لقواق ابراهيم
2013-03-17, 17:21
و أنا جالس في مكتبي ، خشيت من شيء لم أعرف هويته ، ضاقت بي الدنيا و لا ملجأ للفرار ، حاولت التفكير و لكن دون جدوى ، التمست المساعدة من ذاكرتي فكأني بها جامدة لا تحرك ساكنا ، أشعلت سيجارة من نوع نسيم ، فاهتزت من سكونها و انتعشت ثم اشتكت و بكت لعدم تحملها للضباب المكثف الذي ملأ أجواء المكتب ، احتضنتني الهموم ، تلاشت معنوياتي و دخلت ميدان الحوار من بابه الواسع ، طرحت على ذاكرتي هذا السؤال الروتيني ...
قلت : من أنت بحق خالق السماء بلا عمد ؟
قالت : أنا ذاكرتك أيها المجنون .
كانت تريد التحدي ، و أرادت أن تبرهن منذ الوهلة الأولى أنني لست أهلا للمنافسة و لخوض غمار التحدي ، ثم أنشدت لها هذه الأبيات الشعرية ...
مهما يكن فإني لك حقا مترصدا و عزتي تكمن في لقب مجنون الشعراء
و لعمري ما بات جنوني مهلكي و إن حل الجنون فنعم جنون البقـاء
قالت : مهلا ... مهلا
لا تكن كالذي جاء يسعى جاهدا و قد ذهـب جهده بكسب العنـاء
كان بمقدوري نكران ما بحوزتـي و طبعي ناكر لـمن يتسم بالشقـاء
قلت : لا تتسرعي و كوني واثقة تماما أن الغالب منا و المغلوب فينا له نفس الجزاء ... آه لقد نسيت لأنك لم تذكريني ، و مهما يكن فإن حواري معك الآن غير مستمد من ذاكرتك، لأنه جديد عليك ... بالله عليك ما هو وقت الراحة الذي تفضلينه ؟
قالت : رفقا بي أيها المجنون ، لقد أتعبتني معك و لم تضع حسابا لتعبي ، و ودي أن أرحل عنك لكي ترتاح و أرتاح .
قلت : ألا تعلمين ساكنة جسمي أن الإنسان خلق ليسعى و يشقى ؟
قالت : هناك من يسعى لأجل الكسب و آخر من أجل الشقاء .
قلت :
السعي وراء الكسب ذاك غايتي و من يسعى للشقاء يكون بالرضاء
نيتي للكسب كانت دون غيرها و إن أصابني شقاء فلا لوم و لا بكاء
قالت :
استهانوا بي في محطـة إقامتـي و نسوا أن هيجانـي مسببا للبلاء
شاركتك في إطرابك و أحزانك وأحسنت الجوار في السراء و الضراء
قلت : مسكينة أنت ... لكن حذار ثم حذار أن تكونين ما لا أكون أو تتصفين بصفات غير التي أبغي .
قالت : أ هذا تهدين أم ماذا ؟ أنت دائما عصبي ، أتريد قيادة الحوار بمفردك .
قلت : لنعرج عن هذا التنافس و ندخل ميدان الحوار .
قالت : أنا أبدء الأولى .
قلت : لك ما تشائين ... و ليكن ...
لك و لي فظل من أسمى الفضائل و لك تسريح من مجنون العقلاء
هلم بالبدء من قبل أن يخونك التعبير أو يغيب عنك الإنشاء
قالت : دعك من الشعر يا هذا ... فإنك لم تستو بعد بالشعراء ، ظني بك عازم لركب عجلة الفلاسفة .
قلت :
تلك موهبة لا تباع و لا تشترى و فظل من عند الله محسن العطاء
أثني بها على من يعلو بذكرهـا و أذم بها ذوي المكر و العـداء
قالت : لا بأس ... لا بأس عليك يا شاعر الذم و الثناء ( سكوت ) إن كنت تدعي بأنك شاعر ... فما معنى الحسد ؟
قلت : الحسد !!! مرض لونه شفاف .
قالت : و دواء الحسد ؟
قلت : الوحدة هو الدواء المناسب للمريض بالحسد ... لكي لا ترى العين ما يكسبه المحسود .
قالت : من هم أصحابك ؟
قلت : خزينتي و ما أملك فيها .
قالت : من هم رفاقك ؟
قلت : إثنين لا ثالث لهما ، بهما أرى النور و كل شيء و هما البصيرة .
قالت : من هم أحبابك ؟
قلت : حددي نوع السؤال .
قالت : سؤالي واضح وضوح الشمس .
قلت : هناك نوعان من الأحباب .
قالت : هذا لم أسمع به من قبل .
قلت : هناك أحباب أوفياء و أحباب أعداء .
قالت : دعنا من هذا ... قل لي من أحبابك من غير تمييز ؟
قلت : هذين هما الأحباب ( و أشرت إلى الذراعين ) .
قالت : لنحدد السؤال ... من هم الأحباب الأوفياء ؟
قلت : ذراعي الأيمن .
قالت : و من هم الأحباب الأعداء ؟
قلت : ما يعاكس الذراع الأيمن .
قالت : كيف تميز بين الأصحاب و الرفاق و الأحباب ؟
قلت :
إن خلوت بنفسي فأنت ثلاثتهم و إن شئت تمييزا فالكل بإحصاء
قدر نفسي عند الغيـر تـمييز و صحبة بالفعل عن كلام الإغراء
و أحسن من الرفاق مقلتا العين إن لم تبصر أحداهما فللنظر إخفاء
عزتي في حبيب الهنى عن عداوته و شـر عداوته الثقة بحب الوفاء
قالت :
لا تخدعنك المظاهـر بعد المعاش و بحكم الحياة تجني شهادة الإقتداء
لولا مقلتـا العين لا يمكن للقمر أو النجوم إجبارها لرؤية الأضواء
كل صديـق له ميزان و حاكم ميزانـه قائم بحكمـة الحكمـاء
لكل منا حبيب شاهد و بصير و اسأل عني مثيلاتي من النبهـاء
ثم قالت : ما تساوي عندك الحياة السعيدة ؟
قلت : إن دامت سعيدة تساوي ما تساويه و إن انقلبت لا تساوي ما تساويه
قالت : و الحياة الحزينة ؟
قلت : إن دامت حزينة تفوق ما تساويه و إن انقلبت تفوق ما لا تساويه .
قالت : و ما معنى الحقد ؟
قلت : الحقد !!! شجرة عقيمة لا تثمر طيبا .
قالت : و ما معنى الكراهية ؟
قلت : الكراهية !!! كرهي لها أعظم من كراهيتها .
قالت : لا تهرب عن السؤال .
قلت : عفوا ... الكراهية جرثومة خبيثة تسكن في ذات الإنسان .
قالت : من هم الأنذال ؟
قلت : مخلوقات لم تلحق بركب الرجولة.
قالت : ما معنى الرجولة ؟
قلت : لؤلؤة ... ياقوتة ... مرجانة .
قالت : كلمني عن الجنس اللطيف ؟
قلت : كانت السبب في خروج آدم من الجنة .
قالت : كلمني عن نفسك و ما تشعر به الآن ؟
قلت :
إننـي دومـا أكـن لك ودا و عهـدي لك قائم بلا افتـراء
حان وقت الفراق و إن يشاء الله المتعـال يجدد بيننا لقـاء
قالت :
ظني بـك مقهور و لست كذلك و نعم أهـل أنت بمنزلة النبـلاء
أحييك يا حبيبي بألف تحية معطرة يا شاعـر الهيام بشهادة العـلاء
قلت :
و لك حبيبتي مني مثلها و أكثـر الغالب و المغلوب فينا يجني البهاء
بك يطيب لي إقامة جيد أشعاري و بحضورك أستلهم نطق الهـواء
29 جانفي 1990
لــقــواق إبراهيم
قلت : من أنت بحق خالق السماء بلا عمد ؟
قالت : أنا ذاكرتك أيها المجنون .
كانت تريد التحدي ، و أرادت أن تبرهن منذ الوهلة الأولى أنني لست أهلا للمنافسة و لخوض غمار التحدي ، ثم أنشدت لها هذه الأبيات الشعرية ...
مهما يكن فإني لك حقا مترصدا و عزتي تكمن في لقب مجنون الشعراء
و لعمري ما بات جنوني مهلكي و إن حل الجنون فنعم جنون البقـاء
قالت : مهلا ... مهلا
لا تكن كالذي جاء يسعى جاهدا و قد ذهـب جهده بكسب العنـاء
كان بمقدوري نكران ما بحوزتـي و طبعي ناكر لـمن يتسم بالشقـاء
قلت : لا تتسرعي و كوني واثقة تماما أن الغالب منا و المغلوب فينا له نفس الجزاء ... آه لقد نسيت لأنك لم تذكريني ، و مهما يكن فإن حواري معك الآن غير مستمد من ذاكرتك، لأنه جديد عليك ... بالله عليك ما هو وقت الراحة الذي تفضلينه ؟
قالت : رفقا بي أيها المجنون ، لقد أتعبتني معك و لم تضع حسابا لتعبي ، و ودي أن أرحل عنك لكي ترتاح و أرتاح .
قلت : ألا تعلمين ساكنة جسمي أن الإنسان خلق ليسعى و يشقى ؟
قالت : هناك من يسعى لأجل الكسب و آخر من أجل الشقاء .
قلت :
السعي وراء الكسب ذاك غايتي و من يسعى للشقاء يكون بالرضاء
نيتي للكسب كانت دون غيرها و إن أصابني شقاء فلا لوم و لا بكاء
قالت :
استهانوا بي في محطـة إقامتـي و نسوا أن هيجانـي مسببا للبلاء
شاركتك في إطرابك و أحزانك وأحسنت الجوار في السراء و الضراء
قلت : مسكينة أنت ... لكن حذار ثم حذار أن تكونين ما لا أكون أو تتصفين بصفات غير التي أبغي .
قالت : أ هذا تهدين أم ماذا ؟ أنت دائما عصبي ، أتريد قيادة الحوار بمفردك .
قلت : لنعرج عن هذا التنافس و ندخل ميدان الحوار .
قالت : أنا أبدء الأولى .
قلت : لك ما تشائين ... و ليكن ...
لك و لي فظل من أسمى الفضائل و لك تسريح من مجنون العقلاء
هلم بالبدء من قبل أن يخونك التعبير أو يغيب عنك الإنشاء
قالت : دعك من الشعر يا هذا ... فإنك لم تستو بعد بالشعراء ، ظني بك عازم لركب عجلة الفلاسفة .
قلت :
تلك موهبة لا تباع و لا تشترى و فظل من عند الله محسن العطاء
أثني بها على من يعلو بذكرهـا و أذم بها ذوي المكر و العـداء
قالت : لا بأس ... لا بأس عليك يا شاعر الذم و الثناء ( سكوت ) إن كنت تدعي بأنك شاعر ... فما معنى الحسد ؟
قلت : الحسد !!! مرض لونه شفاف .
قالت : و دواء الحسد ؟
قلت : الوحدة هو الدواء المناسب للمريض بالحسد ... لكي لا ترى العين ما يكسبه المحسود .
قالت : من هم أصحابك ؟
قلت : خزينتي و ما أملك فيها .
قالت : من هم رفاقك ؟
قلت : إثنين لا ثالث لهما ، بهما أرى النور و كل شيء و هما البصيرة .
قالت : من هم أحبابك ؟
قلت : حددي نوع السؤال .
قالت : سؤالي واضح وضوح الشمس .
قلت : هناك نوعان من الأحباب .
قالت : هذا لم أسمع به من قبل .
قلت : هناك أحباب أوفياء و أحباب أعداء .
قالت : دعنا من هذا ... قل لي من أحبابك من غير تمييز ؟
قلت : هذين هما الأحباب ( و أشرت إلى الذراعين ) .
قالت : لنحدد السؤال ... من هم الأحباب الأوفياء ؟
قلت : ذراعي الأيمن .
قالت : و من هم الأحباب الأعداء ؟
قلت : ما يعاكس الذراع الأيمن .
قالت : كيف تميز بين الأصحاب و الرفاق و الأحباب ؟
قلت :
إن خلوت بنفسي فأنت ثلاثتهم و إن شئت تمييزا فالكل بإحصاء
قدر نفسي عند الغيـر تـمييز و صحبة بالفعل عن كلام الإغراء
و أحسن من الرفاق مقلتا العين إن لم تبصر أحداهما فللنظر إخفاء
عزتي في حبيب الهنى عن عداوته و شـر عداوته الثقة بحب الوفاء
قالت :
لا تخدعنك المظاهـر بعد المعاش و بحكم الحياة تجني شهادة الإقتداء
لولا مقلتـا العين لا يمكن للقمر أو النجوم إجبارها لرؤية الأضواء
كل صديـق له ميزان و حاكم ميزانـه قائم بحكمـة الحكمـاء
لكل منا حبيب شاهد و بصير و اسأل عني مثيلاتي من النبهـاء
ثم قالت : ما تساوي عندك الحياة السعيدة ؟
قلت : إن دامت سعيدة تساوي ما تساويه و إن انقلبت لا تساوي ما تساويه
قالت : و الحياة الحزينة ؟
قلت : إن دامت حزينة تفوق ما تساويه و إن انقلبت تفوق ما لا تساويه .
قالت : و ما معنى الحقد ؟
قلت : الحقد !!! شجرة عقيمة لا تثمر طيبا .
قالت : و ما معنى الكراهية ؟
قلت : الكراهية !!! كرهي لها أعظم من كراهيتها .
قالت : لا تهرب عن السؤال .
قلت : عفوا ... الكراهية جرثومة خبيثة تسكن في ذات الإنسان .
قالت : من هم الأنذال ؟
قلت : مخلوقات لم تلحق بركب الرجولة.
قالت : ما معنى الرجولة ؟
قلت : لؤلؤة ... ياقوتة ... مرجانة .
قالت : كلمني عن الجنس اللطيف ؟
قلت : كانت السبب في خروج آدم من الجنة .
قالت : كلمني عن نفسك و ما تشعر به الآن ؟
قلت :
إننـي دومـا أكـن لك ودا و عهـدي لك قائم بلا افتـراء
حان وقت الفراق و إن يشاء الله المتعـال يجدد بيننا لقـاء
قالت :
ظني بـك مقهور و لست كذلك و نعم أهـل أنت بمنزلة النبـلاء
أحييك يا حبيبي بألف تحية معطرة يا شاعـر الهيام بشهادة العـلاء
قلت :
و لك حبيبتي مني مثلها و أكثـر الغالب و المغلوب فينا يجني البهاء
بك يطيب لي إقامة جيد أشعاري و بحضورك أستلهم نطق الهـواء
29 جانفي 1990
لــقــواق إبراهيم