المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة سد الذرائع


العضوالجزائري
2016-02-07, 18:40
.د.مصلح بن عبد الحي النجار
مبدأ الذرائع، واعتباره أصلاً من أصول الفقه إنما أخذ به مالك في المشهور، وقاربه في ذلك الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما .
وقد ادعى بعض الفقهاء أنه ليس في أصول أحد من الفقهاء سواهما، ولكن المالكيين يذكرون أن الفقهاء شاركوهم في كثير من مسالكه، وإن لم يسموها بذلك الاسم .
ولنبتدئ بسرد آراء الفقهاء في الذرائع، وهي على مذهبين :
أ- المذهب الأول : وهو المشهور عن الإمام مالك، وأحمد، حيث يعتبران مبدأ سد الذرائع أصلاً من أصول الفقه، ويكثران من العمل بمقتضاه .
يقول الشاطبي وهو يقرر أصل النظر في مآلات الأفعال: النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً كانت الأفعال موافقة أو مخالفة ...وهذا الأصل ينبني عليه قواعد منها: قاعدة الذرائع التي حكمها مالك في أكثر أبواب الفقه؛ لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة [1].
ويؤكد الإمام ابن القيم على أهمية قاعدة سد الذرائع؛ حيث يعتبرها أحد أرباع الدين؛ فيقول : وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف؛ فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان؛ أحدهما : مقصود لنفسه، والثاني : وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان؛ أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني : ما يكون وسيلة إلى المفسدة ؛ فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين [2].
ب - المذهب الثاني : وهو المشهور عن أبي حنيفة والشافعي؛ فقد منعا الأخذ بقاعدة سد الذرائع . ومن الجدير بالذكر أن كتب أصول مذهبهما لم تذكر شيئاً عن رأيهما في هذا الموضوع، وذلك أن الباحث في هذه القضية يجد أن كتب أصول الحنفية والشافعية لا تتعرض للبحث في هذا الأصل، وإنما الذي تعرض له بالبحث والتفصيل، والاحتجاج لاعتباره مدركاً لبناء الأحكام كتب أصول المالكية والحنابلة . يقول الباجي: ذهب مالك رحمه الله إلى المنع من الذرائع ....وقال أبو حنيفة والشافعي لا يجوز المنع من الذرائع [3].
ويؤيد ذلك ابن النجار حيث يقول : وتسد الذرائع وهي ما ظاهره مباح، ويتوصل به إلى محرم . ومعنى سدها : المنع من فعلها لتحريمه . وأباحه أبو حنيفة والشافعي [4].
ويستنكر ابنحزم الاجتهاد عن طريق الذرائع، لأن ذلك النوع باب من أبواب الرأي، وقد استنكر هو الرأي كله بشعبه .
ويشتد ابن حزم كعادته في القول والكتابة في نقد أصل [سد الذرائع]، حيث يقول في إحكامه : فكل من حكم بتهمة أو باحتياط لم يستيقن أمره أو بشيء خوف ذريعة إلى ما لم يكن بعد، فقد حكم بالظن، وإذا* حكم بالظن فقد حكم بالكذب والباطل ، وهذا لا يحل وهو حكم بالهوى وتجنب للحق، نعوذ بالله من كل مذهب أدى إلى هذا، مع أن هذا المذهب في ذاته متخاذل متفاسد متناقض، لأنه ليس أحد أولى بالتهمة من أحد، وإذا حرم شيئاً حلالاً خوف تذرع إلى حرام فليخص الرجال خوف أن يزنوا، وليقتل الناس خوف أن يكفروا، وليقطع الاعناب خوف أن يعمل منها الخمر. وبالجملة فهذا المذهب أفسد مذهب في الأرض؛ لأنه يؤدي إلى إبطال الحقائق كلها [5].
وبإمعان النظر في كلام ابن حزم السابق نجد مقدار تعصبه لمنهاجه وتشدده في رد كل باب من أبواب الاجتهاد بالرأي . وتغافل أن العبرة في إفضاء الأمر إلى تحريم هو غلبة الظن، وكونه يؤدي إلى ذلك غالباً، وفي القليل لا يؤدي، وعلى ذلك لا يصح أن يقال إنه بمقتضى هذا الفرض يجب أن يخصى الرجال لكيلا يزنوا، ويقتل الناس لكيلا يفسدوا، وتمنع غروس العنب حتى لا تتخذ خمراً إلى آخره، فإن ذلك لا يتأتى، ولا يقاس على سد الذرائع، إذ أنه ليس الغالب على الناس الزنى، وليس الغالب في العنب أن يتخذ للخمر، إلخ. ثم إنه فوق ما تقدم نهى الله سبحانه وتعالى عن المثلة، وحث على التناسل، وحمى النفوس من أن تقتل، والأموال من أن تنتهك، فلا يصح أن يقال تخصى الرجال وتقلع الأعناب ...إلخ، لأنها موضع نهي بالنص، فلا يصح أن يباح ما حرم لذاته، بدعوى أنه ذريعة لما حرم الله ، فإنها محرمات لذاتها ، فلا يصح أن تكون مباحة ، لإفضائها إلى محرم غيرها، فإن المحرم لذاته يرجح جانبه عما يفضي إليه فلا يعتدى على إنسان، لأنه يخشى أن يعتدى على غيره، ولا يصح إيقاع ظلم مؤكد لخشية وقوع ظلم متوقع[6].
إن العلماء الذين قرروا سد الذرائع، وإيجاب الذرائع نظروا إلى الأمور التي تقصد قصداً لارتكاب المحرم. كمن يتخذ البيع سبيلاً للربا، وكمن يتخذ الزواج المؤقت سبيلاً لتحليلها لمطلقها ثلاثاً، وكمن يهب أمواله في مرض الموت ليمنع ميراث الورثة من حقهم المشروع* الذي تصدى لبيانه كتاب الله تعالى، فمن قصد إلى هذه الأمور ليهدم ما قرره الشارع، ويخالف المقررات الشرعية، ويستبيح المحرمات* فقصده مردود عليه، ولذلك قالوا إن هذه الذرائع تكون حراماً، والتصرفات التي تنعقد بقصدها تكون باطلة، والغرض من الذرائع سداً وإيجاباً هو حماية ما أمر به الشارع أو نهى عنه، لا التزيد على الشارع [7].

العضوالجزائري
2016-02-07, 18:51
.د.مصلح بن عبد الحي النجار
تحقيق موضع الخلاف بين المذاهب الأربعة :
بإمعان النظر في الكتب الأصولية نجد أن أصل سد الذرائع قال به العلماء في الجملة، فليس خاصاً بالمالكية والحنابلة؛ ومما يدل على ذلك ما يلي :
أ - يقول القرافي : ينقل عن مذهبنا أن من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع وليس كذلك .....وأما الذرائع فقد اجتمعت الأمة على أنها ثلاثة أقسام؛ أحدها : معتبر إجماعاً كحفر الآبار في طرق المسلمين وإلقاء السم في أطعمتهم وسب الأصنام عند من يعلم من حاله أنه يسب الله تعالى حينئذ . وثانيها : ملغي إجماعاً كزراعة العنب فإنه لا يمنع خشية الخمر والشركة في سكنى الدار خشية الزكاة. وثالثها : مختلف فيه كبيوع الآجال، اعتبرنا نحن الذريعة فيها، وخالفنا غيرنا . فحاصل القضية : أنا قلنا سد الذرائع أكثر من غيرنا، لا أنها خاصة بنا..... [8].
ب - وقال القرطبي : وسد الذرائع ذهب إليه مالك وأصحابه، وخالفه أكثر الناس تأصيلاً، وعملوا عليه في أكثر فروعهم تفصيلاً . ثم حرر موضع الخلاف فقال: اعلم أن ما يفضي إلى الوقوع في المحظور إما أن يلزم منه الوقوع قطعاً أولا، والأول ليس من هذا الباب، بل من باب مالا خلاص من الحرام إلا باجتنابه، ففعله حرام من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . والذي لا يلزم إما أن يفضي إلى المحظور غالباً أو ينفك عنه غالباً، أو يتساوى الأمران وهو المسمى : الذرائع .عندنا :
*فالأول لابد من مراعاته، والثاني والثالث اختلف الأصحاب فيه، فمنهم من يراعيه، ومنهم من لا يراعيه، وربما يسميه التهمة البعيدة والذرائع الضعيفة [9].
ج - ويؤكد هذا المعنى ابن جزي حيث يقول : ينقل أهل المذهب عن مالك أنه انفرد باعتبار العوائد، والمصلحة، والذريعة، وليس كذلك، فإن العادة هي العرف، وهو معتبر في المذهب، والمصلحة قد اعتبر أهل المذهب قسماً منها، وإنما انفراد مالك بقسم، فحاصل هذا أنه اعتبر المصلحة والذريعة أكثر من غيره، لا أنه انفرد بهما [10].
د - وقد اعتبر الإمام الشاطبي سد الذرائع من القواعد المبنية على أصل اعتبار مآلات الأفعال، وختم قوله بما يلي: فقد ظهر أن قاعدة الذرائع متفق على اعتبارها في الجملة، وإنما الخلاف في أمر آخر [11].
قال الشيخ عبد الله دراز في تعليقه على كلام الشاطبي: هو في الحقيقة اختلاف في المناط الذي يتحقق فيه التذرع، وهو من تحقيق المناط .....فمالك يجعل وجود اللغو في البيعة المتوسطة دليلاً على قصد التوسل الممنوع، والشافعي يزيد في المناط دليلاً أخص من هذا . فلو صورت المسألة بأنه باع له حيواناً بعشرة لأجل، ثم بعد شهر خرج إلى السوق ليشتري بدل الحيوان فوجد المبيع معروضاً في السوق، وقد حالت الأسواق مثلاً أو تغير فاشتراه بخمسة نقداً، فهذا ظاهر فيه أنه لم يقصد الممنوع، ولكنه بيع فاسد عند مالك ولو لم يقصد، كما قال الدردير في شرحه الصغير. وقال ابن رشد : أنه لا إثم على فاعله فيما بينه وبين الله حيث لم يقصد الممنوع . يعني وإنما ذلك الفساد لاطراد حكم الحاكم فقط [12].*وإذا تأملنا بنظرات فاحصة إلى ما تقدم من النقول نخلص إلى النقاط التالية :
أ - أن أصل سد الذرائع قال به العلماء في الجملة، فليس خاصاً بالمالكية والحنابلة فقط، إلا أن المالكية قالوا به أكثر من غيرهم .
ب - أن الخلاف الذي يعتبره الشاطبي، ليس خلافاً في أصل القاعدة، إنما هو خلاف في بعض أقسام الذرائع، وهو ما يفضي إلى المفسدة المحرمة غالباً ولم يظهر قصد صاحبها[13].
فأصل سد الذرائع خطة تشريعية تسدد خطى المجتهد بالرأي، أو تعصمه من الاعتساف في الفهم والتطبيق على الوقائع الجزئية المتجددة، إذ ينزل المجتهد بالقواعد النظرية العامة والأحكام الجزئية من أفقها النظري المجرد إلى الواقع الماثل بظروفه الملابسة؛ فيعمل على المواءمة بين مقتضيات القاعدة النظرية المجردة والواقع العام، تحقيقاً للمصلحة والعدل، ودرءاً للمآلات الممنوعة شرعاً، بأن يمنع كل ما هو جائز شرعاً في أصله، إذا كان يؤدي إلى ما يضاد قصد الشارع نتيجة وثمرة أو مآلاً وهو معنى قول الشيخ أبو زهرة : إن مبدأ سد الذرائع يوثق الأصل العام الذي قام عليه التشريع الإسلامي كله [14]. وهذا نوع من النظر في المآلات، بلا ريب[15].
* الأدلة على حجية سد الذرائع :***
أبدع الإمام ابن القيم في سرد الأدلة على المنع من فعل ما يؤدي إلى الحرام ولو كان جائزاً في نفسه، فاستدل رحمه الله على وجوب سد الذرائع بتسعة وتسعين دليلاً [16]وفيما يلي نذكر أبرز تلك الأدلة:
*الدليل الأول : قوله تعالى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}[17]ووجه الاستدلال من هذه الآية الكريمة:
أن الله حرم سب آلهة المشركين – مع كون السب غيظاً وحمية لله وإهانة لآلهتهم – لكونه ذريعة إلى سبهم الله تعالى، وكانت مصلحة ترك مسبته تعالى أرجح من مصلحة سبنا لآلهتهم، وهذا كالتنبيه بل كالتصريح على المنع من الجائز لئلا يكون سبباً في فعل ما لا يجوز.
الدليل الثاني : قوله تعالى:{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [٢٤:٣١] *[18]. ووجه الدلالة : أن الله منعهن من الضرب بالأرجل، وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة للرجال .
الدليل الثالث : ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه متفق عليه، ولفظ البخاري : إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل : يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه [19].
فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل ساباً لاعناً لأبويه بتسببه إلى ذلك وتوسله إليه وإن لم يقصده[20].
الدليل الرابع : أنه - صلى الله عليه وسلم - حرم الخلوة بالأجنبية ولو في إقراء القرآن، والسفر بها ولو في الحج وزيارة الوالدين، سداً لذريعة ما يحاذر من الفتنة وغلبات الطباع.
روى الترمذي في سننه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم، فإن ثالثهما الشيطان[21].
الدليل الخامس : أن الله تعالى أمر بغض البصر[22]- وإن كان إنما يقع على محاسن الخلقة والتفكر في صنع الله- سداً لذريعة الإرادة والشهوة المفضية إلى المحظور .
الدليل السادس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، ونهى عن تجصيص القبور، وتشريفها[23]،واتخاذها مساجد، وعن الصلاة إليها وعندها، وعن إيقاد المصابيح عليها، وأمر بتسويتها، ونهى عن اتخاذها عيداً،وعن شد الرحال إليها، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثاناً والإشراك بها، وحرم ذلك على من* قصده ومن لم يقصده، بل قصد خلافه سداً للذريعة[24].
الدليل السابع : أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة، مثل ما أخرجه البخاري في صحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم [25] .وقوله - صلى الله عليه وسلم -: خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفا فهم [26] .
وأيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم - ليس منا من تشبه بغيرنا [27].وروى الإمام أحمد في مسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من تشبه بقوم فهو منهم [28] . وسر ذلك أن المشابهة في الهدي الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد العمل .
الدليل الثامن : أنه- صلى الله عليه وسلم - حرم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها؛ فقال: لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بينها وبين خالتها [29] .وعلل ذلك بقوله: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتهم أرحامكم، حتى لو رضيت المرأة بذلك لم يجز، لأن ذلك ذريعة إلى القطيعة المحرمة[30].
الدليل التاسع : أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجمع الرجل بين سلف وبيع
[31]. ومعلوم أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر صح، وإنما ذاك لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يقرضه ألفاً ويبيعه سلعة تساوي ثمانمائة بألف أخرى؛ فيكون قد أعطاه ألفاً وسلعة بثمانمائة ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا، فانظر إلى حمايته الذريعة إلى ذلك بكل طريق .
الدليل العاشر : أن الآثار المتظاهرة في تحريم العينة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة تدل على المنع من عود السلعة إلى البائع وإن لم* يتواطئا على الربا، وما ذلك إلا سداً للذريعة .
الدليل الحادي عشر: أن الصحابة وعامة الفقهاء اتفقوا على قتل الجميع بالواحد، وإن كان أصل القصاص يمنع ذلك؛ لئلا يكون عدم القصاص ذريعة إلى التعاون على سفك الدماء.
الدليل الثاني عشر : أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين؛ إلا أن تكون له عادة توافق ذلك اليوم، ونهى عن صوم يوم الشك[32]، وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذريعة إلى أن يلحق بالفرض ماليس منه، وكذلك حرم صوم يوم العيد تمييزاً لوقت العبادة عن غيره لئلا يكون ذريعة إلى الزيادة في الواجب كما فعلت النصارى، ثم أكد هذا الغرض باستحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور، واستحباب تعجيل الفطر في يوم العيد قبل الصلاة، وكذلك ندب إلى تمييز فرض الصلاة عن نفلها؛ فكره للإمام أن يتطوع في مكانه، وأن يستديم جلوسه مستقبل القبلة، كل هذا سداً للباب المفضي إلى أن يزاد في الفرض ما ليس منه[33].
الدليل الثالث عشر : أن الشروط المضروبة على أهل الذمة تضمنت تمييزهم عن المسلمين في اللباس والشعور والمراكب وغيرها لئلا تفضي مشابهتهم إلى أن يعامل الكافر معاملة المسلم، فسدت هذه الذريعة بإلزامهم التميز عن المسلمين[34].
الدليل الرابع عشر : أن الشارع صلوات الله عليه نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه ، أو يسام على سوم أخيه، أو يبيع على بيع أخيه، وما ذاك إلا أنه ذريعة إلى التباغض والتعادي[35].
الدليل الخامس عشر : أنه نهى المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تتطيب أو تصيب*بخوراً، وذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوفهم إليها، فإن رائحتها وزينتها وصورتها وإبداء محاسنها تدعو إليها؛ فأمرها أن تخرج تفلة – أي لا تتطيب – وأن تقف خلف الرجال، وأن لا تسبح في الصلاة إذا نابها شيء، بل تصفق ببطن كفها على ظهر الأخرى، كل ذلك سداً للذريعة وحماية عن المفسدة.
الدليل السادس عشر: أنه أمر أن يفرق بين الأولاد في المضاجع، وأن لا يترك الذكر ينام مع الأنثى في فراش واحد؛ لأن ذلك قد يكون ذريعة إلى نسج الشيطان بينهما المواصلة المحرمة بواسطة اتحاد الفراش، ولا سيما مع الطول، والرجل قد يعبث في نومه بالمرأة في نومها إلى جانبه وهو لا يشعر، وهذا أيضا من ألطف سد الذرائع[36][37].
وأخيراً: إن الأخذ بأصل الذرائع لا تصح المبالغة فيه، فإن المغرق فيه قد يمتنع عن أمر مباح أو مندوب أو واجب، خشية الوقوع في ظلم، كامتناع بعض العادلين عن تولي أموال اليتامى أو أموال الأوقاف، ولأنه لوحظ أن بعض الناس قد يمتنع عن أمور كثيرة خشية الوقوع في الحرام، ولذلك قيد ابن العربي في كتابه أحكام القرآن: بأن ما يحرم للذريعة إنما ثبت إذا كان المحرم الذي تسد ذريعته يثبت تحريمه بنص .. فلا يصح أن يترك تولي مال اليتيم لخشية الظلم، ولذا قال القرطبي: *فإن قيل: يلزم ترك مالك أصله في التهمة وسد الذرائع إذا جوز له الشراء من يتيمة، فالجواب : أن ذلك لا يلزم، وإنما يكون ذريعة فيما يؤدي من الأفعال المحظورة إلى محظورات منصوص عليها، وأما هاهنا فقد أذن الله تعالى في صورة المخالطة، ووكل المخالطين في ذلك إلى أمانتهم بقوله تعالى: {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [٢:٢٢٠] *[38]. وكل أمر مخوف وكل الله سبحانه المكلف إلى أمانته، لا يقال فيه : إنه يتذرع إلى محظور فيمتنع، كما جعل الله النساء مؤتمنات في فروجهن، مع عظيم ما يترتب على قولهم في ذلك من الأحكام، ويرتبط به من الحل والحرمة والأنساب، وإن جاز أن يكذبن[39].

كامل محمد محمد محمد
2016-02-08, 19:01
إن قضية سد الذرائع أشبه ما تكون بقاعدة فقهية استنبطها الفقهاء من جزئيات كثيرة فكأنها على حد تعبير الشاطبى "استقراء لجزئيات" ولكنه استقراء غير كامل وعليه كما يقول علماء الأصول المحدثين فلا يصح أن نبنى عليها أحكاماً وقد ذكر الشاطبى فى كتاب الموافقات أن شرط قبول القاعدة أو العلم أن تتصف بالعموم والاضطراد وأن تتصف بالثبات وأن تكون حاكمة لا محكوم عليها فإذا طبقنا هذا على قاعدة سد الذرائع فنجدها غير مطردة وغير ثابتة والأدلة التى ساقها ابن القيم رحمه الله ورضى عنه ليست أدلة بالمفهوم الأصولى ولكنها تجميع للجزئيات التى استقرأ منها هذه القاعدة؛ وهذه نصوص من القرآن والسنة وليست مستقاه من تلك القاعدة؛ فهل تعتبر هذه القواعد الفقهية أحد أدلة الأحكام فيستند إليها عند عدم وجود نصّ أو إجماع في المسألة؟ وبعبارة أخرى: هل يجوز أن تجعل القاعدة الفقهية دليلاً شرعياً يستنبط منه حكم شرعي؟ ففي التقرير الذي صدِّرت به مجلة الأحكام العدلية قالوا: "فحكام الشرع ما لم يقفوا على نقل صريح لا يحكمون بمجرد الاستناد إلى واحدة من هذه القواعد. [مجلة الأحكام العدلية صـ 10 مع شرح على حيدر المسمى "درر الحكام شرح مجلة الأحكام"].
وقال ابن نجيم في الفوائد الزينية كما نقله عنه الحموي في مقدمة [غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (1/ 37)] : "لا يجوز الفتوى بما تقتضيه الضوابط لأنها ليست كلية بل أغلبية" [غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر المؤلف: أحمد بن محمد مكي، أبو العباس، شهاب الدين الحسيني الحموي الحنفي (المتوفى: 1098هـ)]
الأدلة على عدم الأخذ بقاعدة سد الذرائع
عن زَكَرِيَّاء عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ " [البخاري: كِتَاب الْإِيمَانِ بَاب فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ]
قَوْلُهُ (لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) أَيْ لَا يَعْلَمُ حُكْمَهَا وفِي رِوَايَةِ للتِّرْمِذِيِّ (لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَمِنَ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ)
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: (كَثِيرٌ) أَنَّ مَعْرِفَةَ حُكْمِهَا مُمْكِنٌ لَكِنْ لِلْقَلِيلِ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْمُجْتَهِدُونَ [فتح الباري لابن حجر]
فَالشُّبُهَاتُ عَلَى هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ المجتهدين؛ وليست فى حق جميع الناس. وهذا حض منه عليه السلام على الورع، ونص جليّ على أن ما حول الحِمى ليست من الحِمى، وأن تلك المشتبهات ليست بيقين من الحرام.
ويقول تعالى: { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } [الأنعام: 119] فما لم يفصل فهو حلال بقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } [البقرة: 29]
وهذا مستحب للمرء خاصة فيما أشكل عليه. وهذا الحديث ينفى قاعدة تحريم المباح خيفة الوقوع فى الحرام فإن ما يوقن تحليله فلا يزيله الشك عن ذلك
ومن حرم المشتبه خيفة الوقوع فى الحرام وأفتى بذلك وحكم به على الناس فقد زاد في الدين ما لم يأذن به الله تعالى
ويدل على عدم اضطراد هذه القاعدة حديث عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ "سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ" قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ [البخاري: كِتَاب الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ بَاب ذَبِيحَةِ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ]
فيجب أن نحض الناس على الورع كما حضهم النبي ونندبهم إليه، ونشير عليهم باجتناب ما حاك في النفس، ولا نقضي بذلك على أحد ولا نفتيه به فتيا إلزام، كما لم يقض بذلك رسول الله على أحد.
وقد احتج العض بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة: 104] قالوا: فنهوا عن لفظة { رَاعِنَا } لتذرعهم بها إلى سب النبي عليه السلام. و هذا لا حجة فيه؛ لأن الحديث الصحيح قد جاء بأنهم كانوا يقولون: راعنا من الرعونة، وليس هذا مسنداً، وإنما هو قول لصاحب ولاحجة في قوله، لأنه أخبر عما عنده، ولم يسند ذلك إلى النبي وهذه الآية ليس فيها دليل على سد الذرائع لأنهم إذ نهوا عن قول {راعنا}، وأمروا بأن يقولوا { انْظُرْنَا } ، ومعنى اللفظين واحد، فقد صح بلا شك أنه لا يحل تعدي ظواهر الأوامر بوجه من الوجوه، وهذه حجة قوية في إبطال القول بالقياس وبالعلل، وبالله تعالى التوفيق.
وأيضاً فإنما أمر الله تعالى (بأن لا يقولوا: {رَاعِنَا} وأن يقولوا {انْظُرْنَا}) المؤمنين الفضلاء أصحاب رسول الله المعظمين له، الذي لم يعنوا بقول: {رَاعِنَا} قط الرعونة، وأما المنافقون الذين كانوا يقولون: {رَاعِنَا} يعنون من الرعونة، فما كانوا يلتفتون إلى أمر الله تعالى، ولا يؤمنون به.
وقد قال بعض الصحابة في الحُمُر، إنما حرمت لأنها كانت حمولة الناس، وقال بعضهم: إنما حرمت لأنها كانت تأكل القذر، وكلا القولين غير صواب، لأن الدجاج تأكل من القذر ما لا تأكله الحمير، ولم يحرم قط الدجاج والناس كانوا أفقر إلى الخيل للجهاد منهم إلى الحمير، وقد أباح أكل الخيل في حين تحريمه الحمير، فبطل كلا القولين.
قول الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ }[النحل: 116].
وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ }[يونس: 59] .
فصح بهاتين الآيتين أن كل من حلل أو حرم ما لم يأت بإذن من الله تعالى في تحريمه أو تحليله فقد افترى على الله كذباً، ونحن على يقين من أن الله تعالى قد أحل لنا كل ما خلق في الأرض، إلا ما فصل لنا تحريمه بالنص لقوله تعالى: { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ }[الأنعام: 119] فبطل بهذين النصين الجليين أن يحرم أحد شيئاً باحتياط أو خوف تذرع.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من توهم أنه أحدث ألا يلتفت إلى ذلك، وأن يتمادى في صلاته، ، هذا في الصلاة التي هي أوكد الشرائع، حتى يسمع صوتاً أو يشم رائحة "فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ح وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا يَنْفَتِلْ أَوْ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" [البخاري:كِتَاب الْوُضُوءِ بَاب مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ] فلو كان الحكم بالاحتياط حقاً لكانت الصلاة أولى ما احتيط لها، ولكن الله تعالى لم يجعل لغير اليقين حكماً.
فوجب أن كل ما تيقن تحريمه فلا ينتقل إلى التحليل إلا بيقين آخر من نص أو إجماع، وكل ما تيقن تحليله فلا سبيل أن ينتقل إلى التحريم إلا بيقين آخر من نص أو إجماع، وبطل الحكم بالإحتياط. وصح أن لا حكم إلا لليقين وحده
والاحتياط كله هو ألا يحرم المرء شيئاً إلا ما حرم الله تعالى، ولا يحل شيئاً إلا ما أحل الله تعالى.

rachidpharm
2016-02-09, 19:25
شكرااا بوركت

العضوالجزائري
2016-02-09, 21:05
مشكور على المساهمة. وإن كان مستغربا لدي عدم الأخذ بسد الذرائع في بعض المذاهب.
فمن عمل بعض الخلفاء الراشدين أن عمر رضي الله عنه نهى الصحابة ان يحدثوا الناس بما ليس تحته عمل لأن كثيرا منهم حدثاء عهد
بالإسلام و يخشى أن يضعوا تلك الأحاديث في غير مواضعها.

كامل محمد محمد محمد
2016-02-19, 10:37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما عمر رضى الله عنه فلم ينهى الصحابة عن التحدث فهذا خبر لا يصح كما صرح بهذا الامام المحدث ابن حزم وعمر رضى الله عنه من أكثر الصحابة رواية للحديث وها هو يقول لعمار رضى الله عنهما فى حديث التيمم عند قال له عمار "أما والله يا أمير المؤمنين لئن شئت لِمَا جعل الله لك عليّ من الحق ألا أحدث بذلك أبداً فعلت" فقال له عمر "لا، ولكن نوليك من ذلك ما توليت".
وأما ما ذكرتَ من القول "و يخشى أن يضعوا تلك الأحاديث في غير مواضعها". فهذا توجيه من رسول الله عليه السلام لنا كما ذكر البخارى فى صحيحه "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" [البخاري: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا] فهذه نصوص وليست سداً للذرائع

ولكن انظر يأخى فى البخارى لقول الصحابى"وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ
[البخاري: كِتَاب الْمَغَازِي؛بَاب وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الْفَتْحِ] وانظر فى تفسير الطبرى
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا وَاللَّهِ مَا إِنْ رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا صَلَّوُا اسْتَقْدَمُوا، وَبَعْضٌ يَسْتَأْخِرُونَ، فَإِذَا سَجَدُوا نَظَرُوا إِلَيْهَا مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} [الحجر: 24] " فهل ياأخى وجدتَ أية تشريعات تقول سداً للذرائع نضع ساتر بين الرجال والنساء فى المساجد أو منع النساء من الخروج ليلاً وكنا فى زمن التشريع وقد قال ربنا جل وعلا :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}
فلنتمسك أخى الكريم بعهد رسولنا الينا ولا نستند إلا الى النصوص العامة والأدلة التفصيلية وللحديث بقية وجزاك ربى كل خير

kameld1982
2016-02-19, 11:43
شكرا لك اخي

م ع حوحو
2016-02-19, 19:04
[quote=العضوالجزائري;3995122006].د.مصلح بن عبد الحي النجار
مبدأ الذرائع، واعتباره أصلاً من أصول الفقه إنما أخذ به مالك في المشهور، وقاربه في ذلك الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما .
وقد ادعى بعض الفقهاء أنه ليس في أصول أحد من الفقهاء سواهما، ولكن المالكيين يذكرون أن الفقهاء شاركوهم في كثير من مسالكه، وإن لم يسموها بذلك الاسم .
ولنبتدئ بسرد آراء الفقهاء في الذرائع، وهي على مذهبين :
أ- المذهب الأول : وهو المشهور عن الإمام مالك، وأحمد، حيث يعتبران مبدأ سد الذرائع أصلاً من أصول الفقه، ويكثران من العمل بمقتضاه .
000
00
0
و قل ربي ودني علما