المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه


الصفحات : 1 [2]

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 17:02
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل يجوز الكذب لاخفاء الذنب ؟

السؤال

هل يجوز الكذب لإخفاء الذنب فعلى سبيل المثال لو ارتكب شخص ما إثما في السر وسأله سائل عنه هل يجوز له الكذب في تلك الحالة إخفاء للذنب ؟

وهل هذا النوع من الكذب من الصور الجائزة في الكذب ؟

الجواب :

الحمد لله

تواترت النصوص الشرعية في النهي عن الكذب وبيان سوء عاقبته في الدنيا والآخرة ، وكونه يهدي إلى الفجور ، وكونه من صفات المنافقين .

وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " لا يصلح شيء من الكذب في جد ، ولا هزل "

انتهى من " المطالب العالية " (7/493) .

وروى البخاري في " الأدب المفرد " (857) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب " ، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " .

يعني أنَّ في التعريض بالقول من الاتَّساع ما يُغني الرجلَ عن تَعمُّد الكذب .

ومن أذنب ذنبا وستره الله عليه ، لم يجز له التحدث به وكشف ستر الله ؛ لما رواه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا . وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .

والمجاهر هو الذي أظهر معصيته ، وكشف ما ستر الله عليه .

وإنما الواجب أن يتستر المذنب بستر الله السابغ على عباده ؛ فإن من ستره الله في الدنيا ولم يفضحه ، ستره في الآخرة .

لكن ذلك لا يعني ترك الاستغفار والتوبة من الذنب ، بل عليه المبادرة بالتوبة والرجوع إلى الله ، وهو مع ذلك يستر على نفسه ، ولا يكشف حاله .

فمن ارتكب إثما فيما بينه وبين الله فليبادر بالتوبة ، وليستر على نفسه ، ولا يتحدث به ، وإذا سأله سائل عنه فلا يذكر له وقوعه فيه ، كما أن عليه أن لا يكذب

فإن أُحيط به وَرّى ، واستخدم المعاريض ، كأن يقول : وهل تُصدق أني أفعل مثل هذا ؟ يوهم أنه لم يفعله .

أو يقول : إنما يفعل هذا الجهال ، يقصد أنه كان جاهلا وقت فعله ثم تاب منه ، ونحو ذلك .

وله أن يتأول في الكلام ، كأن يقول : لم أفعله ، ويقصد لم يفعله اليوم ، ونحو ذلك .

وباب المعاريض واسع جدا ، ولا بأس من استعمال المعاريض والتأويل عند الحاجة إليها ؛ خشية الوقوع في الكذب .

وللفائدة ينظر جواب السؤالين القادمين.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 17:11
إذا سألها زوجها عن ماضيها فهل لها أن تحلف كذباً أو تورية

السؤال

أريد أن أسأل إذا كان لإحدى الفتيات ماض من الخوض في المعاصي ثم تابت ورجعت إلى الله عز وجل وجاءها من يتقدم لخطبتها بعد أن التزمت فهل تخبره عن هذا الماضي؟

ولو سألها هو فهل تكذب ؟

وإن كان عليها أن تكذب فهل يجوز أن تحلف كذبا إذا اضطرت لهذا؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

من ابتلي بشيء من المعاصي ثم تاب ، تاب الله عليه ، وبدل سيئاته حسنات ، مهما كان ذنبه ، ومهما عظم جرمه

كما قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68– 70

والمهم أن تكون التوبة صادقة نصوحا خالصة لله تعالى .

ثانيا :

من إحسان الله تعالى على عبده أن يستره ، ولا يكشف أمره ، ولهذا كان من القبيح أن يفضح الإنسان نفسه وقد ستره الله

بل أن ينبغي أن يستتر بستر الله تعالى ، والنصوص الشرعية مؤكدة لذلك ، حاثة عليه في غير ما موضع . فمن ذلك :

قوله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663)

وروى مسلم (2590) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).

وهذا من البشارة للتائب الذي ستره الله تعالى في الدنيا ، أن الله سيستره في الآخرة ، وقد حلف النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى تأكيدا له

فقد روى أحمد (23968) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ

وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (1387)

وقال صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ )

رواه البخاري (6069) ومسلم (2990).

وبهذا يُعلم أن المرأة لا تخبر خاطبها أو زوجها بشيء من معاصيها ، ولو سألها فإنها لا تخبره ، وتستعمل المعاريض والتورية ، وهي الكلام الذي يفهم منه السامع معنى

خلاف ما يريد المتكلم ، كأن تقول : لم يكن لي علاقة بأحد ، وتقصد لم يكن لي علاقة بأحد قبل يوم أو يومين ، ونحو هذا .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التعليق على قصة ماعز رضي الله عنه :

" ويؤخذ من قضيته : أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز . وأن مَن اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا

ولا يفضحه ، ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترته بثوبك لكان خيراً لك " ، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه

فقال : أُحبُّ لمَن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر .

وفيه : أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ، ولا يخبر بها أحداً ويستتر بستر الله

وإن اتفق أنه أخبر أحداً : فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر "

انتهى من "فتح الباري" (12/124).

ثالثا :

ينبغي للزوج أن يختار صاحبة الدين والخلق ، فإذا وُفق لذلك فلا يفتِّش في ماضيها ، ولا يسألها عن معاصيها ، فإن ذلك مخالف لما يحبه الله تعالى من الستر ، مع ما فيه من إثارة الشك

وتكدير الخاطر ، وتشويش البال ، والإنسان في غنى عن ذلك كله ، فحسبه أن يرى زوجته مستقيمة على طاعة الله ، ملتزمة بأمره . وهكذا الزوجة لا تسأل زوجها عن أموره الماضية

هل أحب غيرها ، أو تعلق بسواها ، أو زل في معصية ، فإن هذا لا خير فيه ، ويفتح بابا من الشر قد لا يمكن تلافيه ، وهو مخالف لمراد الشارع كما سبق .

رابعا :

إذا ألح الزوج في سؤال زوجته ، أو بلغه كلام أراد التحقق منه ، ولم تجد وسيلة لستر نفسها إلا أن تحلف له ، فيجوز لها أن تحلف وأن تُورّي في حلفها كما سبق

فتقول : والله ما كان شيء من ذلك ، أو لم أفعل ذلك ، وتقصد : لم أفعله بالأمس مثلا .

وقد فصّل أهل العلم في مسألة الحلف وما يجوز فيه من التأويل والتورية ، وما لا يجوز ، وحاصل كلامهم أن الإنسان ليس له أن يوري في حلفه عند القاضي

إلا إذا كان مظلوما . أما عند غير القاضي ، فله التورية إن كان مظلوما – لا ظالما -، أو يخاف أن يترتب على صدقه مضرة له أو لغيره ، أو كان هناك مصلحة في توريته .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " مسألة : قال : وإذا حلف , فتأول في يمينه , فله تأويله إذا كان مظلوما .

ومعنى التأويل : أن يقصد بكلامه محتَمَلا يخالف ظاهره , نحو أن يحلف : إنه أخي , يقصد أخوة الإسلام , أو المشابهة , أو يعني بالسقف والبناء السماء ...

أو يقول : والله ما أكلت من هذا شيئا , ولا أخذت منه . يعني : الباقي بعد أخذه وأكله .

فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه , إذا عناه بيمينه , فهو تأويل ; لأنه خلاف الظاهر .

ولا يخلو حال الحالف المتأول , من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون مظلوما , مثل من يستحلفه ظالم على شيء , لو صدَقه لظلمه , أو ظلم غيره , أو نال مسلما منه ضرر . فهذا له تأويله .

وقد روى أبو داود , بإسناده عن سويد بن حنظلة , قال : خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر , فأخذه عدو له , فتحرج القوم أن يحلفوا , فحلفت أنه أخي , فخلى سبيله ,

فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ( أنت أبرُّهم وأصدقُهم , المسلم أخو المسلم ) صححه الألباني في صحيح أبي داود

وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ) [ضعيف ، وصح موقوفا عن عمر. ينظر : صحيح الأدب المفرد 857] . يعني سعة المعاريض التي يوهم بها السامع غيرَ ما عناه .

قال محمد بن سيرين : الكلام أوسع من أن يكذب ظريف يعني لا يحتاج أن يكذب ; لكثرة المعاريض , وخص الظريف بذلك ; يعني به الكيس الفطن , فإنه يفطن للتأويل , فلا حاجة به إلى الكذب .

الحال الثاني : أن يكون الحالف ظالما , كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده , فهذا ينصرف يمينه إلى ظاهر اللفظ الذي عناه المستحلف , ولا ينفع الحالف تأويله

. وبهذا قال الشافعي . ولا نعلم فيه مخالفا ؛ فإن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يمينك على ما يصدقك به صاحبك ) رواه مسلم وأبو داود .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اليمين على نية المستحلف } . رواه مسلم .

وقالت عائشة : اليمين على ما وقع للمحلوف له .

ولأنه لو ساغ التأويل , لبطل المعنى المبتغى باليمين ؛ إذ مقصودها تخويف الحالف ليرتدع عن الجحود , خوفا من عاقبة اليمين الكاذبة ,

فمتى ساغ التأويل له , انتفى ذلك , وصار التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق , ولا نعلم في هذا خلافا .

الحال الثالث : لم يكن ظالما ولا مظلوما , فظاهر كلام أحمد , أن له تأويله , فروي أن مَهَنّا كان عنده , هو والمروذي وجماعة , فجاء رجل يطلب المروذي , ولم يرد المروذي أن يكلمه ,

فوضع مهنا أصبعه في كفه , وقال : ليس المروذي هاهنا , وما يصنع المروذي هاهنا ؟ يريد : ليس هو في كفه ، ولم ينكر ذلك أبو عبد الله .

... وقال أنس : إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله , احملني . فقال رسول الله : ( إنا حاملوك على ولد الناقة . قال : وما أصنع بولد الناقة ؟ قال : وهل تلد الإبل إلا النوق ؟ ) . رواه أبو داود .

وقال لرجل احتضنه من ورائه : ( من يشتري هذا العبد ؟ فقال : يا رسول الله , تجدني إذا كاسدا . قال : لكنك عند الله لست بكاسد ) .

وهذا كله من التأويل والمعاريض , وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حقا , فقال ( لا أقول إلا حقا )..."

انتهى ـ باختصار ـ من "المغني" (9/420).

وقال شيخ الإسلام رحمه الله فيمن اغتاب إنسانا ثم تاب وأحسن :

" وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله ، فيعرّض ولو مع استحلافه ؛ لأنه مظلوم ، لصحة توبته ، وفي تجويز التصريح بالكذب المباح ههنا نظر

. ومع عدم توبةٍ وإحسانٍ تعريضُه كذب ، ويمينه غموس ، واختيار أصحابنا : لا يُعلمه ؛ بل يدعو له في مقابلة مظلمته " انتهى من "الاختيارات الفقهية" (5/507) مطبوع مع الفتاوى الكبرى

ونقله ابن مفلح في الفروع (7/97).

وينظر تفصيل مسألة التأويل في الحلف في "الموسوعة الفقهية" (7/306).

خامسا :

جاءت الرخصة في الكذب في ثلاثة مواضع ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (1939) وأبو داود (4921) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .

وهو محمول عند جماعة من أهل العلم على الكذب الصريح ، لا التورية ، وقد ألحقوا به ما دعت إليه الضرورة أو المصلحة الراجحة ، فيجوز الكذب فيه . وإن احتاج إلى الحلف

حلف ولا شيء عليه ، والأولى أن يستعمل المعاريض كما سبق .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَرْب خُدْعَة ) .

.. وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء

: أَحَدهَا فِي الْحَرْب .

قَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا يَجُوز مِنْ الْكَذِب فِي الْحَرْب الْمَعَارِيض دُون حَقِيقَة الْكَذِب

, فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ , هَذَا كَلَامه , وَالظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة نَفْس الْكَذِب لَكِنْ الِاقْتِصَار عَلَى التَّعْرِيض أَفْضَل . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى
.
وقال السفاريني رحمه الله :

" فهذا ما ورد فيه النص ، ويقاس عليه ما في معناه ، ككذبه لستر مال غيره عن ظالم , وإنكاره المعصية للستر عليه ، أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها ,

بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا , اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ماعز , ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى .

ثم قال السفاريني : " والحاصل أن المعتمد في المذهب أن الكذب يجوز حيث كان لمصلحة راجحة كما قدمناه عن الإمام ابن الجوزي , وإن كان لا يتوصل إلى مقصود واجب إلا به وجب .

وحيث جاز فالأولى استعمال المعاريض "

انتهى من "غذاء الألباب" (1/141).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" ..فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان ولو كان صادقا ؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب ، ومعلوم أن الكذب حرام ، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريماً

لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً . قالت : ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث : الإصلاح بين الناس ، والحرب ، وحديث الرجل امرأته

وحديث المرأة زوجها ) رواه مسلم في الصحيح . فإذا قال في إصلاحٍ بين الناس : والله إن أصحابك يحبون الصلح ، ويحبون أن تتفق الكلمة

ويريدون كذا وكذا ، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك ، ومقصده الخير والإصلاح : فلا بأس بذلك للحديث المذكور .

وهكذا لو رأى إنساناً يريد أن يقتل شخصاً ظلماً أو يظلمه في شيء آخر ، فقال له : والله إنه أخي ، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق

وهو يعلم أنه إذا قال : أخي تركه احتراما له : وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم .

والمقصود : أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم ، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب ، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق "

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (1 /54) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 17:14
حكم الكذب الذي لا يوقع أحداً في مضرة

السؤال

ما حكم الكذب الذي لا يوقع أحداً في مضرة أبداً ؟

الجواب

الحمد لله

"يحرم الكذب مطلقاً ، إلا ما استثناه الشارع ، وليس ما ذكر منها

لعموم الأدلة ، كقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119

وفي الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة

ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً

وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) .

وعن عبد الله بن مسعود أيضاً أنه قال : الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، اقرأوا إن شئتم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119، ثم قال : هل تجدون لأحد فيه رخصة ؟

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/51) .

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 17:18
المرء محاسب على ما يكتبه كما يحاسب على ما يتكلم به

السؤال:

يوجد آية تقول إن الإنسان يحاسب على ما يتلفظ به ، ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . السؤال : هل الإنسان يحاسب على ما يكتبه دون أن يتلفظ به ، كإرسال رسالة كتابية وغيره ؟

الجواب :

الحمد لله

كل عمل الإنسان يحصيه الله عز وجل ، سواء كان اعتقادا بالجنان ، أم قولا باللسان ، أم فعلا بالأركان ، وسواء كان الفعل باليد أم بالعين أم بالرجل

لا تخفى على الله عز وجل منها خافية ، وكلها مسجلة مكتوبة لا تغادرها ملائكة الحسنات والسيئات

يقول الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) آل عمران/5

ويقول سبحانه : ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) غافر/16

ويقول جل وعلا : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المجادلة/6

ويقول تعالى : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف/49

ويقول عز وجل : ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء/13-14 ، إلى غيرها من الآيات الكثيرة .

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله :

" أما كتاب الملائكة لأعمالنا فحق ، قال الله تعالى : ( وأن عليكم لحافظين كراما كاتبين )

وقال تعالى : ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) ..

. وكل هذا ما لا خلاف فيه بين أحد ممن ينتمي إلى الإسلام "

انتهى من " الفصل في الملل والأهواء والنحل " (4/55) .

ويقول العلامة ابن رجب رحمه الله :

" قال بعض العارفين : إذا تكلمت فاذكر سمع الله لك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليك . وقد وقعت الإشارة في القرآن العظيم إلى هذا المعنى في مواضع :

كقوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/16-18

وقوله تعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) يونس/61

وقال تعالى : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون ) الزخرف/80 "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " (1/290) .

وقد فسر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الآية الكريمة فقال :

" قال الله عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18: وما يفعل من فعل كذلك ؛ لأنه إذا كانت الأقوال تكتب ، وهي أكثر بآلاف المرات من الأفعال .. ، فالأفعال من باب أولى .

عليك أن تتقي الله عز وجل ، اتق ربك لا تخالف الله ، إذا سمعت الله يقول شيئاً خبراً ، فقل : آمنت به وصدقت . وإذا سمعت الله يقول شيئاً أمراً

فقل : آمنت به وسمعاً وطاعة . أو نهياً ؛ فقل : آمنت به وسمعاً وطاعة . فاترك المنهي عنه

وافعل المأمور به ، وهذه نصيحة . ( كل صغيرٍ وكبيرٍ مستطر ) الحركات مكتوبة ، حروف الأقوال مكتوبة ، كل شيءٍ مكتوب "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .

فالخلاصة أن ما يكتبه الإنسان أيضا يحاسب عليه وإن لم يتلفظ به أثناء كتابته ، فالكتابة من عمله ، والعمل محاسب عليه .

يقول ابن قتيبة رحمه الله :

" من أيقن أنه مسئول عما ألَّف ، وعما كتب ، لم يعمل الشيء وضده ، ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده ، وأنشدني الرياشي :

ولا تكتب بخطك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه "

انتهى من " تأويل مختلف الحديث " (ص/112) .

ولمعرفة معنى قوله تعالى : ( رقيب عتيد ) يرجى مراجعة الفتوى القادمه

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-01, 17:22
الرقيب والعتيد وصفان لكل من الملكين الذين يحفظان أعمال العباد

السؤال:

هل الرقيب والعتيد ملكان ، وما وظيفتهما ، وهل إذا دخل الإنسان المرحاض يدخلان معه ؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذان الوصفان للملائكة التي وُكِّلت بكتابة كل ما يعمله ابن آدم من خير أو شر ، وهما وصفان صادقان على كل منهما ، فالملك الذي عن اليمين صفته أنه رقيب وعتيد ، والملك الذي عن الشمال صفته أنه رقيب وعتيد .

يقول الله عز وجل : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق/16-18.

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" في الرقيب ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه المتتبع للأمور .

الثاني : أنه الحافظ ، قاله السدي .

الثالث : أنه الشاهد ، قاله الضحاك .

وفي العتيد وجهان :

أحدهما : أنه الحاضر الذي لا يغيب .

الثاني : أنه الحافظ المُعَد ، إما للحفظ ، وإما للشهادة " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (17/11)

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) يعني : الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان ، ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) أي : مترصد . ( مَا يَلْفِظُ ) أي : ابن آدم ( مِنْ قَوْلٍ ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )

أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الانفطار/10-12 " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (7/398)

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ( رقيب ) مراقب ليلاً ونهاراً ، لا ينفك عن الإنسان .

( عتيد ) حاضر ، لا يمكن أن يغيب ويوكل غيره ، فهو قاعد مراقب حاضر ، لا يفوته شيء " انتهى.

" تفسير سورة ق "

وأما القول بأن أحد الملكين اسمه رقيب ، والآخر اسمه عتيد : فهو مخالف لظاهر الآية الكريمة.

يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر حفظه الله :

" يذكر بعض العلماء أن من الملائكة من اسمه رقيب وعتيد

استدلالاً بقوله تعالى : ( ما يلفظ من قولٍ إلاَّ لديه رقيب عتيدٌ ) وما ذكروه غير صحيح

فالرقيب والعتيد هنا وصفان للملكين اللذين يسجلان أعمال العباد ، ومعنى رقيب وعتيد ؛ أي : ملكان حاضران شاهدان ، لا يغيبان عن العبد ، وليس المراد أنهما اسمان للملكين " انتهى.

" عالم الملائكة الأبرار " (ص/12)

وانظر في موقعنا جواب السؤال رقم : (6523)

ثانيا :

وتبين فيه أن الثابت في الكتاب والسنة أن كل عبد موكل به ملكان

يراقبان حركاته وسكناته ، ويكتبان أفعاله ، ويحصيان عليه كل ما يصدر منه ، سواء كان عمل خير أو عمل معصية ، وسواء كان في محل كريم أو مكان مهين .

ولكن لم يرد في الكتاب ولا في السنة تفسير لكيفية هذا الإحصاء

وهل يستلزم دخول الملائكة مع العبد كل مكان يدخل إليه ، وبقاءهم معه في تفاصيل كل عمل يعمله

أو أن الله خلق فيهما من القدرة ما تمكنهما من معرفة الأعمال وكتابتها من غير حاجة إلى مصاحبة العبد في كل مكان يدخل إليه

والواجب هو الوقوف عند الوارد ، وتفويض علم ما لم يرد إلى الله عز وجل ، وكما قال سعيد بن جبير رحمه الله : " قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ".

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-03, 13:06
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

متى تصح التورية ؟

وما هي الضرورة فيها ؟

السؤال

متى تصح التورية ؟

وإذا كانت للضرورة فقط فما المعتبر في الضرورة ؟.

الجواب

الحمد لله

التورية لغةً هي : إخفاء الشيء .

قال الله عَزَّ و جَلَّ : { فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } المائدة / 31 .

و قال عَزَّ من قائل : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } الأعراف / 26 .

وأما معناها الاصطلاحي فهو أن يقول القائل كلاماً يظهر منه معنى يفهمه السامع ولكن القائل يريد معنى آخر يحتمله الكلام

كأن يقول له ليس معي درهم في جيبي فيُفهم منه أنّه ليس معه أي مال أبداً ، ويكون مراده أنه لا يملك درهماً لكن يملك ديناراً مثلاً ، ويسمى هذا الكلام تعريضاً أو تورية .

وتُعد التورية من الحلول الشرعية لتَجَنُّب حالات الحرج التي قد يقع الإنسان فيها عندما يسأله أحدٌ عن أمرٍ وهو لا يريد إخباره بالواقع من جهة ، ولا يريد أن يكذب عليه من جهة أخرى .

وتصح التورية من القائل إذا دعت الحاجة أو المصلحة الشرعية لها ، ولا ينبغي أن يكثر منها بحيث تكون ديدناً له ، ولا أن يستعملها لأخذ باطل أو دفع حق .

قال النووي :

قال العلماء :‏ فإن دعَت إلى ذلك مصلحة شرعيَّة راجحة على خداع المخاطب ، أو دعت إليه حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب : فلا بأس بالتعريض

فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة : فهو مكروه وليس بحرام ، فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق فيصير حينئذ حراماً ، وهذا ضابط الباب .

" الأذكار " ( ص ‏380 ) .

وذهب بعض العلماء إلى تحريم التعريض لغير حاجة أو مصلحة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . انظر الاختيارات ص 563 .

وهناك حالات أرشد النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلى استخدام التورية ، فعلى سبيل المثال :

إذا أحدث الرجل في صلاة الجماعة فماذا يفعل في هذا الموقف المحرج ؟ .

الجواب : عليه أن يأخذ بأنفه فيضع يده عليه ثم يخرج .

والدليل : عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف " - سنن أبي داود ( 1114 ) ، وهو في " صحيح سنن أبي داود " ( 985 ) .

قال الطيبي

: أمر بالأخذ ليخيل أنه مرعوف ( والرعاف هو النزيف من الأنف ) ، وليس هذا من الكذب ، بل من المعاريض بالفعل ، ورُخِّص له في ذلك لئلا يسوِّل له الشيطان عدم المضي استحياء من الناس ا.هـ "

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 3 / 18 ) .

وهذا من التورية الجائزة والإيهام المحمود رفعاً للحرج عنه ، فيظن من يراه خارجاً بأنه أصيب برعاف في أنفه ...

وكذلك إذا واجه المرء المسلم ظروفاً صعبة محرجة يحتاج فيها أن يتكلم بخلاف الحقيقة لينقذ نفسه ، أو ينقذ معصوماً ، أو يخرج من حرج عظيم ، أو يتخلص من موقف عصيب .

فهناك طريقة شرعية ومخرجٌ مباح يستطيع أن يستخدمه عند الحاجة ألا وهو " التورية " أو " المعاريض "

وقد بوَّب البخاري - رحمه الله - في صحيحه " باب المعاريض مندوحة عن الكذب " - صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب ( 116 ) - .

وفيما يلي التوضيح بأمثلة من المعاريض التي استخدمها السلف والأئمة أوردها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه " إغاثة اللهفان " :

ذُكر عن حماد رحمه الله أنه إذا أتاه من لا يريد الجلوس معه قال متوجعاً : ضرسي ، ضرسي ، فيتركه الثقيل الذي ليس بصحبته خير .

وأحضر سفيان الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي فاستحسنه ، فأراد الخروج فقال الخليفة لا بد أن تجلس فحلف الثوري على أنه يعود فخرج وترك نعله عند الباب

وبعد قليل عاد فأخذ نعله وانصرف فسأل عنه الخليفة فقيل له إنه حلف أن يعود فعاد وأخذ نعله .

وكان الإمام أحمد في داره ومعه بعض طلابه منهم المروذي فأتى سائل من خارج الدار يسأل عن المروذي والإمام أحمد يكره خروجه فقال الإمام أحمد

: ليس المروذي هنا وما يصنع المروذي ها هنا وهو يضع إصبعه في كفه ويتحدث لأن السائل لا يراه .

ومن أمثلة التورية أيضاً :

لو سألك شخص هل رأيت فلاناً وأنت تخشى لو أخبرته أن يبطش به فتقول ما رأيته وأنت تقصد أنك لم تقطع رئته وهذا صحيح في اللغة العربية أو تنفي رؤيته وتقصد بقلبك زماناً أو مكاناً معيناً لم تره فيه

وكذلك لو استحلفك أن لا تكلم فلاناً : فقلت : والله لن أكلمه ، وأنت تعني أي لا أجرحه لأن الكلم يأتي في اللغة بمعنى الجرح . وكذلك لو أرغم شخص على الكفر وقيل له اكفر بالله ، فيجوز أن يقول كفرت باللاهي .

يعني اللاعب . إغاثة اللهفان : ابن القيم 1/381 وما بعدها 2/106-107 ، وانظر بحثاً في المعاريض في الآداب الشرعية لابن مفلح 1/14 . هذا مع التنبيه هنا أن لا يستخدم المسلم التورية إلا في حالات الحرج البالغ وذلك لأمور منها :

1- أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب .

2- فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا ؟ .

3- أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ولم يدرك تورية المتكلم يكون الموري عنده كذاباً وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً .

4- أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين .

انتهى من كتاب " ماذا تفعل في الحالات الآتية ؟ " .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-03, 13:13
شخص يقول عن نفسه : هو إله الرياضيات

السؤال:

هل يجوز قول أنا إله الرياضيات ، و ما شابهه بنية أنني أجيد الرياضيات لا بنية أني إله آخر؟

فقد سمعت أخ مسلم يقولها وعندما أخبرته أنه لا يجوز التلفظ بهذه الالفاظ ولو كانت النية سليمة أصر على موقفة بحجة أن نيته سليمة . ما حكم قوله ذلك ؟

وما يترتب عليه إن كان مخطيء ؟

أرجوا إفادتي بأدلة من القرآن والسنة .

الجواب

الحمد لله

للكلمة شأن في دين الله عظيم

إذ بكلمة يقولها العبد ربما أخرجته من دين الإسلام

قال تعالى : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) [التوبة/ 74]

وقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) [التوبة/ 65، 66]

وبكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم

قال الله تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/ 18

وروى البخاري (5996) ، ومسلم (5304)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) k وروى الترمذي (2241) وصححه

عن بِلَال بْن الْحَارِثِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ

وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) .

والكلمة التي يقولها هذا الشخص التي يصف نفسه فيها بأنه ( إله الرياضيات ) كلمة قبيحة فاجرة ، يخشى على صاحبها الكفر والخروج من دين المسلمين

ذلك أنه يذكر هذه الكلمة في مقام مدح نفسه ، ووصفها بالرسوخ وعلو الكعب في علم الرياضيات ، وبلغ من غروره بنفسه وتلاعب الشيطان به أن وصف نفسه بأنه إله هذا العلم ، والله تعالى يقول : (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)
.
وكلمة ( الإله ) لا تطلق على سبيل الاستحقاق إلا على الله سبحانه ، إذ الإله هو المألوه المستحق للعبادة

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى

" فَإِنَّ " الْإِلَهَ " هُوَ الْمَأْلُوهُ ، وَالْمَأْلُوهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ ، وَكَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ هُوَ بِمَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَحْبُوبَ غَايَةَ الْحُبِّ

الْمَخْضُوعَ لَهُ غَايَةَ الْخُضُوعِ ؛ وَالْعِبَادَةُ تَتَضَمَّنُ غَايَةَ الْحُبِّ بِغَايَةِ الذُّل "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " لابن تيمية (5 / 227)

وإذا أطلق لفظ (الإله) على ما يعبد من دون الله فهذا من باب اعتقاد عابديها فيها ، لا من باب استحقاقها للعبادة ، فإنه لا يستحق العبادة إلا الله رب العالمين جل جلاله وتقدست أسماؤه

ولذلك فإن كل ما يعبد من دون الله وإن كان إلها بالنسبة إلى عابده إلا أنه إله باطل لا يستحق الألوهية .

وقول ذلك الرجل : إنه إله الرياضيات

هو تشبه منه بالوثنيين كالفراعنة وغيرهم الذين كانوا يجعلون لكل شيئا إلها .

فعلى هذا الشخص أن يسارع بالتوبة إلى الله سبحانه وأن يكف عن إطلاق هذا اللفظ فليس هناك إله بحق إلا الله سبحانه وتعالى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-03, 13:18
مصادر الوساوس وهل يؤاخذ المسلم عليها ؟

السؤال

هل توجد طريقة للتفريق بين الوسوسة التي من الشيطان وتلك التي من النفس ؟

وهل يمكن أن نعرف أيّاً منهما يأتي من الآخر ؟

وإذا كانت الوسوسة من النفس : فهل سيعاقب عليها الفرد حتى وإن كان يرفضها ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الوسواس الذي يصيب الإنسان ليس كله على درجة واحدة ، من حيث المرضية ، ومن حيث المصدر والأثر .

فالوسواس الذي يدعو الإنسان لسماع المحرمات أو رؤيتها أو اقتراف الفواحش وتزيينها له : له ثلاثة مصادر : النفس – وهي الأمَّارة بالسوء - ، وشياطين الجن ، وشياطين الإنس .

قال تعالى – في بيان المصدر الأول وهي النفس - : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ق/16 .

وقال تعالى – في بيان المصدر الثاني وهم شياطين الجن - : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ ) طه/120 .

وقال تعالى – في بيان المصدر الثالث وهم شياطين الإنس - : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ . مَلِكِ النّاسِ . إِلَهِ النّاسِ . مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ . الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ . مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ ) سورة الناس .

أي أن هذه الوساوس تكون من الجن ومن بني آدم .

وما يعرض للمسلم في وضوئه وصلاته فلا يدري كم توضأ ولا كم صلى : فمصدره من الشيطان ، فإن استعاذ بالله من الشيطان كفاه الله إياه ، وإن استسلم له واستجاب لأوامره تحكَّم فيه الشيطان

وتحول من وسوسة عارضة إلى مرضٍ مهلك ، وهو ما يسمى " الوسواس القهري " وهذه الوساوس القهرية – كما يقول أحد المختصين - " علة مرضية تصيب بعض الناس كما تصيبهم أية أمراض أخرى

وهي أفكار أو حركات أو خواطر أو نزعات متكررة ذات طابع بغيض يرفضها الفرد عادة ويسعى في مقاومتها ، كما يدرك أيضاً بأنها خاطئة ولا معنى لها ، لكن هناك ما يدفعه إليها دفعاً

ويفشل في أغلب الأحيان في مقاومتها ، وتختلف شدة هذه الوساوس حتى إنها لتبدو – لغير المتخصصين – عند زيادة شدتها وكأن المريض مقتنع بها تماماً

ويعتري هذا النوع من الوساوس الإنسان أيضاً في عباداته وكذلك في شؤون حياته الدنيوية " .

فوسوسة الشيطان تزول بالاستعاذة .

ووسوسة النفس تزل أيضاً بالاستعاذة ، وبتقوية الصلة بين العبد وربه بفعل الطاعات وترك المنكرات .

وأما الوسواس القهري فهو حالة مرضية كما سبق .

وفي الفرق بين وسوسة الشيطان ووسوسة النفس معنى لطيف ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض العلماء ، قال :

وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان ، فقال : " ما كرهتْه نفسُك لنفسِك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه ، وما أحبَّته نفسُك لنفسِك فهو من نفسك فانْهَها عنه " .

" مجموع الفتاوى " ( 17 / 529 ، 530 ) .

أي أن النفس غالباً توسوس فيما يتعلق بالشهوات التي يرغب فيها الناس عادةً .

وذكر بعض العلماء فرقاً آخر مهمّاً، وهو أن وسوسة الشيطان هي بتزيين المعصية حتى يقع فيها المسلم فإن عجز الشيطان انتقل إلى معصية أخرى

فإن عجز فإلى ثالثة وهكذا ، فهو لا يهمه الوقوع في معصية معينة بقدر ما يهمه أن يعصي هذا المسلم ربَّه ، يستوي في هذا فعل المنهي عنه وترك الواجب ، فكلها معاصٍ

وأما وسوسة النفس فهي التي تحث صاحبها على معصية بعينها ، تحثه عليها وتكرر الطلب فيها .

ثانياً :

والمسلم لا يؤاخذ على وساوس النفس والشيطان ، ما لم يتكلم بها أو يعمل بها .

وهو مأمور بمدافعتها ، فإذا ما تهاون في مدافعتها واسترسل معها فإنه قد يؤاخذ على هذا التهاون .

فقد أُمر بعدم الالتفات لوساوس الشياطين ، وأن يبني على الأقل في الصلاة عند الشك فيها ، وأُمر بالاستعاذة من الشيطان والنفث عن يساره ثلاثاً إذا عرضت له وساوس الشيطان في الصلاة

وأُمر بمصاحبة الأخيار والابتعاد عن الأشرار من الناس ، فمن فرَّط في شيء من هذا فوقع في حبائل نفسه الأمارة بالسوء أو الاستجابة لشياطين الجن والإنس فهو مؤاخذ .

وأما الوسواس القهري : فهو مرض – كما سبق- فلا يضير المسلم ، ولا يؤاخذه الله عليه ؛ لأنه خارج عن إرادته ، قال الله تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ) الطلاق/7 .

وقال تعالى : ( فّاتَّقٍوا اللّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً ) التغابن/16 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ) رواه البخاري (4968) ومسلم (127) .

وعلى من ابتلي بمثل هذا الوسواس أن يداوم على قراءة القرآن والأذكار الشرعية صباحا ومساء ، وعليه أن يقوي إيمانه بالطاعات والبعد عن المنكرات

كما عليه أن يشتغل بطلب العلم ، فإن الشيطان إن تمكن من العابد فلن يتمكن من العالم .

وقد يأتي الشيطان ويوسوس للمسلم أشياء منكرة في حق الله تعالى ، أو رسوله ، أو شريعته ، يكرهها المسلم ولا يرضاها

فمدافعة هذه الوساوس وكراهيتها دليل على صحة الإيمان ، فينبغي أن يجاهد نفسه ، وأن لا يستجيب لداعي الشر .

قال ابن كثير رحمه الله :

في قوله ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) أي : هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخصُ دفعَه

فأما ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها : فهذا لا يكلَّف به الإنسان ، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان . "

تفسير ابن كثير " ( 1 / 343 ) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

يخطر ببال الإنسان وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان ، فهل المسلم يؤاخذ بهذا الأمر ؟ .

فأجاب :

قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " – متفق عليه -

وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من هذه الوساوس والمشار إليها في السؤال ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله : " ذاك صريح الإيمان " – رواه مسلم -

وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ورسله " – متفق عليه -

وفي رواية أخرى " فليستعذ بالله ولينته " رواه مسلم في صحيحه .

" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " ( السؤال العاشر ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-03, 13:23
يعاني من وساوس الشيطان في ذات الله

السؤال

رجل يوسوس له الشيطان بوساوس عظيمة فيما يتعلق بالله - عز وجل - وهو خائف من ذلك جداً فماذا يفعل ؟.

الجواب

الحمد لله

ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها , أقول له : أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة

, لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين, ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم, ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان , بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين.

وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان, ولا هي آخر حال, بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ,

فقال : ( أو قد وجدتموه؟). قالوا : نعم , قال : ( ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم وفي الصحيحين عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال : إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به,

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة ). رواه أبو داود.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان :

والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به.

فقال ( ذاك صريح الإيمان ). وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به. قال : ( الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له, ودفعه عن القلوب هو من صريح الإيمان

, كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه, فهذا عظيم الجهاد, إلى أن قال : ( ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعباد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم, لأنه (

أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه, بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه, وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة ,

فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى ) أ.هـ

المقصود منه ذكره في ص 147 من الطبعة الهندية.

فأقول لهذا السائل : إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها , واعلم أنها لن تضرك أبداً مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها, والانتهاء عن الانسياب وراءها,

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم ). متفق عليه.

وأنت لو قيل لك : هل تعتقد ما توسوس به ؟ وهل تراه حقاً؟ وهل يمكنك أن تصف الله سبحانه به ؟ لقلت : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا , سبحانك هذا بهتان عظيم

, ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك, وكنت أبعد الناس نفوراً عنه, إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك , وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم, ليرديك ويلبس عليك دينك .

ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن , فأنت تسمع مثلاً بوجود مدن مهمةٍ كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يوماً

من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى , وليس فيها ساكن ونحو ذلك , إذا لا غرض للشيطان في تشكك الإنسان فيها ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن ,

فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه , ويوقعه في ظلمة الشك الحيرة , والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء

, وهو قوله : ( فليستعذ بالله ولينته) . فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلباً ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه بحول الله , فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله

وتدعوه وتعظمه , ولو سمعت أحداً يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك , إذن فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها .

ونصيحة تتلخص فيما يأتي :

1. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

2. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس .

3. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله , وابتغاء لمرضاته ، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .

4. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .

وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه .

مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 57 - 60 .

*عبدالرحمن*
2018-10-03, 13:30
من سب عموم الرجال فلكل منهم مظلمة عليه بقدر سبه .

السؤال :

لي صديقة تسب الرجال عموما؛ فمثلا تقول : كل الرجال زبالة ، كل الرجال ... وغيرها من الألفاظ الغير جيدة . فقلت لها : لا يجوز ذلك ؛ ستأخذين ذنب كل رجل سبيتيه بغير وجه حق . قالت : اذكري لي الفتوى أني أتحمل ذنب هؤلاء الرجال ؟

فقلت لها : ذلك من باب أن المسلم لا يسب ولا يلعن ؛ وأيضا الشيخ محمد الشنقيطي قال : إنه لا يجوز أن نسب أو نسخر من قبيلة ، أو دولة ، أو ما شابهها ، لأنه سيأتي يوم القيامة ويحاجك كل شخص من أفراد هذه القبيلة أمام الله .

فهل أنا على صواب فيما أفتيتها به ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ينبغي للمسلم ألا يصاحب إلا التقيّ صاحب الدين والخلق

لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ ) رواه الترمذي (2395) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ولما رواه أبو داود (4833) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) .

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" وهذا معناه - والله أعلم - أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه ، والدين العادة ، فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة .

والمعنى في ذلك : ألا يخالط الإنسان من يحمله على غير ما يحمد من الأفعال والمذاهب ، وأما من يؤمن منه ذلك فلا حرج في صحبته "

انتهى من " بهجة المجالس " ( 2 / 751 ) .

ثانيا :

يحرم سب المسلم بغير وجه حق ، ونص غير واحد من أهل العلم على أنه من كبائر الذنوب

وذلك لما رواه البخاري (48) ومسلم (64) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) .

قال الحافظ رحمه الله :

فِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِالْفِسْقِ " .

انتهى من" فتح الباري" (1/ 112) .

وروى البخاري (6045) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ ) .

وروى الترمذي (1977) وحسنه عن ابن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ، وَلَا اللَّعَّانِ ، وَلَا الفَاحِشِ ، وَلَا البَذِيءِ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وروى أحمد (9675) وابن حبان (5764) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا

قَالَ: ( هِيَ فِي النَّارِ ) ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ

وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ : ( هِيَ فِي الْجَنَّةِ ) وصححه الألباني في " الصحيحة " (190) .

قال النووي رحمه الله :

" سَبُّ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ، وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

انتهى من "شرح مسلم" (2/ 54) .

وقال أبو الحسن الماوردي رحمه الله :

" مَا قَدَحَ فِي الْأَعْرَاضِ مِنْ الْكَلَامِ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا: مَا قَدَحَ فِي عِرْضِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ إلَى غَيْرِهِ ، وَذَلِكَ شَيْئَانِ : الْكَذِبُ وَفُحْشُ الْقَوْلِ

وَالثَّانِي : مَا تَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالسِّعَايَةُ وَالسَّبُّ بِقَذْفٍ أَوْ شَتْمٍ. وَرُبَّمَا كَانَ السَّبُّ أَنْكَاهَا لِلْقُلُوبِ وَأَبْلَغَهَا أَثَرًا فِي النُّفُوسِ

وَلِذَلِكَ زَجَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْحَدِّ تَغْلِيظًا ، وَبِالتَّفْسِيقِ تَشْدِيدًا وَتَصْعِيبًا. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدِ شَيْئَيْنِ : إمَّا انْتِقَامٌ يَصْدُرُ عَنْ سَفَهٍ ، أَوْ بَذَاءٌ يَحْدُثُ عَنْ لُؤْمٍ "

انتهى من "أدب الدنيا والدين" (ص: 323-324) .

وجاء في " الموسوعة الفقهية " (24/ 141):

" سَبُّ الْمُسْلِمِ مَعْصِيَةٌ ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ ، وَإِذَا سَبَّ الْمُسْلِمَ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ، وَحَكَى بَعْضُهُمُ الاِتِّفَاقَ عَلَيْهِ " انتهى .

ثالثا :

من سب عموم الناس ، أو سب عموم الرجال ، أو سب عموم النساء ، فقد تعرض لاحتمال إثم كل رجل ، أو كل من هجاه أو سبه بغير حق ، وقد تعلقت حقوق هؤلاء جميعا بذمته

وإذا كان الشرع قد حذر ورهب من تعلق حق مسلم واحد ؛ فكيف بمن يتعرض لحق قبيلة ؛ فكيف بمن تتعلق بذمتها حق الرجال جميعا ؟!

روى ابن ماجة (3761) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً لَرَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا ، فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا ، وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ وَزَنَّى أُمَّهُ ) وصحه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .

فهذه المرأة التي تسب كل الرجال تعرض لإثم كل رجل لم يكن أهلا لما سبت به الرجال ؛ فهل نسيت أن فيهم الصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، والأئمة ، والهداة ، وأهل الدين ، فضلا عن الأنبياء ، وأصحابهم ؟!

فهل تسب كل هؤلاء عن عمد ؟ وهل تقوى على خصومة هؤلاء جميعا ؟!

وقد قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/ 58 .

فالواجب نصح هذه المرأة ، وتحذيرها وترهيبها مما هي عليه من بذاءة اللسان واستطالتها في أعراض المسلمين ، وقد روى أبو داود (4876) عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ :

( إنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال في عون المعبود :

" ( إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا ) : أَيْ أَكْثَره وَبَالًا وَأَشَدّه تَحْرِيمًا ( الِاسْتِطَالَة ) : أَيْ إِطَالَة اللِّسَان ( فِي عِرْض الْمُسْلِم ) : أَيْ اِحْتِقَاره وَالتَّرَفُّع عَلَيْهِ ,

وَالْوَقِيعَة فِيهِ بِنَحْوِ قَذْف أَوْ سَبٍّ , وَإِنَّمَا يَكُون هَذَا أَشَدَّهَا تَحْرِيمًا لِأَنَّ الْعِرْض أَعَزُّ عَلَى النَّفْس مِنْ الْمَال " انتهى

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-05, 02:48
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


: ما حكم قول القائل : ( ما صدقت على الله ألقاك ) ؟

السؤال:

ما حكم قول ( ما صدقت على الله ) ، كأن يقول الشخص : ( ما صدقت على الله ألقاك ) ؟

الجواب :

الحمد لله

عبارة ( ما صدقت على الله ألقاك ) من الألفاظ العامية التي يقصد بها المتكلم : ما ظننت أن الله يُقَدِّرُ اللقاءَ بك .

ولما كان ذلك المعنى هو المقصود من تلك العبارة ، ذهب بعض أهل العلم : إلى أن تلك العبارة ليس فيها محذور شرعي .

فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : بعض الناس مثلا عندما يبحث عن شخص ، ولا يجده ثم يجد في البحث عنه ويجده يقول له : ما صدقت على الله إني ألقاك ، فما حكم الشرع في هذا القول ؟

فأجاب : " هذه كلمة عامية ، ولا أعلم فيها حرجا ، ومعناها : أني كدت أن أيأس من لقائك "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (8/ 422) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذه العبارة :

" ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ".

فأجاب : " يقول الناس : ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ، ويعنون : ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا ، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلًا .

فالمعنى : أنه ما كان يقع في ذهني هذا الأمر ، هذا هو المراد بهذا التعبير ، فالمعنى إذن صحيح ، لكن اللفظ فيه إيهام ، وعلى هذا يكون تجنب هذا اللفظ أحسن ؛ لأنه موهم

ولكن التحريم صعب أن نقول : حرام مع وضوح المعنى وأنه لا يقصد به إلا ذلك " انتهى .

وقال رحمه الله – أيضا - : " قول القائل : ما صدقت على الله كذا وكذا ، فالمعنى ما ظننت أن الله تعالى يُقَدِّره ، وهي كلمة لا بأس بها ؛ لأن المقصود باللفظ هو المعنى

وهذا اللفظ نعلم من استعمال الناس له ، أنهم لا يريدون أنهم لم يصدقوا الله أبداً ، والله تعالى لم يخبر بشيء ؛ حتى يقولوا صدقوه أو لم يصدقوه ، ولكن يظن أن الله لا يقدر هذا الشيء

فيقول : ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ، أي : ما ظننت أن الله يقدر هذا الشيء ، والعبرة في الألفاظ بمعانيها ومقاصدها "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين " .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-05, 02:53
ما حكم الشرع فيمن سعت بالفساد بين الخاطب وخطيبته ليتركها وتظفر هي به ؟

السؤال:

امرأة أوقعت بين اثنين كانا على وشك الارتباط بالزواج ؛ وكانت قد تدخلت لتحل مشكلة بينهما ، لكنها نقلت كلاما سيئا بينهما ، لكل طرف عن الآخر ، فافترقا

وتبادلا بينهما الإهانات والإساءات بسبب الكلام المنقول كذبا بينهما . ثم إن الشاب ذهب وخطب الفتاة التي أوقعت بينه وبين الفتاة الأولى التي كان يريد خطبتها . فما حكمها عند ربنا ؟

وهل سيأتي اليوم الذي يعرف فيه هذا الرجل أنه ظلم البنت أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الوقيعة بين المسلمين من كبائر الذنوب التي تفسد النوايا في القلوب ، وتفسد العلائق بين الناس ، وتنشر الفساد في الأرض .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (5 /291) :

" تَحْرُمُ الْوَقِيعَةُ وَإِفْسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، لأِمْرَيْنِ :

الأْوَّل : الإْبْقَاءُ عَلَى وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ .

الثَّانِي : رِعَايَةُ حُرْمَتِهِمْ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ) آل عمران/103 ؛ وَلِهَذَا كَانَ إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ أَفْضَل الْقُرُبَاتِ

وَإِفْسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَل مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ ) قَالُوا : بَلَى

قَال : ( إِصْلاَحُ ذَاتِ بَيْنٍ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ) رواه الترمذي (2509) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2595).

وَلِهَذَا نَهَى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَتَبُّعِ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَنِ الْغِيبَةِ ، وَالنَّمِيمَةِ ، وَسُوءِ الظَّنِّ ، وَالتَّبَاغُضِ ، وَالتَّحَاسُدِ ، وَكُل مَا يُؤَدِّي إِلَى الْوَقِيعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ " انتهى .

ويتأكد هذا التحريم إذا كانت الوقيعة بين الناس لإفساد ما عسى أن يكون من أسباب ائتلافهم ومحبتهم واجتماعهم ، كالزواج .

ثانيا :

تتضمن الوقيعة بين الناس غالبا الكذب والغيبة والنميمة والبهتان ، وكل ذلك من كبائر الذنوب .

ثالثا :

يحرم على المسلمة أن توقع بين الخاطب وخطيبته لتظفر هي به ؛ فإن ذلك من مساوئ الأخلاق ومن الصفات المذمومة ؛ فقد روى البخاري (6601) ومسلم (1408)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا ، وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحْ

فَإِنَّمَا لَهَا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهَا ) .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث : نَهْي الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة أَنْ تَسْأَل الزَّوْج طَلَاق زَوْجَته , وَأَنْ يَنْكِحهَا وَيَصِير لَهَا مِنْ نَفَقَته وَمَعْرُوفه وَمُعَاشَرَته وَنَحْوهَا مَا كَانَ لَلْمُطَلَّقَة ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاكْتِفَاءِ مَا فِي الصَّحِيفَة مَجَازًا "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (9/193) .

وقال الحافظ رحمه الله :

" وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم خِطْبَة الْمَرْأَة عَلَى خِطْبَة اِمْرَأَة أُخْرَى إِلْحَاقًا لِحُكْمِ النِّسَاء بِحُكْمِ الرِّجَال , وَصُورَته أَنْ تَرْغَب اِمْرَأَة فِي رَجُل وَتَدْعُوهُ إِلَى تَزْوِيجهَا فَيُجِيبهَا

فَتَجِيء اِمْرَأَة أُخْرَى فَتَدْعُوهُ وَتُرَغِّبهُ فِي نَفْسهَا وَتُزَهِّدهُ فِي الَّتِي قَبْلهَا "

انتهى من " فتح الباري " (9/200) .

رابعا :

ليست القضية في معرفة أطراف المشكلة بحقيقة الحال ، من عدم ذلك ، فأمر الدنيا قد يخفى ، لكن يوم تبلى السرائر عند رب العالمين ، ويظهر ما تكن النفوس وتخفي الصدور ، ماذا يكون جواب المفسد والنمام عند الله ؟

والواجب على من فعلت ذلك أن تسارع إلى التوبة ، ومن تمام ذلك أن تحسن فيما أساءت فيه ، وتقر لكل طرف بما قالته عن الآخر ، ليكونا من أمرهما على بصيرة

إن شاءا عادا وأتما زواجهما ، وإن شاءا بقيا على ما هما عليه .

وإن شق التصريح بحقيقة الحال ، فمن الممكن أن يكون ذلك تلميحا ، أو يكون عن طريق طرف آخر ، يسعى للصلح ، وبيان الحق فيما جرى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-05, 02:59
يريد أن يرتكب المحرم ثم يتوب

السؤال

إذا قال شخص بأنه سيشرب الخمر ويزني ويفعل المحرمات ثم يتوب ، فهل يمكن أن تُقبل توبته ؟ جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله

أولاً :

لم يتنبه هذا القائل – هداه الله – أنه قد عصى الله تعالى بقوله هذا حتى ولو لم يفعل المعاصي التي صرَّح أنه سيفعلها .
أ‌. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسَها ما لم تعمل أو تتكلم " . رواه البخاري ( 4968 ) ومسلم ( 127 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

"فقد أخبر أن الله عفا عن حديث النفس إلا أن تتكلم ; ففرق بين حديث النفس وبين الكلام ، وأخبر أنه لا يؤاخذ به حتى يتكلم به ، والمراد حتى ينطق به اللسان باتفاق العلماء"

انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 133 ) .

ب‌. عن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ... إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالاً وعلماً : فهو يتقي فيه ربَّه ويصِل فيه رحِمه ويعلم لله فيه حقّاً

، فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً : فهو صادق النيَّة يقول : لو أن لي مالاً لعملتُ بعمل فلان ، فهو بنيته فأجرهما سواء ، وعبدٌ رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً :

فهو يخبط في ماله بغير علمٍ لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقّاً : فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً : فهو يقول لو أن لي مالاً لعملتُ فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء " .

رواه الترمذي ( 2325 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن ماجه ( 4228 ) .

ولم ينتبه هذا القائل – أيضاً –

أنه قد لا يتمكن من التوبة بسبب غلبة الشهوة عليه واستحلاله للمعصية والمداومة عليها ، وقد لا يتمكن منها بسبب حلول أجله وقبض روحه

ثم ليستمع إلى قول الله عز وجل : ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الأنعام/110

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفِقْهِ: أَنْ يَخَافَ الرَّجُلُ أَنْ تَخْذُلَهُ ذُنُوبُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى.

وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يُغْمَى عَلَيْهِ ثُمَّ يَفِيقُ وَيَقْرَأُ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 110] .

فَمِنْ هَذَا خَافَ السَّلَفُ مِنَ الذُّنُوبِ، أَنْ تَكُونَ حِجَابًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى " .

انتهى من "الجواب الكافي" لابن القيم (167) .

ثانياً :

وعلى هذا القائل أن يستغفر ربه ويتوب إليه من قوله هذا ، ومن عزمه السيء على المعاصي ، وإصراره عليها

فقد أوجب الله سبحانه وتعالى التوبةَ على عباده فقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } [ التحريم / 8 ] .

وأخبر الله تعالى أنه يقبل التوبة من عباده ، وأنه يعفو عنهم ، بل يبدل سيئاتهم حسنات

قال الله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [ الشورى / 25 ]

وقال : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } [ الفرقان / 70 ] .

والتوبة النصوح عند أهل العلم هي ما تحقق فيها الشوط التالية :

أ‌. الإخلاص في التوبة .

ب‌. الإقلاع عن ذنبه .

ت‌. الندم على ذنبه .

ث‌. العزم على عدم رجوعه إلى الذنب .

ج‌. التوبة في الوقت ، فلا يقبل الله التوبة عند الغرغرة قبل قبض الروح ، ولا بعد طلوع الشمس من مغربها .

ح‌. إرجاع الحقوق إلى أهلها إن كانت معصيته تتعلق بحقوق الآدميين .

ثالثاً :

ونبشِّر الأخ القائل لهذه العبارة أنه إذا لم يفعل ما نواه وصرَّح به ، وترك ذلك خوفاً من الله وتعظيماً لحرماته : فإن الله تعالى يكتب له حسنة في صحيفته ، بدلا من السيئة التي كان قد هم بفعلها :

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله : " إذا أراد عبدي أن يعمل سيئةً فلا تكتبوها عليه حتى يعملها

فإن عملها فاكتبوها بمثلها ، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة ، وإذا أراد أن يعمل حسنةً فلم يعملها فاكتبوها له حسنة ، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف " .

رواه البخاري ( 7062 ) – واللفظ له - ومسلم ( 129 ) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-09, 12:00
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حكم التمادح برسائل الجوال المبالغ فيها

السؤال :

الرسائل المبالغ فيها التي نرسلها لمجرد الإرسال وللرد على رسائلهن برسائل شعرية وتكون فيها مبالغة في الكلام هل يعد من النفاق ؟

وهل إذا أكثرت من الرسائل وصرف رصيد جوالي لدرجة ينقضي شحن الجوال بسبب الرسائل يعد إسرافاً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

دين الله عز وجل دين وسط ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، والاعتدال في كل شيء خير .

وقد وصف الله تعالى عباده بقوله : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67

وقال تعالى : (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء/29 .

فتجاوز الحد في الرسائل هو من الإسراف المذموم المنهي عنه ، ومن تأمل كثيراً من الرسائل المتداولة لوجدها لا فائدة منها ، وكثير من المرسل إليهم لا يقرؤونها ، بل يحذفونها بمجرد أن تقع أعينهم عليها .

ثانياً :

أما رسائل المدح المبالغ فيها ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مدح الشخص ، وذم المداحين ، فكيف بالمبالغة في مدحه !

وسبب هذا النهي : أنه قد يكون سبباً في إعجاب الممدوح بنفسه ، أو تكبره ، فيهلك بسبب ذلك .

روى مسلم (3002) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ ، فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : مَا شَأْنُكَ ؟

فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا رَأَيْتُمْ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ ) .

وروى البخاري (6061) ومسلم (3000) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ -

يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ) .

قال الحافظ :

" قَالَ اِبْن بَطَّال : حَاصِل النَّهْي : أَنَّ مَنْ أَفْرَطَ فِي مَدْح آخَر بِمَا لَيْسَ فِيهِ لَمْ يَأْمَن عَلَى الْمَمْدُوح الْعُجْب لِظَنِّهِ أَنَّهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة , فَرُبَّمَا ضَيَّعَ الْعَمَل وَالِازْدِيَاد مِنْ الْخَيْر اِتِّكَالًا عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ

وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " : آفَة الْمَدْح فِي الْمَادِح أَنَّهُ قَدْ يَكْذِب ، وَقَدْ يُرَائِي الْمَمْدُوح بِمَدْحِهِ ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا " انتهى .

وروى الإمام أحمد (16395) وابن ماجه (3743) عن مُعَاوِيَة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( َإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ ) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .

قال المناوي :

" لما فيه من الآفة في دين المادح والممدوح ، وسماه ذبحا لأنه يميت القلب فيخرج من دينه

وفيه ذبح للممدوح فإنه يغره بأحواله ويغريه بالعجب والكبر ويرى نفسه أهلا للمدحة سيما إذا كان من أبناء الدنيا أصحاب النفوس وعبيد الهوى ، وفي رواية :

( فإنه من الذبح ) وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور

أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهو مهلك كالذبح ، فلذلك شبه به . قال الغزالي رحمه الله : فمن صنع بك معروفا فإن كان ممن يحب الشكر والثناء فلا تمدحه

لأن قضاء حقه أن لا تقره على الظلم ، وطلبه للشكر ظلم ، وإلا فأظهر شكره ليزداد رغبة في الخير " انتهى .

"فيض القدير" (3/129) .

أما قولك : هل يعد ذلك من النفاق ؟

فالجواب : إذا كان المدح فيه شيء من الكذب فهو من صفات المنافقين ، لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) متفق عليه .

وروى الترمذي (2027) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال المناوي :

" البيان : فصاحة اللسان ، والمراد : ما فيه إثم منها كهجو أو مدح بغير حق .

( شعبتان من النفاق ) أي : هما خصلتان منشؤهما النفاق أو مؤديان إليه . وأراد بالبيان هنا كثرة الكلام والتكلف للناس بكثرة التملُّق والثناء عليهم وإظهار التفصُّح

وذلك ليس من شأن أهل الإيمان . وقد يتملق الإنسان إلى حد يخرجه إلى صريح النفاق وحقيقته " انتهى .

"التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 1036) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-09, 12:05
تفصيل القول في هجاء المسلم والكافر والمبتدع

السؤال :

ما حكم هجاء المشركين والفسَّاق ؟

أرجو التفصيل ، فقد أعجبني تفصيلكم في سؤال عن حكم الرثاء في الإسلام ، فقد كانت إجابة شافية ، ومؤصلة ، ومعزوة . وشكراً .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

" الهجاء " ضد " المدح " ، وقد اتفق الفقهاء على أن الأصل في عرض المسلم أنه مصون ، وأنه لا يجوز هجوه من غير أن يكون مستحقّاً لذلك .

ففي " الموسوعة الفقهية " ( 42 / 159 ، 160 ) :

"وقد استدل الفقهاء على عدم جواز هجو المسلم

بقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/ 58

وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات/ 11

وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) – متفق عليه - ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ بِاللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ ) – رواه الترمذي ، وصححه الألباني –" انتهى .

ثانياً :

ذهب الشافعية إلى جواز هجو المبتدع ، والمعلن بفسقه ، وذهب الحنفية إلى جواز هجو المنافق .

قال الشربيني الشافعي رحمه الله :

"ومثله في جواز الهجو : المبتدع ، كما ذكره الغزالي في " الإحياء " ، والفاسق المعلِن ، كما قاله العمراني ، وبحَثه الإسنوي" انتهى .

"مغني المحتاج" (4/430) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (42/159) :

"ذهب الفقهاء إلى عدم جواز هجو المسلم ، واستثنى الشافعية المبتدع ، والفاسق المعلِن بفسقه ، فيجوز هجوهم ، وعند الحنفية : يجوز هجو المسلم المنافق" انتهى .

وكلما ازداد قبح البدعة ، وبُعدها عن الصراط المستقيم : تحتم على أهل السنَّة كشف عوارها ، وتبيين ضلالها ، وهو من الجهاد في سبيل الله باللسان .

قال ابن القيم رحمه الله في بيان شرِّ بدعة التعطيل ، والتأويل ، وذم أهليهما - :

"فكشْف عورات هؤلاء ، وبيان فضائحهم ، وفساد قواعدهم : مِن أفضل الجهاد في سبيل الله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : (إِنَّ رُوحَ القُدُسِ مَعَكَ مَا دُمْتَ تُنَافِحُ عَنْ رَسُولِهِ)

وقال : (أُهْجُهُم - أَوْ هَاجِهِم - وَجِبْرِيلُ معك) ، وقال : (اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ مَا دَامَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِكَ) ، وقال عن هجائه لهم : (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ فِيهم من النَّبْل) ، وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله :

وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة ، والتابعين ، وأهل الحديث قاطبة ، وأئمة الإسلام الذين لهم في الأمَّة لسان صدق : يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص

وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ، ودينه ، وأهل النفاق ، والإلحاد ؛ لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ، ومحال ، وكفر ، وضلال ، وتشبيه ، وتمثيل

أو تخييل ، ثم صرْفها إلى معانٍ يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي ، والألغاز ، لا يصدر ممن قصْدُه نصح ، وبيان ، فالمدافعة عن كلام الله ورسوله

والذب عنه : من أفضل الأعمال ، وأحبها إلى الله ، وأنفعها للعبد" انتهى .

"الصواعق المرسلة" (1/301 ، 302) .

ثالثاً :

أما الكافر ، والمشرك ، والمرتد : فظاهر النصوص تدل على جواز هجائهم ، بل قد دلَّت سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم على أن ذلك من الجهاد في سبيل الله .

عَنْ أَنَس بن مالك أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) . رواه أبو داود (2504) والنسائي (3069) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"عيب ديننا ، وشتم نبيِّنا : مجاهدة لنا ، ومحاربة ، فكان نقضاً للعهد ، كالمجاهدة ، والمحاربة بالأَوْلى .

يبين ذلك : أن الله سبحانه قال في كتابه : (وَجَاهِدُوا بِأَمْوالِكم وَأَنْفِسكم فِي سَبيلِ الله) التوبة/41 ، والجهاد بالنفس : يكون باللسان ، كما يكون باليد ، بل قد يكون أقوى منه

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (جَاهِدُوا المُشْرِكين بِأَيْدِيكُم وَأَلْسِنَتِكُم وَأَمْوالِكُم) رواه النسائي وغيره ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت

: (أهْجُهُم وَهَاجِهِم) ، (وكان يُنصب له منبر في المسجد ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره ، وهجائه للمشركين) – رواه البخاري تعليقا

ورواه أبو داود والترمذي متصلاً ، وحسنه الألباني - ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوح القُدُس) – متفق عليه -

وقال : (إِنَّ جِبرائيلَ مَعَكَ مَا دُمْتَ تُنَافِحُ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم) – وهو الحديث قبل السابق - ، وقال : (هِيَ أَنْكَى فِيهُم مِن النَّبْل) – رواه مسلم – " انتهى .

"الصارم المسلول" (1/213) .

وينبغي أن يكون ذلك ردّاً على هجاء أولئك الكفار للإسلام ، أو لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وقد دلَّ النص القرآني على عدم جواز ابتدائهم بالسب

والهجاء ؛ خشيةً من تعرضهم لله تعالى ، أو لدينه ، أو لرسوله صلى الله عليه وسلم ، بالسب والشتم

فقال الله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/ 108 .

ومما يدل على جواز هجاء الكفار والمشركين ردّاً عليهم : ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت رضي الله عنه : (اهْجُهُمْ - أَوْ قَالَ : هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ) رواه البخاري (5801) ومسلم (2486) .

قال العيني رحمه الله :

"قوله (اهجهم) : أمرٌ مِن هجا ، يهجو ، هجواً ، وهو نقيض المدح .

قوله (أو هاجهم) : شك من الراوي ، من المهاجاة ، ومعناه : جازهم بهجوهم .

قوله (وجبريل معك) : يعني : يؤيدك ، ويعينك عليه" انتهى .

"عمدة القاري" (15/134) .

وفي "مغني المحتاج" (4/430) :

"محل تحريم الهجاء إذا كان لمسلم فإن كان لكافر أي غير معصوم جاز ، كما صرح به الروياني وغيره ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر حسَّان بهجو الكفار ، بل صرح الشيخ أبو حامد بأنه مندوب .

وظاهر كلامهم : جواز هجو الكافر غير المحترم [يعني غير المعصوم] المعين" انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (42/160) :

"ذهب الفقهاء إلى جواز هجو الكافر غير المعصوم ، وكذا المرتد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حسان بن ثابت رضي الله عنه بهجو الكفار" انتهى .

وفي ذِكر جبريل عليه السلام في الحديث دون غيره من الملائكة حكمة بالغة .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

"وإنما خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم جبريل ، وهو روح القدس ، بنصرة من نصره ، ونافح عنه ؛ لأن جبريل صاحب وحي الله إلى رسله

وَهُوَ يتولى نصر رسله ، وإهلاك أعدائهم المكذبين لهم ، كما تولى إهلاك قوم لوط ، وفرعون ، في البحر .

فمَن نصر رسول الله ، وذب عنه أعداءه ، ونافح عنه : كان جبريل معه ، ومؤيِّداً له ، كما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) التحريم/4" انتهى .

"فتح الباري" لابن رجب (2/509) .

وبالتأمل في سبب ورود الحديث : يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حسان بن ثابت بهجاء المشركين ردّاً على طعنهم ، لا أن ذلك كان ابتداءً .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"وفي الحديث : جواز سب المشرك ، جواباً عن سبه للمسلمين , ولا يعارض ذلك مطلق النهي عن سب المشركين لئلا يسبوا المسلمين : لأنه محمول على البداءة به , لا على من أجاب منتصراً" انتهى .

"فتح الباري" (10/547) .

وفي "حاشية السندى على صحيح البخارى" (4/141) :

"وقوله : (بِرُوحِ القُدُس) هو جبريل ، في ذلك إشارة إلى أن هجو الكفار من أفضل الأعمال ، ومحله : إذا كان جواباً ، كما هنا ، وإلا فهو منهي عنه لآية : (وَلاَ تَسُبُّوا الذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دِونِ اللهِ)" انتهى .

فالخلاصة :

1. تحريم هجاء المسلم من حيث الأصل .

2. جواز هجاء الكافر ، والمشرك ، والمرتد .

3. مراعاة أن يكون هجاء الكافر ردّاً عليه ، لا ابتداء من المسلم .

4. أن يكون الناظم للهجاء على قدر من البلاغة والفصاحة ؛ لاختيار النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت دون غيره ، ولما قد يسببه نظم الجاهل والضعيف من سخرية الشعراء والفصحاء .

5. جواز ابتداء المبتدع ، والمعلِن بفسقه ، بالهجاء .

6. مراعاة عدم الشطط في الهجاء ، وعدم التعدي على العرض ، وعدم القذف .

7. من هجا مسلماً بغير حق : فإنه يستحق التعزير .

ففي "الموسوعة الفقهية" (42/162) :

"للإمام أن يعزِّر مَن يهجو الناس بغير حق ؛ وذلك لأن هذا النوع من الهجاء محرم ، وفعله معصية ، وكل معصية ليس فيها حد : وجب فيها التعزير" انتهى .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-09, 12:10
كلمات وأمثال فيها اعتراض على أفعال الله وطعن في حكمته وعدله

السؤال :

لماذا ربنا يعطي الذي ليس محتاجاً ، والمحتاج لحاجه لا تأتي له ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

أمر الله تعالى بحفظ اللسان ، وأن لا يتكلم العبد بالكلمة إلا وهو يعلم أنه ليس فيها إثم ، وأخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه الناس يُكبون في جهنم بحصائد ألسنتهم

وما أكثر ما يخترع الناس أمثالاً ، أو تجري ألسنتهم بكلمات تكون فيها مهلكتهم ، إن لم يتداركهم ربهم تعالى برحمته .

وإن العبد الموفَّق ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يثيبه الله عليها أعظم الثواب ، وإن العبد المخذول ليتكلم بالكلمة لا يظن أنها تبلغ به شيئاً تهوي به في نار جهنم .

قال تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/ 18 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) .

رواه البخاري ( 6113 ) .

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ) .

رواه البخاري ( 6109 ) .

وقال بعض السلف : " ما على وجه الأرض شيء أَحوج إلى طول حَبْس من اللسان " ! .

ثانياً:

مثل هذا الكلام القبيح يدرج في أمثال بعض البلاد ، وتتناقله الألسن ، دون أن يعي أحدهم أنه وقع بقوله في مخالفات شرعية ، تتعلق بصفات الله تعالى ، وأسمائه

وأفعاله ، ففي هذا القول الوارد في السؤال اعتراض على أفعال الله تعالى ، وتقديراته ، وعلمه ، وحكمته ، وعدله .

ومن تلك الأمثال الدارجة " يعطي الحلَق للذي ليس له أُذُن ! " و " يعطي اللحم للذي ليس له أسنان " ، ويعنون به : الله تعالى .

وفي هذا الكلام ما لا يخفى من سوء الأدب مع الله تعالى ، وسوء الظن به ، فيقال فيه :

1. في كلام السوء هذا يعني أن الله تعالى أعطى النعمة من لا يستحقها ، وأن هناك مَن هو أولى بهذه النعمة مِن هذا المُعطَى ! وهذا من أعظم الطعن في حكمة الله ، وعدله .

وليس أحدٌ في غنى عن فضل الله وعطائه ، وقد قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/ 15 .

والله تعالى يقدِّر ما يشاء لحكَم جليلة ، فمن أغناه الله فلحكمة ، ومن أفقره الله فلحكمة ، فهو يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لحكَمة

قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/من الآية 28 ، وقال تعالى : ( فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الحجرات/ 8 .

ولله خزائن السموات والأرض ، وما يهبه تعالى لخلقه : فهو بقدَرٍ معلومٍ ، قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) الحِجر/ 21 .

2. وما يظنه الإنسان القاصر في فهمه وإدراكه أن الخير له هو في غناه ، وسلطانه ، وجاهه : خطأ ، وقصور ، يتناسب مع طبيعة الإنسان القاصرة

فقد يكون الخير في نزع تلك الأشياء منه ، كما قد يكون الذل خيراً له ! نعم ، فلربما ذلُّه قاده إلى إسلام بعد كفر ، أو طاعة بعد معصية ، كما أن المال ، والملك

والجاه ، والعز قد يكون شرّاً له ، فيكون هذا المسكين يعترض على قدر الله وحكمته ، ويسعى لما فيه تلفه ، وهلاكه .

قال تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران/ 26 .

ومن تأمل حديث الأقرع والأبرص والأعمى : علم أن القَرَعَ والبَرَصَ كانا خيراً لصاحبيهما من المال الذي طلباه ، فلما طلب الأول شعراً حسناً فأُعطيه ، وطلب الثاني جلداً حسناً فأُعطيه

بل وأُعطي كل واحد منهما مالاً وفيراً : كان ذلك سبباً في فتنتهما ، وسخط الله عليهما ، حيث أنكرا نعمة الله عليهما ، وبخلا بما أعُطيا من مال .

والحديث رواه البخاري ( 3277 ) ومسلم ( 2964 ) .

3. ثم إن الله تعالى هو المتفرد بالملك ، والخلق ، والرزق ، ولا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولم يحصل الاعتراض على هبة النعمة من الله إلا من المشركين وإخوانهم .

قال ابن كثير – رحمه الله – تعليقاً على آية ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ) - :

أي : أنت المتصرف في خلقك ، الفعَّال لما تريد ، كما ردَّ تبارك وتعالى على من يتحكم عليه في أمره ، حيث قال : ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) الزخرف / 31

قال الله تعالى ردّاً عليهم : ( أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) الآية ، الزخرف/ 32

أي : نحن نتصرف في خلقنا كما نريد ، بلا ممانع ، ولا مدافع ، ولنا الحكمة ، والحجة في ذلك ، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد ، كما قال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) الأنعام/ 124

وقال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 29 ) .

ولما ذكر الله تعالى اعتراض بعض الناس على مُلكٍ آتاه الله بعض خلقه : أرجع الله تعالى الأمر إلى علمه ، وحكمته ، وفضله ، وأن الأمر لا يرجع إلا إليه عز وجل

وذلك في قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 247 .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

قوله تعالى : ( والله يؤتي ملكه من يشاء ) أي : يُعطي ملكَه من يشاء ، على حسب ما تقتضيه حكمته ، كما قال تعالى : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشا

وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) آل عمران/ 26 .

قوله تعالى : ( والله واسع ) أي : ذو سعة في جميع صفاته : واسع في علمه ، وفضله ، وكرمه ، وقدرته ، وقوته ، وإحاطته بكل شيء ، وجميع صفاته وأفعاله .

و ( عليم ) أي : ذو علم بكل شيء ، ومنه : العلم بمن يستحق أن يكون ملِكاً ، أو غيرَه من الفضل الذي يؤتيه الله سبحانه وتعالى من يشاء .

" تفسير سورة البقرة " ( 3 / 213 ، 214 ) .

4. أن قائل مثل هذه العبارات وقع في الفتنة من حيث يشعر أو لا يشعر ، فالله تعالى جعل الناس بعضهم لبعض فتنة ، منهم الغني ، ومنهم الفقير

ومنهم الشريف ، ومنهم الوضيع ، فمن رضي بما قسم الله ، ولم يسخطه : نجا من الفتنة ، ومن اعترض وسخط : فله السخط ، قال تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ) الفرقان/ من الآية 20

وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام/ 53 .

قال القرطبي – رحمه الله - :

قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ) أي : إن الدنيا دار بلاء ، وامتحان ، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس ، مؤمن

وكافر ، فالصحيح فتنة للمريض ، والغني فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغني ، ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه ؛ فالغني ممتحن بالفقير ، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه

والفقير ممتحن بالغني ، عليه ألا يحسده ، ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه ، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق ، كما قال الضحاك في معنى ( أَتَصْبِرُونَ ) : أي : على الحق .

وأصحاب البلايا يقولون : ِلمَ لمْ نُعَافَ ؟ والأعمى يقول : لمَ لمْ أُجعل كالبصير ؟ وهكذا صاحب كل آفة ، والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره

وكذلك العلماء ، وحكام العدل ، ألا ترى إلى قولهم ( لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) الزخرف/ 31 ، فالفتنة : أن يَحسد المبتلى المعافى

ويَحقر المعافى المبتلى ، والصبر : أن يحبس كلاهما نفسه ، هذا عن البطر ، وذاك عن الضجر. ( أَتَصْبِرُونَ ) محذوف الجواب ، يعني : أم لا تصبرون ؟ .

" تفسير القرطبي " ( 13 / 18 ) .

5. أن مثل هذه الكلمات الدارجة على الألسنة فيها سوء ظن بالله تعالى ، وهي فتنة لم يَنج منها كثير من الناس ، فيظن الواحد منهم أنه يستحق أكثر مما قدِّر له

وأنه أولى بكثرة الخير والصرف عن السوء والشر من غيره ، وفي ذلك من الاعتراض على قدر الله تعالى ما يخلخل به المرء ركناً من أركان الإيمان

وهو الإيمان بالقدر شرِّه وخيره ، وأنه كله من عند الله ، قدَّره ، وكتبه ، وشاءه ، ثم خلقه ، بحكمته تعالى ، وعدله .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

فأكثر الخلق ، بل كلهم ، إلا مَن شاء الله : يظنون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ السَّوْءِ ، فإن غالبَ بني آدم يعتقد أنه مبخوسُ الحق ، ناقصُ الحظ ، وأنه يستحق فوقَ ما أعطاهُ اللهُ ، ولِسان حاله يقول : ظلمني ربِّي

ومنعني ما أستحقُه ، ونفسُه تشهدُ عليه بذلك ، وهو بلسانه يُنكره ، ولا يتجاسرُ على التصريح به ، ومَن فتَّش نفسَه ، وتغلغل في معرفة دفائِنها ، وطواياها : رأى ذلك فيها كامِناً كُمونَ النار في الزِّناد

فاقدح زنادَ مَن شئت : يُنبئك شَرَارُه عما في زِناده ، ولو فتَّشت مَن فتشته : لرأيت عنده تعتُّباً على القدر ، وملامة له ، واقتراحاً عليه خلاف ما جرى به

وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ، فمستقِلٌّ ، ومستكثِر ، وفَتِّشْ نفسَك هل أنت سالم مِن ذلك ؟ .

فَإنْ تَنجُ مِنْهَا تنج مِنْ ذِى عَظِيمَةٍ ... وَإلاَّ فَإنِّى لاَ إخَالُكَ نَاجِيَاً

فليعتنِ اللبيبُ الناصحُ لنفسه بهذا الموضعِ ، وليتُبْ إلى الله تعالى ، وليستغفِرْه كلَّ وقت من ظنه بربه ظن السَّوْءِ ، وليظنَّ السَّوْءَ بنفسه التي هي مأوى كل سوء

ومنبعُ كل شرٍّ ، المركَّبة على الجهل ، والظلم ، فهي أولى بظن السَّوْءِ من أحكم الحاكمين ، وأعدلِ العادلين ، الراحمين ، الغنيِّ الحميد ، الذي له الغنى التام

والحمدُ التام ، والحكمةُ التامة ، المنزّهُ عن كل سوءٍ في ذاته ، وصفاتِهِ ، وأفعالِه ، وأسمائه ، فذاتُه لها الكمالُ المطلقُ مِن كل وجه ، وصفاتُه كذلك ، وأفعالُه كذلك ، كُلُّها حِكمة ، ومصلحة ، ورحمة ، وعدل ، وأسماؤه كُلُّها حُسْنَى .

فَلا تَظْنُنْ بِرَبِّكَ ظَنّ سَؤْءِ ...
إنَّ اللهَ أَوْلَى بِالجَمِيلِ

وَلا تَظْنُنْ بِنَفْسِكَ قَطُّ خَيْراً ...
وَكَيْفَ بِظَالِمٍ جَانٍ جَهُولِ

وَقُلْ يَا نَفْسُ مَأْوَى كُلِّ سُوءِ ...
أَيُرجَى الخَيْرُ مِنْ مَيْتٍ بَخيلِ

وظُنَّ بِنَفّسِكَ السُّوآى تَجِدْهَا ...
كَذَاكَ وخَيْرُهَا كَالمُسْتَحِيلِ

وَمَا بِكَ مِنْ تُقىً فِيهَا وَخَيْرٍ ...
فَتِلْكَ مَوَاهِبُ الرَّبِّ الجَلِيلِ

وَلَيْسَ بِهَا وَلاَ مِنْهَا وَلَكِنْ ...
مِنَ الرَّحْمن فَاشْكُرْ لِلدَّلِيلِ

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 3 / 235 ، 236 ) .

وبنصيحة ابن القيم الرائعة نختم كلامنا ، فلعلَّ كلَّ واحدٍ منَّا أن يفتِّش نفسه ، ويتأمل في حالها ، ونرجو الله تعالى أن يصلح أحوالنا ، وأن يسدد أقولنا ، وأعمالنا .

و الله اعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-09, 12:13
حكم من تلفظ بكلمة الكفر غير مدرك معناها

السؤال :

ما حكم من قال : " أنا شيوعي " ، غير مدرك له ؟

الجواب :

الحمد لله

للكلمة شأن في دين الله عظيم ؛ إذ بكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم .

قال الله تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18.

وروى البخاري (5996) ومسلم (5304) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) .

وروى الترمذي (2241) وصححه ، عن بِلَال بْن الْحَارِثِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .

وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) .

وروى النسائي (3712) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ) .

صححه الألباني في الإرواء (2576)

والشيوعية مذهب إلحادي قائم على إنكار وجود الله ، وتقديس المادة ، واعتبارها أساسا لكل شيء . ولا يقيم وزنا للدين ، بصفة عامة ، أي دين ؛ بل يعتبرون الدين آفة من آفات الشعوب

أو ـ على حد قولهم : مخدرا للشعوب ؛ يعني : أنه يلهيها عن مقاصدها المادية التي هي أساس مذهبهم .

ولا شك أن هذا أحد أخطر المذاهب الكفرية في العصر الحديث ، والتي فتنت بها أناسا كثيرين ، واضطهدت كثيرا من أهل الدين والإيمان .

ولا شك أن الواجب على من سمع بهذا المذهب ، وعلم حاله : أن يكفر به ، ويبرأ إلى الله منه ، ومن أهله ؛ فلا يجتمع تعظيم هذا المذهب ، والإيمان به ، أو الدعوة إليه ، أو محبته ومحبة أهله : مع الإيمان في قلب عبد .

فالمنتسب إليهم وهو على معرفة بأمرهم ، وما هم عليه من الضلال : كافر بالله العظيم .

فإن كان قائل هذا الكلام قد جهل أصل مذهبهم ، أو اغتر بدعايتهم في النواحي الاجتماعية والاقتصادية ، إلى مراعاة الفقراء ، أو العناية بهم

وكفالة حقوقهم : فالواجب تعريفه بحقيقة المذهب ، وخطره على الدين والإيمان ، وأن الله عز وجل قد أغنى عباده ، بما أوحى إليهم من شرعه ، عن كل دين وملة ، ومذهب سواه .

وننصح أن يكون توجيه من اغتر بمذهب القوم برفق ولين ، وحسن حوار وبيان لأدلة ذلك من الشرع الحنيف . وينبغي أن يكون من يتعرض لذلك على إلمام كاف بذلك المذهب الكفري

وقدرة على الحوار والنقاش ؛ لأن أكثر المفتونين بذلك المذهب ذوو جدل وخصومة .

فإن كان حقا ، جاهلا بذلك المذهب وأصوله ، أو جاهلا بمصادمته للإيمان الواجب على العبيد ، فهو معذور بجهله . وإن أصر ـ بعد البيان والتعريف ـ فهو كافر مرتد .

نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا ، وأن يجنبنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .

*عبدالرحمن*
2018-10-09, 12:18
حكم شعر الغزل

السؤال

سؤال: ما حكم شعر الغزل ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الشعر في أصله مباح ، فهو كلام موزون ، والأصل في الكلام الإباحة والجواز ، ولكن تجري فيه الأحكام الفقهية الخمسة بحسب موضوعه ومقصوده والغاية منه .

ولذلك قال الإمام الشافعي كلمته المشهورة : " الشعر كلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام " انتهى .

"الأم" (6/224) ، ورويت هذه الكلمة مرفوعة مرسلة ، ورويت عن بعض السلف أيضا.

ثانيا :

لا حرج في شعر الغزل بالضوابط الآتية :

1- ألا يكون تشبيبا بامرأة معينة ، ينتهك فيها الشاعر حرمة من حرمات المسلمين ، ويعتدي على عرض مصون من أعراضهم

فإذا كان تغزلا معروفا بامرأة معينة كان من كبائر الذنوب ، فقد قال الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/58 .

2- ألا يكون من الغزل الفاحش الذي يشتمل على وصف جسد المرأة بما يثير شهوة السامع والقارئ ، أو يصف فيه الشاعر شيئا من علاقته الآثمة مع تلك المرأة

فهذا كله من فاحش الكلام الذي جاء الإسلام لصيانة ألسنة الناس وأسماعهم عنه ، حفظا للمجتمعات من انتشار الرذيلة والافتخار بها كما هي عادة أهل الجاهلية القديمة والمعاصرة .

3- ألا يرافقه الغناء والمعازف على الطريقة المعروفة اليوم مما يعتاده أهل المعاصي والشهوات .

4- وإذا كان الشاعر يتغزل بمن يحل له التغزل بها كالزوجة : فلا حرج إذا كان الشعر محصورا بينه وبينها ولا يطلع عليه أحد

فإذا أراد نشره فلا يجوز أن ينشر منه ما يصف فيه جمال زوجته ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها ، فمن باب أولى عدم جواز نعت الرجل زوجته للسامعين .

فإذا عرفت هذه الضوابط تبين أن الكثير مما ينتشر اليوم من أشعار الغزل الفاحش ، كأشعار نزار قباني وغيره ، هو من قبيح الكلام الذي لا ينشر في المجتمعات إلا لغة الشهوة والرذيلة

وأنه من الشعر الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ) رواه البخاري (6154) ومسلم (2257) .

قال ابن القيم رحمه الله : " غالب التغزل والتشبيب إنما هو في الصور المحرمة ، ومن أندر النادر تغزل الشاعر وتشبيبه فى امرأته وأمَته وأُمُّ ولده ، مع أن هذا واقع ، لكنه كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود " انتهى.

"مدارج السالكين" (1/486) .

ثالثا :

ننقل هنا بعض نصوص الفقهاء الدالة على التفصيل السابق :

قال ابن قدامة رحمه الله :

" التشبيب بامرأة بعينها والإفراط في وصفها ذكر أصحابنا أنه محرم ، وهذا إن أريد به أنه محرم على قائله فهو صحيح ، وأما على راويه فلا يصح

فإن المغازي تروى فيها قصائد الكفار الذين هاجوا بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا ينكر ذلك أحد ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الشعر الذي تقاولت به الشعراء في يوم بدر وأحد وغيرهما

إلا قصيدة أمية بن أبي الصلت الحائية ، وكذلك يروى شعر قيس بن الحطيم في التشبيب بعمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة ، وأم النعمان بن بشير ، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قصيدة كعب بن زهير

وفيها التشبيب بسعاد ، ولم يزل الناس يروون أمثال هذا ولا ينكر ، وروينا أن النعمان بن بشير دخل مجلسا فيه رجل يغنيهم بقصيدة قيس بن الحطيم ، فلما دخل النعمان سكتوه من قبل أن فيها ذكر أمه

فقال النعمان : دعوه ، فإنه لم يقل بأسا ، إنما قال :

وعمرة من سروات النسا ءِ تنفح بالمسك أردانها

وكان عمران بن طلحة في مجلس ، فغناهم رجل بشعر فيه ذكر أمه ، فسكتوه من أجله ، فقال : دعوه ، فإن قائل هذا الشعر كان زوجها " انتهى .

"المغني" (12/44) .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله –

في ذكر صور من الشعر المحرم المستثنى من الجواز الأصلي - : " ( أو ) إلا أن ( يُعَرِّض ) وفي " المحرر " وغيره : يُشَبِّب ( بامرأة معينة ) غير زوجته وأمته

وهو ذكر صفاتها من طول وقصر وصدغ وغيرها ، فيحرم ، وترد به الشهادة ، لما فيه من الإيذاء .

واحترز بالمعينة عن التشبيب بمبهمة ، فلا ترد شهادته بذلك ، كذا نص عليه ، ذكره البيهقي في سننه ، ثم استشهد بحديث كعب بن زهير وإنشاده قصيدته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

ولأن التشبيب صنعته ، وغرض الشاعر تحسين الكلام ، لا تخصيص المذكور .

أما حليلته من زوجته أو أمته فلا يحرم التشبيب بها ، كما نص عليه في " الأم " ، خلافا لما بحثه الرافعي ، وهو قضية إطلاق المصنف ، ونقل في " البحر " عدم رد الشهادة عن الجمهور

ويشترط أن لا يكثر من ذلك ، وإلا ردت شهادته ، قاله الجرجاني .

ولو شبب بزوجته أو أمته مما حقه الإخفاء ردت شهادته لسقوط مروءته ، وكذا لو وصف زوجته أو أمته بأعضائها الباطنة ، كما جرى عليه ابن المقري تبعا لأصله ، وإن نوزع في ذلك " انتهى .

"مغني المحتاج" (4/431)

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12/14)

: " يحرم التشبيب بامرأة معينة محرمة على المشبب أو بغلام أمرد ، ولا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصفات الحسية والمعنوية لامرأة أجنبية محرمة عليه

ويستوي في ذلك ذكر الصفات الظاهرة والباطنة ، لما في ذلك من الإيذاء لها ولذويها ، وهتك الستر والتشهير بمسلمة
.
أما التشبب بزوجته أو جاريته فهو جائز ، ما لم يصف أعضاءها الباطنة ، أو يذكر ما من حقه الإخفاء ، فإنه يسقط مروءته ، ويكون حراما أو مكروها ، على خلاف في ذلك .

وكذا يجوز التشبيب بامرأة غير معينة ، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدل على التعيين ؛ لأن الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور ، فإن نصب قرينة تدل على التعيين فهو في حكم التعيين .

وليس ذكر اسم امرأة مجهولة كليلى وسعاد تعيينا ، لحديث : كعب بن زهير : وإنشاده قصيدته المشهورة " بانت سعاد . . بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم " انتهى .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 12:52
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل يجوز إطلاق لفظ " الجاهلية " على المجتمعات بعد البعثة ؟

السؤال

هل يجوز إطلاق لفظ الجاهلية على مجتمعات بعد البعثة سواء منها الكافرة أو المسلمة ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

يُطلق لفظ " الجاهلية " ويُراد به فترة ما قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي نسبة لأمرين اثنين يجتمعان في هذه الحقبة ، وهما : الجهل ، والجهالة – أي : السفاهة - .

ولفظ الجاهلية لفظ مذموم ، ويكفي الجهل والجهالة سوءً أن يتبرأ منهما الإنسان ولو كان من أهلهما ، ويكفي العلم والرشد فخراً أن ينتسب إليهما أهلهما ، ولو كان من غير أهلهما .

وفي " المعجم الوسيط " ( 1 / 300 ) :

" الجاهلية " : ما كان عليه العرب قبل الإسلام من الجهالة ، والضلالة .
انتهى

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

والجاهلية : ما كان قبل الإسلام .

" فتح الباري " ( 10 / 468 ) .

وقال المنَّاوي – رحمه الله - :

والجاهلية : ما قبل البعثة ، سُمُّوا به لفرط جهلهم .

" فيض القدير " ( 1 / 462 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

المراد بالجاهلية ما قبل البعثة ؛ لأن الناس كانوا فيها على جهل عظيم‏ ،‏ فجهلهم شامل للجهل في حقوق الله ، وحقوق عباده .

" القول المفيد على كتاب التوحيد " ( 2 / 146 ) و "

مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 10 / ص 601 ) .

وقال :

والنياحة من أمر الجاهلية ، ولابد أن تكون في هذه الأمة ، وإنما كانت من أمر الجاهلية :

إما من الجهل الذي هو ضد العلم .

أو من الجهالة التي هي السفه ، وهي ضد الحكمة .

" القول المفيد على كتاب التوحيد " ( 2 / 149 ) و "

مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 10 / ص 603 ) .

ثانياً:

وقد أرسل الله تعالى نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ، فأنار الله تعالى به الكون ، وأخرجهم من الظلمات إلى النور ، فبدَّد الله به ظلمات الجهل والكفر

وانتهى ببعثته صلى الله عليه وسلم عهد الجاهلية ، ولكن هل رُفعت الجاهلية عن الأمكنة كلها ، وفي جميع الأزمنة ؟! بالطبع لا

ولذا فإنه لا يجوز وصف جميع المجتمعات بالجاهلية بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ، ولا نزعها عن جميع المجتمعات ـ أيضا ـ ، فما تزال بعض المجتمعات تعيش في مستنقعات الجاهلية

فلا يرفع عنها هذا الوصف ، وأما من استنار بنور الإسلام من المجتمعات فلا يجوز وصفها بهذا اللفظ ، ولو حصل تقصير في بعض جوانب الإسلام منها فهذا لا يبيح وصفها بالجاهلية ، وعلى هذا التفصيل اتفقت كلمة العلماء المحققين .

1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

فالناس قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا في حال جاهلية منسوبة إلى الجهل ، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل ، وإنما يفعله جاهل .

وكذلك كل ما يخالف ما جاءت به المرسلون من يهودية ، ونصرانية : فهي جاهلية ، وتلك كانت الجاهلية العامة ، فأما بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم قد تكون في مصر دون مصر -

كما هي في دار الكفار - ، وقد تكون في شخص دون شخص ، كالرجل قبل أن يسلم فإنه في جاهلية وإن كان في دار الإسلام .

فأما في زمان مطلق : فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة .

والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين ، وفي كثير من الأشخاص المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم : ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية ) وقال لأبي ذر : ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، ونحو ذلك .

فقوله في هذا الحديث : ( ومبتغ في الإسلام سنَّة جاهلية ) : يندرج فيه كل جاهلية مطلقة ، أو مقيدة ، يهودية ، أو نصرانية ، أو مجوسية ، أو صابئة ، أو وثنية ، أو مركبة من ذلك ، أو بعضه

أو منتزعة من بعض هذه الملل الجاهلية فإنها جميعها مبتدعها ومنسوخها صارت جاهلية بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن كان لفظ الجاهلية لا يقال غالباً إلا على حال العرب التي كانوا عليها فإن المعنى واحد .

اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 78 ، 79 ) .

2. وفي بيان خطأ مصطلح " جاهلية القرن العشرين "

قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله -

: بيَّن العلامة الألباني ما في هذا التعبير منْ تسمُّحٍ ، وغضٍّ من ظهور الإسلام على الدِّين كله

فجاء في كتاب : " حياة الألباني " ما نصه :

مصطلح " جاهلية القرن العشرين " في نظر الألباني :

السؤال : تناول الداعية " سيد قطب " - رحمه الله - مصطلحاً متداولاً بكثرة في إحدى المدارس الإسلامية التي يمثلها ، ألا وهو مصطلح " جاهلية القرن العشرين "

فما مدى الدقة والصواب في هذه العبارة ؟ وما مدى التقائها مع الجاهلية القديمة وفقاً لتصوركم ؟ .

فأجاب العلامة الألباني :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد : الذي أراه أن هذه الكلمة " جاهلية القرن العشرين " لا تخلو من مبالغة في وصف القرن الحالي - القرن العشرين -

فوجود الدِّين الإسلامي في هذا القرن وإن كان قد دخل فيه ما ليس منه : يمنعنا من القول بأن هذا القرن يمثل جاهليةً كالجاهلية الأُولى ، فنحن نعلم أن الجاهلية الأولى إن كان المعني بها العرب فقط : فهم كانوا وثنيين

وكانوا في ضلال مبين ، وإن كان المعني بها ما كان حول العرب من أديان كاليهودية والنصرانية : فهي أديان محرفة ، فلم يبق في ذلك الزمان دين خالص منزه عن التغيير والتبديل ، فلا شك في أن وصف الجاهلية

على ذلك العهد وصف صحيح ، وليس الأمر كذلك في قرننا هذا ، ما دام أن الله تبارك وتعالى قد منَّ على العرب أولاً ، ثم على سائر الناس ثانياً

بأن أرسل إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وأنزل عليه دين الإسلام ، وهو خاتم الأديان ، وتعهد الله عز وجل بحفظ شريعته هذه بقوله عز وجل : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )

ونبيه صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الأُمة الإسلامية وإن كان سيصيبها شيء من الانحراف الذي أصاب الأُمم من قبلهم في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : (

لتتبعن سَنَن من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا : من هم يا رسول الله ؟ اليهود والنصارى ؟ فقال عليه الصلاة والسلام فمنِ الناس ؟! )

أقول : وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذا الخبر المفيد أن المسلمين سينحرفون إلى حد كبير ويقلدون اليهود والنصارى في ذلك الانحراف

لكن عليه الصلاة والسلام في الوقت نفسه قد بشَّر أتباعه بأنهم سيبقون على خطه الذي رسمه لهم ، فقال عليه الصلاة والسلام في حديث التفرقة : ( وستفترق أُمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة )

قال عليه الصلاة والسلام : ( كلها في النار إلا واحدة ) ، قالوا : ما هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) وفي رواية قال : ( هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) .

وأكد ذلك عليه الصلاة والسلام في قوله في الحديث المتفق عليه بين الشيخين : ( لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) .

فإذن لا تزال في هذه الأُمة جماعة مباركة طيبة قائمة على هدي الكتاب والسنة ، فهي أبعد ما تكون عن الجاهلية القديمة أو الحديثة ؛ ولذلك فإن الذي أراه : أن إطلاق " الجاهلية "

على القرن العشرين فيه تسامح ، قد يُوهم الناس بأن الإسلام كله قد انحرف عن التوحيد وعن الإخلاص في عبادة الله عز وجل انحرافاً كليّاً

فصار هذا القرن - القرن العشرون - كقرن الجاهلية الذي بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إخراجه من الظلمات إلى النور ، حينئذ : هذا الاستعمال

أو هذا الإطلاق يحسن تقييده في الكفَّار أولاً

الذين كما قال تعالى في شأنهم : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) .

وصْف القرن العشرين بـ " الجاهلية " إنما ينطبق على غير المسلمين الذين لم يتبعوا الكتاب والسنَّة ، ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير

وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأُمة على الحق ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء ... )

قالوا : من هم يا رسول الله ؟

جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم - واصفاً الغرباء - : ( هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنَّتي من بعدي ) ، وفي رواية أُخرى قال عليه الصلاة والسلام

: ( هم أُناس قليلون صالحون بين أُناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) فلذلك لا يجوز هذا الإطلاق في العصر الحاضر على القرن كله

لأنَّ فيه - والحمد لله - بقية طيبة لا تزال على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى سنته ، وستظل كذلك حتى تقوم الساعة

ثم إن في كلام سيد قطب - رحمه الله -

وفي بعض تصانيفه ما يشعر الباحث أنه كان قد أصابه شيء من التحمس الزائد للإسلام في سبيل توضيحه للناس ، ولعل عذره في ذلك أنه كان يكتب بلغة أدبية

ففي بعض المسائل الفقهية كحديثه عن حق العمال في كتابه : " العدالة الاجتماعية "

أخذ يكتب بالتوحيد ، وبعبارات كلها قوية تحيي في نفوس المؤمنين الثقة بدينهم وإيمانهم ، فهو من هذه الخلفية في الواقع قد جدّد دعوة الإسلام في قلوب الشباب

وإن كنَّا نلمس أحياناً أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته على أن يحرر فكره من بعض المسائل التي كان يكتب حولها أو يتحدث فيها ، فخلاصة القول أن إطلاق هذه الكلمة

في العصر الحاضر لا يخلو من شيء من المبالغة التي تدعو إلى هضم حق الطائفة المنصورة ، وهذا ما عنَّ في البال فذكرته .انتهى .

" معجم المناهي اللفظية " ( ص 212 – 215 ) .

3. وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله -
:
هل يجوز إطلاق لفظ " الجاهلية " على المجتمعات الإسلامية المعاصرة ؟ .

فأجاب :

الجاهلية العامة قد زالت ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فلا يجوز إطلاقها على المجتمعات الإسلامية بصفة العموم ، وأما إطلاق شيء من أمورها على بعض الأفراد ، أو بعض الفِرق

أو بعض المجتمعات : فهذا ممكن ، وجائز ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه : ( إنك امرؤٌ فيك جاهلية ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب

والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ) .

" الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة " ( 86 ، رقم السؤال : 31 ) .

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 12:52
ثالثاً:

لا يجوز للمسلم أن ينظر للمجتمعات الإسلامية بعين الكبر في نفسه ، والاحتقار لهم ، ومن ذلك : تعميم الحكم بالجهل والانحراف والهلاك .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ) رواه مسلم ( 2623 ) .

قال الأمام ابن عبد البر – رحمه الله - :

معناه عند أهل العلم : أن يقولها الرجل احتقاراً للناس ، وإزراء عليهم ، وإعجاباً بنفسه ، وأما إذا قال ذلك تأسفاً ، وتحزناً ، وخوفاً عليهم لقبح ما يرى من أعمالهم :

فليس ممن عني بهذا الحديث ، والفرق بين الأمرين أن يكون في الوجه الأول راضياً عن نفسه ، معجباً بها ، حاسداً لمن فوقه ، محتقراً لمن دونه ، ويكون في الوجه الثاني ماقتاً لنفسه ، موبخاً لها ، غير راضٍ عنها .

" التمهيد " ( 21 / 242 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 12:58
حُكم مزحة الكترونية ! فيها ادعاء علم الغيب وكذب وترويع

السؤال

ظهرت مؤخراً خدعة أو ما يسمَّى " مزحة الكترونية " ، وهي عبارة عن رابط الكتروني لموقع أجنبي يُرسل للشخص من قبل أصدقائه - عادةً - يطلب منك كتابة اسمك و 3 أسماء تحبهم ليعطيك نتيجة افتراضية لمقدار محبتهم لك

أو العكس ، على سبيل المرح لا غير ، المشكلة هي أنك بعد كتابة اسمك و3 أسماء أخرى تفتح لك صفحة تخبرك بأنك خُدِعت ، وأن الشخص الذي أرسل لك الرسالة ( ويظهر لك إيميله ) تم إرسال الأسماء إليه !!

هل تجوز هذه الخدعة أو المزحة ؟

وإذا حاججته بعدم جوازها وأن فيها خداعاً للمسلمين وقد يكون فيها خصوصيات ، كأن يكتب اسم زوجته أو شخص محبب له , يقول لك : أنا لم أجبره على المشاركة ! يذكرني ذلك بقول الله تعالى على لسان إبليس - أعوذ بالله منه -

: ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفسكم ) الآية .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

هذه المزحة السخيفة فيها مخالفة للشرع أعظم من الكذب ، وهي " الكهانة " ! وهذا الأمر لم ينتبه له الأخ السائل في سؤاله ، ولذا لم يتعرض للسؤال عنه .

وهذه المخالفة وقع فيها أصحاب تلك المزحة السخيفة ، ووقع فيها – كذلك – من شارك في كتابة اسمه وأسماء ثلاثة ممن يريد معرفة درجة محبته لهم ، أو درجة محبتهم له

وهذا الأمر غيبي لا يعلمه أحد إلا الله عز وجل ، فادعاء أصحاب الموقع أنهم يستطيعون معرفة ذلك : كذبٌ في نفسه ، وتصديق ذلك من قبَل المشارك ومشاركته فيه : يدخل في إثم إتيان الكهان وسؤالهم وتصديقهم

وهو إثم عظيم يصل بصاحبه إلى الكفر ، فالعرَّافون والكهنة كذبة فجرة ، ومع ذلك فقد نُهي المسلم عن إتيانهم وسؤالهم حتى لو لمجرد السؤال ، ورتَّب على ذلك وعيداً ، وإذا جاءهم وصدَّقهم : فالوعيد أعظم .

أما الوعيد الأول : فهو عدم قبول أجر صلاة أربعين يوماً .

عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .

رواه مسلم ( 2230 ) .

وأما الوعيد الثاني : فهو الكفر .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) .

رواه الترمذي ( 135 ) وأبو داود ( 3904 ) وابن ماجه ( 639 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

ومن ادعى علم الغيب : فهو كافر ، ومن صدَّق مَن يدَّعي علمَ الغيب : فإنه كافر أيضاً ؛ لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) - النمل/من الآية 65 -

فلا يعلم غيبَ السماوات والأرض إلا الله وحده ، وهؤلاء الذين يدَّعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل : كل هذا من الكهانة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن مَن أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً )

فإنْ صدَّقه : فإنَّه يكون كافراً ؛ لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب : فقد كذَّب قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) .

"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (1/292) .

ثانياً:

ولو لم تكن تلك المزحة السخيفة تتعلق بادعاء علم الغيب : فإنها محرَّمة أيضاً ؛ لأن فيها كذباً ، وقد حثنا شرعنا الحنيف على الصدق في شأننا كله ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة/ 119

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا ) رواه البخاري ( 5743 ) ومسلم ( 2607 ) .

والمزاح في الإسلام مباح ، والكذب فيه محرَّم ، وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يمزح ، ولا يقول في مزحه إلا حقّاً .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا ، قَالَ : ( إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا ) .

رواه الترمذي ( 990 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ولذا : فإنه يحرم الكذب في المزاح .

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَه ) .

رواه أبو داود ( 4800 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود "

ويحرم الكذب من أجل إضحاك الناس .

قالُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَه ) .

رواه الترمذي ( 2315 ) وأبو داود ( 4990 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - عقب هذا الحديث - :

وقد قال ابن مسعود : " إن الكذب لا يصلح في جَدٍّ ، ولا هزل " ... .

وأما إن كان في ذلك ما فيه عدوان على المسلمين ، وضرر في الدين : فهو أشد تحريماً من ذلك ، وعلى كل حال : ففاعل ذلك – أي : مضحك القوم بالكذب - مستحق للعقوبة الشرعية التي تردعه عن ذلك .

" مجموع الفتاوى " ( 32 / 256 ) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :

ما حكم النكت في ديننا الإسلامي ، وهل هي من لهو الحديث ، علماً بأنها ليست استهزاء بالدين ، أفتونا مأجورين ؟
.
فأجاب :

" التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق : فلا بأس به ، ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقّاً صلى الله عليه وسلم

أما ما كان بالكذب : فلا يجوز ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسنادٍ جيِّدٍ " انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 391 ) .

ويحرم المزاح إن كان يؤدي إلى ترويع المسلم .

عنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لاعِبًا أَوْ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ ، فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ ) .

رواه الترمذي ( 2086 ) وأبو داود ( 5003 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ

فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ ، فَأَخَذَهَا ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟ ، فَقَالُوا : لا ، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ) .

رواه أحمد ( 23064 ) – واللفظ له - وأبو داود ( 4351 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وينظر جواب السؤال القادم ففيه بيان شروط المزاح الشرعي بالتفصيل .

ويتبين لك أخي السائل المحاذير التي وقع فيها أولئك القوم جميعاً :

1. ادعاء علم الغيب من أصحاب الرسالة المرسَلة .

2. والكذب الحاصل منهم .

3. ترويع المرسَل له .

4. تصديق المرسِل لوجود من يدَّعي علم الغيب .

5. مشاركته في إرسال اسمه وأسماء غيره .

فالواجب على الجميع : التوبة النصوح ، والكف عن هذه الأفعال السخيفة ، والالتفات لأنفسهم ومعرفة جوانب التقصير عندهم ليكملوها

والاشتغال بالطاعات ، ولا حرج في المزاح – كما سبق – على أن يكون وفق الضوابط الشرعية ، لا وفق الأهواء .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 13:02
شروط المزاح الشرعي

السؤال

ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.

الجواب

الحمد لله

للمزاح الشرعي شروط وهي : 1- لا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :

فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66

قال ابن تيمية رحمه الله :

( الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه )

وكذلك الاستهزاء ببعض السنن ، ومما انتشر كالاستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .

قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في المجموع الثمين 1/63

: فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يبعث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر ، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه

وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية من الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق .

2- لا يكون المزاح إلا صدقاً :

قال صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يُحدث فيكذب ليُضحك به القوم ويل له ) رواه أبو داود .

وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا ) رواه أحمد

3- عدم الترويع :

خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد أو يستغلون الظلام وضعف الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف

عن أبي ليلى قال : ( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع

فقال رسول الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) رواه أبو داود .

4- الاستهزاء والغمز واللمز :

الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم وبعض ضعاف النفوس – أهل الاستهزاء والغمز واللمز – قد يجدون شخصاً يكون لهم سُلماً للإضحاك والتندر – والعياذ بالله –

وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان )

الحجرات/11 ، قال ابن كثير في تفسيره : ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ، ويعد من صفات المنافقين )

والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويُخشى على المستهزئ أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) رواه الترمذي .

وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء ، لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره

التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .

5-أن لا يكون المزاح كثيراً :

فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس .

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " اتقوا المزاح ، فإنه حمقة تورث الضغينة "

قال الإمام النووي رحمه الله : " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى : ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء

ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

7- معرفة مقدار الناس :

فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار ، فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يُعرف .

وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز : ( اتقوا المزاح ، فإنه يذهب المروءة ) .

وقال سعد بن أبي وقاص : " اقتصر في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء ، ويجرّئ عليك السفهاء "

7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :

قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) صحيح الجامع 7312

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استُخف به ، ومن أكثر من شيء عُرف به ) .

فإياك إياك المزاح فإنه
يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا

ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه
ويورثه من بعد عزته ذلاً

8- ألا يكون فيه غيبة

وهذا مرض خبيث ، ويزين لدى البعض أنه يحكي ويقال بطريقة المزاح ، وإلا فإنه داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .

9- اختيار الأوقات المناسبة للمزاح :

كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر ، أو عند ملاقاة صديق ، تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه

أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها .
أيها المسلم :

قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة أي مستنكر ! فأجابه قائلاً : " بل هو سنة ، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "

والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها

فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار ، وتمتلئ الصحف بالهزل واللعب .

قال صلى الله عليه وسلم : ( لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة )

وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات

ممن يتأسون بالأخيار والصالحين ، قال بلال بن سعد : ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً )

وسُئل ابن عمر رضي الله عنهما : " هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون "

قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال .

فعليك بأمثال هؤلاء فرسان النهار ، رهبان الليل .

جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر ، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

منشورة لعبد الملك القاسم .

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 13:08
: يجبرها زوجها على نقل كل ما تسمعه من أهلها والناس له !

السؤال

زوجي يجبرني على أن أخبره بكل ما تحدثتُ به مع أمي ، وإخوتي ، أو أي إنسان آخر ؛ بحجة أن أمي –

مثلاً - تقول كلاماً ممكن أن يؤدي إلى خراب البيت ، وإذا لم أقل له تحصل مشكلات بيني وبينه ، فهل أستجيب له ؟

الجواب

الحمد لله

1. الواجب على هذا الزوج – إن صح ما تقوله زوجته عنه – أن يتقي ربه تعالى في طلبه ذلك من زوجته ، وأن يعلم أنه آثم بفعله هذا ، وأنه لا يحل لزوجته أن تطيعه في طلبه هذا .

2. ونوصي هذا الزوج أن يشتغل بنفسه عن الناس ، وينظر لعيوبه فيصلحها ، ولتقصيره فيجد ويجتهد في بلوغ كمال نفسه الأمارة بالسوء ، فهو خير له وأولى من الاشتغال بالناس ماذا قالوا

وماذا فعلوا

قال ابن القيم رحمه الله :

" أخسر الناس صفقة : مَن اشتغل عن الله بنفسه ، بل أخسر منه : مَن اشتغل عن نفسه بالناس " .

"الفوائد" ( ص 58 ) .

3. ولا ينبغي له إساءة الظن بالناس ، واعتقاد الكمال في نفس ، وليس كل ما يقوله الناس يهمه ويتعلق به ، وإنما هي الشهوة في سماع قصص الناس وأحوالهم ، والتفكه بأعراضهم .

4. وكان المرجو من ذلك الزوج ألا يقبل من زوجته إن نقلت هي ما يقوله أهلها ويقوله الناس لها ، حتى لو كان الكلام فيه ، لأنها بذلك تكون نمَّامة ، وقد قال بعض السلف : "

يُفسد النمَّام والكذَّاب في ساعة ما لا يُفسد الساحر في سنَة " ، فكيف له أن يقبل لنفسه أن يكون هو الموصي لها بذلك ، بل الآمر ، بل والمتوعد بالعقوبة إن لم تفعل !؟ .

قال النووي – نقلا عن أبي حامد الغزالي رحمهما الله :

" وكل من حُملت إليه نميمة ، وقيل له : فلان يقول فيك ، أو يفعل فيك كذا : فعليه ستة أمور:

الأول : أن لا يصدِّق ؛ لأن النمام فاسق .

الثاني : أن ينهاه عن ذلك ، وينصحه ، ويقبح له فعله .

الثالث : أن يبغضه في الله تعالى ؛ فإنه بغيض عند الله تعالى ، ويجب بغض مَن أبغضه الله تعالى .

الرابع : أن لا يظن بأخيه الغائب السوء .

الخامس : أن لا يحمله ما حكي له على التجسس ، والبحث عن ذلك .

السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه ، فلا يحكي نميمته عنه ، فيقول : فلان حكى كذا ، فيصير به نمَّاماً، ويكون آتياً ما نهى عنه " انتهى .

" الأذكار " ( 275 ) .

5. ما يريده الزوج من زوجته هو من " النميمة " ، وهي من كبائر الذنوب ، ومما لا شك فيه أن هذا النقل سيسبب مفسدة وقطيعة وبغضاً وعداوة

ولا شك أن أهل الزوجة يكرهون نقل كلامهم ، وليعلم أن النميمة ليست فقط نقل الكلام من أجل الإفساد ، بل قد تكون للاستمتاع .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

" مما ينبغي اجتنابه ، والابتعاد عنه ، والتحذير منه : " النميمة " ، التي هي نقل الكلام من شخص إلى آخر ، أو من جماعة إلى جماعة ، أو من قبيلة إلى قبيلة ، لقصد الإفساد

والوقيعة بينهم ، وهي كشف ما يُكره كشفه ، سواء أكره المنقول عنه ، أو المنقول إليه ، أو كره ثالث ، وسواء أكان ذلك الكشف بالقول ، أو الكتابة ، أو الرمز ، أو بالإيماء , وسواء أكان المنقول من الأقوال

أو الأعمال , وسواء كان ذلك عيباً ، أو نقصا في المنقول عنه ، أو لم يكن ، فيجب أن يسكت الإنسان عن كل ما يراه من أحوال الناس ، إلا ما في حكايته منفعة لمسلم أو دفع لشر .

والباعث على النميمة : إما إرادة السوء للمحكي عنه ، أو إظهار الحب للمحكي عليه ، أو الاستمتاع بالحديث والخوض في الفضول والباطل ، وكل هذا حرام .
...
وأدلة تحريم النميمة كثيرة من الكتاب والسنة ، منها : قوله تعالى : ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) القلم/ 10 ، 11 ، وقوله تعالى : ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) الهمزة/ 1

وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة نمَّام ) متفق عليه

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم ما العَضْهُ ؟ هي النميمة ، القالة بين الناس ) رواه مسلم .

والنميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر ؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال : ( إنهما يعذبان ، وما يعذبان في كبير )

ثم قال : ( بلى ، كان أحدهما لا يستتر من بوله ، وكان الآخر يمشي بالنميمة ) متفق عليه .

وإنما حرمت الغيبة والنميمة لما فيهما من السعي بالإفساد بين الناس ، وإيجاد الشقاق ، والفوضى ، وإيقاد نار العداوة ، والغل ، والحسد ، والنفاق ، وإزالة كل مودة ، وإماتة كل محبة ، بالتفريق ، والخصام ، والتنافر بين الإخوة

المتصافين ، ولما فيهما أيضا من الكذب ، والغدر ، والخيانة ، والخديعة ، وكيْل التهم جزافاً للأبرياء ، وإرخاء العنان للسب والشتائم وذكر القبائح ، ولأنهما من عناوين الجبن والدناءة والضعف

هذا إضافة إلى أن أصحابهما يتحملون ذنوباً كثيرة ، تجر إلى غضب الله وسخطه وأليم عقابه " .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 237 – 239 ) باختصار .

و" العَضَّة " قيل : هو السحر بلسان قريش . وقيل : هو الكذب والبهتان .

وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :

زوجي ينقل كلامي لأهله ، ثم يأتي إليَّ بكلامهم ، فيترتب على ذلك مشاكل كثيرة ، ولقد طلبت منه كثيراً ترك ذلك لكنه لم يمتثل ، فكيف أصنع ؟ .

فأجاب :

" هذا الفعل يسمَّى نميمة ، وهي نقل الكلام على وجه التحريش والإفساد ... وأما الوعيد : فقد قال تعالى ( همَّاز مشَّاء بنميم ) القلم/ 11 ، هذا في وصف بعض أهل النار

وقال تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة ) الهمزة/ 1 ، وهو النمَّام ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة نمَّام ) ، وفي الأثر : " إن النمام يفسد في الساعة ما لا يفسد الساحر في السنة "

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن النمام يعذب في قبره ) ، ولا شك أن التحريم يكون أشد إذا كان بين الرجل وزوجته وأقاربه ، فعليه الخوف من الله تعالى والمراقبة له

والبعد عن الأسباب التي توقعه في العذاب العاجل والآجل ، وعليه أن يجتنب الكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والبهتان ، والتحريش بين الناس

وأن يعدل إلى الصدق ، وصيانة الأعراض ، والخوف من الله ، ومراقبته ، فهو شديد العقاب " انتهى .

" الحلول الشرعية للخلافات والمشكلات الزوجية والأسرية " للشيخ عبد الله بن جبرين ( فتوى رقم 42 ) .

فعلى الزوج أن يتراجع عن طلبه هذا من زوجته ، فإن أصرَّ فلا يحل للزوجة الاستجابة لطلبه ، ففي الموافقة على نقل الكلام استمرار للمعصية والسماع لها ، وفي الامتناع كف عنها وقطع لوجودها .

وإذا خشيت الزوجة من حصول مشكلات بينها وبين زوجها ، فلا حرج عليها إن أصرّ زوجها على أن تنقل له كلام أهلها ، أن تقول له : إنهم يثنون عليك ويذكرونك بخير

ونحو ذلك من الكلمات التي تنشر المحبة والألفة وتطفئ نار الفتنة والخلافات بين زوجها وأهلها .

ونسأل الله تعالى أن يُصلح لك زوجك ويجمع بينكما في خير .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-12, 13:14
حكم ظهار المرأة من زوجها وهل عليها الكفارة ؟

السؤال

زوجي كثير الاستهزاء والسخرية بي وصبرت عليه كثيراً ، وذات يوم شتمني بشتى ألوان الشتائم فأثار بكائي وغضبي فقلت له بالحرف الواحد : أنت عليّ مثل أخي ، عليّ مثل ظهر أخي .

فهل يعتبر هذا ظهاراً وما هي الكفارة الواجبة عليّ ؟.

الجواب

الحمد لله

لا يحل لمسلمٍ أن يسخر من أخيه

قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } الحجرات / 11 .

والواجب على الزوج أن يحسن معاشرة أهله ، قال الله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء / 19 ، وقال النبي صلى الله عليه : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي ( 3895 )

والنصيحة لك بقاؤك على الصبر على أذى زوجك ، والدعاء له بالخير والهدى ، واستمرار الوعظ والتذكير له بواجباته .

وأما قولكِ لزوجكِ " أنتَ حرام عليَّ مثل أخي ... " فليس بظهار ، بل هو يمين مكفَّرة ، لأن الظهار يكون من الرجل لأمرته وليس العكس قال الله تعالى : ( الذي يظاهرون منكم من نسائهم ) المجادلة / 2 .

سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين :

إن زوجتي تقول لي دائماً " أنت زوجي ، وأنت أخي ، وأنت أبي ، وكل شيء لي في الدنيا " هل هذا الكلام يحرمني عليها أم لا ؟

فأجاب :

هذا الكلام منها لا يحرمها عليك ؛ لأن معنى قولها " أنت أبي وأخي " وما أشبه ذلك : معناها : أنت عندي في الكرامة والرعاية بمنزلة أبي وأخي ، وليست تريد أن تجعلك في التحريم بمنزلة أبيها وأخيها .

على أنها لو فُرض أنها أرادت ذلك : فإنكَ لا تحرم عليها ؛ لأن الظهار لا يكون من النساء لأزواجهن ، وإنما يكون من الرجال لأزواجهم ، ولهذا إذا ظاهرت المرأة من زوجها بأن قالت له " أنتَ عليَّ كظهر أبي

أو كظهر أخي " أو ما أشبه ذلك : فإن ذلك لا يكون ظهاراً ، ولكن حكمه حكم اليمين ، بمعنى أنها لا يحل لها أن تمكنه من نفسها إلا بكفارة اليمين

فإن شاءت دفعت الكفارة قبل أن يستمتع بها ، وإن شاءت دفعتها بعد ذلك .

وكفارة اليمين : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة ، فإن لم يجد : فصيام ثلاثة أيام .

" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 803 ) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-14, 16:20
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


عبارة ( الباقي على الله ) لا تصح

السؤال

ما مدى صحة عبارة بذلت ( قصارى جهدي والباقي على الله ) ؟.

الجواب

الحمد لله

هذا القول لا يصلح لأنه يعني أن الفاعل اعتمد على نفسه أولاً .

لكن القول : ( بذلت جهدي واسأل الله المعونة ) هذا الصواب

وهذه العبارة : ( بذلت جهدي والباقي على الله ) ربما يريد بها الإنسان هذا المعنى الذي ذكرت أي ما استطعته فعلته وما لا أستطيعه فعلى الله

ولكن أصل العبارة غلط ، بل يقول : ( بذلت جهدي واسأل الله المعونة )

فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في مجلة الحسبة العدد 50 ص 17 .

*عبدالرحمن*
2018-10-14, 16:24
الكلام الذي ينبغي الإمساك عنه

السؤال

أعرف أن هناك كلاماً نمسك عن الخوض فيه كحديث النبي صلى الله عليه وسلم فما هي أنواع الحديث التي نمسك عنها ؟.

الجواب

الحمد لله

ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه ، فلا يتكلم إلا بخير .

روى البخاري (6018) ومسلم (47) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ . . . الحديث .

قال النووي رحمه الله :

مَعْنَاهُ : أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَإِنْ كَانَ مَا يَتَكَلَّم بِهِ خَيْرًا مُحَقَّقًا يُثَاب عَلَيْهِ , وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَلْيَتَكَلَّمْ

. وَإِنْ لَمْ يَظْهَر لَهُ أَنَّهُ خَيْر يُثَاب عَلَيْهِ , فَلْيُمْسِك عَنْ الْكَلَام سَوَاء ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ حَرَام أَوْ مَكْرُوه أَوْ مُبَاح مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. فَعَلَى هَذَا يَكُون الْكَلَام الْمُبَاح مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ مَنْدُوبًا إِلَى الإِمْسَاك عَنْهُ مَخَافَةً مِنْ اِنْجِرَاره إِلَى الْمُحَرَّم أَوْ الْمَكْرُوه .

وَهَذَا يَقَع فِي الْعَادَة كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا .

وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) . . . وَقَدْ أَخَذَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعْنَى الْحَدِيث فَقَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَلْيُفَكِّرْ ;

فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لا ضَرَر عَلَيْهِ تَكَلَّمَ , إِنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر , أَوْ شَكَّ فِيهِ أَمْسَكَ اهـ .

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ اللسان في أكثر من حديث ، منها ما رواه الترمذي (2406) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ

وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ . صححه الألباني في صحيح الترغيب (3331) .

وروى الترمذي (2616) قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بعد ما علمه بعض شرائع الإسلام :

أَلا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ . فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وقَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا . فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ !

فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟

صححه الألباني في صحيح الترمذي (2110) .

وجاء في الحديث الأمر بالإمساك عن الخوض في أشياء معينة ؛ لأن ذلك مما لا يفيد الإنسان شيئاً بل يضره ضرراً عظيماً في دينه ودنياه .

عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ) . رواه الطبراني في "الكبير" (2 / 96) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 34 ) .

وهذا الحديث دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بسوء وأنه يجب عليه أن يسكت عما وقع بينهم من خلاف ؛ لأن ذكرهم بسوء وجرحهم يتضمن تكذيب الله تعالى في القرءان

الذي زكاهم وأثنى عليهم بقوله: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) التوبة/ 100.

وقال سبحانه : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركَّعا سجَّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) الفتح/ 29.

فهذا وصف الله لهم في كتابه فلله درهم ما أعدلهم وما أحسنهم وأعظمهم فلا يبغضهم إلا منافق ولا يحبهم إلا مؤمن .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

ومن أصول أهل السنة والجماعة : سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله كما وصفهم الله بذلك في قوله : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا

غِلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) الحشر / 10

وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه " – متفق عليه - .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 152 ) .

وقال أبو زرعة رحمه الله :

إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من الصحابة فاعلم أنَّه زنديق

وذلك لأن القرءان حق ، والرسول حق ، وما جاء به حق ، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق .

" الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة " ( 2 / 608 ) .

وأما الشق الثاني من الحديث وهو : الإمساك عن الكلام في النجوم ، فالمقصود به والله أعلم هو : الاهتداء بها على أشياء مغيبات كما كان يفعله أهل الجاهلية الكهنة

عن طريق التنجيم وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية كأوقات هبوب الريح أو مجيء المطر وتغير الأسعار وغير ذلك من الأمور التي يزعمون أنها تدرك معرفتها بسير الكواكب

في مجاريها واجتماعها وافتراقها ويقولون من تزوج بنجم كذا وكذا حصل له كذا وكذا ومن سافر بنجم كذا حصل له كذا ومن ولد نجم كذا وكذا حصل له كذا من السعود والنحوس .

وانظر " كتاب التوحيد " للشيخ صالح الفوزان ، باب ادعاء علم الغيب في قراءة الكف والفنجان وغيرهما .

وانظر " فتاوى العقيدة " ( 2 / 185-186-187-190) للشيخ ابن عثيمين حفظه الله فله كلام نفيس جدّاً .

وأما الشق الثالث : وهو الإمساك عن الكلام في القدر فقد قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى :

وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه ، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان ، وسلم الحرمان

ودرجة الطغيان ، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسةً ، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ، ونهاهم عن مرامه

كما قال تعالى في كتابه : ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) الأنبياء/23 . فمن سأل لِمَ فعل ؟ فقد رد حكم الكتاب ، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين .

شرح العقيدة الطحاوية ص 276 .

فعلى العبد المسلم أن يسلم لله في كل أموره ، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. والكلام في هذا الباب طويل ، ورحم الله امرءاً آمن بقضاء الله وقدره من غير خوض ولا فلسفة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-14, 16:26
حكم لعن الأبناء والزوجة ، وهل يعد لعنها طلاقاً ؟

السؤال

ما حكم من يلعن زوجته أو بعض أبنائه ؟

وهل يعد لعن المرأة طلاقاً أم لا ؟.

الجواب

الحمد لله

لعن المرأة لا يجوز وليس بطلاقاً لها ، بل هي باقية في عصمته وعليه التوبة إلى الله من ذلك واستسماحه لها من سبه إياها . وهكذا لا يجوز لعنه لأبنائه ولا غيرهم من المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) متفق على صحته ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لعن المؤمن كقتله ) خرجه البخاري في صحيحه .

وهذان الحديثان الصحيحان يدلان على أن لعن المسلم لأخيه من كبائر الذنوب فالواجب الحذر من ذلك ، وحفظ اللسان من هذه الجريمة الشنيعة .

ولا تطلق المرأة بلعنها بل هي باقية في عصمة زوجها كما تقدم .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص 398.

*عبدالرحمن*
2018-10-14, 16:28
حكم من يسب الحياة

السؤال :

هل يجوز لإنسان أن يشتم الحياة إذا غضب أو ضاق منها نرجو منكم التوجيه في ذلك ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا يحل للإنسان إذا ضاق من الحياة أن يشتم الحياة لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه

قال تعالى : ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي أقلب الليل والنهار )

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) أي هو المصرف للدهر وعلى الإنسان إذا ابتلي ببلية أن يصبر ويحتسب فإن الله أمر بالصبر .

وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( تلك من أنباء الغيب نُوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ) هود /49

وليعلم الإنسان أنه ما من مصيبة إلا في الدنيا أعظم منها فإذا علم ذلك هانت عليه مصيبته .

من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1757 ص 45.

*عبدالرحمن*
2018-10-14, 16:30
هل يأثم من سب أخاه المسلم

السؤال

ماذا يجب على من يقول للمسلم : يا كلب ، أو يا خنزير ، ونحوه من الألفاظ القبيحة هل يأثم ؟.

الجواب

الحمد لله

يأثم ويعزر ، وعليه التوبة .

والله أعلم .

فتاوى الإمام النووي ص 224

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-16, 16:19
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

غضب فسب دين وسماء القلم والورقة

السؤال :

رجل يكتب على ورقة ، وفي أثناء الكتابة أخطأ في بعض الكلمات فانزعج كثيراً ومن شدة غضبه سب دين وسماء القلم والورقة ، فهل يعتبر سب دين القلم أو الورقة أو الحجر أو الشجر أو الكرسي أو الكأس أو ... الخ

من هذه الأشياء هل يعتبر كفراً ؟.

الجواب :

الجمد لله

لا شك أن هذا السب حرام ، ولو قيل أن القلم والورقة لا يدينان بالدين الذي هو العبادات

لكن معلوم أن الدين واحد ، وأن الله تعالى هو الذي سخر هذه الأقلام والأدوات ، ويسر استعمالها ، فيخاف أن السب يرجع إلى الله تعالى ، فعليه التوبة والاستغفار ، وعدم العودة إلى مثل هذا .

من كتاب اللؤلؤ المكين في فتاوى ابن جبرين ص 34

*عبدالرحمن*
2018-10-16, 16:22
حكم وصف الممرضات بملائكة الرحمة

السؤال :

نقرأ ونسمع كثيراً من عامة الناس وكتابهم وشعرائهم من يصف في كتابه أو شعره الممرضات بأنهن ملائكة الرحمة ؟

هل يجوز ذلك ؟.

الجواب :

الحمد لله

هذا الوصف لا يجوز إطلاقه على الممرضات

لأن الملائكة ذكور وليسوا إناثاً

وقد أنكر الله سبحانه على المشركين وصفهم الملائكة بالأنوثية

ولأن ملائكة الرحمة لهم وصف خاص لا ينطبق على الممرضات ولأن الممرضات فيهن الطيب والخبيث ,

فلا يجوز إطلاق هذا الوصف عليهن .

والله الموفق .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 423.

*عبدالرحمن*
2018-10-16, 16:24
كذبة إبريل

السؤال

يشتهر بين بعض الناس في الخارج - الدول الكافرة - كذبة إبريل في أول يوم من شهر إبريل الميلادي ويقلدهم بعض المسلمين في ذلك حيث يرون جواز الكذب في هذا اليوم .. كيف ترون هذا الاعتقاد وهذا التقليد ؟.

الجواب

الحمد لله

الكذب لا يجوز مطلقاً في كل الأوقات ، ولا يجوز تقليد الكفار والتشبه بهم في هذا وغيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .

من فتاوى الشيخ صالح الفوزان لمجلة الشقائق العدد 32 لشهر صفر.

*عبدالرحمن*
2018-10-16, 16:28
تغضب بسرعة وتسبّ وتدعو على من أغضبها

السؤال :

أغضب بسرعة وأستمر في الغضب حتى أبدأ بسب الشخص الذي أغضبني في نفسي . عندما أهدأ أستغفر الله وأعزم على عدم العودة لهذا

أعلم بأن السب حرام وأنا أكره ما أفعل وأتمنى أن أتمالك نفسي وأريد أن أعرف كيف يتوب المرء من السب في حالة الغضب . الشخص لم يسمعني ولكنني أشعر بالأسف لهذا

فهل يجب أن أخبره بأنني سببته في نفسي ؟

هل يمكن أن أحتفظ بهذا لنفسي حتى لا أخلق عداء بيني وبينه ؟

هل يمكن أن أتصدق لأكفر عن ذنبي ؟

ماذا أفعل لأنهي هذه المشكلة ؟

أريد التوقف عن هذا وقد دعوت كثيراً ولا زلت أدعو ولكنني الآن أريد أن أتوب عن المرات السابقة التي سببت فيها أحد حين الغضب .

هل يقبل الله دعائي عليهم حين الغضب ؟

أشعر بحزن شديد بسبب هذا الموضوع وأشعر بالألم حين أقف للصلاة ، أريد حقيقة أن أتوب وأشعر بالرضى عن توبتي . جزاك الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

عليك - أيتها الأخت المسلمة - أن تكظمي غيظك وغضبك لقوله تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) ، وقال عز وجل ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش

وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) الشورى :37 ذلك أن الإنسان إذا لم يكظم غضبه سبّ ولعن وشتم وضرب فيكون الغضب بابا لكل الشرور لذا كان النبي كثيرا ما يوصي بعدم الغضب

فقد روى البخاري في الصحيح 6116 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال : لا تغضب فرددّ مراراً قال : لا تغضب

لذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم من يمتلك نفسه عند الغضب من أشد الناس روى البخاري في الصحيح 6114 ، ومسلم 4723 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس الشديد بالصرعة

إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .

وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري ( 10/520) كلاما مهما في شرح حديث لا تغضب ، فقال : فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه الثَّقَفِيّ "

قُلْت يَا رَسُول اللَّه قُلْ لِي قَولاً أَنْتَفِع بِهِ وَأَقْلِلْ , قَالَ : لا تَغْضَب , وَلَك الْجَنَّة " وَفِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه دُلَّنِي عَلَى عَمَل يُدْخِلنِي الْجَنَّة , قَالَ : لا تَغْضَب " ..

قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْله " لا تَغْضَب " اِجْتَنِبْ أَسْبَاب الْغَضَب وَلا تَتَعَرَّض لِمَا يَجْلِبهُ . وَأَمَّا نَفْس الْغَضَب فَلا يَتَأَتَّى النَّهْي عَنْهُ لأَنَّهُ أَمْر طَبِيعِيّ لا يَزُول مِنْ الْجِبِلَّة , وَقَالَ غَيْره :

مَا كَانَ مِنْ قَبِيل مَا يُكْتَسَب بِالرِّيَاضَةِ فَهُوَ الْمُرَاد .. وَقِيلَ : مَعْنَاهُ لا تَفْعَل مَا يَأْمُرك بِهِ الْغَضَب . وَقَالَ اِبْن بَطَّال : فِي الْحَدِيث .. أَنَّ مُجَاهَدَة النَّفْس أَشَدُّ مِنْ مُجَاهَدَة الْعَدُوّ

; لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الَّذِي يَمْلِك نَفْسه عِنْدَ الْغَضَب أَعْظَم النَّاس قُوَّة . وَقَالَ غَيْره : لَعَلَّ السَّائِل كَانَ غَضُوبًا , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر كُلّ أَحَد بِمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ ,

فَلِهَذَا اِقْتَصَرَ فِي وَصِيَّته لَهُ عَلَى تَرْك الْغَضَب . وَقَالَ اِبْن التِّين : جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله " لا تَغْضَب " خَيْر الدُّنْيَا وَالآخِرَة لأَنَّ الْغَضَب يَئُولُ إِلَى التَّقَاطُع وَمَنْع الرِّفْق ,

وَرُبَّمَا آلَ إِلَى أَنْ يُؤْذِي الْمَغْضُوب عَلَيْهِ فَيُنْتَقَص ذَلِكَ مِنْ الدِّين . ..

وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : خَلَقَ اللَّه الْغَضَب مِنْ النَّار وَجَعَلَهُ غَرِيزَة فِي الإِنْسَان , فَمَهْمَا قَصَدَ أَوْ نُوزِعَ فِي غَرَض مَا اِشْتَعَلَتْ نَار الْغَضَب وَثَارَتْ حَتَّى يَحْمَرّ الْوَجْه وَالْعَيْنَانِ مِنْ الدَّم ; لأَنَّ الْبَشَرَة تَحْكِي لَوْن مَا وَرَاءهَا ..

وَيَتَرَتَّب عَلَى الْغَضَب تَغَيُّر الظَّاهِر وَالْبَاطِن كَتَغَيُّرِ اللَّوْن وَالرِّعْدَة فِي الْأَطْرَاف وَخُرُوج الأَفْعَال عَنْ غَيْر تَرْتِيب وَاسْتِحَالَة الْخِلْقَة حَتَّى لَوْ رَأَى الْغَضْبَان نَفْسه فِي حَال

غَضَبه لَكَانَ غَضَبه حَيَاء مِنْ قُبْح صُورَته وَاسْتِحَالَة خِلْقَته , هَذَا كُلّه فِي الظَّاهِر , وَأَمَّا الْبَاطِن فَقُبْحه أَشَدُّ مِنْ الظَّاهِر ; لأَنَّهُ يُوَلِّد الْحِقْد فِي الْقَلْب وَالْحَسَد وَإِضْمَار السُّوء عَلَى اِخْتِلَاف أَنْوَاعه ,

بَلْ أَوْلَى شَيْء يَقْبُح مِنْهُ بَاطِنه , وَتَغَيُّر ظَاهِره ثَمَرَة تَغَيُّر بَاطِنه , وَهَذَا كُلّه أَثَره فِي الْجَسَد , وَأَمَّا أَثَره فِي اللِّسَان فَانْطِلَاقه بِالشَّتْمِ وَالْفُحْش الَّذِي يَسْتَحْيِي مِنْهُ الْعَاقِل وَيَنْدَم قَائِله

عِنْدَ سُكُون الْغَضَب وَيَظْهَر أَثَر الْغَضَب أَيْضًا فِي الْفِعْل بِالضَّرْبِ أَوْ الْقَتْل , وَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بِهَرَبِ الْمَغْضُوب عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَى نَفْسه فَيُمَزِّق ثَوْبه وَيَلْطِم خَدَّهُ , وَرُبَّمَا سَقَطَ صَرِيعًا , وَرُبَّمَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ ,

وَرُبَّمَا كَسَرَ الآنِيَة وَضَرَبَ مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ جَرِيمَة . وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْمَفَاسِد عَرَفَ مِقْدَار مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَة اللَّطِيفَة مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تَغْضَب "

مِنْ الْحِكْمَة وَاسْتِجْلَاب الْمَصْلَحَة فِي دَرْء الْمَفْسَدَة مِمَّا يَتَعَذَّر إِحْصَاؤُهُ وَالْوُقُوف عَلَى نِهَايَته , وَهَذَا كُلّه فِي الْغَضَب الدُّنْيَوِيّ لا الْغَضَب الدِّينِيّ ..

( فإنّ الغضب لله محمود ومطلوب كالغضب عند رؤية منكر ) , وَيُعِين عَلَى تَرْك الْغَضَب اِسْتِحْضَار مَا جَاءَ فِي كَظْم الْغَيْظ مِنْ الْفَضْل , وَمَا جَاءَ فِي عَاقِبَة ثَمَرَة الْغَضَب مِنْ الْوَعِيد , وَأَنْ يَسْتَعِيذ مِنْ الشَّيْطَان .. , وَأَنْ يَتَوَضَّأ .. وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وتذكّري أيتها الأخت المسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابا ولا لعانا فقد جاء في صحيح البخاري 6031

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ما له ترب جبينه .

وعليك أن تتوبي إلى الله عز وجل مما حصل منك من السبّ والاعتداء ، ولا حاجة لإخبار من سببتيه درءاً للمفاسد ويمكن طلب السماح منه بشكل عام

وأما الناس الذين دعوتِ عليهم بالشرِّ فادعِ لهم بالخير وخصوصا إذا كنت قد ظلمتيهم بدعائكِ عليهم وهم لا يستحقّون ذلك وسلي الله اللطف بكِ فإنّ الإنسان قد ترجع عليه الدّعوة إذا دعا بها على شخص لا يستحقّها

وعليك بإشغال لسانك بالدعاء والذكر إذ أن في ذلك طمأنينة للقلوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وصرْفا عن استعمال اللسان في أذية الخلق ، وصلى اللهم على محمد وصحبه وسلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-10-16, 16:31
و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء

مع سلسلة جديدة

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-12-24, 16:55
شكرا لكم وجزيتم خيرا


الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

الشكر موصول لحضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ

وجزاكِ الله عنا كل خير

winernet123
2019-01-09, 15:18
بوركت و وفقت

engdev
2019-01-11, 09:02
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2019-02-24, 02:16
بوركت و وفقت

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني لحضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك

وجزاك الله عنا كل خير

Ali Harmal
2019-02-24, 18:45
سبحان الله
كلمات صادقة خرجت من قلب صادق محب لاخية عبد الرحمن
فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا على ما فاح به قلمك
أسأل الله أن يحبب خير خلقه فيك، ومن حوض نبيه يسقيك
وفي جنته يأويك وبرحمته يحتويك وبفضله يغنيك ولطاعته يهديك
اللهم آميين يارب العالمين .

elsafwatc
2019-02-25, 15:32
بارك الله فيك

omar hazem
2019-03-12, 17:34
جزاك الله خيرا

omar hazem
2019-03-16, 12:43
جزاك الله كل خير ...

omar hazem
2019-03-21, 09:19
شكرا لك وجزاك الله خيرا ..

gaga-75
2019-03-31, 10:19
بارك الله فيك
وجزاك الله عنا كل خير

omar hazem
2019-04-03, 15:40
موضوع أكثر من رائع كثير من هذه المناهي كنا نقولها من دون علم لكن الآن يمتنع الإنسان بعد معرفته الخطأ من الصواب

abdoucho90
2019-04-24, 14:57
مشكووووور اخي بارك الله فيك واجرك على الله اضفها في ميزانك

*عبدالرحمن*
2019-11-05, 15:33
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني لحضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك

وجزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2020-04-14, 05:07
سبحان الله
كلمات صادقة خرجت من قلب صادق محب لاخية عبد الرحمن
فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا على ما فاح به قلمك
أسأل الله أن يحبب خير خلقه فيك، ومن حوض نبيه يسقيك
وفي جنته يأويك وبرحمته يحتويك وبفضله يغنيك ولطاعته يهديك
اللهم آميين يارب العالمين .

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك

وجزاك الله عنا كل خير

Dhiaelhak
2020-04-30, 15:04
أسأل الله أن ينير قلبك كما أنرت قلوبنا شكرا جزيلا لك بارك الله فيك

dondon
2020-04-30, 17:04
بارك الله فيك

أبو ناصر عبادة
2020-05-17, 10:29
جزاك الله خيرا

ماليكاا
2020-05-18, 16:08
السلام عليكم و رحمة الله
بارك الله فيك الأخ الفاضل على الإفادة