المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثمراتٌ يانِعات للإيمان بالقضاء والقدر …


~أمة الله~
2015-02-03, 23:15
بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإيمانُ بالقدرِ يُثمر ثمرات جليلةً تعودُ على الأفراد والمجتمعات ، في الدُنيا والآخرة ، فمن تلك الثمرات ما يلي :

1- أداءُ عِبادةِ الله عزّ وجلّ :
فالقدرُ ممّا تعبّدنا الله -سبحانه وتعالى – بالإيمانِ به.

2- الإيمانُ بالقدرِ طريقُ الخلاصِ من الشِّرك :
فالمجوسُ زعموا أنّ : النُّور خالق الخير ، والظُلمة خالقة الشرّ ، والقدريةُ قالوا : إنّ الله لم يخلق أفعال العِباد ، فهُم أثبتوا خِالِقَيْنِ مع الله -عزّ وجلّ - وهذا شِركٌ، والإيمانُ بالقدرِ على الوجهِ الصّحيحِ توحيدٌ لله.
أضف إلى ذلك أنّ المؤمن بالقدر يعلم أنّ جميعَ الكائناتِ واقعةٌ تحت قهرِ الله ، محكومةٌ بقدره ، ليس لها من الأمرِ شيءٌ ، فلا تملك لنفسها -فضلا عن غيرها -جلبَ نفعٍ أو دفع ضرٍّ ، وأنّ أزِمّة الأمور كلّها بيد الله ، فهو المعطي لمن شاء ، المانع لمن شاء ، لا راد لقضائه ، ولا مُعقِّب لحكمه.
فإذا آمن المؤمن بذلك وأيقن به ، انبعث إلى إفرادِ الله بالعبادة، وتجنَّب التمسّح بالقبور، وعتبات الصّالحين ،وابتعد عن دعاء غير الله عموما ، وأفرد ربّه بجميع أعماله.

3- الشّجاعةُ والإقدام :
فالذي يُؤمن بالقدرِ يعلمُ أنُه لن يموت إلا إذا جاء أجله ، وأنّه لن ينال إلا ماكُتب له ، فيُقدِمُ غير هيّابٍ ولا مُبالٍ بما يناله من الأذى والمصائب في سبيل الله ، كما قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- :
أي يومي من الموتِ أفِرُّ …. يوم لا يقدر أو يوم يقدر
يوما ما قُدِّر لا أرهبه ….. وإذا قدر لا يُنجي الحذرُ


4- قوّة الإيمان :
فالذي يؤمن بالقدر يقوى إيمانه ، فلا يتخلى عنه ولا يتزعزع أو يتضعضعُ مهما ناله في سبيل ذلك.


5- الصّبر والاحتساب ومواجهة الأخطار والصِّعاب :
فالذي لا يؤمن بالقدر ربما يؤدي الجزع ببعضهم إلى أن يكفروا بالله، وبعضهم يُجنّ ، وبعضهم يصبح موسوسا ، وبعضهم يلجأُ إلى المخدرات ، وبعضهم يقتل نفسه ، ولذلك يكثر الانتحار في البلاد التي لا يُؤمن أهلها بالقدر كأمريكا ، والسويد ، والنرويج ، بل إنّ الأمر وصل بالسويد إلى أن يفتحوا مستشفيات للانتحار ، وأسبابُ ذلك ترجِع إلى أمورٍ تافهة ، فبعضهم ينتحر بسبب تخلي خطيبته عنه، وبعضهم بسبب رسوبه في الامتحان ، وبعضهم بسبب وفاة المطرب الذي يُحبّه ، وقد يكون الانتحارُ جماعيا !! والعجيبُ أنّ غالبية المنتحرين ليسوا فُقراء بل هم من الطبقة الغنية ، بل ويقع الانتحار من الأطباء النفسيين الذين يُظن بهم أنّهم يجلبون السعادة للنّاس !

6- الهِداية :
كما في قوله تعالى :"مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ"[التغابن :11]
قال علقمة : "هو الرّجل تصيبه المصيبة ،فيعلمُ أنّها من قِبل الله -تعالى- فيسلم ويرضى "

7- الكرم :
فالذي يؤمن بالقدر وأنّ الفقر والغِنى بيد الله ، وأنّه لا يفتقرُ إلا إذا أراد الله له ذلك فإنّه يُنفق ولا يُبالي.

8 -التوكل واليقين والاستسلام لله ، والاعتمادُ عليه :
كما قال تعالى : "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا" [التوبة :51 ]

9- الإخلاص :

فالذي يُؤمن بالقدر لا يعمل من أجلِ النّاس ، لعلمه أنّهم لن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له.

10 -إحسان الظنّ بالله وقوّة الرّجاء :
فالمؤمن بالقدر حَسَنُ الظّنّ بالله، قويُّ الرّجاء به في كلّ الأحوال ، يصدقُ عليه قولُ القائل :

ما مسّني قدرٌ بكُرهِ أو رضا …. إلا اهتديتُ به إليك طريقا

11 -الخوف من الله والحذر من سوء الخاتمة :
فالمؤمن بالقدر تجدهُ دائما على خوفٍ من الله ، وحذرٍ من سوء الخاتمة ، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، فلا يغترّ بعمله مهما كثر، فإنّ القلوب بين أصبعين من أصابع الرّحمن يقلّبها كيف يشاء ، والخواتيم علمها عند الله -عزّ وجلّ -.

12 – الإيمان بالقدر يقضي على كثيرٍ من الأمراض :

التي تفتك بالمجتمعات ،وتزرع الأحقاد بينها ، وذلك مثل رذيلة الحسد، فالمؤمن لا يحسد النّاس على ما آتاهم الله من فضله ، لإيمانه بأنّ الله هو الذي رزقهم ، وقدر لهم ذلك ،فأعطى من شاء ، ومنع من شاء ابتلاءً وامتحانا منه -عزّ وجلّ - وأنّه حين يحسد غيره إنّما يعترض على القدر.


13- تحرير العقل من الخرافات والأباطيل :
فمن بدهيات الإيمان بالقدر ، الإيمان بأنّ ما جرى ، وما يجري، وما سيجري في هذا الكون إنّما هو بقدر الله -عزّ وجلّ - ، وأنّ قدر الله سرٌّ مكتوم ، لا يعلمه إلا هو ، ولا يُطلع عليه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا.
ومن هذا المنطلق تجد أنّ المؤمن بالقدر -حقيقةً- لا يعتمد على الدجالين والمشعوذين ، ولا يذهب إلى الكُهّان والمنجِّمين ، فلا يُصدق أقوالهم، ولا ينطلي عليه زيفهم ودجلهم ، فيعيش سالما من زيف هذه الأقاويل ، متحررا من جميع تلك الخرافات والأباطيل.

قال لبيد بن ربيعة -رضي الله عنه- :

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى …. ولا زاجِراتُ الطيّرِ ما اللهُ صانِعُ
سلوهنّ إن كذبتموني متى الفتى …. يذوقُ المنايا أو متى الغيثُ واقِعُ

14- التواضع :
فالمؤمن بالقدر إذا رزقه الله مالاً، أو جاهًا أو عِلمًا ، أو غير ذلك تواضع لله ، لعلمه أنّ هذا من الله ، وبقدر الله ، ولو شاء الله لانتزعه منه، إنّه على كلّ شيء قدير.

15- السلامة من الاعتراض على أحكام الله الشرعية : وأقدارهِ الكونية ، والتسليم لله في ذلك كلّه.

16- الجِدّ والحزم في الأمور :
والحرصُ على كلّ خيرٍ ديني أو دنيوي ، كما في قوله -عليه الصّلاة والسلام - :احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكن قُل : قَدَرُ الله وماشاء فعل"


يُتبع إن شاء الله ...

~أمة الله~
2015-02-03, 23:23
17 – الشّكر :
فالمؤمن بالقدر يعلم أنّ ما به من نعمة فمن الله وحده، وأنّ الله هو الدّافع لكلّ مكروه ونقمة ، فينبعث بسبب ذلك إلى شكر الله، إذ هو المنعم المتفضل الذي قدر له ذلك ، وهو المستحق للشكر ، وهذا لا يعني أن لا يشكر النّاس.


18 – الرِّضـــــــا :
فيرضى بالله ربّا مدبّرا مشرِّعا ، فتمتلىء نفسه بالرضا عن ربّه ، فإذا رضى بالله أرضاه الله عزّ وجلّ ،" فالرضا باب الله الأعظم وجنّة الدنيا ، ومستراح العابدين "


19- الفرح :
فيفرح المؤمن بالقدر بذلك الإيمان الذي حُرم منه أمم كثيرة : "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " [يونس :58]


20 – الاستقامة على منهج سواء في السّراء والضرّاء :
فالعباد فيهم قصور، ونقص ، وضعف ، ولا يستقيمون على منهج سواء إلا من آمن بالقدر ، فإنّ النعمة لا تبطره ، والمصيبة لا تقنطه.


21- عدم اليأس من انتصار الحقّ :
فالمؤمن بالقدر يعلم علم اليقين أنّ العاقبة للمتقين ، وأنّ قدر الله نافذٌ في ذلك لا محالة ، فلا يدبُّ اليأس إلى روعه ، ولا يعرف إليه طريقا مهما احلولكت ظلمة الباطل.


22 – علو الهمّة وكبر النّفس :
فالمؤمن بالقدر تجده عالي الهمّة ، كبير النّفس ، لا يرضى بالدّون ، ولا بالواقع المرّ الأليم ، ولا يستسلم له محتجّا بالقدر ، إذ أنّ هذا ليس مجال الاحتجاج بالقدر ، لأنّه من المعائب ، والاحتجاج بالقدر إنّما يسوغ عند المصائب دون المعائب ، بل إنّ إيمانه بالقدر يُحتّم عليه أن يسعى سعيا حثيثا لتغيير هذا الواقع حسب قدرته واستطاعته وذلك وفق الضوابط الشرعية.


23 -الإيمان بالقدر على وجه الحقيقة ، يكشف للإنسان حكمة الله -عزّ وجلّ - فيما يقدّره من خير أو شرّ :
فيعرف الإنسان بذلك أنّ وراء تفكيره ، وتخيلاته من هو أعظم وأعلم ، ولهذا كثيرا ما يقع الشيء فنكرهه وهو خيرٌ لنا ، فكم من الناس من يندم ويتحسّر إذا فاته موعد إقلاع الطائرة -مثلا- وما هي إلا مدّة يسيرة ثم يعلن بعدها عن سقوط الطائرة ، ووفاة جميع ركّابها ، وكم من النّاس من يتبرّم ويضيق صدره لفوات محبوب أو نزول مكروه ، وما أن ينكشف الأمر ، ويستبين سرّ القدر إلا وتجده جذلا مسرورا ، لأنّ العاقبة كانت حميدة بالنّسبة له ، وصدق الله تعالى إذ يقول : {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]}.


وما أجمل قول من قال :
كم نعمةٍ لا تستقل بشكرها ….لله في طيّ المكاره كامنة


وقول الآخر :
تجري الأمور على حكم القضاء وفي …. طيّ الحوادث المحبوب والمكروه
وربما سرّني ما كنت أحذره …. وربما ساءني ما كنت أرجوه


24- عزّة النّفس ، والقناعة ، والتحرر من رقّ المخلوقين :
فالمؤمن بالقدر يعلم أنّ رزقه مكتوب ، وأنّه لن يموت حتى يستوفي رزقه ، ويدرك كذلك أنّ الله حسبه وكافيه ورازقه، وأنّ العباد مهما حاولوا إيصال الرّزق له ، أو منعه عنه ، فلن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعزّة النّفس ، والإجمال في الطلب ، وترك التكالب على الدنيا ، والتحرر من رقّ المخلوقين ، وقطع الطّمع مما في أيديهم ، والتوجه بالقلب إلى ربّ العالمين ، وهذا أس فلاحه ورأس نجاحه ،ومن جميل ما يُذكر في هذا المعنى قول امير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- :


أفادتني القناعة كلَّ عزٍّ … وهل عِزٌّ أعزُّ من القناعة
فصيّرها لنفسك رأس مالٍ ...وصيِّر بعدها التقوى بضاعة
تَحُزْ ربحا وتغنى عن بخيلٍ …. وتنعم في الجنان بصبرِ ساعة


ومن ذلك قول الشّافعي -رحمهُ الله -


رأيتُ القناعة كنز الغِنى … فصِرتُ بأذيالها متمسّك
فلا ذا يراني على بابه ...ولا ذا يراني به منهمك
وصرتُ غنيا لا درهمٍ ….أمرُّ على النّاس شبهَ الملك


25- سكون القلب وطمأنينة النّفس، وراحة البال :
فهذه أمور من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر ، وهي مطلب ملح، وهدفٌ منشود ،فكلّ من على وجه البسيطة يبتغيها ويبحث عنها، ولكن كما قيل:


كلُّ من في الوجود يطلبُ صيدًا ….غير أنّ الشِّباك مختلفاتُ
فلا يُدرك هذه الأمور ، ولا يجد حلاوتها ، ولا يعلم ثمراتها إلا من آمن بالله وقضائه وقدره.

المصدر : كتاب ( الإيمان بالقضاء والقدر)
محمد بن إبراهيم الحمد
****
لمن أراد تحميل الكتاب كاملا
من هنا (http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_books/single/ar_belief_in_qadaa_wal_qadar_hamad.pdf)

اسماعيل 03
2015-02-04, 10:01
جزى اللهُ الشيخَ خير الجزاء ونفع الجميع بهذا النقل

عبد القادر الطالب
2015-02-04, 10:24
موضوع موفق إن شاء الله

زادك الله علما على علم

oum salim
2015-02-04, 11:06
بارك الله فيك وجزاك خيرا

~أمة الله~
2015-02-04, 14:11
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله أجمعين ...