في ذكرى رحيل رائد النهضة الإسلامية الحديثة السيد جمال الدين الأفغاني
(9 مارس 1897م):
فتح الأفغاني عينيه على الدنيا فوجد العالم الإسلامي تركة رجل مريض يوشك أن يتقاسمه الطامعون،
ورأى الاستبداد السياسي يجثم على صدور المسلمين، والنعرات القومية تفرقهم، والتعصب المذهبي
والجمود الفكري يشل حركتهم العقلية.
أبى الأفغاني أن يكون عالماً دينياً تقليدياً يلقي على الناس دروسه ومواعظه ثم يعتزلهم فلا يدري عن
آلامهم وهمومهم ومشاكلهم شيئاً، فاقتحم غمار الدنيا وصارع أمواجها العاتية، وتنقل بين عدة بلدان لا يحدوه
إلى ذلك مكسب شخصي ولا مجد ذاتي سوى أن تنهض أمته من كبوتها وتستفيق من سباتها العميق.
كان الأفغاني ذا طموح يناطح السحاب، ولكن طموحه كان لأمته لا لنفسه، وكان زاهداً في الدنيا راغباً عنها،
فلم يكن يحفل بالمناصب وإن وضعته الأقدار فيها أحياناً، فقد كان رجل علم وفكر وزعيم مصلح، وليست السياسة
إلا جزءاً من مشروعه الإصلاحي .. أراد السلطان عبدالحميد أن ينعم عليه برتبة قاضي عسكر فقال لرسول السلطان:
قل لمولاي السلطان إن جمال الدين يرى أن رتبة العلم أعلى المراتب.
حارب الأفغاني على عدة جبهات، فدعا بقوة إلى الجامعة الإسلامية لوأد النعرات القومية، وتصدى في جريدته
(العروة الوثقى) للاستعمار الغربي فاضحاً خططه وكاشفاً عن أساليبه، وحطم صنم الإلحاد في كتابه (الرد على الدهريين)،
وواجه الجمود الفكري داعياً إلى إعمال العقل ودراسة العلوم الحديثة، وهاجم الاستبداد والمستبدين حتى لقد رجاه السلطان
عبدالحميد في إحدى المرات أن يكف عن مهاجمة شاه إيران آنذاك، فقال بعزة المؤمن وسط ذهول الحاشية: قد عفوت عنه.
هذه ومضات من سيرة رجل عظيم نذر حياته لدينه وأمته، فعاش عزيزاً ومات عظيماً، فسلام عليه في الخالدين.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2015-03-09, 21:10
في ذكرى وفاة جمال الدين الأفغاني
العرض العادي
