السلام عليكم
أنا طالبة جامعية كنت قد تخرجت برتبة الأولى على الدفعة و حصل أني تقدمت كما بقية زملائي لمنصب عمل في شركة أجنبية كمهندسة و تم بحمد الله قبول ملفي و ملف زميلة لي فقط كانت الثانية على الدفعة و كم كانت فرحتي كبيرة بنجاحها أيضا حيث شعرت بأنها شخص أعرفه و أطمئن لوجوده معي لاحقا في العمل خاصة و أننا من نفس المنطقة و قد درسنا سنوات معا وعملنا سيكون خارج ولايتنا, أحسست بأن مركبنا واحدة و مصلحتنا واحدة. للإشارة إن هذه الفتاة زميلة فقط و ليست صديقة و لم أسع لأن تكون أكثر من ذلك. انتهت فترة التهاني و الأماني و كان علينا المضي قدما في تحضير وثائقنا و أنفسنا لهذه الرحلة الجديدة و يجدر الذكر أن هذه المهمة كانت شاقة جدا حيث كان الجميع حرفيا يسعون لعرقلة تمام هذا الأمر و كان علينا القيام بكل شيء بأنفسنا, فاتصلت بها على الفايسبوك و سألتها ما إذا كانت تعلم شيئا فأجابتني بالسلب و بدا لي للحظة ما أنها فتاة لا حول لها و لا قوة و لا تدري شيئا عن أي شيء فأخذت كامل المسؤولية على عاتقي و بدأت أحصل على بعض الإجابات التي كنت أشاركها معها فور معرفتي بها. اذهبي إلى المكتب الفلاني و أحضري الوثيقة الفلانية ثم صادقي عليها في المكتب العلاني و هكذا...و أحيانا كنت أصطحبها بنفسي و أقف على أمورها بنفسي أيضا و لا أتحرك من مكاني حتى أتأكد من أن أمورها بخير و لا ينقصها شيء. استمر الأمر على هذا الوضع شهورا قلائل. أتصل بها على الهاتف أو على الفايس أخبرها بالمستجدات و أغلق المكالمة...
بعد فترة أحسست بأن هنالك أمرا غير طبيعي, الفتاة تجيب بنعم أو لا أو أوكي
فقط, لا تناقش, لا تحلل, لا شكرا,لا تقديرا, لا شيء على الإطلاق. ليس و كأني بحاجة لمقابل أو معروف منها لقاء ما أفعل, لكني كنت بحاجة لإشارة منها على أنها معي و تدعمني كما أدعمها أو على أنها تريدني أن أستمر في إرشادها أو لا. أعني أنه ليس من السهل أن تتعامل مع شخص لا يتفاعل إطلاقا لا سلبا و لا إيجابا, يأخذ فقط و لا يعطي شيئا بالمقابل و لا كلمة طيبة تشير على أننا على وفاق. المهمّ, بعد ما انتبهت لهذا بدأت ألتمس لها الأعذار فكنت أقول لربما هي فتاة خجولة, غامضة, هادئة, لا تحب الكلام...ربما هي هكذا و حسب و لا نية سيئة لها. كان هذا هو العذر الذي جعلني أستمر في قضاء أمورها و مساعدتها بأي شكل كان لكني اكتشفت أن شخصيتها لا دخل لها بالموضوع, و ذلك لأنها كانت تعاملني بشكل مختلف عن الآخرين, فمعي صامتة كئيبة لا تتحدث إلا إن تحدثت أنا و تكتفي بالعبارات المختصرة, في حين أنها مع الأخريات تضحك و تتسامر بكل حيوية و مرح كما لو أنها شخص آخر. حتى أنها كانت تتجاذب أطراف الحديث مع أناس غرباء و كأنها تعرفهم منذ قرون. هنا أحسست بأن لهذه البنت موقفا من ناحيتي لكني لم أحدد طبيعيته بعد ....
فراجعت تصرفاتي و إذ بي أكتشف أنني دائما المهتمة فسجل مكالماتي لها مليء باتصالات مني أنا و رسائل مني أنا, كنت أنا دائما المُبادرة و المُتصلة حتى سجل الرسائل على الفايس تملؤه عشرون رسالة مني مقابل كلمة واحدة منها و كأني كنت أكلم نفسي, هنا راودني إحساس أن الفتاة لربما تشعر بأني أفرض نفسي عليها, لكن مهلا, كل مكالماتي و رسائلي كانت حول ما يجب أن تفعله و حسب, لم أكن أحدثها عنها أو عن أهلها أو عن أي شيء آخر, لا حديث فتيات و لا خلافه, كل كلامي كان حول الإجراءات اللازمة التي عليها القيام بها لفائدتها وفقط. فإن كانت لا تريدني أن أساعدها فلم لا تخبرني بذلك و حسب أو تتخذ موقفا واضحا فأنا في النهاية أضيع وقتا و جهدا معينين للتواصل معها...هل هي في غنى عني ؟ حسنا لنر......بعد أن خضت هذا الحديث مع نفسي قررت أن أتأكد بنفسي ما إذا كانت تتبع إرشاداتي و تحتاجها أو لا أي مجرد خضرة فوق طعام...فأخبرتها أن نلتقي في اليوم التالي لتقديم ملفنا لأحد المكاتب, ذهبت صباحا إلى المكتب و إذ بي أراها مغادرة بعد أن أنهت عملها فيه قبل موعدنا بقليل وهمت بالرحيل مباشرة بعد أن ألقيت عليها التحية... إذن الفتاة تستفيد فعلا مما أخبرها...
بعد فترة اكتشفت أنه علينا تقديم الملف في جهة معينة ليقوموا بمراجعته لفترة لا تقل عن أسبوعين و كان علي إنها هذا الإجراء بسرعة قبل أن ينتهي آخر أجل لتقديم ملفي النهائي للشركة, فقمت بالاتصال بها و أخبرتها أني سأصطحبها إن أرادت و نذهب سوية لأتفاجأ بها و هي تخبرني أنها قد قامت بهذه الخطوة فعلا و لن تأتي معي..., بصراحة شعرت بالسوء كثيرا حيال هذا, و مازاد الطين بلة أني عرفت لاحقا أنها عضوة في مجموعة خاصة على الفايسبوك موجهة لموظفي تلك الشركة حيث تقوم بطرح استفساراتها و يقومون بالرد عليها مباشرة و إخبارها عن جديد الأمور. لقد كانت عضوة هناك منذ شهر كامل و لم تخبرني بل و كانت ترى كيف كنت أتعب لأحصل على أي معلومة من هنا و هناك, المصيبة الأعظم أن الدخول إلى تلك المجموعة شرط إجباي على موظفي تلك الشركة وكان على كل أحد منضم إليها أن يخبر زملاءه عنها ليستفيد الجميع لكنها لم تفعل و قد ظهرت المجموعة في مقترحاتي بشكل عشوائي و إلا ما كنت علمت أمرها أبدا. اتفقنا على اللقاء مرة أخرى و انتظرتها طويلا حيث حجزت لها دورا معي لكنها لم تلبث أن همت بالرحيل بمجرد تمام أوراقها و لم تحترم حتى أني جالسة لدقيقة أخرى فقط حتى تتم أوراقي أنا الأخرى و نغادر سويا, بمجرد أن ينتهي دورها تبدأ ب: هيا هيا هيا... و تجمع أغراضها على عجالة ما أعتبره دون اللباقة. لقد أخفت عني الكثير من الأمور و التفاصيل التي كادت أن تحول دون تمام حصولي على المنصب حيث كانت تخفي مواعيد اللقاءات و آخر آجال للتسليم فكنت أنجز كل شيء في آخر لحظة بتوفيق من الله فقط و تيسير منه. فما كنت أذهب لقضاء أمر إلا و أراها قد سبقتني إليه و لم تكلف نفسها عناء إخباري به. هل هو سباق أم منافسة؟ لا أدري...
انتهى كل هذا و التقينا من جديد و قد كانت تشكو لي المدير المسؤول عنها و تصفه بأبشع الصفات و من الصدف أنه قرر مقابلتنا سوية وحينها رأيت الوجه الآخر, الفتاة تتملقه و تخضع له بالقول و الضحكات و كأنها لم تكن تشكو منه قبل قليل, هل يُعقل هذا؟؟؟ إنني الوحيدة التي تعبس في وجهها فهي تضحك حتى في وجه المدير الحقير على حد قولها. بعد فترة الفتاة أحدثت مشكلة عظيمة كادت تتسبب بطردها لولا أني تدخلت و أنقذت الموقف في آخر لحظة و ذلك بعد صراعي مع ضميري حول ما إذا كانت تستحق ذلك أو لا و تم الأمر و حال دون طردها و ردها كان الصمت كالعادة و الاختفاء لتظهر مجددا في كل مرة فقط عندما تحتاجني فتتصل مئة مرة في اليوم فقط لأرشدها إلى ما تفعله حيال ذلك البحث او ذلك المشروع و تختفي مرة أخرى ثم تعاود الظهور عند الحاجة و هكذا.
بعد كل هذه المواقف قررت أن أبتعد عنها تماما فقد جعلتني أشعر بأني خادمة لها أو بالعامية قوادة. إن كنت ساعدتها فهذا ظنا مني أنها فتاة تحتاج المساعدة و لكي لا يُهضم حقها و يُؤخذ منصبها بسبب خجلها او ما شابه(هذا كان ظني) لكنها لم تكن بتلك السذاجة و الضعف. كنت أساعدها ظنا مني أن المسلم المؤمن لا يكتم علما و عليه أن يشارك غيره من المحتاجين ما يعرفه. هذا كان هدفي. لكن ما يثير حفيظتي هو اعتقادها أني هنا لخدمتها من باب غبائي و نباهتها و كأني أفعل هذا لسواد عيونها مثلا أو روعتها. و هذا ما يزعجني....أنا أساعد لأني أريد تقديم المساعدة و ليس لأنها "قافزة" و تجيد استغلالي.
هي زميلتي نعم لكن المسافة بيننا لم تكن بذلك الطول لتعاملني هكذا, فقدت تعرفت على أهلي و استقبلتها في بيتي و نامت و تناولت الطعام عندي. أشرفت على إنجاز أحد مشاريعها و حرصت على أن لا أجرح مشاعرها أو أؤذيها بأي شكل., أنا عاجزة تماما و لا أستطيع الحكم عليها لا سلبا و لا إيجابا. عدم أخذها موقفا واضحا و غموضها يتعبناني.
أريد أن أفهم من خلال تجاربكم الحياتية لم تتصرف هذ الفتاة معي بهذه الجفاء؟؟ ما مشكلتها تحديدا؟؟
و علي الاستمرار في الحفاظ على هذا الخيط الرفيع بيننا أم علي قطعه؟؟
و اعذروني على الإطالة لكن لم يكن بإمكاني الإختصار أكثر.