فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-28, 15:46   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يتعارض قوله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر) مع حاجتنا لتفاسير العلماء؟

السؤال

يوجد آيات لا أستطيع أنا وأغلب الناس فهمها إلا بالرجوع لتفسيرات العلماء ، في هذه الحالة كيف يكون القرآن سهلا للذكر كما قال الله عز وجل: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكِر)؟

الجواب

الحمد لله


لا تعارض بين قول الله عز وجل: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]، وكون بعض الآيات يعسر فهمها وتحديد تأويلها إلا على العلماء

وبيان ذلك من وجوه:

الأول:

تيسير القرآن هو من حيث العموم ، تيسير أغلبي إجمالي ، يعني قرب معانيه ومقاصده من القارئ العادي على وجه الإجمال ، وليس على وجه العموم التام لجميع آياته وتراكيبه

بل فيه من الآيات المتشابهات التي لا يعلمها إلا العلماء

كما قال تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ

إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )آل عمران/ 7.

وفيه ما يحتاج إلى حزمة من العلوم التأسيسية لبلوغ فهم مرامه وحقيقة مضمونه ، كعلوم اللغة ، والناسخ والمنسوخ ، وأصول الفقه ، ونحوها، ولكن الأعم الأغلب منه واضح المقصود ، وظاهر المراد من السياق.

فلا مانع أن نحتاج إلى مراجعة العلماء في تفاسير بعض الآيات ، ولا يتناقض ذلك مع "تيسير القرآن".

الثاني:

تيسير "جميع آيات القرآن" هبة من الله تعالى لمن يأخذ بأسباب الفهم وطرائق المعرفة ، ويدرس العلوم المساعدة ، ويطلب العلم على وجهه الصحيح من أهل العلم

ومن مؤسسات البحث الكبرى، كما روي عنه عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (19/395) وحسنه ابن حجر في "فتح الباري" (1/194) ، والألباني في "الصحيحة" (رقم342) .

أما من لا يسلك العلم من أبوابه، ولا يعتبر أدوات العلم وآلاته، فمثله حري أن لا ييسره الله عليه، وسيجد – بالتأكيد - في آياته ما يستغلق عليه ولا يستمكن منه.

روى الدارمي في "السنن" (1/ 364) بسنده عن مطر الوراق: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [القمر: 17] قال: هل من طالب خير فيعان عليه؟ "

فإذا لم يأخذ – غير المختصين – بهذه الأسباب ، فمن الطبيعي أن يحتاجوا إلى سؤال العلماء الذين أخذوا بهذه الأسباب ، فأصبحت آيات القرآن الكريم كلها ميسرة لهم.

الثالث:

تيسير "جميع آيات القرآن" : مكرُمَة من الله سبحانه لمن يعمل بالتقوى

ويصدق في تلقيه القرآن بالعمل والإخلاص والصدق مع الله سبحانه، ويخلص في تدبره وتأمله

فيصدقه الله بأن يفتح عليه ما يستغلق على عامة الناس ، وهو ما يُشعر به سياق قول الله سبحانه: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد/ 24 .

أما من لا يقصد إلا السمعة أو الرياء أو المماراة في تفهمه للقرآن، ويخلط عملا صالحا بآخر سيئا، وتشوب نيتَه بعضُ أغراض الدنيا وأعراضها، فمثله حري أيضا أن لا ييسره الله عليه.

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"قال تعالى: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) [القمر:32] . والآيات في هذا كثيرة، تدل على أن من تدبر القرآن ، لكن بهذه النية، وهي طلب الهدى منه ؛ لا بد أن يصل إلى النتيجة، وهي تبين طريق الحق .

أما من تدبر القرآن ليضرب بعضه ببعض ، وليجادل بالباطل ، ولينصر قوله ؛ كما يوجد عند أهل البدع وأهل الزيغ ، فإنه يعمى عن الحق والعياذ بالله

لأن الله تعالى يقول: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ

مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) [آل عمران: 7]

على تقدير [أما] ؛ أي: وأما الراسخون في العلم؛ فـ ( يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) [آل عمران:7]

وإذا قالوا هذا القول؛ فسيهتدون إلى بيان هذا المتشابه، ثم قال: ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) [فصلت: 44]" .

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 391) .

وهكذا، من يقصر في تجويد النية وتحسين المقصد ، نقص من علمه بالقرآن بقدر هذا التقصير.








 


قديم 2019-01-28, 15:47   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرابع:

قال كثير من العلماء إن التيسير هنا تيسير القراءة والحفظ ، لا تيسير الفهم والمعرفة. كما علق البخاري في "صحيحه" (6/ 143) قول مجاهد: (يسرنا): هوَّنَّا قراءته.

وقال ابن قتيبة رحمه الله:

" ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) أي: سَهَّلناه للتلاوة. ولولا ذلك: ما أطاق العبادُ أن يَلْفِظوا به ، ولا أن يستَمِعوا [له]"

انتهى من " غريب القرآن" (ص: 432) .

وقال القاضي عياض رحمه الله:

"(ولقد يسرنا القرآن للذكر) وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم ، فكيف الجماء على مرور السنين عليهم .. والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة " .

انتهى من "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (1/ 540) .

ويقول ابن عطية رحمه الله:

"(يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) معناه: سهلناه وقربناه. و(الذكر): الحفظ عن ظهر قلب، قال ابن جبير: لم يُستظهر من كتب الله سوى القرآن.

قال القاضي أبو محمد: يُسِّر بما فيه من حسن النظم وشرف المعاني ، فله لَوْطة بالقلوب ، وامتزاج بالعقول السليمة"

انتهى من "المحرر الوجيز" (5/215) .

وهذا الوجه يعني أن حفظ القرآن ـ أو تلاوته ـ هو الميسر على من أخذ بأسباب الحفظ ، أما استغلاق بعض المعاني والتفاسير : فهذا شأن واقع ومحتمل لا يتعارض مع الآية الكريمة.

خامسا:

تيسير القرآن المقصود به هنا هو تسهيل الاتعاظ والاعتبار، أي فهم العظات والعبر من قصص الأولين

وأخبار الأنبياء عليهم السلام، وأحوال الأمم السالفة، وليس المقصود تيسير الغوص في أسرار جميع الآيات وما فيها من دقائق المعاني وعميق الإشارات والأحكام.

والدليل على ذلك هو سياق الآية الكريمة عن قصص الأنبياء وما أصاب أقوامهم نتيجة كفرهم وعنادهم ، قال تعالى: ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ. تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ

. وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. كَذَّبَتْ

عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر/ 13-22.

وقال سبحانه : ( وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ. فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ. فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ

فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ. وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ.

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ. وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ. فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر/ 28 – 40 .

يقول الإمام الطبري رحمه الله:

"وقوله (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن؛ بيَّناه وفصلناه للذكر، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ ، وهوّناه .

وقوله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول : فهل من معتبر متعظ ، يتذكر ، فيعتبر بما فيه من العبر والذكر"

انتهى من "جامع البيان" (22/584) .

وقال أيضا:

"وقوله (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن للذكر لمن أراد التذكر به، فهل من متعظ، ومعتبر به، فينزجر به عما نهاه الله عنه إلى ما أمره به وأذن له فيه"

انتهى من "جامع البيان" (22/600) .

ويقول الإمام الباقلاني رحمه الله:

"فأما قولُه في مواضعَ من هذهِ السورة: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ، فإنّه تعالى إنما قال ذلك لأنه أودع في القرآنِ أقاصيصَ الأولينَ وسيرَ المتقدمين

وما كان من تفضله على المؤمنين وإهلاكه للكافرينَ بضروبِ الهلاكِ والانتقامِ

وقالَ عقيبَ كل قصةٍ من تلكَ القصص: ولقد يسرنا لكم قراءةَ القرآن وحفظَ القصصِ المتغايرةِ التي أودعناها فهل من مدكر، ومتعظٍ بتيسيرنا لذلكَ وسماعِه وحفظِه له...

وكذلك لما أودعَ اللهُ سبحانه كل شيءٍ من القرآن وموعظةً وقصةً غير الأخرى ، جازَ أن يقول: ولقد يسَّرنا القرآنَ الذي فيه ذكرُ هذه القصة ، فهل من مدّكر بها ؟

ثم يقول: ولقد يسَّرنا أيضا القرآنَ الذي فيه ذكرُ القصة الثانية والثالثة وما بعدَها ، فهل من مدكر بذلك، وإذا كان هذا كذا ، لم يكن ذلكَ من المعنى والتكرار بسبيل"

انتهى من "الانتصار للقرآن" (2/ 806) .

ويقول الزمخشري رحمه الله:

"(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أي: سهلناه للادكار والاتعاظ ، بأن شحناه بالمواعظ الشافية، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد. فَهَلْ مِنْ متعظ"

انتهى من "الكشاف" (4/435) .

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"يَسَّرْنَا أي: سهلنا. لِلذِّكْرِ قال بعضهم: للحفظ، وأن القرآن ميسر لمن أراد أن يحفظه، وقيل: المراد بالذكر: الادكار والاتعاظ، أي: أن من قرأ القرآن ليتذكر به ويتعظ به سهل عليه ذلك، واتعظ وانتفع.

وهذا المعنى أقرب للصواب، بدليل قوله: ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) ، أي: هل أحد يدكر

مع أن الله سهل القرآن للذكر؟! أفلا يليق بنا وقد يسر الله القرآن للذكر أن نتعظ ونتذكر؟! بلى. هذا هو اللائق فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (183/ 7، بترقيم الشاملة آليا) .

فهذا الوجه يعني : أن الادكار والاعتبار هو المقصود بالتيسير، وهذا يقع لكل من سمع قصص القرآن ، وليس المقصود تيسير فهم دقائق القرآن وأحكامه.

