لنفرض جدلا كما تزعمين أن قطاع التعليم يتسم بالرداءة ،أخبريني بربك يا سيدة بقطاع غير التعليم يتسم بالجودة ؟ قطاع الإعلام ؟تعلمين أن فساده لا قياس و لا حدود له لقد حول إلى مملكة يرث عرشها من بعدهم أبناء الصحافيين و أبناء الأباطرة الذين يخدمونهم و لا يحق لمواطن عادي أن يلجها إلا إلا بعد أن يلج السم الخياط .
نصدقك عندما تقولين أنك تركت الثانوية و أن التعليم لا ينفع لك و لكن ليس بسبب فساد الأساتذة كما تزعمين و لكن بسبب الأجر الزهيد الذي كنت تتقاضينه أو بسبب افتقارك إلى الشخصية التي تجعلك تسيطرين على تلاميذ القسم و أنا أعرف الكثير من أمثالك الذين تركوا مهنة التعليم لهذا السبب .
بالنسبة للدروس الخصوصية فهي واقع فرضه العبن المسلط على رجال التعليم و المنطق يقول أن الغاية تبرر الوسيلة .ثم أغلب الأولياء الآن و الحمد لله يتمتعون بمستوى تعليمي لا بأس به و لكن نظرا لتهربهم من المسؤولية وتفرغهم للبحث عن لقمة العيش يفضلون الدروس الخصوصية على أن
مساعدة أبنائهم في المنزل .
تقولين أن الأجور معقولة مقارنة بالوظيفة العمومية . يا أختي نحن لم نطالب ابدا برفع أجورنا نحن نطالب بالمساواة و العدل بين أبناء القطاع هل تعلمين أن هناك فئة من الأساتذة شطب على 30 سنة و أكثر من خبرتها التعليمية و أن الأستاذ الذي يملك سنة و احدة من الخبرة يعتبر في نظر قانون الوزارة أكثر خبره من الذين ينتمون إلى هذه الفئة ؟ هل يرضى أحد في الدنيا أن تضرب سنوات خبرته المهنية في صفر ؟
صحيح أن الرسل لم يطالبوا برفع أجورهم و لكن لم يمنعوا من ممارسة أعمال حرة كالتجارة و الرعي و النجارة . تريدوننا أن نكون رسلا و لكن تمنعوننا من ممارسة أعمال أخرى تعيننا على أعباء الحياة بحجة التفرع للتعليم .
الأن أدركت لماذا شبه المعلمون بالرسل ليس فقط لأنهم أصحاب رسالة و لكن لأن أغلب البشر يعادونهم و لأنهم إذا تكلموا سخط عليهم الجميع و لأنهم تماما كالرسل لا يستطيعون السكوت عن قول الحق و لو كلفهم ذلك ما يكلفهم و لأن قدرهم كله فقر و حرمان .