من الجهاد ، ومَن ترك الأسباب المأمور بها : فهو عاجز، مفرط، مذموم " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (8 / 528، 529) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:26
هل يجوز قول كلمة " oh my god " ؟

السؤال:

هل يجوز قول كلمة " oh my god " أم انها تدخل في إلحاد بأسماء الله الحسنى ؛ لأن كلمة " god " لم تذكر في كتاب والسنة ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج على من أطلق اسم (god) على الله جل جلاله ، إذا كان ذلك من لغته ، أو لم يكن من لغته لكنه احتاج إلى ذلك .

غير أن الذي ينبغي على المسلم استعماله في عباداته ، ودعائه ، وسائر أحواله ، في حق الله جل جلاله أن ينطق باسمه (الله) بلغته ، كما هو ؛ فقد صار ذلك علما على المسلمين ، ومميزا لهم ، وابتعد بهم ذلك عن أن يلتبس مرادهم بمراد غيرهم من لفظ ( GOD) ، حيث يريدون به الله تارة ، ويريدون به غير الله تارات أخرى .

من تلك الأحكام : الحلف ، فإنه ينعقد بكل اسم من أسمائه أو صفاته تعالى ولو كان بغير اللغة العربية ، فمن نطلق تلك الكلمات قاصداً الربَّ عز وجل فإن يمينه ينعقد بها ، وتلزمه الكفارة إذا حنث فيه .

قال ابن حزم – رحمه الله - :

" لا يمين إلا بالله عز وجل ، إما باسم من أسمائه تعالى أو بما يُخبَر به عن الله تعالى ولا يراد به غيره ، مثل : مقلب القلوب ، ووارث الأرض وما عليها ، الذي نفسي بيده ، رب العالمين ، وما كان من هذا النحو ، ويكون ذلك بجميع اللغات ، أو بعلم الله تعالى أو قدرته أو عزته أو قوته أو جلاله ، وكل ما جاء به النص من مثل هذا ; فهذا هو الذي إن حلف به المرء كان حالفاً ، فإن حنث فيه كانت فيه الكفارة . "

انتهى من " المحلى " ( 8 / 30 ) .

وقال ابن الهمام الحنفي – رحمه الله -

: " ( قوله : ولو قال بالفارسية " سوكندمي خورم بخداي " يكون يميناً ) ; لأنه للحال ; لأن معناه : أحلف الآن بالله "

انتهى من " فتح القدير " ( 5 / 76 ) .

وبكل حال فمن قصد بتلك الألفاظ رب العالمين فإنه يترتب عليه أحكامه الشرعية ، وكل من يتلفظ بلغته لفظاً يقصد به الرب الواحد الأحد فإن لفظه ينعقد على إرادته عز وجل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " كذلك الرب سبحانه يوصف بالعربية " الله الرحمن الرحيم " ، وبالفارسية " خداي بزرك " ، وبالتركية " سركوي " ، ونحو ذلك ، وهو سبحانه واحد ، والتسمية الدالة عليه تكثر "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " ( 6 / 568 ) .

غير أن الذي ينبغي على المسلم استعماله في عباداته ، ودعائه ، وسائر أحواله ، في حق الله جل جلاله أن ينطق باسمه (الله) بلغته ، كما هو ؛ فقد صار ذلك علما على المسلمين ، ومميزا لهم ، وابتعد بهم ذلك عن أن يلتبس مرادهم بمراد غيرهم من لفظ ( GOD) ، حيث يريدون به الله تارة ، ويريدون به غير الله تارات أخرى .

وكل ما ذكرناه إنما هو في حق من لا يُحسن العربية ، وأما من يُحسنها فيجوز له استعمال الترجمة في تفهيم الدين والشروح ، وأما عند الدعاء والحلف فعليه تجنب فعل ذلك بغير الأسماء والصفات بلغة العرب ، وبه ثبتت في الكتاب والسنَّة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:31
السؤال:

حكم قول الدين عسر أو ليس يسر؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

دين الله يسر لا عسر فيه ، رفع الله فيه الحرج عن هذه الأمة ، فلا يكلفون ما لا يطيقون ، قال الله عز وجل : ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 ، وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ: مَا كَلَّفَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ ، وَمَا أَلْزَمَكُمْ بِشَيْءٍ فَشَقَ عَلَيْكُمْ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 455) .

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ) رواه البخاري (39) ، ومسلم (2816) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما معنى كلمة (الدين يسر) ؟

فأجابوا :

" كل ما شرع الله لعباده من عقائد وأحكام في العبادات والمعاملات وكلفهم بها لا ضرر فيها، بل هي في حدود طاقتهم ، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ، ورخص في الفطر في السفر وفي المرض، وفي الصلاة قعودا لمن لا يستطيع القيام ، وعلى جنب لمن لا يستطيع الصلاة جالسا، إلى أمثال ذلك من الرخص التي شرعت لدفع الحرج "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 38).

ثانيا :

قول القائل : " الدين عسر " أو " الدين ليس بيسر " قول باطل ، مخالف للنصوص الشرعية ، مصادم لها .

فمن قال ذلك يعارض به نصوص الشرع ، ويطعن في الأحكام : فقد ضل سواء السبيل .

وكثير من الناس يستهويهم الشيطان لما يقع أو يحل بهم ، فيتكلمون بمثل هذا الكلام جهلا منهم بحقيقته وما يترتب عليه .
وبعضهم قد يفهم بعض أحكام الشريعة خطأ ، فيظن ظن السوء لخطئه وجهله ، كمن يظن أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنت ومالك لأبيك ) أن للأب أخذ مال ابنه ، والتصرف فيه كيف يشاء ، بكل حال ، أو يظن أن الصوم واجب على المسلم بكل حال ، وإن كان مريضا أو ضعيفا لا يقدر على الصوم .

أو يسيء العبارة ، فيرى المشقة في الجهاد والحج والنفقة بالمال والقيام لصلاة الفجر ونحو ذلك ، فيصف ذلك بالعسر .
أو قد يرى المشقة في السفر لطلب العلم ، ومجالسة العلماء ، والمذاكرة ، فيقول : إن هذا الدين ليس بيسر .

وكثير ممن يتعسر عليه الشيء لضعف همته أو لسوء فهمه أو غير ذلك يراه في ذاته شاقا عسيرا غير يسير .

وقد روى الترمذي (2616) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: ( لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" فأنت تجد المؤمن الذي شرح الله صدره للإسلام يصلي براحة ، وطمأنينة ، وانشراح صدر، ومحبة للصلاة، ويزكي كذلك ، ويصوم كذلك ، ويحج كذلك ، ويفعل الخير كذلك، فهو يسير عليه ، سهل قريب منه ، وتجده يتجنب ما حرمه الله عليه من الأقوال والأفعال ، وهو يسير عليه ، وأما ـ والعياذ بالله ـ من قد ضاق بالإسلام ذرعاً، وصار الإسلام ثقيلاً عليه فإنه يستثقل الطاعات ، ويستثقل اجتناب المحرمات "

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (2/ 100) .

فمثل هؤلاء يعلَّمون وينصحون ويبين لهم ما أخطأوا فيه .

وأما من قال ذلك لسوء اعتقاده وطعنه في الشريعة ونصوصها وأحكامها : فهذا مصادم لما جاء به شرع الله .
ويخشى عليه أن يصل به هذا القول إلى حد الكفر والردة عن الإسلام .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-25, 23:39
السؤال:

هل يجوز قول "حظاً طيباً" أو "حظاً سيئاً"؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحظ : النصيب من الخير . قال الأزهري رحمه الله :

" قَالَ اللَّيْث : الحظّ : النَّصِيب من الْفضل وَالْخَيْر، وَجمعه حظوظ. وَفُلَان ذُو حَظّ وقِسم من الْفضل "

انتهى من "تهذيب اللغة" (3/ 273) .

وقال ابن فارس رحمه الله :

" الحظُّ: النصيب والجدُّ ، يقال: فلان أحظُّ من فلان ، وهو محظوظ، قال أبو زيد: رجل حظيظ جديد ، إذا كان ذا حظ من الرزق "

انتهى من "مجمل اللغة" (ص 215) .

هذا هو الأصل : أن الحظ يطلق على النصيب من الخير .

وقد يطلق ـ أيضا ـ على مطلق النصيب ، سواء كان من الخير ، أو من الشر ، وهذا هو الذي عليه إطلاق الناس ، واستعمالهم :

قال الفيروزآبادي رحمه الله :

" الحَظُّ: النَّصيبُ، والجَدُّ، أو : خاصٌّ بالنَّصيب من الخَيرِ والفَضْلِ " .

انتهى من "القاموس المحيط" (ص 695) .

وقال المناوي رحمه الله :

" الحظ: النصيب المقدر "

انتهى من "التوقيف" (ص 142) .

وعلى ذلك : فقول الناس : "حظا طيبا" أو "حظا سعيدا" ، أو نحو ذلك ، على وجه الدعاء لمن قيل له ذلك ، وتمني الخير له : لا حرج فيه كما هو ظاهر ، بل هو ممدوح لما فيه من الدعاء بالخير ، وتمنيه للمسلمين .

وليس له أن يدعو بالشر ، أو بالسوء على مسلم ، لما فيه من البغي والعدوان على أخيه .

روى مسلم في صحيحه (2735) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ) ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: (قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ) .

وروى البخاري (13) ، ومسلم (45) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) .

ثانيا :

إذا كان قائل ذلك : حظ سعيد ، أو حظ سيئ ، يقوله على وجه الإخبار ، فما حصل له من الخير : أخبر أنه حظ سعيد ، وما حصل له من الضر أو الشر : أخبر أنه سيئ ، فهذا أيضا لا يظهر فيه حرج إن شاء الله ، أما في الخير : فهو واضح ، وهو من التحديث بنعمة الله ، وشكره على ما قسم له وقدر .

وأما في الشر : فالذي يظهر أيضا أنه لا حرج فيه ، إذا كان إخبارا عن الواقع ، بحسب ما يظهر لعلم العبد ، ومن المعلوم بالفطرة والضرورة أن الإنسان قد يصيبه في عيشه ما يسوؤه ، وهذا هو الحظ والنصيب السيئ ، بحسب ما يتعارفه الناس ويقولونه ، بل هو إطلاق جار في النصوص الشرعية أيضا

قال الله تعالى : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) الأعراف/188 ، وقال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) النمل/62 .

وهذا أيضا هو "السيئة" ، في نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) النساء/78 ، وقوله تعالى : (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الأعراف/168 ، ونحو ذلك من الآيات ، وهي كثيرة معروفة .

لكن يشترط في ذلك ألا يكون في كلامه تسخط على قدر الله وما قضاه له ، أو سوء ظن بالله ، أو نسبة الشر إليه سبحانه ، فالسيئة والشر والضر ، إنما هو واقع في مخلوقات الله ، ومقدوراته التي تبلغ عباده ، بحسب نصيب العبد ، وما يناله في ذلك ؛ وأما نفس تقدير الله وتصريفه وتدبيره لأمر عباده : فكله خير ، ولا ينسب له شر ، ولا سوء ، جل الله تعالى عن كل عيب ونقصان .

ثالثا :

قد يقول بعض الناس : "حظ طيب " أو : "حظ سيء" وهو يرى أن شيئا من ذلك قد حصل بدون تقدير الله تعالى ، أو لارتباطه ببعض الأشياء التي لا علاقة لها بالأحداث . كما ينسب ذلك أحيانا إلى "النجوم" أو "موافقة بعض الأرقام" أو "موافقة بعض أيام الأسبوع" ... ونحو ذلك .

فمن قال : إن فلانا حظه طيب أو سيء لمجرد ذلك : فقوله ممنوع محرم ؛ لأن موافقة ذلك أو مخالفته ، لم يجعلها الله سببا للخير ولا للشر .

وإلى ذلك المعنى ، تشير فتوى اللجنة الدائمة ، حينما سئلوا :

" نسمع كثيرا أن فلانا حظه حسن، وفلان حظه سيء، ما مدى كون الإيمان بالحظ جائزا من عدمه‏؟‏"
.
فأجابوا : "على الإنسان أن يؤمن بقضاء الله وقدره، فيصبر على الضراء، ويشكر الله ويحمده على السراء، وعليه أن يؤمن بأن الله قسم الأرزاق بين عباده ، وفاوت بينهم في آجالهم وأعمالهم، وهم أجنة في بطون أمهاتهم ، ولله الحكمة فيما يقضي ويقدر‏.‏ وعلى كل مسلم أن ينسب ما يصيب الخلق من نعمة وسعة رزق إلى الله سبحانه

المتفضل بها والموفق لها، وينسب ما أصابه مما عدا ذلك إلى قضاء الله وقدره ، وذلك من تحقيق توحيد الربوبية ، ويجب على المسلم البعد عما يقدح في عقيدته وتوحيده ، فلا ينسب الخير والنعم ، أو حلول المصائب والنقم إلى الحظوظ والطوالع، فإن ذلك لا يجوز‏.‏ وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‏"

انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة "(26/328) .

رابعاً :

على المسلم أن يغلب جانب إحسان الظن بالله تعالى فيما يصيبه من أمره كله ، فقد يقول : " حظي سيء " في أمر قد يكون له فيه الخير كله ، فتجنب عبارة " الحظ السيء " أولى بكل حال، وقد قال الله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216 .

وفي صحيح مسلم (2999) عَنْ صُهَيْبٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) .

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:20
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم قول بعض العامة في ذم النساء:
لا تلوموا أبا جهل لما دفنهم

السؤال:

انتشرت هذه الأيام عبارة " لو كان أبو جهل موجود كان دفنهم " أو " بعذر أبو جهل كان يدفنهم " أو " لا تلومون أبا جهل لما دفنهم " ! إذا تكلموا عن البنات وحركاتهم وسوالفهم ، فهل هذه العبارة صحيحة ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه العبارات من أقبح ما يصدر عن المسلم ، وأقبح ما يتمنى المرء في قلبه وعلى لسانه ؛ ذلك أن وأد البنات من كبائر الذنوب ، وهو من خصال الجاهلية الذميمة ، التي تأباها الفطرة السليمة ، وتظاهرت أدلة الشرع على إبطالها والتنفير منها .

والمسلم إذا تمنى في قلبه ، أو نطق بلسانه : تأييداً ، أو موافقةً على إحدى الجرائم ، كان له نصيب من الإثم أيضا ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا . فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ، إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) رواه الترمذي (2616) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل" (413) .

وكيف يطيب لمسلم أن يثني على ما قام به أهل الجاهلية من قتل الأنفس البريئة ، أو يلتمس لهم العذر فيما فعلوا ؟!
ثم لا يكتفي حتى يصرح باسم فرعون هذه الأمة وطاغوتها ، عدو الله أبي جهل ، فيلين من حاله ، أو يحسنه !!
ألهذه الدرجة هان الدين في نفوس الناس ؟!

فقائل هذه الكلمة إن سلم من الكفر ، لم يسلم من كبيرة من أكبر الكبائر ، فإنه يقف في صف أبي جهل مدافعا عنه ، ويعارض القرآن الكريم ، وكفى بهذا قبحا!

وقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عدة مرات عن قتل الأولاد وقتل النفس إلا بالحق ، فكأن قائل هذه العبارة يصوب فعل أبي جهل ، ويخطئ القرآن الكريم؟!

قال الله تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ . بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) التكوير/8-9.

يقول العلامة السعدي رحمه الله :

" هو الذي كانت الجاهلية الجهلاء تفعله من دفن البنات وهن أحياء ، من غير سبب ، إلا خشية الفقر ، فتسأل : ( بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )، ومن المعلوم أنها ليس لها ذنب ، ففي هذا توبيخ وتقريع لقاتليها "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/912) .

وهب أنها فعلت ما فعلت .

وهب أنها تفاحشت .

وهب أنها زنت ... ، والعياذ بالله .

فما بهذا جاء دين الله ، وليس هذا هو ما تستحقه في شرع الله !!

فهي كلمة باطلة ، على كل وجه ، وبكل حال ..

والواجب على المسلم دائما تقوى الله تعالى في كلامه وسكوته ، فيكون نصيرا للحق ، محاربا للظلم ، متورعا أن ينال إثما ، بزلة لسان يوافق فيها الظلمة ، ويؤيد بها الإجرام .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988) .

وهذا يدعونا إلى التأمل مرة أخرى في سلوكنا ، وتقويم زلات ألسنتنا ، كي تستقيم حياتنا بإذن الله وفق شرع الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:22
ما حكم قول ( يأبى الله أن أكون كذا ) ؟

السؤال :

كنا نتناقش أنا وأحد زملائي في موضوع فقال : يأبی الله أن أتكبر عليكم ، فاستنكرت الكلمة فأورد دليل قول الله تعالی (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) ، فقلت له : إنه لا يجوز إطلاق كلمة يأبی الله علی أفعال العباد ، فما رأيكم ؟

الجواب :

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فقال
:
" هذا التعبير بالنظر إلى حقيقته ومعناه لا يجوز إطلاقه ؛ لأن معناه : يمتنع على الله أن يُقدِّر هذا أو أن يفعله ويشاءه ،
وإن كان قائلها لا يريد إلا أن هذا الأمر لا يكون ، فنقول له قل : أعوذ بالله أن أكون متكبرا " انتهى .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:27
حكم سب عيد المسلمين

السؤال:

قبل عدة سنوات تم اعتقال أحد النصارى في باكستان بتهمة تحقير الدين الإسلامي عندما انتقد العيد بشكل علني ، فهل الحكم سواء إذا قال رجل مسلم كان يعاني من الاكتئاب نتيجة أمر ما وفي لحظة انفعال "أنه لا يهتم بالعيد الغبي أو اللعين" ، عندما سأله أحد الأشخاص ما سيفعل في العيد؟

هل يعتبر مثل هذا القول من الكفر أو تحقير الدين ، مع العلم أنّ الشخص لم يقصد إهانة الدين أو شعائره ، ولكنها زلة لسان في لحظة انفعال ؟ ففي باكستان يُقتل الشخص من قبل الناس إن قال شيئاً مهيناً للنبي صلى الله عليه وسلم

أو القرآن ، أو أي شيء آخر مهين عن الإسلام ؟ وهل هناك عقاب أو حد لمن قال شيئاً سيئاً عن العيد ، دون أن يذكر ذلك بالعلن ؟ وما هو الضابط في مسألة الحدود والعقاب والاستهزاء بالدين ؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الاستهزاء والاستخفاف بالدين أو بشيء من أحكامه أو شعائره الظاهرة : كفر وردة عن الإسلام
.
وأصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم رسله، وتعظيم شعائره وأحكامه ، فالاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له .

والمرتد عن الإسلام يجب قتله ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وأجمع على ذلك العلماء ، والذي يتولى قتله هو الحاكم ، حتى لا تصير الأمور فوضى ، ويعتدي الناس بعضهم على بعض .

ثانيا :

العيد في الإسلام من شعائره الظاهرة ، وتعظيمه من تعظيم شعائر الدين ، والاستخفاف به أو تنقصه أو تحقيره أو لعنه من الاستخفاف بشعائر الدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) الحج/ 67، كالقبلة والصلاة والصيام...... بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 528) .

وبناء على هذا ؛ فمن سب العيد الإسلامي ، فقد سب الإسلام ، ومن سب الإسلام فقد ارتد ووجب قتله .

لكن قبل الحكم على الشخص بأنه مرتد يجب التحقق من وجود شروط التكفير وانتفاء موانعه .

ومن تلك الموانع : عدم القصد ، فقد يخطئ بعض الناس في اللفظ ، بدون قصد ، فلا يحكم عليه بالكفر ، مثل ذلك الرجل الذي وجد راحلته بعد أن يئس منها ، وكان عليها طعامه وشرابه وجلس ينتظر الموت ، فلما وجدها قال الرجل من شدة الفرح : (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) رواه مسلم (4932) .

فهذا الرجل قد تكلم بكلام هو كفر ، ولكنه لم يكفر لأن الكلام سبق على لسانه من غير قصد منه ، فشدة الفرح أذهلت هذا الرجل وجعلته يخطئ في الكلام ، فكان معذورا بذلك .

ومثل ذلك أيضا : شدة الغضب ، فقد يبلغ الغضب من الإنسان مبلغا عظيما يجعله غير كامل الإرادة والاختيار لما يقول ، فيكون ذلك عذرا له ، وقد قص الله تعالى علينا قصة موسى عليه السلام حينما رجع إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل ، فغضب غضبا شديدا ، وألقى الألواح من يده ، وهي الألواح التي كتبها الله له ، (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) الأعرف/150 . فكانت شدة الغضب عذرا لموسى عليه السلام .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الكلام على تأثير الغضب الشديد على التصرفات :

"واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام ، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل ، اشتد غضبه عليهم ، وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب ، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح ، ولا بجر أخيه هارون وهو نبي مثله ، ولو ألقاها تهاوناً بها وهو يعقل لكان هذا عظيماً ، ولو جر إنسانٌ النبيَّ بلحيته أو رأسه وآذاه ، لصار هذا كفراً .

لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم لله عز وجل على ما جرى من قومه : سامحه الله ، ولم يؤاخذه بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه"

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (1/ 375) .

وبناء على هذا ؛ فهذا الشخص المسئول عنه لا يحكم عليه بالكفر لأن ذلك كان منه زلة لسان نتيجة انفعاله وغضبه ، ولم يقصد إهانة الدين كما ورد في السؤال .

ثالثا :
أما من سب العيد سرا ولم يعلن بذلك ، فإنه يكون كافرا مرتدا فيما بينه وبين الله تعالى ، ولكنه يكون عند الناس مسلما ، وهذا هو المنافق الذي قال الله تعالى فيه : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) النساء/145-146.

وأما عقوبته في الدنيا فلا عقوبة عليه ، لأن العقاب في الإسلام (بإقامة الحدود وغيرها) إنما يكون لمن أظهر جريمته ، والمنافق يعامل في الدنيا معاملة المسلمين بناء على ما يظهر منه ، ثم يوم القيامة يكون عقابه أشد من عقاب الكفار المعلنين بالكفر .

وعلى من فعل شيئا من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ، قبل أن ينزل به الموت ، فيندم أشد الندم وقت لا ينفعه الندم .

وخلاصة الجواب :

• أن الاستهزاء بالدين كفر وردة عن الإسلام ، ومن ذلك : سب العيد الإسلامي .

• من فعل ذلك استحق القتل إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام .

• الذي يتولى قتله هو الحاكم .

• المنافق إذا لم يظهر نفاقه فإنه يعامل معاملة المسلمين في الدنيا ، ولكنه يكون عند الله كافرا .

• من تلفظ بما هو كفر بسبب شدة الغضب والانفعال ، ولم يكن يقصد التلفظ بالكفر : فإنه يعذر ، ولا يكون كافرا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:30
لم يثبت تلقيب خديجة أم المؤمنين
بـــــ (خديجة الكبرى)

السؤال:

هل يمكنني مناداة زوجتي بـ كُبرى ، تأسياً بسيدتنا خديجة رضي الله عنها عندما كانوا ينادونها بخديجة الكبرى؟ أم أن هذا لقب خاص بها رضي الله عنها ؟ فزوجتي اسمها نورا وأريد أن ألقبها بنورا الكبرى ، فقط من باب إدخال السرور عليها، فهل هذا سائغ ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدا من المسلمين الأوائل لقَّب أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بـ "خديجة الكبرى" ، وإنما أكثر من يطلق عليها هذا اللقب هم الشيعة الروافض ، وإن كان من علماء أهل السنة من يلقبها بهذا أيضا .

جاء في " الطبقات السنية في تراجم الحنفية " (1 / 51) بترقيم الشاملة :

" وعائشة رضي الله تعالى عنها بعد خديجة الكبرى أفضل نِساء العالمين ، وأم المؤمنين ، ومطهرة من الزنا ، بريئة عن ما قال الروافض" انتهى.

وفي " الوفيات"لابن قنفذ (1 / 32):

" توفيت خديجة الكبرى رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين" انتهى .

ووصفها بهذا الوصف أيضا محمد أمين بن فضل الله في كتابه "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" (3 / 254) .

ثانيا:

لا حرج عليك أن تلقب زوجك بـ "نورا الكبرى" من باب إكرامها وإدخال السرور عليها ، على ألا تعتقد أن لذلك فضلا خاصا ، أو مشابهة لأم المؤمنين خديجة في لقبها ، لما مر ذكره من أن ذلك لم يثبت .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:32
السؤال:

ما حكم عبارة ( مشان خاطر الله ) ؟

الجواب :

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال :

" كلمة ( خاطر) لا تضاف لله ، فتصحح لهم ، ويقال بدلا منها : من أجل الله " انتهى .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-28, 23:43
لماذا لا تظهر المعجزات في عصرنا لنصرة
المستضعفين ، وهم يدعون الله ولا يجيبهم؟

السؤال:

جاء في سورة الفيل إرسال الله تعالى لطيور أبابيل ، ترمي الكفار بالحجارة ، لنيتهم هدم الكعبة قبل الإسلام . ومن ناحية أخرى ، جاء في أحد الأحاديث الصحيحة أن هدم الكعبة عند الله أهون من قتل مسلم .

. فكيف لنا اليوم نشاهد مجازر ترتكب بحق عباد الله المسلمين من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة ..

والله عز وجل لا يحرك ساكنا...والناس تدعو يا الله يا الله يا الله ..

. ولا من مجيب .. أليس من الأجدر بمكان نزول المعجزات الإلهية والملائكة التي تقاتل إلى جانب المسلمين والأطفال المظلومين في هذا الزمان .. زمانٌ كثر فيه الفسق والابتعاد عن الله والفجور والكفر والطغيان .. زمان أصبحنا بأمس الحاجة فيه إلى الله وإلى التدخل الإلهي والمعجزات ..!

الجواب :

الحمد لله

لا بد بداية أن نقرر في الجواب تحذيرا مهما ، نراه مناسبا لسؤالك وأمثاله من الاعتراضات على سنن الأقدار ، إن مِن أشقى ما يُبتلى به المسلم التتبع الدائم لأسرار الأقدار ، والتفتيش المتواصل عن حقائق الحِكَم التي تسير الحوادث بمقتضاها . وسبب ذلك الشقاء واضح بيِّن ، هو أنها شأن الله سبحانه وتعالى

وهو الكبير المتعال ، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . وليست من شأن العباد الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا .

ونحن لا نقرر ذلك حَجْرًا على العقل أن يطوف في ملكوت الله سبحانه ، ولا تغييبا له عن محيطه ، فالقرآن الكريم أمرنا بالتفكر والتدبر في خلق الله عز وجل ، والحوادِثُ المعاصرة من خلق الله ولا شك . ولكننا نريد أن نغرس في ذهن القارئ أن ثمة سقفا أعلى يمكن للعقل البشري أن يبلغه في تأمله هذا ، وما بعد ذلك سيعود عليه فكره بالخسران ، وسيضيع عليه زمانه من غير عمل ولا نتيجة .

ومقصودنا أن تعترف بعجز الإنسان العجز الكامل ( التام ) عن الجواب على سؤالك ، بمجرد عقله ، سواء كان مؤمنا أم ملحدا ، شرقيا أو غربيا ، لا يدعي أحد أنه يحوز العلم المطلق في أسرار الكون ومجرياته . فضلا عن أن ينجر في حديثه ، وترميه حماسته ، بل وغفلته وجراءته ، إلى تلك الكلمة الشنيعة ، التي تنهد لها الجبال الرواسي : أن ( الله لا يحرك ساكنا ) ، أو أنه ( ما من مجيب ) !!

ويلك يا عبد الله ؛ فمن ذا يحرك إذا ، ومن ذا يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويعطي ويمنع ، ويخفض ويرفع .. ؛ إن لم يكن الله ؟!

ثم هي كلمة ليست فجة مستشنعة ، فحسب ؛ بل هي كذلك جاحدة في حق التاريخ الذي قدره الله سبحانه وتعالى ، ومتسرعة في اعتبار ما جرى في الدنيا من عظات وعبر .

قال ابن الجوزي رحمه الله في "صيد الخاطر" (ص: 165) :

" مازلت أسمع عن جماعة من الأكابر وأرباب المناصب أنهم يشربون الخمور ويفسقون ويظلمون ويفعلون أشياء توجب الحدود! فبقيت أتفكر، أقول : متى يثبت على مثل هؤلاء ما يوجب حدًّا ؟ فلو ثبت، فمن يقيمه ؟ وأستبعد هذا في العادة؛ لأنهم في مقام احترام لأجل مناصبهم .

فبقيت أتفكر في تعطيل الحد الواجب عليهم، حتى رأيناهم قد نكبوا، وأخذوا مرات، ومرت عليهم العجائب، فقوبل ظلمهم بأخذ أموالهم، وأخذت منهم الحدود مضاعفة بعد الحبس الطويل، والقيد الثقيل، والذل العظيم، وفيهم من قتل بعد ملاقاة كل شدة! فعلمت أنها ما يهمل شيء! فالحَذَرَ الحَذَرَ، فإن العقوبة بالمرصاد " .

ولكن يا سرعان ما نسينا ، وسرعان ما غفلنا عن العبرة والعظة ، ورجعنا إلى تنكرنا للأقدار ، واعتراضنا على الحق سبحانه ، وادعاء غياب الحكمة عن كل ما يجري ويقع ...وهكذا حال الإنسان ، كثير الاعتراض ، قليل الاعتبار ، إلا من رحم الله .

يقول الله عز وجل : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ . وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ . إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) هود/8-11 .

وقال تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ) المعارج/19-22 .

وقال تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ) العاديات/6-9 .

وإذا نسي الإنسان ضعفه وعجزه وخلقه من العدم ، كما قال سبحانه : ( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ . وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) يس/77- 79 ؛ فأحرى به أن ينسى - أيضا - آيات الله في الكون والتاريخ ، وقصص القرآن المليئة بالعظة والعبرة عن أحوال الظلمة والمتجبرين . يقول الحق سبحانه وتعالى : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) الكهف/54.

ولا بد أن نستذكر معا مصاب الأمة الجلل عبر التاريخ ، ونستذكر الأحداث العظام التي مرت بها ، لندرك أن ما نشاهده اليوم عبر الفضائيات لا يقل بشاعة عما وقع في التاريخ ، فاقتحام التتار مثلا مدينة بغداد في العام (656هـ)، راح ضحيته نحو " المليون " إنسان ، في أوسط أقوال المؤرخين ، والمليون في ذلك الزمن يمثل أكثر الناس ، وكانت المأساة بحيث لا يمكن تصورها إلا في روايات الخيال

وفي ذلك يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" عادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها ، كأنها خراب ، ليس فيها إلا القليل من الناس ، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة ، وقد جرى على بني إسرائيل ببيت المقدس قريب مما جرى على أهل بغداد كما قص الله تعالى علينا ذلك في كتابه العزيز ، حيث يقول : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ) الإسراء/ 17 - 22 .

وقد قتل من بني إسرائيل خلق من الصلحاء ، وأسر جماعة من أولاد الأنبياء ، وخرب بيت المقدس بعد ما كان معمورا بالعباد والزهاد والأحبار والأنبياء ، فصار خاويا على عروشه وَاهِيَ البناء .

وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة : فقيل ثمانمائة ألف ، وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف ، وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرَّم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين يوما ، وأسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألف بِكر - فيما قيل والله أعلم - ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بنى العباس ، فيخرج بأولاده ونسائه ، فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، تجاه المنظرة ، فيذبح كما تذبح الشاة ، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه .

وقتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن ، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد. ولما انقضى الأمر المقدر ، وانقضت الأربعون يوما ، بقيت بغداد خاوية على عروشها ، ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس ، والقتلى في الطرقات كأنها التلول ، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم ، وأنتنت من جيفهم البلد

وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد ، حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح ، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقنى والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضا ، فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الشديد ، فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى ، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى ، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى "

انتهى باختصار من " البداية والنهاية " (13/235) .

ويقول ابن الأثير رحمه الله :

" لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها ، كارها لذكرها ، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى ، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ؟ فيا ليت أمي لم تلدني ، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا... فلو قال قائل : إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم ، إلى الآن ، لم يبتلوا بمثلها ، لكان صادقا ، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها .

ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بُخْت نصَّر ببني إسرائيل من القتل ، وتخريب البيت المقدس ، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد ، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس ، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا ، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل

ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم ، وتفنى الدنيا ، إلا يأجوج ومأجوج . وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه ، ويهلك من خالفه ، وهؤلاء لم يبقوا على أحد ، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال ، وشقوا بطون الحوامل ، وقتلوا الأجنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ."

انتهى من " الكامل في التاريخ " (10/ 334) .

والخلاصة من التذكير بحادثة واحدة وقعت في التاريخ أن نقول لك : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) إبراهيم/42، ونقول لك أيضا : إياك أن تظن للحظة أن ما يقع في الدنيا يحصل على غير نظام وبغير قدر ، فتلك بغداد التي هدمت في العام (656هـ) عادت وأصبحت إحدى العواصم الإسلامية العظيمة ، ورجعت الخلافة العثمانية في طور قوتها تحكي للعالم عزة الإسلام والمسلمين قرونا متطاولة ، وهكذا تتقلب الأيام بالدنيا ، وتتغير الأحوال فيها .

ولكن المهم أن لا ينتظر المسلم المعجزات ، فهي لا تقع إلا للأنبياء ، وسنن التاريخ أقوى من ظنون الأفراد وأوهامهم ، والدنيا مبنية على الأسباب ، فإذا تهيئت – بسعي العباد – لصلاح الأحوال أو فسادها حصد الناس ما زرعوا ، وواجهت الأمم والمجتمعات مصائرها الجماعية ، سعادة أو شقاء .

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

– في الدروس المستفادة من قصة أصحاب الأخدود في سورة البروج -:

" في هذه الآيات من العبر : أن الله سبحانه وتعالى قد يسلط أعداءه على أوليائه ، فلا تستغرب إذا سلط الله عز وجل الكفار على المؤمنين، وقتلوهم وحرقوهم وانتهكوا أعراضهم ، لا تستغرب فلله تعالى في هذا حكمة . المصابون من المؤمنين أجرهم عند الله عظيم ، وهؤلاء الكفار المعتدون أملى لهم الله سبحانه وتعالى

وهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون ، والمسلمون الباقون لهم عبرة وعظة فيما حصل لإخوانهم ، فما لنا نحن الآن نسمع ما يحصل في البوسنة والهرسك من الانتهاكات العظيمة انتهاك الأعراض ، وإتلاف الأموال ، وتجويع الصغار والعجائز ، نسمع أشياء تبكي فنقول : سبحان الله ! ما هذا التسليط الذي سلط الله على هؤلاء المؤمنين ، نقول : يا أخي ! لا تستغرب، فالله سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثالاً لمن سبقونا ، يحرقون المؤمنين بالنار

فهؤلاء الذين سلطوا على إخواننا في البوسنة والهرسك، وغيرها من بلاد المسلمين لا تستغرب ، فهذا فيه رفعة درجات للمصابين وتكفير سيئات ، وهو عبرة للباقين ، علينا أن نعتبر بهذا ، وهو أيضاً إغراء لهؤلاء الكافرين حتى يتسلطوا فيأخذهم الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (37/ 4، بترقيم الشاملة آليا) .

وتأمل مصداق ذلك ، فيما سلى الله به عباده المؤمنين بعد غزوة أحد ، وعزاهم عن مصابهم فيها ، واستشهاد من استشهد فيها من الأخيار ، ليبين أن الابتلاء والتمحيص سنة ماضية لله في عباده : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (* أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران/137-142 .

ولتعلم ـ يا عبد الله ـ أن الدنيا ليست دار جزاء ، يعجل الله فيها الجزاء لأهل الإحسان : إحسانا ، ولأهل الإساءة ، نكالا وخسرانا ؛ بل هي دار ابتلاء ، وامتحان ، وعمل ؛ ثم الله جل جلاله : ينزل ما شاء من بأسه على من يستحقه من عباده ، ويؤخر ما شاء من ذلك ، إلى يوم يلقونه ؛ فتدبر معنا ذلك الكلام البديع الجليل ، الذي ختم الله به سورة إبراهيم :

( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) إبراهيم/42-52 .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-05-31, 23:25
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم وصف امرأة مسلمة بأنها من أنصار
حقوق المرأة على الطريقة الإسلامية

السؤال :

ما حكم وصف امرأة مسلمة بأنها من أنصار حقوق المرأة على الطريقة الإسلامية ، حيث تعتقد بأنّه ينبغي معاملة المرأة بالمساواة مع الرجل ، وأن لا تتم معاملتها كربة منزل ، فخديجة بنت خويلد كانت ذات تجارة ؟

الجواب :

الحمد لله

مصطلح ( المساواة بين الرجل والمرأة ) مصطلح مشبوه ، يستعمله أعداء الإسلام ليضادوا به أحكام الله سبحانه ، ويناقضوا به شرعه الحنيف ، وهو في جملته يشتمل على حق وباطل :

أما الحق ؛ فلأن الإسلام سوَّى بين الرجل والمرأة في أمور :

منها:

الكرامة الإنسانية كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )الإسراء/70 ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ )

رواه أحمد (25663) ، وأبو داود (236) وغيرهما ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2333) .

ومنها :

الثواب والعقاب ، قال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )النحل /97 ، وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )الأحزاب/35 .

ومنها:

حرمة الإيذاء وحق النصرة ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )الأحزاب/ 58 ، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ )البروج/10، وقال تعالى : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا )النساء/75 .

وأما وجه اشتماله على باطل ؛ فلأن الشريعة المباركة فرَّقت بين الرجال والنساء في أمور كثيرة

ولا يعني هذا تمييز الرجل في كل الأمور ، فقد جاءت الوصية بالأم ثلاثة أضعاف الوصية بالأب – مثلاً – كما جاء في الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ : ( أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ (قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ ، ( قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ ، ( قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ) " ، وقد قدَّم الله تعالى الإناث في بعض المواضع مثل قوله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الشورى / 49 .

من هنا نعلم أن المناداة بالتسوية بين الرجل والمرأة من كل وجه دعوى خبيثة فاجرة ، كما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها آنفا ، أما المناداة بحقوق المرأة كما رسمتها وحددتها الشريعة الغراء فهي دعوى عادلة كريمة ، فإن الإسلام جاء بتكريم المرأة وضمان حقوقها بما يضمن لها السعادة في الدارين ، لم يحدد الإسلام مهمة المرأة كربة منزل فقط - كما هو مذكور في السؤال - وإن كان هذا هو الأصل ، بل أباح للمرأة كل عمل طيب يناسب طبيعتها ويحفظ دينها وكرامتها ، متى احتاجت إلى ذلك ، وفق ضوابط وشروط

مع الانتباه إلى أن خديجة رضي الله عنها ، لم تكن تاجرة ، تباشر ذلك بنفسها ، كما قد يبدو من السؤال ، إنما كانت ذات مال ، وكانت تضارب بمالها ذلك ، فيعمل لها فيه الرجال ، ولا يعلم لخديجة ، بل لا نعلم امرأة من العرب ، كانت تخرج للتجارة في مثل قوافل العرب ، بنفسها .

وعلى ذلك : فلا يجوز أن يطلق على امرأة مسلمة أنها من أنصار المساواة بين الرجل والمرأة ، ويجوز أن يطلق عليها أنها من أنصار حقوق المرأة وفق شرع الله تعالى ؛ بل لا وجه لتخصيص المرأة بنصرة حقوق المرأة ، ولا الرجل بنصرة حقوق الرجل ، ولو كان وفقا لشرع الله ، إنما الرجل والمرأة ينصران شرع الله ، أينما كان ، وكائنا من كان صاحب الحق ، كما أمر الله تعالى عباده بالقيام بالقسط ، والقول بالحق ، لا يخافون في الله لومة لائم .

والله أعلم .

اخوة الاسلام

تابعوا الاجابات القادمه بهم تفصيل كل ما تقدم في اجابه هذا السؤال

*عبدالرحمن*
2018-05-31, 23:29
هل الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة

السؤال

هل هناك ذكر لمساواة المرأة بالرجل في القرآن الكريم ؟.

الجواب

الحمد لله

أولا :

مصطلح - المساواة – الذي ينادي به كثير من المفكرين في الشرق والغرب في مجالات الحياة المتعددة مصطلح يقوم على اعوجاج وقلة إدراك لا سيما إن تحدث المتحدث ونسب المساواة للقرآن الكريم أو للدين الحنيف .

ومما يخطئ الناس في فهمه قولهم : الإسلام دين المساواة ، والصحيح أن يقولوا : الإسلام دين العدل .

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - :

وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة وهذا خطأ ، لا يقال : مساواة ؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما ، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون : أي فرق بين الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث ، حتى إن الشيوعية قالت : أي فرق بين الحاكم والمحكوم ؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد ليس للوالد سلطة على الولد ، وهلمَّ جرّاً .

لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه : زال هذا المحذور ، وصارت العبارة سليمة ، ولهذا لم يأت في القران أبداً : " إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء : { إن الله يأمر بالعدل } النحل/90 ، { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء/58 ، وكذب على الإسلام مَن قال : إن دين الإسلام دين المساواة

بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين . أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف دين الإسلام ، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } الزمر/9 ، { قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور } الرعد/16 ، { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } الحديد/10

{ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } النساء/95 ، ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً إنما يأمر بالعدل ، وكلمة العدل أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم ، أو بالمال ، أو بالورع ، أو ببذل المعروف ، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبداً . كل إنسان يعرف أن فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى . "

شرح العقيدة الواسطية " ( 1 / 180-181 ) .

وعليه : فالإسلام لم يساو بين الرجل والمرأة في الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما ؛ لأن المساواة في غير مكانها ظلم .

فالقرآن أمر المرأة أن تلبس غير الذي أمر به الرجل ، للفارق في فتنة كل من الجنسين بالآخر فالفتنة بالرجل أقل من الفتنة بالمرأة فكان لباسها غير لباسه ، إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشف الرجل لاختلاف الفتنة في بدنها وبدنه – كما سنبينه - .

ثانياً :

هناك أمورٌ تختلف فيها المرأة عن الرجل في الشريعة الإسلامية ومنها :

1- القوامة :

قال الله تعالى : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } النساء/34 .

قال ابن كثير – رحمه الله تعالى - :

يقول تعالى { الرجال قوامون على النساء } أي : الرجل قيِّم على المرأة ، أي : هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت .

{ بما فضل الله بعضهم على بعض } أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك المُلك الأعظم ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا منصب القضاء ، وغير ذلك .

{ وبما أنفقوا من أموالهم } أي : من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال فناسب أن يكون قيِّماً عليها كما قال الله تعالى { وللرجال عليهن درجة } الآية .

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { الرجال قوامون على النساء } يعنى أمراء عليهن أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله. .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 490 ) .

2- الشهادة : إذ جعل القرءان شهادة الرجل بشهادة امرأتين .

قال الله تعالى :{ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } البقرة/282 .

قال ابن كثير :

وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل المرأة كما قال مسلم في صحيحه ….عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يا معشر النساء تصدقن ، وأكثِرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال : تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير

ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ، قالت يا رسول الله : ما نقصان العقل والدين ؟ قال : أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين " .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 336 ) .

وقد يوجد بعض النساء أعقل من بعض الرجال ولكن ليس هذا هو الأصل ولا الأكثر والشريعة مبناها على الأعم الأغلب .

وليس نقص عقل المرأة يعني أنها مجنونة ولكن تغلب عاطفتها عقلها في كثير من الأحيان ، وتحدث لها هذه الحالة أكثر مما يحدث عند الرجل ولا يُنكر هذا إلا مكابر .

3- المرأة ترث نصف الرجل :

قال الله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } النساء/11 .

قال القرطبي :

ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم .

" تفسير القرطبي " ( 5 / 164 ) .

ومن ذلك أن الرجل عليه نفقات أكثر مما على المرأة فيناسب أن يكون له من الميراث أكثر مما للمرأة .

4- اللباس :

فعورة المرأة تكون في بدنها كله وأقل ما قيل في عورتها أنها لا تكشف إلا الكفين والوجه . وقيل لا تكشف شيئا من ذلك .

قال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيماً } الأحزاب/59 .

والرجل عورته من السرة إلى الركبة

قيل لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت منه ولا تحدثنا عن غيره وإن كان ثقة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين السرة إلى الركبة عورة " .

رواه الحاكم في المستدرك ( 6418 ) . وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " ( 5583 ) .

والأمثلة على سبيل التوضيح لا الحصر ,

وهناك فوارق أخرى بين الجنسين منها :

أن الرجل يتزوج أربع نسوة ، والمرأة ليس لها إلا زوج واحد .

ومن ذلك : أن الرجل يملك الطلاق ويصح منه ، ولا يصح منها الطلاق ولا تملكه .

ومن ذلك : أن الرجل يتزوج من الكتابية ، والمرأة المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً .

ومن ذلك : أن الرجل يسافر بلا زوجة أو أحد من محارمه ، ، والمرأة لا تسافر إلا مع محرم .

ومن ذلك : أن الصلاة في المسجد حتم على الرجال ، دون النساء ، وصلاة المرأة في بيتها أحب إلى الله .

وهي تلبس الحرير والذهب ، ولا يلبسه الرجل .

وكل ما ذُكر قائمٌ على اختلاف الرجل عن المرأة ؛ لأن الذكر ليس كالأنثى ، فقد قال الله تعالى : { وليس الذكر كالأنثى } آل عمران/36 ، فالذكر يفارق الأنثى في أمور كثيرة في قوته ، وفي بدنه ، وصلابته ، وخشونته ، والمرأة ناعمة لينة رقيقة .

ويختلف عنها في العقل إذ عُرف الرجل بقوة إدراكه وذاكرته بالنسبة إليها ، وهي أضعف منه ذاكرة وتنسى أكثر منه ، ويوجد بعض النساء أذكى من بعض الرجال وأقوى منهم ذاكرة ولكن هذا لا يُلغي الأصل والأكثر كما تقدم .

ومن ذلك أن الجهاد على الرجال ، والنساء ليس عليهن جهاد القتال ، وهذا من رحمة الله بهن ومن المراعاة لحالهن .

فحتم أن نقول : وليست أحكام الرجل كأحكام الأنثى .

ثالثاً :

سوّى الشرع بين المرأة والرجل في كثير من العبادات والمعاملات : فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل ، وتغتسل كغسله ، وتصلي كصلاته ، وتصوم كصيامه إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس ، وتزكي كما أنه يزكي ، وتحج كحجه – وتخالفه في يسير من الأحكام - ويجوز البيع منها ويقبل ، وكذا لو تصدقت جاز منها ، ويجوز لها أن تعتق من عبيدها ما ملكت يمينها ، وغير ذلك كثير لأن النساء شقائق الرجال كما في الحديث :

عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل ، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً ، قال: لا غسل عليه ، قالت أم سلمة : يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل ؟ قال : نعم ، إن النساء شقائق الرجال .

رواه الترمذي ( 113 ) وأحمد (25663) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " ( 98 ) .

فالخلاصة :

أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء ، وما جاء من التفريق بين الجنسين ينظر إليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه ، وينظر إليه الكافر المكابر على أنه ظلم ، ويركب رأسه ليزعم المساواة بين الجنسين فليخبرنا كيف يحمل الرجل جنيناً ويرضعه ويركب رأسه وهو يرى ضعف المرأة وما ينزل عليها من الدم حال الدورة الشهرية

وهكذا يظل راكباً رأسه حتى يتحطم على صخرة الواقع ، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-05-31, 23:35
ضوابط عمل المرأة خارج بيتها

السؤال

أنا فتاه أبلغ من العمر عشرين عاما طالبة بكلية الهندسة ، ولكنى أعمل في الصيف في إحدى المكتبات لتصوير المستندات ، وذلك لتوفير بعض مصاريف الكلية هل علي وزر ؟ مع العلم أني منتقبة وأحيانا أشعر بأنه لم يتقدم لخطبتي أحد من الملتزمين لهذا السبب .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الأصل أن تبقى المرأة في بيتها ، وألا تخرج منه إلا لحاجة ، قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) الأحزاب / 33 ، وهذا الخطاب وإن كان موجها إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن نساء المؤمنين تبع لهن في ذلك ، وإنما وجه الخطاب إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لشرفهن ومنزلتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين .

وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( المرأة عورة ، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان ، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها ) رواه ابن حبان وابن خزيمة ، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (2688) .

وقال صلى الله عليه وسلم في شأن صلاتهن في المساجد : ( وبيوتهن خير لهن ) رواه أبو داود (567) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ثانياً :

يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها للعمل ، وذلك وفق ضوابط معينة إذا توفرت جاز للمرأة أن تخرج ، وهي :

- أن تكون محتاجة إلى العمل ، لتوفير الأموال اللازمة لها ، كما في حالتك .

- أن يكون العمل مناسبا لطبيعة المرأة متلائما مع تكوينها وخلقتها ، كالتطبيب والتمريض والتدريس والخياطة ونحو ذلك .
- أن يكون العمل في مجال نسائي خالص ، لا اختلاط فيه بالرجال الأجانب عنها .

- أن تكون المرأة في عملها ملتزمة بالحجاب الشرعي .

- ألا يؤدي عملها إلى سفرها بلا محرم .

- ألا يكون في خروجها إلى العمل ارتكاب لمحرم ، كالخلوة مع السائق ، أو وضع الطيب بحيث يشمها أجنبي عنها .

- ألا يكون في ذلك تضييع لما هو أوجب عليها من رعاية بيتها ، والقيام بشئون زوجها وأولادها .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين : " المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك , وأما العمل في مجالات تختص بالرجال ، فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الاختلاط بالرجال

وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها , ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وأن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) ، فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال " انتهى .

" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 981 ) .

فإذا كانت هذه الشروط متوفرة في عملك فلا حرج عليك فيه إن شاء الله تعالى .

ونسأل الله أن ييسر لك زوجاً صالحاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-05-31, 23:37
خروج المرأة للترفيه وشراء الحاجات

السؤال :

أنا قلقة بشأن ما يقوله الناس عن خروج الفتيات وأنه لا بد من وجود غرض غير نبيل من خروجهن . هل الخروج لقضاء حاجات بسيطة (أو الخروج للترفيه الحلال) يعتبر حراماً حتى لو خرجت بالحجاب الكامل ؟.

الجواب :

الحمد لله

جاء الإسلام ليحفظ للمرأة كرامتها وعرضها ، وشرع لها من الأحكام ما يحافظ على ذلك ، وقال الله تعالى :{ وقرن في بيوتكن } [ الأحزاب 33 ] وبناء على ذلك فإنّ الأصل : بقاء المرأة في بيتها ، وعدم خروجها إلا لضرورة أو حاجة ، وجعل الإسلام صلاة المرأة في بيتها خيرا لها من صلاتها في المسجد - ولو كان المسجد الحرام - .

وهذا لا يعني أن تظل المرأة حبيسة البيت ، بل أباح لها الإسلام الذهاب إلى المسجد ، وأوجب عليها الحج والعمرة وصلاة العيد وغير ذلك ، ومن الخروج المشروع لها خروجها لزيارة أهلها ومحارمها والخروج للاستفتاء وسؤال أهل العلم وكذلك أُذَن للنساء أن يخرجن لحوائجهن ، لكن كل هذا لا يكون إلا وفق ضوابط الشرع من حيث المحرم للسفر ، والأمن في الطريق في الحضر ، وكذا أن تخرج بحجابها الكامل ، وأن لا تكون متبرجة أو متزينة أو متعطرة .

وقد ورد في ذلك بعض النصوص الشرعية ومنها :

أ. عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها" . رواه البخاري ( 827 ) ومسلم ( 442 ) .

ب. عن زينب امرأة عبد الله قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا" . رواه مسلم ( 443 ) .

ج. عن جابر بن عبد الله يقول طُلِّقت خالتي فأرادت أن تَجدَّ نخلها ( أخذ ثمار الشجر) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلى فجُدِّي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا . رواه مسلم ( 1483 ) .

= والترفيه الذي أشير إليه في السؤال قد يكون مع وجود الأجانب خلطة ونظراً ، أو بسفر من غير محرم ، أو يكثر في غير فائدة ؛ لذا وجب التنبه لأن يكون الترفيه مباحاً حلالاً حقيقة ، ويخلو من المحرَّمات الموجبة لعقوبة الله تعالى ، فإذا كان خروج المرأة إلى مكان لا يحدث فيه محرّم ولم يكثر خروجها من أجله فلا بأس بذلك ، نسأل الله العفّة والصيانة وحسن الدّيانة وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-05-31, 23:42
السؤال

ما مفهوم المساواة في " الإسلام " ؟ .

الجواب

الحمد لله

لفظ " المساواة " يحوي حقّاً وباطلاً ، وهو لفظ مشترك في الخير والشر ، وأكثر من يستعمله وينادي به الآن إنما يريد الباطل والشرَّ الذي فيه ، فاستعمالهم له إنما هو لجعل الناس سواسية متساويين لا يفرَّق بينهم بسبب الدين ، ولا الجنس ، فنادوا بمساواة المرأة بالرجل في كافة المجالات حتى تلك التي من خصائص الرجال

كما نادوا بالمساواة في المواطنة ، وأنه لا ينبغي أن يكون الدين مفرِّقاً بين الناس ، فجمعوا بين الموحد والمشرك ، والمسلم والوثني ، وجعلوهم في سياق واحد ، لا يفرق الدِّين بينهم .

وأما الخير والحق الذي في هذا اللفظ فهو أن المسلمين متساوون أمام الشرع في أحكامه ، وتكاليفه ، فلا يفرَّق بين شريف ووضيع في إقامة الحدود ، ولا بين الرجل والمرأة ، إذا جاء أحدهم بما يستحق به جلداً ، أو رجماً ، أو قتلاً ، وقد جاءت أمثلة عملية على ذلك ، فحين سرقت امرأة من قبائل العرب الشريفة ، واستحقت قطع يدها : جاء من يشفع لها عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب

وقال : ( إنَّمَا أَهْلَكَ الذينَ قَبْلَكُم أنَّهُم كانُوا إِذَا سَرَقَ ِفيهُم الشَّريفُ تَرَكُوه ، وَإِذَا سَرَقَ فيهُم الضَّعيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ) متفق عليه ، وعندما عيّر صحابي آخر بأمه السوداء : غضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : ( إِنَّكَ امْرُؤ فِيكَ جَاهِليَّة ) متفق عليه.

كما أن من أوجه المساواة بين الرجل والمرأة : الوعد في الآخرة بالثواب ، والجنة ، قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .

هذا هو المعنى الحق الذي في هذا اللفظ ، وليس هذا ما يريده من ينادي بالمساواة .

وقد اعترف الإسلام بوجود " نفي المساواة " بين المسلمين في أبواب منه ، فنفى أن يستوي من آمن بالله وأنفق ماله قبل الحديبية ، وبين من آمن وأنفق بعدها ، كما نفى المساواة بين المجاهدين والقاعدين بغير عذر .

فالمساواة بين المرأة والرجل لها جانبان : حق ، وباطل ، فإذا أريد أنهما سواء في التكاليف والأحكام وإقامة الحدود : فالمعنى صحيح ، إلا ما استثناه النص ، وإذا أريد به أن الذكر كالأنثى في كل الأمور : فباطل ، والله تعالى يقول ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ) فالمرأة تحتاج لولي في الزواج ، وليس الرجل كذلك ، والقوامة للرجل ، لا للمرأة ، والطلاق بيد الزوج ، لا الزوجة ، والجماعة والجهاد واجبان على الرجال دون النساء ، وثمة فروق أخرى في الدية ، والعقيقة ، والميراث .

وليس يعني هذا تمييز الرجل في كل الأمور ، فقد جاءت الوصية بالأم ثلاثة أضعاف الوصية بالأب – مثلاً – كما جاء في الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ : ( أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ ) ، وقد قدَّم الله تعالى الإناث في بعض المواضع مثل قوله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الشورى / 49 .

ولذا فإنه من دعا لمساواة المرأة بالرجل في كل الأمور : فهو داعية ضلال ، ودعوته : زندقة ، وإلحاد .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

قوله تعالى ( يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه خلق الناس من ذكر وأنثى ، ولم يبين هنا كيفية خلقه للذكر والأنثى المذكورين ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من كتاب الله .

فبيَّن أنه خلق ذلك الذكر - الذي هو آدم - من تراب ، وقد بيَّن الأطوار التي مر بها ذلك التراب ، كصيرويته طيناً لازباً ، وحمأً مسنوناً ، وصلصالاً كالفخار .

وبيَّن أنه خلق تلك الأنثى التي هي حواء من ذلك الذكر الذي هو آدم فقال : ( يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً ) النساء/ 1 ، وقال تعالى : ( هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) الأعراف/ 189 ، وقال تعالى : ( خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) الزمر/ 6 .
... .
قد دلت هذه الآيات القرآنية المذكورة على أن المرأة الأولى كان وجودها الأول مستنداً إلى وجود الرجل وفرعاً عنه ، وهذا أمر كوني ، قدري ، من الله ، أنشأ المرأة في إيجادها الأول عليه .

وقد جاء الشرع الكريم المنزل من الله ليعمل به في أرضه بمراعاة هذا الأمر الكوني القدري في حياة المرأة في جميع النواحي ، فجعل الرجل قائماً عليها ، وجعلها مستندة إليه في جميع شؤونها كما قال تعالى : ( الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء ) النساء/ 34 .

فمحاولة استواء المرأة مع الرجل في جميع نواحي الحياة : لا يمكن أن تتحقق ؛ لأن الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أولاً ، وشرعاً منزلاً ثانياً : تمنع من ذلك منعاً باتّاً .

ولقوة الفوارق الكونية والقدرية والشرعية بين الذكر والأنثى : صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المتشبه من النوعين بالآخر .

ولا شك أن سبب هذا للعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر ، لتحطيم هذه الفوارق التي لا يمكن أن تتحطم .
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المشتبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال )

وقد قدمنا هذا الحديث بسنده في سورة " بني إسرائيل " ، وبينا هناك أن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله ، فلو كانت الفوارق بين الذكر والأنثى يمكن تحطيمها وإزالتها : لم يستوجب من أراد ذلك اللعن من الله ورسوله .

ولأجل تلك الفوارق العظيمة الكونية القدرية بين الذكر والأثنى فرَّق الله جل وعلا بينهما في الطلاق ، فجعله بيد الرجل دون المرأة ، وفي الميراث ، وفي نسبة الأولاد إليه .

وفي تعدد الزوجات دون الأزواج : صرح بأن شهادة امرأتين بمنزلة شهادة رجل واحد في قوله تعالى : ( فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان ) البقرة/ 282 .

فالله الذي خلقهما لا شك أنه أعلم بحقيقتهما ، وقد صرح في كتابه بقيام الرجل مقام امرأتين في الشهادة .

وقد قال تعالى : ( أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى . تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى ) النجم/ 21 ، 22 ، أي : غير عادلة ؛ لعدم استواء النصيبين ، لفضل الذكر على الأنثى .

ولذلك : وقعت امرأة عمران في مشكلة لما ولدت مريم ، كما قال تعالى عنها : ( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أنثى والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذكر كالأنثى ) آل عمران / 36 ، فامرأة عمران تقول : ( وَلَيْسَ الذكر كالأنثى ) ، وهي صادقة في ذلك بلا شك .

والكفرة وأتباعهم يقولون : إن الذكر والأنثى سواء .

ولا شك عند كل عاقل في صدق هذه السالبة ، وكذب هذه الموجبة .

وقد أوضحنا في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على قوله تعالى : ( إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء/ 9 وجه الحكمة في جعل الطلاق بيد الرجل ، وتفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ، وتعدد الزوجات ، وكون الولد ينسب إلى الرجل ، وذكرنا طرفاً من ذلك في سورة " البقرة " في الكلام على قوله تعالى : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/ 228 ، وبيَّنا أن الفوارق الطبيعية بينهما كون الذكورة شرفاً وكمالاً وقوة طبيعية : خلقية ، وكون الأنوثة بعكس ذلك .

وبينا أن العقلاء جميعاً مطبقون على الاعتراف بذلك ، وأن من أوضح الأدلة التي بينها القرآن على ذلك اتفاق العقلاء على أن الأنثى من حين نشأتها تجلى بأنواع الزينة من حلي وحلل ، وذلك لجبر النقص الجبلي الخلقي الذي هو الأنوثة كما قال الشاعر :

وما الحلي إلا زينة من نقيصة ... يتمم من حسن إذا الحسن قصرا

وقد بيَّنا أن الله تعالى أوضح هذا بقوله : ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/ 18 ، فأنكر على الكفار أنهم مع ادعاء الولد له تعالى جعلوا له أنقص الولدين ، وأضعفهما خِلقة ، وجبلَّة ، وهو الأنثى ، ولذلك نشأت في الحِلية من صغرها ؛ لتغطية النقص الذي هو الأنوثة ، وجبره بالزينة ، فهو في الخصام غير مبين .

لأن الأنثى لضعفها الخلقي الطبيعي لا تقدر أن تبين في الخصام إبانة الفحول الذكور ، إذا اهتضمت وظلمت لضعفها الطبيعي .
... .
وأما الذكر فإنه لا ينشأ في الحلية ؛ لأن كمال ذكورته ، وشرفها ، وقوتها الطبيعية التي لا يحتاج معه إلى التزين بالحلية التي تحتاج إليه الأنثى : لكماله بذكورته ، ونقصها بأنوثتها .

ومما لا نزاع فيه بين العقلاء أن الذكر والأنثى إذا تعاشرا المعاشرة البشرية الطبيعية التي لا بقاء للبشر دونها : فإن المرأة تتأثر بذلك تأثراً طبيعيّاً كونيّاً قدريّاً مانعاً لها من مزاولة الأعمال ، كالحمل ، والنفاس ، وما ينشأ عن ذلك من الضعف ، والمرض ، والألم ، بخلاف الرجل : فإنه لا يتأثر بشيء من ذلك .

ومع هذه الفوارق لا يتجرأ على القول بمساواتهما في جميع الميادين : إلا مكابر في المحسوس ، فلا يدعو إلى المساواة بينهما إلا من أعمى الله بصيرته .

" أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن " ( 7 / 473 – 475 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

دين الإسلام : دين العدل في العمل ، والجزاء ، وانتبه " دين العدل في العمل ، والجزاء " وليس كما يقول المحدَثون : " إنه دين المساواة " ، هذا غلط عظيم ، لكن يتوصل به أهل الآراء والأفكار الفاسدة إلى مقاصد ذميمة ، حتى يقول : المرأة والرجل ، والمؤمن والكافر : سواء ، ولا فرق ، وسبحان الله ، إنك لن تجد في القرآن كلمة " المساواة " بين الناس ، بل لا بدَّ من فرق ، بل أكثر ما في القرآن نفي المساواة

: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وآيات كثيرة ، فاحذر أن تتابع ، فتكون كالذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً ، بدلاً من أن تقول : " الدين الإسلامي دين مساواة " قل : " دين العدل الذي أمر الله به ، يعطي كل ذي حق حقه " ، أرأيت المرأة مع الرجل في الإرث ، وفي الدية ، وفي العقيقة

وفك الرهان ، يختلفون ، وفي الدِّين : المرأة ناقصة ، إذا حاضت لم تصل ، ولم تصم ، وفي العقل : المرأة ناقصة : شهادة الرجل بشهادة امرأتين ، وهلمَّ جرّاً ، والذين ينطقون بكلمة " مساواة " : إذا قررنا هذا ، وأنه من القواعد الشرعية الإسلامية : ألزمونا بالمساواة في هذه الأمور ، وإلا لصرنا متناقضين ، فنقول : دين الإسلام هو دين العدل ، يعطي كل إنسان ما يستحق ، حتى جاء في الحديث : ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ) يعني : إذا أخطا الإنسان الشريف الوجيه في غير الحدود : فاحفظ عليه كرامته

وأقله ، هذا الذي تقيله إذا كان من الشرفاء ، إقالتك إياه أعظم تربية من أن تجلده ألف جلدة ؛ لأنه كما قيل : الكريم إذا أكرمته : ملَكته ، لكن لو وجد إنسان فاسق ماجن : فهذا اشدد عليه العقوبة ، وعزره ، ولهذا لما كثر شرب الخمر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضاعف العقوبة بدل أربعين جعلها ثمانين ، كذلك الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن : ( من شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاجلدوه

ثم إن شرب فاقتلوه ) ؛ لأن لا فائدة في جلده ، ثلاث مرات نعاقبه ولا فائدة ، إذن خير له ولغيره أن يقتل ، وإذا قتلناه استراح من الإثم ، كما قال الله عز وجل : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأَنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين ) .

" لقاءات الباب المفتوح " ( 212 /المقدمة ) .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-03, 23:59
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم قول : " في صحتك "
عند الاجتماع لشرب عصير ونحوه .

السؤال :

كنت مع أصدقائي نشرب عصير التفاح فقلت مازحاً "بصحتكم" فقال لي أحدهم أنه لا يجوز قول هذه الكلمة (لأنها تقال من قبل النصارى عند شربهم الخمر)، فأرجو التوضيح.

الجواب :

الحمد لله

قول الرجل لصاحبه عند الاجتماع على شراب عصير ونحوه : " بصحتك " أو : " في صحتك " لا ينبغي ، بل ينهى عنه ، لأن هذه العبارات يستعملها شاربو الخمر عند اجتماعهم لشرب الخمر والمسكرات ، فيقولون : نشرب هذا الكأس في نخب فلان ، أو في نخب صداقتنا ، وربما رفعوا كؤوس الخمر وصكوا بعضها ببعض ، وقال كل منهم : في صحتك ، أو في صحتكم .

وقولهم : نخب فلان كقولهم : في صحة فلان .

جاء في "المعجم الوسيط" (2/ 908):

" (النخب) الشربة الْعَظِيمَة والشربة من الْخمر أَو غَيرهَا يشْربهَا الرجل لصِحَّة حبيب أَو عشير أَو محتفى بِهِ ، يُقَال : شرب نخب فلَان : فِي صِحَّته . (محدثة) " انتهى .

وهذه العبارات محدثة ليست من اللغة العربية التي تعرفها العرب ، وإنما أخذها أصحابها عن النصارى وغيرهم ممن يفعل ذلك عند الاجتماع لشرب الخمر ، ويقلدهم فيه الفسقة من الممثلين وغيرهم .

فقول الرجل لأصحابه عند الشراب : " في صحتكم " أو : " بصحتكم " - ولو مازحا - هو منهي عنه ، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفرة والفاسقين .

وعلى المسلم أن يتعلم آداب الطعام والشراب ، والهدي النبوي فيهما ، ويقتصر على ذلك ، ففيه الخير والبركة .

1. أما هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل فأكمل هدي ، وقد بيَّنه الإمام ابن القيم ، فقال :

أ. كان إذا وضع يده في الطعام قال : "بسم الله" ، ويأمر الآكل بالتسمية ، ويقول : "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره" حديث صحيح . - رواه الترمذي (1859) و أبو داود (3767)- .

والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل ، .. وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ولا معارض لها .

ب. وكان إذا رفع الطعام من بين يديه يقول : "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنى عنه ربَّنا عز وجل ذكره البخاري . - البخاري ( 5142 ) - .

ج. وما عاب طعاماً قط ، بل كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه ، وسكت . - رواه البخاري ( 3370 ) ومسلم ( 2064 ) - .

وربما قال : "أجدني أعافه إني لا أشتهيه" . - رواه البخاري ( 5076 ) ومسلم ( 1946) - .

د. وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهلَه الإدام ، فقالوا : ما عندنا إلا خلّ ، فدعا به فجعل يأكل منه ، ويقول : "نِعْم الأُدْم الخل" . - رواه مسلم (2052) - .

هـ. وكان يتحدث على طعامه كما تقدم في حديث الخل .

وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله : "سمِّ الله وكُلْ مما يليك" . - رواه البخاري ( 5061 ) ومسلم ( 2022) - .
و. وربما كان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً ، كما يفعله أهل الكرم ، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن وقوله له مراراً : "اشرب" ، فما زال يقول : "اشرب" حتى قال : والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً . - رواه البخاري ( 6087 ) - .

ز. وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منـزل عبد الله بن بسر ، فقال : "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم ، وارحمهم" ذكره مسلم . - رواه مسلم (2042) - .

ح. وكان يأمر بالأكل باليمين وينهى عن الأكل بالشمال ، ويقول : "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" - رواه مسلم (2020) - ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ؛ فإن الآكل بها إما شيطان ، وإما مشبه به .

وصح عنه أنه قال لرجل أكل عنده فأكل بشماله : "كل بيمينك" ، فقال لا أستطيع فقال : "لا استطعت" ، فما رفع يده إلى فيه بعدها . - رواه مسلم (2021) - فلو كان ذلك جائزاً لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبره حمله على ترك امتثال الأمر : فذلك أبلغ في العصيان ، واستحقاق الدعاء عليه.

ط. وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون "أن يجتمعوا على طعامهم ، ولا يتفرقوا وأن يذكروا اسم الله عليه يبارك لهم فيه" . - رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) - .

انظر لما سبق : " زاد المعاد " ( 2/ 397 - 406 ) .

ك. وصح عنه أنه قال : "لا آكل متكئاً" . - رواه البخاري ( 5083 ) .

ل. وكان يأكل بأصابعه الثلاث وهذا أنفع ما يكون من الأكلات .

انظر : " زاد المعاد " ( 220 - 222) ، والله أعلم .

2. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية :

أ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يأكل .

ب. ويأكل ما ينفع .

ج. ويجعل من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه ، لذلك روى لنا ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" . رواه البخاري ( 5081 ) ومسلم ( 2060 ) .

د. وعلَّم أمته أمراً يحتمون به مِن أمراض الطعام والشراب فقال : "ما ملأ آدمي وعاء شرّاً من بطنٍ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه" . رواه الترمذي (1381) وابن ماجه (3349) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2265 ) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-04, 00:05
السؤال:

ما حكم وصف القرآن الكريم بأنه يمتص الحزن كما يمتص الاسفنج الماء ؟

الجواب :

الحمد لله

القرآن كلام الله ، تكلم به على الحقيقة ، فلا بد أن يكون له في قلوبنا من الإجلال والتعظيم ما يليق به ، ولا يجوز التحدث عن القرآن أو وصفه أو تشبيهه بما يكون من شأنه الاستهانة به أو التقليل من مكانته أو النيل من منزلته في قلوب المؤمنين .

وأما تشبيه القرآن بما يعزز مكانته ويبين أثره في النفوس : فلا حرج فيه .

وقد روى الطبري (19/181) عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه في قوله تعالى : ( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) قال: " مثل المؤمن قد جعل الله الإيمان والقرآن في صدره كمشكاة " .

وروى البخاري (5427) ، ومسلم (797) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ) .

ورأينا في كلام السلف تمثيل القرآن بالغيث وبالمصباح وبالمسك وبالروضات الدمثات .

فمثل هذا التمثيل يليق بكلام الله ؛ حيث لا مطعن فيه بوجه ، لا على وجه الشبه بين المشبه والمشبه به ، ولا على المشبه به .

أما تمثيل القرآن بالإسفنجة ، فهو تمثيل غير لائق ؛ لأن الإسفنجة من شأنها أنها تحتفظ بما تتشربه وتنضح به ، والقرآن لا يتشرب الأحزان والهموم والغموم ويحتفظ بها ، وإنما يزيلها بالكلية ، ويبدل القلب الحزين مكان حزنه الفرح والغبطة والسعادة ، وهذا لا يكون إلا للمؤمنين من أهل القرآن .

فروى أحمد (3704) عن ابن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا )

صححه الألباني في "الصحيحة" (199) .

فالقرآن يُذهب الله به الهم والحزن من النفوس ، ويبدلها مكان ذلك فرجاً وفرحاً ، لا أن القرآن يتشرب الهموم والأحزان .
قال ابن القيم رحمه الله : " قَالَ لي شيخ الاسلام رحمه الله – وقد جعلت أورد عليه إيراد بعد إيراد - لاتجعل قَلْبك للايرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فَلَا ينضح إلا بهَا ، وَلَكِن اجْعَلْهُ كالزجاجة المصمتة تمر الشُّبُهَات بظاهرها وَلَا تَسْتَقِر فِيهَا فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته ، وَإِلَّا فإذا أشربت قَلْبك كل شُبْهَة تمر عَلَيْهَا صَار مقرا للشبهات -

أوْ كَمَا قَالَ - .
فَمَا أعْلَم أني انتفعت بِوَصِيَّة فِي دفع الشُّبُهَات كانتفاعي بذلك " .

انتهى من "مفتاح دار السعادة" (1/140) .

وكما لا يليق تشبيه القرآن بالإسفنجة من جهة وجه الشبه ، فكذا لا يليق من جهة المشبه به ، كما لا يليق تشبيه المؤمن بالكلب في الوفاء مثلا ، وإن كنا نصف الكلب بالوفاء ؛ لأن الكلب لا يضرب مثلا للمؤمن ؛ لخسته .

فمن أراد ضرب المثل فعليه بأمثال القرآن والسنة ، وأمثال السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ، ولا يشتط في المثل حسب ما يمليه عليه اجتهاده دون تمعن وروية .

والخلاصة : أن تشبيه القرآن بالإسفنجة في ذهابه بالأحزان من القلب تشبيه لا يليق بكلام الله ، فينبغي عدم اعتماده والنهي عنه .

وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال : " هذا اللفظ لا يليق ، وينكر على من قاله ، بل يقال يذهب الحزن ، أما تشبيهه بالإسفنج والقول بأنه يمتص فهو تعبير جاهل " .

القرآن : هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته .

وهذا التعريف للقرآن جامع مانع .

فقولنا " كلام الله " : خرج به : كلام البشر وغيرهم .

وقولنا " المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " : خرج به : الذي أنزل على غيره كالإنجيل والتوراة والزبور .

وقولنا " المتعبد بتلاوته " : خرج به الأحاديث القدسية .

وهو نور ويقين ، وهو الحبل المتين ، وهو منهج الصالحين ، فيه أخبار الأولين من الأنبياء والصالحين وكيف أن من عصى أمرهم ذاق بأس الله وكان من الأذلين، وفيه آيات تحكي معجزات الله وقدرته في هذا الكون المتين ، وفيه بيان لأصل هذا الآدمي الذي كان من ماء مهين

وفيه أحكام العقيدة التي يجب أن ينطوي عليها كل قلب مستكين ، وفيه أحكام الشريعة التي تبين المباح من الحرام وتبين الباطل من الحق المبين ، وفيه بيان المعاد ومصير الآدمي إما إلى نار يخزى فيها فيكون من الصاغرين ، وإما إلى جنة ذات جنات وعيون وزروع ومقام أمين .

وفيه شفاء للصدور ، وفيه للأعمى تبصرة ونور ، قال الله تعالى : ( وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً ) الإسراء / 82

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآيات :

يقول تعالى مخبراً عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد إنه ( شفاء ورحمة للمؤمنين ) أي : يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل ، فالقرآن يشفي من ذلك كله ، وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه ، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة

وأما الكافر الظالم نفسه بذلك فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعداً وكفراً والآفة من الكافر لا من القرآن ، قال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك يُنادون من مكان بعيد ) فصلت / 44 ، وقال تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون . وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون ) التوبة / 124 – 125 ، والآيات في ذلك كثيرة .

قال قتادة - في قوله : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) - : إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه ، { ولا يزيد الظالمين إلا خساراً } ، أي : لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين .

" تفسير ابن كثير " ( 3 / 60 ) .

وقال الله تعالى : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) يونس / 57 ، وقال الله تعالى : ( ولو جعلناه قرءاناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ءاعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) فصلت / 44 .

وفيه هداية الناس من الضلال إلى الحق قال الله تعالى : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) البقرة / 2

وقال الله تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ) الشورى / 9 ، وقال الله تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم . صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ) الشورى / 52 – 53 .

وفيه ما لا يستطيع عده جهد العادِّين ، فيجب على كل من أرد السعادتين في هذين الدارين أن يحتكم إليه ويعمل بأمره .
يقول الإمام ابن حزم :

ولما تبين بالبراهين والمعجزات أن القرآن هو عهد الله إلينا والذي ألزمنا الإقرار به والعمل بما فيه ، وصح بنقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه أن هذا القرآن هو المكتوب في المصاحف المشهورة في الآفاق كلها وجب الانقياد لما فيه فكان هو الأصل المرجوع إليه لأننا وجدنا فيه : ( وما من دآبة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) الأنعام / 38 ، فما في القرآن من أمر أو نهي فواجب الوقوف عنده .

" الإحكام " ( 1 / 92 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-04, 00:12
حكم قول القائل : " لا تحدثني عن الدين كثيراً
ولكن دعني أرى الدين في سلوكك
وأخلاقك وتعاملاتك

السؤال:

هناك عبارة منتشرة في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تقول : "لا تحدثني عن الدين كثيراً ، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك " ، فهل هذه العبارة صحيحة ؟

أم فيها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة ؟

الجواب:

الحمد لله

الظاهر من قائل ذلك الكلام : أن مقصوده الحث على العمل ، والالتزام بأحكام الدين ، والتخلق بآداب الإسلام ، حتى يكون المسلم عاملا بما يعلم ، وحتى يكون عمله أكثر من قوله ، وأن القضية ليست بالقول ، فهذا يحسنه كل أحد ، وإنما محك الصدق الحقيقي : هو العمل ، الذي يظهر الصادق من الكاذب .

وهذا مقصود صحيح ، معتبر في الشرع ، وإن كان اختيار عبارة بعيدة من الإيهام والإشكال : أولى وأبعد من الخلاف والشقاق .

وأما إن كان قائل ذلك : مقصوده التنفير من العلم والتزهيد فيه ، تعلما ونشرا ، والحث على الإقلال منه : فهذا قصد باطل ، يرد على صاحبه ، فالعلم خير كله ، وهو رائد العمل ودليله .

روى الترمذي (2002) وصححه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي" .

قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله :

" أُوقِعَ قَوْلُهُ : ( وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ ) مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ : (إِنَّ أَثْقَلَ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ) دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَخَفَّ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ هُوَ سُوءُ الْخُلُقِ ، وَأَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَالْخُلُقُ السَّيِّئُ أَبْغَضُهَا ؛ لِأَنَّ الْفُحْشَ وَالْبَذَاءَةَ أَسْوَأُ شَيْءٍ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/ 3177) .

وروى أحمد (6735) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ) فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله ، قَالَ: ( أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا ) .

وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (2650) .

وروى الترمذي (2018) وحسنه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

وروى البخاري (6035) ، ومسلم (2321) عن عبد الله بن عمرو عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ الْحَثّ عَلَى حُسْن الْخُلُق , وَبَيَان فَضِيلَة صَاحِبه ، وَهُوَ صِفَة أَنْبِيَاء اللَّه تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ ،
قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حَقِيقَة حُسْن الْخُلُق بَذْل الْمَعْرُوف , وَكَفّ الْأَذَى , وَطَلَاقَة الْوَجْه .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هُوَ مُخَالَطَة النَّاس بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْر , وَالتَّوَدُّد لَهُمْ , وَالْإِشْفَاق عَلَيْهِمْ , وَاحْتِمَالهمْ , وَالْحِلْم عَنْهُمْ , وَالصَّبْر عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِه , وَتَرْك الْكِبْر وَالِاسْتِطَالَة عَلَيْهِمْ ، وَمُجَانَبَة الْغِلَظ وَالْغَضَب , وَالْمُؤَاخَذَة " انتهى .

الأصل أن العمل الصالح لا يحبطه إلا الشرك بالله تعالى ؛ قال تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة /5 .

ومن أصول الخلاف بين أهل السنة وطوائف أهل البدع من الوعيدية : الخوارج ، والمعتزلة ، ومن وافقهم : أنهم يقولون بحبوط الطاعات بالمعاصي .

وأما أهل السنة : فيقولون : إن الكبيرة لا تحبط العمل الصالح ، وإن كان الإيمان ينقص بالمعاصي ، كما أنه يزيد بالطاعات .

على أنه قد ورد في النصوص : أن من الذنوب ما توعد الله صاحبها بحبوط عمله ، وليس ذلك لكل ذنب ، إنما هي ذنوب مخصوصة ، ورد فيها ذلك الوعيد المخصوص ، الذي يوقف عنده ، ولا يقاس عليه ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات/2 .

الملتزم بشرائع الإسلام والمتأدب بآدابه لا يكون سيء الخلق ، إنما يحصل سوء الخلق من مخالفة الشريعة ، ومصاحبة أهل السوء ، ثم أسوأ من ذلك ألا يصلح ما هو فيه من سيء الأخلاق ، أو لا يقبل من ينصحه ويدعوه إلى ذلك ، وقد قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران/ 133 – 135 .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-04, 00:17
هل من التكبر تلقيب المرء نفسه بالدكتور ؟

السؤال:

أليس من التكبر أن يلقب المسلم نفسه بـ " الدكتور " ، ويضع كلمة " الدكتور " أمام اسمه عند الكتابة ، مثل الدكتور فلان بن فلان ، أليس من التكبر أن يفخر بشهادة الدكتوراة في أي سلك كان ، هندسة ، أو علوم ، أو طب ؟

أليس من التكبر أن يضيف إلى اسمه كلمة " الدكتور " ولو كان حاصلا على شهادة الدكتوراة في الهندسة مثلا أو أية علوم أخرى ؟

أم له الحق أن يلقب نفسه بالدكتور بعد عناء طويل وجهد لسنوات طوال في الدراسة ؟

الجواب :

الحمد لله

تلقيب الشخص نفسه بـ " الدكتور " يختلف حكمه بحسب السياق والمقام :

أولا :

إذا جاء في سياق التعريف بنفسه في مقام يحتاج فيه إلى التعريف ، كما هو الشأن في تأليف الكتب مثلا ، وكتابة الأبحاث ، والمشاركة في المؤتمرات والندوات ، وتقديم البرامج النافعة على الفضائيات ، ونحو ذلك من المقامات التي تقتضي التعريف بالنفس ، حتى تكتمل صورة الاعتماد العلمي ، والاعتراف بالتخصص المراد الحديث عنه .

ففي هذه الحالة لا بأس بتقديم الشخص نفسه باسم " الدكتور فلان "، ولا حرج أن يكتب على جلدة مؤلفه حرف (الدال) يرمز به لشهادة " الدكتوراة ". وذلك لأسباب عدة :

السبب الأول :

أن محذور التكبر والخيلاء ضعيف في هذا المقام ، وإن كان يرد في قلوب بعض الناس ، لكن ملحظ " التعريف المجرد " ههنا قوي أيضا ، ويقصده كثير من العلماء في هذا الحال ولا ضير .

السبب الثاني :

أن الفقهاء والعلماء في القديم والحديث ما زالوا يعرفون عن أنفسهم بذكر أسماء بلدانهم أو قبائلهم ، وبذكر مذاهبهم التي ينتسبون إليها ، ولا يجدون حرجا في ذلك ، رغم ما فيه من احتمال التعصب للمذهب ، أو التفاخر بالأصل والفصل ، ولكنهم غلبوا الجانب التعريفي المحض في هذا السياق على الملحظ الممنوع . ولا فرق بين هذه الأوصاف التي استعملها العلماء سابقا في التعريف عن أنفسهم ، وبين وصف " الدكتور " الذي يدل على مرتبة علمية معينة .

السبب الثالث :

أن لقب " الدكتور " فقد كثيرا من دلالته العلمية لصالح دلالته التراتبية المحضة ، بمعنى أن حامل هذا اللقب قد تسلسل في مراحل التعليم ، وقطع أشواطا منه إلى ما يسمى بالدكتوراة ، ولا يعني أن حامل هذا اللقب عالم بتخصصه ، فهو وصف مجرد للمرحلة ( التعليمية ) ، وليس للمرحلة ( العالمية ) ، وفرق بين الوصفين .

بل نقول ـ أيضا ـ : إن هذا اللقب ، لشهرته ، وكثرته : قد فقد كثيرا من "بهجته" ، ومكانته الاجتماعية ، بما يضعف جانب المحذور في ذكره ، جدا .

السبب الرابع :

أن أسماء العلماء والفقهاء والفضلاء الذين لقبوا أنفسهم بهذا اللقب في مؤلفاتهم وأبحاثهم ومشاركاتهم كثيرة لا يمكن حصرها ، ولم يعد ذلك مستنكرا ولا مستغربا ، كما لم يعد هذا المقام علامة على كبر أو خيلاء والحمد لله .

يقول الزمخشري رحمه الله :

" قل من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لقب ، ولم تزل في الأمم كلها من العرب والعجم تجري في المخاطبات والمكاتبات من غير نكير ، غير أنها كانت تطلق على حسب استحقاق الموسومين بها "

انتهى من " ربيع الأبرار " (2/482) .

ثانيا :

أما إذا استعمل لقب " الدكتور " في سياق مبالغ فيه ، فيصير حامله لا يتحدث عن نفسه إلا مقترنا بهذا اللقب ، ويسمي نفسه به في المقام الذي يحتاجه فيه والمقام الذي لا يحتاجه ، ويطالب كل من حوله بالمحافظة عليه في ندائه أو خطابه ، أو يتسمى به على وجه الفخر والخيلاء في قلبه ونفسه – وكل امرئ حجيج نفسه - ، فهذه بعض الأمارات على كراهية هذا اللقب ، وظهور ملحظ الخيلاء فيه ، وإساءة استعمال من حامله ، وهنا لا بد من التذكير بالتواضع ، ولين الجانب ، وهضم الجناح ، وترك كل أسباب أمراض القلوب والنفوس .

يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" إن مبدأ هضم النفس ، واللصوق إلى الأرض ، ونحوهما من مكارم الأخلاق ، من حلية المسلمين عامة ، وأهل العلم والمعرفة منهم خاصة ، ليحس المسلم بانخفاض مستواها عند من يأنف من أن يدعى باسمه مجردا من هذا اللقب ، ومن يلفظ به عندما يعرف بشخصه ، أو يرمز به في محرراته.

وهذا مسلك مناهض لآداب أهل العلم والمعرفة كافة .

ويستطيع الناظر في كتب التراجم عندما ينعم النظر في السير والرجال أن يتجلى له بوضوح مظهر الانطباع بروح التواضع والافتقار ، ونتيجة لهذا فلن يرى من يلقب نفسه بما كان يستحقه من لقب علمي ، أو لقب تزكية في حياته وزمانه ، بل سيرى مواقف الأنفة من ذلك ، وهذا منتشر في كتب النقلة للسير والرجال .

فهذا الإمام المحدث أبو إسحاق السبيعي لما قال له شخص : أأنت الشيخ أبو إسحاق ؟ قال : لا أنا أبو إسحاق .
وفي ترجمة القاضي أبي البركات الحنبلي ، المتوفى سنة (886هـ) ، كما في " ذيل رفع الإصر " للسخاوي قال : " وألزم الموقعين بالمنع من مزيد الألقاب له ولأبيه ولجده ، وأمرهم بالاقتصار على قاضي القضاة لكل منهم ، وقال : هذا وصف صحيح " .

انتهى من " تغريب الألقاب العلمية " (ص/314 من المجموعة العلمية) .

هذا وقد شدد الشيخ بكر أبو زيد النكير على من يتلقب بـ " الدكتور " مطلقا، في صفحات طويلة وأوجه عديدة ، (ص318-334 من الرسالة السابقة) .

ولكن الذي نراه أولى وأوفق للصواب هو التفصيل السابق .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-04, 00:27
ما حكم قول : " بِجاه ربي "
أو " لولا ألطاف ربي " ؟

السؤال:

ما حكم قول ( بجاه ربي ) ، وقول ( جاب ربي ) ؟ يقصد في الثانية : لولا أن ألطاف الله .. ، الكلمتان في اللهجة التونسية العربية ..

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

قول القائل : " بجاه ربي " إما أن يكون حلفا بجاه الله تعالى ، كأن يقول : وجاه ربي لأفعلن كذا ، أو يكون استحلافا ، كأن يقول : أسألك بجاه ربي أن تفعل كذا ، وكلاهما جائز ؛ لأنه حلف - أو استحلاف - بصفة من صفات الله تعالى ، وهي عظمته سبحانه ، إلا أن تركه أولى إذا كان في سؤال الناس .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" التوسل بجاه الله إلى الله سبحانه وتعالى كأن تقول : أسألك بجاهك العظيم ، بعلمك العظيم ، برحمتك ، بإحسانك ، بجبروتك ، بعزتك ، كله طيب ، جاهه عظمته سبحانه وتعالى .

فإذا سأل الله بذلك فلا بأس ، يقول : اللهم إني أسألك بجاهك العظيم ، بعلمك العظيم ، بقدرتك ، بعزتك ، أن تغفر لي وأن ترحمني .

أما سؤال الناس بالله ، فإن تركه أولى ، لا يسأل الناس بالله ، [و] لا بجاه الله ، لا يقول : أسألك بالله ، وبجاهه سبحانه أن تفعل كذا ، فإن ترك هذا أولى وأحوط "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب" (2/131) .

ثانياً :

قول القائل : " جاب ربي " يقصد : لولا ألطاف الله - على ما ذكره السائل من لهجتهم - : فهذا المعنى صحيح ؛ لأن قوله " ألطاف الله " مأخوذ من اسم الله " اللطيف " قال تعالى : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" الذي لطف علمه وخبره ، حتى أدرك السرائر والضمائر ، والخبايا والخفايا والغيوب ، وهو الذي يعلم السر وأخفى . ومن معاني اللطيف : أنه الذي يلطف بعبده ووليه ، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر ، ويعصمه من الشر ، من حيث لا يحتسب ، ويرقيه إلى أعلى المراتب ، بأسباب لا تكون من العبد على بال ، حتى إنه يذيقه المكاره ، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة ، والمقامات النبيلة "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص/876) .

فقول القائل : " لولا ألطاف ربي " كقول القائل : " لولا رحمة ربي " و " لولا نعمة ربي " ، وقد قال تعالى : ( وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) الصافات/ 57 .

فالمعنى صحيح ، لكن اللفظ غير معروف بذلك المعنى في لغة العرب ، فإن كان هذا هو المفهوم المتبادر من اللفظ في لغة السائل ، فإطلاقه سائغ لا حرج فيه .

والله أعلم .

..................

التوسل الشرعي والبدعي

السؤال :

أريد أن أسأل عن التوسل فإنني أعرف أن من يطلب التوسل من القبور أو يسأل الميت دعاء لغير الله وغير صحيح. لكن أحدهم يقول: ما الخطأ في أن أطلب الدعاء من رجل صالح وهو حي؟ وما الخطأ في أن أطلب الدعاء منه وهو ميت؟ فكيف أرد على هذا الأخ؟ وما هو التوسل المباح؟ وما هو التوسل غير المباح؟.

الجواب :

الحمد لله

التوسل لغة : هو التقرب ، ومنه قوله تعالى : ( يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) أي : ما يقربهم إليه ، وينقسم إلى قسمين توسل مشروع وتوسل ممنوع :

فالتوسل المشروع :

هو التقرب إلى الله تعالى بما يحبه ويرضاه من العبادات الواجبة أو المستحبة سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً أو اعتقادات وهذا أنواع :

الأول : التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته ، قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) فيقدّم العبد بين يدي دعاء الله تعالى الاسم المناسب لمطلوبه كتقدم اسم الرحمن حال طلب الرحمة ، والغفور حال طلب المغفرة ، ونحو ذلك .

الثاني : التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والتوحيد ، قال تعالى : ( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) .

الثالث : التوسل بالأعمال الصالحة بأن يسأل العبد ربه بأزكى أعماله عنده وأرجاها لديه كالصلاة والصيام وقراءة القرآن ، والعفّة عن المحرّم ونحو ذلك ، ومن ذلك الحديث المتفق عليه في الصحيحين في قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار ، وانطبقت عليهم الصخرة ، فسألوا الله بأرجى أعمالهم ، ومن ذلك أن يتوسّل العبد بفقره إلى الله كما قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام : ( أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) أو بظلم العبد نفسه ، وحاجته إلى الله كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه السلام : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .

وهذا التوسل المشروع يختلف حكمه من نوع إلى آخر ، فمنه ما هو واجب كالتوسل بالأسماء والصفات والتوحيد ، ومنه ما هو مستحب كالتوسل بسائر الأعمال الصالحة .

أما التوسل البدعي الممنوع :

فهو التقرب إلى الله تعالى بما لا يحبه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات ، ومن ذلك : التوسل إلى الله بدعاء الموتى أو الغائبين والاستغاثة بهم ونحو ذلك ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة مناف للتوحيد ، فدعاء الله تعالى سواء كان دعاء مسألة كطلب النفع أو دفع الضر ، أو دعاء عبادة كالذل والانكسار بين يديه سبحانه لا يجوز أن يُتوجه به لغير الله ، وصرفه لغيره شرك في الدعاء

قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ، فبيّن الله تعالى في هذه الآية جزاء من يستكبر عن دعاء الله إما بأن يدعوا غيره أو بأن يترك دعائه جملة وتفصيلاً ، كبْراً وعُجْباً وإن لم يدع غيره ، وقال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ( فأمر الله العباد بدعائه دون غيره ، والله يقول عن أهل النار : ( تالله إن كنا في ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) فكل ما اقتضى تسوية غير الله بالله في العبادة والطاعة فهو شرك به سبحانه

وقال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) . وقال سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) فجعل الله تعالى من دعا غيره معه متخذاً إلها من دونه

وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فبين الله تعالى في هذه الآية أنه هو المستحق للدعاء لأنه المالك المتصرف لا غيره ، وأن تلك المعبودات لا تسمع الدعاء ، فضلاً عن إجابتها للداعي ، ولو قُدِّر أنها سمعت لما استجابت ، لأنها لا تملك نفعا ولا ضرا ، ولا تقدر على شيء من ذلك .

وإنما كفر مشركوا العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم لدعوتهم بسبب هذا الشرك في الدعاء إذ كانوا يدعون الله تعالى مخلصين له الدين في حال الشدة ، ثم يكفرون به في الرخاء والنعمة بدعوة غيره معه سبحانه قال تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) وقال : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم ) ، وقال جل وعلا : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتهم ريح عاصف وجاءهم الموت من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين ) .

وشرك بعض الناس اليوم قد زاد على شرك السابقين ، وذلك لأنهم يصرفون أنواعاً من العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة حتى في وقت الشدة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، نسأل الله السلامة والعافية .

والخلاصة في الردّ على ما ذكره صاحبك : أنّ سؤال الميت شرك ، وسؤال الحيّ ما لايقدر عليه إلا الله شرك أيضا والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

...................

حكم التوسل بحق
لا إله إلا الله محمد رسول الله

السؤال :

هل يباح رفع أكف الضراعة إلي الله بقول " أسألك يا الله بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله " ، أو قول " أتوسل إليك ربنا بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله محمد رسول الله " أم أنها أدعية غير مقبولة ؟ ، وكذلك هل يصح قول " أتوسل إليك ربنا " ؟

الجواب :

الحمد لله

قول الداعي : " أسألك يا الله بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله " ، أو " أتوسل إليك ربنا بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله محمد رسول الله " :

إن كان مراده أن يتوسل إلى الله بمضمون هذه الكلمة المباركة : أن الله جل جلاله واحد أحد ، لا شريك له ؛ فهذا توسل صحيح ، لأن الوحدانية صفة لله جل جلاله ، ثابتة له بإجماع المسلمين .

وإن كان مراده التوسل إلى الله بحق هذه الكلمة ، الذي أوجبه سبحانه على نفسه : ( ألا يعذب من لا يشرك به شيئا ) ؛ فهذا أيضا توسل مشروع إلى الله تعالى بفعله الذي يحبه ، وأوجبه على نفسه .

وإن كان مراده التوسل إلى الله بإقراره له بهذه الكلمة ، وشهادته له بالوحدانية ؛ فهذا عمل صالح ، بل هو من أفضل الأعمال الصالحة ، وأعظم القربات إلى الله ؛ فيشرع التوسل إليه به .

وإن كان مراده التوسل إلى الله بثواب هذه الكلمة عند الله ، وثقلها في ميزان صاحبها ، كما هو الظاهر من العبارة المذكورة : فثوابه العمل ، وأجره ، وثقله : خلق من خلق الله ، لا يجوز التوسل إلى الله به .

ولأجل احتمال هذه العبارة لمعاني صحيحة ، ومعاني غير مشروعة ، وربما احتمل الكلام غير ذلك في مراد من يطلقها ، ولم نقف عليه ، أو لم ننتبه له : فالذي نراه أن في المشروع من الأدعية وصيغ التوسل والتقرب إلى الله ما يغني عن ذلك ، وأبعد عن اللبس والخطأ فيه .

والله أعلم .

...................

السؤال

ما هي شروط الدعاء لكي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله ؟.

الجواب

الحمد لله

شروط الدعاء كثيرة ، منها :

1. " ألا يدعوَ إلا الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : " إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " . رواه الترمذي (2516) . وصححه الألباني في صحيح الجامع .

وهذا هو معنى قوله تعالى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) الجـن/18 ، وهذا الشرط أعظم شروط الدعاء وبدونه لا يقبل دعاء ولا يرفع عمل ، ومن الناس - من يدعو الأموات ويجعلونهم وسائط بينهم وبين الله ، زاعمين أن هؤلاء الصالحين يقربونهم إلى الله ويتوسطون لهم عنده سبحانه وأنهم مذنبون لا جاه لهم عند الله فلذلك يجعلون تلك الوسائط فيدعونها من دون الله , والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/186

2. أن يتوسل إلى الله بأحد أنواع التوسل المشروع .

3. تجنب الاستعجال، فإنه من آفات الدعاء التي تمنع قبول الدعاء وفي الحديث: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي". رواه البخاري (6340) ومسلم (2735)

وفي صحيح مسلم (2736) : " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يتعجل . قيل يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال : يقول : قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء "

4. أن لا يكون الدعاء فيه إثم ولا قطيعة كما في الحديث السابق : "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم "

5. حسن الظن بالله قال صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي " رواه البخاري (7405) ومسلم (4675) وفي حديث أبي هريرة : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " رواه الترمذي , وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).

فمن ظن بربه خيراً أفاض الله عليه جزيل خيراته , وأسبل عليه جميل تفضلاته , ونثر عليه محاسن كراماته وسو ابغ أعطياته .

6. حضور القلب فيكون الداعي حاضر القلب مستشعراً عظمة من يدعوه ، قال صلى الله عليه وسلم : " واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب لاهٍ " رواه الترمذي (3479) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).

7. إطابة المأكل ، قال سبحانه وتعالى : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) ، وقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلم الاستجابة لمن أكل وشرب ولبس الحرام ففي الحديث : "ذكر صلى الله علبيه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذيَ بالحرام فأني يستجاب لذلك " رواه مسلم (1015)

قال ابن القيم:

"وكذلك أكل الحرام يبطل قوته – يعني الدعاء – ويضعفها".

8. تجنب الاعتداء في الدعاء فإنه سبحانه وتعالى لا يحب الاعتداء في الدعاء قال سبحانه :" ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55

9. ألا ينشغل بالدعاء عن أمر واجب مثل فريضة حاضرة أو يترك القيام بحق والد بحجة الدعاء. ولعل في قصة جريج العابد ما يشير إلى ذلك لما ترك إجابة نداء أمه وأقبل على صلاته فدعت عليه فابتلاه الله .

قال النووي رحمه الله : " قال العلماء : هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب وإجابة الأم وبرها واجب وعقوقها حرام ..."

صحيح مسلم بشرح النووي (16/82).

للاستزادة ينظر كتاب الدعاء لمحمد بن إبراهيم الحمد .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:17
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


هل يجوز مناداة من اسمه " عبد الرحمن " بــ " يا رحمن " ؟

السؤال:

ما هو حكم مناداة " عبد الرحمن " بـ " رحمن " هكذا مجرداً من أل التعريف ، هل هذا جائز ؟

فقد قرأت أن مناداة الشخص باسم من أسماء الله ، كالرحمن والرحيم ، كفر ، فأرجو التوضيح .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

أسماء الله تعالى – من حيث اختصاصها به سبحانه – قسمان :

القسم الأول : أسماء مختصة به ، لا تطلق إلا عليه ، كاسم " الله " ، و " الرب " ، و " الرحمن " ، و " الأحد " ، و " الصمد " ، ونحوها ، فهذه لا يجوز أن يتسمى بها البشر باتفاق أهل العلم .

وقد جاءت السنة بالنهي والزجر عن التسمي بالأسماء المختصة بالله عز وجل :

فقد روى البخاري (6205) ، ومسلم (2143) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ).

قال أبو عبيد رحمه الله :

" كَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يُفَسر قَوْله : " ملك الْأَمْلَاك " قَالَ : هُوَ مثل قَوْلهم : شاهان شاه أَي أَنه ملك الْمُلُوك . وَقَالَ غير سُفْيَان : بل هُوَ أَن يتسمى الرجل بأسماء اللَّه ، كَقَوْلِه : الرَّحْمَن والجبار والعزيز ، قَالَ : فَالله هُوَ ملك الْأَمْلَاك ، لَا يجوز أَن يتسمى بِهَذَا الِاسْم غَيره . وكلا الْقَوْلَيْنِ لَهُ وَجه " انتهى من " غريب الحديث " (2/18) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" فَهَذَا مَقْتُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ عَلَى مَنْ تَشَبَّهَ بِهِ فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي إِلَّا لَهُ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ وَحْدَهُ ، وَهُوَ حَاكِمُ الْحُكَّامِ وَحْدَهُ ، فَهُوَ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَى الْحُكَّامِ كُلِّهِمْ ، وَيَقْضِي عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ ، لَا غَيْرُهُ "

انتهى من " الجواب الكافي " (ص/138) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِهَذَا الِاسْمِ ؛ لِوُرُودِ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلُ : خَالِقِ الْخَلْقِ ، وَأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ، وَسُلْطَانِ السَّلَاطِينِ ، وَأَمِيرِ الْأُمَرَاءِ ، وَقِيلَ : يَلْتَحِقُ بِهِ أَيْضًا مَنْ تَسَمَّى بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ بِهِ : كَالرَّحْمَنِ ، وَالْقُدُّوسِ ، وَالْجَبَّارِ "

انتهى من " فتح الباري " (10/590) .

وبناء على ذلك ، فلا يقال لمن اسمه " عبد الصمد " يا صمد ، ولا يقال لمن اسمه " عبد الأحد " يا أحد ، ولا يقال لمن اسمه " عبد الرحمن " يا رحمن .

القسم الثاني : أسماء لا تختص به سبحانه ، ويجوز إطلاقها على البشر ، مثل : سميع ، بصير ، علي ، حكيم ، رشيد .

وبناء على ذلك : فمن كان اسمه " عبد الكريم " أو " عبد العزيز " أو " عبد الحكيم " فنودي بــ " كريم " أو " عزيز " أو " حكيم " ، فلا حرج في ذلك ، إذا قُصد الشخص ، ولم يُقصد اسم الله أو صفته ؛ لأن هذه الأسماء من الأسماء المشتركة ، التي يجوز أن يتسمى بها العباد ، وليست من الأسماء المختصة به سبحانه .

ومثلها أيضا : عبد الرحيم ، فيجوز أن ينادى من اسمه كذلك ، بـ " رحيم " ، إذا قصد تسمية الشخص نفسه باسم : رحيم ، أو ملاحظة وصفه بذلك ، فإن " رحيم " من الأسماء المشتركة التي تطلق على الخالق سبحانه ، على وجه الكمال والجلال اللائق به ، وتطلق أيضا على الخلق ، على الوجه اللائق بهم .

وليس من شك في أن الأولى ترك ذلك كله ؛ لما فيه من الإيهام ، وإن كان لا بد من تدليل ، أو اختصار ، فليقع في الشطر الأول من الاسم : " عبد " ، فيمكن اختصاره إلى " عبد " دون إضافة ، أو تدليله : عُبَيْد ، عبود ، ونحو ذلك مما يعتاده الناس

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:21
هل تسمية الناس بأسماء الله يعد شركا ؟

السؤال

بعض الناس يقولون إن مناداة الآخرين باسم الله هو شرك ، وهذا من الصعب اعتقاده ، كون كل واحد يقول الإمام " مالك " ، ومثل أنس بن " مالك " ، وحتى الله سمى خازن النار " مالك "، وأيضا الوهابيون اتبعوا " وهاب " ، وهو اسم من أسماء الله . إذًا أليس هؤلاء الذين يقولون إن استخدام أسماء الله شرك هم أنفسهم مشركون ؟

أخبروني من فضلكم ما ينبغي علي فعله ؛ لأنه من الصعب أن أضيف " عبد ال " مع كل اسم عندما أنادي أي شخص .

الجواب

الحمد لله

أسماء الله تعالى – من حيث اختصاصها به سبحانه – قسمان :

1- أسماء مختصة به عز وجل ، لا تطلق إلا عليه ، ولا تنصرف إلا إليه ، كاسم " الله " ، و "الرب" ، و " الرحمن " ، و " الأحد " ، و " الصمد " ، و " المتكبر " ، ونحوها . فهذه لا يجوز أن يتسمى بها البشر باتفاق أهل العلم .

2- أسماء لا تختص به سبحانه ، ويجوز إطلاقها على البشر ، وكذلك يجوز التسمي بها ، مثل : سميع ، بصير ، علي ، حكيم ، رشيد ، وقد كان من مشاهير الصحابة من يتسمى بهذه الأسماء ، مثل علي بن أبي طالب ، وحكيم بن حزام رضي الله عنهم .

فالممنوع فقط هي الأسماء المختصة بالرب عز وجل ، مثل : الله ، الرحمن .

جاء في حاشية كتاب "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (4/243) من كتب الشافعية :

" جواز التسمية بأسماء الله تعالى التي لا تختص به ، أما المختص به فيحرم ، وبذلك صرح النووي في شرح مسلم " انتهى . وقرر بعض فقهاء الحنفية ذلك بقولهم : " التسمية باسم الله يوجد في كتاب الله تعالى : كالعلي والكبير والرشيد والبديع جائز ؛ لأنه من الأسماء المشتركة ، ويراد به في حق العباد غير ما يراد به في حق الله تعالى " انتهى .
وانظر: "بريقة محمودية" (3/234) نقلا عن التتارخانية .

وهو المفهوم من كلام ابن القيم رحمه الله حيث يقول :

" ومما يُمنع تسمية الإنسان به : أسماء الرب تبارك وتعالى ، فلا يجوز التسمية بالأحد ، والصمد ، ولا بالخالق ، ولا بالرازق ، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى ، ولا تجوز تسمية الملوك بالقاهر ، والظاهر ، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار ، والمتكبر ، والأول ، والآخر ، والباطن ، وعلام الغيوب " انتهى.

"تحفة المودود" (ص/125)

وبناء عليه ، فلا حرج من التسمي باسم " مالك " ونحوه ، ولا يجب إضافة التعبيد إليه كما يظن الأخ السائل .

وكذلك لا حرج على من ينادي الشخص المسمى بـ " عبد الحكيم "، بـ " حكيم "، فهو من الأسماء التي يجوز أن يتسمى بها الناس ، ولا تختص بالله سبحانه ، وإن كان الأولى نداؤه بما يحب من اسمه الذي سماه به والده .

ولا نعلم أحدا من أهل العلم يتَّهِم من يتسمَّى بهذه الأسماء بالشرك والكفر ، والنصيحة للأخ السائل ألا يتسرَّعَ في اتهام المسلمين من غير تثبت ، وإلا وقع فيما يذمه وينتقده .

كما ننصح جميع إخواننا المسلمين ألا يعترضوا على الأحكام الشرعية قبل التَبَيُّن والتثبت .

وأما تسمية طائفة باسم " وهابيون " فلا نعلم أحدا يتسمى به ، وإنما أطلق هذا الاسم : بعض أعداء دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، وبعض الجهات الرسمية في فترة من الفترات لتحقيق مصالحها التي تعارضت مع انتشار دعوة التوحيد على يديه ، ثم تتابع كثير من الناس – عمدا أو خطأ – على هذه التسمية الخطأ .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:25
حكم تسمية الطفل باسم " محمد هادي "

السؤال:

هل يجوز لنا تسمية طفل بـ " محمد هادي " ؛ لأني قد سمعت أن " هادي " هو أحد أسماء الله ، وأنه يجب تسمية الطفل عبد الهادي ، وأنا أود أن أعرف حكم ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

" الهادي " اسم من أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن الكريم ، وذلك في قول الله عز وجل : (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان/31.

يقول الدكتور محمد خليفة التميمي :

" الهادي : دليله : قوله تعالى : ( وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) الفرقان/31، ورد مقيَّدًا ، لم يرد بصورة الاسم . أما مَن ذَكَرَه : ورد في طريق الوليد بن مسلم ، وطريق عبد الملك بن محمَّد الصَّنعانيِّ ، وطريق عبد العزيز بن الحصين الترجمان . وفي جمع : جعفر الصَّادق ، وسفيان بن عيينة ، والخطابي ، وابن منده ، والحليمي ، والبيهقي ، وابن العربي ، والقرطبي ، وابن الوزير ، وابن حجر ، والسعدي ، والقحطاني ، والحمود ، والشرباصي "

انتهى بتصرف يسير من " معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى " (ص/186)

ثانيا :

مع ما ذكرناه من أن اسم " الهادي " هو من أسماء الله الحسنى ؛ فلا يعني ذلك منع التسمي به للبشر ؛ فإن هذا الاسم ليس من الأسماء المختصة بالله تعالى التي لا ينبغي أن تطلق إلا عليه جل وعلا ، كلفظ الجلالة مثلا " الله "، أو " الرحمن ".
وقد سبق في موقعنا تقسيم أسماء الله الحسنى إلى قسمين :

قسم يختص به سبحانه لا يجوز للعباد التسمي بها .

وقسم يمكن للعباد التسمي بها .

ولكن الأفضل إذا سمي العبد بشيء من هذه الأسماء ألا تحلى بـ " أل "، فيقال : هادي ، وليس " الهادي "

ثالثا :

وبناء على ما سبق لا نرى مانعا من تسمية الابن باسم " محمد هادي "، إذ لم نجد فيه أي محذور أو خطأ يمكن اجتنابه ، وإن كان بعض أهل العلم يكره مثل هذا النوع من الأسماء المركبة ، لكن مأخذه في الكراهة يختلف عما هنا ، مع عدم ظهور دليل واضح على كراهة ذلك .

ينظر : " معجم المناهي اللفظية " (ص/564) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:28
مناداة الصبي بدحوم ومجودي وعزوز هل هو من تصغير اسم الله ؟

السؤال:

اسم ولدي عبد المجيد ، وأكنيه مجودي ؛ فهل هذا يعتبر استهزاء بأسماء الله الحسنى ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في أن تنادي ابنك عبد المجيد بمجودي ، وقد كان شائعا في المتقدمين مثل هذا النحت ، كقولهم : دحيم ، وهو منحوت من عبد الرحمن .

روى البخاري من حديث أَنَسٍ قَالَ : " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ ", وَقَالَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَ " .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة ( وَقَالَ دُحَيْم (هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِيّ ، وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ الْحَسَن بْن سُفْيَان عَنْهُ "

انتهى من فتح الباري" (7/ 258).

فالنحت أو التصغير هنا واقع على المنادَى ، وليس على اسم الله تعالى .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

" كثيراً ما نسمع من عامي ومتعلم تصغير الأسماء المعبدة أو قلبها إلى أسماء تنافي الاسم الأول ، فهل فيه من بأس؟ وذلك نحو عبد الله تجعل (عبيد) و (عبود) و (العبدي) بكسر العين وسكون الباء، وفي عبد الرحمن (دحيم) بالتخفيف والتشديد، وفي عبد العزيز (عزيز) و (عزوز) و (العزي) وما أشبه ذلك، أما في محمد (محيميد) وحمداً، والحمدي وما أشبهه؟

فأجاب: لا بأس بالتصغير في الأسماء المعبدة وغيرها، ولا أعلم أن أحداً من أهل العلم منعه، وهو كثير في الأحاديث والآثار كأنيس وحميد وعبيد وأشباه ذلك، لكن إذا فعل ذلك مع من يكرهه فالأظهر تحريم ذلك ؛ لأنه حينئذ من جنس التنابز بالألقاب الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم إلا أن يكون لا يعرف إلا بذلك, فلا بأس كما صرح به أئمة الحديث في رجال كالأعمش والأعرج ونحوهما "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (18/ 54).

وسئل الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :

" هل يجوز اختصار الأسماء مثل: عبد الرحمن وعبد الله ؟

فأجاب : هذا مثل شيوخ أبي داود عبد الرحمن بن إبراهيم يقال له: دحيم ، وهذا كما هو معلوم تصغير للشخص، وهو منحوت من الاسم، مثل: عبدان وعباد مأخوذة من عبد الله، ودحيم مأخوذة من عبد الرحمن، وهكذا "

انتهى من "شرح سنن أبي داود".

وسئل الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :

" ما حكم لو قال لشخص اسمه عبد العزيز أو عبد الكريم ونحوه فقال له كريم أو عزيز أو عبد الحكيم فقال له حكيم؟

فأجاب : يجوز إذا قصد الشخص ولم يقصد اسم الله ، ولأن اسم عزيز وحكيم يجوز التسمية بها ابتداءً إذا لم يلاحظ الصفة ، إنما هي للعلمية.

مسألة: ما حكم لو صغّر ذلك فقال لمن اسمه عبد العزيز ، قال له : عزيز ، أو عبد الرحيم رحيم ، أو حكيم قاله لعبد الحكيم بالتصغير؟

الجواب : كالمسألة السابقة : يجوز ؛ فإذا جاز اسم حكيم وعزيز له مكبرًا ، فيجوز التصغير من باب أولى ، بشرط أن لا يقصد اسم الله والعياذ بالله "

انتهى من "المعتصر شرح كتاب التوحيد".

وأما التصغير الممنوع ، فهو كأن يقال : عبد العُزيز ، أو هو العُزيز ، وهذا حرام ؛ لأنه لا يجوز تصغير اسم الله إجماعا ، كما حكاه الجويني ونقله ابن حجر في الفتح (13/ 366).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:30
محمد بن عبد الوهاب مُصْلِحٌ مفترى عليه

السؤال

شيخ الإسلام محمد عبد الوهاب لماذا هو محارب وكثير ما يقال فيه ويسمون من يتبعه بالوهابي ؟.

الجواب

الحمد لله

لتعلم أخي أن من سنن الله تعالى في عباده المصطفين أن يبتليهم على قدر إيمانهم ليبين الصادق من الكاذب ، كما قال سبحانه : ( ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت / 1 – 3 ، وأشدّ أولئك العباد بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، كما صحّ ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

ولو تأمّل الإنسان سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجد أنه – بأبي هو وأمي – قد أصابه من البلاء الشيءُ العظيم ، حتى نُعت بأنه كذاب وساحر ومجنون ، ووُضع سلا جزور على ظهره ، وطرد من مكة ، وأدميت قدماه الشريفتان في الطائف ، حاله حال الأنبياء الذين كُذِّبوا من قبله صلوات ربي وسلامه عليهم .

والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد أصيب بما أصيب به العلماء والدعاة المخلصون ، لكن كانت العاقبة في النهاية للحق الذي كان يحمله ، وأنّى للحق أن يخبو نوره أو يعفو أثره ، ولك أن تتصوّر أن يوفّق الله هذا الرجل بغرس التوحيد في أنحاء الجزيرة العربية وأطرافها ، ويقضي على جلّ صور الشرك وأشكاله ، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على إخلاصه وتفانيه في دعوته فيما نحسب ، مع ما اقترن ذلك من سداد الله له وتوفيقه إياه .

وأما أعداء الدعوة فلم يألوا جهداً في إلصاق التهم الباطلة به ، فزعموا – وهم كاذبون – بأن الشيخ يدّعي النبوة ، وأنه ينتقص من قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه يكفّر الأمة جزافاً .. إلى غير ذلك من الافتراءات التي أُلصقت به ، ومن ينظر إلى تلك الدعاوى يعلم يقيناً أنها محض كذب وافتراء ، وكتب الشيخ المبثوثة أكبر شاهد على ذلك ، وأتباعه من الذين استجابوا لدعوته لم يذكروا ذلك أيضاً ، ولو كان الأمر كما ادّعى المدّعون لأبان ذلك أتباعُه ، وإلاّ كانوا له عاقّين غير بارّين ، ولو أردت الاستفصال في هذا الأمر واستجلاء ما خفي عليك من حقائق فعليك بالرجوع إلى كتاب " دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف . فإنك ستجد فيه ما يشفي تساؤلاتك بإذن الله .

أما نعت أتباعه ( بالوهابية ) فما هو إلاّ مسلسل من مسلسلات افتراءات أعداء الدعوة فيه أيضاً ، ليحولوا الناس عن دعوة الحق ، وليبنوا بين دعوته وبين الناس جداراً وحاجزاً يحول دون بلوغ الدعوة ، ولو تأمّلت قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه لوجدت أحداثها تقارب ما حصل لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب .

فقد أورد ابن هشام في السيرة (1/394) أن الطفيل خرج قاصداً مكة ، فتلقفته قريش على أبوابها وحذرته من السماع من محمد صلى الله عليه وسلم ، وأوحوا إليه بأنه ساحر وأنه يفرّق بين المرء وزوجه ... ، فلم يزالوا به حتى عمد إلى قطن فوضعه في أذنيه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حدّث نفسه بأن ينزع القطن ، ويسمع منه ، فإن كان ما يقوله حقاً قبل منه ، وإن كان ما يقوله باطلاً وقبيحاً ردّ ، فلما استمع إليه ما كان منه إلاّ أن أسلم في مكانه .

نعم أسلم بعد أن وضع القطن في أذنيه ، وهكذا ينهج المناوئون لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نهج قريش في الافتراء ، ذلك لأن قريشاً تدرك تمام الإدراك أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تلامس شغاف القلوب والأفئدة ، وتهتدي إليها الفطرة ، فعمدوا إلى تهويل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحولوا دون بلوغ الناس الحق ، وهكذا نرى الذين يتكلمون على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه يعيدون نفس الفصول والمؤامرات التي حيكت حيال الدعوة الأولى .

وعليك أخي الكريم – إن كنت تنشد الحق – أن لا تترك لتلك الدعاوى مجالاً لسمعك وقلبك واقصد الحق في المسألة بالنظر إلى كتب الشيخ محمد ، فكتبه أعظم دليل على كذب القوم والحمد لله .

وثمت أمرٌ آخر لطيف وهو أن اسم الشيخ هو ( محمد ) والنسبة إليه محمدي ، أما ( وهّابي ) فهو نسبة إلى الوهّاب ، والوهاب هو الله تعالى كما قال : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) آل عمران /8 .

والوهاب كما قال الزجاج في اشتقاق أسماء الله ص : 126 : " الكثير الهبة والعطية ، وفعّال في كلام العرب للمبالغة، فالله عز وجل وهّاب يهب لعباده واحداً بعد واحد ويعطيهم " .

ولاشك أن سبيل الوهّاب هو السبيل الحق الذي لا اعوجاج فيه ولا افتراء ، وحزبه غالب ومفلح ( ومن يتولّ الله ورسوله فإن حزب الله هم الغالبون ) المائدة /56 ، ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) المجادلة/22 .

وقديماً اتهموا الشافعي بالرفض فردّ عليهم قائلاً :

إن كان رفضاً حبّ آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي

ونحن نردّ على من يتّهمنا بالوهابية بقول الشيخ ملا عمران الذي كان شيعياً فهداه الله إلى السنة ، قال رحمه الله :

إن كان تابع أحمد متوهّباً *** فأنا المقرّ بأنني وهّابي

أنفي الشريك عن الإله فليس لي *** ربٌ سوى المتفرّد الوهّاب

نفر الذين دعاهم خير الورى *** إذ لقّبوه بساحرٍ كذّاب

( انظر : منهاج الفرقة الناجية للشيخ محمد جميل زينو ص : 142 – 143 )

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:32
حكم التسمية بأسماء الله

السؤال :

ما حكم التسمية بأسماء الله مثل : كريم وعزيز ونحوهما ؟

الجواب :

الحمد لله

"التسمي بأسماء الله عز وجل يكون على وجهين :

الوجه الأول : وهو على قسمين :

القسم الأول : أن يُحلَّى بـ "ال" ففي هذه الحالة لا يُسمَّى به غير الله عز وجل ، كما لو سميت أحداً بالعزيز والسيد والحكيم وما أشبه ذلك ، فإن هذا لا يسمى به غير الله ، لأن "ال" هذه تدل على لمح الأصل ، وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم .

القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ "ال" فإنه لا يسمى به ، ولهذا غَيَّر النبي صلى الله عليه وسلم كُنْيَةَ أبي الحَكَم التي تَكَنَّى بها ، لأن أصحابه يتحاكمون إليه ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (إنّ اللهَ الحَكَمُ ، وإليه الحُكْم) ثم كناه بأكبر أولاده شُريح . فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع ، لأن التسمية تكون مطابقة تماما لأسماء الله سبحانه وتعالى ، فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف ، لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم .

الوجه الثاني : أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ "ال" وليس المقصود معنى الصفة ، فهذا لا بأس به مثل : "حكيم" ، ومن أسماء بعض الصحابة : "حَكِيم بن حِزَام" الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام : (لا تَبعْ ما لَيْسَ عِنْدَكَ) وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به .

لكن في مثل "جبار" لا ينبغي أن يتسمى به وإن كان لم يلاحظ الصفة ، وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المُسمَّى فيكون معه جبروت وعلو واستكبار على الخلق . فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صحابها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

"فتاوى العقيدة" (صـ 37) .

*عبدالرحمن*
2018-06-07, 22:35
آداب تسمية الأبناء

السؤال :

أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .

الجواب :

الحمد لله

لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .

والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :

- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .

- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .

- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .

- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .

وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .

- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .

- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .

- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .

- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .

- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .

- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .

- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .

- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .

وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .

ومراتب الأسماء أربعة :

المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 .

المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .

المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .

المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .

المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .

ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :

1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .

2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .

3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .

4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

aboel3z
2018-06-09, 21:18
فلا يجوز أن يقول المسلم لبعض المسلمين: يا كفرة ـ فالتكفير حكم شرعي لا يجوز إطلاقه على من لم يكن منطبقا عليه شرعا، وقد ورد الوعيد الشديد في نداء المسلم بيا كافر ـ وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 215911، وتوابعها.

وكذلك السب بلفظ ابن العاهرة لا يجوز وهو منكر من القول، والعهر مفسر بالزنا عند أهل اللغة والفقه، قال ابن دريد في جمهرة اللغة: 2ـ 776ـ والعَهْر: الزِّنَا، وَهُوَ العِهار أَيْضا، وَرجل عاهر وَامْرَأَة عاهرة.

وقال الخطابي في غريب الحديث ـ1ـ 448ـ والعَهرُ الزِّنَا، والعاهرُ الزاني، ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَلَدُ للفِراش وَللْعاهر الحَجَرُ.

وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر ـ 3ـ 326ـ العاهر: الزاني، وقد عهر يعهر عهرا وعهورا إذا أتى المرأة ليلا للفجور بها، ثم غلب على الزنا مطلقا.

وعليه؛ فهذا القول هو بمثابة من قال يا ابن الزانية، وذلك قذف، قال ابن قدامة: وإذا قال الرجل: يا ولد الزنا، أو يا ابن الزانية، فهو قاذف لأمه، فإن كانت حية، فهو قاذف لها دونه، لأن الحق لها، ويعتبر فيها شروط الإحصان، لأنها المقذوفة وإن كانت أمه ميتة، فالقذف له، لأنه قدح في نسبه.

وكون الناس تستعمله بغرض الإهانة دون القذف، لا يغير حكمه، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة الفتوى رقم: 302ـ
س: تشاجر مع زوجته، وصار يشتمها بألفاظ بذيئة، ومن جملة هذه الألفاظ قوله لها: يا زانية، ويذكر أن هذه اللفظة خرجت منه بدون قصد لمعناها، ويسأل عما يترتب عليه حيال هذه الكلمة؟ ج: هذه الكلمة من الألفاظ الصريحة في القذف، والقول بعدم قصد معناها ليس مبررا في سقوط أثرها، وحيث إن هذه الكلمة كانت من زوج لزوجته، فإن عفت فلا أثر لهذه الكلمة في استمرار الحياة الزوجية، وإن لم تعف فالمسألة من مسائل الخصومة، ومرجع مسائل الخصومة إلى المحكمة ـ وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

وننبهك هنا إلى أنه فرق بين السب بهذه الألفاظ البذيئة بقصد الإهانة، وبين تغير العرف في استعمال الكلمة، فكلمة: نذل ـ مثلا- أصل معناها زوج الزانية، وانتقل ذلك إلى أن صارت تطلق عرفا على البخيل والجبان، فاستعمالها بهذا الاعتبار ليس قذفاً بخلاف مسألتنا، جاء في الفواكه الدواني، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف، ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل، بطل الحد، كما لو قال له يا ندل، فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة، فلا حد به.

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 22:09
فلا

وننبهك هنا إلى أنه فرق بين السب بهذه الألفاظ البذيئة بقصد الإهانة، وبين تغير العرف في استعمال الكلمة، فكلمة: نذل ـ مثلا- أصل معناها زوج الزانية، وانتقل ذلك إلى أن صارت تطلق عرفا على البخيل والجبان، فاستعمالها بهذا الاعتبار ليس قذفاً بخلاف مسألتنا، جاء في الفواكه الدواني، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف، ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل، بطل الحد، كما لو قال له يا ندل، فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة، فلا حد به.

من القواعد الفقهية الكبرى التي اتفق العلماء عليها ، وتدخل في عامة أبواب الفقه ، ويتفرع عليها ما لا يحصى من المسائل ، قاعدة : "العادة محكمة" .

والعادة التي يشرع اتباعها ، أو تحكيمها ، هي ما توافر فيها شرطان :

الأول: ألا تخالف نصا شرعيا ثابتا .

الثاني: أن تكون العادة مطردة ، أما إذا اضطربت ، أو تفاوتت واختلفت : فلا تكون حجة واجبة الاتباع .

جاء في شرح التلويح على التوضيح (1 / 169): " واستعمال الناس : حجة ، يجب العمل بها "انتهى .

وجاء في القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي(1 / 323): " إنما تعتبر العادة إذا اطردت، فإذا اضطربت فلا" انتهى.

وقال الدكتور عبد الوهاب خلاف : " العُرف : هو ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة.

وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة .

والعرف نوعان: عرف صحيح، وعرف فاسد.

فالعرف الصحيح: هو ما تعارفه الناس، ولا يخالف دليلاً شرعيا ، ولا يُحِل محرماً ، ولا يبطل واجباً، كتعارف الناس على عقد الاستصناع، وتعارفهم على تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر.

وأما العرف الفاسد: فهو ما تعارفه الناس ، ولكنه يخالف الشرع ، أو يحل المحرم ، أو يبطل الواجب، مثل تعارف الناس كثيرا من المنكرات في الموالد والمآتم، وتعارفهم أكل الربا ، وعقود المقامرة.

فالعرف الصحيح يجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد مراعاته في اجتهاده ؛ وعلى القاضي مراعاته في قضائه؛ لأن ما تعارفه الناس ، وما ساروا عليه : صار من حاجاتهم، ومتفقا ومصالحهم، فما دام لا يخالف الشرع : وجبت مراعاته .

والشارع راعى الصحيح من عرف العرب في التشريع، ففرض الدية على العاقلة، وشرط الكفاءة في الزواج ، واعتبر العصبية - [العصبة هم الأقارب الذكور من جهة الأب ، كالجد والإخوة وأبنائهم ، والأعمام وأبنائهم] - في الولاية والإرث ؛ ولهذا قال العلماء: العادة شريعة محكمة .

والعرف في الشرع له اعتبار، والإمام مالك بنى كثيرا من أحكامه على عمل أهل المدينة، وأبو حنيفة وأصحابه اختلفوا في أحكامٍ ، بناءً على اختلاف أعرافهم ...

وفي فقه الحنفية أحكام كثيرة مبنية على العرف، منها إذا اختلف المتداعيان ، ولا بينة لأحدهما : فالقول لمن يشهد له العرف، وإذا لم يتفق الزوجان على المقدم والمؤخر من المهر : فالحكم هو العرف، ومن حلف لا يأكل لحما ، فأكل سمكا : لا يحنث بناء على العرف، والشرط في العقد يكون صحيحا إذا ورد به الشرع ، أو اقتضاه العقد ، أو جرى به العرف.

وقد ألَّف العلامة ابن عابدين رسالة سماها: "نشر العَرف فيما بني من الأحكام على العرف"، ومن العبارات المشهورة: " المعروف عرفا ، كالمشروط شرطا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص" وأما العرف الفاسد : فلا تجب مراعاته ؛ لأن في مراعاته معارضةَ دليلٍ شرعي ، أو إبطالَ حكمٍ شرعي، فإذا تعارف الناس عقدا من العقود الفاسدة ، كعقد ربوي، أو عقد فيه غرر وخطر : فلا يكون لهذا العرف أثر في إباحة هذا العقد "

انتهى من علم أصول الفقه (88 -90) باختصار.

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 15:41
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


ما حكم العطف بالواو في قول : ( الشكر لله ولفلان ) ؟

السؤال

معلوم أنه لا يجوز أن يقول الإنسان ( ما شاء الله وشاء فلان ) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن أحدهم قال مرة إن الله عز وجل قال : ( أن اشكر لي ولوالديك ) ، فعطف الوالدين ولم يقل ( ثم لوالديك )

, فقال : إنه يجوز أن يقول الإنسان الشكر لله ولفلان وليس شرطا أن يقول ثم لفلان . فما الجواب عن هذه الشبهة ( الشكر لله ولفلان) ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لا بأس أن يقول الإنسان " الشكر لله ولفلان " ، هكذا بحرف العطف " واو " ، ولا يشترط أن يعطف بينهما بحرف العطف " ثم " .

والآية الكريمة التي استدلَّ بها صاحبُك تدلُّ على هذا ؛ فقرنَ سبحانه وتعالى بين عبادته وطاعته والإحسان إلى الوالدَين بحرف العطف " واو " ، ولم يقُل : " ثُمَّ لوالدَيك ".

وأما استشكال جواز ذلك بما ثبتَ من النهي عن التشريك بين الله وأحدٍ من عباده بحرف العطف " واو " ، كما في المشيئة ونحوها ، كقول " ما شاء الله وشئت " ، أو " أنا بالله وبك " ، " هذا بفضل الله وبفضل فلان " ، ونحو ذلك ؛ فيُجاب عنه :

بأنَّ هذا النهيَ إنَّما هو في الأمور الكونيَّة التابعة لربوبيَّة الله عزَّ وجلَّ ، كالمشيئة والإرادة والتقدير والنصرة والرِّزق ، ونحوها ممَّا يختصُّ به الله سبحانه ، ممَّا هو من مقتضيات ربوبيَّته سبحانه في تدبير الكون ، وما كان منها من المخلوق فهي أسباب مخلوقة تابعة للربوبيَّة المطلقة ، فتعطَف بحرف " ثم " .

أمَّا الأمور التي لا يختصُّ الله تعالى بها دون خلقه ، بل يقوم بها العبد حقيقةً ، ويُنسَب إليه فعلُها ؛ فالأمر فيها سهل ، ولا يشترط فيها العطف بحرف " ثم " ، وقد جاءت النصوص الشرعيَّة بمشروعيَّة الجمع والتشريك بينها وبين فِعْل الله بحرف العطف " واو " .

كقول الله سبحانه وتعالى: ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ) التوبة/74 ، وكقوله سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ) التوبة/59 ، وقوله : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) الأحزاب/37 .

والآية المسئول عنها في السؤال دليلٌ على هذا أيضًا ؛ وهي قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) لقمان/14 . وعلى ذلك : " فيكون التشريك في أصل المعنى ، لا في المرتبة " .

ينظر : " التمهيد شرح كتاب التوحيد " للشيخ صالح آل الشيخ .

ثانيًا :

ذكرَ بعضُ أهل العلم أنَّ الجمع بين الشُّكرَين بالواو في قولِه تعالى ( اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) ، منسوخٌ بأحاديث النهي عن التشريك في المشيئة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَقُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ ، وَلَكِنْ قُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ) رواه أبو داود (4980) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود "، وغيره من أحاديث الباب ، فيكون العطف في الشكر بـ " ثم " ، فيتقدَّم الشكر لله كالمشيئة

. انظر : الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب (ص/ 379) .

قال الإمام الطحاوي رحمه الله

: " قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الْمَحْظُورِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ , ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى : ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) ، وَلَمْ يَقُلْ : " ثُمَّ لِوَالِدَيْكَ " ؟

فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ : أَنَّ هَذَا مِمَّا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، ثُمَّ نَهَى عَنْ مَا نَهَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ؛ فَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِمَا قَدْ كَانَ مُبَاحًا مِمَّا قَدْ تَلَوْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يَنْسَخُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا "

انتهى من " شرح مشكل الآثار " (1/219) .

وادِّعاء النسخ فيه نظرٌ ؛ فمثله يفتقر إلى دليل ، ثم إنَّه لا يُصار إلى ادِّعاء النَّسْخ إلا بعد تعذُّر الجمع بين الأدلَّة ، وقد أمكنَ الجمع - كما تقدَّم - ، والحمد لله .

وذهب آخرون من أهل العِلْم أنَّ ما وردَت به النصوص من التشريك بين الله وأحد من خلقه بحرف العطف " واو " ، هو خاصٌّ بكلام الله وحدَه ، ولا يُقاس عليه كلام المخلوق الذي يجب عليه التأدُّب في مقام الربوبيَّة بكلام الخالق جلَّ وعلا ، وهذا كما أنه يجوز للخالق سبحانه أن يحلف بما يشاء من خلقه ، ولا يجوز للمخلوق أن يحلف إلا بالله عز وجل .

ينظر : " الفتاوى الفقهية الكبرى " لابن حجر الهيتمي (4/ 248) ، و" تيسير العزيز الحميد " (ص/520) .


وعلى هذا ؛ فلا بأس من قول " الشكر لله وفلان " ، وإن تأدَّب القائل وعطف بينهما بحرف العطف " ثم " فهو أولَى ؛ خروجًا من الخلاف وزيادةً في الأدب مع الله تعالى

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 15:49
تفصيل حكم العطف بحرف الواو وليس بحرف ثم بين لفظ الجلالة وأحد من عباده

السؤال:

ما حكم قول : " أحب الله ورسوله "، أم يجب أن قول : " أحب الله ثم رسوله " ، وما حكم قول : " أحب الله والإسلام والقرآن والجنة "؛ لأني لما رأيت العطف استشكلت المسألة ؟

الجواب :

الحمد لله

يمكننا تقسيم الأمور التي يجمع فيها بين لفظ الجلالة وبين سائر خلقه إلى نوعين :

النوع الأول :

الأمور الكونية التابعة لربوبية الله عز وجل ، كالمشيئة والإرادة والتقدير والنصرة والرزق ونحوها من مقتضيات ربوبية الخالق سبحانه في تدبير أمور الكون ، وهي جميعها مما يختص بها عز وجل ، وما كان منها من المخلوق فإنما هي أسباب مخلوقة تابعة للربوبية المطلقة .

فهذه التي يستحب التأدب فيها بعدم نسبتها إلى الله وأحد من خلقه على وجه التشريك بحرف العطف " الواو "، بل ينبغي استعمال حرف العطف " ثم "، فتقول مثلا : ما شاء الله ثم شئت ، بفضل الله ثم بفضل فلان ، هذا بتقدير الله ثم بتقدير فلان ، وهكذا .

والدليل على ذلك ما ورد عَنْ قُتَيْلَةَ - امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ – :

( أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ ، وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ ، تَقُولُونَ : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ ، وَتَقُولُونَ : وَالْكَعْبَةِ . فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا : وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، وَيَقُولُونَ : مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ )

رواه النسائي (3773) وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما :

( أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجَعَلْتَنِي وَاللهَ عَدْلًا ؟! بَلْ : مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ )

رواه أحمد في " المسند " (3/339) طبعة مؤسسة الرسالة ، وصححه المحققون .

وفي " صحيح البخاري " (6653) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل :
( إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ، فَبَعَثَ مَلَكًا ، فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ : تَقَطَّعَتْ بِي الْحِبَالُ ، فَلاَ بَلاَغَ لِي إِلاَّ بِاللَّهِ ، ثُمَّ بِكَ )

وقد بوب عليه الإمام البخاري رحمه الله بقوله : " باب لا يقول ما شاء الله وشئت ، وهل يقول أنا بالله ثم بك ".
وعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَا تَقُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ ، وَلَكِنْ قُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ )

رواه أبو داود (4980) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "

وعن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله تعالى : ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ) - قال :

" الأنداد هو الشرك ، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن يقول : والله وحياتك يا فلانة ، وحياتي ، ويقول : لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل لصاحبه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان . لا تجعل فيها فلانا ، فان هذا كله به شرك " انتهى.

رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (1/62) قال ابن حجر : سنده قوي . " العجاب في بيان الأسباب " (ص/51) ، وقال مؤلف تيسير العزيز الحميد (ص 587) : وسنده جيد . وحسن إسناده الدكتور حكمت بشير في " الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور " (1/121)

ثانيا :

أما ما سوى ذلك من الأمور التي لا يختص الله تعالى بها دون خلقه فهي نوعان :

الأول : طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبول أمره وهديه وشرعه : فهذا لا يمتنع التشريك بين الله ونبيه فيها ؛ لأن طاعة الرسول في ذلك هي في حقيقتها طاعة لله جل جلاله ، كما قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) النساء/80 .

فلا حرج في قول المسلم : "طاعة الله ورسوله" ، أو : " أحب الله ورسوله " بحرف العطف " الواو "، ولا حاجة أن يأتي بحرف العطف : " ثم " كلما نطق بذلك ، بدليل ورود النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم بإقرار هذه العبارة ، وذلك في حديث أَنَس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا ؟

قَالَ : لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ .

قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ، فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ ) رواه البخاري (3688) ومسلم (2639)

فتأمل قول الرجل : ( أحب الله ورسوله )، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له على كلامه تصديقه له .

وننقل هنا أهم ما وقفنا عليه من تحرير العلماء لهذه المسألة :

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" قال الله عز وجل : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/29، فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه ، وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل ، فيقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله , ثم شئت .
ويقال : من يطع الله ورسوله [ يعني بحرف العطف " الواو ] على ما وصفت مِن أن الله تبارك وتعالى تعبد الخلق بأن فرض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطيع الله بطاعة رسوله "

انتهى من " الأم " (1/233) . وينظر الأسماء والصفات " للبيهقي (1/366) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ففي الطاعة قرن اسم الرسول باسمه بحرف «الواو» ، وفي المشيئة أمر أن يجعل ذلك بحرف «ثم» ، وذلك لأن طاعة الرسول طاعة لله ، فمن يطع الرسول فقد أطاع الله ، وطاعة الله طاعة للرسول . بخلاف المشيئة، فليست مشيئة أحد من العباد مشيئة لله، ولا مشيئة الله مستلزمة لمشيئة العباد، بل ما شاء الله كان وإن لم يشأ الناس، وما شاء الناس لم يكن إلا أن يشاء الله "

انتهى من "التدمرية" (206) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" في المسائل الشرعية يقال : الله ورسوله أعلم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشرع الله ، وعلمُهُ به مِن علم الله ، وما قاله صلى الله عليه وسلم في الشرع فهو كقول الله .

وليس هذا كقوله : " ما شاء الله وشئت "؛ لأن هذا في باب القدر والمشيئة ، ولا يمكن أن يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مشاركا لله في ذلك ، بل يقال : ما شاء الله ، ثم يعطف بـ ( ثم ) ، والضابط في ذلك أن الأمور الشرعية يصح فيها العطف بالواو ، وأما الكونية فلا "

انتهى من " القول المفيد على كتاب التوحيد " (2/542)

وقال أيضا رحمه الله :

" وفيه أيضا : جواز قول الإنسان : الله ورسوله أعلم ، ولا يلزمه أن يقول : الله ثم رسوله أعلم ؛ لأن علم الشريعة الذي يصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام من علم الله ، فعلم الرسول من علم الله سبحانه وتعالى ، فصح أن يقال : الله ورسوله أعلم .

فالمسائل الشرعية يجوز أن تقول : الله ورسوله ، بدون ( ثم ) ، أما المسائل الكونية ، كالمشيئة وما أشبهها ، فلا تقال : الله ورسوله ، بل : الله ثم رسوله "

انتهى باختصار من " شرح رياض الصالحين " (1/483)

الثاني :

ما يقوم به العبد حقيقة فينسب إليه فعلا ، وإن كان قد ينسب نفس الفعل إلى الله خلقا ، أو ينسب إلى الله تعالى ، على ما يليق به من أفعاله وصفاته سبحانه . فهذا قد وردت النصوص بالجمع بين الله ورسوله فيه بحرف العطف (الواو) . وذلك كقوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ) التوبة/74

وقوله عز وجل : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ) التوبة/59، وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الأنفال/64، وأيضا قوله جل وعلا : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) الأحزاب/37.

وقد قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه : ( بَاب لَا يَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ ، وَهَلْ يَقُولُ : أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ... ) :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه :

" وحكى ابن التين عن أبي جعفر الداودي قال :

ليس في الحديث الذي ذكره نهي عن القول المذكور في الترجمة ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ) التوبة/74، وقال تعالى : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) الأحزاب/37، وغير ذلك .
وتعقبه بأن الذي قاله أبو جعفر ليس بظاهر

لأن قوله : ما شاء الله وشئت ، تشريك في مشيئة الله تعالى .

وأما الآية فإنما أخبر الله تعالى أنه أغناهم ، وأن رسوله أغناهم ، وهو من الله حقيقة ؛ لأنه الذي قدَّر ذلك ، ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل ، وكذا الإنعام ، أنعم الله على زيد بالإسلام ، وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق ، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة ، فإنها منصرفة لله تعالى في الحقيقة ، وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز .

وقال المهلب : إنما أراد البخاري أن قوله : ما شاء الله ثم شئت جائز ، مستدلا بقوله : ( أنا بالله ثم بك )، وقد جاء هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما جاز بدخول ثم لأن مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه ... "

انتهى من " فتح الباري " (11/541)

وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما وردت به النصوص من التشريك بين الله ورسوله بـ "واو" العطف : خاص بكلام الله عز وجل فقط ، ولا يجوز أن نقيس كلام المخلوق الذي يجب عليه التأدب في مقام الربوبية بكلام الخالق جل وعلا ، تماما كما أنه يجوز للخالق سبحانه أن يحلف بما يشاء من خلقه ، ولا يجوز للمخلوق أن يحلف إلا بالله عز وجل .

قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

" اعترض هذا الاستدلال بأن ذلك مِن الله سبحانه وتعالى ، فلا يقاس به ما من المخلوق ، ومن ثم كره الشافعي رضي الله تبارك وتعالى عنه أن يقال : قال الرسول – يعني من غير الصلاة عليه - مع قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )

المائدة/41؛ لأن لله عز وجل أن يخاطب خلقه بما شاء ، وليس ذلك لبعضهم مع بعض ، وأقسم سبحانه وتعالى بكثير من مخلوقاته إعلاما بشرفهم ، ويكره لنا ذلك .

وذكر ابن عبد السلام في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) إن التشريك في الضمير من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ، ونهيه عنه إنما هو بالنسبة لغيره .

ويدل على عدم الاستدلال بالآية ما ورد أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت . قال : جعلتني لله عز وجل عدلا ، ما شاء الله وحده "

انتهى من " الفتاوى الفقهية الكبرى " (4/248)

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :

" وأما ما احتج به من القرآن ، فقد ذكروا عن ذلك جوابين :

أحدهما : أن ذلك لله وحده لا شريك له ، كما أنه تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته ، فكذلك هذا.

الثاني : أن قوله : ( ما شاء الله وشئت ) تشريك في مشيئة الله ، وأما الآية فإنما أخبر بها عن فعلين متغايرين ، فأخبر تعالى أنه أغناهم ، وأن رسوله أغناهم ، وهو من الله حقيقة ؛ لأنه الذي قدر ذلك ، ومن الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة باعتبار تعاطي الفعل ، وكذا الإنعام أنعم الله على زيد بالإسلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم أنعم عليه بالعتق ، وهذا بخلاف المشاركة في الفعل الواحد ، فالكلام إنما هو فيه ، والمنع إنما هو منه "

انتهى باختصار من " تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد " (519-520) .

والحاصل :

أن النهي عن العطف بين الله وخلقه بحرف "الواو" إنما هو في المشيئة ونحوها مما هو خاص بالله تعالى ، وأما ما سوى ذلك من الأمور الشرعية ، أو الأمور التي تنسب إلى العباد حقيقة : فالأمر فيها أسهل ، وقد وردت النصوص بالعطف بحرف الواو فيها ، إما لأن ما شرعه الرسول هو شرع لله منه جاء ، أو لأن ذلك الفعل ينسب إلى العبد حقيقة ، على ما يليق به .

تنبيه :

ما ورد من قول بعض أهل العلم من أن المشيئة منصرفة إلى الله تعالى بالحقيقة ، وإلى غيره بالمجاز : فيه نظر ، والصواب أن ما ينسب إلى الله تعالى من الأسماء والأوصاف والأفعال : هو بالحقيقة . وما ينسب إلى العبد من ذلك : هو أيضا بالحقيقة ، لكن ما ينسب إلى الله يليق به ، وما ينسب إلى المخلوق يناسبه ويليق به ، ومشيئة العبد وإن كانت حقيقة ، إلا أنها تابعة لمشيئة الله جل جلاله ، كما سبق في كلام المهلب الذي نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله .
قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :

فإن قلت : قد ذكر النحاة أن " ثم " تقتضي اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم كالواو ، فلم جاز ذلك بثم ، ومنع منه الواو .

قيل : النهي عن ذلك إنما هو إذا أتى بصورة التشريك جميعًا ، وهذا لا يحصل إلا بالواو ، بخلاف " ثم "، فإنها لا تقتضي الجمع ، إنما تقتضي الترتيب ، فإذا أتى بها زالت صورة التشريك والجمع في اللفظ .

وأما المعنى ، فلله تعالى ما يختص به من المشيئة ، وللمخلوق ما يختص به "

انتهى باختصار من " تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد " (519-520)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 15:55
حكم قول القائل : ( الله خلقها وكسر القالب ) .

السؤال:

هل يجوز قول ( الله خلقها وكسر القالب ) للدلالة على جمالها وحسن خلقها ... وليس المقصود عجز الله عن خلق مثلها ... إنما فقط أن جمالها رائع ؟

الجواب :

الحمد لله

هذا القول المذكور : إن قصد به قائله أن الله تعالى بعد خلقه هذا الإنسان صار عاجزا عن خلق مثله : فقد كفر .

وإن قصد به أن الله بعد خلقه لم يشأ أن يخلق مثله ، أو قصد المبالغة في وصف حسنه وجماله وتمام خلقه : فهو من التقول على الله تعالى ، وهو من كبائر الذنوب ، وقد قال الله عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/ 33 ، وقال عز وجل : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/ 36 .

ثم إن قول القائل : ( كسر القالب ) وصف باطل ، فليس هكذا خلق الله خلقه ، بل هذا من تشبيهه سبحانه بالصانع من الناس ، جل سبحان عن أن يكون له شبيه أو نظير : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/11 .

قال نُعيم بن حماد رحمه الله : " مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ , فَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ " .

والحاصل : أنه هذا إطلاق باطل ، وتكلف لا يحتاج إليه ، وذهاب في أودية الغلو والإطراء والكذب على الله .
وليس الوصف بالجمال : ضيقا على مثل هذا ، وما زال الناس والشعراء يتكلمون بمثل ذلك المعنى ، ولا يحوجهم البيان إلى مثل ذلك .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 15:59
إذا أصيب أحد بمصيبة قالوا : والله ما يستاهل

السؤال :

ما حكم قول هذه الكلمات : أ- توفي شخص فقال بعضهم : والله ما يستاهل . ب – إذا حصل أذى للإنسان قالوا : مسكين . يعني : لماذا يحصل له هذا؟

الجواب :

الحمد لله

"أولاً : قول : (والله ما يستاهل) لا يجوز استعماله ؛ لأنه اعتراض على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، إذ معناها : أن ما أصاب فلاناً من مرض أو محنة أو موت ونحو ذلك لا يستحقه ، وهذا طعن في حكمة الله سبحانه .

ثانياً : قول : (مسكين) لمن حصل له أذى ، يعني لماذا يحصل له هذا : يقال في هذا اللفظ ما قيل في اللفظ الأول .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/360) .

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 16:04
: هل يصح أن يقال " حرام على الله أن يفعل كذا " للشيء يقضي بعدم حصوله ؟

السؤال:

هل هذا المقولة صحيحة : "حرام على الله أن يفعل كذا " ؛ مثلا : أن يدخل المتكبر الجنة ؟

فهل هذا من قبيل التجرؤ على الله ؟ أم هذا يشبه قول الله في الحديث القدسي : حرم الله الظلم على نفسه ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لله أن يوجب على نفسه ما شاء ، وله سبحانه أن يحرم على نفسه ما شاء ، وليس للخلق أن يوجبوا عليه تعالى شيئا ، ولا أن يحرموا عليه شيئا سبحانه ؛ فإن هذا من قول أهل البدع .

فالله تعالى مالك الملك يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق ، وتنازعوا : هل يوجب بنفسه على نفسه ؟ على قولين ، ومن جوز ذلك احتج بقوله سبحانه : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام/ 54 ، وبقوله في الحديث الصحيح : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ) .

وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى ، والتحريم بالقياس على خلقه ، فهذا قول القدرية ، وهو قول مبتدع ، مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه ، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب ، قال: إنه كتب على نفسه ، وحرم على نفسه ، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئا، كما يكون للمخلوق على المخلوق "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 310) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الأربعين النووية" (ص 244):

" لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه ، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء ، كما أنه يوجب على نفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأنعام/12، وكتب عزّ وجل عنده : ( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) رواه البخاري (7422) ومسلم (2751) .
فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء ، وهل يجب على الله شيء؟

فالجواب : أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم : فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء ، وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا ، فالعقل لا يوجب ولا يحرم ، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل " انتهى .

ثالثاً :

الحديث المشار إليه في السؤال : رواه مسلم في صحيحه (91) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ ) .

فهذا الحديث ونحوه ، هو من أحاديث الوعيد التي لا تقتضي تحريما ولا إيجابا في حق الله عز وجل .
قال الإمام النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم : ( لا يدخل الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ) ؛ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ ؛ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ ، فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل ) ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارُهُمْ ، وَدَفْعُ الْحَقِّ ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخْرِجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ

بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دُونَ مُجَازَاةٍ ، إِنْ جَازَاهُ ؛ وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ ، لَوْ جَازَاهُ ، وَقَدْ يَتَكَرَّمُ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ ؛ إِمَّا أَوَّلًا ، وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ ماتوا مصرين عليها ، وقيل لا يدخلها مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وَهْلَةٍ " .

انتهى من شرح مسلم (2/91) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْكِبْرُ الْمُبَايِنُ لِلْإِيمَانِ : لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ الْجَنَّةَ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، وَمِنْ هَذَا كِبْرُ إبْلِيسَ وَكِبْرُ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ كَانَ كِبْرُهُ مُنَافِيًا لِلْإِيمَانِ ، وَكَذَلِكَ كِبْرُ الْيَهُودِ ...

وَالْكِبْرُ كُلُّهُ مُبَايِنٌ لِلْإِيمَانِ الْوَاجِبِ فَمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَا يَفْعَلُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ بَلْ كِبْرُهُ يُوجِبُ لَهُ جَحْدَ الْحَقِّ وَاحْتِقَارَ الْخَلْقِ ..

فَقَوْلُهُ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا ، لَكِنْ إنْ تَابَ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ مَاحِيَةٌ لِذَنْبِهِ أَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِمَصَائِبَ كَفَّرَ بِهَا خَطَايَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ زَالَ ثَمَرَةُ هَذَا الْكِبْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ؛ فَيَدْخُلُهَا أَوْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ مِنْ نَفْسِهِ ؛ فَلَا يَدْخُلُهَا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَلِهَذَا قَالَ : مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ : إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الدُّخُولُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ عَذَابٌ ؛ لَا الدُّخُولُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَفْهُومُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ.

فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِلَا عَذَابٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ لِكِبْرِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَلَكِنْ قَدْ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ } ، وَقَوْلِهِ: { لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ } وَأَمْثَالُ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ .
وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْكُفَّارِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ "
.
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/167-169) .

فإذا كان الحديث متناولا لكبر المشركين ، الذين حرم الله عليهم الجنة ، وكبر أهل المعاصي والكبائر من الموحدين ، الذين لا يخلدون في النار ، ولا تحرم عليهم الجنة على جهة التأبيد : لم يجز أن يطلق فيه مثل هذا الإطلاق الموهم ، الذي لم يرد بشأنه توقيف ، خاصة مع ترجيح بعض المحققين لأن يكون المراد بالحديث : عصاة الموحدين ، دون كبر المشركين .
والواجب على العبد أن يلزم مقام التأدب مع الله تعالى ، والإقصار من بعض القول ، ولو بدا له فيه وجه حسن ، فإن مثل هذا الكلام الذي لم يرد به توقيف : لو قدر أنه صحيح ، لم يكن قوله واجبا ، بل ولا مستحبا ؛ فكيف إذا كان يحتمل معاني باطلة موهمة ؛ فما الحاجة إلى التكلف ، والإغراب والتفيهق في مثل ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .

وفي صحيح البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ ، رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: ( نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ ) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-18, 16:06
التعليق على مقولة
" أعذرُ ربي يوم أن فعل بي كذا وكذا " !!

السؤال :

هل يجوز قول الرجل : ( بعذر الله بي يوم أنه سوى بي كذا وكذا ) ؟

الجواب :

الحمد لله

إن الإسلام عظَّم شأن الكلمة التي يتكلم بها المرء , ولذلك جاء التحذير من إلقاء الكلام على عواهنه ، قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق/ 18 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ) رواه البخاري (6113) .

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) رواه البخاري (5672) ومسلم (47) .

قال النووي رحمه الله :

إذا أراد أن يتكلم : فإن كان ما يتكلم به خيراً محقّقاً يثاب عليه ، واجباً ، أو مندوباً : فليتكلم , وإن لم يظهر له أنه خيرٌ يثاب عليه : فليمسك عن الكلام ، سواء ظهر له أنه حرام ، أو مكروه ، أو مباح مستوي الطرفين ، فعلى هذا : يكون الكلام المباح مأموراً بتركه ، مندوباً إلى الإمساك عنه ، مخافة من انجراره إلى المحرم ، أو المكروه , وهذا يقع في العادة كثيراً ، أو غالباً ، وقد قال الله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .

"شرح مسلم" (2/19) .

وهذه الجملة الوارد ذِكرها في السؤال : قبيحة اللفظ ، سيئة المعنى ، وهي تحتمل في طياتها معنى لا يليق بالله سبحانه , وكأن العبد له أن يعذر الله ، أو لا يعذره ! أو ربما لا يعذره في بعض الأمور ؛ لأن الله – في ظنه – يظلمه - والعياذ بالله- , والله تعالى يقول : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 ، وذلك لكمال حكمته وعلمه وعدله ومشيئته ، ويقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/44 .

قال ابن كثير رحمه الله في بيان حكمة الله فيما يشرع :

فهو الحاكم ، المتصرف في ملكه بما يشاء ، الذي لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون ؛ لعلمه ، وحكمته ، وعدله ، ولهذا قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/ 44 ، وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ربه عز وجل : (يَا عِبَادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمُ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُم مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا) – رواه مسلم -

"تفسير ابن كثير" (4/271) .

ومن اعتقد في ربه تعالى أن له كمال العلم ، وكمال العدل ، وكمال الحكمة : لم تصدر منه هذه الكلمة ، ولا مثيلاتها ، وليعلم كل عبدٍ أن الله تعالى لا يؤاخذه على كل ما يعمل ، وأنه لو آخذ تعالى الناس بكل ما عملوا ما ترك على ظهر الأرض أحداً ، ولذا فإنه تعالى يعفو عن كثير ، وما يؤاخذ به فهو القليل من أفعال العباد ، قال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل/61 ، وقال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً) فاطر/ 45 .

والصحيح في هذه الآيات ومثيلاتها أنها عامة في الكفار والمسلمين ، كما حققه العلاَّمة الشنقيطي في "أضواء البيان" (2/390 – 393) .

وبه يعلم المسلم أن ما أصابه من مصائب وعقوبات إنما هو بسبب ذنوبه ، وما اكتسبته يداه ، ولم يظلمه ربه تعالى ، بل قد عفا عن كثيرٍ من زلاته ، كما قال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى/30 .

قال ابن كثير رحمه الله :

وقوله : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أي : مهما أصابكم أيها الناس من المصائب : فإنما هو عن سيئات تقدمت لكم ، (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) أي : من السيئات ، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها ، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) فاطر/ 45 .

"تفسير ابن كثير" (4/433) .

فالله تعالى لا يحتاج أن يعذره عباده ، فهم الظالمون لأنفسهم ، والمقصرون في شكر نعمه ، والقيام بحقه .

فعلى المسلم ألا يتلفظ بهذه الكلمة ، ومن تلفظ بها فعليه أن يتوب منها ويستغفر ، ويندم على قولها، ويعزم على عدم العود لها .

وهذا الذي قلناه إنما هو بحسب ما ظهر لنا من معنى الكلمة ، فإن كان المتكلم بها يريد معنىً آخر ، فالله أعلم .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

بسكرة 007
2018-06-21, 11:20
جزيت خيرا باركالله لك

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:59
جزيت خيرا باركالله لك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني تواجدك الطيب مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:07
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

ما حكم قول القائل : " تعجبني الكتابة باليد اليسرى " ؟

السؤال:

ما حكم إذا قال الشخص تعجبني الكتابة باليد اليسرى ، ربما هو لا يكتب بيده اليسرى ، ولكن دائما يقول تعجبني الكتابة باليسار ، فهل يعتبر مخالفا للرسول ويأثم ؟ مع أنه يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ، فهل يأثم أم لا بأس بقوله ، وماذا عليه إن كان يحب قول ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ذكر أهل العلم رحمهم الله : أن ما كان من باب التكريم والتشريف ، فالسنة فيه أن يباشره الإنسان بيمناه .

قال النووي رحمه الله

: " قَوْل عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ التَّيَمُّن فِي طُهُوره إِذَا تَطَهَّرَ , وَفِي تَرَجُّله إِذَا تَرَجَّلَ , وَفِي اِنْتِعَاله إِذَا اِنْتَعَلَ ) هَذِهِ قَاعِدَة مُسْتَمِرَّة فِي الشَّرْع , وَهِيَ أنَّ مَا كَانَ مِنْ بَاب التَّكْرِيم وَالتَّشْرِيف : كَلُبْسِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَدُخُول الْمَسْجِد وَالسِّوَاك وَالِاكْتِحَال , وَتَقْلِيم الْأَظْفَار ,

وَقَصّ الشَّارِب , وَتَرْجِيل الشَّعْر وَهُوَ مَشْطُهُ , وَنَتْف الْإِبِط , وَحَلْق الرَّأْس , وَالسَّلَام مِنْ الصَّلَاة , وَغَسْل أَعْضَاء الطَّهَارَة , وَالْخُرُوج مِنْ الْخَلَاء , وَالْأَكْل وَالشُّرْب , وَالْمُصَافَحَة , وَاسْتِلَام الْحَجَر الْأَسْوَد ,

وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبّ التَّيَامُن فِيهِ ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاء وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد وَالِامْتِخَاط وَالِاسْتِنْجَاء وَخَلْعِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَيُسْتَحَبّ التَّيَاسُر فِيهِ , وَذَلِكَ كُلّه بِكَرَامَةِ الْيَمِين وَشَرَفهَا . وَاَللَّه أَعْلَم "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " للنووي (3/160) .

ثانياً :

الكتابة بالقلم نعمة من نعم الله على خلقه ، وهي من أعظم وسائل التعليم والتعلم ، والإنسان يشرف بشرف ما يحمله من العلم ، ولذلك كانت هذه النعمة من نعم الله تعالى العظمى على الإنسان ، قال الله تعالى : ( الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) سورة العلق / 4 ، وقال تعالى : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) سورة القلم / 1 .

قال القرطبي رحمه الله :

" قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) يَعْنِي الْخَطَّ وَالْكِتَابَةَ ، أَيْ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ الْخَطَّ بِالْقَلَمِ ، وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : الْقَلَمُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمَةٌ ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُمْ دِينٌ ، وَلَمْ يَصْلُحْ عَيْشٌ ، فَدَلَّ عَلَى كَمَالِ كَرَمِهِ سُبْحَانَهُ ، بِأَنَّهُ عَلَّمَ عِبَادَهُ مَا لَمْ يَعْلَمُوا ، وَنَقَلَهُمْ مِنْ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ ، وَنَبَّهَ عَلَى فَضْلِ عِلْمِ الْكِتَابَةِ ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ ، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا هُوَ ، وَمَا دُوِّنَتِ الْعُلُومُ ، وَلَا قُيِّدَتِ الْحِكَمُ ، وَلَا ضُبِطَتْ أَخْبَارُ الْأَوَّلِينَ وَمَقَالَاتُهُمْ ، وَلَا كُتُبُ اللَّهِ الْمَنْزَلَةُ إِلَّا بِالْكِتَابَةِ ، وَلَوْلَا هِيَ مَا اسْتَقَامَتْ أُمُورُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا " .

انتهى من " تفسير القرطبي " (20/120) .

فإذا كانت الكتابة بالقلم تشريفاً وتكريماً لصاحبها ؛ لكونه قد ارتفع شأنه بذلك العلم ، فمن المناسب لذلك التشريف أن تكون الكتابة باليد اليمنى لمن استطاع ذلك .

وقد سئل الشيخ ابن باز : هل يجوز أن أكتب أسماء الله باليد اليسرى ؛ لأني لا أعرف أن أكتب إلا باليد اليسرى ؟
فأجاب رحمه الله : " لا حرج في ذلك ؛ لأنك معذورة ، أما السليم فالسنة أن يكتب باليمنى " .

انتهى من " نور على الدرب " للشيخ ابن باز .

وقول القائل : " تعجبني الكتابة باليد اليسرى " ينبغي أن يُسأل : ماذا يرد بهذا القول ؟

والغالب أنه لن يريد مخالفة آداب الشريعة الإسلامية ، وإنما يريد بذلك : أن غالب من يكتبون باليد اليسرى يكون خطهم حسنا جميلا ، كما هو الواقع ، فإن كان قصده ذلك فلا حرج عليه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:11
القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب تفاصيل الأسماء أو العلوم الدنيوية

السؤال:

سمعت نكتة من بعض الناس يتحدثون فيها عن شخص أوربي اسمه كوك ، سأل مسلما قائلا : أنتم تقولون أن كل شيء موجود في القرآن ، فهل هذا صحيح . فأجابه : أن نعم ، فقال له : أنا اسمي كوك ، هل اسمي موجود . فقال له الشخص المسلم : قِف ، فلما وقف ، قال له : ( وتركوك قائما ) وهو يقصد بها ترى : أي تبصر كوك - وهو اسم الشخص – قائما .

فما هو حكم ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

لا ينبغي أن تدفعنا العاطفة والحماسة لكتاب الله تعالى إلى الخروج به عن سياقه الذي أنزله الله عز وجل ، فهو كتاب هداية للبشرية ، يخرجهم من ظلمات الشرك والهوى إلى أنوار التوحيد والاستقامة ، ويهديهم لأحسن الهدي الذي به سعادتهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة . وقد جاء هذا الهدف واضحا في كتاب الله عز وجل ، في الكثير من الآيات الكريمات

منها قول الله عز وجل : ( الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم/1

وقوله سبحانه : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) المائدة/16.

فمن راح يثبت للناس اشتمال هذا الكتاب الكريم على تفاصيل كل شيء في الدنيا ، بأسمائها وأوصافها ، أو حتى بخصائصها التي تعرف بها ، أو مباحث العلوم الدنيوية جميعها ، كالطب والفلك والهندسة وغيرها ، فقد نسب إلى القرآن الكريم ما ليس فيه ، ولا يلائم مقاصده .

جاء في " تفسير الرازي مفاتيح الغيب " (20/ 258)

– في تفسير قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل/89

- قوله :
" العلوم التي ليست دينية : لا تعلق لها بهذه الآية ؛ لأن من المعلوم بالضرورة أن الله تعالى إنما مدح القرآن بكونه مشتملا على علوم الدين ، فأما ما لا يكون من علوم الدين فلا التفات إليه " انتهى .

ويقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :

" ومِن الناس مَن قال : إن القرآن قد حوى علوم الأكوان كلها ، وأن الشيخ محيي الدين بن العربي وقع عن حماره فرُضت رجله ، فلم يأذن للناس بحمله إلا بعد أن استخرج حادثة وقوعه ورض رجله من " سورة الفاتحة " .

وهذا القول لم يقل به أحد من الصحابة ، ولا علماء التابعين ، ولا غيرهم من علماء السلف الصالحين ، ولا يقبله أحد من الناس ، إلا من ينساق وراء كل ما يُسمع أو يقال ، يرون أن كل ما كتبه الميتون في كتبهم حق ، وإن كان لا يقبله عقل ، ولا يهدي إليه نقل

ولا تدل عليه اللغة ، بل قال أئمة السلف : إن القرآن لا يشتمل على جميع فروع أحكام العبادات الضرورية بدلالة النص ولا الفحوى ، وإنما أثبت وجوب اتباع الرسول ، فصار دالا على كل ما ثبت في السنة ، وأثبت قواعد القياس الصحيح وقواعد أخرى ، فصار مشتملا على جميع فروعها وجزئياتها ، ولا يخرج شيء من الدين عنها "

انتهى من " تفسير المنار " (7/ 330) .

وبهذا تُعلَم أن الحادثة المذكورة في السؤال ليست من الجواب العلمي المبني على دليل ظاهر من القرآن الكريم ، وإنما هي أقرب إلى العبث ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وهل يقول عاقل : إن القرآن يحتوي أسماء الناس جميعا ، التي ينطق بها العرب بلسانهم ؛ فضلا عن أن يكون اسما أعجميا ، من غير لسان العرب ؟!

لا شك أن من ادعى ذلك ، أو تكلفه ، فقد تكلف ما لا علم له به ، وأعظم على الله سبحانه وتعالى القول .

وإن صح أن قائلا قال ذلك ، أو نحوه ، من أهل العلم ، أو المنسوبين إليه ، فلا نظن أن يكون مراده بذلك : الاستدلال على وجهه ، وإقامة الحجة على مقتضاها ، وإنما هو أقرب إلى الملاطفة ، والإسكات ، ولو من غير طريق الحجة المستقيمة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:17
هل يجوز أن يقال : " مصر هبة النيل " ؟

السؤال:

هل في جملة ( مصر هبة النيل ) مخالفة شرعية ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز نسبة الهبة إلى الطبيعة أو إلى شيء منها ، فيقال : هذا من هبة الطبيعة ، ومن هذا قول بعضهم " مصر هبة النيل " لأن النيل من هبة الله ، وما ترتب عليه من الخير والبركة لا يجوز نسبته إلا إلى الله تعالى ؛ قال الله تعالى : ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) النحل/16 .

وأما نسبة الشيء إلى الطبيعة ، أو شيء منها ، فمن فعل هؤلاء الكفار الذين يردون حوادث الكون ، وما فيه من تغييرات : إلى الطبيعة .

قال علماء اللجنة الدائمة :

" لا يجوز أن يقال ولا أن يكتب : ( لا زال في عالمنا بعض هبات الطبيعة ) ولو ادعى في ذلك أنه مجاز ؛ لأن فيه تلبيسا على الناس ، وإيناسا للقلوب بما عليه أهل الإلحاد ، إذ لا يزال كثير من الكفرة ينكر الرب ، ويسند إحداث الخير والشر إلى غير الله حقيقة ، فينبغي للمسلم أن يصون لسانه وقلمه عن مثل هذه العبارات ؛ صيانة لنفسه عن مشاركة أهل الإلحاد في شعارهم ومظاهرهم ، وبعدا عما يلهجون به في حديثهم

حتى يكون طاهرا من شوائب الشرك في سيرته الظاهرة ، وعقيدته الباطنة ، ويجب عليه قبول النصيحة ، وألا يتمحل لتصحيح خطئه ، وينتحل الأعذار لتبرير موقفه ، فالحق أحق أن يتبع ، وقد قال الأول : إياك وما يعتذر منه "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 162) .

والمشهور أن مقولة " مصر هبة النيل " منسوبة للمؤرخ اليوناني القديم " هيرودوت "

"484-425ق. م" . انظر : - " معالم تاريخ الشرق الأدني القديم " (ص 50) لمحمد أبو المحاسن عصفور .
فأصل هذه المقولة : من إطلاق الكافرين ، لا من إطلاق الموحدين ؛ مع ما يدل عليه ظاهرها من الإلحاد .
وعليه :

فلا يجوز أن يقال : " مصر هبة النيل " .

والله أعلم .

...........

ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟

السؤال

أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر ) فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.

الجواب

الحمد لله

إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله التوفيق ومنه السداد :

اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .

وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .

والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .

وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)

أقسام الشرك :

وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :

أولاً : الشرك الأكبر :

وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .

وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .

وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة المختلفة ، أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي ، لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم مشركون في الباطن دون الظاهر .

كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :

كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا الكون مع الله تعالى.

أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .

أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .

أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب ، وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك . وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .

وتارة يكون في الأقوال :

كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ، أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .

وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .

وتارة يكون في الأفعال :

كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي تضاهي حكم الله ويشرعها للناس ، ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .

ثانياً : الشرك الأصغر :

وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .

وهذا يكون في الغالب من جهتين :

الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .

الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.

وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :

1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من الشرك الأصغر : كما في المسند ( 27742 ) عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ :الرِّيَاء . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )

2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "

أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )

فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .

والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه من العين .

والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل إلى امرأته .

3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ، فهم أعلم الناس بدين الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع . ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .. ) هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر ، لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .

4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .

قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ "

فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً لنزوله ـ والواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ، ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .

والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.

وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .

كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :

كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .

وتارة يكون بالأقوال :

كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله ، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .

وتارة يكون بالأفعال :

كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة ، كتقبيل أبواب المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .

هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .

خاتمة :

وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته وحده لا شريك له .

ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ، وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48

وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .

فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35 ، قال بعض السلف : " ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "

فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه ، داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول ‏:‏ ‏"‏ اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم‏" ‏‏.‏ صححه الألباني في صحيح الجامع ( 3731 ) .

ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ، وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .

وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :

فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .

وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم ويبقى على إسلامه ، غير أن فاعله على خطر عظيم ، لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .

نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته – سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم ، وإليه المرجع والمآب .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:20
حكم قول : "من حسن الطالع حصل كذا"

السؤال

أسمع بعض الناس إذا أصابه شيء سيئ يقول : هذا من سوء الطالع ، وإذا حصل له شيء فيه سرور قال : هذا من حسن الطالع . فما معنى هذه العبارة ؟

الجواب :

الحمد لله

"الطالع" هو النجم الطالع في السماء ، وكان الناس في الجاهلية يظنون تأثير هذه النجوم في الحوادث التي تحدث في الأرض ، فكانوا ينسبون الحوادث إلى النجوم ، وقد توارث الناس عنهم هذه العقيدة الفاسدة ، فصاروا يقولون مثل هذه الكلمات ، وكثير من الناس يقولها وهو لا يدري معناها .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (26/368) :

" يحرم استعمال عبارتي (من حسن الطالع) ، و (من سوء الطالع) ؛ لأن فيهما نسبة التأثير في الحوادث الكونية حسنا أو سوءا إلى المطالع ، وهي لا تملك من ذلك شيئا ، وليست سببا في سعود أو نحوس

قال الله تعالى : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) الأعراف/54 ، فإن كان القائل يعتقد أن هذه المطالع فاعلة بنفسها من دون الله تعالى فهو شرك أكبر ، وإن كان يعتقد أن الأمور كلها بيد الله وحده ولكن تلفظ بذلك فقط فهو من شرك الألفاظ الذي ينافي كمال التوحيد الواجب ، والأصل في ذلك ما خرجه مسلم في "صحيحه" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر ) ، وما ثبت في "الصحيحين" عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" هذه الكلمة يقولها من لا يعرف الشريعة ، يقول للشخص إذا نجح : هذا من حسن الطالع ، وإذا رسب : هذا من سوء الطالع ، وهذا من التنجيم الذي هو نوع من الشرك ؛ وذلك لأن الطالع والغارب ليس له تأثير في الحوادث الأرضية ، بل الأمر بيد الله ، سواء ولد الإنسان في هذا الطالع أو في هذا الغارب أو في أي وقت .

وهذا الذي يدعي أن فوز الرجل أو فشله لحسن الطالع أو سوء الطالع من هذا النوع الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إنه كافر بالله .

فالواجب على من قاله أن يتوب إلى الله من ذلك ، وعلى من سمعه أن ينكر عليه وأن يبين ذلك في المجالس العامة والمجالس الخاصة بالشباب ؛ لأن بعض الناس لا يعرف معنى هذه الكلمة ولا يعرف على أي شيء بنيت " انتهى

"لقاء الباب المفتوح" (64 / 12).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:23
حكم قول : باسم الشعب أو باسم الجمهورية

السؤال:

أسال عن حكم قول القاضي في افتتاح الجلسة باسم جلالة الملك ، أو باسم الجمهورية ، أو باسم الشعب ما هو التأصيل الشرعي للمسالة ؟

الجواب :

الحمد لله

قول القائل باسم الرئيس أو باسم الجمهورية أو باسم الشعب ، وما يشبهه : فيه تفصيل :

1- أن يكون في ابتداء الكلام ، قاصداً قائله التبرك ، والاستعانة به ، وهو ما يكون مقابل قول الموحدين " بسم الله الرحمن الرحيم " : فهذا شرك ، وقد يكون شركاً أكبر ، وذلك بحسب منزلة هذا المتبرك والمستعان به ، كما سبق في الحلف والقسم .

2- أن يكون في ابتداء الكلام ، أو أثنائه ، قاصداً قائله أن يكون وكيلاً حقيقيّاً ، أو مجازيّاً عن المتكلم باسمه ، كأن يتكلم باسم من يتكلم عنه ، أو ما يشبهه : فهذا جائز ، ولا حرج فيه .

وهذه فتاوى أهل العلم فيما سبق ذِكره :

سئل علماء اللجنة الدائمة :

بعض من يقوم بالتقديم لمحاضر ، أو شيخ ، يقول في البداية : " باسمي ، وباسمكم ، أرحِّب بفضيلة الشيخ " مثلا ، فهل يجوز ذلك ؟ ، وكذلك من يقول : " باسم الشعب ، أو الحكومة " ، وغيره .

فأجابوا :

" إذا كان المقصود أنه يرحب بالقادم ، أو الحاضر ، أصالة عن نفسه ، ونيابة عمَّن أقاموه في هذا الأمر : فلا حرج في ذلك .

وإذا كان يقصد الاستفتاح بها بدلاً من اسم الله : فهو ممنوع " .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 139 ، 140) .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

عن هذه العبارات : " باسم الوطن " ، " باسم الشعب " ، " باسم العروبة " ؟

فأجاب :

" هذه العبارات : إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبِّر عن العرب ، أو يعبِّر عن أهل البلد : فهذا لا بأس به .
وإن قصد التبرك ، والاستعانة : فهو نوعٌ من الشرك ، وقد يكون شركاً أكبر ، بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به " .

انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 88 ، 89 ) ، وانظر: " معجم المناهي اللفظية " للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله (171).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:31
حكم من قال لمن لا يريد الغش في الامتحانات : " من نقل انتقل ، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه "

السؤال :

هل مقولة : من نقل انتقل ، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه ، تعّد من الاستهزاء بالدين ؟

حيث يقولها التلاميذ وقت الاختبار ( لمن لا يريد أن يغش ) ، وكثير منهم يقولها مزاحا ، وكنت أضحك ، علما اني لا اغش ، بل اعتبرها تسلية .

فما حكم ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الغش في كل شيء حرام : في البيع والشراء والامتحانات وغير ذلك ، والواجب الأمانة والنصح ، وأن يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه .

ثانيا :

قول القائل : " من نقل انتقل ، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه " قول باطل وكذب .

ومن قال هذه المقولة يدعو بها إلى الغش في الامتحانات : فقد أعان على المنكر ودعا إليه .

ومن قال هذه المقولة على سبيل المزاح والضحك والتسلية فقد أساء أيضا ، وقد ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " لا يصلح الكذب في جد ولا هزل " .

رواه البخاري في "الأدب المفرد" (387) وصححه الألباني.

فقائلها على سبيل المزاح مازح كاذب ، ولكن لا يبلغ به الحال أن يقال : مستهزئ بالدين أو بالأحكام الشرعية ، إنما هو مخبر خبرا كذبا .

ثالثاً :

الواجب على الطالب المسلم أن يكون مثالا للأمانة والصدق وحسن الخلق ، وأن يأخذ بأسباب النجاح ، ويسأل الله التوفيق ، فمن توكل على الله في سعيه المحمود ، وأخذ بالأسباب وأحسن الظن بالله ، وترك ما نهى الله عنه وفقه الله وشرح صدره وبلغه أمنيته بإذن الله .

وعليه أن يأمر غيره بالمعروف وينهاه عن المنكر ، ويحث على فعل الخير فإذا سمع أحدا يقول هذه المقولة المذكورة فإنه ينهاه عنها ويحثه على الفضيلة وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة .

والله أعلم .

,,,,

السؤال

ما حكم غش الطلبة في اختبارات المدارس ؟.

الجواب

الحمد لله

" حديث : (من غشنا فليس منا) صحيح ، وهو عام يشمل الغش في البيع والشراء ، وفي النصيحة وفي العهود والمواثيق ، وفي الأمانة وفي اختبار المدارس والمعاهد، ونحوها ، سواء كان نقلاً من الكتب أم أخذاً عن التلاميذ أم إعطاء لهم كلاماً أم عن طريق الكتابة وتناقلها بينهم .

وبالله التوفيق " اهـ

من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/200) .

,,,,,,,,,,

ضابط ما يعد استهزاء بالدين من التصرفات والأقوال

السؤال:

كيف نفرّق بين تصرفات الاستهزاء بالإسلام وبين ما كان خطأً ؟

وماذا لو سمع الشخص أو رأى شيئاً من هذا القبيل، فلم يستطع مقاومة ذلك فابتسم أو ضحك، فما الحكم؟

ففي بعض الأحيان تحدث أمامي أو تدور في ذهني بعض الأشياء المتعلقة بالدين تجعلني أضحك، ولكني أتنبه فيما بعد أنه ما كان ينبغي لي أن أضحك.. فهل يُعتبر ضحكي من قبيل الاستهزاء بالإسلام؟

الجواب :

الحمد لله :

أولاً :

الاستهزاء بالدين من كبائر الإثم والعدوان على حدود الله وحرماته ، ومن أودية الكفر التي يتردى فيها كثير من الجهال وسفلة الناس ، وهم لا يعلمون .

قال الله تعالى : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/64-66 .

قال الإمام ابن حزم الظاهري :

" صَحَّ بِالنَّصِّ أَن كل من اسْتَهْزَأَ بِاللَّه تَعَالَى ، أَو بِملك من الْمَلَائِكَة ، أَو بِنَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ، أَو بِآيَة من الْقُرْآن ، أَو بفريضة من فَرَائض الدّين بعد بُلُوغ الْحجَّة إِلَيْهِ ، فَهُوَ كَافِر ".

انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (3/142).

وقال الشيخ سليمان آل الشيخ :

" من استهزأ بالله ، أو بكتابه ، أو برسوله ، أو بدينه : كفر ، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء ، إجماعاً ".

انتهى من "تيسير العزيز الحميد" صـ617.

ثانيا :

الاستهزاء بالدين يشمل كلَّ قولٍ أو فعلٍ ، يدل على الطعن في الدين ، والتنقص منه ، والاستخفاف به .

قال أبو حامد الغزالي :

" وَمَعْنَى السُّخْرِيَةِ : الِاسْتِهَانَةُ ، وَالتَّحْقِيرُ ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِضِ ، عَلَى وَجْهٍ يُضْحَكُ مِنْهُ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِالْمُحَاكَاةِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِيمَاءِ ".

انتهى من " إحياء علوم الدين" (3/131) .

فكل قول أو فعل يدل ـ بحسب ما يتعارف عليه الناس ويفهمونه من لغتهم ـ على الانتقاص أو الاستخفاف بالله ورسوله ، أو القرآن والسنة ، أو شيء من شعائر هذا الدين ، فهو من الاستهزاء المخرج من الملة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الصارم المسلول" (541) :

" وإذا لم يكن للسب حد معروف في اللغة ولا في الشرع : فالمرجع فيه إلى عرف الناس ؛ فما كان في العرف سبا للنبي فهو الذي يجب أن ننزل عليه كلام الصحابة والعلماء ، وما لا فلا " انتهى .

ثالثا :

إذا لم يدل القولُ أو الفعلُ على الاستخفاف والانتقاص والتهكم ، فلا يكون من الاستهزاء المُخرج من الملة .
وقد يكون الاستهزاء معصية لا كفراً ، كأن يستهزئ بشخص مسلم لذاته ، فإن استهزأ به لتدينه وهيئته الموافقة للسنَّة ، فإن في ذلك خطراً عظيماً ، وقد يكون في بعض الأحيان كفراً ، والعياذ بالله .

رابعاً :

الواجب على المسلم إذا سمع أو رأى شيئاً من الاستهزاء بالدين أن ينكر على قائله وفاعله إنكاراً شديداً ، فإن لم يستجب له لزمه مغادرة المكان الذي هو فيه ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ، فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ).

وأما التبسم والضحك عند سماع هذا الكلام ، فيجعل صاحبه شريكا للقائل في الإثم إن كان عن رضاً وقبول ، كما قال تعالى : (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) ، وإن لم يكن عن رضا وقبول ، فهو معصية كبيرة تدل على عدم تمكن تعظيم الله وشعائره من قلبه .

والواجب على المسلم أن يعظم شعائر دين الله وآيات الله وإجلالها وتفخيمها ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).

قال العلامة السعدي :

" أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله ، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة " .

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن" صـ 342.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 17:36
السؤال

ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.

الجواب

الحمد لله

للمزاح الشرعي شروط وهي :

1- لا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :

فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 ، قال ابن تيمية رحمه الله : ( الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه )

وكذلك الاستهزاء ببعض السنن ، ومما انتشر كالاستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .

قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في المجموع الثمين 1/63

: فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يبعث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر ، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه ، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية من الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق .

2- لا يكون المزاح إلا صدقاً :

قال صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يُحدث فيكذب ليُضحك به القوم ويل له ) رواه أبو داود .

وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا ) رواه أحمد

3- عدم الترويع :

خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد أو يستغلون الظلام وضعف الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف ، عن أبي ليلى قال : ( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع

فقال رسول الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) رواه أبو داود .

4- الاستهزاء والغمز واللمز :

الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم وبعض ضعاف النفوس – أهل الاستهزاء والغمز واللمز – قد يجدون شخصاً يكون لهم سُلماً للإضحاك والتندر – والعياذ بالله – وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) الحجرات/11

قال ابن كثير في تفسيره :

( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ، ويعد من صفات المنافقين )

والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويُخشى على المستهزئ أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) رواه الترمذي .

وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء ، لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .

5-أن لا يكون المزاح كثيراً :

فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس .

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله :

" اتقوا المزاح ، فإنه حمقة تورث الضغينة "

قال الإمام النووي رحمه الله : " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى : ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

7- معرفة مقدار الناس :

فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار ، فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يُعرف .

وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز : ( اتقوا المزاح ، فإنه يذهب المروءة ) .

وقال سعد بن أبي وقاص : " اقتصر في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء ، ويجرّئ عليك السفهاء "

7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :

قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) صحيح الجامع 7312

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استُخف به ، ومن أكثر من شيء عُرف به ) .
فإياك إياك المزاح فإنه
يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا

ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه
ويورثه من بعد عزته ذلاً

8- ألا يكون فيه غيبة

وهذا مرض خبيث ، ويزين لدى البعض أنه يحكي ويقال بطريقة المزاح ، وإلا فإنه داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .

9- اختيار الأوقات المناسبة للمزاح :

كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر ، أو عند ملاقاة صديق ، تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه ، أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها .

أيها المسلم :

قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة أي مستنكر ! فأجابه قائلاً : " بل هو سنة ، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "

والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها ، فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار ، وتمتلئ الصحف بالهزل واللعب .

قال صلى الله عليه وسلم : ( لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة )

وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات ، ممن يتأسون بالأخيار والصالحين ، قال بلال بن سعد : ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً )

وسُئل ابن عمر رضي الله عنهما : " هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون "

قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال .

فعليك بأمثال هؤلاء فرسان النهار ، رهبان الليل .

جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر ، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

منشورة لعبد الملك القاسم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 17:50
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم من يمتدح ناديه الرياضي بقوله : " أنت الأول والأخير "

السؤال:

هناك أغنية لنادي رياضي يرددها مشجعوه ، ومن ضمن الأغنية : ( يا "اسم النادي" أنت الأول والأخير ) ، كنت أرددها ، ثم انتبهت أن الأول والآخر من أسماء الله .

فهل هذا يعتبر شركا بالله ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الانشغال بتشجيع الأندية الرياضية ، والتعصب لها ، وترديد الأغاني والأناشيد في محبتها والولع بها من المنكرات التي انشغل بها كثير من شباب المسلمين ، واهتموا بها اهتماما بالغا ، حتى ألهتهم عن كثير مما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم .

فإذا انشغلت بنات المسلمين بما انشغل به شبابهم كانت البلية أطمّ ، والمحنة أشد .

فننصح الأخت السائلة أن تلتفت إلى دراستها ، وتنشغل بطاعة ربها وبر والديها ، فهو أولى بها من الانشغال بهذا الأمر الذي لا يعود إلا بالخسران والندم .

ثانيا :

الهتاف للنادي الرياضي ووصفه بأنه الأول والأخير هو من الآثار السيئة لتشجيع الأندية الرياضية والاهتمام بها والمبالغة في التعلق بها .

فهو من الغلو والإفراط في محبته ، وإذا كانت أصل محبته مذمومة ، فلا شك أن الغلو فيها أشد ذما ، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم وحذر من الغلو ، ؛ فروى النسائي (3057) عن ابْن عَبَّاسٍ أن النّبِي صَلّى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ) .

صححه الألباني في "صحيح النسائي" وغيره .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" قوله ( إياكم والغلو في الدين ) عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال . والغلو هو مجاوزة الحد بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ، ونحو ذلك "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" (ص 106) .

ولا شك أن قول القائل : " أنت الأول والأخير " - في التغني والإنشاد – يظهر فيها مضاهاة مدح الموحدين ربهم ، بجمع هذين الاسمين الشريفين له ؛ كما قال عز وجل : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد/ 3 ، وهذان اسمان لا يليقان إلا بالله تعالى .

وإذا قدر أن الأولية والآخرية هنا نسبية ، والأولية الحاصلة للمخلوق كالنادي ونحوه : هي أولية تناسبه ، والآخرية الحاصلة للمخلوق : هي آخرية تناسبه أيضا ؛ فلا شك أن في جمعهما في سياق واحد من المحذور ما سبق بيانه ، وفيها من الغلو في الباطل ما هو معلوم مشهود من حال المفتونين بمثل هذه الفتن .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 18:01
هل يجوز للمنشدين إنشاد قصائد لتشجيع فرق كرة القدم ؟!

السؤال

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن قيام بعض جماهير الكرة العاشقة لبعض النوادي الرياضية بالتنسيق مع بعض المنشدين الإسلاميين حتى ينشدوا أهازيج الفريق التي كانت تحمل موسيقى مسبقاً ، وطرحوها بأصواتهم بلا موسيقى ، وذلك لتمكين عدد من المستقيمين المشجعين لتلك الفرق بالاستماع إلى أهازيج فريقهم وتداولها .

سؤالي : بعيداً عن النظر في إباحة وتحريم الكرة والتشجيع .. هل يجوز أن نضع النشيد من أجل هذا الهدف ؟

هل يجوز أن ننشد ونصدر إصدارات هي عبارة عن تمجيد فريق وبطولاته ولاعبيه ؟

وإذا كان هناك من جوانب سلبية لهذه الخطوة فأرجو إيضاحها . وأخيراً : هل هناك مانع حقيقي شرعي يمنع مثل هذه الخطوة ؟

لجواب :

الحمد لله

أولاً:

الأصل في المسلم أنه دائم السعي نحو الارتقاء إلى معالي الأمور ، دائم الفكر في عوالي القيم وشريف الهمم ، يطلب النجاح والتوفيق ، وينشد المزيد من العلم والخلق والعمل ، وإذا شغله مثل هذا الفكر والهم ، نأى به عن سفاسف الأمور ودنيها .

وهو حين يرى من الناس إقبالا على الجهالات ، وغلوا في المكروهات ، يسعى في ردهم إلى صوابهم ، وتخفيف غلوائهم ، ولا يشاركهم في تلك " الحمى " التي أصابتهم .

جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :

( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وَأَشرَافَهَا ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا )

رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 131 ) ، وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1627 ) .

والسفْساف : الأمرُ الحقيرُ والرديء من كل شيء ، وهو ضدّ المعالِي والمكارِم ، وأصله : ما يطير من غُبار الدقيق إذا نُخِل ، والترابِ إذا أثير .

" النهاية في غريب الحديث " ( 2 / 943 ) .

إن الذي يجري اليوم في ملاعب كرة القدم ومنتديات الرياضة لمما يَأسف له كل عاقل ، حين يرى تلك الطاقات الهائلة في شباب المسلمين تغرق في أوحال الأوهام ، لا لشيء تستفيده وتنتفع به ، إنما لملء الفراغ والرغبات ، ولمجاراة سعار اللذة المادية التي طغت ثقافتها في جميع جوانب الحياة .

ونحن ندرك أن الأصل في العادات الإباحة ، وأن أنشطة المجتمعات لا بد وأن تنطوي على أشياء من الرياضة المفيدة والمتعة والتسلية ، غير أن الخطر المحيط هو في الإغراق في تلك الممارسات ، لتغدو عادات تتشبع بها نفوس ملايين الشباب ، وظاهرة تعيشها بيوت المسلمين مع كل " بطولة " وكل " مباراة " في الشرق أو الغرب .

ومن المعلوم أن المباح ينتقل إلى دائرة المنع والتحريم إذا تحول إلى وسائل لتدمير الأمة ، وهدر جهودها وطاقاتها ، وهي في أمس الحاجة لكل جهد وفكر ووقت ، فقد كفاها ضيعتها وتفريطها في العقود الأخيرة .

وهذا نقوله غيرة على طاقات شبابنا التي ينبغي أن تُقضى في علم نافع ، وتطوير للذات ، وارتقاء بالمعارف ، وعلو في الأخلاق ، واستزادة من الخبرات ، وممارسة لأعمال الخير والنجاح التي تنفع الناس والعباد والبلاد .

جاء في كتاب " كرة القدم بين المصالح والمفاسد "للشيخ مشهور حسن سلمان ( ص 3 ، 4 ):

" تحظى لعبة كرة القدم في جميع البلاد العربية عند الناس هذه الأيام بمزيد من العناية والاهتمام بحيث لا تزاحمها القضايا المصيرية !!

وأصبحت هذه اللعبة – مع ما في الساحة العالمية من أحداث جسام – قصة خداع الجماهير خداعا كاملا على جميع المستويات ، فنرى تفاعلهم مع المباريات على وجه أشد وأكثر من تفاعلهم مع مصير بعض الشعوب الإسلامية في سائر القارات

ويزيد هذا التفاعل عناية الجرائد والمجلات وبث المباريات على الشاشات ، ونشر ما يخص الأندية والأبطال ! مِن أخبار وحكايات ، وكان ذلك كله سبباً في جذب الناس إلى الرياضة والرياضيين .

وساعد على ذلك فراغهم وسذاجتهم ونسيانهم الغاية التي خلقوا من أجلها ، والهدف الذي ينبغي أن يعملوا لتحقيقه " . انتهى .

ولا شك أن أخطر ما يمكن أن تواجهه الأمة أن تشغل بما لا مضمون فيه ، وتحرم من برامج التطوير والتحسين ، وهذا ما يريده الأعداء .

جاء في " بروتوكولات حكماء صهيون " ( ص 241 : في البروتوكول الثالث عشر ) :

" ولكي تبقى الجماهير في ضلال ، لا تدري ما وراءها وما أمامها ، ولا ما يراد بها ، فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج ، والمسليات ، والألعاب الفكاهية

وضروب أشكال الرياضة واللهو وما به الغذاء لملذاتها وشهواتها ، والإكثار من القصور المزوقة والمباني المزركشة ، ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية رياضية من كل جنس ، فتتوجه أذهانها إلى هذه الأمور ، وتنصرف عما هيأناه ، فنمضي به إلى حيث نريد " . انتهى .


ثانياً:

لم يعد يخفى على أحد ما في لعبة كرة القدم من مفاسد ، وقد سبق ذكر كثير منها في جواب السؤال رقم ( 84291 ) ، وأما الأندية القائمة على احتضان أولئك اللاعبين ودعمهم وتهيئتهم فهي أيضاً لا تخلو من مفاسد ، بل هي أصل مفاسد اللعبة واللاعبين ، وقد ساهمت هذه الأندية في تفرقة الأمة الواحدة إلى فرق متناحرة ، فاتخذ كل نادٍ شعاراً ولوناً وراية ، وصار له مهووسون به ، ومتيمون بحبِّه

يوالون ويعادون عليه ، ويحبون ويبغضون فيه ، وهذا أمر مشاهد لا جدال فيه ، ومن رأى حوادث الشغب في المباريات ، وما يفعله المشجعون لكل نادٍ بمشجعي الطرف الآخر المضاد : علم مدى الفساد الذي وصلت له تلك الأندية ، وأوصلت به اللعبة واللاعبين إلى هوة سحيقة .

وينظر في بيان تحريم تشجيع الأندية الرياضية : جواب السؤال رقم : ( 22636 ) .

والعجب أن يشارك المنشدون ! في ذلك السعار ، وأن يساهموا في زيادة الشقة والفساد بين أهل البلد الواحد ، فيدبجون القصائد ، ويتنغمون بها ، في المدح والثناء للاعبٍ أو نادٍ !!

وقد زعم هؤلاء المنشدون - ومن وراءهم – أنهم أصحاب رسالة سامية ، وأنهم يقدمون للأمة فنّاً راقياً بعيداً عن إسفافات المغنين ، فأي رسالة سامية في تشجيع نادٍ على آخر ؟! وأي فنٍّ راقٍ هذا ؟! وهل ابتعدوا عن الإسفافات والجهالات بفعلهم هذا ؟! وماذا لو جاء منشد آخر ليشجع النادي المقابل ! فهل ستكون معركة أناشيد إسلامية لنصرة أندية فاسدة ، يخرج لاعبوها كاشفين عن عوراتهم ، يضيعون صلواتهم

وينشرون العصبية والجاهلية في مجتمعاتهم ؟! وهل سنرى في الأناشيد توظيفاً للآيات والأحاديث وتشبيهاً بالأبطال من هذه الأمة المجيدة ؟!

ولذلك فنحن نربأ بهؤلاء المنشدين - وبكل مسلم غيور على أمته ، حريص على توجيه جهودها - أن يسيروا في ركب المضيعين المفرطين ، وأن يشاركوهم إهدارهم الأموال الطائلة والأوقات العظيمة والطاقات الكبيرة في لعبة أو أخرى ، فلا ينبغي أن يكونوا عوناً للشيطان على الناس ، بل يجب أن نكون جميعا حصونا للأمة من الهلاك والضياع .

نسأل الله تعالى لنا ولكم السلامة والعافية .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 18:04
السؤال:

ما حكم قول : " ربنا عايز كده " ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

يجب على المسلم أن يتأدب مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يلتزم في ألفاظه التي يستعملها في حق الله ورسوله مقتضى هذا الأدب ، فلا يتكلم بكلام ظاهره النقص ، ولا يتكلم بكلام يحصل به التشويش أو احتمال لأمر لا يليق ، وإن كان لا يقصد ذلك .

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) البقرة/ 104.

قال السعدي رحمه الله :

" كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: رَاعِنَا أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا، فانتهزوا الفرصة ، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك ، ويقصدون المعنى الفاسد ، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة ، سدا لهذا الباب .

ففيه النهي عن الجائز ، إذا كان وسيلة إلى محرم ، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن ، وعدم الفحش ، وترك الألفاظ القبيحة ، أو التي فيها نوع تشويش ، أو احتمال لأمر غير لائق ، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن ، فقال: ( وَقُولُوا انْظُرْنَا ) ، فإنها كافية يحصل بها المقصود ، من غير محذور ".

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 61) .

ليس في مادة " عوز " في اللغة ما يمكن استعماله في حق الله تعالى ، ومشتقاتها تدل على الحاجة ، وعسر الحال ، وقلة الشيء ، فالعَوَزُ ضِيقُ الشيء والإِعْوازُ الفقر والمُعْوِزُ الفقير

وعَوِزَ الشيءُ عَوَزاً إِذا لم يوجد ، وعَوِزَ الرجلُ وأَعْوَزَ أَي افتقر ، المِعْوَزَةُ والمِعْوَزُ: الثوبَ الخَلَق الذي يبتذل ، واعْوَزَّ الرجلُ اعْوِزازاً : احتاجَ واخْتلَّت حالُه ، ومن أمثالِهم المَشهورة : سَدَادٌ من عَوَزٍ . وأَعْوَزَ الشيءُ ـ تعذّر .

انظر : "الصحاح" (2 /6) ، "لسان العرب" (5 /385) ، "تاج العروس" (ص 3774).

وأما قول الناس " ربنا عاوز كده " ؛ فمع أنهم يقصدون بذلك : أن الله يريد ذلك الأمر ؛ فلا شك أن البعد عن اللفظ المشتبه الموهم هو الأولى ، والأسلم للمرء في دينه ، وأعظم في أدبه مع ربه ؛ فمع إرادة المعنى الصحيح : لا يخلو استعمال هذا اللفظ من كراهة ، لما فيه من اللبس والإيهام .

وأما مع اعتقاد نسبة الحاجة أو الفقر " العَوَز " إلى رب العالمين ، سبحانه : فلا شك في بطلان ذلك ، بل هو كفر برب العالمين .

وفي مثل هذه الحال من اشتباه دلالة اللفظ على المعنى الحق ، بالمعنى الباطل ، فلا شك أن السلامة ترك ذلك اللفظ كله ، كما سبق في بيان أدب الله لعباده ، والاستغناء عنه باللفظ الشرعي السالم من الاشتباه والغلط ، وإيهام النقص .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 18:06
حكم قول : "فلان ربنا افتكره" عمن توفاه الله

السؤال :

ما حكم قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريباً قال : "فلان ربنا افتكره" ؟

الجواب :

الحمد لله

"إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر ، لأنه يقتضي أن الله عز وجل ينسى ، والله سبحانه وتعالى لا ينسى ، كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لما سأله فرعون : (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى) طه/51 ، 52.

فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر .

وأما إذا كان جاهلاً ولا يدري ويريد بقوله : "أن الله افتكره" يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر ، لكن يجب أن يُطهر لسانه عن هذا الكلام ، لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين عز وجل ويجيب بقوله : "توفاه الله أو نحو ذلك" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (صـ 750) .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 18:18
هل يجوز قول : عربون الجنة ، عن عمل من الأعمال الصالحة مثلاً كالصلاة ؟

السؤال:

قرأت في أحد مواقع التواصل الاجتماعي قول أحدهم : " عربون دخول الجنة : المحافظة على الصلوات الخمس ، أكل الحلال ، بر الوالدين ، صلة الرحم ... إلخ" . فهل يجوز قول "عربون الجنة" !؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

وردت النصوص الشرعية متكاثرة ، بأن العبد إنما يدخل الجنة ، أو النار بعمله ؛ كما قال تعالى : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الأعراف/43 ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل/32 ، والنصوص الشرعية في هذا المعنى كثيرة .

غير أنه من الثابت المقرر أيضا : أنه لا شيء من أعمال العباد يستوجب دخوله الجنة على وجه المعاوضة والاستحقاق على الله ؛ بل لا شيء من عمل العباد يوافي نعم الله عليهم في الدنيا ، فكيف إذ ضم إلى ذلك النعيم المقيم في الدار الآخرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" عمل العَبْد لَو بلغ مَا بلغ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يكون ثَوَاب الله مُقَابلا لَهُ ومعادلا حَتَّى يكون عوضا بل أقل أَجزَاء الثَّوَاب يسْتَوْجب أَضْعَاف ذَلِك الْعَمَل ..
"
وقال أيضا :

" العَبْد قد ينعم ويمتع فِي الدُّنْيَا بِمَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِ مِمَّا يسْتَحق بإزائه أَضْعَاف ذَلِك الْعَمَل ، إِذا طلبت المعادلة
والمقابلة "

انتهى من "جامع الرسائل" (1/149) .

وإنما صلحت أعمال العبد لأن تكون سببا لدخوله الجنة ، أو شرطا ، برحمة الله وفضله على عباده .

كما في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ"، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لا، وَلا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ ) البخاري (5673) ومسلم (2816) .

سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام ابن تَيْمِية رحمه الله ،

عَن قَوْله تَعَالَى : ( ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ ) سورة الْأَعْرَاف 43 : هَل يدْخل أحد الْجنَّة بِعَمَلِهِ ، أم ينْقضه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( لَا يدْخل أحد الْجنَّة بِعَمَلِهِ قيل وَلَا أَنْت قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته ) .

فأجاب :

" الْحَمد لله ؛ لَا مناقضة بَين مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن وَمَا جَاءَت بِهِ السّنة ؛ إِذْ الْمُثبَت فِي الْقُرْآن ، لَيْسَ هُوَ الْمَنْفِيّ فِي السّنة ، والتناقض إِنَّمَا يكون : إِذا كَانَ الْمُثبت هُوَ الْمَنْفِيّ

وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى قَالَ : ( وتلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ )

وَقَالَ : ( كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أسلفتم فِي الْأَيَّام الخالية ) سورة / الحاقة 24

وَقَالَ : ( أما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم جنَّات المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ ) سورة السَّجْدَة/ 19

وَقَالَ : ( وحور عين كأمثال اللُّؤْلُؤ الْمكنون جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ ) سورة الْوَاقِعَة /22 - 24 .

فَبين بِهَذِهِ النُّصُوص : أَن الْعَمَل سَبَب للثَّواب ، وَالْبَاء للسبب ، كَمَا فِي مثل قَوْله تَعَالَى : ( فأنزلنا بِهِ المَاء فأخرجنا بِهِ من كل الثمرات ) سورة الْأَعْرَاف/ 57 ، وَقَوله : ( وَمَا أنزل الله من السَّمَاء من مَاء فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا سورة الْبَقَرَة/ 164 ، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يبين بِهِ الْأَسْبَاب ، وَلَا ريب أَن الْعَمَل الصَّالح سَبَب لدُخُول الْجنَّة ، وَالله قدر لعَبْدِهِ الْمُؤمن وجوب الْجنَّة ، بِمَا ييسره لَهُ من الْعَمَل الصَّالح ، كَمَا قدر دُخُول النَّار لمن يدخلهَا بِعَمَلِهِ السيء ...

وَإِذا عرف أَن الْبَاء هُنَا للسبب ؛ فمعلوم أَن السَّبَب لَا يسْتَقلّ بالحكم ؛ فمجرد نزُول الْمَطَر لَيْسَ مُوجبا للنبات ، بل لَا بُد من أَن يخلق الله أمورا أُخْرَى ، وَيدْفَع عَنهُ الْآفَات الْمَانِعَة ، فيربيه بِالتُّرَابِ وَالشَّمْس وَالرِّيح ، وَيدْفَع عَنهُ مَا يُفْسِدهُ ...
وأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( لن يدْخل أحد مِنْكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ . قَالُوا : وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : وَلَا أَنا ؛ إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل ) : فَإِنَّهُ ذكره فِي سِيَاق أمره لَهُم بالاقتصاد

قَالَ : ( سددوا وقاربوا وَاعْلَمُوا أَن أحدا مِنْكُم لن يدْخل الْجنَّة بِعَمَلِهِ ) ... ؛ فنفى بِهَذَا الحَدِيث مَا قد تتوهمه النُّفُوس : من أَن الْجَزَاء من الله عز وجلّ على سَبِيل الْمُعَاوضَة والمقابلة ، كالمعاوضات الَّتِي تكون بَين النَّاس فِي الدُّنْيَا ، فَإِن الْأَجِير يعْمل لمن اسْتَأْجرهُ ؛ فيعطيه أجره بِقدر عمله على طَرِيق الْمُعَاوضَة : إِن زَاد ، زاد أجرتَه ، وَإِن نقص ، نقص أجرتَه، وَله عَلَيْهِ أُجْرَة يَسْتَحِقهَا ،

كَمَا يسْتَحق البَائِع الثّمن ؛ فنفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون جَزَاء الله وثوابه : على سَبِيل الْمُعَاوضَة والمقابلة والمعادلة "

انتهى من "جامع الرسائل" (1/145) وما بعدها .

وقال أيضا :

" وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْآخِرَةِ : لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ يَنَالُ الْإِنْسَانُ السَّعَادَةَ ؛ بَلْ هِيَ سَبَبٌ ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةِ مِنْهُ وَفَضْلٍ ) . وَقَدْ قَالَ: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ؛ فَهَذِهِ بَاءُ السَّبَبِ ، أَيْ: بِسَبَبِ أَعْمَالِكُمْ .

وَاَلَّذِي نَفَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "بَاءُ الْمُقَابَلَةِ" ؛ كَمَا يُقَالُ: اشْتَرَيْت هَذَا بِهَذَا ؛ أَيْ: لَيْسَ الْعَمَلُ عِوَضًا وَثَمَنًا كَافِيًا فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ فَبِعَفْوِهِ يَمْحُو السَّيِّئَاتِ وَبِرَحْمَتِهِ يَأْتِي بِالْخَيْرَاتِ وَبِفَضْلِهِ يُضَاعِفُ الْبَرَكَاتِ."

انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/70) .

ثانيا : إذا فهم هذا الأصل ، وتقرر عند العبد أن شيئا من عمله لا يبلغه الجنة ، على وجه الاستحقاق منه على ربه ، والمطالبة به ، ومكافأة عمله لقدر الفضل الذي يناله ؛ فلا حرج في إطلاق شيء من العبارات المذكورة : "عربون الجنة" ، و"ثمن الجنة" ، ونحو ذلك ، على وجه التجوز والتوسع في التعبير ، على ما جرى به لسان العرب في مثل ذلك ، بل تكاثرت نظائره في النصوص الشرعية ، وعبارات السلف بنظائر ذلك .

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/111 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ عَاوَضَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، إِذْ بَذَلُوهَا فِي سَبِيلِهِ : بِالْجَنَّةِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ، فَإِنَّهُ قَبِلَ الْعِوَضَ ، عَمَّا يَمْلِكُهُ ، بِمَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُطِيعِينَ لَهُ .

وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ: بَايَعَهُمْ وَاللَّهِ ، فَأَغْلَى ثَمَنَهُمْ.

وَقَالَ شَمِر بْنُ عَطِيَّةَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَلِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي عُنُقه بَيْعَةٌ، وفَّى بِهَا ، أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ.
وَلِهَذَا يُقَالُ: مَنْ حَمَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَايَعَ اللَّهَ، أَيْ: قَبِل هَذَا الْعَقْدَ ، وَوَفَّى بِهِ."

"ابن كثير" (4/218) .

وفي سنن الترمذي (2450) من حديث هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ.(

قال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني .

وفي مسند الإمام أحمد (12482ـ الرسالة) بإسناد صحيح ـ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً، وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا، فَأْمُرْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعْطِهَا إِيَّاهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ " فَأَبَى، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي.

فَفَعَلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي. قَالَ: " فَاجْعَلْهَا لَهُ، فَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَمْ مِنْ عَذْقٍ رَدَاحٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ " قَالَهَا مِرَارًا. قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ، فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَتْ: رَبِحَ الْبَيْعُ. أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا " .

ولهذا الاستعمال نظائر كثيرة على ألسنة العلماء :

قال الحسن البصري رحمه الله :

(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَمَنُ الْجَنَّةِ) ، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7/199) ، وعزاه البوصيري في "إتحاف الخيرة" (8/231) إلى إسحاق بن راهويه ، قال : "بسند صحيح" .

وينظر أيضا : "الطيوريات" للحافظ السلفي (2/605) ، وحاشية المحقق .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" التَّوْحِيد أَصْلُ الْإِيمَانِ ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ، وَهُوَ ثَمَنُ الْجَنَّةِ ، وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ أَحَدٍ إلَّا بِهِ ..." اهـ

"مجموع الفتاوى" (24/235( .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" الباب التاسع عشر: في عرض الرب تعالى سلعته ، الجنة ، على عباده ، وثمنها الذي طلبه منهم ، وعقد التبايع الذي وقع بين المؤمنين وبين ربهم .

قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

فجعل سبحانه ها هنا : الجنة ثمنا لنفوس المؤمنين وأموالهم ، بحيث إذا بذلوها فيه استحقوا الثمن ، وعَقَد معهم هذا العقدَ ، وأكده بأنواع من التأكيد"

"حادي الأرواح" (84) . وينظر : "زادالمعاد" (3/65) ، "الجواب الكافي" (105-106) .

وقال أيضا في "القصيدة النونية" :

يا من يريد تجارة تنجيه من
*** غضب الإله ، ومَوْقِد النيرانِ
وتفيده الأرباحَ بالجنات والــ
*** حورَ الحسانَ ، ورؤيةَ الرحمن
في جنة طابت ودام نعيمُها *
** ما للفناء عليهِ من سلطان
هيئ لها ثمنا يباع بمثلها
*** لا تُشترى بالزيف من أثمان
نقدا عليه سِكَّةٌ نبوية
*** ضربَ المدينة ، أشرفِ البلدان

والحاصل :

أنه لا حرج في استعمال مثل هذه الأساليب ، مع الاحتراز من إطلاق القول بأن عملا معينا: هو ثمن الجنة ، بل كل طاعة للعبد فهي من ثمنها ، أو من "عربونها" ، بالمعنى السابق ذكره .

والله أعلم.

...........

الفرق بين معصية آدم ومعصية إبليس ، ومعنى عدم دخولنا الجنة بأعمالنا

السؤال

قرأت العديد من الآيات في القرآن ، وفي الحديث ، أن الله رحيم لدرجة أن رحمته تشمل كل شيء ، ويحب أن يغفر لعباده في أي وقت ، إذا تابوا ، لكنَّ شيئاً جعلني أتساءل : ما دام أن الله رحيم : فلماذا لم يغفر خطأ الشيطان ، وقد كان من عباد الله ولم يرتكب الشرك ؟

وكما قال الله في القرآن : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، فهذا يجعلني أخاف حيث إنه لم يغفر للشيطان بسبب خطئه الوحيد ، فكيف يمكن أن يغفر لنا أخطاءنا الكثيرة ؟ وكذلك أن كل واحد سيدخل الجنة ليس بعمله الصالح وإنما برحمة الله

هذا يجعلني أبكي ، هل سيغفر الله لي ذنوبي ويريني رحمته ، ويسمح لي بدخول الجنة ، فإنه رحيم بعباده بحق . أرجو التوضيح ، وإزالة ش**** ، وأكون ممتناً لكم

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

والجواب على سؤالك وإشكالك سهل ويسير ، وهو أن إبليس لم يتب أصلاً ، ولم يستغفر ربَّه تعالى ، ولم يطلب منه الصفح والعفو ، فكيف سيغفر الله تعالى له وهو يصر على كبره ، وغروره ، ويعصي أمر ربه تعالى المباشر له ؟! .

وليس لك أن تقارن ذلك بمغفرة الله تعالى لآدم عليه السلام ؛ ذلك لأن آدم عليه السلام استغفر ربَّه من أكل الشجرة ، وندم على ما حصل منه من معصية ربه عز وجل ، قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/ 37 .

وقال تعالى – عن آدم وحواء - : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/ 23 .

وقارن هذا بتكبر إبليس وغروره بعد الأمر المباشر من رب العالمين :

قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/ 34.

وانظر ماذا قال بعد علمه بسخط الله تعالى عليه لمخالفته أمره :

قال تعالى – عنه - : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحِجر/ 39 .

وقال تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الأعراف/ 16 ، 17 .

فانظر لهذا العدو الخبيث كيف يصف ربه بأنه أغواه ، وأضلَّه ! – حاشا لله - ، وكيف أنه طلب طول العمر لا لكي يراجع نفسه ويتوب ، بل ليضل من يستطيع إضلاله من الناس ؛ لئلا يكونوا مهتدين .

قال الطبري – رحمه الله - :

وأما قوله : ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فإنه يقول : لأجلسنَّ لبني آدم ( صراطك المستقيم ) ، يعني : طريقك القويم ، وذلك دين الله الحق ، وهو الإسلام ، وشرائعه ، وإنما معنى الكلام : لأصدَّن بني آدم عن عبادتك ، وطاعتك ، ولأغوينهم كما أغويتني ، ولأضلنهم كما أضللتني .

" تفسير الطبري " ( 12 / 334 ) .

وبه يتبين لك أخي السائل :

1. أن آدم عليه السلام كانت معصيته بفعل المحظور ، وكانت معصية إبليس ترك المأمور ، وبينهما فرق شاسع ، من أوضحه :

2. أن سبب معصية آدم الشهوة ، وسبب معصية إبليس الكِبر والغرور ، وبينهما فرق عظيم ، وقد بان ذلك في نتائجهما :

3. فآدم عليه السلام تاب ، واعترف أنه ظلم نفسه ، وإبليس أبى ، واستكبر ، وتوعَّد الناس أن يُضلَّهم ، ويغويهم .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

هذه مسألة عظيمة لها شأن ، وهي أن ترك الأوامر أعظم عند الله من ارتكاب المناهي ، وذلك من وجوه عديدة : ... ( وذكر ثلاثاً وعشرين وجهاً ) .

" الفوائد " ( ص 125 – 135 ) .

والله تعالى يقبل توبة التائب حتى لو كان أشرك معه سبحانه إلهاً آخر ، بل ويبدِّل سيئاته حسنات ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68 – 70 .

فلا تقلق أخي السائل ، فرحمة الله واسعة ، والله تعالى يتقبل توبة التائب ، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 .

ولو أن إبليس اعترف بذنبه ، وتاب لربه تعالى : فلن يجد باباً مغلقاً ، وهو أعلم بربه من غيره ، ولم يكن ثمة ما يدعوه للعناد إلا كبره ، وغروره ، ورضي أن يكون قائد أهل النار من أجل هذا .

ثانياً:

أما دخول الجنة برحمة الله تعالى : فهو حق لا ريب فيه ، وإنما لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله : لأنه ليس ثمة عمل يقوم به العبد – ولو عظُم – يبلغ أن يكون ثمناً لدخوله الجنة ، فسلعة الله غالية .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ ) قَالَ رَجُلٌ : وَلاَ إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( وَلاَ إِيَّايَ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا ) .

رواه البخاري ( 6098 ) ومسلم ( 2816 ) .

لكنْ للعمل فائدتان مهمتان :

الأولى : أنه يحصِّل به الرحمة التي تكون سبباً لدخول الجنة .

والثانية : أن المنازل تتفاوت في الجنة بحسب الأعمال .

قال ابن بطال – رحمه الله - :

فإن قال قائل : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدكم عمله الجنة ) يعارض قوله تعالى : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف/ 72 ، قيل : ليس كما توهمتَ ، ومعنى الحديث غير معنى الآية ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه لا يستحق أحد دخول الجنة بعمله

وإنما يدخلها العباد برحمة الله ، وأخبر الله تعالى في الآية أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال ، ومعلوم أن درجات العباد فيها متباينة على قدر تباين أعمالهم ، فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات وانخفاضها والنعيم فيها ، ومعنى الحديث في الدخول في الجنة والخلود فيها ، فلا تعارض بين شيءٍ من ذلك .

" شرح صحيح البخاري " ( 10 / 180 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وكذلك أمر الآخرة ، ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هي سبب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) ، وقد قال تعالى : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) ، فهذه باء السبب

أي : بسبب أعمالكم ، والذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم : باء المقابلة ، كما يقال : اشتريت هذا بهذا ، أي : ليس العمل عوضاً وثمناً كافياً في دخول الجنة ، بل لا بد من عفو الله ، وفضله ، ورحمته ، فبعفوه : يمحو السيئات ، وبرحمته : يأتي بالخيرات ، وبفضله : يضاعف البركات .

" مجموع الفتاوى " ( 8 / 70 ، 71 ) .

فلعلك علمتَ الآن أن هذا الحديث لا يدعو للقلق ، ولا لليأس ، بل هو يدفع نحو العمل ؛ لأنه بالعمل تحصِّل رحمة الله ، وبالعمل ترتفع درجاتك في الجنان .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

بـــيِسَة
2018-06-26, 19:23
بارك الله فيك اخي.

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 14:57
بارك الله فيك اخي.

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 15:02
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

ما حكم قول الزوجة لزوجها : ( أنت روحي ، لا أستطيع العيش بدونك ) ؟

السؤال:

هل جائز أن أنادي زوجي بـ ( روحي ) ، أو أن أقول له : ( لا أستطيع العيش بدونك ) ؟

مع العلم أنني أقولها من باب محبتي واهتمامي به فقط .

الجواب :

الحمد لله

مناداة الزوجة لزوجها بـ ( روحي ) أو قولها له ( لا أستطيع العيش بدونك ) ، لا حرج فيه – إن شاء الله - ، وهو من باب حسن العشرة بين الزوجين .

والمرأة إذا قالت ذلك لزوجها ، فهي لا تقصد المعنى الحقيقي من اللفظ ، وإنما تقصد به ، أن تبين قدر زوجها ومكانته وعظيم محبتها له في نفسها ، كما أن للروح شأنا وقدرا عظيما بالنسبة للبدن .

وكذلك الحال بالنسبة لقولها : ( لا أستطيع العيش بدونك ) ، فالمقصود : أني أستوحش العيش بدونك .

فهي ألفاظ تقال من غير قصد لظاهر حقيقة معناها ، وهذا معروف في كلام العرب ، كقولهم : فداك أبي وأمي ، ترِبت يداك ، ونحو ذلك .

قال النووي رحمه الله :

" قوله : ( اِرْمِ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي ) فيه جواز التفدية بالأبوين , وبه قال جماهير العلماء , وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري رضي الله عنهما , وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه .

والصحيح الجواز مطلقا ; لأنه ليس فيه حقيقة فداء , وإنما هو كلام ، وإلطاف ، وإعلام بمحبته له , ومنزلته "

انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 15:06
حكم قول : ( أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا )

السؤال:

هل مقولة : أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا , لها أصل في الشرع ؟ وما حكم قولها ؟

الجواب :

الحمد لله

استعمال كلمة " أنا " على وجهها الأصلي ، في التعريف بالشخص ، أو دلالة الإنسان على نفسه ، أو نحو ذلك : هو من مقتضيات الخطاب ، وضرورات اللغة ، التي لا يكاد يستغني عنها الناس في معايشهم ، وتحاورهم .

ومثل هذا لا يمكن أن يذم لذاته ، أو يرد الشرع بمنعه .

هذا لو لم يرد ما يدل على جوازه استعماله ، ووقوع ذلك من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وخيار الصالحين من بعده .
فكيف ، وقد ورد استعمالها فيما لا يحصى من الأدلة والنصوص الشرعية .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا ) رواه البخاري (20) ، وفي رواية : ( أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللهِ ) رواه أحمد (23682) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (329) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم (2278).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ) الكهف/22

قال: " أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم " .

انتهى من "تفسير الطبري" (17/ 642) .

ثم قد يقترن بقولها من قصد القائل ، وحاله : ما يقتضي مدحه على قوله أنا ؛ كما لو قالها في مقام التواضع والانكسار لله ، والاعتراف بالذنب ، والفقر والحاجة إلى رب العالمين .

وفي حديث الاستفتاح : ( اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ) رواه مسلم (771) .

وعلى عكس ذلك : قد يقترن بقولها من قصد صاحبها ، وحاله : ما يقتضي الذم على قوله ، والتأديب عليه ، والمنع منه ، في مثل ذلك المقام .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ " أَنَا "، " وَلِي "، " وَعِنْدِي "، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون، وقارون، (فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لِإِبْلِيسَ، وَ (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون، وَ (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون.

وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ " أَنَا " فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ ، الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ .

وَنَحْوِهِ : " لِي "، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ ، وَلِيَ الْجُرْمُ ، وَلِيَ الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ ، وَالذُّلُّ .

و"َعِنْدِي " ، فِي قَوْلِهِ: " اغْفِرْ لِي جِدِّي ، وَهَزْلِي ، وَخَطَئِي ، وَعَمْدِي ، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي "

انتهى من "زاد المعاد" (2/ 434-435) ، وينظر : "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله (150) .

والحاصل :

أن مجرد قول العبد " أنا " لا يشرع الاستعاذة بالله منه ، بل تكلف ذلك ، كما في العبارة الواردة في السؤال ، في عموم الأحوال : أشبه بتنطعات الطرقية والصوفية ، وتكلفاتهم ، ثم هو خارج عن معتاد البشر ، ولا يمكن أن يتلزمه أحد في كل مقام .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 15:11
التخلص من الكبر

السؤال

كيف يتخلص الإنسان من التكبر ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

التكبر صفة ذميمة يتصف به إبليس وجنوده من أهل الدنيا ممن طمس الله تعالى على قلبه .

وأول من تكبر على الله وخلقه هو إبليس اللعين لمَّا أمره الله تعالى بالسجود لآدم فأبى واستكبر وقال " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " .

قال الله تعالى : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين . قال ما منعك أن تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } الأعراف / 11 – 12 .

فالكبر خلُق من أخلاق إبليس ، فمن أراد الكِبر فليعلم أنه يتخلق بأخلاق الشياطين ، وأنه لم يتخلق بأخلاق الملائكة المكرمين الذين أطاعوا ربهم فوقعوا ساجدين .

ناهيك عن كون الكبر سبباً لحرمان صاحبه من الجنة ويحرم نفسه من أن ينظر رب العزة إليه كما جاء في الحديثين الآتيين :

1. عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بَطَر الحق وغَمْط الناس " .

رواه مسلم ( 91 ) .

وبطر الحق : رده بعد معرفته .

وغمط الناس : احتقارهم .

2. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء " .

رواه البخاري ( 3465 ) .

ثانياً :

والكبر صفة من الصفات التي لا تنبغي إلا لله تعالى ، فمن نازع الله فيها أهلكه الله وقصمه وضيق عليه .

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته " .

رواه مسلم ( 2620 ) .

قال النووي :

هكذا هو في جميع النسخ ، فالضمير في " ازاره " ، " ورداؤه " : يعود إلى الله تعالى للعلم به ، وفيه محذوف تقديره : " قال الله تعالى : ومن ينازعني ذلك أعذبه " .

ومعنى " ينازعني " : يتخلق بذلك فيصير في معنى المشارك .

وهذا وعيد شديد في الكبر مصرح بتحريمه .

" شرح مسلم " ( 16 / 173 ) .

وكل من حاول الكبر والارتفاع خفضه الله تعالى في الأسفلين وجعله في الأذلين لأنه خالف الأصل فجازاه الله تعالى بنقيض قصده ، وقد قيل : الجزاء من جنس العمل .

والذي يتكبر على الناس يكون يوم القيامة مداساً تحت أقدام الناس فيذله الله تعالى جزاء ما كان منه من الكبر .

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُوَر الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى " بولس " تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال".

رواه الترمذي ( 2492 ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 2025 ) .

ثالثاً :

وللكبر صور عدة منها :

1. ألا يقبل الرجل الحق ويجادل بالباطل ، كما ذكرنا في حديث عبد الله بن مسعود " الكبر : بطر الحق وغمط الناس " .

2. أن تعجبه نفسه من جمال أو حسن ، أو ثراء في الملبس أو المأكل فيتبختر ويتكبر ويفخر على الناس .

عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة " .

رواه البخاري ( 3297 ) ومسلم ( 2088 ) .

ومنه ما كان من ذلك الرجل صاحب الذي قال الله تعالى فيه : { وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } الكهف / 34 .

وقد يكون ذلك بالتفاخر بالعشيرة والنسب .

رابعاً :

ومن طرق علاج الكبر أن ترى نفسك كالناس وأنهم مثلك ولدوا من أم وأب كما ولدت وأن التقوى هي المعيار الحق .

قال الله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13 .

وليعلم المسلم المتكبر أنه مهما بلغ فهو أضعف من أن يبلغ طول الجبال أو أن يخرق الأرض كما قال الله تعالى : { ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور . واقصد في مشيك واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } لقمان / 18 – 17 .

قال القرطبي :

قوله تعالى : { ولا تمش في الأرض مرحا } وهذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع ، والمرح : شدة الفرح ، وقيل : التكبر في المشي ، وقيل : تجاوز الإنسان قدره .

وقال قتادة : هو الخيلاء في المشي ، وقيل : هو البطر والأشر ، وقيل : هو النشاط .

وهذه الأقوال متقاربة ولكنها منقسمة قسمين :

أحدهما : مذموم ، والآخر : محمود .

فالتكبر والبطر والخيلاء وتجاوز الإنسان قدره : مذموم .

والفرح والنشاط محمود .

" تفسير القرطبي " ( 10 / 260 ) .

ومن العلاج أن يعلم الإنسان أن المتكبر يوم القيامة يحشر صغيراً كأمثال الذر تدوسه الأقدام ، والمتكبر مبغوض عند الناس كما أنه مبغوض عند الله تعالى ، والناس يحبون المتواضع السمح اللين الهين ويبغضون الغليظ والشديد من الرجال .
ومنه أن يتذكر الإنسان أنه خرج هو والبول من مكان واحد ، وأن أوله نطفة قذرة وآخره جيفة نتنة وأنه بين ذلك يحمل العذرة ( أي البراز ) فبم يتكبر ؟!!

نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الكبر وأن يرزقنا التواضع .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 15:15
كيف يتخلص من العجب ؟

السؤال :

كيف يتخلص الإنسان من العجب بطريقة عملية ؟

فأحياناً عندما أفعل شيئاً - سواء طاعة ، أو فعل خير - أشعر بشيء من العجب ، وذلك يضايقني كثيراً ، فكيف أتخلص من ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

نسأل الله أن يرزقنا جميعا الإخلاص في السر والعلن .

اعلم أخي السائل أن العجب آفة يعاني منها الكثير من الناس ، وتكمن خطورتها في الانصراف عن الثناء على الله إلى الثناء على النفس ، وهي تتعارض مع واقع الانكسار والتذلل المستحب في طاعة المولى عز وجل .

وقد قرر علماء السلوك والأخلاق أن سبب العجب في الحقيقة هو الجهل المحض أو الغفلة أو الذهول ، فإذا صاحب ذلك إطراء الناس للشخص وكثرة ثنائهم عليه ، مع ضعف مراقبة الله عز وجل وقلة الورع والخشية ، اجتمعت على المرء هذه الآفة الشديدة فأهلكته إلا أن يتداركه الله برحمته .

قال ابن القيم رحمه الله : " جهله بنفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله ، وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به يتولد منهما رضاه بطاعته وإحسان ظنه بها ، ويتولد من ذلك من العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة من الزنا وشرب الخمر والفرار من الزحف ونحوها " انتهى .

"مدارج السالكين" (1/175) .

وللعلماء في بيان طرق التخلص من هذه الآفة كتابات عديدة ، من أوسعها وأفضلها وأدقها ما كتبه العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله ، ونحن ننقله هنا بشيء من الاختصار الذي يحقق المقصود ولا يخل به إن شاء الله تعالى :

قال رحمه الله :

" من امتُحن بالعجب فليفكر في عيوبه ، فإن أُعجب بفضائله فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة ، فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنه لا عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى الأبد ، وأنه لأتم الناس نقصاً ، وأعظمهم عيوباً ، وأضعفهم تمييزاً .
وأول ذلك أنه ضعيف العقل ، جاهل ، ولا عيب أشد من هذين ؛ لأن العاقل هو من ميز عيوب نفسه فغالَبَها وسعى في قمعها ، والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه .

واعلم يقيناً : أنه لا يسلم إنسي من نقص ، حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم ، فمن خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط ، وصار من السخف والضعة والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم بحيث لا يتخلف عنه متخلف من الأرذال ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة ، فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه ، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها ، وعن عيوب غيره التي لا تضره في الدنيا ولا في الآخرة .

وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها ، فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته .

وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلاً ، والواجب اجتنابه إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت المعجَب فقط في وجهه ، لا خلف ظهره .

ثم تقول للمعجَب : ارجع إلى نفسك ، فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك ، ولا تُمَيِّل [ أي : توازن وتقارن ] بين نفسك وبين من هو أكثر عيوباً منها فتستسهل الرذائل وتكونَ مقلِّداً لأهل الشر ، وقد ذم تقليد أهل الخير

فكيف تقليد أهل الشر ! لكن ميِّلْ بين نفسك وبين من هو أفضل منك ، فحينئذ يتلف عجبك ، وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس ، وفيهم بلا شك من هو خير منك ، فإذا استخففت بهم بغير حق ، استخفوا بك بحق ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) .

فإن أعجبت بعقلك : ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك ، وفي أضاليل الأماني الطائفة بك ، فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ .

وإن أعجبت بآرائك : فتفكر في سقطاتك ، واحفظها ولا تنسها ، وفي كل رأي قَدَّرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك وأصاب غيرك ، وأخطأت أنت ، فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك بصوابه ، فتخرج لا لك ولا عليك ، والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك ، وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم .

وإن أعجبت بعملك : فتفكر في معاصيك وفي تقصيرك وفي معاشك ووجوهه ، فو الله لتجدن من ذلك ما يغلب على خيرك ، ويُعَفِّي على حسناتك ، فليطل همك حينئذ ، وأبدل من العجب تنقصاً لنفسك .

وإن أعجبت بعلمك : فاعلم أنه لا خصلة لك فيه ، وأنه موهبة من الله مجردة ، وهبك إياها ربك تعالى ، فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها ، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت .

ولقد أخبرني عبد الملك بن طريف ، وهو من أهل العلم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث ، أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم ، لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته ، وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ ، وأخل بقوة حفظه إخلالاً شديداً ، لم يعاوده ذلك الذكاء بعد .

وأنا أصابتني علة فأفقت منها وقد ذهب ما كنت أحفظ إلا ما لا قدر له ، فما عاودته إلا بعد أعوام .

واعلم أن كثيراً من أهل الحرص على العلم يجِدّون في القراءة والإكباب على الدروس والطلب ثم لا يرزقون منه حظاً ، فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه ، فصح أنه موهبة من الله تعالى ، فأي مكان للعجب ها هنا ! ما هذا إلا موضع تواضع وشكر لله تعالى ، واستزادة من نعمه ، واستعاذة من سلبها .

ثم تفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته ـ من أنواع العلم الذي تختص به ، والذي أعجبت بنفاذك فيه ـ : أكثر مما تعلم من ذلك ، فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها ، فهو أولى .

وتفكر فيمن كان أعلم منك ، تجدهم كثيراً ، فلتهن نفسك عندك حينئذ .

وتفكر في إخلالك بعلمك ، وأنك لا تعمل بما علمت منه ، فعلمك عليك حجة حينئذ ، ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً ، واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالاً وأعذر ، فليسقط عجبك بالكلية .

ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها ، كالشعر وما جرى مجراه ، فانظر حينئذ إلى مَن عِلمُهُ أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة ، فتهون نفسك عليك .

وإن أعجبت بشجاعتك فتفكر فيمن هو أشجع منك ، ثم انظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى فيم صرفتها ، فإن كنت صرفتها في معصية فأنت أحمق ؛ لأنك بذلت نفسك فيما ليس ثمناً لها ، وإن كنت صرفتها في طاعة ، فقد أفسدتها بعجبك ، ثم تفكر في زوالها عنك بالشيخوخة وأنك إن عشت فستصير من عدد العيال ، وكالصبي ضعفاً .

على أني ما رأيت العجب في طائفة أقل منه في أهل الشجاعة ، فاستدللت بذلك على نزاهة أنفسهم ورفعتها وعلوها

وإن أعجبت بجاهك في دنياك : فتفكر في مخالفيك وأندادك ونظرائك ، ولعلهم أخساء وضعفاء سقاط ، فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه ، ولعلهم ممن يُستحيا من التشبه بهم لفرط رذالتهم وخساستهم في أنفسهم وأخلاقهم ومنابتهم ، فاستهن بكل منزلة شاركك فيها من ذكرت لك ، وإن كنت مالك الأرض كلها ، ولا مخالف عليك ؟!!

واعلم أن عجبك بالمال حمق ؛ لأنه أحجار لا تنتفع بها إلا أن تخرجها عن ملكك بنفقتها في وجهها فقط ، والمال أيضاً غاد ورائح ، وربما زال عنك ، ورأيته بعينه في يد غيرك ، ولعل ذلك يكون في يد عدوك ، فالعجب بمثل هذا سخف ، والثقة به غرور وضعف .

وإن أعجبت بحسنك ففكر فيما يولد عليك مما نستحي نحن من إثباته ، وتستحي أنت منه إذا ذهب عنك بدخولك في السن ، وفيما ذكرنا كفاية .

وإن أعجبت بمدح إخوانك لك : ففكر في ذم أعدائك إياك ، فحينئذ ينجلي عنك العجب ؛ فإن لم يكن لك عدو : فلا خير فيك ، ولا منزلة أسقط من منزلة من لا عدو له ، فليست إلا منزلة من ليس لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها ، عافانا الله .

فإن استحقرت عيوبك : ففكر فيها لو ظهرتْ إلى الناس ، وتمثل إطلاعهم عليها ، فحينئذ تخجل ، وتعرف قدر نقصك إن كانت لك مُسكة من تمييز .

وإن أعجبت بنسبك : فهذه أسوأ من كل ما ذكرنا ؛ لأن هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلاً في دنيا ولا آخرة ، وانظر هل يدفع عنك جوعة ، أو يستر لك عورة ، أو ينفعك في آخرتك . وإن أعجبت بقوة جسمك : فتفكر في أن البغل والحمار والثور أقوى منك وأحمل للأثقال .

وإن أعجبت بخفتك : فاعلم أن الكلب والأرنب يفوقانك في هذا الباب ، فمن العجب العجيب ، إعجاب ناطق بخصلة يفوقه فيها غير الناطق .

واعلم أن رياضة الأنفس أصعب من رياضة الأسد ، لأن الأسد إذا سجنت في البيوت التي تتخذ لها الملوك ، أمن شرها ، والنفس وإن سجنت لم يؤمن شرها " انتهى باختصار .

"الأخلاق والسير وأثرها في مداواة النفوس" (ص/29-34) ، وانظر: "بريقة محمودية" (2/237)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-27, 15:20
كيف يتخلص من حسده لإخوانه

السؤال

حتى يكون المسلم صادقا في إسلامه عليه أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. والحمد لله ، فإنه من السهل أن أحب لأخي من الدم (شقيقي) ما أحبه لنفسي ، لكن ذلك يصعب علي جدا تجاه إخواني من المسلمين إلا القليلين منهم . والسبب هو أني عندما أرى إخواني من المسلمين وهم أفضل مني في أي شيء، فإني أشعر بالغيرة، وأظنه من الكبرياء ( أخي أنا أدعو الله أن يغفر لي لأني وجدت هذا الشعور، لكني عندما أراهم مرة أخرى، فإني أجد الشعور ذاته مرة أخرى).

أريد أن أشعر بالفرح إذا رأيت إخواني ينجحون ، وأريد أن أحزن لحزنهم . لكني كلما رأيت الناس وهم يثنون عليهم فإني أشعر بالغيرة .

وأيضا، فإني أشعر وكأني أريد لإخوتي المسلمين دخول جنة الفردوس لكن كلما أخبرني أخ مسلم بشيء يفيدني في ديني ، فأنا أريد تطبيقه ، لكن الشيطان يحضر ويخبرني بأني أن أنا طبقت ما أخبرني به ذلك الأخ

فإنه سيحصل على نفس الأجر مثلي، ولذلك ، فإن درجته ستكون أعلى مني في الجنة، ونفسي أحيانا تسقط في هذه المصيدة . وأريد أن أعرف كيف لي أن أشفى من هذه المشكلة تماما؟.

الجواب

الحمد لله

الواجب على المسلم كما ذكرت أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره لأخيه ما يكره لنفسه من الشر ، وهذا لا يتنافى مع أن يحب لنفسه ما يحب للآخرين ، أما كونه حين يرى عند إخوانه من الخير ما ليس عنده يتمنى ذلك فهذا من الغبطة ، إلا إذا تمنى أن تزول عنهم النعمة فيسمى حسدا .

والمسلم يحتاج إلى أن يجاهد نفسه حتى يصفو قلبه لإخوانه المسلمين ، وإذا صدقت محبته لإخوانه ، زالت كثير من هذه المشكلات التي يعاني منها ، وحين يعلم المسلم ما له من الفضل والمنزلة حين يحب إخوانه ويحب لهم الخير ، وحين يعلم ما له من الأجر إذا أحسن إليهم فإن ذلك سوف يدفعه إلى الإحسان إليهم بكل سبيل ، وأن يجتهد في نفع إخوانه بدلا من أن ينشغل بحسدهم وبالتفكير فيما سينالون دونه .

الشيخ محمد الدويش .

وعليك أن تتأمل طويلاً قول الله تعالى : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .

وقول الله تعالى : ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ) .

والحسد ضرره عظيم في الدنيا والآخرة فقد أخرج الترمذي عن الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بما يثبت ذلكم بينكم أفشوا السلام بينكم )

حديث حسن ( جامع الترمذي / 2434 ) .

" ومعنى تحلق الدين قال الطيبي : أي البغضاء تذهب بالدين كالموسى تذهب بالشعر " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي .

والذي يظهر يا أخي أنك عالم بالحكم عارفٌ بما يترتب عليه وتريد الحلول لهذه الخصلة الذميمة وإليك بعض الحلول :

1- دعاء الله والتضرع إليه أن يزيل عنك هذا الداء وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه ( واهدِ قلبي واسلل سخيمة صدري ) ومعناه "اهدِ قلبي" إلى الصراط المستقيم ، و "اسلل سخيمة صدري" ، أي أخرج غشَّه وغلَّه وحقده .

2- التأمل في القرآن وإكثار قراءته لا سيما الآيات التي تكلمت عن الحسد - لأن قراءة القرآن يحصِّل به الإنسان الحسنات وقد قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .

3- قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عن الحسد وحبه الخير للغير حتى لأعدائه ومن الكتب النافعة ( نور اليقين في سيرة سيد المرسلين ) .

4- قراءة قصص الصحابة وأخبارهم ومن الكتب الميسرة في هذا الباب كتاب ( صور من حياة الصحابة لعبد الرحمن رأفت الباشا ) .

5- إذا حدثتك نفسك بمثل هذه الأمور فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واشتغل بعمل ما ينسيك هذه الوساوس والخطرات .

6- إذا غلبك الشيطان بإلقاء الحسد في قلبك فإياك أن يظهر على لسانك أو في فعلك ما يدل على الحسد . فإن لكل إنسان نصيب من الحسد ، قال شيخ الإسلام : " يقال ما خلا جسد من حسد ، فالكريم يخفيه واللئيم يبديه " . أمراض القلوب ، والإنسان لا يحاسب على ما تحدثه به نفسه ولكنه يحاسب على أقواله وأفعاله قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )

رواه البخاري / 2033 .

7- إذا أحسست بأنك تحسد شخصاً معيناً فقم بشراء هدية له ومصافحته فقد قال عليه الصلاة والسلام ( تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ) رواه مالك في الموطأ / 1413 ، لأن الحسد ناتج عن البغضاء وضدها المحبة وطريقها الهدية وإفشاء السلام لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )

رواه مسلم / 81 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه أمراض القلوب :

" فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه .. وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب ومن اتقى وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه . " ا.هـ.

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 17:46
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


كم قول الرجل لصاحبه : " اختبر شيطانك " !

السؤال:

هناك بعض الناس إذا أراد أن يحمس صديقا له على الطاعة قال له : (اختبر شيطانك ، هل سيستطيع أن يثبط عن الخير أم لا ).

فهل مقولة (اختبر شيطانك) فيها محظور شرعي ؟

الجواب :

الحمد لله

نود أن ننبه إخواننا إلى عدم الانسياق وراء هذه الكلمات والجمل المستحدثة ، وهذه العبارات التي فيها من التكلف ، والتنطع ، والاستكراه ، أكثر ما فيها من التنميق والتزويق .

والساعي إلى الخير يسعى إليه بفعله وتوجيهه وأمره ونهيه وهو على بينة من ربه سالكا سبل الصالحين والأئمة المرضيين ، في غير إحداث وبدعة ، قانعا بما قنع به أوائله أهل العلم والخير والصلاح .

ولقد ابتلى الله آدم عليه السلام وذريته بإبليس وجنده ، وحذرهم من فتنته واتباع أمره ، فقال تعالى : ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) طه/ 117 .

وقال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/ 27 .

وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/ 21 .

وقال جل وعلا : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) يس/ 60 – 62 .

وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) الأعراف/ 201 .

فابتلانا الله بالشيطان وحزبه ، واختبرنا بهم ، وأمرنا بمخالفتهم ، ونهانا عن اتباعهم ، وحذرنا من عاقبة أمرهم في الدنيا والآخرة .

والمرء يحذر شيطانه ، فيتبع الكتاب والسنة ، ويصاحب أهل الخير وينأى بنفسه عن مصاحبة أهل الشر ، وينتبه في شأنه كله إلى كيد الشيطان ، فإذا وسوس إليه بشيء استعاذ بالله منه ، وإذا وقع في شراكه بادر إلى التوبة .
ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر باختبار الشيطان أو معارضته لمعرفة مدى قدرته ، ونحو ذلك ، إنما اختبرنا الله به وحذرنا منه .

وأما ما ذكر في السؤال : فلا تخفى تكلفه ، ولا يخفى ما فيه من التنطع ، والتبدع ؛ فدع شيطانك ، لا تختبره بشيء ، وليس عليك منه شيء ، فقط ، أنت أصلح نفسك ـ يا عبد الله ـ وجاهدها في الله .

والله تعالى أعلم .

........

هل الشيطان يعلم خواطر الإنسان ونواياه؟

السؤال:

هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس ما يناسب خواطرنا أم ماذا ؟

الجواب:

الحمد لله

دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان ، بل يجري منه مجرى الدم ، فيوسوس له في حال غفلته ، ويخنس في حال ذكره ، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له ، ويوسوس له بخصوصها .

روى البخاري (3281) ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

: " وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة] ، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك ، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه ، بل

ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل الشيطان يلتقم قلبه ؛ فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له .

وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها ( إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم ).

وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار ، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/508) .

فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه ، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك
.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله – ضمن سؤال طويل - : وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟

فأجاب : " كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه

وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر , والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير ، فهذه أشياء مكنهم الله منها : أي مكن القرينين ، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...

والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين ,

فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل , وتشجيعه على الباطل ,

وعلى تثبيطه عن الخير . فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/369).

والله أعلم .

....

حديث : ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ )

السؤال :

المجاهد هو من يجاهد نفسه على طاعة الله " ما مدى صحة هذا الحديث ؟

الجواب :

الحمد لله

روى الإمام أحمد (23958) ، وابن حبان (4862) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (796) ، والحاكم (24) ، وابن المبارك في "الزهد" (826) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (11794) ، والبيهقي في "الشعب" (10611) عن فَضَالَة بْن عُبَيْدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ ) .

ورواه الترمذي (1621) مختصرا ، ولفظه : ( المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ ) .

ورواه ابن ماجة (3934) مختصرا ، ولفظه : (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ) .

وصححه الترمذي والحاكم ، وكذا صححه الألباني في "الصحيحة" (549) .

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 268) مطولا ، وقال :

" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفضالة بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ ، وَهُوَ فِي " السُّنَنِ " وَبَعْضُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 7) .

وفي معنى الحديث ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ) فَيُؤْمَرُ بِجِهَادِهَا ، كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيَدْعُو إلَيْهَا ، وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ ؛ فَإِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ ، وَذَاكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَالصَّبْرُ فِي هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْجِهَادَ : حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْجِهَادِ ؛ فَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ ، صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْجِهَادِ . كَمَا قَالَ: ( وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ) .

ثُمَّ هَذَا [ يعني : جهاد النفس ] : لَا يَكُونُ مَحْمُودًا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ [يعني : إذا غلب هوى نفسه ] ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ، فَإِنَّهُ مَنْ يُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ : (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 635) .

وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (3/ 6):

" كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ فِي الْخَارِجِ ، وَأَصْلًا لَهُ ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوَّلًا ، لِتَفْعَلَ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَتَتْرُكَ مَا نُهِيَتْ عَنْهُ ،

وَيُحَارِبهَا فِي اللَّهِ : لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ فِي الْخَارِجِ ؛ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ ، وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ : وَعَدُوُّهُ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ ، مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ ، لَمْ يُجَاهِدْهُ ، وَلَمْ يُحَارِبْهُ فِي اللَّهِ ؛ بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى عَدُوِّهِ ، حَتّى يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ " انتهى .

وقال ابن رجب رحمه الله في "لطائف المعارف" (ص/227):

" النوع الثاني من الجهاد: جهاد النفس في طاعة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المجاهد من جاهد نفسه في الله) ، وقال بعض الصحابة لمن سأله عن الغزو؟ : " ابدأ بنفسك فاغزها ، وابدأ بنفسك فجاهدها " .

وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيوته بالذكر والطاعة " انتهى .

وقال أيضا :

" فهذا الجهاد يحتاجُ أيضاً إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه : غلبه ، وحصل له النصر والظفر، وملَكَ نفسه ، فصار عزيزاً ملكاً، ومن جَزِعَ ولم يَصبر على مجاهدة ذلك ، غُلِب وقُهر وأُسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه ، كما قيل:

إذا المَرءُ لم يَغلِبْ هواهُ أقامه * بمنْزلةٍ فيها العَزيزُ ذَليلُ " .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 584)
.
والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 17:50
هل يُنْكَر على من يقول عند التهنئة : " مبروك " ؟

السؤال :

أريد منكم أن توضحوا لي كلمة مبروك ، حيث أن هذا تعبير شائع على ألسنة العوام أن يقولوا مبروك لفلان ، هذا خطأ فادح ، ويعارض الاستخدام الصحيح للكلمة في اللغة العربية ، حيث أن كلمة مبروك مشتقة من الفعل برَكَ ، وكلمة مُباركْ مشتقة من بارك ، لذلك لا يجب استخدام كلمة مبروك ويجب استخدام كلمة مبارك للتهنئة

لأنها مشتقة من البركة كما ذكرنا آنفا ،والعوام لا يقصدون بقولهم مبروك لفلان المعنى الخطأ لكلمة برك إنما يقصدون معنى البركة ، ولكن هذا التعبير خاطئ .

فهل يُنْكَر على من يقول عند التهنئة : " مبروك " ؟

الجواب :

الحمد لله

الصحيح من حيث اللغة ، وكذا من حيث الاستعمال الشرعي أن يقال : " مبارك " ولا يقال : " مبروك " ؛ وذلك أن اسم المفعول من فاعل الرباعي هو مفاعل .

وقال في "القاموس المحيط" (ص 932):

" البَرَكَةُ : النَّماءُ والزيادةُ ، والسَّعادَةُ ، والتَّبْريكُ: الدُّعاءُ بها.

وبَريكٌ: مُبارَكٌ فيه ، وبارَكَ اللهُ لَكَ ، وفيكَ ، وعليكَ، وبارَكَكَ ، وبارِكْ على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ : أدِمْ له ما أعْطَيْته من التَّشْريفِ والكَرامَةِ ".

انتهى .

وقال في "المصباح المنير" (1/ 45):

" الْبَرَكَةُ : الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ ، وَبَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَهُوَ مُبَارَكٌ ، وَالْأَصْلُ مُبَارَكٌ فِيهِ " انتهى .

وقال تعالى : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ) الأنعام/ 92 .

وقال عز وجل : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) الدخان/ 3 .

وقال عن عيسى عليه السلام : ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) مريم/ 31 .

وروى البخاري أيضا (5458) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ :" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: ( الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ ، وَلاَ مُوَدَّعٍ ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا ) .

على أن الأمر في هذا من حيث استعمال الناس : واسع ، فليس هذا من الألفاظ التوقيفية التي ورد الشرع بالتزامها ، بل بأي لفظ أدى معنى الدعاء بالبركة ، مما تعارفه الناس : حصل المقصود ، ولا إنكار في ذلك ، حتى وإن كان لفظا ملحونا من حيث الصنعة اللغوية ، ما دام المعنى في ذلك واضحا لمن يستعمله .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم القول عند التهنئة " مبروك " مع ما يقال إنها مأخوذة من البروك ، كأن تقول برك الجمل وليست بمعنى مبارك الذي هو من البركة ؟

فأجاب : " اللفظة صالحة بأن تكون من البركة ، لأنه يقال هذا مبارك من الفعل الرباعي بارك ، ويقول هذا مبروك من برك ، ولكن العامة لا يريدون به إلا البركة وهو بمعنى مبارك في اللغة العرفية .."

انتهى ، من "فتاوى إسلامية" (4/ 478) .

والحاصل :

أنه لا حرج في استعمال كلمة "مبروك" عند التهنئة ، والدعاء بالبركة ، ما دام الناس قد تعارفوا على ذلك ، ولا خطأ فيه أصلا ، من الناحية الشرعية ، فضلا عن أن يكون فادحا .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 18:00
هل يعم الفضل في قوله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) جميع الأمة ؟

السؤال:

كثيرا ما نجد مكتوبا في رسائل الناس الشخصية آية: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) التي خاطب الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فهل يعم الفضل في هذه الآية كل أحد؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

كتابة هذه الآية في الرسائل هو من جنس الاقتباس من كتاب الله تعالى ، وقد تقدم أن الاقتباس جائز في الجملة ، إذا كان لمقصد صحيح ، إما إذا كان بخلاف ذلك لم يجز .

ثانيا : قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى/ 5 ، يعني أنه سبحانه وتعالى سيعطي عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من فضله وكرمه ما يحصل له به تمام الرضا في الدنيا والآخرة .

قال الشوكاني رحمه الله :

" والظاهر أنه سبحانه يعطيه ما يرضى به من خيري الدنيا والآخرة ، ومن أهم ذلك عنده وأقدمه لديه قبول شفاعته لأمته "

انتهى من "فتح القدير" (5 /649)

ومثل هذا لا يعم كل أحد بطبيعة الحال ، والقطع لأحد من الناس بعطاء من الله حتى الرضا لا يجوز إلا بالنص الشرعي
.
ثالثا :

التمثل بهذه الآية يختلف حكمه من حال إلى حال :

- فمن تمثل بها على سبيل التفاؤل فلا حرج عليه .

- ومن تمثل بها على سبيل الإشارة والعناية بحال المسلم المبتلى الصابر فقال له مثلا : اصبر فلسوف يعطيك ربك فترضى إن شاء الله ، فلا حرج أيضا ، لأن ذلك من التسلية وحسن الظن بالله وخاصة مع ذكر المشيئة .

- ومن تمثل بها على سبيل القطع بالجزاء الحسن من الله حتى الرضا فهذا لا يجوز ، لأنه لا يقطع على الله تعالى بشيء ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

- ومن تمثل بها يزعم أن ذلك سببا لرد ما ضاع منه وفقده فلا يجوز أيضا .

- ومن تمثل بها على وجه العموم فهو يرسلها رسالة ، ويذكرها في المجالس ، ويكتب بها في المشاركات ، هكذا

بصورة عامة فمثل هذا لا يجوز أيضا ؛ لأن العموم يدخل فيه كل المعاني الصالحة والفاسدة ، ومن هذه المعاني الفاسدة ما ذكره السائل من تصور حصول هذا الفضل لعموم الناس ، وهذا محال قطعا ، وفيه تقوّل على الله تعالى وتزكية من ليس أهلا للتزكية أصلا .

والله تعالى أعلم .

..........

الاقتباس من القرآن ، أنواعه ، وأحكامه

السؤال:

هل يجوز - يا شيخ - أن نقتبس من القرآن الكريم بعض جمل وفقرات واستخدامها في الحياة العامة ؟

مثلاً : يقول لي صديقي : " تعال نأكل في هذا المطعم " ، أقول له : " أكل المطاعم لا يسمن ولا يغني من جوع "

ومثال آخر : يطلب مني صديق أن أخبره بشيء ، فأقول له : " انتظر حتى أحدث لك منه ذِكراً ".

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الاقتباس في اللغة : هو طلب القَبَس ، وهو الشعلة من النار ، ويستعار لطلب العلم ، قال الجوهري في " الصحاح " : اقتبست منه علما : أي استفدته .

وفي الاصطلاح : تضمين المتكلم كلامه - شعراً كان أو نثراً - شيئاً من القرآن ، أو الحديث ، على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث .

"الموسوعة الفقهية" (6/16 ، 17) .

ثانياً:

أنواع الاقتباس :

في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 16 ، 17 ) :

الاقتباس على نوعين :

أحدهما : ما لم ينقل فيه المقتبَس ( بفتح الباء ) عن معناه الأصلي ، ومنه قول الشاعر :

قد كان ما خفت أن يكونا
*** إنا إلى الله راجعونا

وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير ؛ لأن الآية ( وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة/156.

والثاني : ما نقل فيه المقتبَس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي :

لئن أخطأتُ في مدحِـ
ك ما أخطأتَ في منعي
لقد أنزلتُ حاجاتي "
بوادٍ غير ذي زرع "

فقوله " بواد غير ذي زرع " : اقتباس من القرآن الكريم ، فهي وردت في القرآن الكريم بمعنى " مكة المكرمة " ، إذ لا ماء فيها ولا نبات ، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ، هو : " لا نفع فيه ولا خير " .

ثالثاً:

حكم الاقتباس :

جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 6 / 17 ، 18 ) :

" يرى جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز الاقتباس فيه من القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون ، والفحش .

قال السيوطي :

لم يتعرض له المتقدمون ، ولا أكثر المتأخرين من الشافعية ، مع شيوع الاقتباس في أعصارهم ، واستعمال الشعراء له قديماً ، وحديثاً ، وقد تعرض له جماعة من المتأخرين ، فسئل عنه الشيخ العز بن عبد السلام فأجازه ، واستدل له بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله في الصلاة وغيرها : ( وجهت وجهي ... إلخ ) ، وقوله : ( اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر ) .

وفي سياق الكلام لأبي بكر

... " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .

وفي حديث لابن عمر ...

" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .

وقد اشتهر عند المالكية تحريمه ، وتشديد النكير على فاعله ، لكن منهم من فرَّق بين الشِّعر فكره الاقتباس فيه ، وبين النثر فأجازه ، وممن استعمله في النثر من المالكية : القاضي عياض ، وابن دقيق العيد ، وقد استعمله فقهاء الحنفية في كتبهم الفقهية .

ونقل السيوطي

عن " شرح بديعية " ابن حجة أن الاقتباس ثلاثة أقسام :

الأول : مقبول ، وهو ما كان في الخطب والمواعظ والعهود .

والثاني : مباح ، وهو ما كان في الغزل والرسائل والقصص .

والثالث : مردود ، وهو على ضربين .

أحدهما : اقتباس ما نَسبه الله إلى نفسه ، بأن ينسبه المقتبِس إلى نفسه ، كما قيل عمن وقع على شكوى بقوله : " إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم " !! .

والآخر : تضمين آية في معنى هزل ، أو مجون .

قال السيوطي : وهذا التقسيم حسن جدّاً ، وبه أقول " انتهى .

وبهذا التقسيم الأخير يقول العلماء المحققون ، وليس ثمة فرق بين الشِّعر والنثر عندهم .

1. سئل علماء اللجنة الدائمة عن : استعمال بعض آيات القرآن في المزاح ما بين الأصدقاء ، مثال : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) الحاقة/30 ، ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) عبس/40 ، ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) الفتح/29 ، هل يجوز استعمال هذه الآيات في المزاح ما بين الأصدقاء ؟ .

فأجابوا : " لا يجوز استعمال آيات القرآن في المزاح على أنها آيات من القرآن ، أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على اللسان لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه : فيجوز.

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 82 ، 83 ) .

2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً – : ما حكم تأول القرآن عندما يعرض لأحد منَّا شيءٌ من أمور الدنيا ، كقول أحدنا عندما يحصل عليه شدة ، أو ضيق : ( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) مريم/83 .

عندما يلاقي صاحبه : ( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) طه/40 .

عندما يحضر طعام : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/24 .

إلى آخر ما هنالك مما يستعمله بعض الناس اليوم ؟ .

فأجابوا : " الخير في ترك استعمال هذه الكلمات وأمثالها فيما ذكر ؛ تنزيهاً للقرآن ، وصيانة له عما لا يليق.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 81 ، 82 ) .

3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله

- : كثيراً ما يتناقل بعض الناس أثناء الحديث على ألسنتهم آيات من القرآن الكريم ، أو من السنَّة على سبيل المزاح ، مثاله : كأن يقول بعضهم : فلان ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) الشمس/13 ، أو قول بعضهم للبعض : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون/ 6 ، واليوم رأينا نون وما يعلمون ، وهكذا ، ومن السنَّة : كأن يقول أحدهم إذا ذُكّر ونُصح بترك المعصية : يا أخي ( التقوى هاهنا ) ، أو قوله : ( إن الدين يسر ) وهكذا .

فما قولكم في أمثال هؤلاء ؟ وما نصيحتكم لهم ؟ .

فأجاب : " أما من قال هذا على سبيل الاستهزاء والسخرية : فإنه على خطر عظيم ، وقد يقال إنه خرج من الإسلام ؛ لأن القرآن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يُتخذ هزواً

وكذلك الأحكام الشرعية ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/64 – 66 .
ولهذا قال العلماء رحمهم الله : من قال كلمة الكفر ولو مازحاً : فإنه يكفر ، ويجب عليه أن يتوب ، وأن يعتقد أنه تاب من الردة ، فيجدد إسلامه ، فآيات الله عز وجل ورسوله أعظم من أن تتخذ هزواً أو مزحاً .

أما من استشهد بآية على واقعة جرت وحدثت : فهذا لا بأس به ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد بالآيات على الوقائع ، فاستشهد بقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) التغابن/15 ، حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما ، فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم ،

وقال : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة ) التغابن/15 ، فالاستشهاد بالآيات على الوقائع : لا بأس به ، وأما أن تنزّل الآيات على ما لم يُرد الله بها - ولاسيما إن قارن ذلك سخرية واستهزاء - : فالأمر خطير جدّاً " انتهى .

"لقاءات الباب المفتوح" (60/السؤال الأول) .

4. وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –

: نسمع كثيراً من الإخوان يستخدمون الآيات القرآنية لضرب أمثلة ، كقوله تعالى : ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ )

الغاشية/7 ، وقوله : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 .

فهل هذا جائز أم لا ؟ وإذا كان جائزاً : ففي أي الحالات يمكن ذكرها وترديدها ؟ .

فأجاب : " لا بأس بالتمثل بالقرآن الكريم إذا كان لغرض صحيح ، كأن يقول : هذا الشيء لا يُسمن ، ولا يُغني من جوع ، أو يقول : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 ، إذا أراد التذكير بحالة الإنسان مع الأرض ، وأنه خلق منها ، ويعود إليها بعد الموت ثم يبعثه الله منها ، فالتمثل بالقرآن الكريم إذا لم يكن على وجه السخرية والاستهزاء : لا بأس به ، أما إذا كان على وجه السخرية والاستهزاء :

فهذا يعتبر ردة عن الإسلام ؛ لأن من استهزأ بالقرآن الكريم أو بشيء من ذكر الله عز وجل ، وهزل بشيء من ذلك : فإنه يرتد عن دين الإسلام ، كما قال تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65 ، 66 ، فيجب تعظيم القرآن واحترامه " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2 /79 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 18:07
التعليق على مقولة " أعذرُ ربي يوم أن فعل بي كذا وكذا " !!

السؤال :

هل يجوز قول الرجل : ( بعذر الله بي يوم أنه سوى بي كذا وكذا ) ؟

الجواب :

الحمد لله

إن الإسلام عظَّم شأن الكلمة التي يتكلم بها المرء , ولذلك جاء التحذير من إلقاء الكلام على عواهنه ، قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق/ 18 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ) رواه البخاري (6113) .

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) رواه البخاري (5672) ومسلم (47) .

قال النووي رحمه الله :

إذا أراد أن يتكلم : فإن كان ما يتكلم به خيراً محقّقاً يثاب عليه ، واجباً ، أو مندوباً : فليتكلم , وإن لم يظهر له أنه خيرٌ يثاب عليه : فليمسك عن الكلام ، سواء ظهر له أنه حرام ، أو مكروه ، أو مباح مستوي الطرفين ، فعلى هذا : يكون الكلام المباح مأموراً بتركه ، مندوباً إلى الإمساك عنه ، مخافة من انجراره إلى المحرم ، أو المكروه , وهذا يقع في العادة كثيراً ، أو غالباً ، وقد قال الله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .

"شرح مسلم" (2/19) .

وهذه الجملة الوارد ذِكرها في السؤال : قبيحة اللفظ ، سيئة المعنى ، وهي تحتمل في طياتها معنى لا يليق بالله سبحانه , وكأن العبد له أن يعذر الله ، أو لا يعذره ! أو ربما لا يعذره في بعض الأمور ؛ لأن الله – في ظنه – يظلمه - والعياذ بالله- , والله تعالى يقول : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 ، وذلك لكمال حكمته وعلمه وعدله ومشيئته ، ويقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/44 .

قال ابن كثير رحمه الله في بيان حكمة الله فيما يشرع :

فهو الحاكم ، المتصرف في ملكه بما يشاء ، الذي لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون ؛ لعلمه ، وحكمته ، وعدله ، ولهذا قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/ 44 ، وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ربه عز وجل : (يَا عِبَادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمُ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُم مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا) – رواه مسلم -

"تفسير ابن كثير" (4/271) .

ومن اعتقد في ربه تعالى أن له كمال العلم ، وكمال العدل ، وكمال الحكمة : لم تصدر منه هذه الكلمة ، ولا مثيلاتها ، وليعلم كل عبدٍ أن الله تعالى لا يؤاخذه على كل ما يعمل ، وأنه لو آخذ تعالى الناس بكل ما عملوا ما ترك على ظهر الأرض أحداً ، ولذا فإنه تعالى يعفو عن كثير ، وما يؤاخذ به فهو القليل من أفعال العباد

قال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل/61 ، وقال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً) فاطر/ 45 .

والصحيح في هذه الآيات ومثيلاتها أنها عامة في الكفار والمسلمين ، كما حققه العلاَّمة الشنقيطي في "أضواء البيان" (2/390 – 393) .

وبه يعلم المسلم أن ما أصابه من مصائب وعقوبات إنما هو بسبب ذنوبه ، وما اكتسبته يداه ، ولم يظلمه ربه تعالى ، بل قد عفا عن كثيرٍ من زلاته ، كما قال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى/30 .

قال ابن كثير رحمه الله :

وقوله : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أي : مهما أصابكم أيها الناس من المصائب : فإنما هو عن سيئات تقدمت لكم ، (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) أي : من السيئات ، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها ، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) فاطر/ 45 .

"تفسير ابن كثير" (4/433) .

فالله تعالى لا يحتاج أن يعذره عباده ، فهم الظالمون لأنفسهم ، والمقصرون في شكر نعمه ، والقيام بحقه .

فعلى المسلم ألا يتلفظ بهذه الكلمة ، ومن تلفظ بها فعليه أن يتوب منها ويستغفر ، ويندم على قولها، ويعزم على عدم العود لها .

وهذا الذي قلناه إنما هو بحسب ما ظهر لنا من معنى الكلمة ، فإن كان المتكلم بها يريد معنىً آخر ، فالله أعلم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 18:08
هل يصح أن يقال " حرام على الله أن يفعل كذا " للشيء يقضي بعدم حصوله ؟

السؤال:

هل هذا المقولة صحيحة : "حرام على الله أن يفعل كذا " ؛ مثلا : أن يدخل المتكبر الجنة ؟

فهل هذا من قبيل التجرؤ على الله ؟ أم هذا يشبه قول الله في الحديث القدسي : حرم الله الظلم على نفسه ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لله أن يوجب على نفسه ما شاء ، وله سبحانه أن يحرم على نفسه ما شاء ، وليس للخلق أن يوجبوا عليه تعالى شيئا ، ولا أن يحرموا عليه شيئا سبحانه ؛ فإن هذا من قول أهل البدع .

فالله تعالى مالك الملك يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق ، وتنازعوا : هل يوجب بنفسه على نفسه ؟ على قولين ، ومن جوز ذلك احتج بقوله سبحانه : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام/ 54 ، وبقوله في الحديث الصحيح : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ) .

وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى ، والتحريم بالقياس على خلقه ، فهذا قول القدرية ، وهو قول مبتدع ، مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه ، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب ، قال: إنه كتب على نفسه ، وحرم على نفسه ، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئا، كما يكون للمخلوق على المخلوق "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 310) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الأربعين النووية" (ص 244):

" لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه ، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء ، كما أنه يوجب على نفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأنعام/12، وكتب عزّ وجل عنده : ( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) رواه البخاري (7422) ومسلم (2751) .

فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء ، وهل يجب على الله شيء؟

فالجواب : أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم : فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء ، وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا ، فالعقل لا يوجب ولا يحرم ، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل " انتهى .

ثالثاً :

الحديث المشار إليه في السؤال : رواه مسلم في صحيحه (91) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ ) .

فهذا الحديث ونحوه ، هو من أحاديث الوعيد التي لا تقتضي تحريما ولا إيجابا في حق الله عز وجل .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم : ( لا يدخل الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ) ؛ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ ؛ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ ، فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل ) ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارُهُمْ ، وَدَفْعُ الْحَقِّ ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخْرِجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ

بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دُونَ مُجَازَاةٍ ، إِنْ جَازَاهُ ؛ وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ ، لَوْ جَازَاهُ ، وَقَدْ يَتَكَرَّمُ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ ؛ إِمَّا أَوَّلًا ، وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ ماتوا مصرين عليها ، وقيل لا يدخلها مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وَهْلَةٍ " .

انتهى من شرح مسلم (2/91) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْكِبْرُ الْمُبَايِنُ لِلْإِيمَانِ : لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ الْجَنَّةَ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، وَمِنْ هَذَا كِبْرُ إبْلِيسَ وَكِبْرُ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ كَانَ كِبْرُهُ مُنَافِيًا لِلْإِيمَانِ ، وَكَذَلِكَ كِبْرُ الْيَهُودِ ..
.
وَالْكِبْرُ كُلُّهُ مُبَايِنٌ لِلْإِيمَانِ الْوَاجِبِ فَمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَا يَفْعَلُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ بَلْ كِبْرُهُ يُوجِبُ لَهُ جَحْدَ الْحَقِّ وَاحْتِقَارَ الْخَلْقِ ..

فَقَوْلُهُ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا ، لَكِنْ إنْ تَابَ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ مَاحِيَةٌ لِذَنْبِهِ أَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِمَصَائِبَ كَفَّرَ بِهَا خَطَايَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ زَالَ ثَمَرَةُ هَذَا الْكِبْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ؛ فَيَدْخُلُهَا أَوْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ مِنْ نَفْسِهِ

فَلَا يَدْخُلُهَا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَلِهَذَا قَالَ : مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ : إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الدُّخُولُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ عَذَابٌ ؛ لَا الدُّخُولُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَفْهُومُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ.

فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِلَا عَذَابٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ لِكِبْرِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَلَكِنْ قَدْ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ } ، وَقَوْلِهِ: { لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ } وَأَمْثَالُ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ .

وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْكُفَّارِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/167-169) .

فإذا كان الحديث متناولا لكبر المشركين ، الذين حرم الله عليهم الجنة ، وكبر أهل المعاصي والكبائر من الموحدين ، الذين لا يخلدون في النار ، ولا تحرم عليهم الجنة على جهة التأبيد : لم يجز أن يطلق فيه مثل هذا الإطلاق الموهم ، الذي لم يرد بشأنه توقيف ، خاصة مع ترجيح بعض المحققين لأن يكون المراد بالحديث : عصاة الموحدين ، دون كبر المشركين .

والواجب على العبد أن يلزم مقام التأدب مع الله تعالى ، والإقصار من بعض القول ، ولو بدا له فيه وجه حسن ، فإن مثل هذا الكلام الذي لم يرد به توقيف : لو قدر أنه صحيح ، لم يكن قوله واجبا ، بل ولا مستحبا ؛ فكيف إذا كان يحتمل \

معاني باطلة موهمة ؛ فما الحاجة إلى التكلف ، والإغراب والتفيهق في مثل ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .

وفي صحيح البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ ، رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: ( نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ ) .

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 16:24
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك !!

السؤال :

هل هذه العبارة صحيحة : كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك ؟

وهل يمنع الإنسان من التفكر في شيء من أسماء الله وصفاته ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن التفكر في أسماء الله جل جلاله وصفاته التي أثبتها لنفسه ، وأثبتها لها نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتعبد لله بمقتضى ذلك ، هو من أعظم ما يفتح على العبد من المعارف والعلوم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض ، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم .

ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله ، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله."

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7/129) .

ومتى تفكر العبد فيما ينبغي لله جل جلاله من ذلك ، وطرق باب معرفته سبحانه من حيث أمر ، فتح عليه من أبواب المعرفة والعبودية بحسب ما وفق له من ذلك ؛ فمن مقل ومستكثر .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الْقُرْآن كَلَام الله ، وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاته :

فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال ، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ، ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء .

وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال ، وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء ، وجمال الصِّفَات ، وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ؛ فيستنفد حبُّه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا ، بحسب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله ، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان ، انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله ، وَقَوي طمعه ، وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره ، وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل ، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل ، غلَّق أرضه بالبذر ، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام وَالْغَضَب والسخط والعقوبة ، انقمعت النَّفس الأمارة ، وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَاللَّهْو واللعب والحرص على الْمُحرمَات ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمر وَالنَّهْي والعهد وَالْوَصِيَّة وإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب وشرع الشَّرَائِع ، انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذ لأوامره ، والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا ، وَذكرهَا وتذكرها ، والتصديق بالْخبر ، والامتثال للطلب ، والاجتناب للنَّهْي .

وَإِذا تجلى بِصفة السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم انْبَعَثَ من العَبْد قُوَّة الْحيَاء ، فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره ، أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره ، أَو يخفي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ ، فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع ، غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحسب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسوق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم ، وَدفع المصائب عَنْهُم ، وَنَصره لأوليائه ، وحمايته لَهُم ، ومعيته الْخَاصَّة لَهُم : انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ فِي كل مَا يجريه على عَبده ، ويقيمه فيه ، مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزّ والكبرياء ، أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته ، والانكسار لعزته ، والخضوع لكبريائه ، وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ ؛ فتعلوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته ، وَيذْهب طيشه وقوته وحدته .

وجماع ذَلِك : أَنه سُبْحَانَهُ يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إلهيته تارّة ، وبصفات ربوبيته تَارَة ؛ فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة ، والشوق إِلَى لِقَائِه ، والأنس والفرح بِهِ ، وَالسُّرُور بخدمته ، والمنافسة فِي قربه ، والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ، واللهج بِذكرِهِ ، والفرار من الْخلق إِلَيْهِ ، وَيصير هُوَ وَحده همه دون مَا سواهُ .

وَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الربوبية التَّوَكُّل عَلَيْهِ ، والافتقار إِلَيْهِ ، والاستعانة بِهِ ، والذل والخضوع والانكسار لَهُ .

وَكَمَال ذَلِك أَن يشْهد ربوبيته فِي إلهيته ، وإلهيته فِي ربوبيته ، وحمده فِي ملكه ، وعزه فِي عَفوه ، وحكمته فِي قَضَائِهِ وَقدره ، وَنعمته فِي بلائه ، وعطاءه فِي مَنعه ، وبره ولطفه وإحسانه وَرَحمته فِي قيوميته ، وعدله فِي انتقامه ، وجوده وَكَرمه فِي مغفرته وستره وتجاوزه ، وَيشْهد حكمته وَنعمته فِي أمره وَنَهْيه ، وعزه فِي رِضَاهُ وغضبه ، وحلمه فِي إمهاله ، وَكَرمه فِي إقباله ، وغناه فِي إعراضه .

وَأَنت إِذا تدبرت الْقُرْآن ، وأجرته من التحريف وَأَن تقضي عَلَيْهِ بآراء الْمُتَكَلِّمين ، وأفكار المتكلفين : أشهدك ملكا قيوما فَوق سماواته على عَرْشه ، يدبر أَمر عباده ، يَأْمر وَيُنْهِي ، وَيُرْسل الرُّسُل ، وَينزل الْكتب ، ويرضى ويغضب ، ويثيب ويعاقب ، وَيُعْطِي وَيمْنَع ، ويعز ويذل ، ويخفض وَيرْفَع

يرى من فَوق سبع وَيسمع ، وَيعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ، فعّال لما يُرِيد ، مَوْصُوف بِكُل كَمَال ، منزه عَن كل عيب ، لَا تتحرك ذرّة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا تسْقط ورقة إِلَّا بِعِلْمِهِ ، وَلَا يشفع أحد عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ ، لَيْسَ لِعِبَادِهِ من دونه ولي وَلَا شَفِيع" .

انتهى من "الفوائد" (98-101) ط المجمع .

ثانيا :

قولهم : " كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك " ؛ يدخل فيه ـ بهذا الإطلاق ـ نفي قدر كبير من الحق ، فمن الحق أن يخطر بالبال أن الله سميع بصير حكيم خبير، استوى على عرشه كيف شاء ، وهكذا سائر ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نحو من ذلك المعنى :

" يؤكد ذلك أن حكم الوهم والخيال غالب على الآدميين في الأمور الإلهية ، بل وغيرها ؛ فلو كان ذلك كله باطلًا لكان نفي ذلك من أعظم الواجبات في الشريعة ، ولكان أدنى الأحوال أن يقول الشارع من جنس ما يقوله بعض النفاة : ما تخيلته فالله بخلافه ، لا سيما مع كثرة ما ذكره لهم من الصفات ."

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/436) ط المجمع .

وأحسن من هذا القول ، وأقعد بالسنة ، قول يحي بن عمار رحمه الله :

" لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا : أَن نؤمن بِهِ ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ ، ونتقي الشَّك فِيهِ ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم ، والخاطر، والوسواس .
وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه ، فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ ، وَغَيرُه ، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش ، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء ."

انتهى من "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (2/109) .

فالحاصل :

أن ما خطر بالبال من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها له رسوله : فهذا حق ، بل واجب اعتقاده ، والله تعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه ، وأخبرنا عنه رسوله .

وما خطر بالبال من تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف لشيء من ذلك ، أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتابه ، وسنة نبيه : فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه ، وقطع الوهم والظن عن بابه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 16:27
هل موت كبار السن تحل به مصائب أو تنقص فيه بركة على أهله الباقين ؟

السؤال :

عندنا مقولة في ثقافتنا تُردد حين يموت الكبار ، يقولون : إن المصيبة تحل على الباقين من العائلة ، ويقولون أيضاً : إن بموتهم تقل بركة الله في الباقين من الأقارب الأحياء

. ما هو تكييف هذا الكلام وفقاً للشريعة ؟

وهل معناه صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله

فإن الموت مصيبة عظيمة وبلية جسيمة وبه ينقطع العمل وينتهي الأجل ويقدُم المرء على ربه ، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر ، وبالموت تسال العبرات وتحزن القلوب وتعم الأحزان .

قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) البقرة/ 155 ، فنقص الأنفس من جملة الابتلاءات التي تصيب العباد .

وهذا كله من حيث العموم ، وأما ما ورد في السؤال من كون موت الكبار يكون سبباً في نزول البلاء على الأسرة ، وسبباً في نقص البركة ، فهذا أمر لا دليل عليه بهذا الإطلاق ، وما زال الناس يموت فيهم الكبير والصغير ، فلو كانت وفاة الكبير سببا في نقصان البركة ، أو نزول المصائب ، لمحقت البركة من دنيا الناس

وتوالت على أهل كل بيت المصيبة بعد الأخرى ، وهذا خلاف ما هو مشاهد ، وخلاف ما جرت به سنة الله في خلقه ، وكم من كبير مات ، فتنعم أهله من بعده ، إما بمال تركه لهم ، أو نعمة فتحت عليهم ، أو زواج امرأة ، أو نحو ذلك مما هو مشاهد معلوم .

ثم ما علاقة الأحياء بموت الكبير ، حتى يصيبهم من البلاء ما يذكره هذا القائل ، سواء أكان الميت صالحا ، أو طالحا ؛ وقد قال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/ 15 .

إنما مصاب الناس حقيقة في موت صاحب العلم الذي يحرم الناس من علمه ، أو صاحب العبادة والطاعة ، والنفع المتعدي للناس : من جهاد في سبيل الله ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو صدقات وزكوات ، أو نحو ذلك ؛ وهذا كله لا تعلق له بصغير أو كبير ، إنما بحاله ، ونفعه للناس ، وبركته في الأرض

فلا شك أن موت أمثال هؤلاء : نقصان خير وبركة ، وثلمة في دين الناس أو دنياهم ، وأعظم الناس مصابا بهم : المقربون منهم ؛ لكن ذلك ليس معناه أن تنزل عليهم مصيبة أخرى بعده

إلا أن يعمل من بعده بعمل يستحقون به ذلك . فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري ( 100 ) ومسلم ( 2673 ) .

إِذَا مَا مَاتَ ذُو عِلْمٍ وَتَقْوَى ...
فَقَدْ ثَلمَتْ مِنَ الإِسْلامِ ثُلْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَادِلِ الْمَلِكِ الْمُوَلَّى ...
لِحُكْمِ الْخَلْقِ مَنْقَصَةً وَقَصْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَابِدِ الْمَرْضِيِّ نَقْصٌ ...
فَفِي مَرْآهُ لِلأَسْرَارِ نَسْمَهْ

وَمَوْتُ الْفَارِسِ الضِّرْغَامِ هَدْمٌ ...
فَكَمْ شَهَدَتْ لَهُ بِالنَّصْرِ عَزْمَهْ

وَمَوْتُ فَتَى كَثِيرِ الْجُودِ نَقْصٌ ..
. لأَنَّ بَقَاءَهُ فَضْلٌ وَنِعْمَهْ

فَحَسْبُكَ خَمْسَةٌ يُبْكَى عَلَيْهمْ ...
وَمَوْتُ الْغَيْرِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَهْ

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 16:37
هل تجوز التحية بقول : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:

عندنا في بلدنا بعض الناس يقول عند الصباح : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فما حكم قول هذه الكلمة ؟

الجواب :

الحمد لله

قد تطلق هذه العبارة : " أنوار النبي صلى الله عليه وسلم ، أو " نور النبي صلى الله عليه وسلم " ويقصد بها معنى صحيح ، وهو نور الهداية التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال الله تعالى : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) المائدة/ 15 .

قال الطبري رحمه الله :

" يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب : (قد جاءكم) ، يا أهل التوراة والإنجيل (من الله نور) ، يعني بالنور محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام ، ومحق به الشرك ، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق ، ومن إنارته الحق ، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب " انتهى من "تفسير الطبري" (10 /143) .
وقد تطلق وتوهم معنى فاسدا ؛ كأن يقصد قائلها الإشارة إلى ما يعتقده كثير من الصوفية وجهلة العوام من أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، وهو اعتقاد باطل .

أما التحية بقول : " صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم " فلا تُشرع ، بل لا تجوز ؛ وذلك لأمور ، منها :

أولا : أنها تحية محدثة ، لم يدل عليها الكتاب ولا السنة ، ولا كانت من عمل من مضى من السلف ، ولا يعرف عنهم أنهم كانوا يحيون بعضهم بعضا بها .

ثانيا : أنها موهمة للمعنى الباطل من كون النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، أو أن نوره الحسي ما ازال بين الناس ؛ وكأنه يدعو لصاحبه أن يصيبه من ذلك النور .

ثالثا : أنها تحمل على الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رابعا : قد تؤدي التحية بها إلى ترك التحية بالسلام المشروع ؛ فيكون ذلك من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير
.
خامسا : أن المبالغة في مثل هذا الباب ، إنما هي شأن أهل البدع من الصوفية ونحوهم .

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

بعض الناس يقول لآخر : صبحك الله بأنوار النبي عند الصباح ، فهل يجوز هذا ؟ وإن كان لا يجوز ، فهل يجوز إبداله بصبحك الله بنوره؟
فأجاب :

" لا ، يقول : صبحك الله بالخير ، أما بأنوار النبي ! ما هي أنوار النبي ؟ النبي صلى الله عليه وسلم متوفى ، وليس له أنوار ، هذا عند القبوريين وعند الصوفيين ، فهذا الكلام لا يجوز " انتهى

والله أعلم .


.........

هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور

السؤال:

قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله. أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً

الجواب:

الحمد لله

ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :

السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري " ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم " فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟

الجواب :

الحمد لله

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده

ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 ,

وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه

وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل . وأما ما يروى
:
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق

فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310

السؤال : هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح أم لا . بين لنا حقيقته ؟

الجواب :

الحمد لله

لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
فتاوى اللجنة الدائمة 1/312

...........

: أهمية السلام ورده

السؤال :

هل يمكن أن تخبرني عن أهمية قول السلام عليكم وقول وعليكم السلام ؟

الجواب:

الحمد لله

كان من عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضاً بتحيات فيما بينهم وكان لكل طائفة منهم تحية تخصهم عن غيرهم من الناس .

فقد كانت العرب تقول في تحيتهم أنعم صباحاً أو أنعموا صباحا فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش بعد الصباح ويصلونها به لأن الصباح هو أول ما يبدأ به الإنسان نهاره فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره .
ولما جاء الإسلام الحنيف شرع الله عز وجل فيه تحية للمسلمين فيما بينهم وشعارا لهم وهي السلام عليكم وجعلها خاصة لهم عن غيرهم من الأمم ومعنى السلام هو البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب

والسلام أيضا اسم عظيم من أسماء الله عز وجل وعلى هذا فإنّ قول السلام عليكم أي هو يراقبكم ويطّلع عليكم فيكون فيها موعظة ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم .

قال ابن القيم بدائع الفوائد (144)

: فشرع الله الملك القدوس السلام لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي فيها ما هو محال وكذب نحو قولهم تعيش ألف سنة وما هو قاصر المعنى مثل أنعم صباحاً ومنها ما لا ينبغي مثل السجود فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة

ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل مقصود ومقصود العبد من الحياة يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير عليه والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الصلة ) انتهى

هذا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام من الإيمان فروى البخاري (12).(28) و(6236) ومسلم (39) وأحمد (2/169) وأبو داود (5494) والنسائي (8/107) وابن حبان (505)

عن عبد الله بن عمر قال : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) قال ابن حجر في الفتح (1/56) أي لا تخص أحداً تكبراً أو تصنعا ، بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاة لاخوة المسلم .

قال ابن رجب في الفتح (1/43 ) :

وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان ، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته .

قال السنوسي في إكمال المعلم (1/244) :

( المراد بالسلام التحية بين الناس وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الطعام وقد يكون في قلب المحبين ضعف فيزول بالتحية وقد يكون عدواً فينقلب بها صديقاً ) .أهـ

قال القاضي في إكمال المعلم (1:276)

: وهذا حض منه صلى الله عليه وسلم على تأليف قلوب المؤمنين وإن أفضل خلقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضاً وتحيتهم وتوادهم واستجلاب ذلك بينهم بالقول والفعل وقد حض صلى الله عليه وسلم على التحابب والتودد وعلى أسبابهما من التهادي وإطعام الطعام وإفشاء السلام ونهي عن أضدادها من التقاطع والتدابر والتجسس والتحسس والنميمة وذوي الوجهين .

والألفة أحد فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام وفي بذل السلام على من عرف ومن لم يعرف إخلاص العمل به لله تعالى لا مصانعة ولا مَلَقاً لمن تعرف دون من لا تعرف وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة من لفظ السلام ) انتهى .

ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أن بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء فيما رواه مسلم (54) أحمد (2/391) والترمذي (2513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم ) .

هذا وقد بين صلى الله عليه وسلم جزاء وثواب من قال السلام عليكم كما روى النسائي في عمل اليوم والليلة (368) والبخاري في الأدب المفرد (586) وابن حبان (493) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر قال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجلا آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة ).

وقد أمر صلى الله عليه وسلم بردّ السلام وجعله حقاً فروى أحمد (2/540) والبخاري (1240) ومسلم (2792) والنسائي في اليوم والليلة (221) وأبو داود(5031) عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه (حق المسلم على المسلم خمس : ردّ السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ، وإجابة الداعي وتشميت العاطس ) .

وظاهر الأمر الوجوب فيجب رد السلام ذلك أن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به أو أنه هاجر له ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام فروى البخاري (6233)

عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . هذه نبذة عن أهمية السّلام وردّه

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد......

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 16:47
هل يجوز أن يقول الرجل لأمه " فداكِ نفسي ومالي وولدي وزوجتي " ؟

السؤال:

أنا رجل متزوج وأحب زوجتي كثيراً ، وقع خلاف بيني وبينها حول كلمة سمعتها من داعية إسلامي وعالم جليل هو الشيخ " أبو إسحاق الحويني " عن بر الوالدين ، حيث قال : إنه يفتدي أمه بنفسه وماله وولده وزوجاته ، وأنا أحب أن أكون سبباً في نشر الخير بين الناس ودائما أستخدم موقعي على " الفيس بوك " للدعوة الإسلامية ، فأعجبني هذا المقطع للشيخ الحويني ، فنشرته

وكتبت بجانبه " الأم هي من تُفتدى بالمال والأهل والولد " ، فغضبت زوجتي كثيراً لذلك ! وأخبرتني أني جرحتُ مشاعرها بنشر هذا الكلام ، هل أنا مخطئ بما فعلت حتى أعتذر من زوجتي ؟

وإذا لم أكن مخطئاً فكيف أتصرف مع زوجتي ، والتي تهددني بخلع الخمار كلما غضبت مني ؟

وهل صحيح أن الأم تُفتدى بالمال والأهل والولد ؟

وما معنى الفداء هنا ؟

ولقد قرأت على موقعكم الطيب فتوى لكم أن الرجل الذي لا يستطيع أن ينفق على زوجته وأمه فإن الزوجة أحق من الأم بالنفقة ، وقد صدمت لذلك ، وهنا أسألكم إذا لم يكن للأم مُعيل إلا هذا الابن : فماذا يفعل ؟

ينفق على أمه أم على زوجته ويترك أمه بلا معيل ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

أما معنى " الفداء " : فقد قال ابن فارس في " مقاييس اللغة " ( 4 / 483 ) : " فدي : أن يُجعل شيءٌ مكان شيءٍ حمًى له ... .

( ومنها ) قولك فديتُه أفدِيه : كأنك تحميه بنفسك أو بشيءٍ يعوّض عنه " انتهى باختصار .

واسم هذا الدعاء " التفدية " ، فمعنى جُعلت فداءكَ : حملتُ عنك الضر الذي نزل عليك بنفسي أو مالي أو ما أملكه ، ومثله لو قال " فداك أبي وأمي " ، فالمعنى : أن ينزل البلاء على الأم والأب من غير أن يصيبك منه شيء ، وعلى هذا يقاس كل ما يقال في الدعاء بـ " التفدية " .

ثانيا :

ليُعلم أن هذه اللفظة لا يراد بها الفداء على الحقيقة ، بل هي للتعبير عن حب وبرّ وعظيم منزلة لهذا المفدَّى عند المفْدي ، ومما يدل على ذلك استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لها لبعض أصحابه ومعلوم أن أبواه لم يكونا أحياء وقتها ! فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ ( يَا سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3519 ) ومسلم ( 2412 ) .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ ) فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ ( فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3515 ) ومسلم ( 2416 ) .
ولا يحق للزوجة أن تغضب من هذا ، بل إن عليها أن تفرح وتعين زوجها على أنواع البر لأمه ، فمَن لا خير فيه لأمه لا خير فيه لزوجه ، وإذا كانت هذه التفدية على باب المجاز ، والتوسع في العبارة على ما جاءت به العرب ، فليس في ذلك شيء يستوجب غضبا ، ولا اعتذارا ، بل لا يستوجب الوقوف عنده أصلا ؛ خاصة أيضا وأن الزوج كان مجرد ناقل لمقطع يستحسنه .

ثم إننا لا نرى مانعا من أن تخاطب امرأتك بمثل هذه العبارة ، فتقول : وأنتِ أيضا " فداكِ أبي وأمي ونفسي ومالي " ؛ فإن الزوجة يليق بها ذلك أيضاً ؛ لما أمر الشارع بالإحسان إليها ، ولما تبذله لزوجها وأولادها ، وقد سبق معرفة أن الكلام لا يراد به حقيقته .

قال النووي – رحمه الله – في شرح حديث علي بن أبي طالب السابق

- : " فيه : جواز التفدية بالأبوين ، وبه قال جماهير العلماء ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري رضي الله عنهما ، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه .

والصحيح : الجواز مطلقاً ؛ لأنه ليس فيه حقيقةً فداء وإنما هو كلام وإلطاف وإعلام بمحبته له ومنزلته ، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقاً "

انتهى من " شرح مسلم " ( 15 / 184 ) .

ولتعلم الزوجة أن هذه العبارة إذا كانت على وجه الإكرام والإلطاف في القول ، فإن أولى الناس بذلك ، وأحقهم به : هي الأم ، ولا علاقة للزوجة ومنزلتها بذلك أصلا .

وإذا قدر أن أحدا يطلقها ، ويريد بها حقيقتها ، فالأم ـ أيضا ـ هي التي يليق بها ذلك ؛ فإن رضاها مقدم على رضا الزوجة والولد ، وراحتها مقدمة على راحة الزوجة والولد ، وطاعتها مقدمة على طاعة الزوجة والولد ، وبرها مقدم على بر الزوجة والولد ؛ فأي خطأ في ذلك ؟ وأي إساءة في مثل هذا الكلام ؟!

ثالثاً:

أما ما تهدد به عند غضبها من خلع الخمار ، فهو أمر عظيم جلل ، وإننا لنرجو أن يكون كلاماً لا يوافق الباطن ، أو أنها ظنت أنها تغاضبك بمثل هذا ، أو نحو ذلك مما يكون بين الأزواج .

غير أننا ننبه الزوجة إلى أن هذا شيء جلل ، وأن عليها أن تتقي الله من تهديدها هذا ؛ فإن لبس الخمار ليس طاعة لك وحدك ، بل هو طاعة لله من قبل والذي قال : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/ 59 .

هل يليق بمسلم أن يهدد بأن يعصي الله ، ويغضبه ، لأجل أنه غضب من أحد من البشر ؛ أو يوطن نفسه على ذلك ؟ فلتحذر الزوجة من كلمة قد توبق دنياها وأخراها ، فتكون سبباً للهوي في النار ، ولتعلم أن أكثر ما يُدخل الناس في جهنم إنما هو حصائد ألسنتهم ، وليكن لك أنت موقف حازم جاد من تعليمها ذلك ، وتأديبها عليه .

رابعاً:

أما بخصوص النفقة على الزوجة والأم : فإن الإحسان إلى الأم واجب محتَّم ، وعند القدرة على النفقة فيبدأ بالزوجة ثم بأمه ، وأما إذا لم يستطع إلا أن ينفق على واحد فتقدَّم الزوجة ويكون معسراً في حق أمه فحاله كحال أي ابن فقير ليس لأمه معيل إلا هو وهو غير قادر على النفقة

عليها فيسقط الواجب للإعسار وينتقل لغيره من أخ له أو لها حتى ينتقل إلى بيت مال المسلمين ، والفرق بين الزوجة والأم في هذه الحال واضح فالزوجة محبوسة لزوجها ومع قدرته فلا تجب نفقتها إلا عليه ، وأما الأم فقد يكون لها أبناء وبنات وإخوة وأخوات وأب وأم ، فيلاحظ تعدد المنفقين

ولا تجب نفقتها على أحدهم باعتباره ابناً أو أخاً بل تسقط النفقة على المعسر دون الموسر منهم ، وأما في حال الزوجة فتجب نفقتها على زوجها بعينه موسراً كان أو معسراً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ) رواه مسلم ( 1822 ) ، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم - ( 1036 ) - ( ابْدَأْ بِمَنْ تَعُول ) .

قال ابن قدامة في " المغني " ( 2 / 695 ) :

" لأن نفقتها – أي : الزوجة - آكد ؛ فان نفقتها تجب على سبيل المعاوضة مع اليسار والإعسار ، ونفقة الأقارب صلة تجب مع اليسار دون الإعسار " انتهى .

قال النووي – رحمه الله -

: " يلزمه نفقة الوالد وإن علا ، والولد وإن سفل ، وإن اختلف دِينُهما ، بشرط يسار المنفِق بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه " .

انتهى من " منهاج الطالبين " ( ص 120 ) .

وقال الخطيب الشربيني – رحمه الله – شارحاً كلام النووي

- : " سواء أفضَل ذلك بكسب أم بغيره ، فإن لم يفضل شيء : فلا شيء عليه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ابْدَأ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فِإنْ فَضَلَ شَيءٌ فَلأهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ فَلذِي قَرَابَتِكَ ) رواه مسلم " .

انتهى من " مغني المحتاج " ( 3 / 447 ) .

والله أعلم

.....

نفقة الزوجة مقدَّمة على نفقة الوالدين.

السؤال :

من له الحظ الأوفر في مال الزوج ، هل الزوجة والأولاد أم أمه؟

قد قرأت أن القران يشير إلى أن زوجة الرجل وأولاده هم أولى الناس بماله. وهل يجوز للرجل إذا كان دخله قليلاً أن يقدم حاجات أسرته على حاجات زوجته وأولاده؟

الجواب :

الحمد لله :

أولاً :

لا شك أن الزوج ملزم بالنفقة على زوجته ، ومطالب بالإنفاق على أبنائه وآبائه إذا كانوا فقراء لا مال لهم ، ولا كسب يستغنون به عن غيرهم .

فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه ذلك .

وإن لم يستطع ذلك لقلة ماله ، وضعف دخله الشهري ، فإن الواجب عليه أن يُقدِّم نفقة زوجته وأولاده على غيرهم من أقاربه .

وليس في القرآن ما يشير إلى تقديم نفقة الزوجة على غيرها ، وإنما ثبت ذلك في السنة النبوية .

ففي صحيح مسلم (997) عَنْ جَابِرٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا ، بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَعَنْ يَمِينِكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ ).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقُوا.

فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ .

فَقَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ .

رواه أبو داود في سننه (1691) والنسائي واللفظ له ، وحسنه الألباني في الإرواء (895).

وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم النفقة على الأهل صدقة لا يعني أنها مستحبة فقط .

قَالَ الْمُهَلَّب :

" النَّفَقَة عَلَى الْأَهْل وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ , وَإِنَّمَا سَمَّاهَا الشَّارِع صَدَقَة خَشْيَة أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ قِيَامهمْ بِالْوَاجِبِ لَا أَجْر لَهُمْ فِيهِ , وَقَدْ عَرَفُوا مَا فِي الصَّدَقَة مِنْ الْأَجْر فَعَرَّفَهُمْ أَنَّهَا لَهُمْ صَدَقَة , حَتَّى لَا يُخْرِجُوهَا إِلَى غَيْر الْأَهْل إِلَّا بَعْد أَنْ يَكْفُوهُمْ ; تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي تَقْدِيم الصَّدَقَة الْوَاجِبَة قَبْل صَدَقَة التَّطَوُّع ".

نقله عنه في " فتح الباري" (9/623).

قال الْخَطَّابِيُّ :

" هَذَا التَّرْتِيب إِذَا تَأَمَّلْته عَلِمْت أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قَدَّمَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ".

نقله عنه في " عون المعبود" (5/ 76)

وقال النووي

: " إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم ، نظرَ: إن وفَّى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه

نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم .

وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد ، قدَّم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب ...لأن نفقتها آكد ، فإنها لا تسقط بمضي الزمان ، ولا بالإعسار ".

انتهى "روضة الطالبين" (9/ 93) .

قال المرداوي

: " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا ، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ ...إذَا فَضَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ ".

انتهى " الإنصاف" (9/ 392).

قال الشوكاني:

" وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة ، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته ".

انتهى " نيل الأوطار" (6 /381).

فلم يختلف العلماء في تقديم الزوجة على الوالدين في النفقة ، وإنما اختلفوا في الزوجة والولد أيهما يقدم؟

قال الشيخ ابن عثيمين: " فالصواب أنه يبدأ بنفسه ، ثم بالزوجة ، ثم بالولد ، ثم بالوالدين ، ثم بقية الأقارب ".

انتهى من " فتح ذي الجلال والإكرام (5/194).

وبناء على ما سبق فالواجب على الزوج أن يبدأ بكفاية زوجته وأولاده من النفقة الواجبة عليه بالمعروف ، فإن بقي معه بعد ذلك شيء من المال فالواجب عليه أن ينفقه على والديه

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 16:51
هل يجوز أن يقال : فلان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:

سؤالي هو : هل يجوز أن نقول على شخص ما إن فيه شبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان هذا الشبه في الشكل الجسدي فقط ، وليس في الأخلاق أو أي شيء آخر ؟

الجواب :

الحمد لله :

لا حرج على المسلم من القول : إن فلاناً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء في الجوانب الخَلقية أو الخُلقية ، إن كان هذا الشخص في واقع الحال كذلك .

فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : أَنْتَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْكَ ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَقَالَ لِزَيْدٍ : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .

رواه البخاري (2700) .

وقد صدر مثل هذا عن كثير من الصحابة .

عَنْ أَنَس بن مالك قَالَ : ( لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) رواه البخاري (3752 ) .
وقال عن الحسين بن علي : (كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه البخاري (3748).

قال الحافظ ابن حجر

: " وَالَّذِينَ كَانُوا يُشَبَّهُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ : جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَقُثَمُ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَمُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .

وَمِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ : السَّائِب بن يزِيد المطلبي الْجَدُّ الْأَعْلَى لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ الْعَبْشَمِيُّ ، وَكَابِسُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَدِيٍّ ، فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةٌ ".

انتهى من"فتح الباري" (7/97).

قال ابن الجوزي : " وَكَانَ من التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ كابس بن ربيعَة السَّامِي، ... كَانَ يُشبههُ ، فَبعث إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقبل بَين عَيْنَيْهِ ، وأقطعه قطيعة ، وَكَانَ أنس بن مَالك إِذا رَآهُ بَكَى ".

انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1/42) .

وقد ذكر بعض العلماء غير هؤلاء ، وكل من له معرفة بصفات النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة يستطيع أن يدرك ذلك .

قال ابن عبد الهادي عن رجل معاصر له ، اسمه : عبد الله بن عوانة المغربي .

قال : " أخبرني غير واحد من الأشياخ الذين كانت لهم معرفة بصفات النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، أن هذا المغربي كانت صفته تقرب من صفة النبي صلى اللَّه عليه وسلم " .

انتهى من "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" (2/ 117)

وكذلك قد يكون التشبيه بالهدي والصفات .

قَالَ حُذَيْفَةُ بن اليمان : ( إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ) رواه البخاري (6097)

أي : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه .

وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : ( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ، وَدَلًّا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه الترمذي (3762 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني.

( دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا) هَذِهِ الْأَلْفَاظ مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي ، ومَعْنَاهَا : الْهَيْئَة ، وَالطَّرِيقَة ، وَحُسْن الْحَال وَنَحْو ذَلِكَ.

ينظر : "عون المعبود" (14/ 87) .

"كَأَنَّهَا أَشَارَتْ بِالسَّمْتِ إِلَى مَا يُرَى عَلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ لِلَّهِ ، وَبِالْهَدْيِ مَا يَتَحَلَّى بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَبِالدَّلِّ حُسْنَ الْخُلُقِ وَلُطْفَ الْحَدِيثِ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/2969).

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 15:32
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل ثبت عن الإمام الشافعي مدحه للصوفية في شعره ؟

السؤال :

أنا مسلمة أعيش في كندا ، هنا في بلاد الغرب لقد انتشرت الصوفية كثيراً ، وأصبح الكثير من المسلمين المحترمين والمتعلمين يتبعون طرق الصوفية وأهل البدع

هذه مشكلة كبيرة في بلادنا، وكثيرٌ من هؤلاء الصوفية يستشهدون بقول الإمام الشافعي رحمه الله ، فمن فضلكم أريد شرح هذه الأبيات : فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً فإني وحق الله إياك انصح فذلك قاسٍ، لم يذق قلبه تقى وهذا جهولٌ ، كيف ذو الجهل يصلح؟

الجواب :

الحمد لله

هذا الشعر المنسوب إلى الإمام الشافعي رحمه الله لا يُعرف عنه من طريق مقبول ، ولا ذكره عنه – فيما نعلم – أحد من أصحابه ولا أحد من أتباع مذهبه ، وإنما ذُكر في كتاب "ديوان الإمام الشافعي" (ص32) ، وقد سبقت الإشارة في جواب السؤال رقم (154451) إلى أن هذا الديوان المجموع لا تصح نسبته إليه رحمه الله .

والزيادة على الإمام الشافعي ، والتقول عليه في الشعر ، أمر معروف من قديم ؛ فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الدرر الكامنة" (1/355) في ترجمة نور الدين الهاشمي ، عن التقي السبكي أنه قال عنه :

" استعرت منه جزءا فوجدت فيه في الأبيات الضادية المنسوبة للشافعي التي أولها : ( يا راكبا قف بالمحصب من منى ) بيتا زائدا ، وهو :

قف ثم ناد بأنني لمحمد ووصيه وابنيه لست بباغض

قال : فتأملت خط البيت الزائد فإذا هو خط نور الدين الهاشمي . ومن له معرفة يعلم أن الشافعي لا يستعمل اسم فاعل من " أبغض " انتهى .

والذي يبرهن على عدم صحة نسبة هذا الكلام للإمام الشافعي – فضلا عن كونه لا يعرف عنه من وجه معتبر - عدة أمور ، منها :

أولا : أنه لا يعرف عن الشافعي مدحه للصوفية ومذاهبهم ، وإنما المعروف عنه ذمه لهم ولطريقتهم .

فعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول

: " لو أن رجلا تصوف أول النهار ، لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق " .

وعنه أيضا أنه قال : " ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما ، فعاد عقله إليه أبدا " .

وقال يونس بن عبد الأعلى تلميذ الشافعي :

" صحبت الصوفية ثلاثين سنة ، ما رأيت فيهم عاقلا ، إلا مسلم الخواص "

. انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 327) .

وانظر كتاب "الاستقامة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1/414) .

وقال الشافعي أيضا :

" صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين ، سمعتهم يقولون : الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك . ونفسك إن لم تشغلها بالحق ، وإلا شغلتك بالباطل " .

"مدارج السالكين" (3 /129) .

ثانيا : ركاكة هذا الشعر ، وضعف صياغته وبنائه ، والشافعي رحمه الله معروف عنه البلاغة والفصاحة والمعرفة التامة بالشعر .

قال المبرد

: " دخل رجل على الشافعي فقال : إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء .

فأنشأ يقول :

فلولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد "

"سير أعلام النبلاء" (10 /72) .

ثالثا : نفيه تقوى الله عن قلب الفقيه ، ووصفه بالقساوة قول باطل ، لا يجوز أن ينسب إلى الشافعي ، بل الفقيه أولى الناس بتقوى الله .

روى البخاري (71) ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )

فكيف والإمام الشافعي ما عظم في الأمة ، ولا عرف فيها بشيء أجل من فقهه ، وإمامته فيه ، وأما التصوف فما عرف له فيه شيء ، ولا ثبت عنه فيه بحث ولا مقام .

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 15:41
الطرق الصوفية وموقف المسلم منها

السؤال :

هو كم فريق من الصوفية موجودين ؟

وهل جميع الصوفية مخطئون ؟

لقد سمعت أن الإمام النووي كان متأثراً بهم ، وكانوا ينصحون الناس بالتخلي عن الكراهية والحقد ولم يشركوا بالله ؟

فما رأيكم ؟

الجواب :

الحمد لله

الصوفية فرق وشيع وأحزاب ، كل حزب بما لديهم فرحون ، وكل طريقة لها شيخ ، وأوراد ، وطقوس ، يجمعها البعد عن الفهم الصحيح للكتاب والسنة ، والترويج للبدع والمحدثات والخرافات ، ويغلو كثير منها حتى يقع في الشرك اعتقادا وعملا ، كاعتقاد وحدة الوجود ، واعتقاد التصريف والتدبير للأولياء والأقطاب ، وعبادة هؤلاء ، دعاء ونذرا وطوافا بقبورهم وذبحا لهم .

والتصوف في القديم كان أقل انحرافا وخطرا ، وكان يقصد به في بعض الأحيان الزهد والورع والتقشف ، حتى نسب إليه بعض العلماء والعباد ، مع سلامة المنهج وصحة الاعتقاد .

والواجب على المسلم : تحقيق التوحيد ، واتباع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وتجنب البدع والمحدثات ، فإن هذا هو طريق النجاة .

روى أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ مُسْتَقِيمًا ، قَالَ : ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ السُّبُلُ ، وَلَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )

وصححه الألباني في كتاب "التوسل" ( ص / 125) .

وروى أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (44) عن الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3851) .

ومن نظر في القرآن والسنة ، وتأمل سيرة الخلفاء الراشدين ، وحال القرون الثلاثة المهديين ، علم بطلان ما عليه الصوفية من تقديس الأشخاص ، وعبادة الأموات ، واختراع الأوراد ، والتعلق بالخرافات ، والهادي هو الله ، ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) النور/40 .
.
والله أعلم .

>>>>>>>>>>

هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله

السؤال:

ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟

ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .

كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟

أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟

الجواب:

الحمد لله

لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .

وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية

المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :

الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).

الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .

والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .

الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31

. فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .

والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .

بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .

الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).

{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .

الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .

الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .

ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .

الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .

بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .

الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .

الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .

وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).

الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .

الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟

الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .

الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما

يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .

الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .

الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .

الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .

الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .

أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله

فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) .

وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .

وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) .

فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359

واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .

ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع

أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " .

والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 15:49
الطرق الصوفية وحكم الانضمام إليها

السؤال :

في الطرق الصوفية يوجد طريقة تسمى : سياريا (syari'a) ، طريقة ، حقيقة ، معرفة ، هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم أصحابه هذه الطرق وبنفس ما تعنيه هذه الطرق لدى الصوفية ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا بد أن نعلم أن النسبة إلى الصوفية هي إلى لبس الصوف لا إلى شيء آخر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف هذا هو الصحيح ، وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء ، وقيل إلى صوفة بن أد بن طانجة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك ، وقيل إلى أهل الصُّفة ، وقيل إلى الصفا ، وقيل إلى الصفوة ، وقيل إلى الصف المقدم بين يدي الله ؛ وهذه الأقوال : ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صفي أو صفائي أو صفوي أو صفي ولم يقل صوفي .

" مجموع الفتاوى " ( 11 / 195 ) .

ولم يظهر التصوف إلا بعد القرون الثلاثة التي أثنى علها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم …." - رواه البخاري ( 2652 ) ، ومسلم ( 2533 ) من حديث ابن مسعود - .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

وأما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك .

" مجموع الفتاوى " ( 11 / 5 ) .

وهذه الطريقة ومثيلاتها من الطرق المبتدعة المخالفة للكتاب والسنَّة ولما كان عليه خير القرون ، فقد اخترع كل شيخٍ لهذه الطرق ورداً وحزباً وطريقة في العبادة يُميِّز بها نفسه عن غيره ، مخالفاً للشرع ، ومفرقاً للصف .

وقد امتن الله على الأمَّة بأن أكمل لها دينها وأتمَّ عليه نعمته ، فكل من جاء بعبادة وطريقة لم يأتِ بها الشرع فهو مكذب بما قاله الله تعالى متهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة .

وقد يكون مع ابتداعهم هذا كذبٌ أيضاً بأن زعم زاعمهم أنهم تلقوا طريقتهم هذه من النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم على طريق وهدي الخلفاء الراشدين .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :

هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل : الطريقة الشاذلية ، والطريقة الخلوتية ، وغيرهما من الطرق ، وإذا وجدت هذه الطرق فما هو الدليل على ذلك ؟ وما معنى قول الحق تبارك وتعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الأنعام / 153 ، وما معنى قوله أيضاً : {

وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } النحل / 9 ، ما هي السبل المتفرقة ، وما هو سبيل الله ، ثم ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه عنه ابن مسعود أنه خط خطّاً ثم قال : " هذا سبيل الرشد " ثم خطَّ عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ؟

فأجابوا :

لا يوجد في الإسلام شيء من الطرق المذكورة ، ولا من أشباههما ، والموجود في الإسلام هو ما دلت عليه الآيتان والحديث الذي ذكرتَ وما دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فِرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فِرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فِرقة ، كلها في النار إلا واحدة " ، قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي "

وقوله عليه الصلاة والسلام : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ، والحق هو اتباع القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الصحيحة الصريحة ، وهذا هو سبيل الله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو قصد السبيل ، وهو الخط المستقيم المذكور في حديث ابن مسعود ،

وهو الذي درج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعن أتباعهم من سلف الأمَّة ومن سار على نهجهم ، وما سوى ذلك من الطرق والفِرق هي السبل المذكورة في قوله سبحانه وتعالى : { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } الأنعام / 153 .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 283 ، 284 ) .

والله أعلم.

>>>>>>>>

طلب المدد من غير الله شرك

السؤال :

أسمع كثيراً من الناس يقول : مدد يا رسول الله . مدد يا سيدنا الحسين . مدد يا سيد يا بدوي . . . ولا أعلم معنى هذه الكلمة .

الجواب :

الحمد لله

ينبغي أن يُعلم أن الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه وحده سبحانه ، ويفردوه بالعبادة . قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .

وأرسل الله تعالى الرسل ليدعو أقوامهم إلى توحيد الله تعالى ، وينهوهم عن الشرك ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُون ِ) الأنبياء /25.

والشرك هو صرف العبادة لغير الله تعالى ، والدعاء من جملة العبادات التي يجب إخلاصها لله تعالى ولا يجوز صرفها لغيره ، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي (2969) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وطلب المدد من غير الله -كما جاء في السؤال- من صور دعاء غير الله ، ولذلك كان من الشرك .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة" (2/193) :

"قول جماعة المنشدين : مدد يا سيدنا الحسين ، مدد يا سيدة زينب ، مدد يا بدوي يا شيخ العرب مدد يا رسول الله ، مدد يا أولياء الله .. إلى أمثال ذلك شرك أكبر يخرج قائله من ملة الإسلام والعياذ بالله ؛ لأنه نداء للأموات ليعطوهم خيراً ، وليغيثوهم ويدفعوا أو يكشفوا عنهم ، وذلك أن المراد بالمدد هنا العطاء والغوث والنصرة

فكان معنى قول القائل : ( مدد يا سيد يا بدوي ، مدد يا سيدة زينب ..الخ ) امددنا بعطائك وخيرك واكشف عنا الشدة وادفع عنا البلاء

وهذا شرك أكبر ، قال الله تعالى بعد أن بيّن لعباده تدبيره للكون وتسخيره إياه : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) فاطر/13–14 . فسمى دعاءهم شركاً .

وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف /6 .

فأخبر سبحانه بأن المدعوين سواه من الأنبياء والصالحين غافلون عن دعاء من دعاهم ولا يستجيبون دعاءهم أبداً وأنهم سيكونون أعداء لهم ويكفرون بعبادتهم إياهم وقال : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون .

ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون . وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون . إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) الأعراف /191-194 .

وقال : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون /117 . فأخبر سبحانه بأن من دعا غير الله من الأموات ونحوهم لا فلاح له لكفره بسبب دعائه غير الله" اهـ .

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 15:55
هل يجوز أن يقال : " فلان وَليّ نعمتي " ؟

السؤال:

هل يجوز أن يقول الشخص ( فلان ولي نعمتي ) ؟

الجواب :

الحمد لله

الأصل أن ولي النعمة هو الله تعالى الذي أنعم على عبده بنعمته السابغة الظاهرة والباطنة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الخير كله لله وفى يديه وبه ومنه فهو وليّ نعمته – يعني العبد - ومبتدئُه بها من غير استحقاق ، ومجريها عليه مع تَمَقُّتِه إليه بإعراضه وغفلته ومعصيته ، فحظه سبحانه الحمد والشكر والثناء ، وحظ العبد الذم والنقص والعيب "

انتهى من "الفوائد" (ص 113) .

ولكن ذلك لا يمنع أن يكون أحد عباده سبحانه ، ممن منّ الله عليه ، وليّاً للنعمة على غيره من عباد الله ، مع ما هو معلوم من الفرق العظيم بين إنعام الله الحقيقي على عباده جميعا ، بخلق النعم

وتقسيم الأرزاق ، وإنزالها من خزائنه سبحانه ، وبين أن ينعم بعض عباده بما أعطاه الله ، وملكه من النعم ، وجعله مستخلفا فيها ، فما هو إلا مجرى لنعم الله على عباده ؛ فإنعام الخالق بحسبه سبحانه ، وإنعام المخلوق بحسب ما للمخلوق المملوك من تخويل الله له من النعم .

وإطلاق " ولي النعمة " و " مولى النعمة " على صاحب النعمة معروف في اللغة والشرع ، وأقرب شيء في ذلك وأشهره إطلاقها على السيد المُعتِق .

روى البيهقي (21966) عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ : إِنِّى أَعْتَقَتُ غُلاَمًا لِى وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَيِّبُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِىُّ نِعْمَتِهِ فَإِنْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَىْءٍ فَأَرنَاهُ نَجْعَلُهُ فِى بَيْتِ الْمَالِ " . وأصله في البخاري (6753) .

وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق" (2/18) :

" مولى النعمة : المعتق " انتهى .

وقال الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن" (2/231) :

" الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ ; لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَةٍ فِي عِتْقِهِ ; وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَوْلَى النِّعْمَةِ " انتهى .

وقال أيضا رحمه الله :

" جَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ كَحَقِّ الْوَالِدِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) رواه مسلم (1510) فَجَعَلَ عِتْقَهُ لِأَبِيهِ كِفَاءً لِحَقِّهِ وَمُسَاوِيًا لِيَدِهِ عِنْدَهُ وَنِعْمَتِهِ لديه "

انتهى من "أحكام القرآن" (1/ 169) .

وراجع : "شرح منتهى الإرادات" (2 /500) ، "كشاف القناع" (4 /405) ، "اختلاف الأئمة العلماء" (2 /85) ، "أنيس الفقهاء" (ص 98) ، "الفواكه الدواني" (2/ 250) .

وفي اللغة :

قال ابن منظور رحمه الله :

" والمَوْلى مَوْلى النِّعْمة وهو المُعْتِقُ أَنعم على عبده بعتقِه "

انتهى من"لسان العرب" (15 /405)

وراجع : "تهذيب اللغة" (5 /205)

"المصباح المنير" (2/614)

"تاج العروس" (40 /243).

فعلى ذلك لا يظهر ما يمنع من إطلاق ذلك في حق بعض الخلق ، مع استحضار الفرق السابق ، إلا أن يخشى أن يكون في الأمر شيء من الغلو في حق مخلوق ، أو المبالغة في منعه ، فيمنع حينئذ لأجل ذلك ، لا لأن المخلوق لا يصح أنه يكون له نعمة على غيره .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 16:03
من فعل ذنوبا تستوجب اللعن هل له من توبة ؟

هل يمكن أن يغفر الله له ؟

السؤال :

كنت أتساءل : ماذا يعنى كون المرء ملعونا من قبل الله ؟! ؛ فهل هناك لذلك مجال مرئي له مذاق وملمس ؟! ، وعندما يكون الشخص ملعونا ، فهل هذا يعنى أن الله يضع الشخص في عالم مجنون وغير معقول ، ويؤذيه ويتحدث إليه ، أم إنها مجرد لعنة بسيطة ، ومجرد قول لا غير ؟! .

وأيضا : أود أن أعرف : إذا كان الشخص ملعونا من الله ، هل هذا يعنى أنه لا يمكنه دخول الجنة ، أو : لن يغفر له الله لأنه ملعون ؟

أنا لدي صديق كان يعيش حياة طيبة إسلامية ، وبدأ يصوم في سن العاشرة ، وتوقف عن ذلك في الخامسة عشرة من عمره ، لأنه بدأ يرافق غير مسلم ، وأخذ يدخن الحشيش ، وبعدها كان يشرب الخمر ، وعندما كان في بلدة أخرى قام بتدخين الحشيش ثانية ، ثم دخل في نفس المدينة في علاقة مع غير مسلمة

ومارس الجنس وارتكب الزنا ، واستمرت العلاقة حوالي 6 أشهر قبل أن يقطعها ، لأن أخته ووالدته أخبرتاه أنها علاقة حرام وشريرة ، فقال إنه لا يمكنه الاستمرار في العلاقة وتركها وترك أيضا حياة العصابات ، وكنت أتساءل هل يمكن أن يغفر الله له ؟ وما هي عقوبة ذلك إن لم تكن هناك عقوبة أبدية ؟

وأيضا : فإن ذات الشخص بدأ يسمع أصواتا ، وقالت له : هذه الأصوات إنها أرواح ، وبدأ يتحدث مع الله ، وقال له الله : إنه سيغفر له ، لكن يقول له صوت الله أحيانا : إنه لن يغفر له ، ويرى أشياء لا يراها الآخرون ، فهل هو ملعون ؟

وإذا كان كذلك في الدنيا ، فهل يمكن أن يغفر له؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

" اللَّعْنُ : الإِبْعادُ والطَّرْد مِنَ الْخَيْرِ ، وَقِيلَ : الطَّرْد والإِبعادُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنَ الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء ... وكلُّ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَدْ أَبعده عَنْ رَحْمَتِهِ وَاسْتَحَقَّ العذابَ فَصَارَ هَالِكًا "

انتهى من "لسان العرب" (13/ 387-388) .

والملعون إما أن يكون كافرا فهذا مطرود من رحمة الله مبعد عنها إلى عذاب الله .

وإما أن يكون مسلما ولكنه فعل فعلا يستحق عليه اللعن ، كشرب الخمر وأكل الربا وسب الوالدين ونحو ذلك من الذنوب العظام ، فهذا لا يكون إلا في كبائر الذنوب ، ولا يعني ذلك خلوده في النار ؛ لأن من مات من أهل التوحيد على التوحيد والإسلام وإن دخل النار بذنوب فعلها فإنه لا يخلد فيها ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" اللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، ولا لعن على فعلٍ إلا من كبائر الذنوب ، ولهذا قال العلماء : كل ذنبٍ كانت عقوبته اللعنة فهو من كبائر الذنوب " .

انتهى من "دروس وفتاوى الحرم المدني" (ص 57) .

فمن فعل فعلا استوجب كفره ومات على ذلك ولم يتب منه ، فهذا ملعون بمعنى أنه استوجب عذاب الله الخالد ، الذي لا يخرج منه أبدا .

وأما من كان من المسلمين ، ففعل فعلا عظيما استوجب غضب الله عليه ، أو لعنته ، فهذا لم يخرج من الإسلام بمجرد ما وقع منه من الكبيرة ، أو بمجرد حكم الله له باللعنة ؛ بل هو في مشيئة الله تعالى : إن شاء عذبه على ما استوجبه بعمله ، وإن شاء عفا عنه سبحانه بمنه وكرمه ؛ لكنه إذا عذبه عذبه ما شاء أن يعذبه ثم يخرجه من العذاب ، فهذا ليس له العذاب الخالد .

ولا شك أن شرب الخمر والحشيش وفعل فاحشة الزنا من كبائر الذنوب التي تستوجب سخط الله وعذابه ، ولكن من تلبس بشيء من ذلك ثم تاب تاب الله عليه ، شريطة أن يكون صادقا في ندمه وتوبته ، مقلعا عما كان يقترفه من الذنوب والآثام ، دائم الاستغفار مقبلا على الله .

قال الله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم/ 59، 60 .

وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 .

ثانيا :

لعنة الله تعالى لمن استحق ذلك من عباده ، هي طرده لهذا العبد عن طريق الهدى والرشاد ، وصرفه إلى طريق الغي والفساد ، أو هي كلامه سبحانه بما يستحقه هذا العبد من اللعنة ، وذكره لهذا العبد بلعنته سبحانه وتعالى .

ولا علاقة لهذه اللعنة بعلامة رمزية تظهر على العبد ، أو تظهر له ، كأن ينزل عليه شيء من السماء بمقتضى هذه اللعنة ، أو يظهر شيء في شكله وصورته ، أو يرى شيئا يدله على هذه اللعنة ، أو نحو ذلك من الأوهام ، ولا علاقة لها أيضا بأن يصيبه شيء من الجنون أو الجذام ، أو غير ذلك من الأسقام ؛ فاللعنة حكم شرعي

يتعلق بدين الرجل في الدنيا ، ومصيره عند ربه في الدار الآخرة ، وربما بدا لك من الشخص أنه من أنعم الناس عيشا ، وأبهاهم صورة ومنظرا ، وهو ملعون عند الله ، مطرود من رحمته . وربما بدا لك من شخص أنه من أقل الناس قدرا ، وأضيقهم عيشا ، وأقلهم حظا ، أو أوحشهم صورة ، ثم هو عند الله من الناجين الفائزين المرحومين .

ثالثا :

الذي يراه صاحبك من أشياء لا يراها غيره ، والذي يسمعه من أصوات تزعم أنها أرواح ، وهذا الذي يأتيه ويقول له أنه الله وأنه سيغفر له ، أو لن يغفر له : كل هذا وأشباهه من تلبيس الشيطان عليه واحتياله وتسلطه ليبعده أكثر عن الله ، وكل ذلك من الباطل الذي لا حقيقة له ، والذي لا أثر له في الحقيقة على من وفقه الله للتوبة والإنابة والرجوع إلى ربه .

وأما صوت الله فلا يسمعه أحد من البشر في الدنيا إلا الأنبياء ، ولا نبي بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهكذا لا يرى أحد ربه حتى يموت ، ونراه في الدار الآخرة ، نسأل الله أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم .

وكل ما يجب على صاحبك الآن : أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا : فيقلع عن هذه الذنوب والمعاصي التي أوقعه فيها عدوه اللعين ، وأن يندم على ما فات منه ، وأن يسارع إلى إصلاح اللحظة التي يحياها بطاعة الله تعالى ، والإكثار من الخيرات

والإقبال على الله بحسن الظن فيه ، والرجاء له ، والرغبة فيما عنده سبحانه ؛ قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 .

وروى ابن ماجة (4250) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ : ( وَسَلَّمَ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) . حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

قال السندي رحمه الله :

" قَوْله ( التَّائِب مِنْ الذَّنْب ) إِطْلَاق الذَّنْب يَشْمَل الذُّنُوب كُلّهَا ، فَيَدُلّ الْحَدِيث عَلَى أَنَّ التَّوْبَة مَقْبُولَة مِنْ أَيّ ذَنْب كَانَ ، وَظَاهِر الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَة إِذَا صَحَّتْ بِشَرَائِطِهَا فَهِيَ مَقْبُولَة "

انتهى من " حاشية السندي على سنن ابن ماجه " ( 2/ 562 ) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" الذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ ، فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : " إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا " .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) .

وَالْمُؤْمِنُ إذَا فَعَلَ سَيِّئَةً فَإِنَّ عُقُوبَتَهَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِعَشَرَةِ أَسْبَابٍ : أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ، أَوْ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرُ لَهُ ، أَوْ يَعْمَلُ حَسَنَاتٍ تَمْحُوهَا فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، أَوْ يَدْعُو لَهُ إخْوَانُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا

أَوْ يَهْدُونَ لَهُ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ مَا يَنْفَعُهُ اللَّهُ بِهِ ، أَوْ يَشْفَعُ فِيهِ نَبِيُّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِمَصَائِبَ تُكَفِّرُ عَنْهُ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي الْبَرْزَخِ بِالصَّعْقَةِ فَيُكَفِّرُ بِهَا عَنْهُ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا بِمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ ، أَوْ يَرْحَمُهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

فَمَنْ أَخْطَأَتْهُ هَذِهِ الْعَشَرَةُ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 / 45-46) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" قد استقرت حكمة الله به عدلا وفضلا أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا أنه يبدل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب ، وقد قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد ، ولكن هذا في حق التائبين خاصة "

انتهى من "الجواب الكافي" (1 / 116) .

فبشر صاحبك بسعة رحمة الله ، وعظيم عفوه ، وفرحه بتوبة عبده وإقباله عليه وإنابته إليه
.
فليسارع إلى التوبة وليرجع إلى الله وليترك أهل السوء وليصاحب أهل الصلاح .

والله تعالى أعلم .

>>>>>>>>>

عملت وشماً قبل الإسلام فهل هي ملعونة

السؤال:

قبل دخولي في الإسلام, قمت بعمل وشم. وقد قرأت مؤخرا بأن المرأة التي تحمل وشما هي ملعونة .

فهل ينطبق ذلك علي أيضا ؟

وإذا خُطبت فهل أخبر المتقدم لي بأمر الوشم مقدما, في حالة كونه لا يريد أن يرتبط "بفتاة ملعونة" ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا بد أن يعلم المسلم أن الإسلام يجبُّ ما قبله من السيئات ويمحوها بل يبدلها الله حسنات كما قال الله تبارك وتعالى : { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } الفرقان / 70 .

عن عمرو بن العاص قال : ... فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ : ابسط يمينك فلأبايعك ، فبسط يمينه ، قال : فقبضت يدي ، قال : مالك يا عمرو ؟ قال : قلت : أردت أن أشترط ، قال : تشترط بماذا ؟ قلت : أن يغفر لي ، قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله .

رواه مسلم ( 121 ) .

فدل هذا الحديث أن من أسلم يغفر له جميع السيئات التي عملها قبل الإسلام .

ثانياً :

ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الوشم .

عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: " لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن المصورين " .

رواه البخاري ( 5032 ) .

فالوشم من كبائر الذنوب ، ولكن إن تاب الإنسان منه تاب الله عليه .

ثالثاً :

توصل الطب الحديث إلى إمكانية إزالة الوشم ، والدواء موجود ومتداول في الصيدليات ومعروف فيمكنك بسهولة إن شاء الله إزالته .

رابعاً :

إن لعن الواشمة ليس صفة لازمة بل متى تاب الإنسان منه زال الوصف عنه وبالتالي خطأ أن تقولي عن نفسك فتاة ملعونة ، بل نسأل الله أن تكوني صالحة .

خامساً :

لاشك أن من يريد التزوج بك سوف يُقدر هذا الأمر وخصوصاً أنه قبل الإسلام ، وحتى لو كان بعد الإسلام مادام أن المسلم تاب منه فلا وجه للمؤاخذة والمحاسبة بل تبدل سيئته حسنة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-05, 16:12
حكم لعن المعين

السؤال :

ما حكم لعن ( وليس سب فقط ) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا ؟ .

الجواب :

الحمد لله

قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .

واللعن يقع على وجهين :

الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين . أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .

الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :

1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .

2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك .

" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه لا يجوز بحال .

الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .

الثالث : يجوز مطلقا " اهـ

الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .

واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :

1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) .

2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :

" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :

" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله

بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .

والله تعالى أعلم .

>>>>>>

قبول التوبة

السؤال :

أنا قد أذنبت ذنبا عظيما , واستغفرت الله ودعوته أن يغفر لي فهل تقبل توبتي من ذلك الذنب ؟

خصوصا أني أحس أنه لم تقبل توبتي وأنه مغضوب علي! فهل هناك إشارات على قبول التوبة ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولاً : لاشك أن السهو والتقصير من طبع الإنسان ، وأن المكلَّف لا ينفك من تقصير في طاعة ، أو سهو وغفلة ، أو خطأ ونسيان ، أو ذنب وخطيئة ، فكلنا مقصرون.. ومذنبون... ومخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى ، نراقب الله مرة ، وتسيطر علينا الغفلة أخرى ، لا نخلو من المعصية ، ولا بد أن يقع منا الخطأ ، فلسنا بمعصومين .

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ) رواه مسلم (2749) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني.

ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أنه فتح له باب التوبة ، وأمره بالإنابة إليه ، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي ، ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد ، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه ، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته ، فالتوبة من مقتضيات النقص البشري ، ومن لوازم التقصير الإنساني .

وقد أوجب الله التوبة على أنواع هذه الأمة : السابقِ منها إلى الخيرات ، والمقتصِد في الطاعات ، والظالمِ لنفسه بالمحرمات .

فقال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31

وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إِلَى اللَّه توبة نصوحا ) التحريم/8

وقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم/2702 من حديث الأغر المزني رضي الله عنه .

والله سبحانه وتعالى فاضت رحمته وشملت رأفته عبادَه ، فهو حليم لا يبطش بنا ولا يعذبنا ولا يهلكنا حالا بل يمهلنا ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن كرمه سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53

ويقول لطفا بعباده : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74

وقال جل وعلا : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82

وقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران/135

وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) النساء/110

وقد دعا الله تعالى إلى التوبة أعظمَ الخلق شركاً بالله ومعصيةً ؛ الذين قالوا بأن عيسى عليه الصلاة والسلام ابن الله ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً

فقال تعالى : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74، كما فتح باب التوبة للمنافقين الذين هم شر من الكفار المعلنين كفرهم ، فقال تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/145-146

ومن صفات الرب جل وعلا أنه يقبل التوبة ويفرح بها كرماً منه وإحساناً ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25، وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.

وعَنْ أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( لله أفرح بتوبة عبده مِنْ أحدكم سقط عَلَى بعيره وقد أضله في أرض فلاة) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ .

وفي رواية لمسلم/2747 ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِنْ أحدكم كان عَلَى راحلته بأرض فلاة فانفلتت مِنْه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس مِنْ راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال مِنْ شدة الفرح : اللَّهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ مِنْ شدة الفرح ).

وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ/2759.

وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ (3537) وحسنه الألباني .

ثانياً : بركات التوبة عاجلة وآجلة ، ظاهرةٌ وباطنة ، وثواب التوبة طهارة القلوب ، ومحو السيئات ، ومضاعفة الحسنات ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم/8 .

وثواب التوبة الحياة الطيبة التي يظلِّلها الإيمان والقناعة والرضا والطمأنينة والسكينة وسلامة الصدر ، قال الله تعالى : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) هود/3.

وثواب التوبة بركات من السماء نازلة ، وبركات من الأرض ظاهرة ، وسعة في الأموال والأولاد ، وبركة في الإنتاج ، وعافية في الأبدان ، ووقاية من الآفات ، قال الله تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) هود/52.

ثالثاً : كل من تاب إلى الله تاب الله عليه . وقافلة التائبين ماضية في مسيرها إلى الله لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها .

فهذا تائبٌ من قطع طريق ، وهذا تائب من فاحشة الفرج ، وهذا تائب من الخمر، وهذا تائب من المخدرات ، وهذا تائب من قطيعة الرحم ، وهذا تائب من ترك الصلاة أو التكاسل عنها جماعة

وهذا تائب من عقوق الوالدين ، وهذا تائب من الربا والرشوة ، وهذا تائب من السرقة ، وهذا تائب من الدماء ، وهذا تائب من أكل أموال الناس بالباطل ، وهذا تائب من الدخان ، فهنيئاً لكل تائب إلى الله من كل ذنب ، فقد أصبح مولوداً جديداً بالتوبة النصوح .

وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له مِنْ توبة ؟

فقال لا ، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له مِنْ توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟

انطلق إِلَى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون اللَّه تعالى فاعبد اللَّه معهم، ولا ترجع إِلَى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا وصل نصف الطريق أتاه الموت؛ فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إِلَى اللَّه تعالى، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً –

فقال : قيسوا ما بين الأرضين فإِلَى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إِلَى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم(2716) : ( فكان إِلَى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل مِنْ أهلها ).

وفي رواية للبخاري(3470) : ( فأوحى اللَّه تعالى إِلَى هذه أن تقربي وأوحى إِلَى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوُجد إِلَى هذه أقرب بشبر فغُفر له )

وفي رواية لمسلم(2766) : ( فنأى بصدره نحوها ).

والتوبة معناها الرجوع إلى الله تعالى ، والإقلاع عن المعصية ، وبغضها ، والندم على التقصير في الطاعات ، قال النووي رحمه الله تعالى : " التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يُقلع عن المعصية

والثاني أن يندم على فعلها ، والثالث أن يعزم على أن لا يعود إليها أبداً، فإن فقد أحدَ الثلاثة لم تصحّ توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة ، وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه ردَّه إليه ، وإن كانت حدَّ قذفٍ ونحوه مكّنه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبةً استحلّه منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنوب

فإن تاب من بعضها صحّت توبته -عند أهل الحق- من ذلك الذنب الذي تاب منه، وبقي عليه الباقي" انتهى كلامه.

وبناء على ذلك فإذا تحققت هذه الشروط في الشخص التائب فحري أن تقبل توبته بإذن الله تعالى، ولا ينبغي بعد ذلك أن يبتلى بوسوسة عدم قبول التوبة ؛ لأن ذلك من الشيطان وهو خلاف ما أخبر به الله سبحانه و أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من قبول التوبة إذا كان التائب صادقا مخلصا.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 15:53
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

: هل يجوز استعمال عبارة " القرآن المقدَّس " و " الرسول المقدَّس " ؟

السؤال :

سؤالي هو أني سمعت في محاضرة : أننا ليس من الضروري علينا أن نقول حين نشير إلى القرآن " القران المقدس " ، لأن الله ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم قالوا مثل هذا ؛ لذا فسؤالي ما حكم قولنا : " القرآن المقدس " ؟

أم إنه من الأفضل أن نقول " القرآن الكريم " ؟ جزاكم الله خيراً .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

من حيث معنى " المقدَّس " في لغة العرب فإنه ليس ثمة ما يمنع من إطلاق لفظ " المقدَّس " على القرآن الكريم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أبرز معاني الكلمة : المبارك والمطهَّر ، وكلاهما وصفان يتصف بهما القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم .

وقد جاء في " لسان العرب " ( 6 / 168 )

: " و " المُقَدَّس " : المُبارَك ، والأَرض المُقَدَّسة : المطهَّرة ، وقال الفرَّاء : الأَرض المقدَّسة : الطاهرة ، وهي دِمَشْق

وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ ، ويقال : أَرض مقدَّسة أَي : مباركة ، وهو قول قتادة ، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي " انتهى

والقرآن هو أحق بالطهر والتقديس من كل كلام ؛ فهو مطهر عن كل عيب ونقص ، مقدس عن الخطأ ، أو أن يشتبه بكلام البشر ؛ لكننا مع ذلك نرى أن وصفه ذلك ، لا يعني أن يطلق عليه أنه ( الكتاب المقدس ) على سبيل الاسم ، أو اللقب الملازم له ، كما هو حال النصارى مع كتابهم ؛ لأننا لم نعرف ذلك عن السلف ، ولم يعد عنهم تلك التسمية ، ويخشى أن يكون فيها ـ أيضا ـ نوع تشبه أو محاكاة لأهل الكتاب مع كتابهم .

ثانياً:

يظهر مما ذكرناه أن لفظة " المقدَّس " لا تختص بالله تعالى ، بل تُطلق على بعض المخلوقات مما يستحق هذا الوصف .
وقد جاء في " الفروق اللغوية " ( ص 125 ) لأبي هلال العسكري –

نقلا عن غيره في الفرق بين التسبيح والتقديس - : "

والحاصل : أن التقديس لا يختص به سبحانه بل يستعمل في حق الآدميين ، يقال : فلان رجل مقدَّس : إذا أريد تبعيده عن مسقطات العدالة ووصفه بالخير ، ولا يقال : رجل مسبَّح ، بل ربما يستعمل في غير ذوي العقول أيضاً ، فيقال : قدَّس الله روح فلان ، ولا يقال : سبَّحه .

ومن ذلك قوله تعالى ( ادْخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ ) يعني : أرض المقدسة ، يعني : أرض الشام .

انتهى .

وفي " تفسير السعدي " ( ص 449 ) :

" ( قُلْ نزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ) وهو جبريل ، الرسول المقدَّس المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة " . انتهى .

وقال تعالى ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) المائدة/ 21 .
قال ابن كثير – رحمه الله - : " فقال تعالى مخبراً عن موسى أنه قال ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ) أي : المطهرة "

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 3 / 75 ) .

وقال ابن عاشور – رحمه الله - :

" والأرض المقدّسة بمعنى : المطهّرة المباركة ، أي : الّتي بارك الله فيها "

انتهى من " التحرير والتنوير " ( 6 / 162 ) .

ثالثاً:

كلا الوصفين – المبارَك والمطهَّر – قد وصف بهما القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم .

1. وصف " مبارَك "

أ. أما القرآن الكريم فقد جاء وصفه بأنه " مُبَارك " في قوله تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ص/ 29 .

ب. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبارَك في رسالته وفي أفعاله وفي ذاته وآثاره حتى بعد وفاته .
قال الشيخ سعيد بن وهف القحطاني – وفقه الله - : " والأمور المباركة أنواع منها :

1. القرآن الكريم مبارَك ، أي : كثير البركات والخيرات ؛ لأن فيه خير الدنيا والآخرة ، وطلب البركة من القرآن يكون : بتلاوته حق تلاوته والعمل بما فيه على الوجه الذي يرضي الله عز وجل .

2. الرسول صلّى الله عليه وسلّم مبارك ، جعل الله فيه البركة ، وهذه البركة نوعان :

أ. بركة معنوية : وهي ما يحصل من بركات رسالته في الدنيا والآخرة ، لأن الله أرسله رحمة للعالمين وأخرج الناس من الظلمات إلى النور وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث وختم به الرسل ، ودينه يحمل اليسر والسماحة .

ب. بركة حسّيّة ، وهي على نوعين :

النوع الأول : بركة في أفعاله صلّى الله عليه وسلّم ، وهي ما أكرمه الله به من المعجزات الباهرة الدالة على صدقه .
النوع الثاني : بركة في ذاته وآثاره الحسية ، وهي ما جعل الله له صلّى الله عليه وسلّم من البركة في ذاته ؛ ولهذا تبرك به الصحابة في حياته وبما بقي له من آثار جسده بعد وفاته "

انتهى من " نور السنة وظلمات البدعة " ( ص 49 ، 50 ) - ترقيم الشاملة -
.
2. وصف " مطهَّر " .

أ. جاء وصف القرآن بأنه مطهَّر في قوله تعالى ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) البيِّنة/ 2 .

قال الطبري – رحمه الله - :

" يقول : يقرأ صحفاً مطهرة من الباطل "

انتهى من " تفسير الطبري " ( 24 / 540 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله

- : " ( مُطَهَّرَة ) أي : منقاة من الشرك ومن رذائل الأخلاق ومن كل ما يسوء ؛ لأنها نزيهة مقدسة .

" تفسير جزء عمَّ " ( ص 281 ) .

ب. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو مطهَّر – أيضاً ، فقد طهَّر الله تعالى باطنه .

قال أبو القاسم السهيلي – رحمه الله

- : " والقول عندي في الرسول عليه السلام : أنه متطهِّر ومُطهَّر ، أما متطهِّر : فلأنه بشرٌ آدميٌّ يغتسل من الجنابة ويتوضأ من الحدث ، وأما مطهَّر : فلأنه قد غُسل باطنُه وشُقَّ عن قلبه ومُلئ حكمة وإيماناً فهو مطهَّر ومتطهِّر "

انتهى من " الروض الأُنف " ( 2 / 119 ) .

ومع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مطهر مبارك ، منزه عن كل ما يعيبه ويشينه وينقص من قدره وشانه ، حاشاه ، صلى الله عليه وسلم ؛ فإننا لا نرى أن يطلق عليه وصف (المقدس) أو يقرن ذلك باسمه ؛ ولا نعلم أحدا من أهل السلف أو أهل العلم والسنة والاتباع قد فعل ذلك معه صلى الله عليه وسلم

ولا نعلم أيضا أنه أطلق عليه ذلك في شيء من النصوص الشرعية ، ويخشى أن يفتح ذلك باب الغلو ، والإطراء له بما يخالف هديه ، ويوقع في نهيه صلى الله عليه وسلم في قوله ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري ( 3261 ) .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -

: " وقال ابن التين : معنى قوله ( لاَ تُطْرُونِي ) : لا تمدحوني كمدح النصارى ، حتى غلا بعضهم في عيسى ، فجعله إلهاً مع الله ، وبعضهم ادَّعى أنه هو الله ، وبعضهم ابن الله "

انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 149 ) .

ولكن الأولى أن نصف القرآن بما وصفه الله تعالى به

كما قال عز وجل : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِين ) الحجر/ 1 ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) الحجر/ 87

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ص/ 29

( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) يس/ 1، 2

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) الواقعة/ 77

( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) البروج/ 21

ولا يطلق في حق القرآن على سبيل اللقب والتسمية : " القرآن المقدس" ؛ لئلا نضاهي النصارى الذين يطلقون على كتابهم المحرف المبدل : " الكتاب المقدس " .

فإذا قيل : هل القرآن كتاب مقدس ؟

قلنا : نعم ، وهو أولى وأحق بالتقديس والتطهير والتنزيه من كل كتاب ، ولكننا لا نطلق عليه : ( الكتاب المقدس ) أو ( القرآن المقدس ) ؛ لئلا نشبه النصارى في ذلك ، وإن كان يوصف بذلك : أنه مقدس

أي : مطهر ، وإنما يطلق عليه ما سماه الله ووصفه به ؛ فيقال : قرآن مبين ، قرآن حكيم ، قرآن كريم ، قرآن مجيد .

و الله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 15:56
هل يجوز صياغة عبارات على لسان القرآن ؟

السؤال:

ما حكم قول " أنا القرآن ألا تعرفني ؟

" لحث الناس على القراءة ؛ فقد كثرت مثل هذه العبارات على الإنترنت وأجد في نفسي شيئاً منها

الجواب :

الحمد لله

بعد تقليب النظر وسؤال طائفة من أهل العلم حول استعمال مثل هذا الأسلوب في صياغة عبارات النثر والشعر على لسان القرآن ، فالذي يظهر أنه لا حرج في ذلك ، وأنه لا تعلق للأمر بكون القرآن هو كلام الله تعالى ، وأساليب اللغة العربية تستوعب هذا وأكثر .

لكن مع الانتباه إلى ألا تتضمن مثل هذه الأساليب وصفا للقرآن إلا بما يناسبه ، وما يليق به

وألا ينسب إلى القرآن خبر ، أو أمر ، أو نهي : إلا أن يكون ذلك موجودا فيه على وجه الحقيقة ؛ فلا يدعي أن القرآن يأمر بشيء ، وهو لم يأمر به ، أو يخبر بشيء ، وهو لم يخبر به

حتى ولو كان في مثل هذا الأسلوب المجازي ، والاستعمال الأدبي .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 16:03
حكم قول المتنبي ( بذا قضت الأيام ) وكذلك قول الشاعر : ( فرب العباد سريع النقم

السؤال:

ما حكم قول القائل : " بذا قضت الأيام ما بين أهلها "، وهل الأيام تقضي . بارك الله فيكم .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

العبارة المنقولة في السؤال هي شطر من أبيات مشهورة للمتنبي ، فيها حكمة بليغة ، سارت بها الركبان ، واستقرت في الأذهان ، وغدت مثلا على كل لسان ، وذلك في قصيدته التي يمدح فيها سيف الدولة الحمداني ، ويذكر هجوم الشتاء الذي عاقه عن غزو " خرشنة "، جاء في مطلعها :

عَواذِلُ ذاتِ الخالِ فيَّ حَواسِدُ وَإِنَّ ضَجيعَ الخَودِ مِنّي لَماجِدُ

إلى أن قال:

أخو غزواتٍ ما تغب سيوفهُ ...
رقابهم إلا وسيحان جامدُ

فَلَم يَبقَ إِلّا مَن حَماها مِنَ الظُبا لَمى شَفَتَيها وَالثُدِيُّ النَواهِدُ

أي : هو مقيم على غزو الروم ، وغزواته متصلة ، لا تؤخر سيوفه رقابهم إلا إذا اشتد البرد وجمد واديهم ، وسيحان نهر هناك معروف ، قتل الروم وأفناهم ، فلم يبق إلا النساء اللواتي منعها من السيوف سواد شفاههن ، ونهود ثديهن ، يعني الجواري .

تبكي عليهن البطاريق في الدجى
... وهن لدينا ملقياتٌ كواسدُ

بذا قضت الأيام ما بين أهلها
... مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ

يريد أنه أسر بنات بطاريق الروم فهم يبكون عليهن ليلا ، وهن ذليلاتٌ عند المسلمين ، هكذا عادة الأيام ، سرور قوم مساءة آخرين ، وما حدث في الدنيا حدث إلا سر به قوم ، وسيء به آخرون .

انظر: " شرح ديوان المتنبي للواحدي " (ص/233 ترقيم الشاملة آليا)

ثانيا :

قول المتنبي : " قضت الأيام " يسميه علماء اللغة " المجاز العقلي "، وتعريفه عندهم هو : إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له .

يقول الدكتور فضل حسن عباس رحمه الله :

" توضيحا لهذه الجملة نقول :

إذا قلت : " سال الماء في الوادي "، " فاض الماء من الكأس "، " نبت البقل في فصل الربيع "

قف أمام هذه الجمل واحدة واحدة ، تجد أن الإسناد في كل منهما إسناد حقيقي ، فهو إسناد الفعل أو ما يشبهه لما هو له ، ألا ترى أن إسناد " سال " و " فاض " إلى الماء إسناد حقيقي ؟ ، وإسناد النبت إلى البقل في فصل الربيع كذلك .

ولكن سعة اللغة وفن التعبير يكسبان الكلام زهوا وبهاء ، فيمكننا أن نقول " فاض الكأس "، " سال الوادي "، " أنبت الربيع البقل "، " أشابتنا الهموم "

في هذه العبارات جميعا نجد أننا أسندنا الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له ، فإن الكأس والوادي لم يسيلا ، ولكن سال الماء الذي فيهما ، ومن هنا كان المجاز ..

. ولكي تتضح لك صورة هذا المجاز نذكر لك مزيدا من الأمثلة :

قال تعالى : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) غافر/36، وقال تعالى في شأن فرعون : ( يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ) القصص/4.

وإسناد البناء إلى هامان ، والتذبيح والاستحياء إلى فرعون إسناد مجازي علاقته السببية ؛ لأن هامان سبب في البناء ، وهو المشرف عليه ، ولأن فرعون هو السبب في التذبيح والاستيحاء ، والباني في الحقيقة العَمَلَة ، والمذبح والمستحيي هم الجنود .

إن للمجاز العقلي في الكلام لشأنا عظيما ، ولذا فأنت تراه مرتكزا في طبائع الناس ، يعبرون به وإن لم يعرفوا اسمه ، ألا تسمعهم يقولون : فلان أصلحه الزواج وغيَّره المال ، وأنت نجَّتك أمانتك ، وفلان نفعته تقوى والديه ، وهذا رفعَه العِلْم ، وذاك قتله طمعه ، وهذه أشقاها جمالها ، وتلك سما بها خلقها

وعلَّمنا الاستعمار دروسا لا ننساها ، ويقول بعضهم لبعض : منزلك عامر ، وسفرة دائمة ، إلى غير ذلك من العبارات الكثيرة ، وكلها من المجاز العقلي كما ترى "

انتهى من " البلاغة فنونها وأفنانها " (ص/139-143)

والشاهد من هذا كله بيان أن المسلم العربي حين يقول : " قضت الأيام " فهو لا ينسب القضاء إلى الأيام على الحقيقة ، وإنما على المجاز العقلي ، والتقدير : قضى الله عز وجل في الأيام ، وليس في ذلك حرج شرعي .

ثالثا :

لهذا الأمر شواهد كثيرة في الكتاب والسنة الصحيحة ، ومن ذلك :

قوله تعالى : ( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) المزمل/17، فتأمل كيف أسند إشابة الولدان إلى يوم القيامة ، مع أن المشيب الحقيقي هو الله عز وجل .

يقول العلامة السعدي رحمه الله :

" فكيف يحصل لكم الفكاك والنجاة من يوم القيامة ، اليوم المهيل أمره ، العظيم قدره ، الذي يشيب الولدان ، وتذوب له الجمادات العظام ، فتتفطر به السماء ، وتنتثر به نجومها "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/894)

وأيضا في قوله عز وجل : ( وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) هود/84 ، أسند الإحاطة إلى اليوم ، مع أن المحيط هو عذاب الله ، وأما الزمان فلا يحيط بنفسه .

يقول الإمام الطبري رحمه الله :

" فجعل ( المحيط ) نعتًا لليوم ، وهو من نعت " العذاب "، إذ كان مفهومًا معناه ، وكان العذاب في اليوم ، فصار كقولهم : " بعْض جُبَّتك محترقة "

انتهى من " جامع البيان " (15/445)

وجاء في " تفسير الجلالين " (ص/297) :

" ( عذاب يوم محيط ) بكم يهلككم ، ووصف اليوم به مجاز لوقوعه فيه " انتهى.

رابعا :

تقريرنا للمجاز العقلي في هذا المقام يبين لك الفرق الدقيق بين استعمال المجاز العقلي في مكانه المقبول لدى جميع المسلمين ، وبين الاحتجاج بالمجاز العقلي على صرف العبادة لغير الله تعالى .

يقول الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي رحمه الله ( المتوفى سنة 1326هـ ) :

" تحقيق القول في ذلك الباب أنا لا ننكر المجاز العقلي ، ولكن لابد هناك من التفصيل :

وهو أنه إذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما يقدر عليه العبد لغير الله تعالى يجب حمله على الحقيقة ، ولا يصح حمله على المجاز العقلي كما في الأمثلة المذكورة .

وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما لا يقدر عليه إلا الله ، مثل فلان شفاني ، وفلان رزقني ، وفلان وهب لي ولداً ، يجب حمله على المجاز العقلي .

ولكن لا مطلقاً ، بل متى لم يصدر من ذلك المتكلم شيء من الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح ، وشرك قراح .
وأما إذا صدر منه شيء من تلك الألفاظ والأعمال فلا يحمل كلامه على المجاز العقلي

إذ المؤمن بهذا اللفظ والعمل قد انسلخ من الإيمان فلم يبق مؤمناً ، فلا وجه لهذا الحمل ، ولا ريب في أن عبدة الأنبياء والصالحين يصدر منهم من الألفاظ والأعمال ما هو كفر صريح كالسجدة والطواف والنذر والنحر ونحو ذلك "

انتهى من " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان " (ص/238)

وللتوسع في هذا الموضوع يمكن مراجعة :

"جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" (2/1021-1029) "

هذه مفاهيمنا " للشيخ صالح آل الشيخ (122-138)

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 16:07
حكم قول الشاعر : ( فرب العباد سريع النقم )

السؤال:

ما حكم قول قول بعض الناس : " فرب العباد سريع النقم " حيث إنها انتشرت على الهواتف المحمولة بصورة مدوية ، وفيها إطلاق لمقيد ، ووصف زائد على الصفة ؟ بارك الله فيكم

الجواب :

الحمد لله

قول بعضهم " فرب العباد سريع النقم " فهو وصف شرعي ثابت في الكتاب الكريم ، وذلك في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) إبراهيم/47، فلا حرج أن يخبر أحد عن الله عز وجل أنه يعجل بالنقمة على من يستحق ذلك

فهو عز وجل أخبر عن نفسه بقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ ) الأنعام/165.

وهذه الجملة شطر من مجموعة أبيات تنسب في كتب " الأدب " إلى شعر علي بن أبي طالب رضي الله عنه

ونقلها العلامة ابن القيم في " الجواب الكافي " (ص/74-75) بقوله :

" وقد أحسن القائل :

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا
... فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ

وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَا
... دِ فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ

وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْـ
... تَ فَظُلْمُ الْعِبَادِ شَدِيدُ الْوَخَمْ

وَسَافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الْوَرَى
... لِتَبْصُرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ

فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ بَعْدَهُمْ
... شُهُودٌ عَلَيْهِمْ وَلَا تَتَّهِمْ

وَمَا كَانَ شَيْءٌ عَلَيْهِمْ أَضَـ
... رَّ مِنَ الظُّلْمِ وَهُوَ الَّذِي قَدْ قَصَمْ

فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ جِنَانٍ وَمِنْ
... قُصُورٍ وَأُخْرَى عَلَيْهِمْ أُطُمْ

صَلُوْا بِالْجَحِيمِ وَفَاتَ النَّعِيـ
... مُ وَكَانَ الَّذِي نَالَهُمْ كَالْحُلُمْ

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 16:11
هل مقولة : " لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع" صحيحة ؟.

السؤال

: ما صحة المقولة : "لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع" ؟

و هل هي حديث ؟

لأني دائماً أرى الناس تقول هذه الجملة ، و لكني أري أن الغيب دائماً يأتي بالخير ، فأريد أن أعرف مدى صحتها .

الجواب :

الحمد لله

ليست هذه المقولة حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا هي قول مأثور عن أحد من أصحابه ، بل لا نعلم أحدا ممن يرجع إليه في العلم والدين قد قالها ، أو قرر معناها .

ثم إن هذه المقولة ليست صحيحة في نفسها ، بل هي باطلة مصادمة لما فطر الله عباده عليه من الحرص على طلب الخير ، ودفع الضر ؛ فإذا قدر أن إنسانا سافر ، فأصابه حادث في نفسه ، أو أهله

أو ماله ، لا يقال : إنه لو اطلع على الغيب قبل أن يسافر ، وعلم أن سفره هذا سوف يصيبه فيه حادث ، لا يقال : إن مع علمه السابق بذلك ، كان سيقدم على السفر؛ ومثل هذا لا يقوله ، ولا يفعله عاقل أصلا .

إن المعنى الذي تريد هذه العبارة تقريره : أن البديل لهذا الحادث الذي أصابك : سوف يكون أشد ضررا وسوءا منه ؛ فمن أصيب في حادث مع سفره ، لو ترك السفر : كان سيموت ـ مثلا ـ أو سيصيبه حادث هو أشد مما أصابه ؛ ولأجل هذا تقول العبارة : إنك كنت ستختار هذا الذي أصابك ، لأنه أخف الضررين ، وأقل الخسارتين !!

ولا شك أن هذا رجم بالباطل ، وقول على الله بغير علم ؛ فمن قال : إنه يلزم من نجاته من هذا الذي أصابه أن يقع فيما هو أشد منه ؛ بل هذا بسوء الظن بالله وتقديره ، أشبه .

ومما يدل على بطلان هذه العبارة قول الله تعالى : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/188

قال أبو حيان رحمه الله :

" أي لكانت حالي على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير واستغزار المنافع واجتناب السوء والمضارّ حتى لا يمسّني شيء منها "

انتهى من "البحر المحيط" (4/355) .

وقال السعدي رحمه الله :

"أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه، لعلمي بالأشياء قبل كونها، وعلمي بما تفضي إليه.

ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب."

انتهى من"تفسير السعدي" (311) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

"وَجَعَلَ نَفْيَ أَنْ يَمْلِكَ لِنَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ ضَرًّا مُقَدِّمَةً لِنَفْيِ الْعِلْمِ بِالْغَيْبِ، لِأَنَّ غَايَةَ النَّاسِ مِنَ التَّطَلُّعِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْغَيْبِ هُوَ الْإِسْرَاعُ إِلَى الْخَيْرَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بِتَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا وَتَقْرِيبِهَا، وَإِلَى التَّجَنُّبِ لِمَوَاقِعِ الْأَضْرَارِ، فَنَفْيُ أَنْ يَمْلِكَ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، يَعُمُّ سَائِرَ أَنْوَاعِ الْمُلْكِ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ النَّفْعِ وَالضَّرِّ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْعُمُومِ مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مِنَ الْغَيْبِ "

انتهى من "التحريرو التنوير" (9/207-208) .

فتبين بذلك كله : أن الإنسان قد يفوته من الخير ما يفوته ، أو يصيبه من السوء والضر ما يصيبه : لأجل جهله بما هو مغيب عنه ، ولو كان علم بما في الغيب من ذلك ، لتوقى ما أصابه من الضر ، وحرص على ما فاته من الخير .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 16:19
هل يجوز أن يقال: ظلم العبد لربه؟

السؤال:

هل يجوز أن يقال: ظلم العبد لربه ؟

الجواب :

الحمد لله

الظلم يقع من الإنسان على غيره من عباد الله ومخلوقاته ، بأذيتهم في أعراضهم ، أو أبدانهم ، أو أموالهم ، بغير حق .

ويطلق الظلم على ما يقع من العبد من تفريط وتقصير في حقوق الله جل جلاله .

وهذا النوع من الظلم لا يقال فيه : إنَّ العبد ظلم ربَّه ، بل هو في الحقيقة ظلمٌ من العبد لنفسه ؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يتضرر بمعصية عباده ، كما لا ينتفع بطاعتهم .

قال سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل : ( وَمَا ظَلَمُونَا ، وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ).

قال ابن جرير الطبري :

" وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( وَمَا ظَلَمُونَا ) وَمَا وَضَعُوا فِعْلَهُمْ ذَلِكَ وَعِصْيَانَهُمْ إِيَّانَا مَوْضِعَ مَضَرَّةٍ عَلَيْنَا وَمَنْقَصَةٍ لَنَا ، وَلَكِنَّهُمْ وَضَعُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَوْضِعَ مَضَرَّةٍ عَلَيْهَا ، وَمَنْقَصَةٍ لَهَا ... فرَبُّنَا جَلَّ ذِكْرُهُ لاَ تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ عَاصٍ ، وَلاَ يَتَحَيَّفُ خَزَائِنَهُ ظُلْمُ ظَالِمٍ ، وَلاَ تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مُطِيعٍ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي مُلْكِهِ عَدْلُ عَادِلٍ ؛ بَلْ نَفْسَهُ يَظْلِمُ الظَّالِمُ ، وَحَظَّهَا يَبْخَسُ الْعَاصِي ، وَإِيَّاهَا يَنْفَعُ الْمُطِيعُ ، وَحَظَّهَا يُصِيبُ الْعَادِلُ ".

انتهى ، " تفسير الطبري " (1/711).

ثم إن الظلم لا يقع إلا على من هو عاجز أو ضعيف أو مستضعف ، والله منزه عن هذا .

ولذلك قال ابن عباس في قوله تعالى : ( وَمَا ظَلَمُونَا )

قال : " نحن أعز من أن نُظلم " .

انتهى ، "تفسير ابن أبي حاتم" (1/116).

وقال الألوسي :

" ظلم الإنسان للّه تعالى لا يمكن وقوعه البتة ".

انتهى ، " روح المعاني " (1/265) .

قال ابن القيم

: " فَمَا ظَلَمَ الْعَبْدُ رَبَّهُ ، وَلَكِنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ، وَمَا ظَلَمَهُ رَبُّهُ ، وَلَكِنْ هُوَ الَّذِي ظَلَمَ نَفْسَهُ ".

انتهى ، " الجواب الكافي " صـ 71 .

ولذلك ما شاع على لسان البعض من أن الظلم منه ظلم العبد لربه ، وظلمه لنفسه ، وظلمه لغيره ، غير صحيح ، بل الصواب أن يقال : ظلم العبد فيما بينه وبين ربه .

وفي الحديث : ( الدَّوَاوِينُ ثَلَاثَةٌ : فَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَدِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا ، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا .

فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، فَالْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ).

وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا قَطُّ ، فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ .

وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، فَمَظَالِمُ الْعِبَادِ بَيْنَهُمُ ، الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ ). رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين" (4/ 619) ، وفي سنده ضعف ، وله شاهد من حديث أنس عند أبي داود الطيالسي (3/ 579) ، وقد حسنه به الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1927) .

ومن العلماء من لم يذكر للظلم إلا قسمين .

قال ابن رجب الحنبلي عن الظلم : " وهو نوعان :

أحدهما : ظلمُ النفسِ ، وأعظمه الشِّرْكُ ، كما قال تعالى : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ، فإنَّ المشركَ جعل المخلوقَ في منزلةِ الخالق ، فعبده وتألَّهه ، فوضع الأشياءَ في غيرِ موضعها

وأكثر ما ذُكِرَ في القرآن مِنْ وعيد الظالمين إنَّما أُريد به المشركون ، كما قال الله عز وجل : (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، ثمَّ يليه المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائرَ وصغائرَ .

والثاني : ظلمُ العبدِ لغيره ، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع : ( إنَّ دماءكم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكُم حرامٌ ، كحرمةِ يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ). ".

انتهى ، "جامع العلوم والحكم" (2/36).

والحاصل :

أن ما يقع من العبد من شرك وكفر وذنوب وكبائر ، هي من ظلمه لنفسه

أو يقال فيها : ظلم العبد فيما بينه وبين الله

والمراد بذلك : المعاصي التي لا تتعلق بحقوق العباد

بل هي محرمة لحق الله تعالى

ولا يقال : ظلم العبد لربه ؛ لما في هذه الجملة من الإيهام ،

والله أجل وأعز من أن يقع عليه ظلم من عبيده .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 16:25
التعليق على دعاء " اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري "

السؤال:

كنت أدعو بدعاء وقال لي أصدقائي إن هذا الدعاء حرام ، فأرجو معرفة إذا كان حراماً أم لا: " اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري " ! .

الجواب :

الحمد لله

من فضل الله تعالى على المسلم أن جعله في سعة من أمره في شأن الدعاء ؛ فهناك أدعية في القرآن من أدعية الأنبياء والمرسلين قليلة المباني عظيمة المعاني

وهناك أدعية في السنَّة المشرفة من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن هناك أدعية جليلة للصحابة الكرام والتابعين الأجلاء والعلماء الأفاضل ، وهي مجموعة في كتب كثيرة ، كما أنها مبثوثة في سيرهم العطرة

فلا ندري ما الحاجة لأن يَخرج علينا من يخترع ألفاظاً في أدعيته لربه تعالى ولا يكتفي بأن يذكرها بينه وبين ربِّه حتى يشيعها بين الناس في مواقع الإنترنت وغيرها ،

والمطلع على المواقع الإلكترونية يجد من هذا شيئاً كثيراً ، وغالبه عليه ملاحظات شرعية ؛ والسبب في ذلك أن من يكتب ذلك في الأصل ليسوا من أهل العلم ولا طلبته .

ومن الأمثلة على ما نقوله ما انتشر في كثير من المواقع الإلكترونية من دعاء فيه تكلف واضح ، وفيه جملة غاية في الشناعة والبشاعة ، وهي التي ذكرها الأخ السائل ، ويكمن خطؤها في وجهين :

الأول : المشاكلة في اللفظ بين اجتهاد العبد المخلوق العاصي واجتهاد الرب الخالق الغفور ، وهذا غير لائق بالداعي أن يفعله ، ففيه انتقاص من قدر الرب عز وجل .

الثاني : إثباته " الاجتهاد " لله تعالى ! وهو لفظ قبيح نسبته للرب تعالى ، فاللفظ يدل على بذل مجهود وطاقة ، وهذا محال في حق الله تعالى الذي أخبر عن نفسه أنه خلق السموات والأرض وما بينها وما مسَّه من لغوب – أي : تعب - ، قال الله تعالى ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) ق/ 38

وهذا النفي للتعب والإعياء منفي عن الله تعالى مطلقاً وإنما ذكره هنا بعد خلقه السموات والأرض وما بينهما لدفع الإيهام وللرد على من أثبت له ذلك من اليهود ، وهذا النفي للتعب والإعياء يدل على كمال قدرته عزَّ وجلَّ .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -

: " واعلم أن الصفات المنفية لا يراد بها مجرد النفي ؛ وإنما يراد بها مع النفي : ضدها ، فإذا قال الله تعالى عن نفسه ( وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فالمراد : نفي اللغوب ، وإثبات كمال قوته وقدرته "

انتهى من " تفسير سورة البقرة " ( 2 / 132 ) .

وإذا كان يصح أن يقال عن العبد العاصي إنه " اجتهد " في المعصية فكيف يطيب للعبد أن يقول لربِّه تعالى إنه " اجتهد " في سترها وهو قادر – سبحانه – على سترها بل ومغفرتها وتبديلها بحسنات بكلمة " كُن " ؟!

هذا غير جائز ، بل هو محرَّم ، ولا يحل لأحدٍ أن يتكلم في حق ربه بما يوهم نقصا ، أو يبعد عن المقام اللائق في الأدب معه سبحانه .

فالواجب على المسلم ترك الدعاء بهذه الجملة ، والحذر من نشرها ، كما يجب على المواقع الإلكترونية حذف هذه الجملة من مواقعها وعدم اكتساب الإثم بنشرها .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 03:55
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل المساواة في الظلم عدل؟

السؤال:

تنتشر مقولة تقول بأن المساواة في الظلم عدل ، وبعضهم ينسبها إلي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام

وبعضهم يتعامل بها كأنها أساس وقاعدة لا يمكن تغييرها

فما حكم الدين أو ما مدى صحة هذه المقولة ؟

الجواب :

الحمد لله

قول من يقول من الناس:

( المساواة في الظلم عدل )

قول باطل

بعيد عن شرع الله ودينه بعد المشرقين

وحاشا رسول الله أن ينطق بمثل ذلك القول

وإنما الذي قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ، ورواه عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا ) رواه مسلم (2577) .

ونصوص الشرع المتواترة المتكاثرة على التحذير من الظلم ، وبيان سوء عاقبته أكثر من أن نذكرها هنا .

إن هذه الكلمة الباطلة الظالمة تظهر أكثر ما تظهر فيمن له ولاية على الناس ، فتقول له : إذا ظلمت أحد رعيتك ، فأخذت ماله ، أو ضربت ظهره ، أو سجنته .. ، فلا تقتصر على ظلم هذا وحده ، بل اجعل ظلمك عاما لأفراد رعيتك ، حتى تكون عادلا في توزيع الظلم عليهم !!

ومثل هذا لا يصلح أن يقوله إلا الجبارون والمعتدون على حقوق العباد !!

فأي عدل في هذا ، والله تعالى يقول : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/90

إن المساواة في الظلم : ظلمات ، بعضها فوق بعض !!

وبدلا من أن يلقى ربه بظلم رجل واحد ظلم ، أو عبد واحد اعتدى عليه : إذا به يريد أن يلقى ربه بظلم كل من أمكنه من العباد ، من أجل المساواة بينهم في ذلك !!

أليس هذا أشبه شيء بعمل المشركين ، حين يريدون أن يعملوا الظلم والفواحش ، ثم يدعون أن هذا من عند الله ، وأمره وشرعه .

قال الله تعالى : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) الأعراف/28-30

إن العدل : هو إعطاء كل ذي حق حقه

ووضع كل شيء في موضعه

فأين هذا من الظلم، أو المساواة فيه؟

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:00
حكم قول بعض العامة يكثر خير ربي

السؤال :

كثير من الناس عندنا يتلفظون بعبارات شكر لله

مثل " يكثر خير ربي "، أو " نستكثر خير ربي "، أو " ربي ما فيه غير الخير " فهي حمالة لأوجه ، والله سبحانه وتعالى خالق كل شيء ومالكه ، وما عند الله لا ينفد

فهل هذه الألفاظ شرعية ، أليس يكفينا الحمد والشكر والثناء على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وبما دعا وأثنى به محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ربه عز وجل ؟

الجواب:

الحمد لله

عند البحث في حكم العبارات العامية المعتادة على ألسنة الناس لا بد من النظر في أمرين :

الأول : معنى هذه الجملة في موازين قواعد اللغة العربية .

الثاني : مراد المتكلم بها والسياق الذي يريده منها .

وبالتأمل في قول بعضهم : " يكثِّر خير ربي "، ونحوها تبين لنا أنه لا حرج فيها ، ولا إثم على قائلها ، وتعليل ذلك
:
1- أن ظاهر معنى هذه الجملة في لغة العرب الدعاء بتكثير الخير من الرب سبحانه ، كي يفتح خزائن رحمته وفضله ، فتكثر النعم والخيرات ، وهو سبحانه حقيق بذلك .

وتحتمل أيضا أنها خبر ، فيه إظهار شكر الله تعالى ، والاعتراف بكثرة الخير منه ، وتواتر إنعامه وإفضاله ، والله عز وجل يقول : ( كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) سبأ/15.

وكلا هذين الاحتمالين مشروع بل مستحب ومندوب .

2- ثم إن ما نعلمه من مقصد العامة الذين يتكلمون بهذه العبارات ليس فيه أي محذور شرعي ، فالسياق الذي يأتون فيه بمثل هذه الكلمات سياق الحمد والشكر لله رب العالمين

وسياق الإقرار بإنعام الله وسؤاله المزيد من فضله ، أحيانا يأتون بهذه الجملة عند سؤالهم عن أحوالهم ، وأحيانا يأتون بها جملةً معترضةً في أثناء الحديث ، ولم نجد في استعمال العامة هذه العبارة ما يدل على خلل شرعي .

وبهذا يتبين تحقق الركنين الأساسيين : السلامة اللغوية ، وسلامة غرض الاستعمال والمقصد ، فلا حرج على من يأتي بهذه الجملة : " يكثِّر خير ربي ".

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:04
الدعاء بقول : " دفع الله ما كان أعظم "

السؤال:

كثيرا ما أسمع عبارة : " دفع الله ما كان أعظم "

أفيدونا بصحة هذه العبارة ، هل معناها أن الله قد غير القدر

وكما أعرف هذا منافٍ للعقيدة ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه الجملة " دفع الله ما كان أعظم " تحتمل أمرين :

الأول : أن يكون ذلك على سبيل تسلية الإنسان لنفسه ، أو لغيره ، عند حلول مصيبة أو بلاء به ؛ فيتذكر أن غيره قد نزل به من البلاء ما هو أعظم من ذلك ، وقد دفعه الله عنه .

فإذا كان هذا هو المراد ، فهي تسلية حسنة مشروعة ؛ بل قد أمر الشرع بمثل ذلك عند حلول البلاء أوالمصائب بالإنسان .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) .

رواه البخاري (6490) ومسلم (2963) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه :

" قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُون بِحَالٍ تَتَعَلَّق بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ , فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ اللَّحَاقَ بِهِ اِسْتَقْصَرَ حَالَهُ فَيَكُون أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ مِنْ رَبّه , وَلَا يَكُون عَلَى حَال خَسِيسَةٍ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ

. فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ , فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ الشُّكْرَ , فَيَعْظُمُ اِغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ .

وَقَالَ غَيْرُهُ : فِي هَذَا الْحَدِيث دَوَاءُ الدَّاءِ لِأَنَّ الشَّخْص إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيهِ حَسَدًا , وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الشُّكْر . وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَة عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ قَالَ " خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا

: مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ , وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينه إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ " . وَأَمَّا مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَبُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا " انتهى .

لكن ينبغي الانتباه إلى أن بعض الناس قد يسلي نفسه بمثل هذا الكلام على معنى أن الله صرف عنه من البلاء ما هو أعظم مما نزل به ، يعني : أن بلاء آخر كان سينزل به ، فصرفه الله عنه ،

وقدر عليه ذلك الأخف ؛ ومثل هذا هو من أمور الغيب التي لا يعلمها أحد بفكر ولا نظر ، ولا تعلم إلا بوحي من الله ، فينبغي إمساك اللسان ، والظنون عن مثل ذلك ، ورد الأمر إلى الله ، وتسلية النفس بما هو مشروع .

الثاني : أن يكون ذلك على سبيل الدعاء : أن يصرف الله عنه من البلاء ما هو أعظم مما رآه ، أو مما نزل به . والدعاء بصرف البلاء قبل نزوله ، ورفعه إذا نزل بالإنسان مشروع لا حرج فيه

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلاَّ البِرُّ ) . رواه الترمذي (2139) وقال : حسن غريب . وحسن إسناده ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/410)، والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/154).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ )

رواه الترمذي (3548) وضعفه ، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (11/98): " في إسناده لين "

انتهى . وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " (3409) .

على أن الأولى بالعبد أن يسأل الله أن يدفع عنه البلاء والشر كله ، فإنه لا يدري ما يكون صبره ويقينه عند ما ينزل به ، ولا يدري أي الأمور يكون خيرا له .

وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :

( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآَجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا ) .

رواه أحمد (25019/ط الرسالة) وابن ماجة (3846) وصححه الألباني .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:17
هل يوصف الله عز وجل بالغيْرة ؟

وهل يقال " يغار الله على أنبيائه وأوليائه " ؟

السؤال:

هناك قصيدة نظمها أحد الشعراء في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ورد فيها: قد غار ربي في حليلة أحمد .. وأنا على عرض النبي أغار فهل يجوز مثل هذا الكلام في حق الله عز وجل ؟

وكذلك هناك بعض القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أحس أنها لا تليق ، مثلاً : " طيفك يداعب خيالي " وهي أنشودة منتشرة في الأسواق ، فهل يجوز مثل هذا ؟ . وبارك الله فيكم .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

منهج أهل السنَّة والجماعة في باب صفات الله تعالى قائم على أمور ، من أهمها :

1. أنها صفات توقيفية لا يجوز لأحد أن يُثبتها من غير الكتاب والسنَّة ، فلا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .

2. أن لها من المعاني ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ، فتُعلم معانيها ويُجهل كيفياتها .

3. أنه يؤمن بمعانيها من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل .

ثانياً:

ثبتت صفة " الغيْرة " لله تعالى في صحيح السنّة ، ومما جاء في ذلك :

1. عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) رواه البخاري ( 4925 ) ومسلم ( 2761 ) .

2. عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) .

رواه البخاري ( 6980 ) ومسلم ( 1499 ) وعنده زيادة بلفظ ( وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ ) .

3. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيراً ) .

رواه البخاري ( 1044 ) ومسلم ( 901 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

" وغيْرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه ، وغيْرته أن يزني عبدُه أو تزني أمَتُه ... .

الغيْرة التي وصف الله بها نفسه : إمَّا خاصة وهو أن يأتي المؤمن ما حرَّم عليه ، وإما عامة وهي غيرته من الفواحش ما ظهر منها وما بطن"

. انتهى من " الاستقامة " ( 2 / 9 – 11 ).

وقال ابن القيم – رحمه الله -

: " الغيرة تتضمن البغض والكراهة ، فأخبر أنه لا أحدَ أغير منه ، وأن من غيْرته حرَّم الفواحش ، ولا أحد أحب إليه المِدْحة منه ، والغيْرة عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية ، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية ؛ فيستحيل وصفه عندهم بذلك ، ومعلوم أن هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً

وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً ؛ فإن الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشة وتركها : مذموم غاية الذم مستحق للذم القبيح "

انتهى من " الصواعق المرسلة " ( 4 / 1497 ) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

" المحال عليه سبحانه وتعالى وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق ، وأما الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى فلا يستحيل وصفه بها ، كما دل عليه هذا الحديث وما جاء في معناه

فهو سبحانه يوصف بالغيْرة عند أهل السنَّة على وجه لا يماثل فيه المخلوقين ، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا هو سبحانه ، كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب وغير ذلك من صفاته سبحانه ، والله أعلم " .

انتهى من تعليق الشيخ ابن باز على " فتح الباري " لابن حجر ( 2 / 531 ) .

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان – حفظه الله – في التعليق على حديث ( وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ) -

: " ومعناه : أن الله يغار إذا انتهكت محارمه ، وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله ؛ لأن انتهاك المحارم فعل العبد ، ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره .

وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها ، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق ، بل هي صفة تليق بعظمته ، مثل الغضب ، والرضا ، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها ، وقد تقرر أنه تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ، فكذلك في صفاته ، وأفعاله " .

انتهى من " شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري " ( 1 / 287 ) .

ثالثاً:

إذا عُلم معنى الصفة العظيمة المتصف بها ربنا تعالى وهي الغيرة : يتبين أن استعمالها فيما سأل عنه الأخ السائل صحيح ، وفي سياق حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه فإن الغيرة " تتضمن الغضب لانتهاك الحرمة ،

والله سبحانه يبغض ما حرم ، ويغضب إذا انتهكت حرماته " – كما جاء في " تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري " رقم ( 55 ) -

ومما لا شك فيه أن التعرض للنبي صلى الله عليه وسلم في عرضه بالطعن بقذف زوجته الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها ، هو من أعظم الذنوب التي يغار الله تعالى لأجلها ، والله تعالى يغار على رسله الكرام عليهم السلام ولذا لم يتعرض لهم أحد إلا خُذل وقُصم ، ويغار على أوليائه وأصفيائه ولذا فإنه تعالى قال ( مَن عَادى لي وَلِيّاً فَقَد آذَنْتُه بِالحَرْب )

ويغار الله تعالى على شرعه وعلى محارمه أن تُنتهك ولذا فإنه تعالى توعد العصاة بالعذاب وتعجل عقوبة بعضهم في الدنيا ليكونوا عبرة لغيرهم ، وكل ذلك من الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى .

وقول الشاعر " غار فيها " هو بمعنى " غار لها " ، وحروف الجر تتناوب عند طائفة من أئمة العربية ، وقد استعمل مثلها أئمة الإسلام من أهل السنَّة .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :

" ولما تكلم فيها أهل الافك بالزور والبهتان غار الله لها فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تتلى على تعاقب الزمان "

انتهى من " البداية والنهاية " ( 8 / 99 ) ، وينظر : ( 3 / 334 ) .

وأما بخصوص جملة " طيفك يداعب خيالي " المقولة في حق النبي صلى الله عليه وسلم فلم نر فيها ما يُنكر ، وإن كان غيرها أحسن منها ، والبعد عنها أولى ، لئلا يختلط الأمر بكلام العشاق وأشباههم ، فهي أشبه بذلك ، وأقرب إليه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:20
هل يوصف الله تعالى بالمكر والخيانة والخداع ؟

السؤال:

هل يوصف الله تعالى بالمكر والخداع والخيانة ، كما في قوله تعالى : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ) وقوله : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) ؟.

الجواب :

الحمد لله

صفات الله تعالى كلها صفات كمال ، دالة على أحسن المعاني وأكملها ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) النحل/60 . وقال تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم/27 .

ومعنى المثل الأعلى أي الوصف الأكمل .

قال السعدي في تفسيره (ص 718، 1065) :

"المثل الأعلى" هو كل صفة كمال اهـ .

والصفات ثلاثة أنواع :

الأول : صفات كمال ، لا نقص فيه بوجه من الوجوه . فهذه يوصف الله تعالى بها وصفاً مطلقاً ولا يقيد بشيء ، مثال ذلك : العلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والرحمة . . . إلخ .

الثاني : صفات نقص ، لا كمال فيها ، فهذه لا يوصف الله تعالى بها أبداً ، كالنوم ، والعجز ، والظلم ، والخيانة . . إلخ .

الثالث : صفات يمكن أن تكون كمالاً ، ويمكن أن تكون نقصاً ، على حسب الحال التي تُذكر فيها .

فهذه لا يوصف الله تعالى بها على سبيل الإطلاق ، ولا تنفى عن الله تعالى على سبيل الإطلاق ، بل يجب التفصيل ، ففي الحال التي تكون كمالاً يوصف الله تعالى بها ، وفي الحال التي تكون نقصاً لا يوصف الله تعالى بها. ومثال هذا : المكر ، والخديعة ، والاستهزاء .

فالمكر والخديعة والاستهزاء بالعدو صفة كمال ، لأن ذلك يدل على كمال العلم والقدرة والسلطان . . ونحو ذلك .

أما المكر بالمؤمنين الصادقين فهو صفة نقص .

ولذلك لم يرد وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الإطلاق ، وإنما ورد مقيداً بما يجعله كمالاً .

قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) النساء /142 . فهذا خداع بالمنافقين .

وقال : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال/30 . وهذا مكر بأعداء الله الذين كانوا يمكرون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وقال عن المنافقين : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) البقرة /14-15 . وهذا استهزاء بالمنافقين .

فهذه الصفات تعتبر كمالاً في هذا السياق الذي وردت فيه . ولهذا يقال : الله تعالى يستهزئ بالمنافقين ، ويخادعهم ، ويمكر بأعدائه . . . ونحو ذلك . ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالمكر والخادع وصفاً مطلقاً . لأنه حينئذٍ لا يكون كمالاً .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يوصف الله بالمكر؟ وهل يسمى به ؟

فأجاب :

" لا يوصف الله تعالى بالمكر إلا مقيداً ، فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً ، قال الله تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف/99 . ففي هذه الآية دليل على أن لله مكراً ، والمكر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر. ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ( الحرب خدعة ) .

فإن قيل : كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم ؟

قيل : إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق ، فلا يجوز أن تقول : "إن الله ماكر" وإنما تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً ، مثل قوله تعالى : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ) الأنفال /30 ، وقوله : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) النمل /50 .

ولا تنفى هذه الصفة عن الله على سبيل الإطلاق ، بل إنها في المقام الذي تكون مدحاً يوصف بها ، وفي المقام الذي لا تكون فيه مدحاً لا يوصف بها. وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال : إن من أسماء الله الماكر ، والمكر من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه"

اهـ . "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/170).

وسئل أيضاً : هل يوصف الله بالخيانة ؟ والخداع كما قال الله تعالى: ( يخادعون الله وهو خادعهم ) ؟

فأجاب :

" أما الخيانة فلا يوصف الله بها أبداً ، لأنها ذم بكل حال ، إذ إنها مكر في موضع الائتمان ، وهو مذموم ، قال الله تعالى : ( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال /71 ، ولم يقل : فخانهم .

وأما الخداع فهو كالمكر يوصف الله تعالى به حين يكون مدحاً ، ولا يوصف به على سبيل الإطلاق قال الله تعالى: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) النساء /142 اهـ .

"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/171) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:24
ما هو الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله تعالى ؟

السؤال:

هل يصح أن يسمى الله بالمتكلم أو الباطش لأنه ورد أنه يفعل ذلك ؟.

الجواب :

الحمد لله

أسماء الله تعالى كلها توقيفية أي ( أنه يجب الوقوف فيها على ما جاء في الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص )

وعليه فلا يصح أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من الأحاديث ، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف

على النص لقوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء/26 .

ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك ، والاقتصار على ما جاء به النص .

وأما ما ورد في القرآن والسنة على سبيل الوصف أو الخبر فقط ، بحيث لم يرد تسمية الله به ، فلا يصح أن نسميه به ، وذلك لأن من صفات الله ما يتعلق بأفعاله ، وأفعال الله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها .

ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله الفعلية ( المجيء والإتيان ، والأخذ ، والإمساك ، والبطش ) إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى : ( وجاء ربك ) الفجر/22

وقال : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) الحج /65 وقال : ( إن بطش ربك لشديد ) البروج /12

فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ، ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش ، ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به ."

والله أعلم .

يراجع : ( القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى 13 , 21 ) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 04:29
حكم جعل مدح النبي صلى الله عليه وسلم تجارة

السؤال :

ما حكم جعل مدح النبي صلى الله عليه وسلم تجارة ؟

الجواب:

الحمد لله

"حكم هذا محرم، ويجب أن يعلم بأن المديح للنبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين :

أحدهما : أن يكون مدحاً فيما يستحقه صلى الله عليه وسلم بدون أن يصل إلى درجة الغلو ، فهذا لا بأس به ، أي : لا بأس أن يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أهله ، من الأوصاف الحميدة الكاملة في خلقه وهديه صلى الله عليه وسلم.

والقسم الثاني: من مديح الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله) . فمن مدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غياث المستغيثين،

ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم ، بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

ثم نرجع إلى اتخاذ المديح الجائز حرفة يكتسب بها الإنسان فنقول أيضاً : إن هذا حرام ولا يجوز ، لأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بما يستحق وبما هو أهل له صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق والصفات الحميدة

والهدي المستقيم مدحه بذلك من العبادة التي يتقرب بها إلى الله ، وما كان عبادة فإنه لا يجوز أن يتخذ وسيلة إلى الدنيا

لقول الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود/15، 16.

والله الهادي إلى سواء الصراط" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/258) .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-12, 16:28
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل يجوز أن يقول في حق الله تعالى " أنت أبي " ؟

السؤال:

هل يجوز أن أقول لله أنت أبي؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز أن يقال في حق الله تعالى : " أنت أبي " ؛ لما توهمه هذه العبارة من معنى باطل ، ولما في ذلك من مفارقة سبيل الموحدين إلى مشابهة اليهود والنصارى .

فاليهود يقولون في صلاتهم : " أحبنا يا إلهنا يا أبانا أنت أبونا منقذنا "

انتهى من "هداية الحيارى" (ص 138) .

وعند النصارى : جاء في إنجيل متَّى (5/44-45) :

" صلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ، ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات ".

وأفضل ما يقوله العبد في حق الله تعالى : أن يثني عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى .

كما جاء في حديث سيد الاستغفار : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ) رواه البخاري (6306)

فهذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمنا إياه .

وإذا تأملنا أدعية الأنبياء في القرآن الكريم نجد فيها الثناء على الله تعالى بما يستحقه من صفات الكمال، كربوبيته تعالى .

كما قال نبي الله شعيب عليه السلام والذين آمنوا معه : ( وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ) الأعراف/ 89 ، وكما قال نبي الله عيسى عليه السلام : ( وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) مريم/ 36 .

فلا يليق بالمسلم أن يعدل عن طريق الأنبياء إلى طريق اليهود والنصارى ويتشبه بأعداء الله تعالى في القول .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-12, 16:32
حكم النطق بكلمة " الويل "

السؤال:

ما حكم النطق بكلمة الويل من غير قصد فقد سمعت أنها تحبط ما قبلها من الاعمال هل هذا صحيح وهل لها من كفارة

الجواب :

الحمد لله

( ويل ) : كلمة وعيد وتخويف وتهديد

وقال سيبويه : "ويح"

كلمة زجر لمن أشرف على هلكة

و "ويل" لمن وقع فيها .

"فتح الباري" (1 /207) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" معناه الخزي والعذاب والهلكة "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (20 /181)

وقال الخازن :

"الويل" كلمة تقولها العرب لكل من وقع في هلكة ، وأصلها في اللغة العذاب والهلاك "

"تحفة الأحوذي" (9 /39)

وقال السعدي رحمه الله :

" الويل : كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف "

"تفسير السعدي" (ص 813)

فمن أطلقها وقصد بها التهديد والإنذار لفعل مخالف للشريعة ، فلا بأس بإطلاقها . ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (96) ومسلم (241)

ومن أطلقها على كل ما يراه مخالفا ، ولو كان من الخلاف السائغ بين أهل العلم ، أو أطلقها على مخالفة سنة من السنن ، كأن يقول : الويل لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام ، أو يقول : الويل لمن ترك سنة المغرب فلم يصلّها ، فمثل هذا لا يجوز .

ومن قالها يقصد بها الدعاء على نفسه فلا يجوز ، إلا أن تخرج مخرج الشرط ، كأن يقول : يا ويلي من عذاب الله إن لم يغفر لي . كما قال عمر رضي الله عنه حين طُعن : " ويلي وويل أمي إن لم يغفر لي " رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص125)

أما قول من يقول إنها تحبط ما قبلها من الأعمال فقول غير صحيح ، حيث لا دليل عليه .

وعلى من قالها بقصد أو بغير قصد في غير موضعها الذي يجوز إطلاقها فيه أن يستغفر الله ثم لا يعود .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-12, 16:39
السيئات قد تُحبِطُ الحسنات

السؤال:

ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها ، وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر ، ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .

دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54

قال ابن تيمية رحمه الله :

" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة ، ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة "

انتهى . "الصارم المسلول" (ص/55)

وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .

ثانيا :

لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر ، فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :

" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟

فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .

القول الأول :

أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى "الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :

" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .

القول الثاني :

أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة .

انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)

وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم

وقال في مدارج السالكين (1/278) :

" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه

فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .

قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :

بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ

وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .

قال الإمام ابن رجب رحمه الله :

وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.

قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا ، والله عز وجل يقول { لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلى قوله { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } .

ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } الآية [ البقرة : 264 ]، وقال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب } الآية [ البقرة : 266] .

وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال عمر : لأي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .

وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [ رواه البخاري (553)] .

وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [ مسلم (2621)] .

وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [ رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .

وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح

فأنزل الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } [ محمد : 33 ] فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .

وبإسناده ، عن الحسن في قوله { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال الكبائر .

وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...

قال ابن رجب رحمه الله :

والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..

وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة . وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .

وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار . وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك . [

شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .

قال ابن القيم رحمه الله :

" ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه " [

الوابل الصيب (18) ] .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-12, 16:54
حكم استعمال كلمات أجنبية في مخاطبة العرب المسلمين

السؤال:

ما حكم كلمة ( برب ) ( تيت ) ( ولكم ) ( باي ) في الشريعة الإسلامية ؟

الجواب :

الحمد لله

حكم تحدث العربي بالكلمات غير العربية فيه تفصيل :

1- إذا وقع على وجه القلة أو الندرة ، أو استعمل لملاطفة مَن يفهم تلك اللغة غير العربية في بعض الأحيان ، أو استعمل لإفهام من لا يتقن العربية : فلا بأس حينئذ ولا حرج ، لأنه وقع على وجه الحاجة والفائدة

ولأن الشريعة تعفو عن القليل ، وقد روت أم خالد رضي الله عنها قالت : ( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ ، قَالَ : مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ ؟ فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ .

قَالَ : ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ . فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ : أَبْلِي وَأَخْلِقِي مَرَّتَيْنِ . فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ : يَا أُمَّ خَالِدٍ ! هَذَا سَنَا ، وَيَا أُمَّ خَالِدٍ ! هَذَا سَنَا . وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ : الْحَسَنُ )

رواه البخاري (رقم/5845) وبوب عليه بقوله : باب من تكلم بالفارسية والرطانة .

2- أما إذا اعتاد المسلم العربي مثل هذه الكلمات غير العربية ، ولم يكن هناك حاجة لاستعمالها ، فذلك مكروه لعدة أوجه :

أ- أنه استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فالمسلم تحيته السلام ، وليس كلمة ( باي ) ولا كلمة ( ويلكم ) ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( إذا انتهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ ) رواه أبو داود (5208) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ب- التشبه بغير المسلمين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (4031)، والتشبه بغير المسلمين – ولو باللسان – يؤثر في الخلق والدين .

ج- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالحين في تعظيم اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر

أن يدعى الله أو يذكر بغير العربية...وأما الخطاب بها ( يعني الأعجمية ) من غير حاجة في أسماء الناس والشهور ، كالتواريخ ونحو ذلك ، منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب .

وأما مع العلم به ، فكلام أحمد بَيِّنٌ في كراهته أيضا ، فإنه كره "آذرماه" ونحوه ، ومعناه : ليس محرما .

وهو أيضا قد أخذ بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم ، وعن شهود أعيادهم .

وهذا قول مالك أيضا ، فإنه قال : لا يُحرِم بالعجمية ولا يدعو بها ، ولا يحلف بها . وقال : نهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال : " إنها خِبَّ " ( المكر والغش ، المدونة 1/62-63) ، فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا .

وقال الشافعي فيما رواه السلفي بإسناد معروف إلى محمد بن عبد الله بن الحكم

قال : سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول : لا نحب ألا ينطق بالعربية فيسمي شيئا بالعجمية ، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب ، فأنزل به كتابه العزيز ، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم

ولهذا نقول : ينبغي لكل أحد يَقدِرُ على تعلم العربية أن يتعلمها ؛ لأنها اللسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه ، من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية .

روى أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" (9/11)

حدثنا وكيع عن أبي هلال عن أبي بريدة قال : قال عمر : ما تعلم الرجل الفارسية إلا خَبَّ ( صار خَدَّاعًا ) ، ولا خَبَّ رجل إلا نقصت مروءته .

ونقل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية :

قال أبو خلدة : كلمني أبو العالية بالفارسية .

وقال منذر الثوري : سأل رجل محمد بن الحنفية عن الجبن ، فقال : يا جارية اذهبي بهذا الدرهم فاشتري به نبيزا ، فاشترت به نبيزا ، ثم جاءت به ، يعني الجبن .

وفي الجملة : فالكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب ، وأكثر ما كانوا يفعلون إما لكون المخاطب أعجميا ، أو قد اعتاد العجمية ، يريدون تقريب الأفهام عليه

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص - وكانت صغيرة قد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها - فكساها النبي صلى الله عليه وسلم خميصة وقال : ( يا أم خالد هذا سنا ) والسنا : بلغة الحبشة الحسن . البخاري (5845)

ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال لمن أوجعه بطنه : أشكم بدرد .

وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن ، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ، ولأهل الدار ، وللرجل مع صاحبه ، ولأهل السوق ، أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه

فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه ، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية

عودوا أهل هذه البلادِ العربيةَ ، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديما .
ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أن هذا مكروه .

وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب ، فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف

بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى ، فإنه يصعب عليه . واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .

وأيضا : فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإنَّ فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية .
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال :

( كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أما بعد ، فتفقهوا في السنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن فإنه عربي )

وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال :

( تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم )

وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله "

انتهى باختصار ."اقتضاء الصراط المستقيم" (1/204- 208)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الذي ينطق بالعربية لا ينطق بغير العربية ، ولهذا كان عمر بن الخطاب يضرب الناس إذا تكلموا برطانة الأعاجم ، والعلماء كرهوا أن يكون التخاطب بلغة غير العربية لمن يعرف اللغة العربية

ولذلك - مع الأسف الشديد نجد بعضهم يتكلم باللغة غير العربية مع أخيه العربي ، بل بعضهم يعلم صبيانه اللغة غير العربية ، بل بعضهم يعلمهم التحية الإسلامية باللغة غير العربية ، سمعنا من يقول لصبيه إذا أراد مغادرته أو أتى إليه ، يقول : " باي باي " ، ما معنى " باي باي " ؟

معناها : مع السلامة في الإنجليزي

كيف نذهب إلى هذا ؟ كل هذا من أجل إضاعة الشخصية في كثير من الناس ، بهرتهم هذه الحضارة في الدول العالمية ، فظنوا أنها هي منطلق التقدم " انتهى باختصار .

" لقاء الباب المفتوح " (لقاء رقم 142/سؤال رقم 3)

وأما معاني الكلمات الواردة في السؤال فهي :

( برب ) اختصار نطق : be right back ، ومعناها : سأعود بعد قليل .

( تيت ) اختصار نطق : take your time ، ومعناها : في الوقت سعة .

( ولكم ) : welcome : أهلا وسهلا .

( باي ) : bye : مع السلامة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-12, 17:03
حكم التحدث باللغة الانجليزية دون الحاجة لذلك

السؤال:

ماحكم التحدث باللغة ( الانجليزية ) دون الحاجة لذلك ؟

وأرجو كتابة المرجع لكي أستند عليه .

الجواب:

الحمد لِلَّه

أولا :

يقرر علماء اللسانيات والأصوات أن اللغات في العالم بلغت ما يقرب من ثلاثة آلاف لغة ، وأنها تختلف في مستوياتها ، فمنها اللغة الراقية والمتصرفة والثرية ومنها دون ذلك .

واللغة العربية تتربع في قمة هرم اللغات ، لما لها من خصائص ذاتية في حروفها وكلماتها التي تقوم على أصول ثلاثية في الغالب ، وتناوبِ الصيغ في أداء المعنى ، وتقارُبِ معاني ألفاظها مع الأصوات ، وكذلك للخصائص التي تحملها معاني التراكيب اللغوية ، فيما يسمى بـ " علم البلاغة " .

ولذلك كانت اللغة العربية لغة كتاب الله الخالد ، القرآن الكريم ، وقد اختارها الله سبحانه لتكون اللسان الذي أنزل به كتابه ، قال الله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء /192-195

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" ولسان العرب أوسع الألسنة مذهباً ، وأكثرها ألفاظاً ، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غيرُ نبي "

انتهى . الرسالة (34)

وقد شهد أهل العلم باللغات بأفضلية اللغة العربية على غيرها من اللغات .

يقول ابن جني في "الخصائص" (1/243) :

" إنا نسأل علماء العربية ، ممن أصله أعجمي ، وقد تدرب قبل استعرابه عن حال اللغتين ، فلا يجمع بينهما ، بل لا يكاد يَقبل السؤال عن ذلك لبعده في نفسه ، وتقدُّمِ لطف العربية في رأيه وحسه ، سألت غير مرة أبا علي ( يعني الفارسي إمام اللغة المعروف ) عن ذلك ، فكان جوابه عنه نحو ما حكيته " انتهى .

ويقول ابن سنان الخفاجي في "سر الفصاحة" (45) :

" لا خفاء بميزاتها على سائر اللغات وفضلها " انتهى . ثم توسع في شرح ذلك .

وانظر كتاب "البلاغة المفترى عليها" لفضل حسن عباس (19-78) .

ثانيا :

ومن عرف للغة العربية فضلها وأهميتها أدرك ما ينبغي عليه من شديد العناية بها ، خاصة وأن الصلاة وهي أهم عبادات المسلم لا تصح إلا بتلاوة كتاب الله العربي ، لذلك كان المسلمون في شرق الأرض وغربها يتعلمون العربية على اختلاف أجناسهم وأعراقهم

حفاظا على وحي الله تعالى الذي أنزله بهذه اللغة ، فإنَّ حفظَ القوالب حفظٌ للمعاني .

اللهم إلا أننا أصبحنا نجد في عصرنا هذا من يزهد في لغة القرآن ، فينسبها تارة للعجز ، وأخرى للصعوبة ، لم يغادر شبهة أو تهمة إلا وحاول إلصاقها بها ، ولكن الله سبحانه وتعالى قيض له من يبين فساد مقالته

وبطلان دعواه .

كما أننا نجد في زماننا من يزهد بلغته العربية ، تبعية للغرب الذي سلب لُبَّه بمدنيته الزائفة ، وحضارتِه الموهومة ، فأصبح يستبدل العبارات العربية بالكلمات ( الانجليزية ) تارة ، أو بـ ( الفرنسية ) تارة أخرى ، حتى انحرف لسانه عن لغته الأصيلة ، وانحرفت أخلاقه وأطباعه تبعا لذلك .

فلهؤلاء وأولئك أنقل لهم كلمة ضافية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، أوفى فيها على المقصود ، وجمع فيها من المنقول والمعقول في هذا الموضوع

فقال رحمه الله تعالى في "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/204- 208) :

" اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء ، أو أكثرهم ، يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر ، أن يدعى الله أو يذكر بغير العربية..

وأما الخطاب بها ( يعني الأعجمية ) من غير حاجة في أسماء الناس والشهور ، كالتواريخ ونحو ذلك ، منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب .

وأما مع العلم به ، فكلام أحمد بَيِّنٌ في كراهته أيضا ، فإنه كره "آذرماه" ونحوه ، ومعناه : ليس محرما ، وأظنه سئل عن الدعاء في الصلاة بالفارسية فكرهه وقال : لسان سوء . وهو أيضا قد أخذ بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم ، وعن شهود أعيادهم .

وهذا قول مالك أيضا ، فإنه قال : لا يُحرِم بالعجمية ولا يدعو بها ، ولا يحلف بها . وقال : نهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال : " إنها خِبَّ " ( المكر والغش ، المدونة 1/62-63) ، فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا .

وقال الشافعي فيما رواه السلفي بإسناد معروف إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قال : سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول :

" لا نحب ألا ينطق بالعربية فيسمي شيئا بالعجمية ، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب ، فأنزل به كتابه العزيز ، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم

ولهذا نقول : ينبغي لكل أحد يَقدِرُ على تعلم العربية أن يتعلمها ؛ لأنها اللسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه ، من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية "

فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها ، وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية ، وهذا الذي قاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين .

روى أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" (9/11)

حدثنا وكيع عن أبي هلال عن أبي بريدة قال : قال عمر : ما تعلم الرجل الفارسية إلا خَبَّ ( صار خَدَّاعًا ) ، ولا خَبَّ رجل إلا نقصت مروءته .

وقال حدثنا وكيع عن ثور عن عطاء قال : لا تعلموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا عليهم كنائسهم ، فإن السخط ينزل عليهم .

وهذا الذي رويناه فيما تقدم عن عمر رضي الله عنه . (

انظر مصنف عبد الرزاق 1/411)

وقال حدثنا إسماعيل بن علية عن داود بن أبي هند أن محمد بن سعد بن أبي وقاص سمع قوما يتكلمون بالفارسية فقال : ما بال المجوسية بعد الحنيفية .

ونقل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية :

قال أبو خلدة : كلمني أبو العالية بالفارسية .

وقال منذر الثوري : سأل رجل محمد بن الحنفية عن الجبن ، فقال : يا جارية اذهبي بهذا الدرهم فاشتري به نبيزا ، فاشترت به نبيزا ، ثم جاءت به ، يعني الجبن .

وفي الجملة : فالكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب ، وأكثر ما كانوا يفعلون إما لكون المخاطب أعجميا ، أو قد اعتاد العجمية ، يريدون تقريب الأفهام عليه

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص - وكانت صغيرة قد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها - فكساها النبي صلى الله عليه وسلم خميصة وقال : ( يا أم خالد هذا سنا ) والسنا : بلغة الحبشة الحسن . البخاري (5845)

ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال لمن أوجعه بطنه : أشكم بدرد .

وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن ، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ، ولأهل الدار ، وللرجل مع صاحبه ، ولأهل السوق ، أو للأمراء ، أو لأهل الديوان

أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه ، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية

وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية ، عودوا أهل هذه البلادِ العربيةَ ، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديما .

ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أن هذا مكروه .

وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب ، فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف

بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى ، فإنه يصعب عليه . واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .

وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإنَّ فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية .

وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال : ( كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

: أما بعد ، فتفقهوا في السنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن فإنه عربي )

وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم )
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه ؛

لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "اللقاء الشهري" (لقاء رقم 3/سؤال رقم 12) :

" السؤال : نجد أن بعض الناس ربما يتخاطب مع غيره من الشباب وغيرهم باللغة الإنجليزية أو ببعض مفرداتها ، هل يفرق هذا بين من كان في مجال عمل ، كما أننا نحن مثلاً في المستشفى نتخاطب مع زملائنا باللغة الإنجليزية غالباً ، ولو كان الأمر لا يحتاج للكلام ، ولكننا تعودنا ذلك بمقتضى مخالطتنا لهم

فهل في هذا بأس ، وإذا تكلم الإنسان بكلمة من غير العربية فهل يأثم بذلك ؟

الجواب :

الكلام باللغة غير العربية أحياناً لا بأس به ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لطفلة صغيرة جارية قدمت من الحبشة فرآها وعليها ثوب جميل ، فقال : ( هذا سنا ، هذا سنا ) أي : هذا حسن ، كلمها باللغة الحبشية

لأنها جاءت قريبة من الحبشة ، فخطاب من لا يعرف العربية أحياناً باللغة التي يفهمها هو لا بأس به ، وليس فيه إشكال ، لكن كوننا يأتينا هؤلاء القوم لا يعلمون اللغة العربية ، ثم نتعجم نحن قبل أن يتعربوا هم ، مثل أن تجد بعض الناس إذا خاطب إنساناً غير عربي بدل ما يقول : لا أعرف

يقول : " ما في معلوم " . لماذا يقول : " ما في معلوم " ؟ لأجل أن يعرف ما يقول له ، والصحيح أن يقول له : لا أعرف ، حتى يعرف هو اللغة الصحيحة ، لكن مع الأسف الآن نخشى على أنفسنا أن نكون أعاجم " انتهى .

ويقول الشيخ ابن عثيمين أيضا رحمه الله كما في "لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم 142/سؤال رقم 3):

" الذي ينطق بالعربية لا ينطق بغير العربية ، ولهذا كان عمر بن الخطاب يضرب الناس إذا تكلموا برطانة الأعاجم ، والعلماء كرهوا أن يكون التخاطب بلغة غير العربية لمن يعرف اللغة العربية

ولذلك - مع الأسف الشديد - الآن عندنا هنا في السعودية التي هي أم العربية نجد بعضهم يتكلم باللغة غير العربية مع أخيه العربي ، بل بعضهم يعلم صبيانه اللغة غير العربية

بل بعضهم يعلمهم التحية الإسلامية باللغة غير العربية ، سمعنا من يقول لصبيه إذا أراد مغادرته أو أتى إليه ، يقول : " باي باي " ..؟!! ثم نرى الآن مع الأسف الشديد أنه يوجد لافتات على بعض المتاجر باللغة غير العربية ، يعني : في بلادنا العربية يأتي العربي من البلد يقف على هذا الدكان لا يدري ما معناه

وما الذي فيه ؟

ولا يدري ما هذا المتجر ؟

ويأتي إنسان أوروبي لا يعرف البلد ، ويقف ويعرف ما في الدكان ، لماذا ؟

لأن المكتوب باللافتة بلغته ، أما نحن فلا ، وهذا لا شك أنه من نقص التصور في شأننا في الواقع ، من عندك ممن يفهم من اللغة الإنجليزية

أي : ولا (1%) من السكان ، ثم تجعل اللافتة على دكانك بهذه اللغة ! هذا أقل ما يكون حياءً من أهل البلد ، لكن الحقيقة أن القلوب ميتة ، وإلا كان يُهْجَر هذا الذي جعل دكانه باللغة غير العربية !! كان الذي ينبغي لنا نحن ونحن عرب

والله أنت ما فتحت دكانك لنا ، إنما فتحته لأهل هذه اللغة ونقاطعه ، ولو أننا قاطعناه لكان غداً يكتبها بالحرف الكبير باللغة العربية ... " انتهى .

ويقول أيضا رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" ( لقاء رقم/186/ سؤال رقم/15) :

" إذا خاطبك الإنسان بلغته أجب عليه بلغته ، لكن الأفضل أن تبقى الألفاظ الشرعية على ما كانت عليه ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :

( لا يغلبنكم الأعراب على صلاتكم العشاء فإنهم يدعونها العتمة ) ؛ لأن الأعراب يعتمون بالإبل ، وهي في كتاب الله العشاء ، فنهى الرسول عليه الصلاة والسلام أن يغلبنا الأعراب على لغتنا مع أنهم عرب ، لكن مع الأسف الآن أن المسلمين غلبتهم البربر والعجم على لغتهم ، فصاروا الآن يتعاملون باللغة الإنجليزية عندنا

حتى بلغني أن بعض الناس من جهلهم في مجالسهم العادية يتكلمون باللغة الإنجليزية وهم عرب

وهذا يدل على الضعف الشخصي إلى أبعد الحدود ، وعلى عدم الفقه في دين الله ، وكان عمر رضي الله عنه من حرصه على اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث يضرب من يتكلم بالفارسية أو بالأعجمية " انتهى .

وانظر "الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/432-433)

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:01
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم قول : "من حسن الطالع حصل كذا"

السؤال

: أسمع بعض الناس إذا أصابه شيء سيئ يقول : هذا من سوء الطالع ، وإذا حصل له شيء فيه سرور قال : هذا من حسن الطالع . فما معنى هذه العبارة ؟

الجواب :

الحمد لله

"الطالع" هو النجم الطالع في السماء ، وكان الناس في الجاهلية يظنون تأثير هذه النجوم في الحوادث التي تحدث في الأرض ، فكانوا ينسبون الحوادث إلى النجوم ، وقد توارث الناس عنهم هذه العقيدة الفاسدة ، فصاروا يقولون مثل هذه الكلمات ، وكثير من الناس يقولها وهو لا يدري معناها .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (26/368) :

" يحرم استعمال عبارتي (من حسن الطالع) ، و (من سوء الطالع)

لأن فيهما نسبة التأثير في الحوادث الكونية حسنا أو سوءا إلى المطالع ، وهي لا تملك من ذلك شيئا ، وليست سببا في سعود أو نحوس

قال الله تعالى : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) الأعراف/54 ،

فإن كان القائل يعتقد أن هذه المطالع فاعلة بنفسها من دون الله تعالى فهو شرك أكبر ، وإن كان يعتقد أن الأمور كلها بيد الله وحده ولكن تلفظ بذلك فقط فهو من شرك الألفاظ الذي ينافي كمال التوحيد الواجب ، والأصل في ذلك ما خرجه مسلم في "صحيحه" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر ) ، وما ثبت في "الصحيحين" عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" هذه الكلمة يقولها من لا يعرف الشريعة ، يقول للشخص إذا نجح : هذا من حسن الطالع ، وإذا رسب : هذا من سوء الطالع ، وهذا من التنجيم الذي هو نوع من الشرك ؛ وذلك لأن الطالع والغارب ليس له تأثير في الحوادث الأرضية ، بل الأمر بيد الله ، سواء ولد الإنسان في هذا الطالع أو في هذا الغارب أو في أي وقت .

وهذا الذي يدعي أن فوز الرجل أو فشله لحسن الطالع أو سوء الطالع من هذا النوع الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إنه كافر بالله .

فالواجب على من قاله أن يتوب إلى الله من ذلك ، وعلى من سمعه أن ينكر عليه وأن يبين ذلك في المجالس العامة والمجالس الخاصة بالشباب ؛ لأن بعض الناس لا يعرف معنى هذه الكلمة ولا يعرف على أي شيء بنيت " انتهى

"لقاء الباب المفتوح" (64 / 12).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:05
هل يجوز أن يقال : " لاتنس الله فينساك " ؟

السؤال :

أريد معرفة هل قول " لا تنس الله فينساك " حرام أم حلال ؟

وأريد الشرح ، وشكراً لكم .

الجواب :

الحمد لله

يأتي " النسيان " ويُراد به " الذهول عن الشيء " وهو هنا ضد التذكُّر ، ويأتي ويراد به " الترك " .

والنسيان بالمعنى الأول نقص ، لا يجوز أن يوصف الله تعالى به ، وأما المعنى الثاني وهو (الترك) فقد وصف الله تعالى به نفسه في عدة آيات من القرآن الكريم .

والنسيان بالمعنى الثاني : إنما كان جزاء وفاقاً على ترك المنافقين والكفار لشرع الله تعالى ، فالمنافقون تركوا الالتزام في باطنهم بالشرع فتركهم الله في ظلمة الكفر وسيتركهم في ظلمةٍ عند الصراط .

قال تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/ 67 .

قال تعالى : ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة/ 17 .

والكفار تركوا الاستجابة لرسل الله تعالى فتركهم الله في ظلمة الجهل والكفر .

وكلا الفريقين سيتركهم في جهنم يوم القيامة خالدين فيها أبداً .

قال تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) السجدة/ 14 .

وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ . الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) الأعراف/ 50 ، 51 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا .

وقال مجاهد : نتركهم في النار .

وقال السُّدِّي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/425) .

وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر/ 19 .

قال القرطبي رحمه الله :

" ( نَسُوا اللَّهَ ) أي : تركوا أمره .

( فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) أن يعملوا لها خيراً "

انتهى من "تفسير القرطبي" ( 18 / 43 ) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"فمن نسي الله تعالى : أنساه نفسه في الدنيا ، ونسيه في العذاب يوم القيامة ، قال تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) طه/ 124 – 126

أي : تُنسى في العذاب كما نسيت آياتي فلم تذكرها ولم تعمل بها"

انتهى من "الوابل الصيب" ( ص 67 ) .

وروى مسلم ( 2968 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَيَلْقَى [الله تعالى] الْعَبْدَ فَيَقُولُ : أَي فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ : بَلَى ، قَالَ : فَيَقُولُ : أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، فَيَقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ) .

( أي فل ) معناه يا فلان .

( أسودك ) أي : أجعلك سيِّداً على غيرك .

( تربع ) أي : تركتك مستريحاً لا تحتاج إلى مشقة وتعب .

وعليه :

فقول القائل " لا تنس الله فينساك " : قول صحيح ، ووعيد شرعي ، ومعنى " لا تنس الله " أي : لا تترك حق الله ، ولا تترك ما أمرك الله تعالى به فـ " ينساك "

أي : يتركك في غيِّك في الدنيا عقوبة على فعلك ، ويتركك في العذاب يوم القيامة ، فإن كانت معصية العبد دون الكفر المخرج من الملة : كان تركاً لأمَد ، وإن كانت معصيته كفراً مخرجاً عن الملة ومات عليه : كان تركاً للأبد .

والله أعلم

>>>>>>>>

هل يوصف الله تعالى بالنسيان ؟.

" للنسيان معنيان :

أحدهما : الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286 . ومثل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه/115. على أحد القولين .

ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) . وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي ، والعقلي .

أما السمعي : فقوله تعالى عن موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) طـه /52.

وأما العقلي : فإن النسيان نقص ، والله تعالى منزه عن النقص ، موصوف بالكمال ، كما قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل /60 . وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال .

والمعنى الثاني للنسيان : الترك عن علم وعمد ، مثل قوله تعالى: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء ) الأنعام /44 . ومثل قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه /115

. على القول الثاني في تفسيرها . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في أقسام أهل الخيل : ( ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر ) .

وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل قال الله تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14. وقال تعالى في المنافقين : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67. وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟

فذكر الحديث ، وفيه " أن الله تعالى يلقى العبد فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا. فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ".

وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته

قال الله تعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة /17 .

وقال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) الكهف /99

. وقال : ( وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ) العنكبوت/35 . والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة ، وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين ، وإن شاركه في أصل المعنى ، كما هو معلوم عند أهل السنة " اهـ .

"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/172-174) .

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:16
ما حكم قول " لعمرك "

السؤال:

ما حكم قول : " لعمري " ، أو " لعمرك "

هل هي قسم بحيث القسم بغير الله شرك

قال تعالى : ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم ) هل في الآية السابقة قسم ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

اختلف أهل العلم في حكم قول المسلم " لعمري "، أو " لعمرك "

وذلك على ثلاثة أقوال :

القول الأول :

الجواز ، وهو قول أكثر أهل العلم ، بل ما زال العلماء يستعملون هذه الكلمات في كتبهم وخطاباتهم .

قال إسحاق الكوسج :

" قلت - أي للإمام أحمد - : يكره لعمري ، ولعمرك ؟

قال : ما أعلم به بأساً " انتهى.

" مسائل الكوسج " (2/214)

والتوجيه الصحيح للقول بالجواز أن كلمة : " لعمري "، أو " لعمرك " وإن كانت في صيغتها وأصلها يمينا ، إلا أنها صارت من الكلمات الجارية على اللسان العربي

ولا يراد بها حقيقة القسم بغير الله تعالى ، وهذا مشهور في لغة العرب ، حيث تشتمل على كثير من الكلمات التي لا يراد حقيقتها ، كمثل : تربت يمينك ، أو ثكلتك أمك ، أو نحو ذلك من العبارات التي ظاهرها الدعاء ولا يراد منها ذلك ،

قد أخرج الطبري بسند حسن في " جامع البيان " (17/118) عن قتادة قوله

( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) : هي كلمة من كلمات العرب . ( لفي سكرتهم ) : أي : في ضلالهم . يعمهون : أي : يلعبون .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" والتوجيه أن يقال : إن أراد القسم : مُنع .

وإلا فلا ، كما يجري على اللسان من الكلام مما لا يراد به حقيقة معناه ، كقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : ( عَقْرَى حَلْقَى ) الحديث . والله أعلم " انتهى.

" معجم المناهي اللفظية " (ص/471)

وهذا التوجيه هو نفسه الذي يذكره العلماء في شرحهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ ) رواه مسلم (رقم/11)

ويمكن الاستدلال لهذا القول بأدلة كثيرة ، منها :

1- ثبوت هذا اللفظ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ : أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا : إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ . فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ، وَكُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ ثُمَّ تَفَلَ ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا ]

فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلْ فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ )

رواه أبو داود (رقم/3420) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ".

2- كما ورد إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن تكلم بهذه الكلمة .

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ قَالَ :

( نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، فَقَالَ لِي أَهْلِي : اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ . فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ .

فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ . فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ : لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ ، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا .

قَالَ الْأَسَدِيُّ : فَقُلْتُ : لَلِقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا .

قَالَ : فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ شَعِيرٌ وَزَبِيبٌ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ أَوْ كَمَا قَالَ حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ )

رواه أبو داود (رقم/1627)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

3- وقد ثبت عن نحو سبعة من الصحابة أنهم قالوا في معرض كلامهم : " لعمري "، أو " لعمرك ".

يقول الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :

" صح عن بعض أصحابه رضي الله عنهم التفوه بها ، منهم : ابن عباس ، وعثمان ابن أبي العاص ، وعائشة أم المؤمنين ، وأسماء بنت أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وأبوعبيدة ابن الجراح ، وغيرهم رضي الله عنهم ، وكذلك صح عن التابعين لهم بإحسان استعمالها ، منهم : عطاء ، وقتادة ، وغيرهما " انتهى.

" الإعلان بأن لعمري ليست من الأيمان " – ضمن " رسائل في العقيدة " للشيخ حماد الأنصاري رحمه الله – (ص/113).
ومن أحب الاطلاع على نصوص هذه الآثار فليرجع إلى رسالة الشيخ حماد رحمه الله .

القول الثاني : التحريم ؛ باعتبارها حلفا بغير الله .

جاء في "مصنف ابن أبي شيبة " (3/79) :

" حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن إسماعيل بن هشام ، عن القاسم بن مخيمرة ، قال : ما أبالي حلفت بحياة رجل أو بالصليب " انتهى.

وجاء أيضا (3/80) :

" حدثنا محمد بن فضيل ، عن العلاء ، عن أبيه قال : قال كعب : إنكم تشركون . قالوا : وكيف يا أبا إسحاق ؟ قال : يقول أحدكم : لا لعمري ، لا وحياتك " انتهى.

يقول ابن العربي المالكي رحمه الله :

" قدمنا أن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه .

وليس لخلقه أن يقسموا إلا به ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) - متفق عليه -.
فإن أقسم بغيره فإنه آثم ، أو قد أتى مكروها على قدر درجات القسم وحاله .

وقد قال مالك : إن المستضعفين من الرجال والمؤنثين منهم يقسمون بحياتك وبعيشك ، وليس من كلام أهل الذكر .
وإن كان الله أقسم به في هذه القصة ، فذلك بيان لشرف المنزلة وشرف المكانة ، فلا يحمل عليه سواه ، ولا يستعمل في غيره .

وقال قتادة : هو من كلام العرب ، وبه أقول ؛ لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال ، ورد القسم إليه . وقد بيناه في "الأصول" وفي "مسائل الخلاف" " انتهى.

" أحكام القرآن " (3/89)

ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

– في تفسير قوله تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) -:

" قوله تعالى : ( لعمرك ) معناه : أقسم بحياتك ، والله جل وعلا له أن يقسم بما شاء من خلقه ، ولم يقسم في القرآن بحياة أحد إلا نبينا صلى الله عليه وسلم

وفي ذلك من التشريف له صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى . ولا يجوز لمخلوق أن يحلف بغير الله ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) ، وقوله : لعمرك ، مبتدأ خبره محذوف ، أي لعمرك قسمي " انتهى.

" أضواء البيان " (2/189) .

القول الثالث : الكراهة ؛ لما يخشى أن يكون فيه شبه من الحلف بغير الله ، أو ذريعة للوقوع بذلك
.
جاء في " مصنف ابن أبي شيبة " (3/80)

: " حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم أنه كره أن يقول لعمري " انتهى.

ورواه عبد الرزاق في " المصنف " (8/471) قال

: " أخبرنا معمر ، عن مغيرة ، عن إبراهيم أنه كان يكره ( لعمرك )، ولا يرى بـ ( لعمري ) بأسا " انتهى.

وقال إسحاق بن راهويه رحمه الله :

" تركُه أسلم ؛ لما قال إبراهيم : ( كانوا يكرهون أن يقولوا : لعمر الله ) " انتهى.

" مسائل الكوسج " (2/215)

وقال القرطبي رحمه الله

في تفسيره عند قوله تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72- :

" كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان : لعمري ؛ لأن معناه : وحياتي " انتهى باختصار.

" الجامع لأحكام القرآن " (10/40)

والراجح من الأقوال السابقة هو القول الأول ؛ أن جريان مثل ذلك التعبير في الكلام لا حرج فيه ، وأنه لا يراد به حقيقة القسم ، لقوة أدلتهم ، وضعف أدلة الأقوال الأخرى .

ثانيا :

قال ابن القيم رحمه الله تعالى – في تفسير قوله تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72 -:

" أكثر المفسرين من السلف والخلف ، بل لا يعرف عن السلف فيه نزاع ، أن هذا قسم من الله بحياة رسوله ، وهذا من أعظم فضائله ، أن يقسم الرب عز وجل بحياته ، وهذه مزية لا تعرف لغيره .

ولم يوافق الزمخشري على ذلك ، فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط ، وأنه من قول الملائكة فقال : هو على إرادة القول ، أي : قالت الملائكة للوط عليه الصلاة والسلام : لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون .

وليس في اللفظ ما يدل على واحد من الأمرين ، بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على ما فهمه السلف ، لا أهل التعطيل والاعتزال .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لعمرك ) أي : وحياتك . قال : وما أقسم الله تعالى بحياة نبي غيره " انتهى.

" التبيان في أقسام القرآن " (ص/429) .

وكون ذلك قسما من الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم ، لا يشكل على ما تقرر من تحريم الحلف بغير الله تعالى ؛ فإن ذلك التحريم إنما هو في حق العباد ؛ وأما الله جل جلاله فهو يقسم من خلقه بما شاء ، سبحانه ، كما مر ذلك في كلام غير واحد من أهل العلم .

قال الشوكاني رحمه الله :

" وقد كره كثير من العلماء القسم بغير الله سبحانه ، وجاءت بذلك الأحاديث الصحيحة في النهي عن القسم بغير الله ، فليس لعباده أن يقسموا بغيره . وهو سبحانه يقسم بما شاء من مخلوقاته { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ } الأنبياء/23 "

انتهى من "فتح القدير" (4/189) .

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب ، رحمه الله :

" قوله : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) : هذا قسم من الله عز و جل ، يقسم بما شاء من خلقه ؛ وهو دليل على عظمة المقسم به وتشريفه " .

انتهى من "تيسير العزيز الحميد" (405) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:22
حكم تخصيص علي بن أبي طالب بقولنا: عليه السلام

السؤال:

لي أقارب مبتدعة ، وقد وفقني الله لدعوتهم ، وأجد فيهم استجابة ، وأشكل علي انتقاد إحدى الداعيات لي أني عندما أخاطبهم أقول لهم في كلامي عن فاطمة أو علي أو الحسنين : " عليهم السلام " .

علما أن هذه اللفظة مما يستبشر بها أهلي الذين هم على غير السنة ، وقد تكون باب هداية لهم ، حيث حبهم الشديد لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

فهل يجوز لي استخدام قول "عليه السلام" من باب تأليف قلوبهم ودعوتهم ؟

الجواب :

الحمد لله

اختلف العلماء في الصلاة أو السلام على غير الأنبياء استقلالا ، فكره ذلك أبو حنيفة ومالك وجماعة من السلف ، ورخص فيه أحمد وغيره .

وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة في كتابه "جلاء الأفهام" ص 465- 482

ولخص السفاريني رحمه الله كلامه فقال : " مطلب : هل تجوز الصلاة والسلام على غير الأنبياء استقلالا أم لا ؟

( تنبيهات ) : الأول : اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هل تجوز استقلالا أم لا ؟

فقال ابن القيم في جلاء الأفهام : " هذه المسألة على نوعين , أحدهما أن يقال اللهم صل على آل محمد , فهذا يجوز ، ويكون صلى الله عليه وسلم داخلا في آله ؛ فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى .

( الثاني ) أن يفرد واحدا بالذكر ، كقوله اللهم صل على عليٍّ ، أو حسن ، أو أبي بكر ، أو غيرهم من الصحابة ومن بعدهم ,

فكره ذلك مالك , قال : لم يكن ذلك من عمل من مضى , وهو مذهب أبي حنيفة وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وبه قال طاوس . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تنبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز . روى ابن أبي شيبة عن جعفر بن برقان قال : كتب عمر بن عبد العزيز : ( أما بعد

فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة ، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاء كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ، ودعاؤهم للمسلمين عامة ) .

وهذا مذهب أصحاب الشافعي . ولهم ثلاثة أوجه : أنه منع تحريم ، أو كراهة تنزيه ، أو من باب ترك الأولى ، وليس بمكروه , حكاها النووي في الأذكار .

وقالت طائفة من العلماء : تجوز الصلاة على غير النبي استقلالا . قال القاضي أبو حسين الفراء ، من أئمة أصحابنا [ يعني : الحنابلة ] في رءوس مسائله : وبذلك قال الحسن البصري وحصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير , وهو قول الإمام أحمد رضي الله عنه ، نص عليه في رواية أبي داود

وقد سئل : أينبغي أن يصلى على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

قال : أليس قال علي لعمر : صلى الله عليك ؟ قال القاضي : وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور ومحمد بن جرير الطبري , واحتج هؤلاء بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على جماعة من أصحابه ممن كان يأتيه بالصدقة .

واختار ابن القيم الجواز ما لم يتخذه شعارا ، أو يخص به واحدا إذا ذكر دون غيره ولو كان أفضل منه , كفعل الرافضة مع علي دون غيره من الصحابة فيكره , ولو قيل حينئذ بالتحريم لكان له وجه , هذا ملخص كلامه .

الثاني : هل السلام كالصلاة ، خلافا ومذهبا ، أو ليس إلا الإباحة ؛ فيجوز أن يقول السلام على فلان ، وفلان عليه السلام ؟

أما مذهبنا فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم استقلالا بالأولى

. وأما الشافعية فكرهه منهم أبو محمد الجويني فمنع أن يقال فلان عليه السلام . وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا : السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب ,

فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام , وهو تحية أهل الإسلام ، بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

الثالث : الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والمرسلين والملائكة جائزة بطريق التبعية بلا خلاف , مثل أن يقول : اللهم صل على سيدنا محمد وعلى صاحبه في الغار , وعلى الفاروق ممصر الأمصار

, وعلى عثمان ذي النورين الذي بايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم باليسار , وعلى علي الكرار , وعلى السبطين خلاصة الأنوار , وعلى العمين لا سيما أسد الله من فرج الكرب عن وجه النبي المختار "

انتهى من "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 32) .

وقال النووي رحمه الله في "الأذكار" ص 118 :

" قال أصحابنا : والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في لسان السلف بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، كما أن قولنا : عز وجل ، مخصوص بالله سبحانه وتعالى ، فكما لا يقال : محمد عز وجل - وإن كان عزيزا جليلا - لا يقال : أبو بكر أو علي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان معناه صحيحا.

وأما السلام ، فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا : هو في معنى الصلاة ، فلا يستعمل في الغائب ، فلا يفرد به غير الأنبياء ، فلا يقال : علي عليه السلام ، وسواء في هذا الأحياء والأموات" انتهى مختصرا .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يُفرد علي رضي الله عنه بأن يقال " عليه السلام " من دون سائر الصحابة أو " كرم الله وجهه "

وهذا وإن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يسوى بين الصحابة في ذلك ؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، والشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم "

انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 3 / 517).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

" أثناء اطلاعي على موضوعات كتاب : ( عقد الدرر في أخبار المنتظر ) ، في بعض الروايات المنقولة عن علي بن أبي طالب أجدها على النحو التالي : عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات » ما حكم النطق بهذا اللفظ أعني ( عليه السلام ) ، أو ما يشابهه لغير الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

فأجاب : لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه بهذا اللفظ ، بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة : رضي الله عنه ، أو رحمهم الله ؛ لعدم الدليل على تخصيصه بذلك

وهكذا قول بعضهم : كرم الله وجهه ، فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك ، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ، ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (6/ 399).

فتحصّل من هذا أنه لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه أو أحد من الصحابة بالصلاة أو السلام عليه عند ذكره ، وذلك لأمور :

الأول : عدم الدليل على التخصيص .

الثاني : أنه يوحي بأفضليته على غيره ، وقد يوجد من هو أفضل منه كما هو الحال مع علي وأبي بكر وعمر ، فإنهما أفضل منه اتفاقا .

الثالث : أن التخصيص أصبح شعارا لأهل البدع ، فلا ينبغي مشابهتهم فيه .

لكن إذا دعت إلى ذلك مصلحة ، كدعوة من يرجى هدايته واستقامته ، فلا حرج في ذلك ، فإن معناه صحيح ، كما سبق في كلام النووي وابن كثير رحمهما الله

وإنما كره لما ذكرنا من الأمور العارضة . ومن المفضل في مثل هذه الحال أن يذكر لفظ التسليم ـ أحيانا على الأقل ـ في حق أبي بكر ، أو عمر ، أو عائشة ، أو غيرهم من الصحابة الكرام ، إذا ورد ذكرهم في الكلام ، خروجا من المشابهة لأهل البدع ، وإقرارا لتعظيمهم وإكرامهم أيضا .

نسأل الله أن يوفقك ويعينك ويجري الخير على يديك .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:26
هل يجوز الدعاء بـ " اللهم استرنا بسترك الذي سترت به نفسك " ؟!

السؤال:

عندما كنتُ في أحد المساجد بخطبة الجمعة في بلدي : سمعت دعاء الإمام قائلاً :

" اللهم استرنا بسترك الذي سترت به نفسك ! "

فهل يصح هذا الدعاء ؟ . أفيدونا أحسن الله إليكم .

الجواب :

الحمد لله

هذا الدعاء منكر قبيح ، وفيه اعتداء على مقام الله جل جلاله ، حيث يريد الطالب أن يجعل ستر الله تعالى عليه كستر الله تعالى نفسه عن خلقه ، فيريد ما اختص الله تعالى نفسه أن يجعله له ! وهذا وجه النكارة .

ثم ما شأنك أنت بهذا ـ أيتها المتكلف المتقعر ، أنت تريد من الله أن يستر ذنبك ، ولا يفضح عيبك ، فأين ذلك من مقام الألوهية ؟!!

فلا إله إلا الله ؛ ما أقبح ما يتنطع المتنطعون ، ويتكلف المتكلفون !!

عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ ) رواه أبو داود ( 96 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – رحمه الله - :

ورد هذا الدعاء على ألسنة بعض الناس وهو : " اللهم استرني بسترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا عين تراك " ، هل هذا صحيح يُدعى به ، أفيدونا أثابكم الله ؟ .

فأجاب :

ما ورد هذا الدعاء ، قوله : " الذي سترت به نفسك فلا يراك أحد " : هذا خاص بالله ، وهو أنه لا يُرى في الدنيا ، وأنه دون الأنوار ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )

فلا ينبغي أن يَشرك الربَّ سبحانه وتعالى في هذا النور أحدٌ أو في هذا الستر ، فله أن يدعو أن يستر الله عورته ، وأن يؤمِّن روعته ، كما ورد ذلك في حديث : ( اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ) ، فأما سترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا يراك أحد : فلم يرِد مثل هذا .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( شريط 62 )

و ( 3 / 160 ) – ترقيم الشاملة - .

وانظر تفصيل الاعتداء في الدعاء في جوابي السؤالين التالين

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:30
الاعتداء في الدعاء

السؤال:

بعض الإخوة يفصّل في الدعاء , فمثلا يقول : يا رب ارزقني تلفزيونا ملونا , وشقة مفروشة , و...و.. ، فقلت أخشى أن يكون هذا من الاعتداء في الدعاء ,

فإذا كان الداعي في الحرم المكي وخصوصا خلال رمضان ألا يفضّل فيه أن يطلب من خيري الدنيا والآخرة بالأدعية المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

لجأت لموقعكم باحثة عن الاعتداء في الدعاء لكن لم احد إجابة مفصّلة عنه , فأرجوا أن تفصّلوا في ذلك مشكورين

.الجواب :

الحمد لله

أولاً :

اعلمي أيتها الأخت السائلة وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى أن الدعاء سلاح مهجور عند كثير من الناس ، فالدعاء هو العبادة .

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60. قال الألباني : صحيح ( انظر : صحيح سنن الترمذي برقم 2685 ) ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ) حسنه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي برقم ( 2684)

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) حسنه الألباني ( انظر : صحيح سنن الترمذي برقم 2686 ) .

فإذا علمت ذلك فاحرصي عليه وأكثري منه .

ثانياً :

إن للدعاء آداباً وموانع ، نجمل بعضها فيما يلي :

1- البدء بالنفس في الدعاء .

2- يستحب رفع اليدين في الدعاء .

3- أن يكون الداعي على طهارة كاملة .

4- أن يستقبل القبلة في دعائه .

5- إظهار التضرع بين يدي الله ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) ، وقد ذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن عدم التضرع في الدعاء هو من الاعتداء في الدعاء (

بدائع الفوائد 3 / 12 ) .

6- أن يلح على الله في الدعاء .

7- ألا يستعجل الإجابة . ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735) فإذا دعا المسلم ربه فإنه لا يخلو الحال من ثلاثة أمور جاء ذكرها في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال ، إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر ) رواه أحمد (10749) والترمذي (3573) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2199)

8- ومما ينبغي التنبيه عليه في الدعاء أن يحمد الله عز وجل ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن فضالة بن عبيد قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته

فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجل هذا ) ثم دعاه ، فقال له أو لغيره : ( إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليدع بعد ما شاء ) قال الألباني : حديث صحيح ( انظر : صحيح سنن الترمذي برقم 2765 ) .

ثالثاً : أما الاعتداء في الدعاء فيكون بأمور منها :

1- التفصيل في الدعاء ، كما جاء في السؤال من أنه يقول : اللهم ارزقني شقة مفروشة وتلفزيوناً ملوناً و .. و .. الخ ، وإنما المشروع الدعاء بجوامع الكلم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ، فيسأل الله عز وجل من خير الدنيا والآخرة وقد ثبت عن عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول :

( اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها ، فقال : أي بنيّ سل الله الجنة وتعوذ بالله من النار ، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : إن سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء ) رواه أبو داود (096) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

2- أن يدعو الله بما حرم الله أو ما كان وسيلة إلى محرم (لأن الوسائل لها أحكام المقاصد)

كما ذكر ذلك ابن القيم في بدائع الفوائد ( 3 / 12 )

فما كان وسيلة إلى محرم فهو حرام .

وعامة من يستعمل التليفزيون يستمعله في رؤية وسماع المحرم ، فإن كان الداعي من هؤلاء كان دعاؤه بهذا من الاعتداء في الدعاء لأنه سأل الله تعالى أن يرزقه ما يعصيه به .

فتبين بهذا أن هذا الدعاء اعتداء من جهتين :

أولاً : من جهة كونه مفصلاً .

ثانياً : من جهة كونه وسيلة إلى المحرم ، الوسائل لها أحكام المقاصد .

وهذا إذا كان الداعي يستعمله في المحرم كما هو عمل عامة الناس وأكثرهم .

*عبدالرحمن*
2018-07-15, 04:37
سؤال الله جمال الصورة

السؤال

: هل يجوز أن أتمنى من الله القادر على كل شيء سبحانه أن يرزقني جمال الوجه إذا كنت بأمس الحاجة إليه

وهل يتحقق هذا الشيء في الدنيا

فقد يقول بعض الناس إننا لسنا في زمن المعجزات ، لكنني أقول إن الله على كل شيء قدير في كل زمان ومكان .

فهل يجوز - إن شاء الله - هذا الدعاء ؟

الجواب :

الحمد لله

الجمال نعمة من الله تعالى ، تبدأ بباطن نقي السريرة مع الله عز وجل ، فيظهر نقاؤه وصفاؤه على صفحة النفس البشرية فتكسبها بهاءً وتكسوها جلالا عميقا وسرًّا بديعا .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) رواه مسلم (2564)

يقول ابن القيم في "روضة المحبين" (221-223) :

" اعلم أن الجمال ينقسم قسمين : ظاهر ، وباطن :

فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته ، وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة ، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده ، وموضع محبته ، وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال

فتكسو صاحبَها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحُه من تلك الصفات ، فإن المؤمن يُعطَى مهابةً وحلاوةً بحسب إيمانه ، فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبه

وهذا أمر مشهود بالعيان ، فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة ، وإن كان أسود أو غير جميل ، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل ، فإنها تُنَوِّرُ الوجه وتحسنه .

ومما يدل على أن الجمال الباطن أحسنُ من الظاهر أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه ، وأما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض ، وهي من زيادة الخلق التي قال الله تعالى فيها : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) فاطر/1 قالوا : هو الصوت الحسن والصورة الحسنة .

وكما أن الجمال الباطن من أعظم نعم الله تعالى على عبده ، فالجمال الظاهر نعمة منه أيضا على عبده ، يوجب شكرا ، فَإِنْ شَكَرَهُ بتقواه وصيانتِه ازداد جمالا على جماله ،

وإن استعمل جماله في معاصيه سبحانه قَلَبَه له شيئا ظاهرا في الدنيا قبل الآخرة ، فتعود تلك المحاسن وَحشةً وقُبحا وشَيْنا ، وينفر عنه من رآه

فكل من لم يتق الله عز وجل في حسنه وجماله انقلب قبحا وشَيْنا يشينُه به بين الناس ، فحسن الباطن يعلو قبح الظاهر ويستره ، وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره " انتهى .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وهذا الحسن والجمال الذي يكون عن الأعمال الصالحة في القلب يسري إلى الوجه ، والقبح والشين الذي يكون عن الأعمال الفاسدة في القلب يسري إلى الوجه .. ، ثم إن ذلك يقوى بقوة الأعمال الصالحة والأعمال الفاسدة ؛ فكلما كثر البر والتقوى قوى الحسن والجمال

وكلما قوى الإثم والعدوان قوى القبح والشين ، حتى ينسخ ذلك ما كان للصورة من حسن وقبح ؛ فكم ممن لم تكن صورته حسنة ، ولكن [ له ] من الأعمال الصالحة ما عظم به جماله وبهاؤه حتى ظهر ذلك على صورته .

ولهذا يظهر ذلك ظهورا بينا عند الإصرار على القبائح في آخر العمر عند قرب الموت ، فنرى وجوه أهل السنة والطاعة كلما كبروا ازداد حسنها وبهاؤها

حتى يكون أحدهم في كبره أحسن وأجمل منه في صغره ، ونجد وجوه أهل البدعة والمعصية كلما كبروا عظم قبحها وشينها ؛ حتى لا يستطيع النظر إليها من كان منبهرا بها في حال الصغر لجمال صورتها ، وهذا ظاهر لكل أحد فيمن يعظم بدعته وفجوره ، مثل الرافضة وأهل المظالم والفواحش من الترك ونحوهم

فإن الرافضي كلما كبر قبح وجهه وعظم شينه حتى يقوى شبهه بالخنزير ، وربما مسخ خنزيرا وقردا ، كما قد تواتر ذلك عنهم . ونجد المردان من الترك ونحوهم قد يكون أحدهم في صغره من أحسن الناس صورة ، ثم إن الذين يكثرون الفاحشة تجدهم في الكبر أقبح الناس وجوها .. "

انتهى . الاستقامة (1/364-366) .

ثانيا :

إذا كنت ممن تشغله الصورة الظاهرة ـ يا عبد الله ـ فاعلم أن الله تعالى كرّم بني آدم ، وصورهم في أحسن صورة ، من بين ما حولهم من المخلوقات .

قال الله تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) غافر : 64

وقال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين:4) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة . قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" فليس في جنس الحيوانات، أحسن صورة من بني آدم، كما قال تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } وإذا أردت أن تعرف حسن الآدمي وكمال حكمة الله تعالى فيه، فانظر إليه

عضوًا عضوًا، هل تجد عضوًا من أعضائه، يليق به، ويصلح أن يكون في غير محله؟ وانظر أيضًا، إلى الميل الذي في القلوب، بعضهم لبعض، هل تجد ذلك في غير الآدمين؟ وانظر إلى ما خصه الله به من العقل والإيمان، والمحبة والمعرفة، التي هي أحسن الأخلاق المناسبة لأجمل الصور . "

انتهى ، تفسير السعدي (741) .

ثالثا :

إن كنت ترى أنك لم تُرزق حظا من الجمال والوسامة ، وتأذيت لدمامة منظرك ، وسوء حالك ؛ فاعلم ـ يا عبد الله ـ أن كل خلق الله حسن ، وكل تقديره لعبده المؤمن خير ؛ وهاتان نقطتان مهمتان ، نرجو ألا تهملهما وألا تنساهما طرفة عين .

وهذان حديثان يرشدانك إلى ما قلنا في هاتين القاعدتين المهمتين من قواعد الإيمان بقضاء الله وقدره ، ومعاملته سبحانه ، والسلوك إليه .

أما الأول : فعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )

رواه مسلم (2999) .

وأما الثاني : عن عَمْرو بْن الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ حَتَّى هَرْوَلَ فِي أَثَرِهِ ، حَتَّى أَخَذَ ثَوْبَهُ ، فَقَالَ : ( ارْفَعْ إِزَارَكَ ) .

قَالَ : فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْنَفُ وَتَصْطَكُّ رُكْبَتَايَ !!

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَسَنٌ ) .

قَالَ : وَلَمْ يُرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَّا وَإِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ حَتَّى مَاتَ !!

رواه أحمد (18978) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1441) .

قال الأصمعي رحمه الله :

" الحَنَف : إقبال القدم بأصابعها على الأخرى ، هذه على هذه ، وهذه على هذه " .

اهـ غريب الحديث للحربي (1/436) .

فتأمل يا عبد الله ، كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قوم لهذا الصحابي ما وقع في نفسه من الحياء ، أو التأذي من منظر قدميه ، بما حمله على إطالة إزاره

ليغطي ما به من العلة والعيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه : " كل خلق الله حسن " ؛ فمهما أصابك من شيء ، أو ألم بك من داء أو عيب ، فاعلم أن خلق الله كله حسن ، رغم كل ذلك .

فإن استعصت عليك نفسك ، وتأبت إلا النظر إلى ما أصابها من داء وعلة ، وأبت إلا أن تنظر إلى من هو أحسن صورة منها ، وأجمل منظرا مما قسم لك ، فذكرها ـ دائما ، يا عبد الله ـ بما رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ )

رواه البخاري (6490) ومسلم (2963) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله ( فِي الْمَال وَالْخَلْقِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الصُّورَةِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْأَوْلَادُ وَالْأَتْبَاعُ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..

قَالَ اِبْن بَطَّال :

هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُون بِحَالٍ تَتَعَلَّق بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ , فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ اللَّحَاقَ بِهِ اِسْتَقْصَرَ حَالَهُ فَيَكُون أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ مِنْ رَبّه , وَلَا يَكُون عَلَى حَال خَسِيسَةٍ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ . فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ , فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ الشُّكْرَ , فَيَعْظُمُ اِغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ " انتهى .

رابعا :

أما إذا كنت تسأل الله تعالى جمال الوجه ، تريد بذلك أن يقلب الله صورتك فيتغير أصل خلقة وجهك إلى وجه آخر حسن جميل ، فهذا دعاء فاسد ، لا يجوز للعبد أن يدعو به ولا بأي دعاء نحوه ،

فهو من الاعتداء في الدعاء الذي جاء النهي عنه في قوله تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( الأعراف/55 وفي حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ )

رواه أبو داود (96) وصححه ابن حجر في "التلخيص" (1/144) والألباني في "صحيح أبي داود"

يقول قتادة رحمه الله :

" اعلموا أن في بعض الدعاء اعتداء " انتهى .

وقال الربيع رحمه الله :

" إياك أن تسأل ربك أمرا قد نُهيت عنه ، أو ما ينبغي لك " انتهى .

انظر تفسير الطبري (5/207)

ووجه كون هذا القصد من الدعاء اعتداءً أن الله تعالى خلق الدنيا وركَّب فيها من سننه ما لا يقبل التبديل ولا التغيير – إلا في معجزات الرسل - ، فخلق الشمس وجعلها سراجا

وخلق الأرض وجعلها مهادا ، وأنزل من السماء ماء ، وقدر للقمر منازل ومراحل ، وأعطى كل شيء خلقه ورِزقه وصورتَه التي صوره بها ، وهذه كلها أمور لا تتغير ولا تتبدل ، لأنها من السنن الكونية التي قال الله تعالى فيها : ( لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الروم/30

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (640) :

" أي : لا أحد يبدل خلق اللّه فيجعل المخلوق على غير الوضع الذي وُضِعَه " انتهى .

فكل من دعا بتغيير شيء من سنن الله الكونية اللازمة الواقعة فقد سأل ما لم يكن الرب ليفعله سبحانه ، لا لعجزه ، بل لأنه أراد ألا تتغير هذه السنن إذا وقعت ، وأنت بسؤالك الله تحويل صورتك تحويلا تاما إنما تسأل نقيض ما أراد ، وهذا من الاعتداء .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (1/130) :

" وقد قال تعالى : ) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( الأعراف/55 - في الدعاء - ومن الاعتداء في الدعاء أنْ يسأل العبدُ ما لم يكن الربُّ ليفعله ، مثل : أنْ يسأله منازلَ الأنبياء وليس منهم ، أو المغفرة للمشركين ونحو ذلك ، أو يسأله ما فيه معصية لله ، كإعانته على الكفر والفسوق والعصيان " انتهى .

وقال رحمه الله (15/22) :

" وعلى هذا فالاعتداء في الدعاء :

تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات .

وتارة يسأل ما لا يفعله الله ، مثل : أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة ، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب ، ويسأله بأن يطلعه على غيبه ، أو أن يجعله من المعصومين ، أو يهب له ولدا من غير زوجة ، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله " انتهى .

وأما إذا كنت تريد بذلك نوعا من الحسن في وجهك أكثر مما عندك ، كالذي يطلبه الناس في "عمليات التجميل " : فيُخشى من مثل ذلك الدعاء أن يكون ـ أيضا ـ من الاعتداء في الدعاء الذي ذكرنا حكمه ، فما زال في الناس من يحتاج إلى ذلك ، وقد كان غير واحد من الصحابة معروفين به

ولم يؤثر عن أحد من السلف الدعاء بمثل هذا ، ولم تجر العادة بحصوله ؛ اللهم إلا أن يكون ذلك من إلقاء البهاء عليه ، والمحبة له ، كالذي يحصل لأهل الصلاح ، كما ذكره شيخ الإسلام فيما سبق

وأما أن يتغير شكل أنفه ، أو لون عينيه .. ، أو ما إلى ذلك ، فهو مما لم تجر العادة بحصوله ، ولا الدعاء به ، فأقل ما يقال فيه : إنه ينبغي تركه ، والاشتغال بما هو أولى بالعبد من تحسين صورته الباطنة بالإيمان والعمل الصالح ، ولعل الحاجة التي

دعتك إلى ذلك ، وتظن أنها لا تحصل إلا بهذا التغيير ، تحصل لك ، هي أو ما هو أفضل منها أضعافا مضاعفة ، تحصل لك بما هو أيسر من ذلك من الإقبال على الله ، وتعلق القلب به .

قال الله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ) مريم/96 .

قال قتادة رحمه الله :

" إي والله ، في قلوب أهل الإيمان ، ذُكر لنا أن هَرِم بن حَيَّان كان يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم ..

وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول : ما من عبد يعمل خيرًا أو شرًّا، إلا كساه الله عز وجل رداء عمله " .

انتهى . "تفسير ابن كثير" (5/269) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ .

وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ ) .

رواه البخاري (3209) ومسلم (2637) واللفظ له .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

50hodahelmy
2018-07-15, 18:01
مشكووووووووووووووور جدجدجدجدجد يالغالى

*عبدالرحمن*
2018-07-16, 04:32
مشكووووووووووووووور جدجدجدجدجد يالغالى

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

الشكر موصول لحضورك المميز مثلك
في انتظار المزيد من مرورك العطر

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-07-18, 16:22
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم تسمية مرض "السرطان" بـ "المرض الخبيث"

السؤال

هل يجوز وصف السرطان بالمرض الخبيث ؟

الجواب :

الحمد لله

وصف مرض السرطان بـ " الخبيث " له حالان :

الحال الأولى : أن يراد بتلك الكلمة وصف المرض أنه من النوع الذي ينتشر في الجسم ، ويحدث أضراراً بالغة ، وضده ما يطلق عليه الأطباء لفظ " الحميد " .

فهذا الوصف جائز ، لأنه ليس المقصود منه إلا التعريف بالمرض ، وإن كان الأولى الإتيان بكلمة أخرى أو وصف آخر غير هذا الوصف "الخبيث" تأدباً في اختيار الألفاظ المناسبة .

وقد روى البخاري (5825) ومسلم (2250) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي ) .

قال النووي رحمه الله :

"قال أبو عبيد وجميع أهل اللغة وغريب الحديث وغيرهم : " لقست " و " خبثت " بمعنى واحد، وإنما كره لفظ "الخبث" لبشاعة الاسم ، وعلَّمهم الأدب في الألفاظ ، واستعمال حسنها ، وهجران خبيثها" انتهى .

"شرح مسلم" (15/7 ، 8) .

الحال الثانية : أن يطلق لفظ " الخبيث " على مرض السرطان على سبيل السب له بذلك .

فأقل أحوال حكم هذه التسمية : الكراهة .

وقد ورد في الحديث النهي عن سب "مرض الحمَّى" ؛ لأنها من قدَر الله تعالى ، وهي تكفِّر خطايا المسلم

ويستفاد منه النهي عن سب عموم الأمراض ؛ لاشتراك الأمراض كلها في كونها من قدر الله تعالى ، ومن كونها مكفِّرة للخطايا .

فعن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ أُمِّ السَّائِبِ قَالَتْ : الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لها : ( لَا تَسُبِّي الْحُمَّى ، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ) . رواه مسلم (2575) .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" الحمَّى " هي السخونة ، وهي نوع من الأمراض وهي أنواع متعددة ، ولكنها تكون بقدَر الله عز وجل ، فهو الذي يقدِّرها وقوعاً ، ويرفعها سبحانه وتعالى ، وكل شيءٍ من أفعال الله فإنه لا يجوز للإنسان أن يسبَّه ؛ لأن سبَّه سبٌّ لخالقه جل وعلا ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبوا الدهر : فإن الله هو الدهر ) ...

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبِّها .

وعلى المرء إذا أصيب أن يصبِر ويحتسب الأجر على الله عز وجل ، وأخبر أنها تُذهب بالخطايا كما يُذهب الكير بخبَث الحديد ، فإن الحديد إذا صُهر على النار ذهب خبثه وبقي صافياً كذلك الحمى تفعل في الإنسان ... .

المهم : أن الإنسان يصبر ويحتسب على كل الأمراض ، لا يسبها" انتهى .

"شرح رياض الصالحين" (6/467 ، 468) .

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : والدي توفي بمرض سرطان خبيث ، من مرضه وإلى وفاته خمسة أشهر ، فهل يُعتبر شهيداً ؟ وهل هذا المرض الخبيث يمحو جميع الذنوب التي عليه ؟

فأجاب :

"إذا صبر المسلم على المرض واحتسب الأجر : فله الأجر عند الله ، ولا يعتبر الميت بالسرطان شهيداً ؛ لعدم الدليل على ذلك ، ولكن المسلم يرجى له الخير .

ويكره وصف المرض بأنه خبيث" انتهى .

"مجلة الدعوة" العدد (2009) ، 4 شعبان 1426هـ .

وسئل الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله :

هل يمكن أن يقال عن "السرطان" إنه المرض الخبيث ؟

فأجاب

"لا ينبغي أن يُطلق على الأمراض لفظ "الخبيث" ، وإنما يسمَّى باسمه ، أو بالشيء الذي يدل عليه ، ولا يوصف المرض بأنه خبيث" انتهى .

"شرح سنن الترمذي" (كتاب الطب ، شريط رقم 223) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-18, 16:29
حكم إطلاق عبارة " الغذاء الروحي " على الأذكار والطاعات

السؤال

تتناقل المنتديات هذه العبارة " الغذاء الروحي " ويطلقونها على التسبيح والتهليل والذِّكر وغيرها من العبادات ، فما الحكم ؟ .

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في إطلاق هذه العبارة : الغذاء الروحي " على الطاعات وعلى الذِّكر والتقوى وغير ذلك من أعمال الإسلام الجليلة .

ومعنى ذلك : أنها تغذي الروح وتقويها ، وهذا مدح لهذه الطاعات ، وبيان أن هذا هو الغذاء الأهم الذي ينبغي أن يحرص عليه الإنسان ، وليس فقط غذاء الأبدان .

وقد سَمَّى الله تعالى التقوى زاداً ، بل جعلها خير زاد ، وذلك في قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) البقرة/ 197 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك – أي : الحج - فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين ، والكف عن أموالهم ، سؤالاً واستشرافاً ، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين ، وزيادة قربة لرب العالمين ، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البُنية بُلغة ومتاع .

وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه : فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار ، وهو الموصل لأكمل لذة ، وأجل نعيم دائم أبداً ، ومن ترك هذا الزاد : فهو المنقطع به الذي هو عُرضة لكل شر ، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين ، فهذا مدح للتقوى .

" تفسير السعدي " ( ص 91 ) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تُوَاصِلُوا) قَالُوا : إِنَّكَ تُوَاصِلُ . قَالَ : (إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي) رواه البخاري ( 7299 ) ومسلم ( 1103 ) .

قال ابن القيم رحمه الله :

"ومعلومٌ أنَّ هذا الطعام والشراب ليس هو الطعام الذى يأكله الإنسانُ بفمه ، وإلا لم يكن مواصلاً ، ولم يتحقق الفرق ، بل لم يكن صائماً ، فإنه قال : (أَظَلُّ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني) .

وأيضاً : فإنه فَرَّقَ بينه وبينهم في نفس الوِصال ، وأنه يَقدِرُ منه على ما لا يقدِرُون عليه ، فلو كان يأكلُ ويشرب بفمه : لم يَقُلْ : (لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم) ، وإنما فَهِمَ هذا من الحديث مَنْ قَلَّ نصيبُه من غذاء الأرواح والقلوب

وتأثيرِهِ فى القوة وإنعاشِها ، واغتذائها به فوقَ تأثير الغِذاء الجسمانىِّ ، والله الموفق" انتهى .

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 94 ) .

فهذا ابن القيم رحمه الله يستعمل هذا التعبير : "غذاء الأرواح والقلوب" ويعني : أن المقصود من الحديث : أن الله تعالى يغذي روح نبيه صلى الله عليه وسلم وقلبه ، فيعطيه من القوة أكثر مما يعطيه غذاء البدن .

وقد استعمل العبارة نفسها الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، فقد سئل :

تعلم يا فضيلة الشيخ أن بعض الآباء ينشغل في أعماله ، وقد لا يتمكن من سؤال أبنائه عن مستواهم الدراسي أو من يصحبون ، فهل هذا تضييع لحقوقهم ؟ .

فأجاب :

قوله " إنه ينشغل بأعماله " نقول : مِن أكبر أعماله : أبناؤه وبناته ، ومسئوليتهم أعظم من مسئولية تجارته ، ولنسأل ماذا يريد من تجارته ؟ إنه لا يريد منها إلا أن ينفق على نفسه وأهله ، وهذا غذاء البدن ، وأهم منه : غذاء القلب ، غذاء الروح ، زرع الإيمان والعمل الصالح في نفوس الأبناء والبنات .

" اللقاء الشهري " ( 58 / السؤال رقم 1 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً - :

لا تجعل طعامك مشتبهاً ، اجعل طعامك طيِّباً ، لا تبق على خطر ، الغذاء غذاء الروح وليس غذاء البدن ، لو يأكل الإنسان لحى الشجر ونبات الأرض : خير له من أن يأكل درهماً واحداً حراماً .

" لقاء الباب المفتوح " ( 229 / السؤال 22 ) .

فتبين بذلك أنه لا حرج من إطلاق "غذاء الروح" أو "غذاء القلب" على الطاعات .

والله أعلم

........

حكم قول أحدهم إذا ذكّرته بالله : " ونعم بالله "

السؤال

نسمع كثيرا من الناس -إذا ذكرهم أحدهم بالله - يقولون لفظ "ونعم بالله" ؛ هل يجوز هذا اللفظ. بارك الله فيكم .

الجواب :

الحمد لله

ما جرت عادة الناس من قولهم : "ونعم بالله" ، كلام حسن ، لا حرج فيه ولا كراهة ؛ بل هو من ممدوح الكلام ؛ لأن مراد المتكلم به مدح التذكير بالله ، أو التعجب من حسنه ، وأنه نعم ما يُذْكَر ، أو يذَكَّر به .

وقد ورد نحو من هذا الأسلوب ، باستخدام صيغة المدح بـ " نعم " في حق الله تعالى ، في الذكر المأثور ، الذي أثنى القرآن على قائله : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/173 .

قال الطبري رحمه الله :

" يعني بقوله:"حسبنا الله" : كفانا الله ، يعني : يكفينا الله ، "ونعم الوكيل" ، يقول : ونعم المولى لمن وليَه وكفَله "

انتهى من "تفسسير الطبري" (7/405) .

وقال ابن جزي رحمه الله :

"ثناءٌ على الله ، وأنه خير من يتوكل العبد عليه ، ويلجأ إليه "

انتهى من " التسهيل لعلوم التنزيل"

وهو تفسير ابن جزي (222) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-18, 16:36
حكم من قال " إن الدين لا يحتاج إلى الرسول صلى الله عليه وسلم " ؟

السؤال

ما هو حكم من قال " إن الدين لا يحتاج إلى الرسول صلى الله عليه وسلم " ؟

هل تجب مقاطعته والبراء منه ؟

وإن كان هذا صحيحاً فهل يبقى البراء منه واجباً حتى بعد توبته مما قاله أم لا ؟ . جزاكم الله خيراً .

الجواب :

الحمد لله

لا بدَّ قبل الحكم على الكلمة وقائلها من معرفة السياق والحال التي قيلت فيه تلك الجملة

وهي في الجملة محتملة لأمور ثلاثة :

الأول

: أن تكون في سياق بيان اكتمال الدين ، ووضوح شرائعه وأحكامه ، وأن الحجة قد أقيمت على الخلق ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ،

وكمل الدين بجميع أحكامه بوفاته صلى الله عليه وسلم ، ولا يحتاج كمال الدين ، ولا استمراره إلى بقاء شخص النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا

كما كان بين أصحابه الكرام ؛ فقد أدَّى نبينا صلى الله عليه وسلم الأمانة وبلَّغ الرسالة ولحق بالرفيق الأعلى

قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) المائدة/ 3

وهذا المعنى صحيح لا غبار عليه

ولا يستطيع أحد أن يقول إن الحجة لا تقام عليه إلا بوجود الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن كلامه سيكون – حينئذٍ – لغواً لا قيمة له .

الثاني

: أن يكون القائل قصد أنه يمكن أن تصلنا رسالة الإسلام من غير شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم يبلغنا إياها ، بل نحن نعرفها من غير واسطة

أو تهتدي إليها فطرُنا وعقولُنا دون الحاجة لإرسال رسول : فيكون القول حينئذٍ جهلاً وكذباً

لأن الله تعالى لم يُبلِّغ الخلق رسالاته إلا عن طريق رسله

وقد أرسلهم عز وجل مبشرين ومنذرين ليقيم الحجة بهم على خلقه

قال تعالى ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء/ 165

ولا أدري كيف سيكون هذا القائل الجاهل مسلماً من غير أن يشهد أن محمَّداً رسول الله ؟!

وكيف سيأمر الله تعالى الخلق بأن يشهدوا على كون النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو رسوله إلى الناس وهو غير مبعوث بل ولا موجود ؟! .

وعليه : فينبغي نهي قائل تلك الكلمة القبيحة ، وتبيين خطئه وضلاله فيها ، وأنها تتنافي مع الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتهدم شطر الشهادة الذي لا يصح إسلامه إلا به : ( وأشهد أن محمدا رسول الله )

وينبغي هجره وتعزيره وتأديبه حتى ينتهي عن ذلك .

الثالث

: أن تكون الكلمة قد قيلت في سياق لأجل الانتقاص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الحط من منزلته

أو للتهوين من التعلق بشطر الشهادة الثاني : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) لأجل جمع الناس على ( الإله ) الواحد ، دون اعتبار لتغاير الملل ، واختلاف الشرائع

وهذا كفر أكبر لا شك فيه ، وقائلها في مثل هذا السياق : مرتد ، خارج من ملة الإسلام ، وقد أجمع العلماء على أن انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم وسبَّه كفر مخرج من الملة .

فقد تبين أنه لا يصح الجزم بحكم قائل تلك الكلمة هكذا على وجه الإجمال ؛ لاختلاف أحوال قائليها

ومن ثم اختلاف أحكامهم ، فقد تحتمل معنى صحيحاً ، وتحتمل أيضا معنى باطلاً ، ولا نرى لآحاد الناس أن يتعجل بالحكم على مثل ذلك ، بل يتوقف حتى يعرض الأمر على أهل العلم في بلده ، أو بعض من يفهم ذلك من طلاب العلم .

فإذا تبين أن قائل ذلك ، كان يقصد معنى باطلا ، أو مرادا كفريا ، ثم تاب منه توبة صادقة : فلا وجه لهجرانه أو تعزيره أو تأديبه بعد التوبة ، فمن تاب تاب الله عليه ، ولو كان من السجود للصنم ، والكفر الصريح بالله عز وجل .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-18, 16:39
حكم نداء المدرس بلفظة : "سيدي"

السؤال :

عندنا بعض المدرسين وغالباً ما نناديهم بكلمة (سير) باللغة الإنجليزية

وهذه الكلمة تعني (سيدي) بالعربية . فهل هذا يجوز؟

الجواب :

الحمد لله

"إذا كان معناها يا سيدي فينبغي تركها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له : أنت سيدنا . قال : (السيد الله تبارك وتعالى) ؛ ولأن لفظة "سيدي" قد تسبب عظمة في نفسه وكبرياء ، وتجره إلى كبرياء وغلو وتكبر ونحو ذلك .

فالحاصل : أن من الأولى عدم نداء الأستاذ أو الأخ بسيدي أو ما يدل على معناها ، ولكن يقول : يا أبا فلان ، يا فلان ؛ بالأسماء أو الألقاب الأخرى التي يرتضيها وليس فيها غلو ، أو بكنيته أو باسمه المعروف" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/472 ، 473) .

*عبدالرحمن*
2018-07-18, 16:47
حكم قول بعض الناس " الزمن غدَّار "

السؤال :

هل يجوز قول ( الزمن غدار) .. فإن كان الزمن هو جزء من الدهر

وحسب الحديث (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) جزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز قول : (الزمن غدار) وذلك لأن الزمن لا تصريف له للأمور ، وإنما الذي يصرفه ، ويصرف كل الكون ويدبر أمره هو الله وحده لا شريك له ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الدهر

لأن هذا السب سيعود في حقيقته إلى الله ، تعالى الله عن ذلك

وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذه العبارات : " هذا زمان أقشر " ، أو " الزمن غدار " ، أو " يا خيبة الزمن الذي رأيتك فيه " ؟

فأجاب :

"هذه العبارات التي ذكرت في السؤال تقع على وجهين :

الوجه الأول : أن تكون سبا وقدحا في الزمن : فهذا حرام ولا يجوز ؛ لأن ما حصل في الزمن فهو من الله عز وجل ، فمن سبه فقد سب الله ، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي : (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر ، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) .

والوجه الثاني : أن يقولها على سبيل الإخبار : فهذا لا بأس به ، ومنه قوله تعالى عن لوط عليه الصلاة والسلام : (وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي شديد ، وكل الناس يقولون : هذا يوم شديد . وهذا يوم فيه كذا وكذا من الأمور ، وليس فيه شيء .

وأما قول : "هذا الزمن غدار" فهذا سب ؛ لأن الغدر صفة ذم ولا يجوز .

وقول : "يا خيبة اليوم الذي رأيتك فيه" إذا قصد يا خيبتي أنا ، فهذا لا بأس فيه ، وليس سبا للدهر ، وإن قصد الزمن أو اليوم فهذا سب فلا يجوز" انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1/198) .

والله أعلم .

...........

ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر

السؤال :

هل الحديث لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟

وإذا كان صحيحا, فكيف تفسره؟ فقد أشكل علي هذا الموضوع.

الجواب :

الحمد لله

الحديث ليس بهذا اللفظ " لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت " ، وإنما هو بلفظ " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " ( وقد يكون اللفظ المذكور جاء بسبب طريقة ترجمة السؤال )

وقد رواه مسلم عن أبي هريرة ( 5827 ) ، وفي لفظ آخر: " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ آخر : " لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر " ،

وفي لفظ : " قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن يا خيبة الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما " .

و أما معنى الحديث فقد قال النووي :

قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر

" ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي : لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى .

ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي : فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم .

" شرح مسلم " ( 15 / 3 ) .

وينبغي أن يعلم أنه ليس من أسماء الله اسم " الدهر " وإنما نسبته إلى الله تعالى نسبة خلق وتدبير

أي : أنه خالق الدهر

بدليل وجود بعض الألفاظ في نفس الحديث تدل على هذا مثل قوله تعالى : " بيدي الأمر أقلِّب ليلَه ونهارَه " فلا يمكن أن يكون في هذا الحديث المقلِّب - بكسر اللام - والمقلَّب - بفتح اللام - واحداً ، وإنما يوجد مقلِّب - بكسر اللام - وهو الله ، ومقلَّب - بفتح اللام - وهو الدهر ، الذي يتصرف الله فيه كيف شاء ومتى شاء .

انظر " فتاوى العقيدة " للشيخ ابن عثيمين ( 1 / 163 ) .

قال الحافظ ابن كثير -

عند قول الله تعالى : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية / 24 ] - :

قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا : " يا خيبة الدهر " فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر

ويسبونه وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار لأن الله تعالى هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال .

وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد . والله أعلم

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 152 ) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن حكم سب الدهر :

فأجاب قائلا:

سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام .

القسم الأول :

أن يقصد الخبر المحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر .

القسم الثاني

: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .

القسم الثالث

: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً .

" فتاوى العقيدة " ( 1 / 197 ) .

ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني ( مما يكرهه ) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟

إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر . والله المستعان .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

meriemkay
2018-07-18, 17:49
جزاكم الله كل خير

*عبدالرحمن*
2018-07-19, 15:37
جزاكم الله كل خير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
اسعدك الله بكل ما تحبي

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير

و في انتظار مرورك العطر دائما

فشوقي
2018-07-19, 22:27
شكرا لك اخي موضوع جميل

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 03:35
شكرا لك اخي موضوع جميل

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
اسعدك الله بكل ما تحب

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير

و في انتظار مرورك العطر دائما

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:27
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل يقول : أنا فاطر ، إذا لم يكن صائما ؟!

السؤال :

لقد قرأت في أحد الرسائل التي جاءتني أنه لا يجوز قول فاطر لان فاطر بمعنى خالق وقد ذكرت في القران (فاطر السماوات والأرض) وبقول أنا فاطر

أي أنا خالق وانه الأفضل قول أنا مفطر أو مفطرة

أريد أن تفيدوني بمصداقية هذا الكلام وجزاكم الله خيرا..

الجواب :

الحمد لله :

إذا أخبر الإنسان عن نفسه بأنه غير صائم فالصواب أن يقول : " أنا مفطر " ؛ لأن " مُفطر " اسم فاعل من أفطر ، والاسم منه : الفِطر [ بكسر الفاء ] ، الذي هو نقيض الصوم .

قال الجوهري:

" أفْطَرَ الصائمُ ، والاسمُ : الفِطْرُ ... ورجلٌ مُفْطِرٌ ، وقومٌ مفاطيرُ ، ورجل فِطْرٌ ، وقومٌ فِطْرٌ، أي مفطِرونَ ".

انتهى " الصحاح في اللغة" (2/47).

وأما " فاطر " فهي اسم فاعل من فَطَر ، والاسم منه : الفَطْر [ بفتح الفاء ] ، الذي هو الابتداء والاختراع .

قال الزبيدي: " وفَطَرَ الشَّيْءَ : بَدَأَه ، وقال ابنُ عَبّاس : ما كُنْتُ أَدْرِي ما ( فاطِر السَّمواتِ والأَرْضِ ) حتى أَتانِي أَعْرَابِيّانِ يَخْتَصِمَانِ في بِئْر ، فقال أَحَدُهُمَا : أَنا فَطَرْتُها ، أَي أَنا ابْتَدَأْتُ حَفْرَهَا .

وذَكَرَ أَبو العَبّاسِ أَنَّه سَمِعَ ابنَ الأَعرابيّ يقولُ : أَنا أَوَّل من فَطَرَ هذا ، أَي : ابتَدَأَه " .

انتهى "تاج العروس " (1/3347) .

فدل ذلك على أن الفعل ( فطر ) ، وهكذا اسم الفاعل منه ( فاطر ) : ليس هو من الألفاظ المختصة بجانب الله تعالى ، بل قد تطلق في حق غيره ، وإن كان ذلك قليلا غير مألوف الاستعمال ، حتى في حق من أنشأ شيئا جديدا : أن يقال فيه : فاطر .

لكن الخطأ هو من حيث اللغة ؛ فإذا كان هذا من لغة القائل الدارجة : أنهم يعتادون قول ( فاطر) في حق من ليس صائما ، فلا يظهر فيه حرج أيضا من هذا الوجه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:31
هل الدعاء بـ " اللهم أرنا فيهم يومًا أسوداً " من سب الدهر؟

السؤال:

هل الدعاء بقولهم " اللهم أرنا فيهم يومًا أسودًا " يعتبر من سب الدهر ؟ وجزاكم الله خيرًا .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذا الدعاء غير مأثور ، ولم نقف عليه في شيء من كتب السنة .

ثانيا :

لا حرج في الدعاء بهذه الكلمات ، ولا يعد ذلك من سب الدهر ؛ لأن المراد وصف اليوم بالشدة والكرب

فهو كقول لوط عليه السلام : ( هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) هود/77

وكقوله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) القمر/19

وقوله : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) فصلت/16

ونحو هذا مما فيه وصف أو إخبار عن الشدة والقسوة ، ولا يراد به سب اليوم أو ذمه ، ففرق بين الإخبار المجرد ، وبين إراد الذم والسب والتنقص .

ثم إن وصف اليوم بأنه أسود ، لا يراد به العموم ؛ بل المراد به أنه أسود عليهم ، أو أسود بالنسبة لهم ؛ لما ينالهم فيه ـ بحول الله وطوله ـ من العذاب والنكال .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فلا ريب أن الأيام التي أوقع الله سبحانه فيها العقوبة بأعدائه وأعداء رسله كانت أياما نحسات عليهم ، لأن النحس أصابهم فيها ؛ وإن كانت أيام خير لأوليائه المؤمنين ؛ فهي نحس على المكذبين ، سعد للمؤمنين ؛ وهذا كيوم القيامة فإنه عسير على الكافرين يوم نحس لهم ، يسير على المؤمنين يوم سعد لهم

. قال مجاهد :

( أيام نحسات ) : مشائيم ... ؛ فسعود الأيام ونحوسها إنما هو بسعود الأعمال وموافقتها لمرضاة الرب ، ونحوس

الأعمال مخالفتها لما جاءت به الرسل ، واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة ، ونحس لطائفه ، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين ، ويوم نحس على الكافرين "

انتهى . "مفتاح دار السعادة" (2/194) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم ، فهذا جائز ، مثل أن يقول : تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده ، وما أشبه ذلك ؛ لأن الأعمال بالنيات ، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر ، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام : ( هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) هود/77 .

الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل ، كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر ؛ فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا ؛ لأنه نسب الحوادث إلى غير الله ، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا فهو كافر ، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد فإنه كافر .

الثالث : أن يسب الدهر لا لاعتقاد أنه هو الفاعل ، بل يعتقد أن الله هو الفاعل ، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده ؛ فهذا محرم ، ولا يصل إلى درجة الشرك

وهو من السفه في العقل والضلال في الدين ؛ لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه ؛ لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر ويكون فيه ما أراد من خير أو شر ، فليس الدهر فاعلا ، وليس هذا السبب يكفر ؛ لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة "

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (10/ 823).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:35
ما حكم هذه المقولة ؟

السؤال:

كنت أريد السؤال عن حكم من قال تلك المقولة

"إن شنق فلان عندنا كصلب المسيح عند النصارى"

مع العلم أن تلك الجملة موجهه للنصارى بغرض أن يقول إن فلان هذا أغلى عندنا وأعلى مكانة من أقدس ما تعتقدون به هل المقولة هذه تحتوي على كفر قول لأنه يناقض صريح الآية الكريمة "

وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ وَ لَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ " وهل يكون هذا كفر لأنه يستهزئ بدين الله كما تقول الآية الكريمة [قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ] [التوبة:65، 66]

مع العلم أنه قال عند النصارى أي بمعتقد النصارى ويقول إنه لا يعتقد بها أي قائلها

الجواب :

الحمد لله

لا شك أن الكلمة المذكورة هي منكر من القول وزور ؛ وليس لأنها استهزاء بآيات الله

فلا يظهر لنا من السياق المذكور ما يدل على ذلك ، ولا لأنها تناقض صريح الآية ، وما هو معلوم عند المسلمين بالضرورة من أن نبي الله عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب ، لأنه قال "عند النصارى "

بل لأن فيها تطاولا على مقام أنبياء الله ، وانتقاصا لهم بهذه المقارنة الباطلة ؛ فكيف يساوي بين صلب نبي أو قتله ، وقتل فلان أو فلان من الناس ؛ هذه مقارنة باطلة !

وكيف يقول : إن فلانا من الناس أجل وأعلى من مكانة عيسى عليه السلام أو غيره من الأنبياء ؛ هذا باطل أيضاً ، ومنكر من القول وزور .

وثم ما الحاجة إلى هذه السماجات ، والعبارات المتكلفة المرذولة ، والتزام المعاني الباطلة ، مع ما فيه من الخروج عن أدب المناظرة والجدل .

قال الله تعالى : ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ( العنكبوت / 46 )

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب ، إذا كانت من غير بصيرة من المجادل ، أو بغير قاعدة مرضية، وأن لا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن، بحسن خلق ولطف ولين كلام، ودعوة إلى الحق وتحسينه

ورد عن الباطل وتهجينه، بأقرب طريق موصل لذلك، وأن لا يكون القصد منها مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو

بل يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق، إلا من ظلم من أهل الكتاب، بأن ظهر من قصده وحاله، أنه لا إرادة له في الحق، وإنما يجادل على وجه المشاغبة والمغالبة، فهذا لا فائدة في جداله، لأن المقصود منها ضائع.

( وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزلَ إِلَيْنَا وَأُنزلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ ) أي: ولتكن مجادلتكم لأهل الكتاب مبنية على الإيمان بما أنزل إليكم وأنزل إليهم، وعلى الإيمان برسولكم ورسولهم، وعلى أن الإله واحد،

ولا تكن مناظرتكم إياهم [على وجه] يحصل به القدح في شيء من الكتب الإلهية، أو بأحد من الرسل، كما يفعله الجاهل عند مناظرة الخصوم، يقدح بجميع ما معهم، من حق وباطل، فهذا ظلم، وخروج عن الواجب وآداب النظر، فإن الواجب، أن يرد ما مع الخصم من الباطل

ويقبل ما معه من الحق، ولا يرد الحق لأجل قوله، ولو كان كافرا. وأيضا، فإن بناء مناظرة أهل الكتاب، على هذا الطريق، فيه إلزام لهم بالإقرار بالقرآن، وبالرسول الذي جاء به، فإنه إذا تكلم في الأصول الدينية التي اتفقت عليها الأنبياء والكتب

وتقررت عند المتناظرين، وثبتت حقائقها عندهما، وكانت الكتب السابقة والمرسلون مع القرآن ومحمد صلى اللّه عليه وسلم قد بينتها ودلت عليها وأخبرت بها، فإنه يلزم التصديق بالكتب كلها، والرسل كلهم، وهذا من خصائص الإسلام.

انتهى من "تفسير السعدي"

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:39
هل يجوز أن يُطلق على شخص مسلم لقب " أهل الكتاب " ؟

السؤال:

هل يجوز أن نطلق على شخص مسلم لقب " أهل الكتاب " أم لا ؟ .

الجواب :

الحمد لله

مصطلح " أهل الكتاب " لا يجوز إطلاقه على أحدٍ – أو طائفة – من المسلمين ، ومن باب أولى عدم جواز إطلاقه على المسلمين جميعاً

لأنه مصطلح خاص يطلق على اليهود والنصارى لا غير - والكتاب هنا هو التوراة والإنجيل -

فلا يدخل معهم غيرهم من الكفار عند جمهور الفقهاء ، وخالف في ذلك الحنفية فجعلوه في كل مَن يؤمن بنبي ويقر بكتاب ، ولكن لم يجعل أحدٌ من أهل العلم هذا اللقب صالحاً لدخول المسلمين فيه .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 7 / 140 ) :

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ( أهل الكتاب ) هم : اليهود والنصارى بفرقهم المختلفة .

وتوسع الحنفية فقالوا : إن أهل الكتاب هم : كل من يؤمن بنبي ويقر بكتاب ، ويشمل اليهود والنصارى ، ومن آمن بزبور داود ، وصحف إبراهيم وشيث . وذلك لأنهم يعتقدون ديناً سماويّاً منزَّلاً بكتاب .

انتهى

وقال الطاهر بن عاشور – رحمه الله - :

اسم ( أهل الكتاب ) لقب في القرآن لليهود والنصارى الذين لم يتديّنوا بالإِسلام ؛ لأن المراد بالكتاب : التوراة والإِنجيل إذا أضيف إليه ( أهل ) ، فلا يطلق على المسلمين " أهل الكتاب " وإن كان لهم كتاب ، فمن صار مسلماً من اليهود

والنصارى : لا يوصف بأنه من أهل الكتاب في اصطلاح القرآن ، ولذلك لما وصف عبد الله بن سلام في القرآن وُصف بقوله : ( ومن عنده علم الكتاب ) الرعد/ 43

وقوله : ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف/ 10 ، فلما كان المُتحدَّث عنهم آنفاً صاروا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم : فقد انسلخ عنهم وصف أهل الكتاب ، فبقي الوصف بذلك خاصّاً باليهود والنصارى .

" التحرير والتنوير " ( 27 / 429 ، 430 ) .

وهكذا هو في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا أجمع علماء الإسلام لا نعلم بينهم اختلافاً .

1. قال تعالى ( مَاَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) البقرة/ 105 .

2. وقال تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/ 64 .

3. وقال تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ) المائدة/ 59 .

ومن السنَّة :

1. عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ) .

رواه البخاري ( 97 ) ومسلم ( 154 ) .

2. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ : ( إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ... ) .

رواه البخاري ( 4090 ) ومسلم ( 19 ) .

ومن أقوال الصحابة والعلماء :

1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكِتَابَ فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ .

رواه البخاري ( 2539 ) .

2. قال الإمام مالك – رحمه الله - :

مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا عَلَى صِبْيَانِهِمْ وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ .

" الموطأ " ( 2 / 398 ) .

والخلاصة :

لا يحل إطلاق مصطلح " أهل الكتاب " على أحدٍ من المسلمين ، وقد رأينا بعض المنهزمين والمميعين والزنادقة يسعون إلى جعل الإسلام واليهودية والنصارى في سياق واحد ، لا يفرقون بين أحدٍ من تلك الأديان ! فراحوا يتلاعبون

بالألفاظ والمصطلحات الشرعية لتحقيق تلك الغاية الفاسدة ؛ تقرباً للغرب الكافر ، وإرضاء لشياطين الإنس والجن ، ومن هؤلاء :

1. حسن الترابي الذي يدعو إلى ما سمَّاه " جبهة أهل الكتاب " ! وذلك في قوله – في مؤتمر " الحوار بين الأديان " الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 4 – 6 / 5 / 1415هـ

في محاضرة له بعنوان : " الحوار بين الأديان التحديات والآفاق " - : " إنني أدعو اليوم إلى قيام جبهة أهل الكتاب , وهذا الكتاب هو كلُّ كتاب جاء من عند الله " ! .

2. ومحمد آركون والذي يدعو إلى ما سمَّاه " مجتمعات الكتاب " ! وذلك في قوله – كما في حواره مع " قناة الجزيرة " بتاريخ 30 / 11 / 1425 هـ - : " وخاصة فيما يخص ما أسميه " مجتمعات الكتاب "

أي : المجتمعات التي بنت نظمها السياسية وبنت فكرها كله على ظاهرة الوحي ، أقصد بذلك دين اليهود ، ودين المسيحية ، والإسلام " ! .

وكلاهما أراد هدم المصطلح الشرعي الفاصل بين المسلمين وبين اليهود والنصارى ، وإقامة مصطلح يجمع كل أتباع الأديان في سياق واحد ، لا فرق بين أحدٍ منهم ، وقد أرادوا بالكتاب : كل ما أنزله الله تعالى من كتب

فشمل ذلك – عندهم - : القرآن والتوراة والإنجيل ! وهذا ما لم يقله أحدٌ من أهل الإسلام ، ولا قيمة لكلامهم ، ولا وزن لرأيهم

مع ما ذكرناه من أدلة القرآن والسنَّة وكلام الصحابة وإجماع العلماء على أن مصطلح " أهل الكتاب " لا يدخل فيهم المسلمون ، وأنه لا التقاء بيننا وبينهم على شيء ما داموا كفاراً

فإذا جاء أحد منهم بكلمة التوحيد ، وآمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم : اجتمع معنا ، وإلا تبرأنا منه ، ومن كفره ، ومن تأمل ما أوردناه من آيات وأحاديث تبين له الحق من الباطل .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:53
معنى "الأمجاد السماوية" فى النعي عند النصارى، وحكم من نعاهم بذلك من المسلمين

السؤال:

ما معنى " الأمجاد السماوية "
في النعي عند النصارى ؟

وما حكم الدِّين فيمن نعى النصارى بهذه الكلمات ، سواء بكلمة باللسان ، أو بورقة تُعلَّق لمعرفة المتوفى في العمل ، أو غير ذلك ؟.

برجاء الإجابة عن سؤالي لأن الموضوع في غاية الخطورة بالنسبة لي .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

تقول طائفة كبيرة من النصارى في نعيهم لميتهم إنه انتقل إلى " الأمجاد السماوية " ويعنون به : الانتقال عند يسوع المسيح في السماء ، وتعني العبارة : أن ميتهم شملته الرحمة

وهو في الجنة ! وهم يقولون : " المسيح رب المجد " – كما في ( رسالة يعقوب 2 : 1 ) ، و " رجاء المجد " – كما في ( كولوسى 1 : 27 ) - ، ويعتقدون أن من يؤمن يتمجد ، أي : يصل إلى المجد ، وهو العلياء أو العلو .

ثانياً:

لا يجوز أن ينعى المسلم أحدا من النصارى بذلك ؛ لأن معنى هذا النعي أنه يشهد لهم بالرحمة ، أو ـ على أقل الأحوال ـ يتفاءل لهم بها ؛ وقد أجمع علماء الإسلام أنه من لم يكفِّر النصارى

أو شكَّ في كفرهم : فهو كافر ، فكيف يحكم لهم بالرحمة والجنة ، أو يتفاءل لهم بها وهو مأمور باعتقاد كفرهم وخلودهم في جهنم ؟!

قال القاضي عياض - رحمه الله - :

ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل ، أو وقف فيهم ، أو شك ، أو صحح مذهبهم ، وإن أظهر مع ذلك الإسلام ، واعتقده ، واعتقد إبطال كل مذهب سواه : فهو كافر بإظهار ما أظهره من خلاف ذلك .

" الشفا في أحوال المصطفى " ( 2 / 610 ) .

وفي شرعنا المطهَّر : يحرم الترحم على من مات كافراً من اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر .

قال تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة/ 113 .

وقال النووي – رحمه الله - :

وأما الصلاة على الكافر ، والدعاء له بالمغفرة : فحرام بنص القرآن والإجماع .

" المجموع " ( 5 / 144 ) .

هذا حكم الدعاء للكفار بالرحمة : فكيف يكون حكم الشهادة لهم بالجنة ، والقطع بحصول الرحمة ؟! لا شك أنه أعظم حرمة ، بل إنه قد يصل بقائله إلى الكفر المخرج عن الملة ، إن كان يعلم معنى ذلك ، وما يلزم منه .

والجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) رواه البخاري ( 2897 ) ومسلم ( 111 ) .

وروح الكافر بعد موته في أسفل سافلين ، لا في العلو ، ولا في السماء ، بل قد أخبر الله تعالى بإغلاق أبواب السموات أمام أرواحهم ، وباستحالة دخولها الجنة

وقد روى البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟

فَيَقُولُونَ : فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ... .

رواه أحمد في " مسنده " ( 30 / 501 ) وصححه المحققون

وصححه الألباني في " أحكام الجنائز " ( ص 156 )

وبما سبق : يتبين حرمة قول تلك العبارة أو كتابتها عند موت نصراني ، أو غيره من الكفار.

والله أعلم

.......

نصراني يسأل عن طبيعة الروح وحدودها

السؤال :

بالنسبة للإسلام ما هو الروح ؟

فمثلا من خلق الروح وما هي حدودها ؟

الجواب:

الحمد لله

الله خالق كل شيء ، والروح مخلوقة كسائر المخلوقات ، وعلم حقيقتها وكنهها من اختصاص الله عزّ وجلّ ، استأثر عزّ وجلّ بعلمه

كما جاء في حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالَ مَا رَأْيُكُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقُمْتُ مَقَامِي

فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا ) ، رواه البخاري ،

وقد وصف الله تعالى في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته الروح بجملة أوصاف منها : القبض والوفاة ، وأنها تصفد وتكفن وتجيء وتذهب ، وتصعد وتهبط وأنها تسل كما تسل الشعرة من العجين .

. فالواجب إثبات هذه الصفات الواردة في الوحيين ، مع أن الروح ليست كالبدن .

والله تعالى خلق آدم ونفخ فيه الرّوح كما جاء في القرآن الكريم وفي حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ إِلَى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ فَقُلْ السَّلامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ ..
رواه الترمذي وحسّنه : سنن الترمذي 3290

والله يرسل الملَك لنفخ الرّوح في الجنين كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ . رواه مسلم 4781

وروح الميت تُقبض من الأسفل من أصابع الرجلين إلى الأعلى فإذا وصلت الرّوح الحلقوم غرغر المحتضر ويشخص بصره ويتجّه إلى فوق : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ … رواه مسلم 1528

وتتلقاها الملائكة : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّتْ الْمَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ . رواه البخاري 1935

ويصعد بها إلى السماء بعد قبضها ملكان كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا ..

فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ قَالَ وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَقُولُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ قَالَ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ

.. وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا وَذَكَرَ لَعْنًا وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ قَالَ فَيُقَالُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَيْطَةً كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا . رواه مسلم 5119

وجاء في خروج الرّوح أيضا مزيد من التفصيل في حديث الإمام أحمد رحمه الله عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ

وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ

مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ

وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاّ قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ

مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ

فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الإِسْلامُ فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي

فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ

بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ

فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا

عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ

فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي

فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ

فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ . مسند الإمام أحمد 17803 وهو حديث صحيح .

وفي آخر الزمان يُرسل الله ريحا تقبض روح كلّ مؤمن ، كما جاء في حديث النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ( وحدّث بحديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام وطيب العيش في حياة عيسى وبعده

وسعادة الناس في ذلك الوقت ) قال : فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ . رواه مسلم 5228

وعند النوم - وهو الوفاة الصّغرى - تقبض الرّوح لكن ليس قبضا كليا ولذلك يبقى النائم على قيد الحياة ، قال تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42) الزمر .

وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصي المسلم : إِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ

فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ . ) رواه الترمذي 3323 وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ

هذه طائفة من الآيات والأحاديث الصحيحة في وصف أحوال للروح لعلّك أيها السائل تجد فيها موعظة تهتدي بها إلى طريق الحقّ ودين الإسلام وشكرا لك على سؤالك .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 16:58
من لم يعتقد كفر الكفار فهو كافر

السؤال:

هل صحيح أن الشخص إذا لم يقتنع بأن الكافر كافر فإنه يكفر هو ؟

حتى لو أنه يصلي ويؤمن بالقرآن والسنة .

إذا كان الجواب نعم فما هو الدليل على هذا ؟

هل يمكن للشخص أن يؤمن بأن اليهود والنصارى مؤمنون وسيدخلون الجنة بعد أن تم تبيين الحقيقة لهم ، ولا يزال يعتبر مسلماً ؟ .

الجواب :

الحمد لله

1. نعم صحيح ، ومن لم يقتنع بكفر الكافر في دين الله فما صدَّق ما أخبر الله تعالى به من كفرهم ، وما اعتقد أن دين الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان ، وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين كائناً ما كان دينه قبل ذلك .

قال الله عز وجل { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } [ آل عمران 85 ] ، وقال { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً } [ الأعراف 158 ] .

2. قال القاضي عياض :" ولهذا نكفِّر كل من دان بغير ملة المسلمين من الملل ، أو وقف فيهم، أو شك ، أو صحَّح مذهبهم ، وإن أظهر مع ذلك الإسلام ، واعتقده ، واعتقد إبطال كل مذهب سواه ، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك" .

انتهى من" الشفا بتعريف حقوق المصطفى " ( 2 / 1071 ) .

3. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :

" اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة :

الأول : الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له والدليل قوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب .

الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة : كفرَ إجماعاً .

الثالث : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم : كفَرَ إجْماعاً .

- وبعد أن عددها قال رحمه الله : -

"ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا ومن أكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه وصلى الله على محمد"

.انتهى من" مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب" ( 212 ، 213 ) .

4. والشرك والكفر سواء في الحكم .

قال ابن حزم :

"الكفر والشرك سواء ، وكل كافر فهو مشرك وكل مشرك فهو كافر وهو قول الشافعي وغيره".

"الفِصَل" (3/124) .

5. واليهود والنصارى كفار مشركون قال تعالى { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ….. سبحانه عما يشركون } [ التوبة 30 ، 31 ] .

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" . رواه مسلم ( 153 ) .

فمن قال إن اليهود ليسوا كفارا فهو مكذب بقوله تعالى عن اليهود : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ .. (93) البقرة

ومكذّب بقوله تعالى : (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ .. (46) النساء

ومكذّب بقوله تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا(155)وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا(156)وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ .. (157) النساء

ومكذّب بقوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا(150)أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151) النساء

ومن قال إن النّصارى ليسوا كفارا فهو مكذّب بقول الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .. (17) المائدة

ومكذّب بقوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73) المائدة

ومكذّب بقوله تعالى عن اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بنبينا ولا يتبعونه :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا(150)أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151) النساء

فماذا بقي بعد هذا البيان من الله عزّ وجلّ ؟! ، نسأل الله الهداية ، وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 17:05
صور من عذاب القبر

السؤال:

ما هي أنواع العذاب في القبر ؟.

الجواب

الحمد لله

يتنوع العذاب في القبر بحسب الذنب الذي اقترفه صاحبه في الدنيا ، سواء كان للكفار أو للعصاة ، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بوصف هذا العذاب في القبور لأهل هذه الذنوب ، ومنها :

1- الضرب بمطرقة من حديد

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله

فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين .

رواه البخاري ( 1273 ) .

2-7- يفرش له قبره ناراً ، ويلبس ناراً ، ويفتح له باب إلى النار ، ويضيَّق عليه قبره ، ويضرب بمطرقة عظيمة لو ضرب بها جبل لصار ترابا ، ويبشر بالعذاب في الآخرة ، ولذلك يتمنى ألا تقوم الساعة .

روى أحمد (17803) وأبو داود (4753) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ

: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا . . .

- ثُمَّ ذكر صفة قبض روح المؤمن ونعيمه في القبر ثم قال - : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا

فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلَانٍ

بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ

: ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي

فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا قَالَ فَيَضْرِبُهُ

بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلا الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا قَالَ ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " أحكام الجنائز " ( ص 156 ) .

8- الخسف في الأرض

عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " . رواه البخاري ( 5343 ) ومسلم ( 3894 ) .

يتجلجل : يغوص ويضطرب .

9- شق جانبي الفم إلى القفا

10- رضخ الرأس بالحجارة

11- الحرق في تنور من نار

12- السباحة في نهر من دم مع الضرب بالحجارة

روى البخاري (1386) (7047) ع

ن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا ؟ قَالَ : فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالا لِي : انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ

وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قُلْتُ لَهُمَا : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ

وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيَشُقُّ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ . ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى .
\
قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [أي ارتفعت أصواتهم] . قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاءِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ

. قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا ، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا . قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَانِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . . . ثم ذكر الحديث

فقال : قُلْتُ لَهُمَا : فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ قَالَا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ .

يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشّقُّ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ . فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي .

وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا .

الكلُّوب : حديدة معوجة الرأس . الشدق : جانب الفم . يشدخ : يشج . تدهده : تدحرج .

قال الحافظ ابن حجر :

وفيه : أن بعض العصاة يعذَّبون في البرزخ اهـ . فتح الباري ( 12 / 445 ) .

12- اشتعال المال المسروق من الغنائم على صاحبه

روى البخاري (4234) ومسلم (115)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلا وَرِقًا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الْوَادِي وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ لَهُ يُدْعَى رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِي قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُلُّ رَحْلَهُ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ

فَقُلْنَا هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنْ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ. قَالَ : فَفَزِعَ النَّاسُ فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.

13- ومع هذا العذاب الحسي هناك أيضاً عذاب معنوي (نفسي) وهو أن الكافر يُرى في قبره مقعده من الجنة لو أطاع الله ، فيزداد بذلك حسرة وألما لما يرى من عظم النعيم الذي فاته .

روى أحمد (10577) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنَازَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَإِذَا الإِنْسَانُ دُفِنَ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ فَأَقْعَدَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا

قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ صَدَقْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ فَهَذَا مَنْزِلُكَ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ اسْكُنْ وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا يَقُولُ لَهُ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولَ

لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَيَقُولُ لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ وَلا اهْتَدَيْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْدَلَكَ بِهِ هَذَا وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ ثُمَّ يَقْمَعُهُ قَمْعَةً بِالْمِطْرَاقِ يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ

فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلا هُبِلَ عِنْدَ ذَلِكَ [أي ذهل] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت . صححه الألباني في تحقيق كتاب السنة لابن أبي عاصم (865) .

فهذا بعض ما يحصل في القبر من أنواع العذاب لبعض العصاة .

نسأل الله تعالى أن يعيذنا من عذاب القبر .

*عبدالرحمن*
2018-07-21, 17:13
إمام مسجد لا يرى كفر اليهود والنصارى ! ويرد الحديث المخالف لعقله !

السؤال

: بينما كنت أتكلم مع إمام مسجدنا في بعض الأمور : ذكرت له أن اليهود والنصارى مخلدون في نار جهنم , فكان يخالف ذلك الأمر ، ويقول : إنه أعلم بالقرآن مني ، فزوجة هذا الإمام نصرانية

وأفضل صديق عنده يهوديّ ، ويقول أيضاً : إن الحديث يجب أن يكون منطقيّاً حتى نتبعه ، أما إذا كان مخالفاً للمنطق : فلا يؤخذ به ، فما حكم هذا الرجل ؟

هل هو كافر ، أم منافق ، أم مبتدع ؟

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

لا ندري كيف يجهل مثل الأمر إن كان يقرأ الفاتحة في صلاته، وكيف يجهل أن ( المغضوب عليهم ) هم اليهود، وأن ( الضالين ) هم النصارى؟!

ولا ندري كيف يكون أعلم بالقرآن منك وهو يقرأ فيه قوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة/ 17 ، وقوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة/ 72 ، وقوله تعالى : (

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة/ 73 ، وقوله تعالى : (

وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/ 30 ، 31 .

فهل قرأ ذلك الإمام تلك الآيات ؟ وهل فيها غموض حتى يجهل معناها ؟ وهل علم هذا الإمام أن الإجماع قائم لا على كفر اليهود والنصارى فحسب ، بل على كفر من شكَّ في كفرهم !

ثم هب أن هذا الإمام لا يعلم ذلك ، أو يظن أن اليهود والنصارى الذين يتعامل معهم ، أو يصادقهم ولا يكفرهم ، لا يشركون بالله ، ولا يعتقدون أن المسيح ابن الله ، أو غير ذلك من عقائدهم الشركية

فماذا يعلم عن موقفهم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ هل هم مؤمنون به ، مصدقون له في دينه ، متبعون له في شرعه ؟ أو هم كفار به ، مكذبون له ولرسالته ؟

قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء /150-151 .

وفي صحيح مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" َأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ نَسْخُ الْمِلَلِ كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) : أَيْ مِمَّنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي زَمَنِي وَبَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكُلُّهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ . وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيَّ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا

وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَهُمْ كِتَابٌ ؛ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنَهُمْ مَعَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا ، فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أَوْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." انتهى .

فمثل هذا لا يخفى على موحِّد ، إلا أن يكون التوحيد والشرك عنده سواء ، وإذا كان لا يرى كفر اليهود والنصارى : فما حكم المسلمين عنده ؟! لأن المسلمين عند اليهود والنصارى كفار مخلدون في نار جهنم ! فهل يرى رأيهم ، ويعتقد اعتقادهم ؟! .

والذي نقوله أنا لا نشك في أن ما قاله ردة عن الدين ، وكفر بإجماع المسلمين ، فإن كان مكلَّفاً يدري ما يقول ، وقد علم حكم ذلك في الإسلام ، فقد خرج من ملة الإسلام ، وكفر باعتقاده ذلك .

1. قال ابن حزم – رحمه الله - :

واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً .

" مراتب الإجماع " ( ص 119 ) .

2. وقال القاضي عياض – رحمه الله - :

ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل ، أو وقف فيهم ، أو شك ، أو صحح مذهبهم ، وإن أظهر مع ذلك الإسلام ، واعتقده ، واعتقد إبطال كل مذهب سواه : فهو كافر بإظهار ما أظهره من خلاف ذلك .

" الشفا في أحوال المصطفى " ( 2 / 610 ) .

3. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

قد ثبت في الكتاب ، والسنَّة ، والإجماع : أن من بلغته رسالته صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن به : فهو كافر ، لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد ؛ لظهور أدلة الرسالة ، وأعلام النبوة .

" مجموع الفتاوى " ( 12 / 496 ) .

4. وقال – رحمه الله – أيضاً - :

إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام .

" مجموع الفتاوى " ( 35 / 201 ) .

5. وقال الحجاوي - رحمه الله - :

من لم يكفر من دان بغير الإسلام ، كالنصارى ، أو شك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم : فهو كافر .

" كشاف القناع " ( 6 / 170 ) .

07 وفي الإقناع ـ أيضا ـ للحجاوي ، وشرحه ، للبهوتي (6/170) :

" ( وقال الشيخ [ أي : شيخ الإسلام ابن تيمية ] : من اعتقد أن الكنائس بيوت الله ، وأن الله يُعبد فيها ، وأن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله ، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه ) فهو كافر

لأنه يتضمن اعتقاد صحة دينهم ، وذلك كفر كما تقدم ( أو أعانهم على فتحها ) أي الكنائس ( وإقامة دينهم ، و ) اعتقد ( أن ذلك قربة أو طاعة : فهو كافر ) ؛ لتضمنه اعتقادَ صحة دينهم . (

وقال ) الشيخ ( في موضع آخر : من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله : فهو مرتد . وإن جهل أن ذلك محرم : عُرِّف ذلك ؛ فإن أصر : صار مرتدا ) ، لتضمنه تكذيب قوله تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام }" . انتهى .

6. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

ما حكم مَن لم يكفِّر اليهود والنصارى ؟ .

فأجاب :

هو مثلهم ، مَن لم يكفر الكفار : فهو مثلهم ، الإيمان بالله هو تكفير من كفر به ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من وحَّد الله وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله ) ، ويقول جل وعلا : ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .

فلا بد من الإيمان بالله ، وتوحيده والإخلاص له ، والإيمان بإيمان المؤمنين ، ولا بد من تكفير الكافرين ، الذين بلغتهم الشريعة ولم يؤمنوا ، كاليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والشيوعيين ، وغيرهم ، ممن يوجد اليوم ، وقبل اليوم ، ممن بلغتهم رسالة الله ولم يؤمنوا ، فهم من أهل النار كفار ، نسأل الله العافية .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 28 / 46 ، 47 ) .

7. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

عمَّا زعمه أحد الوعاظ في مسجد من مساجد " أوربا " من أنه لا يجوز تكفير اليهود والنصارى ؟ .

فأجاب – بعد أن ساق بعض الآيات السابقة - :

... فمَّن أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وكذبوه : فقد كذَّب الله عز وجل ، وتكذيب الله : كفر ، ومن شك في كفرهم : فلا شك في كفره هو .

ويا سبحان الله ! كيف يرضى هذا الرجل أن يقول : إنه لا يجوز إطلاق الكفر على هؤلاء وهم يقولون : " إن الله ثالث ثلاثة " ، وقد كفرهم خالقهم عز وجل ؟ وكيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وهم يقولون : " إن المسيح ابن الله " ، ويقولون : " يد الله مغلولة " ، ويقولون : " إن الله فقير ونحن أغنياء " ؟!

كيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وأن يطلق كلمة الكفر عليهم وهم يصفون ربهم بهذه الأوصاف السيئة التي كلها عيب ، وشتم ، وسب ؟! .

وإني أدعو هذا الرجل ، أدعوه : أن يتوب إلى الله عز وجل ، وأن يقرأ قول الله تعالى : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) وألا يداهن هؤلاء في كفرهم ، وأن يبين لكل أحد أن هؤلاء كفار

وأنهم من أصحاب النار ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة - أي : أمة الدعوة - ثم لا يتبع ما جئت به - أو قال : لا يؤمن بما جئت به - إلا كان من أصحاب النار ) .

فعلى هذا القائل أن يتوب إلى ربه من هذا القول العظيم الفرية ، وأن يعلن إعلاناً صريحاً بأن هؤلاء كفرة ، وأنهم من أصحاب النار

وأن الواجب عليهم أن يتبعوا النبي الأمي محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، فإنه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) ...

وإني أقول : إن كل مَن زعم أن في الأرض ديناً يقبله الله سوى دين الإسلام : فإنه كافر ، لا شك في كفره ؛ لأن الله عز وجل يقول في كتابه : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ، ويقول عز وجل : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .

وعلى هذا - وأكررها مرة ثالثة - : على هذا القائل أن يتوب إلى الله عز وجل ، وأن يبين للناس جميعاً أن هؤلاء اليهود والنصارى كفار ؛ لأن الحجة قد قامت عليهم ، وبلغتهم الرسالة ، ولكنهم كفروا عناداً ... وهذا أمر لا إشكال فيه ، والله المستعان .

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / جواب السؤال رقم : 386 ) باختصار .

ثانياً:

وأما قوله : إن الحديث ينبغي رده إذا كان مخالفاً للمنطق : فهي دعوى فارغة ، لا تستحق الالتفات لها ، فمنطق من نعرض عليه الحديث ؟ هؤلاء الذين تزوج منهم ، وصادقهم

ومن لم يكفرهم : من منطقهم : الشذوذ ، والربا ، والزنا ، وشرب الخمر ، وعبادة الدولار ، فأي حديث شريف فيه تحريم الربا ، وتحريم الخمر ، وحرمة البيع على البيع ، وحرمة كسب الحرام ، وحرمة الاختلاط ، والنظر إلى المحرمات : أي شيء من ذلك سيقبلونه ؟

أو من منطق من تأثر ببلاد الكفر وما يراه فيها ، أو منطق أهل البدع والضلال ، أو منطق من ؟!

وإذا كان الرجل يعجبه كلام أهل العقول ، فنذكر له هنا نصا مهما ، ليس لأحد أئمة أهل الحديث ، بل لأحد أصحاب المنهج العقلي ، وهو الفيلسوف المعروف : أبو الحسن العامري (ت: 381هـ) ، يقول :

" وليس يُشَك أن أصحاب الحديث هم المعنيّون بمعرفة التواريخ العائدة بالمنافع والمضار ، وهم العارفون لرجال السلف بأنسابهم وأماكنهم ، ومقادير أعمارهم

ومن اختلف إليهم وأخذ العلم عنهم . بل هم المتحققون لما يصِحّ من الأحاديث الدينية وما يسْقَم ، وما يقوى منها وما يضعف ؛ بل هم المتجشمون للحِلّ والترحال في أقاصي البلدان وأدانيها

ليأخذوا عن الثقات سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هم المجتهدون أن يصيروا نُقَّاد الآثار ، وجهابذة الأخبار ، فيعرفوا الموقوف منها والمرفوع ، والمسند والمرسل ، والمتصل والمنقطع ، والنسيب والمُلْصق ، والمشهور والمدلس ، وأن يصونوا صناعتهم صيانة لو رام أحد أن يفتعل حديثا مُزَوَّرا

أو يغير إسنادا ، أو يحرف متنا ، أو يروج فيها ما روج في الأخبار الأدبية ، كالفتوح والسير والأسمار والوقائع : للحقه من جماعتهم أعنف النكير .

وإذا كان هذا سعيهم ، وعليه مدار أمرهم : فمن الواجب أن نعتقد لهم فيما أكَّدوا من العناية أعظم الحق ، وأوفر الشكر ، وأتم الإحماد ، وأبلغ التقريط " . انتهى .

الإعلام بمناقب الإسلام ، لأبي الحسن العامري (113) .

لكن إذا كان الرجل يشك في كفر اليهود والنصارى ، ويجادل عنهم ؛ فأي شيء تنتظر منه بعد ذلك ؟!

لكن ، لأن هذا الرجل مقيم في بلاد الكفر ، ونخشى أن يكون قد وقر في قلبه شيء من الشبهة في كفر هؤلاء ، أو ألقى عليه بعض أهل الضلالة شيئا من بدعهم وضلالالتهم ، لا سيما وقد وجدنا منذ سنوات من يتكلم بذلك الضلال

: فبيِّن له ما ذكرناه لك ، وذكر بما زعم أنه عارف به من نصوص القرآن والسنة ، واعرض عليه نصوص أهل العلم على ذلك : فإن أبى وأصر على موقفه ، فليس هذا بمسلم أصلا ، فضلا عن أن يكون إماما .

والذي ننصحك به ، على كل حال : ألا تصلي خلفه مثل هذا الرجل ، جمعة ولا جماعة ، ولا فرضا ولا نفلا ؛ وابحث لك عن مكان آخر ، إمامه سالم من تلك الضلالات .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

روضة الكتب
2018-07-21, 17:31
بارك الله فيك على هذه الفوائد الجليلة

*عبدالرحمن*
2018-07-22, 17:28
بارك الله فيك على هذه الفوائد الجليلة


الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني تواجدك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-07-25, 05:12
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم قول : "فلان ربنا افتكره" عمن توفاه الله

السؤال :

ما حكم قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريباً قال : "فلان ربنا افتكره" ؟

الجواب :

الحمد لله

"إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر

لأنه يقتضي أن الله عز وجل ينسى ، والله سبحانه وتعالى لا ينسى

كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لما سأله فرعون :

(قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى) طه/51 ، 52.

فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر .

وأما إذا كان جاهلاً ولا يدري ويريد بقوله

: "أن الله افتكره" يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر ، لكن يجب أن يُطهر لسانه عن هذا الكلام

لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين عز وجل ويجيب بقوله : "توفاه الله أو نحو ذلك" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (صـ 750) .

*عبدالرحمن*
2018-07-25, 05:16
حكم القول بأن المادة لا تفنى ولم تخلق من عدم

السؤال :

ما حكم القول أن "المادة لا تفنى ولا تزول ولم تخلق من عدم" ؟

الجواب :

الحمد لله

"القول بأن المادة لا تفنى وأنها لم تخلق من عدم كفر

لا يمكن أن يقوله مؤمن

فكل شيء في السماوات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم

كما قال الله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) الزمر/62 ، وليس هناك شيء أزلي أبدي سوى الله .

وأما كونها لا تفنى فإن عَنَى بذلك أن كل شيء لا يفنى لذاته فهذا أيضاً خطأ وليس بصواب

لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء ، وإن أراد به أن من المخلوقات ما لا يفنى ، بإرادة الله فهذا حق ، فالجنة لا تفنى ، وما فيها من نعيم لا يفنى ، وأهل الجنة لا يفنون ، وأهل النار لا يفنون .

لكن هذه الكلمة المطلقة "المادة ليس لها أصل في الوجود ، وليس لها أصل في البقاء" هذه على إطلاقها كلمة إلحادية ، فنقول : المادة مخلوقة من عدم

فكل شيء سوى الله فالأصل فيه هو العدم .

وأما مسألة الفناء فقد تقدم التفصيل فيها . والله الموفق" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (صـ 719) .

*عبدالرحمن*
2018-07-25, 05:19
هل يجوز ذكر لفظ الفاسق في بعض المنتديات على من اشتهر بالفسق والمجون

السؤال:

أنا أشرف على بعض المنتديات .. وتمر علي أحياناً بعض المواضيع أو المشاركات التي يكون فيها إساءة لبعض الأشخاص علناً ، ممن اشتهروا بالفسق والمعاصي حيث يطلق عليهم لقب الفاسق أو المجرم أو الخبيث أو نحو ذلك

.. فما رأيكم حول هذه الكلمات هل ندعها بحجة أنهم هم من أهل الفسق وأنهم هم من جاهروا بمعاصيهم وجعلوا أنفسهم عرضة للتحدث عنهم أم أحذف هذه الكلمات وليس علي إثم في حذفها ؟؟

أفتونا بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين ..

الجواب :

الحمد لله

أولا :

إذا كان هذا الشخص المشار إليه ، أو غيره ، متعالنا بفسقه وفجوره ، كأهل الرقص والمجون

ودعاة السوء : فهذا لا حرمة له في ذلك ، ويجوز ذكر ذلك عنه

إذا كان في ذكره مصلحة شرعية ، من تحذير للناس من فعله ، ونهيهم عن سبيله ، ونحو ذلك من المصالح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا غيبة لفاسق : فليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال : أترغبون عن ذكر الفاجر ؛ اذكروه بما فيه يحذره الناس ...

وهذا النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء :

أحدهما : أن يكون الرجل مظهر للفجور ، مثل الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة ؛ فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه بحسب القدرة ، ويهجر ويذكر ما فعله

ويذم على ذلك ، ولا يرد عليه السلام إذا أمكن من غير مفسدة راجحة . وينبغي لأهل الخير أن يهجروه حيا إذا كان في ذلك كف لأمثاله ، ولا يشيعوا جنازته .

وكل من عَلم ذلك منه ولم ينكر عليه فهو عاص لله ورسوله .

فهذا معنى قولهم : من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له .

بخلاف من كان مستترا بذنبه مستخفيا : فإن هذا يستر عليه ، لكن ينصح سرا .

النوع الثاني : أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده [ يعني : جعله شاهدا على عقد ونحوه ] ، ويعلم أنه لا يصلح لذلك : فينصح مستثيره ببيان حاله ؛

فهو كما قال الحسن : اذكروه بما فيه يحذره الناس ؛ فإن النصح في الدين من أعظم النصح في الدنيا "

انتهى . "مختصر الفتاوى المصرية" (503) .

ثانيا :

إذا جازت غيبة الفاسق المتعالن بفسقه ، أو ترجحت لمصلحة شرعية ، فإن الواجب ألا يتجاوز ذلك حدود ما تهتك فيه من المعاصي ؛ فلا يجوز أن يحمل عليه

ظلما وبهتانا ـ ما لم يتحقق القائل أنه فعله من المعاصي ، ولا يجوز أن يذكر عنه ما استتر به بينه وبين ربه .

قال المناوي رحمه الله :

" (اذكروا الفاجر) الفاسق (بما فيه) : من الفجور ، وهتك ستر الديانة ؛ فذكره بذلك من النصيحة الواجبة لئلا يغتر به مسلم فيقتدي به في فعلته ، أو يضله في بدعته ، أو يسترسل له فيؤذيه بخدعته .

وبيَّن قولُه : ( بما فيه ) : أنه لا يجوز ذكره بغير ما فيه ، ولا بما لا يعلن به .

قال ابن عون : دخلت على ابن سيرين فذكرت الحجاج ؛ أي : بما لم يتظاهر به . فقال : إن الله ينتقم للحجاج ، كما ينتقم منه ؛ وإنك إذا لقيت الله غدا كان أصغر ذنب أصبتَه أشدَّ عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج !!

وأشار بقوله : ( يحذره ) : أي لكي يحذره الناس ، إلى أن مشروعية ذكره بذلك مشروطة بقصد الاحتساب ، وإرادة النصيحة ؛ دفعا للاغترار ونحوه مما ذكر

فمن ذكر واحدا من هذا الصنف تشفيا لغيظه أو انتقاما لنفسه أو احتقارا أو ازدراء ونحو ذلك من الحظوظ النفسانية فهو آثم ، كما ذكره الغزالي ثم السبكي فيما نقله عنه ولده " انتهى .

"فيض القدير" (1/151) .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" هل يجوز غيبة تارك الصلاة ؟ " .

فأجاب :

" الحمد لله

إذا قيل عنه إنه تاركُ للصلاة ، وكان تاركَها : فهذا جائز . ويَنبغي أن يُشاعَ ذلك عنه ويُهْجَر حتى يُصلي ، وأمَّا مع القدرة فيجِبُ أن يُستَتابَ ، فإن تابَ وإلا قُتِل " .

"جامع المسائل" (4/122) .

على أنه متى تردد القائل أو الناشر في حصول المصلحة الشرعية الراجحة من وراء ذلك : فالواجب عليه إيثار السلامة ، وتغليب حرمة المسلم على ذكر قول لا يتيقن من نفعه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-25, 05:24
حكم الشتم في السر

السؤال:

هل يجوز أن أشتم أحدا ، ولكن أشتم في قلبي وفي السر ، لا أحد يعلم أني شتمت فلانا

مثلا أن أقول في نفسي يا فلان يا ... لماذا فعلت بي كذا . وهل أنا آثم ؟

الجواب :

الحمد لله

السب والشتم إما أن يكون بوجه حق ، أو بغير وجه حق :

أولا :

إن كان بحق : كأن يقع على المسلم ظُلمٌ ظاهر ، وأذى بالغ لا يمتري فيه أحد : فليس على مَن دفع عن نفسه الظلم والعدوان بالسب والشتم مِن حرج ، سرا كان الشتم أو جهرا ، من غير اعتداء ولا تجاوز ، وإن كان الأولى والأفضل ألا يفعل ذلك .

يقول الله تعالى :

( لَاْ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا ) النساء/148

يقول السعدي رحمه الله :

" يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول ، أي : يبغض ذلك ، ويمقته ، ويعاقب عليه ، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن : كالشتم ، والقذف ، والسب ونحو ذلك ، فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله .

ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول : كالذكر ، والكلام الطيب الليِّن .

وقوله : ( إِلا مَن ظُلِمَ ) أي : فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه ، ويجهر بالسوء لمن جهر له به ، من غير أن يكذب عليه ، ولا يزيد على مظلمته ، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه

ومع ذلك فعفوه وعدم مقابلته أولى ، كما قال تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )" انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن " (ص/212) .

وقال تعالى :

( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيْلٍ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَىْ الّذِيْنَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِيْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ ، أُوْلئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/ 41-42

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ، مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ ) رواه مسلم (2587)

وخير ما دعا به المظلوم على الظالم ، هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابرٍ رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الَّلهُمّ أَصْلِحْ لِيْ سَمْعِي وَبَصَرِيْ ، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَيْنِ مِنّي ، وَانصُرنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي )

رواه البخاري في الأدب المفرد (1/226)

وصححه الألباني ، وانظر الدعاء للطبراني (1/421 ، 426)

يقول الخطيب الشربيني رحمه الله :

" إذا سب إنسانٌ إنسانا جاز للمسبوب أن يسب الساب بقدر ما سبه ، لقوله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ، ولا يجوز أن يسب أباه ولا أمه ، وروي أن زينب لما سبت عائشة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم –

كما في سنن ابن ماجة وصححه الألباني - : ( دونك فانتصري ) فأقبلت عليها حتى يبس ريقها في فيها ، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم . وإنما يجوز السب بما ليس كذبا ولا قذفا

كقوله : يا ظالم ، يا أحمق ، لأن أحدا لا يكاد ينفك عن ذلك ، وإذا انتصر بسبه فقد استوفى ظلامته ، وبرئ الأول من حقه ، وبقي عليه إثم الابتداء ، أو الإثم لحق الله تعالى " انتهى.

" مغني المحتاج " (4/157)

والأولى والأكمل والأفضل هو العفو والصفح والتجاوز ، لعل الله أن يتجاوز عنا يوم القيامة ، فالجزاء من جنس العمل .

يقول الله عز وجل :

( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى/40

وقال صلى الله عليه وسلم :

( يَا عُقبَةَ بنَ عَامِر : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَاعْفُ عَمَّن ظَلَمَكَ )

رواه أحمد (4/158) وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة/891)

وعنْ عائشة رضي الله عنْها قالت :

( سُرِقَتْ مِلْحفةٌ لَهَا ، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَن سَرَقَهَا ، فَجَعَلَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ : لَاْ تُسَبِّخِي عَنْهُ ) قال أبو داود : لا تسبخي : أي : لا تخففي عنه .

رواه أبو داود برقم (1497

وصححه الألباني في (صحيح الترغيب/2468)

كما جاء من الآثار عن التابعين ما يدلّ على فضيلة العفو والصفح في الدنيا :

قال الهيثم بن معاوية :

" من ظُلِمَ فلمْ ينتصرْ بيدٍ ولا لسانٍ ، ولم يحقدْ بقلبٍ ، فذاك يضيء نوره في الناس " انتهى.

رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/264)

ثانيا :

أما إن وقع السب والشتم بغير وجه حق ، وإنما كرها شخصيا أو بغضا يدفع إليه الحسد ، أو استقباح الهيئة أو النسب أو التصرف أو غير ذلك مما يقع بسببه الناسُ في السب والشتم :

فذلك من المحرمات الظاهرة ، ومن سقطات اللسان التي تأكل الحسنات ، وتأتي بالسيئات ، سواء كان في السر أو في العلن .

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ )

رواه البخاري (رقم/48)، ومسلم (64)

وعنه أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ )

رواه الترمذي (1977) وقال : حسن غريب .

وصححه الألباني في صحيح الترمذي

يقول المباركفوري رحمه الله :

" قوله : ( ليس المؤمن ) أي : الكامل .

( بالطعان ) أي : عيَّاباً الناس .

( ولا اللعان ) ولعل اختيار صيغة المبالغة فيها لأن الكامل قل أن يخلو عن المنقصة بالكلية .

( ولا الفاحش ) أي : فاعل الفحش أو قائله . وفي " النهاية " :

أي : من له الفحش في كلامه وفعاله ، قيل :

أي : الشاتم ، والظاهر أن المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره .

( ولا البذيء ) قال القاري : هو الذي لا حياء له ." انتهى باختصار.

" تحفة الأحوذي " (6/111)

ثالثا :

فإذا وقع السب في القلب كحديث نفس ، ولم يقصده صاحبه ، ولم ينطق به ، إنما هي بعض الوساوس التي تراوده في شتم فلان وعلان ، ولكنه لا يمتثل لها ولا يعقد العزم عليها

فتلك أحاديث نفس وخواطر معفو عنها بإذن الله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ ) .

رواه البخاري ( 4968 ) ومسلم ( 127 ) .

على أنه يُخْشى من إضمار ذلك : أن يتحرك القلب بما استقر فيه ، رغبة فيه ، وحرصا عليه ، ومحبة له ، وهذا من أعمال القلب التي يؤاخذ العبد بمثلها .

قال القاسمي رحمه الله :

" وأما أثره ـ أي : الغضب ـ في القلب : فالحقد والحسد ، وإضمار السوء ، والشماتة بالمساءات ، والحزن بالسرور ، والعزم على إفشاء السر ، وهتك الستر ، والاستهزاء ، وغير ذلك من القبائح ؛ فهذه ثمرة الغضب المفرط "

انتهى من "تهذيب موعظة المؤمنين" (312) .

وقال الغزالي رحمه الله :

" اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول ؛ فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساويء الغير ، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن بأخيك . ولست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء

فأما الخواطر وحديث النفس فهو معفو عنه ... ، والظن عبارة عما تركن إليه النفس ، ويميل إليه القلب " . انتهى .

"إحياء علوم الدين" (3/150)

وانظر : الأذكار للنووي (344) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-25, 05:32
التحذير من أنشودة " نون نون "

السؤال

: تردد في الآونة الأخيرة أناشيد للأطفال ، بغض النظر عما تحويها من محاذير ، ولكن لفت انتباهي كلِمات تِلك الأنشودة التي تقول ( نون نون قلمٌ مِن وحيّ القُرآن, نون نون يكتُب لي شِعراً موزون ، شِعرا ينبِضُ بالإيمان....الخ)

فما حُكم تِلك الكلمات؟

هل الشعرُ هُنا عائِد على القُرءان؟

أم عائِد على القلم ؟ وجزاكم الله خيرا

الجواب :

الحمد لله

أولا :

سلَّى الله عز وجل نبيه عما يصيبه من أذى قومه ، وكفرهم به ، وتكذيبهم له ، فأقسم جل جلاله أنه على الحق ، وأن ما جاء به من الدين دين عظيم جليل ، لا مدخل فيه للسحر ولا للكهانة ولا للجنون ، على ما يقوله أعداؤه المجرمون .

قال الله تعالى : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) سورة القلم/1-4 .

وأشهر ما قيل في تفسير ( ن ) أنها حرف من حروف الهجاء ، كالمعهود في نظائرها في بقية السور ، مثل ( ق ) ، ( ص ) ونحو ذلك .

وقيل : هي الدواة التي يستمد منها القلم حبره .

وقيل : إنها الحوت الذي تحت الأرض السابعة . وقيل غير ذلك .

وأما القلم ، فهو القلم ، لكن اختلف أهل العلم هل المقصود به عامة الأقلام التي يعهدها الناس ، ويكتبون بها ، أو المقصود به قلم معين ، وهو الذي خلقه الله تعالى أول الخلق ، وأمره بكتابة ما هو كائن في اللوح المحفوظ .

ينظر : "تفسير الطبري" (23/523-527) ، تفسير ابن جزي (2438) .

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" يقسم تعالى بالقلم ، وهو اسم جنس شامل للأقلام التي تكتب بها أنواع العلوم ، ويسطر بها المنثور والمنظوم ، وذلك أن القلم وما يسطرون به من أنواع الكلام : من آيات الله العظيمة

التي تستحق أن يقسم الله بها على براءة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون ، فنفى عنه الجنون بنعمة ربه عليه وإحسانه ، حيث من عليه بالعقل الكامل ، والرأي الجزل

والكلام الفصل ، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام ، وسطره الأنام ، وهذا هو السعادة في الدنيا . ثم ذكر سعادته في الآخرة فقال : { وَإِنَّ لَكَ لأجْرًا } أي : عظيمًا ، كما يفيده التنكير{ غير ممنون }

أي: غير مقطوع ، بل هو دائم مستمر ، وذلك لما أسلفه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة والأخلاق الكاملة " . انتهى .

"تفسير السعدي" (879) .

ثانيا :

ما جاء في الأنشودة المشار إليها من قولهم ( نون قلم من وحي ) غير صحيح ، فلم يقل أحد إن ( نون ) هي القلم ، بل الآية عطفتهما عطف مغايرة ( ن والقلم ) فنون غير القلم .

وقولهم ( .. من وحي القرآن ) باطل ، بل كذب وعدوان ؛ فإن هذا القلم الذي يتغنون به ليس من وحي القرآن ، بل الذي من وحي القرآن هو سورة القلم

على ما أنزلها الله جل جلاله ، وأما أن يقول القائل كلاما من عنده ، ثم يزعم أن ذلك من وحي القرآن ، فهذا من أعظم الباطل والعدوان ، والكذب على كتاب الله جل جلاله

وإن كان يغلب على الظن جهل المؤلف لذلك ، والقائل له ، وإنما جرهم إلى ذلك سجع الكهان الذي تكلفوه ، كما كان يتكلفه مسيلمة الكذاب ، ونحوه من الكهان والدجاجلة .

ثم إن القلم الذي هو من وحي القرآن لا يكتب شعرا موزونا ، بل وحي القرآن شيء ، والشعر شيء آخر . قال الله تعالى : ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ )

فنزه الله تعالى نبيه عن قول الشعر ، ونزه كتابه وكلامه عن أن يكون شعرا ، وإنما هو قرآن مبين .

وأيا ما كان مراد القائل من قوله ( شعرا ) هل يعود على القرآن ، وهو مستبعد جدا

لا يقوله مسلم ، أو يعود على القلم ، فقد أوقعه في الحرج زعمه أن هذا القلم هو من وحي القرآن ، وهو قول باطل ، معنى وواقعا .

والواجب على كل قائل ، من شاعر وغيره ، أن يتخير لنفسه من الكلام الحسن ما فيه متسع لقوله ، دون أن يوقع نفسه في حرج شرعي ، أو يتكلف سجع الكهان ، أو يقع في محاكاة القرآن ، ونحو ذلك من الأخطاء .

والواجب الحذر من هذه الأنشودة ونحوها ، ومناصحة من يتغنى بها ، أو يستمع إليها .

و الله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-27, 05:44
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

يحتج بالقدر عند المعصية ويقول : " الله غالب "

السؤال:

في بلدنا كثيرا ما نقول كلمة "الله غالب" ، وقد يكون ذلك في سياق الاحتجاج على عدم فعل أمر ما ، فمثلا تقول لشخص لماذا لم تفعل كذا وكذا ؟

فيجيب الله غالب ، تقول لماذا لم توف بعهدك ؟

فيجيب الله غالب ، فما حكم هذه الكلمة ؟ خاصة في ذلك السياق ؟

الجواب :

الحمد لله

يقول الله عز وجل : ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف / 21

قال ابن كثير :

" أي إذا أراد شيئا فلا يُرَد ولا يمانع ولا يخالف ، بل هو الغالب لما سواه .

قال سعيد بن جبير : أي : فعال لما يشاء " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (4 / 378) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي : أمره تعالى نافذ ، لا يبطله مبطل ، ولا يغلبه مغالب ، ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) فلذلك يجري منهم ، ويصدر ما يصدر ، في مغالبة أحكام الله القدرية ، وهم أعجز وأضعف من ذلك " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 395) .

وهذا كقوله تعالى : ( وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ) الأنعام/ 18 ، ونحو ذلك .

فقول القائل : " الله غالب " متى قصد به وصف الله بالغلبة والقدرة ، والعزة والقهر ، فقد وصف الله بما هو أهله .

أما إن قصد به الاحتجاج لنفسه عند التقصير أو العصيان فهو من الاحتجاج بالقدر ، والقدر إنما يحتج به على المصائب لا المعائب .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" الْقَدَرَ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (1 /155) .

وقال أيضا :

" وَلَمَا كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ بَاطِلًا فِي فِطَرِ الْخَلْقِ وَعُقُولِهِمْ : لَمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ ، وَلَا هُوَ مَذْهَبُ أَحَدٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَطْرُدُونَ قَوْلَهُمْ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةُ أَحَدٍ لَا فِي دُنْيَاهُ وَلَا آخِرَتِهِ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (1 / 167) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله :

" كل عاقل لا يقبل الاحتجاج بالقدر ، ولو سلكه في حالة من أحواله لم يثبت عليها قدمه .

وأما شرعا ، فإن اللّه تعالى أبطل الاحتجاج به ، ولم يذكره عن غير المشركين به المكذبين لرسله " انتهى .

"تفسير السعدي" (1 / 763) .

وقد روى مسلم (2664)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" فأمره إذا أصابته المصائب أن ينظر إلى القدر ولا يتحسر على الماضي ، بل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فالنظر إلى القدر عند المصائب والاستغفار عند المعائب " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (8/ 77) .

وقال أيضا :

" فإن الإنسان ليس مأمورا أن ينظر إلى القدر عند ما يؤمر به من الأفعال ، ولكن عند ما يجرى عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها ، فما أصابك بفعل الآدميين أو بغير فعلهم اصبر عليه ، وارض وسلم " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (8/ 178) .

ويقال لهذا القائل : كما أن الله " غالب على أمره " ، فالله تعالى حكم قسط ، له الخلق والأمر ، وقد أمرنا بالطاعة ، ونهانا عن المعصية ؛ فالنظر إلى قدره ، والاحتجاج به لإبطال شرعه ، إنما هو من فعل المشركين ، كما حكى الله تعالى عنهم ذلك

فقال الله تعالى : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ) الأعراف/28-29 .

والله أعلم .

>>>>>>>

هل الإنسان مسير أو مخير

السؤال

هل قدرنا مكتوب ؟

البعض يقول بأنه لدينا الخيار في الطريق الذي نسلكه ولكن الذي سوف تجد في نهاية هذا الطريق هو ما قد قدره الله لك ، وقد قرأت أيضاً أن القدر ربما خلقه الجهم بن صفوان وليس الله .

أين يمكن أن أجد معلومات في القرآن ؟

إذا كانت الأقدار قد قُدرت فكم النسبة منها قد قدره الله ؟

هل صحيح أنه معلوم اليوم الذي ولد فيه الشخص الذي سيتزوجني ومتى وأين سيموت ؟

ماذا لو قابلت الشخص الذي من المفترض أن أتزوجه ولكن بطريقة ما اخترت الطريق الخطأ فهل سيعود لطريقي مرة أخرى أم أن هذا سيكون قدري وأن هذا عقابي فلن أحصل على هذا الرجل مرة أخرى في حياتي ؟.

الجواب :

الحمد لله

الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل عليه السلام حين سأل عن الإيمان : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".

والمراد بالقدر : تقدير الله تعالى للأشياء في القَدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده ، وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها

. [ القضاء والقدر للدكتور عبد الرحمن المحمود ص 39 ] .

فالإيمان بالقدر يقوم على الإيمان بأربعة أمور :

الأول : العلم : أي أن الله علم ما الخلق عاملون ، بعلمه القديم .

الثاني : الكتابة : أي أن الله كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ .

الثالث : المشيئة : أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه .

الرابع : الخلق والتكوين : أي أن الله خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد ، فهم يعملونها حقيقة ، وهو خالقهم وخالق أفعالهم .

فمن آمن بهذه الأمور الأربعة فقد آمن بالقدر.

وقد قرر القرآن هذه الأمور في آيات عدة

منها قوله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الأنعام / 59

وقوله : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 وقوله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/

29 وقوله : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر / 49

وروى مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال : وعرشه على الماء ".

وبهذا يتبين لك أن القول بأن القدر خلقه الجهم بن صفوان ، قول لا أساس له من الصحة ، والقدر لا يُخلق ، بل الخلق داخل في الإيمان بالقدر. والجهم إنما غلا في إثبات القدر ، وزعم أن الناس مجبورون على أفعالهم لا اختيار لهم وهو قول باطل .

والذي عليه أهل السنة والجماعة أن العبد له مشيئة واختيار ، ولهذا يثاب ويعاقب ، ولكن مشيئته تابعة لمشيئة الله تعالى ، فلا يقع في الكون شئ لا يريده الله.

فما قاله البعض من أن لدينا الخيار في الطريق الذي نسلكه ولكن الذي سوف تجده في نهاية هذا الطريق قد قدره الله لك، قول صحيح . قال الله تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) الانسان / 3 , وقال : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) البلد / 10

وقال : )وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر ) الكهف / 29

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبينا مذهب أهل السنة في أفعال العباد : ( والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق أفعالهم. والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم. وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة

والله خالق قدرتهم وإرادتهم ، كما قال تعالى " لمن شاء منكم أن يستقيم. وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" ) [الواسطية مع شرح هراس ص 65].

والزواج من جملة ما قدره الله تعالى ، والشخص الذي سيتزوجك ، قد علم الله من هو ، ومتى ولد وأين ومتى سيموت ، وكيف سيكون حاله معك ، إلى غير ذلك من التفاصيل ، كل ذلك قد علمه الله وكتبه في اللوح المحفوظ ، وهو واقع لا محالة كما قدر الله.

وإذا قدر الله لك الزواج من شخص ، لكنك اخترت غيره ، فإنك مهما طال الزمن ستتزوجين من ذلك الشخص ، وزواجك من غيره مقدر عليك أيضا، فليس شئ إلا بتقدير الله تعالى. فقد يكون مقدرا لامرأة أن تتزوج من فلان بن فلان

فيتقدم لها فتأباه ، وترفضه ، وتتزوج من غيره ، فيموت عنها أو يطلقها ، ثم تقبل بالأول ، وكل ذلك مقدر . مقدر لها أن تتزوج بفلان بن فلان بعد رفضه أو بعد تجربة أو محنة أو غير ذلك.

وقد يقدر للمرأة أن رجلا صالحا يتقدم لها ، فترفضه ، فلا يعود لها أبدا ، بل تتزوج وتعيش مع غيره ممن هو أكثر أو أقل صلاحاً ، على ما قدره الله تعالى لها .

ولما كان الإنسان لا يدري ما قدر له ، كان سبيله أن يلتزم الشرع ، وأن يتقيد بالأمر والنهي ، وأن يستعين بالله تعالى ويستخيره في كل أمر مع ما يبذله من الأسباب الحسية والتي من أهمها استشارية أهل النصح ممن لهم خبرة .

فمتى ما تقدم الرجل الصالح لخطبة امرأة ، كان عليها أن تستخير الله تعالى ، وأن تقبل الزواج منه ، فإن تيسرت الأمور وسُهُلت ، كان هذا دليلا على أن الخير لها في الارتباط به.

والخلاصة

أن على الإنسان أن ينظر في شرع الله تعالى ويطبق أمر الله وإن كرهت نفسه ؛ ويترك ما نهى عنه ولو تعلقت به نفسه ، فإن الخير كله في امتثال الشرع

قال الله :تعالي ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216

ولا ينظر إلى القدر من يحتج به على ترك الأوامر وفعل المحرمات وإنما ينظر إليه نظر الرضا بما قد لا يكون موافقاً لما يحبه من الأقدار المؤلمة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-27, 05:52
الحكم على مقولة: (الله بالعين ما شفناه وبالعقل عرفناه)

لسؤال :

ما حكم قول : (الله ما شفناه بالعقل عرفناه) ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه الكلمة تحتوي على مسألتين : الأولى حق ، لا ريب فيها ، والثانية : فيها جزء من الحقيقة ، وليست الحقيقة كاملة .

وبيان ذلك :

1. أما المسألة الأولى : فهي قولهم "الله ما شفناه" –

أي : ما رأيناه - : فهذا حق

: لأنه من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله لا يراه أحد في الدنيا

وإنما تكون رؤيته في الآخرة ، بعد الموت

ففي صحيح مسلم (7540) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

ولهذا اتفق سلف الأمة ، وأئمتها ، على أن الله يُرى في الآخرة ، وأنه لا يَراه أحدٌ في الدنيا بعينه .

"مجموع الفتاوى" (2/230) .

2. وأما المسألة الثانية : وهي قولهم " بالعقل عرفناه " :

فهي تمثِّل جزء من الحقيقة

لأن دلائل معرفة الله متنوعة ، منها الفطرية ، والعقلية ، والشرعية ، والحسية .

فوجود الله تعالى معروف بالعقل .

ومن الأدلة العقلية التي يستند عليها العلماء في إثبات وجود الله تعالى : أن كل سبب لا بد له من مسبِّب , وكل محدَث - بالفتح - لا بد له من محدِث - بالكسر - ، وهذا دليل عقلي .

وقد أمر الله تعالى بالتفكر في خلق السماء ، والأرض , وهذا التفكر إنما يتم بالعقل

قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185

وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) الروم/8 .

ومن ذلك قول الأعرابي : البعرة تدل على البعير ، وآثار السير تدل على المسير ، فأرض ذات فجاج ، وسماء ذات أبراج : ألا تدل على اللطيف الخبير ؟! .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

أما إثبات الصانع : فطرُقه لا تحصى بل الذي عليه جمهور العلماء أن الإقرار بالصانع فطري ، ضروري ، مغروز في الجِبِلَّة ، ولهذا كانت دعوة عامَّة الرسل إلى عبادة الله وحده لا شريك له

وكان عامَّة الأمَّة مقرين بالصانع ، مع إشراكهم به بعبادة ما دونه ، والذين أظهروا إنكار الصانع - كفرعون - خاطبتهم الرسل خطاب مَن يعرف أنه حق ، كقول موسى لفرعون (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ)
الإسراء/102

ولما قال فرعون : (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) الشعراء/23

قال له موسى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) الشعراء/24 – 28 .

"منهاج السنة" (2/270) .

وكون الله تعالى موصوفاً بكل كمال ، ومنزهاً عن كل نقص معروف أيضاً بالعقل .

ولكن هذه المعرفة معرفة إجمالية , وأما المعرفة التفصيلية : فلا تتم إلا بالشرع ، فبه تُعرف أسماؤه تعالى الحسنى ، وصفاته العلى .

وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البرَّاك حفظه الله :

ما مدى جواز قول القائل : " عرفْنا ربَّنا بالعقل تفصيلاً " ؟ وجزاكم الله خيراً .

فأجاب :

" الحمد لله ، وبعد :

لقد فطر الله عباده على معرفته ، فإن الإنسان بفطرته يَعلم أن كل مخلوق لا بد له من خالق ، وأن المُحدَث لا بد له من مُحدِث ، وقد ذكر الله الأدلة الكونية من آيات السماوات والأرض على وجوده

وقدرته ، وعلمه ، وحكمته ، ولهذا يذكِّر الله عباده بهذه الآيات ، وينكر على المشركين إعراضهم عنها

قال تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) يوسف/ 105 .

وهذه المعرفة الحاصلة بالآيات الكونية هي من معرفة العقل ، فتحصل بالنظر ، والتفكُّر

ولهذا يقول تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185

ويقول تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) الروم/8 .

والآيات بهذا المعنى كثيرة ، ومع ذلك : فالمعرفة الحاصلة بالعقل هي معرفة إجمالية ؛ إذ الإنسان لا يعرف ربه بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، على وجه التفصيل إلا بما جاءت به الرسل ،

ونزلت به الكتب ، فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا بتعريف العباد بربهم ، بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، وبهذا يُعلم أن العقول عاجزة عن معرفة ما لله من الأسماء ، والصفات ، وما يجب له ، ويجوز عليه

على وجه التفصيل ، فطريق العلم بما لله من الأسماء ، والصفات تفصيلاً هو : ما جاءت به الرسل ، ومع ذلك فلا يحيط به العباد علماً مهما بلغوا من معرفة ، كما قال تعالى : (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) طه/110 ، وقال صلى الله

عليه وسلم : (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) أخرجه مسلم (486) .

وبهذا يتبين أن من طرق معرفة الله طريقين : العقل ، والسمع - وهو النقل - وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب ، والسنَّة ، وأن مِن أسمائه وصفاته ما يُعرف بالعقل والسمع ، ومنها ما لا يعرف إلا بالسمع .

وبهذه المناسبة : يحسُن التنبيه إلى أنه يجب تحكيم السمع - وهو الوحي - وجعل العقل تابعاً مهتدياً بهدى الله ، ومن الضلال المبين أن يعارَض النقل بالعقل ، كما صنع كثير من طوائف الضلاَّل ، من الفلاسفة ، والمتكلمين .

ووَفَّق الله أهل السنة والجماعة للاعتصام بكتابه ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، واقتفاء آثار السلف الصالح ، فحكّموا كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ووضعوا الأمور في مواضعها

وعرفوا فضيلة العقل ، فلم يعطلوا دلالته ، ولم يقدموه على نصوص الكتاب والسنَّة ، كما فعل الغالطون ، والمبطلون ، فهدى الله أهل السنة صراطه المستقيم

فنسأل الله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، وأن يعصمنا من طريق المغضوب عليهم ، والضالين .

والله أعلم .

من موقع الشيخ حفظه الله

أكرمنا الله ، وإياك برؤية الله سبحانه في دار القرار .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-27, 05:56
حكم إطلاق "سيدنا" على النبي صلى الله عليه وسلم والتسمي بأسماء الله

السؤال :

ما حكم إطلاق كلمة "سيدنا" على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء الصالحين؟

وحكم تسمية البشر بأسماء الله الحسنى مثل البصير والعزيز وغيرها؟

الجواب :

الحمد لله

إطلاق لفظ سيدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حق ، لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وهو سيد العباد والمرسلين

فإذا قال الرجل : سيدنا محمد ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد . فلا بأس بهذا ، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وسيد الخلق .

وإنما كره ذلك على الناس في حياته ؛ لأنه خاف عليهم الغلو . لما قالوا : أنت سيدنا قال : (السيد الله تبارك وتعالى) سداً للذريعة ؛ خاف عليهم أن يغلوا فيه عليه الصلاة والسلام ،

ولكن بعد أن توفي عليه الصلاة والسلام ، وأخبرنا أنه سيد ولد آدم فلا بأس أن تقول : سيدنا ، عليه الصلاة والسلام ، فهو خيرنا وسيدنا وإمامنا ، وهو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام .

أما بقية الناس فالأولى ألا يقال سيدنا ولا يخاطب بهذا ، لكن لو قيل : فلان سيدهم ، يعني رئيسهم . سيدهم فلان يعني أميرهم ، وشيخ قبيلتهم فلا بأس .

مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه الحسن : (إن ابني هذا سيد) وقال : (مَنْ سيد بني فلان؟) وقال للصحابة يوم جاء سعد بن معاذ ليحكم في بني قريظة : (قوموا إلى سيدكم) فهذا لا بأس به .

لكن لا يقول : يا سيدنا . بل تركه أولى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (السيد الله تبارك وتعالى) ، ولأن هذا يفضي إلى التكبر والغلو فيه إذا قيل له هكذا .

فالأولى أن يقول الناس : يا أخانا ، يا أبا فلان فهذا يكفي ، وأما إذا قيل على سبيل الإضافة : من سيد بني فلان ، هذا فلان سيد ؛ لأنه من بيت النبوة

أو لأنه فقيه ، أو عالم أو شريف في نفسه في أخلاقه وأعماله أو جواد كريم ـ فلا بأس ، لكن إذا خيف من إطلاق صفة سيد عليه أن يتكبر أو يتعاظم في نفسه يُترك ذلك .

ولا يقال هذا للكافر ولا المنافق ولا العاصي ؛ إنما يقال هذا للشيخ الكبير ، للفقيه العالم الرئيس المعروف بالإصلاح والخير والحلم والفضل والجود .

فإذا قيل لهؤلاء : سيد ، فلا بأس ، أما أن يخاطب : يا سيدنا فتركه أولى ، أما إذا كان الفاجر أو المنافق سيد قومه فلا بأس أن يُقال له : يا سيد بني فلان .

أما الشق الثاني من السؤال : فأسماء الرب تعالى قسمان :

قسم يجوز التسمية به ، وقسم لا يجوز ، لا يقال : خلاق ولا رزَّاق ، ولا رب العالمين ، ولكن مثل عزيز وبصير لا بأس ؛ فالله سمى بعض مخلوقاته كذلك : (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان/2 ، (قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) يوسف/51

مثل هذه الأشياء تطلق على المخلوق ، عزيز قومه ، كذا بصير بالأمور ، أو بصير بمعنى المبصر ، كذلك حكيم يعني المحكم فلا بأس بهذه الأشياء ؛ لأنها مشتركة وللمخلوق نصيبه منها .

والله له الأكمل منها سبحانه وتعالى ، لكن الأسماء المختصة بالله لا تطلق على غير الله ، لا يقال الله لابن آدم ، ولا الرحمن ولا الخلاق ، ولا الرزاق ولا خالق الخلق أو ما أشبهه مما يختص بالله سبحانه وتعالى" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

والله أعلم

"فتاوى نور على الدرب" (1/472) .

*عبدالرحمن*
2018-07-27, 05:59
حكم قول الإنسان: شوفتك ترد الروح

السؤال

: ما حكم قول : ردت الروح لي ... بحيث تقال في حال شرب ماء .. أو رؤية صديق,, لم يره منذ زمن..

. ويقول له : شوفتك ترد الروح ... ما حكم ذلك؟

الجواب :

الحمد لله

هذه العبارات الدارجة على ألسنة الناس لا يراد بها حقيقتها من أن الروح فارقت البدن ثم عادت إليه ، أو أن رؤية فلان من الناس تعيد الروح للميت ، وإنما مرادهم حصول الراحة والسرور بعد الألم والضيق ، حتى يكون الإنسان بعدها بمنزلة من عادت إليه الحياة .

والروح لا تفارق البدن إلا في حال الموت ويبقى لها به نوع من التعلق ، وتفارقه مفارقة جزئية حال النوم .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :

أحدها : تعلقها به في بطن الأم جنينا .

الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .

الثالث : تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .

الرابع : تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة ، وقد ذكرنا من الأحاديث والآثار ما يدل على ردّها إليه وقت سلام المسلِّم

وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .

الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد ، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ (هو) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .

… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت ، فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه

كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت ، فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة "

انتهى من "كتاب الروح" ص 44 .

والحاصل : أنه لا حرج في قول الإنسان : ردت الروح لي ، وما شابه ذلك على إرادة معنى صحيح كحصول الفرج والفرح والسرور ، بعد الشدة والألم والضيق .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-27, 06:04
قولهم: يسار ما تشناك (يعني : تسوؤك ) ويسارك يمينك

السؤال :

عندنا إن قدم لك أحدٌ شيئاَ بيده الشمال لسبب ما قال: (يسار ما تشناك) يعني : تسوؤك ، فيرد عليه بـ (يسارك يمينك) ولا نقصد بذلك مشابهة الله عز وجل في أن كلتا يديه يمين ، ولكن من باب أنه لا يضير أن تأخذ ممن قال لك هذه المقولة بشماله أو يمينه

فهل هذا اللفظ صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله

جاء النهي عن الأخذ والإعطاء بالشمال

فيما رواه ابن ماجه (3266)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

وروى مسلم (2020)

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ ، وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا) . وَكَانَ نَافِعٌ يَزِيدُ فِيهَا : (وَلَا يَأْخُذُ بِهَا ، وَلَا يُعْطِي بِهَا) .

قال الشوكاني رحمه الله في "نيل الأوطار" (8/183)

: " قوله : (لا يأكل أحدكم بشماله) فيه : النهي عن الأكل والشرب بشماله , والنهي حقيقة في التحريم كما تقرر في الأصول , ولا يكون مجرد الكراهة فقط إلا مجازا مع قيام صارف . قال النووي : وهذا إذا لم يكن عذر

فإن كان عذر يمنع الأكل أو الشرب باليمين من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال " انتهى .

وعليه ؛ فإن قدم أحد شيئا بشماله لعذر فلا شيء عليه ، وقوله حينئذ : يسار ما تشناك ، أي ما تشنؤك ، من الشناءة وهي البغض ، لعل صوابه أن يقول : يمين ما تشناك ، أي أن اليمين معذورة في عدم التقديم بها

وليس بها من شناءة لك . أو يكون المراد : أن الشمال أيضاً تحبك ولها نصيب من خدمتك .

وقول الآخذ : يسارك يمينك ، يقصد أنه لا يضرك بأيهما أعطيت ، إن كان مع وجود العذر فلا شيء فيه

وإن كان مع انتفاء العذر كان قولا خاطئا مصادما للشرع ؛ لأن الشمال ليست كاليمين ، بل يُنهى عن الإعطاء بها كما تقدم .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: ما حكم قول الرجل لأخيه : يسارك يمين . إذا هو لم يستطع أن يعطيه شيئاً بيده اليمنى فيعطيه بيده اليسرى ويقول له : يسارك ما تشناك . ونحن نعلم أنه لا يوجد أحد يساره يمين إلا الله عز وجل؟

فأجاب : "على كل حال هذا حسب نية القائل ، إذا قال : يسارك يمين . بمعنى أنها تكون عوضاً عن اليمين عند العجز فلا بأس ، ولا أظن أحداً يريد أن يشبه المخلوق بالخالق في هذه المسألة . وأما يسارك ما تشناك ، فأنا لا أعرف ما معناها .

السائل : يا شيخ ! معروف هذا ، ومثال ذلك : شخص أعطى آخر شيئاً باليسار فلئلا يأخذ الآخر في نفسه يقول : شمال ما تشنأك . أي : ما تشنؤك، من الشنآن وهو البغض ، فيجيب الآخذ : يسارك يمين!

الشيخ : أولاً هذه ما سمعناها ، ما هي موجودة في مجتمعنا هنا ، لكن لا أظن أن الرجل يقصد التشبيه بالله عز وجل"

انتهى من "الفتاوى الثلاثية" .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

بسمة ღ
2018-07-27, 10:47
جزاك الله خيرا اخي الكريم
وجعلها في ميران حسناتك ان شاء الله

*عبدالرحمن*
2018-07-28, 18:21
جزاك الله خيرا اخي الكريم
وجعلها في ميران حسناتك ان شاء الله

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير



https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)



... احترامي و تقديري .....

#Aya_bOok#
2018-07-28, 21:16
بارك الله فيك
^^

بـــيِسَة
2018-07-29, 15:56
https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)
بارك الله فيك على الموضوع

*عبدالرحمن*
2018-07-30, 04:44
بارك الله فيك
^^

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير


https://a.top4top.net/p_79572lht1.gif (https://up.top4top.net/)

... احترامي و تقديري .....

*عبدالرحمن*
2018-07-30, 04:47
https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)
بارك الله فيك على الموضوع


الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير


https://c.top4top.net/p_8657f8o01.gif (https://up.top4top.net/)

... احترامي و تقديري .....

هكذا سأبقى
2018-07-30, 16:59
بارك الله فيك ونفع بك أخي الكريم

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:19
بارك الله فيك ونفع بك أخي الكريم

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)

... احترامي و تقديري .....

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:23
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم المقولات المنتشرة " باسم الحب " و " أقسم باسم العشق " ونحوهما

السؤال

منذ فترة لفت انتباهي في بعض المنتديات البعض تدفعه عواطفه نحو المقرَّب إلى نفسه ، يهديه كلمات ، وأنا متأكدة أنها دون قصد ؛ لأننا لا نعلم الحكم في هذا اللفظ ، وأرجو منكم مساعدتي ؛ لأني فعلاً في حيرة من أمري

مثلاً : " باسم الحب أهديك قلبي " ، " أقسم باسم الصداقة سأبقى وفيّاً " ، " أحلف باسم العشق "

" باسم الهوى أحبك " ، " باسم الحب " . سؤالي : باسم الحب وغيره ألا يعتبر هذا حلفاً بغير الله سبحانه وتعالى ؟

من الأساس هل جائز القسم باسم الحب ، وغيره ، وعند كتابتي " باسم الحب " هل هذا حلف أم لا ؟

هل جائز المناداة أو المخاطبة باسم الحب ، أو العشق ، وغيره ؟ .

أتمنى أن لا أكون أثقلت عليكم بالأسئلة .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

أما الحلف والقسَم : فلا يجوز إلا بالله تعالى ، وبأسمائه ، وصفاته ، ولا يحل لأحدٍ أن يحلف بغير الله تعالى ، فإن فعل : وقع فيما حرَّم الله عليه ، وهو شرك أصغر بمجرده

فإن كان المحلوف به عند الحالف في منزلة الله تعالى أو أعظم : كان حلفه كفراً مخرجاً عن الملة ، وهو بتنزيله للمحلوف به منزلة الله يكون كافراً أصلاً حتى لو لم يحلف به ، لكن حلفه به مع ذلك الاعتقاد السيء علامة على كفره أصلاً .

وعليه : فيكون قول القائل : " أقسم باسم الصداقة سأبقى وفيّاً " ، " أحلف باسم العشق " ، وما يشبهه : من الحلف بغير الله ، وهو محرَّم ، يجب صون اللسان عنه .

وانظر أجوبة الأسئلة :الاتية

ثانياً:

أما قول القائل " باسم الحب " ، أو " باسم الوطن " ، أو " باسم الحرية " ، وما يشبهه : ففيه تفصيل :

1- أن يكون في ابتداء الكلام ، قاصداً قائله التبرك ، والاستعانة به ، وهو ما يكون مقابل قول الموحدين " بسم الله الرحمن الرحيم " : فهذا شرك ، وقد يكون شركاً أكبر ، وذلك بحسب منزلة هذا المتبرك والمستعان به ، كما سبق في الحلف والقسم .

2- أن يكون في ابتداء الكلام ، أو أثنائه ، قاصداً قائله أن يكون وكيلاً حقيقيّاً

أو مجازيّاً عن المتكلم باسمه ، كأن يتكلم باسم " الطلاب " ، أو باسم " المسلمين " ، أو باسم " المتهم " ، أو ما يشبهه : فهذا جائز ، ولا حرج فيه .

3- أن يتكلم بكلام فيه عشق وغرام ، ويدعي أنه يتكلم باسم " الحب " ! أو يتكلم عن الوفاء ، ويدعي أنه يتكلم باسم الوفاء ، وهكذا في أمور معنوية ، يريد تسويق كلامه على أن كلامه جزء من اللفظ المزعوم – كالحب ، والوفاء - :

فكل هذا ليس شركاً في حدِّ ذاته ، لكنه يأثم بحسب كلامه ، وما يحويه من فحش ، وبحسب من يخاطبه به ، فإن كان كلاماً عن الغرام ، والعشق ، والعلاقات المحرَّمة ، وكان مع أجنبية عنه : حرم عليه قوله ،

وحرم على المخاطبة الأجنبية استماعه منه أو قراءته ؛ لما في ذلك من نشر الفاحشة ، والتهييج على فعل المعاصي ، والآثام .

وإن كان كلاماً من زوج مع زوجته : كان جائزاً ، غير أنه ينبغي أن يكون بينهما ، لا يطلع عليه أحد سواهما .

4- أن يكون كلاماً في معان سامية – كالأُخوَّة ، والوفاء ، والصلة - : كان جائزاً أيضاً ، بشرط أن يكون مطابقاً للحكم الشرعي المنزل في الكتاب والسنَّة ، فلا يتكلم عن وفاء العشيق لمعشوقته ، ولا عن صلة الحبيبة بحبيبها ، بل الجائز منه ما كان كلاماً شرعيّاً ، مطابقاً للشرع .

وهذه فتاوى أهل العلم فيما سبق ذِكره :

1. سئل علماء اللجنة الدائمة :

بعض من يقوم بالتقديم لمحاضر ، أو شيخ ، يقول في البداية : " باسمي ، وباسمكم ، أرحِّب بفضيلة الشيخ " مثلا ، فهل يجوز ذلك ؟ ، وكذلك من يقول : " باسم الشعب ، أو الحكومة " ، وغيره .

فأجابوا :

إذا كان المقصود أنه يرحب بالقادم ، أو الحاضر ، أصالة عن نفسه ، ونيابة عمَّن أقاموه في هذا الأمر : فلا حرج في ذلك .

وإذا كان يقصد الاستفتاح بها بدلاً من اسم الله : فهو ممنوع .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 139 ، 140 ) .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

عن هذه العبارات : " باسم الوطن " ، " باسم الشعب " ، " باسم العروبة " ؟

فأجاب :

هذه العبارات : إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبِّر عن العرب ، أو يعبِّر عن أهل البلد : فهذا لا بأس به .

وإن قصد التبرك ، والاستعانة : فهو نوعٌ من الشرك ، وقد يكون شركاً أكبر ، بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به .

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 88 ، 89 ) ،

وانظر: معجم المناهي اللفظية ، للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله (171

ثالثاً:

ننبه هنا إلى حرمة هذه العلاقات بين الرجال والنساء الأجانب ، في المنتديات ، والجامعات ، والمدارس ، والعمل ، وغيرها من نواحي الحياة ، سواء كانت العلاقات شخصية ذاتية ، أو بالمكالمات الهاتفية ، أو بالمراسلات الكتابية ، وكل ذلك من وسائل إغواء الشيطان للمسلمين للإيقاع بهم في جرائم شنيعة ، وكبائر قبيحة .

وقد بيَّنا حكم المراسلة والمحادثة بين الجنسين في فتاوى متعددة ، فانظروا أجوبة الأسئلة :الاتية

وانظروا جواب السؤال رقم : ( 82196 ) ففيه بيان حكم مشاركة المرأة في المنتديات ، ومناقشة الرجال .

وانظروا جواب السؤال الاتي ففيه بيان مسئولية أصحاب المواقع ، والمشرفين عليها عن وجود المنكرات ، والصور المحرمة .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:27
حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

أسمع كثيراً من الناس عندما يرغب تأكيد أمر ما يقول والنبي ، فهل ذلك جائز ؟ .

الجواب:

الحمد لله

هذا حلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حرام

ونوع من الشرك ، فإن الحلف بالشيء تعظيم للمحلوف به ، والمخلوق لا يعظم المخلوق ( تعظيم عبادة )

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) صحيح ، رواه احمد ( 2/125 ) ، وأبو داود ( 3251 ) ، والترمذي ( 1535 ) وهو يعم الحلف بالأنبياء والملائكة والصالحين وسائر المخلوقات

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )

رواه البخاري (4860 فتح 8/611 ) ، ( 6107 فتح 10/516 ) ، ومسلم ( 1647 ) وأحمد ( 2/309 ) وأبو داود ( 3247 ) والنسائي ( 3775 ) والترمذي ( 1545 ) ، وابن ماجه ( 2096 )

فأما ما ورد في القرآن من الحلف بالمرسلات والذاريات والنازعات ، والفجر ، والعصر ، والضحى ، ومواقع النجوم الخ فهو من الله تعالى ، ولله أن يقسم من خلقه بما يشاء ، فأما المخلوق فلا يحلف إلا بربه تعالى .

من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين ص 32

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:30
الصداقة والعشق بين الرجل والمرأة

السؤال

أنا شاب عمري خمسة عشر سنة وأعلم بأن اتخاذ عشيقة قد يدمر العائلة ولكن ماذا إذا كنا أصدقاء فقط بالسر ولا يدري بنا أحد ، بهذه الطريقة أضمن أن نبقى سويّاً ولا نقترف جريمة الزنا حتى موعد الزواج .

هل هناك حالة كهذه في قصص الحب القديمة ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

ليس اتخاذ العشيقة مدمِّراً للأسرة فحسب ، بل هو مدمِّر للمجتمعات ، وأهله متوعدون بعذاب الله وسخطه وانتقامه

فالعشق مرضٌ يدمر قلب أهله ، ويقودهم إلى الفحشاء والمنكر ، ولا يزال الشيطان ينصب حبائله ويمهد الطرق حتى تقع الفاحشة فينال كل واحد مبتغاه من صاحبه .

وفي هذا الأمر من المحاذير الشيء الكثير ، فمنه الاعتداء على أعراض الناس ، وخيانة الأمانة ، والخلوة ، والملامسة ، والتقبيل ، والكلام الفاحش ، ثم الفاحشة العظيمة التي تكون في نهاية هذا الطريق وهي فاحشة الزنا .

وقول السائل " ولا يدري بنا أحد " من العجائب ، فهل غفل عن ربه تعالى الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ؟ .

فالنصيحة لك أخي السائل وأنت لا زلت في أول شبابك أن تلتفت لنفسك فتربيها على طاعة الله تعالى ومراقبته ، وأن تتقي الله في أعراض الناس ، وأن تعمل ليومٍ تلقى فيه ربَّك بأعمالك ، وأن تتذكر فضيحة الدنيا والآخرة

وأن تعلم أن عندك أخوات وسيكون عندك زوجة وبنات فهل ترضى لواحدة منهن ما تفعله أنت ببنات المسلمين ؟

الجواب : قطعا أنك لا ترضى ، فكذلك الناس لا يرضون ، واعلم أنك قد ترى نتائج معاصيك هذه في بعض أهلك عقوبة لك من ربك تبارك وتعالى .

وعليك بالصحبة الصالحة ، وإشغال نفسك بما يحب الله ويرضى ، واهتمَّ بمعالي الأمور وعاليها ، ودعك من رذائل الأمور وسوافلها ، ولتستغل شبابك هذا في طاعة الله

وفي طلب العلم والدعوة إلى الله ، ولتعلم أن من كان في سنك بل وأصغر منه كانوا رجالاً يحفظون القرآن ، ويطلبون العلم ، ويبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم دعاةً إلى الله وإلى الدخول في دين الإسلام .

وننصحك بالزواج من امرأة صالحة متدينة تحفظ لك دينك وتحثك على الالتزام بشرع الله تعالى ، وتحفظ لك أولادك وتربيهم على الخلق والدين ، ودع عنك من رضيت لنفسها أن تكون عشيقة لأجنبي عنها ، ومن رضيت لنفسها هذا فما الذي سيمنعها منه مستقبلاً ؟ .

وتذكر أنك تغضب ربك تعالى بمثل هذه المعاصي من الخلوة واللقاء والحديث والكلام ، وما بعد ذلك من الوقوع فيما هو أعظم .

واعلم أن الزنا ليس فقط زنا الفرج ، بل العين تزني ، والأذن تزني ، واليد تزني ، والرِّجل تزني ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك تمهيد لزنا الفرْج ، فلا يغرنك الشيطان ، فإنه عدو لك يريد لك الشر والسوء ويأمرك بالفحشاء والمنكر .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :

التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب" في زواجها

بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .

وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة" .

" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 868 ) .

ثانياً :

أما عن سؤالك عن وجود مثل هذه العلاقات المحرمة في قصص الحب القديمة فإنه على فرض وجودها عند السابقين لا يمكن أن يستدل بها على حكم شرعي لأن الأحكام الشرعية المتعلقة بالتحريم والإباحة للشيء تؤخذ من الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وما فيها من أمر أو نهي .

وبعض من نقلت عنه هذه القصص كان قبل الإسلام كعنترة وغيره ، ويوجد مثل هذا في كل الثقافات الأخرى كما هو معلوم ، وهذا لا يمكن أن يؤخذ منه حكم شرعي لأن الإسلام جاء لإخراج النفس من شهوتها لعبودية الله رب العالمين .

نسأل الله لك الهداية والتوفيق .

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:32
حرمة إقامة أحد الزوجين علاقة مع غيره للتسلية

السؤال

ما حكم المسلم الذي يغش زوجته ( بإقامة علاقة مع غيرها سواء أكانت العلاقة بالكلام أم بما هو أبعد عن ذلك ) ؟

وما هو الحكم في المسلمة التي تقيم – على علم – علاقة مع رجل متزوج لمجرد التسلية ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

إقامة علاقة محرَّمة بين أجنبي وامرأة ليس فيه – فقط – غش لزوجته بل فيه – أيضاً – إثم ومعصية لربِّه تعالى ، فقد حرَّم الله عز وجل إقامة مثل هذه العلاقات ، وأغلق الطريق والمنافذ التي قد تؤدي إلى الفاحشة الكبرى وهي الزنا ، وهو الذي أشير إليه في السؤال .

والمحاذير التي يقع فيها أصحاب هذه العلاقات كثيرة ، ومنها : الخلوة والمصافحة والنظر وغيرها ، وهي ذنوب جاءت النصوص بتحريمها لذاتها ولما تؤدي إليه من فاحشة الزنا .

ثانياً :

وإقامة المسلمة علاقة محرَّمة مع رجل أجنبي عنها – متزوج أو غير متزوج – هو – أيضاً

من كبائر الذنوب وهو أكثر إثماً وأكبر فحشاً مما جاء في القسم الأول من السؤال لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب أو شك الزوج في أولاده هل هم منه أم لا مما يؤدي إلى الفساد العريض .

وهذه فتاوى لبعض العلماء فيما هو أقل من اللقاءات بين الجنسين ، فكيف بما هو أكثر ؟ :

1. قال الشيخ ابن عثيمين :

لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبيَّة عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسِل أنه ليس هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به .

وقد أمر صلى الله عليه وسلم مَن سمع الدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .

ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير ، ويجب الابتعاد عنها ، وإن كان السائل يقول إنه ليس فيها عشق ولا غرام .

" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ) .

2. وقال الشيخ عبد الله الجبرين – وقد سئل عن المراسلة مع المرأة الأجنبيَّة - :

لا يجوز هذا العمل ؛ فإنه يثير الشهوة بين الاثنين ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيراً ما تحدث تلك المغازلة والمراسلة فتناً وتغرس حبَّ الزنى في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها

فننصح من أراد مصلحة نفسه وحمايتها [ البعد ] عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظاً للدين والعرض ، والله الموفق .

" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ، 579 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:35
المراسلة بين الجنسين

السؤال

أنا فتاة مؤمنة بالله ورسوله فهل يجوز لي أن أراسل شاباً بما يعرف بركن التعارف ؟ .

الجواب:

الحمد لله

لا تجوز المراسلة بينك وبين شاب غير محرم لك بما يعرف بركن التعارف

لأن ذلك مما يثير الفتنة ويفضي إلى الشر والفساد .

وبالله التوفيق

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/67

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:37
القسم بغير الله من أب وزعيم وشرف وجاه

السؤال

في‏ وعد الكشافة يقولون :‏ ‏(‏ أعد بشرفي أن أبذل جهدي لأن أقوم بواجبي نحو الله والوطن والملك ، وأن أساعد الناس في كل حين وأن أعمل بقانون الكشافة ‏)

‏ وذلك في كتيب الكشافة الذي يصدر عن الأمانة الكشفية العربية ، فما حكم هذا الوعد ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا ‏:‏

يحرم القسم بغير الله من أب وزعيم وشرف وجاه ووجيه ونحو ذلك ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏:‏ " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " متفق عليه وقال ‏:‏ " من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله " رواه النسائي وقال ‏:‏ " من حلف بغير الله فقد أشرك "

ثانيا ‏:‏

لا ينبغي للمسلم أن يسوي بين الله وغيره‏ ؟‏ كالوطن والملك والزعيم في أخذ العهد على نفسه بالعمل لهم ، بل يقول ‏:‏ علي عهد الله أن أبذل جهدي في القيام بواجبي لله وحده ثم أخدم وطني وأساعد المسلمين ، وأن أعمل بنظام الكشافة الذي لا يخالف شريعة الله تعالى . ‏

ثالثا ‏:

يجب أن يكون عمل الإنسان وفق شريعة الله تعالى ، فلا يجوز أن يأخذ على نفسه عهدا أن يعمل بقانون دولة أو طائفة أو فئة ما من البشر بإطلاق‏ .

وبالله التوفيق .

فتاوى اللجنة الدائمة (1/232) .

*عبدالرحمن*
2018-07-31, 05:40
المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة ( الشات )

السؤال

أنا فتاة مسلمة وأقوم بالدخول على "البالتوك" ثم إلى الغرف الإسلامية حتى أحصِّلَ شيئا من العلم الشرعي .

وعندما أكون في تلك الغرف ، يحدث أحيانا أن يطلب أحد المسلمين (وهو يبحث عن زوجة) أن نتحادث شخصيا (عن طريق التشات) ليتعرف كل منا على الآخر . وقد طرح علي بعض الأسئلة وهي من قبيل : أين أقيم ، وعمري

وما إذا كنت متزوجة (بالمناسبة فأنا غير متزوجة) ، وما إذا كنت أعتزم الزواج ، وما إذا كنت أقيم مع أهلي ، وما إلى ذلك .
ومشكلتي هي أني لا أعرف إن كان يجوز لي شرعا أن أقدم مثل تلك المعلومات المتعلقة بي لمسلم من غير محارمي .

هل التحدث كتابة مع شاب يعد معصية حقاً ؟؟.

الجواب:

الحمد لله

لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت ، ودخول موقع " البالتوك " لهذا الغرض ، ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي ، كالمحادثة الخاصة مع الرجال

وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .

وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .

وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول والمصافحة والنظر ، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية

و أن هذه المحادثات الخاصة سبب من أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .

وما جرى معك خير شاهد على صحة ما ذكرنا ، فإن هذه الأسئلة الخاصة ، يصعب على الرجل أن يوجهها إلى فتاة مؤمنة إلا عبر هذه الوسائل التي أُسيء استخدامها .

فاتق الله تعالى ، وامتنعي عن محادثة الرجال الأجانب ، فذلك هو الأسلم لدينك ، والأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منة ونعمة من الله تعالى ، وما كانت النعم لتنال بالمعصية .

وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله

: ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟

فأجاب :

( لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به.

وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.

ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام )

انتهى ، نقلا عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96

ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد ، وفي كل شر .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:17
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام

السؤال

ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً : من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية : حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه ،

ونظرة آثمة ، وسفر بلا محرم ، وخروج المرأة من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية .

ومن ذلك : حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها

سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو في محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك .

وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض

وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32

والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة ، عن طريق النت هي باب من أبواب الفتنة والشر ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا

ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .

وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك .

وقد سئل الشيخ ابن جبرين :

ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟

فأجاب :

" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به .

وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .

ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى .

"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .

ثانياً :

الصائم مأمور بتقوى الله تعالى ، وفعل ما أمر ، واجتناب ما نهى عنه .

فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود تحقيق تقوى الله تعالى ( لعلكم تتقون ) ، وتهذيب النفس

والتخلي عن رذائل الأعمال ، وسفاسف الأخلاق

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ) رواه الحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:20
ما حكم مراسلة الفتيات للفتيان

السؤال :

كثير من الفتيات يقمن بمراسلة الشباب ، ويكتبن من خلال السطور رسائلهن كلاماً كثيراً أنزه قلمي ومسامعكم عن ذكره ، وهذا الأمر يكاد أن يكون ظاهرة تفشى في هذا المجتمع ، لذا نأمل ونرجو ونكرر رجائي الحار أن تتفضلوا علينا بكتابة رسالة تحمل بين سطورها ما يعالج هذا الأمر

مدعماً بالأدلة والبراهين . حيث إنني ناقشت الكثير منهم في خطورة هذا الأمر ، ولكن لقصر باعي وعدم سعة اطلاعي فشلت في إقناعهن رغم محاولاتي المتكررة .

الجواب :

الحمد لله

من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك كله حرّم الله الزنا وأوجب الحد جلداً أو رجماً ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه

ونظرة آثمة وعين خائنة وسفر بلا محرم ، وخروجها من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية ، تستميل بذلك قلوب الشباب ، وتستهوي نفوسهم ، وتفتنهم في دينهم ، ومن ذلك حديث الرجل الخادع مع المرأة

وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو حين محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك

من أجل ذلك حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً

قال الله تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) الآية .

فعلى الفتيان المسلمين أن يتقوا الله ويحفظوا فروجهم ، ويغضوا أبصارهم ، ويكفوا ألسنتهم وأقلامهم عن الرفث وفحش القول ، ومغازلة الفتيات ومخادعتهن

وعلى الفتيات المسلمات مثل ذلك ، وأن يلزمن العفاف ولا يخرجن متبرجات كاسيات عاريات ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس

ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه أحمد ومسلم في الصحيح .

إن الفتيان والفتيات إذا أطاعوا الله ورسوله وترفعوا عن الدنايا ، وتنزهوا عن مداخل الفتن ومواطن الريبة كان ذلك أزكى لهم وأطهر لقلوبهم ، وأرفع لشؤونهم ، وأحفظ لمجتمعهم

والله المستعان .

من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 381 -382 .

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:24
تعرفت على شخص عن طريق الهاتف ووعدها بالزواج

السؤال :

أريد معرفة الذي أفعله حلال أم حرام ؟

وهو أنني أعرف شخصا عن طريق الهاتف ووعدني بالزواج ولكن الظروف حكمت بتأجيل هذا الوعد ولكن مازلنا على اتصال ويقول هو إنه يعرفني تماما وشافني ولكن أنا لم أره أبدا. وأريد أوضح أيضا أن هذا الشخص أصغر مني بالعمر بسنتين .

السؤال هل حلال أبقى على اتصال معه أم حرام ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

نشكر لك سؤالك وحرصك على معرفة الحلال من الحرام في هذه الأمور التي تساهل فيها كثير من الناس ، ونحمد الله أن جعل في قلبك يقظة إيمانية هي السر في خوفك من هذه العلاقة الهاتفية

فإن القلوب الحية هي التي تشعر بخطر المعصية ، وتؤثِّر فيها الجراحة ، وأما القلوب الميتة ، فإنها غافلة لا تحس ولا تتألم ، كما قيل : فما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ .

وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( الإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) رواه مسلم (2553).

ثانيا :

كلام المرأة مع الرجل عن طريق الهاتف أو غيره ، إذا كان يدعو للفتنة لها أو بها ، فهو محرم ، ومن ذلك الكلام في الأمور العاطفية من الحب والغرام والتعلق ، والوصف

والوعد باللقاء ونحو ذلك ، فإن هذا مقدمة الفاحشة ، وهو من خطوات الشيطان لاصطياد العفيفات الغافلات ، فلا يزال الذئب يلين الكلام ، وينسج الخيال ، ويكثر الوعود ، ويحلف الأيمان

حتى تقع المرأة فريسة بين يديه ، فيا لله كم من أعراض انتهكت ، وكم من محارم اقترفت ، وكم من مصائب وآهات وآلام ، والخطوة الأولى كانت اتصالا عن طريق الهاتف .

وأكثر هؤلاء الذئاب كذابون مخادعون ، لا يعرفون معنى للحب الحقيقي ، ولا يطمعون في زواج شريف ، ولكنهم يسعون للرذيلة ، ويسارعون في إرضاء الشيطان

وقد صرح بعضهم أنه يفعل ذلك تارة للعبث ، وتارة لحب السيطرة والإغواء ، وتارة للفخر بأنه أوقع فلانة وفلانة ، والله المستعان .

فيا أيتها الأخت المسلمة الحذر الحذر ، والنجاة النجاة ، فإن من أعز ما تملك المرأة شرفها وحياءها وعفتها ، وهذا الذئب اللئيم لا يتورع عن ذكر فريسته بين المجالس وأنه قال لها كذا

وفعل بها كذا ، حتى يغدو ذكرها على لسان الفسقة مستباحا ، وربما استدرجها للقاء ، أو سجل صوتها ، أو أخذ صورتها ، فجعل ذلك مادة للابتزاز والتخويف والتوصل إلى ما هو أعظم ، عافاك الله وصانك من كل سوء .

وهذا الذي نذكره ليس كلاما يراد منه تخويفك ، ولكنه إشارة إلى عشرات القصص الواقعية التي وقعت في هذا الزمان ، مع انتشار الهواتف ومواقع الشات ، وهي قصص محزنة مخجلة

تدل على مدى قسوة هؤلاء العابثين ، ومدى ضعف المرأة أمام استدراجهم ومكرهم ، وتدل أبين دلالة على عظمة قول ربنا سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21

، فإن الكلمة في الهاتف قد تكون خطوة من خطوات الشيطان ، وهكذا النظرة ، والابتسامة ، ولين الكلام ، يتلقفها من في قلبه مرض ، ويبني عليها جبالا من الأوهام والظنون والخيالات

تُنتج طمعاً وسعياً ومكراً وتدبيراً في الباطل ، قال الله تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32

ونحن نسأل أختنا– صانها الله وحفظها – هل تخلو مكالمة هاتفية بين شاب وشابة من الخضوع بالقول ، والضحك وترقيق الكلام وتزيينه ؟! كيف وهما يتحدثان عن الزواج والرغبة في الوصال ؟

فكيف لا تكون الفتنة ، وكيف لا يكون التعلق ، وكيف لا يطمع القلب المريض ؟!

إن زعم هؤلاء الماكرين أنهم يريدون الزواج زعم كاذب ، فإن طريق الزواج معروف ، وبابه مفتوح ، وهم لا يجهلونه ، ولكنهم يفرون منه ، ويبتعدون عنه ، ويلجئون إلى حيل الشيطان وخدعه . ثم إن رغبة شخصٍ ما في امرأةٍ ما لا يعني أنه يصلح لها زوجا ، فربما كان دونها في كل شيء

في السن والعلم والمنزلة والمال ، مما يعني رفضه وعدم قبوله في غالب الأحوال ، فكيف تصبح مجرد الرغبة من شخصٍ مجهول مسوغاً للتعرف على الفتاة والاسترسال معها والحديث إليها ومواعدتها بالزواج ؟!

وكيف ترضى العاقلة أن تتعلق بمجهول الهوية والحال ، يمنّيها بالزواج ، وتنتظر منه القدوم ، وربما كان لا يصلح ، بل ربما لو رأته لآثرت العنوسة على الزواج منه .

فبادري إلى قطع هذه العلاقة ، والندم عليها ، وسؤال الله المغفرة والصفح ، واشتغلي بما ينفعك في أمور دينك ودنياك ، واعلمي أن الزوج الصالح رزق يسوقه الله تعالى إلى المرأة الصالحة ،

وقد وعد سبحانه أهل طاعته بالمزيد من فضله فقال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97

فأكثري من الطاعة والإنابة ، وسدي كل باب للفتنة ، وكوني شامة نقية لا يطمع فيها طامع ، ولا يرتع حول حماها راتع .

وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:30
: مسئولية أصحاب المواقع والمشرفين عليها عن وجود المنكرات والصور المحرمة

السؤال :

ينتشر في المواقع والمنتديات صور النساء .. والأغاني والمنكرات , ما حكم فتح منتديات وأقسام في المواقع للأغاني والطرب والفن والسينما والفضائيات ؟

وهل على المشرف العام وصاحب الموقع والأعضاء عامة إثم في أي مشاركة ؟ فالبعض يتعذر بقوله "لم نجبر أحداً على إضافة صور النساء في المواضيع والتواقيع والصور الشخصية"

كذلك هل على المشرف أو المدير أو صاحب الموقع إثم في حالة أن العضو يضع صورا نسائية في توقيعه ومشاركاته ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا يجوز فتح مواقع أو أقسام للغناء والطرب ولا لأخبار المغنيين والفنانين والأفلام ونحوها ، لما في ذلك من نشر المنكرات والدعاية والإعانة عليها .

وقد دلت الأدلة الصحيحة على تحريم استماع الموسيقى ، وتحريم الاختلاط ، وكشف العورات في الواقع أو في الأفلام ونحوها

وعليه ؛ فالواجب إنكار هذه المنكرات ومحاربتها ، لا تشجيعها ولا الدلالة أو الإعانة عليها ، ومن أعان على المنكر أو دل عليه كان شريكا لفاعله في الإثم .

قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (4831) .

ثانيا :

تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والطير والحيوان ، ووضع ذلك في المنتديات ، أو الاحتفاظ بها للذكرى ، لا يجوز ؛ لعموم الأدلة في تحريم التصوير ، ولعن فاعله

ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان لضرورة أو حاجة ماسة ، كصور إثبات الشخصية ونحوها .

ويدخل ضمن التصوير المحرم رسم الصور الكرتونية المتخيلة أو المشوهة لذوات الأرواح ؛ لما روى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ ، وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ .

والدُّرنوك : هو نوع من الستائر .

فدل الحديث على المنع من تصوير ذوات الأرواح ، ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع ، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479)

: " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح ، سواء كان نحتا ، أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق ، أم كان نسيجا ، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز

وسواء كان للشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جمل أو شوه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي‏. فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها

وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس‏.‏‏.‏ إلخ، وذلك لعموم النصوص ، ولما فيها من المضاهاة ( يعني لخلق الله ) ، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى .

ثالثا :

وضع صور النساء في المنتديات ، عمل قبيح ، لما فيه من استعمال التصوير المحرم ، ولما فيه من إثارة الفتن وتهييج الشهوات ، والواجب على القائمين على الموقع أن يمنعوا ذلك

لأن إنكار المنكر وإزالته واجب على من قدر عليه ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49) .

وتعذر البعض بقولهم : "لم نجبر أحداً على إضافة صور النساء في المواضيع والتواقيع والصور الشخصية" لا يفيدهم ؛ لأنهم مأمورون بإنكار المنكر كما سبق .

وإذا وضع المشارك صورة محرمة ، أثم بذلك ، وأثم من سكت عن إزالة المنكر ، من مشرفٍ أو مسئول ، وقد حلت اللعنة ببني إسرائيل لقعودهم وسكوتهم عن إنكار المنكر بينهم

كما قال تعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة/78، 79

وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عاقبة السكوت على المنكر هي الهلاك العام ، والعقوبة العامة ، كما روى البخاري (2493) عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا ، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ ، فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا ، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا ، جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ) .

فوصيتنا لأصحاب المواقع والمنتديات والمشرفين عليها أن يتقوا الله تعالى ، وأن يضعوا الضوابط التي تمنع الأعضاء من نشر المنكرات أو الترويج لها ، وأن يزيلوا كل منكر ينشر في مواقعهم

لأنهم مسئولون عن ذلك ، وألا تحملهم الرغبة في تكثير المشاركين على تجاوز حدود الله ، والمشاركة في الإثم بإقراره والسكوت عليه .

نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:38
: أدلة تحريم الاختلاط

السؤال :

أريد أنا وزوجي أن نحضر دروساً في اللغة العربية والفصول مختلطة مع علمنا بأن الاختلاط لا يجوز

. فما هو الاختلاط ؟

وما الحكم مع الدليل ؟

تفاصيل إضافية: الفصل به 10 طلاب معظمهم نساء فهل أحضره أنا وزوجي ومنهم غير مسلمين.

الجواب :

الحمد لله

اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد ، وامتزاج بعضهم في بعض ، ودخول بعضهم في بعض ، ومزاحمة بعضهم لبعض ، وكشف النّساء على الرّجال ، كلّ ذلك من الأمور المحرّمة في الشريعة لأنّ ذلك من أسباب الفتنة وثوران الشهوات ومن الدّواعي للوقوع في الفواحش والآثام .

والأدلة على تحريم الاختلاط في الكتاب والسنّة كثيرة ومنها :

قوله سبحانه :{ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب 53.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب .

وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء . والأدلّة على ذلك ما يلي :

عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ" رواه البخاري رقم (793).

ورواه أبو داود رقم 876 في كتاب الصلاة وعنون عليه باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة .

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ قَالَ نَافِعٌ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ" رواه أبو داود رقم (484) في كتاب الصلاة باب التشديد في ذلك .

وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " . رواه مسلم رقم 664

وهذا من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط وأنه كلّما كان الرّجل أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكلما كانت المرأة أبعد عن صفوف الرّجال كان أفضل لها .

وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكون عن ثوران الشهوات فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى .

وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ( تَسِرْن وسط الطريق ) عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ .

رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه باب : مشي النساء مع الرجال في الطّريق .

ونحن نعلم أنّ الاختلاط ومزاحمة النساء للرّجال ممّا عمّت به البلوى في هذا الزّمان في أكثر الأماكن كالأسواق والمستشفيات والجامعات وغيرها ولكننا :

أولا : لا نختاره ولا نرضى به وبالذّات في المحاضرات الدّينية والمجالس الإدارية في المراكز الإسلامية .

ثانيا : نتخذ الوسائل لتلافي الاختلاط مع تحقيق ما أمكن من المصالح ، مثل عزل مكان الرجال عن النساء ، وتخصيص أبواب للفريقين ، واستعمال وسائل الاتّصالات الحديثة لإيصال الصوت ، وتسريع الوصول إلى الكفاية في تعليم النساء للنساء وهكذا .

ثانيا : نتقي الله ما استطعنا باستعمال غضّ البصر ومجاهدة النّفس .

ونورد فيما يلي جزءا من دراسة قام بها بعض الباحثين الاجتماعيين المسلمين عن الاختلاط

قال :

عندما وجهنا السؤال التالي : ما حكم الاختلاط في الشرع حسب علمكم؟

كانت النتيجة كالتالي :

76% من الذين شملهم التحقيق أجابوا بأنه " لا يجوز " .

12% أقرّوا أنه " يجوز " ولكن بضوابط الأخلاق والدين و …

12% أجابوا " بلا أعلم " .

ماذا تختارون ؟!

لو خيّرتم بين العمل في مجال مختلط وآخر غير مختلط ، فماذا تختارون؟

كانت النتيجة على هذا السؤال بالنسب المئوية التالية :

67% اختاروا المجال غير المختلط .

9% فضلوا المجال المختلط .

15% لا يمانعون بأي مجال يتناسب مع تخصصاتهم سواء أكان مختلط أو غير مختلط .

محرج جداً :

هل مرّ عليكم موقف محرج بسبب الاختلاط؟

من المواقف المحرجة التي ذكرها المشاركون في التحقيق المواقف التالية :

كنت في أحد أيام العمل ، دخلت إلى القسم وكانت إحدى زميلاتي المتحجبات قد خلعت حجابها بين زميلاتها فتفاجأت بدخولي وقد انحرجتُ على إثر ذلك كثيراً .

كان من المفروض أن أقوم بتجربة في المختبر في الجامعة وقد تغيبتُ يومها وكان عليّ أن أذهب للمختبر في اليوم التالي ، لأجد نفسي الذكر الوحيد بين مجموعة من الطالبات إضافة إلى مدرّسة ومشرفة المختبر . لقد انحرجت كثيراً وتقيّدت حركتي وأنا أحس بتلك العيون الأنثوية المستنكِرة والمحرجة تلاحقني وتتبعني .

كنت أحاول إخراج فوطة نسائية من أحد الأدراج؟ وتفاجأت بزميل يقف خلفي لأخذ حاجيات من درجه الخاص ، لاحظ زميلي ارتباكي ، فانصرف بسرعة من الغرفة متجنباً إحراجي .

حدث لي أن اصطدمت بي إحدى فتيات الجامعة عند المنعطف لأحد الممرات المزدحمة ، كانت هذه الزميلة تسير بسرعة ذاهبة لإحدى المحاضرات ، وعلى أثر هذا الاصطدام اختل توازنها وتلقفتها بذراعيّ وكأني أحضنها ، ولكم أن تتخيلوا ما مقدار الإحراج لي ولهذه الفتاة أمام شلّة من الشباب المستهتر.

سقطت زميلة لي على سلّم المدرج في الجامعة ، وتكشفت ملابسها بطريقة محرجة جداً ، وضعها المقلوب لم يسعفها بمساعدة نفسها ، فما كان من أحد الشباب القريبين منها إلا أن سترها وساعدها على النهوض .

أعمل في شركة ، دخلتُ على مسئولي لأعطيه بعض الأوراق ، وأثناء خروجي من الغرفة ، ناداني المسؤول مرّة أخرى ، التفت إليه فوجدته منكسا رأسه انتظرت أن يطلب مني ملفاً ما أو المزيد من الأوراق

استغربت من تردّده ، التفت إلى يسار مكتبه متظاهراً بالانشغال ، وهو يحدثني في نفس الوقت ، تخيّلت أن يقول أي شيء عدا أن ينبهني هذا المسؤول بأن ملابسي متسخة بدم الحيض

هل تنشق الأرض وتبلع إنساناً فعلاً في لحظة دعاء صادقة ، لقد دعوت أن تنشق الأرض وتبلعني .

ضحايا الاختلاط … قصص واقعية

الأمل المفقود؟

أم محمد امرأة ناضجة تجاوزت الأربعين تحكي حكايتها :

عشت مع زوجي حياة مستورة وإن لم يكن هناك ذاك التقارب والانسجام ، لم يكن زوجي تلك الشخصية القوية التي ترضي غروري كامرأة ، إلا أن طيبته جعلتني أتغاضى عن كوني اتحمل الشق الأكبر من مسؤولية القرارات التي تخص عائلتي .

كان زوجي كثيراً ما يردد اسم صاحبه وشريكه في العمل على مسمعي وكثيراً ما اجتمع به في مكتبه الخاص بالعمل الذي هو بالأصل جزء من شقتنا وذلك لسنوات عدة . إلى أن شاءت الظروف وزارنا هذا الشخص هو وعائلته .

وبدأت الزيارات العائلية تتكرر وبحكم صداقته الشديدة لزوجي لم نلاحظ كم ازداد عدد الزيارات ولا عدد ساعات الزيارة الواحدة. حتى أنه كثيراً ما كان يأتي منفرداً ليجلس معنا أنا وزوجي الساعات الطوال

. ثقة زوجي به كانت بلا حدود ، ومع الأيام عرفت هذا الشخص عن كثب ، فكم هو رائع ومحترم وأخذت أشعر بميل شديد نحو هذا الشخص وفي نفس الوقت شعرت أنه يبادلني الشعور ذاته .

وأخذت الأمور تسير بعدها بطريقة عجيبة ، حيث أني اكتشفت أن ذلك الشخص هو الذي أريد وهو الذي حلمت به يوماً ما … لماذا يأتي الآن وبعد كل هذه السنين ..؟ .

كان في كل مرّة يرتفع هذا الشخص في عيني درجة ، ينزل زوجي من العين الأخرى درجات . وكأني كنت محتاجة أن أرى جمال شخصيته لأكتشف قبح شخصية زوجي .

لم يتعد الأمر بيني وبين ذلك الشخص المحترم عن هذه الهواجس التي شغلتني ليل ، نهار. فلا أنا ولا هو صرّحنا بما …… في قلوبنا .. وليومي هذا ..

ومع ذلك فإن حياتي انتهت زوجي لم يعد يمثل لي سوى ذلك الإنسان الضعيف - المهزوز السلبي ، كرهته ، ولا أدري كيف طفح كل ذلك البغض له ، وتساءلت كيف تحملته كل هذه السنين ثقلاً على ظهري

وحدي فقط أجابه معتركات الحياة ، ساءت الأمور لدرجة أني طلبت الطلاق ، نعم طلقني بناء على رغبتي ، أصبح بعدها حطام رجل .

الأمرّ من هذا كله أنه بعد خراب بيتي وتحطم أولادي وزوجي بطلاقي ، ساءت أوضاع ذلك الرجل العائلية لأنه بفطرة الأنثى التقطت زوجته ما يدور في خفايا القلوب ، وحولت حياته إلى جحيم

. فلقد استبدت بها الغيرة لدرجة أنها في إحدى الليالي تركت بيتها في الثانية صباحاً بعد منتصف الليل لتتهجم على بيتي ، تصرخ وتبكي وتكيل لي الاتهامات .. لقد كان بيته أيضاً في طريقه للانهيار ..

أعترف أن الجلسات الجميلة التي كنّا نعيشها معاً أتاحت لنا الفرصة لنعرف بعضنا في وقتٍ غير مناسب من هذا العمر .

عائلته تهدمت وكذلك عائلتي ، خسرت كل شيء وأنا أعلم الآن أن ظروفي وظروفه لا تسمح باتخاذ أي خطوة إيجابية للارتباط ببعضنا ، أنا الآن تعيسة أكثر من أيِ وقتٍ مضى وأبحث عن سعادة وهمية وأملٍ مفقود .

واحدة بواحدة

أم أحمد تحدثنا فتقول :

كان لزوجي مجموعة من الأصدقاء المتزوجين ، تعودنا بحكم علاقتنا القوية بهم أن نجتمع معهم أسبوعياً في أحد بيوتنا ، للسهر والمرح .

كنت بيني وبين نفسي غير مرتاحة من ذلك الجو ، حيث يصاحب العشاء ، والحلويات ، والمكسرات ، والعصائر موجات صاخبة من الضحك ، بسبب النكات والطرائف التي تجاوزت حدود الأدب في كثير من الأحيان .

باسم الصداقة رفعت الكلفة لتسمع بين آونة وأخرى قهقهات مكتومة ، سرية بين فلانة وزوج فلانة ، كان المزاح الثقيل الذي يتطرق - ودون أي خجل - لمواضيع حساسة كالجنس وأشياء خاصة بالنساء - كان شيئاً عادياً بل مستساغاً وجذاباً .

بالرغم انخراطي معهم في مثل هذه الأمور إلا إن ضميري كان يؤنبني . إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أفصح عن قبح وحقارة تلك الأجواء .

رن الهاتف ، وإذا بي أسمع صوت أحد أصدقاء الشلّة ، رحبت به واعتذرت لأن زوجي غير موجود ، إلا أنه أجاب بأنه يعلم ذلك وأنه لم يتصل إلا من أجلي أنا (!) ثارت ثائرتي بعد أن عرض عليّ أن يقيم علاقة معي ، أغلظت عليه بالقول وقبحته ، فما كان منه إلا أن ضحك قائلاً :

بدل هذه الشهامة معي ، كوني شهمة مع زوجك وراقبي ماذا يفعل .. حطمني هذا الكلام ، لكني تماسكت وقلت في نفسي أن هذا الشخص يريد تدمير بيتي . لكنه نجح في زرع الشكوك تجاه زوجي .

وخلال مدّة قصيرة كانت الطامة الكبرى ، اكتشفت أن زوجي يخونني مع امرأة أخرى . كانت قضية حياة أو موت بالنسبة لي … كاشفت زوجي وواجهته قائلة : ليس وحدك الذي تستطيع إقامة علاقات

فأنا عُرض عليّ مشروع مماثل ، وقصصت عليه قصة صاحبه ، فذهل لدرجة الصّدمة . إن كنت تريدني أن أتقبل علاقتك مع تلك المرأة ، فهذه بتلك . صفعته زلزلت كياني وقتها

هو يعلم أني لم أكن أعني ذلك فعلاً ، لكنه شعر بالمصيبة التي حلّت بحياتنا وبالجو الفاسد الذي نعيش . عانيت كثيراً حتى ترك زوجي تلك الساقطة التي كان متعلقاً بها كما اعترف لي . نعم لقد تركها وعاد إلى بيته وأولاده ولكن من يُرجع لي زوجي في نفسي كما كان؟؟ من يعيد هيبته واحترامه وتقديره في أعماقي ؟؟

وبقى هذا الجرح الكبير في قلبي الذي ينزّ ندماً وحرقة من تلك الأجواء النتنة ، بقى شاهداً على ما يسمونه السهرات البريئة وهي في مضمونها غير بريئة ، بقي يطلب الرحمة من رب العزة .

الذكاء فتنة أيضاً

يقول عبدالفتاح :

أعمل كرئيس قسم في إحدى الشركات الكبيرة ، منذ فترة طويلة أعجبت بإحدى الزميلات . ليس لجمالها ، إنما لجديتها في العمل وذكائها وتفوقها ، إضافة إلى أنها إنسانة محترمة جداً

محتشمة ، لا تلتفت إلا للعمل . تحوّل الإعجاب إلى تعلق ، وأنا الرجل المتزوج الذي يخاف الله ولا يقطع فرضاً . صارحتها بعاطفتي فلم ألقَ غير الصّـد

فهي متزوجة ولديها أبناء أيضاً ، وهي لا ترى أي مبرر لإقامة أي علاقة معها وتحت أي مسمى، صداقة ، زمالة ، إعجاب … الخ . يجيئني هاجس خبيث أحياناً ، ففي قرارة نفسي أتمنى أن يطلقها زوجها ، لأحظى بها .

صرت أضغط عليها في العمل وأشوه مستواها أمام مدرائي وكان ذلك ربما نوعاً من الانتقام منها ، كانت تقابل ذلك برحابة صدر دون أي تذمر أو تعليق أو استنكار

كانت تعمل وتعمل ، عملها فقط يتحدث عن مستواها وهي تعلم ذلك جيداً. كان يزداد تعلقي بها في الوقت الذي يتنامى صدها لي بنفس الدرجة .

أنا الذي لا افتتن بالنساء بسهولة ، لأني أخاف الله فلا أتجاوز حدودي معهن خارج ما يتطلبه العمل ، لكن هذه فتنتني … ما الحل .. لست أدري .. .

ابن الوّز عوّام؟

(ن.ع.ع) فتاة في التاسعة عشرة تروي لنا :

كنت وقتها طفلة صغيرة ، أراقب بعيني البريئتين تلك السهرات التي كانت تجمع أصدقاء العائلة في البيت . الذي أذكره أني ما كنت أرى سوى رجلاً واحداً ذلك هو أبي. أراقبه بكل حركاته

تنقلاته ، نظراته التي كانت تلتهم النساء الموجودات التهاماً ، سيقانهن ، صدورهن ، يتغزّل بعيون هذه ، وشعر تلك ، وخصر هاتيك . أمي المسكينة كانت مجبرة على إقامة هذه الدعوات فهي سيدة بسيطة للغاية .

وكانت من بين الحاضرات سيدة تتعمد لفت انتباه أبي ، بقربها منه حيناً ، وحركاتها المائعة حيناً آخر ، كنت أراقب ذلك باهتمام وأمي مشغولة في المطبخ من أجل ضيوفها .

انقطعت هذه التجمعات فجأة ، حاولت بسني الصغيرة فهم ما حدث وتحليل ما جرى لكني لم أفلح .

الذي أتذكره أن أمي في ذلك الوقت انهارت تماماً ولم تعد تطيق سماع ذكر أبي في البيت . كنت أسمع كلاماً غامضاً يهمس به الكبار من حولي مثل

: ( خيانة، غرفة نوم ، رأتهم بعينها ، السافلة ، في وضعية مخزية ، … ) إلى آخر هذه الكلمات المفتاحية التي وحدهم الكبار يفهمونها .

وكبرت وفهمت وحقدت على كل الرجال ، كلهم خائنون ، أمي إنسانة محطمة ، تتهم كل من تأتينا إنها خاطفة رجال وإنها ستوقع بأبي ، أبي هو

هو ، مازال يمارس هوايته المفضلة وهي مطاردة النساء ولكن خارج المنزل . عمري الآن تسعة عشر عاماً ، إلا أني أعرف الكثير من الشبان ، أشعر بلذة عارمة وأنا أنتقم منهم فهو صورة طبق الأصل من أبي، أغرر بهم وأغريهم دون أن يمسوا شعرة مني

يلاحقوني في المجمعات والأسواق بسبب حركاتي وإيماءاتي المقصودة ، هاتفي لا يصمت أبداً في بعض الأحيان أشعر بالفخر لما أفعله انتقاماً لجنس حواء وأمي ، وفي أحايين كثيرة أشعر بالتعاسة والخيبة لدرجة الاختناق . تظلل حياتي غيمةٌ سوداء كبيرة اسمها أبي .

قبل أن يقع الفأس في الرأس

(ص.ن.ع) تحكي تجربتها :

لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن تضطرني ظروف عملي إلى الاحتكاك بالجنس الآخر (الرجال) ولكن هذا ما حدث فعلاً .. وقد كنت في بداية الأمر أحتجب عن الرجال باستخدام النقاب ولكن أشارت إليّ بعض الأخوات بأن هذا اللباس يجذب الانتباه إلى وجودي أكثر

فمن الأفضل أن أترك النقاب وخصوصاً أن عينيَّ مميزتان قليلاً . وبالفعل قمت بنزع الغطاء عن وجهي ظناً من أن ذلك أفضل .. ولكن مع إدمان الاختلاط مع الزملاء وجدت أنني شاذة من بين الجميع من حيث جمودي والتزامي بعدم المشاركة في الحديث وتبادل (الظرافة)

وقد كان الجميع يحذر هذه المرأة (المتوحشة - في نظرهم طبعاً) ، وهذا ما بينه أحد الأشخاص الذي أكد على أنه لا يرغب في التعامل مع شخصية متعالية ومغرورة ، علماً بأنني عكس هذا الكلام في الحقيقة ، فقررت أن لا أظلم نفسي ولا أضعها في إطار مكروه مع الزملاء فأصبحت أشاركهم (السوالف وتبادل الظُرف)

واكتشف الجميع بأنني أمتلك قدرة كلامية عالية وقادرة على الإقناع والتأثير ، كما أنني أتكلم بطريقة حازمة ولكن جذّابة في نفس الوقت لبعض الزملاء

- ولم يلبث الوقت يسيراً حتى وجدت بعض التأثر على وجه الشخص المسؤول المباشر وبعض الارتباك والاصفرار والتمتع بطريقة حديثي وحركاتي وقد كان يتعمد إثارة الموضوعات لأدخل في مناقشتها لأرى في عينيه نظرات بغيضة صفراء ولا أنكر أنني قد دخل نفسي بعض التفكير بهذا الرجل

وإن كان يعلو تفكيري الدهشة والاستغراب من سهولة وقوع الرجل في حبائل المرأة الملتزمة ، فما باله إذا كانت المرأة متبرجة وتدعوه للفجور ؟ حقاً لم أكن أفكر فيه بطريقة غير مشروعة ولكنه أولاً وأخيراً قد شغل مساحة من تفكيري ولوقت غير قصير

ولكن ما لبث اعتزازي بنفسي ورفضي أن أكون شيئاً لمتعة هذا الرجل الغريب من أي نوع كانت حتى وإن كانت لمجرد الاستمتاع المعنوي ، فقد قمت بقطع الطريق على أي عملٍ يضطرني للجلوس معه في خلوة ، وفي نهاية المطاف خرجت بحصيلة من الفوائد وهي :

1- إن الانجذاب بين الجنسين وارد في أي وضع من الأوضاع ومهما حاول الرجل والمرأة إنكار ذلك - والانجذاب قد يبدأ مشروعاً وينتهي بشيء غير مشروع .

2- حتى وإن حصّن الإنسان نفسه ، فإنه لا يأمن حبائل الشيطان .

3- إذا ضمن الإنسان نفسه وتعامل مع الجنس الآخر بالحدود المرسومة والمعقول فإنه لا يضمن مشاعر وأحاسيس الطرف الآخر .

4- وأخيراً ، إن الاختلاط لا خير فيه أبداً وهو لا يأتي بالثمرات التي يزعمونها بل أنه يعطل التفكير السليم .

ومـــاذا بعــــد ؟

ونتساءل ماذا بعد طرح كل هذه الأمور المتعلقة بقضية الاختلاط؟

آن لنا أن نعترف أنه مهما جمّلنا الاختلاط واستهنا به فإن مساوئه تلاحقنا ، وأضراره تفتك بعائلاتنا ، وأن الفطرة السليمة لتأنف التسليم بأن الاختلاط هو جو صحي في العلاقات الاجتماعية ،

تلك الفطرة التي دفعت معظم من شملهم هذا التحقيق (76%) أن يفضلوا العمل في مجال غير مختلط . ونفس النسبة أيضاً (76%) قالوا أن الاختلاط لا يجوز شرعاً .
\
أما الملفت للنظر هو ليس هذه النسب المشرفة التي تدل على نظافة مجتمعنا الإسلامي في نفوس أصحابه بل الذي استوقفنا هو تلك النسبة القليلة التي أقرت بجواز الاختلاط وهم (12%) . هذه المجموعة من الأشخاص قالوا ودون استثناء أن الاختلاط يجوز ولكن بضوابط الدين

والعرف ، والعادات ، والأخلاق والضمير ، والحشمة ، والستر .. إلى آخر هذه السلسلة من القيم الجميلة والتي برأيهم تحفظ للاختلاط حدوده .

ونسألهم ، هل الاختلاط الذي نراه اليوم في جامعاتنا وأسواقنا ومواقع العمل ، وتجمعاتنا الأسرية ، والاجتماعية ، تنطبق عليه هذه المزايا السالفة الذكر؟ أم أن هذه الأماكن تعج التجاوزات في الملبس والحديث والتصرفات

فنرى التبرج والسفور والفتن والعلاقات المشبوهة ، لا أخلاق ولا ضمير ، لا ستر وكأن لسان الحال يقول : إن الاختلاط بصورته الحالية لا يرضى عنه حتى من يؤيدون الاختلاط في أجواء نظيفة .

آن لنا أن نعترف بأن الاختلاط هو ذاك الشيء الدافئ ، اللزج الرطب ، الذي يمثل أرضا خصبة للفطريات الاجتماعية السامة أن تنمو في زواياه وجدرانه وسقفه ، تنمو وتتكاثر وتتشابك دون أن يشعر أحد أن الاختلاط هو السبب

ليكون الاختلاط بحق هو رأس الفتنة الصامت ، وفي ظله تزل القلوب والشهوات وتُفجَّر الخيانات وتُحطّم البيوت والأفئدة .

نسأل الله السّلامة والعافية وصلاح الحال وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-08-03, 06:41
الحلف بغير لله هل تلزم فيه الكفارة؟

السؤال :

هل يمكنكم أن تلقوا الضوء على هذه القضية ؟ لو أن شخصا يحلف برأسه ، هل يعد هذا يمينا أم عهدا ؟ وإذا أخل به هل عليه كفارة ؟

الجواب :

الحمد لله

الحلف لا يكون إلا بالله تعالى ، أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته ، وأما الحلف بغير الله فلا يجوز ، وهو من الشرك

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه الترمذي (1535) وأبو داود (3251) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ

رواه البخاري (2679) ومسلم (1646) .

ويدخل في ذلك الحلف بحياة الإنسان ورأسه وشرفه ، والحلف بأمه وأبيه ، والحلف بالكعبة وغير ذلك من المخلوقات .
واليمين بغير الله يمين غير منعقدة ، ولا تلزم فيها كفارة عند أكثر العلماء .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق ; كالكعبة , والأنبياء , وسائر المخلوقات , ولا تجب الكفارة بالحنث فيها . وهو قول أكثر الفقهاء "

انتهى من "المغني" (9/405) .

وعلى هذا ، فمن حلف برأسه ، فقد ارتكب أمراً محرماً ، وعليه التوبة إلى الله تعالى ، والندم على ما فعل ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى ، وليس عليه كفارة إذا أخل بما حلف عليه

لأن هذه اليمين يمين محرمة لا يترتب عليها ما يترتب على الحلف بالله .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-08-06, 18:16
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم تسمية العمارات بـ قصر الكوثر ، والفردوس .. ونحو ذلك

السؤال :

توجد بعض العمائر التي أعدها أصحابها للإيجار ، كغرف مفروشة أو شقق ، وقد أطلقوا عليها بعض الأسماء ، مثل : (قصر عباد الرحمن ، قصر تبارك ، قصر الكوثر ، قصر الفردوس ...)

وما شابه ذلك . هل يجوز إطلاق مثل هذه العبارات على العمارات المعدة للإيجار أو خلافه؟

الجواب :

الحمد لله

"لا يجوز إطلاق العبارات المذكورة على الغرف والشقق المعدة للإيجار ؛ لأنها تشتمل على الكذب ، فالتسمية بـ (قصر عباد الرحمن) مشعرة بالمدح ، وقد يسكنه من ليس أهلاً لذلك .

وتسمية قصر تبارك لا يجوز ، لأن كلمة (تبارك) لا تطلق إلا على الله عز وجل ، كما قال سبحانه : (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الملك/1

والقصر المذكور قد يكون غير مبارك ولا خير فيه . و(قصر الكوثر) الذي هو (الخير الكثير) ،

وقد يكون القصر شراً محضاً ، ويطلق على نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، كما في قول الله عز وجل : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر/1 .

ولأن (الفردوس) اسم لأعلى الجنة وأوسطها ، فلا يليق أن يسمى به قصر من قصور الدنيا .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/377) .

*عبدالرحمن*
2018-08-06, 18:22
التفصيل في حكم إطلاق الألقاب على الناس ، وكلمة حول إطلاق لقب " حمار " على صحابي !

السؤال :

سؤالي يتعلق بالألقاب ، فإن زملائي في المدرسة يلقبون بعضهم البعض بألقاب مختلفة ، ولا ينزعج بعضهم من بعض

فهل هذا جائز ؟

وهل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم داعب امرأة طاعنة في السن وقال لها ( لا يدخل الجنة عجوز ) ؟

وهل صحيح أنه كان هناك رجل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يُلقب بـ " حمار " ؟

فكيف نجمع بين هذه الأحاديث وقول الله تعالى في سورة الحجرات ( ولا تنابزوا بالألقاب ) ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

الأصل في أدب الشرع أن ينادى الإنسان بأحب الأسماء إليه ، ولا بأس بمخاطبته بكنيته التي يحبها ، وأما اللقب فإن غالب استعماله في الذم ، ومثل هذا لا يجوز استعماله ، إلا أن يُعرف أن صاحبه لا يكرهه

أو أنه لا يُعرف إلا به ، وأما تلقيب الشخص بقلب يكرهه : فلا يحل فعله ، وهو من التنابز المنهي عنه في الشرع ، والتلقيب بألقاب فاحشة ومنكرة منتشر بين الطلاب بعضهم مع بعض

ويطلقونه على مدرسيهم ، كما أنه منتشر بين أهل المهن اليدوية ، وأكثر تلك الألقاب منهي عنها ، وكثير منها لا يخلو من طعن ، وقذف في العرض ، واتهام بالسوء والفحش ، وتعييب خلقة الله تعالى .

قال الشاعر :

أكنيه حين أناديه لأكرمه ...
ولا ألقبه والسوأة اللقب

قال ابن القيم - رحمه الله - :

الفرق بين الاسم والكنية واللقب :

هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها : فإنها تفترق في أمرٍ آخر ، وهو : أن الاسم إما أن يُفهم مدحاً ، أو ذمّاً ، أو لا يفهم واحداً منهما ، فإن أفهم ذلك فهو : اللقب ، وغالب استعماله في الذم

ولهذا قال الله تعالى : ( ولا تنابزوا بالألقاب ) الحجرات/ 11

ولا خلاف في تحريم تلقيب الإنسان بما يكرهه ، سواء كان فيه ، أو لم يكن ، وأما إذا عُرف بذلك واشتهر به ، كالأعمش ، والأشتر ، والأصم ، والأعرج : فقد اضطرد استعماله على ألسنة أهل العلم ، قديماً ، وحديثاً

وسهَّل فيه الإمام أحمد .

قال أبو داود في " مسائله " : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الرجل يكون له اللقب لا يُعرف إلا به ، ولا يكرهه ، قال : أليس يقال سليمان الأعمش ، وحميد الطويل ؟ كأنه لا يرى به بأساً .

قال أبو داود : سألت أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه ، قلت : كان أحمد يكره أن يقول " الأعمش " ، قال الفضيل : يزعمون كان يقول " سليمان " .

وإما أن لا يُفهم مدحاً ، ولا ذمّاً ، فإن صُدِّر بـ " أب " ، و " أم " : فهو الكنية ، كأبي فلان ، وأم فلان
.
وإن لم يُصدر بذلك : فهو الاسم ، كزيد ، وعمرو ، وهذا هو الذي كانت تعرفه العرب ، وعليه مدار مخاطباتهم ، وأما فلان الدين ، وعز الدين ، وعز الدولة

وبهاء الدولة : فإنهم لم يكونوا يعرفون ذلك ، وإنما أتى هذا من قبَل العجم .

" تحفة المودود بأحكام المولود " ( ص 135 ، 136 ) .

وعليه : فما يحصل بين الطلاب من إطلاق ألقاب بعضهم على بعض : فإنه يُنظر في أمرين حتى يكون مباحاً :
الأول : خلو اللقب من فحش ، وسوء ، وقذف ، ولو رضي به الملقَّب

لأنه قد يكون سفيهاً ، ولا يهتم لطعن الناس ، وقذفهم ، أو قد يكون اللقب فيه طعن في أهله الذين يكرههم ، فيمنع من إطلاق اللقب الفاحش لكونه منكراً بذاته ، ولو رضي به الملقَّب .

الثاني : رضى الملقَّب بما أطلق عليه من ألقاب ، وعدم كراهيته له ، فهو صاحب الحق ، وله أن يمنع الناسَ من تلقيبه ، كما له الحق في الموافقة عليه .

فإذا خلا اللقب من فحش وسوء في ذاته ، ورضي به الطالب – وغيره - : فلا مانع من إطلاق ذلك اللقب عليه .

وأحياناً يكون اللقب ملتصقاً بالطالب – وغيره – لا ينفك عنه ، ولا يُعرف إلا به ، فيجوز إطلاقه عليه من باب التعريف ، لا من باب المناداة به ، وبينهما فرق .

قال الحافظ العلائي – رحمه الله - :

والحاصل أن الألقاب على ثلاثة أقسام :

قسم منها لا يُشْعِرُ بذمٍّ ، ولا نقص ، ولا يَكره صاحبُه تسميته به : فلا ريب في جوازه كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أصَدَقَ ذو اليدين ؟)

فقد تقدم أن هذا الصحابي رضي الله عنه كانت يداه طويلتين ، وأنه يحتمل أن يكون ذلك كناية عن طولهما بالبذل ، والعمل ، وأيّاً ما كان : فليس ذلك مما يقتضي ذمّاً ، ولا نقصاً .

وثانيهما : يُشعر بتنقص المسمَّى به ، وذمِّه ، وليس ذلك بوصف خَلْقي : فلا ريب في تحريم ذلك ؛ لدلالة الآية الكريمة ، ولا يزول التحريم برضى المسمَّى به بذلك

كما لا يرتفع تحريم القذف ، والكذب برضى المقول فيه بذلك ، واستدعائه من قائله .

وثالثها : ما يشعر بوصف خَلقي ، كالأعمش ، والأعرج ، والأصم، والأشل ، والأثرم ، وأشباه ذلك ، فما غلب منه على صاحبه حتى صار كالعلَم له ، بحيث أنه ينفك عنه قصد التنقص عند الإطلاق غالباً : فليس بمحرم

ولعل إجماع أهل الحديث قديماً وحديثاً على استعمال مثل ذلك ، ولا يضر كون المقول فيه يكرهه ؛ لأن القائل لذلك لم يقصد تنقصه ، وإنما قصد تعريفه ، فجاز هذا للحاجة كما جاز جرح الرواة وذكر مثالبهم للحاجة إليه

وما كان غير غالب على صاحبه ، ولا يُقصد به العلمية ، والتعريف له : فلا يسمى لقباً ، ولكنه إذا عُلم رضى المقول فيه بذلك ، ولم يقصد تنقصه بهذا الوصف : لم يحرم ، ومتى وُجد أحد هذين : كان حراماً

والله أعلم .

" نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد " ( ص 420 – 421 ) .

ثانياً:

أما بخصوص السؤل عن حديث ( لا يدخل الجنة عجوز ) : فقد رواه الإمام الترمذي في " الشمائل المحمدية " ( ص 199 ) عن الحسن البصري قال :

أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال : يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز

قال : فولَّت تبكي ، فقال : أَخْبِرُوهَا أَنَّها لاَ تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ ، إِنَّ الله تعالى يَقُول ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً . عُرُباً أَتْرَاباً ) الواقعة/ 35 – 37 .انتهى

والحديث كما هو ظاهر : مرسل ، ولذا ضعفه طائفة من علماء الحديث ، وهو حريٌّ بالتضعيف ، وفي متنه نكارة ، وهو ترويع النبي صلى الله عليه وسلم لتلك المرأة ، وقد نهانا عن الترويع جادين ، وهازلين

وليس هذا من خلُقه صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الشيخ الألباني رحمه الله للحديث شواهد ، وحسَّنه بها ، فانظر " السلسلة الصحيحة " ( 2987 ) ، فالله أعلم .

ثالثاً:

أما بخصوص الصحابي الذي كان يلقب " حماراً " : فقد ثبت هذا في البخاري وغيره .

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا

فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) .

رواه البخاري ( 6398 ) .

والسؤال هو : كيف أُطلق عليه هذا اللقب ، وظاهر الأمر أنه لقب سوء ؟ .

والجواب : أن مثل هذا اللقب كان مألوفا عند العرب ، بل كانوا يجعلونه من الأسماء التي يسمي أحدهم بها بنيه ! وليس فقط لقباً ، ومنه اسم الصحابي " عياض بن حمار "

و " عبد الله بن جحش " ، وغيرهما ، وإنما كان يُنظر في ذلك لمعانٍ غير التي يتوهمها أهل زماننا .

ومن ذلك ما لقِّب به الخليفة الأموي مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ، فقد لقِّب " مروان الحمار " ! لصبره ، وجلَده .
قال الحافظ بدر الدين العيني – رحمه الله - :

قوله " وكان يلقب حماراً " : لعله كان لا يكره ذلك اللقب وكان قد اشتهر به .

" عمدة القاري " ( 23 / 270 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-08-06, 18:27
هل من الغيبة شكوى أقاربها إلى زوجها

السؤال :

هل حديث الأم مع ابنها عن ابنها الآخر أو بنتها

وكلام الزوجة مع زوجها عن أخيها

وكلام الأخ لأخيه عن أخيهما الثالث ، هل هذا غيبة ؟.

الجواب :

الحمد لله

الغيبة خلق ذميم نهانا الله ورسوله عنه

قال تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات / 12

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ، التقوى ها هنا ، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه " رواه مسلم برقم 4650 والترمذي برقم 1850

وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟

قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " رواه أبو داود برقم 4253 .

وأما معنى الغيبة ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟

قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته " رواه مسلم برقم 4690 والترمذي برقم 1857 . فالغيبة أن تذكر أخاك في غيابه بشيء يكره أن يقال عنه ، بقصد السخرية منه والاستهزاء به .

أما إن كان ذكرك له في غيابه عند من يقدر أن ينصحه لينصحه ، والاستعانة بمن يرجى منه التأثير عليه لتغيير منكر وقع فيه أو خطأ ، ولكي يعود إلى الصواب فهذا ليس بغيبة

مثل أن تتكلم الزوجة مع زوجها أو مع ابنها عن ابنها الآخر كي ينصحه فهذا ليس بغيبة .

وكذلك إن كان حديثك عن أخيك أو غيره لوليه - أو القادر على ردعه عن ظلم - بقصد الشكاية وطلب النصرة ، أو أنه أخذ شيئا منك بغير وجه حق فتريد أن تطالب بحقك من ولي من أخذ حقك

كأن يشكو الرجل أخاه إلى أبيه إن كان أساء إليه أو أخذ حقا من حقوقه لينصفه منه ، وكذلك التظلم للسلطان أو القاضي : فهذا ليس بغيبة .

يقول النووي رحمه الله في شرح شرح صحيح مسلم :

" لَكِنْ تُبَاح الْغِيبَة لِغَرَضٍ شَرْعِيّ , وَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَسْبَاب : أَحَدهَا التَّظَلُّم ; فَيَجُوز لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيْرهمَا مِمَّنْ لَهُ وِلايَة أَوْ قُدْرَة عَلَى إِنْصَافه مِنْ ظَالِمه , فَيَقُول : ظَلَمَنِي فُلان

, أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا . الثَّانِي الاسْتِغَاثَة عَلَى تَغْيِير الْمُنْكَر , وَرَدّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَاب , فَيَقُول لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَته : فُلان يَعْمَل كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْو ذَلِكَ . الثَّالِث الاسْتِفْتَاء بِأَنْ يَقُول لِلْمُفْتِي

ظَلَمَنِي فُلان أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ زَوْجِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاص مِنْهُ وَدَفْع ظُلْمه عَنِّي ؟ وَنَحْو ذَلِكَ , فَهَذَا جَائِز لِلْحَاجَةِ , وَالأَجْوَد أَنْ يَقُول فِي رَجُل أَوْ زَوْج أَوْ وَالِد وَوَلَد : كَانَ مِنْ أَمْره كَذَا ,

وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِين جَائِز لِحَدِيثِ هِنْد وَقَوْلهَا : إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُل شَحِيح . الرَّابِع تَحْذِير الْمُسْلِمِينَ مِنْ الشَّرّ , وَذَلِكَ مِنْ وُجُوه : مِنْهَا جَرْح الْمَجْرُوحِينَ مِنْ الرُّوَاة , وَالشُّهُود , وَالْمُصَنِّفِينَ , وَذَلِكَ جَائِز بِالإِجْمَاعِ

, بَلْ وَاجِب صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ , وَمِنْهَا الإِخْبَار بِعَيْبِهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة فِي مُوَاصَلَته , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا مَعِيبًا أَوْ عَبْدًا سَارِقًا أَوْ زَانِيًا أَوْ شَارِبًا أَوْ نَحْو ذَلِكَ تَذْكُرهُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَعْلَمهُ نَصِيحَة

, لا بِقَصْدِ الإِيذَاء وَالإِفْسَاد , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّد إِلَى فَاسِق أَوْ مُبْتَدِع يَأْخُذ عَنْهُ عِلْمًا , وَخِفْت عَلَيْهِ ضَرَره , فَعَلَيْك نَصِيحَته بِبَيَانِ حَاله قَاصِدًا النَّصِيحَة ,

وَمِنْهَا أَنْ يَكُون لَهُ وِلايَة لا يَقُوم بِهَا عَلَى وَجْههَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّته أَوْ لِفِسْقِهِ , فَيَذْكُرهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلايَة لِيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى حَاله , فَلا يَغْتَرّ بِهِ ,

وَيَلْزَم الاسْتِقَامَة . الْخَامِس أَنْ يَكُون مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَته كَالْخَمْرِ وَمُصَادَرَة النَّاس وَجِبَايَة الْمُكُوس وَتَوَلِّي الأُمُور الْبَاطِلَة فَيَجُوز ذِكْره بِمَا يُجَاهِر بِهِ , وَلا يَجُوز بِغَيْرِهِ إِلا بِسَبَبٍ آخَر .

السَّادِس التَّعْرِيف فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ كَالأَعْمَشِ وَالأَعْرَج وَالأَزْرَق وَالْقَصِير وَالأَعْمَى وَالأَقْطَع وَنَحْوهَا جَازَ تَعْرِيفه بِهِ , وَيَحْرُم ذِكْره بِهِ تَنَقُّصًا وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيف بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى . وَاَللَّه أَعْلَم " .

أما إن كان الكلام لا فائدة منه أو يقصد منه السخرية والاستهزاء أو التشهير فهذه غيبة لا تجوز

والله تعالى أعلم ..

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-08-06, 18:31
إذا أصيب أحد بمصيبة قالوا : والله ما يستاهل

السؤال :

ما حكم قول هذه الكلمات

: أ- توفي شخص فقال بعضهم : والله ما يستاهل

. ب – إذا حصل أذى للإنسان قالوا : مسكين . يعني : لماذا يحصل له هذا؟

الجواب :

الحمد لله

"أولاً : قول : (والله ما يستاهل) لا يجوز استعماله ؛ لأنه اعتراض على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، إذ معناها : أن ما أصاب فلاناً من مرض أو محنة أو موت ونحو ذلك لا يستحقه ، وهذا طعن في حكمة الله سبحانه .

ثانياً : قول : (مسكين) لمن حصل له أذى ، يعني لماذا يحصل له هذا : يقال في هذا اللفظ ما قيل في اللفظ الأول .

و الافضل قول .. قدر الله و ما شاء فعل

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/360) .

*عبدالرحمن*
2018-08-06, 18:36
حكم قول : ( يا من أمره بين الكاف والنون )

السؤال:

نرجو معرفة حكم قول :
( يا من أمره بين الكاف والنون ) ؟

وخاصة أنها كَـثُـرت على ألسنة الدعاة ، فما حكمها ؟

الجواب:

الحمد لله

هذا القول قد انتشر على ألسنة بعض الخطباء ، وهم يريدون بذلك أن ما أمر الله به يقع فوراً ، ولا يتأخر وقوعه ، وهو معنى صحيح بلا شك ، قال الله تعالى : (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) القمر/50 .

ولكن هذا اللفظ عند التأمل نجده غير صحيح ، ومخالفاً لما دل عليه القرآن .

ولعل هذه العبارة مقتبسة من أبيات لأبي محمد التيمي ، وهي قوله :

لا تخضعنّ لمخلوق علي طمعٍ فإن ذلك مُضرّ منك في الدينِ

واسترزقِ الله مما في خزائنه فإنما الأمر بين الكاف والنون

إن الذي أنت ترجـوه وتأمله من البرية مسكينُ ابن مسكين

"رسائل الثعالبي" (ص29) ، "الأغاني" (20/70).

قال الله عز وجل: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) البقرة/117 .

وقال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) آل عمران/59 .

وقال سبحانه : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) النحل/40

وهذا يعني أن الأمر لا يتم إلا بعد قوله تعالى : ( كن ) ، أما قبل النون فلم يتم الأمر من الله للشيء ، فلا يكون حتى يأمره الله .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى :

" اشتهر بين العوام أنهم يقولون : ( يا من أمره بين الكاف والنون ) وهذا خطأ ، ليس أمر الله بين الكاف والنون ، بل بعد الكاف والنون ؛ لأن الله قال : ( كُنْ فَيَكُونُ ) البقرة/117.

متى؟ بعد "كن" . فقولهم : "بين الكاف والنون" خطأ ، يعني : ما تم الأمر بين الكاف والنون ، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون ، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر " .

انتهى ."الباب المفتوح" (186/10) .

وقال أيضاً في "شرح الأربعين النووية" (ص 65) :

" أود أن أنبه على كلمة دارجة بين العوام : ( يا من أمره بين الكاف والنون ) ، وهذا غلط عظيم ، الصواب : ( يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون )

لأن ما بين الكاف والنون ليس أمراً ، الأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون ، لأن الكاف المضمومة ليس أمراً ، والنون كذلك ، لكن باجتماعهما تكون أمراً .

فالصواب أن تقول : ( يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون ) " انتهى .

فالذي ينبغي للخطباء والدعاة ألا يتعجلوا في قول شيء حتى يتأكدوا من صوابه ، إما بالبحث بأنفسهم ، وإما بسؤال أهل العلم .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:16
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

هل يجوز أن يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقال : اللهم صل على فلان ؟

الجواب

الحمد لله

سئل عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فأجاب :

"قد تنازع العلماء : هل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي على غير النبي صلى الله عليه وسلم مفردا ؟ على قولين :

أحدهما : المنع وهو المنقول عن مالك والشافعي واختيار جدي أبي البركات .

والثاني : أنه يجوز وهو المنصوص عن أحمد واختيار أكثر أصحابه : كالقاضي وابن عقيل والشيخ عبد القادر . واحتجوا بما روي عن علي أنه قال لعمر : صلى الله عليك

. واحتج الأولون بقول ابن عباس : لا أعلم الصلاة تنبغي من أحد على أحد إلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الذي قاله ابن عباس قاله لما ظهرت الشيعة وصارت تظهر الصلاة على علي دون غيره فهذا مكروه منهي عنه

كما قال ابن عباس . وأما ما نقل عن علي : فإذا لم يكن على وجه الغلو وجعل ذلك شعارا لغير الرسول فهذا نوع من الدعاء وليس في الكتاب والسنة ما يمنع منه وقد

قال الله تعالى : (هو الذي يصلي عليكم وملائكته)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث) وفي حديث قبض الروح : (صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه)

. ولا نزاع بين العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على غيره كقوله : (اللهم صل على آل أبي أوفى) وأنه يصلي على غيره تبعا له كقوله : (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) والله أعلم" انتهى .

"مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (22/472-474) .

*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:20
قول بعض الخطباء : في السماء ملكك وفي الأرض سلطانك وفي البحر عظمتك

السؤال :

يرد على ألسنة بعض الأئمة والخطباء في مستهل خطبهم وبعد حمد الله والثناء عليه قولهم هذه العبارة ، وهي : (في السماء ملكك ، وفي الأرض سلطانك وفي البحر عظمتك)

فهل ورد نص شرعي من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من صحابته الكرام بهذا الدعاء ؟

وإن كان لم يرد ألا تدل هذه العبارة على تخصيص ملك الله عز وجل في السماء فقط ؟

الجواب :

الحمد لله

"حمد الله والثناء عليه بما هو أهله في خطبة الجمعة إنما يكون بما ثبت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وما لا محذور فيه شرعاً من مطلق المحامد والثناء على الله تعالى .

أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى ؛ لأن فيها إيهاماً ، فقد يظن البعض تخصيص الملك بالسماء فقط ، أو السلطان بالأرض فقط ، وهكذا .

وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه ، فمن تأمل جميع ما خلقه الله أدرك عظمة الله ، وملكه لذلك ، وسعة سلطانه ، وقهره لجميع خلقه

قال الله تعالى : )لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) غافر/57

وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات/20، 21

وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185

وقال تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) البقرة/255

وقال سبحانه : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المائدة/120 .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/369) .

*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:23
أسلوب عامي يقرن لفظ الجلالة في كل تعبير للدلالة على المبالغة

السؤال :

ما حكم قول حلوة ل الله ، أو بعيدة ل الله ، للدلالة على الكثرة والزيادة : فمثلاً إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جداً فيقال : بعيدة ل الله

فيقرن اسم الله تعالى بقوله ، بعيدة ل الله ؛ لأن الله تعالى يدل على العظمة . فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله . وهذا قول منتشر بين بعض الناس ، ويقرن كثيراً بكل شيء

يراد به التدليل على الكثرة ، مثل : قصير ل الله ، طويل ل الله ، حقير ل الله ، قوي ل الله ، غير لذيذ ل الله . وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول : أنا واصلة معي لعند الله . فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى

ومحرمة ، فما سبب ذلك ، وما الدليل على التحريم ؟

وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم ، فمثلا : جميل ل الله ، تختلف عن قبيح ل الله ؟

الجواب:

الحمد لله

إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بِقَدْرِ الله ، أو الاستهانة بجلاله عز وجل : كَفَرَ باتفاق علماء المسلمين .

أما إِن لم يقصد ذلك : فلا يجوز للمسلم – على جميع الأحوال - أن يعتاد مثل هذه الألفاظ في كلامه وخطابه ، وذلك :
1- لأن في اعتيادها جرأة على لفظ الجلالة

وإشعارا بالتعدي على عظمته وجلالته ، والاستخفاف بحقه ، والواجب على المسلم تعظيم أسماء الله تعالى ، وصيانتها ، وحفظ جلالتها عن كل سبيل قد يؤدي إلى الاستخفاف بها ، أو الوقوع في الخطأ فيها .

2- ثم إن الذي يظهر لنا – من قرائن أحوال قائلي هذه الكلمات – أنها تصدر في أحيان كثيرة عن حَنَقٍ وغضب يَشْعُرُ قائلُها نفسُه أنه قد تجاوز الأدب والحدود مع الله سبحانه وتعالى

نخص من ذلك قوله : " أنا واصلة معي لعند الله " ، فسوء أدب هذه العبارة ظاهر ، يخشى على قائلها من عقوبتها يوم القيامة ، وكذلك إرداف لفظ الجلالة لبعض الأوصاف السيئة

كما جاء في السؤال من قول بعض العامة : " حقير ل الله "، فهذا فيما نرى لفظ كفري يخشى على قائله من الردة والعياذ بالله .

3- والله سبحانه وتعالى يقول : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج/30، ويقول عز وجل: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج/32.

يقول الشيخ محمد الخادمي الحنفي رحمه الله :

" من آفات اللسان ( ما فيه خوف الكفر ) ، وهو الذي لم يجزم الفقهاء بإيجابه كفرا ، بل قالوا فيه خوف الكفر ، أو خيف فيه الكفر

أو خطأ عظيم ، ( وحُكمُهُ أن يؤمر بالتوبة وتجديد النكاح احتياطا) لاحتمال كونه كفرا "

انتهى. "بريقة محمودية" (3/168) .

4- وقد فسر بعض أهل العلم قوله سبحانه وتعالى : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ ) البقرة/224 بأن المقصود النهي عن الإكثار من حلف الأيمان ولو كانت بوجه حق

فكيف إذن بالإكثار من ذكر لفظ الجلالة في كل عبارة تليق أو لا تليق . يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " أي لا تجعلوا اسم الله كالشيء المعرَّض للقاصدين "

انتهى. "التحرير والتنوير" (2/310) وانظر: "تفسير القرطبي" (3/97).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:29
حكم نشرة بعنوان " بيت للتمليك ، لا يفوتك ، يطل على ثلاث واجهات "!

السؤال:

ما حكم هذه الرسالة : ( بيت للتمليك .. لا يفوتك ! يطلّ على ثلاث واجهات

: 1. عرش الرحمن

2. قصر الرسول

3. نهر الكوثر

المكان جنة عرضها السماوات والأرض ، والثمن زهيد جدّاً : فقط 12 ركعة سنَّة في اليوم والليلة ) ؟

الجواب:

الحمد لله

هذه الرسالة تحتوي على الافتراء على الله ، وادعاء علم لا يعلمه إلا الله ، فما أدراه أن البيت الذي يبنى في الجنة لصاحبه سيكون مطلاًّ على عرش الرحمن ، وقصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونهر الكوثر ؟! .

وعرش الرحمن هو سقف جميع المخلوقات ، وفوق جميع المخلوقات ، فكيف سيكون هذا البيت مطلاً عليه ؟!

وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أفعال وَعَد أصحابها ببيوت في الجنة ، ولم يفصِّل لهم موقعها ، وإطلالتها .
ثم إن في هذا النوع من الرسائل نوعاً من السذاجة والسفاهة

وقد نبَّه عليها أهل العلم ، وحذروا من الاغترار بنشرها ، كمثل تلك الرسالة التي تجعل أعداد ركعات الصلوات أرقاما للاتصال بالله تعالى – والعياذ بالله -

أو كتلك التي يشبهون فيها الدار الآخرة برحلة على خطوط جوية ، وفيها تذاكر ، ومقاعد ، وأشياء أخرى تافهة ، ومثلها – أيضاً – نشرة فيها معلومات عن النبي صلى الله عليه وسلم

وقد سموها " جواز النبي " ! و " هوية أحوال للنبي " ! وكل ذلك فيه تضييع للأوقات والأموال ، مع ما قد يشوبه من السخرية والاستهزاء .

وقد يكون مقصد من يفعل ذلك خبيثاً ، وقد يكون حسناً ، لا ندري عن حقيقة الأمر ، ولكنه بكل حال لا يحل نشر مثل الرسائل ، بل الواجب الحذر والتحذير منها .

والركعات الواردة في السؤال هي السنن الرواتب ، وانظر تفصيلها في جواب السؤال القادم
.....

السنن الرّواتب

السؤال

هل من الممكن أن تعطينا عدد ركعات السنن الرواتب ومتى تأدى هذه السنن ؟.

الجواب

الحمد لله

جواب سؤالك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفجر

رواه الترمذي 379 وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 6183

وعَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ " .

رواه الترمذي رقم 380 وقال : حَدِيثُ عَنْبَسَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وهو في صحيح الجامع 6362

وليس لصلاة العصر سنّة راتبة ولكنّ صلاة أربع ركعات قبل فريضتها مستحبّة ولكنها دون منزلة السنن الرواتب في الأجر والمحافظة عليها ،

وهذه الأربع هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا . "

رواه الترمذي رقم 395 وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 3493 .

وكلّ النوافل الرّباعية السابقة تُصلى مثنى مثنى عند الشافعيّ وأحمد

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:34
دعاء اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه

السؤال

بعض المرات ندعو بهذا الدعاء : اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه ، فهل هذا الدعاء جائز أم فيه مخالفة ؟

الجواب :

الحمد لله

" لا نرى الدعاء هذا ، بل نرى أنه محرم ، وأنه أعظم من قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا يقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت )

وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء ، كما جاء في الحديث : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ) والله عز وجل يقضي الشيء ثم يجعل له موانع

فيكون قاضيا بالشيء ، وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء ، والذي يرد القضاء هو الله عز وجل

فمثلا : الإنسان المريض ، هل يقول : اللهم إني لا أسألك الشفاء ، ولكني أسألك أن تهون المرض ؟

لا ، بل يقول : اللهم إنا نسألك الشفاء ، فيجزم بطلب المحبوب إليه ، دون أن يقول : يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي ، هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ؟

وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أولا بسبب دعائك

فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة ، وأن الواجب أن يقول : اللهم إني أسألك أن تعافيني ، أن تشفيني ، أن ترد علي غائبي ، وما أشبه ذلك " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذا الدعاء ، فأجابوا :

" هذا الدعاء لا نعلم أنه وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فتركه أحسن ، وهناك أدعية تغني عنه ، مثل : ( وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشداً )

رواه أحمد وابن ماجه وصاحب المستدرك ، وقال : صحيح الإسناد

ومثل ما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء )

قال سفيان -وهو أحد رواة الحديث - : ( الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي ) رواه البخاري .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .

"فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (24/291) .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-08-13, 18:57
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم عبارة "حرية الفكر"

السؤال :

نسمع ونقرأ كلمة "حرية الفكر" ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد ، فما تعليقكم على ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

" تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد ، يعتقد ما شاء من الأديان ، فإنه كافر ؛ لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم

فإنه كافر بالله عز وجل يستتاب ، فإن تاب وإلا وجب قتله .

والأديان ليست أفكاراً ، ولكنها وحي من الله عز وجل ينزله على رسله ، ليسير عباده عليه ، وهذه الكلمة ـ أعني كلمة فكر

التي يقصد بها الدين : يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية ، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد ، وهو أن يقال عن الإسلام : فكر

والنصرانية فكر ، واليهودية فكر ـ وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية ـ فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس

والواقع أن الأديان السماوية أديان سماوية من عند الله عز وجل ، يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله ، تَعَبَّد بها عبادَه ، ولا يجوز أن يطلق عليها "فكر" .

وخلاصة الجواب : أن من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء ، وأنه حر فيما يتدين به ، فإنه كافر بالله عز وجل ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) آل عمران/85

ويقول : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/19 .

فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز ، يجوز للإنسان أن يتعبد به ، بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة " انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين" (3/99 ، 100) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-08-13, 19:01
من دان بغير الإسلام فهو كافر سواء كان من الصابئة أو من غيرهم

السؤال

هنا بالمغرب جماعة تسمى بالصابئين يدعون أنهم على دين إسماعيل عليه السلام ما حكمهم في الدين ؟

وهل هم على صواب أم هم ضالون ؟

الجواب

الحمد لله

اختلف العلماء في حال الصابئة الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم ، هل هم من النصارى أو من اليهود أو المجوس ، إلى غير ذلك من الأقوال

وأما بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيجب أن يعتقد أن كل من دان بغير دينه فهو كافر ، ولا ينفعه انتسابه إلى إبراهيم أو إسماعيل أو موسى أو عيسى عليهم السلام

لأن الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للأنبياء ، وأوجب على الجن والإنس اتباعه والإيمان به ، وجعل شريعته ناسخة لجميع الشرائع ومهيمنة عليها

كما قال سبحانه : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) الأحزاب/40،

وقال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81

وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/170

وقال سبحانه : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا ) المائدة/48 .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم (153) .

وعليه ؛ فهذه الجماعة التي ذكرتها إذا كانوا لا يدينون بالإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهم كفار ، لا شك في ذلك ولا ريب .

وقد أوردت الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة نبذة عن الصابئة الذين يعيشون اليوم في جنوبي العراق وإيران

وأنهم يزعمون أن يحيى عليه السلام هو نبيهم ، وذكرت شيئا من عبادتهم كالصلاة التي تختلف عن صلاة المسلمين ، والطهارة والتعميد .

ينظر : "الموسوعة الميسرة" (2/724- 733) .

وأما الصابئة بالمغرب فلا نعلم شيئا عن حالهم ، وحسبك ما ذكرنا من أن كل من دان بغير الإسلام فهو كافر ، سواء انتسب إلى اليهودية أو النصرانية أو الصابئة أو غيرها

حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وبدينه وبكتابه ويلتزم شريعته . وقد نص أهل العلم على أن المسلم يكفر ويرتد إذا اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف إذا خرج عنها بالفعل .

قال في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (6/171) في باب المرتد :

" من اعتقد أن لأحدٍ طريقا إلى الله من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو لا يجب عليه اتباعه ، أو أن له أو لغيره خروجا عن اتباعه صلى الله عليه وسلم وعن أخذ ما بُعث به

أو قال : إن من الأولياء من يسعه الخروج عن شريعته صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى صلى الله عليه وسلم

فهو كافر ؛ لتضمنه تكذيب قوله تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) الأنعام/153 .

أو اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، فهو كافر " انتهى بتصرف .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-13, 19:07
الاقتباس من القرآن ، أنواعه ، وأحكامه

السؤال:

هل يجوز - يا شيخ - أن نقتبس من القرآن الكريم بعض جمل وفقرات واستخدامها في الحياة العامة ؟

مثلاً : يقول لي صديقي : " تعال نأكل في هذا المطعم " ، أقول له : " أكل المطاعم لا يسمن ولا يغني من جوع " ، ومثال آخر : يطلب مني صديق أن أخبره بشيء ، فأقول له : " انتظر حتى أحدث لك منه ذِكراً ".

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الاقتباس في اللغة : هو طلب القَبَس ، وهو الشعلة من النار ، ويستعار لطلب العلم ، قال الجوهري في " الصحاح " : اقتبست منه علما : أي استفدته .

وفي الاصطلاح : تضمين المتكلم كلامه - شعراً كان أو نثراً - شيئاً من القرآن ، أو الحديث ، على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث .

"الموسوعة الفقهية" (6/16 ، 17) .

ثانياً:

أنواع الاقتباس :

في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 16 ، 17 ) :

الاقتباس على نوعين :

أحدهما : ما لم ينقل فيه المقتبَس ( بفتح الباء ) عن معناه الأصلي ، ومنه قول الشاعر :

قد كان ما خفت أن يكونا *** إنا إلى الله راجعونا

وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير ؛ لأن الآية ( وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة/156.

والثاني : ما نقل فيه المقتبَس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي :

لئن أخطأتُ في مدحِـ ك ما أخطأتَ في منعي

لقد أنزلتُ حاجاتي " بوادٍ غير ذي زرع "

فقوله " بواد غير ذي زرع " : اقتباس من القرآن الكريم ، فهي وردت في القرآن الكريم بمعنى " مكة المكرمة " ، إذ لا ماء فيها ولا نبات ، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ، هو : " لا نفع فيه ولا خير " .

ثالثاً:

حكم الاقتباس :

جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 6 / 17 ، 18 )

: " يرى جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز الاقتباس فيه من القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون ، والفحش .

قال السيوطي : لم يتعرض له المتقدمون ، ولا أكثر المتأخرين من الشافعية ، مع شيوع الاقتباس في أعصارهم ، واستعمال الشعراء له قديماً ، وحديثاً

وقد تعرض له جماعة من المتأخرين ، فسئل عنه الشيخ العز بن عبد السلام فأجازه ، واستدل له بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله في الصلاة وغيرها : ( وجهت وجهي ... إلخ )

وقوله : ( اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر ) .

وفي سياق الكلام لأبي بكر ... " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .

وفي حديث لابن عمر ... " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .

وقد اشتهر عند المالكية تحريمه ، وتشديد النكير على فاعله ، لكن منهم من فرَّق بين الشِّعر فكره الاقتباس فيه ، وبين النثر فأجازه

وممن استعمله في النثر من المالكية : القاضي عياض ، وابن دقيق العيد ، وقد استعمله فقهاء الحنفية في كتبهم الفقهية .

ونقل السيوطي عن " شرح بديعية " ابن حجة أن الاقتباس ثلاثة أقسام :

الأول : مقبول ، وهو ما كان في الخطب والمواعظ والعهود .

والثاني : مباح ، وهو ما كان في الغزل والرسائل والقصص .

والثالث : مردود ، وهو على ضربين .

أحدهما : اقتباس ما نَسبه الله إلى نفسه ، بأن ينسبه المقتبِس إلى نفسه ، كما قيل عمن وقع على شكوى بقوله : " إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم " !! .

والآخر : تضمين آية في معنى هزل ، أو مجون .

قال السيوطي : وهذا التقسيم حسن جدّاً ، وبه أقول " انتهى .

وبهذا التقسيم الأخير يقول العلماء المحققون ، وليس ثمة فرق بين الشِّعر والنثر عندهم .

1. سئل علماء اللجنة الدائمة

عن : استعمال بعض آيات القرآن في المزاح ما بين الأصدقاء ، مثال : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) الحاقة/30 ، ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) عبس/40 ، ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) الفتح/29 ، هل يجوز استعمال هذه الآيات في المزاح ما بين الأصدقاء ؟ .

فأجابوا : " لا يجوز استعمال آيات القرآن في المزاح على أنها آيات من القرآن ، أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على اللسان لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه : فيجوز.

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 82 ، 83 ) .

2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً – : ما حكم تأول القرآن عندما يعرض لأحد منَّا شيءٌ من أمور الدنيا ، كقول أحدنا عندما يحصل عليه شدة ، أو ضيق : ( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) مريم/83 .

عندما يلاقي صاحبه : ( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) طه/40 .

عندما يحضر طعام : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/24 .

إلى آخر ما هنالك مما يستعمله بعض الناس اليوم ؟ .

فأجابوا : " الخير في ترك استعمال هذه الكلمات وأمثالها فيما ذكر ؛ تنزيهاً للقرآن ، وصيانة له عما لا يليق.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 81 ، 82 ) .

3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -

: كثيراً ما يتناقل بعض الناس أثناء الحديث على ألسنتهم آيات من القرآن الكريم ، أو من السنَّة على سبيل المزاح ، مثاله : كأن يقول بعضهم : فلان ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) الشمس/13

أو قول بعضهم للبعض : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون/ 6 ، واليوم رأينا نون وما يعلمون ، وهكذا ، ومن السنَّة : كأن يقول أحدهم إذا ذُكّر ونُصح بترك المعصية : يا أخي ( التقوى هاهنا )

أو قوله : ( إن الدين يسر ) وهكذا .

فما قولكم في أمثال هؤلاء ؟ وما نصيحتكم لهم ؟ .

فأجاب : " أما من قال هذا على سبيل الاستهزاء والسخرية : فإنه على خطر عظيم ، وقد يقال إنه خرج من الإسلام ؛ لأن القرآن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يُتخذ هزواً

وكذلك الأحكام الشرعية ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/64 – 66 .

ولهذا قال العلماء رحمهم الله : من قال كلمة الكفر ولو مازحاً : فإنه يكفر ، ويجب عليه أن يتوب ، وأن يعتقد أنه تاب من الردة ، فيجدد إسلامه ، فآيات الله عز وجل ورسوله أعظم من أن تتخذ هزواً أو مزحاً .

أما من استشهد بآية على واقعة جرت وحدثت : فهذا لا بأس به ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد بالآيات على الوقائع

فاستشهد بقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) التغابن/15 ، حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما ، فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم

وقال : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة ) التغابن/15 ، فالاستشهاد بالآيات على الوقائع : لا بأس به ، وأما أن تنزّل الآيات على ما لم يُرد الله بها - ولاسيما إن قارن ذلك سخرية واستهزاء - : فالأمر خطير جدّاً " انتهى .

"لقاءات الباب المفتوح" (60/السؤال الأول) .

4. وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –

: نسمع كثيراً من الإخوان يستخدمون الآيات القرآنية لضرب أمثلة ، كقوله تعالى : ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ )

الغاشية/7 ، وقوله : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 .

فهل هذا جائز أم لا ؟ وإذا كان جائزاً : ففي أي الحالات يمكن ذكرها وترديدها ؟ .

فأجاب : " لا بأس بالتمثل بالقرآن الكريم إذا كان لغرض صحيح ، كأن يقول : هذا الشيء لا يُسمن ، ولا يُغني من جوع ، أو يقول : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55

إذا أراد التذكير بحالة الإنسان مع الأرض ، وأنه خلق منها ، ويعود إليها بعد الموت ثم يبعثه الله منها ، فالتمثل بالقرآن الكريم إذا لم يكن على وجه السخرية والاستهزاء : لا بأس به

أما إذا كان على وجه السخرية والاستهزاء : فهذا يعتبر ردة عن الإسلام ؛ لأن من استهزأ بالقرآن الكريم أو بشيء من ذكر الله عز وجل ، وهزل بشيء من ذلك : فإنه يرتد عن دين الإسلام

كما قال تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65 ، 66 ، فيجب تعظيم القرآن واحترامه " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2 /79 ) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-08-13, 19:12
اقتباس الألفاظ النبوية وتضمينها في الشعر

السؤال

قال احد الشعراء فأنا قتيل العشق ملء إرادتي رفع الكتاب وجفت الاقلام ولما نوقش في الشطر الثاني من البيت قال : انه للضرورة الشعرية وأنه من قبيل رواية الحديث

بالمعنى وأن الكتاب الذي سجل أقدرانا رفع وحفظ وأن الأقلام قد جفت فما توجيهكم حول هذا ؟

الجواب

الحمد لله :

أما بعد : فإن المعنى الذي أراده القائل هنا لا يزال صحيحا موافقا للمعنى الوارد في الحديث النبوي الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفعت الأقلام وجفت الصحف )

رواه الترمذي (2440) من حديث ابن عباس ، وقال حسن صحيح

فإن وصف القلم بالجفوف قد ورد في الأحاديث الصحيحة أيضا ففي صحيح البخاري (4686) قال صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق " قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/119): (

أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به ) .

وأما قوله : " رفعت الصحف " ، فهو من تمام هذا المعنى : أن هذا أمر قد جرى به سابق القدر ، ولم تعد الصحف منشورة يكتب فيها ، بل رفعت وطويت من قديم ، حتى لقد جف مدادها ، كناية عن قدم رفعها .

وقد ورد حديث ابن عباس بلفظ : ( قضي القضاء و جفت الأقلام وطويت الصحف ) رواه البيهقي في الشعب (192ـ ط الرشد ) ، والطبراني في الكبير (12/238) ، وقال محقق الشعب : إسناده حسن ، والحديث صحيح لطرقه . اهـ .

وجاء الأثر بلفظ : رفع الكتاب ، كما ذكره الناظم ، عن الحسن بن علي رضي الله عنه ، موقوفا عليه ، قال : ( رفع الكتاب وجف القلم ، وأمور تقضى في كتاب قد خلا )

رواه عبد الله بن أحمد في السنة (783) والفريابي في القدر (84) والطبراني في الكبير (2684) وتمام في فوائده (1375) .

والمعنى في الجميع واحد ، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " هو كنايةٌ عن تقدُّم كتابة المقادير كلِّها ، والفراغ منها من أمدٍ بعيد ، فإنَّ الكتابَ إذا فُرِغَ من كتابته

ورفعت الأقلامُ عنه ، وطال عهده ، فقد رُفعت عنه الأقلام ، وجفتِ الأقلام التي كتب بها مِنْ مدادها ، وجفت الصَّحيفة التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها ، وهذا من أحسن الكنايات وأبلغِها .

وقد دلَّ الكتابُ والسننُ الصحيحة الكثيرة على مثل هذا المعنى ، قال الله تعالى :

( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) وفي " صحيح مسلم [ 2653 ] " عن عبد الله بن عمرو ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

قال : ( إنَّ الله كتبَ مقاديرَ الخلائق قبل أنْ يخلُقَ السَّماوات والأرض بخمسين ألفَ سنة ) .. "

انتهى من جامع العلوم والحكم (1/508) .

و لكن هنا مسألة أخرى وهي ما حكم اقتباس كلمات من القرآن أو الحديث ووضعها في الشعر أو النثر من كلام الناس ؟
والجواب :

أن ذلك جائز عند جمهور أهل العلم إذا كان لمقاصد حسنه تضاهى وتشابه المقاصد الشرعية ، أما الكلام الفاسد ككلام أهل البدع أو كلام أهل المجون والفحش

ونحو ذلك ، فإنه لا يجوز اقتباس الألفاظ الشريفة ووضعها فيه .

انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (6/17) .

قال السيوطي رحمه الله في الإتقان (1/297 )

(وفي شرح بديعية ابن حجة الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود.

فالأول: ما كان في الخطب والمواعظ والعهود.

والثاني: ما كان في الغزل والرسائل والقصص.

والثالث: على ضربين: أحدهما: ما نسبه الله إلى نفسه، ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه: كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله:"إن إلينا إيابهم* ثم إن علينا حسابهم".

والآخر تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقوله:

أوحى إلى عشاقه طرفه === هيهات هيهات لما تـوعدون

وردفه ينطق مــن خلفه === لمثل ذا فليعمل العاملـــــون

قلت: وهذا التقسيم حسن جدا وبه أقول ) انتهى .

وقال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية (2/ 289)

: " سئل ابن عقيل عن وضع كلمات وآيات من القرآن في آخر فصول خطبة وعظية؟ فقال: تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام

كما يضمن في الرسائل إلى المشركين آيات تقتضي الدعاية إلى الإسلام، فأما تضمين كلام فاسد فلا يجوز .. " انتهى .
ومما سبق يتبين أن ما فعله هذا الناظم غير جائز ، لما فيه من امتهان النصوص الشرعية الكريمة ، ووضعها في غير موضعها اللائق بها .

ثم إن المعنى الذي ذكره هذا الناظم مختل غير متناسب ؛ فحق الذي يقول : إنه قتيل العشق ملء إرادته ، أن يقر على نفسه بالجناية ، وأنه الذي أورد نفسه الموارد حتى أتلفها

لا أن يذيل ذلك برفع الكتاب وجفاف القلم ، وما فيه من تقرير سبق المقادير ؛ اللهم إلا أن يكون الرجل لا يعلم مغزى الكلام ، ولا يدري معنى الحديث

وإنما هو شيء اجتلبته القافية ، وضرورة الشعر ، فهذا شأنه أن يعلم مقاصد الكلام ، ويدرب على أن يضع الشيء موضعه ؛ وقد قالوا في البلاغة : إنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-08-13, 19:18
وقفة تأمل مع جملة " الإسلام دين الوسطية "

السؤال:

أهل الصلاح يتحدثون عن " الوسطية في الدين "

والعلمانيون يتحدثون عن " الوسطية في الدين "

بل حتى الكافر يتحدث عن " الوسطية في الدين "

فما الوسطية في الدين ؟

الجواب :

الحمد لله

شاع في زماننا هذا جملة " الإسلام دين الوسطية " ، وهي كلمة حق ، لها أدلتها من الكتاب والسنَّة وأقوال أهل العلم ، لكننا وجدنا في الوقت نفسه من أساء استعمالها

وأراد تمرير " التمييع " للأحكام الشرعية من خلالها ، وذهب إلى الثوابت الشرعية ليهز قواعدها ، انطلاقاً من تلك الجملة ، ومن فهمه المغلوط لها .

فصار لتلك الجملة الآن استعمالان ، أحدهما حق ، والآخر باطل .

أ. أما الاستعمال الحق لها : فله ما يؤيده من القرآن والسنَّة وأقوال أهل العلم من أهل السنَّة ، وقد جاء في القرآن بأن هذه الأمة " أمة الوسط " ، والمقصود بها الخيار والعدول ، وهم الذين يكونون بين طرفي النقيض .

قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) البقرة/ 143 .

قال الإمام الطبري – رحمه الله - :

" وأرى أن الله تعالى ذِكْره إنما وصفهم بأنهم " وسَط " : لتوسطهم في الدين ، فلا هُم أهل غُلوٍّ فيه ، غلوَّ النصارى الذين غلوا بالترهب ، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه

ولا هُم أهلُ تقصير فيه ، تقصيرَ اليهود الذين بدَّلوا كتابَ الله ، وقتلوا أنبياءَهم ، وكذبوا على ربهم ، وكفروا به ، ولكنهم أهل توسط ، واعتدال فيه ، فوصفهم الله بذلك ، إذ كان أحبَّ الأمور إلى الله أوْسطُها "

انتهى . " تفسير الطبري " ( 3 / 142 ) .

وقال ابن القيم – رحمه الله – مؤكداً هذا المعنى -

: " فدين الله بين الغالي فيه ، والجافي عنه ، وخير الناس : النمط الأوسط ، الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ، ولم يلحقوا بغلوِّ المعتدين ، وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطاً

وهي الخيار ، العدل ؛ لتوسطها بين الطرفين المذمومين ، والعدل هو : الوسط بين طرفي الجور، والتفريط، والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها ، فخيار الأمور أوساطها .

قال الشاعر :

كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا " انتهى .

" إغاثة اللهفان " ( 1 / 182 ) .

ومما يؤكد هذا المعنى من الأمثلة في الشرع الحكيم المطهَّر :

1. دعاء المسلمين في سورة الفاتحة ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) الفاتحة/6 ، 7 .

وهذا الدعاء يكرره المسلم دائما في الصلاة وغيرها ، وفيه سؤال الله تعالى أن يهديه طريق المنعَم عليهم من النبيين والصدِّيقين

وأن يجنبه طريق المغضوب عليهم من اليهود الذين ضلوا على علم ، ومن طريق النصارى الذي ضلوا بسبب جهلهم .

2. لا يؤخذ في الزكاة كريم المال ولا رديئه .

وقد أوصى النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه لمَّا بعثه إلى اليمن بقوله :

( أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ) رواه البخاري ( 1425 ) ومسلم ( 130 ) .

قال النووي – رحمه الله – معدِّداً فوائد الحديث - :

" وفيه : أنه يحرم على الساعي أخذ كرائم المال ، في أداء الزكاة ، بل يأخذ الوسط ، ويحرم على رب المال إخراج شر المال " انتهى .

"شرح صحيح مسلم للنووي" ( 1 / 197 ) .

3. وفي الإنفاق .

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) الفرقان/ 67 .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

" أي : ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة ، ولا بخلاء على أهْليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم ، بل عَدْلا خياراً ، وخير الأمور أوسطها ، لا هذا ولا هذا .

( وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) ، كَمَا قَالَ : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ) الإسراء/ 29 " انتهى .

" تفسير ابن كثير " (6 /123 ، 124 ) .

ب. وأما الاستعمال الباطل لجملة " الإسلام دين الوسطية " فهو ما يدعو إليه بعض الكتاب والدعاة من الوقوف في الوسط بين كل متناقضين

وعدم اتخاذ الموقف الشرعي الذي يوجبه عليه دينه ، فهو يقف – مثلاً – بين السنَّة والبدعة ، فلا يرفض البدعة بإطلاق ، ولا يقبل السنَّة بإطلاق ! ،

وفي حكم الردة يحاول التوسط ! فلا يقبل الاستتابة والقتل فيها ، ولا يسمح بها بإطلاق ! ، وهو لا يرفض التصوف بإطلاق ، بل يوهم نفسه بأنه من أهل العدل حين لا يحكم عليها بأنها من فرق الضلال والهلاك

وقل مثل هذا في الفرق الضالة ، بل تعدى ذلك إلى الكفر والإسلام ! ، ولهذا تجد هؤلاء هم عمدة الحوارات التي تعقد للتقريب بين التوحيد والشرك – كما هو الحال في التقريب بين السنة والشيعة -

والإسلام والكفر – كما هو الحال في التقريب بين الإسلام والنصرانية واليهودية - ، فلا الإسلام والسنَّة نصروا ، ولا البدعة والكفر كسروا ، وعاشوا على تمييع دينهم ، والتنازل عن ثوابته

من أجل أن تلمَّع صورتهم في الإعلام أنهم من " دعاة الوسطية " فيحصلوا مكاسب دنيوية ، لا تنفعهم عند ربهم ، بل تضرهم ، وقد خذل الله بعض رموزهم

فمنع من دخول بعض دول الكفر ، مع أنه من أبرز من أطلق عليهم " إخوة " ! بل ووصف نصارى بلده بأنهم " شهداء " ! ولطالما ميَّع دينه بفتاوى يزعم أنها " تيسيرية " و " وسطية "

فما نفعه هذا في دنياه ؛ وصدق الله العظيم : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة/ من الآية 120 .

وينبغي أن يعلم هؤلاء وغيرهم : أن الوسط ، والتوسط ليس هو أن يقف المسلم وسط الطريق بين كل متناقضين ، بل هو أن يلتزم شرع الله تعالى في موقفه ،

وأن يحكم على الشيء بما يستحقه مما جاء في الكتاب والسنَّة ، والوسطية هي التوسط بين أمرين كلاهما خطأ وضلال في الأصل

وأما من يستعملها على غير وجهها فهو يقف في وسط الطريق مطلقاً ، ولو كان أحد الجانبين فيه التوحيد ، والسنَّة ؛ فهذا باطل .

قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله :

" والقول بين القولين إنما يُسْتحب اختياره ، وسلوك طريق بين الغالي والمقصر ، إنما يكون أولى إذا أمكن تمشيته ؛ فأما إذا لم يمكن تمشيته ، فلا " انتهى .

"قواطع الأدلة في أصول الفقه" (5/256) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

ما المراد بالتوسط في الدين ، أو الوسطية ؟ .

فأجاب : " التوسط في الدين ، أو الوسطية : أن يكون الإنسان بين الغالي والجافي ، وهذا يدخل في الأمور العلمية العقدية ، وفي الأمور العملية التعبدية .

فمثلاً : في الأمور العقدية ، انقسم الناس فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته إلى ثلاثة أقسام : طرفان ، ووسط ، طرفٌ غلا في التنزيه ، فنفى عن الله ما سمَّى ووصف به نفسه

وقسمٌ غلا في الإثبات ، فأثبت لله ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ، لكن باعتقاد المماثلة ، وقسمٌ وسط أثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات

لكن بدون اعتقاد المماثلة ، بل باعتقاد المخالفة ، وأن الله تعالى لا يماثله شيء من مخلوقاته ... .

هذا في العقيدة ، كذلك أيضاً في الأعمال البدنية : مِن الناس مَن يغلو ، فيزيد ، ويشدد على نفسه ، ومن الناس من يتهاون ، ويفرط ، فيضيع شيئاً كثيراً ، وخير الأمور الوسط .

والوسط الضابط فيه : ما جاءت به الشريعة ، فهو وسط ، وما خالف الشريعة : فليس بوسط ، بل هو مائل ، إما للإفراط ، وإما إلى التفريط .

وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في " العقيدة الواسطية " خمسة أصول ، بيَّن فيها رحمه الله أن أهل السنة فيها وسطٌ بين طوائف المبتدعة ، فيا حبذا لو أن السائل رجع إليها ؛ لما فيها من الفائدة " انتهى .

" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 226 ، وجه ب ) .

ويمكن مراجعة رسالة الوسطية ، لفضيلة الشيخ الدكتور ناصر العمر ، حفظه الله .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-08-18, 20:34
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


يقول في أثناء كلامه : بالأمانة

السؤال :

أحياناً يقول الرجل أثناء كلامه : بالأمانة كذا ، ولا يقصد الحلف بالأمانة ، وإنما يقصد أنه يتكلم بأمانة ولا يكذب ، فما حكم ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

ما دام أنه لم يقصد الحلف بالأمانة ، فلا حرج عليه إن شاء الله ، والأفضل له أن يعدل عن هذا الأسلوب ، حتى لا يفهم المتكلم معه أنه يحلف بغير الله .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء

: رجل أراد أن يشتري من تاجر سلعة فأعطاه ثلاثة أنواع منها ، فقال له الرجل : تخبرني عن الأفضل من هذه السلع ، وقال التاجر : بالأمانة هذا هو الأفضل

وكلا الرجلين لم يقصد يمينا ، وإنما قصدهما ائتمان أحدهما الآخر في الإخبار بالحقيقة ، ويسأل هل هذا يعتبر كفرا وإلحادا ؟

فأجابوا : " إذا لم يكن أحدهما قصد بقوله : بالأمانة الحلف بغير الله ، وإنما أراد بذلك ائتمان أخيه في أن يخبره بالحقيقة ، فلا شيء في ذلك مطلقا ، لكن ينبغي ألا يعبر بهذا اللفظ الذي ظاهره الحلف بالأمانة .

أما إذا كان القصد بذلك الحلف بالأمانة فهو حلف بغير الله ، والحلف بغير الله شرك أصغر

ومن أكبر الكبائر ؛ لما روى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بالأمانة فليس منا ) ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ) .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/274) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-08-18, 20:37
لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

السؤال

هل يجوز التذميم بقوله لأخيه بذمتك أو بصلاتك أو بقوله أنت بحرج إن فعلت كذا ، فمثل هذه العادات منتشرة بين النساء والأطفال ، نرجو التوجيه جزاكم الله خيراً ؟.

الجواب

الحمد لله

لا يجوز الحلف لا بالصلاة ولا بالذمة ولا بالحرج ولا بغير ذلك من المخلوقات ، فالحلف يكون بالله وحده . فلا يقول : بذمتي ما فعلت كذا ولا بذمة فلان ، ولا بحياة فلان ، ولا بصلاتي

ولا أطالبه فأقول : قل بذمتي ولا بصلاتي ، بزكاتي ، كل هذا لا أصل له ، لأن الصلاة فعل العباد ، والزكاة فعل العباد ، وأفعال العباد لا يحلف بها وإنما الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى أو بصفاته

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) متفق على صحته ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( من حلف بشئ

دون الله فقد أشرك ) أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه وأخرجه الترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ

: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( من حلف بالأمانة فليس منا ) فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر من ذلك وألا يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى

فيقول : بالله ما فعلت كذا ، والله ما فعلت كذا ، إذا دعت الحاجة . والمشروع أن يحفظ يمينه ، ولا يحلف إلا لحاجة ، قال تعالى : ( واحفظوا أيمانكم ) المائدة/89

لكن إذا دعت الحاجة يحلف فيقول : والله ما فعلت كذا إذا كان صادقاً ، والله ما ذهبت إلى فلان ، تالله ما ذهبت إلى فلان ، فإذا كان صادقاً فلا حرج عليه

لأن هذا حلف بالله سبحانه وتعالى عند الحاجة إلى ذلك . أما الحلف بالأمانة أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالكعبة أو بحياة فلان أو بشرف فلان ، أو بصلاتي أو بذمتي فلا يجوز كما تقدم للأحاديث السابقة .

أما إذا قال : في ذمتي ، فهذا ليس بيمين ، يعني هذا الشيء في ذمتي أمانة . أما إذا قال بذمتي أو بصلاتي أو بزكاتي أو بحياة والدي فهذا لا يجوز ؛ لأنه حلف بغير الله سبحانه وتعالى ، نسأل الله للجميع الهداية .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/345.

*عبدالرحمن*
2018-08-18, 20:40
هل يجوز قول تبت لله والرسول؟

السؤال :

هل يجوز قول : (تبت لله والرسول) ، و(أستودعك الله ورسوله) في الوداع ، و(حسبنا الله والنبي) ، في الأذكار ؟

الجواب :

الحمد لله

" التوبة والإنابة قربة أمر الله بها في قوله : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31

وقوله : (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) الزمر/54

فلا يكون ذلك لأحد من خلقه ، لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، وكذا الحسب والكفاية لا يكونان إلا من الله تعالى ، ولذلك أثنى الله على أهل التوحيد ، حيث أفردوه بالحسب

فقال تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/173

ولم يقولوا : حسبنا الله ورسوله ، قال ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ)الأنفال/64 ، أي : الله كافيك ، وكافي أتباعك

فلا تحتاجون معه إلى أحد . وذكر أن هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، ثم خَطَّأ من قال : المعنى : حسبك الله وحسبك المؤمنون ، وعلل ذلك بأن الحسب والكفاية لله وحده ، كالتوكل والتقوى والعبادة

قال الله تعالى : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) الأنفال/62 ، ففرق بين الحسب والتأييد ، فجعل الحسب لله وحده

وجعل التأييد له بنصره وبعباده ، وأثنى على أهل التوحيد من عباده ، حيث أفردوه بالحسب ، فقال تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/173

ولم يقولوا حسبنا الله والرسول ، ونظير هذا قوله ، (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) التوبة/59

فتأمل كيف جعل الإيتاء لله والرسول ، وجعل الحسب له وحده فلم يقل : ( وقالوا حسبنا الله ورسوله) بل جعله خالص حقه ، كما قال : (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) التوبة/59 ، فجعل الرغبة إليه وحده

كما قال : (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الشرح/8 ، فجعل الرغبة والتوكل والإنابة والحسب لله وحده ، كما أن العبادة والتقوى والسجود والنذر والحلف لا يكون إلا له سبحانه وتعالى . اهـ .

وبهذا يعلم أن ما يقوله بعض الناس عند التوبة : (تبت إلى الله والرسول) أمر لا يجوز ، وكذا قولهم : (حسبنا الله والنبي) لا يجوز ، بل ذلك شرك

وكذا قول بعضهم في وداع المسافر : (أستودعك الله ورسوله) ؛ لما رواه أبو داود والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه كان يقول للرجل إذا أراد سفراً : ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا

فيقول : (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك ) .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/298) .

*عبدالرحمن*
2018-08-18, 20:44
هل يجوز قول عبارة " إلا رسول الله "؟

السؤال

ما حكم قول العبارة : " إلا رسول الله " ؟

الجواب

الحمد لله

تتابع كثير من الناس على استعمال هذه العبارة للدفاع عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وجعلوها شعاراً لمقاطعتهم الدول التي وقفت مع من أساء إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ولا شك في حسن قصد من استعملها وأطلقها ، ولكن هذه العبارة من حيث معناها فيها إشكال ، وهو أنه ذكر فيها المستثنى ولم يذكر المستثنى منه .

وعلى أي تقدير للمستثنى منه ، يكون معنى العبارة غير مستقيم ، فإن ظاهرها أننا نقبل أو نسكت عن الإساءة إلى أي شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهذا المعنى باطل

فإننا لا نقبل ولا نسكت على الإساءة إلى الله تعالى ، ولا إلى القرآن ، أو الإسلام ، أو أحد من الأنبياء والمرسلين ، أو الملائكة ، أو الصحابة رضي الله عنهم

أو أمهات المؤمنين ، أو إخواننا المؤمنين ، فظهر بذلك أن معنى العبارة غير صحيح ، وهو ما جعل بعض علمائنا يفتون بأنها غير جائزة .

فقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : انتشر في هذه الأيام كتابة عبارة " إلا رسول الله " ، فهل ترون جواز استعمال هذه العبارة ؟ .

فأجاب :

"لا أرى جوازها ؛ لأنها لا تـُفيد شيئاً ، هي عندي تشبه ذِكر الصوفية " الله ، الله " ! .

لكن نعلم أن مقصود الذين يكتبونها هو : " كل شيء إلا الرسول ، لا تقربون حماه ، ومقامه ، وحرمته ، هذا مُــراد من كتبها

لكن إذا نظرنا لتحديد لفظة " إلا رسول الله " : ( صار المعنى ) : سبُّوا كلَّ أحدٍ إلا رسول الله ! هل هذا صحيح ؟ وهل يستقيم الكلام ؟ .

سبُّوا كلَّ أحدٍ إلا رسول الله . فهي غلط" انتهى .

" شرح مقدمة أصول التفسير " الدرس الرابع ، السؤال الأول .

وهذا رابط المادة الصوتية :

http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=48708

وسئل الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله : عن تعليق هذه العبارة .

فأجاب : "أما " إلا رسول الله " : فهذا كلام غير صحيح ؛ لا بد أن يؤتى بالمستثنى منه , ولا شك أن الإساءة لله تعالى أعظم من الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهي عبارة غير مستقيمة ، ولا تصح" انتهى .

" شرح سنن ابن ماجه " .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-08-18, 20:50
إطلاق لفظ الرب مقيدا على السيد

السؤال

سؤالي عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قول : ( أطعم ربك ) ، وقول المولى جل وعلا في سورة يوسف عليه السلام : ( أما الآخر فيسقي ربه خمرا ) ، فكيف الجمع بين النصين ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

وردت في هذه المسألة بعض النصوص التي ظاهرها التعارض :

فقد جاء في السنة النبوية نهي عن استعمال لفظ العبودية أو الربوبية مضافا لغير الله تعالى :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ : أَطْعِمْ رَبَّكَ ، وَضِّئْ رَبَّكَ ، اسْقِ رَبَّكَ . وَلْيَقُلْ سَيِّدِي مَوْلاَي . وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي أَمَتِي . وَلْيَقُلْ فَتَاي وَفَتَاتِي وَغُلاَمِي ) رواه البخاري (2552) ومسلم (2249) ، وزاد فيه : ( ولا يقل أحدكم ربي ) .

ولكن جاء في القرآن الكريم ، وفي السنة الصحيحة أيضا ، ما يدل على استعمال هذه الألفاظ مضافة لغير الله تعالى .

يقول الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32

وقال سبحانه : ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) يوسف/23 ، وقال عز وجل : ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) يوسف/42 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل عليه السلام حين سأله عن أمارات الساعة : ( أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ) رواه مسلم برقم (8) ، وأصله في البخاري برقم (50) .

وقال صلى الله عليه وسلم في ضالة الإبل : (فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا ) رواه البخاري (91) ومسلم (1722) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ ) رواه البخاري (1412) ومسلم (157) .

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمولاه : ( وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ ) رواه البخاري (3059) .

ثانيا :

تعددت أجوبة العلماء على هذا التعارض :

1. فذهب بعضهم إلى أن الجواز كان في شرع من قبلنا ، ولذلك استعملها النبي يوسف عليه السلام ، أما في شرعنا فلا يجوز .

قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (9/250)

: " فإن احتج محتج بقول يوسف عليه الصلاة والسلام : ( إنه ربى أحسن مثواي ) ، وقوله : ( اذكرني عند ربك ) ، فتلك شريعة وهذه أخرى

وتلك لغة وهذه أخرى ، وقد كان هذا مباحا عندنا وفي شريعتنا حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (15/118)

: " فإن قيل : لا ريب أن يوسف سمى السيد ربا في قوله : ( اذكرني عند ربك ) ، وقوله : ( ارجع إلى ربك ) ونحو ذلك ، وهذا كان جائزا في شرعه ، كما جاز في شرعه أن يسجد له أبواه وإخوته

وكما جاز في شرعه أن يؤخذ السارق عبدا ، وإن كان هذا منسوخا في شرع محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .

2. وذهب بعض أهل العلم إلى تخصيص النهي بالذي يضيف اللفظ إلى نفسه ، فيقول : عبدي ، وأما إذا قال : هذا عبدك : فلا بأس .

قال ابن حزم رحمه الله :

" لا يجوز للسيد أن يقول لغلامه : هذا عبدي ، ولا لمملوكته : هذه أَمَتي ، لكن يقول : غلامي وفتاي ومملوكي ومملوكتي وخادمي وفتاتي .

ولا يجوز للعبد أن يقول : هذا ربي ، أو مولاي ، أو ربتي ، ولا يقل أحد لمملوك : هذا ربك ، ولا ربتك ، لكن يقول : سيدي .

وجائز أن يقول المرء لآخر : هذا عبدك ، وهذا عبد فلان ، وأمة فلان ، ومولى فلان ؛ لأن النهى لم يرد إلا فيما ذكرنا فقط ، وجائز أن يقول : هؤلاء عبيدك ، وعبادك ، وإماؤك " انتهى .

"المحلى" (9/249) .

3. النهي للكراهة وليس للتحريم .

وهو توجيه أكثر الشراح والفقهاء .

4. النهي هو عن اتخاذ ذلك عادة ، وليس عن استعماله أحيانا .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (15/6) : " الجواب من وجهين :

أحدهما : أن الحديث الثاني لبيان الجواز ، وأن النهي في الأول للأدب وكراهة التنزيه لا للتحريم .

والثاني : أن المراد النهي عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة واتخاذها عادة شائعة ، ولم ينه عن إطلاقها في نادر من الأحوال ، واختار القاضي هذا الجواب " انتهى .

وقال رحمه الله أيضاً :

" قال العلماء : وإنما كره للمملوك أن يقول لمالكه : ربي ؛ لأن في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية .

وأما حديث : ( حتى يلقاها ربها ) فإنما استعمل لأنها غير مكلفة ، فهي كالدار والمال ، ولا شك أنه لا كراهة في قول : رب الدار ، ورب المال .

وأما قول يوسف صلى الله عليه وسلم : ( اذكرني عند ربك ) فعنه جوابان :

أحدهما : أنه خاطبه بما يعرفه ، وجاز هذا الاستعمال للضرورة ، كما قال موسى صلى الله عليه وسلم للسامري : ( وانظر إلى إلهك ) طه /97 ، أي : الذي اتخذته إلها .

والجواب الثاني : أن هذا شرع من قبلنا ، وشرع من قبلنا لا يكون شرعا لنا إذا ورد شرعنا بخلافه ، وهذا لا خلاف فيه " انتهى .

"الأذكار" (ص/363) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قال العلماء : قوله عليه السلام: ( لا يقل أحدكم ) ، ( وليقل ) : من باب الإرشاد إلى إطلاق اسم الأولى ، لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم

ولأنه قد جاء عنه عليه السلام : ( أن تلد الأمة ربها ) أي : مالكها وسيدها ، وهذا موافق للقرآن في إطلاق ذلك اللفظ ، فكان محل النهي في هذا الباب ألا نتخذ هذه الأسماء عادة فنترك الأولى والأحسن .

وقد قيل : إن قول الرجل عبدي وأمتي يجمع معنيين :

أحدهما : أن العبودية بالحقيقة إنما هي لله تعالى ، ففي قول الواحد من الناس لمملوكه عبدي وأمتي تعظيم عليه ، وإضافة له إلى نفسه بما أضافه الله تعالى به إلى نفسه ، وذلك غير جائز.

والثاني : أن المملوك يدخله من ذلك شيء في استصغاره بتلك التسمية ، فيحمله ذلك على سوء الطاعة .
\
وقال ابن العربي : يحتمل أن يكون ذلك جائزا في شرع يوسف عليه السلام " انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (9/195) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-01, 09:27
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


قول الإنسان لأخيه : الله لا يضرك

السؤال

ما حكم قول : الله لا يضرك ؟ هل هو من المناهي اللفظية؟

الجواب

الحمد لله

قول الإنسان : الله لا يضرك ، لا حرج فيه ؛ لأن الله تعالى هو النافع الضار سبحانه

كما قال تعالى : ( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر/38

وقال تعالى : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الأنعام/17

وقال تعالى : ( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ) يس/23 .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذه العبارة : "أعطني الله لا يهينك" .

فأجاب : "هذه العبارة صحيحة ، والله سبحانه وتعالى قد يهين العبد ويذله ، وقد قال الله تعالى في عذاب الكفار: (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُون) الأحقاف/20

فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق. وقال تعالى : (وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) الحج/18 ، والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهوان لك فيقول: "الله لا يهينك"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/77) .

ولو دعا بقوله : الله يسلمك أو يحفظك أو يعافيك ، لكان أولى وأحسن ، لما فيه من كمال التأدب مع الله تعالى ، وعدم نسبة الشر إليه

كما قال إبراهيم عليه السلام : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء/78-80

فنسب المرض إلى نفسه ولم ينسبه إلى الله كما فعل في الخلق والإطعام ، وإن كان لا يقع شيء إلا بمشيئته وإرادته سبحانه .

وقال صلى الله عليه وسلم تأدبا مع ربه : (لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ)

رواه مسلم (771) .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم

: " قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره : فِيهِ الْإِرْشَاد إِلَى الْأَدَب فِي الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَمَدْحه بِأَنْ يُضَاف إِلَيْهِ مَحَاسِن الْأُمُور دُون مَسَاوِيهَا عَلَى جِهَة الْأَدَب " انتهى .

*عبدالرحمن*
2018-09-01, 09:30
حكم كتابة إن شاء الله .. هكذا: إنشاء الله

السؤال

ما حكم كتابة إن شاء الله كالآتي "إنشاء الله" حاشاه ربي ، علما أني قرأت في المنتديات : كثيراً ما لاحظت ولاحظ غيري من يكتب إن شاء الله بهـذا الشكل (إنشاء الله) لذلك أحببت أن أطلعكم على هذا الموضوع الذي يبين الفرق بينهما ...

معنى الفعل "إنشاء" أي : إيجاد ، ومنه قوله تعالى : ( إنا أنشأنهن إنشاءً..) أي : أوجدناهن إيجاداً ... فمن هذا لو كتبنا (إنشاء الله) يعني : أننا نقل والعياذ بالله إننا أوجدنا الله.. تعالى شأنه عز وجل عن هذا علواً كبيراً...

وهذا غير صحيح كما عرفنا ... أما الصحيح هو أن نكتب (إن شاء الله)... فإننا بهذا اللفظ نحقق هنا إرادة الله عز وجل ... فقد جاء في معجم لسان العرب معنى الفعل شاء

أي أراد . فالمشيئة هي الإرادة فعندما نكتب إن شاء الله ... كأننا نقول بإرادة الله نفعل كذا .. ومنه قوله تعالى : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) .

الجواب

الحمد لله

في ظننا أن الحامل للكثير على كتابة : (إن شاء الله) بهذا الشكل : (إنشاء الله) هو الخطأ في الكتابة ، وليس هذا القصد الذي ذكرتيه .

والقول بأن "إنشاء الله" بمعنى أننا أوجدنا الله ، تعالى الله عن ذلك ، فهو احتمال لغوي ، إذا اعتبرنا هذا من باب إضافة المصدر إلى مفعوله ، وليس هذا هو الاحتمال الوحيد

بل هناك احتمال آخر وهو أن يكون من باب إضافة المصدر إلى فاعله ، ومعنى ذلك : أن الإنشاء مضاف إلى الخالق ، على وجه أنه فاعله ، والمصدر يضاف إلى فاعله

مثل قوله تعالى : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) البقرة/251 .

على أننا نرى أن الكاتب لم يقصد إضافة المصدر إلى فاعله ، ولا إلى مفعوله ، وإنما قصد : (إن شاء الله) ولكنه أخطأ في الكتابة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-01, 09:34
تقسيم المسلمين إلى ملتزمين وغير ملتزمين

السؤال

سؤالي بخصوص عبارة : " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم ". هنا في السويد يجري استخدام هاتين العبارتين باستمرار " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم " ، وبالتالي حين يطرح سؤال " هل أنت مسلم ؟

" يتم استخدام " مسلم ملتزم " أو " مسلم غير ملتزم " ، ويعني الناس بعبارة " مسلم ملتزم " من يؤمن بدين الإسلام ، وهو الإيمان بالله والرسل والملائكة والكتاب واليوم الآخر

ويعنون أيضا بعبارة " مسلم ملتزم " أن صاحبها يؤمن بالشريعة الإسلامية ، وأنه غالبا يتبعها ويفعل كذا وكذا ، على سبيل المثال يؤدي الصلوات الخمس يوميًا ، ويصوم رمضان ، ويؤدي الزكاة

، إلى آخره . أما قولهم : " مسلم غير ملتزم " فيعنون به من يؤمن بدين الإسلام ، وهو الإيمان بالله والملائكة والكتاب واليوم الآخر ، ويعنون أيضا بقولهم " مسلم غير ملتزم " من يؤمن غالبا بالشريعة الإسلامية

لكنه لا يتبعها ، على سبيل المثال : لا يصلي الصلوات الخمس يوميا ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي الزكاة ، والمرأة لا ترتدي الحجاب ، إلى آخره .

وسؤالي : هل يكون الواحد " مسلما ملتزما " أم " مسلما غير ملتزم " ؟ هل هذه التسميات شرعية ، وصحيحة ؟ ومن هو المسلم ؟

الجواب

الحمد لله

المسلم هو الذي آمن بأركان الإيمان الستة : آمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره . ونطق بشهادة التوحيد ، ليعلن استسلامه لله وحده لا شريك له

وانقياده للشريعة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

فكل من أتى بذلك فهو من المسلمين ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، إلا أن يهدم إسلامه بعمل أو قول أو اعتقاد كفري ينقض أركان الإيمان التي قامت في قلبه .

غير أن الناس يتفاوتون في درجة الإيمان ، كما يتفاوتون في درجة الانقياد بالعمل بأحكام الدين وامتثال أوامره .
فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن للإيمان شعبا كثيرة

ومراتب متفاوتة ، وذلك يعني أن المؤمنين يتفاوتون في درجاتهم بحسب امتثالهم لهذه الشعب والمراتب .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )

رواه البخاري (9) ، ومسلم (35) واللفظ له .

وفي القرآن الكريم تقسيم الناس إلى مراتب ثلاثة : الظالم لنفسه بمعصيته ، والمقتصد بطاعته في الواجبات واجتنابه المحرمات ، والسابق بالخير المحافظ على النوافل والمجتهد في معالي الأمور .

يقول الله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) فاطر/32

فانقسام الناس بحسب طاعتهم وتمسكهم بشرع الله انقسام حاصل ولا بد ، غير أن تسميات الناس لهذه الأقسام هي التي قد تختلف ، لكنها في مجملها تقسيمات شرعية صحيحة .

ونحن - وإن كنا لا نرى حرجا في هذه التسميات ابتداء ، ومنها " ملتزم " و " غير ملتزم " - غير أنا ننبه على بعض الأخطاء التي تتعلق بهذه الأسماء المنتشرة اليوم :

1- لا يجوز أن يختزل مفهوم " الملتزم " بالمظاهر ، لتطلق هذه الكلمة على صاحب اللحية والثوب فقط ، بل الواجب اعتبار التمسك الحقيقي بالدين الحنيف والعقيدة الصحيحة والأخلاق الفاضلة المعيارَ الأساسيَّ لهذا التقسيم

والثوب واللحية وحجاب المرأة أجزاء لا كليات ، وهي تدل على الالتزام في الظاهر ، الذي ينبغي أن يصاحبه التزام في الباطن ، لكن ذلك التوازن المطلوب بين الظاهر والباطن

يتخلف في أحيان ليست بالقليلة ، مع الأسف !! ولذلك لا يجوز أن تتخذ هذه الأوصاف سلاحا لجزم الحكم في الناس بغير وجه حق ، فمن أبغض شخصا وسمه بعدم الالتزام

ومن أحب آخر وصفه بالملتزم ، يريد بذلك الحكم على الشخص بين الناس بالفسق أو العدالة ، وهو غير أهل لذلك ، بل قد يكون ساقط العدالة أصلا

وقد رأينا صورا كثيرة من هذا المسلك في كثير من المجتمعات، استغلت فيها الألقاب الشرعية لتحقيق مآرب شخصية ، وهي ظاهرة خطيرة يجب على الجميع التنبه لها .

2- أما اتخاذ هذه الألقاب سبيلا لتفريق صف الناس ، وإحداث النزاع بينهم ، وإظهار الانقسام في وحدتهم ، فهو غرض قبيح ، ليس له وجه شرعي

إلا إذا كان الموصوف بعدم الالتزام قد غرق في سبل الشر والمنكرات الظاهرة المتفق عليها بين علماء المسلمين ، فمثله يمكن وسمه بالمعصية وعدم الالتزام ، لكننا نشاهد – لدى كثير من الناس –

تعريف " الالتزام " بأشياء يراها هو من الدين ، وقد تكون من مسائل الاجتهاد ، ثم يطلق في الناس ألقاب الالتزام أو عدم الالتزام بناء على ما يختاره هو من أقوال الفقهاء

دون مراعاة الخلاف الواقع في هذا العمل بين أهل العلم ، وهذا أيضا خلل كبير .

ولذلك ، فالذي نراه أقرب إلى الإنصاف والاعتدال ، وأبعد عن الخلاف ، وأسلم عند الله تعالى ، أن يوصف الناس ـ عند الحاجة الشرعية إلى إطلاق الأوصاف الإضافية الزائدة على مجرد التسمي باسم الإسلام

بألفاظ محددة ، وليس بالألفاظ المجملة ، فيقال مثلا : هو محافظ على الصلوات ، أو هو كريم النفس ، أو هو قارئ للقرآن ، فهذه صفات واضحة معينة تعبر عن الحقيقة التي يتصف بها ، دون تدخل الرأي الشخصي

فلا تتحمل مسؤولية الألقاب المجملة التي تخفي وراءها أطماعا أو أحقادا ، وأما إطلاق " ملتزم " فهو لفظ مجمل محتمل يقتضي متابعة حثيثة لحال الرجل الموصوف ، ثم أمانة في الحكم عليه

وقلما تجد هذا اليوم ، ومعلوم أن غالب مشكلات الناس إنما ترد من الألفاظ المجملة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-01, 09:38
هل يصح تسمية النصارى بـ "المسيحيين"؟

السؤال

هل يسمى أتباع الديانة النصرانية "نصارى" أو "مسيحيين" ؟

الجواب

الحمد لله

لا شك أن الأفضل أن يسمون "نصارى" وبهذا الاسم جاء القرآن الكريم ، ولم يطلق عليهم ولو في موضع واحد أنهم "مسيحيون" ولفظ "مسيحي" نسبةً إلى المسيح عيسى بن مريم عليه السلام .

وهذه النسبة غير صحيحة في الواقع ، لأنهم لو كانوا أتباع المسيح حقاً لآمنوا أنه عبد الله ورسوله ، ولآمنوا بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ، كما بشرهم بذلك المسيح نفسه

وأمرهم بالإيمان به

قال الله تعالى : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف/6 .

فتبين بذلك أنهم ليسوا اتباعاً للمسيح عليه السلام حقيقةً .

ولكن .. نظراً لأنه غلب إطلاق "مسيحي" على أتباع الديانة النصرانية ، ولا يقصد كثير ممن يطلق هذا الاسم أنهم اتباعه حقيقةً ، وإنما يريد فقط التعريف بهم ، وأنهم ينسبون أنفسهم إليه

فلا حرج من استعماله ، وممن استعمل هذا الاسم "مسيحي" من علمائنا : فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ، وفضيلة الشيخ صالح بن عبد الله الفوزان حفظه الله

وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، كما يعلم ذلك من البحث في فتاواهم بكلمة "مسيحي" .

وإن كان الأولى والأفضل استعمال اسم " النصارى" .

فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

شاع منذ زمن استخدام كلمة "مسيحي" ، فهل الصحيح أن يقال : "مسيحي" ، أو "نصراني"؟.

فأجاب :

"معنى " مسيحي " نسبة إلى المسيح بن مريم عليه السلام ، وهم يزعمون أنهم ينتسبون إليه ، وهو بريء منهم ، وقد كذبوا ؛ فإنه لم يقل لهم إنه ابن الله

ولكن قال : عبد الله ورسوله . فالأولى أن يقال لهم : " نصارى " ، كما سماهم الله سبحانه وتعالى

قال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) البقرة/ 113" انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 387 ) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

يَرِدُ على ألسنة بعض المسلمين كلمة " مسيحية " حتى إنهم لا يميزون بين كلمتَي " نصراني " ، و " مسيحي " ، حتى في الإعلام الآن يقولون عن النصارى : مسيحيين ، فبدل أن يقولوا : هذا " نصراني "

يقولون : هذا " مسيحي " ، فنرجو التوضيح لكلمة " المسيحية " هذه ، وهل صحيحٌ أنها تطلق على ما ينتهجه النصارى اليوم ؟ .

فأجاب :

"الذي نرى أن نسمي " النصارى " بـ " النصارى " ، كما سماهم الله عز وجل ، وكما هو معروف في كتب العلماء السابقين ، كانوا يسمونهم : " اليهود والنصارى "

لكن لما قويت الأمة النصرانية بتخاذل المسلمين : سَمَّوا أنفسهم بالمسيحيين ؛ ليُضْفوا على ديانتهم الصبغة الشرعية ، ولو باللفظ ، وإلا فأنا على يقين أن المسيح عيسى بن مريم رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء منهم

وسيقول يوم القيامة إذا سأله الله : ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) المائدة/ 116

سيقول : ( سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ . مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ...) المائدة/ 116، 117

إلى آخر الآية . سيقول هذا في جانب التوحيد ، وإذا سئل عن الرسالة فسيقول : يا رب! إني قلت لهم : ( يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/ 6

فهو مقرر للرسالات قَبْلَه ، وللرسالة بَعْدَه عليه الصلاة والسلام ، فأمر أمته بمضمون شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ؛ ولكن أمته كفََرَت ببشارته ، وكفَرَت بما أتى به من التوحيد

فقالوا : ( إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) المائدة/ 73 ، وقالوا : ( الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) التوبة/ 30 ، وقالوا : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة/ 17 ، نسأل الله العافية .

الحاصل : أني أقول : إن المسيح عيسى بن مريم بريءٌ منهم ، ومما هم عليه من الدين اليوم ، وعيسى بن مريم يُلْزِمهم بمقتضى رسالته من الله أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ ليكونوا عباداً لله

قال الله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/ 64" انتهى .

" لقاءات الباب المفتوح " (43 / السؤال رقم 8 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-01, 09:41
حكم قول : جزاك الله ألف خير

السؤال

ما حكم قول : جزاك الله ألف خير؟ هل هو من المناهي اللفظية؟

الجواب

الحمد لله

أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكافأة من أحسن إلينا ، فإن لم نجد فإننا ندعو الله له : جزاك الله خيرا .

روى أبو داود (1672) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ

فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" (1617) .

وروى الترمذي (2035) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .

( فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ ) أَيْ : بَالَغَ فِي أَدَاءِ شُكْرِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اِعْتَرَفَ بِالتَّقْصِيرِ ، وعجزه عَنْ جَزَائِهِ ، فَفَوَّضَ جَزَاءَهُ إِلَى اللَّهِ ، لِيَجْزِيَهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى .

فهذا هو اللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم : (جزاك الله خيرا) ، وهو أكمل من غيره بلا شك ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي العدول عن هذا اللفظ إلى غيره .

وإن كان المسلم إذا قال : جزاك الله ألف خير ، أحياناً ، لا حرج فيه ، مع التسليم بأن اللفظ النبوي أكمل وأفضل .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

sousou 5
2018-09-02, 13:36
باارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 06:31
باارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير

.... احترامي و تقديري ....

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 06:38
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

اقتباس الألفاظ النبوية وتضمينها في الشعر

السؤال

قال احد الشعراء فأنا قتيل العشق ملء إرادتي رفع الكتاب وجفت الاقلام ولما نوقش في الشطر الثاني من البيت قال : انه للضرورة الشعرية

وأنه من قبيل رواية الحديث بالمعنى وأن الكتاب الذي سجل أقدرانا رفع وحفظ وأن الأقلام قد جفت فما توجيهكم حول هذا ؟

الجواب

الحمد لله :

أما بعد : فإن المعنى الذي أراده القائل هنا لا يزال صحيحا موافقا للمعنى الوارد في الحديث النبوي الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفعت الأقلام وجفت الصحف )

رواه الترمذي (2440) من حديث ابن عباس ، وقال حسن صحيح

فإن وصف القلم بالجفوف قد ورد في الأحاديث الصحيحة أيضا ففي صحيح البخاري (4686) قال صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق "

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/119):

( أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به ) .

وأما قوله : " رفعت الصحف " ، فهو من تمام هذا المعنى : أن هذا أمر قد جرى به سابق القدر ، ولم تعد الصحف منشورة يكتب فيها ، بل رفعت وطويت من قديم ، حتى لقد جف مدادها ، كناية عن قدم رفعها .

وقد ورد حديث ابن عباس بلفظ

: ( قضي القضاء و جفت الأقلام وطويت الصحف ) رواه البيهقي في الشعب (192ـ ط الرشد ) ، والطبراني في الكبير (12/238) ، وقال محقق الشعب : إسناده حسن ، والحديث صحيح لطرقه . اهـ .

وجاء الأثر بلفظ : رفع الكتاب ، كما ذكره الناظم ، عن الحسن بن علي رضي الله عنه ، موقوفا عليه ، قال : ( رفع الكتاب وجف القلم ، وأمور تقضى في كتاب قد خلا )

رواه عبد الله بن أحمد في السنة (783) والفريابي في القدر (84) والطبراني في الكبير (2684) وتمام في فوائده (1375) .

والمعنى في الجميع واحد

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله

: " هو كنايةٌ عن تقدُّم كتابة المقادير كلِّها ، والفراغ منها من أمدٍ بعيد ، فإنَّ الكتابَ إذا فُرِغَ من كتابته ، ورفعت الأقلامُ عنه ، وطال عهده ، فقد رُفعت عنه الأقلام

وجفتِ الأقلام التي كتب بها مِنْ مدادها ، وجفت الصَّحيفة التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها ، وهذا من أحسن الكنايات وأبلغِها .

وقد دلَّ الكتابُ والسننُ الصحيحة الكثيرة على مثل هذا المعنى

قال الله تعالى :( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ )

وفي " صحيح مسلم [ 2653 ] " عن عبد الله بن عمرو ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الله كتبَ مقاديرَ الخلائق قبل أنْ يخلُقَ السَّماوات والأرض بخمسين ألفَ سنة ) .. "

انتهى من جامع العلوم والحكم (1/508) .

و لكن هنا مسألة أخرى وهي ما حكم اقتباس كلمات من القرآن أو الحديث ووضعها في الشعر أو النثر من كلام الناس ؟
والجواب : أن ذلك جائز عند جمهور أهل العلم إذا كان لمقاصد حسنه تضاهى وتشابه المقاصد الشرعية

أما الكلام الفاسد ككلام أهل البدع أو كلام أهل المجون والفحش ، ونحو ذلك ، فإنه لا يجوز اقتباس الألفاظ الشريفة ووضعها فيه .

انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (6/17) .

قال السيوطي رحمه الله في الإتقان (1/297 ) (وفي شرح بديعية ابن حجة الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود.
فالأول: ما كان في الخطب والمواعظ والعهود.

والثاني: ما كان في الغزل والرسائل والقصص.

والثالث: على ضربين: أحدهما: ما نسبه الله إلى نفسه، ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه: كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله:"إن إلينا إيابهم* ثم إن علينا حسابهم".

والآخر تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقوله:

أوحى إلى عشاقه طرفه
=== هيهات هيهات لما تـوعدون

وردفه ينطق مــن خلفه
=== لمثل ذا فليعمل العاملـــــون

قلت: وهذا التقسيم حسن جدا وبه أقول ) انتهى .

وقال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية (2/ 289) :

" سئل ابن عقيل عن وضع كلمات وآيات من القرآن في آخر فصول خطبة وعظية؟ فقال: تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام

كما يضمن في الرسائل إلى المشركين آيات تقتضي الدعاية إلى الإسلام، فأما تضمين كلام فاسد فلا يجوز .. " انتهى .
ومما سبق يتبين أن ما فعله هذا الناظم غير جائز ، لما فيه من امتهان النصوص الشرعية الكريمة ، ووضعها في غير موضعها اللائق بها .

ثم إن المعنى الذي ذكره هذا الناظم مختل غير متناسب ؛ فحق الذي يقول : إنه قتيل العشق ملء إرادته ، أن يقر على نفسه بالجناية ، وأنه الذي أورد نفسه الموارد حتى أتلفها

لا أن يذيل ذلك برفع الكتاب وجفاف القلم ، وما فيه من تقرير سبق المقادير ؛ اللهم إلا أن يكون الرجل لا يعلم مغزى الكلام ، ولا يدري معنى الحديث ، وإنما هو شيء اجتلبته القافية ، وضرورة الشعر

فهذا شأنه أن يعلم مقاصد الكلام ، ويدرب على أن يضع الشيء موضعه ؛ وقد قالوا في البلاغة : إنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 07:18
التأدب في وصف النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

هل يقال للنبي صلى الله عليه وسلم إنه " بدوي " ؟

الجواب

الحمد لله

نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق ، وسيد البشر

وأحب خلق الله إلى الله ، له المقام المحمود ، والحوض المورود ، اصطفاه الله من بين ولد آدم كلهم ، واختاره من خير العرب أعراقا وأنسابا وأحسابا ، مولدُه في أعظم حاضرةٍ من حواضر العرب يومها

في مكة المكرمة ، خير بقاع الأرض ، وأحب أرض الله إلى الله ، سماها القرآن الكريم " أم القرى " لعظيم مكانتها في جزيرة العرب ، بل في الأرض كلها ، "

قال الله عز وجل : ( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) الأنعام/92

وقد أورثت هذه المكانة الجليلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه من الإكبار والإجلال والتقدير ما يبلغ الغاية والكمال

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرجع عن موقف الإمامة في الصلاة ليتقدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ويقول : ( مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) البخاري (684) ومسلم (421) .

ويرفض أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن يعلو سقيفة تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم (2053) .
وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول

: ( وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ ، لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ ) رواه مسلم (121) .

ولمَّا قام البراء بن عازب يَعُدُّ كما عد النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز في الأضاحي قال : ( وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ صلى الله عليه وسلم )

رواه أبو داود (2802) وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (ص/121) والشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" .

إلى غير ذلك من صُورِ الأدب العظيمة التي ضربها الصحابة رضوان الله عليهم للبشرية كلها في تكريمِ وإجلالِ أفضلِ الرسل وسيد البشر صلوات الله وسلامه عليه .

أما وَصفُهُ صلى الله عليه وسلم بما لا يليق به ، أو لَمْزُهُ بسيء الألفاظ والمعاني ، أو حكايةُ ما فيه تنقيصٌ لقدره فهو من الكذب الفج القبيح ، والكفر الصريح

لِما فيه من تزويرٍ للحقائق وتَعَدٍّ على خير الخلائق ، ولا يقع في ذلك إلا مَن لا يَعرف الأدبَ ولا الخلقَ ولا الإيمان
.
قال الله عز وجل : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ) التوبة/65-66.

قال القاضي عياض رحمه الله في "الشفا" (2/214) :

" اعلم - وفقنا الله وإياك - أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عابه ، أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه ، أو خصلة من خصاله ، أو عرَّض به

أو شبَّهَه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له ، فهو سابٌّ له ، والحكم فيه حكم الساب ، يُقتل ...وكذلك مَن نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم

أو عَبَثَ في جهته العزيزة بسخفٍ من الكلام ، وهُجر ومنكر من القول وزور ، أو عَيَّره بشيءٍ مما جرى من البلاء والمحنة عليه ، أو غَمَصَهُ ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه .

وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هَلُمَّ جرًّا " انتهى .

ولا شك أن إطلاق لفظ " البداوة " أو وصفه صلى الله عليه وسلم بـ " البدوي " هو من التنقص الصريح والعيب الواضح ، فإن البداوة وصفُ ذمٍّ وتنقيص ، يُقصَد به الوسمُ بالجهل والرعونة والجفاء

وهو صلى الله عليه وسلم مُعَلَّمٌ من رب الأرض والسماء ، جاء وصفه في التوراة بأنه ( ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق )

كما وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم/4

فكيف يجرؤ كذاب أن يصفه صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك ؟! لا جرم أن في هذا مِن الجرأة والوقاحة ما يستحق عليها متعمدها العذاب والنكال في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) التوبة/61 .

قال النووي في "شرح مسلم" (1/169) :

" أهل البادية هم الأعراب ، ويغلب فيهم الجهل والجفاء ، ولهذا جاء فى الحديث : ( من بدا جفا ) والبادية والبدو بمعنًى : وهو ما عدا الحاضرة والعمران . والنسبة اليها بدوي " انتهى .

وقد أفتى العلماء بكفر كلِّ وَصفٍ فيه إشعارٌ بتنقُّصِ قدرِ الرسول صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن صريحا في ذلك ، حتى روى ابن وهب عن الإمام مالك رحمه الله :

" مَن قال : إن رداء النبي صلى الله عليه وسلم وَسِخ - وأراد به عَيْبه - قُتل .

وقال أحمد بن أبى سليمان ( من علماء المالكية ، توفي عام 291هـ) : من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسود ، يُقتل .

وأفتى فقهاء الأندلس بقتل " ابن حاتم " المُتَفَقِّه الطُّلَيطلي وصلبه ، بما شُهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، وتسميته إياه أثناء مناظرته بـ " اليتيم " و " ختن حيدرة "

وزعمه أن زهده لم يكن قصدا ، ولو قدر على الطيبات أَكَلَهَا . إلى أشباهٍ لهذا " انتهى .

نقل جميع ما سبق القاضي عياض في "الشفا" (2/217-219) ، ثم قال :

" وكذلك أقول حكم من غَمَصَه ، أو عَيَّره برعاية الغنم ، أو السهو ، أو النسيان ، أو السحر ، أو ما أصابه من جُرحٍ أو هزيمة لبعض جيوشه ، أو أذى من عدوه

أو شدة من زمنه ، أو بالميل إلى نسائه ، فحُكمُ هذا كلِّه - لِمن قصد به نقصَه - القتل " انتهى .

ونسبته صلى الله عليه وسلم إلى " البداوة " من الكذب الصريح ، لأنه عاش في مكة ، ثم هاجر منها إلى المدينة ، وهما أفضل مدينتين في الأرض كلها ، فكيف يكون بدوياً ؟!

ولم يعرف صلى الله عليه وسلم البادية إلا في صغره حين استرضع في بادية بني سعد عند مرضعته حليمة السعدية

. انظر "السيرة النبوية الصحيحة" د. أكرم العمري (1/103) .

يقول الدكتور جواد علي في "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (4/271) :

" المجتمع العربي : بدو وحضر . أهل وبر وأهل مدر ، فأما أهل المدر ، فهم الحواضر وسكان القرى ، وكانوا يعيشون من الزرع والنخل والماشية والضرب في الأرض للتجارة . وأما أهل الوبر

فهم قطان الصحارى ، يعيشون من ألبان الإبل ولحومها ، منتجعين منابت الكلأ ، مرتادين لمواقع القطَر ، فيخيمون هنالك ما ساعدهم الخصب وأمكنهم الرعي

ثم يتوجهون لطلب العشب وابتغاء المياه ، فلا يزالون في حلّ وترحال .

ويعرف الحضر ، وهم العرب المستقرون بـ " أهل المدر " ، عرفوا بذلك لأن أبنية الحضر إنما هي بالمدر . والمدر : قطع الطين اليابس .

وورد أن أهل البادية إنما قيل لهم " أهل الوبر " ، لأن لهم أخبية الوبر . تمييزاً لهم عن أهل الحضر الذين لهم مبان من المدر .

وتطلق لفظة " عرب " على أهل المدر خاصة ، أي على الحضر و " الحاضر " و " الحاضرة " من العرب ، أما أهل البادية فعرفوا بـ " أعراب " . " انتهى .

وسئل الشيخ محمد الحسن الددو حفظه الله :

لماذا ذكر الله أنه ما أرسل رسولاً إلا من أهل القرى ؟

فأجاب :

" أما كون الأنبياء جميعاً من سكان القرى كما أخبر الله بذلك في كتابه ، فإن ذلك مقتض منهم لحصول الرفعة ، وأهل البوادي دائماً أشد عنجهية وأسوأ أخلاقاً ، وأقل نظافةً ممن سواهم

ولذلك قال الله تعالى في كتابه : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ) التوبة/97

وليس التحضر نسباً ، حتى يقال : فلان بدوي ، معناه : أن أباه كان كذلك ، بل المقصود هو في نفسه ، فلو سكن شخص من أهل البادية في الحاضرة

فإنه ليس من الأعراب ، ولا يدخل في ذلك ؛ بل المقصود به من يتصف بهذه الصفة بنفسه لا بنسبه .

الرسل عليهم الصلاة والسلام يراد بهم أن يسوسوا البشرية وأن يقودوها ، فلا بد أن يعرفوا طرق تدبير المعاش ، وهذه لا يعرفها أهل البوادي ، ولا يعتنون بها ، فأهل البوادي إنما يعيشون من الصيد –

مثلاً - أو اتباع البهائم ، ويعيشون مع الأحلام والأوهام كثيراً ، وقد أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من طلب الصيد غفل ، ومن بدا جفا ) ومعناه : من سكن البادية غلظ طبعه

( ومن طلب الصيد غفل ) أي : نقص عقله بقدر ذلك ؛ فلهذا اختير الرسل من أهل القرى "

انتهى . "سلسلة دروس منشورة" (الدرس الثالث/ص/9) .

وقال العلامة عبد الله بن جبرين حفظه الله :

" وكذلك أيضا من سخر بشيء من آيات الله تعالى ، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ذُكر عن بعض الكتاب أنه كتب مرة يطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : إنه بدوي

إنه كان يرعى الغنم ، وإنه عاش في عهد ليس فيه تقدم ، وليس فيه كذا وكذا ، ولا شك أن هذا طعن في الدين ؛ لأن هذا الدين جاءنا من قبل هذا النبي الكريم ؛ فمن طعن فيه بأنه جاهل

أو بأنه بدوي لا يعرف شيئا ، أو بأن هذا الذي جاء به من محادثة فكره ، أو أنه مما خيل إليه ، أو أنه يريد بذلك أن يكون له شهرة وأتباع ونحو ذلك ؛ يعتبر قد كذب على الله

وكذب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء بهذا الدين الشرعي ، وكذَّب القرآن ، وكذَّب الشرع كله ، لا شك أن هذا أيضا قادح في الدين ، قادح في العقيدة

وهو ما ذكر في هذه الآية : ( قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) يعني بالاستهزاء بالله تعالى الاستهزاء بأسمائه وصفاته ، وكذلك الاستهزاء بكلامه والتنقص له ؛ داخل أيضا في القوادح في الدين .

وكذلك أيضا الاستهزاء بالقرآن ، كما ذكر الله تعالى عن الكفار الذين قالوا : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) الفرقان/4

وهؤلاء بلا شك أتوا بما يقدح في عقيدتهم وفي دينهم ؛ فلأجل ذلك جعل الله مقالتهم مقالة كفرية ، وكذلك أيضا هؤلا

الذين قدحوا في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : إنه جاهل ، أو إنه بدوي ، أو ما أشبه ذلك "

انتهى . نقلا عن موقع الشيخ

وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله في "معجم المناهي اللفظية" (496) :

" ووصْفُ النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بدوي مُناقضةٌ للقرآن الكريم ، فهو صلى الله عليه وسلم من حاضرة العرب لا من باديتها ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ) يوسف/109

وما يزال انعدام التوفيق يغْشى مَن في قلوبهم دخن ، ففي العقد التاسع بعد الثلاثمائة والألف نشر أحد الكاتبين من البادية الدارسين مقالاً ، صرَّح فيه بأن النبي صلى الله عليه وسلم من البادية

. وقد ردَّ عليه الشيخ حمود بن عبدالله التويجري النجدي برسالة سمَّاها : " منشور الصواب في الرد من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم من الأعراب " والله أعلم " انتهى .

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله

في "سلسلة دروس شرح زاد المستقنع" (درس رقم 395، ص/7) :

" إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم سباً مباشراً باللعن - والعياذ بالله - ، أو انتقصه كأن يصف النبي صلى الله عليه وسلم وصفاً ينتقصه به

كأن يقول : إنه بدوي يرعى الغنم ، وقصد به التحقير له صلوات الله وسلامه عليه ، ونحو ذلك من العبارات ؛ فإنه يحكم بكفره " انتهى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 07:25
هل عبارة " لنضع يدنا بيد الزمن " جائزة ؟ وحكم سب الزمن

السؤال

(لنضع يدنا بيد الزمن) هل هذه الكلمة تعتبر محرمة باعتبار أن الله هو الدهر ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

ينبغي تصحيح فهم جملة " أن الله هو الدهر " ؛ لأن الخلل في فهمها أدى إلى استشكال العبارة الواردة في السؤال ، فنقول :

ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) متفق عليه .

وقد فُهم هذا الأمر خطأً من بعض الناس فظنوا أن " الدهر " من أسماء الله ، وليس الأمر كذلك ، بل " الدهر " هو الزمن ، وقد كان الجاهليون –

ولا يزال لهم أتباع في هذا – يسبون الدهر ، ولم يكن أحد منهم يقصد سبَّ الله ، وكيف يقصدون سب الله وهو يقولون " قبَّح الله الدهر " ؟! وإنما نهي عن سبِّ الدهر ، ونُسب الدهر إلى الله : لأنه تعالى هو خالقه ومدبره ومصرِّفه .

وتفصيل ذلك في :

1. جواب السؤال القادم وفيه بيان أن الدهر ليس من أسماء الله .

2. جواب السؤال بعد القادم وفيه بيان معنى الحديث الصحيح ( لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر ) .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر ) ، فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية ، بيِّنوا لنا ذلك ؟ .

فأجاب :

الحمد لله ، قوله ( لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر ) : مروي بألفاظ أخر كقوله : " يقول الله : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار )

وفي لفظ : ( لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر ، يقلب الليل والنهار ) ، وفي لفظ : ( يقول ابن آدم يا خيبة الدهر وأنا الدهر ) .

فقوله في الحديث ( بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ) يبيِّن أنه ليس المراد به أنا الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلِّب الليل والنهار

والزمان هو الليل والنهار . فدلَّ نفس الحديث على أنه هو يقلِّب الزمان ويصرِّفه ، كما دلَّ عليه قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ

مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) وإزجاء السحاب : سوقه ، والودق : المطر .

فقد بيَّن سبحانه خلقه للمطر وإنزاله على الأرض فإنه سبب الحياة في الأرض فإنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي ، ثم قال : ( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) إذ تقليبه الليل والنهار : تحويل أحوال العالم بإنزال المطر

الذي هو سبب خلق النبات والحيوان والمعدن ، وذلك سبب تحويل الناس من حال إلى حال ، المتضمن رفع قوم ، وخفض آخرين .

وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع كقوله : ( وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ )، وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)

وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ) ، وقوله : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) ، وغير ذلك من النصوص التي تبين أنه خالق الزمان ... .

فليس في الحديث شبهة لهم ، لو لم يكن قد بيَّن فيه أنه سبحانه مقلب الليل والنهار ، فكيف وفي نفس الحديث أنه بيده الأمر يقلب الليل والنهار ... .

فقد أجمع المسلمون - وهو مما علم بالعقل الصريح - أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان ، أو ما يجري مجرى الزمان ... .

" مجموع الفتاوى " ( 2 / 491 – 494 ) وقد اختصرنا كلامه رحمه الله .

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي – رحمه الله - :

قوله : إن الله هو الدهر وهذا لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهه وذلك أن أهل التعطيل يحتجون به على المسلمين

وقد رأيت بعض من يتهم بالزندقة والدهرية يحتج بهذا الحديث ويقول : ألا تراه يقول : فإن الله هو الدهر ؟! فقلت : وهل كان أحد يسب الله في آباد الدهر ؟ وإنما تأويله عندي - والله أعلم -

: أن العرب كان شأنها أن تذمَّ الدهر ، وتسبَّه عند المصائب التي تنزل بهم من موت ، أو هرم ، أو تلف مال ، أو غير ذلك ، فيقولون : " أصابتهم قوارع الدهر " ، و " أبادهم الدهر "

و " أتى عليهم الدهر " ، فيجعلونه الذي يفعل ذلك ، فيذمونه عليه ، وقد ذكروه في أشعارهم ... .

" غريب الحديث " ( 2 / 145 ) .

ثانياً:

وإذا تبين لك أخي السائل أن " الدهر " ليس من أسماء الله : علمتَ أنه لا إشكال في العبارة الواردة في السؤال ، وهي " لنضع يدنا بيد الزمن " ؛ إذ ليس المراد بذلك شيء يناقض الشرع ، وإنما هو أسلوب بلاغي .

وقد يكون عليه مؤاخذة من وجه آخر ، فقد رأينا بعض من يستعمل هذه الكلمة يجعل " الزمن " متصرِّفاً بنفسه ، - وللأسف فكثير من عباراتهم فيها سب للزمن كقول بعضهم " بيد الزمن الظالم "

! - وبعضهم يطلق هذه اللفظة على الله تعالى ، وبعضهم يطلقها ويريد بها " القدَر " ، وهكذا تتنوع استعمالات الناس لها ،ولم نرَ هذه العبارة في كتب العلماء والأئمة

والحكم عليها يكون بحسب موقعها من الجملة ، وبحسب ما يعتقده القائل فيها .

وقد يكون المقصود من العبارة الواردة في السؤال أن يكون الإنسان سائراً في حياته مع متغيرات الواقع والزمن ، ولا يكون مخالفاً لها

وهذا معنى يحوي حقّاً وباطلاً ، ولا يمكن الحكم على العبارة إلا بمعرفة سياقها ومراد قائلها .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 07:30
الدهر ليس من أسماء الله

السؤال

قرأت حديثاً أن الله تعالى يقول : أنا الدهر .

فهل معنى ذلك أن الدهر من أسماء الله الحسنى ؟

الجواب

الحمد لله

هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البخاري (4826) ومسلم (2246) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ، يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الْأَمْرُ ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) .

ولا يدل هذا الحديث على أن الدهر من أسماء الله ، وإنما معنى الحديث أن الله تعالى هو الذي يقلب الدهر ويصرفه .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ :

مَعْنَاهُ : أَنَا صَاحِب الدَّهْر ، وَمُدَبِّر الْأُمُور الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إِلَى الدَّهْر , فَمَنْ سَبَّ الدَّهْر مِنْ أَجْل أَنَّهُ فَاعِل هَذِهِ الأُمُور عَادَ سَبّه إِلَى رَبّه الَّذِي هُوَ فَاعِلهَا اهـ .

وقال النووي :

وَمَعْنَى "فَإِنَّ اللَّه هُوَ الدَّهْر" أَيْ : فَاعِل النَّوَازِل وَالْحَوَادِث , وَخَالِق الْكَائِنَات . وَاللَّهُ أَعْلَم اهـ .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى ، ومن زعم ذلك فقد أخطأ وذلك لسببين :

السبب الأول :

أن أسماءه سبحانه وتعالى حسنى ، أي بالغة في الحسن أكمله ، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة

ولهذا لا تجد في أسماء الله تعالى اسماً جامداً ( أي : لا يدل على معنى ) ، والدهر اسم جامد لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات .

السبب الثاني :

أن سياق الحديث يأبى ذلك ، لأنه قال : " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هما الدهر فكيف يمكن أن يكون المقلَّب بفتح اللام هو المقلِّب بكسر اللام ؟!" اهـ .

فتاوى الشيخ ابن عثيمين (1/163) .

*عبدالرحمن*
2018-09-21, 07:36
ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر

السؤال

هل الحديث لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان صحيحا, فكيف تفسره؟ فقد أشكل علي هذا الموضوع.

الجواب

الحمد لله

الحديث ليس بهذا اللفظ " لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت "

وإنما هو بلفظ " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " ( وقد يكون اللفظ المذكور جاء بسبب طريقة ترجمة السؤال )

وقد رواه مسلم عن أبي هريرة ( 5827 ) ، وفي لفظ آخر: " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ آخر : " لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر "

وفي لفظ : " قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن يا خيبة الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما " .

و أما معنى الحديث فقد قال النووي :

قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر

" ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي : لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها

وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى .

ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي : فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم .

" شرح مسلم " ( 15 / 3 ) .

وينبغي أن يعلم أنه ليس من أسماء الله اسم " الدهر " وإنما نسبته إلى الله تعالى نسبة خلق وتدبير ، أي : أنه خالق الدهر ، بدليل وجود بعض الألفاظ في نفس الحديث تدل على هذا

مثل قوله تعالى : " بيدي الأمر أقلِّب ليلَه ونهارَه " فلا يمكن أن يكون في هذا الحديث المقلِّب - بكسر اللام - والمقلَّب - بفتح اللام - واحداً

وإنما يوجد مقلِّب - بكسر اللام - وهو الله ، ومقلَّب - بفتح اللام - وهو الدهر ، الذي يتصرف الله فيه كيف شاء ومتى شاء .

انظر " فتاوى العقيدة " للشيخ ابن عثيمين ( 1 / 163 ) .

قال الحافظ ابن كثير - عند قول الله تعالى : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية / 24 ] - :

قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا :

" يا خيبة الدهر " فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار

لأن الله تعالى هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال .

وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد . والله أعلم

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 152 ) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن حكم سب الدهر :

فأجاب قائلا:

سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام .

القسم الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر .

القسم الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .

القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً .

" فتاوى العقيدة " ( 1 / 197 ) .

ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني

( مما يكرهه ) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟

إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر .

والله المستعان .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-22, 08:32
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


مقولة : عمرك أطول من عمره

السؤال

هل من السنة إذا أراد شخص أن يعمل عملا أو يحدث بكلام وعندما أراد ذلك سبقه غيره فيقال له : عمره أطول من عمرك أي عمر الذي سبق بالكلام أطول من عمر الذي أراد التكلم به فهل هذه المقولة من السنة ؟

الجواب

الحمد لله

هذا الكلام لا أصل له من السنة فيما نعلم . وكون المقالة أو الخاطرة ترد على ذهن اثنين أو أكثر ، أمر لا غرابة فيه ، ومن تكلم بها أولاً لم يكن هذا دليلا على طول عمره أو قصره .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-09-22, 08:35
إذا قال لزوجته : يا ماما أو يا أختي أو أنت أمي أو أختي

السؤال

ما الحكم في أن يقول الزوج لزوجته : يا ماما ؟

هل هذا حرام أو هل يجعل الزوجة محرمة عليه ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

قول الرجل لزوجته أنت أمي أو أختي أو يا ماما يحتمل أن يكون ظهارا ، وألا يكون ، بحسب نيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه .

والغالب أن الزوج يقول مثل هذه الكلمات على سبيل التلطف والتوقير ، فلا يكون ظهارا ، ولا تحرم الزوجة بذلك على زوجها .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/6)

: " وإن قال : أنت علي كأمي . أو : مثل أمي . ونوى به الظهار , فهو ظهار , في قول عامة العلماء ، وإن نوى به الكرامة والتوقير فليس بظهار . . .

وهكذا لو قال : أنت أمي , أو : امرأتي أمي " انتهى باختصار .

وسئلت "اللجنة الدائمة" : يقول بعض الناس لزوجته : أنا أخوك وأنت أختي ، فما الحكم ؟

فأجابت : " إذا قال الزوج لزوجته : أنا أخوك أو أنت أختي ، أو أنت أمي أو كأمي ، أو أنت مني كأمي أو كأختي ، فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة

أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار ، فليس ما حصل منه ظهارا ، ولا يلزمه شيء .

وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها ، فهي ظهار

وهو محرم ، وتلزمه التوبة وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/274).

ثانياً :

كره بعض العلماء أن يقول الرجل لامرأته : يا أمي أو يا أختي ، لما روى أبو داود (2210) أَنَّ رَجُلا قَالَ لامْرَأَتِهِ : يَا أُخَيَّةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُخْتُكَ هِيَ ! فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ ) .

والصواب : أنه لا كراهة في ذلك ، وهذا الحديث لا يصح ، فقد ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للرجل أن يقول لزوجته يا أختي بقصد المحبة فقط , أو يا أمي بقصد المحبة فقط .

فأجاب :

" نعم , يجوز له أن يقول لها يا أختي , أو يا أمي , وما أشبه ذلك من الكلمات التي توجب المودة والمحبة , وإن كان بعض أهل العلم كره أن يخاطب الرجل زوجته بمثل هذه العبارات ,

ولكن لا وجه للكراهة , وذلك لأن الأعمال بالنيات , وهذا الرجل لم ينو بهذه الكلمات أنها أخته بالتحريم والمحرمية , وإنما أراد أن يتودد إليها ويتحبب إليها

, وكل شيء يكون سبباً للمودة بين الزوجين , سواء كان من الزوج أو الزوجة فإنه أمر مطلوب " انتهى .

"فتاوى برنامج نور على الدرب" .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-22, 08:38
مقالة باطلة : الدين أفيون الشعوب

السؤال

كثيراً ما نسمع هذه المقالة : الدين أفيون الشعوب ، فما معناها ؟

وهل هي مقالة صحيحة ؟.

الجواب

الحمد لله

هذه مقالة نطق بها كارل ماركس اليهودي ، اخترع هذه المقالة يزعم بها أن الدين مُخَدِّرٌ ومُبَلِّدٌ للشعوب .

وكلامه مردود بالحق الحقيق بالقبول ، وهو أن الدين الصحيح الحنيف ملة إبراهيم الذي أمر الله خلقه بإقامته؛ دين يلهب القلوب والمشاعر ، مُحرك لجميع الأحاسيس والقوى ، دافع بها إلى الأمام

لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع للظلم ، ومجاملة الأعداء ، والسكوت عن الباطل والفساد ، أو الجمود على طقوس وأوضاع ما أنزل الله بها من سلطان

بل يوجب عليهم النهوض والاستعداد بكل قوة ، وتسخير كل دابة ومادة على وجه الأرض ، أو في جوفها أو أجوائها كيلا يغلبهم عدوهم في ذلك

وأن يجعلوا جميع مواهبهم وطاقتهم في سبيل الله ، لإعلاء كلمته ، وقمع المفتري عليه ، والبراءة ممن جانب دينَه وتَنَكَّر حكمَ شريعته .

فهذا الدين الصحيح على العكس مما قاله هذا اليهودي وأتباعه وتلاميذه الذين ربوهم وأبرزوهم لمحاربة هذا الدين الصحيح ، الذي لا يُوقَف في وجوه أهله لو حملوه كما أنزل .

أما الأديان الأخرى المزعومة من لاهوتية وثنية فيصح أن يقال عنها بكلمة اليهودي ، لتقيد أهلها بالخرافات ، وتقييدهم العلم الفني والاختراع عن الانطلاق .

"الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" ص 80 لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله .

*عبدالرحمن*
2018-09-22, 08:42
لا يجوز أن يقال : الحكم للشعب أو المال مال الشعب

السؤال

ما حكم من يقول : الحكم للشعب والمال للشعب ؟.

الجواب

الحمد لله

هذه كلمات مخترعة ، ومخترعوها كاذبون في زعمهم ، لا يطبقون ذلك في أنفسهم ، فيتنازلوا للشعب ولا عن رأي واحد من آرائهم

بل هي نغمة تغرير لإلهاء الشعوب التي تحب التنفس من حكمها الأول لتنخدع بالحكم الثاني ، الذي هو أشقى وأضل سبيلاً .

والحق ؛ أن الشعوب البشرية يجب أن تكون مصونة الكرامة ، نائلة للعدل والحرمة الصحيحة ، لا تساق كالأنعام

ولكن لا يجوز إطلاق هذه الكلمات على عواهنها ، فالحكم لله الذي يجب أن يكون توجيه الشعب على نور وحيه وحكمه على وفق شريعته ، قال الله تعالى: ( إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) الأنعام/57 .

وقال : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50 . لا أن يقول : ( الحكم للشعب ) مَنْ يوجه الشعوب نحو رغباته هو من أصحاب المذاهب المادية والمبادئ الوثنية المخالفة لما أنزل الله

ويفرض سلطته عليها قهراً تحت شعارات دجلية ماكرة .

كذلك ( مال الله ) يجب صرفه في المصالح العامة ، وحفظ ثغور المسلمين ، والدفاع عن جميع قضاياهم في مشارق الأرض ومغاربها فوق كل شيء

والقيام بالدعوة إلى الله ، والاستعداد بكل قوة لقمع المفتري عليه أو المعتدي على بعض المسلمين ، وسد حاجة ذوي الحاجات المذكورين في سورة الحشر

في قوله تعالى : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ *

وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ *

وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/8-10 .

ويقدم في صرفه ما تدعو الحاجة الضرورية إليه من ذلك ، هكذا يعمل بمال الله ، لا يجوز أن ينتهبه ذو الأنانية ، ولا أن يصرف في البذخ والميوعة والتبذير ، فضلاً عن الفسق والفجور والمسارح والبلاجات الخليعة .

ولا يجوز قطعاً أن يقال ( مال الشعب ) لأنه إذا سُلِّم هذا كان لهم أن يفعلوا ذلك ، وأن يبددوا قسماً كبيراً منه على حفظ سلطانهم والتجسس وشراء الضمائر هذا من جهة –

ومن جهة أخرى – فإن الشعب يختلف في القوة والضعف والغنى والفقر والجهل والصلاح والحزم والخمول ، فكيف يكون المال ملكاً للمستغني عنه بثروته أو بقوته أو بعلمه وفنه أو من يجب حرمانه منه لفساده وخبثه ، وما إلى ذلك ؟!

وصدق الله العظيم إذ يقول : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ ) يونس/32 . ولكن راجت هذه الأكاذيب لتعطيل الحكم بالشريعة .

انظر : "الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" ص (55-56) بتصرف يسير .

لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله .

فلا يجوز أن يقال المال مال الشعب ، لأن ذلك معناه أن للشعب أن يتصرف في المال حسب ما يشتهي .

والحق ؛ أن المال مال الله ، وعلى جميع الناس أن ينفقوه كما أمر الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (10/281) عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" بَلْ الْمَالُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ كُلُّهُ هُوَ مَالُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي طَاعَتِهِ ، فَتَجِبُ طَاعَتُهُ فِي قِسْمِهِ كَمَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي سَائِرِ مَا يَأْمُرُ بِهِ ;

فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُبَلِّغٌ عَنْ اللَّهِ" اهـ .

وقال عن الأموال التي يأخذها الجنود من بيت المال (25/26) :

" وَأَيْضًا فَهَؤُلاءِ الْجُنْدُ إِنَّمَا هُمْ جُنْدُ اللَّهِ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِبَادَهُ ، وَيَأْخُذُونَ هَذِهِ الأَرْزَاقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى الْجِهَادِ ، وَمَا يَأْخُذُونَهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلسُّلْطَانِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ اللَّهِ يُقَسِّمُهُ وَلِيُّ الأَمْرِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ" اهـ .

وقال أيضاً (28/268) :

" وَلَيْسَ لِوُلاةِ الأُمُورِ أَنْ يَقْسِمُوهَا (يعني أموال بيت المال) بِحَسَبِ أَهْوَائِهِمْ ، كَمَا يَقْسِمُ الْمَالِكُ مِلْكَهُ ; فَإِنَّمَا هُمْ أُمَنَاءُ وَنُوَّابٌ وَوُكَلاءُ لَيْسُوا مُلاكًا ;

كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إنِّي - وَاَللَّهِ - لا أُعْطِي أَحَدًا وَلا أَمْنَعُ أَحَدًا ; وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْت) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَنْعُ وَالْعَطَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَالِكُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ ، وَكَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَنْ أَحَبُّوا وَيَمْنَعُونَ مَنْ أَبْغَضُوا

وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْسِمُ الْمَالَ بِأَمْرِهِ فَيَضَعُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى" اهـ.

*عبدالرحمن*
2018-09-22, 08:45
لا حرج في استعمال كلمة "صدفة"

السؤال :

كلمة صدفة ، هل يجوز لي أن أقول عندما ذهبت إلى السوق قابلت فلاناً صدفة ؟

وهل هذه الكلمة (صدفة) حرام أو شرك بالله عز وجل ، وماذا أقول بدلاً من هذه الكلمة ؟.

الجواب

الحمد لله

لا بأس باستعمال كلمة قابلت فلاناً صدفة ، لأن مراد المتكلم بذلك أنه قابله بدون اتفاق سابق ، وبدون قصد منه ، وليس المراد أنه قابله بدون تقدير من الله عز وجل .

وقد ورد استعمال هذه الكلمة في بعض الأحاديث . منها : ما رواه مسلم (2144) عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ ( يعني بعبد الله بن أبي طلحة ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ .

. . الحديث. والميسم أداة تستخدم في الكي .

وروى أبو داود (142) عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ . . . الحديث . صححه الألباني في صحيح أبي داود .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/393) :

"ليس قول الإنسان قابلت فلاناً صدفة محرّماً أو شركاً، لأن المراد منها قابلته دون سابق وعد أو اتفاق على اللقاء مثلاً وليس في هذا المعنى حرج" اهـ .

وسئل الشيخ ابن عثيمين : ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة "صدفة" ؟

فأجاب رحمه الله :

"رأينا في هذا القول أنه لا بأس به ، وهذا أمر متعارف ، ووردت أحاديث بهذا التعبير : صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله .

والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا

فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو سبحانه وتعالى لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبداً ، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له : صدفة

ولا حرج فيه ، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز" اهـ بتصرف .

فتاوى الشيخ ابن عثيمين (3/117) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-23, 11:30
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم لعن المعين

السؤال

ما حكم لعن ( وليس سب فقط ) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا ؟ .

الجواب

الحمد لله

قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .

واللعن يقع على وجهين :

الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين .

أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به

. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .

الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :

1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) :

ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .

2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك .

" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه لا يجوز بحال .

الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .

الثالث : يجوز مطلقا " اهـ

الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .

واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :

1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ :

اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) .

2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :

" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر

مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :

" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز

فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية

بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-23, 11:33
لا يقال عن أحد إنه خليفة الله

السؤال

قرأت في بعض الكتب عبارة : ‏(‏ وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه ‏)‏ فما حكم هذه العبارة ؟.

الجواب

الحمد لله

"هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه ؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء ‏,‏ المالك له ‏,‏ ولم يغب عن خلقه وملكه ‏,‏ حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه ‏,‏ وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض ‏,‏

فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض ‏,‏ كما قال تعالى‏ :‏ ‏( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) .

وقال تعالى‏:‏ ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) .

وقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) .‏ أي ‏:‏ نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ

من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/33) .

وقال النووي رحمه الله في كتابه "الأذكار" :

بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها .

ينبغي أن لا يُقال للقائم بأمر المسلمين خليفة اللّه ، بل يُقال الخليفة ، وخليفةُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأميرُ المؤمنين . . .

وعن ابن أبي مُليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : أنا خليفة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأنا راضٍ بذلك .

وقال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : ويلَك لقد تناولتَ تناولاً بعيداً ، إن أُمّي سمّتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص

فلو دعوتني به قبلتُ ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين ، فلو دعوتني بذاك كفاك .

وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً ؛ لأنه خلفَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أُمته

قال : فيجوز أن يُقال الخليفة على الإِطلاق ، ويجوز خليفة رسول اللّه .

قال : واختلفوا في جواز قولنا خليفة اللّه ، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه ، ولقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ ) فاطر / 39 .

وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي .

انتهى كلام النووي رحمه الله .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-23, 11:35
هل يصح أن يقال " والدي العزيز " ؟

السؤال

إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها (إلى والدي العزيز ) أو (إلى أخي الكريم) فهل في هذا شئ ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" هذا لا شيء فيه بل هو جائز قال الله تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } .

وقال تعالى : { ولها عرش عظيم }

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف " رواه البخاري ( 3390 ) .

فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله - تعالى - ولغيره ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شيء من اتصاف المخلوق بها ، فإن صفات الخالق تليق به وصفات المخلوق تليق به .

وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه (العزيز) يعني أنك غالٍ عندي وما أشبه ذلك ، ولا يُقصد بها أبداً الصفة التي تكون لله وهي العزة التي لا يقهره بها أحد ، وإنما يريد أنك عزيز عليَّ وغالٍ عندي وما أشبه ذلك "

انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/68 .

*عبدالرحمن*
2018-09-23, 11:37
عبارات " أرجوك " " تحياتي " " أنعم صباحا " " أنعم مساءً "

السؤال

ما رأيكم بهذه الألفاظ (أرجوك ) ، (تحياتي) ، و(أنعم صباحا) ، و(أنعم مساءً) ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" لا بأس أن تقول لفلان ( أرجوك ) في شئ يستطيع أن يحقق رجاءك به

وكذلك ( تحياتي لك ) ، و( لك منى التحية ) وما أشبه ذلك

لقوله تعالى : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها }

وكذلك ( أنعم صباحا ) و( أنعم مساء ) لا بأس به

ولكن بشرط ألا تتخذ بديلا عن السلام الشرعي " .

انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/70 .

أضف تعليقا

*عبدالرحمن*
2018-09-23, 11:40
هل يصح أن يقول المتكلم " أحبائي في رسول الله " ؟

السؤال

نسمع بعض الناس يستخدمون عبارة : " أحبائي في رسول الله " فهل هذا الاستخدام صحيح ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحا

يعني : أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة

فإن الحديث ( من أحب في الله ، وأبغض في الله )

فالذي ينبغي أن يقول : أحبائي في الله - عز وجل -

ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقول السلف

ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم

والغفلة عن الله ، والمعروف – في السنة و - عن علمائنا وعن أهل الخير هو أن يقول : أحبك في الله " .

مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/68 .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-24, 19:26
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

عبارة " أدام الله أيامك "

السؤال

هل يجوز أن تقول لشخص ( أدام الله أيامك ) ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

: " قول (أدام الله أيامك ) من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال منافٍ

لقوله تعالي : { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }

وقوله تعالى { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفئِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } "

انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله (3/69) .

*عبدالرحمن*
2018-09-24, 19:28
عبارة طال عمرك وأطال الله بقاءك

السؤال

ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( طال عمرك ) ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء

لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً

فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله

وعلى هذا فلو قال أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك ." انتهى

مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/71 .

ومثله طال عمرك على الطاعة فهو جائز .

*عبدالرحمن*
2018-09-24, 19:30
عبارة " فلان المرحوم " " انتقل إلى رحمة الله " " تغمده الله برحمته "

السؤال

ما رأيكم في قول بعض الناس ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمة الله ) ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" قول ( فلان المرحوم ) أو ( تغمده الله برحمته ) لا بأس بها ، لأن قولهم ( المرحوم ) من باب التفاؤل والرجاء ، وليس من باب الخبر ، وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به .

وأما ( انتقل إلى رحمة الله ) فهو كذلك فيما يظهر لي أنه من باب التفاؤل ، وليس من باب الخبر ، لأن مثل هذا من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به .

.... ولا يقال " انتقل إلى الرفيق الأعلى " ."

انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/85 .

*عبدالرحمن*
2018-09-24, 19:31
قول بعض العصاة " أنا حر في تصرفاتي "

السؤال

بعض العصاة إذا أنكرنا عليه معصيته قال (أنا حر في تصرفاتي) ؟

فهل هذه الكلمة صحيحة ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله

بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدَّعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى . "

مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/81 .

*عبدالرحمن*
2018-09-24, 19:35
عبارة " استجرت برسول الله "

السؤال

ما رأيكم فيمن يقول " آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم " ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

: " أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ، معتصما به .

وأما قوله ( واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز .

أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم

بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها ، فإذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك

والله الموفق ."

انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/70 .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:30
بَارَكَ اللهُ فيكَ
#زهرة3
و جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَيْرً
#زهرة4

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك اخي الكريم

وجزاك الله عني كل خير


https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)

.

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:35
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم التسمي بعبد مناف ، وهل سمى النبي صلى الله عليه وسلم أحد أبناءه بهذا الاسم ؟

السؤال :

سمعت أن اسم "عبد مناف" اسم جاهلي ، وأن مناف صنم من أصنام الجاهلية ، فهل هذا صحيح ؟

وسمعت أيضاً أن ابن إسحاق ذكر في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى أحد أبنائه بهذا الاسم ، فما صحة ذلك ؟ وما دام أن "منافا" ليس من أسماء الله فلماذا يضاف إليه اسم "عبد" ؟

وهل يجوز لنا تسمية أبنائنا بهذا الاسم ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

مناف صنم من أصنام الجاهلية

جاء في كتاب " المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (11 / 269): [

و"مناف" صنم من أصنام الجاهلية ، قال عنه ابن الكلبي : "وكان لهم مناف ، فبه كانت تسمِّي قريش "عبد مناف" ولا أدري أين كان ، ولا من نصبه ؟ " .

وسُمي به أيضًا رجال من هذيل ، و" به سمي عبد مناف ، وكانت أمه أخدمته هذا الصنم".

وفيه يقول بلعاء بن قيس: وقِرْنٍ قَدْ تَرَكْتُ الطَّيْرَ مِنْه * كمُعَتْبِر العَوارِكِ مِنْ مَنافِ" انتهى.

وفي " تاج العروس " (24 / 441) :

"مناف : صنم ، وبه سمي (عبد مناف) وكانت أمه قد أخدمته هذا الصنم " انتهى .

ثانيا:

روى بعض أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد له قبل البعثة ولد يقال له (عبد مناف)

جاء في " شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (4 / 315):

" وقيل: ولد له - صلى الله عليه وسلم - ولد قبل المبعث يقال له : عبد مناف " انتهى .

ولكن هذا من الكذب والباطل والافتراء على رسول الله ، فحاشاه - صلى الله عليه وسلم - أن يسمِّي ولده بهذا الاسم

جاء في " سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي " (1 / 208) :

" روى الهيثم بن عدي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ولدت خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم عبد العزى وعبد مناف

قال الذهبي في (الميزان) والحافظ في (اللسان) : هذا من افتراء الهيثم على هشام ، وقال أبو الفرج بن الجوزي: الهيثم كذاب لا يلتفت إلى قوله

قال شيخنا ابن ناصر: لم يسم عليه الصلاة والسلام عبد مناف ولا عبد العزى قط ، والهيثم كذَّبه البخاري وأبو داود والعجلي والساجي

وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار ، وقال في المورد: ولا يجوز لأحد أن يقول: إن هذه التسمية وقعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.

ثالثا :

لا يجوز التسمي بأي اسم معبَّد لغير الله ، كعبد المسيح وعبد الكعبة ونحو ذلك

وعلى ذلك فلا يجوز لأحد أن يتسمى بــــــ (عبد مناف) .

جاء في " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين "(10 / 891):

"ولا يجوز التسمي بعبد مناف" انتهى.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:40
له عدة أسئلة عن الرقيق والموالي وحكم تلقيب أسود البشرة بالعبد

السؤال :

أشكل علي فهم الموالي ، ما هو الضابط في إطلاق وصف الموالى : هل كل من أعتق أصبح مولى ، أم لابد من تواجده في بلد المعتق أنا لا أفهم ؟

وهل المولى يعتبر من أهل المعتق له ، ويرثه ، ويأخذ اسمه ، أو اسم قبيلته؟

وهل يكون الموالي من اﻷشراف أو من أهل البيت لهم ما لهم وعليهم ما عليهم مما افترضه لهم من المودة والاحترام وخلافه ؟

وهل يجوز إطلاق وصف عبيد عليهم ، كما يقول السفهاء في وقتنا الحاضر لكل أسود هذا كان عبدنا وخلافه ؟

أرجو أن توضحوا معنى لي الموالي في شريعتنا الغراء .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

المولى يطلق ويراد به معان كثيرة .

قال الجوهري : " والمَوْلى: المُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، وابنُ العمّ، والناصرُ، والجارُ " .

انتهى من "الصحاح" (6/2529) .

وقال الفيروزآبادي :

"والمَوْلَى: المالِكُ، والعَبْدُ، والمُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، والصاحِبُ، والقريبُ كابنِ العَمِّ ونحوِه، والجارُ، والحَليفُ، والابنُ، والعَمُّ، والنَّزيلُ، والشَّريكُ

وابنُ الأُخْتِ، والوَلِيُّ، والرَّبُّ، والناصِرُ، والمُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه، والمُحِبُّ، والتابعُ، والصِّهْرُ"

انتهى من "القاموس المحيط" ص(1344) .

وأسئلة السائل تدور حول المولى الذي هو بمعنى العتيق .

ثانيا :

كل من أُعتق فهو مولى ، وللمعتَق أن يتنقل في أي أرض الله حيث شاء ؛ لأنه أصبح حرا ، ولا أمر لسيده السابق عليه .

والعتق سبب من أسباب الإرث ، فمن أعتق عبدا فإنه يرثه في بعض الأحوال ، وأما العتيق فلا يرث من معتِقه أبدا .

قال الرحبي :

أسباب ميراث الورى ثلاثه ...
كل يفيد ربه الوراثه

وهي نكاح وولاء ونسب ..
. مابعدهن للمواريث سبب

وقال في الوارثين بالتعصيب :

والأخِ وابنِ الأخ والأعمامِ ...
والسيدِ المعتِق ذى الإنعامِ .

ثالثا :

العتيق ينسب إلى أبيه وقبيلته ، وينسب إلى قبيلة معتِقه بالولاء ، فيقال : فلان بن فلان مولى بني فلان ، كما هو شائع في كتب التراجم .

فمثلا ‏الليث بن سعد المصري الفهمي‏ ، نسب إلى "بني فهم" لأن معتِقه فهمي‏ . ‏

وكذلك ‏عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي‏ مولاهم‏ ، نُسب إلى "بني الحنظل" وغيرهم كثير .

ولا عيب في ذلك ولا غضاضة ، وقد جاء على الناس زمان ، ورؤوس الناس وعلماؤهم أغلبهم من الموالي .

وكما قال الزهري: "إنما هو أمر الله ودينه ، من حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط " .

قال ابن الصلاح :

"وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: " لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي ، إلا المدينة ، فإن الله خصها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع ".

قلت: وفي هذا بعض الميل، فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب : فقهاء أئمة مشاهير، منهم الشعبي والنخعي، وجميع الفقهاء السبعة ، الذين منهم ابن المسيب : عرب ، إلا سليمان بن يسار، والله أعلم"

انتهى من "مقدمة علوم الحديث" ص(404) .

رابعا :

يبعد أن يكون في هذا الزمن عبيد من آل البيت ؛ لأن العبودية سببها الأسر في حال الكفر ؛ لكن لو قُدر أن أحدا من بني هاشم نشأ كافرا في بلد كفر

وتم أسره مع الكفار ، فإنه يكون عبدا كغيره من الكفار إذا وقع في الأسر واستُرقّ ، والعرب والعجم في هذا سواء .

مع أنه تقدير افتراضي محض ، لا واقع له في الناس اليوم .

وقد صح في الحديث الصحيح أن سبيّة من بني تميم َكَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم (أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ) رواه البخاري (2543) ، (2525) .

قال ابن بطال "فى هذه الآثار أن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، سبى العرب ، واسترقهم ، من هوازن وبني المصطلق وغيرهم، وقال، عَلَيْهِ السَّلام، لعائشة فى السبية التميمية: (أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل) .

فصح بهذا كله : جواز استرقاق العرب ، وتملكهم ، كسائر فرق العجم".

انتهى من "شرح صحيح البخاري" (7/57) .

وقال ابن حجر

"وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ : ( ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا ) : دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ فِي صِحَة تَمَلُّكِ الْعَرَبِيِّ ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ عِتْقَ مَنْ يُسْتَرَقُّ مِنْهُمْ

وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ : مِنَ الْعَارِ أَن يملك الرجل ابن عَمه ، وَبنت عَمه . حَكَاهُ ابن بطال عَن الْمُهلب "

انتهى من "فتح الباري" (5/173) .

فهذا يدل على أن المسبي من ولد إسماعيل : يراعى ، وله منزلة خاصة ، فكيف بمن هو من أرفع منه ، ومن بيت النبوة ؟ لا شك أن ذلك أولى .

مع اعتبار ما سبق : أن هذا افتراض محض ، لا واقع له في الناس اليوم ؛ بل ولا من أزمان .

خامسا :

إذا أعتق العبد : ارتفع عنه وصف العبودية ، وصار حرا .

وأما إطلاق لفظ العبودية على كل أسود : فهو من الجهل المحض ، والجاهلية العمياء ، ومنتقِص غيره بهذه الألفاظ : آثم ، مفتر ، لأنه يسب غيره ، وينسبه إلى العبودية

وهو منكر ، لو كان صدقا ؛ فكيف إذا جمع مع ذلك الكذب والبهتان ؟!

روى البخاري (30)،ومسلم (1661) عن أَبي ذَرٍّ قَالَ :"سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)".

قال ابن حجر

: "فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ" أَيْ نَسَبْتُهُ إِلَى الْعَارِ ، زَادَ فِي الْأَدَبِ "وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَنِلْتُ مِنْهَا" . وَفِي رِوَايَةٍ : "قُلْتُ لَهُ يَا بن السَّوْدَاءِ" .

وَالْأَعْجَمِيُّ : مَنْ لَا يُفْصِحُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ سَوَاء كَانَ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا "

انتهى من "فتح الباري" (1/86) .

وما أشد وأفظع أن يكون في المسلم الذي أكرمه الله بالإسلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خصلة من خصال الجاهلية النتنة !

وينظر جواب السؤال:القادم

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:42
حكم مناداة ذوي البشرة السمراء بلقب"العبد".

السؤال :

ألاحظُ في مجتمعي العديدَ من العبارات التي تطلقُ على ذوي البشرة السمراء، فقد يقول قائلٌ في حديثه: "وقد قال لي ذاك العبدُ يومها" وحين تسألُه: ما معنى العبد؟

يقولُ بأنّهُ الإنسان ذو البشرةِ السمراء، وحين تسألُه عن سبب كونِهِ عبدًا يردُّ بأنّ الناس جميعًا عبادٌ لله، مع أنّ أغلبهُم لا يقصدون

هذا بل هي مُخلّفات أفكارٍ عنصريّة زُرعت بهم منذُ صِغرهم من الأهل أو المجتمع، فهل يجوزُ هذا الفعل؟

وإن لم يجُز فما الردُّ على فعلِهم؟ جزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

مناداة الشخص ذي البشرة السوداء بلقب "العبد" ؛ المقصود به هنا الشخص المملوك لغيره ؛ لأنه إلى قرون متأخرة كانت نسبة كبيرة من الأشخاص السود في المجتمع العربي مماليك لغيرهم .

فالحاصل ؛ أن المراد بالعبد - في عرف المجتمع الذي يستعمل فيه هذا اللقب - هو الشخص المملوك لغيره .

ولا شك أن هذا اللقب المراد به هنا : التعيير والاستنقاص .

فلهذا لا يجوز استعمالها في مخاطبة صاحب البشرة السوداء :

- لأن فيها كذبا ، حيث ناداه بصفة "العبد" ، الذي عهد مراد الناس به ، وهو ليس عبدا ، بل هو حر .

- لأن فيها تنابذا باللقب المذموم ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ) الحجرات/11

- لأن فيها ايذاءً وتعييراً لهؤلاء المسلمين ، وايذاء المسلم وتعييره محرم .

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ

فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) رواه الترمذي (2032) ، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" .

وعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ ) رواه الإمام أحمد في "المسند" (37 / 88) .

- في هذا اللقب احتقار لهؤلاء المسلمين ، واحتقار المسلم محرم .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ ) رواه مسلم (2564) .

- استعمال مثل هذه الألفاظ فيه فتح لباب العداوة والتباغض بين المسلمين .

قال الله تعالى :

( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء /53 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال،

ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة "

انتهى . "تفسير ابن كثير" (5 /86 - 87) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" وقوله: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ ) أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.

فدواء هذا، أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم، لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم، فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 460) .

ثانيا :

الواجب على المسلم الذي يسمع مثل هذه الألقاب في المجالس أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في النصح ، فينصح قائلها وينبهه لخطرها .

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا.

قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ؛ كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً .

فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ البَحْرِ لَمُزِجَ ) رواه أبو داود (4875) . ورواه الترمذي (2502)، وقال : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " ، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" .

وليتأمل هذا القائل ، المنتقص لأخيه ، قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ .

وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ ، هَذِهِ .

فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) .

رواه مسلم (1844) من حديث عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنهما .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:44
حكم قول الإنسان: لولا الخوف من الله لجعلت حبك سادس أركان الإسلام

السؤال :

ما حكم قول لولا الخوف من الرب لجعلت حبك سادس أركان الإسلام ؟

الجواب :

الحمد لله

القول المذكور قول منكر، وبهتان عظيم .

وأركان الإسلام أعظم من أن يتدخل فيها العبد ، فيضيف إليها أو يزيد فيها ؛ فكيف إذا كان يزيد فيها أمرا محرما، أو مذموما، فإن هذا مناف للتعظيم، وهو إلى الاستهزاء أقرب.

وهذه المحبة إن كانت لرجل أو لأجنبية فهي من العشق المحرم، والتصريح به يدعو إلى الفتنة وزيادة الشر.

وإن كانت لزوجة فهي محبة مذمومة لما فيها من الغلو والإفراط.

وأين الخوف من الله في هذا، وقد قال ما قال!

فلو وجد الخوف من الله لمنعه من أن يقول ذلك، أو أن تصل محبة المخلوق في قلبه إلى هذه الدرجة، إن كان صادقا فيما يدعيه من المحبة.

قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا كان القلب محبا لله وحده مخلصا له الدين ، لم يبتل بحب غيره أصلا ، فضلا أن يبتلى بالعشق ، وحيث ابتُلي بالعشق ، فلنقص محبته لله وحده

ولهذا لما كان يوسف محبا لله مخلصا له الدين ، لم يُبتل بذلك ، بل قال تعالى : ( كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ ) .

وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها ، فلهذا ابتليت بالعشق " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/135).

وقال رحمه الله:

" الرجل اذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها ، تحكم فيه وتتصرف بما تريد ، وهو فى الظاهر سيدها ، لأنه زوجها ، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها

لا سيما إذا دَرَت بفقره إليها ، وعشقه لها ، فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه

بل أعظم ، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/185).

وقال ابن القيم رحمه الله:

"وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى ، المعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه ؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه

دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ؛ ولهذا قال تعالى في حق يوسف : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف/24 .

فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق ، وما يترتب عليه من السوء والفحشاء ، التي هي ثمرته ونتيجته ؛ فصرف المسبب ، صرف لسببه ، ولهذا قال بعض السلف : العشق حركة قلب فارغ"

انتهى من "زاد المعاد" (4/ 246).

وليحذر العبد من فلتات اللسان، فإن الكلمة قد تهوي بصاحبها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب.

روى البخاري (6478) ، ومسلم (2988) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ .

وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ).

وروى البخاري (6477) ، ومسلم (2988) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ)

وعند الترمذي (2319) ، وابن ماجه (3969) عن بِلَال بْن الحَارِثِ المُزَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ

مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ : فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .

وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-09-26, 15:52
استعمال المرأة التورية مع زوجها

ونظرها للرجال في الأسواق .

السؤال:

ما الدليل على جواز التورية ؟ وكيف نجمع بينها وبين أن الدين الاسلامي يأمرنا ويحثنا على الوضوح ، وعلى الشفافية مع الآخرين ، وألا نكون مخادعين مناورين لهم بحجة التورية

حتى لو لم تترتب عليها مفسدة ؟ ولكن ألا يعتبر ذلك مناورة وخداع ؟

وأريد أن أعرف كيف أميز الآن أن من يحدثني ، ويحلف لي بأنه صادق معي ، أو إنه يستخدم التورية ؟

كيف أثق في كلام الآخرين ؟

فحتى زوجتي أصبحت أشك في كلامها لي ، وفي كل ما حلفت عليه سابقا لي ، بأنه كله خداع ومناورة مستخدمة التورية ، فزوجتي كلما حدثتني في أمر بادرت إلى الحلف لأصدقها دون أن أطلب منها ذلك

وكنت أصدقها ، على الرغم أنه في بعض الأحيان كان الأمر واضحا لي بأنها غير صادقة ، ولكن كنت أسلم بصدقها ؛ لأني أعلم أنها تخاف من الله ، ولن تحلف كاذبة ، إلى أن حدثتني يوما عن التورية

وأن الانسان يستطيع أن يتحدث ، وأن يحلف دون أن يعتبر كاذبا ، وذلك باستخدام التورية ، ألا يحق للمتلقي وللمستمع أن يعرف الحقيقة من المتكلم ، ألا يحق للزوج أن تحدثه زوجته بصدق ، ووضوح ، وشفافية ؟

فمثلا : زوجتي كانت تكثر من النظر إلى الرجال إذا نزلنا إلى الأسواق ، والأماكن العامة ، وأنا أثق فيها ، وأثق بأن هذا النظر لا يتجاوز الفضول والنظر ، ولكنه مفسدة حتى لو كان نظرا فقط ، فناصحتها بلطف كثيرا

وأخبرتها بثقتي فيها ، وشرحت لها مفسده هذا الأمر ، وكنت أنزل معها إلى الأسواق ، وفي كل مكان عام ؛ لأنه عند نزولي معها كانت تخجل مني أن تنظر إلى الرجال ، دون أن أبين لها أن سبب نزولي معها هو نظرها للرجال

وبعد مناصحتي لها كانت كلما نظرت لرجل بادرت هي إلى الحلف بأنها لم تنظر إليه ، رغم وضوح ذلك ، حتى لمن تنظر إليهم ، ولكني بعد حلفها لي في كل مرة تنظر إلى الرجال أصدقها

وأسلم بما تقول ، وأصبحت أسمح لها أن تنزل لوحدها إلى الأسواق ، والأماكن العامة ، واكتشفت أن ذلك كان تورية .

الجواب :

الحمد لله

أولا:

"التورية : وهي أن تطلق لفظا ظاهرا ( قريبا ) في معنى ، تريد به معنى آخر ( بعيدا ) يتناوله ذلك اللفظ ، لكنه خلاف ظاهره "

انتهى من الموسوعة الفقهية (12/247).

قال البخاري في صحيحه: "بَاب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ . وَقَالَ إِسْحَاقُ : سَمِعْتُ أَنَسًا : مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ : كَيْفَ الْغُلَامُ ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هَدَأَ نَفَسُهُ ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ ، وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ " انتهى.

وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم صنيع أم سليم ولم ينكر عليها.

فقد روى البخاري (5470) ، ومسلم (2144) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ : مَا فَعَلَ ابْنِي

قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ : وَارُوا الصَّبِيَّ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: ( أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ ؟ )

قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا) " .

قال النووي في " شرح مسلم" (14/ 124): " وفى هذا الحديث مناقب لأم سليم رضى الله عنها ، من عظيم صبرها وحسن رضاها بقضاء الله تعالى ، وجزالة عقلها في إخفائها موته على أبيه فى أول الليل ليبيت مستريحا بلا حزن

ثم عشته وتعشت ، ثم تصنعت له ، وعرضت له بإصابته فأصابها، وفيه استعمال المعاريض عند الحاجة لقولها : (هو أسكن مما كان) ، فإنه كلام صحيح ، مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل وهو فى الحياة .

وشرط المعاريض المباحة : أن لا يضيع بها حق أحد . والله أعلم" انتهى.

وقال عمر: " أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب ؟ ".

وقال عمران بن حصين رضي الله عنه:

" إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" رواهما البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح . "صحيح الأدب المفرد" (1/ 327، 337).

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى استعمال التورية لرفع الحرج :

روى أبو داود (940) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ)

والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال الطيبي :

"أمر بالأخذ ليخيل أنه مرعوف ( والرعاف هو النزيف من الأنف ) ، وليس هذا من الكذب ، بل من المعاريض بالفعل ، ورُخِّص له في ذلك لئلا يسوِّل له الشيطان عدم المضي استحياء من الناس "

انتهى من " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 3 / 18 ).

والحاصل :

أن التورية مشروعة عند الحاجة ، وقد استعملها الأئمة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " روي أن مَهَنّا كان عنده [أي عند الإمام أحمد]، هو والمروذي وجماعة ، فجاء رجل يطلب المروذي ، ولم يرد المروذي أن يكلمه ، فوضع مهنا أصبعه في كفه

وقال : ليس المروذي هاهنا ، وما يصنع المروذي هاهنا ؟ يريد : ليس هو في كفه ، ولم ينكر ذلك أبو عبد الله "

انتهى من "المغني" (9/ 420).

وقد ذكرنا أمثلة لذلك من فعل الأئمة في جواب السؤال رقم : (27261) وذكرنا فيه أنه ينبغي للمسلم ألا يستعمل التورية إلا في حالات الحرج البالغ ، وذلك لأمور ، منها :

1-أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب .

2-فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً ، لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا ؟

3-أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ، ولم يدرك تورية المتكلم ، كان الموري عنده كذاباً ، وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً .

4-أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية ، لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين .

وقد أخطأت زوجتك باستعمال التورية على نحو ما ذكرت ، مما أدى إلى فقدان ثقتك بكلامها.

ولاشك أن الحياة الزوجية لا تستقيم مع الإكثار من التورية ؛ لأن مبنى هذه الحياة على الثقة المتبادلة بين الزوجين واطمئنان كل منهما للآخر.

وقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم التعريض لغير حاجة أو مصلحة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

انظر "الاختيارات" ص 563 .

فنصيحتنا أن تبين لزوجتك هذا، وأنك لا تطمئن إليها إن استعملت التورية ، ولا ترضى بذلك.

ثانيا:

المرأة مأمورة بغض البصر عن الرجال، كما قال تعالى: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) النور/31، ولكن نظرها للرجال ليس كنظر الرجل للنساء عند الجمهور

لأن الأصل في نظرها الحل ، والأصل في نظره الحرمة، لكن لا يعني هذا أن تنظر للغادي والرائح، بل ينبغي أن يقتصر نظرها على الحاجة عند أمن الفتنة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( نظر المرأة للرجل لا يخلو من حالين ، سواء كان في التلفزيون أو غيره :

نظر بشهوة وتمتع ، فهذا محرم لما فيه من المفسدة والفتنة.

نظرة مجردة لا شهوة فيها ولا تمتع ، فهذه لا شيء فيها ، على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهي جائزة ، لما ثبت في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم

يسترها عنهم، وأقرها على ذلك. ولأن النساء يمشين في الأسواق وينظرن إلى الرجال وإن كن متحجبات. فالمرأة تنظر الرجل وإن كان هو لا ينظرها ،

ولكن بشرط ألا تكون هناك شهوة وفتنة. فإن كانت شهوة أو فتنة فالنظرة محرمة في التلفزيون وغيره)

نقلا عن " فتاوى علماء البلد الحرام " ص 482

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم نظرها للرجال، فلا أقل من الاحتياط، وغض البصر إلا للحاجة.

ففي " الموسوعة الفقهية " (40/ 357):

" القول الثالث : أن حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي كحكم نظره إليها ، فلا يحل أن ترى منه إلا ما يحل له أن يرى منها ، وهذا هو قول للشافعية في مقابل الأصح ، ورواية عن أحمد

قدمها في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير ، وقطع بها ابن البنا واختاره ابن عقيل ، لكن النووي جعله هو الأصح من مذهب الشافعية ، تبعا لجماعة من الأصحاب وما قطع به صاحب المهذب .

وقد تقدم أن القول الصحيح الذي عليه الفتوى عند الشافعية : أن الرجل لا يحل له أن ينظر من المرأة الأجنبية الشابة إلى أي شيء من بدنها ، وأن مقابله جواز نظره إلى الوجه والكفين مع الكراهة .

وبناء على القول الصحيح في حكم نظر الرجل إلى المرأة ، يكون مقتضى هذا القول في حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي : هو التحريم مطلقا

لكن قال الجلال البلقيني : هذا لم يقل به أحد من الأصحاب ، واتفقت الأوجه على جواز نظرها إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن من الفتنة " انتهى.

وينبغي إحسان الظن بالمسلم والمسلمة ، لا سيما بين الزوجين ، كما ينبغي عدم التدقيق والتفتيش، في هذا فإنه مدعاة للشك والوسوسة وفساد ذات البين.

ثالثا:

الإكثار من الحلف مذموم ؛ لقوله تعالى: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) المائدة/89، ولا سيما إذا صاحب التورية ، فقد يقود ذلك إلى الكذب، والكذب في اليمين من كبائر الذنوب؛ لما روى البخاري (6675)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ).

والعبرة بنية الحالف إلا إن حلفه من له ولاية التحليف كالقاضي والمحكَّم.

قال في "مغني المحتاج" (4/ 475)

: " ( وتعتبر ) في الحلف ( نية القاضي المستحلف ) للخصم سواء أكان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا لحديث : (اليمين على نية المستحلِف) رواه مسلم وحمل على الحاكم ، لأنه الذي له ولاية الاستحلاف .

والمعنى فيه : أنه لو اعتبرت نية الحالف لبطلت فائدة الأيمان ، وضاعت الحقوق ، إذ كل أحد يحلف على ما يقصد..
.
تنبيه كان الأولى للمصنف أن يقول : من له ولاية التحليف بدل القاضي ، ليشمل الإمام الأعظم والمحكم ، أو غيرهما ممن يصح أداء الشهادة عنده...

أما إذا حلّفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف ، أو حلفه من له ذلك بغير طلبه ، فالعبرة بنية الحالف. وكذا لو حلف هو بنفسه ابتداء ، كما قاله في زيادة الروضة " انتهى.

نسأل الله أن يصلح حالكما وأحوال المسلمين.

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-29, 17:27
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل يجوز قول " الحياة ليست عادلة " ؟

السؤال :

ما حكم قول عبارة : ( الحياة ليست عادلة ) ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

قول القائل : ( الحياة ليست عادلة ) : هو من سب الدهر المحرم ، فإن ( الحياة ) هي ( الدهر ).

والحياة ، والدهر ، والأيام : كلها ظروف زمان ، لما يقدره الله فيها من مقادير العباد ، وما يجري عليهم من الحوادث والبلايا .

وليس لـ"الدهر" ولا لـ"الحياة" دخل ، ولا تأثير في تدبير شيء من ذلك ، ولا تصريفه ، وإنما هي مجرد ظرف لما يودعه الله ، ويخلقه فيها من أمور عباده .

ولهذا كان التسخط على "الدهر" و"الحياة" ، أو اتهمامها بالجور والظلم .. : تسخطا على خالق الخلق ، ومدبر الأمر ، وهو رب العالمين ، جل جلاله .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا "

رواه البخاري (6181) ومسلم (2246) واللفظ له .

ثانيا :

من وجوه المنع من هذه العبارة أيضا : ما يظهر منها من التسخط وعدم الرضا بأقدار الله جل جلاله .

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ )

. رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وإنما الروح والراحة في أن يرضى العبد بتدبير الله ، وتصريفه أمر كونه ، وتسليمه له في ربوبيته ، سبحانه .

روى مسلم في صحيحه (34) عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-29, 17:31
تلفظ بكلمة " يلعن دين" دون أن يكمل ، والفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب

السؤال:

ما حكم شخص تلفظ في لحظة غضب بكلمة " يلعن دين " دون أن يكمل ؟

وما الفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب العمل ، فلقد قرأت أن المرتد إذا تاب بقي له عمله ، مع ذهاب ثواب العمل !؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

سب الدين ردة عن الإسلام ، وكفر بالله العظيم .

ومن قال في حال الغضب :

" يلعن دين " دون أن يكمل ، فليس في حكم ساب الدين ولاعنه ، فيستغفر الله ولا شيء عليه ، ويكظم غضبه بعد ذلك ، لئلا يقع في الهلكة .

ثانيا :

الفرق بين حبوط العمل وحبوط ثواب العمل : أن حبوط العمل

أي : بطلانه ، ويلزم منه حبوط الثواب ، أما حبوط الثواب فهو ألا يكون للإنسان ثواب من عمله ، ولا يلزم من ذلك أن يكون العمل باطلا

فقد يكون العمل صحيحا ولا ثواب عليه عقوبةً على معصية ارتكبها الإنسان .

قال الخطيب الشربيني رحمه الله :

" لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ ثَوَابِ الْعَمَلِ سُقُوطُ الْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْقَضَاءِ، مَعَ كَوْنِهَا لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ " .

انتهى من "مغني المحتاج" (5/ 427)

فقد يعمل العبد عملا هو في ذاته صحيح ، ولكن لا ثواب له فيه ، ولذلك تبرأ ذمته بالعمل ، ولا يؤمر بإعادته .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" روى مسلم في صحيحه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) والمراد بهذا عند جميع أهل العلم: نفي الثواب

لا نفي الصحة ، ولهذا لا يؤمر شارب الخمر والآبق، ومن أتى عرافا فسأله عن شيء بإعادة الصلاة "

انتهى م " فتاوى اللجنة الدائمة " (5/ 144) .

فمن أتى عرافا وصلى برئت ذمته فلا يحبط عمله ، ولكن لا ثواب له أربعين ليلة، فيحبط ثواب عمله .

وروى ابن ماجة (4002) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ) .

وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .

قال المناوي رحمه الله :

" لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة ، لكنها صحيحة مغنية عن القضاء مسقطة للفرض ، فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعابا وزجرا "

انتهى من " فيض القدير" (3/ 155)

وقال في" مرعاة المفاتيح "(4/ 56):

" القبول أخص من الإجزاء ، أي فلا يلزم من عدمه عدم الإجزاء ، وهو كونه سبباً لسقوط التكليف، والقبول كونه سبباً للثواب " انتهى .

وقال السفيري رحمه الله في " شرح البخاري " (2/ 254):

" القبول يطلق شرعاً ويراد به حصول الثواب ، ولا يلزم من نفيه نفي الصحة ، بل نفي الثواب مع حصول الصحة ، بدليل صحة صلاة العبد الآبق

وصلاة شارب الخمر إذا لم يسكر ، ما دام في جسده شيء منها، والصلاة في الدار المغصوبة عند الشافعية ، فلا ثواب لواحد منهم.

ويطلق ويراد به وقوع الفعل صحيحاً، وحينئذ يلزم من نفيه نفي الصحة " انتهى .

ثالثا :

المرتد إذا تاب ، لم يحبط سابق عمله الصالح حال إسلامه .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" من ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه لا يحبط ما سبق أن عمله أيام إسلامه من الأعمال الصالحات؛

لقوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فاشترط سبحانه في إحباط الأعمال موت صاحبها على الكفر "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 201) .

أما القول بأنه يبقى عمله ، ويذهب ثوابه : فقول غير صحيح .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-29, 17:49
حكم سب الدين للجمادات !

السؤال:

هل يجوز للمسلم أن يستعمل الألفاظ القبيحة المعنى في كلامه علي سبيل المزاح ، حيث إن لي بعض الإخوة ، حافظين لكتاب الله ويؤمون الناس في الصلاة

وفي الفترة الأخيرة يستخدمون الألفاظ السيئة في حديثهم ، ويقولون إنهم يستغفرون كل يوم ! وماحكم سب الدين للجماد ؟

لأن أحدهم قد سب الدين يوما أمامي لهاتفه ، فقلت له : إن سب الدين كفر ، قال : الهاتف ليس له دين ؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الفحش في القول والوقاحة في الكلام مما يبغضه الله تعالى ويمقت عليه ، قال تعالى : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ) النساء/ 148 .

وهو من صفات المنافقين والفاسقين ، ومن أسباب دخول النار يوم القيامة ، مع ما يعرف به صاحبه في الدنيا من الوصف الذميم بين الناس .

فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه من فحش القول وسيء المنطق ، ولو كان مازحا ، فإن آفات اللسان من أعظم ما يبتلى المرء به في دينه وخلقه

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ) رواه الترمذي (2616) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال المناوي رحمه الله :

" فمن أطلق عَذَبَة لسانه مُرْخَى العِنان ، سلك به الشيطان في كل ميدان ، وساقه إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ؟

ولا ينجي من شر اللسان إلا أن يلجم بلجام الشرع "

انتهى من "فيض القدير" (2/ 79) .

وراجع إجابة السؤال رقم : (22170) لمعرفة شروط وآداب المزاح الشرعي .

ويتأكد النهي عن هذه الأخلاق الذميمة في حق من يجب أن يكونوا أهل قدوة للناس في حسن خلقهم وعفة لسانهم ، كأهل القرآن الحافظين له

وكأئمة المساجد الذين يصلون بالناس ، فهؤلاء وأمثالهم يجب أن يكونوا من أبعد الناس عن فحش القول وقبيحه .

واعتياد هذه الأخلاق السيئة ، ثم الاعتذار عنها بالاستغفار منها مع التمادي فيها ، من الغفلة وعدم العلم بالله والجهل بأسمائه وصفاته سبحانه

ثم هو إصرار على فعل الذنب من غير توبة صحيحة منه ، والإصرار على الصغيرة مهلكة ، فكيف إذا كان على فاحش القول ، وعادة السوء في اللسان .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة , لما في ذلك من الدلالة على أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها ".

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/ 138) .

ثانيا :

سب الدين للجمادات من فاحش القول ، وبذيء اللفظ ، وهو من عادة السوء في السب والفحش .

ويخشى على صاحبه أن يقع به إثم سب الدين ، لا سيما إذا عود لسانه ذلك الفحش ، فإنه يوشك أن ينتقل به إلى سب دين الله صراحة ، جهارا ، كما عهد من حال من اعتاد مثل ذلك .

وليُعلم أن كل شيء يسبح بحمد ربه ، حتى الجمادات ، قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) الإسراء/ 44 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ .

وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قَالَ: " الْأُسْطُوَانَةُ تُسَبِّحُ ، وَالشَّجَرَةُ تُسَبِّحُ " والْأُسْطُوَانَةُ: السَّارِيَةُ.

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ صَرِيرَ الْبَابِ تَسْبِيحُهُ ، وَخَرِيرَ الْمَاءِ تَسْبِيحُهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) .
وَقَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الطَّعَامُ يُسَبِّحُ.

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ آيَةُ السَّجْدَةِ أَوَّلَ سُورَةِ الْحَجِّ ".

انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 79-80) .

وروى الدارمي (18) ، وابن حبان في "الثقات" (4/223) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ شَيْءٌ إِلا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، إِلا عَاصِي الْجِنِّ وَالإِنْسِ ) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1718) .

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

رجل يكتب على ورقة ، وفي أثناء الكتابة أخطأ في بعض الكلمات ، فانزعج كثيراً من ذلك ومن شدة غضبه سبَّ دين وسماء القلم والورقة ،

فهل يعتبر سِباب دين القلم أو الورقة أو الحجر أو الشجر أو الكرسي أو الكأس أو....إلخ من هذه الأشياء، هل يعتبر كفراً؟

فأجاب :

" لا شك أن هذا السب حرام ، ولو قيل إِن القلم والورقة لا يدينان بالدين الذي هو العبادات ؛ لكن معلوم أن الدين واحد، وأن الله تعالى هو الذي سخر هذه الأقلام والأدوات

ويسر استعمالها، فيخاف أن السب يرجع إلى الله تعالى، فعليه التوبة والاستغفار، وعدم العودة إلى مثل هذا " انتهى .
والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-29, 17:52
الكذب مراعاةً لمشاعر الآخرين من الكذب المحرم

السؤال:

نعلم جميعاً الثلاث حالات التي يجوز فيها الكذب . والسؤال هو : هل الكذب من أجل تحاشي جرح مشاعر شخص ما يندرج تحت إحدى هذه الحالات ؟

فعلى سبيل المثال : لو أن أخي أراد أن يتحاشى اللقاء بشخص ما لأسباب متعددة ، لكن هذا الشخص أصر على لقائه أو زيارته في البيت

فقال أخي : إنه مشغول ولا يمكن أن يقابله ( مع أنه غير مشغول في الحقيقة ) .

وما قال ذلك إلا حرصاً منه على عدم جرح مشاعر ذلك الشخص ، فهل يعد هذا كذباً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الكذب كله مذموم ، وهو من صفات المنافقين ، فإنه يدعو إلى الفجور ، والفجور يدعو إلى النار ، إلا أنه إذا تعلقت به مصلحة راجحة جاز للمصلحة ، وربما وجب.

فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً : فالكذب فيه حرام .

وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق : فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً ، وواجب إن كان واجباً .
ثانيا :

يغني عن الكذب استعمال المعاريض والتورية ، وهي : الكلام المحتمل لمعنيين ، معنى يفهمه السامع ، ومعنى آخر يريده المتكلم .

فإذا أمكن تحصيل المصلحة أو دفع المفسدة بالمعاريض تعيّن ذلك ، ولم يجز الكذب .

وإذا لم يمكن : فإن المعاريض والتورية مخرج شرعي مقبول ، عند الحاجة إليه :

جاء في "الموسوعة الفقهية" (34/ 211-212) :

" نُقِل عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ : أَنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ ، قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَا فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي الرَّجُل عَنِ الْكَذِبِ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرِهِ

وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ إِذَا اضْطُرَّ الإْنْسَانُ إِلَى الْكَذِب ِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ فَلاَ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ وَلاَ التَّصْرِيحُ جَمِيعًا ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيضَ أَهْوَنُ .

وكَانَ النَّخَعِيُّ لاَ يَقُول لاِبْنَتِهِ : أَشْتَرِي لَكِ سُكَّرًا ، بَل يَقُول : أَرَأَيْتِ لَوِ اشْتَرَيْتُ لَكِ سُكَّرًا ؟ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لاَ يَتَّفِقُ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا طَلَبَهُ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الدَّارِ قَال لِلْجَارِيَةِ :

قَوْلِي لَهُ : اطْلُبْهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلاَ تَقُولِ ي: لَيْسَ هُنَا كَيْ لاَ يَكُونَ كَذِبًا .

وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فَلاَ ؛ لأِنَّ هَذَا تَفْهِيمٌ لِلْكَذِبِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّفْظُ كَذِبًا ؛ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْجُمْلَةِ ، كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ قَا

ل : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَخَرَجْتُ وَعَلَيَّ ثَوْبٌ ، فَجَعَل النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا كَسَاكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَكُنْتُ أَقُول : جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا

فَقَال لِي أَبِي : " يَا بُنَيَّ اتَّقِ الْكَذِبَ وَمَا أَشْبَهَهُ " فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لأِنَّ فِيهِ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى ظَنٍّ كَاذِبٍ ، لأِجْل غَرَضِ الْمُفَاخَرَةِ ، وَهَذَا غَرَضٌ بَاطِلٌ لاَ فَائِدَةَ فِيهِ .

وَتُبَاحُ الْمَعَارِيضُ لِغَرَضٍ خَفِيفٍ كَتَطْيِيبِ قَلْبِ الْغَيْرِ بِالْمُزَاحِ " . انتهى ملخصا .

راجع إجابة السؤال رقم : (27261) .

والحاصل : أن تطييب القلب ، وجبر الخاطر ، وإزالة الوحشة من النفوس : غرض صالح ، مشروع في الجملة ، إن احتاج المتكلم لأجله أن يستعمل شيئا من التورية والمعاريض : جاز له

على أن يقصد بكلامه غرضا صريحا ، يحتمله الكلام ، حتى لا يقع في الكذب الصريح .

واعتذار الشخص بأنه مشغول : هو أمر مقبول في الجملة ، بشرط أن يقصد له شغلا خاصا به ، فكل إنسان لا ينفك من شغل في حياته

ولو كان مشغولا براحته ونومه ، أو مصلحة أهله ، أو صلاة ، أو ذكر ، أو تلاوة قرآن ، أو نحو ذلك من أشغال الناس بأمر الدنيا أو الآخرة .

فعذر الشغل باب واسع ، يمكنه أن يدخل فيه ما يطرأ له من الأشغال ، أيا كان نوعها ، وهو أمر نافع لصاحبه عند الاعتذار عن مثل ذلك .

وقد سَأَلَ رَجُلٌ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ فِي دَارِ الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَكَرِهَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ ، فَوَضَعَ أَحْمَدُ إصْبَعَهُ فِي كَفِّهِ ، فَقَالَ : لَيْسَ الْمَرْوَزِيِّ هَاهُنَا ، وَمَا يَصْنَعُ الْمَرْوَزِيِّ هَاهُنَا ؟

انتهى من "إعلام الموقعين" (3/ 151).

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-29, 18:00
ما الحكم فيمن : يتلفظ بألفاظ كفرية والعياذ بالله مع تغيير بعض الألفاظ ؟

السؤال:

سؤالي عن بعض الضالين ببلدي : إنهم يتلاعبون بألفاظ في الكفر - والعياذ بالله - ، ويقولون : بأنه ليس كفرا ، ومثال على ذلك يلعن رئك أو يلعن الص أو يلعن رفك وهو تغير أحرف فقط فهل أنا محق بزجرهم أم لا ؟

واستغفر الله العلي القدير على كل شيء .

الجواب :

الحمد لله

لا شك أنك محقٌ في زجرهم ؛ لأنهم قاربوا الكفر بلفظهم ، وتغييرهم للحرف لا يزيل عنهم المحذور العظيم في اقترابهم من لفظ الكفر .

والدين له حِمَىً لا بد من حمايته ، والحذر من الوقوع فيه .

وهذا المقاربة اللفظية فيها انتهاكٌ لهذا الحِمَى ، وما بين المتكلم وبين الكفر إلا هذا الحرف الذي غيَّره

وقد قال الله تعالى محذرا : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) سورة آل عمران/167.

فالاقتراب من الكفر درجات ، ولا يجوز للمسلم أن يقترب من أيِّ درجةٍ منه ، بل الواجب البعد التام عن هذه المقاربة .
ثم إنَّ مقاربة الكفر بهذه الألفاظ تُهَوِّنه في نفوس السامعين

وربما ظنَّ بعضهم الحرفَ المغيَّر على صفته ، ولم ينتبه للتغيير .

وكذلك فإن تغيير هذا الحرف لا يلغي أثر الكلمة عند السامع ، فإن هذه اللفظة المغيَّرة تعدُّ رمزاً أو إشارةً إلى الكفر ، فكأن السامع يقول : عرفت قصدك وإشارتك .

والواجب على المسلم أن يحفظ لسانه ، فرُبَّ كلمة يتكلم بها الإنسان ، وهو لا يظن أن لها شأناً ، تكون سبب هلاكه وعذابه ، والعياذ بالله .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988).

وفي رواية الترمذي (2314) : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ

فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ثم إن اللعن بحد ذاته كبيرة ، فكيف وقد انضم له ما يوهم الكفر ويقاربه .

وهذه المرجلة المزعومة عند بعض العامة - التي لا تحصل عندهم إلا بمثل هذا اللعن والشتم - : مرجلةٌ زائفةٌ وباطلة ، ولو كانوا رجالا حقيقةً لأثبتوا رجولتهم بغير هذا من الكلام الصادق الصحيح الذي يلتزمون به.

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

نهال 12
2018-09-30, 12:03
شكرا لكم وجزيتم خيرا

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 16:59
شكرا لكم وجزيتم خيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ

ودزاطِ الله عنا كل خير