[align=center] وفاته [/align]
بعض المراثي التي قيلت في النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أصحابه وأقاربه
قال عبدُ اللهِ بنُ أُنيس-رَضِيَ اللُه عَنْهُ-:
تَطَاوَلَ ليلي واعتَرتْني القــَوَارِعُ **** وَخَــطْبٌ جَلِيـلٌ للبَــلِيـــةِ جَــامـــِعُ
غداةَ نَعى النّــَاعي إلينـــا محمـداً ***** وتـلكَ التـي تَسْــتَكُّ منـها المسـامـعُ
فلو رَدَّ ميْــتاً قتلُ نفســي قتـــلتُها ***** وَلــكِنّــهُ لا يَـــدفعُ المـــوتَ دافـــعُ
فآليْتُ لا أثني على هُـلكِ هـــالكٍ ***** مـن النــاسِ، ما أوْفى ثَبـيـرٌ وفارعُ
ولكننـــي بــاكٍ علــيه وَمُتــْبــــِعٌ ***** مُصِيبـتَـــهُ إنــي إلــى اللهِ راجــعُ!
وقــد قَبَـــضَ اللهُ النَّبيّــــين قبــله ***** وعــادٌ أُصيبـت بالـرُّزى والتبــابـعُ
فيا ليتَ شعري! مَن يقـوم بأمرنا ***** وهل في قُريْـشٍ مـن إمـامٍ يُنــازِعُ؟
ثلاثةُ رهطٍ من قريـش هـــمُ هُــمُ ***** أزِمــةُ هـذا الأمـــر والله صـــانــعُ
عليٌّ أو الصـديــقُ أو عمـرٌ لــها ***** وليـس لـها بعــد الثـــلاثـةِ رابـــعُ!
فإن قال منــا قـــائـلٌ عيــر هــذه ***** أبيـنــا وقلــنا: اللهُ راءٍ وســـــامـــعُ
فيا لقريشٍ قلدوا الأمر بعضـــهم ***** فإنَّ صحيــحَ القــولِ للنــاس نافـــعُ
ولا تُبْطِئُوا عنـــها فـُواقــاً فإنَّــها ***** إذا قُطِعَتْ لم يُمْنَ فيـها المطامعُ(1)
وقال كعبُ بنُ مالكٍ-رَضِيَ اللُه عَنْهُ-:
وبَاكيــةٍ حــرَّاءَ تَحْـــزَنُ بِالبـــُكَا ****** وتَلْطــمُ مِنـها خَـدَّها والمُقــَلَّدَا
علـى هَــالِكٍ بعــد النَّبــيّ محمَّــدٍ ****** ولوْ عَلِمَتْ لمَ تَبْكِ إلا مُحَمّــَدَا
فُجِعْنَا بِخَيـر النَّــاسِ حيّــَاً ومَيِّتــاً ****** وَأَدْنَــاهُ مِنْ ربِّ البـَريَّةِ مَقْعـدَاً
وأَفْظَعَهُمْ فَقـْداً علــى كُلِّ مُسْـــلِمٍ ****** وَأَعظَمَـهُم فِي النَّـاسِ كُلِّهمُ يَدَا
لَقَد وَرِثَتْ أخلاقُهُ المَجْدَ والتَّقَــى ****** فَلَمْ تَلْقَهُ إلا رَشِيداً ومُرْشِدا(2)
وقال سواد بن قارب الدوسي-رَضِيَ اللُه عَنْهُ-:
جلت مصيبـتــك الغــداة ســـواد **** وأرى المصيبــــة بعـدها تزدادُ
أبقى لنا فـقــد النَّبـــيِّ محمّــــَدٍ **** صَلّـــَى الإلهُ عـيـــهِ ما يعـــتادُ
حزنا لعمرك في الفـؤاد مخامراً **** أم هـل لمــن فـقـــد النَّبيّ فؤادُ؟
كنــا نحـل بـه جنــابا ممــــرعـاً **** جف الجنـاب فأجــدب الــرُّوادُ
فبـكــت علـــيه أرضنـا وسماؤنا **** وتصــدعـت وجـــدا به الأكبادُ
قل المتــاع بــه وكــان عيــــانه **** حلمـــاً تضــمن سكرتيــه رقـاد
إن العيــان هـو الطريف وحزنه **** باق لعمــرك فـي الفــؤاد تــلاد
إن النبـــي وفـاتـــــه كـحيـــاتـه **** الحـــق حـــق والجــهاد جـهاد
لو قيـــل تفــدون النَّبــيّ محمـداً **** بدلــت لـــه الأمــوال والأولاد
وتسارعت فيه النفـوس ببـدلـــها **** هــــذا لـه الأغياب والأشـــهاد
هــذا وهـــذا لا يــــــرد نبـيــــنا **** لــــو كــان يفــديـــــه ســــواد
إني أحـاذر والحــــوادث جمــة **** أمراً لعاصف ريحـــه إرعـــاد
إن جـل منـــه مــا يخـــاف فأنتم **** للأرض إن رجفــت بنــا أوتاد
لو زاد قوم فوق منيـة صــاحب **** زدتـم، وليـــس لمنية مزداد(3)
وقال أبو ذُؤيب الهذلي خويلد بن خالد-رَضِيَ اللُه عَنْهُ-:
لمَّا رأيـتُ النَّـــاسَ فـــي عَسَلَانِهــم **** مــا بـين ملحــودٍ لـه مُضــــرِّح
متبــــادرين لشـــرجــــعٍ بأكفــــهم **** نـص الـرقاب لفقدِ أبيضَ أروحِ
فهناكَ صِرْتُ إلى الهمومِ ومَنْ يبتْ **** جــارَ الهمـومِ يبيتُ غيـرَ مُروَّحِ
كُســفتْ لمصــرعِهِ النُّجومُ وبدرُها **** وتضعضعتْ آطامُ بطنِ الأبطــحِ
وتزعـزعتْ أجبــالُ يثـــربَ كــُلُّها **** ونخيـلُها لحلــولِ خَطْــبٍ مُفـدَّحِ
ولقـد زجرتُ الطَّيـــرَ قبــلَ وفاتِــهِ **** بمصـابِهِ، وزجرتُ سعدَ الأذبـحِ
وزجــرتُ أن نعب المشحج سائحاً **** مُتفائــلاً فيــــه بفــــأل أقــبح(4)
وقالت عمتُهُ صفية بنت عبد المطلب تبكي رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:
ألا يا رسولَ اللهِ كُنْتَ رَجَـاءَنا **** وكنـــتَ بِنــَا بـَرَّاً ولـم تـَكُ جَافِيـــــَا
وكُنْتَ رَحِيْمَاً هَادِيَاً ومُعَلِّـــــمَاً **** لِيَبْكِ عَلَيــْكَ اليــومَ مـَنْ كَانَ بَاكِيـــــَا
لَعَمْرُكَ ما أبكـي النَّبــيَّ لفقــدِهِ **** ولكن لِمَـا أخشـى مِنَ الَهــْرجِ آتِيَــــا
كأنَّ عَلَى قلبي لذكــرِ مُحمَّـــدٍ **** ومـا خِفْــتُ مِنْ بعـد النَّبـيِّ المَكَاوِيــا
أفاطـــمُ صَلَّى اللهُ ربُّ مُحمّــَدٍ **** عَلَى جَـدَثٍ أمْســى بِيَثْــرِب ثاويــــا
فـِدىً لرسولِ اللهِ أُمِّي وخالتي **** وعَمّــــِي وآبائــي ونفســـي ومَالِيـــا
صدقتَ وبلَّغتَ الرِّسالةَ صادقاً **** ومـــُتَّ صلـــيبَ العُـــودِ أبلجَ صَافِيَا
فلو أنَّ رَبَّ النَّاسِ أبقى نبيَّـــنا **** سَعِــدْنا ولكــن أمــرُهُ كَانَ مَاضِيــــَا
علـيكَ مِنَ اللهِ السَّــلامُ تحيــــةً **** وأُدخِلتَ جناتٍ مِنَ العـدنِ رَاضِيَا(5)
وقالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب -رَضِيَ اللُه عَنْهَا-:
عينَيَّ جُـودا طَوَالَ الدَّهــرِ وانْهَمــِرَا *** سَكْبــاً وَسَحَّاً بـدَمـــعٍ غَيــرِ تَعــذيـرِ!
يا عَينِ فاسحَنفِري بالدَّمـعِ واحتفــلي *** حَتّــَى المَمـــاتِ بسَــجْلٍ غَيرِ مَنْزُورِ
يا عَيـنِ فانهــمِلي بالـدَّمـعِ واجتـهِدي *** للمُصــْطَفى، دونَ خلــقِ اللهِ بالنُّــورِ
بمُسْتَهَلٍّ مِـنَ الشُّـؤبــوبِ ذي سَيــــَل *** فقــد رُزِئْـتُ نبــيَّ العَــدْلِ والخيــرِ!
وكُنْـتُ مِنْ حَـذَرٍ للمـوْتِ مُشْـــــفَـقَةً *** وللّــذي خُـــطَّ مِـنْ تــلكَ المقــَاديـرِ!
مِنْ فَقْدِ أزْهَرَ ضَافي الخَلْقِ ذِيْ فَخَرٍ *** صَـافٍ مِنْ العَيبِ والعاهـاتِ والزُّورِ
فاذهَبْ حميـداً! جَــزَاكَ اللهُ مغفـــرةً *** يوْمَ القيامةِ عندَ النَّفخِ في الصُّورِ(6)
وقالتْ عمَّتُهُ أروى بنتُ عبدِ المطلبِ-رَضِيَ اللُه عَنْهَا-:
ألا يَا عَيْنِ ويْحَــكِ أَسعِـــدينـــِي **** بـدَمْعِـــكِ، مـَا بَقِبــت، وطَــاوِعِينـِي
ألا يـــا عَيــْنِ ويْحَـكِ! واسْتَهِلِّي **** عَلَــى نُــورِ البِـــلادِ وأَسْعِــدِينِـــي!
فَإِنْ عَــذَلَتــْكِ عَـــاذِلَةٌ فَقُـــولِــي **** عَــلَامَ وفِيـــمَ، ويْحَـــكِ تَعْـذِلِينــــي؟
عَلَـى نــُورِ البِــلادِ مَعــاً جَمِيـعاً **** رســــول اللهِ أَحْمَـــدَ فـاتــْرُكِينــــي
فإِلَّــا تُقْـصِــــري بِالعَــذْلِ عَنِّــي **** فَلُــومــِي مــا بَـــدَا لَكِ أَوْ دَعِيــني!
لأَمــــرٍ هـدّنِــــي وأذَلَّ رُكنـــِي **** وشَيَّـــــبَ بَعْـــدَ جِـدَّتِهَا قُرُونِي!(7)
يتبـــــــــــــع........