ahmed65
2015-01-30, 20:36
http://www.elkhabar.com/ar/img/article_large_img/h07_533866033.jpg
يواجه العديد من التلاميذ في المرحلة الابتدائية خطر ضياع مستقبلهم العلمي في بدايته، وذلك في ظل نظام تعليمي وتربوي غير متوازن، يواجه الكثير من التحديات، على غرار أزمة التعليم التحضيري والانتقال التلقائي للسنة الثانية، ومشكلة تكوين المعلمين، وهذا إلى جانب وسط اجتماعي وأسري يعاني من نسبة أمية كبيرة، وإضرابات وظواهر خطيرة، تجعل التلاميذ وجها لوجه مع الفشل الدراسي، وعرضة للعقد النفسية في مرحلة عمرية مبكرة، وتحوّلهم إلى ضحايا معلمين لا يمارسون المهنة بأخلاقياتها، وأولياء يفضّلون الصمت وإدارة آخر همها مستقبل التلميذ.
حالات متعددة لتلاميذ بالمرحلة الابتدائية مهددين بترك الدراسة استقيناها من قلب المدارس الجزائرية، لتعكس صورة متأزمة لوضع التعليم في المرحلة القاعدية التي يفترض أنها أساس بناء شخصية التلميذ ومستقبله العلمي وتربيته، حيث يؤكد مختصون في علم النفس أن التلاميذ الذين يجدون أنفسهم أمام مرحلة جديدة في حياتهم، وهم في السادسة من العمر، قد يتعرضون إلى صدمات نتيجة عدم تفهم المعلمين لحالتهم النفسية وبعض طباعهم، كالخجل والعزلة أو الحركة الزائدة والنشاط وحب اللعب وصعوبة تأقلمهم مع الجو الدراسي والانضباط والتركيز.
وهذا النوع من التلاميذ يكونون عادة كحالات فردية من 3 إلى 5 داخل القسم، ما يسمح للمعلم بالتكفل بهم كحالات خاصة، وتقليص حجم الهوة بينهم وبين زملائهم بدل توسيعها، حيث يؤكد رئيس جمعية الوعي والتمنية الاجتماعية كريم عبيد، لـ«الخبر”، أن مرحلة التعليم الابتدائي يفترض أنها مرحلة تربوية وليست علمية محظة، داعيا إلى ضرورة عدم تعريض الطفل إلى الفشل منذ البداية.
أولياء يعقّدون أزمات أبنائهم
والدة تقي الدين، الذي يدرس في السنة الأولى ابتدائي، تقول إن ابنها رفض الذهاب للمدرسة لأسبوع كامل رغم كل محاولاتها بإقناعه، وذلك بسبب تعرضه للضرب من قبل المعلمة عقابا له على تأخره في الكتابة في حصة الإملاء، وعدم قدرته على استيعاب سرعتها في الإملاء. وتؤكد والدة تقي الدين: “الطفل أصبح يكره الإملاء ويرفض الكتابة في البيت أيضا، واشترط علي ألا يدرس السنة الثانية مع المعلمة نفسها”.
سوء التعليم وعدم مراعاة قدرات التلاميذ وذكائهم جعل حالة الأخوين رامي ولؤي أكثر تعقيدا. رامي أعاد السنة الثانية ابتدائي، ولؤي أعاد السنة الثالثة، تقول والدة الطفلين عن حالة ابنيها: “مشكلتهما الوحيدة التركيز.. يحبان الدراسة، ولكنهما يقولان كلمة واحدة أنهما لا يفهمان طريقة المعلمة، وهي تضربهما، وأنا أيضا أفقد أعصابي وأضربهما أحيانا”.
إيمان أعادت السنة الثالثة ابتدائي، تقول والدتها: “معلمتها أخبرتني أنها خجولة جدا ولا تتفاعل في القسم أبدا، وعندما أحاول معها تقول لي “أنتم لا تفهمونني”، أحيانا أسايرها ولكنني أيضا أضربها لأنها عنيدة جدا”.
والد آمال، 5 سنوات، يقول إن ابنته ترفض الذهاب إلى القسم التحضيري، وأنه حاول إقناعها بكل الطرق، غير أنها تبكي كثيرا وترفض الذهاب، وهو ما جعله يضربها ويخيفها من أجل الذهاب، يؤكد والدها: “نحن نعاني معها كثيرا، نأخذها بالقوة، ثم أنها ترفض حفظ الحروف أو القيام بالأنشطة المطلوبة”.
ضحايا الظروف الاجتماعية
حالة عبير، التي تعيش ظروف اجتماعية صعبة وفقدانها لوالدها ما جعلها تعيد السنة الثانية ابتدائي، تعكس مدى تأثر التلاميذ بهذه الظروف، وتقول أخت عبير عن حالتها: “إنها لا تركز ولا تجيد الرياضات، كما أنها لا تحفظ الحروف وتخلط بينها”.
من جهتها، تؤكد أم آية التي تبلغ 14 سنة، أن ابنتها تركت الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي، وهي لا تعرف حتى الحروف بسبب فقر العائلة وعدم تمكنها من التأقلم مع المدرسة، حيث كانت تقف عند الباب وتبكي وترفض الدخول إلى القسم، غير أنها اليوم تطلب من والدتها باستمرار أن تبحث لها عن فرصة للعودة للدراسة، ولو مع أطفال السنة الأولى ابتدائي.
وتؤكد يمينة، وهي أم لثلاثة أطفال يدرسون بالابتدائي، أنه يلزمها يوميا 3 ساعات من أجل متابعة ابنتها التي تدرس في السنة الثالثة ابتدائي، نظرا للبرامج الكثيرة والمعقدة معلّقة: “لا أعتقد أن تلميذا في الابتدائي يمكنه أن يدرس اليوم دون مساعدة والديه أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية”، وتضيف المتحدثة: “أصبحنا في زمن أن التلميذ الفقير أو الذي والداه يعانيان من الأمية لا ينجح. لا نفهم ما هو دور المعلمين بالضبط”.
وفي السياق نفسه، تقول فاطمة معلّقة على صديقتها: “التلاميذ ضحايا أمهات جاهلات بحقوقهن أيضا. صديقتي يتعرض طفلها للضرب والتوبيخ من المعلمة، ومع ذلك ترفض الذهاب إليها خوفا من أن تعاقبه وتتسبب له في إعادة السنة!”. وتضيف المتحدثة: “ما يحدث في المدارس من تمييز بين التلاميذ ومحاباة للبعض على حساب الآخرين كوارث والأولياء صامتون”.
خالد أحمد رئيس جمعية أولياء التلاميذ
“المعلمون غير مكونين ولا يعرفون شيئا عن التلاميذ”
قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، لـ«الخبر”، إن السبب الرئيسي وراء إعادة السنة في المرحلة الابتدائية يعود إلى الانتقال التلقائي إلى السنة الثانية، ومنع إعادة السنة الأولى ابتدائي، ليبدأ في الفشل في السنة الثانية، موضحا: “بهذا الفشل يكون قد قضي على مستوى التلميذ الدراسي، لأن المرض نفسه سيتكرر كل سنة حتى الخامسة، ثم في مرحلة المتوسط تبدأ التصفية بدليل أن أغلب التسربات المدرسية تكون في هذه المرحلة”.
وأضاف المتحدث أن المشكلة تتفاقم أكثر كون المعلمين يهملون عادة التلاميذ المعيدين بحجة الاكتظاظ عوض معاملتهم بطريقة خاصة وإعطائهم الأولوية من أجل تدارك النقص، معلقا: “المعلمون لا يتعبون أنفسهم. يعملون مع التلاميذ الجيدين ويقصون المعيدين خاصة”. وأرجع خالد أحمد هذا الوضع إلى غياب تكوين المعلم، مشيرا: “في الدول المتقدمة أستاذ السنة الأولى ابتدائي يكون متحصلا على ليسانس، إلى جانب 4 سنوات تكوين في البيداغوجيا وعلم النفس، أما عندنا فيكلفون متخرجين جدد من الجامعة بتدريس السنة الأولى ابتدائي، وهم لا يعرفون شيئا عن نفسية التلاميذ، وهنا تكمن الكارثة”، معتبرا أن الجامعات والمدارس العليا للأساتذة أيضا لا تكوّن معلمين وأساتذة في المستوى المطلوب.
وفي السياق نفسه، قال خالد أحمد “تكوين المعلمين لمدة 15 يوما أو شهر وحتى سنة هو “بريكولاج” لا غير، وكل تكوين أقل من سنتين في علم النفس التربوي والمنهجية غير معترف به”، موضحا أن المعلم يجب أن يكون فنانا في إيصال المعلومة للتلميذ والتعامل معه، وخاصة غرس حب العلم والدراسة فيه.
آسيا عثمانية الأمينة العامة لمديرية التربية الجزائر- وسط
“التحفيز والمنافسة أساس النجاح”
قالت السيدة آسيا عثمانية، الأمينة العامة لمديرية التربية الجزائر- وسط، لـ«الخبر”، إن نسبة الإعادة في الجزائر وسط قدرت بـ1.8 إلى 1.9 دون احتساب الانتقال بالنسبة للسنة الخامسة ابتدائي، وهو ما جعل الجزائر العاصمة، حسب المتحدثة، تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة النجاح في ترتيب الولايات.
وأرجعت السيدة عثمانية هذه المرتبة إلى المنافسة الشرسة بين الابتدائيات التي يقدر عددها بـ272 مدرسة ابتدائية في الجزائر وسط، مضيفة: “النجاح لا يأتي من العدم، وإنما نتيجة متابعة التلاميذ في الأطوار القاعدية من قِبل مصالح مديرية التربية التي تسهر على المرافقة الدائمة لتسيير المؤسسات التعليمية والتأطير التربوي والإداري رفقة أسرة التفتيش”. وكشفت المتحدثة أن الجزائر العاصمة تكاد تكون هي الولاية الوحيدة التي تفتح المدارس في الأسبوع الأول من العطلة لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي من أجل المراجعة والتحضير للامتحانات، إلى جانب تنظيم نشاطات ثقافية وأيام ترفيهية وخرجات ميدانية لفائدة التلاميذ، من أجل ومراجعة دروسهم على شاطئ البحر، رفقة معلمين متطوعين وأولياء التلاميذ.
واعتبرت السيدة عثمانية أن نجاح التلاميذ مرهون أيضا بالتحفيز مؤكدة: “نحن نسخّر كل شيء ونحوّله إلى مصدر تحفيز للتلاميذ، مؤخرا والي الولاية خصص 30 مليون للتلاميذ المتفوقين، من جهتنا جعلنا برنامج “أستوديو الصغار” في التلفزيون الجزائري إلى المتفوقين لجعل التلاميذ يتنافسون من أجل المشاركة به”.
رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ الحاج دلالو
“التعليم التحضيري خلق فجوة كبيرة بين التلاميذ”
انتقد رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ، الحاج دلالو، في حوار لـ”الخبر”، بشدة، تعليمة وزارة التربية التي تقضي بمنع إعادة السنة الأولى ابتدائي والانتقال التلقائي للسنة الثانية، قائلا: “يجب إلغاء هذه التعليمة التي تم اتخاذها فقط من أجل تفادي الاكتظاظ في الأقسام الأولى، دون الانتباه إلى مستقبل التلاميذ الذين يجدون أنفسهم في السنة الثانية وهم لا يملكون بعد القاعدة التي تسمح لهم باستيعاب دروس السنة الثانية، فيبدأون بالرسوب سنة بعد أخرى”.
وأضاف الحاج دلالو أن عدم تعميم التعليم التحضيري خلق أزمة كبيرة تتمثل في التباين بين التلاميذ في السنة الأولى، فهناك من يملك قاعدة علمية، وهناك من لا يملكها، ما يجعل التلميذ ضحية هذا التمييز، بحيث يجد نفسه في القسم نفسه مع زميل له متفوق عليه، موضحا: “عندما طالبنا به في المرة الأولى كان على أساس تعميمه عبر كل مناطق الوطن ثم تفاجأنا باعتماد قسم واحد في المدرسة، وهذا تمييز واضح، وخلق فجوة كبيرة بين التلاميذ تهدد مستقبل العديد منهم، لهذا يجب إعادة النظر في التعليم التحضيري بتعميمه أو إلغائه لتكون فرص الجميع ومستواهم في السنة الأولى متساوية”.
فتيحة مبروك مختصة في علم النفس ومستشارة تربوية
“لا وجود لتلميذ ضعيف ولكن توجد فوارق فردية”
أكدت فتيحة مبروك، مختصة في علم النفس ومستشارة تربوية بولاية بجاية، في اتصال مع “الخبر”، أن الطفل الجزائري، وخاصة التلميذ في المرحلة الابتدائية، يقع ضحية الجو العائلي والمدرسة، وأرجعت سبب فشله الدراسي إلى عدم انسجام البرامج التعليمية مع رغبات التلاميذ وغياب عنصر التشويق في البرامج التي تجعلهم يشعرون بالممل، وهذا إلى جانب الإرهاق الذي يعانون منه بسبب كثرة المواد.
وأشارت المتحدثة إلى غياب الوسيلة البيداغوجية التي تعتبر عنصرا أساسيا في إيصال المعلومات للتلميذ، معتبرة أن المدارس الجزائرية تعاني من نقص كبير وواضح في المتابعة النفسية للتلاميذ، موضحة: “المعلم في الجزائر غير مؤهل، لأنه لا يستطيع أن يراعي الفوارق الفردية للتلاميذ واختلاف الدرجة بينهم، وبالتالي لا يمكنه أن يتعامل مع كل الفئات”.
وأكدت فتيحة مبروك أنه لا يوجد تلميذ ضعيف وإنما توجد رغبات مختلفة من واحد لآخر، مضيفة: “على المعلم أن يكتشف نقاط تفوق كل تلميذ في مجال ما، ولهذا يجب أن يكون لدينا مختصون في علم النفس في المدارس من أجل التوجيه الجيد للتلاميذ، وعدم تركهم ضحايا لهذا الجهل”.
من جهة أخرى، أكدت المختصة في علم النفس: “هناك مشكل أساسي أيضا، وهو أن غالبية العائلات الجزائرية تقحم الطفل في مشاكل العائلة، أي أننا نتركه يعيش مشاكل الآباء الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية أيضا، إلى جانب الأمية في العديد من العائلات، بحيث لا تستطيع متابعة دراسة أبنائها”.
- See more at: http://www.elkhabar.com/ar/autres/dossiers/446138.html#sthash.Zb8KBsHP.dpuf
يواجه العديد من التلاميذ في المرحلة الابتدائية خطر ضياع مستقبلهم العلمي في بدايته، وذلك في ظل نظام تعليمي وتربوي غير متوازن، يواجه الكثير من التحديات، على غرار أزمة التعليم التحضيري والانتقال التلقائي للسنة الثانية، ومشكلة تكوين المعلمين، وهذا إلى جانب وسط اجتماعي وأسري يعاني من نسبة أمية كبيرة، وإضرابات وظواهر خطيرة، تجعل التلاميذ وجها لوجه مع الفشل الدراسي، وعرضة للعقد النفسية في مرحلة عمرية مبكرة، وتحوّلهم إلى ضحايا معلمين لا يمارسون المهنة بأخلاقياتها، وأولياء يفضّلون الصمت وإدارة آخر همها مستقبل التلميذ.
حالات متعددة لتلاميذ بالمرحلة الابتدائية مهددين بترك الدراسة استقيناها من قلب المدارس الجزائرية، لتعكس صورة متأزمة لوضع التعليم في المرحلة القاعدية التي يفترض أنها أساس بناء شخصية التلميذ ومستقبله العلمي وتربيته، حيث يؤكد مختصون في علم النفس أن التلاميذ الذين يجدون أنفسهم أمام مرحلة جديدة في حياتهم، وهم في السادسة من العمر، قد يتعرضون إلى صدمات نتيجة عدم تفهم المعلمين لحالتهم النفسية وبعض طباعهم، كالخجل والعزلة أو الحركة الزائدة والنشاط وحب اللعب وصعوبة تأقلمهم مع الجو الدراسي والانضباط والتركيز.
وهذا النوع من التلاميذ يكونون عادة كحالات فردية من 3 إلى 5 داخل القسم، ما يسمح للمعلم بالتكفل بهم كحالات خاصة، وتقليص حجم الهوة بينهم وبين زملائهم بدل توسيعها، حيث يؤكد رئيس جمعية الوعي والتمنية الاجتماعية كريم عبيد، لـ«الخبر”، أن مرحلة التعليم الابتدائي يفترض أنها مرحلة تربوية وليست علمية محظة، داعيا إلى ضرورة عدم تعريض الطفل إلى الفشل منذ البداية.
أولياء يعقّدون أزمات أبنائهم
والدة تقي الدين، الذي يدرس في السنة الأولى ابتدائي، تقول إن ابنها رفض الذهاب للمدرسة لأسبوع كامل رغم كل محاولاتها بإقناعه، وذلك بسبب تعرضه للضرب من قبل المعلمة عقابا له على تأخره في الكتابة في حصة الإملاء، وعدم قدرته على استيعاب سرعتها في الإملاء. وتؤكد والدة تقي الدين: “الطفل أصبح يكره الإملاء ويرفض الكتابة في البيت أيضا، واشترط علي ألا يدرس السنة الثانية مع المعلمة نفسها”.
سوء التعليم وعدم مراعاة قدرات التلاميذ وذكائهم جعل حالة الأخوين رامي ولؤي أكثر تعقيدا. رامي أعاد السنة الثانية ابتدائي، ولؤي أعاد السنة الثالثة، تقول والدة الطفلين عن حالة ابنيها: “مشكلتهما الوحيدة التركيز.. يحبان الدراسة، ولكنهما يقولان كلمة واحدة أنهما لا يفهمان طريقة المعلمة، وهي تضربهما، وأنا أيضا أفقد أعصابي وأضربهما أحيانا”.
إيمان أعادت السنة الثالثة ابتدائي، تقول والدتها: “معلمتها أخبرتني أنها خجولة جدا ولا تتفاعل في القسم أبدا، وعندما أحاول معها تقول لي “أنتم لا تفهمونني”، أحيانا أسايرها ولكنني أيضا أضربها لأنها عنيدة جدا”.
والد آمال، 5 سنوات، يقول إن ابنته ترفض الذهاب إلى القسم التحضيري، وأنه حاول إقناعها بكل الطرق، غير أنها تبكي كثيرا وترفض الذهاب، وهو ما جعله يضربها ويخيفها من أجل الذهاب، يؤكد والدها: “نحن نعاني معها كثيرا، نأخذها بالقوة، ثم أنها ترفض حفظ الحروف أو القيام بالأنشطة المطلوبة”.
ضحايا الظروف الاجتماعية
حالة عبير، التي تعيش ظروف اجتماعية صعبة وفقدانها لوالدها ما جعلها تعيد السنة الثانية ابتدائي، تعكس مدى تأثر التلاميذ بهذه الظروف، وتقول أخت عبير عن حالتها: “إنها لا تركز ولا تجيد الرياضات، كما أنها لا تحفظ الحروف وتخلط بينها”.
من جهتها، تؤكد أم آية التي تبلغ 14 سنة، أن ابنتها تركت الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي، وهي لا تعرف حتى الحروف بسبب فقر العائلة وعدم تمكنها من التأقلم مع المدرسة، حيث كانت تقف عند الباب وتبكي وترفض الدخول إلى القسم، غير أنها اليوم تطلب من والدتها باستمرار أن تبحث لها عن فرصة للعودة للدراسة، ولو مع أطفال السنة الأولى ابتدائي.
وتؤكد يمينة، وهي أم لثلاثة أطفال يدرسون بالابتدائي، أنه يلزمها يوميا 3 ساعات من أجل متابعة ابنتها التي تدرس في السنة الثالثة ابتدائي، نظرا للبرامج الكثيرة والمعقدة معلّقة: “لا أعتقد أن تلميذا في الابتدائي يمكنه أن يدرس اليوم دون مساعدة والديه أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية”، وتضيف المتحدثة: “أصبحنا في زمن أن التلميذ الفقير أو الذي والداه يعانيان من الأمية لا ينجح. لا نفهم ما هو دور المعلمين بالضبط”.
وفي السياق نفسه، تقول فاطمة معلّقة على صديقتها: “التلاميذ ضحايا أمهات جاهلات بحقوقهن أيضا. صديقتي يتعرض طفلها للضرب والتوبيخ من المعلمة، ومع ذلك ترفض الذهاب إليها خوفا من أن تعاقبه وتتسبب له في إعادة السنة!”. وتضيف المتحدثة: “ما يحدث في المدارس من تمييز بين التلاميذ ومحاباة للبعض على حساب الآخرين كوارث والأولياء صامتون”.
خالد أحمد رئيس جمعية أولياء التلاميذ
“المعلمون غير مكونين ولا يعرفون شيئا عن التلاميذ”
قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، لـ«الخبر”، إن السبب الرئيسي وراء إعادة السنة في المرحلة الابتدائية يعود إلى الانتقال التلقائي إلى السنة الثانية، ومنع إعادة السنة الأولى ابتدائي، ليبدأ في الفشل في السنة الثانية، موضحا: “بهذا الفشل يكون قد قضي على مستوى التلميذ الدراسي، لأن المرض نفسه سيتكرر كل سنة حتى الخامسة، ثم في مرحلة المتوسط تبدأ التصفية بدليل أن أغلب التسربات المدرسية تكون في هذه المرحلة”.
وأضاف المتحدث أن المشكلة تتفاقم أكثر كون المعلمين يهملون عادة التلاميذ المعيدين بحجة الاكتظاظ عوض معاملتهم بطريقة خاصة وإعطائهم الأولوية من أجل تدارك النقص، معلقا: “المعلمون لا يتعبون أنفسهم. يعملون مع التلاميذ الجيدين ويقصون المعيدين خاصة”. وأرجع خالد أحمد هذا الوضع إلى غياب تكوين المعلم، مشيرا: “في الدول المتقدمة أستاذ السنة الأولى ابتدائي يكون متحصلا على ليسانس، إلى جانب 4 سنوات تكوين في البيداغوجيا وعلم النفس، أما عندنا فيكلفون متخرجين جدد من الجامعة بتدريس السنة الأولى ابتدائي، وهم لا يعرفون شيئا عن نفسية التلاميذ، وهنا تكمن الكارثة”، معتبرا أن الجامعات والمدارس العليا للأساتذة أيضا لا تكوّن معلمين وأساتذة في المستوى المطلوب.
وفي السياق نفسه، قال خالد أحمد “تكوين المعلمين لمدة 15 يوما أو شهر وحتى سنة هو “بريكولاج” لا غير، وكل تكوين أقل من سنتين في علم النفس التربوي والمنهجية غير معترف به”، موضحا أن المعلم يجب أن يكون فنانا في إيصال المعلومة للتلميذ والتعامل معه، وخاصة غرس حب العلم والدراسة فيه.
آسيا عثمانية الأمينة العامة لمديرية التربية الجزائر- وسط
“التحفيز والمنافسة أساس النجاح”
قالت السيدة آسيا عثمانية، الأمينة العامة لمديرية التربية الجزائر- وسط، لـ«الخبر”، إن نسبة الإعادة في الجزائر وسط قدرت بـ1.8 إلى 1.9 دون احتساب الانتقال بالنسبة للسنة الخامسة ابتدائي، وهو ما جعل الجزائر العاصمة، حسب المتحدثة، تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة النجاح في ترتيب الولايات.
وأرجعت السيدة عثمانية هذه المرتبة إلى المنافسة الشرسة بين الابتدائيات التي يقدر عددها بـ272 مدرسة ابتدائية في الجزائر وسط، مضيفة: “النجاح لا يأتي من العدم، وإنما نتيجة متابعة التلاميذ في الأطوار القاعدية من قِبل مصالح مديرية التربية التي تسهر على المرافقة الدائمة لتسيير المؤسسات التعليمية والتأطير التربوي والإداري رفقة أسرة التفتيش”. وكشفت المتحدثة أن الجزائر العاصمة تكاد تكون هي الولاية الوحيدة التي تفتح المدارس في الأسبوع الأول من العطلة لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي من أجل المراجعة والتحضير للامتحانات، إلى جانب تنظيم نشاطات ثقافية وأيام ترفيهية وخرجات ميدانية لفائدة التلاميذ، من أجل ومراجعة دروسهم على شاطئ البحر، رفقة معلمين متطوعين وأولياء التلاميذ.
واعتبرت السيدة عثمانية أن نجاح التلاميذ مرهون أيضا بالتحفيز مؤكدة: “نحن نسخّر كل شيء ونحوّله إلى مصدر تحفيز للتلاميذ، مؤخرا والي الولاية خصص 30 مليون للتلاميذ المتفوقين، من جهتنا جعلنا برنامج “أستوديو الصغار” في التلفزيون الجزائري إلى المتفوقين لجعل التلاميذ يتنافسون من أجل المشاركة به”.
رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ الحاج دلالو
“التعليم التحضيري خلق فجوة كبيرة بين التلاميذ”
انتقد رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ، الحاج دلالو، في حوار لـ”الخبر”، بشدة، تعليمة وزارة التربية التي تقضي بمنع إعادة السنة الأولى ابتدائي والانتقال التلقائي للسنة الثانية، قائلا: “يجب إلغاء هذه التعليمة التي تم اتخاذها فقط من أجل تفادي الاكتظاظ في الأقسام الأولى، دون الانتباه إلى مستقبل التلاميذ الذين يجدون أنفسهم في السنة الثانية وهم لا يملكون بعد القاعدة التي تسمح لهم باستيعاب دروس السنة الثانية، فيبدأون بالرسوب سنة بعد أخرى”.
وأضاف الحاج دلالو أن عدم تعميم التعليم التحضيري خلق أزمة كبيرة تتمثل في التباين بين التلاميذ في السنة الأولى، فهناك من يملك قاعدة علمية، وهناك من لا يملكها، ما يجعل التلميذ ضحية هذا التمييز، بحيث يجد نفسه في القسم نفسه مع زميل له متفوق عليه، موضحا: “عندما طالبنا به في المرة الأولى كان على أساس تعميمه عبر كل مناطق الوطن ثم تفاجأنا باعتماد قسم واحد في المدرسة، وهذا تمييز واضح، وخلق فجوة كبيرة بين التلاميذ تهدد مستقبل العديد منهم، لهذا يجب إعادة النظر في التعليم التحضيري بتعميمه أو إلغائه لتكون فرص الجميع ومستواهم في السنة الأولى متساوية”.
فتيحة مبروك مختصة في علم النفس ومستشارة تربوية
“لا وجود لتلميذ ضعيف ولكن توجد فوارق فردية”
أكدت فتيحة مبروك، مختصة في علم النفس ومستشارة تربوية بولاية بجاية، في اتصال مع “الخبر”، أن الطفل الجزائري، وخاصة التلميذ في المرحلة الابتدائية، يقع ضحية الجو العائلي والمدرسة، وأرجعت سبب فشله الدراسي إلى عدم انسجام البرامج التعليمية مع رغبات التلاميذ وغياب عنصر التشويق في البرامج التي تجعلهم يشعرون بالممل، وهذا إلى جانب الإرهاق الذي يعانون منه بسبب كثرة المواد.
وأشارت المتحدثة إلى غياب الوسيلة البيداغوجية التي تعتبر عنصرا أساسيا في إيصال المعلومات للتلميذ، معتبرة أن المدارس الجزائرية تعاني من نقص كبير وواضح في المتابعة النفسية للتلاميذ، موضحة: “المعلم في الجزائر غير مؤهل، لأنه لا يستطيع أن يراعي الفوارق الفردية للتلاميذ واختلاف الدرجة بينهم، وبالتالي لا يمكنه أن يتعامل مع كل الفئات”.
وأكدت فتيحة مبروك أنه لا يوجد تلميذ ضعيف وإنما توجد رغبات مختلفة من واحد لآخر، مضيفة: “على المعلم أن يكتشف نقاط تفوق كل تلميذ في مجال ما، ولهذا يجب أن يكون لدينا مختصون في علم النفس في المدارس من أجل التوجيه الجيد للتلاميذ، وعدم تركهم ضحايا لهذا الجهل”.
من جهة أخرى، أكدت المختصة في علم النفس: “هناك مشكل أساسي أيضا، وهو أن غالبية العائلات الجزائرية تقحم الطفل في مشاكل العائلة، أي أننا نتركه يعيش مشاكل الآباء الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية أيضا، إلى جانب الأمية في العديد من العائلات، بحيث لا تستطيع متابعة دراسة أبنائها”.
- See more at: http://www.elkhabar.com/ar/autres/dossiers/446138.html#sthash.Zb8KBsHP.dpuf