كريم حمزة
2015-01-14, 11:23
من اللافت للنظر أن القرآن أشار إلى المَيْتَتَين، فذكر موت (الفرد) (وجاءت سكرة الموت بالحق) كما أشار إلى موت الأمم والمجتمعات (لكل أمة أجل) فالأجل هنا جماعي وليس فرديا؛ فالآجال إذاً نوعان: منها ما هو خاص بالفرد والآخر بالمجتمعات، كل من نوعية متباين، وهذا يعني بكلمة ثانية أن الأمم تموت، والدول تنتهي، والشعوب تفنى، والحضارات تباد وتنهار، بل إن حديث القصعة أشار أيضاً إلى طرف من هذا (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها) فيتحول المجتمع الإسلامي إلى مواد غذاء وتموين لبناء أجساد أخرى، عندما يختل تركيب التكوين الداخلي الاجتماعي، فتتحول طاقات الأفراد المنسابة عبر الأقنية الاجتماعية إلى مصادر تفجير لها، فتتمزق أقنية الوصل الاجتماعية، ويتهتك النسيج الاجتماعي.
جاء في كتاب ميلاد مجتمع: (ولكن الطاقة الحيوية قد تهدم المجتمع ما لم يسبق تكييفها، أعني ما لم تكن خاضعة لنظام دقيق تمليه فكرة عليا، تعيد تنظيم هذه الطاقة، وتعيد توجيهها؛ فتحولها من طاقة ذات وظائف بيولوجية خالصة في المقام الأول – حيث تشترك في حفظ النوع – إلى طاقة ذات وظائف اجتماعية يؤديها الإنسان حين يسهم في النشاط المشترك لمجتمع ما).
كما أسعفنا القرآن بأمثلة عن مجتمعات باتت مريضة تمشي باتجاه الموت، وكيف تم التصرف تجاهها، بين فتية أهل الكهف، الذين انطلقوا لتأسيس مجتمعهم الخاص بهم، وضنوا حتى بالكلب أن يبقى في المجتمع السابق!! وبين موسى عليه السلام وهو يواجه أعظم حضارة في عصره، حيث حدد مهمته على وجه الدقة، أنه لا يريد إصلاح المجتمع الفرعوني، الذي وضع الموت يده الباردة عليه.
إنه يريد شعبه، الذي ينتظره أن يُدفن في الصحراء أولاً، من خلال (التيه) كي يخرج من أصلابهم جيلا لا يعرف غير الشمس والحرية، وهو الذي لن يرتعد من (القوم الجبارين) الذين توهمهم آباؤهم كذلك.
والمثل الثالث في انفلاق مجتمع المدينة الساحلية إلى ثلاث مجموعات أمام تحدي الانحراف، نجا فيها الفريق الصغير نواة الأمة الجديدة، بترابط جديد للقيم، أما بقية المجتمع فتشوه الترابط الداخلي عنده، ليتحول إلى مجتمع (القردة الخاسئين) (فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) ولا غرابة لأن كروموسومات القردة تشبه 99% من كروموسومات الإنسان، ولكن الاختلاف في البناء الداخلي، ولو باختلاف 1% يقلب البناء رأساً على عقب، ويحول البشر السوي إلى قردٍ خاسئ!!
الدكتور خالص جلبي ... جريدة الشرق بتاريخ 13/01/2015
http://www.alsharq.net.sa/2015/01/13/1279704
جاء في كتاب ميلاد مجتمع: (ولكن الطاقة الحيوية قد تهدم المجتمع ما لم يسبق تكييفها، أعني ما لم تكن خاضعة لنظام دقيق تمليه فكرة عليا، تعيد تنظيم هذه الطاقة، وتعيد توجيهها؛ فتحولها من طاقة ذات وظائف بيولوجية خالصة في المقام الأول – حيث تشترك في حفظ النوع – إلى طاقة ذات وظائف اجتماعية يؤديها الإنسان حين يسهم في النشاط المشترك لمجتمع ما).
كما أسعفنا القرآن بأمثلة عن مجتمعات باتت مريضة تمشي باتجاه الموت، وكيف تم التصرف تجاهها، بين فتية أهل الكهف، الذين انطلقوا لتأسيس مجتمعهم الخاص بهم، وضنوا حتى بالكلب أن يبقى في المجتمع السابق!! وبين موسى عليه السلام وهو يواجه أعظم حضارة في عصره، حيث حدد مهمته على وجه الدقة، أنه لا يريد إصلاح المجتمع الفرعوني، الذي وضع الموت يده الباردة عليه.
إنه يريد شعبه، الذي ينتظره أن يُدفن في الصحراء أولاً، من خلال (التيه) كي يخرج من أصلابهم جيلا لا يعرف غير الشمس والحرية، وهو الذي لن يرتعد من (القوم الجبارين) الذين توهمهم آباؤهم كذلك.
والمثل الثالث في انفلاق مجتمع المدينة الساحلية إلى ثلاث مجموعات أمام تحدي الانحراف، نجا فيها الفريق الصغير نواة الأمة الجديدة، بترابط جديد للقيم، أما بقية المجتمع فتشوه الترابط الداخلي عنده، ليتحول إلى مجتمع (القردة الخاسئين) (فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) ولا غرابة لأن كروموسومات القردة تشبه 99% من كروموسومات الإنسان، ولكن الاختلاف في البناء الداخلي، ولو باختلاف 1% يقلب البناء رأساً على عقب، ويحول البشر السوي إلى قردٍ خاسئ!!
الدكتور خالص جلبي ... جريدة الشرق بتاريخ 13/01/2015
http://www.alsharq.net.sa/2015/01/13/1279704