سادسا:

قال بعض العلماء ما حاصله : التيسير هنا هو على مجموع الأمة، لا على جميعها، أي أن الأمة كلها لا يمكن أن يغيب عنها شيء من فهم القرآن، وما فيه من أحكام وعبر وعظات، أما على بعض الأفراد فيمكن أن يغيب.

يقول القشيري رحمه الله:

"يسّرنا قراءته على ألسنة الناس، ويسّرنا علمه على قلوب قوم ، ويسّرنا فهمه على قلوب قوم، ويسّرنا حفظه على قلوب قوم ، وكلّهم أهل القرآن، وكلّهم أهل الله وخاصته" .

انتهى من "لطائف الإشارات" (3/ 497) .

والخلاصة، أننا إذا فهمنا الآية الكريمة على أحد الأوجه السابقة ، كما فهمها العلماء، تبين لنا أنها لا تعارض إطلاقا حاجتنا إلى العلماء في تفسير كثير من الآيات الكريمات.

والله أعلم.









قديم 2019-01-28, 16:01   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل التعبير بالخلق لا يطلق إلا على الإيجاد من العدم ؟

السؤال

قال الله تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )

. لماذا قال العلماء أن الخلق في الآيات السابقة يعني الصناعة وليس الإيجاد من العدم ؟

ثم هل يصح أن الله خلق الطين أي أوجده بعد أن كان معدوماً ثم صنع منه آدم ؟

ثم هل تصنيع الجنين في بطن أمه هي صناعة وليست إيجاداً من عدم ؟

لأن الله قال "أحسن الخالقين" فجيب أن يكون تخليق الجنين صناعة وليس بإيجاد. كقول النجار "قدمت على شجرة فقطعتها، فجعلت أقسمها، ثم انشر قطعها، فاجعلها طاولات".

وهذه صناعة وليست إيجاداً بعد عدم ما رأيكم حفظكم الله ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

الإيجاد من العدم يسمى خلقا ، وكذلك المخلوقات المتولدة من مادة تسمى خلقا (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)، وبعض الخلق أعجب من بعض ، فخَلْق الإنسان من ماء مهين

يختلف عن خلق آدم من الطين ، وكله من آيات قدرة الخلاق العليم ؛ ثم تكون الحياة في ذلك "الخلق" بنفخ الروح

التي لم يدرك كنهها ، ولم يقف على سرها ، سوى أحكم الحاكمين : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء/84

وكما أن "الإيجاد" من "العدم" يسمى خلقا ، فتحويل الشيء من صورة إلى صورة أخرى، يسمى "خلقا" أيضا ، في لغة العرب .

فإذا نسب إلى آدمي خلق ، فإنما يكون مقبولا على حد المعنى اللائق به ، وبهذا فسّر العلماء قوله تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) المؤمنون/14.

وأما إطلاق الخلق على الإيجاد من العدم ، ونفخ الروح في الكائنات ، وتحويلها من جمادات

إلى كائنات حية : فهذا لا يوصف به غير الله سبحانه وتعالى ، كما قال سبحانه (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) النحل/ 17 ، وقال تعالى : (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) فاطر/ 3 .

قال ابن الجوزي :

" فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) وقوله: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) ؟

فالجواب: أن الخلق يكون بمعنى الإِيجاد، ولا موجِد سوى الله، ويكون بمعنى التقدير، كقول زهير:

وبعض القومِ يَخْلُقُ ثم لا يَفْرِي .

فهذا المراد ها هنا، أن بني آدم قد يصوِّرون ويقدِّرون ويصنعون الشيء، فالله خير المصوِّرين والمقدِّرين، وقال الأخفش: الخالقون ها هنا ، هم الصانعون، فالله خير الخالقين"

انتهى من "زاد المسير" (3/258) .

وقال ابن عطية رحمه الله :

وقوله (أحسن الخالقين) معناه الصانعين يقال لمن صنع شيئا : خلقه . ومنه قول الشاعر:

ولأنْتَ تَفْرِى مَا خَلَقْتَ وبَعـ * ـضُ القَوْم يَخْلُقُ ثمَّ لَا يَفْرِى

وذهب بعض الناس إلى نفي هذه اللفظة عن الناس، فقال ابن جريج: إنما قال الخالقين لأنه تعالى قد أذن لعيسى في أن يخلق، واضطرب بعضهم في ذلك.

ولا تُنْفَى اللفظةُ عن البشر في معنى الصنع ، وإنما هي منفية بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم"

انتهى من "المحرر الوجيز" (10/340) .

ثانيا :

بما أن كلا الأمرين - "الصناعة والإيجاد من العدم" - يسمى خلقا ، فقد زال الإشكال .

ويبقى اعتقادنا بأن من الخلق ما لا يقدر عليه إلا الله ، وهو الخلق والإيجاد من العدم ، ومنه ما يُقْدِر اللهُ عليه بعض خلقه ، ولا يختص بالخلاق العليم سبحانه .

وهذا ليس مختصا بصفة الخلق فقط ، بل هناك غيرها من الصفات المشتركة بين الله عز وجل وخلقه ، ولكنها لله عز وجل على وجهها الأكمل على ما يليق به سبحانه وتعالى ، وللمخلوق منها ما يناسب قدراته الضعيفة الضيقة .

قال ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا، يَقُولُ: أَنَا ابْتَدَأْتُهَا" أخرجه أبو عبيد

"فضائل القرآن" (345) .

وجوّد إسناده ابن كثير في تفسيره (1/43) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-28, 16:06   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لا يجني والد على ولده ، ولا ولد على والده .

السؤال

عندي سؤال حول الآية : ) ما لهم به من علم وَلا لِآبائِهِمْ كبرت كلمة تخرج من أفواههم... ( فما المقصود بـ " وَلا لِآبائِهِمْ " ؟

هل يعني ذلك على سبيل المثال لو أن هناك شيخا يعرف كل كلمة في القرآن

وكان لديه ابن فتحول هذا الابن إلى النصرانية ، فهل يعني ذلك أن الشيخ ـ والد الابن المرتد ـ لا يوجد عنده علم بسبب ردة ابنه؟


الجواب

الحمد لله

قال الله عز وجل :( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا

* وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) الكهف/1-5 .

فقوله تعالى : (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) من اليهود والنصارى

والمشركين ، الذين قالوا هذه المقالة الشنيعة ، فإنهم لم يقولوها عن علم ولا يقين، لا علم منهم، ولا علم من آبائهم الذين قلدوهم واتبعوهم ، بل إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس .

( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) أي: عظمت شناعتها واشتدت عقوبتها، وأي شناعة أعظم من وصفه بالاتخاذ للولد الذي يقتضي نقصه ، ومشاركة غيره له في خصائص الربوبية والإلهية، والكذب عليه؟

ولهذا قال: (إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا) أي: كذبا محضا ما فيه من الصدق شيء.

وتأمل كيف أبطل هذا القول بالتدريج ، والانتقال من شيء إلى أبطل منه

فأخبر أولا أنه (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ) والقول على الله بلا علم ، لا شك في منعه وبطلانه ، ثم أخبر ثانيا، أنه قول قبيح شنيع فقال: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ)

ثم ذكر ثالثا مرتبته من القبح، وهو: الكذب المنافي للصدق.

انظر : "تفسير السعدي" (ص 469) .

فالمقصود بقوله : (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ) أنهم يتكلمون بكلام باطل لا علم لهم به ، ولا علم لآبائهم الذين سبقوهم إلى هذا القول الفاسد ، ثم جاء الأولاد فاتبعوا آباءهم عليه

فهو شيء لا يعلمونه ولا يعلمه آباؤهم الذين أخذوه عنهم .

والمقصود بالآباء هنا : الآباء الذين يتكلمون بهذه المقولة الفاسدة الباطلة ، فهم يتكلمون بالظن وما تهوى الأنفس ، ويتابعهم أبناؤهم على ذلك

فهو قول باطل قال به الأبناء عن غير علم ، متابعين فيه الآباء الجهلة الكذبة ، فما أسوأ أن يجهل العبد ، ويتابع غيره على الجهل .

قال الشوكاني رحمه الله :

" مَا لَهُمْ بِذَلِكَ عِلْمٌ أَصْلًا وَلا لِآبائِهِمْ عِلْمٌ، بَلْ كَانُوا فِي زَعْمِهِمْ هَذَا عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَقَلَّدَهُمْ أَبْنَاؤُهُمْ ؛ فَضَلُّوا جَمِيعًا "

انتهى من "فتح القدير" (3/ 320).

وقد نص أهل العلم على أن المراد بالآباء هنا : الآباء الذين قالوا هذه المقولة الفاسدة ، فأخذها عنهم الأبناء :

فقال ابن عطية رحمه الله :

" قوله ( وَلا لِآبائِهِمْ ) يريد : الذين أخذ هؤلاء هذه المقالة عنهم "
.
انتهى من"تفسير ابن عطية" (3/ 495) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" (وَلا لِآبَائِهِمْ) الذين قالوا مثل قولهم ، ليس لهم في ذلك علم ، ليسَ هناك إلاّ أوهام ظنوها حقائق ، وهي ليست علوماً "

انتهى من " تفسير العثيمين" ، سورة الكهف (ص 13) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" كَانُوا يَقُولُونَ (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) الزخرف/ 23 ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِآبَائِهِمْ حُجَّةٌ عَلَى مَا يَقُولُونَ ، فَلَيْسُوا جَدِيرِينَ بِأَنْ يُقَلِّدُوهُمْ " .

انتهى من " التحرير والتنوير "(15/ 251)

وأما الآباء الذين لا يقولون هذه المقولة الفاسدة ، وإنما يؤمنون بالله ، ويوحدونه : فهؤلاء غير مقصودين بهذه الآية .
فمن كان من الموحدين ، وكان له ابن قد ارتد عن الإسلام واعتنق النصرانية

وصار يقول بأن المسيح ابن الله ، فهذا الأب الموحد لا يلام ولا يذم ، ولا ينفى عنه العلم بسبب ما فعله ابنه ، بل كل إنسان يذم أو يمدح بناء على ما فعله هو ، لا ما فعله غيره .

وقد روى أبو داود (4495) عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ:

" انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ لِأَبِي: ( ابْنُكَ هَذَا؟ ) قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: (حَقًّا؟)

قَالَ: أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا مِنْ ثَبْتِ شَبَهِي فِي أَبِي

وَمِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ) ، وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) " وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال القاري رحمه الله :

"مرقاة المفاتيح" (6/ 2272)

" (لَا يَجْنِي عَلَيْكَ) أي : لَا تُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ ( وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) أَيْ: لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِكَ " انتهى .

وقال العيني رحمه الله :

" فَأعْلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، مثل مَا أعلم الله ، من أَن جِنَايَة كل امرىء عَلَيْهِ ، كَمَا أن عمله له لَا لغيره "

انتهى من "عمدة القاري" (8/ 79) .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-01-30, 14:54   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



كيف يقول العلماء إن النور انعكاس الضوء في حين أن الله نور؟


السؤال

أنا مهتمٌ بالإسلام ، ولكني في حيرةٍ من أمري ؛ لأن الله يقول: إن القمر نور، فكيف يقول العلماء إن النور هو انعكاس الضوء ، في حين أنّ الله نور

أرجو المساعدة ، فأنا متلهفٌ لمعرفة الإسلام ؟


الجواب

الحمد لله

كثيرا ما ترد الحيرة على الباحث بسبب الاقتصار على جزء من المعلومة

ونقص المعرفة بالأجزاء الأخرى المهمة منها، التي ينبني عليها تأثير كبير في فهم الفكرة والموضوع، لذلك كان جمع المعلومات، والتحقق منها، من أهم خطوات المنهجية العلمية السليمة.

واستشكال وجه كون النور صفة لله عز وجل، رغم أنه انعكاس للضوء، وليس نورا ذاتيا، هو مثال مهم على ما ندعو إليه دائما، من التأمل والتأني قبل التصديق بالشبهات. ونحن نبين خطأ هذا الاستشكال هنا من أوجه عديدة:

أولا:

أكثر علماء اللغة والتفسير لا يقر بأن النور هو انعكاس عارض للضوء، وليس نورا ذاتيا، ويقولون إن هذا التعريف إنما هو عرف عن الفلاسفة والحكماء المشتغلين بعلوم الفلك والطبيعة

أما اللغة والقرآن فليس فيهما ما يدل على هذا التعريف، فلا يرد الإشكال أصلا بناء عليه. خاصة وقد قال كثير من أهل اللغة – كابن السِّكِّيت

بأن النور والضياء مترادفان، ولا يعرف التفريق بينهما في أصل اللغة

. وما وقع في القرآن الكريم من إطلاق الضياء للشمس، والنور للقمر، إنما وقع من باب تنويع العبارة، وتفنن الإشارة بالمترادفات، وهذا شائع في اللغة العربية، والقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين.

يقول أبو هلال العسكري رحمه الله:

"الفرق بين الضياء والنور: هما مترادفان لغة"

انتهى من "معجم الفروق اللغوية" (ص: 332).

ويقول ابن أبي الحديد:

"فنقول له: لم قلت إن الضوء نور وزيادة. أَمِن كتب اللغة أخذت هذا. أم من غيرها. فقد تصفحنا كتب اللغة فلم نجد ما نشاهده بما ذكرت، ولا الاصطلاح مساعد لك في عرف الناس ومواضعاتهم.

وإذا لم يكن موجودا في أصل اللغة، ولا الاصطلاح العرفي، لم يجز لك أن تحمل كلام الله تعالى عليه، وتُفسِّره به.
وقد قال ابن السكيت في كتاب إصلاح المنطق

-وهو عين الكتب اللغوية، ومصنفه إمام الناس كلهم في اللغة، ومن لا يختلف اثنان في كتبه- في باب فعل وفعل باختلاف المعنى: النور: الضياء.

[ فقد جعلهما ] شيئا واحدا.

وليس في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) ما يدل على اختلاف المعنيين، ولا قوله: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) ما يدل على اختلاف المعنيين" .

انتهى من "الفلك الدائر على المثل السائر" (4/ 233) .

ثانيا:

ثم إن كثيرا من اللغويين والمفسرين يقولون إن النور لا يصحبه إحراق ولا أذى، وإنما هو الإشراق النقي الذي يضيء ما حوله، سواء بالنور الحسي أم المعنوي، ولهذا كان الأنسب أن يوصف الله عز وجل بأنه "نور

" كما يليق بجلاله من غير تشبيه، وليس بأنه "ضياء"، ورفضوا – بطبيعة الحال – القول بأن النور انعكاس للضوء، مستمد من غيره.

يقول السمرقندي رحمه الله:

"جعل الشمس ضياء مع الحر، والقمر نوراً بلا حر"

انتهى من " بحر العلوم" (2/ 104) .

ويقول ابن تيمية رحمه الله:

"ولفظ الضياء والنور ونحو ذلك ، يراد به الشيء بنفسه المستنير، كالشمس والقمر وكالنار

قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5]

وقال: (وجعلنا سراجا وهاجا) [النبأ: 13] وسمى سبحانه الشمس سراجا وضياء

لأن فيها مع الإنارة والإشراق تسخينا وإحراقا، فهي بالنار أشبه، بخلاف القمر، فإنه ليس فيه مع الإنارة تسخين، فلهذا قال: (جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5]

والمقصود هنا، أن لفظ الضياء والنور ونحو ذلك يراد به الشيء المستنير المضيء القائم بنفسه، كالشمس

والقمر والنار، ويراد به الشعاع الذي يحصل بسبب ذلك في الهواء والأرض، وهذا الثاني عرض قائم بغيره ليس هو الأول، ولا صفة قائمة بالأول، ولكنه حادث بسببه" .

انتهى من "الجواب الصحيح" (4/ 368) .

ويقول ابن رجب رحمه الله:

"الضياء: هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق، كضياء الشمس، بخلاف القمر، فإنه نور محض، فيه إشراق بغير إحراق، قال الله عز وجل: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5] [يونس: 5]

ومن هنا وصف الله شريعة موسى بأنها ضياء، كما قال: (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين) [الأنبياء: 48] [الأنبياء: 48]، وإن كان قد ذكر أن في التوراة نورا كما قال:

(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) [المائدة: 44] [المائدة: 44]، ولكن الغالب على شريعتهم الضياء، لما فيها من الآصار والأغلال والأثقال.

ووصف شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بأنها نور؛ لما فيها من الحنيفية السمحة، قال الله تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) [المائدة: 15].

وقال: (واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) [الأعراف: 157]. ولما كان الصبر شاقا على النفوس، يحتاج إلى مجاهدة النفس وحبسها وكفها عما تهواه، كان ضياء" .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 24).









قديم 2019-01-30, 14:55   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا:

مِن العلماء مَن يقرر أن النور هو أصل الضوء ومبدؤه ، فناسب أن يوصف الله عز وجل بأنه النور؛ لأنه المتصف بذاته بصفات الكمال من غير إحداث ولا إيجاد موجد، ولأنه الخالق الموجد لنور الكون وضيائه المنتشر.

يقول السهيلي رحمه الله – معلقا على شطر من الشعر: يظهر في البلاد ضياء نور -:

"هذا البيت يوضح لك معنى النور ومعنى الضياء، وأن الضياء هو المنتشر عن النور، وأن النور هو الأصل للضوء، ومنه مبدؤه، وعنه يصدر

وفي التنزيل: (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) [البقرة: 17]

. وفيه: (جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5] لأن نور القمر لا ينتشر عنه من الضياء ما ينتشر من الشمس، [و] لا سيما في طرفي الشهر. وفي الصحيح: (الصلاة نور، والصبر ضياء)

وذلك أن الصلاة هي عمود الإسلام، وهي ذكر وقرآن، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالصبر عن المنكرات ، والصبر على الطاعات : هو الضياء الصادر عن هذا النور، الذي هو القرآن

والذكر. وفي أسماء الباري سبحانه: (الله نور السماوات والأرض) [النور 35] ولا يجوز أن يكون الضياء من أسمائه سبحانه"

نتهى من "الروض الأنف" (2/164).

رابعا:

حتى لو قلنا بقول الحكماء والفلاسفة بأن النور هو انعكاس الضوء، وأنه عرضي وليس ذاتيا متولدا من نفسه، فهذا إطلاق على المخلوق الناقص، وليس على الخالق الكامل جل وعلا، وكلمة "النور"، تتفاوت دلالتها

ويختلف إطلاقها في اللغة العربية بحسب سياقها وما أضيفت إليه، فنور الوجه مثلا ليس كنور القمر من حيث السطوع والإشراق، ونور العلم والعقل ليس كنور الحس والضوء

فالأول معنوي والثاني مرئي. ونور المصباح ليس كنور الشمعة قوة ووضوحا.

ونور الخالق صفة كمال لا تحتمل النقص بوجه من الوجوه، فلا تحتمل أبدا ما يطرأ على النور الكوني المخلوق

من كونه انعكاسا، أو عرضيا، أو ضعيفا، بل هو نور تام كامل غير مخلوق ولا ناقص، يليق بكمال الله وجلاله. ولا يليق أن يقارن "النور" الكوني، بـ"النور الإلهي".

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

" فيا عجبا لكم: أنكرتم أن يكون الله سبحانه نور السماوات والأرض حقيقة، وأن يكون لوجهه نور حقيقة

ثم جعلتم نور الشمس والقمر والمصابيح نوره حقيقة، وقد علم الناس بالضرورة فساد هذا، وأن نوره المضاف إليه يختص به لا يقوم بغيره، فإن نور المصباح قام بالفتيلة منبسطا على السقوف والجدران

وليس ذلك هو نور الرب تعالى الذي هو نور ذاته ووجهه الأعلى، بل ذلك هو المضاف إليه حقيقة، كما أن نور الشمس والقمر والمصابيح مضاف إليها حقيقة

قال تعالى: هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا [يونس: 5] وقال تعالى: وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا [الفرقان: 61] وقال تعالى: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور [الأنعام: 1] .

فهذا نور مخلوق قائم بجرم مخلوق لا يسمى به الرب تعالى ولا يوصف به ولا يضاف إليه إلا على جهة أنه مخلوق له ، مجعول ، لا على أنه وصف له قائم به .

فالتسوية بين هذا وبين نور وجهه الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة واستعاذ به العائذون : من أبطل الباطل. "

انتهى من "مختصر الصواعق المرسلة" (424) .

وقد كان أحد أهم أسباب ضلال الفرق في باب الأسماء والصفات : أنهم لم يميزوا بين ما يضاف لله

وما يضاف للخالق ، ولم يفقهوا الفرق بين الحقائق المختلفة ، التي يطلق عليها اسم واحد ، مشترك الدلالة على جميعها ، في الوضع اللغوي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قد قيل أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء وأمثالها مما كثر فيه تنازع الناس بالنفي والإثبات .. "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/664) .

ومعلوم أن الكلمة في اللغة العربية تطلق باعتبارات عديدة ، وبمعان متفاوتة، ولا تفهم –

في جميع مواردها – بمعنى واحد متساو في الدلالة ، هذا من المعلومات الأساسية في فهم اللغات عامة، واللغة العربية خاصة. فكلمة الظلمة تطلق على ظلمة أول الليل

وعلى ظلمة منتصف الليل، ولكن الظلمة الأولى ليست كالظلمة الأخرى ، والظلمة في ليلة البدر ليست كالظلمة في غياب القمر، رغم أنها كلمة واحدة هي "الظلام"، ولكنها تتفاوت في المعنى من حيث القوة والضعف.

وكلمة "رب" أيضا تطلق على "رب الأسرة"، الذي هو القيم على شؤونها ورعايتها والإنفاق عليها، وتطلق على الله الخالق جل وعلا؛ الذي هو رب كل شيء ومليكه

فهي كلمة واحدة، ولكن يتفاوت مضمونها بحسب ما تطلق عليه من السياق والمقصد ، وهكذا وصف الله بأنه "نور السماوات والأرض"

لا يجوز أن يظن به أنه كنور القمر أو أي من أنوار الكون المخلوقة، بل هو سبحانه وتعالى متصف بالنور الكامل الذي ليس كمثله شيء، وليس فيه نقص بوجه من الوجوه، وصفات الله تعالى كلها صفات كمال وجلال تليق بجلاله.

ولهذا كان الواجب على الناظر في مثل هذه المقامات : أن يكون على بينة من لسان العرب ، وعلم بطرائق أهله في التعابير ، وما قد يدخل بعد ذلك من الاصطلاحات ، ومواضعات العلوم .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

"معرفة اللغات والعرف الذي يخاطب بها كل مخاطب : من أهم ما ينبغي الاعتناء به في فهم كلام المتكلمين

وتفسيره وتأويله ومعرفة المراد ؛ به فإن اللغة الواحدة تشتمل على لغة أصلية ، وعلى أنواع من الاصطلاحات الطارئة ، الخاصة والعامة .

فمن اعتاد المخاطبة ببعض تلك الاصطلاحات يعتقد أن ذلك الاصطلاح هو اصطلاح أهل اللغة نفسها ، فيحمل عليه كلام أهلها ، فيقع في هذا غلط عظيم .

وقد قيل أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء .

فعلينا أن نعرف لغة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يخاطب بها ، خصوصًا ؛ فإنها هي الطريق إلى معرفة كلامه ومعناه ، حتى إن بين لغة قريش وغيرهم فروقًا ، من لم يعرفها ، فقد يغلط في ذلك "

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (7/400) .

وأخيرا ثمة أوجه أخرى في الجواب، ذكرها العلماء في مطولات كتب التفسير والحديث والعقائد، لم نشأ الإطالة بها على السائل كي لا يخرج الجواب عن حد القصد والاعتدال.

والعبرة التي نحث على الخروج بها دائما في مثل هذه القضايا، هي ضرورة بذل الباحث جهده في لملمة أطراف الموضوع ، وتجنب الاغترار بنقل واحد أو بالفكرة الواحدة

فالعلاج دائما في التكاملية التي تكشف لنا حقائق اللغة ، وروائع البيان، ونستبين من خلالها أن أسباب الحيرة والاشتباه لا مكان لها في عقل البحث الواعي والمنفتح .

والله أعلم.









قديم 2019-01-30, 14:59   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يوجد صنف من الملائكة لم يؤمروا بالسجود لآدم ؟

السؤال

هل هناك ملائكة أخرى لم تؤمر بالسجود كما يشاع ؟

وما معنى كنت من العالين ؟


الجواب

الحمد لله

أمر الله عز وجل جميع الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام ، وهذا الأمر واضح بيّن في كتاب الله سبحانه وتعالى ، وهو مؤكد في مواضع عديدة من القرآن ، قال تعالى ( فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) الحجر/30 .

ومما يؤثر عن بعض المتصوفة والفلاسفة ، أنهم قالوا : لم يسجد جميع الملائكة لآدم ، بل إن هناك نوعا من الملائكة "مهيّمين" في ذات الله تعالى ، "مُغَيَّبين" عن شهود سوى ذات الله ، لم يشملهم الأمر بالسجود .

وقد زعم هؤلاء أن القرآن أشار إلى ذلك بقوله ( أم كنت من العالين ) ، يشير به إلى الملائكة أصحاب الدرجات العالية ، الذين لم يؤمروا بذلك – كما يزعمون - .

ولا شك أن هذا غلط ظاهر ، وخروج بنظم القرآن عن وجهه ، وبسياق قصة آدم ، عليه السلام ، وسجود الملائكة له ، عن مقتضاها .

وبطلان هذا القول ، من نفس النظم ، وسياق الآيات من وجوه :

أولها : "الـ" التي هي لاستغراق الجنس ، في قوله (فسجد الملائكة) .

ثانيها : التوكيد بلفظة "كلهم" .

ثالثها : توكيد التوكيد بلفظة "أجمعون" .

وعلى ذلك ؛ الآية في قصة آدم : استفهام مفاده توبيخ إبليس لتكبره وتعاليه عن السجود وامتثال أمر الله، وهو لا يخلو : إما أن يكون كبرا اعتراه تلك الساعة ، أو أنه ذو كبر وعلو سابق.

قال الطبري :

" يقول لإبليس: تعظَّمْتَ عن السجود لآدم، فتركتَ السجود له استكبارا عليه، ولم تكن من المتكبرين العالين قبل ذلك ؟

( أم كنت من العالين ) يقول: أم كنت كذلك من قبل ، ذا علو وتكبر على ربك" انتهى "تفسير الطبري" (21/239) .

وقال الزركشي :

" قوله: كلهم يُفِيدُ الشُّمُولَ وَالْإِحَاطَةَ ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفِيدَ: أَجْمَعُونَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ اجْتِمَاعُهُمْ في السجود .

هذا في اللفظ.

وَأَمَّا الْمَعْنَى : فَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَكُنْ لِيَتَخَلَّفَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ

وَلَا يَتَأَخَّرُ عنده ، ولاسيما وَقَدْ وُقِّتَ لَهُمْ بِوَقْتٍ ، وَحُدَّ لَهُمْ بِحَدٍّ ، وَهُوَ التَّسْوِيَةُ وَنَفْخِ الرُّوحِ . فَلَمَّا حَصَلَ ذَلِكَ سَجَدُوا كُلُّهُمْ ، عَنْ آخِرِهِمْ ، فِي آنٍ وَاحِدٍ ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ .

فَعَلَى هَذَا يُخَرِّجُ كَلَامَ الْمُبَرِّدِ الزَّمَخْشَرِيُّ .

وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ : أَنَّ السُّجُودَ لَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى (الْكُلِّ) ، بدليل قوله: أستكبرت أم كنت من العالين = مَرْدُودٌ ، بَلْ : الْعَالُونَ : الْمُتَكَبِّرُونَ .

وَفِي رَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَاءِ : أَنَّ الْعَالِينَ هُمُ الْعُقُولُ الْعَاقَّلةُ الَّتِي لَمْ تَسْجُدُ .

وَهَذَا تَحْرِيفٌ . وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْعُقُولِ الَّتِي تَدَّعِيهَا الْفَلَاسِفَةُ" انتهى من "البرهان في علوم القرآن" (2/388) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَوَّلِينَ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ سَجَدُوا لِآدَمَ : مَلَائِكَةٌ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ؛ لَا مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ ، دُونَ الكروبيين .

وَانْتَحَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَاسْتَنْكَرَ سُجُودَ الْأَعْلَيْن مِنْ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ ، مَعَ عَدَمِ الْتِفَاتِهِمْ إلَى مَا سِوَى اللَّهِ ؟

وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ: " إنَّ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ خَلْقا ، لَا يَدْرُونَ: أَخُلِقَ آدَمَ أَمْ لَا "؟

وَنَزَعَ بِقَوْلِهِ: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ؛ وَالْعَالُونَ هُمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ ، وَمَلَائِكَةُ السَّمَاءِ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ؟ " .

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، أَوَّلًا : لَيْسَ مَعَهَا مَا يُوجِبُ قَبُولَهَا؛ لَا مَسْمُوعٌ وَلَا مَعْقُولٌ ، إلَّا خَوَاطِرُ وَسَوَانِحُ وَوَسَاوِسُ مَادَّتُهَا مِنْ عَرْشِ إبْلِيسَ ، يَسْتَفِزُّهُمْ بِصَوْتِهِ ، لِيَرُدَّ عَنْهُمْ النِّعْمَةَ الَّتِي حَرَصَ عَلَى رَدِّهَا عَنْ أَبِيهِمْ قَدِيمًا .

أَوْ : مَقَالَةٌ قَدْ قَالَهَا مَنْ يَقُولُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ؛ لَكِنَّ مَعَنَا مَا يُوجِبُ رَدَّهَا مِنْ وُجُوهٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْلِيدِ ، فَتَقْلِيدُهُمْ أَوْلَى.

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ ، وَخِلَافُ نَصِّهِ .

فَإِنَّ الِاسْمَ الْمَجْمُوعَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ : يُوجِبُ اسْتِيعَابَ الْجِنْسِ ؛ قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)

فَسُجُودُ الْمَلَائِكَةِ يَقْتَضِي جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ . هَذَا مُقْتَضَى اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ ؛ فَالْعُدُولُ عَنْ مُوجِبِ الْقَوْلِ الْعَامِّ إلَى الْخُصُوصِ : لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ يَصْلُحُ لَهُ ، وَهُوَ مَعْدُومٌ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَ: (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) ؛ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الِاسْمُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَالِاسْتِغْرَاقَ ، لَكَانَ تَوْكِيدُهُ بِصِيغَةِ (كُلّ) : مُوجِبَةً لِذَلِكَ ، وَمُقْتَضِيَةً لَهُ .

ثُمَّ ، لَوْ لَمْ يُفِدْ تِلْكَ الْإِفَادَةَ ، لَكَانَ قَوْلُهُ (أَجْمَعُونَ) تَوْكِيدًا وَتَحْقِيقًا ، بَعْدَ تَوْكِيدٍ وَتَحْقِيقٍ .

وَمَنْ نَازَعَ فِي مُوجِبِ الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ ، فَإِنَّهُ لَا يُنَازِعُ فِيهَا بَعْدَ تَوْكِيدِهَا بِمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ ، بَلْ إنَّمَا يُجَاءُ بِصِيغَةِ التَّوْكِيدِ ، قَطْعًا لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِ وَأَشْبَاهِهِ.

وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ السَّلَف أَنَّهُ قَالَ: مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً ، إلَّا فِي الْقُرْآنِ مَا يَرُدُّهَا ، وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ .

فَلَعَلَّ قَوْلَهُ: كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ : جِيءَ بِهِ لِزَعْمِ زَاعِمٍ يَقُولُ: إنَّمَا سَجَدَ لَهُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ ، لَا كُلُّهُمْ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ رَدًّا لِمَقَالَةِ هَؤُلَاءِ.

وَمَنْ اخْتَلَجَ فِي سِرِّهِ وَجْهَ الْخُصُوصِ بَعْدَ هَذَا التَّحْقِيقِ وَالتَّوْكِيدِ فَلْيَعُزْ نَفْسَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

بِالْقُرْآنِ وَالْفَهْمِ فَإِنَّهُ لَا يَثِقُ بِشَيْءِ يُؤْخَذُ مِنْهُ يَا لَيْتَ شِعْرِي لَوْ كَانَتْ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ سَجَدُوا وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخْبِرَنَا بِذَلِكَ فَأَيُّ كَلِمَةٍ أَتَمُّ وَأَعَمُّ أَمْ يَأْتِي قَوْلٌ يُقَالُ: أَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْبَيَانِ؟ .

وَرَابِعُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَكَرَّرَتْ فِي الْقُرْآنِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ (وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ) ، وَكَذَلِكَ فِي مُحَاجَّةِ مُوسَى وَآدَمَ..

. ؛ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ وَإِذَا كَانَتْ الْقِصَّةُ قَدْ تَكَرَّرَتْ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَيْسَ دَعْوَى الْخُصُوصِ فِيهَا مِنْ الْبُهْتَانِ.

وَأَمَّا إنْكَارُهُمْ لِسُجُودِ (الكروبيين) فَلَيْسَ بِشَيْءِ ؛ لِأَنَّهُمْ سَجَدُوا طَاعَةً وَعِبَادَةً لِرَبِّهِمْ .

وَزَادَ قَائِلُ ذَلِكَ : أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ آدَمَ ، إذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْجُدُوا .

وَالْحِكَايَاتُ الْمُرْسَلَةُ : لَا تُقِيمُ حَقًّا ، وَلَا تَهْدِمُ بَاطِلًا !!

وَتَفْسِيرُهُمْ الْعَالِينَ بالكروبيين : قَوْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِلَا عِلْمٍ ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مُتَّبَعٍ. وَلَا فِي اللَّفْظِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ ...

انتهى ، من "مجموع الفتاوى" (4/361) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-30, 15:29   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تخيير زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان في العام التاسع وكان منهن زينب رضي الله عنها

السؤال

كنت أقرأ في تفسير آية سورة الأحزاب حيث خيّر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه بين البقاء أو المفارقة. وقد قرأت ذلك في النت، في تفسير ابن كثير وتفسير آخر لا أتذكر اسمه.

وذكر ابن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم خيّر زوجاته التسع آنذاك ومنهن زينب بنت جحش. أما التفسير الأخر فقال أنهن كنّ أربع زوجات فقط.. فأيهما أيصح؟ على أني بالطبع أميل إلى تفسير ابن كثير

. لكن إذا قلنا بقوله فكيف نوفق بين هذه الآية والآيات التي تليها والتي يأمر فيها الله نبيه بالزواج من زينب؟

إذ كيف يمكن لزينب أن تكون من التسع النسوة التي خيّرهن رسول الله بين البقاء أو الفراق ثم يأمره في الآية التي تليها بالزواج منها؟


الجواب

الحمد لله


تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته جاء في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ

إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب/28، 29

وروى البخاري (4786) ومسلم (1475) أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي

فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ:

" إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا [الأحزاب: 28]

إِلَى أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 40] " قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ.

وسبب التخيير: هو سؤالهن التوسع في النفقة .

والذي عليه جمهور المفسرين أن زوجاته اللائي خيرن في هذه الآية : تسع.

قال ابن كثير رحمه الله: " هذا أمر من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه ، بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن، فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال

ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة...

قال عكرمة: وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة

وكانت تحته صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي النضرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، رضي الله عنهن وأرضاهن"

انتهى من تفسير ابن كثير (6/ 401).

وينظر: تفسير ابن عطية (4/ 381)

محاسن التأويل للقاسمي (8/ 65)

التفسير المنير للزحيلي (21/ 290).

وخالف في ذلك أبو بكر بن العربي رحمه الله فقال: إن المخيَّرات أربع فقط.

قال رحمه الله:

" كان للنبي - صلى الله عليه وسلم -

أزواج كثيرة بيناها في شرح الصحيحين، والحاضر الآن أنه كان له سبع عشرة زوجة، عقد على خمس، وبنى باثنتي عشرة، ومات عن تسع، وذلك مذكور في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

المخير منهن أربع:

الأولى: سودة بنت زمعة، تجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لؤي.

الثانية: عائشة بنت أبي بكر، تجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأب الثامن.

الثالث: حفصة بنت عمر بن الخطاب، تجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأب التاسع.

الرابعة: أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، تجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأب السابع.

وذكر جماعة [من المفسرين] أن المخيرات من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع، وذكر النقاش أن أم حبيبة وزينب ممن سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - النفقة، ونزل لأجلهن آية التخيير.

وهذا كله خطأ عظيم؛ فإن في الصحيح كما قدمنا أن عمر قال في الحديث المتقدم:

فدخلت على عائشة قبل أن ينزل الحجاب؛ وإنما نزل الحجاب في وليمة زينب، وكذلك إنما زوج أم حبيبة من النبي - صلى الله عليه وسلم - النجاشي باليمن، وهو أصدق عنه، فأرسل بها إليه من اليمن، وذلك سنة ست.

وأما الكلابية المذكورة فلم يبن بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ويقال: إن أباها زوجها منه، وقال له: إنها لم تمرض قط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما لهذه قدر عند الله، فطلقها ولم يبن بها، وقول ابن شهاب: إنها كانت بدوية، فاختارت نفسها لم يصح. وقول ربيعة:

إنها كانت البتة : لم يثبت ، وإنما بناه من بناه على أن مذهب ربيعة في التخيير بتات، ويأتي بيانه إن شاء الله عز وجل" انتهى من أحكام القرآن (3/ 556).

والذي في صحيح مسلم (195) قول عمر رضي الله عنه: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ).

وقد بين الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الجملة غلط من الراوي، وأن الحجاب كانت سنة أربع أو خمس في زواج زينب بنت جحش، وأما التخيير فكان سنة تسع.

قال رحمه الله: " قوله: "فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم" في رواية سماك: "دخلت المسجد فإذا الناس ينكثون الحصا ، ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب" .

كذا في هذه الرواية ، وهو غلط بين؛ فإن نزول الحجاب كان في أول زواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ، كما تقدم بيانه واضحا في تفسير سورة الأحزاب، وهذه القصة كانت سبب نزول آية التخيير

وكانت زينب بنت جحش فيمن خُير، وقد تقدم ذكر عمر لها في قوله: "ولا حسن زينب بنت جحش" . وسيأتي بعد ثمانية أبواب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس

قال: "أصبحنا يوما ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين فخرجت إلى المسجد ، فجاء عمر ، فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة له" فذكر هذه القصة مختصرا.

فحضور ابن عباس ، ومشاهدته لذلك : يقتضي تأخر هذه القصة عن الحجاب؛ فإن بين الحجاب وانتقال

ابن عباس إلى المدينة مع أبويه : نحو أربع سنين؛ لأنهم قدموا بعد فتح مكة، فآية التخيير على هذا نزلت سنة تسع؛ لأن الفتح كان سنة ثمان، والحجاب كان سنة أربع أو خمس...

وأحسن محامله عندي أن يكون الراوي لما رأى قول عمر : إنه دخل على عائشة ، ظن أن ذلك كان قبل الحجاب، فجزم به .

لكن جوابه : أنه لا يلزم من الدخول ، رفع الحجاب ؛ فقد يدخل من الباب ، وتخاطبه من وراء الحجاب" انتهى من فتح الباري (9/ 285).

وذكر في الفتح (8/ 521) أيضا أن التخيير كان سنة تسع.

وذكر فيه (9/ 283) أن قول عمر: " إنه ليس لك مثل حظوة عائشة ، ولا حسن زينب ؛ يعني : بنت جحش" رواه ابن سعد.

وهذه الرواية تدل على أن زينب كانت زوجة لنبينا صلى الله عليه وسلم عند التخيير.

وقد ذكر جماعة من أهل السير أن قصة التخيير في السنة التاسعة.

منهم ابن حبان في "السيرة النبوية وأخبار الخلفاء" (1/ 360)، وبرهان الدين الحلبي في "السيرة الحلبية" 3/ 491)، الدكتور علي الصلابي في :السيرة النبوية" ص856

ولا إشكال في كون زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش ذُكر في سورة الأحزاب

بعد آية التخيير، ولا يلزم من الترتيب في التلاوة ، على ما ذكر ، الترتيب الزمني في الوقوع، فقد يقع الأمر متقدما ويذكر في القرآن متأخرا عما وقع قبله .

وزواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب كان في السنة الخامسة. وأما التخيير فكان في التاسعة على ما تقدم.

والحاصل :

أن التخيير كان لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم التسع، وكان متأخرا، بعد فتح مكة، وعلى هذا جمهور المفسرين.

والله أعلم.









قديم 2019-01-30, 15:38   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تتساءل لماذا تعاني المرأة أكثر من معاناة الرجل؟

السؤال

يراودني كثيرا سؤال: لماذا خُلقت المرأة ؟

فأرى أن حياتنا كلها مشقة وألم، فمنا مَن تبلغ في سن صغيرة، وتحرم مِن الطفولة، وتعيش باقي حياتها مع الألم شهريا، وترى شهريا كبيرا مِن الأذى والنجاسة، ووجب أن تتكيف مع هذا الأذى طوال حياتها، ثم تتزوج

لتبدأ رحلة جديدة من المشقة من آلام الجماع، ثم الحمل، والولادة، ومشقة التربية. يأتيني هاجس أني خلقت من أجل خدمة الرجل ومتعته، فأين أنا من الخلافة وإعمار الأرض. أم أن خليفة الأرض هو الرجل

والمرأة من وسائل التسخير له! فالله قادر أن يجعل عملية التكاثر في الأرض بدون آلام مستمرة. فلماذا خلقها بهذه المشقة لطرف واحد دون الآخر. أعرف أن أسئلتي غريبة، ولكن أريد لها جوابا يريح عقلي

ورجاء عدم الاتهام بأن هذا يدعو للإلحاد أو العلمانية - معاذ الله -. فأنا - والحمد لله - على قدر من الالتزام الديني أحسبه يبعدني عن هذه الشبهات.


الجواب

الحمد لله


غاية خلق المرأة ليست هي خدمة الرجل ومتعته، كما أن غاية خلق جنس الإنسان كله ليست هي الشقاء والنصب، فالإسلام يعلمنا أن الإنسان خلق حرا متعاليا عن العبودية الدنيوية

ليتجه بعبوديته كلها لله سبحانه، ويعرف لله عز وجل حق قدره، فيعمر الكون بالخير والصلاح

على أي نحو كان جنسه أو عرقه أو لونه أو هيئته، لا فرق بينهم إلا بالتقوى

والتقوى هي كل ما يحبه الله ويرضاه. يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13]

ولو تحدث الناس كلهم بالمنطق الذي تتحدثين به ، يا أمة الله ، لفسدت كل الموازين والمعايير القيمية لهذا الخلق !!

فالفقير سيتحدث أنه مسخر للغني، والصغير سيتهم الكبير بتسخيره لمتعته وتزيين دنياه

والمريض سيتهم السليم بالاستئثار بما في الدنيا من نعيم دونه، والرجل سيتهم المرأة بأنه يكدح الليل والنهار، ويشقى في جميع سني عمره لتعيش سعيدة منعمة في منزلها، وتتفرغ لحاجاتها ومتعتها

والمرأة ستتهم الرجل بأنها تشقى لأجل راحته في بيته ورعاية ولده

وهكذا في دائرة لا تنتهي ولا تنقضي من "فوضى الاتهامات"، لينتقلوا بعدها إلى اتهام "الخالق" جل وعلا في حكمته ، وخبرته ، ورحمته ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

في حين أن الفهم السليم لهذه العلاقات المتشابكة في الحياة هو أن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض، وقد خلقهم الله عز وجل في النقص والاحتياج، واستقل عز وجل بالصمدية والكمال .

ولكن هذه الحاجة إلى ما عند المخلوقات الأخرى لا تدل على "الغاية" من الخلق

ولا تكون أبدا تفسيرا لسبب الوجود وهدف الحياة، وإنما هي حاجة تنجيزية، غرضها الإعانة والمساعدة فحسب، وليس لها أبعاد غائية في تفسير علة الوجود.

كل ذلك تجدينه في قول الله عز وجل: وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف: 32]

يقول ابن كثير رحمه الله:

"ثم قال تعالى مبينا أنه قد فاوت بين خلقه ، فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم، وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة، فقال: نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات.

وقوله: ليتخذ بعضهم بعضا سخريا قيل: معناه ليُسَخِّر بعضهم بعضا في الأعمال، لاحتياج هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، قاله السدي وغيره. وقال قتادة والضحاك: ليملك بعضهم بعضا. وهو راجع إلى الأول.

ثم قال: ورحمت ربك خير مما يجمعون أي: رحمة الله بخلقه ، خير لهم مما بأيديهم من الأموال ومتاع الحياة الدنيا"

انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (7/ 226)

فقوله سبحانه: (ورحمت ربك خير مما يجمعون) يذكّرنا بأن رحمة الله المتمثلة بما عنده ، هي المقصد الأساسي الذي خلقنا جميعا للعمل لأجله، رغم كون بعضنا يحتاج إلى الآخر في أسباب وجوده وبقائه وحياته.

والآيات الكريمات التي تحدثت عن الاستخلاف في الأرض ، لم تفرق بين ذكر وأنثى، ولم تفرق بين إنسان وآخر، ولا يجوز قصرها على آدم عليه السلام، بل تشمله جميع ذريته من بعده

وكذلك لا يجوز قصرها على الذكور دون الإناث، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ

قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30]. وقال عز وجل: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ [هود: 61].

وقال سبحانه: قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 129]

وحين خاطب النبي صلى الله عليه وسلم النساء خاطب ذواتهن المكلفة التي تحملت أمانة التكليف، وطلب منهن صدق الأداء وتمامه، فقال عليه الصلاة والسلام: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ

لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ

مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) رواه البخاري (2753) ومسلم (204).

و قد تم نشر مطول حول هذا الامر بعنوان

المرأة ومكانتها في المجتمع


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2164903

والله أعلم.

.









قديم 2019-01-30, 15:46   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتران السماوات والأرض في القرآن رغم التفاوت بينهما في الاتساع

السؤال

كيف نجيب على ما يلي : ذكر ربّنا في القرآن السّماوات والأرض مقترنين كثيرا وذكر أنّ الجنة عرضها كعرض السموات والأرض ويشعر المؤمن من هذه الآيات و كأنّ الأرض بالنسبة للسماء كالليل بالنسبة للنهار يعني نشعر

بوجود تقابل ، فالسماء يمسكها الله أن تقع على الأرض والجنة عرضها كعرض السموات والأرض و نحن نعلم يقينا أن الأرض بالنّسبة للسماء لاشيء

من حيث الحجم والسعة فإضافتها للسماء عند ذكر عرض الجنة كإضافة المعدوم فكيف نجيب على هذا الإشكال؟


الجواب

الحمد لله

من المسالك الواضحة في أسلوب القرآن الكريم الحجاجي، التوجه إلى المخاطبين بما يشاهدون ويبصرون من آيات الخلق والكون، كي تقوم الحجة بوضوح وظهور، بعيدا عن أي تعمية

سببها خروج الكلام عن الطاقة البشرية القاصرة، وخوضه في عوالم لا قدرة للعقل البشري – مرحليا ، أو مطلقا – أن يطلع عليها، فضلا عن أن يأخذ العظة والعبرة منها.

ولهذا تجد في القرآن الكريم التعرض لآيات الجبال، والسحاب، والنبات، والإبل، والطير، والماء، والدواب

ونحوها من المحيط الخارجي الذي يعيش فيه كل أحد؛ لأن المقصود هو هداية البشر جميعا، فلا بد أن يناسب الخطاب هؤلاء البشر، ويناسب ، أول ما يناسب : أولئك الأقوام الذين تنزّل عليهم القرآن الكريم أول ما تنزّل.

ومن هنا ندرك السبب الذي من أجله حضرت (الأرض) في الآيات القرآنية العديدة، فهي تمثل المكان الذي يعيش فيه هذا الإنسان الضعيف، يولد فيه، ويدفن في باطنه

ويقتات على خيراته، ويضرب في سبله وفجاجه، وهي بالنسبة إليه من السعة والإحاطة ما لا يقدر عليه إلى يومنا هذا. فهي – ولا شك –

أول ما سيدعو القرآن الكريم إلى التأمل فيها وفي علاقتها بالبشر، لتلمس ما تشتمل عليه من آيات وعِظات باهرات.

ولكنها – في الوقت نفسه – ليست المكان الوحيد لهذا الإنسان، فالسماء أيضا جزء من هذا المكان، تحيط بالإنسان من أعلى، والأرض من أسفل، مما يعني أن السماء والأرض "ثنائية" بالتأكيد، يمثلان

معا – المحيط الخارجي المكاني الذي قدر للإنسان العيش فيه، والتأثر بأطيافه

بل وقدر له أن يؤثر في مصيره ومآله، لما يشتمل عليه من حراك صاعد وهابط يجمع بين العالم العلوي والعالم السفلي، في منظومة خلق الله وأمره، ومنظومة أفعال العباد.

والمقصود هو بيان أن "ثنائية" (السماوات والأرض) ثنائية قطعية منطقية؛ لا يمكن الفصل بينهما بدعوى فارق الاتساع والإحاطة، فالثنائيات المتقابلة لا تنطوي بالضرورة على شروط التساوي أو التماثل أو التعادل

وإنما تنطوي بالتأكيد على كليات مترابطة أو متقابلة، ومقاصد ذات علاقات واضحة، يضرب الإنسان في التأمل فيها، والانتفاع بها كل سبيل.

يدلك على ذلك قول الله عز وجل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) [الأنعام: 1] فقد قرن كلا من (السماوات والأرض)

وأيضا (الظلمات والنور) اقتران تقابل وتثنية، بعيدا عن المقارنة بينهما من حيث الكبر والصغر، أو الكثرة والقلة، وإنما مقابلة بينهما في التأثير على هذا الإنسان الضعيف، وارتباطهما بأسباب عيشه وهدايته

فالسماوات والأرض تمثل المكان الذي يعيش فيه الإنسان، كل منهما يقدم له ظرفا أساسيا لصلاحية العيش في هذا الكوكب، وهو في المقابل

يرتبط بهما ارتباطا وثيقا لما تمثله هاتان الجهتان المتقابلتان من أساسه ومصيره ومقادير رزقه، فالأرض فيها عيشه وسكنه، وطعامه، وشرابه، بل وأصل خلقته، ومآله تحتها،

والسماء فيها هواؤه، وتقدير رزقه، وصحائف عمله، ومنتهى أمله، وفوق ذلك كله دينه وشريعته وكتابه المنزل من عند الله من فوق سبع سماوات.

وثمة ملحظ مهم أيضا في هذا السياق، وهو أن سعة السماء الفلكية أبعد عن الإنسان من الأرض ولا شك، وحينئذ فهو – في مشاهداته الظاهرية – لا يلمس الفرق بين الاتساعين، بل كأن اتساع السماء بالأرقام الفلكية المهولة

لا يعني له شيئا ، كما تعني له الأرض التي يعيش عليها ، وينتمي إليها، وهو إليها أقرب وأحوج من اتساع السماوات، والقرآن –

كما سبق بيانه - يخاطب الإنسان بما يشاهده ويلمسه ويقدر عليه أكثر من خطابه له عن العالم كما هو في ذاته، فناسب أن تكون "السماء والأرض" ثنائية – بهذا الاعتبار -.

ولو تأملنا في العديد من السياقات التي ورد فيها اقتران (السماوات والأرض) لوجدناها سياقات تدعو إلى التدبر والتأمل فيهما؛ ولا شك أن الإنسان في تأمله ما في الأرض :

أقدر وأقرب منه على تأمل ما في السماء، حتى في هذا الزمان الذي هو زمان تفجر العلم والتجربة، فإن التصاق البشرية بأرضها فجر فيها طاقاتها الكامنة أكثر مما تم في السماء .

ولهذا كان المتجه دائما إيراد (الأرض) في آيات التدبر والتأمل. وإيراد (السماء) أيضا لما فيها من آيات عظيمات

فناسب اقترانهما لأجل هذا السياق التدبري التأملي، الذي لا يعني بحال دعوى التساوي بين خلق السماء والأرض من حيث الحجم والسعة.

يقول تعالى:

( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [آل عمران/ 191-192]

( إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) [يونس/ 6]

( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ) [يونس/ 101]

( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) [يوسف/ 105]

( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ) [الشورى/ 29]

( إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) الجاثية/ 3، 4]

( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [الأحقاف/ 33]

( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ) [الطور/ 35، 36]

( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) [الرحمن/ 33]

( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) [الأنبياء: 30]

( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [فاطر/ 41]

( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [غافر/ 57]

ومن السياقات المهمة التي اقتضت أيضا مقابلة السماوات والأرض ، واقترانهما : هو الإخبار عن ساكنيهما

وعامرهما من الجن والإنس والملائكة وما لا يعلمه إلا الله، وهم كلهم يعبدون الله سبحانه وتعالى

وبينهما من القواسم المشتركة القدر الكبير، والجن والإنس هم المعنيون بآيات القرآن الكريم والمخاطبون بها، فكان وجيها أن يجتمعا في سياق واحد، كما اجتمعا في الآيات الكريمات:

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [الرعد/ 15]

(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم/93]

ومن هنا ندرك جميعا أن تقابل (السماوات والأرض) تقابُلٌ مفسر له وجوه عديدة

يؤكد صحته أنه لم يرد في أي موضع من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة الحديث عن تساويهما في الحجم والاتساع

الأمر الذي ينفي أي احتمال لما أورده السائل في سؤاله، ويبين المقصود الصحيح من هذا التقابل بين المفردتين.

والله أعلم.









قديم 2019-01-30, 15:52   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قوله تعالى : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا) لا ينفي تعدد الأقمار

السؤال


قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم : ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) نوح/ 15، 16 ، صدق الله العلي العظيم.

هنا قال الحق: (وجعل القمر فيهن نورا) أي: نورا في السبع سماوات، ولكن بعد وصول الإنسان إلى الفضاء اكتشف مليارات الأقمار! فكيف ذكر الله سبحانه وتعالى قمرا واحدا في السبع سماوات وهناك الكثير منه في الفضاء؟


الجواب

الحمد لله

القمر المذكور في سورة نوح لا يُشْكِل بوجه من الوجوه ، مع توافر الأقمار في فضاء السماوات ، ومدارات الكواكب ، وذلك من وجوه عديدة:

أولا:

الآية الكريمة لم تخصص قمرا واحدا، والتركيب اللغوي المستعمل فيها لا يفيد الحصر ولا القصر

فقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) نوح/ 15، 16 غايته – في هذا المقام –

إثبات نورانية القمر، دون التعرض لغيره من الأقمار بنفي ولا إثبات ، مثالها كما تقول: "جعلت هذا الكتاب نبراسي". فهذا لا ينفي أنك جعلت غيره من الكتب أو المعلمين أيضا نبراسا لك

وفي مكان معتبر من التقدير والاهتمام ، وهذا واضح في اللغة العربية ؛ ولهذا قرر أكثر علماء الأصول عدم حجية ما يسمى بمفهوم اللقب، وهو الاستدلال بالحكم على اسم جنس أو علم على نفي الحكم عما عداه.

يقول ابن قدامة رحمه الله:

"[مفهوم اللقب] أن يخص اسمًا بحكم ، فيدل على أن ما عداه بخلافه : أنكره الأكثرون، وهو الصحيح؛ لأنه يفضي إلى سد باب القياس" .

انتهى من "روضة الناظر" (2/ 137)

وانظر: "البحر المحيط" (5/148-155) .

ثانيا:

سياق الآيات واضح التعلق بالمخاطبين من قوم نوح، فقد كان عليه السلام يحاورهم، ويجادلهم بالتي هي أحسن

ويستعمل معهم الآيات والبراهين الواضحات والمشاهدات كي يقيسوا عليها ويعتبروا بها، والآية الكريمة هنا في معرض سياق هذا الحوار، فخاطبهم قائلا (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) .

وهؤلاء الأقوام لا يعلمون من الفضاء الفسيح أقمارا سوى هذا القمر الذي يرونه ويشاهدونه

ولم يكن من المناسب أن يحاججهم عليه السلام بما لا يعرفونه من آيات الكون المنظور، فاقتصر على ذكر القمر المعروف لكل الناس

ودعاهم إلى الاعتبار بعظمة هذا الخلق وجليل آياته على توحيد الله سبحانه ، ونبذ كل ما يدعى من دونه.

ولو حدثهم عن أقمار عديدة في السماوات العلى لارتد ذلك عليهم بمزيد من الكفران والطغيان

وسيكيلون له التهم جزافا بالجنون والسحر وحديث الخرافات ، ولما استطاع عليه السلام أن يقيم لهم برهانا على ذلك – بحكم ذلك الزمن – وحينئذ سوف تبطل حجته عليهم

وتزيدهم كفرا إلى كفرهم ؛ فكان الصواب الاقتصار على ذكر القمر الواحد.

ثالثا:

وذهب بعض العلماء إلى أن الألف واللام (أل) في كلمة (القمر) في الآية الكريمة ليست للعهد، وإنما يراد بها الجنس

أي جنس الأقمار جعلها الله عز وجل نورا في السماوات، وهذا يمكن أن يشمل القمر التابع للكرة الأرضية، وغيره من الأقمار.

يقول العلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله:

" ليس القمر خاصا بالأرض، بل للسيارات الأخرى أقمار (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) [نوح: 16] فالألف واللام في الْقَمَرَ للجنس ، لا للعهد، كما في قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4]"

انتهى من "محاسن التأويل" (1/ 210) .

ويقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله:

"وأما الأقمار فهي كالمرآة ، تعكس نور الشمس على الكواكب التابعة لها؛ فلذا لم تسم في القرآن بالسُّرج، فإنها لا نور لها من ذاتها، قال الله تعالى: ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً. وَجَعَلَ القَمَرَ ) - (نوح: 15-16)

أي: جنس القمر ِ- ( فيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً ) (نوح:16) ، أي : لهم جميعًا"

انتهى من "مجلة المنار" (14/ 577) .

والله أعلم.









قديم 2019-01-30, 15:56   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير الفلق بالسجن قول مرجوح لا يثبت

السؤال


هل وردت كلمة " فلق " ( كما في سورة الفلق ) بمعنى السجن في الأحاديث الصحيحة ؟


الجواب

الحمد لله

قال تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) الفلق/1-2 .

والفلق الصبح في قول جمهور السلف ، وهو المروي عن جابر بن عبد الله ، وابْنِ عَبَّاسٍ ومُجَاهِدٍ

وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ ، وَالْحُسْنِ ، وَقَتَادَةَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، وَابْنِ زَيْدٍ ، وزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وهو اختيار ابن جرير والبخاري ، وابن القيم ، وغيرهم .

انظر : " تفسير ابن كثير " (8/ 535)

" بدائع الفوائد " (2/217) .

وقد جاء عن بعض السلف أن الفلق سجن في جهنم .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : ( الْفَلَقِ ) بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ ، إِذَا فُتِحَ صَاحَ جَمِيعُ أَهْلِ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ .

وَكَذَا رُوي عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَالسُّدِّيِّ ، وَغَيْرِهِمْ .

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ : (الْفَلَقِ) مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " (8/535) .

وروى الطبري في " تفسيره " (24/ 284)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الفَلَقُ جُبّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى ) .

لكنه حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (4029) : " منكر " .

وروي أيضا (24/ 699) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " الفلق : سجن في جهنم " وإسناده ضعيف أيضا .

والحاصل :

أن تفسير الفلق بالسجن قول مرجوح لا يثبت ، ولا يعرف في الأحاديث الصحيحة ، ولا في اللغة - حسب ما نعلم - أن كلمة " الفلق " تأتي بمعنى السجن .

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2019-01-30, 15:58   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يشرع سؤال الله الوقاية من شر ما خلق

السؤال

هل يجوز دعاء الله عز وجل بأن يحميني من شر ما خلق في هذا الكون , وفي القبر وفي اليوم الآخر ؟

الجواب

الحمد لله


الالتجاء إلى الله تعالى للحماية والوقاية من كل سوء وشر وأذى من أعظم العبادات ، وأفضل الطاعات ، فالله عز وجل يحب المستغيثين به ، الملتجئين إليه ، المستعيذين بعظمته وقدرته .

قال الله عز وجل :

( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ . وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) سورة الفلق/1-5.

وقوله تعالى : ( من شر ما خلق ) جاء بصفة العموم ، فشمل الاستعاذة من كل شر في الحياة الدنيا كالشيطان ووساوسه ، وفي البرزخ كعذاب القبر ، وفي الحياة الآخرة كجهنم .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ( مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) أي : من شر جميع المخلوقات ، وقال ثابت البناني والحسن البصري : جهنم وإبليس وذريته مما خلق " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (8/535)

وقال العلامة السعدي رحمه الله :

" أي : ( قل ) متعوذًا ( أَعُوذُ ) أي : ألجأ وألوذ وأعتصم ( بِرَبِّ الْفَلَقِ ) أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح . ( مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) وهذا يشمل جميع ما خلق الله من إنس وجن وحيوانات

فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها ، ثم خص بعدما عم

فقال : ( وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) أي : من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة والحيوانات المؤذية . ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ )

أي : ومن شر السواحر اللاتي يَسْتعِنّ على سحرِهن بالنفث في العقد التي يعقدنها على السحر

. ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) والحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود ، فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب ، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره وإبطال كيده

ويدخل في الحاسد العاين ؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس ، فهذه السورة تضمنت

الاستعاذة من جميع أنواع الشرور عمومًا وخصوصًا . ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره ، ويستعاذ بالله منه ومن أهله " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/937)

وقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بالله من شر ما خلق في بعض الأذكار الشرعية:

عن خولة بنت حكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ) رواه مسلم (2708)

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ( إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ) .

رواه البخاري (3371) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-30, 16:02   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

التعليق على قوله تعالى : ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) .

السؤال


يقول الله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ )المائدة /18.

ويقول في محكم تنزيله : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا (88) لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ) مريم /92 . والسؤال :

لمَ لا نجد النهي والزجر والوعيد وفساد الأمر لليهود والنصارى في الآيات الأولى من سورة المائدة

بينما نجد ذلك في آيات مريم التي نسب فيها النصارى المسيحَ لله ـ نسب الأبوة ـ علماً أن المائدة ومريم آياتهما تنزه الباري عن الشريك والولد ؟


الجواب


الحمد لله

أولًا:

إن من أعظم خصائص خطاب الله تعالى لأصناف الناس في القرآن التنوع ، فتجد الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وتجد خطاب العامة والخاصة، وغيرها من وجوه الفصاحة والبلاغة.

ومن ذلك خطاب الله تعالى لأهل الكتاب في القرآن ، فقد تنوع الخطاب القرآني لأهل الكتاب بين الترغيب والترهيب

فتارة يدعوهم إلى التوبة والاستغفار، وتارة يحذرهم من العقاب ويخوفهم من مصيرهم وجزاءهم إن هم استمروا على كفرهم ، وأصروا على عدوانهم .

ثانيًا:

الذي يظهر ، والله أعلم ، في الفرق بين خطاب الله تعالى الوارد في سورة المائدة، وخطابه الوارد في سورة مريم

ما يلي:

أن الخطاب في سورة المائدة أتى ردًا على قولهم: ( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) المائدة/18.

وقولهم هذا يحتمل أمورا :

إما أنهم أرادوا أنه - تعالى - : في بره ورحمته وعطفه على عباده الصالحين ، كالأب الرحيم لولده.

أو أنهم أرادوا بذلك أنهم أبناء رسل الله ، فذكروا ذلك ، من باب حذف المضاف .

وبالجملة: فإنهم رأوا لأنفسهم فضلا، فرد الله عليهم قولهم ، فقال ( فلم يعذبكم بذنوبكم ) .

ينظر: "تفسير القرطبي"(6/ 120).

وقوله تعالى: ( بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) المائدة/ 18، يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم: ليس الأمر كما زعمتم أنكم أبناء الله وأحباؤه

بل أنتم بشر ممن خلق، يقول: خلق من بني آدم ، خلقكم الله مثل سائر بني آدم ، إن أحسنتم جوزيتم بإحسانكم ، كما سائر بني آدم مجزيون بإحسانهم ، وإن أسأتم جوزيتم بإساءتكم

كما غيركم مجزي بها ، ليس لكم عند الله إلا ما لغيركم من خلقه ، فإنه يغفر لمن يشاء من أهل الإيمان به ذنوبه ، فيصفح عنه بفضله ، ويسترها عليه برحمته ، فلا يعاقبه بها ...

( ويعذب من يشاء) البقرة/284 ، يقول: " ويعدل على من يشاء من خلقه ، فيعاقبه على ذنوبه ، ويفضحه بها على رءوس الأشهاد ، فلا يسترها عليه .

وإنما هذا من الله عز وجل : وعيد لهؤلاء اليهود والنصارى ، المتَّكِلين على منازل سلفهم الخيار عند الله ، الذين فضلهم الله بطاعتهم إياه ، واجتنابهم معصيته ، لمسارعتهم إلى رضاه ، واصطبارهم على ما نابهم فيه.

يقول لهم: لا تغتروا بمكان أولئك مني ، ومنازلهم عندي ، فإنهم إنما نالوا مني بالطاعة لي ، وإيثار رضاي على محابهم ، لا بالأماني ، فجِدُّوا في طاعتي ، وانتهوا إلى أمري

وانزجروا عما نهيتهم عنه ، فإني إنما أغفر ذنوب من أشاء أن أغفر ذنوبه من أهل طاعتي ، وأعذب من أشاء تعذيبه من أهل معصيتي ، لا لمن قربت زلفة آبائه مني ، وهو لي عدو ، ولأمري ونهيي مخالف"

انظر" جامع البيان"(8/ 271 - 272).

فالحاصل :

أن الله تعالى رد مقالتهم، في الآية المذكورة في السؤال ، من سورة المائدة ، وهي ليست في قوة المقالة سورة مريم عليها السلام، فإن فيها ادعاء الولد لله تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا .

مع أن ينبغي الانتباه إلى أن سورة المائدة ، قد ورد فيها ـ أيضا ـ في موطن آخر ، رد مقالة النصارى ، وشركهم بالله ، ودعواهم له الولد ، وصرحت بأنهم كفروا بذلك القول

. قال الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ

مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المائدة /17 .

وقال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72)

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)

قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة/72-77 .

وفي أواخر السورة : بيان شهادة عيسى عليه السلام ، على كفر من كفر به ، يوم القيامة ، وبراءته من شركهم ، ودعواهم فيه الألوهية ، هو وأمه عليهما السلام . وأما ذكر كفر اليهود

وبيان موجبات اللعنة التي حاقت بهم ، فهو مذكور في السورة في مواضع ، يمكن مراجعتها ، وتأملها على مهل

. والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-30 في 16:03.
قديم 2019-01-31, 02:33   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
BAWSALA
عضو جديد
 
الصورة الرمزية BAWSALA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

Echange intéressant !










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc