لزوم التّشنيع على دعاة التّمييع - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لزوم التّشنيع على دعاة التّمييع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-18, 15:26   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










B11 لزوم التّشنيع على دعاة التّمييع

لزوم التّشنيع على دعاة التّمييع ( الجزء الأوّل )



بسم الله الرحمن الرّحيم


المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾،
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً﴾،
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ .

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد :

فإنّ أهل السنّة من صدر هذه الأمّة وإلى يوم النّاس هذا ، كانوا على قلب رجل واحد ، في بيان الحقّ والدّفاع عنه ، ونصرة أهله ، وردّ الباطل والتّحذير منه ومن أهله ، بالحجّة والبيان تارة ، وبالسّيف والسّنان تارة أخرى ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، لا تأخذهم في دين الله لومة لائم ، ولا ينكر عليهم ذلك منهم أحد ، بل يعدّونه جهادا في سبيل الله ، ونصيحة لله ودينه ورسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم.

حتى ظهرت في هذه الأزمة المتأخرة طائفة من النّاس تدّعي الانتماء إلى أهل السنّة ظاهرا ، وهي حرب عليها وعلى أهلها حقيقة وباطنا ، يعيبون على أهل الحق نصرته ، ويذمّون فيهم الغيرة على الدّين وحرمته ، ويسترون على المخالف عورته وخطأه وزلّته ، يوالون كلّ مبتدع وحزبي وهالك ، ويعادون كلّ سنّي سلفيّ ثابت ، يتلوّنون كتلوّن الحرباء ، ويتشكّلون كتشكّل الماء ، لا ينصرون حقّا ولا ينكرون باطلا ، إلا ما أشربوا من هواهم ، دينهم التّقية ، والغدرات المخفية ، يحلفون لأهل الحقّ أنّهم منهم وما هم منهم ، تسيرهم أهواء متّبعة ، وشبهات مرضية ، وعقول ملغية ودين بالمزاد – يشترى ويباع - ، وحقد بالفؤاد لا يعلم كنهه إلا خالقه
وقد أحببت في هذا المقال ، تسليط شيء من الضوء ، على أغوار وظلمات هذه الطّائفة المستترة المخفية ، معتمدا على ما سطّره وأقرّه فيها علماء هذه الأمّة ، عسى أن يكون في هذه النّقول عبرة لمعتبر ، وذكرى لمدّكر ، وإيقاظا لنائم ،وتنبيها لشارد وغافل.

والله أسأل أن يسدّد رميي ، ويعينني في أمري ، ويصلح من قبل ذلك نيتي وقصدي





المبحث الأوّل : تعريف التمييع
أ - لغة :

ذكرت قواميس اللغة لكلمة " ماع " معنيين :

الأول : ماع السائل (كالماء والدّم والسّراب ): أي جرى على وجه الأرض
والثاني : ماع الجامد ( كالسّمن والذّهب والفضة ) : أي ذاب وأصبح سائلا
و " تَمَيَّعَ " : مثله

ب – اصطلاحا :

رغم اشتهار هذا المصطلح على ألسنة أهل العلم المعاصرين ، كالشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله والشيخ محمد أمان الجامي -رحمه الله - واللشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله - والشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله – والشيخ أحمد النجمي - رحمه الله - والشيخ صالح الفوزان-حفظه الله – والشيخ ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله - ، والشيخ عبيد الجابري – حفظه الله - ... وغيرهم - رغم ذلك - لم أجد له تعريفا جامعا مانعا في كلامهم ، وإنّما وجدت له استعمالات ، وشروحا بحسب المقتضى فمن ذلك :

1 - عدم التّحذير من أهل البدع ، وعدم نقدهم بالحجّة والدّليل والبرهان ، ورمي من يفعل ذلك بالتّشدّد:

قال الشيخ ربيع بن هادي - حفظه الله – : " الذين يرون التحذير من أهل البدع بالحكمة وبالعلم و الدعوة إلى السنة بنشاط ، ونقد أهل البدع بعلم وحجة وبرهان يرون هذا تشدد ! هؤلاء مميعون لاشك " ( من شريط المنهج التمييعي وقواعده )

2 - ترقيق قواعد الإسلام وأصوله في التّعامل مع المخالف ، وتهوينها ، ومحاربتها ، ووصفها بالشدّة والغلو :

وقال الشيخ ربيع أيضا - لمّا سئل عن مصطلح التّمييع - : " هذا ما هو اصطلاح، هذا كلمة عابرة تُقال ، لكن يُقصد بها: أن أناسا يأتوا إلـى أصول الإسلام يميعونها، و يرققونها ويهونون من شأنها بل يحاربونها -بارك الله فيك - ، و يسمون- يعني - المنهج الســــــــــــــــلفي، و وقُـــوف أهله في وجه أهــــــــــل البــــــــدع، و الذب عن السنة ،، يسمونه شدة ،، يسمون ذلك شدة ...سموا ذلك غلوا ( من شريط "هل الجرح و التعديل خاص برواة الحديث؟ )

3 - وضع القواعد والأصول التي تمنع الكلام في أهل البدع ، والتحذير منهم ، أو تحدّه وتضيّقه بغير حدود الشرع :

وقال الشيخ ربيع أيضا : " التمييع مثل هذا الذي يسري الآن على يد عدنان عرعور وأبي الحسن وأمثالهم... يعني يأتون بقواعد – طبعاً - تـُهلك المنهج السلفي وأهله ؛ "نصحح ولا نُـجرح!" كيف ؟ خلاص ما نتكلم على أهل البدع! أبـدًا ! "إذا حكمت حُكمت" - بارك الله فيكم- منهج واسع! نريد منهـجاً واسعاً أفيح! هذه كلها ضد أصول المنهج السلفي في الدعوة إلى الله والتحذير من أهل البدع " ( من شريط المنهج التمييعي وقواعده )

4 – عدم التّفريق بين الجماعات والمناهج ، وتصحيح طرائق أهل البدع ، ونسبتها للسنّة ، والقول أنهم كلّهم إخوانه بلا تمييز :

قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله : الصنف الثالث: من هو متميع ضائع يرى أن الكل مصيب هذا وهذا، فهذا لاشك أنه خطر على المنهج، فالواجب تذكيره بحق المنهج عليه ومناصحته ببيان مخالفته بهذا السلوك أهل الحق، فإن انتصح وإلا كان منهم ولا كرامة " (جناية التمييع على المنهج السلفي )

وقال الشيخ ربيع أيضا : " الإخوان المسلمون مميعون؛ الروافض إخواننا والصوفية إخواننا و- بارك الله فيك- والدعوة السلفية تفرِّق والدعوة السلفية تشدد! هذا تمييع - بارك الله فيكم – " ( من شريط المنهج التمييعي وقواعده )

5 – عدم تبديع الأشخاص الذين عرفوا بالبدعة ، وحكم لهم الأئمة بذلك ، وإجازة الأخذ عنهم :

قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله – " الذي يأتي يوم من الأيام ويقول لك خذ عمن لم يبدع الجهم بن صفوان تعلم عليه العلم اذا كان عنده علم وصاحب علم وصاحب سنة.... ، هذا هو التساهل والتميع والتلون في دين الله تبارك وتعالى وافساد اهل السنة السلفيين وكسر حاجز الولاء والبراء عندهم لاهل البدع هذا هو " قال " عشرين سنة تاتي (سكت دهرا ونطق هجرا) بعد ان تكلم سرور الان بنفسه وفاحت القضايا هذه وروائحها وانتهينا منها تشكك في وجود الطائفة السرورية ؟ سبحان الله ، هذا لماذا لا يقال عنه متساهل ؟ لماذا لا يقال عنه مميع ؟ لماذا ؟ لاجل يبقى هذا الصنف من الناس وراء الحجاب ؟ " (شبهات حول تقسيم السلفيين إلى متشددين ومتساهلين ومعتدلين )

6 - إنكار وجود الفرق التي ذاع أمرها وعرفت بدعتها أو إنكار مخالفتها :
قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي – حفظه الله - " تأتي بعد ان تكلم سرور الان بنفسه وفاحت القضايا هذه وروائحها وانتهينا منها تشكك في وجود الطائفة السرورية ؟ سبحان الله ، هذا لماذا لا يقال عنه متساهل ؟ لماذا لا يقال عنه مميع ؟ لماذا ؟ لاجل يبقى هذا الصنف من الناس وراء الحجاب ؟ " (شبهات حول تقسيم السلفيين إلى متشددين ومتساهلين ومعتدلين )

7- ذوبان السنّي في أهل البدع ، والمسلم بين الكفّار حتّى لا يعرف ولا يتميّز :

قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي – حفظه الله – " التّلوّن في دين الله جلّ وعلا والذّوبان من هذا الرّجل في أهل الباطل من السُنِّي بين أهل الباطل هذه هي المُيوعة شاءها هو أم أباها، وكما قُلتُ لكم أيضاً التّشبّه بالكُفّار والتّحلّي بلباسهم والاتّصاف بصفاتهم تميّع للمسلم وإذهاب لشخصيته حتّى تذوب في هؤلاء الكُفّار ...

ففي أوّل أمره يتميّع ثم ينتهي بعد آخر أمره إلى أن يُضيَّع فيذوب في أهل الكُفر إن كان من أهل الفسق والفجور، ويذوب في أهل البدع إن كان من أهل الإسلام والسُنّة " ( الشيخ محمد بن هادي : القاءات السلفية بالمدينة النبوية 28 من شهر ربيع الآخر لعام 1433 )

الخلاصة :


خلاصة هذه النّقول ومحصّلة استعمالات أهل العلم لمصطلح "التّمييع " توضّح أنّ المراد منه : التساهل مع المخالفين ، وعدم الرّضا بقواعد السّلف في التّبديع ، وإقرار أخرى أكثر مرونة وميوعة ، بغرض تجميع النّاس أو تصحيح مذاهبهم ، أوترك تصنيفهم ، والردّ عليهم وأمّا العلاقة بين هذا المعنى والمعنى اللّغوي : " فإنّ الصّلب لمّا تليّن وتساهل حتّى سال أشبه السّائل فذوبان السُنِّي في أهل البدعة حتّى يغيب بينهم هذا ذوبان، وذوبان الرّجل بين أهل الفسق حتّى يذوب بينهم هذا ذوبان وهذه ميوعة ..." ( الشيخ محمد بن هادي : القاءات السلفية بالمدينة النبوية 28 من شهر ربيع الآخر لعام 1433 )

إشكال وجوابه :

اعترض بعض المتفيقهين ( وهو ابراهيم الرحيلي في كتابه " الردّ المتلطّف على النّقد المتعسّف " ) ، على العلماء في استعمالهم لهذا المصطلح من وجهين :

الأول : أنّه في اللّغة لا يستعمل إلا في السّوائل
والثاني : أنّه لم يستعمل بهذا المعنى إلا في كتب المعاصرين ، كسيّد قطب وبعض الإخوان المسلمين ، وأنّه ليس من ألفاظ الجرح والتّعديل

والجواب عن الاعتراض الأوّل :

أنّ كلمة مائع في لغة العرب أطلقت على الجامد أيضا ، كما أطلقت على الحسي والمعنوي ، وعلى العاقل وغير العاقل :

جاء في لسان العرب " وميعة الحضر والشباب والسكر والنهار وجري الفرس : أوله وأنشطه ، وقيل : ميعة كل شيء معظمه .

ومعمعة الحر : التهابه ، ويقال لناصية الفرس إذا طالت وسالت : مائعة ، ومنه قول عدي :
يهزهز غصنا ذا ذوائب مائعا
أراد بالغصن الناصية "

وجاء في (معجم اللغة العربية المعاصر) : " رجلٌ مائِع ، : فاتر أحمق أو مُتخنّث ، وماع سلوكُه منذ طفولته ، والجمع مائِعون ( للعاقل ) وموائعُ (لغير العاقل)، والمؤنث : مائعة ، وجمع المؤنّث مائعات ( للعاقل ) وموائعُ ( لغير العاقل ) "

وفي (المعجم الرّائد) : " مائع : أحمق ، غبي "

وفي ( المعجم الغني ) : " مَائِعُ التَّصَرُّفِ: بَلِيدُ التَّصَرُّفِ ، فَاتِرٌ ، مُسْتَهْتِرٌ ، أَهْوَجُ ، أَحْمَقُ . و تَصَرُّفٌ مَائِعٌ ، وضَحْكَةً مَائِعَةً "

وفي ( المعجم الإسلامي ) : " المائع من النّاس الفاتر الأحمق "

والجواب عن الاعتراض الثاني :


- أمّا أنّه ليس من مصطلحات الجرح التي أثرت عن السلف ، فأقول : متى كانت مصطلحات الفنون توقيفية ؟! ولماذا سميت مصطلحات إذا؟!

قال الجرجاني : " الاصطلاح عبارة عن اتفاق قوم ما على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضوعه الأول، وإخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر، لمناسبة بينهما ، وقيل اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى، وقيل إخراج الشيء عن معنى لغوي إلى معنى آخر، لبيان المراد، وقيل لفظ معين بين قوم معينين " ( التعريفات ص 5 )

" فالجرح والتّعديل تطوّر ويتطوّر فتجد عند الأوّلين ألفاظ قليلة وهذا معروف عند أهل المُصطلح كلّما زاد وتقدّم التّاريخ زادت الألفاظ بعد ذلك زادت أكثر بعد ذلك " ( الشيخ محمد بن هادي : القاءات السلفية بالمدينة النبوية 28 من شهر ربيع الآخر لعام 1433)

ولازلنا نسمع ونقرأ للعلماء وله ولأمثاله قولهم : " فلان إخواني " و" فلان علماني " و " فلان تبليغي أو تيجاني " ... فهل هذه من مصطلحات السلف ؟!

- وأمّا قوله "لم تؤثر إلا عن سيّد قطب وبعض الإخوان " ، فقد سبق ذكر بعض أهل العلم ممن جرت على لسانه ، فهل كلّ هؤلاء إخوان وقطبية ؟!

ويكفي في ردّ هذه الشبهة أنّ رؤوس هذه الطائفة ومنظّريها قد أقرّوا هذا الاصطلاح ، واستعملوه بهذا المعنى وسأكتفي هنا بنقلين ففيهما الغنية عن الإكثار والله أعلم :

* قال علي حسن الحلبي – أصلحه الله - : " وبخاصة أننا رأينا أناسا اليوم يميعون علم الجرح والتعديل ، ولا يقبلونه ، ويزهدون فيه ، ويردون على أهله ، فإذا بهم يقومون بعين ما هم ينهون الناس عنهم ، فنحن ضد هذه الميوعة ، ونحن لسنا مع هذا التمييع " ( مقال الجرح والتعديل أصول وضوابط : القاعدة العاشرة )

* وقال أبو الحسن المأربي – أصلحه الله - : " وأدعو إلى عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة، فأدعو إلى السنة بلا تشنيع، وأدعو إلى الإجتماع بلا تمييع " ( كتاب السراج الوهّاج في بيان المنهاج فقفة 158 )

ملاحظة مهمّة :

دعاة التّمييع ومن سار في فلكهم ، ومن خلال الكلام على (المعنى اللّغوي وأصل الكلمة ، ووجه الاصطلاح ) يحاولون لفت الانتباه والحيد بأهل الحقّ عن المعاني والحقائق ، وإلاّ فليست العبرة بالألفاظ والمصطلحات ، بل بالمعاني المنوطة بها ، ولو كان تبليغها عن طريق لغة أخرى غير لغة العرب ، ولو كان أداؤها بالإشارات والحركات :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره
ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي ، فإن كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون في قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب في قول ثالث" ( مجموع الفتاوى 12/114 )


فالأجدر بمن كان هذا نهجه أن يناقش المعاني التي أرادها العلماء بهذا المصطلح ، ويذكر فيها مذهبه وعقيدته ، ويبيّن لنا فيها أدلّته وحججه ، لا أن يقف مستترا خلف هذه الشبه والمغالطات التي لا تغني من الحقّ شيئا .
المؤلف:
مراد قرازة
التصفية والتربية السلفية

يتبع ان شاء الله الجزء الثاني و الثالث









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-18, 20:15   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرّحيم
المبحث الثاني : أصل التّمييع وسنده الّذي انتقل به

لا شكّ أنّ المتتبّع لأحداث التّاريخ ، والنّاظر في كتب الملل والنّحل والمقالات ، لا يكاد يجد مثل هذا النّهج المنفتح على كلّ الجبهات ، المتقبّل لكلّ السّقطات والزّلاّت ، المعتذر لكلّ المخالفات، اللهمّ إلاّ ما كان من المرجئة الغلاة ، الّذين أخرجوا العمل من مسمّى الإيمان ، فخلص لهم أنّه لا يضرّ مع إيمان القلب معصية (1 ) أو أصحاب وحدة الوجود الّذين جعلوا الرّب عبدا والعبد ربّا ، فتساوى عندهم بذلك المشرك والموحّد وعابد الرّحمن بعابد الشّيطان(2 ) .
على العكس من ذلك فإنّ أصحاب كلّ فرقة وطريقة – كانوا ولازالوا - يبذلون غاية الوسع ومنتهى الجهد في نصر مذهبهم وتصحيح آرائهم وأفكارهم ، وتخطئة مخالفيهم والتّشنيع على عقائدهم ومناهجهم ، وبيان عوراتهم وفضح مغالطاتهم
ولعلّ أوّل من تبنّى فكرّ التجميع بلا تمحيص – على نطاق واسع - وأهمل العقائد والأصول في مقابلة الوحدة المزعومة ، والتكتّل المرجوّ ، هي فرقة الإخوان المسلمين ، "فلقد قام نظام الاخوان المسلمين على قاعدة ( كتل الناس؛ جمِّعهم على ما بينهم من خلافات عقدية أو سلوكية أو فقهية ثم ثقف ) : كتل ثم ثقف على هذا قامت دعوتهم طيلة هذه السنين الطويلة لكن الواقع يشهد ألا شيء هناك سوى التكتيل وليس هناك شيء يسمى بالتثقيف والدليل على ذلك أنه لايوجد بين الاخوان المسلمين على اختلاف بلادهم وأقاليمهم رابطة فكرية رابطة اعتقادية والواقع ايضا يشهد بهذا فالاخوان المسلمون فى مصر هم غير الاخوان المسلمين فى الاردن هم غيرهم فى سوريا بل هم فى سوريا يختلفون عن الاخوان فى الجنوب واخوان الشمال "(3).
وذلك لأنّ " الغاية عندهم من الدعوة هي الوصول إلى الدولة هذا أمر ظاهر بيّن في منهج الإخوان بل في دعوتهم، الغاية من دعوتهم هو الوصول إلى الدولة " ( 4) ، ولا يمكن الوصول إلى مثل هذه الغاية السّياسية إلاّ بتجميع النّاس وتكتيلهم ، بخلاف بقية المناهج التي بنيت بالأساس على مبدأ العقيدة ، ونصبت الولاء والبراء عليها.
وقاعدة الإخوان « نتعاون فيما اتّفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه » ، "من صياغة « محمد رشيد رضا » ، وقد سمَّاها بقاعدة «المنار الذهبية»، وقد شَهِدَ « رشيد رضا » أنه تلقى تلك القاعدة عن شيخيه: « الأفغانيّ » ، و« محمد عبده » ، وتلقتها بعد ذلك « الإخوان » ؛ فصارتْ لهم منهجًا " (5) .
وأخذ هذه القاعدة عن الإخوان المسلمين « عدنان عرعور » وأعاد صياغتها وتلميعها ، حتى تنطلي على من لا يفهم حقيقتها فأصبحت «نبيّن ولا نضلّل» ،و «نصحّح ولا نجرّح»(6).
وجاء بعده « أبو الحسن المأربي » ، وأعاد صياغتها من جديد فعادت «نبني ولا نهدم الأشخاص »(7) ، فقاعدته «نُصَحِّحُ ولا نَهْدِم» إعادةُ صياغةٍ لتلك القاعدة ، وهي الأساسُ الذي بنى فوقه «المنهجَ الأفيح»!! "(8).
لينتهي بها المطاف عند « علي حسن الحلبي » كبير القوم ومقدّم طريقتهم، وصاحب الرّأي فيهم ، بهذه الصّيغة : « لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا» (9) وغيرها من العبارات التي سيأتي ذكرها –بإذن الله-.
هذا هو - باختصار - أصل هذه المقالة الفاسدة ، والعقيدة الكاسدة ، مأخوذة من عند الرّوافض والماسونية ، ومزروعة في بلاد المسلمين على يد عميل الاستعمار وداعية الانحلال « جمال الدّين الأفغاني »(10 ) ، مرورا بداعية العقلانية والحداثة والتّنوير ، وباعث فكر الاعتزال « محمد عبده » وتلميذه « محمد رشيد رضا »( 11) ، قبل أن تستقرّ زمنا غير قليل في حياض « جماعة الإخوان المسلمين » ، ثمّ يتلقّفها منهم أدعياء السنّة و«حزب التّمييع »
إشكال وجوابه :
قد سبق أنّ جماعة « الإخوان المسلمين » تبنّت هذا المنهج الواسع لأغراض سياسية ، وذلك حتّى تجمّع أكبر عدد ممكن من النّاخبين ، أو المشاغبين الّذين تحتاج إلى جموعهم في سعيها إلى السّلطة فما هو سبب انتهاج « حزب التّمييع » لهذا النّهج ؟؟؟
والجواب الّذي تشمئزّ من ذكره النّفوس ، وتضيق لوقعه الصّدور : " أنّ غالب أتباع هذا النّهج وأنصاره – بل رؤوسه وأقطابه – هم ممّن لفظتهم دعوة أهل السنّة ، وردّ عليهم علماؤها ، وبيّنوا عوارهم ، وكشفوا زيف أعمالهم ، وخطأ طرائقهم ، ففيهم الّذي رمي بإرجاء ، والّذي اتّهم بتكفير ، وفيهم الحزبيّ المستتر ، والحدّاديّ المشتهر ، وفيهم من طعن فيه بفسق ظاهر ، أو مروءة ساقطة ... اجتمعوا كلّهم تحت هذا السّقف الواسع والمظلّة الوارفة ، لغاية واحدة : هي إسقاط هذه الدّعوة ، والتّشويش على دعاتها وعلمائها ، بغرض الانتقام للنّفس والانتصار لها فلا تكاد تجد لهؤلاء عملا غير الطّعن في أهل السنّة السّلفيين ، وازدرائهم ، والتّنقّص من شأنهم ، وتتبّع عوراتهم ، وتشهير زلاّتهم ، أو السّعي في تعظيم مخالفيهم ، ورفعهم فوق منازلهم ، وإلباسهم غير ثيابهم ، لكي يظهروهم للنّاس في صورة العلماء الرّبّانيين والدّعاة المصلحين ، أو في صورة المضطهد المظلوم ، الّذي طعن بغير حقّ وجرّح بغير وزر،كلّ ذلك حتى تخلو لهم ساحة الدّعوة ، فينفذ كلّ منهم رغبته ، ويظهر سريرته ، وينشر فكره وبدعته " (12 ) ، ولعلّ في صنيعهم هذا تطبيقا لقاعدتهم الذّهبية « نتعاون فيما اتّفقنا فيه – أي حرب السنّة وأهلها - ، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه – من البدع والضّلالات والأهواء - » – والله المستعان –
ــــــــــــــــــــــــــــ

1- المرجئة الغلاة هم : أتباع جهم بن صفوان وبعض القدرية الذين قالوا أنّ الإيمان هو معرفة القلب فقط !! ، قال شارح الطّحاوية : " وذهب الجهم بن صفوان وأبو الحسين الصالحي أحد رؤساء القدرية - إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب ! وهذا القول أظهر فسادا مما قبله ! فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين ، فإنهم عرفوا صدق موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ، ولم يؤمنوا بهما ، ولهذا قال موسى لفرعون : " لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر" [الإسراء:102]، وقال تعالى : " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين " [ النمل : 14 ] . وأهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، ولم يكونوا مؤمنين به ، بل كافرين به ، معادين له ، وكذلك أبو طالب عنده يكون مؤمنا ، فإنه قال:

ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا


بل إبليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الإيمان ! فإنه لم يجهل ربه ، بل هو عارف به ، " قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون " [ الحجر : 36 ] ، " قال رب بما أغويتني " [ الحجر : 39 ] ، " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين " . والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى ، ولا أحد أجهل منه بربه ! فإنه جعله الوجود المطلق ، وسلب عنه جميع صفاته ، ولا جهل أكبر من هذا ، فيكون كافرا بشهادته على نفسه ! " ( شرح الطّحاوية ص2/460 )

2- أصحاب وحدة الوجود الّذين جعلوا الوجود كلّه واحدا ، لا يتميّز فيه خالق عن مخلوق ، فالكلّ عبيد والكلّ آلهة ، ومنهم ابن عربي الصوفي الملحد الّذي يقول :

العبـد رب والــرب عبـد يـا ليـت شـــعري مــن المكــلف
إن قلــت عبد فـذاك رب أو قلــت رب أنـــى يكـــــــــلف

قال شيخ الإسلام : " فلما صار عنده عين وجود الرب هو عين وجود العبد صار كل واحد عنده هو عين الآخر ، وإذا كان الرب لا تكليف عليه ، والرب هو العبد فالعبد أيضا لا تكليف عليه " (انظر مختصر الفتاوى المصرية 246 )

3- من كلام العلاّمة الألباني في (شريط الفرق بين دعوة الإخوان والدّعوة السّلفية )

4- من كلام الشّيخ صالح آل الشيخ ( الموقع الرسمي للشيخ - أسئلة المنهج )
5- من كلام الشيخ محمّد سعيد رسلان في (محاضرة بعنوان نصحح ونهدم للشيح في الردّ على المأربي "

6- وقد بالغ في شرح هذه القاعدة ، والاستدلال لها ، وبيان فروعها في كتابه : " منهج الاعتدال " ( ص37 وما بعدها )

7- وقد أظهر أبو الحسن هذه القاعدة في سلسلة " القول الأمين في صد العدوان المبين ش5 " ثمّ شرحه وانتصر لها في مقال " القولُ المُفحِم لِمن أنكرَ مقالة (نُصحِّحُ ولا نَهْدِمِ) "

8- : من كلام الشيخ محمّد سعيد رسلان في (محاضرة بعنوان نصحح ونهدم للشيح في الردّ على المأربي "

9- وقد أقرّ هذه القاعدة وانتصر لها في عديد كتبه ، من ذلك مقال " الجرح والتعديل أصول وضوابط : القاعدة الرابعة " ، وكتاب " منهج السلف الصالح ص324 حاشية (1) "

10- قال الشيخ محمّد سعيد رسلان حفظه الله : " يكفي أن تعلم أن جمال الدين الاسترابادي الرافضي الذي نُسب إلى الأفغان زورا وكذبا وإنما هو إيراني مُلحد كان ماسونيا جلدا وكان على رأس محفل الشرق الماسوني، وكان عظيم الرتبة فيه جدا وكان مجاهرا بالإلحاد في كثير من الحالات " ( شريط حقيقة جمال الدّين الأفغاني و محمّد عبده للشيخ – حفظه الله – )

11- قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله – " وفي هذا الزمن شاع وذاع أن جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، من المجددين وأنّهم علماء الفكر الحر، فقام غير واحد من المعاصرين ببيان ضلالهم وأنّهم مجدّدون للضلال وترهات الإعتزال فعلمت حقيقتهم ، وصدق الله إذ يقول: فأمّا الزّبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض فصارت معرفة ضلالهم كلمة إجماع بين أهل السنة، لكن محمد رشيد رضا لم يوفّ حقه واغترّ بعض الناس ببعض كلماته في الردود على بعض أهل البدع، وما يدري أن عنده من البدع والضلال ما يقاربهم، ولقد صدق مروان بن محمد الطاطري إذ يقول كما في ترجمته من "ترتيب المدارك" للقاضي عياض: ثلاثة لا يؤتمنون: الصوفي والقصاص والمبتدع يرد على المبتدعة " ( مقدمة كتاب :ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر ص3 )

12- استفدت هذا الجواب بمعناه من فضيلة الشيخ العلاّمة « محمّد علي فركوس » - حفظه الله – في مجلسين مختلفين










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-18, 20:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الثالث :نقد أهمّ قاعدة من قواعد التّمييع

هذا أوان الشّروع في المقصود ، وهو بيان قواعد « التّمييع » وأصوله التي امتاز بها عن غيره من المناهج ، وسأكتفي بذكر أهمّ القواعد ، مقتصرا في نقدها على ما قلّ من تعليقات أهل العلم – وبالله التّوفيق –.

القاعدة الأولى : « نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه»

قال الشّيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى - في رده على محمد علي الصابوني : " نعم ، يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق ، والدعوة إليه ، والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله ، أما عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه ، فليس على إطلاقه ، بل هو محل تفصيل : فما كان من مسائل الإجتهاد التي يخفى دليلها ، فالواجب عدم الإنكار فيها من بعضنا على بعض ، أما ما خالف النص من الكتاب والسنة ، فالواجب الإنكار على من خالف النص بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، عملاً بقوله تعالى : " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ "
وقوله سبحانه : " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ "
وقوله عز وجل : "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع ، فبلسانه ، فإن لم يستطع ، فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان "
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من دل على خير ، فله مثل أجر فاعله " ( أخرجهما مسلم في " صحيحيه " ) ، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة " ( 29)

قال الشّيخ الألباني- رحمه الله تعالى - في رده على من يقول بها : " هم أول من يخالف هذه الفقرة ، ونحن لا نشك بأن شطرًا من هذه الكلمة صواب ، وهو : « نتعاون فيما اتّفقنا عليه »
الجملة الأولى هي - طبعًا - مقتبسة من قوله تعالى : " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى " ، أما الجملة الأخرى : « يعذر بعضنا بعضا » ، لا بد من تقييدها … متى ؟
حينما نتناصح ، ونقول لمن أخطأ : أخطأت ، والدليل كذا وكذا ، فإن رأيناه ما اقتنع ، ورأيناه مخلصًا ، فندعه وشأنه ، فنتعاون معه فيما اتفقنا عليه
أما إذا رأيناه عاند واستكبر وولى مدبرًا ، فحينئذ ، لا تصح هذه العبارة ، ولا يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " (30).

قال الشّيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - : " فقولهم : « نجتمع فيما اتّفقنا فيه » ، فهذا حق ، وأما قولهم : « يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه » ، فهذا فيه تفصيل : فما كان الاجتهاد فيه سائغًا ، فإنه يعذر بعضنا بعضًا فيه ، ولكن لا يجوز أن تختلف القلوب من أجل هذا الخلاف
وأما إذا كان الاجتهاد غير سائغ ، فإننا لا نعذر من خالف فيه ، ويجب عليه أن يخضع للحق، فأول العبارة صحيح ، وأما آخرها فيحتاج إلى تفصيل "( 31)

وممّن أنكر هذه القاعدة من العلماء أيضا :

- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
- فضيلة الشّيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله -
- فضيلة الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
- فضيلة الشيخ العلامة الشيخ د. ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله
- فضيلة الشّيخ العلاّمة صالح اللّحيدان – حفظه الله -
- فضيلة الشيخ العلامة عبدالمحسن العباد البدر ـ حفظه الله
- فضيلة العلامة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله
- فضيلة العلامة الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله
- فضيلة الشيخ العلاّمة بكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمه الله ـ
- فضيلة الشيخ علي بن محمد بن ناصر الفقيهي - حفظه الله -

وغير هؤلاء كثير ممّن يصعب حصرهم ، وبالجملة فلا تكاد تجد عالما سلفيا ، أو داعية أو طالب علم على طريق الجادة ، إلا وله كلام في ذمّ هذه القاعدة ، والرّدّ على ما حوته من باطل.

* ثمّ إنّ الجزء الأوّل من هذه القاعدة وهو : ( نتعاون على ما اتفقنا عليه ) ليس بصحيح أيضا ، ولا هو على إطلاقه ، وقد بيّن ذلك جمع من العلماء من ذلك :

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :

السؤال: بناء على قوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "، يقال إنه يجب التعاون مع كل الجماعات الإسلامية وإن كانت تختلف بينها في مناهج وطريق دعوتهم، فإن جماعة التبليغ طريق دعوتها غير طريق الإخوان المسلمين أو حزب التحرير أو جماعة الجهاد أو السلفيين، فما هو الضابط لهذا التعاون؟ وهل ينحصر مثلاً في المشاركة في المؤتمرات والندوات؟ وماذا عند توجيه الدعوة إلى غير المسلمين؟ حيث قد يكون هناك التباسٌ كبيرٌ لدى المسلمين الجدد، فإن كل جماعة من هذه الجماعات سوف تدعوهم إلى مراكزهم وإلى علمائهم، فيكونون في حيرة من أمرهم، فكيف يمكن تفادي هذه الأمور؟

الجواب: " الواجب التعاون مع الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة في الدعوة إلى توحيد الله سبحانه، وإخلاص العبادة له، والتحذير من الشرك والبدع والمعاصي، ومناصحة الجماعات المخالفة لذلك، فإن رجعت إلى الصواب فإنه يتعاون معها، وإن استمرت على المخالفة وجب الابتعاد عنها والتزام الكتاب والسنة، والتعاون مع الجماعة الملتزمة لمنهج الكتاب والسنة يكون في كل ما فيه خير وبر وتقوى من الندوات والمؤتمرات والدروس والمحاضرات ، وكل ما فيه نفع للإسلام والمسلمين.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم "( 32)

الشّيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله –


سئل – رحمه الله : " هل نتعاون مع المخالف فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا أم نتعاون فيما اتفقنا ونقول الحق فيما اختلفنا ؟

فأجاب : " لا : لا نتعاون مع الإخوان المفلسين لا فيما اتفقنا ولا فيما اختلفنا ولامع أصحاب الجمعيات لا فيما اتفقنا فيه ولا فيما اختلفنا فيه لأنهم يعملون من أجل حزبياتهم وجمعياتهم لأجل حزبياتهم وجمعياتهم -فبحمد الله- بارك الله سبحانه وتعالى في دعوة أهل السنة وانتشرت وملأت السهل والجبل وانتشرت من اليمن -والفضل لله سبحانه وتعالى-
فقولوا لهم : لا ولا كرامة لن نتعاون معكم ولن نحضر محاضراتكم ولن -أيضا - نحضر اجتمعاتكم ونريد أن نقبل على العلم النافع على صحيح البخاري وصحيح مسلم وتفسير ابن كثير ورياض الصالحين وغيرها مثل فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - والله المستعان – "

الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى -

سئل – حفظه الله : " أحسن الله إليكم يقول السائل سمعت في أحدى القنوات الإسلامية من أحد المفكرين أنه يقول من الحكمة التعاون مع الجماعات الإسلامية ضد العلمانية وغيرهم فهل هذا الكلام صحيح ؟

فأجاب : " لا ؛ ما هو بصحيح ما نتعاون مع أهل الباطل ما نتعاون مع الفرق الضالة أبدا إنما نتعاون مع إخواننا المستقيمين على طاعة الله وعلى المنهج السليم نتعاون معهم أما المنحرفون والضالون والمخالفون لأهل السنة والجماعة فلا نتعاون معهم لأن هذا تعاون على الآثم والعدوان وتبرير لما هم عليه نعم - وبعدين ما ينفعوننا يقولون إلا ما هو على دينك ما يعينك هذا مثل عامي وهو صحيح إلا ما هو على دينك ما يعينك "(33)

وممّن أنكر هذا الإطلاق في التّعاون أيضا :

- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
- الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى
- الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله تعالى
- الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
- الشيخ عبد الله بن الغديان رحمه الله تعالى
- الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله تعالى
- الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى
وغيرهم من علماء أهل السنّة

الآثار الفاسدة لهذه القاعدة :

من خلال مطالعة فتاوى من سبق من العلماء ، يمكن جمع بعض الآثار الفاسدة ، والمخالفات البيّنة في هذه القاعدة ومنها :

1- قاعدة مبتدعة ومحدثة : ولا شكّ أنّه يلحقها قوله صلى الله عليه وسلّم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " (34) ، وقوله صلى الله عليه وسلّم : " وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ " ( 35)، وقوله صلى الله عليه وسلّم : " وشر الأُمور محدثاتها وكل محدثة بدعة "( 36) ، وغيرها من نصوص هذا الباب.

2- لم يكن عليها العمل عند السّلف : وفي ذلك خلاف قوله جلّ وعلا : " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ( النّساء 115 )
وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضّوا عليها بالنواجد "(37 )
وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه و يمينه شهادته "( 38) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

3- فيها حجر للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر : خلافا لقوله تعالى : " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " ( آل عمران 104 )
وقوله أيضا : " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " ( المائدة 79 )
وقوله صلى الله عليه وسلّم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان "( 39)
وقوله صلى الله عليه وسلّم : " إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع "( 40) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

4- فيها حجر للنّصيحة : خلافا لقوله تعالى إخبارا عن نوح عليه السّلام :" أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ( الأعراف 62 )
وقوله تعالى إخبارا عن هود عليه السّلام : " أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ " ( الأعراف 68 )
وقول النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ " قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ " للَّه وَلِكِتَابِهِ ولِرسُولِهِ وَلأَئمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " ( 41)
وعَنْ جرير بْنِ عبدِ اللَّه رضي اللَّه عنه قال : " بَايَعْتُ رَسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى : إِقَامِ الصَّلاَةِ ، وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكلِّ مُسْلِمٍ " ( 42) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

5- اهمال لنصوص التّحذير والهجر والرّدع : كقوله تعالى : " وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " ( الأنعام:68)
عن أبي عون قال: " كان محمد - يعني ابن سيرين - يرى أن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى أن هذه الآية أنزلت فيهم "( 43)
وقوله تعالى : " وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (التوبة 118 )
قال ابن عبد البر: " وفيه دليل على أنه جائز أن يهجر المرءُ أخاهُ إذا بَدَت منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له ، وزجراً عنه "( 44)
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة "( 45)

قال الإمام النووي – رحمه الله - : "وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب ، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثرُ فجره وباطله ونحو ذلك من الأنواع المذمومة " (46 )
وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصاحب إلاَّ مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلاَّ تقي"( 47) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

6- اهمال أمر الله عزّ وجل بالرّجوع إلى الله ورسوله حال النّزاع : في قوله تعالى : " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " (النساء 59 )
وقوله تعالى : " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " ( النساء 83 ) ، وغيرها من نصوص هذا الباب
قَالَ أَبو إسحاق الشَّاطبي - رحمه الله - : " الاختِلاَفُ مَنفيٌ عَنِ الشَّريعَةِ بِإطْلاَقٍ، لأَنَّهَا الْحَاكِمَةُ بَينَ الْمُخْتَلفِينَ لِقَولهِ تَعَالى: " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ " ، إِذْ رَدَّ التَّنازُعَ إِلى الشَّريعةِ، فَلَوُ كَانَتِ الشَّريعةُ تَقتَضِي الْخِلافَ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّدِّ إِليهَا فَائِدَةٌ "( 48)
قَالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّة -رحمه الله-: " وَإِذَا تَدَبَّرْت كِتَابَ اللَّهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَفْصِلُ النِّزَاعَ بَينَ مَنْ يَحْسُنُ الرَّدَّ إلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى ذَلِكَ؛ فَهُوَ إمَّا لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ فَيُعْذَرَ، أَوْ لِتَفْرِيطِهِ فَيُلَامَ "( 49)

7- اهمال للنّصوص الدّاعية إلى الاجتماع والنّاهية عن الاختلاف : كقوله تعالى " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ " ( آل عمران: 103 )
وقوله تعالى : " وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " (الأنفال: 46 )
وقوله صلى الله عليه وسلم : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم "( 50)

وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذ اختلفتم فيه فقوموا "(51 ) ، وغيرها من نصوص هذا الباب
8- إقرار الباطل والعذر عليه بغير سبب للعذر : خلافا لقوله تعالى : " فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " ( التوبة : 96 )
وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " فمن كره فقد برئ " وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " ولكن من رضي وتابع " ( 52) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

9- إلغاء نصوص وقواعد الولاء والبراء : كقوله تعالى : " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (التوبة: 71 )
وقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ " (الممتحنة : 1 )
وقوله صلّى الله عليه وسلّم " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ "( 53)
وقوله عليه الصلاة والسلام: " الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ " ( 54) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

10- إلغاء تميّز الحقّ وأهله وتلبيس الحقّ بالباطل : خلافا لقوله تعالى : " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " ( البقرة 42 )
وقوله تعالى : " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون " ( آل عمران 71 )
فعن أبي العالية قال : " ولا تلبِسُوا الحقّ بالباطل ": لا تخلطوا الحق بالباطل، وأدُّوا النصيحةَ لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم "( 55)
قال مجاهد: " ولا تلبسوا الحق بالباطل "، اليهوديةَ والنصرانية بالإسلام " ( 56)
وحديث أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أمتهوّكون فيها يا بن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " ( 57) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

11- تسوية المحقّ بالمبطل ، والخطأ بالصّواب : خلافا ومحادة لقوله تعالى : " أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ( السجدة 18)
وقوله تعالى : "وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ( فاطر 19-22 )
وقوله تعالى : " قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة 100 )
قال ابن جرير : " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا محمد: لا يعتدل الرديء والجيد, والصالح والطالح, والمطيع والعاصي "( 58) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

12- التهوين من الأخطاء والمخالفات ، وإن كانت تصل إلى الشرك أحيانا : والله عزّ وجلّ يقول : " وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ( النور15 )
و النبي - صلى الله عليه وسلم - -يقول " يَا عَائِشَةُ إِيَّاكِ وَمُحَقِّرَات الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ طَالِبًا "( 59)
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَات الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ "(60 )
وعن أنس - رضى الله عنه - التابعين بقوله " إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُوبِقَاتِ" ( 61) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

13- زيادة الخلاف : فكلّما توسّع أهل السنّة في العذر ، وتركوا النّصح والإنكار ، توسّع أهل الزّيغ في المخالفة ، وهذا واضح بيّن : والله عزّ وجلّ يقول " : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " ( الأنفال : 46 )
ويقول سبحانه : " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( آل عمران :105 )
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : " وإن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا له شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال "( 62)
وقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ " ( 63) ، وغيرها من نصوص هذا الباب

14- فيها تغرير للجهّال بحال المبتدع وغشّ لهم : والله عزّ وجلّ يقول : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ " ( آل عمران187 )
وقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة 67 )


والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول : " من غشنا فليس منّا "( 64)
قَالَ الْخَطَّابِيّ : مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى سِيرَتنَا وَمَذْهَبنَا , يُرِيد أَنَّ مَنْ غَشَّ أَخَاهُ وَتَرَكَ مُنَاصَحَته ، فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ اِتِّبَاعِي وَالتَّمَسُّك بِسُنَّتِي " ( 65)
وقوله عليه الصّلاة والسّلام : " ما من عبد يسترعيه الله رعية ، فلم يُحطها بِنُصْحِه إلاّ لَم يَجِد رائحة الجنة "( 66)


قالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : " مَعْنَاهُ بَيِّن فِي التَّحْذِير مِنْ غِشّ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا مِنْ أَمْرهمْ ، وَاسْتَرْعَاهُ عَلَيْهِمْ ، وَنَصَبَهُ لِمَصْلَحَتِهِمْ فِي دِينهمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ ، فَإِذَا خَانَ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْصَح فِيمَا قُلِّدَهُ ؛ إِمَّا بِتَضْيِيعِهِ تَعْرِيفهمْ مَا يَلْزَمهُمْ مِنْ دِينهمْ ، وَأَخْذهمْ بِهِ ، وَإِمَّا بِالْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّن عَلَيْهِ مِنْ حِفْظ شَرَائِعهمْ ، وَالذَّبّ عَنْهَا لِكُلِّ مُتَصَدٍّ لإِدْخَالِ دَاخِلَة فِيهَا أَوْ تَحْرِيف لِمَعَانِيهَا ، أَوْ إِهْمَال حُدُودهمْ ، أَوْ تَضْيِيع حُقُوقهمْ ، أَوْ تَرْك حِمَايَة حَوْزَتهمْ ، وَمُجَاهَدَة عَدُوّهِمْ ، أَوْ تَرْك سِيرَة الْعَدْل فِيهِمْ ، فَقَدْ غَشَّهُمْ . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر الْمُوبِقَة الْمُبْعِدَة عَنْ الْجَنَّة " ( 67) ، وغيرها من نصوص هذا الباب


*- ولهذه البدعة آثار سيئة أخرى كثيرة كتشويه الإسلام وتسويد صورته بالبدع والمحدثات ، وفتح باب العذر للملاحدة والمشركين وغيرهم ، وإرجاء الأحكام الّذي هو أصل بدعة الإرجاء .... وغيرها .

..... يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــ
29 - (مجموع الفتاوى والمقالات : 3/58 )
30 - ( مجلة الفرقان الكويتية : العدد 77)
31 - ( الصحوة الإسلامية : ضوابط وتوجيهات: 1/218 )
32 - ( مجموع فتاوى اللّجنة الدائمة 2/42 )
33- ( الموقع الرسمي للشّيخ صالح الفوزان – حفظه الله - )
34- رواه البخاري(2697 ) ،ومسلم ( 1718 )
35- رواهُ أبو داوُدَ (4607) والتِّرمِذِيُّ (2676)، وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ ،وابن ماجة (42) وصحّحه الألباني
36- رواه مسلم (867)
37 - جزء من حديث العرباض بن سارية ، وقد سبق تخريجه
38- رواه البخاري (3651) ، ومسلم (2533)
39- رواه مسلم (175)
40- رواه مسلم (1854)
41- رواه مسلم (55)
42- رواه البخاري (2566) ، ومسلم (56)
43- أخرجه ابن بطة في الإبانة الكُبرى (2/431)
44- "التمهيد" (6/118)
45- رواه البخاري (9/569) ، ومسلم (2628)
46-: "شرح مسلم" ( 16 / 178 )
47- رواه أبو داود (4832) ، والترمذي رقم(2395)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي
48- الاعتصام للشاطبي (2/249)
49- : مجموع الفتاوى لابن تيمية (34/63)
50-رواه البخاري (7288) ومسلم (1337)
51- رواه البخاري (5060) ومسلم (2667)
52- رواه مسلم (1854)
53- أخرجه البخاري (5819)، ومسلم (2639)
54- أخرجه أبو داود (4833)، والترمذي (2378) وقال: حسن غريب. وحسنه الألباني في الصحيحة 927
55- تفسير ابن جرير ( البقرة آية 42 )
56- المصدر نفسه
57- رواه أحمد (3/387) عن جابر بن عبد الله، وحسنه الألباني في الإرواء (1589)
58 -تفسير ابن جرير ( المائدة آية 100 )
59- رواه الإمام أحمد (24651) وصححه ابن حبان (5568)
60- رواه الإمام أحمد (22302) وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (11/329)
61- رواه البخاري (6492)
62- رواه مسلم ( 1715 )
63- رواه البخاري (121)مسلم ( 66)
64- رواه مسلم ( 146 )
65- معالم السّنن ( 3/118 )
66- رواه البخاري ( 6731 )
67- نقله النووي في شرحه على مسلم ( 1/325 )










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-18, 20:50   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عبدالنور.ب
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبدالنور.ب
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

جزى الله أخانا وشاعرنا مراد خير الجزاء وبورك فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-19, 17:50   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيكم بارك الله










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أسوء, التمييع, التصنيع, دعاة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc