لقد فضَّل الله عزَّ وجلَّ بعض السّور على بعض، كما فضَّل بعض الآيات على بعض. ففي صحيح مسلم عن أُبَي بن كعب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “يا أبا المنذر، أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم؟”، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: “يا أبا المنذر، أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم؟”، قال: قلت: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، قال: فضرَب في صدري، وقال: “والله ليَهْنِك العلم أبا المنذر”، إنّها آية الكرسي: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} البقرة:255.
فهنَّأه النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هذا العلم النّافع الّذي حوَاه صدْره، فهو أقْرَأُ الأمّة بكتاب الله، والقارئ زمن النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَم تكنْ قراءته دون علْمٍ، وها هو قد عَلِم أعظمَ آية؛ لِمَا فيها من أصول الدّين وقواعده، ولِمَا تحويه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى.
فهذه الآية فيها اسم الله الأعظم، الّذي إذا دُعِي به أجَاب، وإذا سُئِل به أعْطَى؛ كما جاء في الحديث الحسن: “اسم الله الأعظم لفي ثلاث سُوَرٍ من القرآن: في البقرة وآل عمران وطه”، أمَّا في البقرة، فقوله: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} البقرة:255، وأمَّا في آل عمران، فقوله: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} آل عمران:2، وأمَّا في طه، فقوله: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} طه:8.
منقول