السؤال:
تبلغ أمي 58 عاما وهي تعاني من ضعف الذاكرة طول حياتها وقد عادت لطبيعتها مع الالتزام بالعلاج لكن لسوء الطالع ترتكب الكثير في الصلاة فقد تصلي الوقت الطويل دون أن تدرك ماذا قرأت
ونحن نحاول أن نساعدها في تعلم وأداء الصلاة على الوجه الصحيح، لكنها تنسى هذا ما أن تبدأ الصلاة فهي تخطأ في قراءة السور وتخلط بين الركوع بالسجود.
وتصلي أحيانا ولا تدرك أقامت بالركوع أو السجود، وأحيانا نستحثها بالوقوف معها للقيام بالركوع والسجود وقراءة التسابيح والتهليل وقراءة السور بشكل صحيح
فهل في هذا إفساد لصلاتها؟
وأنا أتساءل هل يمكن أن نقوم أنا وابنتها بالصلاة جماعة معها وليس يوجد هناك سوانا في البيت
وقراءة الصلاة بصوت جهوري والطلب منها أن تتبعنا في الركوع والسجود حتى يتسنى لها على أقل تقدير تحقيق الركوع والسجود بشكل صحيح..
تقبل الله منها صلاتها وتقبل جهدنا.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قولك : " لكن لسوء الطالع ترتكب الكثير في الصلاة "
هذه الكلمة يطلقها كثير من المسلمين وهم لا يعلمون أنها مخالفة للشريعة
ثانيا :
إذا عجز المسلم عن أداء الصلاة على صورتها الكاملة ، فإنه يأتي بما يستطيع ، ويسقط عنه ما لا يستطيعه ، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره لهم .
قال الله عز وجل : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16 .
قال السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 868) .
وروى البخاري (7288) ومسلم (1337) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
قال النووي رحمه الله :
" هَذَا مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام الْمُهِمَّة , وَمِنْ جَوَامِع الْكَلِم الَّتِي أُعْطِيهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَدْخُل فِيهِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَحْكَام كَالصَّلَاةِ بِأَنْوَاعِهَا , فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْض أَرْكَانهَا أَوْ بَعْض شُرُوطهَا أَتَى بِالْبَاقِي , وَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْض أَعْضَاء الْوُضُوء أَوْ الْغُسْل غَسَلَ الْمُمْكِن , وَإِذَا وَجَدَ بَعْض مَا يَكْفِيه مِنْ الْمَاء لِطَهَارَتِهِ أَوْ لِغَسْلِ النَّجَاسَة فَعَلَ الْمُمْكِن , وَإِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُر بَعْض عَوْرَته أَوْ حَفِظَ بَعْض الْفَاتِحَة أَتَى بِالْمُمْكِنِ ... وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : ( فَاتَّقُوا اللَّه مَا اِسْتَطَعْتُمْ ) " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" يجب على كل مسلم أن يصلي الصلوات الخمس في مواقيتها ، وليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر .
لكن العذر يبيح له شيئين :
يبيح له ترك ما يعجز عنه ، ويبيح له الجمع بين الصلاتين .
فما عجز عنه العبد من واجبات الصلاة سقط عنه " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21 / 428).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" يجب على كل مسلم أن يتعلم ما لا تصح صلاته إلا به ، من الأركان والواجبات والشروط ، ويستحب له أيضا أن يتعلم مكملات الصلاة من الأمور المستحبة ، كدعاء الاستفتاح
لكن من لم يستطع أن يحفظ بعض أذكار الصلاة لكبر سنه أو أميته فصلاته صحيحة ، لقول الله تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) ، وقوله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )
لكن يجب على المسلم أن يجتهد في حفظ الأمور الواجبة في الصلاة ، وأن يكرر ذلك حتى يتقنه ، ولو بعد حين " انتهى
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5 / 319) .