|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-01-22, 16:53 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
المنهج العلمي
أرجوكم أريد بحث حول المنهج العلمي في أقرب وقت ممكن.
|
||||
2010-01-28, 05:51 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
المنهج "Method " لفظة مشتقة من كلمة يونانية، بمعنى البحث أو النظر أو المعرفة، ويرجع أصلها الاشتقاقي إلى معنى الطريق المؤدي إلى الغرض المطلوب. ويعتبر "منهج البحث العلمي" علمًا قائما بذاته يسمى "علم مناهج البحث" "Methodology" أو علم المناهج اختصارا، ويمثل أهم جوانب العلم والمعرفة العـلمية(2). |
|||
2010-01-28, 05:54 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
المنهج العلمي وتقنيات البحث في العلوم الاجتماعية
https://knol.google.com/k/%D8%A7%D9%8...B9%D9%8A%D8%A9# :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::: المنهج العلمي Scientific method المنهج العلمي Scientific method عبارة عن مجموعة من التقنيات و الطرق المصممة لفحص الظواهر و المعارف المكتشفة أو المرافبة حديثا ، او لتصحيح و تكميل معلومات أو نظريات قديمة . تستند هذه الطرق أساسا على تجميع تأكيدات رصدية و تجريبي و مقيس (قابل للقياس) تخضع لمباديء الاستنتاج . مع أن طبيعة و طرق المنهج العلمي تحتلف حسب العلم المعني فغن هناك صفات و مميزات مميزة تميز البحث و التقصي inquiry العلمي عن غيره من أساليب التقصي و تطوير المعارف . عادة يضع الباحث العلمي فرضية hypothesis أو مجموعة فرضيات كتفسير للظاهرة الطبيعية التي يدرسها و يقوم بتصميم بحث علمي research تجريبي لفحص الفرضيات التي وضعها عن طريق فحص تنبؤاتها و دقتها . لنظريات التي تم فحصها و تقصيها ضمن مجال واسع و عدد كبير من التجارب غالبا ما تكون نتيجة جمع عدة فرضيات متكاملة و متماسكة تشكل إطارا تفسيريا شاملا لمجال فيزيائي كامل . ضمن هذه النظريات أيضا يمكن أن تتشكل فرضيات جديدة يتم فحصها . |
|||
2010-01-28, 05:55 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
البحث العلمي وأهميته في ميادين العلوم 0- بقلم الدكتور / زاهــر زكــار _________________________يعيش العالم اليوم في حالة سباق محموم لاكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تقود إلى التقدم والرقي والازدهار،فالمعرفة العلمية-بلا شك-تمثل مفتاحاً للنجاح والتطور نحو الأفضل،حيث تعتبر المعرفة ضرورية للإنسان،لأن معرفة الحقائق تساعده على فهم المسائل والقضايا التي تواجه في حياته العملية،إذ بفضل المعلومات التي يحصل عليها الإنسان يستطيع أن يتعلم كيف يتخطى العقبات التي تحول دون بلوغه الأهداف المنشودة،ويعرف كيف يسطر الاستراتيجيات التي تتيح له القدرة على تدارك الأخطاء واتخاذ إجراءات جديدة تمكنه من تحقيق أمانيه في الحياة،وهو يستطيع غير ذلك أن يحقق ما يرغب فيه مستعيناً بذكائه ومعرفته للكشف على العديد من الظواهر التي يجهلها. ويحتل البحث العلمي في الوهن الراهن،مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية وتطورها،من خلال مساهمة الباحثين بإضافتهم المبتكرة في رصيد المعرفة الإنسانية،حيث تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه. ونظراً لأن البحث العلمي يعد من أهم وأعقد أوجه النشاط الفكري،فإن الجامعات تبذل جهوداً جبارة في تدريب الطلاب على إتقانه أثناء دراستهم الجامعية لتمكنهم من اكتساب مهارات بحثية تجعلهم قادرين على إضافة معرفة جديدة إلى رصيد الفكر الإنساني،كما تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطلاب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم،يبرهن على قدرة الطالب على إتباع الأساليب الصحيحة للبحث وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية. مفهوم المعرفة: تعني كلمة"معرفة"Knowledge ،الإحاطة بالشيء،أي العلم به،والمعرفة هي أشمل وأوسع من العلم،ذلك أن المعرفة تشمل كل الرصيد الواسع والهائل من المعارف والعلوم والمعلومات التي استطاع الإنسان-باعتباره كائن ومخلوق يفكر ويتمتع بالعقل-أن يجمعه عبر مراحل التاريخ الإنساني الطويل بحواسه وفكره وعقله(1 ) ولا شك أن المعرفة ضرورية للإنسان،لأن معرفة الحقائق تساعده على فهم القضايا التي تواجهه في حياته،وبفضل المعلومات التي يحصل عليها يستطيع (الإنسان) أن يتعلم كيف يجتاز العقبات التي تحول دون بلوغه الغايات التي ينشدها،وتساعده أيضاً على تدارك الأخطاء،واتخاذ الإجراءات الملائمة التي تمكنه من تحقيق أمانيه في الحياة(2 ) ولا يخفى أن جميع أنواع المعرفة ليست على مستوى واحد،فهي تختلف باختلاف ما تتميز به من دقة ومن أساليب للتفكير وقواعد المنهج المتبع للوصول إليها،وهو ما يعني بوضوح،أنه ليست كل معرفة تكون بالضرورة علمية،فالمعرفة العلمية تختلف عن المعرفة العادية في أنها بلغت درجة عالية من الصدق والثبات،وأمكن التحقق منها والتدليل عليها(3) والمعرفة العادية هي علم،أما المعرفة العلمية هي التي يتم تحقيقها بالبحث والتمحيص،ويعتبر "العلم"معرفة مصنفة تنسق في نظام فكري(system of thiught )له مفاهيمه ومقاييسه الخاصة من مبادئ وقوانين ونظريات. تصنيف المعرفة : يتضح مما سبق أن المعرفة أوسع واشمل من العلم،فالأخير يقوم على الدراسة وتحليل الظواهر،فهو ذلك الفرع من الدراسة الذي يلتزم بكيان مترابط من الحقائق الثابتة المصنفة، التي تحكمها قوانين عامة،تحتوي على طرق ومناهج ثابتة متفق عليها، لاكتشاف الحقائق الجديدة في نطاق هذه الدراسة(4).وعليه فإن الهدف الرئيسي للعلم هو التعبير عن العلاقات القائمة بين الظواهر التي يدرسها الإنسان من أجل التعرف على جوهرها وطبيعتها،إلا أن طرق الحصول على المعرفة تختلف من موضوع لآخر. وتصنف المعرفة إلى ثلاثة أنواع رئيسيةهي : أ-المعرفة الحسية:وهي التي يكتسبها الإنسان عن طريق اللمس والاستماع والمشاهدة المباشرة،وهذا النوع من المعرفة بسيط،باعتبار أن أدلة الإقناع متوافرة(ملموسة)أو ثابتة في ذهن الإنسان. ب-المعرفة التأملية(الفلسفية):وهذا النوع من المعرفة يتطلب النضج الفكري،والتعمق في دراسة الظواهر الموجودة،حيث أن مستوى تحليل الأحداث والمسائل المدروسة يوجب الإلمام بقوانين وقواعد علمية لاستنباط الحقائق عن طريق البحث والتمحيص،ولكن في العادة لا يحصل الباحث على أدلة قاطعة وملموسة تثبت حججه،ولكنه يقدم البراهين عن طريق استعمال المنطق والتحليل،ويثبت أن النتائج التي توصل إليها تعبر عن الحقيقة والمعرفة الصحيحة للقضية أو المسألة. ج-المعرفة العلمية(التجريبية):وهذا النوع من المعرفة يقوم على أساس"الملاحظة المنظمة للظواهر"وعلى أساس وضع الفرضيات العلمية الملائمة والتحقق منها عن طريق التجربة وجمع البيانات وتحليلها(5) مفهوم العلم : تعني كلمة العلم (Science)لغوياً،إدراك الشيء بحقيقته،وهو اليقين والمعرفة،والعلم يعني اصطلاحاً،مجموعة الحقائق والوقائع والنظريات،ومناهج البحث التي تزخر بها المؤلفات العلمية(6).كما يعرف "العلم"بأنه"نسق المعارف العلمية المتراكمة..أو هو مجموعة المبادئ والقواعد التي تشرح بعض الظواهر والعلاقات القائمة بينها.." (7) وظـائف العـلم : يضطلع العلم بوظيفة أساسية تتمثل في اكتشاف النظام السائد في هذا الكون،وفهم قوانين الطبيعة والحصول على الطرق اللازمة للسيطرة على قوى الطبيعة والتحكم فيها،وذلك عن طريق زيادة قدرة الإنسان على تفسير الأحداث والظواهر والتنبؤ بها وضبطها(8 ) وتنحصر وظائف العلم في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي(9) : أ-الاكتشاف والتعبير:وتتمثل هذه الوظيفة للعلم في اكتشاف القوانين العلمية العامة والشاملة للظواهر والأحداث المتشابهة والمترابطة والمتناسقة عن طريق ملاحظة ورصد الأحداث والظواهر وتصنيفها وتحليلها عن طريق وضع الفرضيات العلمية المختلفة،وإجراء عمليات التجريب العلمي للوصول إلى قوانين علمية موضوعية عامة وشاملة تفسر هذا النوع والوقائع والأحداث. ب-التنبؤ العلمي:بمعنى أن العلم يساعد على التنبؤ الصحيح لسير الأحداث والظواهر الطبيعية وغير الطبيعية المنظمة بالقوانين العلمية المكتشفة،مثل التوقع والتنبؤ بموعد الكسوف والخسوف،وبمستقبل حالة الطقس،وبمستقبل تقلبات الرأي العام سياسياً واجتماعياً إلى غير ذلك من الحالات والأمور التي يمكن التنبؤ العلمي بمستقبلها وذلك بغرض أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة ذلك. ولا يقصد بالتنبؤ هنا،التخمين أو التكهن بمعرفة المستقبل،ولكن المقصود هو القدرة على توقع ما قد يحدث إذا سارت الظروف سيراً معيناً،مع التذكير بأن التنبؤات العلمية ليست على نفس الدقة في جميع مجالات العلم،ففي العلوم الطبيعية،تكون أكثر دقة منها في مجالات العلوم السلوكية،ومجالات المعرفة الاجتماعية. ج-الضبط والتحكم:يساهم العلم والبحث العلمي في عملية الضبط والتحكم في الظواهر والأحداث والوقائع والأمور والسيطرة عليها وتوجيهها التوجيه المطلوب،واستغلال النتائج لخدمة الإنسانية،وبذلك تمكن الإنسان بفضل العلم من التحكم والضبط(مثلاً)في مسار الأنهار الكبرى،ومياه البحار والمحيطات،والتحكم في الجاذبية الأرضية واستغلال ذلك لخدمة البشرية،كما أصبح اليوم بفضل العلم،التحكم في الأمراض والسلوكيات البشرية وضبطها وتوجيهها نحو الخير،وكذلك التحكم في الفضاء الخارجي واستغلاله لخدمة الإنسانية جمعاء. مفهوم المنهجية العلمية : المنهجية العلمية نسقاً من القواعد والإجراءات التي يعتمد عليها طريق البحث،وهذا النسق لا هو بالمغلق ولا هو بالمنزه عن الخطأ،حيث يتم إدخال التحسينات بصورة دائمة على القواعد والإجراءات،ويقوم العلماء بالبحث عن المناهج والأساليب الفنية الجديدة للمشاهدة والاستدلال والتعميم والتحليل،وبمجرد تطور الأشياء وتثبيت تطابقها مع الفرضيات الواردة بالمدخل العلمي،يتم إدماجها في نسق القواعد التي تكون أسلوب المنهجية العلمية،فالمنهجية هي أولاً وقبل كل شيء تقوم بتصحيح نفسها،والعلم لا يتقيد بالموضوع الذي يدور حوله،ولكنه يتقيد بمنهجيته،والأمر الذي يجعل المدخل العلمي في وضع منفصل،هو الفرضيات العلمية التي يقوم عليها،والمنهجية التي يأخذ منها. أسلوب التفكير العلمي في البحث : التفكير العلمي(reflective thinking )هو إطار فكري علمي ينتج عن تنظيم عقلي معين،يقوم على عدد من المراحل التي يسترشد بها الباحث أو الطالب في دراسته،والأسلوب العلمي يتميز بالدقة والموضوعية،وباختيار الحقائق اختياراً يزيل عنها كل شك محتمل،ولا يجب أن يغيب عن الذهن،أن الحقائق العلمية ليست ثابتة بل هي حقائق بلغت درجة عالية من الصدق،وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى قضية منهجية يختلف فيها الباحث في الجوانب النظرية عن الباحث التطبيقي،فالأول لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول،وتصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة،أما الآخر(التطبيقي) فيكتفي بأقصى درجات الاحتمال،فإذا وازن بين نتائجه يأخذ أكثرها احتمالاً للصدق(10) ويعتمد الأسلوب العلمي بالأساس على الاستقراء الذي يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي،حيث يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين في حين أن الاستنباط،يبدأ بقضايا عامة ليتوصل منها إلى الحقائق الجزئية،غير أن ذلك لا يعني أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي،ولكنه حين يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها،أي أنه يستعمل التفسير المنطقي الذي يتمثل في تفسير ظاهرة خاصة من نظرية أو قانون،كما يستخدم الطريقة الاستنتاجية التي تتمثل،في استخلاص قانون أو نظرية أو ظاهرة عامة من مجموعة ظواهر خاصة. ويتضمن الأسلوب العلمي عمليتين مترابطتين(الملاحظة،الوصف)حيث أنه إذا كان العلم يرمي إلى التعبير عن العلاقات القائمة بين الظواهر المختلفة،فهذا التعبير هو في الأساس وصفي،وإذا كان هذا التعبير يمثل الوقائع المتعلقة بالظاهرة فإنه يعتمد على الملاحظة،ويختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي من حيث أنه لا يعتمد على البلاغة اللغوية وإنما هو بالأساس وصف كمي،ذلك أن الباحث حينما يقيس النواحي المختلفة في ظاهرة أو أكثر،فإن هذا القياس ليس إلا وصفاً كمياً،يعتمد على الوسائل الإحصائية في اختزال مجموعة كبيرة من البيانات إلى مجموعة صغيرة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية. أما الملاحظة العلمية،فهي تستعين بالمقاييس المختلفة،وتقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيباً معيناً بحيث يمكن ملاحظتها بطريقة موضوعية،وتتميز الملاحظة العلمية في أنها يمكن تكرارها،مما يكون لها أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية،فهو يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته،كما أن التكرار ضروري للتأكد من صحة الملاحظة، فقد يخطئ الباحث نتيجة الصدفة أو لتدخل العوامل الذاتية،مثل الأخطاء الناجمة عن الاختلاف في دقة الحواس،والصفات الشخصية للباحث،كالمثابرة وقوة الملاحظة..الخ. مفهوم البحث العلمي : هناك عدد من التعريفات في إطار البحث عن تحديد مفهوم البحث العلمي نوردها فيما يلي،كما جاءت تاركين للقارئ حرية الاختيار للتعريف الذي يرى فيه الدقة والموضوعية. وإذا حاولنا تحليل مصطلح البحث العلمي"نجد أنه يتكون من كلمتين" البحث "و" العلمي" ،" البحث " لغوياً يقصد بها" الطلب " أو" التفتيش" أو التقصي عن حقيقة من الحقائق أو أمر من الأمور.
أما كلمة"العلمي"فهي كلمة تنسب إلى العلم،والعلم معناه المعرفة والدراية وإدراك الحقائق، والعلم يعني أيضاً الإحاطة والإلمام بالحقائق،وكل ما يتصل بها،ووفقاً لهذا التحليل،فإن"البحث العلمي"هو عملية تقصي منظمة بإتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية بغرض التأكد من صحتها وتعديلها أو إضافة الجديد وهناك تعريف يقول أن البحث العلمي"هو وسيلة للاستعلام والاستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح المعلومات الموجودة فعلاً،على أن يتبع في هذا الفحص والاستعلام الدقيق، خطوات المنهج العلمي،واختيار الطريقة والأدوات اللازمة للبحث وجمع البيانات"والمعلومات الواردة في العرض بحجج وأدلة وبراهين ومصادر كافية.(12) وكذلك التعريف القائل:أن البحث العلمي هو عرض مفصل أو دراسة متعمقة تمثل كشفاً لحقيقة جديدة أو التأكيد على حقيقة قديمة سبق بحثها،وإضافة شيء جديد لها،أو حل لمشكلة كان قد تعهد بها شخص باحث بتقصيها وكشفها وحلها(13) وكذلك هناك التعريف الذي مفاده:أن البحث العلمي هو نشاط علمي منظم،وطريقة في التفكير واستقصاء دقيق يهدف إلى اكتشاف الحقائق معتمداً على مناهج موضوعية من أجل معرفة الترابط بين هذه الحقائق واستخلاص المبادئ العامة والقوانين التفسيرية(14). ويستنج من ذلك أن البحث العلمي يثير الوعي ويوجه الأنظار إلى المشكلة المراد دراستها أو معالجتها بحثياً،وباختصار يمكن القول أن البحث العلمي،هو مجموع الطرق الموصلة إلى المعرفة الحقيقية وفي العادة يطلق اسم الباحث"على الشخص الذي يبحث عن الحقيقة العلمية،ويعتمد البحث العلمي على مناهج متعددة. تعريف مفهوم المنهج : يعتبر منهج البحث في جميع حقول المعرفة واحد،والهدف هو التوفيق بين النشاط الذاتي المبدع،والمعلومات الأولية والوسائل التي تظهر في سياق البحث،على أن فضائل البحث عامة،فهي فضائل متصلة بالتكوين السليم للإنسان،ومن ثم بالإنسانية جمعاء.والمنهج العلمي هو الدراسة الفكرية الواعية للمناهج المختلفة التي تطبق في مختلف العلوم وفقاً لاختلاف موضوعات هذه العلوم،وهي قسم من أقسام المنطق،والمنهج هو خطوات منظمة يتبعها الباحث أو الدارس في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها إلى أن يصل إلى نتيجة معينة،وبهذا يكون في مأمن من أن تحسب صواباً أو العكس(15) ويلعب منهج البحث دوراً أساسيا في تدوين معلومات البحث،فهو يلزم الباحث على عدم إبداء رأيه الشخصي دون تعزيزه بآراء لها قيمتها،والتقيد بإخضاع أي رأي للنقاش مهما كانت درجة الثقة به،إذ لا توجد حقيقة راهنة بذاتها،وضرورة تقيد الباحث بالدقة في الاعتماد على الروايات والاقتباسات أو التواريخ غير الواضحة أو غير الدقيقة،وكذلك ضرورة الدقة في شرح المدلولات التي يسوقها الباحث،وباختصار ينبغي، أن يتحلى الباحث بالصبر على ما قـد يبعثه البحث أحياناً،في النفس من شعور بالغربة والوحشة،وما قد يعنيه من وحدة وانعزال وتأمل. مراحل عمليةالبحث: لا شك أن المعرفة العلمية هي معرفة يمكن إثباتها عن طريق كل من العقل والتجربة(الملاحظة)،كما أن الصلاحية المنطقية ووسيلة التحقق التجريبية هما المعياران اللذان يستخدمهما العلماء لتقويم المسعى في سبيل المعرفة،وهذان المعياران يترجمان في أنشطة البحث التي يقوم بها العلماء من خلال عملية البحث،ومن هنا يمكن النظر إلى عملية البحث على أنها المخطط الشامل للأنشطة العلمية التي ينشغل فيها العلماء لتحقيق المعرفة،فهي النموذج المثالي للاستقصاء العلمي،بحيث تتكون عملية البحث من سبع مراحل أساسية هي:المشكلة،الفرض النظري،تصميم البحث،القياس،تجميع البيانات،تحليل البيانات ثم التعميم،وكل مرحلة من هذه المراحل تتبادل العلاقة مع النظرية(أي النتيجة)بمعنى أنها تتأثر بها وتؤثر فيها. وبإيجاز يمكن القول،أن العلم يتقيد بمنهجيته وليس بموضوعه،وما يضع المدخل العلمي في وضع يختلف عن الأساليب الأخرى المستخدمة لاكتساب المعرفة هي الفرضيات التي يقوم عليها وكذلك منهجيته.والفرضيات التي يقوم عليها،ومنهجية المدخل العلمي تخدم ثلاثة أغراض هي،وضع قوانين وقواعد للاتصال،ووضع قواعد للتفكير العقلي المنطقي والصحيح،وضع قواعد للذاتية الداخلية. الأسلوب العلمي..وأهميته في البحث: تسعى العلوم جميعها إلى تحقيق أهداف العلم الثلاثة،التفسير،التنبؤ،والضبط،بتبني الأسلوب العلمي الذي يتميز بالدقة والموضوعية،وباختبار الحقائق اختباراً منطقياً،مع العلم أن الحقائق العلمية ليست بالضرورة حقائق ثابتة،بل حقائق بلغت درجة عالية من الصدق(16)وفي هذا المجال،تبرز قضية منهجية يختلف فيها الباحث أو العالم في الجوانب النظرية،عن الآخر التطبيقي،فالأول(النظري)لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول،وتصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة،أما الآخر(التطبيقي)،فهو يكتفي بأقصى درجات الاحتمال،فإذا وازن نتائجه فإنه يأخذ أكثرها احتمالا للصدق. ويعتمد الأسلوب العلمي بالأساس على الاستقراء الذي يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي،فهو يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين في حين أن القياس،يبدأ بقضايا عامة يتوصل منها إلى الحقائق الجزئية،وليس يعني ذلك أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي،ولكنه عندما يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها،كما يستخدم الطريقة الاستنتاجية التي تتمثل،في استخلاص قانون أو ظاهرة عامة من مجموعة ظواهر خاصة. ويتضمن الأسلوب العلمي عمليتين مترابطتين هما،الملاحظة والوصف،وذلك لأنه إذا كان العلم يهدف للتعبير عن العلاقات القائمة بين مجموع الظواهر المختلفة،فإن هذا التعبير يكون في أساسه وصف،وإذا كان هذا التعبير يمثل الوقائع المرتبطة بالظاهرة،فلا بد أن يعتمد على الملاحظة فيختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي فالأول لا يعتمد على البلاغة اللغوية،بل هو وصف فني،ذلك أنه عند قياس النواحي المختلفة في ظاهرة أو عدة ظواهر،فإن هذا القياس ليس إلا وصفاً كمياً،يقوم على الوسائل الإحصائية باختزال مجموعة كبيرة من المعلومات إلى مجموعة قليلة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية،أما بالنسبة إلى الملاحظة العملية،فهي تمثل الملاحظة التي تستعين بالمقاييس المختلفة،وهي تقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيباً معيناً بحيث يمكن التكرار الذي له أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية،فهو(التكرار)يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته وترك العناصر التي تكونت بالصدفة،كما أن التكرار ضروري للتأكد من صحة الملاحظة فقد يخطئ الباحث نتيجة الصدفة أو لتدخل العوامل الشخصية،مثل الأخطاء الناجمة عن الاختلاف في دقة الحواس والصفات الشخصية للباحث،كالمثابرة وقوة الملاحظة،كما يفيد التكرار أيضا في التأكد من دقة ملاحظة شخص آخر،أو في إعادة البحث مرة أخرى بغرض التأكد من النتائج(17) . خصائص الأسلوب العلمي: يتميز الأسلوب العلمي عن بقية الأساليب الفكرية بعدة خصائص أساسية أهمها: (1) الموضوعية:وتعني الموضوعية هنا،أن الباحث يلتزم في بحثه المقاييس العلمية الدقيقة، ويقوم بإدراج الحقائق والوقائع التي تدعم وجهة نظره،وكذلك الحقائق التي تتضارب مع منطلقاته وتصوراته،فالنتيجة يجب أن تكون منطقية ومنسجمة مع الواقع ولا تناقضه،وعلى الباحث أن يتقبل ذلك ويعترف بالنتائج المستخلصة حتى ولو كانت لا تتطابق مع تصوراته وتوقعاته. (2) استخدام الطريقة الصحيحة والهادفة:ويقصد بذلك،أن الباحث عندما يقوم بدراسة مشكلة أو موضوع معين،ويبحث عن حل لها، يجب أن يستخدم طريقة علمية صحيحة وهادفة للتوصل إلى النتائج المطلوبة لحل هذه المشكلة،وإلا فقدت الدراسة قيمتها العلمية وجدواها (18.) (3) الاعتماد على القواعد العلمية: يتعين على الباحث الالتزام بتبني الأسلوب العلمي في البحث من خلال احترام جميع القواعد العلمية المطلوبة لدراسة كل موضوع،حيث أن تجاهل أو إغفال أي عنصر من عناصر البحث العلمي،يقود إلى نتائج خاطئة أو مخالفة للواقع.ومن هنا،فان عدم استكمال الشروط العلمية المتعارف عليها في هذا الميدان،يحول دون حصول الباحث على النتائج العلمية المرجوة. (4) الانفتاح الفكري: ويقصد بذلك،انه يتعين على الباحث الحرص على التمسك بالروح العلمية والتطلع دائما إلى معرفة الحقيقة فقط،والابتعاد قدر الإمكان عن التزمت والتشبث بالرؤية الأحادية المتعلقة بالنتائج التي توصل إليها من خلال دراسته للمشكلة،ويجب أن يكون ذهن الباحث منفتحا على كل تغيير في النتائج المحصول عليها والاعتراف بالحقيقة،وان كانت لا تخلو من مرارة. (5) الابتعاد عن إصدار الأحكام النهائية: لا شك أن من أهم خصائص الأسلوب العلمي في البحث التي ينبغي على الباحث التقيد بها،هي ضرورة التأني وعدم إصدار الأحكام النهائية،غذ يجب أن تصدر الأحكام استنادا إلى البراهين والحجج والحقائق التي تثبت صحة النظريات والاقتراحات الأولية،أي بمعنى أدق،ضرورة اعتماد الباحث على أدلة كافية قبل إصدار أي حكم أو التحدث عن نتائج تم التوصل إليها( 19) *- بقلم الدكتور / زاهــر زكــار – العرب اليوم" arbs2day " |
|||
2010-01-28, 05:57 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
مفهوم المنهج وتعرفيه وعلاقتهبالمفاهيم الأخرى إعداد / فيصل حمدان الشمري مشرف الارشاد الطلابي بمدارس الهيئة الملكية بالجبيل |
|||
2010-01-28, 05:58 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
منهج البحث العلمي : تعريف، وهدف، وأهمية |
|||
2010-01-28, 06:00 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
فرويد والمنهج العلمي |
|||
2010-01-28, 06:04 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
منهج علمي
يتخطى الهدف الرئيسي لأي بحث علمي مجرد وصف المشكلة أو الظاهرة موضوع البحث إلى فهمها وتفسيرها، وذلك بالتعرف على مكانها من الإطار الكلي للعلاقات المنظمة التي تنتمي إليها، وصياغة التعميمات التي تفسر الظواهر المختلفة، هي من أهم أهداف العلم، وخاصة تلك التي تصل إلى درجة من الشمول ترفعها إلى مرتبة القوانين العلمية والنظريات. إن تفسير الظواهر المختلفة تزداد قيمته العلمية إذا ساعد الإنسان على التنبؤ، ولا يقصد بالتنبؤ هنا التخمين الغيبي أو معرفة المستقبل، ولكن يقصد به القدرة على توقع ما قد يحدث إذا سارت الأمور سيرا معينا، وهنا يتضمن التوقع معنى الاحتمال القوي. كما أن أقصى أهداف العلم والبحث العلمي هو إمكانية" الضبط " وهو ليس ممكنا في جميع الحالات، فمثلا في دراسة ظاهرة الخسوف يتطلب الأمر وصف الظاهرة، ومعرفة العوامل المؤدية إليها وتفسيرها، وهذا يمكن من التنبؤ باحتمال وقوع الخسوف،إذا توصلنا إلى معرفة علمية دقيقة له، ولكن لا يمكن ضبطه أو التحكم فيه، لأن عملية الضبط في مثل هذا المجال تتطلب التحكم في المدارات الفلكية، وهذا يخرج عن نطاق قدرة أي عالم، مهما بلغ من العلم والمعرفة أو الدقة في البحث، ولكن في المقابل هناك بعض الظواهر التي يمكن ضبطها والتحكم فيها بدرجة معقولة، ومثال ذلك، القدرة على محاربة بعض الظواهر الاجتماعية، مثل جنوح الأحداث أو السرقة أو التغلب على الاضطرابات الاجتماعية التي تضعف البناء الاجتماعي . وتعتمد جميع العلوم في تحقيق الأهداف الثلاثة، المشار إليها سابقا(التفسير التنبؤ، الضبط)على الأسلوب العلمي، وذلك لأنه يتميز بالدقة والموضوعية واختبار الحقائق اختبارا يزيل عنها كل شك مقبول، مع العلم أن الحقائق العلمية ليست ثابتة، بل هي حقائق بلغت درجة عالية من الصدق. و في هدا المجال، لابد أن تشير إلى قضية منهجية يختلف فيها الباحث في الجوانب النظرية عن الباحث التطبيقي (التجريبي)،حيث أن الأول لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول، وتصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة،أما الثاني فيكتفي بأقصى درجات الاحتمال، فإذا وازن بين نتائجه يأخذ أكثرها احتمال الصدق، بمعنى أنه إذا بحث الاثنان في ظاهرة معينة، وكانت درجة احتمال الخطأ فيها واحد من عشرة(1/10 )،قبلها الباحث التطبيقي، في حين لا يقبلها الباحث النظري إلا إذا انخفضت درجة احتمال الخطأ إلى واحد في المائة(1%). الخطوات المنهجية العلمية == يتخطى الهدف الرئيسي لأي بحث علمي مجرد وصف المشكلة أو الظاهرة موضوع البحث الذي فهمها وتفسيرها، وذلك بالتعرف على مكانها من الإطار الكلي للعلاقات المنظمة التي تنتمي إليها، وصياغة التعميمات التي تفسر الظواهر المختلفة، هي من أهم أهداف العلم، وخاصة تلك التي تصل إلى درجة من الشمول ترفعها إلى مرتبة القوانين العلمية والنظريات. إن تفسير الظواهر المختلفة تزداد قيمته العلمية إذا ساعد الإنسان على التنبؤ، ولا يقصد بالتنبؤ هنا التخمين الغيبي أو معرفة المستقبل، ولكن يقصد به القدرة على توقع ما قد يحدث إذا سارت الأمور سيرا معينا، وهنا يتضمن التوقع معنى الاحتمال القوي. كما أن أقصى أهداف العلم والبحث العلمي هو إمكانية" الضبط " وهو ليس ممكنا في جميع الحالات، فمثلا في دراسة ظاهرة الخسوف يتطلب الأمر وصف الظاهرة، ومعرفة العوامل المؤدية إليها وتفسيرها، وهذا يمكن من التنبؤ باحتمال وقوع الخسوف،إذا توصلنا إلى معرفة علمية دقيقة له، ولكن لا يمكن ضبطه أو التحكم فيه، لأن عملية الضبط في مثل هذا المجال تتطلب التحكم في المدارات الفلكية، وهذا يخرج عن نطاق قدرة أي عالم، مهما بلغ من العلم والمعرفة أو الدقة في البحث، ولكن في المقابل هناك بعض الظواهر التي يمكن ضبطها والتحكم فيها بدرجة معقولة، ومثال ذلك، القدرة على محاربة بعض الظواهر الاجتماعية، مثل جنوح الأحداث أو السرقة أو التغلب على الاضطرابات الاجتماعية التي تضعف البناء الاجتماعي . وتعتمد جميع العلوم في تحقيق الأهداف الثلاثة، المشار إليها سابقا(التفسير التنبؤ، الضبط)على الأسلوب العلمي، وذلك لأنه يتميز بالدقة والموضوعية واختبار الحقائق اختبارا يزيل عنها كل شك مقبول، مع العلم أن الحقائق العلمية ليست ثابتة، بل هي حقائق بلغت درجة عالية من الصدق. و في هدا المجال، لابد أن تشير إلى قضية منهجية يختلف فيها الباحث في الجوانب النظرية عن الباحث التطبيقي (التجريبي)،حيث أن الأول لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول، وتصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة،أما الثاني فيكتفي بأقصى درجات الاحتمال، فإذا وازن بين نتائجه يأخذ أكثرها احتمال الصدق، بمعنى أنه إذا بحث الاثنان في ظاهرة معينة، وكانت درجة احتمال الخطأ فيها واحد من عشرة(1/10 )،قبلها الباحث التطبيقي، في حين لا يقبلها الباحث النظري إلا إذا انخفضت درجة احتمال الخطأ إلى واحد في المائة(1%). ولا يغيب عن الذهن، أن الأسلوب العلمي يعتمد بالأساس على الاستقراء الذي يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي، وليس ذلك يعني أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي، ولكنه حين يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها(أي أن الباحث النظري يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين،في حين أن التطبيقي، يبدأ بقضايا عامة ليتوصل منها إلى الحقائق الجزئية)أي يستعمل التفسير التطبيقي الذي يتمثل في تحقيق - أي تفسير- ظاهرة خاصة من نظرية أو قانون أو ظاهرة عامة، كما يستخدم الطريقة الاستنتاجية التي تتمثل في استخلاص قانون أو نظرية أو ظاهرة عامة من مجموعة ظواهر خاصة. و مهما يكن، فإن الأسلوب العلمي يتضمن عمليتين مترابطتين هما: الملاحظة، والوصف، فإذا كان العلم يرمي إلى التعبير عن العلاقات القائمة بين الظواهر المختلفة، فهذا التعبير في أساسه وصفي، وإذا كان هذا التعبير يمثل الوقائع المرتبطة بالظاهرة، فلا بد أن يعتمد على الملاحظة، ويختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي، في أنه لا يعتمد على البلاغة اللغوية، وإنما هو بالأساس وصف كمي، ذلك أن الباحث عندما يقيس النواحي المختلفة في ظاهرة أو أكثر، فإن هذا القياس ليس إلا وصفا كميا، يقوم على الوسائل الإحصائية في اختزال مجموعة كبيرة من البيانات إلى مجموعة بسيطة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية. أما الملاحظة العلمية، فهي الملاحظة التي تستعين بالمقاييس المختلفة، وتقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيبا مقصودا ومعينا، بحيث يمكن ملاحظتها بطريقة موضوعية، والملاحظة تتميز بالتكرار، وللتكرار أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية، فهو يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته، وتحرك العناصر التي تكون وليدة الصدفة، كما أن التكرار يظل ضروريا للتأكد من صحة الملاحظة، فقد يخطئ الباحث نتيجة الصدفة أو لتدخل العوامل الذاتية، مثل الأخطاء التي تنجم عن الاختلاف في دقة الحواس والصفات الذاتية للباحث، كالمثابرة وقوة الملاحظة. التمييز بين المصطلحات . ولا يغيب عن الذهن، أن الأسلوب العلمي يعتمد بالأساس على الاستقراء الذي يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي، وليس ذلك يعني أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي، ولكنه حين يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها(أي أن الباحث النظري يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين،في حين أن التطبيقي، يبدأ بقضايا عامة ليتوصل منها إلى الحقائق الجزئية)أي يستعمل التفسير التطبيقي الذي يتمثل في تحقيق - أي تفسير- ظاهرة خاصة من نظرية أو قانون أو ظاهرة عامة، كما يستخدم الطريقة الاستنتاجية التي تتمثل في استخلاص قانون أو نظرية أو ظاهرة عامة من مجموعة ظواهر خاصة. و مهما يكن، فإن الأسلوب العلمي يتضمن عمليتين مترابطتين هما: الملاحظة، والوصف، فإذا كان العلم يرمي إلى التعبير عن العلاقات القائمة بين الظواهر المختلفة، فهذا التعبير في أساسه وصفي، وإذا كان هذا التعبير يمثل الوقائع المرتبطة بالظاهرة، فلا بد أن يعتمد على الملاحظة، ويختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي، في أنه لا يعتمد على البلاغة اللغوية، وإنما هو بالأساس وصف كمي، ذلك أن الباحث عندما يقيس النواحي المختلفة في ظاهرة أو أكثر، فإن هذا القياس ليس إلا وصفا كميا، يقوم على الوسائل الإحصائية في اختزال مجموعة كبيرة من البيانات إلى مجموعة بسيطة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية. أما الملاحظة العلمية، فهي الملاحظة التي تستعين بالمقاييس المختلفة، وتقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيبا مقصودا ومعينا، بحيث يمكن ملاحظتها بطريقة موضوعية، والملاحظة تتميز بالتكرار، وللتكرار أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية، فهو يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته، وتحرك العناصر التي تكون وليدة الصدفة، كما أن التكرار يظل ضروريا للتأكد من صحة الملاحظة، فقد يخطئ الباحث نتيجة الصدفة أو لتدخل العوامل الذاتية، مثل الأخطاء التي تنجم عن الاختلاف في دقة الحواس والصفات الذاتية للباحث، كالمثابرة وقوة الملاحظة. التمييز بين المصطلحات. منهج البحث في الأسلوب العلمي يشير مصطلح الأسلوب العلمي إلى ذلك الإطار الفكري الذي يعمل بداخله عقل الباحث، في حين أن كلمة" منهج البحث " تعني الخطوات التطبيقية لذلك الإطار الفكري، ولا يعني هذا الاختلاف ماهية هذين الاصطلاحين،أي تعارض بينهما، فمن الناحية اللغوية يتقارب كثيرا معنى كل من أسلوب ومنهج، ولكن يقصد بهذا التمييز التوضيح والتفسير، ففي أي دراسة علمية تتخذ العمليات العقلية في ذهن الباحث ترتيبا وتنظيما متكاملا يوجه خطواته التطبيقية، ولذلك يفضل أن يستقل كل مصطلح بجانب من الجانبين،بحيث تستعمل كلمة" أسلوب" لتشير إلى الجانب التطبيقي لخطوات البحث، ولتوضيح ذلك أكثر، يعتمد التمثيل في أن نتصور وجود مشكلة ما تواجه شخصين، الأول يتخبط ويحاول ويخطئ حتى يصل إلى حل ما لهذه المشكلة قد يكون صوابا أو خطأ،ولكنه في كلتا الحالتين لا يعتير محققا علميا، لأنه لم يسير في حلها تبعا لتنظيم ذهني يمكنه من التحقق من نتائجه، أما الثاني، فيعالج المشكلة بأسلوب علمي أي أنه سار في حلها بخطوات فكرية معينة يطلق عليها العلماء " خطوات التفكير العلمي " وهذا ما يميز الباحث العلمي من الشخص العادي - فأسلوب التفكير العلمي هو الذي يميز الباحث العلمي ويمكنه من تمحيص نتائج بحثه والتحقق من صحتها . أما بخصوص خطوات الأسلوب العلمي في التفكير، فهي تكاد وتكون هي نفسها خطوات أي منهج بحثي، مع وجود بعض التفاصيل التي تختلف باختلاف مناهج البحث،إلا أن الأسلوب الفكري هو الذي ينظم أي منهج بحثي. خطوات الأسلوب العلمي في التفكير تتمثل خطوات الأسلوب العلمي في الشعور أو الإحساس بمشكلة أو تساؤل يحير الباحث أو يجلب اهتمامه ، فيضع لها حلولا محتملة أو إجابات محتملة، تتمثل في"الفروض "أو " فرضيات البحث " ثم تأتي بعد ذلك الخطوة الثالثة، وهي اختبار صحة الفروض والوصول إلى نتيجة معينة، و هذه الخطوات الثلاثة الرئيسية تقود الباحث في مراحل دراسته المختلفة ما دام قد اختار المنهج العلمي كسبيل لوصوله إلى نتائج دقيقة و موضوعية ، ومن الطبيعي أن يتخلل هذه الخطوات الرئيسية عدة خطوات تنفيذية مثل، تحديد طبيعة المشكلة المراد دراستها، وجمع البيانات التي تساعد في اختيار الفروض المناسبة، وكذلك البيانات التي تستخدم في اختبار الفروض، والوصول إلى تعميمات واستخدام هذه التعميمات تطبيقيا، وبذلك يسير المنهج العلمي،على شكل خطوات - مراحل - لكي تزداد عملياته وضوحا،إلا أن هذه الخطوات لا تسير دائما بنفس التتابع، كما أنها ليست بالضرورة مراحل فكرية منفصلة، فقد يحدث كثير من التداخل بينهما، وقد يتردد باحث بين هذه الخطوات عدة، كذلك قد تتطلب بعض المراحل جهدا ضئيلا، بينما يستغرق البعض الآخر وقتا أطول، وهكذا يقوم استخدام هذه الخطوات على أساس من المرونة الوظيفية. ولا يغيب عن البال،أن مناهج البحث تختلف من حيث طريقتها في اختبار صحة الفروض، ويعتمد ذلك على طبيعة وميدان المشكلة موضوع البحث، فقد يصلح مثلا المنهج الوصفي التحليلي في دراسة مشكلة لا يصلح فيها المنهج التاريخي أو دراسة الحالة وهكذا. وفي حالات كثيرة تفرض مشكلة البحث المنهج الذي يستخدمه الباحث، وإن اختلاف المنهج لا يرجع فقط إلى طبيعة وميدان المشكلة، بل أيضا إلى إمكانات البحث المتاحة، فقد يصلح أكثر من منهج في تناول دراسة بحثية معينة، ومع ذلك تحدد الظروف ، الإمكانات المتوفرة و أهداف الباحث نوع المنهج الذي يختاره الباحث . تصنيف مناهج البحث تشتق كلمة " منهج " من نهج أي سلك طريقا معينا، وبالتالي فإن كلمة" المنهج " تعني الطريق و السبيل، ولذلك كثيرا ما يقال أن طرق البحث مرادف لمناهج البحث. إن ترجمة كلمة " منهج " باللغة الإنجليزية ترجع إلى اصل يوناني وتعني البحث أو النظر أو المعرفة ، والمعنى الاشتقاقي لها يدل على الطريقة أو المنهج الذي يؤدي إلى الغرض المطلوب. و يحدد المنهج حسب طبيعة الموضوع البحث أو الدراسة و أهدافا التي تم تحديدها سابقا ، و يمكن القول أنها تخضع – كما أشرنا سابقا إلى ظروف خارجية أكثر منها إرادية ويعرف العلماء" المنهج " بأنه فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة،إما من أجل الكشف عن حقيقة مجهولة لدينا،أو من أجل البرهنة على حقيقة لا يعرفها الآخرون (2)، ومن هذا المنطلق، يكون هناك اتجاهان للمناهج من حيث اختلاف الهدف، إحداهما يكشف عن الحقيقة ويسمى منهج التحليل أو الاختراع،والثاني يسمى منهج التصنيف. كما يقر البعض أن المنهج الأكثر استخداما هو المنهج الذي يقوم على تقرير خصائص ظاهرة معيّنة أو موقف يغلب عليه صفة التحديد ، و يعتمد على جمع الحقائق و تحليلها و تفسيرها و استخلاص دلالتها ، كما أنه يتجه على الوصف الكمي أو الكيفي للظواهر المختلفة بالصورة الحقيقة في المجتمع للتعرف على تركيبها و خصائصها . والواقع أن تصنيف المناهج يعتمد عادة على معيار ما حتى يتفادى الخلط والتشويش، وتختلف التقسيمات بين المصنفين لأي موضوع،وتتنوع التصنيفات للموضوع الواحد، وينطبق ذلك على مناهج البحث. وإذا نظرنا إلى مناهج البحث من حيث نوع العمليات العقلية التي توجهها أو تسير على أساسها نجد أن هناك ثلاثة أنواع من المناهج 1- المنهج الاستدلالي أو الاستنباطي: وفيه يربط العقل بين المقدمات والنتائج، وبين الأشياء وعللها على أساس المنطق والتأمل الذهني، فهو يبدأ بالكليات ليصل منها إلى الجزئيات. 2- المنهج الاستقرائي: وهو يمثل عكس سابقه، حيث يبدأ بالجزئيات ليصل منها إلى قوانين عامة، وهو يعتمد على التحقق بالملاحظة المنظمة الخاضعة للتجريب والتحكم في المتغيرات المختلفة. 3- المنهج الاستردادي: يعتمد هذا المنهج على عملية استرداد ما كان في الماضي ليتحقق من مجرى الأحداث، ولتحليل القوى والمشكلات التي صاغت الحاضر. وفي حال تصنيف مناهج البحث استنادا إلى أسلوب الإجراء، واهم الوسائل التي يستخدمها الباحث،نجد أن هناك المنهج التجريبي وهو الذي يعتمد على إجراء التجارب تحت شروط معينة. ومنهج المسح الذي يعتمد على جمع البيانات " ميدانيا " بوسائل متعددة وهو يتضمن الدراسة الكشفية والوصفية والتحليلية، ومنهج دراسة الحالة، الذي ينصب على دراسة وحدة معينة، فردا كان أو وحدة اجتماعية، ويرتبط باختبارات ومقاييس خاصة،أما في المنهج التاريخي، فهو يعتمد على الوثائق والآثار والمخلفات الحضارية المختلفة. |
|||
2010-01-28, 06:08 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
المنهج العلمي المعاصر في ضوء القرآن الكريم أ.د/ أحمد فؤاد باشا(1) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد: فإن البحث العلمي واحد من أوجه النشاط المعقدة التي يمارسها العلماء باستقصاء منهجي في سبيل زيادة مجموع المعرفة العلمية وتقنياتها، لكن أغلب المشتغلين بالبحث العلمي في مجال العلوم الطبيعية يعتقدون أن أي دراسات منهجية في كيفية إجراء البحث العلمي لا يمكن أن تأتي بفائدة تعادل التدريب الذاتي للباحث، والاسترشاد بخبرات المتمرسين في ميدان اهتمامه، عند معادلة المراحل الفعلية في البحث. أما المنظرون ـ من ناحية أخرى ـ فيرون أن علمية البحث العلمي إذا ما تركت تماماً للتجارب الشخصية والممارسات العفوية المضيعة للوقت والجهد، فإنها لن تؤتي أبداً كامل أكلها، ولهذا يسعى هؤلاء المنظرون ـ من العلماء والفلاسفة والمناطقة ـ إلى تحليل الطرق التي تمت بها الكشوف العلمية، واستنباط بعض التعميمات من آراء العلماء الناجحين لتكون بمثابة قواعد عامة للإرشاد والتوجيه، أو مناهج في البحث العلمي.وبطبيعة الحال، تتطلب فروع العلم المختلفة مناهج مختلفة، ومع ذلك فهناك بعض المبادىء الأساسية والأساليب الذهنية التي تشترك فيها أغلب أنواع البحث العلمي. ويطلق على العلم المعنى بطرائق ومناهج البحث في العلوم، للوصول إلى الحقيقة العلمية أو للبرهنة عليها، اسم ( علم مناهج البحث ) ( الميثودولوجيا methodology)، وهو يندرج عادة ضمن موضوعات (فلسفة العلم) التي اتسع نطاق اهتمامها في العصر الحاضر ليشمل دراسة وتحليل كل ما يتعلق بالعلوم ولغتها وتطورها وتقنياتها من مختلف النواحي المعرفية والمنهجية والقيمية والأنطولوجية والاجتماعية والتاريخية وغيرها، وذلك بهدف التعرف على مكانة العلم في حياتنا ودوره في تكوين نظرة الإنسان الشاملة إلى قضايا الوجود والحياة. والطريقة المتبعة في تكوين علم المناهج منذ نشأته إبان العصور الحديثة تتم عادة بالتنسيق بين خبرة العالم المتخصص في علم من العلوم، وبراعة الفيلسوف أو المنطقي الذي يبحث في تطور العقل الإنساني والتعرف على ملكاته المتعددة، وينحو نحو التعميم واستخلاص الخصائص العامة للمناهج المتبعة في فروع العلم المختلفة، ثم يحاول أن يصوغ نتائجه النهائية على هيئة مذهب في العقل الإنساني من حيث طبيعة اتجاهاته في البحث عن الحقيقة. لكن الصورة المثالية لتحقيق ذلك التنسيق على أكمل وجه بين العلماء والفلاسفة والمناطقة ظلت دائماً المنال، وظهر في هذه الأثناء كثير من الخلط بين المفاهيم والرؤى التي جعلت معالم علم مناهج البحث غير واضحة تماماً في أذهان المثقفين، ناهيك عن مواطن الغموض والقصور التي يزخر بها هذا العلم، حتى بالنسبة لمن يمارسونه بحثاً وتدريساً وتأليفاً. ويكفي دليلاً على بعض أوجه اللبس والغموض في علم مناهج البحث بصورته الواقعية أن نشير إلى عدد من التساؤلات التي يثيرها في الذهن استخدام ألفاظ من قبيل (المنهج) و(المنهجية) و(الأسلوب العلمي) في جانب كبير من الأدبيات الحديثة التي تعالج قضايا الفكر الإسلامي. هل المقصود هو حصر معاني هذه الألفاظ ومدلولاتها في إطار العمليات المنطقية الاستدلالية من قياس واستقراء واستنباط... الخ؟ أم المقصود مجموعة الوسائل والخطوات الإجرائية التي يمارسها الباحث بالفعل، ويطوعها من مرحلة إلى أخرى خلال بحثه؟ وهذه الوسائل تختلف بطبيعة الحال من علم إلى آخر؟ أم يكون المقصود ( بالمنهج العلمي ) تلك الطريقة الخاصة التي يسعى إليها كل باحث ويستخدمها في طرح وتناول المشكلات الموضوعية قيد البحث؟. وأمام هذه التساؤلات الثلاثة تبقى علاقة الذات بالموضوع هي الأخرى موضعاً للاستفسار: هل يشترط أن يسقط الباحث أيديولوجيته على موضوع بحثه، ويراعي الاتجاه النظري الذي ينتمي إليه داخل هذا الميدان أو ذاك من ميادين المعرفة، وأن يكون واعياً بالتزامه بمنظور فلسفي يختاره ويؤثره على غيره، ومتسقاً في بحثه مع مذهبه أو وجهة نظره، فلا مكان للحيدة الفلسفية إزاء ما يطرح من قضايا أو مواقف؟ أم أن الباحث وفق منهج علمي يجب أن يكون خالي الذهن من أي مذهب مسبق يمكن أن يؤثر على سير أبحاثه؟. ثم ما هذا اللبس والغموض والاضطراب الذي يتخلل أحاديث المفكرين الإسلاميين، وينتشر في ثنايا مؤلفاتهم عندما يخلطون بين ( المناهج ) بصيغة الجمع، و(المنهج) بصيغة المفرد، وهل ما لدينا هو منهج إسلامي واحد أم مناهج متعددة؟. وأين هو النموذج الإسلامي للمنهج العلمي الذي يمكن القياس عليه والرجوع إليه في كل علم من العلوم، أو يمكن أن نعلمه لطلاب المدارس والجامعات العربية والإسلامية في مقابل ما يدرسونه من نماذج وضعية منقوصة تدعي القدرة على تفسير حركة العلم والمعرفة، وتزعم أنها لا تقطع الطريق على الابتكار لنظريات جديدة، رغم أنها في حقيقتها تفرض رؤية معينة للأشياء، وتحدد منطقاً هلامياً للكشف العلمي ونطاقاً محدداً للخبرة الإنسانية، ومن أمثلة هذه النماذج ما يعرف باسم ( النموذج الكوهني ) (kuhnian pattern) ومنطق الكشف العلمي لكارل بوبر، اللذين يروج لهما كثيراً كما تطرق الحديث إلى نظرية العلم ومنهجه؟. وهل صحيح ما يوهمنا به علماء المناهج من أن قضية المنهج العلمي قد بتّ فيها ولم تعد تحتاج إلى نظر جديد، وأنه ما علينا ـ إذا أردنا أن نجني ثمار البحث العلمي كما يجنيها غيرنا ـ إلا أن نعرف ذلك المنهج الذي ألفوا ترديده منسوباً إلى بيكون وميل وديكارت، حتى أوشكنا على تصوره لائحة أو قائمة بالتعليمات والإرشادات التي لا ينبغي الانحراف عن تطبيقها، وكأنها طائفة من الوصفات المجربة الناجحة، يتعين على أي باحث الالتزام بها في المجالات التي يريد دراستها ويسعى إلى إدراك شيء عن حقيقتها؟. وأخيراً، ما السبب في هذا الخلل الواضح الذي أصاب ميزان الإنتاج الفكري في هذا الموضوع، حيث تميل الأقلام كثيراً إلى تناول مناهج البحث من الزاوية الفسلفية أو المنطقية على حساب جوانب أخرى على نفس الدرجة من الأهمية مثل سيكولوجية البحث العلمي، وخبرة العلماء الذاتية في ممارسته عملياً، ناهيك عن غياب معالجة كل هذه الجوانب معالجة تحليلية مقارنة ومن منظور إسلامي رشدي؟. كل هذه التساؤلات التي أودناها تشير إلى مدى الفارق الكبير بين الصورتين: المثالية والواقعية لمناهج البحث في العلوم المختلفة بصورة عامة، وفي العلوم الطبيعية والرياضية بصورة خاصة. وإن نظرة فاحصة إلى كتابات المتخصصين في العلوم وفلسفتها على حد سواء يمكن أن تدلنا على حقيقية هامة مؤداها أن مناهج البحث العلمي ليست أبداً قواعد ثابتة، بل هي تتغير تبعاً لمقتضيات العلم وأدواته، وتكون قابلة للتعديل المستمر حتى تستطيع أن تفي بمطالب العلم المتجددة، وإلا فإنها تكون عبئاً على حركة العلم وتقدمه. كما أن العلوم المعاصرة ـ من ناحية أخرى ـ قد بلغت درجة من التشابك والتداخل فيما بينها، بحيث يصعب معها الفصل التام بين أصول المنهج الثابتة، وفروعه القائمة على جدلية العلاقة المتغيرة بين الملاحظة التجريبية وتفسيرها العلمي أو المنطقي. وتظل تفاصيل المناهج الفرعية في تطورها وتغيرها مرهونة بالظروف التقنية في معامل البحث والاختبار، ومعتمدة على طبيعة الموضوعات محل الدراسة التي تختلف من علم إلى علم، بل وتختلف في داخل العلم الواحد. وكل أنواع المناهج الفرعية تعتبر في حقيقتها خطوات لمسائل جزئية في منهج واحد عام هو المنهج العلمي الذي يدفع مسيرة التحصيل المعرفي والتقدم العلمي والتقني، على أن يكون المعيار في قياس سلامة أي منهج هو قيمته الحقيقية التي يكتسبها من نجاح العلم في بلوغ نتائجه وتحقيق غايته، بالاستناد إلى مسلمات ثابتة، تنطلق منها بنية المنهج الأساسية، وتأخذ في اعتبارها عملية التصحيح المستمرة لتلك العلاة المتتامية والمتبادلة بين الذات الباحثة وموضوعات البحث المختلفة المنبثة في جنبات الكون الفسيح[2]. تلك كانت بعض الأسباب التي دعتنا إلى القيام في هذه الدراسة بمحاولة أولية تهدف إلى وضع تصور لنسق[3]إسلامي ينتظم مختلف مناهج البحث العلمي، نستوحي خصائصه العامة منباشرة من خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، ونستمد عناصره الرئيسية من واقع مشكلات البحث العلمي وتاريخه، وتشكل وحداته البنائية على أساس الثوابت والمتغيرات المعروفة في الأطر الفكرية والعملية للعلوم الطبيعية والتقنية، وتيح من خلاله مجالاً أرحب لإعداد الباحث العلمي الجديد، واستفادة أكبر من السبل التي يسلكها الباحثون أنفسهم. إسلامية المنهج العلمي: إن الأخذ بالمنهج الإسلامي في مجالات البحث العلمي يجب ـ في اعتقادنا ـ أن يقبل على أنه حقيقة منطقية وضرورة حضارية، أما القول بأن إسلامية المنهج العلمي حقيقة منطقية فيكفي شاهداً على صحته أن علوم الكون والحياة إسلامية بطبيعتها، لأن موضوعات البحث فيها هي كل ما خلق الله في كتابه المنظور. كما أن قراءة التراث الإسلامي تدلنا على أن المسلك الذي اتبعه علماء الأصول وعلماء الحديث في الوصول إلى الصحيح من الوقائع والأخبار والأقوال قد انسحب على أسلوب التفكير والتجريب في البحث العلمي، فنرى على سبيل المثال أن الحسن بن الهيثم قد استخدم الاستقراء وقياس الشبه في شرحه لتفسير عملية الإبصار وإدراك المرئيات حيث يقول: ( لا يتم الإدراك إلا بتشبيه صورة المبصر بصورة قد أدركها المبصر من قبل، ثم إدراك التشابه بين الصورتين، ولا يدرك التشابه بين الصورتين إلا بقياس ) كما نجد ابن الهيثم يستعمل لفظ الاعتبار ( وهو قرآني ) ليدل على الاستقراء التجريبي أو الاستنباط العقلي. وهذا أبو بكر الرازي يصف منهجه في تعامله مع المجهول مستخدماً الأصول الثلاثة ( الإجماع ) والاستقراء، والقياس، فيقول: ( إنا لما رأينا لهذه الجواهر أفاعيل عجيبة لا تبلغ عقولنا معرفة سببها الكامل، لم نر أن نطرح كل شيء لا تدركه ولا تبلغه عقولنا، لأن في ذلك سقوط جل المنافع عنا، بل نضيف إلى ذلك ما أدركناه بالتجارب وشهد لنا الناس به، ولا نحل شيئاً من ذلك محل الثقة إلا بعد الامتحان والتجربة له... ما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه القياس وعضدته التجربة فليكن أمامك[4]. وأما قولنا بأن إسلامية المنهج العلمي ضرورة حضارية فذلك لأن إسلامية المنهج، أو أسلمته، من شأنها أن تخلع عليه من خصائص الإسلام ما يجعله عالمياً وصالحاً للتطبيق في كل زمان. فالتصور الإسلامي يوحي بأن الحركة الدائبة والتحول المستمر هو الناموس الثابت المطرد لهذا الوجود الحادث الفاني، وهو بصفة خاصة قانون الحياة وقاعدتها... ومن ثم يوجه النظر إلى هذه الحركة الدائبة، وهذا التحول المستمر في الكون والحياة، وما يطرأ عليهما دائماً من تقلبات وأطوار، ولكنه ينسب كل شيء إلى مشيئة الله وقدره، فيخرج بذلك من كل المتناقضات التي تعانيها الفلسفات الوضعية والتي لم تجد لها حلاً شاملاً[5]. ونعتقد أن إدراك المسلمين الأوائل لهذه الحقيقة بكل أبعادها الإيمانية كان السبب الأول لتقدمهم ورقيهم، بعد أن وجدوا في مبادىء الإسلام كل مقومات الازدهار العلمي والحضاري، وهدتهم تعاليم الدين الحنيف إلى أصول المنهج العلمي السليم[6]. وعندما انتقلت العلوم الإسلامية إلى أوربا، فطن علماؤها إلى سر تقدم المسلمين، وسعوا إلى اتباع منهجهم بعد أن وجدوه سمة العلوم في الحضارة الإسلامية، وقال (روجير بيكون ) في ذلك: إنه باتباع المنهج التجريبي الذي كان له الفضل في تقدم ( العرب )، فإنه يصبح بالإمكان اختراع آلات جديدة تيسر التفوف عليهم... ففي الإمكان إيجاد آلات تمخر عباب البحر دون مجداف يحركها، وصنع عربات تتحرك بدون دواب الجر، وإيجاد آلات طائرة يستطيع المرء أن يجلس فيها ويدير شيئاً تخفق به أجنحة صناعية في الهواء مثل أجنحة الطير[7]. لكن النهضة الأوروبية لم تأخذ من العلوم الإسلامية سوى الجانب المادي من منهجها التجريبي وتتنياتها، وتركت جانباً الإيمان الذي يوجهها نحو الله تعالى، ويسخرها لخدمة البشر؟. ولذا فإن العلم في الحضارة المادية الحديثة والمعاصرة، بتخليه عن الإيمان والسمو الروحي، قد اعتبر قيمة حقيقة مطلقة في حد ذاته، وبالغ الناس في تقديسه وتمجيده على أساس أنه هو القوة القادرة على تحقيق الجنة الموعودة للإنسان على الأرض. فأنصار هذه النزعة العلمية المتطرفة (scientism) يردون كل شيء إلى العلم، ولا يسلمون إلا بالمنهج العلمي والحقيقة العلمية. كذلك أصبح التطور الكمي للعلم والتقنية غاية في حد ذاته، ونشأت ( النزعة التقنية المتطرفة Technocracy) التي يرمي من أنصارها من التقنيين والخبراء الفنيين إلى فرض سيطرتهم باعتبارهم الأحق في هذا العصر بإدارة المجتمع واتخذا القرارات الكبرى بشأنه. وأمام هذا التطرف العلمي، وفي مقابله ظهرت حركات عقلية جديدة تدعو إلى ( اللاعلمية Antiscience) وتحارب الانغماس الأعمى في ماديات الحضارة الصناعية، وترفع صيحات التحذير من أن اطراد التقدم العلمي والتقني بدون النظر إلى صلته بمعنى الحياة الإنسانية سوف ينتهي بالإنسان إلى القضاء على حضارته، بل إن بعض هذه الحركات المناهضة لتقديس العلم والتقنية أخذت تدعو إلى الهروب من الحضارة المعاصرة بكل ما فيها من مظاهر مادية خادعة، ورفعت شعارات العودة إلى الفطرة[8]. من هنا كانت إسلامية المنهج العلمي، أو أسلمته، ضرورة حضارية ملحة لضمان مواصلة التقدم العلمي والتقني مع الحفاظ على إنسانية الإنسان. ذلك لأن الإيمان الخالص والسمو الروحي يأتيان في مقدمة الخصائص التي يتميز بها المنهج العلمي الإسلامي، وإليهما تعزى كل القوى الدافعة لملكات الباحث العلمي على طريق الإبداع والابتكار. فالإيمان الخالص هو الذي يجعل العقل أقدر على كشف الحقيقة العلمية، وأكثر تهيؤاً لاستقبالها وقبولها. وهل الكشف العلمي إلا حل لمشكلة يظفر به الباحث بعد عناء تحليل منهجي شاق ودقيق، أو يناله في فكرة طارئة، أو في رؤية تتراءى له، أو يخطر له في حلم أو إلهام. وإذا كان ما حدث في الغرب من انزواء لعلوم الدين في أركان الكنيسة يتعلق بالصراع بين الكنيسة والعلماء، فإنه من الخطأ أن يسود الاعتقاد بأن الانفصال بين العلم والدين شرط من شروط قيام الحضارة، أو أن العلم بفروعه المختلفة لا يمكن غلا أن يكون ( علمانياً ). لقد أدى هذا الاعتقاد الخاطىء في بلاد المسلمين إلى حالة من الركود العلمي شُلّت في ظلها كل مقومات الإبداع والابتكار في مختلف مجالات النشاط الإنساني[9]. ولم يعد أمامنا الآن سوى الأخذ بالمنهج العلمي الإسلامي الذي سبق لأسلافنا أن صنعوا به حضارة تزهو على كل الحضارات. فهو الأقدر على إذكاء روح الصحوة الإسلامية الحضارية، وعندئذٍ سيكون له أجل الأثر في تصحيح وجهة العلوم لدى عقلاء الغرب ومفكريه إذا ما درسوا الإسلام في حقائقه، واستفادوا من منهجه في إصلاح شؤون حضارتهم. الثوابت والمتغيرات في المنهج العلمي: سبق أن ذكرنا أن تصورنا العام لبيئة المنهج العلمي الإسلامي سوف نستلهمه مباشرة من خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، وذلك انطلاقاً من الإيمان التام بأن الثوابت والمتغيرات الإسلامية يجب أن تكون هي الإطار الذي يحكم كل مناهج النظر في قضايا الوجود والفكر، والمعيار الذي يحدد ضوابط التطبيق الإنساني لتلك المناهج بما يحقق إرادة الله سبحانه وتعالى في إعمار الحياة على الأرض. فالإسلام يتميز عن كل ما عداه من الشرائع السماوية ـ أو الفلسفات والمذاهب الوضعية ـ بخاصية التوازن بين الثبات والتطور والجمع بينهما في تناسق مبدع، واضعاً كلاً منهما في موضعه الصحيح... الثبات فيما يجب أن يخلد ويبقى من أهداف وغايات وأصول وكليات، والمرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور من وسائل وأساليب وفروع وجزئيات. ذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد شرع المنهج الإسلامي للكينونة البشرية كلها، في جميع أزمانها وأطوارها، ليكون أصلاً ثابتاً تتطور هي في حدوده، وترتقي وتنمو وتتقدم دون أن تحتك بجدران هذا الإطار. وما ينطبق على المنهج الإلهي الذي أخبر الله به عباده ينسحب كذلك على الصنعة الإلهية في الكون كله، فحركة الحياة والفكر تستمر وتتسارع داخل إطار ثابت وحول محور ثابت. ومادة الكون في مجموعها ثابتة، وإن اتخذت أشكالاً مختلفة دائمة التغير والتطور. وجوهر الإنسان واحد، وإن تقدمت معارفه وتضاعفت إمكاناته، فهو يمر بأطوار شتى يرتقي فيها وينحط حسب اقترابه أو ابتعاده من جوهر إنسانيته. إن الثوابت الإسلامية هي التي تضبط الحركة البشرية والتطورات الحيوية فلا ينفلت زمامها كما وقع لأوروبا عندما أفلتت من عروة العقيدة، كما أن الثوابت الإسلامية هي التي تصون الحياة البشرية، وتضمن مزية تناسقها مع النظام الكوني العام، وتحكم قوانين التطور فلا تتركها على إطلاقها[10]. وعندما نعرض الآن لبناء منهج علمي في ضوء هذا التصور الإسلامي، فإنه يتعين علينا قبل كل شيء أن نحدد الثوابت والمتغيرات الفكرية والعملية لهذا المنهج، ويكون من السهل بعد ذلك توصيف المناهج الفرعية للعلوم المختلفة في إطار النسق الإسلامي لبنية المنهج العلمي العام بأصوله وكلياته. ( أ ) ثوابت فكرية إيمانية: ونعني بها مجموعة المسلمات والقضايا الأساسية التي يتعين على الباحث أن يسلم بصحتها منذ البداية، وأن ينطلق منها في كل عمليات التفكير العلمي قبل شروعه في ممارسة البحث والتنقيب عن سر ظاهرة ما من الظواهر التي يعمد إلى دراستها. ومثل هذه المسلمات تعتبر ـ في رأينا ـ مقدمة ضرورية في بنية النسق الإسلامي لمناهج البحث العلمي، وذلك لفائدتها العظمى في تهيئة الباحث الجيد، وتزويده بمبادىء بسيطة أو مركبة، تساعده على تكوين النظرة الكلية الشاملة، ولا تؤدي أبداً إلى تناقض مهما بلغت مسيرة العلم وإنجازات التقنية ويمكن إجمال هذه الثوابت فيما يلي: 1ـ التوحيد الإسلامي: التوحيد[11]هو أول الثوابت الإسلامية ومصدر باقي المسلمات الفكرية والإيمانية، طالبنا الحق سبحانه وتعالى به في أول ما نزل من آيات القرآن الكريم، ليكون بمثابة نقطة الانطلاق وحجر الزاوية في بناء أي نسق علمي سليم يوجه رؤية الإنسان الصائبة لحقائق الحياة والفكر والوجود، ويساعده على فهم وقراءة كلمات الله القرآنية في كتابه المسطور، وكلماته الكونية في كتابه المنظور[12]. قال تعالى: )اقرأ باسم ربك الذي خلق ([سورة العلق: 1]. وقال سبحانه: )إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ([سورة يس: 82]. وعقيدة التوحيد الإسلامي هي التي تحفظ كرامة الإنسان وتكريمه بإخضاعه للخالق الواحد جل وعلا، وتحرره من سلطان العقائد الوثنية أو المذاهب الوضعية. فالله سبحانه وتعالى هو الحق المطلق، وهو مصدر كل الحقائق المعرفية الجزئية التي أمرنا بالبحث عنها واستقرائها في وحدة النظام بين الظواهر الطبيعية والإنسانية، باعتبارها مصدراً للثقة،وليست ظلالاً أو أشباحاً أو مصدر للمعرفة الظنية كما نظرت إليها الثقافة اليونانية. وفي ظل عقيدة التوحيد الإسلامي تتحقق أسلمة العلوم ومناهجها وتقنياتها بمعناها الصحيح، ويصبح المفهوم الإسلامي للعلم أوسع وأشمل من المفهوم الشائع لدى فلاسفة العلم على اختلاف مذاهبهم. فهناك العلم الظاهر في عالم الشهادة، والعلم الغيبي الذي أخبرنا الله به في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه الأمين عليه الصلاة والسلام. ويكون العلم الظاهر دنيوياً بعلاقاته مع الأشياء، وتعبدياً في نفس الوقت لصلته بالله الواحد. ومن كانت عقيدته الدينية هي ( التوحيد ) يجد في نفسه دافعاً أقوى مما يجد سواء نحو أن يبحث دائماً عن الوحدة التي تؤلف بين الكثرة أياً كان الموضوع، فيبحث عن محور الوحدانية في الشخصية الإنسانية برغم اختلاف الجوانب الكثيرة في حياة الفرد الواحد، واختلاف العلوم الباحثة في تلك الجوانب. وكذلك يبحث عن محور الوحدانية في الكون بأجمعه مجتمعاً في وجود واحد. ومن لطائف العلم التي نشير هنا إليها ما نلاحظه من تشابه بين نواميس القوى الطبيعية الناتجة عن خصائص المادة الجوهرية، على نحو ما يبدو من قوانين الجذب الكهربي والجذب التثاقلي على سبيل المثال. وقد شرع العلماء حديثاً في البحث عن الصيغة العلمية ( الرياضية ) التي توحد بين مختلف أنواع القوى الموجودة في الطبيعة، وأحرزت جهودهم نجاحاً كبيراً على هذا الطريق[13]. ومن الصفات الجديدة للمعرفة العلمية المعاصرة أن الحواجز الظاهرية بين فروع العلم المختلفة أخذت تذوب تدريجياً لكي تحل العلوم المتداخلة والمتكاملة محل العلوم المتعددة والمنفصلة، ويتوقع فلاسفة العلم والمؤرخون له أن العلوم كلها يمكن أن تندرج في بناء نسقي واحد بحيث يكون ترتيبها في ذلك النسق المتكامل ترتيباً قائماً على وضع ما هو خاص من قوانين ومبادىء وفروض تحت ماهر أعم منه. ولقد توقع هيزنبرج هذه النتيجة للعلوم المعاصرة عندما ذكر في محاضرة ألقاها بجامعة لايبزج عام 1941 أن ( الفروع المختلفة للعلم قد بدأت في الانصهار في وحدة كبيرة ) [14]. وحول فكرة ( العلم الموحد ) هذه يقول رودلف كارناب: ( لا وجود لمصادر متعددة للمعرفة، بل هناك علم واحد فقط. فجميع المعارف تجد لها مكاناً في هذا العلم. والمعرفة في حقيقتها ذات نوع واحد فقط، وما المظهر الخارجي للخلافات الأساسية بين العلوم إلا نتيجة مضللة لاستخدامنا لغات فرعية للتعبير عن هذه العلوم ) [15]. والباحث المؤمن هو الذي يفهم شهادة التوحيد في إطاره الشامل الذي يجمع بين وحدة النظام في بناء الذرة وبناء المجموعة الشمسية، وبين وحدة الطاقة بردها إلى أصل واحد وإن تعددت صورها، وبين وحدة الحركة في طواف بردها إلى أصل واحد وإن تعددت صورها، وبين وحدة الحركة في طواف الإلكترونات حول النواة، وطواف الكواكب حول الشمس، وطواف المسلمين حول الكعبة المشرفة. إن تأكيد كل هذه المعاني في فكر الباحث العلمي ووجدانه يعتبر من أهم مقومات الشخصية العلمية التي يبدع العلماء على أساسها في اطمئنان وهدوء ونقاء. وهنا يتحقق الانسجام الكامل بين الفكر والعمل، بعيداً عن غيوم المذاهب الفلسفية الرديئة التي تشوه الوجه الناصع لكل حقيقة. 2ـ النظام الكوني: إن الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى يستلزم بالضرورة العقلية أن يرد الإنسان كل شيء في هذا الكون إلى الخالق الحكيم الذي أوجد هذا العالم بإرادته المباشرة المطلقة، وخلقه على أعلى درجة من الترتيب والنظام والجمال، وأخضعه لقوانين معينة ثابتة لا يحيد عنها، وحفظ تناسقه وتوازنه في ترابط محكم بين عوالم الكائنات، وتنسيق معجز بين آحادها ومجموعاتها، وجعل بناءه آية في الروعة والكمال، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل. قال تعالى: )تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور. الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى فيخلق الرحمن من تفاوت فأرجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ([سورة الملك: 1 ـ 4]. وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى في مواضع مختلفة، ونبه العباد إلى الحكمة السامية وراء التناسق والإبداع في خلق هذا الكون. وذلك في مثل قوله تعالى: )الذي أحسن كل شيء خلقه ([سورة السجدة: 7]. وقوله: )إنا كل شيء خلقناه بقدر ([سورة القمر: 49]. وقد شاءت إرادته تعالى أن تبين لنا من خلال نظام الكون ووحدته استمرارية المواد كأشياء، وتكرر الحوادث والظاهرات كعلاقات سببية لنراقبها وندركها وننتفع بها في حياتنا الواقعية، بعد أن نقف على حقيقة سلوكها ونستدل بها على قدرته ووحدانيته. قال تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ([سورة فصلت: 53]. وقال سبحانه: )ولن تجد لسنة الله تبديلاً ([الفتح: 23]. وفي إطار المفهوم الإيماني لمسلمة النظام الكوني واطراد الظاهرات الطبيعية كعلاقات علية يتمتع الباحث المسلم بالاطمئنان والثقة اللازمين لمواصلة البحث العلمي، إيماناً منه في ضمان بلوغ تعميقات أو قوانين علمية من مجموعة محددة من الوقائع، وهذا لا يتوفر مثلاً لباحث آخر ينطلق في تفكيره من مبدأ ( الحتمية ) الذي يفترض أن صدق أحداث الكون مستقل عن الزمان والمكان. وعندما ينتقل العلم إلى مرحلة جديدة تتميز باللاحتمية أو عدم اليقين، يتعين على هذا الباحث أن يتخلى عن إيمانه بمبدأ الحتمية المطلقة ويبحث عن مبدأ جديد، لكن التصور الإسلامي للنظام الكوني ينقذ العلماء من التخبط في التيه بلا دليل، كالإحالة على الطبيعة أو العقل أو المصادفة أو ما إلى ذلك. كما أن هذا التصور الإيماني يجعل الطريق مفتوحاً دائماً أمام تجدد المنهج العلمي وتطوره بما يتناسب مع حالة العلم في المرحلة التي يبلغها من تطوره. وهنا أيضاً تظل العلاقة بين إرادة الله واطراد القانون الطبيعي واضحة جلية، لما تفسحه من مكان لتفسير حدوث الخوارق والمعجزات التي يظهرها الله بين الحين والحين، تذكيراً للإنسان بأن الله سبحانه وتعالى هو مصدر الوجود، وأن كل ما في الكون من قوانين مستمد فمن إرادته ومتوقف عليها[16]. وإذا اختل نظام السنن الكونية الثابتة، فإن هذا في كتاب الإسلام يعني اقتراب قيام الساعة، ويؤذن بانتهاء الحياة على الأرض[17]. 3ـ فريضة البحث العلمي: كثيرة هي النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على طلب العلم والبحث العلمي بأسلوب منهجي سليم، ويصعب في هذا الحيز استقصاء الآيات التي دعت إلى البحث في مخلوقات الله تعالى الكونية والطبيعية، لكن الباحث المسلم يجب أن يكون على دراسة كاملة بكل التعاليم الإسلامية التي تجعل من مهمته فرضاً كفائياً. وعندما يطلب المسلم علماً على النهج الإسلامي يكون فهمه للحياة والكون طريقاً للوصول إلى الله سبحانه وتعالى: )ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ([سورة آل عمران: 191].وتكون وجهته دائماً لعمل الخير انطلاقاً من القاعدة العامة في ضرورة الربط بين النظرية والتطبيق: )يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تعلمون ([سورة الصف: 2 ـ 3].ويكون تصوره لقيمة العلم النافع أعم وأشمل، فهي تتعدى حدود العمر والفضل والمصدر. وكل علم يحتاجه المسلمون فرض كفاية، فإن لم يوجد بينهم من يحسنه فالكل آثمون، وليست الكفاية أن يوجد من يعرفه، بل في وجود المجموعة التي تغطي احتياجات الأمة. والتخصصات العلمية المختلفة ضرورية لكل مجتمع، والإخلال بأحدها يؤدي إلى الإخلال بالواجب الأعظم، وهو عبادة الله حق عبادته، وإعلاء كلمته في الأرض. وقد أدت الأخطاء البشرية في تناول مناهج المعرفة إلى تدنيس الفطرة الحنيفة المؤمنة بالله، وظهرت العلمانية في العالم الغربي لتضع حداً فاصلاً بين العلم والدين، وكان من نتائج هذا الفصل أن فقدت العلوم أساسها الأخلاقي، وظهرت المذاهب الوضعية لتكون بمثابة دين اجتماعي للمجتمعات التي تعتنقها، ولهذا: فإن البحث العلمي السليم لا يمكن أن يحقق غايته الإيمانية إلا إذا استعاد علاقته الأولى بمبادىء الإسلام، وعندئذٍ سكون التفكير العلمي لدى البشر قد استعاد طبيعته الحقة، بوصفه بحثاً موضوعياً عن الحقيقة أينما وجدت[18]. من ناحية أخرى: عندما يمارس الباحث المؤمن عمله العلمي باعتباره فريضة إسلامية، فإنه يكون على دراية تامة بما تدعو إليه تعاليم الإسلام من محاربة التنجيم والتنبؤ العشوائي والتعصب للعرف والعرق، وبتخذيرها من الاطمئنان إلى كل ما هو شائع أو موروث من آراء ونظريات، وهنا لن يجد الباحث المسلم أي عناء في إدراك أن هذه التعاليم الإسلامية التي تحارب كل معوقات البحث العلمي تعتبر أوسع وأشمل مما يعرف بأوهام الكهف والسوق والمسرح لبيكون، والتي كثيراً ما يباهي بها ويروج لها فلاسفة العلم وشراح المنهج العلمي[19]. 4ـ نسبية المعرفة العلمية: تتميز المعرفة العلمية بأن تحصيلها يتم نتيجة نشاط إنساني مقصود، يهدف الباحث من ورائه إلى دراسة ظواهر معينة يعكف عليها ويتناولها بالملاحظة الدقيقة وبالتحليل، مستخدماً في ذلك منهجاً يتفق وطبيعة موضوع البحث، بغرض التوصل إلى قوانين عامة تفسر اطراد الظواهر المعنية تمهيداً للاستفادة منها. والمعرفة العلمية بهذا المعنى تمثل الشق المادي لمفهوم العلم الشامل في الإسلام. ومن هنا فإن الحقائق المعبرة عن السلوك الفعلي لظواهر الكون والحياة تظل مستورة في الشق غر المكتشف من العلم حتى يأذن الله بكشفها تدريجياً على أيدي من يشاء من عباده، وإنها لمجلية حتماً في يوم معلوم مهما تعرضت من خلال البحث عنها لمختلف ضروب التشعيب والتحيز المقصود وغير المقصود وذلك مصداقاً للوعد الإلهي في قوله تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ([سورة فصلت: 53]. ولما كانت طبيعة المعرفة العلمية تتطلب إجراء البحث والدراسات المكثفة على أجزاء محدودة جداً من الكون وظواهره، وبمعزل عن بعضها البعض، دون إلمام بكافة الجوانب المتصلة بموضوع البحث والمؤثرة عليه، فإن إدراك الحقيقة الكاملة المطلقة يظل دائماً هدفاً أسمى يسعى إليه العلماء من خلال عملية الحقيقة الكاملة المطلقة يظل دائماً هدفاً أسمى يسعى إليه العلماء من خلال عملية تصحيح مستمرة لمسيرة العلم، تتم بتكافل جهودهم وتنافسهم في السبق إلى كشوف علمية جديدة وإلقاء الضوء على حقائق جزئية في الواقع الكوني الثابت. وقد أثبتت حركة التاريخ العلمي أن الكون يزداد مع التطور المعرفي اتساعاً وعمقاً، وأن العلم الذي نحصله ما هو إلا تصورنا عن حقائق الكون، وليس هو الكون ذاته، ومن ثم فهو ليس مستقلاً عن ذاتية الإنسان، وليس نهائياً في أية مرحلة من مراحل تطوره. وما أبلغ تشبيهات العلماء لجوانب من طبيعة العلاقة المتبادلة بين الباحث وموضوع بحثه. فقد كتب كلود برنار يقول: إن ابتعاد المعرفة عن الباحث في اللحظة التي يظن أنه قد قبض على زمامها، هو في الوقت نفسه سر عذابه وسعادته. وكتب ماكس بلانك يقول: إن الباحث يستمد الرضا والسعادة من النجاح الذي يصاحب البحث عن الحقيقة، لا في امتلاك ناصيتها. ويقول العالم الفيزيائي ألبرت أينشتين: الفيزياء هي محاولة للقبض على ناصية الحقيقة كما هي في الفكر دون نظر إلى كونها موضوع مراقبة[20]. على أننا ننطلق في مفهومنا لنسبية المعرف العلمية ومستويات موضوعيتها أو حقائقها الجزئية مما تشير إليه بعض معاني الآيات القرآنية الكريمة في مثل قوله تعالى: )وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ([الإسراء: 85]. وقوله: )وقل رب زدني علماً (]طه: 114]. وقوله: )وفوق كل ذي علم عليم ([يوسف: 76]. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن الناس يبالغون كثيراً في تصورهم لمعنى الحقيقة العلمية أو الموضوعية العلمية، إلى درجة أنهم يخطئون أحياناً فيما يظنون أنه قوانين فيزيائية معبرة عن السلوك الفعلي للمادة، وهي حقيقة الأمر قوانين لا سيطرة لنا عليها، لأنها أوامر الله المنظمة لحركة الكون فالصيغ والنتائج التي يتوصل إليها العلماء وفق مناهج تقوم على خبرتهم الذاتية، ويعتقدون أنها قوانين فيزيائية موضوعية، لا تكون بالطبع تعبيراً كاملاً عن حقيقة السنن الكونية، وربما لا تمت إليها في بعض الأحيان بأية صلة، حتى وإن كانت تبدو لهم خاضعة للعالم الخارجي ومستمدة من وقائعه ولا علاقة لها بأمور ذاتية. فعلى سبيل المثال: اعتقد أرسطو أنه قد اكتشف أحد قوانين الطبيعة عندما قال: بأن الأجسام الثقيلة تسقط إلى الأرض أسرع من الأجسام الخفيفة، وكان ذلك بناء على منهج فلسفي يخصه ويستند إلى القياس النظري المجرد، مع أن مثل هذا القانون لا وجود له في عالم الواقع على الإطلاق، ولا يمثل حقيقة ما من حقائق الوجود. وكل ما في الأمر: أنه استنتاج مضلل من موضوعية زائفة فغي جوهرها، لأنها انخدعت بما يدركه الحس القاصر، واستندت إلى تأملات العقل الخالص، وارتبطت في الاستدلال عليها بمنهج سلبي عقيم. أما القانون الطبيعي الذي ينطبق على هذا الموقف فقد سعى إليه علماء الحضارة الإسلامية بعد أن دعتهم تعاليم الإسلام إلى المنهج العلمي السليم، ورفضوا قبول البراهين الفلسفية للآراء التي يمكن اختبارها تجريبياً، واهتدوا إلى تحديد الكثير من المفاهيم العلمية المتعلقة بوصف حركة الأجسام وأنواعها حسب حالة العلم في عصرهم[21]. وفي عصر النهضة الأوروبية استطاع جاليليو أن يستخدم ما توفر لديه من أجهزة لقياس الزمن في أن يثبت بالتجربة أن جميع الأجسام الساقطة ذاتياً تتسارع بعجلة ثابتة قيمتها 9.8 متراً لكل ثانية مربعة، وهي من الثوابت الفيزيائية التي لا تنطوي على علاقات علية. إلا أن هذا بدوره لم يكن قانوناً عاماً وكاملاً، فقياسات جاليليو لم تكن بالغة الدقة بحيث تكشف أن نفس الجسم يتسارع بدرجات مختلفة تحت تأثير الجاذبية في أماكن مختلفة على الأرض. كما أن هناك أنواعاً كثير للحركة يعتبر السقوط الحر للأجسام جزءاً منها. والأجسام التي نراها الآن في سفن الفضاء جاليليو يملك الوسيلة لمعرفة ذلك، أو لنقل إن المنهج العلمي الذي اتبعه كان عاجزاً عن تحقيق المعرفة الكاملة. فجاءت الحقيقة العلمية على يديه جزئية ومحدودة بحدود العجز والقصور في العناصر والوسائل التي اعتمد عليها منهجه التجريبي، وهي في جوهرها من متغيرات المنهج العلمي المتجددة والمتطورة مع تقدم العلم وتطور التقنية، كما سنذكر فيما بعد، وهكذا يجد الإنسان دائماً أن ما يصل إليه من علم في أي عصر ليس هو القانون النهائي، ولكنه مرحلة معرفية أرقى من سابقتها وأدنى من لا حقتها في سلم الترقي المعرفي اللانهائي. ولعل إدراج التصور الإسلامي لنسبية المعرفة العلمية وموضوعيتها وحقيقتها[22]ضمن مسلمات المنهج العلمي الإسلامي الذي يساعد على تصحيح الاستخدام الإنساني الخاطىء للعلم ونظريته من الناحيتين الفلسفية والتقنية، خصوصاً بعد أن بالغ أصحاب النزعة العلمية والتقنية المتطرفة في تقديسه وتأليهه بأكثر مما بالغ أنصار ( الحتمية ) وأصحاب الفلسفات العلمية الحديثة. ( ب ) متغيرات معرفية منهجية: ونعني بها مجموعة العناصر والخطوات البنائية في نسق المنهج العلمي الإسلامي، والتي تتميز بارتباطها الوثيق بثوابت المنهج ومسلماته من جهة وبإمكانية تغيرها أو تطورها أو تحورها كما وكيفاً وترتيباً، لتفي بمتطلبات اطراد التقدم العلمي والتقني من جهة أخرى. ويمكن إجمال هذه المتغيرات فيما يلي: 1ـ وسائل البحث العلمي: لقد رفع الإسلام من شأن العلم باعتباره أساساً لفهم العلاقة السليمة بين الله والكون والإنسان. والقرآن الكريم لا يكاد يدع موطناً في الكون دون أن يطوف بالإنسان خلاله، ويستثير فيه النظرة المتأملة المتقصية، ويلفت أصحاب العقول الراجحة، وذوي القلوب المؤمنة، إلى المنهج الصحيح في التعامل مع الكون واستقراء لغته وإشاراته، باعتباره كتاب معرفة للإنسان المؤمن الموصول بالله وبما تبدعه يد الله، وقراءة الآيات المنبثة في جنبات الكون وظواهره تتم بالاستخدام الأمثل لملكات الإدراك والعلم التي وهبها الله للإنسان لتلمس الحقائق الكونية بالاختبار والرصد والتجريب والقياس والاستدلال، مستعيناً في ذلك بحواسه، والعقل من الحواس، أو ما يعززها ويعمقها من أجهزة وأدوات، تبدأ منها وتعود إليها. وقد أشار القرآن إلى حواس الإنسان وملكاته المعرفية في أماكن متفرقة، فذكر ( الذوق ) في قواه تعالى: )فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما ([الأعراف: 22]. وأشار على اللمس في قوله تعالى: )ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ([الأنعام: 7]. وأشار إلى حاسة الشم في قوله تعالى:)ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ([يوسف: 94]. وذكر السمع والبصر والفؤاد ( أي: القلب ) في مثل قوله تعالى:)والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ([النحل: 78]. وقوله تعالى: )أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ([الحج: 46]. وقوله: )كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ([الروم: 59]. وقوله: )أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ([محمد: 24]. وقد فطن علماء المسلمين الأوائل إلى حقيقة الدعوة القرآنية إلى القراءة والعلم وإمعان النظر والفكر في ملكوت السماوات والأرض سعياً إلى الهداية واليقين. فهذا أبو عبد الله القزويني يوصي في كتابه ( عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ): بإعادة النظر في ظواهر الكون، والبحث عن حكمتها وتصاريفها، لتظهر لنا حقائقها وتنفتح لنا عين البصيرة، ونزداد من الله هداية ويقيناً، فليس المراد بالنظر تقليب الحدقة نحو السماء فإن البهائم تشارك الإنسان فيه، ومن لم ير من السماء إلا زرقتها، ومن الأرض إلا غبرتها، فهو مشارك للبهائم في ذلك، وأدنى حالاً منها وأشد غفلة، كما قال تعالى: )ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ([الأعراف: 179]. بهذه الروح الإيمانية الخلاقة أحسن المسلمون الأوائل استخدام وسائل المعرفة والبحث العلمي، واندفعوا في مطلع عصر الرسالة الإسلامية إلى الأخذ بمنهج النظر والبحث العميقين في مختلف مجالات العلوم، وقدموا للحضارة الحديثة رصيداً هائلاً من كتب وأبحاث واكتشافات وتقنيات، لولاها لتأخر سير المدنية عدة قرون. ومن التقدم العلمي والتقني لم تتغير وسائل البحث العلمي في ذاتها، ولكن تطورت الأجهزة التي تعزز أداءها. فعندما اقتحم العلم عالم الذرة والنواة والخلية الحية، وعندما غزا أعماق الفضاء الخارجي لاكتشاف المزيد من الكواكب والنجوم والمجرات، وانتقل من عالم المقاييس البشرية العادية إلى عالم المتناهيات في الصغر والكبر، لم تعد العين المجردة وبقية الحواس قادرة على مواصلة القراءة والبحث في المخلوقات الدقيقة أو البعيدة، وكان اختراع المقاريب والمجاهر البصرية والالكترونية تعزيزاً لحاسة الإبصار، مثلما كانت سماعة الطبيب تعزيزاً لحاسة السمع، وكانت الترمومترات الحرارية تعميقاً لحاسة اللمس، وكان الحاسب الآلي مساعداً للعقل في إجراء العمليات الحسابية والتخطيطية المعقدة. ويستمر تطور الأجهزة العلمية مواكباً لتطور العلم ومرتبطاً في نفس الوقت بأصولها الثابتة كما خلقها الله في الإنسان. وتكمن عظمة المنهج العلمي الإسلامي في أنه تجريبي عقلي في آن واحد، ويعتبر الإنسان بكامله، بحواسه وعقله وإرادته وبصيرته وحدسه، هو الوسيلة الأولى والأخيرة لتحصيل المعرفة العلمية، والأجهزة التي يستخدمها ويطورها لتعزيز قدراته وإمكاناته هي في نفس الوقت من صنع ملكاته، وبهذا يبطل أي اقتصار مصطنع على إحدى وسائل المعرفة، مثلما يفعل العقليون والحسيون ( أو التجريبيون ) وأصحاب النزعة النقدية والنزعة الاجتماعية وغيرهم. 2ـ خطوات البحث العلمي: يجمع فلاسفة العلم وعلماء المناهج على أن الخطوات الرئيسية في المنهج العلمي هي الملاحظة والتجربة والفرض العلمي، لكنهم يختلفون حول أهمية كل منها من حيث الفاعلية والترتيب في النسق البنائي المنهجي العام. والتأصيل الإسلامي لهذه الخطوات يؤكد سبق علماء الحضارة الإسلامية إلى اتباع المنهج التجريبي بما يتفق وحالة المعرفة العلمية في المرحلة التي وصلتها في عصرهم. فقد كشفت قراءتنا لعلوم التراث الإسلامي عن ممارسات علماء الحضارة الإسلامية لمستويات مختلفة من الملاحظة والتجربة والحدس العقلي، مع إدراكهم لطبيعة العلاقة بينها، والشروط العلمية اللازمة لممارستها، والضوابط المنهجية المؤدية إلى استقراء النتائج العلمية على أساسها. أما الفرض العلمي في تراث الحضارة الإسلامية فقد كان أولياً في أغلب الأحيان، ولم يصل إلى مرتبة التعميم أو التجريد في صيغة قانون شامل أو نظرية عامة، ذلك لأن طبيعة علوم التراث الإسلامي يغلب عليها الجانب الوصفي أكثر من التعبير الكمي الذي يميز العلم عادة في مرحلة متقدمة من تطوره، كما في علوم الفيزياء والكيمياء الحديثة والمعاصرة. لكن الاستدلال التحليلي، من ناحية أخرى، يؤكد ثراء الفكر العلمي الإسلامي بأهم مقومات الفرض العلمي، متمثلة في إضفاء مقولات العقل على نتائج الملاحظة والتجربة، واستخدام الخيال العلمي في المماثبة بين الظواهر المختلفة، والكشف عن الوحدة التي تربط بين وقائع متناثرة، وابتكار المفاهيم العلمية المطابقة للواقع والخبرة[23]. وقد ظلت الملاحظة والتجربة والفرض العلمي ـ وسوف تظل ـ أساساً لممارسة البحث العلمي في ذاتها، وقابلة لمواكبة التقدم العلمي والتقني بتطوير أدائها والطرق المستخدمة في إجرائها. وسوف يظل المنهج الإسلامي ـ بشهادة المنصفين من مؤرخي العلم والحضارة ـ هو الينبوع الأول لحضارة العلم الطبيعي. 3ـ العلوم المستحدثة والمتولدة: من يتتبع تطور مناهج البحث العلمي عبر العصور، لن يجد صعوبة في الوقوف على نقاط ضعفها، وأوجه العجز فيها. ذلك أنها جميعها مناهج مؤقتة ومحدودة بحدود النظرة الفلسفية الضيقة لأصحابها ومنظريها. ولهذا: جاء القياس الصوري عقيماً، والبناء الاستنباطي متداعياً، والنسق البيكوني هزيلاً ومنقوصاً، حتى المنهج الفرضي الاستنباطي المعاصر أصبح هو الآخر معرضاً للتصدع. كل ذلك بسبب التقدم المستمر للعلم، واستحداث علوم جديدة ومتولدة لا يجدي معها أي من قوائم المناهج التقليدية المطروحة. أما المنهج العلمي الإسلامي ـ بثوابته ومتغيراته ـ فيترك المجال مفتوحاً لأي علم جديد يحدد الباحثون فيه منهجهم من واقع ممارستهم الفعلية لعملية البحث العلمي بدقائقها وتفاصيلها. فبعض هذه العلوم على سبيل المثال وهو علم ( السيبرنطيقاً ) يحتاج إلى فريق من علماء ذوي تخصصات مختلفة، لأنه يقوم على علوم كثيرة مثل الرياضيات والمنطق والميكانيكا والفسيولوجيا وغيرها. وظهرت كذلك علوم ثنائية وثلاثية ومركبة مثل علوم الفيزياء الفلكية والهندسة الطبية والحاسبات الآلية والمعلوماتية والبيئة وغيرها. 4ـ تصنيف مناهج البحث الفرعية: لقد أصبح واضحاً من واقع البحث العلمي ومشكلاته أن تقسيم مناهج البحث في العلوم لا ينحصر في أنواعها الرئيسية: الاستنباطي، والاستقرائي، والفرض الاستنباطي، والاستردادي، ولكنه يتعداها إلى مناهج خاصة تستخدم مسائل جزئية تختلف من علم إلى علم، بل وتختلف في داخل فروع العلم الواحد. وهذا يتطلب عملية تصنيف مستمرة لأنواع المناهج الفرعية في إطار منهج علمي عام، يشدها إلى ثوابته ومسلماته، ويحتويها بمرونته ومتغيراته. وأخيراً لا يمكن الزعم بأن ما قدمناه في هذه الدراسة هو كل خصائص المنهج العلمي الإسلامي، أو أن كل خصيصة قد وفيت حقها، فالموضوع واسع وعميق، وحسبي أنني اجتهدت في وضع نقاط لتبادل الرأي والحوار البناء حول صياغة إسلامية لمنهج علمي شامل، يسهم في الإعداد السليم للباحث المسلم، وينقذه من متاهة الخوص في إشكاليات المناهج الفلسفية والعلمية المطروحة. أ.د. أحمد فؤاد باشا [1] – أستاذ الفيزياء، ووكيل كلية العلوم جامعة القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، وعضو المجمع العلمي المصري، وصاحب المؤلفات العديدة في التراث العلمي الإسلامي المنهج العلمي وفلسفة العلوم والإشارات العلمية في القرآن الكريم. [2] – لمزيد من التفصيل حول نشأة علم مناهج البحث methodologyوتطوره، وأيضاً حول بعض الأفكار التي جاءت في هذه المقدمة، يمكن الرجوع إلى: ـ د. عبد الرحمن بدوي، مناهج البحث العلمي، وكالة المطبوعات، الكويت 1977م. ـ بول موي، المنطق وفلسفة العلوم، ترجمة د. فؤاد زكريا، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، الكويت 1981م. ـ د. صلاح قنصوه، فلسفة العلم، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة 1981م. ـ و.أ.ب بفردج، فن البحث العلمي، الترجمة العربية، دار اقرأ، بيروت 1983م. ـ د. ماهر عبد القادر محمد علي، فلسفة العلوم، دار النهضة العربية، بيروت 1984م. ـ د. جون ب. ديكنسون، العلم والمشتغلون بالبحث العلمي في المجتمع الحديث، الترجمة العربية، عالم المعرفة، الكويت 1987. ـ روبرت م. اغروس وجورج ستانسيو، العلم في منظوره الجديد، ترجمة د. كمال خلايلي، عالم المعرفة، الكويت 1987م. ـ د. حسن عبد الحميد عبد الرحمن، المراحل الانتقالية لمنهجية الفكر العربي الإسلامي، حوليات كلية الآداب جامعة الكويت، الرسالة الرابعة والأربعون، الكويت 1987م. ـ د أحمد فؤاد باشا، فلسفة العلوم بنظرة إسلامية، القاهرة 1984م. ـ راجع أيضاً دراستنا نحو صياغة إسلامية لنظرية العلم والتقنية مجلة المسلم المعاصر، ع55 1989م. [3] – النسق: ما جاء من الكلام على نظام واحد، والنسق من كل شيء: ما كان على طريقة نظام واحد، ونسق الإنسان: انتظامها في النبتة وحسن تركيبها انظر: لسان العرب، مادة: نسق . [4] – د. أحمد فؤاد باشا، فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي، دراسة تحليلية مقارنة في المنهج العلمي، مجلة المسلم المعاصر. ع 49 1987 . ـ المستشار عبد الحليم الجندي، القرآن والمنهج العلمي المعاصر، دار المعارف 1984م.. [5] – سيد قطب، مقومات التصور الإسلامي، دار الشروق 1986م. ـ د. علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، وخاصة الباب الأول من الجزء الأول، دار المعارف، الطبعة الثامنة 1981 . ـ د. مصطفى حلمي، مناهج البحث في العلوم الإسلامية. مكتبة الزهراء 1984م. [6] – د. أحمد فؤاد باشا: أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي: دراسات تأصيلية، دار الهداية، القاهرة 1997م. د. أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية ـ القاهرة 1984م. [7] – عبد المجيد عبد الرحيم: مدخل إلى الفلسفة بنظرة اجتماعية، القاهرة 1976م. [8] – وحيد الدين خان، واقعنا ومستقبلنا في ضوء الإسلام. ترجمة: د. سمير عبد الحميد إبراهيم، مراجعة: د. عبد الحليم عويس، دار الصحوة بالقاهرة 1984، ص251 ـ 256. انظر أيضاً: المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، القاهرة 1983 مادة 314: تقنوقراطية ومادة 1040: نزعة علمية. [9] – راجع: د. يحيى هاشم فرغل: حقيقة العلمانية بين الخرافة والتخريب، الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف 1989م.. [10] – لمزيد من التفاصيل حول خصائص الإسلام راجع: ـ سيد قطب، خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، دار الشروق 1987م. ـ د. يوسف القرضاوي، الخصائص العامة للإسلام، مؤسسة الرسالة 1985م. [11] – ينفرد التصور الإسلامي بتصور التوحيد الكامل الخالص، من بين سائر التصورات الاعتقادية والفلسفية السائدة في جنبات الأرض. راجع. سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي ومقوماته ص182 وما بعدها، دار الشروق 1987م. [12] – راجع مقالنا: قراءة إسلامية في كتاب الكون مجلة الأزهر، عدد رمضان 1409هـ. [13] – نجح العلماء الثلاثة عبد السلام ـ وينبرج ـ جلاشو نجاحاً جزئياً في التوحيد بين نوعي القوة الجاذبة الكهربية والقوة النووية الضعيفة. وكانت هذه النتيجة الهامة واحدة من الكشوف العلمية المميزة التي أهلت العلماء الثلاثة للحصول على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979م. [14] – فينر هايزنبرج، المشاكل الفلسفية للعلوم النووية ـ ترجمة د. أحمد مستجير، القاهرة 1972م. [15] – راجع مؤلفنا فلسفة العلوم بنظرة إسلامية ص47. [16] – راجع دراستنا فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي . مجلة المسلم المعاصر، ع9؛ 1987 . انظر أيضاً: يحيى هاشم حسن، الإسلام والاتجاهات العلمية المعاصرة، دار المعارف 1984. [17] – مثال ذلك قوله تعالى: (فإذا برق البصر. وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر) [القيامة: 7 ـ 9]. [18] – د. إبراهيم عبد الحميد الصياد: المدخل الإسلامي للطب، مجمع البحوث الإسلامية، 1987م. [19] – راجع: عباس العقاد: التفكير فريضة إسلامية. [20] – رينيه ديبو: رؤى العقل. ترجمة: فؤاد صروف، ص 182، 216، 217 بيروت 1962م. [21] – راجع مؤلفنا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية ومكانته في تاريخ العلم والحضارة. القاهرة 1984م. ومؤلفنا: أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي، دراسات تأصيلية، دار الهداية، القاهرة 1997م. [22] – لم تحظ إشكالية الموضوعية في العلوم الطبيعية باهتمام الباحثين إذا ما قورنت بنظيرتها في العلوم الإنسانية. وربما كان السبب في هذا راجعاً إلى تلك الصورة المثالية الشائعة لموضوعية العلم الصارمة كما روج لها أنصار الفلسفات العلمية. لكن تاريخ العلم يحدثنا بأن القانون الطبيعي الذي يصف حقيقة علمية ما لم يكن في يوم من الأيام ثانوناً عاماً على إطلاقه، ولكنه محدود دائماً بعوامل الزمان والمكان والخبرة الذاتية للإنسان وهذه القضية الهامة سوف نعرض لها بإذن الله في دراسة مستقلة، ونهيب بغيرنا أن يعاون في إبرازها. [23] – ناقشنا هذه القضايا بشيء من التفصيل في دراستنا فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي . المسلم المعاصر، ع49 1987 . |
|||
2010-01-28, 06:09 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
الريادة والتميّز في المنهج العلمي عند المسلمين المنهج العلمي الغربي قاد الغرب إلى المادية والإلحاد.. ولكن إذا انتقلنا إلى المرحلة التالية وهي مرحلة الحضارة العربية الإسلامية نجد أن الأمر قد تغير تمامًا، فإذا كانت الحضارات القديمة اعتمد بعضها على التجربة فقط، كما في الحضارات العملية مثل الحضارة الفرعونية والفينيقية والبابلية وغيرها، أو اعتمدوا على العقل وحده، مثل الإغريق، فنجد أن الإسلام عالج هذا الخلل ونجد في آيات القرآن الكريم قانونًا يوضح هذه الحقيقة، وهو أنه لا المنهج العقلي وحده، ولا المنهج التجريبي وحده، صالح للحصول على النتيجة العلمية السليمة، ولكن المعرفة العلمية الصحيحة تأتي بتكامل كل ذلك مصداقًا لقوله تعالى: (واللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78]. وهذه الآية على إيجازها تعتبر أساسًا سليمًا لنظرية إسلامية في المعرفة؛ لأنها عالجت الخلل الذي وقع فيه القدماء وكذلك المحدثون. إن الحضارة الغربية الحديثة حينما أخذت عن المسلمين منهجهم الاستقرائي التجريبي، ولم تأخذ منه الجانب الروحي، ومن هنا كان منهجهم مبتورًا، والمنهج الذي ينسب إلى فرانسيس بيكون، الذي يعتبرونه نبي الحضارة الغربية، هو منهج مبتور وضعيف؛ لأن بيكون لم يكن عالمًا تجريبيًا ولكنه كان قاضيًا، ولذلك فقد تحدث عن شيء لم يمارسه، بينما نجد أن الحسن بن الهيثم مثلاً، والبيروني وجابر بن حيان وغيرهم مارسوا التجربة العملية وعرفوا خبايا المنهج العلمي الذي يقوم على التجربة والملاحظة والاستقراء. إن الفلسفات الوضعية أخذت من منهج بيكون دستورًا؛ لتبرر به منطقها في الإلحاد، ولتقدم تفسيرها المادي للحياة. وفي الوقت الذي قال فيه علماء الوضعية المنطقية: إن قوانين نيوتن في الحركة والجاذبية قادرة على أن تفسر كل أمور الكون، ولسنا في حاجة إلى جديد، جاء أينشتين بالجديد الذي هدم ما كان هؤلاء يظنون أنه لن يهدم، وهو القول بالاحتمال والنسبية وعدم اليقين. وبعد ذلك بدأ الفلاسفة يلهثون ويحاولون أن يجعلوا من النسبية دستورًا لهم؛ لأنهم يجرون وراء العلم، كلما وجدوا حقيقة جديدة يمكن أن تؤيد بعض أفكارهم ويسمونها الفلسفة العلمية. إن العلم يصحح نفسه والمبادئ التي يستند إليها الماديون والإلحاديون تنهار كلما جاءت نظرية جديدة بينما المذهب الإسلامي يريحهم من هذا العذاب . المنهج العلمي الإسلامي يفسر الكون تفسيرًا شاملاً.. إننا لم نجد منهجًا من المناهج وضع العلاقة السليمة بين الإنسان والكون والخالق بوضوح غير المنهج الإسلامي، فعندما نقرأ قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: 53] يتأكد لدينا ذلك.. فلا يمكن أن تنتظم عملية الفكر والبحث في الكون دون ثلاثية الإنسان والكون والخالق، أما أن يقتصر الأمر على العلاقة بين الإنسان والكون وننفي الدين من دائرة التأثير، فهذا أول مسمار في نعش أي فكر يبعد عن المنهج الإسلامي؛ لأنه سيظل إلى الأبد عاجزًا عن تقديم إجابات شافية. لكن في ضوء الرؤية الإسلامية نستطيع أن نجد إجابات لأشياء كثيرة، فالكون وقوانينه والمادة التي يقولون: إنها كافية لمعرفة وتفسير الحياة والكون، هذه الصورة نجد عكسها في القرآن؛ لأننا ننسب كل شيء إلى الخالق، سبحانه وتعالى. وهذه النواميس العاملة في الكون والتي تحافظ على حركته، سوف يشاء الله أن تعطّل في يوم من الأيام، وهو يوم انتهاء الحياة على الأرض. كما أننا نجد في عقيدتنا منهج السبب والنتيجة.. فالنار لا تحرق إبراهيم ـ عليه السلام ـ وتعطلت قوانينها بأمر الله سبحانه... وهكذا فنحن في الرؤية الإسلامية نجد تفسيرًا لكل الأمور التي تقابلنا في حياتنا، والتي يعجز الفكر الآخر أن يجد لها تفسيرًا، ولهذا فهو لا يؤمن بالمعجزات والغيبيات ولا يعرف إلا الطبيعة. وهكذا فلم يعد المنهج العلمي هو الخطوات التي تبدأ بالملاحظة والتجربة ثم الربط بين النتائج والوصول إلى قانون كما لو كان الأمر وصفة مجربة، ولو كان الأمر كذلك لاستطاع كل أحد أن يصل إلى قانون وأن يصبح مخترعًا. وهناك علماء غربيون درسوا تاريخ العلم بأمانة وأضافوا إضافات كثيرة لكنها ليست كاملة، وفي تصوري أنه يمكن صياغة إطار عام لمنهج علمي يتفق مع رؤيتنا الإسلامية، ويكون قادرًا على تفسير كل الشواهد التي نراها أو التي يسفر عنها البحث العلمي. والمنهج الإسلامي يحدد لنا أن أي باحث في أي موضوع إذا انطلق من مسلمة التوحيد عن إيمان واقتناع سوف يكون أقدر من غيره على الوصول للحقيقة؛ لأن البحث العلمي هو بحث من خلال تنوع الظواهر التي يدرسها ويحاول أن يصل منها إلى قانون عام، أي التنوع في إطار الوحدة، فندرس الإنسان من خلال سلوكياته المختلفة، ومن خلال تركيبه العضوي، ومن خلال جوانبه المختلفة. إن عالمًا مسلمًا سأل نفسه: لماذا تتعدد هذه القوى؟ ماذا يحدث لو حاولنا أن نوحد هذه القوى في معادلة واحدة، وبدأ هذا العالم المسلم يبحث ونال جائزة نوبل على النظرية التي توصل إليها في توحيد القوى وقال في كلمته وهو يتسلم جائزة نوبل: إنه يدين بهذا الكشف لعقيدة التوحيد الإسلامية. وهذا المثال يوضح لنا كيف يمكن أن يكون الباحث المؤمن الذي ينطلق في بحثه من مسلمة التوحيد الإسلامي أقدر من غيره على أن يصل. إن الإيمان بالخالق يجعل الباحث أكثر عمقًا في بحثه، فهو مثلاً بعد أن يدرس تأثير الحرارة على الحديد والنحاس وغيرهما، ويجد أن هذه الأشياء تتمدد بالحرارة ويصبح هذا فرضًا أساسيًا، الباحث المادي هنا يرى أنه طالما أجرى المزيد من التجارب، فسوف يمكنه استنتاج القانون، لكن الباحث المؤمن الذي يرجع نظام الكون والسنن الإلهية وحركة الكون إلى الخالق ـ سبحانه ـ، سيكون عنده ثقة أكبر في النتائج الحقيقية، ومن هنا تكون الحقائق التي يصل إليها حقائق علمية بالفعل. إن كثيرًا من العلماء يشككون في وجود حقيقة علمية، فصحيح أن الحقيقة العلمية متغيرة ومتطورة، وهي حقائق جزئية تنمو مع تطور العلم، لكن الحقائق العلمية موجودة وليست كما يقول علماء الغرب. وبالتالي فإن الإطار الفكري للمنهج العلمي الإسلامي يحمي الباحث ويحمي العلم ويوجه العلم الوجهة السليمة. وعلماء المسلمين كانوا على مستوى هذا المنهج الإسلامي؛ لأنهم عندما بحثوا كانوا ينطلقون من مسلمة التوحيد وعندما تحدثوا عن العقلانية كانت عقليتهم إيمانية ولم تكن عقلانية وثنية كما كانت عند الإغريق. إن الإغريق كانوا يفسرون عملية الشفاء بالأخلاط الأربعة في الجسم حيث كانوا يحاكون الطبيعة وعلماء المسلمين استخدموا نفس النظرية في العلاج لكنها كانت إيمانية ترجع إلى الخالق، سبحانه وتعالى. المنهج العلمي الإسلامي تفوق على منهج بيكون.. إن علماء المسلمين وضعوا تأصيلاً للمنهج العلمي السليم أحسن مما وضعه فرنسيس بيكون بعد ذلك بعدة قرون، وقد أضافوا ملكات أخرى إلى وسائل تحسين المعرفة، فالمعرفة لا تحصل بالعقل وحده، ولا بالحواس وحدها، ولكن هناك ملكات أخرى موجودة في الإنسان، وتساعده في الوصول إلى الحقائق العلمية، وهذه الملكات الإضافية لا يعترف بها المنهج الوضعي، فعلى سبيل المثال لا يعترف المنهج الوضعي بأن تقوى الله تساعده على تحصيل المعرفة، بينما القرآن يؤكد ذلك: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) [البقرة: 282]... وقد كان الحسن بن الهيثم يقول: إذا استعصت عليّ مسألة ألجأ إلى الصلاة والاستغفار فيفتح الله عليّ. وهكذا قامت الحضارة العربية الإسلامية على الجانب الروحي والجانب المادي، بعكس الحضارة الغربية التي قامت على الأساس المادي وحده، ولذلك يتوقع لها علماء الغرب أنفسهم الانهيار القريب؛ لأنها حضارة قائمة أيضًا على المنهج النفعي البرجماتي. |
|||
2010-01-28, 06:15 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
منهج البحث العلمي : تعريف، وهدف، وأهمية |
|||
2010-01-28, 06:17 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
المنهج العلمي عند ماكس فيبر |
|||
2010-01-28, 06:21 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
خطوات المنهج العلمي [align=justify]البحث العلمي ذو طبيعة متماسكة، تتصل فيه المقدمات بالنتائج، كما ترتبط فيه النتائج بالمقدمات، لذا فإن من الضروري أن يقوم الباحث منذ إختياره للمشكلة بوضع تصميم منهجي دقيق لكافة الخطوات التي يشتمل عليها البحث.
و يعرف البحث العلمي على أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة, وذلك عن طريق الاستقصاء الشامل و الدقيق لجميع الشواهد و الأدلة التي يمكن التحقق منها, والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة. من الممكن تعريف البحث بأنه ( الدراسة العلمية المنظمة لظاهرة معينة باستخدام المنهج العلمي للوصول إلى حقائق يمكن توصيلها و التحقق من صحتها ). ووفقاً لهذا التعريف، فإنه من الممكن تقسيم عناصر البحث الأساسية إلى ثلاثة: الموضوع، والمنهج، والهدف. فمن حيث الموضوع يستلزم البحث وجود ظاهرة أو مشكلة معينة تتحدى تفكير الباحث و تدفعه إلى محاولة الكشف عن جوانبها الغامضة. ومن الممكن أن تكون الظاهرة المدروسة ظاهرة سوية أو ظاهرة مرضية، كدراسة نظام الزواج في المجتمعات الريفية أو الحضرية، أو مشكلة الطلاق، أو جناح الأحداث، أو البطالة بين المتعلمين. ومن الضروري أن يتجه البحث إلى تحقيق أهداف عامة وغير شخصية. صحيح أن كل بحث يبدأ بشعور الباحث بمشكلة معينة، غير أن من الضروري أن تكون المشكلة ذات قيمة علمية، أو دلالة إجتماعية عامة. ومن حيث المنهج يستلزم كل بحث إستخدام المنهج العلمي في الدراسة، و يتطلب ذلك إتباع خطوات المنهج العلمي، و الإلتزام بالحياد و الموضوعية، والاستعانة بالأدوات والمقاييس التي تعين على دقة النتائج، و الإقتصار على دراسة الوقائع المحسوسة بالصورة التي توجد عليها لا كما ينبغي أن تكون. و يترتب على استخدام المنهج العلمي أن نتائج البحث تكون قابلة للاختيار والتحقق بحيث اختار باحث آخر نفس المشكلة، واتبع نفس الخطوات، واستخدم نفس المناهج والأدوات التي استخدمت في البحث أمكنه أن يحصل على نفس النتائج. أما من حيث الهدف فإن البحث يهدف إلى تقديم إضافة جديدة، وهذه الإضافات تختلف من بحث إلى آخر. فقد يسعى باحث وراء حقيقة علمية جديدة لم يسبقه إليها أحد، في الوقت الذي يسعى فيه باحث آخر إلى التحقق من صدق بعض النتائج التي توصل إليها غيره من الباحثين. و ليس من الضروري في كل بحث أن يوفق الباحث في الوصول إلى الحقيقة فقد يضع فروضاً معينة يحاول التحقق من صحتها ثم يثبت له بطلانها و ليس في ذلك ما يقلل من قيمة البحث، فالعلم يستفيد من الفروض الصحيحة والفروض الغير صحيحة، وكلما أثبت البحث خطأ فرض من الفروض، كلما اقترب الباحثون من الحقيقة. مراحل البحث الإجتماعي و خطواته :تمر عملية البحث في مراحل ثلاثة رئيسية هي: المرحلة التحضيرية، والمرحلة الميدانية، والمرحلة النهائية. وتتضمن كل مرحلة من المراحل مجموعة من الخطوات. ففي المرحلة التحضيرية يقوم الباحث باختيار مشكلة البحث وصياغتها وتحديد المفاهيم والفروض العلمية، وتحديد نوع الدراسة التي يقوم بها، وكذا نوع المنهج المستخدم في البحث والأدوات اللازمة لجمع البيانات، كما يقوم بتحديد مجالات البحث الثلاثة البشري، المكاني، الزمني. وفي المرحلة الميدانية يقوم الباحث بجمع البيانات إما بنفسه أو عن طريق مجموعة من الباحثين الميدانيين الذين يستعان بهم في أغلب الأحيان في البحوث الكبيرة التي تجريها مراكز البحث العلمي والهيئات والمؤسسات العامة، وتتضمن هذه المرحلة مجموعة من الخطوات أهمها: عمل الاتصالات اللازمة بالمبحوثين وتهيئتهم لعملية البحث، وإعداد الباحثين الميدانيين وتدريبهم، والإشراف عليهم أثناء جمع البيانات من الميدان للوقوف على ما يعترضهم من صعاب، والعمل على تذليلها أولاً بأول، ثم مراجعة البيانات الميدانية لاستكمال نواحي النقص فيها والتأكد من أنها صحيحة ودقيقة و مسجلة بطريقة منظمة، وفي المرحلة النهائية يقوم الباحث بتصنيف البيانات وتفريغها وجدولتها وتحليلها وتفسيرها، ثم يقوم بكتابة تقرير مفصل يشتمل على كل الخطوات التي مرت بها عملية البحث. وفيما يلي عرض لهذه الخطوات بشيء من الإيجاز: 1. العنوان : يشترط في عنوان البحث أن يؤدي وظيفتين أساسيتين: - الأولى: إعلامية، أي إعلام الباحثين خاصة والقراء عامة بموضوع البحث، والحقل الذي يبحث في نطاقه، واتجاهات البحث ( نظرياً – تطبيقياً ) والمشكلات التي يعالجها. ويؤدي العنوان هذه الوظيفة للتعريف بموضوع بحثه ومجاله. لذلك يشترط في العنوان أن يكتب بعبارات موجزة ولغة سلسة مقبولة، ويفضل فيه إبراز الفكرة الأساسية وخاصة الكلمات التي تمثل محور المشكلة التي يستهدفها البحث. - الثانية: دعائية، أي إقناع الباحثين والقراء بالفكرة والموضوع الذي يدرسه البحث وعدم الاكتفاء باجتذاب القراء أو أن يتسم بالطرافة أو الإثارة. فالعنوان لابد أن يتسم في العلمية، والموضوعية، وأن يكون منطقياً. ولا يشترط توفر الشروط المذكورة جميعها في العنوان، ولكن على الأقل أن يتضمن العنوان أحدها. والقاعدة التي يعرفها معظم من مارس مهنة الكتابة والبحث: أن يشمل العنوان من المعلومات ما يدفع باحثاً آخر أن يبحث ن هذه المعلومات تحت هذا العنوان. وقيل عنه أنه اللافتة ذات السهم الموضوعة في مكان ما لترشد السائرين حتى يصلوا إلى أهدافهم. 2. مشكلة البحث: تعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات البحث لأنها تؤثر في جميع الخطوات التي تليها، ويمكن تحديد مفهومها بأنها: عبارة عن موقف غامض، أو موقف يعتريه الشك، أو ظاهرة تحتاج إلى تفسير، أو هي قضية تم الإختلاف حولها، وتباينت وجهات النظر بشأنها، ويقتضي إجراء عملية البحث في جوهرها، أو هي كل قضية ممكن إدراكها أو ملاحظتها ويحيط بها شيء من الغموض، ومع محاولات تبسيط مفهوم المشكلة، وتحديده يمكن القول أنها "حاجة لم تشبع أو وجود عقبة أمام إشباع حاجتنا، أو هي سؤالاً محيراً أو رغبة في الوصول إلى حل الغموض أو إشباع النقص". أو هي طريقة السلوك التي تمثل تعدياً على كل أو بعض المعايير والقيم الاجتماعية. فإنه لابد من الإقرار بأن الإشكالية البحثية ليست بهذه البساطة، لأنها تمثل إشكالية معرفية، وموضوعها هو العلاقات بين الأحداث، تلك التي تظهر في صيغة إنحرافات اجتماعية. 3. تحديد نوع الدراسة أو نمط البحث : يتحدد نوع الدراسة على أساس مستوى المعلومات المتوفرة لدى الباحث، وعلى أساس الهدف الرئيسي للبحث. فإذا كان ميدان الدراسة جديداً لم يطرقه أحداً من قبل إضطر الباحث إلى القيام بدراسة إستطلاعية ( كشفية ) تهدف أساساً إلى استطلاع الظروف المحيطة بالظاهرة التي يرغب في دراستها، والتعرف على أهم الفروض التي يمكن إخضاعها للبحث العلمي الدقيق، أو ليتمكن من صياغة المشكلة صياغة دقيقة تمهيداً لبحثها بحثاً متعمقاً في مرحلة تالية، وإذا كان الموضوع محدداً عن طريق بعض الدراسات التي إجراؤها في الميدان أمكن القيام بدراسة وصفية تهدف إلى تقرير خصائص الظاهرة وتحديدها تحديداً كيفياً وكمياً. وإذا كان الميدان أكثر تحديداً ودقة، استطاع الباحث أن ينتقل إلى مرحلة ثالثة من مراحل البحث فيقوم بدراسة تجريبية للتحقق من صحة بعض الفروض العلمية. ويلاحظ أن وضع الفروض يرتبط بنوع الدراسة. فالدراسات الإستطلاعية تخلو من الفروض، على حين أن الدراسات الوصفية قد تتضمن فروضاً إذا كانت المعلومات المتوفرة لدى الباحث تمكنه من ذلك، أما الدراسات التجريبية فإن من الضروري أت تتضمن فروضاً دقيقة محددة بحيث تدور الدراسة بعد ذلك حول محاولة التحقق من صحتها أو خطئها. 4. تحديد المنهج أو المناهج الملائمة للبحث : يشير مفهوم المنهج إلى الكيفية أو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة المشكلة موضوع البحث. وهو يجيب على الكلمة الاستفهامية: كيف؟ فإذا تساءلنا كيف يدرس الباحث الموضوع الذي حدده؟ فإن الإجابة على ذلك تستلزم تحديد نوع المنهج. ومن المناهج التي تستخدم في البحوث الاجتماعية: المسح الاجتماعي، والمنهج التاريخي، ومنهج دراسة الحالة، والمنهج التجريبي. 5. تحديد الأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات : يشير مفهوم الأداة إلى الوسيلة التي يجمع بها الباحث البيانات التي تلزمه. وهو يجيب على الكلمة الإستفهامية، بم أو بماذا؟ فإذا تساءلنا بم يجمع الباحث بياناته؟ فإن الإجابة على هذا التساؤل تستلزم تحديد الأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات. وغالباً ما يستخدم الباحث عداً كبيراً من أدوات جمع البيانات من بينها الملاحظة، والاستبيان، والمقابلة، ومقاييس العلاقات الاجتماعية والرأي العام، وتحليل المضمون، بالإضافة إلى البيانات الإحصائية على إختلاف أنواعها. ويتوقف اختيار الباحث للأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات على عوامل كثيرة. فبعض أدوات البحث تصلح في بعض المواقف و الأبحاث عنها في غيرها. فمثلاً يفضل بشكل عام استخدام المقابلة والإستبيان عندما يكون نوع المعلومات اللازمة له اتصال و ثيق بعقائد الأفراد و اتجاهاتهم نحو موضوع معين، وتفضل الملاحظة المباشرة عند جمع معلومات تتصل بسلوك الأفراد الفعلي نحو موضوع معين، كما تفيد الوثائق والسجلات في إعطاء المعلومات اللازمة عن الماضي. وقد يؤثر موقف المبحوثين من البحث في تفضيل وسيلة على وسيلة أخرى. ففي بعض الأحيان يبدي المبحوثون نوعاً من المقاومة ويرفضون الإجابة على أسئلة الباحث، وفي هذه الحالة يتعين استخدام الملاحظة في جمع البيانات. وزيادة في توضيح المعنى الذي نقصده باستخدامنا لمفهوم نوع الدراسة أو نمط البحث، والمنهج والأداة نضرب المثال التالي: إذا قمنا بدراسة عن ميزانية الأسرة الأردنية، وكان همنا من وراء هذه الدراسة معرفة مستوى معيشة الفرد، وتحديد مصادر الدخل المختلفة، ومتوسط الإنفاق في الغذاء والمسكن والملبس والمكيفات والترويح والوصول إلى تعميمات متعلقة بهذه النواحي، ثم وقع اختيارنا على منطقة معينة لنقوم فيها بمسح اجتماعي وقمنا بإرسال صحائف استبيان إلى أفراد العينة التي حددناها، في هذه الحالة نستطيع أن نقول أن نمط البحث وصفي، ومنهج البحث هو المسح الاجتماعي، وأداة جمع البيانات هي الإستبيان أو الاستفتاء. 6. تحديد المجال البشري للبحث ( وحدة الدراسة ): وذلك بتحديد مجتمع البحث و قد يتكون هذا المجتمع من جملة أفراد، أو عدة جماعات، وفي بعض الأحيان يتكون مجتمع البحث من عدة مصانع أو مزارع أو وحدات اجتماعية، ويتوقف ذلك بالطبع على المشكلة ( موضوع الدراسة ). 7. تحديد المجال المكاني للبحث: وذلك بتحديد المنطقة أو البيئة التي تجري فيها الدراسة0 8. تحديد المجال الزمني للبحث: وذلك بتحديد الوقت الذي تجمع فيه البيانات. ويقتضي ذلك القيام بدراسة استطلاعية عن الأشخاص الذين تتكون منهم العينة لتحديد الوقت المناسب لجمع البيانات. 9. جمع البيانات من الميدان: قد يجمع الباحث البيانات بنفسه، وقد يجمعها عن طريق مندوبين عنه. ولما كانت عملية جمع البيانات هي التي تتوقف عليها صحة النتائج ودقتها، فإن جامعي البيانات يجب أن تتوافر لديهم الخبرة والدراية الكاملة بالبحوث الميدانية، وأن تكون لديهم من القدرات والمواهب الشخصية ما يؤهلهم لجمع البيانات كحسن التصرف واللباقة والصبر، وأن يكون لديهم إلمام ببعض القضايا الاجتماعية الخاصة بالمجتمع بعامة، ومجتمع البحث بصفة خاصة، كما أن من الضروري أن يقوم الباحث بتدريب جامعي البيانات قبل النزول إلى الميدان وذلك عن طريق شرح الهدف من البحث وخطته وكيفية تطبيق أدوات البحث على أن يشمل ذلك التدريب على الشروط الأساسية في تطبيق كل أداة وكيفية التصرف في المواقف المتوقعة، ويفضل أن يطبع دليل للعمل الميداني ليكون مرجعاً لجامعي البيانات يسترشدون به وقت الحاجة. 10. تصنيف البيانات و تفريغها و تبويبها: بعد مراجعة البيانات ينبغي على الباحث أن يصنف البيانات في نسق معين يتيح للخصائص الرئيسية أن تبدو واضحة جلية، وينبغي على الباحث أن يفرغ البيانات إما بالطريقة اليدوية أو بالطريقة الآلية ويتوقف ذلك على عدد الإستمارات التي جمعها الباحث. وبعد تفريغ البيانات وإحصاء الاستجابات تبدأ عملية تبويب البيانات في جداول بسيطة أو مزدوجة أو مركبة. 11. تحليل البيانات و تفسيرها: من الضروري بعد جدولة البيانات تحليلها احصائياً لإعطاء صورة وصفية دقيقة للبيانات التي أمكن الحصول عليها، ولتحديد الدرجة التي يمكن أن تعمم بها نتائج البحث على المجتمع الذي أخذت منه العينة وعلى غيره من المجتمعات، ويستعان في ذلك بالأساليب الإحصائية المختلفة التي تفيد في هذا المجال. 12. كتابة تقرير البحث: بعد الانتهاء من تفسير البيانات ، تبدأ خطوة كتابة تقرير عن البحث. وعن طريق هذه الخطوة يستطيع الباحث أن ينقل إلى القراء ما توصل إليه من نتائج، كما يستطيع أن يقدم بعض المقترحات وللتوصيات التي خرج بها من البحث، ويشترط أن تكون هذه المقترحات ذات صلة وثيقة بالنتائج التي أمكن الوصول إليها، وأن تكون محددة تحديداً دقيقاً. وتتجلى مهارة الباحث في الربط بين ما يتوصل إليه من نتائج وبين ما يقترحه من حلول للمشكلات التي أسفرت عنها الدراسة والتي تشير إليها نتائج البحث بدون مبالغة أو حشو أو تطويل.[/align] |
|||
2010-01-28, 06:28 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
مناهج البحث العلمي |
|||
2010-11-14, 09:14 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
مشاء الله جاك ثلاث بحوث |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
المنهج, العلمي |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc