لم لا نملك ثقافة ,,,,, أود أن أكون عالما ؟ - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للنقاش الجاد

الجلفة للنقاش الجاد قسم يعتني بالمواضيع الحوارية الجادة و الحصرية ...و تمنع المواضيع المنقولة ***لن يتم نشر المواضيع إلا بعد موافقة المشرفين عليها ***

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لم لا نملك ثقافة ,,,,, أود أن أكون عالما ؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-01, 19:17   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
الوجہ البَشوش
عضو محترف
 
الصورة الرمزية الوجہ البَشوش
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهل تحسب انا العالم اصبح عالما في ليلة وضحاها ؟؟ ومن قال لك اننا لم نفكر في ذلك ؟ أو لم نتمنى ذلك ؟؟

ان تصبح عالما صاحب نظرياااات يأ أخـــآآه ليس من السهل فعلها لانها ليست متاحة للجميع ومن شروطها ليس المواظبة فقط والإرادة بل هي ايضا هبة من الله يجعلها في خلقه
ولا حتى من السهل التفكير فيها لأنك وبإختصااااار لست في بلد يشجع البحث العلمي والإبتكارات...









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-01-02, 05:10   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
syrus
محظور
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

من المهم القراءة حول تاريخ العلم و سير العلماء فهذا يساعد على ضبط البوصلة و توضيح الرؤية و اكتشاف الذات... أقترح قراءة بعض مقالات إبراهبم البليهي . فهي لها علاقة بالموضوع...

اقتباس:

الحضارة تقدمتْ باختراقات الرواد العصاميين

إبراهيم الـبـلـيهــي


الأصل في المجتمعات والثقافات هو تلقائية الرفض القوي للتطور فالمجتمعات لا تستجيب للريادة الخارقة إلا بعد رفض قد يطول أو لاتستجيب أبدًا بل إن تَتَبُّع حياة الرواد يؤكد أن الرفض غالبًا يكون عنيفًا، والمقاومة للفكر الريادي تأتي شرسة ومتجددة ومستمرة إلى أن تتبدل الأوضاع بما يسمح بتسلل نور الريادة إلى بعض العقول ثم يمتد التأثير.
إن تاريخ الحضارة يشهد بوضوح بأن كل تطور خارق هو تجاوزٌ لسائد وخروجٌ عن مألوف وكسرٌ لإطار وانفصالٌ عن واقع وخَلْقٌ لقيمة وصياغةٌ لاتجاه جديد في التفكير والعمل والاهتمام وهذا لايحققه المتعلمون المنتظمون المرددون وإنما يحققه الرواد المبدعون الذين ينفرون من واقع رتيب راسخ ويندفعون من أجل صياغة واقع جديد مغاير ينهض به مجتمع وتتغيَّر به أمة وتتطور به الحضارة الإنسانية عامة.



إن الرواد على المستوى الإنساني في امتداد الزمان والمكان في مجالات الفكر والعلم والاختراع والفن والقيادة والاختراق هم عددٌ قليلٌ جدا قياسًا بعدد البشر خلال التاريخ البشري كله على امتداد القرون إنهم مثل عنصر الذهب في كتلة الأرض أو مثل الأصداف في البحار والمحيطات، أو مثل ملكة النحل تكون فريدة ومختلفة كليا عن أسراب العاملات لذلك أمكن حصر الرواد في كتب تاريخ الحضارة وتاريخ العلم وتاريخ الفن وتاريخ الاختراع، وتاريخ الكشوف الجغرافية وتاريخ الأدب وتاريخ الشعر وتاريخ الفن الروائي، وتاريخ الرسم وتاريخ الموسيقى وتاريخ المسرح وتاريخ السينما وتاريخ السياسة.


مئاتُ الملايين من المتعلمين في كل أقطار الأرض يمرون في هذه الحياة مرور العابرين لايتجاوز دورهم في أحسن الأحوال محاولة الالتزام بما حققه الرواد العصاميون وتنفيذ قواعد ومعايير وضَعَها المتميزون المندفعون فالمتعلمون مردِّدون ومنفِّذون وحتى هذه المهمة التنفيذية لايكونون مؤهَّلين لأدائها إلا بعد مران دقيق وممارسة طويلة وحتى مع المران والممارسة لن يكتسبوا المهارة الضرورية فضلاً عن الأداء الفائق إلا باهتمام تلقائي قوي مستغرق حيث يوجد اختلاف نوعي بين المعرفة النظرية، والأداء العملي فالإتقان وليد الرغبة الجياشة في المجال والاستمتاع بحسن الأداء فقابليات الإنسان تتحكم بها عواطف الحب أو الكُره والانجذاب أو النفور واللذة أو الألم، وكلُّ ذلك محكومٌ بتدفقات هرمونية واستجابات تلقائية ليست خاضعة حتى للفرد ذاته.


لقد جرى خلطٌ شديد بين التعلُّم اندفاعًا بفاعليته العظيمة الذي هو من نصيب القلة الرائدة والتعلُّم اضطرارًا بكلاله وعقمه الذي تعيشه الكثرة الغامرة فالرائد هو نتاجُ نفسه سواء اضطر للانتظام في التعليم بمختلف مراحله مسايرةً للمعايير السائدة أم دفَعَه نفوره إل الانفصال المبكر عن السائد والاستقلال بالنفس كما فَعَلَ مبدعون عالميون في مختلف المجالات مثل ستيف جوبز أو ألفريد نوبل أو بيكاسو أو تولستوي أو بيل جيتس أو آرثر كستلر أو كروتشة أو برديائيف أو جيمس وات أو هنري ميلر أو غيرهم من المبدعين الذين تخلَّوا عن التعليم النظامي مبكرين فحفظوا طاقتهم ووقتهم واهتمامهم من التبدُّد وحموا قابلياتهم من الانسداد الذي تسببه مكابدة مقررات لايسيغونها ولا تتفق مع اهتماماتهم وطموحاتهم وما يجيش في نفوسهم من تساؤلات.



اعتدنا نحن العرب الاعتراف فقط بتفرُّد الشعراء لأننا ورثنا هذا الاعتراف عن أسلافنا فقد كان الشعر هو الإبداع الوحيد الذي ورثناه، أما العلم في العرف السائد فهو حفظ ما قيل واستيعاب ما هو مستقر وليس اكتشافًا أو إبداعاً لذلك فإننا مازلنا نستبعد العصامية والتفرُّد في مجالات الفكر والعلم والاختراع والإدارة والفن والأداء المتفوق من أي نوع حتى في اللعب لأنها مجالات طارئة على ثقافتنا فقد وفدتْ إلينا مع التغيرات التي طرأت على الحياة الإنسانية وجاءت مع تعميم التعليم الذي خلطناه بأوهام معطِّله أدَّتْ إلى التوهم بقدرة من ليسوا مهيئين لامتلاك القدرة خارج مستوى الرتابة.



حين نكون بشأن التعليم وتقييم نتائجه فإن علينا أن نتذكر بأن مؤسسي العلوم كانوا من العصاميين الذين دفعهم اهتمامهم التلقائي القوي المستغرق إلى أن يكتشفوا ما كان مجهولاً فتتغيَّر باكتشافاتهم التصورات، وتتبدل المسارات إنهم روَّادٌ مغايرون للسائد وليسوا تلاميذ مدجَّنين فكلٌّ منهم يرتاد مجهولاً في مجال اهتمامه فيضع الإنسانية في مسار جديد نحو التقدم في مجال من مجالات العلم أو الاختراع أو الاكتشاف أو الفن أو نمط جديد من أنماط الأداء.



إن التاريخ بمختلف قطاعاته يقدم شواهد لاحصر لها وكذلك يقدم الواقع بمختلف مجالاته الدليل بعد الدليل على أن الاهتمام التلقائي القوي المستغرق هو مفتاح الطاقات الإنسانية.
إننا حين نقرأ مثلا تاريخ علم الأحياء نجد أن بائع الأقمشة انطوان ليفنهوك كان واحداً من أهم هؤلاء الرواد المؤسسين والشيء المهم في حياة هذا الرائد المدهش أنه لم يتلق أي تعليم نظامي وإنما علَّم نفسه بالشغف والاندفاع التلقائي والإصرار والتركيز فارتاد مجالاً من مجالات العلم غير مطروق من قبل واكتشف باهتمامه التلقائي القوي المستغرق دنيا الأحياء الدقيقة الخفيَّة المدهشة كما أنه أيضا كان مخترعًا فقد اخترع المجاهر التي مكَّنته من هذا الاكتشاف الباهر وبذلك أسَّس علم الأحياء الدقيقة (الجراثيم) فأدهش أوروبا بأجمعها حتى زاره الملوك والعلماء وهزَّ الكثير من التصورات التي كانت سائدة وفتح المجال لتأسيس علوم أخرى ذات علاقة وطيدة بهذه الكائنات التي لا تراها العيون ولا تحسها الأيدي ومع ذلك تفعل الأفاعيل لذلك عدَّه الدكتور مايكل هارت يأتي في المرتبة (39) بين المئة الأوائل الأكثر تأثيرًا في التاريخ البشري.



أما العصامي الثاني المؤسِّس لعلم الأحياء فهو تشالز داروين بغض النظر عن الموقف منه ومن نظريته إلا أن الذي لاشك فيه هو أن علم الأحياء بفروعه المختلفة يتأسس على هذه النظرية وكذلك الطب فحتى مع الايمان بعدم صحة استنتاجاته فإن نظريته قد صارت نظرية جامعة وإطارًا عامًّا للبحث في علوم الحياة والعلوم الطبية وقد تحقق له ذلك مع أنه كان نافرًا من التعليم النظامي وبسبب نفوره فقد تنقَّل بين عدد من المجالات ولم يستقر على واحد منها وأثناء الدراسة وقبل تخرجه في أي تخصص أتيح له أن يتم اختياره مرافقًا وجليسًا ومؤنِّسًا لقائد الباخرة (بيجل) في رحلتها الاستكشافية التي استغرقت خمس سنوات ولكنه كان شغوفًا بالبحث في المجال الذي يهواه وكان يهتم بملاحظة أوجُه التشابه والاختلاف بين الكائنات فبدلاً من أن يكون مجرد مرافق للكابتن تحوَّل إلى باحث أصيل ودقيق بينما بقي دور الباحث الرسمي في الرحلة روبرت مكورمك دورًا هامشيًّا حيث لم يحقق أي نجاح في مهمته بينما أن داروين الذي جيء به كجليس لقائد الباخرة فقط هو الذي حقق هذا الانجاز الذي امتد تأثيره إلى كل مجالات الفكر والعلم.
وهنا يظهر الفرق النوعي بين الباحث المدفوع باهتمام تلقائي مقارنةً بالباحث الرسمي الذي يؤدي عملاً مطلوبًا منه لكن لايتأجَّج حماسًا له ولا اندفاعًا تلقائيًّا إليه فالمهمة البحثية كانت موكولة للطبيب روبرت مكورمك ولكنه فشل في مهمته بينما أن داروين الذي كان مهتمًّا اهتمامًا تلقائيًّا حقق نتائج صارت ذات تأثير شامل وحاسم وممتد في الزمان والمكان رغم أنه لم يكن مطلوبًا منه رسميًّا أن يفعل ذلك وهنا يتضح الفرق النوعي بين فاعلية البحث اندفاعًا، وعقم البحث اضطرارًا وقد جرى التحقق من ذلك أخيرًا طبقا لما يؤكده استاذ علم الأحياء في جامعة هارفارد ستيفن جوود في كتابه (منذ زمن داروين).



وهكذا يكون الرجل الثاني في تأسيس علم الأحياء قد اعتمد أيضا على نفسه فصار متبوعًا بدلاً من أن يكون مجرد تابع يردد ما قاله الآخرون ولقد بلغ اتساع وعمق تأثيره درجةً جعلتْ الدكتور مايكل هارت يجعله في المرتبة (17) بين الأكثر تأثيرًا في التاريخ الإنساني كله.



أما المؤسس الثالث لعلم الأحياء غريغوري مندل فهو أيضا رجلٌ عصامي اعتمد على نفسه ودفَعه اهتمامه التلقائي القوي المستغرق إلى أن يكتشف الأساس الوراثي للأحياء وكما قال عالم الأحياء الفرنسي الحائز على نوبل فرانسوا جاكوب في كتابه (منطق العالم الحي) كان مندل سابقًا لعصره سبقًا مذهلاً فلم يلتفت العلماء لاكتشافه إلا بعد خمسة وثلاثين عامًا ولكن تاريخ العلم حفظ له هذه الريادة الباهرة في تأسيس علم الوراثة فَقَد عدَّه الدكتور مايكل هارت في المرتبة (59) بين العظماء الأكثر تأثيرًا في التاريخ الإنساني متقدمًا بذلك على ديكارت ويوليوس قيصر ووليم الفاتح وتوماس جيفرسون وغيرهم من عظماء الحضارة.



من غير دافع تلقائي يضطر أكثر الدارسين إلى حفظ المسائل في مادة الكيمياء مثلاً ولكنهم في الغالب لايتساءلون كيف تكوَّن هذا العلم ابتداءً وهنا يبرز اسم جون دالتون الذي لم يتجاوز في التعليم النظامي المرحلة الابتدائية لكن اهتمامه التلقائي القوي المستغرق دَفَعه إلى البحث والاستقصاء والتجريب اعتمادًا على نفسه. وقد انتهى الدكتور مايكل هارت في كتابه (المئة الأوائل) بأن وَضَع جون دالتون في المرتبة (93) بين عظماء الإنسانية الأكثر تأثيرًا في مسيرة الحضارة وعنه يقول : (( دالتون العالم البريطاني قدَّم النظرية الذرية ففتح المجال أمام التقدم العلمي الهائل في الكيمياء )) فدور المعلمين ينحصر في محاولة استيعاب ما أنجزه الرواد ونَقْل هذا الفهم إلى الطلاب ويتكرر المشهد في كل المواد مع كل الأجيال.



كل الاكتشافات العظمى تحققت بواسطة الرواد العصاميين الذين اندفعوا للبحث والتجريب باهتمام تلقائي قوي مستغرق وقد كان مايكل فراداي واحدًا من أولئك الرواد الباهرين فهو في التعليم النظامي لم يتجاوز المرحلة الابتدائية لكنه كان يضطرم شغفًا في المعرفة فحقق كشوفًا عظيمة مذهلة صار لها أعظم النتائج في الحياة البشرية وكما قال والدمار كمفرت في كتابه (فتوحات علمية) : (( أما الفترة الثانية من مراحل الاختراع فقد حَفَلَتْ باستغلال الاكتشافات العبقرية لمايكل فراداي في ميدان الكهرباء لذلك أطلق الأدباء على هذه الفترة اسم عصر الكهرباء)) وكان آينشتاين يَعتبر فراداي قدوةً يحتذيه وكان يرفع صورته في مكتبه وقد وضعه مايكل هارت في المرتبة (28) بين العظماء الأكثر تأثيرًا في مسيرة الحضارة.



إن تقدم الحضارة وازدهار المجتمعات مرهونٌ بالاستجابة للرواد السائرين عكس التيار فهم وحدهم الذين يغيرون الاتجاه الخاطئ فتصير كل الجهود داعمة في الاتجاه الجديد ولكن لايدرك ذلك سوى أهل البصائر النافذة وعلى سبيل المثال فإنه حين تلكأتْ الحكومة البريطانية بتخصيص مبلغ لتدريب الشغوفين بالعلم.. بادر العالم توماس هكسلي بالتأكيد بأن ما تنفقه الحكومة سيكون مربحًا للأمة واعتبر أن حصول أمة : ((على شخص مثل وات أو دافي أو فراداي)) هو ربحٌ عظيم.



إذن همفري دافي من مفاخر بريطانيا ومن مشيِّدي مجدها وهو رجلٌ عصامي علَّم نفسه وكما جاء في كتاب (عمالقة العلم) : (( قام هذا الشاب العصامي باكتشاف جَعَلَه شهيرًا في انجلترا كلها)) ورغم أنه لايحمل أية شهادة فإنه صار أكثر محاضري المعهد الملكي بلندن شعبية : ((.. سرعان ما أصبح أستاذًا بمعنى الكلمة)) وليس همفري دافي سوى مثال على ما يحققه الاهتمام التلقائي القوي المستغرق أما الذين يضطرون إلى التعلُّم اضطرارًا فإن قابلياتهم ترفض استقبال ما يراد لها استيعابه ثم تمجُّه وتلفظه بعد أن يؤدي مهمته الوقتية.



جيمس جول معدودٌ من أبرز رواد العلم إنه عالم عصامي فقد اعتمد على نفسه وحقَّق إسهامات علمية عظيمة فالشغف الملتهب هو المعلِّم الحقيقي يقول عنه تاريخ العلم بأنه اعتمد على قدراته الذاتية في استيعاب العلوم وانطلق منها إلى اكتشافاته العظيمة في مجال الطاقة وقد أشاد به أينشتاين وليوبولد إنفلد في كتابهما (تطور الأفكار في الفيزياء) ومما كتبه عنه العالم المصري الشهير علي مصطفى مشرفة : ((ما قام به العالم العصامي جيمس جول من التجارب فتحت بابا جديدًا للمشتغلين بالعلوم الطبيعية وقد أدَّتْ أبحاث جول إلى نشوء فرغ جديد من فروع المعرفة يُعرَف بعلم الديناميكا الحرارية)) وسوف أكتب عنه تفصيلاً في مكان آخر.



جاليليو يُعَدُّ شاهدًا من أهم شواهد عبقرية الاهتمام التلقائي إنه مؤسِّس العلم الحديث فهو سار باتجاه معارض تمامًا لما تعلَّمه في الجامعة لذلك فَصَلَتْه الجامعةُ وحاكمته الكنيسة إنه رائد كان يتحرك عكس التيار السائد فإبداعه مضاعف لأنه استطاع التحرر مما تبرمج به من البيئة كما تمكَّن من مواجهة أساتذة الجامعة وصَمَدَ في تحديهم والانعتاق مما هو مألوف وبذلك شق للإنسانية مسار الفكر العلمي الحديث وجاء بعده نيوتن مؤسِّسًا لمرحلة جديدة من مراحل تطور الحضارة وقد توصل إلى اكتشافاته بحدس خارق بعيدًا عن الجامعة وأجوائها الرتيبة فلم يكن نيوتن واحدًا من المردِّدين ولكنه كان رائدًا من الفاتحين.



وقبلهما كان دافنشي أعجوبةً إنسانية في تنوع اهتماماته وتعدُّد مجالات إبداعه في العلم والتجريب والاختراع والفن لقد علَّم نفسه بعيدًا عن التدجين فبقي مفتوح العقل متأجج القابليات فما وجَّه اهتمامه لأي مجال إلا أبدع فيه ومازالت أساليبه في التفكير وفي البحث والعمل مسارات يحتذيها المبدعون وعلى سبيل المثال فإن المبدع الباهر ستيف جوبز يصرح بإعجابه الشديد بدافنشي فهو في نظره ((فنانٌ عظيم وعالم عظيم)) ويوصي بالانفتاح على كل التخصصات اقتداء بدافنشي وإبداعاته المتنوعة.



كوبرنيكوس الذي مثَّلَتْ اكتشافاته تحولا حاسمًا في الفكر الأوروبي جاء تأثيره العظيم في مجال اهتمامه التلقائي القوي المستغرق مخالفًا بذلك مجال تخصصه الدراسي والمهني فدراسته كانت في مجال اللاهوت وكان من رجال الكنيسة فجاءت اكتشافاته باتجاه مضاد للسائد فاضطر أن يخفيها إلى اللحظة التي رأى نفسه يغادر الحياة وهو على فراش الموت فما من رائد مؤثر إيجابيًّا على مسيرة الحضارة إلا وتكون حركته مضادة للاتجاه السائد.



الاندفاع التلقائي للرواد هو صفةٌ عامةٌ أما رَدُّ الفعل العام على الاندفاع الريادي فهو يأتي غالبًا بل دائمًا مضادًّا وقد يكون الرد عنيفًا لكن هذه الحقيقة التاريخية المهمة مازالت غير مأخوذة في الاعتبار عند تقييم الأعمال الريادية فيُحسَب مثلاً ابن رشد من مفاخر الحضارة العربية رغم أن هذه الحضارة رفَضَتْه ولم تستجب له لا في حياته ولا بعد مماته.



في علم الآثار تتجلَّى فاعلية الاهتمام التلقائي القوي المستغرق فقد كان قد استقر في الأذهان وخصوصًا عند المتخصصين في مجال الآثار أن قصة طروادة التي تحدث عنها هوميروس أنها قصة اسطورية وأنه لا وجود لحاضرة تاريخية بهذا الاسم لكن الألماني هنريك شليمان كان مقتنعًا من أنها تمثل حقيقة تاريخية لقد عاشت معه الفكرة منذ طفولته وظل مصرًّا على إثباتها وقد تمكن من ذلك بجهد خارق.



إن هذا الرائد لم يتلق من التعليم النظامي سوى القليل ولكنه ثقَّف نفسه واستولت على ذهنه فكرةُ البحث عن طروادة وقد أنجز المهمة على نحو مدهش لايمكن أن يحصل إلا باهتمام تلقائي قوي مستغرق.



توماس يونج طبيب انكليزي لكن كانت له أيضا اهتمامات وإسهام في الفيزياء ثم اهتمَّ بالآثار المصرية القديمة فتمكَّن من حل رموز الهيروغليفية المصرية من دون أن يكون على اتصال بالمكتشف الآخر شامبوليون وهذا مثالٌ على أن من يملك الاستعداد يستطيع بالاهتمام التلقائي أن يبدع أو ينجز في عدد من المجالات.



كان الانكليزي دوجلاس نيكول رسَّامَ آثار وقد كان يصطحب معه بنته الطفلة ميري فنشأ عندها اهتمامٌ تلقائي عميق ليس برسم الآثار المعروفة كما كان يفعل أبوها إنما كانت تهتم بالبحث عن الآثار غير المعروفة وبهذا الاهتمام التلقائي القوي المستغرق صارت عالمة آثار مشهورة فمنحتها جامعة أوكسفورد الدكتوراة الفخرية.



المحامي الأسباني سوتولا دَرَس القانون ومارس المحاماة كمصدر للرزق أما اهتمامه التلقائي الزاخر بالشغف فكان البحث عن الآثار وقد توصَّل إلى اكتشافات مهمة لكنه كغيره من الرواد السائرين ضد التيار قوبل في وقته من العلماء بالسخرية ثم أثبتت الأيام أنه قد حقق إنجازًا عظيمًا.



هوارد كارتر من أشهر علماء الآثار وهو لم يتخصص دراسيًّا في هذا المجال لكنه اندفع إليه باهتمام تلقائي قوي مستغرق فاكتشف مالم يكن يخطر على بال أحد.. مقبرة توت عنخ آمون وهو اكتشافٌ عظيم فتح المجال لاكتشاف عوالم أخرى من الآثار المصرية الباهرة. لقد أمضى عمره في مجال اهتمامه وشغفه وعاش وحيدًا يبحث وينقب ويقرأ فقد كانت القراءة تسليته المتجددة وكان الاكتشاف هدفه العظيم وقد حقَّق فوق ما كان يحلم به.



مؤسِّس علم الاجتماع أوغست كومت لم يستمر في الجامعة سوى ثلاثة أشهر ولكن اهتمامه التلقائي القوي المستغرق كان قد اتجه به إلى محاولة فهم طبيعة المجتمعات وما هي العوامل المؤثرة فيها سلبًا أو إيجابيًا وبهذا الاهتمام العميق تمكن من بناء فلسفته.



لقد هداه بحثه إلى أن الأفراد ليسوا سوى قطرات في تيار المجتمع العام فالمجتمع يحدِّد اهتمامات واتجاهات وإرادات وتفضيلات أفراده فالفرد صياغة اجتماعية.
لقد قيل عن أوغست كومت بأنه قد تأثر بالمفكر سان سيمون حيث كان سكرتيرًا له لكن هذا أيضا من العصاميين الذين بنوا ذواتهم فهو لم يلتحق بأية جامعة وإنما كان حر التفكير وإنساني النزعة وقد امتدَّ تأثيره إلى مفكرين كثيرين.



