الحرب على غزّة تكتُب شهادة وفاة مِصداقية المُؤسسات الغربية الدولية و"المُستقلّة" السّياسية منها والاِقتصادية والحُقوقية

[سندباد علي بابا]

الحرب على غزّة تكتُب شهادة وفاة مِصداقية المُؤسسات الغربية الدولية و"المُستقلّة" السّياسية منها والاِقتصادية والعسكرية والحقُوقية.


عندما تجتمع مؤسسة البرلمان الأوربي للتصويت على قرار بأغلبية ضد الحكومة السورية واتهامها بممارسة القتل والتعذيب بينما تسكت على الكيان الصهيوني الذي يخوض حرب إبادة وتطهير عرقي ضد الفلسطينيين في الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اللحظة ويستخدمُ فيها سلاح الغذاء وتجويع لقتلهم وإنهاء شعب هو الشّعب الفلسطيني.


وعندما تُصدر الجنائية الدّولية أمراً بالقبض على رئيس دولة عظمى وهي روسيا بسبب حرب أوكرانيا بينما لا تتحرك مطلقاً لإصدار مُذكرة في حق المُجرم جورج بوش الأب في حرب الإبادة التي خاضها ضد الشّعب العراقي والحصار الجائر الذي دام اِثنتا عشرة سنة تم خلالها منع الغذاء والدواء عليه وبرنامج الأممي الغذاء مُقابل النفط والّذي راح ضحيته مليون عراقي من الأطفال والنّساء أو المجرم جورج بوش الاِبن أو المجرم رئيس وزراء المملكة المتحدة توني بلير أو المُجرم وزير الدفاع الأمريكي ديك شني أو المجرم وزير الخارجية الأمريكية كُولن باول الّذين تسببوا في دمار العراق حضارة ودولةً وتاريخاً إنسانياً ومجتمعاً متنوع الأعراق والثقافات ومقتل مئات الآلاف من العرقيين.


عندما تتحرك الجنائية الدولية لمُحاكمة عُمر البشير ولا تنبس ببنت شفة كلمة عن جرائم جُيوش فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال.. في إفريقيا منذ الفترة الاستعمارية وحتّى كتابة هذه السُّطور وآخرها مجازر روندا وتورط أجهزة وجيش فرنسا فيها.


عندما تتحرك الجنائية الدولية ضد كل شخص خارج المنظومة الغربية وتتوقف وتتسمر عن الحركة وتُصاب بالشلل للتحرك ضد فرنسا الاستعمارية الّتي قتلت أكثر من 5 ملايين جزائري في فترة اِستعمارها للجزائر والتي دامت من 1832 – 1962.


إنَّ المُؤسسات الغربية الدولية والحُكومية و"المُستقلّة" دأبت على اِستخدم النّظام المالي العالمي وعملة الدولار عُملة التبادل العالمية سابقاً فتُدعّم اِقتصاد أوكرانيا في فترة حربها مع رُوسيا وتُدعم اِقتصاد الكيان الصهيوني في فترة الحرب على غزة حالياً (طوفان الأقصى) وتُحاول عن طريق هذا النّظام المالي العالمي الّذي يحتكره الغرب تدمير اِقتصاد رُوسيا من خلال العقوبات وتدمير اقتصاد الصين من خلال الحرب التجارية وحرب العملات وحرب العقوبات و وكذلك اِقتصاد إيران واِقتصاد سُوريا واِقتصاد مصر واِقتصاد تركيا بسبب رغبة هذه الدُّول في الاستقلالية عن واشنطن.


وعِندما يستخدم الغرب القوّة العسكرية الغاشمة عن طريق حلف الناتو لإسقاط النّظام الوطني في العراق وفي يوغسلافيا وفي ليبيا.. فإنه في الوقت نفسه يستخدم هذا الحلف العسكري المخرب (حلف الناتو) لإعادة ديكتاتور هايتي الموالي للغرب جان برتران أرستيد إلى الحُكم بالقوّة (راؤول سيدراس) وتنصيبه رئيساً لهذا البلد حتّى ولو كان ذلك ضد رغبة الشعب الهاييتي، ودعم الديكتاتور أغوستو بينوشيه لحُكم التشيلي والانقلاب على رئيسها اليساري المُنتخب سلفادور أليندي.


وعندما يستخدم الغرب مُؤسسات حقوق الإنسان الغربية الدولية الحكومية منها و"المستقلة" للحديث عن مأساة الروهينغا في بورما والإيغور في الصين فإنّه في الوقت نفسه يسكت على حقوق الإنسان في فلسطين وفي المغرب وفي العراق وفضيحة سجن أبو غريب وسجن غوانتنامو في كوبا ويُغييبها تماماً فتذهب وتنتهي وتُنسى دون تحقيق عدالة للضحايا فيها أو لذويهم.


عندها فقط تكتشف أنَّ الغرب عندما خلق وأنشأ هذه المُؤسسات الدّولية والحُكومية و"المُستقلّة" فإنّها جاءت لتُحاسب وتُعاقب أي دولة أو مجموعة أو أي شخص في العالم مهما كانت مكانته ومرتبته ولكن ليس من داخل المنظُومة الغربية أذنابها وأذيالها وعبيدها.


فهذه المُؤسسات الدّولية الأُممية وغير الأُممية الحُكومية أو الّتي تُموّل من طرف الحُكومات الغربية ("المستقلة") إنّما خلقها وأنشأها الغرب المُتوحش المُفترس الحيواني من أجل التغلُّب على الدُّول العُظمى وغير العُظمى من خارج منظُومته لإضعافها وإسقاطها وتقسيمها ونهبها وسرقتها وتدميرها في نهاية المطاف وهي عصاً يُلوح بها ضدّ الدُّول الضعيفة من خارج منظمته لسرقتها ونهبها وفرض الهيمنة عليها بكلّ أشكالها المُتعددة بل إنّه يستخدمُ هذه المُؤسسات أحياناً على أتباعه من خارج جغرافيته وإيديولوجيته وفكره وجنسه وعرقيته وتاريخه لإخافته (الدُّول الوظيفية) حتّى يظلّ عبداً ذليلاً مطيعاً لهذا الغرب المُفترس وذلك بتنفيذ كلّ أوامره الّتي لا تقبل النِّقاش حتّى لو كانت هذه الأوامر تضر بمصلحته، فالغرب ينظُر لهؤلاء ولكل شُعوب المعمُورة من خارج المنظُومة الغربية كعبيد خُلقوا لخدمة هذا الغرب المُفترس المُتوحش والعمل على رفاهيته وسعادته ولو كان في مصلحة الغرب إفناء 7 ملايير من البشر لمواصلة تحقيق التفوق السُّكاني والاِجتماعي والاِقتصادي لهذا الغرب فإنّه لا يتردد أو يتوانى في فعل ذلك أو أي شيء مهما كان أخلاقياً أو غير أخلاقياً فالأخلاق بعيدة عن فهم وتركيبة وطبيعة وفطرة هذا الغرب الموغل في المادة المتعلق بالحياة الدنيا والذي لا يؤمن لا بآخرة ولا بحساب ولا بعقاب أبداً.


ولعل الإبادة في غزة هي بروفة بسيطة وصغيرة عما ينتظر البشرية من إبادة لها وقد تصل بعد سنوات إلى 9 مليار نسمة نصيب الغرب المفترس والمتوحش منها مليار واحد فقط وهذا الأمر يُشكل هاجساً مُخيفاً للغرب لذلك لن يتوانى هذا الأخير عن فعل أي شيء يجعلهُ يعيد هذا السيناريو المرعب في غزة على العالم بأسره بهدف ارجاع الأمور إلى نصابها والعالم إلى توازنه السكاني كما يعتقدُ هو وذلك بعدة حجج وهي كثيرة .. التغير المناخي.. صعود اليمين المتطرف.. خُطط اليسار وفكرة تأييدهم لمجتمع الميم والمثلية .. الحروب البيولوجية كوفيد- 19 .. إلخ والقادم أسوء.


بقلم: سندباد علي بابا