السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
تفسير قوله تعالى
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ سورة الحج 77
الرُّكوع: الانحناء؛ فتارةً يُستعمل في الهيئة المخصوصة
في الصلاة كما هي، وتارةً في التواضع والتذلُّل
إما في العبادة، وإما في غيرها
المفردات في غريب القرآن؛ الراغب الأصفهاني ص 208.
السُّجود: أصله التَّطامُن والتذلُّل
وجعَل ذلك عبارةً عن التذلل لله وعبادته
وهو عامٌّ في الإنسان والحيوانات والجمادات
وذلك ضربان؛ سجودٌ باختيار، وليس ذلك إلا للإنسان
وبه يستحقُّ الثوابَ
نحو قوله: ﴿ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴾ [النجم: 62]
أي: تذلَّلوا له، وسجودُ تسخير؛ وهو للإنسان والحيوان والنبات
وعلى ذلك قوله:
﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا
وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]
وقوله: ﴿ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ ﴾ [النحل: 48]
فهذا سجودُ تسخيرٍ
وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبِّهة على كونها مخلوقة
وأنها خَلْق فاعلٍ حكيمٍ.
وقوله: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل: 49]
ينطوي على النوعين من السجود والتسخير والاختيار
وقوله: ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ [الرحمن: 6]
فذلك على سبيل التسخير
وقوله: ﴿ اسْجُدُوا لِآدَمَ ﴾ [البقرة: 34]
قيل: أُمروا بأن يتخذوه قِبلة
وقيل: أُمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه ومصالح أولادِه
فائتمَروا إلا إبليس
وقوله: ﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ﴾ [البقرة: 58]
أي: متذلِّلين مُنقادين.
وخصَّ السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة
وما يَجري مَجري ذلك من سُجود القرآن وسجود الشكر
وقد يعبَّر به عن الصلاة بقوله تعالى:
﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق: 40]؛ أي: أدبار الصلاة
(والمسجد): مَوضع الصلاة اعتبارًا بالسجود
وقيل المساجد: مواضِع السجود
الجبهة، والأنف، واليدان، والركبتان، والرِّجلان
المفردات في غريب القرآن؛ الراغب الأصفهاني ص 230.