إن تأسيس العلوم بواسطة العصاميين هو ظاهرة منطقية فالعلوم لم تخلق نفسها ليجدها الدارسون جاهزة وإنما تأسست بواسطة الرواد الذين يخترقون حواجز المألوف وقد يكون المؤسِّس قد تخصَّص في مجال لكن اهتمامه التلقائي القوي المستغرق يكون في مجال مغاير فيستحوذ على فكره ويستغرق نشاطه كما هي حال فلفريدو باريتو فقد كانت دراسته في الهندسة لكنه تخلى عنها وانهمك في دراسة الأوضاع الاجتماعية والإنسانية فأسهم إسهامات كبرى في علم الاجتماع وعلم الاقتصاد وفي الفلسفة. ومثلما أن باريتو تخلى عن مجال الهندسة وأسهم في علم الاجتماع وعلم الاقتصاد فكذلك فَعَل أيضا جورج سوريل فقد تخلى عن مهنة الهندسة واستحوذ اهتمامه التلقائي بالقضايا الإنسانية على فكره ونشاطه فجاءت إسهاماته في علم الاجتماع.



أما جبريل تارد فرغم أنه متخصِّصٌ في القانون وأنه عمل في القضاء إلا أن اهتمامه التلقائي القوي المستغرق كان باتجاه مغاير فقد حاول باهتمام تلقائي قوي مستغرق أن يفهم الظواهر الاجتماعية فجاءت اسهاماته في مجال علم الاجتماع الذي اهتمَّ به وليس في مجال القانون الذي تخصَّص به أكاديميًّا وقد صدر له العديد من الكتب المهمة في علم الاجتماع أهمها كتابه (قوانين التقليد) وقد كان عميقًا في تحليله للظواهر الاجتماعية وتعليل السلوك البشري.



عالم الاجتماع الأشهر ماكس فيبر لم يتخصص أكاديميًّا في هذا المجال وإنما تخصص في القانونه ودَرَس الاقتصاد والتاريخ وشغل في حياته وظيفة أستاذ القانون ثم شغل وظيفة أستاذ العلوم السياسية ثم صار استاذًا للاقتصاد ثم أستاذًا لعلم الاجتماع ورغم أن اهتمامه بعلم الاجتماع جاء في آخر حياته إلا أن إسهامه فيه كان أساسيًّا فصار به من رواد علم الاجتماع.










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-02, 05:24   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
syrus
محظور
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي


هذا مقال آخر لنفس الكاتب , و يمكن الاستزادة عبر الرابط التالي :


https://www.alriyadh.com/file/295

اقتباس:

الناس تحرّكهم اهتماماتهم التلقائية وليست تخصصاتهم الدراسية

إبراهيم البليــهــي


إذا كان القلة المتوقدون لايقْبَلون أن يحتجزهم أيُّ تخصص فيندفعون تلقائيًّا للإبداع في مجالات متنوعة فإنه بالمقابل يظل الفرد مأخوذًا غالبًا ببرمجة الطفولة وهي قابلة للتمدُّد والتأجُّج ولكن ضمن الإطار ذاته بعيدًا كل البُعْد عن مجال التخصص الدراسي للشخص ومن دون أن تتأثر بنيته الذهنية المتكوِّنه تلقائيًّا أدنى تأثُّر بما تلقَّاه من علوم

لابد أن ندرك أن التعليم الاضطراري مهما طالت مدته ومهما عَلَت شهاداته ليس طريقًا للإبداع وإنما هو طريق للمهنة، إنه مفتاح الدخول لمواقع العمل ومع كل الوقت الذي يقضيه الدارسون في مراحل التعليم فإنهم يدخلون العمل من دون مهارة عملية.



إن الخريج بعد الالتحاق في العمل يبدأ في اكتساب مهارة الأداء وذلك لأنه يوجد اختلافٌ نوعيٌّ بين المعرفة النظرية، والأداء العملي ثم إن امتلاك مهارة الأداء لايتحقق إلا بالممارسة الجياشة التي تتدفق باستمتاع ورغبة وشعور بالإنجاز وتحقيق الذات أما من دون ذلك فإن المتخصص يبقى كليلاً يؤدي العمل برتابة ثقيلة وحركة مملة وأداء كليل ونتاج عليل..



إن الإنسان كائنٌ تلقائي فهو لا يتحرك بفاعلية إلا إذا كان مدفوعًا باهتماماته الذاتية التلقائية العميقة سواء أكانت اهتمامات جيدة أم رديئة فلا تحركه دراسةٌ ذَهَبَ إليها اضطرارًا ونال شهادتها عُسْرًا بمعاناة ومكابدة فمن الأساسي أن نعْلم أو نتذكَّر دائمًا أن الدراسة الاضطرارية مضادة للطبيعة البشرية ولذلك تصاحبها رغبةٌ عارمة في الانتهاء منها وشوقٌ عميق إلى التحرر والخلاص من متاعبها لأن الدارس قد عاناها اضطرارًا من أجل المهنة ولقمة العيش أو الوجاهة وليس اندفاعًا تلقائيًّا إلى المعرفة ولا استمتاعًا بها وعلينا أن نتذكَّر في كل المواقف أن الانجذاب والنفور واللذة والألم من أهم مفاتيح الطاقة البشرية وأقوى محركات السلوك..




إن التعلُّم القسري أو الاضطراري يربك القابليات الإنسانية ويسدُّ منافذ العقل ويغرس في نفوس الدارسين المضطرين كراهية العلم والنفور من الكتاب.. ومن الظواهر التي تؤكد ذلك رَمْيُ وتمزيقُ الكتب المدرسية فرغم أن الإنسان خُلق ليعرف وأنه مندفعٌ تلقائيًّا إلى التعرُّف إلا أن الإكراه على التعلُّم أو الاضطرار إليه يربك هذه الطبيعة التلقائية ويلبِّك شهية حب الاستطلاع الفطرية.



إن مسؤولية الإنسان أصلاً هي مسؤولية معرفية وأخلاقية في الدرجة الأولى لكن تلقائية الإنسان تأبى الإكراه وتنفر منه فأضرار التعليم القسري أو الاضطراري هي أضرار مدمِّرة، وإن تركيز الاهتمام على نيل الشهادة واضطرار الدارسين إلى الدخول في سجون التخصص ثم استساغة هذه السجون والتآلف معها والافتخار بها والاقتصار عليها والاكتفاء بها يمثل جنايةً كبرى على الإنسان وتبديداً لقسم كبير من سنوات عمره وتضييقًا لنطاق تفكيره وتقزيمًا لذاته وإغلاقًا لقابلياته العظيمة وإهدارًا لإمكانات إنسانية هائلة.
إن تأهيل الإنسان للعمل ليس محتاجًا إلى كل هذه السنوات في التعليم بل إن حرمانه من الاحتكاك المباشر في مشاكل الحياة وإشغاله بحفظ معلومات نظرية فقط يبقيه ساذجًا ويؤخر نضجه..



إن التعليم رغم أنه يستغرق ربع قرن من أعمار كل جيل فإن نتائجه تأتي ضحلة وتُنسى بسرعة لأن قابليات الإنسان لاتنفتح إلا بالإثارة والاندفاع أو بالرغبة والاستمتاع أو بالاحتكاك والتفاعل المباشر مع مشكلات الوجود إن هذا يستوجب إحداث تغييرات نوعية في العملية التعليمية ليصير الهدف من التعليم بناء القدرات التي تبقى وتنمو وليس حفظ المعلومات التي تُنسى وتضحمل..



إن الإنسان يولد محبًّاً للاستطلاع إلا أن المعرفة شديدة التمنُّع على من يطلبها كُرْهًا واضطرارًا فالعقل لايتغذى بالإكراه ولا يهضم ما أُكره عليه وبالمقابل فإن المعرفة سريعة الانقياد سهلة التمثُّل لمن يأتيها باهتمام ذاتي تلقائي عميق سواء أكان مستثارًا بتساؤلات ذاتية ملحة أو كان مدفوعًا برغبة تلقائية جامحة..



إن الإنسان ليس نحلة أو نملة ليتم حصره في مجال واحد بل يجب الاتجاه إلى ما يسميه جون بروكمان (المثقف الكلي) فرغم تنوع العلوم وكثافة الحقائق العلمية واتساع آفاق المعرفة إلا أن المطلوب ليس الإلمام بالتفاصيل بل معرفة أساسيات العلوم من الأفكار والتصورات والمناهج وهذا ممكن لمن يبذل جهدًا كافيًا ومنظمًا فيجب استبعاد التهويل المثبط الذي يروجه أولئك الذين يخيفون الناس باستحالة تجاوز التخصص فيغرسون اليأس ويبررون الكسل فلا ينعتق من هذا العائق سوى القلة المتميزة..



إن الشواهد التي تؤكد أن التميز والإبداع امتيازٌ فرديٌّ وأنهما ليسا نتاج التخصص الدراسي تتجسَّد في جميع صور التميز والإبداع في كل المجالات ثم إن أهمية الشواهد تأتي من حقيقة أن الإبداع نادر بين الناس..



إن الإنسان يتأسَّس عقلاً ووجدانًا بما يتبرمج به في طفولته ورغم طول فترات مراحل التعليم فإن الدارس يبقى مرتَهنًا في الغالب بهذا التبرمج التلقائي المبكر باستثناء القلة المتميزة المبدعة التي تنفلت من البرمجة وترتقي إلى آفاق التميز والإبداع..



إن حيِّز هذا المقال لايتسع لتقديم أمثلة من كل المجالات لذلك ستكون نماذج هذا المقال من الذين تخصصوا في مجال واحد هو الكيمياء فتخلَّوا عنه وأبدعوا في مجالات متنوعة وسوف أورد في مقالات أخرى نماذج أخرى من مختلف التخصصات لتأكيد انفصال الإبداع عن التخصص الدراسي فالإبداع في أي مجال هو نتاج الموهبة السخية المستثارة والاهتمام التلقائي القوي المستغرق وليس نتاج الدراسة الاضطرارية البائسة مهما امتدَّتْ..



وعلى سبيل المثال فإن مارجريت ثاتشر دفعها اهتمامها التلقائي وطموحها إلى أن تتخلَّى عن مختبر الكيمياء لتدخل المعترك السياسي وتُناضل باهتمام قوي مستغرق لتصير أول أمرأة من عامة الناس ترْأس الحكومة البريطانية وقد جسَّدتْ القيادة السياسية بألمع وأنصع الصور، ولم يقتصر تأثيرها على بريطانيا وإنما امتد إلى كل العالم فقد كان لها دور كبير في سقوط المعسكر الشيوعي كما كانت إجراءاتها في الخصخصة مثالاً احتذته دولٌ أخرى كثيرة وليس هذا سوى بعض ما تركته في العالم من أثر عميق وممتد في الزمان والمكان..



إن الكاتب المتميز عبدالعزيز الخضر قد أبدع في مجال يختلف كليا عن تخصصه الدراسي فهو يحمل ماجستيرا في الهندسة الكيميائية لكن نشاطه الفكري وإنتاجه المميز لم يكونا في مجال تخصصه في الكيمياء وإنما انطلق هذا المبدع بفاعلية في مجال اهتمامه التلقائي العميق.
لقد مارس العمل الصحفي بمهنية عالية وكان يكتب بأسلوب أنيق ورؤية عميقة كانت لديه رؤية ينظر بها إلى الأحداث والأوضاع والأشخاص والمواقف فيكتب انطلاقًا من هذه الرؤية..



ثم جاء كتابه (السعودية : سيرة دولة ومجتمع) ليمثِّل حَدَثًا ثقافيًّا مميزًا لقد رَصَد فيه المراحل والظواهر والعوائق والتداخلات والصراعات والتجاذبات في المملكة بشمول وعمق وهو إنجازٌ كبير يستحق تناولاً خاصًّا لايتسع له مثل هذا المقال.. إنه إنجازٌ جديرٌ بالاحتفاء فهو يمثل مرجعًا أساسيا عن المملكة ولا أعرف كيف تخطَّته جائزة وزارة الثقافة والإعلام..



ونذهب لمبدع آخر تختلف مجالات إبداعه عن مجال تخصصه لقد تخصص في الكيمياء الحيوية لكنه أبدع في مجالات شديدة التنوع والاختلاف فربما أن الكثيرين يستفيدون ويستمتعون بقراءة روايات ومؤلفات وكتابات اسحاق أزيموف من دون أن يهتموا بمعرفة تخصصه الأكاديمي فالإنسان لاينتبه إلا لما يهتم به ولا يجد إلا ما يبحث عنه لذلك تغيب الحقائق عن الأذهان ما لم يتحقق تكوين اهتمام عام بها..



إن أزيموف من أغزر وأشهر كتاب أمريكا وهو يحمل دكتوراه في الكيمياء الحيوية لقد كتب في الفن والعلم وأبدع في مجالات عديدة متنوعة فلم يبق حبيس التخصص الأكاديمي إنه يجسِّد المثقف المبدع الكلي بكل تجلياته الباهرة..



وننتقل إلى مبدع آخر مختلف أعني المثقف الرائع عابد خزندار إنه يحمل شهادة ماجستير في الكيمياء لكن الناس لم يعرفوه في مجال تخصصه وإنما عرفوه كاتبًا يوميًّا وروائيًّا مبدعًا وناقدًا مميزًا ومترجمًا متمكنًا ومثقفًا عميقًا ومواطنًا مخلصًا ومناضلاً بالغ النقاء والصدق..



نشأ عاشقًا للمعرفة مرتبطًا بالكتاب ومع أنه واصل الدراسة النظامية حتى نال درجة الماجستير في الكيمياء فإن هذه الدراسة الممتدة لم تستطع أن تطفئ عشقه للمعرفة ولا أن تُفسد علاقته بالكتاب خلافًا لأكثر الدارسين.



إن لهفته المبكرة إلى المعرفة كانت شديدة التوقد ففي مقدمة كتابه (حديث الحداثة) يوضح بأنه منذ أن كان طالبًا في المرحلة الثانوية كان شغوفًا بالقراءة فيقول : (كنت أتردد على المكتبة كل يوم وأستعير منها الكتاب تلو الكتاب .. لاحَظَ الأستاذ عبدالله عبدالجبار ترددي المنتظم على المكتبة وتلهفي على استعارة الكتب وإعادتها في وقت قصير سألني هل تقرأ كل هذه الكتب قلت أجل) ورغم استمرار عشقه للمعرفة واكتظاظ ذهنه بها فإنه لم يتجه إلى الكتابة إلا بعد إلحاح متواصل من المثقف الرائد عبدالله عبدالجبار وكان قد بلغ الأربعين من عمره فالمبدع لايقرأ ليصير مبدعًا وإنما يصير مبدعًا لأنه نشأ عاشقًا للكتاب ومدمنًا على القراءة ومستمتعًا بالمعرفة إنه لا يخطط ليكون كاتبًا، وإنما تأتي القدرة الإبداعية ثمرة الاندفاع التلقائي إلى المعرفة. إن ذهنه يمتلئ معرفةً وفكرًا ومشاعر ورؤىً وتوقُّدًا فيفيض إبداعًا..



ولا يمكن أن نتحدث عن عابد حزندار من دون أن نُشيد بالجهد المثابر الذي بذله الباحث الرائع محمد القشعمي فلقد أصدر عنه كتابا حافلاً بعنوان (عابد خزندار : مفكرًا ومبدعًا وكاتبًا) وللقشعمي جهودٌ أخرى تُذكر فتشكر فهو يهتم بسير الرجال المتميزين الذين يستحقون الاهتمام..



وتوجد دراسة نقدية جادة وعميقة للباحث أحمد بن سليم العطوي بعنوان (أنماط القراءة النقدية في المملكة العربية السعودية : عابد حزندار أنموذجًا)، وأخيرًا فإنني أشعر بألم بأنه يتم تخطي هذا المبدع المميز عابد حزندار في التكريم فهو يستحق أن يكون (شخصية العام) في موسم الجنادرية فلا مبرر لاستمرار الإعراض عنه والتجاهل له..



ومن شواهد إبداع دارسي الكيمياء في مجال مختلف كليًّا النجم السينمائي الشهير فرانك كابرا فقد تخرج مهندسًا كيميائيًّا لكنه هَجَرَ مجال دراسته واتجه إلى مجال السينما من دون أية دراسة نظامية سابقة فأبدع في مجال الإخراج وفي مجال الانتاج وفي مجال كتابة السيناريو، ولقد صار من أشهر المبدعين في مجال السينما ونال ست جوائز عالمية.
إن الإنسان لا يبدع إلا في مجال يعشقه ويندفع إليه تلقائيًّا وهو حين يكون كذلك فإنه يستطيع اكتساب المعرفة والمهارة اعتمادًا على نفسه فهو ليس محتاجًا إلى من يلقِّنه..



إن ندرة الإبداع عمومًا وبروز عدد من المبدعين في مجالات متنوعة خروجًا من تخصص الكيمياء وحْده يؤكد أن الإبداع فوق كل تخصص فهو تحليقٌ في الآفاق وانطلاقٌ حُرٌّ خارج سجون التخصص.



إن الشاعر عبدالعزيز خوجة قد نال شهادة الدكتوراه في الكيمياء وعمل في الجامعة استاذًا لهذه المادة ثم دخل السلك الدبلوماسي ليعمل سفيرًا للمملكة في أكثر من قطر عربي ثم صار وزيرًا للثقافة والإعلام فلم يَعُدْ لتخصصه الأكاديمي أيُّ ثقل في تقييم مكانته الثقافية والإبداعية..



في حوار أجرته معه مجلة العربي الكويتية وصفته المجلة الجادة الرزينة بأنه : (صاحب تجربة فريدة في الشعر العربي المعاصر) ثم تقول المجلة : (الشعر هو سرُّ تفرده ومكمن إبداعه)، وقد كان إبداعه الشعري وسيظل من موضوعات البحث الأكاديمي.



إن التاريخ سوف ينسى أنه قد دَرَسَ الكيمياء كما أنه أيضا سوف لن يتذكره إلا قليلاً كسفير ثم كوزير فالذي سيبقى له ومنه هو إبداعه الشعري الذي ظهر في أكثر من ديوان..
إن المبدعين الذين خرجوا من تخصص الكيمياء كثيرون وعلى سبيل المثال فإن تاريخ علم اللسانيات وتاريخ الانثروبولوجيا لن يتحدثا عن بنيامين لي وورف بوصفه متخصصًا في الهندسة الكيميائية وإنما بوصفه من أبرز علماء اللغويات وعلماء الانثروبولوجيا الثقافية، فقد هَجَر مجال اختصاصه الدراسي واهتم بالتكوين العقلي والثقافي للإنسان واشتهر بما عُرف باسم : (النسبية اللغوية) التي ترى أن كل لغة تُمَثِّل وتخلُق واقعًا مميزًا مختلفًا عما تخلقه لغاتٌ أخرى..


إن اسم وورف لا يأتي ضمن علماء الكيمياء التي تخصص بها أكاديميًا وإنما يأتي ضمن علماء الانثروبولوجيا الثقافية كما أنه يأتي ضمن علماء اللسانيات فالتخصص الحقيقي للإنسان هو مجال اهتمامه التلقائي العميق وليس مادَرَسَه اضطرارًا تبعًا لمواضعات المجتمع ومتطلبات العيش فالإنسان حين يُترك لنفسه تحركه اهتماماته التلقائية وليست اهتماماته القسرية ففي كتاب (أعلام الفكر اللغوي) لجون جوزيف وزميليه يأتي اسم وورف إلى جوار اسم عالم اللسانيات الشهير تشومسكي وغيره من مشاهير هذا العلم..



وتتنوع نماذج الإبداع خروجًا من تخصص واحد هو الكيمياء فالكاتب المتميز جاسر عبدالله الجاسر متخصص دراسيًّا في الكيمياء الحيوية لكنه قبل عشرين عامًا تقريبا فاجأ الوسط الثقافي بكتابات عميقة ونقد حاد وكانت تلك الكتابات إشهارًا لكاتب مميز وناقد بصير وباحث واسع الاطلاع ومثقف عميق الرؤية..



كان بزوغه المفاجئ والقوي يؤذن بمستقبل إبداعي مثير ومثمر، ولقد واصل الكتابة ثم أسهم بفاعلية في بروز جريدة الوطن ويعمل حاليًا رئيسًا لتحرير جريدة الشرق...



إن المهتمين بفلسفة العلوم يتابعون فيلسوف العلم إميل ميرسون ويقرأون له ويستفيدون منه ليس بوصفه ذلك الذي تأهَّل أكاديميا في مجال الكيمياء وإنما يتابعونه بوصفه أحد فلاسفة العلوم وهو نفسه في مقدمة كتابه (الهوية والواقع) يؤكد أن كتابه : (ينتسب من حيث منهجه إلى حقل فلسفة العلوم أو علم العلوم) إنه قد أهَّل نفسه بنفسه مثل غيره من فلاسفة العلم فبوانكاريه جاء من مجال الهندسة وباشلار جاء من مجال الفيزياء، وبياجيه جاء من علم الأحياء حيث تحوَّل منه أيضا بمحض اهتمامه إلى علم النفس فأسهم في أكثر من مجال..



ونأتي للشاعر السوري الشهير عمر أبو ريشة فهو أيضا متخصص في الكيمياء يقول عنه الأديب الناقد أحمد الجندي : (انطلق اسم الشاعر عمر أبو ريشة في جو سورية انطلاقة البرق أو الصاروخ فقد علا صوته وبَعُد صيته وتحدث الناس به وبشعره ومن عَجَب أنه لم يدرس الأدب ولا تخصَّص بالشعر وإنما عمد إلى علم آخر لا صلة له بالفن ولا رابطة تربطه بالإلهام وهو علم الكيمياء) إن عمر أبو ريشة أشهر من أن يحتاج إلى إشهار إنه من أبرز الشعراء العرب المعاصرين..



لقد تخصص في الكيمياء لكنه هَجَرَه ليعمل في المجال الدبلوماسي فكان سفيرًا لسورية في أكثر من بلد ولكن التاريخ لن يحتفظ له إلا بإبداعه الشعري أما تخصصه في الكيمياء أو عمله الوظيفي فسوف يطويه النسيان..



إن برمجة الطفولة وما هو امتدادٌ لها هي التي تشكِّل ميول الإنسان العميقة واهتماماته التلقائية فتوجِّه سلوكه وتتحكَّم بمجالات نشاطه وتحدِّد اختياراته أما إذا انكسر الإطار الأساسي فإن الفرد هو الذي يحدِّد خياراته خارج البرمجة وخارج التخصص فشهرة المسرحي البرازيلي الدكتور أوغستو بول جاءت من المسرح وليس من تخصصه في الكيمياء..



رفيق شامي روائي وكاتب صحفي سوري يحمل الدكتوراه في الكيمياء من ألمانيا لكنه ترك تخصصه وتفرَّغ للكتابة وللإبداع الروائي في اللغة الألمانية يقول عنه الناقد المعروف محمود قاسم بأن إبداعاته : (نُشرتْ باللغة الألمانية في ألمانيا وسويسرا والنمسا كما تُرجمت كتبه إلى اللغة الهولندية وإلى اللغة الإنجليزية).



وأشير باختصار إلى الكاتب والروائي المغربي إدريس الشرايبي الذي نال دبلوم الدراسات العليا في الهندسة الكيميائية لكنه انصرف عن تخصصه واستغرق في مجال اهتمامه فأبدع في مجال الرواية والقصة القصيرة وهو يكتب باللغة الفرنسية وله شهرة واسعة هناك إلى درجة أنه صار أستاذًا للأدب في جامعة لافال الكندية..



إن التميز لا يحدُّه تخصص ولا يعوقه تقييد فالخريج المتميز بعد أن يخوض غمار الحياة يدرك أنه لا يليق به أن يظل حبيسًا لتخصص دراسي انقذف إليه في سنوات مراهقته فالرئيس الصيني تشي جيان بنج تخصَّص في الهندسة الكيميائية ولكن اهتماماته التلقائية وطموحه وجدارته الإدارية وقدراته القيادية دفعته إلى القمة وسط منافسات قوية وكفايات قيادية عالية..



إن الإنسان حين يتأجج وعيه لا يرضى بأن يكون مجرد كائن مهني فهو يملك قابليات مذهلة وما عليه إلا أن يستثمر قابلياته العظيمة ليتدفق إبداعًا فالدكتورة زكية مال الله دَرَسَتْ الكيمياء ونالت الدكتوراه ولكن مواهبها المتوقدة بزغت في مجال الإبداع الشعري فأمطرتْ الناس بشعر أنثوي زاخر بالعذوبة وتلقَّى الناس دواوينها بالحفاوة فقد صدر لها عددٌ من دواوين الشعر منها (في معبد الأشواق) و(ألوان من الحب)، و(من أجلك أُغني) و(في عينيك يورق البنفسج)، و(من أسفار الذات).



إن الإبداع مختلف نوعيًّا عن الدراسة التخصصية لذلك أختلف مع الدكتور عبدالفتاح عثمان الذي زَعَم أن الشاعرة : (تأثرت بدراستها العلمية في الكيمياء فطبقت مفهوم الكيمياء من حيث إنه مَزْجُ عنصرين بينهما تنافر في الظاهر لكنهما في جوهريهما يتقبلان المزج لتوليد عنصر ثالث جديد)، ويتضح من الشواهد السابقة أن دارسي الكيمياء أبدعوا في مجالات متنوعة متباعدة فهذا التنوع لا يدع مجالاً لمثل هذا الربط..



جاك ويلش الذي حقق بقدراته الإدارية الخارقة لشركة جنرال اليكتريك نجاحات أسطورية إن هذا الإداري الاسطوري متخصصٌّ أكاديميًّا في الكيمياء وليس في الإدارة ولكنه بدلاً من أن يبقى مسؤولاً عن مختبر الكيمياء أظهر قدرات قيادية استثنائية أهَّلته لمنصب الرجل الأول في الشركة فحقق نجاحات بهرت الجميع فصار أسطورة إدارية حتى قال عنه فرانسيس هورايب في كتابه (تكوين الثقافة الإبداعية) : (جاك ويلش يُنظر إليه على أنه أعظم مدير على قيد الحياة في العالم).



(دريد لحَّام) معلِّم الكيمياء أصدر عنه الدكتور فاروق الجمال كتابًا ضافيًا أكد فيه أن : (دريد لحام عملاق الكوميديا العربية بلا منازع نجح ممثلاً ومخرجًا ونجح في كل ما تولاه من مهام أُوكلتْ إليه).



إن معلِّم الكيمياء دريد لحام أبدع في كل ذلك كما أبدع كاتبًا وكما قال الناقد البارز محمد رضا : (لا يوجد معهد في أي مكان من العالم يستطيع تخريجك كاتبًا أو مخرجًا أو ممثلاً) وإنما هي الموهبة السخية المستثارة والاهتمام التلقائي القوي المستغرق..



وإذا كان القلة المتوقدون لايقْبَلون أن يحتجزهم أيُّ تخصص فيندفعون تلقائيًّا للإبداع في مجالات متنوعة فإنه بالمقابل يظل الفرد مأخوذًا غالبًا ببرمجة الطفولة وهي قابلة للتمدُّد والتأجُّج ولكن ضمن الإطار ذاته بعيدًا كل البُعْد عن مجال التخصص الدراسي للشخص ومن دون أن تتأثر بنيته الذهنية المتكوِّنه تلقائيًّا أدنى تأثُّر بما تلقَّاه من علوم كما هي حال فواز العبسي الذي ظَهَرَ مع الإعلامي الرائع داود الشريان في برنامج (الثامنة) فهو قد تخصص في الهندسة الكيميائية ولكن البرمجة التلقائية بعد تأجيجها هي التي تحكمت به وقد قال في المقابلة : (كنت أمنع التلفزيون في بيتي .. ووسائل الترفيه كانت المسجِّل والأناشيد الجهادية فقط .. والعلم الذي كنت أحمله لم يفدني في عدم الانحراف ولم أكن أمانع نهائيًّا بأن أُنَفِّذ عملية انتحارية) وأفظع من ذلك أنه أعلن أنه كان قد أعدَّ : (مخططا لتفجير مصفاة جدة).



إن الناس يتوهمون أن الدراسة تغيِّر الأساس الذهني المتشكل تلقائيًّا ولكن الواقع يؤكد أن الدراسة الاضطرارية ليست أكثر من مدْخل مهني فقط أما البنية الذهنية الأساسية فتظل كما هي مهما كان محتوى التعليم ومهما عَلَتْ شهادته ما لم ينكسر الإطار الحامي للتشكُّل الذهني الأساسي..










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-11, 11:33   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
Radia_2014
عضو جديد
 
الصورة الرمزية Radia_2014
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة syrus مشاهدة المشاركة

هذا مقال آخر لنفس الكاتب , و يمكن الاستزادة عبر الرابط التالي :


https://www.alriyadh.com/file/295
شكرا جزيلا لك على تعريفنا بهذا الكاتب الرائع... و شكرا على الرابط و على المقالان القيمان...أنا ممتنة لك...









رد مع اقتباس
قديم 2015-01-21, 20:09   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
الصديق قروف
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك
كما قال الاخوى مشكل في مجتمعنا يحبط العزيمة
ربي يهديهم










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-31, 09:47   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
rahma1997
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية rahma1997
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كلما زادت معرفة الشخص زاد اكتشافه لجهله










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-31, 16:00   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
عبدو عمر
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً.



السلام عليكم


شكرا على الموضوع

تحضرني أبيات للإمام الشافعي رحمه الله :

تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً --- وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ

وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ --- صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ

وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً --- كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ


منتظرين جديدكم معنا



















رد مع اقتباس
قديم 2015-03-22, 21:23   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
@MOH@MED
عضو جديد
 
الصورة الرمزية @MOH@MED
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم:

موضوع جيد وسأحكي لك قصة واقعية وأعتقد أن معناها واضح:

حين كنا أطفالا في الابتدائي كان أغلبنا يجيبون عن سؤال : "ماذا تريد أن تكون حين تكبر" بقولهم : "أريد أن أكون طبيبا". أغلب الأطفال قالوا نفس الجملة في الجيل الذي عشته. سألت مرة تلاميذي -في الابتدائي- ماذا تريدون أن تكونوا حين تكبرون؟ فكانت أجوبة الذكور كلها من نوع (شرطي، عسكري، دركي).

السبب.... لا أحب اختصار المشكلات الاجتماعية في سبب واحد لكنني أعتقد أنها متعلقة بالفقر، فكلما زادت حاجة الإنسان سقطت همته وانخفض طموحه، الغريق مثلا أو من يوشك على الموت يكون هدفه الوحيد أن يعيش ولا يريد شيئا آخر، المريض لا يريد شيئا سوى الصحة، الفقير الذي لا يجد ما يأكله لا يريد شيئا سوى الطعام، حين يحصل الإنسان على معظم حاجياته يتحول إلى طلب الزيادة؛ الزيادة في العلم وفي المال وفي المنصب وفي المكانة، لا يمكنني أن أطلب من شاب أن يبدع أو يفكر في اختراع أو يكون عالما وهو يعرف أن لا أمل له في حياة عادية -وليس كريمة- إلا ببذل كل فرصة للبحث عن عمل ولا شيء غير العمل.










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-22, 22:26   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
مناد بوفلجة
عضو فضي
 
الصورة الرمزية مناد بوفلجة
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز سنة 2012 المرتبة الثالثة أفضل تصميم المرتبة الثالثة 
إحصائية العضو










افتراضي




ربما السؤال الأهم :

لما لا أكون متعلما

أما الهدف المذكور في طرحك
فهو يأتي تدريجيا ، على حسب طموح الفرد و دون وعي مسبق له
وحسب المحيط و المجتمع الذي يعيش فيه

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-22, 22:36   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
abdellah36
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بــ قلم رصاص مشاهدة المشاركة



ربما السؤال الأهم :

لما لا أكون متعلما

أما الهدف المذكور في طرحك
فهو يأتي تدريجيا ، على حسب طموح الفرد و دون وعي مسبق له
وحسب المحيط و المجتمع الذي يعيش فيه

بارك الله فيكم
و هل يمكن لامثالك ان يكونوا غير ذلك، ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,على الاقل تركت الاقلام الملونة,,,,,,,في المرة القادمة ستتعلم كيف تترك عقدة الشك و ربما ايضا عالم الكتابة ,,,اما الاسترزاق من جامعات العار ـ فلا حل معه لطلبتك المساكين الا ثورة حتى النصر,,,,,,,,,,,









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-22, 22:47   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
abdellah36
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

و من قال ان هذه الثقافة غير موجودة,,,,,,,,,,,,










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-22, 22:52   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
مناد بوفلجة
عضو فضي
 
الصورة الرمزية مناد بوفلجة
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز سنة 2012 المرتبة الثالثة أفضل تصميم المرتبة الثالثة 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdellah36 مشاهدة المشاركة
و هل يمكن لامثالك ان يكونوا غير ذلك، ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,على الاقل تركت الاقلام الملونة,,,,,,,في المرة القادمة ستتعلم كيف تترك عقدة الشك و ربما ايضا عالم الكتابة
و عليكم السلام

من المضحكات أن أرى ردودك تعكس مثال سيء لشخص يظن
أنه متعلم بينما مشاركاته لا تقدم شيء و لا تؤخر

سأقتبس مشاركتك تلك لتكون مثال سيء لتلك الشامخات رؤسهن و هم خاويات

دوما و يوما بعد يوم تزداد سوءا في هي الصفحات و لم تقدم الجديد المفيد و
لا حتى وجهة نظر حتى و لو خالفتنا ، يمكننا إحترامها و المتعلقة بهذا الطرح
و لا في مواضيع أخرى ، بل فقط أفكار ضحلة

أعلم أنك ستواصل تهريجك ها هنا

لكن تأكد أنني لم أنزعج من تلك المشاركات بسبب واحد
لأنني أضع لكل شخص درج خاص به ،
و لكل شخص قيمة يعكسها من خلال أفكاره و آرائه و أدبه في الحوار


فــ أنت ، شخص مضحك فعلاااا يؤسف عليه ...
و زد على ذلك ، أنك جعلت من نفسك مهزلة في هذه الصفحات

سأطلب منك أمر واحد الآن و هو :
أن تواصل تهريجك .....













رد مع اقتباس
قديم 2015-03-23, 11:18   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
إنسانة بسيطة
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

تلك الثقافة لا تلقن لك انما انت من يجب ان تسعى لها
لكن منظومتنا التربوية تقتل فيك كل شيء ويزيدك الاستاذ نفورا من احب مادة على قلبك











رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 14:34   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
نارينا
عضو متألق
 
الأوسمة
أفضل عضو في الخيمة أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

ببساطة لأن علمائنا يقبعون في الخلف مرغمين

هل وجدت يوما عالما مثقفا في حكومتنا المبجلة ؟؟

هل أعطيت حقيبة الثقافة لرجل كأمين الزاوي أو غيره من المثقفين ؟؟

هل سمعت الشباب هنا والاعلام يتحدثون عن انجازات علمائنا بالخارج ؟؟ ربما لايعرفون حتى أسمائهم

هل رجع علما الجزائر ممن تركوها في سبيل نيل العلم والكرامة خارجا ؟؟؟ طبعا لا ...لأن رجوعهم يعني انتحارهم من قنطرة الهواء

كما حدث لأحدهم سابقا
وعليه ثقافة أن أكون عالما اندثرت وسكنت اللاشعور















رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 17:59   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
lalib40
عضو متألق
 
الصورة الرمزية lalib40
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مأساة الباحث "لمين مرير" في الفيزياء النووية..
كان أستاذا في جامعة أمريكية فعاد إلى الجزائر وانتحر.

المأساة حدثت في ذكرى عيد العلم لعام 2001، فبينما كانت قسنطينة تحتفي بذكرى رحيل العلامة بن باديس، وبينما كان رئيس الجمهورية في أول زياراته لجامعة الأمير عبد القادر ليكرم العالمة العراقية الدكتورة "وقار عبد القهار الكبيسي" كان عبقري الجزائر "لمين مرير" قد اختار نهايته المأسوية حيث اختار جسر الملاح المعلق بقسنطينة في عملية انتحار لم تشكل أي حدث للأسف في مدينة يقال عنها عاصمة العلم ومناسبة يقال عنها يوم العلم..

لم يرتكب المرحوم "لمين مرير" في حياته أي ذنب سوى التفوق والعبقرية منذ أن ولد في 26 مارس 1953 بقسنطينة ضمن عائلة علم ودين فيها البروفيسور في الطب والباحث ومعظم إخوته يتبؤون مقاعد القمة في أوروبا، ولكن "لمين" كان كوكبا حقيقيا، فقد حصل على شهادة البكالوريا من ثانوية رضا حوحو بقسنطينة واختار الدراسة البوليتقنية بمعهد الحراش الذي كان يعج بالأساتذة الأمريكيين الذين أذهلتهم عبقرية لمين الذي انتزع المركز الأول وحصل على شهادة مهندس دولة ومنحة الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكن عمره قد جاوز العشرين، إذ انتقل إلى جامعة (ميتشغين) بالولايات المتحدة وراح يحصد الشهادات الكبرى في معهد الفيزياء النووية وعندما بلغ محطة دكتوراه دولة في الفيزياء النووية اقتنعت أمريكا (أمركة) لمين، فمنحته الكثير من زينة الدنيا وأصبح (معبد) في جامعة ميتشغين حين تتلمذ على يديه علماء الفيزياء النووية في الولايات المتحدة والعالم بأسره، ورفضت أمريكا سفره إلى أي بلد آخر، وصار يبحث عن أي ذريعة لزيارة أهله بقسنطينة إلى درجة أنه طلب من والده أن يبعث له رسالة يخطره بوفاة أحد أفراد العائلة حتى تسمح له أمريكا بالعودة إلى الجزائر، وبمجرد أن بلغه التليغراف حتى وجد الفرصة لتجاوز عقد العمل الأبدي مع الجامعة فعاد إلى الجزائر وإلى عائلته وبدأ يفكر في نقل عبقريته إلى بلده حيث أدى واجب الخدمة الوطنية في الملاحة البحرية بالمرسى الكبير، وحاول بعد ذلك أن يجد لنفسه منصبا (دكتور دولة في الفيزياء النووية) في المنظومة التوظيفية، ولكن الصدمات العنيفة صفعته بقوة، فتارة موظف بشركة سوناكوم تحت إمرة من لم يدخلوا حتى الثانوية، وتارة أخرى في بطالة إلى أن وجد نفسه متعاقدا في مصالح الغابات (تشغيل الشباب) مقابل مبلغ زهيد لا يكفي خبز يومه..

الصدمة كانت صفعة قوية جعلت الرجل يعتزل العالم، صار يقرأ بنهم ويلتهم أي صحيفة أو كتاب باللغة العربية أو الفرنسية أو الانجليزية يقع بين يديه، كانت السنوات تمر ولا شيء يوحي أن الجزائر التي أنجبت هذا العالم العبرقي ستتذكر ابنها.. وأصبح لمين حديث شباب حيه (باب القنطرة).. كلهم يعرفون أنه حلم الجامعات العالمية، وكلهم يعجزون أن يقدموا له يد العون، أو لنقل يقدمون لأنفسهم ولبلدهم يد العون في مدينة كانت عاصمة للعلم وصارت للأسف عدوة له، لمين صمد برغم الصدمات، كان يتابع حصول أترابه من الأمريكيين وحتى تلامذته من الأمريكيين على جوائز نوبل في الفيزياء، ظل يتابع ما حققه رفقاؤه في "النازا" وكبريات كليات المعمورة حتى بلغ سنة 48 اقتنع أن قطار العلم قد فاته ثم أقنع نفسه أن قطار الحياة فاته، ولأن ما بين العبقرية والجنون شعرة، فقد اختلطت الأمور على لمين فانسحب في صمت بين أزقة مدينة كانت مزينة بشعارات العلم وصور الشيخ بن باديس والرئيس بوتفليقة وألقى نظرة (حب) أخيرة على سفوح جسر (الملاح) ورمى بنفسه إلى أعماق الجسر حيث لا قهر ولا احتقار للعباقرة، وحتى لا تنسوا فلمين مرير حاصل على دكتوراه دولة في الفيزياء النووية بأمريكا.. وحتى لا تنسوا فقد انتحر في يوم العلم.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أكون, ثقافة, ظالما, نملك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc