والحال الرابعة :
( لعاجز عن الطهارة ) بالماء ( أو التيمم لكل صلاة )
لأن الجمع أبيح للمسافر والمريض للمشقة
والعاجز عن الطهارة لكل صلاة في معناهما .
الحال الخامسة :
المشار إليها بقوله : ( أو ) عاجز ( عن معرفة الوقت كأعمى ) ومطمور ( أومأ إليه أحمد ) قاله في الرعاية , واقتصر عليه في الإنصاف .
والحال السادسة :
( لمستحاضةٍ ونحوها ) كصاحب سلس بول أو مذي أو رعاف دائم ونحوه ، لما جاء في حديث حمنة حين استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في الاستحاضة , حيث قال فيه : ( فإن قويتِ على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلين الظهر والعصر جميعا , ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين : فافعلي )
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه
ومن به سلس البول ونحوه في معناها .
والحال السابعة والثامنة :
( لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة ) كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله , أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه " .
وهذه الأعذار تبيح الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .
وهناك أعذار تبيح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة ، وهي ستة ، بينها بقوله :
" ويجوز الجمع بين العشاءين ، لمطرٍ يبل الثياب , أو يبل النعل أو البدن , وتوجد معه مشقة روى البخاري بإسناده أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة " وفعله أبو بكر وعمر وعثمان " و ( لا ) يباح الجمع لأجل ( الظل ) ولا لمطر خفيف لا يبل الثياب على المذهب , لعدم المشقة .
ويجوز الجمع بين العشاءين دون الظهرين ( لثلج وبرد )
لأنهما في حكم المطر .
ويجوز الجمع بين العشاءين لـ ( جليد ) لأنه من شدة البرد ( ووحل وريح شديدة باردة ) .
قال أحمد في رواية الميموني :
" إن ابن عمر كان يجمع في الليلة الباردة " زاد غير واحد : " ليلا " ، وزاد في المذهب والمستوعب والكافي " مع ظلمة . قال القاضي : وإذا جاء ترك الجماعة لأجل البرد كان فيه تنبيه على الوحل ، لأنه ليس مشقة البرد بأعظم من مشقة الوحل
ويدل عليه خبر ابن عباس جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير خوف ولا مطر ، ولا وجه يحمل عليه إلا الوحل ؛ أي عند انتفاء المرض .
قال القاضي : وهو أولى من حمله على غير العذر والنسخ ، لأنه يحمل على فائدة , فيباح الجمع مع هذه الأعذار ( حتى لمن يصلي في بيته , أو ) يصلي ( في مسجد طريقه تحت ساباط ولمقيمٍ في المسجد ونحوه ) كمن بينه وبين المسجد خطوات يسيرة .
( ولو لم ينله إلا يسير ) لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر ، وإنما اختصت هذه بالعشاءين لأنه لم يرد إلا فيهما ، ومشقتهما أكثر من حيث إنهما يفعلان في الظلمة ، ومشقة السفر لأجل السير وفوات الرفقة ، بخلاف ما هنا " انتهى مختصرا .
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
أنه يجمع بين الظهرين أيضا لهذه الأعذار ، إذا وجدت المشقة .
قال رحمه الله :
" القول الصحيح في هذه المسألة : أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار ، كما يجوز الجمع بين العشاءين ، والعلة هي المشقة ، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع " انتهى
من "الشرح الممتع" (4/393).
وقال رحمه الله :
" إذا اشتد البرد ، مع ريح تؤذي الناس : فإنه يجوز للإنسان أن يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته)
وهذا يدل على أن الحكمة من مشروعية الجمع إزالة المشقة عن المسلمين ، وإلا فإنه لا يجوز الجمع .
والمشقة في البرد إنما تكون إذا كان معه هواء وريح باردة ، وأما إذا لم يكن معه هواء فإن الإنسان يتقي البرد بكثرة الملابس ولا يتأذى به
ولهذا لو سألنا سائل : هل يجوز الجمع بمجرد شدة البرد ؟ لقلنا : لا يجوز ، إلا بشرط أن يكون مصحوباً بريح باردة تؤذي الناس ، أو إذا كان مصحوباً بنزول الثلج ، فإن الثلج إذا كان ينزل فإنه يؤذي بلا شك ، فحينئذ يجوز الجمع
أما مجرد البرد فليس بعذر يبيح الجمع ، فمن جمع بين الصلاتين لغير عذر شرعي ، فإنه آثم وصلاته التي جمعها إلى ما قبلها غير صحيحة ، وغير معتد بها ، بل عليه أن يعيدها.
وإذا كان جمع تأخير :
كانت صلاته الأولى في غير وقتها ، وهو آثم بذلك .
هذه المسألة أحببت أن أنبه عليها؛ لأن بعض الناس ذكروا لي أنهم جمعوا قبل ليلتين من أجل البرد ، بدون أن يكون هناك هواء يؤذي الناس ، وهذا لا يحل لهم " انتهى
من "لقاء الباب المفتوح" (18/1).
والله أعلم .