تطاير الأساور, في إبطال مجاز القرآن الطاهر, ( رد على الأشاعرة). - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تطاير الأساور, في إبطال مجاز القرآن الطاهر, ( رد على الأشاعرة).

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-28, 01:01   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










Post تطاير الأساور, في إبطال مجاز القرآن الطاهر, ( رد على الأشاعرة).


تطاير الأساور, في إبطال مجاز القرآن الطاهر, ( رد على الأشاعرة).
للكاتب ابي عبيدة فهّاد

السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الرحيم.
إبطال المجاز في اسماء الله وصفاته " رد على الأشاعرة "


1- أن الأشاعرة المفوضة يخالفون الأشاعرة المؤولة الذاهبة الى المجاز .
2- أن المجاز اصطلاح غير مستقيم وفيه مفاسد في العقل واللغة والشرع . اما العقلية فهو عدم تحديد بضابط وقانون مستقيم . وأما للغوية ففيه تغيير للأوضاع اللغوية التي اصطلح عليها الشرع واللغة . وتغيير ذلك تمديد لتحريف المعاني الشرعية . وأما الشرعية فتحريف كلام الله والتشكيك فيه بأنه كلام غير حقيقي والدعوى المجردة من العالم أن الله لم يرد ما أنزل , وإنما أراد خلافه .
3- تجويز المجاز في بعض كلام الله دون البعض الآخر تحكم لا دليل عليه . فما الضابط الذي نعرف به ما يجوز من المجازوما لا يجوز ؟ إن الذين يفرقون بين الحقيقة والمجاز لم يستطيعوا أن يفرقوا بينهما بحد صحيح !
4- اتفق القائلون بالمجاز على أن الأصل في الكلام الحقيقة وأن المجاز على خلاف الأصل . ولا ينقل عن حقيقته الى المجاز الا بشروط وجود قرينه تبيح ذلك . وهو شرط لم يلتزم به من استعملوا المجاز في أصول الدين .
5- ماذا لو اضطرد المجاز ليشمل صفة الرؤية ؟ فإن صفة رؤية الله في الآخرة عند المعتزلة مجازية كما أن صفات العلو والغضب والرضى والمجيء والرحمة عند كم مجازية وكما انه ليس للمعتزلة مستند شرعي في مجازية الرؤية فليس عندكم مستند شرعي فيما تجعلونه مجازياً
6- بم تحرمون على المعتزلي الاضطراد في الـتأويل ؟ وبضابط شرعي أم بتحكم محض ! ولماذا يجوز ويحل لكم المجاز ويحرم عليهم ؟ قال الالوسي " القول بالمجاز في بعض الصفات والحقيقة في أخرى لا أراه إلا تحكماً بحتاً " تفسير روح المعاني 1\60"
ووصف هذه الـتاويلات بأنها نزعة أعتزالية .
فالمعتزلة زعموا أن النصوص المصرحة بزيادة الإيمان مؤولة بزيادات الهدى " متشابه القرآن262 "
وتأولوا "خروج قوم من أهل النار " على معنى يخرجون من عمل أهل النار . وحديث " شفاعتي لأهل الكبائر " أي : اذا تابوا " شرح الأصول الخمسة 672 فضل الاعتزال للقاضي عبد الجبار "
وتأولوا قوله تعالى " تسبح له السماوات السبع والأرض " بمعنى أنها تدل على توحيده بلسان حالها فكأنها تنطق بذلك " تنزيه القرآن عن المطاعن 229 الكاشف للزمخشري 2\451
وتأولوا قوله تعالى " ويمددهم في طغيانهم يعمهون " أي زادهم الشيطان طغياناً وأسند ذلك الى الله إسناد الفعل الى المسبب مجازاً "منقول من تفسير البضاوي 1\29"

وتأولوا قوله تعالى "اذا رأيتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيرا " على المجاز أي اذا كانت منهم تغيظوا وزفروا غضبا على الكفار وشهوتاً للانتقام " تنزيه القرآن عن المطاعن 398"
وتأولوا قوله تعالى "ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض " فحملوا السجود على الخضوع وذلك أن العقل يستحيل عنده أن يسجد الجبل أو تسجد الأرض .
7- أن بعض الكلمات لها معاني كثيرة . ومن ذلك لفظ الرأس فإنه يطلق على رأس الإنسان ومنبع العين وسيد القوم وأول الشهر وأول الطريق وبعضها يدل على المعنى وضده كالجون الدال على السواد وعلى البياض , والقرء الدال على الطهر والحيض : والدلوك الدال على الزوال والغروب , فأيهما حقيقه وأيهما مجاز ؟
8- أن المجاز كذب لأنه يتناول الشيء على خلاف حقيقته .
9- أن المجاز كان سلماً ومطية ووسيلة لتعطيل ما يتعارض مع منهج المتكلمين : فقد جعل الأشاعرة كلام الله مجازاً : كلام جبريل حقيقة , واليد مجازية والاستواء مجازي والعلو مجازي والنزول مجازي , بل والرحمة مجازية "جعل السبكي الرحمة كناية عن أنعامة " الفتاوي السبكية 1\8"
ودلالة لفظ الايمان على الأعمال عند الأشعرية المرجئة مجازية وعلى التصديق وحقيقته " الاشارة الى المجاز في بعض أنواع الجاز للعز بن عبد السلام ص39 و97 ط البشائر وطبقات السبكي 1\130 "

وأفعال العباد منسوبه إليهم مجازاً لا حقيقة . وقال المشركون الطلب من الصنم مجاز من الولي أو النبي . وقال الغزالي وأهل وحدة الوجود : وجودنا مجاز ولا وجود على حقيقة الا وجود الله وأفعاله .
بينما جعل المعتزلة رؤية الله مجازية لا حقيقة وعذاب القبر مجازياً لا حقيقة . وجعل الفلاسفة البعث والجنة والنار مجا زيين .
10- المجاز : مما يجوز نفيه , فلو قيل مثلا " طار زيد من الفرح " فيتضمن هذا المجاز نفي أن يكون طار حقيقة . ولا شيء في القرآن يجوز نفيه

فحمل صفات الغضب والرضا والاستواء والنزول على المجاز يعني نفي هذه الصفات , ولا يجوز نفي ما اثبته الله لنفسه
لذلك كان إعمال المجاز في صفات الله ليس من تنزيله وإنما إلحاد في أسمائه وقد قال تعالى " وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون "اأعراف 180

قال الحافظ ابن عبد البر " وحمل كلام الله تعالى وكلام نبيه على الحقيقة أولى بذوي الدين والحق " وقال " ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز , إذ لا سبيل الى اتباع ما أنزل الينا من ربنا الا على ذلك وانما يوجه كلام الله عز وجل الى الأشهر والأظهر من وجوهه , مالم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم , ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات : وجل الله عز وجل أن يخاطب الا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين " التمهيد 5\16"
11- أن المجاز بدعة وضع المعتزلة أسسها وبنوا عليها نفي الصفات , وأول من تكلم فيها الجاحظ " كتاب تلخيص البيان في مجازات القرآن 11"
ثم تلقاه عنهم الأشاعرةو والماتريدية . وترتب على ذلك مفاسد في جحد أسماء الله وصفاته حين صار المجاز الذريعة الأولى لنفي ما وصف الله به نفسه .
وإن القواعد المقررة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وفي المقابل لا نرى من أحداً من سلفنا الصالح دعا الى هذا المجاز , ولم يقل أحد منهم بأن القرآن آيات تحمل على الحقيقة وأخرى على المجاز . فهذا ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعطاء وغيرهم قد فسروا القرآن كله ولم يقل واحد منهم بالمجاز في شيء من صفات الله .
قال ابن عبد البر" وأهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الوارده كلها في القرآن والسنة وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا انهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة . والجهمية والمعتزلة لا يحملون شيئا منها على الحقيقة ويزعمون ان من اقر بها فهو مشبه " أضاف " ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز ....... ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات " التمهيد 7\145"
12- أن تقسم الألفاظ الى حقيقة ومجاز تقسيم حادث لا أصل له في الشرع واللغة , ولم يقل به أحد من أهل اللغة كسيبويه والخليل وأبي عمرو بن العلاء , ولم تقسم العرب اللفظ الى حقيقة ومجاز وإنما كان منشأه من الجهمية والمعتزلة , قصدوا به التوصل الى نفي صفات الكمال عن الله عز وجل .
وهذا كتاب محمد بن الحسن الشيباني ( الجامع الكبير " في اللغة لم يذكر فيه تقسيم العرب اللغة الى حقيقة ومجاز , والشافعي اول من تكلم في علم الأصول وليس في كتبه ما يشير الى تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز .
13- ان موقف الأشعري من اللغة أنها توقيفية وأن أصل صحة الاستعمال السماع خلافاً للمعتزلة الذين قالوا إنها اصطلاحية حتى جعلوا أكثرها مجازاً لا حقيقة " المزهر لسيوطي 1\207" يمثلهم في ذلك القاضي عبد الجبار والجاحظ والزمخشري , وحملهم هذا على التوسع في الأتويل النصوص .
فلماذا يميل الأشاعرة المتأخرون اليهم دون أبي الحسن ؟
14- أن المجاز لا يجوز عندكم بدون قرينة . وربما خفيت فيقع الالتباس على المخاطب فلا يفهم مراد الله وهذا يخالف حكمة الخطاب .
15- أن المجاز غير مقطوع به بل هو ظني , حاله في ذلك حال التأويل لا نص عليه وإنما هو مجرد ظن , والشريعة ذمت اتباع الظن والظن من الشيطان , فكيف يمكن ازالة وسوسة الشيطان بالظن الذي هو من وسوسة الشيطان ؟!
16- أن المجاز هو الذي فتح الباب للفرق الزائغة وأصحاب المقاصد السيئة لهدم الاسلام .
لقد كان المجاز سلم الباطنية به نسفوا الشريعة وعطلوا النصوص فصارت الصلاة عندهم موالاة الإمام , والحج القصد الى مرقد الإمام والصيام إمساك سر الإمام والبقرة في قوله تعالى " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " هي عائشة " و "الجبت والطاغوت " هما أبو بكر وعمر " الفرق بين الفرق 271,178"


وقد زعم الغزالي أن الفرق بين حرمة تأويلات الباطنية وإباحة تأويلات الأشاعرة أن الأشاعرة معيارً في التاويل وهو أن ما دل نظر العقل ودليله على بطلان ظاهره علمنا ضرورة أن المراد غير ذلك " فضائح الباطنية 53"

ولكن أنى يصح معيار الأشاعرة وقد أعترفوا مراراً بأن تاويلاتهم محتملة وليس مقطوع بها أن تكون مراده لله .وقد تضاربت تأويلاتهم فمنهم من يرى اليد قدرة ومنهم من يراها نعمة ومنهم من يرى من العقل عدم إعمال العقل واللجوء الى التفويض ؟!!!
17- أن العدول عن الحقيقة الى المجاز يقتضي نسبة العجر الى الله , ولا يمكن أن نقول : إن الله لم يجد لفظاً أفضل من لفظ " استوى " فجاء المتكلمون وأتوا بأفضل منه وهو لفظ " استولى "
18- أنه فتح باب التأويل والمجاز لا رتفعت الثقة بالنصوص , ولم يعد يثبت شيء من العبارات , ولا يمكن لأي قاض حينئذ أن يحكم في قضية ما. وبلغ بقوم تأويل عبارات الكفر لمشايخهم حتى قالوا : قول الواصلين أنا الحق وسبحاني ما اعظم شأني وما الجبة غير الله عبارات لها تأويل . وبهذا الأعذار لا يعود على الأرض كفر
قال ابن حجر الهيتمي " المدار في الحكم بالكفر على الظواهر لا على المقاصد والنيات , ولا نظر للمقصود والنيات ولا نظر لقرآئن حاله " وقد قال العلماء لو نطق بكلمة الردة وزعم أنه أضمر تورية كفر ظاهراً وباطناً "أنظر الزواجر 1\32"
19-أننا لو قلنا بالمجاز لقلنا إنه لا يجوز بغير قرينة شرعية عندنا فيها من الله برهان فقوله " واخفض لهما جناح الذل " الجناح في اللغة اليد وقوله وسأل القرية "
ذكر ابن تيمية ان القرية لا تطلق إلا على الآهلة بمن فيها . فأما التي لا سكان لها فلا تسمى قرية في اللغة ولذالك قال الله تعالى " فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا" ولم يقل وتلك قرآهم .

ولو رجعنا الى الموصوفات المكورة وعايناها , فعرفنا بعد المعاينة أن خفض الجناح ليس خفض يده وإنما خفض نفسه وتواضعها , ومعروفه في اللغة بذكر الخاص ويراد به العام

وأن القرية جماد لا يمكن تكليمه


ولكن هل من طريقة يمكن بها رؤية الله والاحاطه به علماً حتى نقر إن كانت بعض صفاته تحمل على الحقيقة أو المجاز ؟ وهذا غير ممكن لأن الله غيب عنا ولا نعلم عنه شيئاً إلا من خلال ما وصف به نفسه , لذا كان إعمال المجاز في الله وصفاته حراماً لأنه مبني على الاحتمال والظن والرجم بالغيب" حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أم ماذا كنتم تعملون " النمل 84"
لذا كان التوقف على ما استعمله العرب في مجاري كلامها هو التحقيق في المسألة .
فما يسميه المجيزون مجازاً هو عند النافين اسلوب من أساليب اللغة العربية كلها حقيقة , والحقيقة تكون لفظية : أي يدل اللفظ على معناها بمفرده , وتكون تركيبية : أي تدل الألفاظ على معانيها بتركيبها .
والفرق بين هذا وبين القول بالمجاز أن المجاز أعم وقول المحققين أخص . فالمدعون للمجاز يجوزون عبارات وأساليب لم تعهدها العرب في كلامها بتقدير محذوفات في الكلام وتقدير نسب لا ضابط لها . وحينئذ يمكن لأي مبطل أن يفسر أي لفظ بأي معنى سنح له وإن لم يكن له سند في اللغة .
لذا فانه ليس عند من يدعون المجاز ضابط مستقيم لمجازهم . والعقل ليس أصل اللغة جزماً بل أصل صحة الاستعمال في موارده قبل وسمي حقيقة . وما لم يستعمل في دلالات الألفاظ ومفرداتها لا قواعدها وأبنيتها .









 


قديم 2013-12-28, 21:16   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
samid_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

منقووووووووووول
المجاز في القرآن والسنة النبوية بين الإجازة والمنع
الباحث : عمر خطاب عمر الرشيدي
ماجستير قسم البلاغة والنقد كلية اللغة العربية بالقاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد

القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته المنزَّل على سيدنا محمد قال ]وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُبِينٍ[ [الشعراء192: 195]، فهو معجزة رسول الله ، وكما نعلم أن الله يؤيد رسله بمعجزة نبغ فيها قومه، فمثلا قوم سيدنا موسى عليه السلام نبغوا فى السحر لذلك أيده الله بمعجزة العصا التى صارت حيَّة واكتشف السحرة أنفسهم أن ما جاء به موسى ليس سحرا فآمنوا معه، وكذلك حال عيسى عليه السلام، لأن زمانه كان زمن الطب، فكانت معجزته وهى إحياء الموتى، فلما كان زمن النبى زمن الفصاحة والبيان، جعل الله معجزته من جنس ما كان يُولعون به وبأشرفه، فتحدّاهم بالقرآن كلاما منثورا، لا شعرا منظوما، فأيد الله خاتم الأنبياء والمرسلين بمعجزة نبغ فيها قومه فقد أُوتى العرب البلاغة والفصاحة والبيان وبرعوا فى قرض الشعر حتى إنهم كانوا يعقدون فى سوق عكاظ مباريات أدبية يلقى فيها كل شاعر إنتاجه الأدبى من الشعر، ويقوم النقاد باختيار القصائد الجيدة، ويتم تعليقها على الكعبة، ولما بُعث رسول الله وأُنزل عليه القرآن تحدّى العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا أو أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا أو أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا.
فالقرآن نزل بلغة العرب، وجاء على طرائقهم فى البيان والكلام فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه إلى النبى أن يسألوه عن معانيه، وعمَّا فيه مما فى كلام العرب مثله من الوجوه والتلخيص، وفى القرآن مثل ما فى الكلام العربى، من وجوه الإعراب، ومن الغريب، والمعانى، فلم تستغلق عليهم عباراته وأثّرت فيهم تأثيرا بالغا فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قبل إسلامه حينما قصد أن يقتل سيدنا محمدًا وقابله بعض الصحابة فأخبره أن أخته وزوجها قد أسلما فذهب سيدنا عمر مسرعا إلى بيت أخته فلما شعرت به أخفت الصحيفة فأخذها منها بقوّة وقرأ ما فيها فتأثر تأثرا شديدا وكان داعيا قويا إلى إسلامه.
وقد كانوا يجدون له وقعا فى القلوب وقرعا فى النفوس يرهبهم ويحيرهم فلم يتمالكوا إلا أن يعترفوا به نوعا من الاعتراف.
«عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله فلما قرأ عليه القرآن كأنه رقّ له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه، فقال: له يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله - بكسر القاف وفتح الباء، قال: الوليد لقد علمت قريش أنى من أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول فوالله ما فيكم من رجل أعلم منى بالشعر لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذى يقوله شيئا من هذا ووالله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه ليحطم ما تحته، قال أبو جهل للوليد: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، فقال: الوليد دعنى أفكر فلما فكر، قال: هذا سحر يأثره عن غيره» ([1]).
ومن هذه الظواهر المجاز وهو: «إسناد اللفظ إلى غير ما هو له فى الحقيقة» فنجد أن من العلماء من أنكر هذه الظاهرة فى القرآن الكريم وفى الحديث الشريف، وحتى فى اللغة بوجه عام. ومنهم من أكثر منها وبالغ فيها ليترك لنفسه العنان فى تأويله كيف يشاء. فوقع الأمر بين الإفراط والتفريط .
وفى هذا البحث نتناول هذه القضية إن شاء الله ، وما هى الأسباب التى دعت المنكرين إلى إنكاره؟ وما هى الردود التى رُدَّ بها عليهم؟ وقبل كل شىء ذكرت نبذة مختصرة عن المجاز وما يشتمل عليه، فإن أصبت فلله الفضل والمنة، وإن كانت الأخرى فمن نفسى، وأسأل الله التوفيق والسداد.
منهج البحث
1) الفصل الأول قمت بتعريف المجاز، وما يشتمل عليه.
2) الفصل الثانى بدأت بذكر آراء المجوزين للمجاز، ولم أتوسع فيه كثيرا لكثرة عدد من قالوا بالجواز وعدم القدرة على حصرهم، وإنما ذكرت بعض العلماء ممن لهم قدم راسخ فى كل فن من الفنون، وآثرت أن أذكر رأى الأستاذ مصطفى صادق الرافعى لمكانته ودوره فى الدفاع عن القرآن الكريم.
3) ثم ذكرت أراء المنكرين لورود المجاز فى القرآن، وقسَّمتهم إلى ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى قبل الإمام ابن تيمية، ومرحلة الإمام ابن تيمية، ومرحلة ما بعد الإمام ابن تيمية.
4) الفصل الثالث ذكرت الردود التى رُدّ بها على المنكرين، وناقشت هذه الردود، وهل وافقهم الصواب فى إنكارهم هذا أم لا؟
5) قمت بتعريف الأعلام التى وردت داخل النصوص، وعرفت العلم حتى لو بلغ شهرة كبيرة، مع تخريج الآيات، والشواهد الشعرية.
6) ذكرت فى الخاتمة الرأى الصواب - من وجهة نظرى القاصرة.




الفصل الأول

تعريف المجاز وما يشتمل عليه


تعريف المجاز:
كلمة مَجَاز بوزن «مَفْعَلٌ من جازَ الشىءَ يَجُوزه، إذا تعدَّاه، وإذا عُدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة، وُصف بأنه مجاز، على معنى أنهم جازوا به موضعَه الأصلىّ، أو جاز هو مكانه الذى وُضع فيه أوَّلاً»([2]).
لذلك نعلم أن لكل مجاز حقيقة «لأنه لم يصح أن يطلق عليه اسم المجاز إلا لنقله عن حقيقة موضوعة له إذ المجاز هو اسم للموضع الذى ينتقل فيه من مكان إلى مكان فجعل ذلك لنقل الألفاظ من الحقيقة إلى غيرها وإذا كان كل مجاز لا بد له من حقيقة نقل عنها إلى حالته المجازية فكذلك ليس من ضرورة كل حقيقة أن يكون لها مجاز فإن من الأسماء ما لا مجاز له كأسماء الأعلام لأنها وضعت للفرق بين الذوات لا للفرق بين الصفات»([3]).


فيم يستعمل؟
«المجاز أولى بالاستعمال من الحقيقة فى باب الفصاحة والبلاغة لأنه لو لم يكن كذلك لكانت الحقيقة التى هى الأصل أولى منه حيث هو فرع عليها»([4]).


فائدته:
إن لم يكن فى المجاز زيادة فائدة على الحقيقة لا يُعدل إليه ولكن فائدته هى: «إثبات الغرض المقصود فى نفس السامع بالتخييل والتصوير حتى يكاد ينظر إليه عيانا ألا ترى أن حقيقة قولنا: زيد أسد، هى قولنا: زيد شجاع، لكن فرق بين القولين فى التصوير والتخييل وإثبات الغرض المقصود فى نفس السامع؛ لأن قولنا: زيد شجاع لا يتخيل منه السامع سوى أنه رجل جرىء مِقْدام، فإذا قلنا: زيد أسد يخيل عند ذلك صورة الأسد وهيئته وما عنده من البطش والقوة ودق الفرائس وهذا لا نزاع فيه. وأعجب ما فى العبارة المجازية أنها تنقل السامع عن خلقه الطبيعى فى بعض الأحوال حتى إنها ليسمح بها البخيل ويشجع بها الجبان ويحكم بها الطائش المتسرع ويجد المخاطب بها عند سماعها نشوة كنشوة الخمر حتى إذا قطع عنه ذلك الكلام أفاق وندم على ما كان منه من بذل مال أو ترك عقوبة أو إقدام على أمر مهول وهذا هو فحوى السحر الحلال المستغنى عن إلقاء العصا والحبال».([5]) وقال ابن رشيق (ت 463 هـ)([6]) فى العمدة: «المجاز فى كثير من الكلام أبلغ من الحقيقة، وأحسن موقعاً فى القلوب والأسماع، وما عدا الحقائق من جميع الألفاظ»([7]) .
منزلة المجاز وقيمته فى لغة العرب
قال ابن رشيق فى العمدة متحدثا عن منزلة المجاز وقيمته فى لغة العرب بقوله: «العرب كثيراً ما تستعمل المجاز، وتعده من مفاخر كلامها؛ فإنه دليل الفصاحة، ورأس البلاغة، وبه بانت لغتها عن سائر اللغات»([8]).


أقسام المجاز

ينقسم المجاز إلى مجاز عقلى، ومجاز لغوى.

أولا المجاز العقلى:
«هو الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه لضرب من التأويل إفادة للخلاف لا بواسطة وضع»([9]).
وبعبارة أخرى: هو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له، أى غير الملابس الذى ذلك الفعل أو معناه له، يعنى غير الفاعل فيما بنى للفاعل، وغير المفعول فيما بنى للمفعول، بتأول متعلق بإسناده. مثل: (أنبت الربيع البقل).
وحاصله أن تنصب قرينة صارفة للإسناد عن أن يكون إلى ما هو له، كقولنا: فى عيشة راضية، فيما بنى للفاعل وأسند إلى المفعول به، إذ العيشة مرضية، وسيل مفعم، فى عكسه، اسم مفعول من: أفعمت الإناء: ملأته، وأسند إلى الفاعل([10]).

ثانيا : المجاز اللغوى:
هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له بالتحقيق فى اصطلاح به التخاطب، مع قرينة مانعة عن إرادته، أى إرادة معناها فى ذلك الاصطلاح([11]).

وينقسم المجاز اللغوى إلى مفرد ومركب:
أما المفرد فهو: «كلُّ كلمة أريد بها غيرُ ما وقعت له فى وَضْع واضعها، لملاحظةٍ بين الثانى والأوّل، فهى مجاز. وإن شئت قلت: كلُّ كلمة جُزْتَ بها ما وقعتْ به فى وَضْع الواضع إلى ما لم توضع له، من غير أن تستأنف فيها وضعاً، لملاحظةٍ بين ما تُجُوّز بها إليه، وبين أصلها الذى وُضعتْ له فى وضع واضعها»([12]).

وينقسم المجاز المفرد إلى مرسل واستعارة:
«والمجاز ضربان: مُرْسَلٌ، واستعارة؛ لأن العلاقة المصحَّحة إن كانت تشبيه معناه بما هو موضوع له فهو استعاره، وإلا فهو مرسل، وكثيرا ما تطلق الاستعارة على استعمال اسم المشبه به فى المشبه، فيسمى المشبه به مستعارا منه، والمشبهمستعارا له، واللفظ مستعارا»([13]).
والمجاز المرسل له علاقات كثيرة نذكر منها:
1) السببية والمجاورة: مثل استعمال اليد فى النعمة فى قولهم: (كثرت أياديه لدىّ)، (له علىّ يد)، وقوله «أَسْرَعكنّ لُحوقا بى أَطْوَلُكُنَّ يَدًا»([14]).
2) الجزئية: ومنها تسمية الشىء باسم جزئه، مثل قوله ]قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا[ [المزمل: 2]
3) الكلية: مثل قوله ]يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِى آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ[ [البقرة: 16].
4) السببية: ومنها تسمية المسبب باسم السبب كقوله : ]فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ[ [البقرة: 194]
5) المسببية: ومنها تسمية السبب باسم المسبب كقولهم: (أمطرت السماء نباتا)
6) اعتبار ما كان: ومنها تسمية الشىء باسم ما كان عليه مثل قوله : ]وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ[ [النساء: 2]
7) اعتبار ما يكون: ومنها تسمية الشىء باسم ما يؤول إليه مثل قوله : ]إِنِّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا[ [يوسف: 36]
8) المحلية: ومنها تسمية الشىء الحالّ باسم محله مثل قوله : ]فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ[ [العلق: 17] ،أى أهل ناديه.
9) الحالية: ومنها تسمية المحل باسم حالّه مثل قوله : ]وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ اللَّهِ[ [آل عمران: 107]
10) الآلية: ومنها تسمية الشىء باسم آلته، كقوله ]وَاجْعَلْ لِى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْآخِرِينَ[ [الشعراء: 84]
وأما المركب فهو: «اللفظ المركب المستعمل فيما شُبِّه بمعناه الأصلى تشبيه التمثيل للمبالغة فى التشبيه، أى تشبيه إحدى صورتين منتزعتين من أمرين أو أمور بالأخرى، ثم تدخل المشبهة فى جنس المشبه بها مبالغة فى التشبيه، فتذكر بلفظها من غير تغيير بوجه من الوجوه» ([15]). كما يقال للمتردد فى أمر: إنى أراك تقدم رجلاً وتأخر أخرى([16]).
وهو نوع من أنواع الاستعارة لأن التجوز فيه وقع فى المثبت دون الإثبات للمبالغة فى التشبيه، مثل قولهم (فلان طويل اليد) أى: عظيم القدرة([17]).
الاستعارة: وهى ادعاء معنى الحقيقة فى الشيء للمبالغة فى التشبيه، مع طرح ذكر المشبه من البين، كقولك: لقيت أسداً، وأنت تعنى به الرجل الشجاع، ثم إذا ذكر المشبه به مع ذكر القرينة يسمى: استعارة تصريحية وتحقيقية، والاستعارة فى الفعل لا تكون إلا تبعية، كنطقت الحال([18]).









الفصل الثاني
المجاز فى القرآن الكريم والحديث الشريف بين المجوزين والمنكرين
الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم :
«لا خلاف أن كتاب الله يشتمل على الحقائق، وهي: كل كلام بقى على موضوعه كالآيات التى لم يتجوز فيها والآيات الناطقة ظواهرها بوجود الله وتوحيده وتنزيهه والداعية إلى أسمائه وصفاته كقوله ]هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[[الحشر: 22] ] أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا [[النمل: 61] ]أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ[ [النمل: 62] ]أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ[ [النمل: 63] ]أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ[ [النمل: 64] ]قَالَ مَنْ يُحْيِى الْعِظَامَ وَهِى رَمِيمٌ[ [يس: 78] ]أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ[ [الواقعة: 58]] أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ[ [الواقعة: 63] ]أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ[ [الواقعة:68] ([19]).
أما المجاز فاختلف فى وقوعه فى القرآن
قد قال بالمجاز خلق كثير لا يجوز حصرهم، ولم يقل بنفيه وإنكاره إلا عدد قليل من العلماء، وسأعرض -بعون الله- أراء بعض العلماء المجوزين له -بدليل وروده فى كتبهم-، ثم أعرض أراء المنكرين له، والشبه التى جعلتهم ينكرونه، والرد على تلك الشبه.

المجوزون

قد قال بالمجاز كثير من الأئمة، وعددهم لا يحصى، ولكنى آثرت أن أذكر من أصحاب كل فن بعض البارزين فيه فقط:

أولا: اللغويون والنحاة:

سيبويه (ت 180هـ) ([20])
وضع سيبويه كتابه الذائع الصيت (الكتاب) فى القرن الثانى الهجرى، فجاء كتابه – على سبقه الزمنى- نسيج وحده فى موضوعه، حالا بكل ما يفيد من الدراسات اللغوية نحوا وتصريفا وعروضا وأصوات وقراءات، وبلاغة، لم يعرف قبله مثله، ولم يلحق به نظير واحتل مكانا رفيع الدرجات عند العلماء والدارسين. وكان المبرد يقول فيه لمن جاء يقرأه عليه: هل ركبت البحر، تعظيما واستصعابا لما فيه ([21]).
وصار كتاب سيبويه دستورا لمن جاء بعده، ومرجعا للمؤلفين من القدماء، وله عند الباحثين المحدثين أهمية لا تضارع. لم تقتصر الإفادة على النحويين والصرفيين واللغويين، والقراء، بل أفاد منها الأدباء والنقاد والبلاغيين. فمثلا الإمام عبد القاهر الجرجانى فقد وضع تعريفه لنظرية النظم على إدراك المعانى النحوية وحسن إيرادها بين الكلم، فقال: «واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذى يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التى نهجت، فلا تزيغ عنها»([22]).
لم يصرح سيبويه باسم المجاز، ولكنه يوجهها توجيها مجازيا، ولكن المتأخرين من علماء البلاغة من بعده وإلى اليوم نقلوا التراكيب التى لفت سيبويه الأنظار إليها، ورددوا توجيهه إياها، قال: «ومما جاء على اتساع الكلام والاختصار قوله ]وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِى أَقْبَلْنَا فِيهَا[ [يوسف: 82]، إنما يريد أهل القرية فاختصر، وعمل الفعل فى القرية كم كان عاملاً فى الأهل لو كان هاهنا. ومثله: « بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»، وإنما المعنى: بل مكر كم فى الليل والنهار. وقال : « ولكن البر من آمن بالله »، وإنما هو: ولكن البر بر من آمن بالله واليوم الآخر.
ومثله فى الاتساع « قوله »: « ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً »، وإنما شبهوا بالمنعوق به. وإنما المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذى لا يسمع. ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى» [23] .
الفراء ( ت 207هـ) ([24])
الفراء مِثْل سيبويه لم يضع كتابه للبحث البلاغى فى اللغة أو فى القرآن الكريم، وإنما وضعه لتوجيه النص القرآنى من حيث القراءات الواردة فيه، والوجوه الإعرابية الجائزة فى التنزيل، وبيان المعنى المختلف باختلاف باختلاف القراءة والإعراب. فمنهجه بعيد عن المنهج البلاغى المتخصص، لكن له تخريجات فى كتابه من صميم مسائل المجاز كما عرف عند المتأخرين، وهو أحيانا ينسب إلى ما يصرح به إلى أعلام السلف: صحابة وتابعين، وبخاصة ابن عباس ومجاهد وقتادة، رضى الله عنهم أجمعين([25]).
وهذا فيه من الأدلة القاطعة بأن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أدركوا مسألة التأويل المجازى.
أبو عبيدة (ت 209هـ) ([26])
أبو عبيدة صاحب كتاب (مجاز القرآن)، ولم يرد من كلمة (المجاز) التى جعلها عنوانا لكتابه المعنى الاصطلاحى للمجاز ومع هذا فإن فيه تخريجات مجازية عديدة([27]).
قال أبو عبيدة: «فى القرآن ما فى الكلام العربى من الغريب والمعانى، ومن المحتمل من مجاز ما اختصر، ومجاز ما حذف، ومجاز ما كف عن خبره، ومجاز ما جاء لفظه لفظ الجمع، ووقع على الجميع، ومجاز ما جاء لفظه لفظ الجميع، ووقع معناه على الاثنين، ومجاز ما جاء لفظه خبر الجميع على لفظ خبر الواحد، ومجاز ما جاء الجميع فى موضع الواحد إذا أشرك بينه وبين آخر مفرد، ومجاز ما خبر عن اثنين، أو عن أكثر من ذلك، فجعل الخبر للواحد، أو للجميع، وكف عن خبر الآخر، ومجاز ما خبر عن اثنين، أو أكثر من ذلك، فجعل الخبر للأول منهما، ومجاز ما خبر عن اثنين أو عن أكثر من ذلك، فجعل الخبر للآخر منهما، ومجاز ما جاء من لفظ خبر الحيوان والموات على لفظ خبر الناس؛ والحيوان كل ما أكل من غير الناس، وهى الدواب كلها، ومجاز ما جاء ت مخاطبته مخاطبة الغائب، ومعناه مخاطبة الشاهد، ومجاز ما جاء ت مخاطبته مخاطبة الشاهد، ثم تركت وحولت مخاطبة هذه إلى مخاطبة الغائب، ومجاز ما يزاد من حروف الزائد، ويقع مجاز الكلام على إلقائهن، ومجاز المضمر استغناء عن إظهاره، ومجاز المكرر للتوكيد، ومجاز المجمل استغناء عن كثرة التكرير، ومجاز المقدم والمؤخر، ومجاز ما يحول من خبره إلى خبر غيره بعد أن يكون من سببه، فيجعل خبره للذى من سببه، ويترك هو. وكل هذا جائز قد تكلموا به» ([28]).
أبو عبيدة وهو من اللغويين الأوائل أبدى فى كتابه كثيرا من الإشارات إلى ما هداه إليه فكره من التخريج الذى مهد للقول بالمجاز عند تقدم الدراسات اللغوية والبيانية بصفة عامة والدراسات القرآنية بصفة خاصة، ونجد أن أبا عبيدة قد ذكر ظواهر مجازية لم ترد عند الفراء مثل المشاكلة([29]).
أبو الفتح عثمان ابن جنى (ت 392هـ) ([30])
عقد ابن جنى فى كتابه (الخصائص) بابا سمّاه: باب فى الفرق بين الحقيقة والمجاز([31])، وذكر فيه تعريفا لكل منهما، وهذه خطوة جديدة فى البحث البلاغى لم تعرف عند سابقيه. فمثلا ابن قتيبة قد صرح باسم المجاز والاستعارة لكنه لم يعرّف المجاز تعريف ابن جنى.
قال ابن جنى فى تعريف الحقيقة بأنها: «ما أقر فى الاستعمال على أصل وضعه فى اللغة»، وقال فى تعريف المجاز«ما كان بضد ذلك»([32]).
وهذا الكلام يفيد عدة أمور:
الأول: تقسيم الكلام- بعد الاستعمال- إلى حقائق ومجازات.
الثانى: التصريح بالوضع الأول والدلالة المباشرة للكلام.
الثالث: أن الاستعمال الحقيقى أصل سابق على الاستعمال المجازى، والمجاز فرع عن الحقيقة.
وبيّن ابن جنى قيمة المجاز بقوله: «وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة، وهي: الاتساع، والتوكيد، والتشبيه. فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة»، ثم ساق مثلا يوضح فيه هذه القيم الثلاثة وهو قوله فى الفرس: «هو بحر»، فالمعانى الثلاثة موجودة فيه. أما الاتساع فلأنه زاد فى أسماء الفرس التى هى فرس وطرف وجواد ونحوها البحر، حتى إنه إن احتيج إليه فى شعر أو سجع أو اتساع استعمل استعمال بقية تلك الأسماء ... وأما التشبيه فلأن جريه يجرى فى الكثرة مجرى مائه (أى ماء البحر المشبه به الفرس). أما التوكيد فأنه شبه العرض (أى المعنوى المنقول) بالجوهر (أى الحسى المادى)، وهو أثبت فى النفوس منه، أى أن المحسوس أقوى أثرا فى النفس من المعقول، لإدراكه بالحواس([33]).
نقد كلام ابن جنى
لم يذكر ابن جنى فى تعريفه للمجاز سوى النقل من الحقيقة الموضوعة لها الكلمة إلى المجاز. وهذا ركن من أركان المجاز، إلا أن النقل وحده غير كاف فى تحقيق التجوز فى الكلام إذ لا بد فيه من علاقة مصححة للتجوز، وقرينة تمنع من إرادة المعنى الأصلى، وقد خلا منهما تعريفه للمجاز.
نراه قد خلط التشبيه البليغ بالاستعارة فى تمثيله بقوله للفرس بقوله: «هو بحر»، فهو تشبيه بليغ، لأن الاستعارة لا يجمع فيها بين طرفى التتشبيه المشبه والمشبه به. وقد جعل التشبيه لازما لكل مجاز. وهذا غير مسلّم، فالمجاز العقلى والمجاز المرسل لا تشبيه فيهما البتة([34]).
توسع ابن جنى فى أمر المجاز، وزعم أنه أكثر من الحقيقة، وأفرط فى هذا الموضوع إفراطا غير محمود. فتراه يقول: «اعلم أن أكثر اللغة –مع تأمله- مجاز لا حقيقة» ثم يأخذ للتثميل والتدليل على زعمه صورا من التراكيب الحقيقية ويعمل فيها فكره حتى يضفى عليها ثوبا فضفاضا ليدخلها فى حيز المجاز([35]).
وما ذكرناه من النقد لكلام ابن جنى لا يقلل من قيمته، فابن جنى أحد أعلام القرن الرابع من اللغويين الذين أقروا المجاز فى اللغة وفى القرآن وحددوا بعض ملامحه وسماته.

ثانيا: الأدباء والنقاد:
ابن المعتز(ت 296هـ ) ([36])
أبو العباس عبد الله بن المعتز هو أول من وضع كتابا منهجيا فى علوم البلاغة، وتحدث فيه عن سبع عشرة صورة من صورها، أو فنا من فنونها([37]).
والمجاز فى بديع ابن المعتز محصور فى لون واحد فى تصوره، وهو (الاستعارة) فقد صرح باسمها وكرر ذكرها مرات عديدة وأظهر اعتناء بها حيث قدمها على جميع الفنون السبعة عشر التى ذكرها فى بديعه. عقد بابا سماه (الباب الأول من البديع وهو الاستعارة)، أورد أمثلة مختلفة من القرآن الكريم مثل: ]وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ[ [الإسراء: 23]، المشهور أن فى الآية استعارة مكنية، ومن الأحاديث مثل قوله : «ضُمُّوا مَاشِيَتَكم تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ»([38])، فكلمة (فحمة) مستعارة للإظلام بجامع شدة السواد فى كل منها. ومن مأثور كلام العرب شعرا ونثرا حِكَما وأمثالا. فقال: ومن الاستعارة قول امرء القيس من الطويل:
وليل كموج البحر مرخ سدوله على بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لمـا تمـطى بصـلـبــــــه وأردف أعجازاً وناء بكلكل
هذا كله من الاستعارة لأن الليل لا صلب له ولا عجز وقال من الطويل([39])
وقد اشترط ابن المعتز على تجنب الاستشهاد بكلام المحدثين بالنسبة لعصره فاقتصر على القرآن والحديث وكلام الأقدمين من جاهليين وإسلاميين([40]).
على بن عبد العزيز الجرجانى (ت 366 هـ أو 392هـ) ([41])
ولد القاضى على بن عبد العزيز الجرجانى فى القرن الرابع الهجرى وهو قرن حافل بازدهار العلم والحضارة الإسلامية لمعت فى سمائه نجوم زاهرة فى شتى العلوم والفنون، وكان الجرجانى من أزهرها وأضوئها، وله كتاب من أهم كتب النقد وهو (الوساطة بين المتنبى وخصومه)، وهو كتاب نقدى بلاغى، نجده قد تحدث فيه عن مباحث المجاز وغيرها من الوجوه البلاغية. ومن أبرز المباحث عنده بحث الاستعارة فقد أفاض فى ذكرها وتحليلها وتحديدها، والفرق بينها وبين وبين ما يشبه بها من فنون بلاغية. والتفرقة بين حسنها ورديئها. والإشارة إلى مقومات الحسن والإجادة فيها. وتكلم عن الإفراط فى استخدامها([42]).
على أن القاضى الجرجانى له وقفات أخرى مع التوجيه المجازى للألفاظ والتراكيب. وهو باعتباره أديبا ناقدا، فقد جمع بين ذوق الأديب وذكاء الناقد واتخذ من أسلوب المجاز، والاستعارة بوجه خاص، وسيلة من وسائل النقد والدفاع عما رضيه من القول، وكتاباته تنم عن اشتهار أمر المجاز فى عصره. وأن المجاز كان معترفا به عند علماء الأمة سواء عند من ناصروا أبا الطيب على كثرة طرقه له، والغوص وراء معانيه، وعند الذين خاصموا أبا الطيب فهم لم ينكروا على أنصاره تذرعهم بالمجاز فى الدفاع عنه، وإنما قبحوا ما تناوله من بعض صور الاستعارة والتشبيه، وفى نفس الوقت التمسوا وجوه التصحيح من الأقوال التى احتج بها الذين دافعوا عن أبى الطيب، ومنهم القاضى نفسه([43]).
مصطفى صادق الرافعى (ت 1356هـ = 1937م) ([44])
«ولسنا نقول إن القرآن جاء بالاستعارة لأنها استعارة أو بالمجاز لأنه مجاز أو بالكناية لأنها كناية أو ما يطّردُ مع هذه الأسماء والمصطلحات، إنما أُريد به وضعٌ معجزٌ فى نسق ألفاظه وارتياب معانيه على وجوه السياستين من البيان والمنطق فجرى على أصولهما فى أرقى ما تبلغه الفطرة اللغوية على إطلاقها فى هذه العربية، فهو يستعير حيث يستعير ويتجوّز حيث يتجوز ويُطنب ويُوجز ويُؤكِّد ويعترض ويكرر إلى آخر ما أُحصى فى البلاغة ومذاهبها لأنه لو خرج عن ذلك لخرج من أن يكون معجزا فى جهة من جهاته ولاستبان فيه ثمة نقصٌ يمكن أن يكون فى موضعه ما هو أكملُ منه وأبلغُ فى القصد والاستيفاء» ([45]).





ثالثا: الإعجازيون والبلاغيون

الإمام عبد القاهر (ت 471هـ) ([46])
يحتل الإمام عبد القاهر الجرجانى فى البحث البلاغى مركزا لم يصل إليه أحد ممن قبله، ولم يزاحمه فيه أحد ممن بعده، سواء نظرت إليه من حيث عمق الدراسة، أو من حيث ما فجر من كنوزها، وفتق من أكمامها، وجلى من مسائلها، وأضاف من فنونها. فهو واحد فذ فى هذا المجال، وحسبه أنه واضع صرحى علمى المعانى والبيان، وما أشار إليه من فنون البديع، ناهجا بالدرس البلاغى منهجا فرديا جمع بين العلم والفن والذوق، فكانت مباحثه البلاغية شهدا كشهد النحل، تمتص رحيق كل الأزهار، ثم تسكبه جنى طيب المذاق فيه شفاء للناس.
وإذا كانت البلاغة قبل الإمام عبد القاهر، قد اختلطت - أحيانا – بمسائل النقد واللغة، أو اختلط بها النقد، فإن مباحث الإمام عبد القاهر قد مزجت بين هذه الفنون مزجا حكيما. ([47])
حديثه عن حدّ الحقيقة والمجاز:

عرف الحقيقة بأنها: «كل كلمة أريد بها ما وقعت له فى وضع واضع- وإن شئت قلت فى مواضعة- وقوعا لا يستند فيه إلى غيره فهو حقيقة»([48]).
أما المجاز اللغوى فقد قال فى حده: «وأما المجاز فكل كلمة أريد بها غير ما وقعت له فى وضع واضعها لملاحظة بين الثانى والأول فهو مجاز، وإن شئت قلت: كل كلمة جزت بها ما وقعت له فى وضع الواضع إلى ما لم توضع له من غير أن تستأنف فيها وضعا لملاحظة بين ما تجوز بها إليه وبين أصلها الذى وضعت له فى وضع واضعها فهى مجاز»([49]).
والإمام عبد القاهر أول من فرق بين المجاز العقلى وبين المجاز اللغوى، فصور المجاز العقلى لفتت أنظار الرواد الأوائل من عهد سيبويه فأدركوا سرها، وحملوها على الاتساع فى الكلام، ومنهم من أدخله فى صور المجاز اللغوى, ولم يقولوا فيه الكلمة الأخيرة. فهو فى مباحثهم كان ما يزال جنينا فى رحم أمه، والذى أولده وسماه وربّاه وأحسن تربيته هو الإمام عبد القاهر ([50]).

السكاكى (ت 626هـ) ([51])

فى مجال البحث البلاغى الدقيق يلى الإمام عبد القاهر الجرجانى الإمام أبو يعقوب يوسف السكاكى، وهو يشغل مساحة زمنية هائلة فى أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع، وإذا كان الإمام عبد القاهر أستاذ المدرسة، وإماما خط بقلمه أروع منهج جمع بين العلم والفن، والقاعدة والتذوق، وأسفرت كتاباته عن نظريتى (البيان والمعانى) فإن السكاكى بدوره أستاذ بحق لمدرسة، وإمام خط بقلمه أدق منهج تفصيلى لكليات البلاغة وجزئياتها، وأصولها وفروعها وإذا جاز لنا أن نضع تشبيها يبين دور الرجلين، وما بينهما من اتفاق وافتراق. فإن الإمام عبد القاهر مهندس عبقى بنى مدينة فأحسنها وأجملها. والإمام السكاكى هو الذى وضع أسماء ميادينها وشوارعها ورقم قصورها ومنازلها فاكتمل للمدينة جمال الإنشاء وحسن التنسيق. فكلا الرجلين جاد بما عنده. وبذل قصارى جهده فى خدمة هذا الفن. ([52])
عرّف الإمام الساكى المجأز بقوله: «... الكلمة المستعملة فى غير ما هى موضوعة له بالتحقيق استعمالا فى الغير بالنسبة إلى نوع حقيقتها مع قرينة مانعة من إرادة معناها فى ذلك الموضوع»([53]) وفى شرحه لهذا التعريف نراه يضع فيه قيدا لدفع ما كان قد رآه الإمام عبد القاهر فى الاستعارة من أن النقل فيها نقل معنى اللفظ لا نقل اللفظ نفسه([54]). والإمام السكاكى يرى أن المنقول فى الاستعارة هو اللفظ بمعناه وليس المعنى وحده. ترى هذا جليا فى قول السكاكى:
«وقولى بالتحقيق احتراز أن لا تخرج الاستعارة التى هى من باب المجاز نظرا إلى دعوى استعمال الكلمة التى وقعت بها الاستعارة فيما وضعت له»([55]).
ويفرق السكاكى بين الحقيقة والمجاز بعبارة استوحى معناها من كلام الإمام عبد القاهر مع إضافات خلصت له. وهذا قوله: «ومن حق الكلمة فى الحقيقة التى ليست بكناية أن تستغننى فى الدلالة على المراد منها بنفسها عن الغير لتعينها له بجهة الوضع» ويقول: «ومن حق المجاز أن لا تستغنى عن الغير الدلالة على ما يراد منها ليعينها له ذلك القيد»، وهو يقصد بـ (الغير) القرينة؛ لأنها هى (الغير) الذى يعين الكلمة المجازية للمعنى المجازى المراد منها.
وعرف المجاز العقلى بقوله: «هو الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه لضرب من التأويل إفادة للخلاف لا بواسطة وضع»([56]). مثل: (أنبت الربيع البقل) ونرى أن الإمام السكاكى لم يكن مقتنعا كل الاقتناع بفكرة المجاز العقلى حين أقبل نحوه بدرسه ويفلسف له، ويجهد نفسه فى استجلاء مسائله وقضاياه. وإنما فعل ما فعل مجارة لمن سبقه ممكن كتب حوله كالإمام عبد القاهر، وجار الله الزمخشرى والفخر الرازى الذين تأثر بهم فى كثير مما كتب. لذا تراه حين فرغ من بحث المجاز العقلى سرعان ما انقض عليه وأنكره ووضع عليه شارة غيرشارته، وألبسه ثوبا غير ثوبه، ونحله تسمية غير تسميته، وهو يجعله صورة من صورة الاستعارة المكنية. ورد المتأخرون مذهب السكاكى هذا فى إنكار المجاز العقلى ودرجه فى صور الاستعارة بالكناية، وكان الخطيب أول من لحظ هذا وناقشه فى وضوع وأبان عن قصور السكاكى فى هذا المبحث. والتحقيق أن إنكار السكاكى المجاز العقلى لا تساعده عليه بعض التراكيب. وأيا كان الأمر فإن الإمام السكاكى من أشهر علماء الأمة القائلين بورود المجاز لغويا وعقليا على مذهب الأصحاب، ولغويا على مذهبه. ومن أشره علماء الأمة القائلين بوروده فى اللغة بوجه عام وفى القرآن بوجه خاص([57]).

الخطيب القزوينى (ت 739هـ) ([58])

للخطيب القزوينى منزلة خاصة فى البحث البلاغى بوجه عام، لم يحظ بها أحد ممن تقدمه، ولا ممن لحق به. فكان قطب الدائر بحق إذ كان البحث البلاغى قبله آخذا فى النمو والتدرج جيلا بعد جيل، فجاء هو وقد استلهم أبرز مباحث سابقيه، وأخذ على عاتقه مهمة صوغ المباحث البلاغية فى عبارات جامعة محررة وأضاف إليها ما جادت به قريحته مع دقة النظر، وصواب الفكر، وسلامة المذهب. ([59])
ونراه يخالف منهج الإمام السكاكى فى موضع بحث المجاز العقلى فبحثه فى علم المعانى؛ لأنه صورة من صور الإسناد وحال من أحواله، ودرج على هذا الشراح من بعده، أما السكاكى فبحثه فى علم البيان. ([60])
ونرى الخطيب فى تحليلاته لصوره المجاز العقلى غواصا وراء دقيق المعانى. ([61])
وقد قسَّم المجاز اللغوى بحسب العلاقة المصححة قسمين فقال «والمجا ضربان: مرسل واستعارة؛ لأن العلاقة المصححة إن كانت تشبيه معناه بما هو موضوع له فهو استعارة. وإلا فهو مرسل»([62]).
ومما تجب الإشارة إليه أن جل أمثلة البلاغيين على المجاز، بل أكثرها ماء ورونقا، وأصدقها شاهدا كانت من نصوص القرآن الكريم. فلم يروا فى ذلك حرجا. وهذا يدفع بقوة مذهب يدفع بقوة مذهب الإمام ابن تيمية ومشايعيه قديما وحديثا فى نفى المجاز فى اللغة بوجه عام. وفى القرآن بوجه خاص. ([63])


رابعا: المفسرون

ابن جرير الطبرى (ت 310هـ) ([64])
تفسير ابن جرير له أهمية خاصة من بين كل التفاسير المعروفة لنا الآن: فهو أول تفسير جامع للقرآن العظيم كله، وقد فاق فى ضخامته الحد المعهود للتفاسير المبكرة، وبعض التفاسير المبكرة، وبعض التفاسير التى وضعت بعد عصره بكثير. وقد اعتمد على أقوال الصحابة والتابعين ومما نقلوه عن صاحب الدعوة . وهو من أبرز التفاسير التى جمعت إلى تفسير الرواية تفسير الدراية. حيث لم يقف ابن جرير عند الآراء المأثورة التى يرويها، يرويها بل اتبعها بالتوجيه والترجيح ما وسعه النظر والفهم، فهو تفسير نقلى عقلى فى آن واحد.
نجد أن ابن جرير يتحفظ كثيرا جدا من صرف العبارة على غير ظاهرها، ويحاول أن يقف بالعبارة القرآنية عند دلالتها الظاهرة، وحين ينقل من آراء السلف ما فيه صرف العبارة عن الظاهر فإنه عند الترجيح يقلل من قيمة الصرف ويميل إلى ما عداه. ومع التحفظ الشديد فإن لمجوزى المجاز فى تفسيره شواهد قوية تفوق طاقة المحصى المتعجل لكثرتها([65]).
«فنجده مثلا عند تعرضه لقوله ]أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ[ فقد قال فيه: يعنى ذكره بقوله أولئك: هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب فى شأن محمد بالخسيس من الرشوة يعطونها فيحرفون لذلك آيات الله ويغيرون معانيها ما يأكلون فى بطونهم بأكل ما أكلوا .. إلا النار. يعنى: إلا ما يوردهم النار ...» ([66])
فهذا القول منه صالح للعمل على المجاز المرسل وعلاقته اعتبار ما سيكون([67]).
جار الله الزمخشرى (ت 538) ([68])
عَلَم من أعلام الإسلام، وبحر من بحور العلم، وكنز من كنوز المعرفة وشمس من شموس البيان، ومفسر راسخ القدم وهبه الله ذكاء قيد به شوارد المعانى، وفهما تذوق به مرامى التنزيل، وفقها استشف به غوامض الأسرار، وأعانه على خبيئات المعانى فى مفردات التنزيل وفى جمله وتراكيبه فجاء تفسيره (الكشاف) كما قال هو :
إن التفاسير فى الدنيا بلا عدد وليس فيها –لعمرى- مثل كشافى
إن كنت تبغى الهدى فالزم قراءته فالجهل كالداء، والكشاف كالشافى
وقال فى الكشاف: إن من تعاطى التفسير فلا بد له من البراعة فيهما- المعانى والبيان- لأنهما علمان مختصان بالقرآن لا يغنى عنهما سواهما. ونجد فى كتابه ذكره لكثير من فنون البلاغة عند تفسيره لبعض الآيات مثل المجاز العقلى، المجاز المرسل، الاستعارة، ترشيح المجاز وتجريده([69]).
خامسا: المحدثون

ابن قتيبة (ت 376 هـ) ([70])

لابن قتيبة كتاب سماه (تأويل مشكل القرآن) وكتاب آخر سمّاه (تأويل مختلف الحديث)، وقد بين المؤلف فى مقدمة مستفيضة أهمية الموضوع الذى تعرض له، وكيف أن كل فرقة تمسكت بنصوص بنت عليها عقيدة، وكيف لغا اللاغون فى بعض الأحاديث التى يوهم ظاهرها اختلافا فيما بينها، أو يوهم ما يضاد أصول الاعتقاد فى الله. وبعد هذه المقدمة عمد إلى ما لغوا فيه، وحاول محاولات جادة فى التوفيق بين الأخبار المتعارضة والموهمة، وسار فى خطوات ثابتة من أول الكتاب إلى آخره، ولجأ فى بعض معالجاته لهذه المشكلة إلى التأويل المجازى، وهذا هو بيت القصيد الذى يهمنا فى هذا الغرض. ([71])
«ومن كلام عبد الله بن مسلم بن قتيبة فى المجاز قال: لو كان المجاز كذباً لكان أكثر كلامنا باطلاً؛ لأنا نقول: نبت البقل، وطالت الشجرة، وأينعت الثمرة، وأقام الجبل، ورخص السعر، ونقول: كان هذا الفعل منك فى وقت كذا، والفعل لم يكن وإنما يُكوَّن، وتقول: كان الله، وكان بمعنى حدث، والله قبل كل شىء، وقال فى قول الله عزوجل: ]فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ[ [الكهف: 77] لو قلنا لمنكر هذا كيف تقول فى جدار رأيته على شفا انهيار؟ لم يجد بداً من أن يقول: يهم أن ينقض، أو يكاد، أو يقارب، فإن فعل فقد جعله فاعلاً، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى فى شىء من ألسنة العجم إلا بمثل هذه الألفاظ»([72]) .

الشريف الرضى (ت 406هـ)([73])

وقد وضع كتابا أسماه(المجازات النبوية) ويختلف منهجه فيه عن منهج ابن قتيبة وابن فورك لأنهما اهتما –غالبا- بالأحاديث التى لها صلة وثيقة بالاعتقاد والتوحيد، أما الشريف فقد دعاه إلى وضع كتاب إظهار ما فى الحديث من الصور البلاغية والبيانية سواء مست أصول الاعتقاد أو لم تمس، ومن أمثلة ذلك قوله «يا أنجشة: رفقا بالقوارير» ثم علق عليه قائلا: وهذه استعارة عجيبة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام شبه النساء فى ضعف الطبائع ووهن الغرائز بالقوارير الرقيقة التى يوهنها الخفيف، ويصدعها اللطيف، فنهى عن أن يسمعهن الحادى ما يحرك مواضع الصبوة، وينقض معاقد العفة.([74])

الإمام السيوطى (ت 911هـ) ([75])

قال السيوطى: «لا خلاف فى وقوع الحقائق فى القرآن، وهى كل لفظ نقى على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير، وهذا أكثر الكلام. وأما المجاز فالجمهور أيضاً على وقوعه فيه، وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية، وشبهتهم أن المجاز أخوالكذب والقرآن منزه عنه، وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على الله ، وهذه شبهة باطلة، ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنيه القصص وغيرها»([76]).


سادسا: الأصوليون والفقهاء

«الأصوليون والفقهاء طائفتان من علماء الأمة تتعلق مباحثهم بلب الشريعة ومقاصدها وأصولها. أو هما إذا حكمنا الممهدون للعل بشريعة الله فى الدنيا والدين، والمهيئون لإنفاذ التكاليف فى العقائد والعبادات والمعاملات والسلوك الخاص والعام. ووضع القواعد والأسس الكلية لاستنباط الأحكام الجزئية من قواعدها التفصيلية. ولولا جهود الأصوليين والفقهاء لاستغلق على الناس كتاب ربهم وسنة نبيهم، ولما جاءت أعمالهم منضبطة على هدى الله ورسوله.
فالقرآن والحديث هما مبادئ التشريع. وعمل الأصولى هو النظر فيهما وتحرير مقاصدهما، فالأصول واسطة بين الفقيه وبين مصادر التشريع.
وقد رأينا الأصوليين والفقهاء يهتمون اهتماما كبيرا بمدلولات اللغة العربية: لغة التنزيل الإلهى والحديث الشريف. ويولونها أكبر عناية لأنها المادة التى صيغت فيها كليات التشريع ويسيرون مع العرب النازل بلغتهم أينما ساروا فى طرق بيانهم، وشعب دلالتهم، ومنها الحقيقة والمجاز، لتكون قواعدهم التى صاغوها، وأحكامهم التى استنبطوها جارية على أسس صحيحة وفهم مستقيم. ولو لم تكن نظرتهم بانقسام اللغة إلى حقيقة ومجاز لخلت مصنفاتهم وجهودهم من هذا التقسيم»([77]).

ابن حزم الظاهرى (ت 456 هـ) ([78])

لابن حزم كتاب يسمى (الأحكام فى أصول الأحكام) تحدث فيه عن المجاز والتشبيه فى فصل خاص، وأنه لم يتناول مسألة وقوع المجاز فى اللغة، بل تخطاها إلى وقوعه فى القرآن والسنة أو عدم وقوعه فيهما.
وقد أشار إلى الخلاف بين علماء الأمة فى هذا المجال، فقال إن قوما منهم منعوه، وآخرين أجازوه، واختار هو مذهب الإجازة فى إطار الحدود التى وضعها هو لوقوع المجاز فى القرآن والسنة الشريفة. المؤلف لا يرى حرجا فى ورورد المجاز فى آيات التنزيل الحكيم، وفى حديث إمام المرسلين، وهذا مشروط عنده بشرط وهذا واضح فى قوله: «فكل كلمة نقلها الله عن موضوعها فى اللغة إلى معنى آخر فإن كان الله تعبدنا بها قولا وعملا كالصلاة والزكاة والحج والصيام والربا وغير ذلك فليس شئ من هذا مجازا، بل هى تسمية صحيحة واسم حقيقى لازم مرتب من حيث وضعه الله .
وأما ما نقله الله عن موضوعه فى اللغة إلى معنى تعبدنا بالعمل به دون أن يسميه بذلك الاسم، فهذا هو المجاز، كقوله : ]وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ[ [الإسراء: 24]، فإنما تعبدنا بأن نذل للابوين ونرحمهما، ولم يلزمنا قط أن ننطق، ولا بد فيما بيننا بأن للذل جناحا، وهذا لا خلاف فيه، وليس كذلك الصلاة والزكاة والصيام، لانه لا خلاف فى أن فرضا علينا أن ندعو إلى هذه الاعمال بهذه الاسماء بأعيانها ولا بد».
هذا هو شرط ابن حزم فى وقوع المجاز فى القرآن الحكيم، والسنة المطهرة فالنقل إذا صحبه تعبّد بالعمل والاسم فهو حقيقة([79]) لا مجاز. والنقل إذا لم يصحبه تعبّد بالتسمية فهو مجاز لا حقيقة.
ومما تجب الإشارة إليه أنه مقر بالوضع اللغوى، وجعل من علامات المجاز الخروج عن هذا الوضع. وهذان الأمران مع اشتهارهما فى مباحث العلماء قبل عصر الإمام ابن تيمية فإنه قد نفاهما بدليل أن سلف الأمة قبله لم يقل به([80]).
وقد بالغ ابن حزم فى وصف من ينكر المجاز بالكفر، والذين أنكره فى القرآن بخاصة أرادوا الحفاظ على كلام الله من شطط التأويل. فهى نظرة فى حيطة محمودة، وقد خرج جمهور العلماء عن هذه النظرة ونهجوا منهج التأويل المجازى فى كتاب الله. فكلا الفريقين لهما مقاصد حسنة فيما ذهبوا إليه وإن ترجحت إحدى النظرتين (نظرة القول بجواز المجاز) فليس معنى هذا الحكم على من منع المجاز فى القرآن بالكفر([81]).
هذا هو موقف ابن حزم من المجاز، وهو من الرواد الأوائل فى علم الأصول وحديثه عن المجاز كان قبل نضوج هذا الفن. ومهما كانت نظرته ضيقة بالنسبة لمستقل البحث فى المجاز فى عصره فهى لمحة لها دلالتها القوية بالإضافة إلى مبدأ الوضع الأول([82]).

الإمام الغزالى (ت 505هـ)

تصدى الإمام أبو حامد الغزالى للبحث فى الحقيقة والمجاز، وكانت مجالات فكره. وكتاباته تملى عليه التصدى لمثل هذه المباحث. وبخاصة فى مجالى الكلام وعلم أصول الفقه، اللذين أسهم فيهما بنصيب وافر من العطاء الفكرى العميق المستنير. وهو فيها إمام ضالع، وعَلَم يهتدى به. تكلم الغزالى عن المجاز فى كتابه (المستصفى فى علم الأصول)([83]).
عرّف الإمام الغزالى فى كتابه (المستصفى) المجاز بقوله: «والمجاز ما استعملته العرب فى غير موضوعه»([84])، معنى هذا أن الإمام الغزالى مقر بالوضع اللغوى الأول المتفرغ عنه النقل إلى المعنى المجازى، والنقل هو عمدة المجاز وإن لم يتحقق به وحده([85]).
وينتقل الإمام الغزالى إلى ذكر العلامات التى يُعرف بها المجاز على طريقة علماء الأصول وهى عندهم محصورة فى أربع قال فيها:
«وقد يُعْرَفُ المجازُ بإحدى علامات أربع الأولى: أن الحقيقة جارية على العموم فى نظائره، إذ قولنا عالم لما عُنِى به ذو عِلْمٍ صَدَقَ على كل ذى علم وَقَوْلُهُ: ]وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ[ يصح فى بعض الجمادات لإرادة صاحب القرية، ولا يقال: سَلْ البساط والكوزَ،وإن كان قد يقال سل الطلل والربع لقربه من المجاز المستعمل»([86]).
وهذا الفرق صحيح لأن الحقيقة موضوعة وضعا كليا عاما. أما المجاز فموضوع وضعا خاصا حين توجد المناسبة بين طرفيه([87]).
«الثانية: أن يُعرف بامتناع الاشتقاق عليه، إذ الأمر إذا استعمل فى حقيقته اشتق منه اسم الآمر وإذا استعمل فى الشأن مجازا لم يشتق منه آمر، والشأن هو المراد بقوله : ]وما أمر فرعون برشيد[ وبقوله : ]إذَا جَاءَ أَمْرُنَا[([88]).
الثالثة: أن تختلف صيغة الجمع على الاسم فيُعْلَم أنه مجاز فيأحدهما، إذ الأمر الحقيقى يُجمع على أَوَامِرَ، وإذا أُريد به الشأن يُجْمَعُ على أُمُورٍ([89]).
ويقول فى الرابعة:
الرابعة: أن الحقيقى إذا كان له تعلُّق بالغير، فإذا اسْتُعْمل فيما لا تعَلُّق له به لم يكن له متعلق كالقدرة إذا أُريد بها الصفة كان لها مقدور، وإن أُرِيد بها المقدور كالنبات الحسن العجيب، إذ يقال: انظر إلى قدرة الله أى إلى عجائب مقدوراته، لم يكن له متعلق، إذ النبات لا مقدور له([90])».









قديم 2013-12-28, 21:19   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
samid_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

المنكرون

إنكار المجاز بعامة مر بثلاث مراحل :

المرحلة الأولى: ما قبل الإمام ابن تيمية

إنكار المجاز قبل عصر الإمام ابن تيمية معزو إلى جماعة، وهم لا يكادون يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة، وإن كان من بينهم إمام مذهب فقهى معروف. فالأصوليون يعزون هذا القول إلى داود الظاهرى إمام مذهب الظاهرية وابنه أبى بكر محمد الظاهرى.
ومن غير الظاهرية ينسب هذا القول إلى: أبى الحسن الجزرى، وأبى عبد الله بن حامد، وأبى الفضل التميمى من الحنابلة، ومحمد بن خويز بن منداد من المالكية([91])، ومنذر بن سعيد البلوطى (ت 355هـ)([92]). ويعزى كذلك إلى أبى على الفارسى.
ومن الشافعية إلى أبى العباس الطبرى المعروف بابن القاص، ومن المعتزلة أبى مسلم الأصبهانى.
ويعزى هذا القول كذلك للرافضة كما عزى إلى للظاهرية هؤلاء هم كل ما يعزى إليهم إنكار المجاز فى القرآن، وفى الحديث النبوى كذلك([93]).
وفى هذه المرحلة لم يكثر المانعون فى تعداد أسباب المنع، ولم يطنبوا فى شرحها والتمثيل لها. بل لهم فى ذلك عبارات موجزة كل الإيجاز([94]).
ومانعو المجاز قبل الإمام ابن تيمية لم يتركوا لنا مصنفات فصلوا فيها القول فى أسباب منع المجاز وإنما نقلت عنهم إشارات تفيد مجرد المنع إلا فى القليل النادر، فإننا نجد عبارات قصيرة أومأوا فيها إلى أسباب المنع محكية عنهم فى مصنفات غيرهم من علماء الأمة. وهذا بخلاف الإمام ابن تيمية ومن بعده فلدينا أقوالهم فى منع المجاز منصوص عليها فى مصنفات خاصة بهم[95].
والعمدة فى منع المجاز فى القرآن الكريم بخاصة يرجع أول ما يرجع إلى داود الظاهرى وابنه محمد وإن عزى هذا القول إلى غيرهما من العلماء [96] .
والمتقدمون من الأصوليين حين ينسبون إلى داود الظاهرى نفى المجاز فى القرآن يذكرون له شبهتين:
إحداهما أن المجاز عند من يقول به لا يدل على معناه إلا بمعونة القرينة، وهذا تطويل بلا فائدة ومع عدم القرينة يكون فيه إلباس.
وثانيتهما: لو سلمنا أن فى القرآن مجازا- والقرآن كلام الله- لقيل لله (متجوز) وهذا الوصف لا يطلق على الله باتفاق علماء الأمة.


المرحلة الثانية: مرحلة الإمام ابن تيمية

«حين يُذكر الإمام ابن تيمية بين منكرى المجاز مطلقا وفى القرآن الكريم فإنه يمثل فى هذا المقام قطب الدائرة. لأن من أنكر المجاز قبله لم يتحمسوا للإنكار حماسته، ولم يثوروا ثورته ولم ينزحوا نزحه، ولم يقلبوا وجوه القول تقليبه. ولم يكن بين أيديهم من أسباب الإنكار ما كان بين يديه. والذين أنكروا المجاز من بعده، فى فلكه داروا، وعلى أوتاره عزفوا» [97].

سبب إنكار ابن تيمية للمجاز :

«كان السبب فى تلك الحملة الضارية التى شنها على القول بالمجاز والقائلين به من سلف الأمة هو دخول المجاز فى مباحث العقيدة والتوحيد. وتعلقه بصفات الله . وقد تطرف قوم من علماء الكلام فأوسعوا دائرة التأويل فى كتاب الله، وادعوا أن لكل لفظ فى القرآن ظاهرا وباطنا، وحمَّلوا الألفاظ ما لم تحمل وتعسفوا فى التأويل»- كما قال الإمام عبد القاهر من قبل. وذكر مثلا لفوضاهم فى التأويل. وعبثهم فى استنباط المعانى بما لا يؤيده نقل، ولا يسلم به عقل ولا يرضاه ذوق [98]
ودخول المجاز فى مجال العقيدة والتوحيد بعد أن كان قضية أدبية نقدية، أو لغوية جمالية، هو الذى ألهب نار الحماسة عند الإمام ابن تيمية لأنه رأى فى مثل تأويل «يد الله» بالقدرة تعطيلا لصفة من صفاته، وهكذا كل ما أضيف إلى الله مما يوهم ظاهره التشبيه والتجسيم، كالجهات والمعية والفوقية والاستواء والمجىء والنزول.
ومصطلح «التعطيل» هذا ما أظنه إلا من توليدات الإمام ابن تيمية فإن لم يكن من توليداته واختراعاته فإنه لم يشتهر ويعرف إلا عنه([99]).
والدليل على ثورة الإمام ابن تيمية على فوضى التأويل أنه لم يتعرض للحملة على المجاز إلا فى مواطن الحديث عن العقيدة، ولهذا فإننا نراه يتحدث عن المجاز وإنكاره فى موضعين من مؤلفاته. أحدهما: فى مجموع الفتاوى، وثانيهما: فى كتابه الموسوم بـ (الإيمان) وفى كلا الموضعين يتحدث عن العقائد والتوحيد. وقد عرض لموضوع المجاز فى كتابه (دقائق التفسير) [100].

ما اعتمد عليه الإمام ابن تيمية فى إنكار المجاز:

من خلال مراجعة ما كتبه ابن تيمية بخصوص المجاز فى كتابه (الإيمان) وجدناه قد اعتمد فى إنكار المجاز فى اللغة بعامة، وفى القرآن الكريم بخاصة على ما يأتى:
1) أن سلف الأمة لم يقولوا به مثل الخليل ومالك والشافعى وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأمة، فهو إذن حادث ؟!
2) إنكاره أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ فى غير ما وضع له كما يقول مجوزو المجاز؟!
3) إنكار التجريد والإطلاق فى اللغة. حتى يقال إن الحقيقة ما دلت على معناها عند الإطلاق والخلو من القرائن، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود والقرائن.
4) مناقشة النصوص التى استدل بها مجوزو المجاز على وقوع المجاز فى اللغة وفى القرآن.
المرحلة الثالثة: ما بعد ابن تيمية

الإمام ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ) [101]

حمل الإمام ابن قيم الجوزية حملة عنيفة على المجاز وعلى مثبتيه، وسمى المجاز طاغوتا، وهذا فى كتابه (الصواعق المرسلة). وأفرغ طاقة هائلة فى إنكاره، وتوسع فى أسباب المنع توسعا رأسيا وأفقيا. فبعد أن احتج بما احتج به شيخه ابن تيمية راح يضيف إلى أسباب المنع أسبابا حتى أوصلها إلى ما يزيد على خمسين وجها([102]).
حاكى شيخه فى أن السلف لم يقولوا بالمجاز، وأن أبا إسحاق نفاه فى اللغة مطلقا، وأن داود بن على الظاهرى وابنه أبو بكر منعاه فى القرآن، وأن جماعة من أصحاب أحمد منعوه فى القرآن أما الإمام نفسه فله روايتان رجح ابن القيم رواية المنع منهما... وغير ذلك مما ذكره شيخه([103]).
وكأن ابن القيم قد استشعر هذا ضعف هذه الحُجج فراح يخوض بحرا من الفروض الجدلية ثم يبدئ ويعيد على نحو لم يعرف لأحد ممن قال بإنكار المجاز أو نسب إليه هذا القول([104]).
إن منهج ابن القيم يغلب عليه الجدل والمحاكاة اللفظية، وهذا المنهج عديم الجدوى فى مجال البحث والاستدلال، وعن طريقه يمكن إثبات الشىء ونقيضه.
ولعل الإمام رضى الله عنه كان يريد أن يلفت نظر تلاميذه إلى خطورة الجدل اللفظى، وبين لهم عقمه فى الاستدلال فصنع ما صنع. وهكذا سلك الإمام ابن القيم منهجا جدليا فى إنكاره المجاز، لذلك تضخمت الأسباب عنده فبلغت – إجمالا- اثنين وخمسين سببا([105]).
نرى أن الإمام ابن القيم أنكر المجاز نظرا وجدلا، وأقر به عملا وسلوكا، وقد صنف كتابا كاملا فى علم البيان سماه (الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان) ([106]).

الإمام محمد أمين الشنقيطى (ت 1393هـ) [107]

وفى العصر الحديث وضع الشيخ الشنقيطى رسالته (منع جواز المجاز فى المنزل للتعبد والإعجاز)، ولم يخرج عمّا قال سابقوه فى المنع، سوى أنه قال: (إن المجاز لم يقل به الرسول، ولا الصحابة) ([108]).

الفصل الثالث

مناقشة أدلة من أنكر المجاز فى مراحله المختلفة

أولا: مرحلة ما قبل الإمام ابن تيمية:

ويجيب الأصوليون على الشُّبه التى ذكرت قبل مرحلة الإمام ابن تيمية فيقولون: المجاز لا بد فيه من قرينة فلا إلباس فيه إذن؟ وليس فى المجاز تطويل بلا فائدة: بل فيه فوائد من أجلها يصار إلى المجاز ويعدل عن الحقيقة([109]).
أما امتناع إطلاق وصف (متجوز) على الله فليس علته نفى المجاز عن القرآن، وإنما أسماء الله توقيفية لا بد فيها من الإذن الشرعى. ولا إذن هنا، فلا يقال إذا على الله أنه (متجوز) لعدم إذن المشرع([110]).
ويضيف بعض الأصوليين لأدلة الظاهرية على نفى المجاز فى القرآن أنهم قالوا: المجاز كذب لأنه يصح نفيه فيصح فى قوله ]واشتعل الرأس شيبا[ ما اشتعل، وإذا كان كذبا فلا يقع فى القرآن والحديث([111]).
وفى عروس الأفراح: يقول بهاء الدين السبكى: «إن الاستعارة ليست بكذب لأمرين:
أحدهما: خفى معنوى وهو البناء على التأويل، لأن الكذب غير متأول ناظر إلى العلاقة الجامعة، وقد التبس ذلك على الظاهرية. فادعوا أن المجاز كذب ونفوا وقوعه فى كلام المعصوم وهو وهْمٌ منهم.
الثانى: ظاهرى لفظى أو غير لفظى وهو كالفرع عن الأول: أن المجاز ينصب قائله قرينة تصرف اللفظة عن حقيقتها وتبين أنه أراد غير ظاهرها الموضوع لها »([112]).
وهذا مردود لأن النفى الذى جعلوه أمارة من أمارات المجاز المراد به نفى حقيقة اللفظ. فإذا قيل: رأيت أسدا يحمل السلاح. فإن النفى أن المتحدَّث عنه ليس هو الأسد الحيوان المعروف. وهذا ليس بكذب ولا يتوجه النفى إلى المعنى المراد وهو الشجاعة([113]).
ومن حججهم أيضا: أن المجاز لا ينبئ بنفسه عن معناه، فورود القرآن به يقتضى الالتباس. والجواب عن ذلك أنه لا التباس مع القرينة الدالة على المراد([114]).
ومنها: استعمال المجاز لموضع الضرورة، و الله أن يوصف بالاضطرار. والجواب عن ذلك: لا نسلم أن استعمال المجاز لموضع الضرورة بل ذلك عادة العرب فى الكلام وهى عندهم أمر مستحسن. ولهذا نراهم يستعملون ذلك فى كلامهم مع القدرة على الحقيقة والقرآن نزل بلغتهم فجرى الأمر فيه على عادتهم([115]).
هذه هى شبه مانعى المجاز – على قلتهم- فى القرآن الكريم، ورأينا الأصوليين يردون عليهم بحجج أقوى، وبراهين أسطع([116]).
ثانيا: مرحلة الإمام ابن تيمية

ذِكْر شُبَه الإمام ابن تيمية ومناقشتها

الشبهة الأولى:
القول بعدم ورود المجاز عن السلف فقد ورد فى كتابه (الإيمان) ما نصه: «وبكل حال فهذا التقسيم هو اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة، لم يتكلم به أحد من الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من الأئمة المشهورين فى العلم، كمالك والثورى والأوزاعى، وأبى حنيفة والشافعى، ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو، كالخليل وسيبويه، وأبى عمرو بن العلاء ونحوهم وأول من عرف أنه تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى فى كتابه[117]، ولكن لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة، وإنما عنى بمجاز الآية ما يعبر عن الآية، ولهذا قال من قال من الأصوليين، كأبى الحسين البصرى وأمثاله: إنما تعرف الحقيقة من المجاز بطرق، منها نص أهل اللغة على ذلك بأن يقولوا: هذا حقيقة وهذا مجاز، فقد تكلم بلا علم، فإنه ظن أهل اللغة قالوا هذا، ولم يقل ذلك أحد من أهل اللغة، ولا من سلف الأمة وعلمائها. وإنما هذا اصطلاح حادث، والغالب أنه من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين» [118]. وقال فى موضع آخر: لم يقل أحد بالمجاز إلا الإمام أحمد بن حنبل، فإنه قال فى كتاب الرد على الجهمية: «أما قوله ]إنا معكم[ فهذا فى مجاز اللغة، يقول الرجل للرجل: إنا سنجرى عليك رزقك، إنا سنفعل بك كذا»([119]). فعبارة (إنا ونحن) ونحو ذلك فى القرآن من مجاز اللغة.

الرد على هذا الشبهة:

الواقع أن ما ذكره الإمام ابن تيمية مدفوع ومعارض بحقائق لا تقبل الجدل. فقد ذكر الإمام أن المجاز لم يعرف إلا بعد القرون الثلاثة الأولى ولكننا إذا رجعنا إلى ما كتبه بعض أعلام القرون الأولى وجدناهم تكلموا على المجاز إن لم يكن بلفظه فيكون بمعناه وسنتعرض لهؤلاء العلماء حسب الترتيب التاريخى الأقدم فالأقدم:

أبو زيد القرشى (ت 170هـ) [120]

وهو من أعلام القرن الثانى الهجرى، وصاحب كتاب جمهرة أشعار العرب فقد ذكر فى مقدمة كتابه هذا عندما تحدث عن اللفظ المختلف ومجاز المعانى بقوله: «وقد يدانى الشىءُ الشىءَ وليس من جنسه، ولا يُنسب إليه، ليعلم العامة قرب ما بينهما، وفى القرآن مثل ما فى كلام العرب من اللفظ المختلف، ومجاز المعانى» ثم مثَّل بقول امرئ القيس من الطويل :
قِفا فاسألا الأطلالَ عن أُمّ مالكِ وهل تُخبِرُ الأطلالُ غيرَ التّهالُكِ
فقد علم أن الأطلال لا تجيب، إذا سُئِلت، وإنما معناه قفا فاسألا أهل الأطلال، وقال الله : ]وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا[ [يوسف:82]، يعنى أهل القرية» [121].
فلا يقال أن أبا زيد قد عنى هنا شيئا غير المجاز المعروف فالأمثلة التى مثّل بها هى من صميم المجاز، ومعنى هذا أن المجاز عُرف بلفظه ومعناه خلال القرن الثانى الهجرى، وهو ما يرد قول الإمام ابن تيمية بأنه لم يُعرف إلا بعد القرون الثلاثة الأولى.
وإنكار داود الظاهرى (ت 270هـ) للمجاز دليل على أنه كان معروفا قبل ذلك لأن الإنكار فرع الإثبات.

سيبويه (ت 180هـ)

يذكر المجاز فيقول: «ومما جاء على اتساع الكلام والاختصار قوله ]وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِى أَقْبَلْنَا فِيهَا[ [يوسف:82]، إنما يريد أهل القرية فاختصر، وعمل الفعل فى القرية كم كان عاملاً فى الأهل لو كان هاهنا. ومثله: « بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»، وإنما المعنى: بل مكر كم فى الليل والنهار. وقال : « ولكن البر من آمن بالله »، وإنما هو: ولكن البر بر من آمن بالله واليوم الآخر.
ومثله فى الاتساع « قوله »: « ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً »، وإنما شبهوا بالمنعوق به. وإنما المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذى لا يسمع. ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى» [122] .

الشافعى (ت 204هـ) ([123])

قال ابن تيمية: «هذا الشافعى أول من جرَّد الكلام فى أصول الفقه، لم يقسم هذا التقسيم، ولا تكلم بلفظ الحقيقة والمجاز» [124] .
الرد: «إذا كان مراد ابن تيمية أن الشافعى لم يذكر لفظ المجاز بعينه فكلامه صحيح إلى حد ما ولكن العبرة هل فطن الشافعى إلى جهة التجوز فى كلام العرب وكلام الله النازل على منواله أم لا» [125]، ومن المعلوم أن مصطلح المجاز عند الأوائل كان يعرف به الاتساع فى اللغة، ويقول الشافعى فى الرسالة: « فإنما خاطب الله العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها وأن فطرته أن يخاطب بالشيىء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر ويستغنى بأول هذا منه عن آخره وعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه وعاما ظاهرا يراد به الخاص وظاهر يعرف فى سياقه أنه يراد به غير ظاهره فكل هذا موجود علمه فى أول الكلام أو وسطه أو آخره وتبتدئ الشىء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره وتبتدئ الشىء يبين آخر لفظها منه عن أوله وتكلم بالشيىء تعرفه بالمعنى دون الايضاح باللفظ كما تعرف الإشارة ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها وتسمى الشىء الواحد بالاسماء الكثيرة وتسمى بالاسم الواحد المعانى الكثرة[126]» .

الفراء (ت 207هـ)

قال فى قوله ]كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم[ وقد أدرك أن الاستفهام هنا ليس لطلب الفهم، وصرفه عن الظاهر، فقال: «على وجه التعجب والإنكار والتوبيخ لا على الاستفهام المحض، أى: ويحكم كيف تكفرون[127]» .

أحمد بن حنبل (ت 241هـ) [128]

قال ابن تيمية: «وكذلك سائر الأئمة لم يوجد لفظ المجاز فى كلام أحد منهم إلى فى كلام الإمام أحمد بن حنبل، فإنه قال فى كتاب الرد على الجهمية فى قوله (إنا ونحن) ونحو ذلك فى القرآن: هذا من مجاز اللغة، يقول الرجل: إنا سنعطيك، إنا سنفعل، فذكر أن هذا مجاز اللغة، وبهذا احتج على مذهبه من أصحابه من قال: إن فى القرآن مجازا كالقاضى أبى يعلى، وابن عقيل، وأبى الخطاب وغيرهم» [129].
وقال: «حكى بعض الناس عن أحمد فى ذلك روايتين. وأما سائر الأمة فلم يقل أحد منهم، ولا من قدماء أصحاب أحمد: إن فى القرآن مجازا، لا مالك، ولا الشافعى، ولا أبو حنيفة، فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما اشتهر فى المائة الرابعة، وظهرت أوائله فى المائة الثالثة، وما علمته موجودا فى المائة الثانية، اللهم إلا أن يكون فى أواخرها. والذين أنكروا أن يكون أحمد وغيره نطقوا بهذا التقسيم. قالوا إن معنى قول أحمد: من مجاز اللغة- أى: مما يجوز فى اللغة، أى يجوز فى اللغة أن يقول الواحد العظيم الذى له أعوان: نحن فعلنا كذا ونفعل كذا، ونحو ذلك. قالوا ولم يرد أحمد بذلك أن اللفظ استعمل فى غير ما وضع له» [130].

الجاحظ (ت 255 هـ)

قد ذكر الاستعارة - وهى نوع من أنواع المجاز- فى كتابه البيان والتبيين، وهو يعلِّق على قول الراجز:
وطفِقَتْ سحابةٌ تَغشاها تَبكى على عِراصِها عيناها
وجَعل المطرَ بكاءً من السَّحاب على طريق الاستعارة، وتسميةِ الشَّىء باسم غيرِه إذا قام مَقامه» [131].

ابن المعتز (ت 296)

ذكر فى كتابه (البديع) الاستعارة وهى ضرب من المجاز ومثَّل لها بالآيات القرآنية ]واخفض لهما جناح الذل من الرحمة[ ]واشتعل الرأس شيبا[، ومن الحديث مثّل بقوله عليه السلام: «مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ»([132]). والاستعارة موطنها (طار) وهى تصريحية تبعية. ومثّل لها من الشعر العربى بقول امرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله على بأنواع العموم ليبتلى
فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف أعجازا وناء بكلكل
وعلّق عليه قائلا: (هذا كله من الاستعارة، لأن الليل لا صلب له).

ابن قتيبة (ت 376 هـ)

يرى ابن قتيبة اشتمال القرآن على المجاز وغيره من الظواهر اللغوية وهذا فى كتاب (تأويل مشكل القرآن)، وقد قال ابن تيمية عن ابن قتيبة أنه من أهل السنة والجماعة وذلك فى كتابه تفسير سورة الإخلاص. وسبب وضع ابن قتيبة: هو الدفاع عن القرآن من طعن الطاعنين. وذكر أن النصارى ضلوا لعد فهم المجاز وفهم كلامهم على حقيقته وذلك بقوله: «وللعرب المجازات فى الكلام، ومعناها طرق القول ومآخذه .... مع أشياء كثيرة ستراها فى أبواب المجاز»([133]).
ويقول فى موضع آخر بعد ذكر أنواع المجاز: «وبكل هذه المذاهب نزل القرآن، وذلك لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقله إلى شىء من الألسنة كما نقل الإنجيل من السريانية إلى الحبشية والرومية، وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله بالعربية؛ لأن العجم لم تتسع فى المجاز اتساع العرب»([134]).
«وقد اتخذ ابن قتيبة من المجاز سلاحا للدفاع عن القرآن الكريم والاعتقاد الصحيح فقيها كل الفقه بمذاهب العرب فى الإفصاح والبيان» ([135]) .

ومن الأدلة أيضا: الإنكار المبكر للمجاز
«ذكر صاحب الفهرست أن الحسن بن جعفر وضع كتابا فى الرد على منكرى المجاز وصاحب المجاز متوف فى القرن الرابع ورصد فى كتابه الحركة العلمية والفكرية بدءا من أول عصر التدوين إلى عصره الذى مات فيه» ولم يعرف بالتحديد تاريخ وفاة إلا أنه من المؤكد أنه كان فى القرن الثانى أو الثالث وهذا دليل على أن العرب كانت تعرف المجاز وكان منتشرا وهذا يرد قول الإمام ابن تيمية» ([136]) .
الشبهة الثانية:

إنكار الوضع اللغوى للمجاز وهى من الشُّبه التى بنى عليها الإمام ابن تيمية رأيه فى نفى المجاز بوجه عام، حيث ذكر أن تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز هو على حسب الاستعمال الأول للفظ، فإن استعمل اللفظ فى غير ما وضع له صار مجازا، فرد هذا الكلام بقوله: «وهذا كله إنما يصح أن لو علم أن الألفاظ العربية وضعت أولا لمعان ثم بعد ذلك استعملت فيها، فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال. وهذا إنما صح على قول من يجعل اللغت اصطلاحية، فيدعى أن قوما من العقلاء اجتمعوا واصطلحوا على أن يسموا هذا بكذا، وهذا بكذا، ويجعل هذا عاما فى جميع اللغات.
وهذا القول لا نعرف أحدا من المسلمين قاله قبل أبى هاشم الجبائى، ... والمقصود هنا أنه لا يمكن أحد أن ينقل عن العرب، بل ولا عن أمة من الأمم أنه اجتمع جماعة من فوضعوا جميع هذه الأسماء الموجودة فى اللغة، ثم استعملوها بعد الوضع، وإنما المعروف المنقول بالمتواتر استعمال هذه الألفاظ فيما عنوه بها من المعانى، فإن ادع مدع أنه يعلم وضعا تقدم ذلك، فهو مبطل، فإن هذا لم ينقله أحد من الناس، ولا يقال نحن نعلم ذلك بالدليل، فإنه إن لكن اصطلاح متقدم، لم يمكن الاستعمال. قيل: ليس الأمر كذلك، بل نحن نجد أن الله يلهم الحيوان من الأصوات ما به يعرف بعضها مراد بعض، وقد سمى ذلك منطقا وقولا فى قول سليمان ]عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [ [النمل: 16]،وكذلك الآدميون»([137]).
نرى أن الإمام ابن تيمية يرى أن اللغة هى إلهام من الله، وليست وضعية، وينفى بشدة أن يكون جماعة من العقلاء اجتمعوا واصطلحوا على وضع المسميات وتعيينها للدلالة على المراد منها، ويرى أن كل لفظ قد استعمل ابتداء فيما أريد منه دون أن يكون هناك وضع سابق على الاستعمال، والذى دعاه إلى هذا نفى المجاز نفسه، لا فى القرآن الكريم فحسب، بل فيه وفى اللغة بوجه عام، لأنه رأى مجوزى المجاز يقولون: إن المجاز ما نقلت فيه الكلمة من المعنى الوضعى فاستعملت فى المعنى غير الوضعى، وهذا النقل هو ركن من أهم أركان المجاز وإن احتاج بعد النقل إلى علاقة وقرينة ([138]).

الرد على هذا الشبهة:

نرى أن الإمام ابن تيمية قد خالف فى كلام ما أطبق عليه علماء الأمة فى كل زمان ومكان وفى كل فرع من فروع علم اللغة قواعد وتطبيقات، فقد أدرك الرواد الأوائل وغيرهم حقيقة الوضع الأول والخروج عليه. ومنهم من أشار إليه معنى بغير لفظه ومنهم من نص عليه نصا صريحا.
والذين أشاروا إليه معنى سلكوا عدة طرق منها أن يقولوا: هذا مأخوذ من كذا. ومنهم من يقول: هذا أصله كذا، أو الأصل كذا. ومرادهم من الأخذ والأصل أن اللفظ المتحدث عنه له دلالتان: أحداهم أصلية، وهى دلالة الوضع، والثانية فرعية وهى دلالة المجاز، وقد ينبه بعضهم بقوله: قد يستعار لكذا.
وفكرة المعاجم اللغوية نفسها إنما نشأت لجمع الألفاظ اللغوية والوقوف على مدلولادتها التى كان عليها الحال عند العرب الخلص، ولم يعنوا بالاستعمال المجازى لأنه غير منضبط إلدلالة الوضعية وإنما يكفى فيه ورود نوع العلاقة المعتبرة لا كل صورة من صورها وعلى هذا كان معتمد الحقائق السماع، أما المجاز فهو قياسى، ويستثنى من هذا الإمام جار الله الزمخشرى فى كتابه (أساس البلاغة)، بذكره عض الاستعمالات المجازية بعد كل مادة يفرغ من ذكر دلالاتها الوضعية، وتابع الزمخشرى بعض العلماء كابن السكيت والثعالبى، (







هل قال ابن تيمية بالمجاز فى مؤلفاته؟!

نجد أن المجاز قد ورد صريحا فى أعمال ابن تيمية، ويتجلى ذلك بأنه نقله عن غيره من علماء السلف الأجلاء، ثم ارتضاه فكان مذهبا له، أو نقله عن غيره ثم أضاف إليه من جنسه ما لم يقولوه، أو نوع استأنف هو فيه التأويل استئنافا ولم يسبه إليه أحد([140]).
وأن هذا النزاع لم يكن إلا نزاعا لفظيا، فالإمام ابن تيمية فى تأويلاته يستخدم المجاز ولم يهجر إلا التسمية فقط([141]).
إن الضرورات والظروف التى جعلت الإمام ابن تيمية يقف تلك الوقفة من المجاز فى كتابه الإيمان، وفى رسالته المدنية، هى فى الواقع ظروف جد خطيرة، ومن يقف على خطورتها يسوغ للشيخ الإمام وقوفه ضدها، والعمل بكل الطاقة على دفعها وكف شرها. ولو أدى ذلك إلى إنكار المجاز، إذ ليس هو عقيدة أو معلوم من الدين بالضرورة. وإنما هو مذهب قولى، وفن من فنون البيان لا يفسق منكره ولا يذم.
ومجمل ما يمكن تصوره وكثرة التأويلات التى تعدى بها قائلوها على النصوص الشرعية. وتجاوزوا بها مرحلة المعقول المقبول إلى المدخول المنحول الذى يكاد يذهب بكل الحقائق التى جاء بها الإسلام وأقرها. فلم تكن المسألة مسألة تأويل مجازى وإلا لهان الخطب. وإنما طم شرها وعم وأغرب قائلوها كل الإغراب حتى صارت بعض الألفاظ ليس لها مدلول محقق فى خضم تلك التأويلات العمياء([142]).

ثالثا: ما بعد ابن تيمية

الإمام محمد أمين الشنقيطى

ما ذكره الإمام الشنقيطى بأن المجاز لم يقل به الرسول، ولا الصحابة فيه شطط فى القول، فليس المجاز عقيدة ولا عبادة حتى يتوقف الأمر فيها على الإذن الشرعى. ولو صح هذا القول لوجب على المسلمين الآن أن يلقوا كل كتب التراث فى البحر. ولبطلب آلاف المصطلحات العلمية فى العلوم والفنون والآداب. فى التفسير والحديث، والأصول والفقه، وفى اللغة. وإلا فأين كانت هذه المصطلحات فى عهد الرسول الكريم وصحابته الأبرار؟
إن المجاز واحد من العلوم والفنون الإسلامية له نشأة وتطور ونضج واستقرار. فما جاز عليها جاز عليه، وإلا خرجنا إلى التحكم والاعتساف.
لا يقال: إن هذه العلوم كان لها نواة فى عصر الصحابة والتابعين بخلاف المجاز.
لأننا نقول المجاز كانت له نواة كذلك أسهم فى غرسها صحابة أجلا، ثم أخذت تنمو حتى صارت دوحة وارقة الظلال.
والشيخ الشنقيطى وإن أنكر المجاز قولا ونظرا، فقد أقر به عملا وسلوكا كالإمامين ابن تيمية وابن القيم، وهذا واضح فى تفسيره (أضواء البيان) ([143]).


الخاتمة

الحمد الله الذى خلق فسوى وقدر فهدى، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد
فإن قضية المجاز شغلت فكر بعض علمائنا على مر العصور، لكننا نجد أن الغالبية العظمى من هؤلاء العلماء كانوا مجوزين له فى اللغة وفى القرآن وفى الحديث النبوى الشريف، لأن القرآن الكريم نزل بلغة العرب وفق قواعدهم، والصحابة قد فهموه حق الفهم، ولم يعترض أحدهم على اشتماله على المجاز.
وأن الذين أنكروه كانوا متشددين فى رأيهم هذا، وإن كانت نية فيه الدفاع عن الإسلام من هؤلاء الذ ين جعلوا للقرآن ظاهرا وباطنا ولكنهم بالغوا فى ذلك حتى أنكروا المجاز وحججهم فيه واهية مردودة.

الرأى الحق

أن المجاز واقع فى اللغة وفى القرآن والحديث حيث يطلبه المقام ويقتضيه، ومع إقرارنا للمجاز وأهميته فى صياغة الأساليب، فإن المختار هو التوسط والاعتدال فى استخدامه. كما قال أحد الباحثين: «ولا شك أن قضية الحقيقة والمجاز قد شغلت العلماء زمنا طويلا ما بين منكر للمجاز كلية أو مصدق له تماما. ولكننا فى كل ذلك نشعر بمدى التكلف الذى يتورط فيه من ينكره كلية كابن تيمية، ومن يبالغ فى وجوده ويغرق اللغة كلها فى المجاز كابن جنى. وأعدل الآراء فى هذه القضية رأى ابن الأثير لتمشيه مع المنطق السليم وعدم الجنوح نحو هذا الطريق أو ذاك، نقرأ له فى ذلك قوله: إن كلا المذهبين فاسد عندى، وليست اللغة كلها مجازا وا كلها حقيقة، وإنما فيها الحقيقة والمجاز»([144]).
المصادر والمراجع

1) القرآن الكريم.
2) الإتقان فى علوم القرآن- السيوطى- دار إحياء التراث- القاهرة.
3) الأحكام فى أصول الأحكام- لابن حزم – مكتبة عاطف- القاهرة.
4) أثر النحاة فى البحث البلاغى، د/عبد القادر حسين، طبعة دار نهضة مصر 1975م.
5) أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجانى، تحقيق هـ.ريتر، الطبعة الثالثة سنة1983هـ.
6) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مصطفى صادق الرافعى، الطبعة الثالثة، طبع على نفقة أحمد فؤاد الأول ملك مصر، طبع بمطبعة المقتطف والمقطم بمصر سنة (1346 هـ - 1928م)
7) الأعلام – خير الدين الزركلى- دار العلم- بيروت.
8) الإيمان، تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، مكتبة الإيمان، القاهرة، الطبعة الثانية سنة 1392هـ.
9) البرهان فى علوم القرآن، المؤلف: محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشى أبو عبد الله، الناشر: دار المعرفة - بيروت، 1391هـ، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، عدد الأجزاء: 4 .
10) بغية الإيضاح لتخليص المفتاح فى علوم البلاغة للقزوينى، عبد المتعال الصعيدى، مكتبة الآداب بالقاهرة، 4ج×1مج.
11) بغية الوعاة للسيوطى- الجلال السيوطى- الناشر: عيسى البابى الحلبى- القاهرة.
12) البيان والتبيين، للجاحظ، تحقيق وشرح: عبد السلام هارون، سلسلة الذخائر، الهيئة العامة لقصور الثقافة، طبعة سنة 2003م .
13) تأويل مشكل القرآن- ابن قتيبة- دار الكتب الحديثة- القاهرة.
14) التعريفات،المؤلف: على بن محمد بن على الجرجاني،الناشر: دار الكتاب العربى-بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ، تحقيق: إبراهيم الأبياري، عدد الأجزاء: 1 .
15) جامع البيان (تفسير الطبرى)- الحلبى.
16) جمهرة أشعار العرب- القرشى- دار صادر- بيروت.
17) الخصائص، ابن جنى، تحقيق محمد على النجار- القاهرة.
18) دلائل الإعجاز- عبد القاهر الجرجانى، تحقيق: محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجى بالقاهرة.
19) الرد على الزنادقة والجهمية، المؤلف: أحمد بن حنبل الشيبانى أبو عبد الله، الناشر: المطبعة السلفية - القاهرة، 1393هـ ،تحقيق: محمد حسن راشد، عدد الأجزاء: 1.
20) الرسالة- الإمام الشافعى- تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر- القاهرة.
21) سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية سنة 1412هـ / 1992م، تحقيق: شعيب الأرناؤوط.
22) صحيح الإمام مسلم، طبعة جميعة المكنز الإسلامى 1421هـ .
23) صحيح البخارى، طبعة جمعية المكنز الإسلامى 1421هـ .
24) العمدة- ابن رشيق- تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد- القاهرة.
25) عروس الأفراح فى شرح تلخيص المفتاح. أبو حامد بهاء الدين أحمد بن على السبكى.
26) الفهرست لابن النديم- القاهرة – 1948م.
27) الكتاب لسيبويه، دار الجيل، دون تاريخ، مصورة عن طبعة هارون 5 مج.
28) المثل السائر – ابن الأثير- تحقيق الدكتورين الحوفى وطبانة- القاهرة.
29) مجاز القرآن أبو عبيدة، معمر بن المتنبى (ت 210هـ)، تحقيق: فؤاد سزكين/ط الثانية عام 1390هـ القاهرة .
30) المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع، عبد العظيم إبراهيم محمد المطعنى، الناشر: مكتبة وهبة بالقاهرة، الطبعة الثالثة 1425هـ - 2004هـ، 2ج × 1 مج.
31) المجازات النبوية- الشريف الرضى – تحقيق د/طه الزينى- الحلبى.
32) من مسائل الخلاف بين علمى المعانى والبيان، عرض ودراسة وتحقيق د/محمود عبد العظيم صفا، الناشر: دار الكتاب الجامعى القاهرة، 1414هـ، 1993م.
33) المستصفى – للإمام الغزالى- دار الكتب العلمية- بيروت.
34) معانى القرآن –للفراء- تحقيق د/عبد الفتاح شلبى- القاهرة.
35) معجم المؤلفين – عمر كحالة- مكتبة المثنى- بيروت.
36) مفتاح العلوم – للسكاكى، الناشر: عيسى البابى الحلبى- القاهرة.
37) مناهل العرفان فى علوم القرآن، المؤلف: محمد عبدالعظيم الزرقانى، الناشر: دار الفكر- بيروت، الطبعة الأولى، 1996، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، عدد الأجزاء: 2
38) هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون، مؤلفه إسماعيل باشا البغدادى، دار الكتب العلمية - بيروت، طبعة سنة 1413هـ، 1992م.
39) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، المؤلف: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبى بكر بن خلكان، المحقق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت.


الفهرس


مقدمة
منهج البحث
الفصل الأول، تعريف المجاز وما يشتمل عليه
تعريف المجاز.
فيم يستعمل؟
فائدته
منزلة المجاز وقيمته فى لغة العرب.
أقسام المجاز.
أولا المجاز العقلى.
ثانيا : المجاز اللغوى.

الفصل الثانى،المجاز فى القرآن الكريم والحديث الشريف،بين المجوزين والمنكرين.
الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم
أما المجاز فاختلف فى وقوعه فى القرآن.
المجوزون.
أولا: اللغويون والنحاة
ثانيا: الأدباء والنقاد
ثالثا: الإعجازيون والبلاغيون.
رابعا: المفسرون.
خامسا: المحدثون.
سادسا: الأصوليون والفقهاء
المنكرون.
إنكار المجاز بعامة مر بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى: ما قبل الإمام ابن تيمية
المرحلة الثانية: مرحلة الإمام ابن تيمية
المرحلة الثالثة: ما بعد ابن تيمية
الفصل الثالث،مناقشة أدلة من أنكر المجاز فى مراحله المختلفة
أولا: مرحلة ما قبل الإمام ابن تيمية
ثانيا : مرحلة الإمام ابن تيمية
ثالثا: ما بعد ابن تيمية
الخاتمة
الرأى الحق.
المصادر والمراجع.
الفهرس.


هوامش البحث

([1]) مناهل العرفان فى علوم القرآن (2/242) .
([2]) أسرار البلاغة (357)، بغية الإيضاح (ج3/78) .
([3]) المثل السائر (1/78 :80).
([4]) المثل السائر (1/78: 80).
([5]) المثل السائر (1/78: 80)
([6]) الحسن بن رشيق القيروانى، أبو علي: أديب، نقاد، باحث. ولد فى المسيلة (بالمغرب) وتعلم الصياغة، ثم مال إلى الأدب وقال الشعر، رحل إلى القيرواون سنة 406، ثم انتقل إلى جزيرة صقلية وتوفى بها، وقيل توفى بالقيروان، من كتبه (العمدة فى صناعة الشعر ونقده)، (الشذوذ فى اللغة) (المساوى فى السرقات الشعرية). وفيات الأعيان (2/85)، معجم المؤلفين (3/225) ،الأعلام (2/191).
([7]) العمدة (1/87).
([8]) العمدة (1/87).
([9]) مفتاح العلوم (166).
([10]) التعريفات (1/259).
([11]) التعريفات (1/259).
([12]) أسرار البلاغة (325، 326) .
([13]) بغية الإيضاح (ج3/79) .
([14]) صحيح البخارى، باب الزكاة .
([15]) بغية الإيضاح (ج3/126).
([16]) التعريفات (1/259).
([17]) المجاز. د/المطعنى (1/ 323).
([18]) التعريفات (1/35).
([19]) البرهان فى علوم القرآن للزركشى ( 2/254)
([20]) اسمه عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثى بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه: إمام النحاة، وأول من بسط علم النحوولد فى إحدى قرى شيراز، وقدم البصرة، فلزم الخليل بن أحمد، وصنف كتابه المسمى ( كتاب سيبويه) فى النحو، لم يصنع قبله ولا بعده مثله. معجم المؤلفين (8/10)، الأعلام (5/81).
([21]) الفهرست لابن النديم (76)، بغية الوعاة للسيوطى (2/229).
([22]) دلائل الإعجاز (81)، المجاز. د/المطعنى (1/5).
[23] الكتاب (1/212 )، المجاز. د/المطعنى (1/9، 10) بتصرف.
([24]) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بنى أسد (أو بنى منقر) أبوزكرياء، المعروف بالفراء: إمام الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الادب. كان يقال: الفراء أمير المؤمنين فى النحو. ومن كلام ثعلب: لولا الفراء ما كانت اللغة، عارفا بالنجوم والطب، يميل إلى الاعتزال. من كتبه (المقصور والممدود) و (معانى القرآن) أملاه فى مجالس عامة كان فى جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضيا، وغيرها. (الأعلام 8/145).
([25]) المجاز. د/المطعنى (1/18، 19) بتصرف.
([26]) معمر بن المثنى، التيمى بالولاء، البصري، أبو عبيد النحوي: من أئمة العلم بالادب واللغة. مولده ووفاته فى البصرة. استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد سنة 188 ه، وقرأ عليه أشياء من كتبه. قال الجاحظ: لم يكن فى الارض أعلم بجميع العلوم منه. من مؤلفاته (مجاز القرآن)، (معانى القرآن)، (نقائض جرير والفرزدق). الأعلام (7/272).
([27]) المجاز. د/المطعنى (1/37، 38) بتصرف.
([28]) مجاز القرآن لأبى عبيدة (1/18، 19).
([29]) المجاز. د/المطعنى (1/59، 60) بتصرف.
([30]) عثمان بن جنى الموصلي، أبو الفتح: من أئمة الادب والنحو، وله شعر. ولد بالموصل وتوفى ببغداد، عن نحو 65 عاما. وكان أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الازدى الموصلي. من تصانيفه (الخصائص) و(شرح ديوان المتنبي) و (المحتسب) وغيرها. (الأعلام 4/204).
([31]) الخصائص (2/244).
([32]) الخصائص (2/244).
([33]) الخصائص (2/244)، المجاز. د/المطعنى (1/96، 97).
([34]) المجاز. د/المطعنى (1/98، 99).
([35]) الخصائص (2/247)، المجاز. د/المطعنى (1/105).
([36]) عبد الله بن المعتز بالله محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم بن محمد الرشيد هارون العباسى، البغدادى (أبو العباس). أديب، شاعر. وولى الخلافة بعد عزل المقتدر يوما واحدا، وقيل: نصف يوم، من كتبه (البديع، وطبقات الشعراء). سير أعلام النبلاء (14/42، 34)، وفيات الأعيان (3/76)، معجم المؤلفين (6/154).
([37]) المجاز. د/المطعنى (1/166).
([38]) نص الحديث: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « لاَ تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ». (صحيح مسلم، الأشربة، باب 12).
([39]) المجاز. د/المطعنى (1/167: 171) بتصرف.
([40]) المجاز. د/المطعنى (1/173).
([41]) على بن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني، أبو الحسن: قاض من العلماء بالأدب. له شعر حسن. ولد بجرجان وولى قضاءها، ثم قضاء الري، فقضاء القضاة. وتوفى بنيسابور، وهو دون السبعين، فحمل تابوته إلى جرجان. من كتبه: (الوساطة بين المتنبى وخصومه) و (تقسير القرآن) و (تهذيب التاريخ). (الأعلام4/300).
([42]) المجاز. د/المطعنى (1/175، 177) بتصرف.
([43]) المجاز. د/المطعنى (1/182، 183).
([44]) مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعىعالم بالادب، شاعر، من كبار الكتاب. أصله من طرابلس الشام، ولد وتوفى بمصر، أصيب بصمم فكان يكتب له ما يراد مخاطبته به. من مؤلفاته (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، (تحت راية القرآن)، (وحى القلم) وغيرها. (الأعلام 7/235).
[45] إعجاز القرآن، للرافعى (341، 342).
([46]) هو الشيخ الإمام أبو بكر عبدالقاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، واضع أصول البلاغة، من أئمة اللغة. من أهل جرجان (بين طبرسات وخراسان). (الأعلام 4/48، 49).
([47]) المجاز. د/المطعنى (1/ 296، 297).
([48]) أسرار البلاغة (324).
([49]) أسرار البلاغة (325، 326).
([50]) المجاز. د/المطعنى (1/315، 316) بتصرف.
([51]) يوسف بن أبى بكر بن محمد بن على السكاكى الخوارزمى الحنفى أبو يعقوب، سراج الدين: عالم بالعربية والأدب. مولده ووفاته بخوارزم. من كتبه (مفتاح العلوم) و(رسالة فى علم المناظرة – خ). (الأعلام 8/222)
([52]) المجاز. د/المطعنى (1/329).
([53]) مفتاح العلوم (153).
([54]) دلائل الإعجاز (460).
([55]) مفتاح العلوم (153).
([56]) مفتاح العلوم (166).
([57]) مفتاح العلوم (169)، والمجاز. د/المطعنى (1/344، 345، 346) بتصرف.
([58]) محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي، جلال الدين القزوينى الشافعي، المعروف بخطيب دمشق. أصله من قزوين، ومولده بالموصل. قاض قضاة الشام ومصر وخطيب دمشق. من كتبه (تلخيص المفتاح) فى المعانى والبيان، و(الايضاح) فى شرح التلخيص، و(السور المرجانى من شعر الارجاني). الأعلام (6/192).
([59]) المجاز. د/المطعنى (1/347).
([60]) المجاز. د/المطعنى (1/348).
([61]) المجاز. د/المطعنى (1/351).
([62]) بغية الإيضاح (ج3/78).
([63]) المجاز. د/المطعنى (1/431).
([64]) محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر: المؤرخ المفسر الامام. ولد فى آمل طبرستان، واستوطن بغداد وتوفى بها. من مؤلفاته (تاريخ الطبرى)، والتفسير المأثور (جامع البيان فى تفسير القرآن). (الأعلام 6/69).
([65]) المجاز. د/المطعنى (1/435: 473).
([66]) جامع البيان (2/53).
([67]) المجاز. د/المطعنى (1/452).
([68]) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمى الزمخشري، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والاداب. من مؤلفاته (الكشاف)، (أساس البلاغة)، (المفصل)، وغيرها. (الأعلام7/178).
([69]) المجاز. د/المطعنى (1/477، 478) بتصرف.
[70] عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى، أبو محمد: من أئمة الادب، ومن المصنفين المكثرين. ولد ببغداد وسكن الكوفة. ثم ولى قضاء الدينور مدة، فنسب إليها. وتوفى ببغداد. من مؤلفاته: (مشكل القرآن)، (تأويل مختلف الحديث)، (الشعر والشعراء). الأعلام (4/137).
([71]) المجاز. د/المطعنى (1/502).
([72]) العمدة (1/87).
([73]) هو محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضى العلوى الحسينى الموسوى: أشعر الطالبيين، على كثرة المجيدين فيهم.مولده ووفاته فى بغداد. من مؤلفاته (المجازات النبوية) ،(مجاز القرآن - طبع باسم - تلخيص البيان عن مجاز القرآن). (الأعلام6/99)
([74]) المجازات النبوية (ص 31) تحقيق وشرح د/طه الزينى، المجاز. د/المطعنى (1/ 516، 517) بتصرف.
([75]) عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيرى السيوطي، جلال الدين: إمام حافظ مؤرخ أديب. له نحو 600 مصنف، منها (الكتاب الكبير)، (الرسالة الصغيرة)، (الاتقان فى علوم القرآن)، (الالفية فى النحو)، (بغية الوعاة، فى طبقات اللغويين والنحاة). الأعلام (3/301)
([76]) الإتقان (1/269).
([77]) المجاز. د/المطعنى (1/529، 530).
([78]) على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد: عالم الاندلس فى عصره، وأحد أئمة الاسلام. كان فى الاندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم " الحزمية ". ولد بقرطبة. وكان يقال: لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان. أشهر مصنفاته (الفصل فى الملل والاهواء والنحل) وله (المحلى)، وغيرها.الأعلام(4/254).
([79]) الحقيقة التى يعنيها المؤلف فى مثل الصلاة والزكاة، إنما هى الحقيقة الشرعية لا اللغوية لأن فى اللغة معانى آخرى لهذه الاصطلاحات الشرعية.المجاز. د/المطعنى(1/531).
([80]) الأحكام فى أصول الأحكام (4/531، 532)، المجاز. د/المطعنى (1/531، 532) بتصرف.
([81]) المجاز. د/المطعنى (1/533).
([82]) المجاز. د/المطعنى (1/535).
([83]) المجاز. د/المطعنى (1/536).
([84]) المستصفى (1/341-342).
([85]) المجاز. د/المطعنى (1/539).
([86]) المستصفى (1/342).
([87]) المجاز. د/المطعنى (1/540).
([88]) المستصفى (1/342).
([89]) المستصفى (1/343).
([90]) المستصفى (1/343).
([91]) محمد بن أحمد عبد الله بن خويز المالكى، العراقى، أصولى. من آثاره: كتاب كبير فى الخلاف، وكتاب فى أصول الفقه. معجم المؤلفين (8/280).
([92] ) منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن النفرى القرطبى، الأندلسى المالكى، أبو الحكم البلوطى، قاضى قضاة الأندلس فى عصره، رحل إلى مكة ومصر وأخذ عن بعض علمائهما، توفى بقرطبة لليلتين بقيتا من ذى القعدة، له كتب منها (الانباه على استنباط الأحكام من كتاب الله) ويسمى أحكام القرآن، (الإبانة عن حقائق أصول الديانة)، (الناسخ والمنسوخ). سير أعلام النبلاء ( 16/173)، الأعلام (7/294)، هدية العارفين (6/472)، معجم المؤلفين (13/8) .
[93] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/622، 623).
[94] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/617) .
[95] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/617) .
[96] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/617) .
[97] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/641).
[98] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/642).
([99]) المجاز. د/المطعنى (2/642).
[100] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/642، 643).
[101] هو العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن أيوب سعد الزرعى الدمشقى، مولده ووفاته في دمشق. تتلمذ لشيخ الاسلام ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله، بل ينتصر له في جميع ما يصدر عنه. وألف تصانيف كثيرة منها: (إعلام الموقعين) و (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) و (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل).الأعلام (6/56)
([102]) المجاز. د/المطعنى (2/1106).
([103]) المجاز. د/المطعنى (2/1106، 1107).
([104]) المجاز. د/المطعنى (2/1107).
([105]) المجاز. د/المطعنى (1/1108).
([106]) مطبوع فى مكتبة المتنبى بالقاهرة، وطبع هذا الكتاب بمطبعة مصر عام 1318هـ، ومطبعة السعادة سنة 1327هـ. اظر معجم المطبوعات، إلياس سركيس (1/224).
[107] هو محمد بن الأمين بن محمد المختار الشنقيطى، يتصل نسبه بقبيلة ضمير العربية ولد عام 1305هـ، بموريتانيا الإسلامية، وتلقى تعليم على طريقة القدماء من أفراد أسرته وعلماء موريتانيا. وتولى التدريس بالمسجد النبوى والرياض والجامعة الإسلامية. وتوفى عام 1393هـ، بمكة المكرمة.
([108]) المجاز. د/المطعنى (1/1108).
([109]) المجاز. د/المطعنى (1/623)، من مسائل الاختلاف فى عملى المعانى والبيان (60).
[110] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/624) من مسائل الاختلاف فى عملى المعانى والبيان (61).
[111] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/624) .
([112]) عروس الأفراح- شروح التلخيص (4/69)
[113] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/624) .
[114] من مسائل الاختلاف فى عملى المعانى والبيان (61).
[115] من مسائل الاختلاف فى عملى المعانى والبيان (61).
[116] المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/622 – 625).
[117] يقصد كتاب (مجاز القرآن) لأبى عبيدة.
[118] الإيمان (84) .
([119] ) الرد على الزنادقة والجهمية (1/19)، الإيمان (84-85)، المجاز بين الإجازة والمنع للمطعنى (2/646) بتصرف.
[120] اسمه محمد بن أبى الخطاب القرشى، أبو زيد: راوية عالم بالشعر، صنف (جمهرة أشعار العرب). الأعلام (6/114)
[121] جمهرة أشعار العرب (1/1).
[122] الكتاب (1/212 ) .
([123] ) محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمى القرشى المطلبى، أبو عبد الله: أحد الائمة الاربعة عند أهل السنة. الأعلام (6/26)
[124] الإيمان (84) .
[125] المجاز. د/المطعنى (2/663).
[126] الرسالة للإمام الشافعى (ص51، 52)، المجاز فى اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع (2/666).
[127] معانى القرآن للفراء(1/23)، المجاز. د/المطعنى (2/660) .
[128] أحمد محمد بن بن حنبل، أبو عبد الله، الشيبانى الوائلى، المروزى، البغدادى(أبو عبد الله) إمام فى الحديث والفقه، صاحب المذهب الحنبلى، وأحد الائمة الاربعة. من مصنفاته (المسند) يحتوى على نيف واربعين الف حديث (الناسخ والمنسوخ). معجم المؤلفين (2/96)، الأعلام (1/203)
[129] الإيمان (84، 85) .
[130] الإيمان (85) .
[131] البيان والتبيين (1/152) .
[132] أخرجه الإمام مسلم فى باب (الإمارة) حديث رقم (4997)، وابن ماجه فى باب (الفتن) حديث رقم (4112)
[133] تأويل مشكل القرآن (30).
[134] تأويل مشكل القرآن (21).
[135] المجاز. د/المطعنى (2/653).
([136]) المجاز. د/المطعنى (2/656).
([137]) الإيمان (86، 87).
([138]) المجاز. د/المطعنى (2/ 717، 718) بتصرف.
([139]) المجاز. د/المطعنى (2/ 719، 720) بتصرف.
([140]) المجاز. د/المطعنى (1/862).
([141]) المجاز. د/المطعنى (1/862) بتصرف.
([142]) المجاز. د/المطعنى (1/ ).
([143]) المجاز. د/المطعنى (1/1108-1109).
([144]) من مسائل الاختلاف فى عملى المعانى والبيان (64) ، أثر النحاة فى البحث البلاغى، عبد القادر حسين (319، المثل السائر لابن الأثير1/106)










قديم 2013-12-28, 21:26   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
samid_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ويعزى هذا القول كذلك للرافضة كما عزى إلى للظاهرية هؤلاء هم كل ما يعزى إليهم إنكار المجاز فى القرآن، وفى الحديث النبوى كذلك([93]).
_______________
وكما ترون حتى الرافضة يتفقون مع فرقة التيمية في نفي المجاز وابطاله
ويخالفون الطائفة الغالبة اهل السنة والجماعة الاشاعرة









قديم 2013-12-28, 21:38   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
samid_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

مع احترامي حتى لهذا البحث والجهد المبذول فيه
الا انني عندي راي الشخصي
اعتقد والله اعلم انو استهداف اللغة العربية ولو كان في احد مكوناتها المجاز ووجوده في القران الكريم
ان اساسه ووجذره هو يهودي صهيوني قديم جدا حتى قبل نزول القران الكريم
ولا تستغربون هذا ان لا ابالغ
عندما تدرسون نفسية اليهود اقصد نفسيتهم العميقة جدا تجدونهم غيورين وحقدين على كل من يتفوق عليهم في مجال ما من مجالات الحياة ولو كان حتى في الشعر وليس العلوم فقط
فقد برع الشعراء العرب في الجاهلية ايما براعة لا تضاهيها براعة مثلها ابدا في كل الامم في قول الشعر ودقة الوصف وبلاغته
مجازا وسجعا وتردفا للكلمات وكناية وووو...
السؤال هل بقي احبار اليهود وحخاماتهم يتفروجون هكدا على قوة الشعر العربي بدون ان تاتيهم غيرة وحسد من هذا الشعر والاحساس بالنقص من الوعاء الحمال له وهي اللغة العربية
فعبريتهم يعتبرونها فقيرة جدا لا تسطيع ان تقول كلام ووصف وتعبير يظاهي الشعر الجاهلي قبل مجئء رسالة الاسلام ونزول القران
ومن هنا بدؤوا يكيدون لها وباي طريقة مهما كانت
ومنها نفي المجاز
انا لا اقول ان الذين ينفون المجاز تلقوا درسوهم من احبار وحخامات اليهود
حشى ولله
لكن هناك اختراق خبيث حدث لم يعرفه احد ولم يشر اليه ومازال مجهولا الى حد اليوم









قديم 2013-12-28, 21:44   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
samid_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

وانا مصر ان سبب المشكلة وجذرها الحقيقي موجود حتى قبل نزول القران
ومانعالجه في هدا الموضوع وطيلة كل هذه القرن هي نتائج وليست السبب الحقيقي
اسال الله ان اوفق في اثبات رأيي او ياتي من بعدي مايثبته









قديم 2013-12-29, 10:49   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما معنى الحقيقة والمجاز :
1- في اللغة :

قال الشوكاني –رحمه الله - :" أما الحقيقة فهي فعيلة من حق الشيء بمعنى ثبت ، والتاء لنقل من الوصفية إلى الاسمية الصرفية . وفعيل في الأصل قد يكون بمعنى الفاعل ، وقد يكون بمعنى المفعول فعلى التقدير الأول يكون معنى الحقيقة الثابتة ، وعلى الثاني يكون معناها المثبتة.

وأما المجاز : فهو مفعل ، من الجواز وهو التعدي ، كما يقال : جزت ( موضع كذا ) أي جاوزته وتعديته ، أو من الجواز الذي هو قسيم الوجوب والامتناع ، وهو راجع إلى الأول ، لأن الذي لا يكون واجبا ولا ممتنعا يكون مترددا بين الوجود والعدم ، فكأنه ينتقل من هذا إلى هذا ، ومن هذا إلى هذا ".(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) ( إرشاد الفحول ، ص : 1/94 ) .










قديم 2013-12-29, 10:51   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

- في الاصطلاح :
أ‌- الحقيقة : عرّفها الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بقوله :" هي اللفظ المستعمل فيما وضع له ، مثل " أسد " للحيوان المفترس ". ثم قال :" فخرج بقولنا " المستعمل " المهمل ، فلا يسمى حقيقة ولا مجازا . وخرج بقولنا " فيما وضع له " المجاز ". وقال أيضا :" وتنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام : لغوية ، شرعية ، وعرفية :

1- الحقيقة اللغوية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة .

فخرج بقولنا " في اللغة " الحقيقة الشرعية والعرفية .

مثال ذلك الصلاة : فإن حقيقتها اللغوية الدعاء ، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة .

2- الحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع .

فخرج بقولنا " في الشرع " الحقيقة اللغوية والعرفية .

مثال ذلك : الصلاة ، فإن حقيقتها الشرعية : هي التعبد لله بعبادة ذات أقوال وأفعال معلومة ، مفتتحة بالتكبير ، ومختتمة بالتسليم .

3- الحقيقة العرفية : وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف .

فخرج بقولنا " في العرف " الحقيقة اللغوية والشرعية .

مثال ذلك الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان ، فتحمل عليه في كلام أهل العرف " .

ثم قال : الأصل في الحقيقة " الأصل اللغوي " فلا يعدل عنه إلا بدليل ، فلا نحمل اللفظ على الحقيقة الشرعية إلا إذا جاء في لسان الشرع ، ولا نحمله عل الحقيقة العرفية إلا إذا جاء في لسان أهل العرف ".ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
( شرح الأصول من علم الأصول ، ص: 98-102 )










قديم 2013-12-29, 10:55   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :" وفائدة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله فيحمل في استعمال أهل اللغة عل الحقيقة اللغوية وفي استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية . وهذه فائدة مهمة ، فلو أن رجلا أوصى بشاة فقال : أوصيت بشاة – بعد موتي – تذبح وتفرق على الفقراء " فذهب آخر واشترى عنزا ووزعها على الفقراء فهل يكون منفذا للوصية ؟

الجواب : نعم : لان الشاة في العرف تشمل الذكر والأنثى من الضأن "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( شرح الأصول من علم الأصول ، ص : 102 )










قديم 2013-12-29, 11:04   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
مسلم امازيغي 010
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

من ينكر وجود المجاز في القران هو جاهل لا يعرف ابجديات اللغة العربية ولا يعرف كيف اعجز القران العرب بجمال لغته


يحاولون ان يفسرو القران بسطحية وتحريف معانيه ليناسب هواهم وعقيدتهم










قديم 2013-12-29, 12:00   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المجاز : عرفه الشيخ ابن عثيمين بقوله :" المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، مثل " أسد " للرجل الشجاع ".(4)
وعرّفه ابن قدامة بقوله :" وهو اللفظ المستعمل في غير موضعه الأصلي على وجه يصح "(5) . قال محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :" يعني بقوله "على وجه يصح " أن تكون هناك علاقة بين المعنى الأصلي وبين المعنى المجازي ، وان تكون قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي ".(6)

ويوضح هذا قول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :" فإن لم يكن هناك علاقة فلا يصح المجاز ، فلو عبرت مثلا بالخبز عن الشاة والبيت لا يصح ، لعدم العلاقة ، (أي بين البيت والشاة ) ، لكن لو عبرت عن العصير بالخمر يصح ، للعلاقة ، لأن أصل الخمر عصير .." (7)

وقوله أيضا :" وعلى كل حال أهم شيء عندنا في المجاز هو : أن نمنع حمل الكلام على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة ، وهذا الدليل يسميه علماء البلاغة ( القرينة ) .." .

ثم ضرب الشيخ لهذه المسألة مثالا في صفات الله ، حيث قال : " قال تعالى :" الرحمن على العرش استوى ". قال : فحقيقة الاستواء هو: العلو، فإذا حرفه أحد إلى الاستيلاء ! قلنا : لا نقبل مثل هذا ، لأن تحريفه إلى الاستيلاء إخراج له عن حقيقته ولا يقبل إلا بدليل "(8)

ولذلك عرفه الشوكاني رحمه الله بقوله :" وأما المجاز : فهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة ، مع قرينة "(9)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
4) (الأصول من علم الأصول ، ص: 16 ) .
(5) ( مذكرة في أصول الفقه ، ص : 68 )

(6) ( مذكرة في أصول الفقه ، ص: 72 ) .

(7) ( شرح الأصول من علم الأصول ، ص : 105 ).

(8) ( شرح الأصول مكن علم الأصول ، ص: 104 – 105 ) .

(9) ( إرشاد الفحول ، ص : 1/ 95 ) .










قديم 2013-12-29, 12:02   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

( اختلاف أهل العلم في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز )

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- :" تقسيم الكلام إل حقيقة ومجاز هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القرآن وغيره ، وقال بعض أهل العلم : لا مجاز في القران ، وقال آخرون : لا مجاز في القران ولا في غيره ، وبه قال أبو إسحاق الإسفراييني ، ومن المتأخرين محمد الأمين الشنقيطي ، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة ، ونصره بأدلة قوية كثيرة تبين لمن اطلع عليها أن هذا القول هو الصواب (10)

قال ابن القيم - رحمه الله - :" فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز "(11) . وقال أيضا :" ... وأهل اللغة لم يصرح أحد منهم بأن العرب قسمت لغاتها إلى حقيقة ومجاز ولا قال أحد من العرب قط : هذا اللفظ حقيقة ومجاز ، ولا وجد في كلام من نقل لغتهم عنهم مشافهة ولا بواسطة ذلك ، ولهذا لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأمثالهم ، كما لا يوجد ذلك في كلام رجل واحد من الصحابة ولا من التابعين ولا تابع التابعين ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة .

وهذا الشافعي وكثرة مصنفاته ومباحثه مع محمد بن الحسن وغيره لا يوجد فيها ذكر المجاز ألبتة ، وهذه رسالته التي هي كأصول الفقه لم ينطق فيها بالمجاز في موضع واحد ..". وقال أيضا :" وقد صرح بنفي المجاز في القران محمد بن خواز منداد البصري المالكي وغيره من المالكية وصرح بنفيه داود بن علي الأصبهاني وابنه أبو بكر ، ومنذر بن سعيد البلوطي ، وصنف في نفيه مصنفا ، وبعض الناس يحكي في ذلك عن أحمد روايتين وقد أنكرت طائفة أن يكون في اللغة مجاز بالكلية كأبي إسحاق الإسفرائيني وغيره ، وقوله له غور لم يفهم كثير من المتأخرين ، وظنوا أن النزاع لفظي ، وسنذكر أن مذهبه أسد وأصح عقلا ولغة من مذهب أصحاب المجاز .

وطائفة أخرى غلت في ذلك الجانب وادعت أن أكثر اللغة مجاز ، بل كلها ، وهؤلاء أقبح قولا وأبعد عن الصواب من قوله من نفى المجاز بالكلية ، بل من نفاه أسعد بالصواب " . وقال أيضا :" وهو اصطلاح حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة بالنص ، وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهمية من سلك طرقهم من المتكلمين " (12)

ثم أخذ رحمه الله يرد هذا القول – المجاز – من وجوه كثيرة بلغت أكثر من خمسين وجها . فانظرها إن شئت في مختصر الصواعق المرسلة . وممن نصر القول بالمنع من وقوع المجاز في القرآن العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، وألف في ذلك رسالة قيمة بعنوان :" منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز " قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :" ومن أوضح الأدلة في ذلك(13) أن جميع القائلين بالمجاز متفقون على أن من الفوارق بينه وبين الحقيقة أن المجاز يجوز نفيه باعتبار الحقيقة ، دون الحقيقة فلا يجوز نفيها ، فتقول لمن قال : رأيت أسدا على فرسه ، هو ليس بأسد وإنما هو رجل شجاع ، والقول في القران بالمجاز يلزم منه أن في القران ما يجوز نفيه ، وهذا باطل قطعا "(14)

وعلى كل فإن القائلين بالمجاز لم يقولوا بجوازه مطلقا ، بل الأصل عندهم في الكلام هو الحقيقة ، ولا تحمل الحقيقة على المجاز إلا بشروط ، وهي :

1- وجود العلاقة بين الحقيقة والمجاز .

2- وجود قرينة تصرفنا عن الأخذ بحقيقة الكلام إلى مجازه .

3- أن يكون اللفظ ( الكلام ) مستعملا في غير ما وضع له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) شرح الأصول من علم الأصول ، ص: 111) .

(11) ( مختصر الصواعق المرسلة ، ص: 271 )

(12) ( مختصر الصواعق المرسلة ، ص: 271 - 273 ) .

(13) أي على بطلان القول بالمجاز في القران .

(14) ( مذكرة في أصول الفقه ، ص : 69 ) .










قديم 2013-12-29, 12:06   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


في الحقيقة والمجاز - فايق احمد الدبسان
25 سبتمبر، 2009

في الحقيقة والمجاز





فايق احمد الدبسان



فهذا بحث متواضع ومختصر جدا ، يتعلق بمسألة الحقيقة والمجاز ، نقلته بمراحل ...وهي من أهم المسائل في علم أصول الفقه ، وذلك بسبب ارتباطها بموضوع العقيدة ، حيث توصل المعطلون لصفات الله إلى نفي الصفات الثابتة لله في كتابه الحكيم وسنة نبيه الأمين – صلى الله عليه وسلم – من خلال القول بالمجاز – كما ستراه في موضعه - إن شاء الله -. هذا وقد بيّن أهل العلم هذه المسألة بأتم بيان ، وقدموها لنا على أحسن حال ، وردوا على شبه المعطلة بعظيم الحجة والبرهان ، فلله وحده الحمد في الأولى والآخرة ، ونسأله سبحانه أن يجزيهم عنا خير الجزاء .

أولا : ما معنى الحقيقة والمجاز :

1- في اللغة :

قال الشوكاني –رحمه الله - :" أما الحقيقة فهي فعيلة من حق الشيء بمعنى ثبت ، والتاء لنقل من الوصفية إلى الاسمية الصرفية . وفعيل في الأصل قد يكون بمعنى الفاعل ، وقد يكون بمعنى المفعول فعلى التقدير الأول يكون معنى الحقيقة الثابتة ، وعلى الثاني يكون معناها المثبتة.

وأما المجاز : فهو مفعل ، من الجواز وهو التعدي ، كما يقال : جزت ( موضع كذا ) أي جاوزته وتعديته ، أو من الجواز الذي هو قسيم الوجوب والامتناع ، وهو راجع إلى الأول ، لأن الذي لا يكون واجبا ولا ممتنعا يكون مترددا بين الوجود والعدم ، فكأنه ينتقل من هذا إلى هذا ، ومن هذا إلى هذا ".(1)

2- في الاصطلاح :

أ‌- الحقيقة : عرّفها الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بقوله :" هي اللفظ المستعمل فيما وضع له ، مثل " أسد " للحيوان المفترس ". ثم قال :" فخرج بقولنا " المستعمل " المهمل ، فلا يسمى حقيقة ولا مجازا . وخرج بقولنا " فيما وضع له " المجاز ". وقال أيضا :" وتنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام : لغوية ، شرعية ، وعرفية :

1- الحقيقة اللغوية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة .

فخرج بقولنا " في اللغة " الحقيقة الشرعية والعرفية .

مثال ذلك الصلاة : فإن حقيقتها اللغوية الدعاء ، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة .

2- الحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع .

فخرج بقولنا " في الشرع " الحقيقة اللغوية والعرفية .

مثال ذلك : الصلاة ، فإن حقيقتها الشرعية : هي التعبد لله بعبادة ذات أقوال وأفعال معلومة ، مفتتحة بالتكبير ، ومختتمة بالتسليم .

3- الحقيقة العرفية : وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف .

فخرج بقولنا " في العرف " الحقيقة اللغوية والشرعية .

مثال ذلك الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان ، فتحمل عليه في كلام أهل العرف " .

ثم قال : الأصل في الحقيقة " الأصل اللغوي " فلا يعدل عنه إلا بدليل ، فلا نحمل اللفظ على الحقيقة الشرعية إلا إذا جاء في لسان الشرع ، ولا نحمله عل الحقيقة العرفية إلا إذا جاء في لسان أهل العرف ".(2)

ما هي الفائدة من هذا التقسيم ؟

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :" وفائدة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله فيحمل في استعمال أهل اللغة عل الحقيقة اللغوية وفي استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية . وهذه فائدة مهمة ، فلو أن رجلا أوصى بشاة فقال : أوصيت بشاة – بعد موتي – تذبح وتفرق على الفقراء " فذهب آخر واشترى عنزا ووزعها على الفقراء فهل يكون منفذا للوصية ؟

الجواب : نعم : لان الشاة في العرف تشمل الذكر والأنثى من الضأن "(3)

ب- المجاز : عرفه الشيخ ابن عثيمين بقوله :" المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، مثل " أسد " للرجل الشجاع ".(4)

وعرّفه ابن قدامة بقوله :" وهو اللفظ المستعمل في غير موضعه الأصلي على وجه يصح "(5) . قال محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :" يعني بقوله "على وجه يصح " أن تكون هناك علاقة بين المعنى الأصلي وبين المعنى المجازي ، وان تكون قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي ".(6)

ويوضح هذا قول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :" فإن لم يكن هناك علاقة فلا يصح المجاز ، فلو عبرت مثلا بالخبز عن الشاة والبيت لا يصح ، لعدم العلاقة ، (أي بين البيت والشاة ) ، لكن لو عبرت عن العصير بالخمر يصح ، للعلاقة ، لأن أصل الخمر عصير .." (7)

وقوله أيضا :" وعلى كل حال أهم شيء عندنا في المجاز هو : أن نمنع حمل الكلام على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة ، وهذا الدليل يسميه علماء البلاغة ( القرينة ) .." .

ثم ضرب الشيخ لهذه المسألة مثالا في صفات الله ، حيث قال : " قال تعالى :" الرحمن على العرش استوى ". قال : فحقيقة الاستواء هو: العلو، فإذا حرفه أحد إلى الاستيلاء ! قلنا : لا نقبل مثل هذا ، لأن تحريفه إلى الاستيلاء إخراج له عن حقيقته ولا يقبل إلا بدليل "(8)

ولذلك عرفه الشوكاني رحمه الله بقوله :" وأما المجاز : فهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة ، مع قرينة "(9)

( اختلاف أهل العلم في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز )

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- :" تقسيم الكلام إل حقيقة ومجاز هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القرآن وغيره ، وقال بعض أهل العلم : لا مجاز في القران ، وقال آخرون : لا مجاز في القران ولا في غيره ، وبه قال أبو إسحاق الإسفراييني ، ومن المتأخرين محمد الأمين الشنقيطي ، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة ، ونصره بأدلة قوية كثيرة تبين لمن اطلع عليها أن هذا القول هو الصواب (10)

قال ابن القيم - رحمه الله - :" فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز "(11) . وقال أيضا :" ... وأهل اللغة لم يصرح أحد منهم بأن العرب قسمت لغاتها إلى حقيقة ومجاز ولا قال أحد من العرب قط : هذا اللفظ حقيقة ومجاز ، ولا وجد في كلام من نقل لغتهم عنهم مشافهة ولا بواسطة ذلك ، ولهذا لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأمثالهم ، كما لا يوجد ذلك في كلام رجل واحد من الصحابة ولا من التابعين ولا تابع التابعين ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة .

وهذا الشافعي وكثرة مصنفاته ومباحثه مع محمد بن الحسن وغيره لا يوجد فيها ذكر المجاز ألبتة ، وهذه رسالته التي هي كأصول الفقه لم ينطق فيها بالمجاز في موضع واحد ..". وقال أيضا :" وقد صرح بنفي المجاز في القران محمد بن خواز منداد البصري المالكي وغيره من المالكية وصرح بنفيه داود بن علي الأصبهاني وابنه أبو بكر ، ومنذر بن سعيد البلوطي ، وصنف في نفيه مصنفا ، وبعض الناس يحكي في ذلك عن أحمد روايتين وقد أنكرت طائفة أن يكون في اللغة مجاز بالكلية كأبي إسحاق الإسفرائيني وغيره ، وقوله له غور لم يفهم كثير من المتأخرين ، وظنوا أن النزاع لفظي ، وسنذكر أن مذهبه أسد وأصح عقلا ولغة من مذهب أصحاب المجاز .

وطائفة أخرى غلت في ذلك الجانب وادعت أن أكثر اللغة مجاز ، بل كلها ، وهؤلاء أقبح قولا وأبعد عن الصواب من قوله من نفى المجاز بالكلية ، بل من نفاه أسعد بالصواب " . وقال أيضا :" وهو اصطلاح حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة بالنص ، وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهمية من سلك طرقهم من المتكلمين " (12)

ثم أخذ رحمه الله يرد هذا القول – المجاز – من وجوه كثيرة بلغت أكثر من خمسين وجها . فانظرها إن شئت في مختصر الصواعق المرسلة . وممن نصر القول بالمنع من وقوع المجاز في القرآن العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، وألف في ذلك رسالة قيمة بعنوان :" منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز " قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :" ومن أوضح الأدلة في ذلك(13) أن جميع القائلين بالمجاز متفقون على أن من الفوارق بينه وبين الحقيقة أن المجاز يجوز نفيه باعتبار الحقيقة ، دون الحقيقة فلا يجوز نفيها ، فتقول لمن قال : رأيت أسدا على فرسه ، هو ليس بأسد وإنما هو رجل شجاع ، والقول في القران بالمجاز يلزم منه أن في القران ما يجوز نفيه ، وهذا باطل قطعا "(14)

وعلى كل فإن القائلين بالمجاز لم يقولوا بجوازه مطلقا ، بل الأصل عندهم في الكلام هو الحقيقة ، ولا تحمل الحقيقة على المجاز إلا بشروط ، وهي :

1- وجود العلاقة بين الحقيقة والمجاز .

2- وجود قرينة تصرفنا عن الأخذ بحقيقة الكلام إلى مجازه .

3- أن يكون اللفظ ( الكلام ) مستعملا في غير ما وضع له .

4- وأن يمنع المجاز في صفات الله - جل وعلا - .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : " ..وبهذا الباطل توصل المعطلون إلى نفي صفات الكمال والجلال الثابتة لله تعالى في كتابه وسنة نبيه ، بدعوى أنها مجاز ، كقولهم في ( استوى ) : استولى ، وقس على ذلك غيره من نفيهم للصفات عن طريق المجاز "(15) ولذلك قال ابن القيم رحمه الله :" فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز ". قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :" ولا ريب أن تأويل نصوص الأسماء والصفات عن ظاهرها تحريف محرم وذلك من وجوه ..".ثم أخذ يعدد تلك الوجوه (16).

وقال أيضا :" الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير لأن الله أنزل القران بلسان عربي مبين والنبي يتكلم باللسان العربي فوجب إبقاء دلالة كلام الله وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم وهو حرام " .(17)

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :" ولهذا نقول للذين حرفوا آيات الصفات وأحاديثها :" ليس عندكم قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي". فإذا قالوا :" اليد بمعنى القوة " . قلنا :" لماذا "؟ قالوا :" لأن هناك ما يمنع إرادة المعنى الحقيقي – وهو عندهم - : العقل ، ما يمكن أن يكون له يد يلزم أن يكون جسما، وأن يكون مماثلا للمخلوقات ، وهذا ممتنع ". ولذلك صار ارتكاب المجاز ركيزة يرتكز عليها المعطلة ومشوا على هذا "(18)

تنبيه : نص الشيخ العلامة ابن عثيمين –رحمه الله – على أن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله – يرى وقوع المجاز في اللغة العربية دون القران ، كما في شرح دروس البلاغة ( ص : 107 ) .

وقد قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :" والتحقيق أن اللغة العربية لا مجاز فيها وإنما هي أساليب عربية تكلمت بجميعها العرب "(19)

( وهذه بعض الآيات التي يدّعي القائلون بالمجاز أنه يتعين فيها المجاز )

غاية ما يستدل به القائلون بالمجاز وقوع ذلك في اللغة والقران ، كما قال الشوكاني - رحمه الله - :" وعلى كل حال : فهذا القول لا ينبغي الاشتغال بدفعه ، ولا التطويل في رده ، فإن وقوع المجاز ، وكثرته في اللغة العربية ، أشهر من نار على علم ، وأوضح من شمس النهار "(20)

ومن تلك الآيات التي يستدلون بها على وقوع المجاز فيها وتعين ذلك ، إذ يتعذر حملها على الحقيقة :

قوله تعالى :" واخفض لهما جناح الذل ". فقالوا : وهل للذل جناح حتى يخفض ؟!

وقوله تعالى :" وسئل القرية " فقالوا : فهل نسأل بنيان القرية وجدرانها ؟!

وقوله تعالى:" جدارا يريد أن ينقض " فقالوا : وهل للجدار إرادة حتى ينقض ؟!

وقوله تعالى :" أو جاء أحد منكم من الغائط ". فقالوا : كيف يأتي من الغائط ؟ هذا مستحيل أن يحمل على حقيقته !!

ولذلك حملوا كل هذه النصوص وغيرها على المجاز ومنعوا من إرادة الحقيقة ، لأنها - عندهم - متعذرة !!

هذا وقد رد أهل العلم عليهم وبينوا أن هذه الآيات لا يتعين فيها شيء من المجاز ، وقد انبرى لذلك الإمامان ابن القيم ومحمد الأمين الشنقيطي - رحمهما الله - ، وألف كل منهما في رد هذا القول ، فردوا عليهم قولهم بالمجاز ردا مفصلا . ولكن الإمام العلامة الشنقيطي - رحمه الله - ذكر قولهم هذا ورد عليه ردا مختصرا مفيدا في كتابه " مذكرة أصول الفقه ". فقال :" أما قوله :" واخفض لهما جناح الذل " فليس المراد به أن للذل جناحا ، ثم قال : : بل المراد بالآية الكريمة كما يدل عليه كلام جماعة أهل التفسير أنها من إضافة الموصوف إلى صفته ، أي وأخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة ، ونظيره من كلام العرب قولهم : حاتم الجود ، أي الموصوف بالجود ، ووصف الجناح بالذل مع أنه صفة الإنسان ؛ لأن البطش يظهر برفع الجناح ، والتواضع واللين يظهر بخفضه كناية عن لين الجانب ، كما قال :

وأنت الشهير بخفض الجناح فلا تكن في رفعه أجدلا .
ونظيره في القران :" مطر السوء " و" عذاب الهون " أي المطر الموصوف بأنه سوء من وقع عليه ، والعذاب الموصوف بوقوع الهون على من نزل به . وإضافة صفة الإنسان لبعض أجزائه أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قال هنا :" جناح الذل " ، مع أن الذليل صاحب الجناح ". وقال أيضا :" وقوله تعالى :" وسئل القرية " فيه حذف مضاف ، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أسلوب من أساليب اللغة العربية معروف ، عقده في الخلاصة بقوله :

وما يلي المضاف يأتي خلفا عنه في الإعراب إذا ما حذفا
والمضاف المحذوف مدلول عليه بدلالة الاقتضاء ، وهي عند جماهير الأصوليين دلالة التزام ، وليست من المجاز عندهم ، كما هو معروف في محله ". وقال :" قوله :" جدارا يريد أن ينقض " لا مجاز فيه ، إذ لا مانع من حمل الإرادة في الآية على حقيقتها ؛ لأن للجمادات إرادات حقيقية يعلمها الله جل وعلا ونحن لا نعلمها . ويوضح ذلك حنين الجذع الذي كان يخطب عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – لما تحول عنه إلى المنبر ، وذلك الحنين ناشئ عن إرادة يعلمها الله تعالى . وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :" إني لأعرف حجرا كان يسلم عليّ في مكة ". وسلامه عليه عن إرادة يعلمها الله ، ونحن لا نعلمها ، كما صرّح الله بذلك في قوله جل وعلا :" وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " . فصرح بأننا لا نفقهه ، وأمثال ذلك كثيرة في الكتاب والسنة .

وكذلك لا مانع من كون الإرادة تطلق في اللغة العربية على معناها المعروف ، وعلى مقاربة الشيء والميل إليه ، فيكون معنى إرادة الجدار : ميله إلى السقوط وقربه منه ، وهذا أسلوب عربي معروف ، ومنه قول الراعي :

في مهمة قلقت به هاماتها قلق الفؤوس إذا أردن نصولا
وقول الآخر :

يريد الرمح صدر أبي براء ويعدل عن دماء بني عقيل ".
وقال :" وكذلك قوله :" أو جاء أحد منكم من الغائط" لا مجاز فيه ، بل إطلاق اسم المحل على الحالّ فيه وعكسه كلاهما أسلوب معروف من أساليب اللغة العربية ، وكلاهما حقيقة في محله ، كما أقروا بنظيره في أن نسخ العرف للحقيقة اللغوية لا يمنع من إطلاق اسم الحقيقة عليه ، فيسمونه حقيقة عرفية ".

ثم قال :" وأكثر المتأخرين على أن في الآيات التي ذكرها المؤلف ( ابن قدامة ) مجازا ، كما هو معروف ، وقد بيّنا منع القول بالمجاز في القران في رسالتنا التي ألفناها في ذلك "(21)

قلت : وعنوان الرسالة - كما تقدم - " منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ










قديم 2013-12-29, 12:19   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










M001

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع بكم وحفظكم من كل سوء










قديم 2013-12-30, 10:48   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
سميرالجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سميرالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يا بطاش ..samid_dz مازلت في نقولاتك الحاقدة
لا يوجد موضوع ولا مسألة تثار إلا ولك بصمات مملات من الجرائد
....اعقل ...










 

الكلمات الدلالية (Tags)
مجاز, الأساور, الطاهر, القرآن, تطاير, إبطال


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc