أركان الإيمان - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أركان الإيمان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-17, 15:40   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



السؤال

قرأت هذا الكلام في أحد المواقع فهل هو صحيح ؟ معجزة من معجزات الله سبحانه ، تتجلى كل ليلة في مقبرة الشهداء بجانب جبل أحد في المدينة المنورة , هذه المعجزة - وكما يرويها لـ ( صحيفة طيبة ) - أحد الأشخاص الذين تابعوها عن كثب , تتمثل في ظهور نور ساطع يخرج من أحد القبور بمقبرة الشهداء , ويروي المصدر أنه يشاهد كل ليلة - وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل - خروج هذا النور الغريب من أحد القبور في المقبرة , ويضيف أن هذا القبر الذي يتوهج نورا يعتقد أنه قبر الصحابي الجليل " حمزة بن عبد المطلب " رضي الله عنه .

الجواب :


الحمد لله


أولاً :

أما الجانب الإخباري لهذا النور فلم نجد وبعد البحث الشديد لهذه القصة مصدرا معتبرا ، إلا ما نسب إلى صحيفة " طيبة " الإلكترونية ، والصحيفة لم تسند الخبر إلى ثقة كي يطمئن الناس إلى صحته ، وإنما نقلت الصورة التي يبدو فيها نور أخضر بارز من جهة أحد القبور ، ولا يخفى أن الصورة وحدها لا تكفي لإثبات الخبر ، لأن التصرف في الصور والإضافة والتعديل فيها من أسهل ما يمكن إجراؤه اليوم مع توفر برامج الرسم والتصوير الحديثة ، فلا ينبغي التسليم والتصديق بالصور الصادرة من جهات غير معتمدة .

والذي يغلب على الظن في شأن هذه القصة أنها لم تثبت ، وذلك لأنها لو كانت حقيقة واقعة لانتشر خبرها عبر الرواة الثقات ، وتناقلتها وسائل الإعلام المتثبتة ، ولعرف ذلك العلماء والصالحون ، ولما لم يكن شيء من ذلك فإن القلب لا يطمئن إلى التصديق بهذه القصة ، ولذلك أنكرها بعض أهل العلم المعاصرين ، كالشيخ عبد الرحيم السحيم ، والشيخ محمد العويد .

وقد كثر الآن بسبب تقدم وسائل الاتصال والإعلام وتنوعها انتشار الأخبار التي لا أصل لها ، ثم يتناقلها الناس فيما بينهم ويصدقون بما فيها ، والذي ينبغي في مثل هذه الأخبار هو التثبت منها ، وعدم نشرها حتى يتأكد الإنسان من صحتها ، لأن الله تعالى يقول : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) الإسراء/36 .

ويخطئ البعض حيث يتساهل في نقل هذه الأخبار وتصديقها .

قال ابن خلدون رحمه الله :

" وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثًّا أو سمينًا ، ولم يعرضوها على أصولها ، ولا قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات ، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار ، فضلوا عن الحق ، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط " انتهى باختصار .

" المقدمة " (ص/9-10) .

ثانياً :

يؤمن أهل السنة والجماعة بوقوع الكرامات للأولياء والصالحين وعباد الله المتقين ، وهي بعض أنواع من خوارق العادات ، يظهرها الله لبعض أوليائه إكراما لهم ، وإظهارا لفضلهم بين العباد ، كإكرام الله مريم أم عيسى عليه السلام بطعام الصيف في الشتاء وطعام الشتاء في الصيف ، وإكرام أهل الكهف بالنوم الطويل في كهفهم ، ونحو ذلك ، فليس من المحال شرعا أن يسطع نور من قبور بعض الصالحين كرامة لهم من الله ، ودلالة على صلاحهم وتقواهم ، وقد روى اللالكائي في " كرامات الأولياء " بعض حوادث الكرامات التي ظهرت في قبور بعض الصالحين، ولم يستنكرها العلماء ، ولا ردوها .

ولا شك أن شهداء أحد رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين هم من خيار أولياء الله المتقين ، وعلى رأسهم عم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بين عبد المطلب : أسد الله ، وأسد رسوله ، رضي الله عنه ، فلا يبعد أن يظهر الله تعالى لهم بعض الكرامات ، كخروج النور من قبورهم ، أو قبور بعضهم .

غير أننا لا نثبت كرامة لأحد من الناس إلا إذا كانت ثابتة بالفعل .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-17, 15:43   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :


بعض الناس يرون أن أعمال الجوارح شرط كمال للإيمان ، وليست من أركانه الأصلية ، أو بتعبير آخر : ليست شرطا في صحته ، وقد كثر اختلاف الناس حول هذه المسألة ؛ فنرجو تبيين مدى صحة هذا الكلام أثابكم الله، ونرجو تبيين منزلة عمل الجوارح من الإيمان ؟

الجواب :


الحمد لله

الذي دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه السلف الصالح أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، وأنه لا إيمان إلا بعمل ، كما أنه لا إيمان إلا بقول ، فلا يصح الإيمان إلا باجتماعهما ، وهذه مسألة معلومة عند أهل السنة ، وأما القول بأن العمل شرط كمال فهذا قد صرح به الأشاعرة ونحوهم ، ومعلوم أن مقالة الأشاعرة في الإيمان هي إحدى مقالات المرجئة .

قال الشافعي رحمه الله : " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر " انتهى نقلا عن "شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي" (5/956) ، مجموع الفتاوى (7/209).

وقال الآجري رحمه الله : " اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم: أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.

ثم اعلموا أنه لا تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا. دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين " انتهى م

ن "الشريعة" (2/611).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذه المسألة لها طرفان: أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر.
والثاني: في إثبات الكفر الباطن.

فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم ، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي لله زكاة ، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع ، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة ، لا مع إيمان صحيح " انتهى

من "مجموع الفتاوى" (7/616).

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : " لا خلاف بين الأمة أن التوحيد : لابد أن يكون بالقلب ، الذي هو العلم ؛ واللسان الذي هو القول ، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي ، فإن أخل بشيء من هذا ، لم يكن الرجل مسلما.

فإن أقر بالتوحيد ، ولم يعمل به ، فهو كافر معاند ، كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً ، وهو لا يعتقده باطناً ، فهو منافق خالصاً ، أشر من الكافر والله أعلم " انتهى

من "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (2/124).

وقال أيضا : " اعلم رحمك الله أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد وبالحب وبالبغض ، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر ، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام ، وترك الأفعال التي تكفّر ، فإذا اختل و احدة من هذه الثلاث كفر وارتد " انتهى

من "الدرر السنية" (10/87).

وكلام أهل السنة في هذه المسألة مستفيض ، ومنه ما أفتت به اللجنة الدائمة في التحذير من بعض الكتب التي تبنت مقالة أن عمل الجوارح شرط كمال للإيمان ، وصرحت اللجنة أن هذا مذهب المرجئة .

وينظر : فتاوى اللجنة الدائمة (2/127 – 139) المجموعة الثانية .

فعمل الجوارح عند أهل السنة ركن وجزء من الإيمان ، لا يصح الإيمان بدونه ، وذهابه يعني ذهاب عمل القلب ؛ لما بينهما من التلازم ، ومن ظن أنه يقوم بالقلب إيمان صحيح ، دون ما يقتضيه من عمل الجوارح ، مع العلم به والقدرة على أدائه ، فقد تصور الأمر الممتنع ، ونفى التلازم بين الظاهر والباطن ، وقال بقول المرجئة المذموم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-17, 15:45   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :


قرأت العديد من الآيات في القرآن ، وفي الحديث ، أن الله رحيم لدرجة أن رحمته تشمل كل شيء ، ويحب أن يغفر لعباده في أي وقت ، إذا تابوا ، لكنَّ شيئاً جعلني أتساءل : ما دام أن الله رحيم : فلماذا لم يغفر خطأ الشيطان ، وقد كان من عباد الله ولم يرتكب الشرك ؟

وكما قال الله في القرآن : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، فهذا يجعلني أخاف حيث إنه لم يغفر للشيطان بسبب خطئه الوحيد ، فكيف يمكن أن يغفر لنا أخطاءنا الكثيرة ؟

وكذلك أن كل واحد سيدخل الجنة ليس بعمله الصالح وإنما برحمة الله ، هذا يجعلني أبكي ، هل سيغفر الله لي ذنوبي ويريني رحمته ، ويسمح لي بدخول الجنة ، فإنه رحيم بعباده بحق . أرجو التوضيح ، وإزالة ش**** ، وأكون ممتناً لكم .


الجواب:

الحمد لله

أولاً:

هذا من أغرب الأسئلة التي وصلت لموقعنا ، ولعلَّ حداثة سنِّك – أخي السائل - هي السبب ، ونحن نشعر من رسالتك أن عندك خيراً عظيماً ، وقلباً رقيقاً ، وإحساساً مرهفاً ، ونشد على يديك لتبقى على هذا الخير ، والصدق ، والحرص على ما ينفعك .

والجواب على سؤالك وإشكالك سهل ويسير ، وهو أن إبليس لم يتب أصلاً ، ولم يستغفر ربَّه تعالى ، ولم يطلب منه الصفح والعفو ، فكيف سيغفر الله تعالى له وهو يصر على كبره ، وغروره ، ويعصي أمر ربه تعالى المباشر له ؟! .

وليس لك أن تقارن ذلك بمغفرة الله تعالى لآدم عليه السلام ؛ ذلك لأن آدم عليه السلام استغفر ربَّه من أكل الشجرة ، وندم على ما حصل منه من معصية ربه عز وجل ، قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/ 37 .

وقال تعالى – عن آدم وحواء - : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/ 23 .

وقارن هذا بتكبر إبليس وغروره بعد الأمر المباشر من رب العالمين :

قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/ 34.

وانظر ماذا قال بعد علمه بسخط الله تعالى عليه لمخالفته أمره :

قال تعالى – عنه - : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحِجر/ 39 .

وقال تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الأعراف/ 16 ، 17 .

فانظر لهذا العدو الخبيث كيف يصف ربه بأنه أغواه ، وأضلَّه ! – حاشا لله - ، وكيف أنه طلب طول العمر لا لكي يراجع نفسه ويتوب ، بل ليضل من يستطيع إضلاله من الناس ؛ لئلا يكونوا مهتدين .

قال الطبري – رحمه الله - :

وأما قوله : ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فإنه يقول : لأجلسنَّ لبني آدم ( صراطك المستقيم ) ، يعني : طريقك القويم ، وذلك دين الله الحق ، وهو الإسلام ، وشرائعه ، وإنما معنى الكلام : لأصدَّن بني آدم عن عبادتك ، وطاعتك ، ولأغوينهم كما أغويتني ، ولأضلنهم كما أضللتني .

" تفسير الطبري " ( 12 / 334 ) .

وبه يتبين لك أخي السائل :

1. أن آدم عليه السلام كانت معصيته بفعل المحظور ، وكانت معصية إبليس ترك المأمور ، وبينهما فرق شاسع ، من أوضحه :

2. أن سبب معصية آدم الشهوة ، وسبب معصية إبليس الكِبر والغرور ، وبينهما فرق عظيم ، وقد بان ذلك في نتائجهما :

3. فآدم عليه السلام تاب ، واعترف أنه ظلم نفسه ، وإبليس أبى ، واستكبر ، وتوعَّد الناس أن يُضلَّهم ، ويغويهم .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

هذه مسألة عظيمة لها شأن ، وهي أن ترك الأوامر أعظم عند الله من ارتكاب المناهي ، وذلك من وجوه عديدة : ... ( وذكر ثلاثاً وعشرين وجهاً ) .

" الفوائد " ( ص 125 – 135 ) .

والله تعالى يقبل توبة التائب حتى لو كان أشرك معه سبحانه إلهاً آخر ، بل ويبدِّل سيئاته حسنات ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68 – 70 .

فلا تقلق أخي السائل ، فرحمة الله واسعة ، والله تعالى يتقبل توبة التائب ، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 .

ولو أن إبليس اعترف بذنبه ، وتاب لربه تعالى : فلن يجد باباً مغلقاً ، وهو أعلم بربه من غيره ، ولم يكن ثمة ما يدعوه للعناد إلا كبره ، وغروره ، ورضي أن يكون قائد أهل النار من أجل هذا .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-17, 15:46   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانياً:

أما دخول الجنة برحمة الله تعالى : فهو حق لا ريب فيه ، وإنما لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله : لأنه ليس ثمة عمل يقوم به العبد – ولو عظُم – يبلغ أن يكون ثمناً لدخوله الجنة ، فسلعة الله غالية .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ ) قَالَ رَجُلٌ : وَلاَ إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( وَلاَ إِيَّايَ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا ) .

رواه البخاري ( 6098 ) ومسلم ( 2816 ) .

لكنْ للعمل فائدتان مهمتان :

الأولى : أنه يحصِّل به الرحمة التي تكون سبباً لدخول الجنة .

والثانية : أن المنازل تتفاوت في الجنة بحسب الأعمال .

قال ابن بطال – رحمه الله - :

فإن قال قائل : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدكم عمله الجنة ) يعارض قوله تعالى : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف/ 72 ، قيل : ليس كما توهمتَ ، ومعنى الحديث غير معنى الآية ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه لا يستحق أحد دخول الجنة بعمله ، وإنما يدخلها العباد برحمة الله ، وأخبر الله تعالى في الآية أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال ، ومعلوم أن درجات العباد فيها متباينة على قدر تباين أعمالهم ، فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات وانخفاضها والنعيم فيها ، ومعنى الحديث في الدخول في الجنة والخلود فيها ، فلا تعارض بين شيءٍ من ذلك .

" شرح صحيح البخاري " ( 10 / 180 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وكذلك أمر الآخرة ، ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هي سبب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) ، وقد قال تعالى : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) ، فهذه باء السبب ، أي : بسبب أعمالكم ، والذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم : باء المقابلة ، كما يقال : اشتريت هذا بهذا ، أي : ليس العمل عوضاً وثمناً كافياً في دخول الجنة ، بل لا بد من عفو الله ، وفضله ، ورحمته ، فبعفوه : يمحو السيئات ، وبرحمته : يأتي بالخيرات ، وبفضله : يضاعف البركات .

" مجموع الفتاوى " ( 8 / 70 ، 71 ) .

فلعلك علمتَ الآن أن هذا الحديث لا يدعو للقلق ، ولا لليأس ، بل هو يدفع نحو العمل ؛ لأنه بالعمل تحصِّل رحمة الله ، وبالعمل ترتفع درجاتك في الجنان .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:44   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



السؤال :

سؤالي عن مرتكب الكبيرة ، عندنا أنَّ أمره إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ... - حتى ذكر - نساء كاسيات عاريات... لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ) فسَّرها الإمام النووي رحمه الله : أنهن : إما مستحلات للفعل ، فلايدخلن الجنة أبدا . أو لا يدخلن الجنة في البداية ، ثم يدخلنها بعد أن يعذبن ، وهذا يقتضي أنهن لا بد أن يعذبن وهن من مرتكبي الكبائر ، فهل يمكن ألا يعذبن ؟

الجواب :

الحمد لله

مرتكب الكبيرة في عقيدة المسلمين على خطر عظيم ، فقد تعرض لغضب الله وعقابه ، إلا أنَّ مشيئة الله هي الحاكمة ، فقد يغفر الله له ويتجاوز عنه ، وقد يعذبه بقدر ذنبه ، إلا من بلغت معصيته حد الكفر بالله تعالى ، فإنه يستوجب حينئذ العقوبة والخلود في النار .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (11/646) - :

" عن النساء اللاتي يتعمَّمن بالعمائم الكبار ، لا يرين الجنة ، ولا يشممن رائحتها ، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) ؟

فأجاب :

قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، على رءوسهن مثل أسنمة البخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، ورجال معهم سياط مثل أذناب البقر يضربون بها عباد الله )
ومن زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح بما فيه من الوعيد الشديد فإنه جاهل ضال عن الشرع ، يستحق العقوبة التي تردعه وأمثاله من الجهال الذين يعترضون على الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والأحاديث الصحيحة في " الوعيد " كثيرة :

مثل قوله : ( من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة ، وريحها يوجد من مسيرة أربعين خريفا )

ومثل قوله الذي في الصحيح : ( لا يدخل الجنة مَن في قلبه ذرة من كبر ) .

ومثل قوله في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وفقير مختال )

وفي القرآن من آيات الوعيد ما شاء الله ، كقوله : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )

وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين ، أن " الوعيد " في الكتاب والسنة لأهل الكبائر موجود ، ولكن الوعيد الموجود في الكتاب والسنة قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب ، بقوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) أي لمن تاب .

وقال في الآية الأخرى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
فهذا في حق من لم يتب ، فالشرك لا يغفر ، وما دون الشرك إن شاء الله غفره ، وإن شاء عاقب عليه .

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا غم ، ولا حزن ، ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )

ولهذا لما نزل قوله : ( من يعمل سوءا يجز به ) ، قال أبو بكر : يا رسول الله ؛ قد جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟ فقال : يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأوى ؟ فذلك مما تجزون به .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:45   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فالمصائب في الدنيا يكفر الله بها من خطايا المؤمن ما به يكفر وكذلك الحسنات التي يفعلها . قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) فالله تعالى لا يظلم عبده شيئا كما قال : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )

فالوعيد ينتفي عنه : إما بتوبة ، وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته ، وإما بمصائب يكفر الله بها خطاياه ، وإما بغير ذلك " انتهى.

ولذلك يفسر العلماء كل آية أو حديث ظاهره خلود صاحب الكبيرة في النار بتفسيرات توافق نصوص الكتاب والسنة الأخرى .

يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/191) :

" قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ) : يتأول التأويلين السابقين فى نظائره :

أحدهما :

أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك ، مع علمها بتحريمه ، فتكون كافرة مخلدة فى النار لا تدخل الجنة أبدا .

والثانى :

يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين " انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/27) :

" السؤال : هل يجوز أن نعتقد كفر النساء الكاسيات العاريات لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) الحديث ؟

والجواب :

يكفر من اعتقد حل ذلك منهن بعد البيان والتعريف بالحكم ، ومن لم تستحل ذلك منهن ولكن خرجت كاسية عارية فهي غير كافرة ، لكنها مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويجب الإقلاع عنها ، والتوبة منها إلى الله ، عسى أن يغفر الله لها ، فإن ماتت على ذلك غير تائبة فهي تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي ؛ لقول الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) " انتهى.

وجاء فيها أيضا (17/104) :

" من استحل منهن ذلك اللباس فهن كافرات مخلدات في النار إذا متن على ذلك ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن لبسن ذلك اللباس مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من كبائر الذنوب ، لكن لا يخرجن بها من ملة الإسلام ، وهن تحت مشيئة الله : إن شاء الله غفر لهن ، وإن شاء عذبهن مما ارتكبن من السيئات ، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها إلا بعد سابقة عذاب .

وهذا مذهب أهل السنة ، وفيه جمع بين نصوص الوعد والوعيد ، .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:45   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ويقول الشيخ ابن باز – كما في "مجموع فتاوى" (6/356) - :

" أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) فهذا وعيد شديد

ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي إذا متن على الإسلام ، بل هن وغيرهن من أهل المعاصي ، كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم ، ولكنهم تحت مشيئة الله : إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم ، وإن شاء عذبهم

كما قال عز وجل في سورة النساء في موضعين : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )

من دخل النار من أهل المعاصي فإنه لا يخلد فيها خلود الكفار ، بل من يخلد منهم كالقاتل والزاني ، والقاتل نفسه لا يكون خلوده مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم من أهل البدع

لأن الأحاديث الصحيحة قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل المعاصي من أمته

وأن الله عز وجل يقبلها منه صلى الله عليه وسلم عدة مرات ، في كل مرة يحد له حدا فيخرجهم من النار ، وهكذا بقية الرسل والمؤمنون والملائكة والأفراط ، كلهم يشفعون بإذنه سبحانه ، ويشفعهم عز وجل فيمن يشاء من أهل التوحيد الذين دخلوا النار بمعاصيهم وهم مسلمون ، ويبقى في النار بقية من أهل المعاصي لا تشملهم شفاعة الشفعاء ، فيخرجهم الله سبحانه برحمته وإحسانه ، ولا يبقى في النار إلا الكفار فيخلدون فيها أبد الآباد

كما قال عز وجل في حق الكفرة : ( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا )

وقال تعالى : ( فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا )

وقال سبحانه في الكفرة من عباد الأوثان : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، نسأل الله العافية والسلامة من حالهم " انتهى.

فالحاصل أن المرأة المتبرجة مع تعرضها للعقاب الأليم عند الله عز وجل ، إلا أنها تحت مشيئة الله تعالى ، قد يغفر لها فلا يعذبها ، وقد يعذبها العذاب الشديد ، مع أنه لا بد أن يدخل النار من يدخلها من عصاة المؤمنين ، كما تواترت بذلك الأحاديث .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:47   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل يقبل الله أعمال الزناة أم يجعلها هباءً منثورًا ، وهل الزنا يحبط العمل

هل للزاني المُصر على الزنا حسنات عند ربه ، أم أن حسناته لا ترفع حتى يتوب إلى الله ، هل يقبل الله صيام وزكاة وصلاة الزاني ، علما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث : ( تفتح أبواب السماء نصف الليل ، فينادي منادٍ :

هل من داع فيستجاب له ، هل من سائل فيعطى

هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له ، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشَّارا ) وفي الحديث السابق ... فيجعلها الله هباء منثورا ... إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ؟ أرجو منكم التوضيح ، وهل ما ذهبت إليه صحيح .


الجواب :

الحمد لله


من الثوابت التي يقررها القرآن الكريم ، ويتفق عليها أهل السنة ، أن المعاصي والكبائر لا تحبط حسنات المسلم جميعها ، وأنه ليس ثمة ما يحبط عمل المسلم بالكلية إلا الكفر والشرك .

دل عليه قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – كما في "مجموع الفتاوى" (10/321-322) :

" وأما الصحابة وأهل السنة والجماعة فعلى أن أهل الكبائر يخرجون من النار ، ويشفع فيهم ، وأن الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات ؛ ولكن قد يحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة ، ولا يحبط جميع الحسنات إلا الكفر ، كما لا يحبط جميع السيئات إلا التوبة ، فصاحب الكبيرة إذا أتى بحسنات يبتغي بها رضا الله أثابه الله على ذلك وإن كان مستحقا للعقوبة على كبيرته . وكتاب الله عز وجل يفرق بين حكم السارق والزاني وقتال المؤمنين بعضهم بعضا ، وبين حكم الكفار في " الأسماء والأحكام " ، والسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة يدل على ذلك ، وعند أهل السنة والجماعة يُتقبل العمل ممن اتقى الله فيه فعمله خالصا لله موافقا لأمر الله ، فمن اتقاه في عمل تقبله منه وإن كان عاصيا في غيره ، ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه وإن كان مطيعا في غيره " انتهى باختصار .

والحديث المذكور في السؤال ، وهو حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا .

قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ .

قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ).

رواه ابن ماجه في سننه (رقم/4245) ، والروياني في "المسند" (1/425) ، والطبراني
في "الأوسط" (5/46) و"الصغير" (1/396) و"مسند الشاميين" (رقم/667) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (7715) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (505) .

وهو من الأدلة على الأصل الذي ذكرناه ، من أن بعض السيئات قد تحبط قدرا من حسنات المرء ، وأجر علمه الصالح .

وأما الحديث الثاني الذي ذكرته ، فهو حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ : هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى ؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ ؟ فَلا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ إِلا زَانِيَةٌ تَسْعَى بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٌ ).

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (9/59) ، وفي "المعجم الأوسط" (3/154) وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/156) : رجاله رجال الصحيح . وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1073) : إسناده صحيح .

على أن هذا ليس فيه حبوط عمله ، ولكن فيه : عدم قبول دعاء الزاني المصر على زناه ، وهذا معنى صحيح ، فإن الكبائر من موانع قبول الدعاء ، وكيف يستجيب الله عز وجل لمن هو باق على المعصية لا ينزع عنها ولا يتوب منها !

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:48   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

انتشرت في الآونة الأخيرة عبر المواقع والمنتديات مواضيع تحتوي على صور وملفات صوت وفيديو تعبر عن معجزات .. كخروج نافورة من الرمال في الصحراء ، وظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز .. وسحابة ترسم لفظ الجلالة

والفتاة التي تحولت إلى حيوان .. ومعظم هذه الأشياء تكون غير صحيحة وملفقة .. وهذه الأشياء منتشرة جدا . فما هو الحكم في مثل هذه الأشياء ؟

الجواب :

الحمد لله

آيات الله في هذا الكون كثيرة ، فكل ذرة فيه تشهد له سبحانه بالعظمة والجلال ، وتنطق له بالوحدانية .

قال الله عز وجل : (حم . تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية/1-6

وهكذا جاءت دعوة التأمل والتدبر في عشرات الآيات في القرآن الكريم ، تحث على النظر في آيات الكون الظاهرة للعيان ، لتتفكر فيها فترجع منها باليقين بالخالق ، وبالإيمان بوحدانيته سبحانه .

والسمة المشتركة بين هذه الآيات هي الظهور للعموم ، فالسماء والأرض والجبال والشمس والقمر والأنعام والمطر والنفس وغيرها ، كلها آيات يشترك في رؤيتِها ومعرفتِها جميعُ البشر ، ويتمكن كل إنسان من إدراك عظمتها ودلالتها على الرب الخلاَّق ، وإن كان فيها للعالِم مِن الأسرار التي يختص بها دون العامي ، ولكنها باديةٌ للجميع ، يستخرج منها كلٌّ بِحَسَبِهِ .

أما ما ينتشر اليوم من حديث عن " معجزات الطبيعة " ومنها الأمثلة التي ذكرها السائل ، فمن حيث قدرة الله تعالى ، فإن الله على كل شيء قدير ، كظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز أو على بيضة ، أو مسخ بعض الناس .

بل نؤمن بأن المسخ سيقع ، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . فقد روى الترمذي (2212) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .

هذا بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، وأما بالنظر إلى وقوع هذه " المعجزات " ! فإن أكثر ما ينتشر اليوم منها لا حظَّ له من التوثيق والتوكيد ، وأغلب ما يتناقله الناس منها إنما هي أحاديث مجالس ، وصور منتديات ، لا يُدرَى مصدرُها ولا منشؤُها .

أفبمثل هذه الحكايات يحتج المسلم على صحة دينه وعقيدته ؟!

وهل نقصت عنه أدلة الفطرة واليقين كي يلجأ إلى تلك الإشاعات ؟!

والموقف الصحيح من هذه الأخبار ، هو التوقف فيها ، فلا نصدقها ، لاحتمال أنها كذب ، ولا نكذبها ، لاحتمال أنها صدق ، ما لم يكن عندنا دليل واضح على صدقها أو كذبها فنجزم به حينئذٍ .

فينبغي على المسلم العاقل – الذي يعي ضوابط التلقي والاستدلال – التأني في الإيمان بها والتصديق لها ، فضلا عن نشرها ودعوة الناس إلى التسبيح بعجبها .

غير أن الذي وقع خلاف ذلك ، حيث انساق كثيرون وراء هذه " الحكايات " ، فراحوا ينشرونها ويتحدثون بها في المجالس ، ويتناقلونها في جوالاتهم ورسائلهم ، ثم يفاجؤون بعد أيام أنها كذب مصنوع مختلق ، نشره بعض المتحمِّسين للدين - جهلا وسذاجة - ، أو بعضُ الملحدين الحاقدين - استهزاءً وسخرية - ، مما كان السببَ في فتنة الكثيرين ، والله المستعان.

فالذي ننكره هو التسرع في إثباتها ، وإلباسها لَبوس الإعجاز والتحدي ، ودعوة الناس إليها ، واتخاذها شكل الظاهرة المتفشية التي لا حدود لها ، فكل يوم يحمل منها قصة جديدة وحكاية.

حتى وصل الحال إلى صور من السخافة التي يترفع عن تصديقها العقل السليم ، ترى ذلك في حكاية " صوت زئير الأسد " الذي يسمع فيه بعضهم - شططا وتكلفا - صوت لفظ الجلالة .

وأشنع من ذلك وأسوأ : ما بلغ في بعض البلاد من التبرك والتمسح والاستشفاء بشجرة ظهر على جذعها لفظ الجلالة ، ثم تبين بالبحث أنه منحوت بفعل فاعل يريد إضلال الناس .

فعلى المسلمين التوقف عن ترويج مثل هذه الشائعات ، التي قد تكون سبباً لإضلال الناس .

ونسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:50   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

أخ اعتنق الإسلام بعد عامين تقريبا لكنه لم يذكر هل نطق الشهادتين وهو يصلي ويصوم ويجتهد في الدين قدر المستطاع .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

نحمد الله تعالى أن هدى أخانا هذا إلى الإسلام، ونسأله سبحانه أن يثبته ويقوي إيمانه ويزيد في طاعاته .

ثانيا :

كون هذا الأخ يشك في نطقه بالشهادتين بعد سنتين من صلاته وصيامه واجتهاده في الدين قدر المستطاع ، لا شك أن هذا من وساوس الشيطان يريد بذلك أن يحزنه ويوقعه في الضيق والحرج ، فإن المقطوع به أن هذا الأخ قد كرر الشهادتين خلال هذه المدة الطويلة مرات ومرات ، ألم يردد الأذان خلف المؤذن طول هذه المدة ، أو لم يقل يوما ما : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، أليس يصلي ؟ وهو يقول في تشهده في الصلاة : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " .

ثم مجرد صلاته تعتبر دخولاً في الإسلام ، ولذلك قال العلماء عن الكافر : " إنه إن صلى فمسلم حكماً " ، أي يحكم له بالإسلام وإن لم يتلفظ بالشهادتين .

انظر : "الشرح الممتع" (2/12) ، و "الموسوعة الفقهية" (4/272) .

ويدل على ذلك ما روه البخاري (391) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا ، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا ، فَذَلِكَ الْمُسْلِم ) .

وينبغي الحذر من الوسوسة، التي تصيب بعض الناس، فيبقى في حيرة من أمره، هل قال كذا أو لم يقل ؟ هل فعل أو لم يفعل ؟

لأن الوسوسة مرض ، وعلاجها بالذكر ، وعدم الالتفات إليها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:51   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها ، وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر ، ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .

دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54

قال ابن تيمية رحمه الله :

" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة ، ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة " انتهى .

"الصارم المسلول" (ص/55)

وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:51   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثانيا :

لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر ، فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :

" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟

فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .

القول الأول :

أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى "الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :

" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .

القول الثاني :

أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة .

انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)

وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ، وقال في مدارج السالكين (1/278) :

" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه ، فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .

قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :

بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ ، وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .

قال الإمام ابن رجب رحمه الله :

وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.

قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا ، والله عز وجل يقول { لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلى قوله { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } .

ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } الآية [ البقرة : 264 ]، وقال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب } الآية [ البقرة : 266] .

وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال عمر : لأي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .

وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [ رواه البخاري (553)] .

وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [ مسلم (2621)] .

وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [ رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .

وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح ، فأنزل الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } [ محمد : 33 ] فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .

وبإسناده ، عن الحسن في قوله { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال الكبائر .

وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...

قال ابن رجب رحمه الله : والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..

وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة . وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .

وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار . وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك . [ شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .

قال ابن القيم رحمه الله :

" ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه "

[ الوابل الصيب (18) ] .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:52   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

ما هي أسباب نقصان الإيمان ؟.


الجواب :

الحمد لله

أسباب نقصان الإيمان كالتالي :

السبب الأول :

الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه .

السبب الثاني :

الإعراض عن التفكير في آيات الله الكونية والشرعية , فإن هذا يسبب نقص الإيمان , أو على الأقل ركوده وعدم نموه.

السبب الثالث :

فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) . الحديث.

السبب الرابع :

ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان , لكن إن كانت الطاعة واجبة وتركها بلا عذر فهو نقص يلام عليه ويعاقب , وإن كانت الطاعة غير واجبة , أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه , ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم النساء ناقصات عقل ودين وعلل نقصان دينها بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم , مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض بل هي مأمورة بذلك لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل صارت ناقصة عنه من هذا الوجه .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 52.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 15:54   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

كيف نجمع بين أن الإيمان هو (الإيمان بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الإيمان بضع وسبعون شعبة ...إلخ) ؟.


الجواب :

الحمد لله

الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل - عليه الصلاة والسلام - حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه .

وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شعبة , ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً في قوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) البقرة/143.

قال المفسرون :

إيمانكم يعني صلاتكم إلى بيت المقدس ، لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة كانوا يصلون إلى المسجد الأقصى .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 54 .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 15:49   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



السؤال :

لقد قال لي شيخي مرةً أن معنى لا إله إلا الله هو، لا: (لا أحد قادر على)، إله: (تلبية الحاجات)، إلا الله: (غير الله). ولكن الكثيرين غيره يقولون بأن معناها الحقيقي هو: لا معبود بحق سوى الله. وأنا أثق جدا في تعليمه.

إنه يشرح قائلا: أولا، لدينا الحاجة إلى أن نكون أحياء. فإن لم تكن (ربما يقصد "الحاجة") لله، فمن ذا يستطيع تلبية هذه الحاجة غيره؟

وقد قال أيضا، بأنه إذا إستطاع الإنسان العيش بلا إله إلا الله، فإن هذا الإنسان يكون صوفيا. وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية. فما هو رأيكم ؟.


الجواب :

الحمد لله

أما بعد فقد قال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) .

ففي هذه الآية الكريمة دلالة على فقر العباد إلى ربهم في جميع أمورهم ، في وجودهم وبقائهم ، وفي منافعهم وسلامتهم من كل مكروه .

فالله هو الواهب لذلك كله ، قال تعالى : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) .

وهو سبحانه وتعالى غنيٌ عن عباده له الملك كله وله الحمد كله ، لا يبلغ العباد نفعه ولا ضره ، لو آمنوا كلهم ما زادوا في ملكه شيئا ، ولو كفروا كلهم ما نقصوا من ملكه شيئا . وهو رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه ، كل معبود سواه باطل . فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ، هذا هو الصواب في معناها وليس معناها لا خالق إلا الله ، أو لا قادر على قضاء الحوائج إلا الله ، بل هذا كله من معناها ، فالإله الحق هو الخالق لكل شيء والقادر على كل شيء .

فقول هذا الشيخ أن معنى لا إله إلا الله : (هو لا أحد يقدر على قضاء الحاجات إلا الله ) إن أراد أن هذا من معناها فهو صحيح ، وإن أراد أن هذا هو المقصود منها فباطل

فإنه لو كان المقصود منها ما قاله هذا الشيخ لما امتنع المشركون الأولون أن يقولوها حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ؟ لأنهم يقرّون أنه لا خالق إلا الله ، ولكنهم كانوا يفهمون المعنى المقصود منها وهو لا معبود بحق إلا الله .

فالله هو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل وهذا يقتضي بطلان آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله ، قال تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) .

فلما كان المشركون يعلمون معناها وأنها تقتضي بطلان معبوداتهم امتنعوا أن يقولوها وتواصوا بالصبر على آلهتهم كما قال تعالى : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد ) .

وبهذا تعلم أن قول الكثيرين المخالفين لشيخك في معنى لا إله إلا الله هو الصواب .

وقول شيخك ( أن لدينا الحاجة إلى الله ...... إلى قوله هذه الحاجة غيره ) معناه ان الله وحده هو الذي يَمدّنا بالحياة وهذا حق ، ولكن ليس هو معنى لا إله إلا الله ، بل معناها لا معبود بحق إلا الله كما تقدّم .

والإله الحق هو المستحق للعبادة وهو الذي يحيي ويميت ، وهو الله تعالى .

وقول شيخك ( إذا استطاع الإنسان ..........إلى قوله وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية ) إن أراد أنه يستغني عن الطعام والشراب دائما فهو قول باطل فإنه لا أحد من الناس يستغني دائما عن الطعام والشراب ولا الأنبياء فضلا عمّن سواهم ، وزعمه أن الصوفي يستطيع العيش بلا طعام أو شراب ، وأنّ ذكره لله يُغنيه عن ذلك دائما فهو باطل ومن ادعى ذلك منهم فهو كذاب ، فلا تغتر أيها السائل بهذا الشيخ ، فهو إما جاهل ضال وإما كذاب دجال ، فاحذر منه ومن أمثاله .

نسأل الله لك الهداية والتوفيق .

الشيخ عبد الرحمن البراك .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة شاملة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc