الجن والسحر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الرقية الشرعية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجن والسحر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-17, 19:48   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الجن والسحر

- الدرس (1-7) : الشعوذة والدجل


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
العلم والعمل في القرآن الكريم قيمتان مرجحتان بين الخَلق :
أيها الأخوة الكرام، خروجاً عن الموضوعات المتسلسلة في العقيدة سوف أعالج إن شاء الله تعالى، وبتوفيق منه موضوع الشعوذة، التي انتشرت، وشاعت في أرجاء العالم الإسلامي.
لابدّ من مقدمة قبل أن أبدأ الحديث عن هذا الموضوع الدقيق الذي يمس شريحة كبيرة من شرائح المجتمع، المقدمة: ما العلم؟ كلمة علم كلمة براقة، ألف وخمسمئة آية في كتاب الله تتحدث عن العلم والعقل، بل إن العلم قيمة مرجحة في القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
[ سورة الزمر : 9 ]
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾
[ سورة المجادلة: 11 ]
فالعلم والعمل في القرآن الكريم قيمتان مرجحتان بين الخَلق، بينما عند أهل الدنيا المال، والذكاء، والوسامة، والقوة، قيم مرجحة في عالم الحياة الدنيا، لكن عند الله عز وجل الترجيح بالعلم والعمل، قال تعالى: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
[ سورة الأنعام: 132 ]
تعريف العلم :
ما العلم؟ بتعريف مختصر: هو الوصف المطابق للواقع مع الدليل، فلو ألغي الدليل لكان تقليداً، والتقليد في العقيدة مرفوض، لقوله تعالى:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
[ سورة محمد: 19 ]
ليس في الآية: قل لا إله إلا الله، بل: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
[ سورة محمد: 19 ]
ولو قبلنا جدلاً أن الله يقبل عقيدة تقليداً لكانت كل الفرق الضالة ناجيةً عند الله عز وجل، لأنهم سمعوا رؤساءهم في الطوائف والأديان يقولون شيئاً فقالوه، فالعلم هو الوصف المطابق للواقع مع الدليل، وبتعريف أكثر: تفصيل إسناد، أو حكم، أو وصف مقطوع به، يؤيده الواقع، عليه دليل.
الإسناد تقول: خالد كريم، أسندت الكرم إلى خالد، أو حضر خالد، أسندت الحضور إلى خالد، أو وصفت خالداً بأنه شجاع، الوصف والحكم والإسناد يعني ربط شيء بشيء، علاقة، العلم علاقة، علاقة التمدد بالحرارة، علاقة التمدد بالضغط مثلاً، علاقة مقطوع بها، صحيحة مليون بالمليون، هذا القطع يقابله الشك، وهو حقيقة مرجوحة، أو يقابل القطعُ الوهمَ، أيضاً هو حقيقة مرجوحة، أو يقابل القطع الظن، وهو حقيقة راجحة، راجحة يتساوى الشك والصواب فيها، على كل صحة الحقيقة ثلاثون بالمئة وهْم، خمسون بالمئة شك، ثمانون بالمئة ظن، أما العلم فمئة بالمئة، لا يوجد احتمال الخطأ أبداً، المعادن تتمدد بالحرارة، لو ذهبت إلى القارات الخمسة من آدم إلى يوم القيامة فالمعادن تتمدد بالحرارة، وهذه حقيقة مقطوع بها، يؤيدها الواقع، وكل شيء خلاف الواقع جهل، من هو الجاهل؟ الذي امتلأ مقولات مغلوطة، الجاهل قد يحمل جهالة، يقول لك: لابدّ من الاغتراب، هذا مجتمع الرقي، مجتمع العصرنة، مجتمع الحداثة، المرأة نصف المجتمع، أي مقولة بخلاف الكتاب والسنة تعد جهلاً، لأن الواقع لا يؤكدها، المرأة محبوبة، هكذا صمم الله الرجل على محبة المرأة، فإذا كانت متبذلة في الطريق، وفي العمل، وفي المعمل، وفي الدائرة، سببت حرجاً كبيراً، وفتنةً لا تنتهي، وأيّ مقولة تخالف الواقع تعد جهلاً، فالجاهل يمتلك آلاف المقولات، لكنها مغلوطة كلها.
الحكم، أو النسبة، أو الإسناد المقطوع بصحتها، والتي توافق الواقع، وعليها دليل.
تسلل الخرافات والأوهام إلى عقول الناس أخطر شيء في حياتهم :
الآن لو ألغينا الدليل لكان تقليداً، لو ألغينا الواقع لكان جهلاً، لو ألغينا القطع لكان شكاً، أو وهماً، أو ظناً، هذا العلم يقابله الجهل، مقولات لا تنتهي تخالف الواقع، الله عز وجل قال:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ﴾
[سورة البقرة: 276]
هذا كلام خالق الأكوان، يقول لك أحدهم: الربا يزيد المال، القرآن يقول: يمحقه، مقولة أهل الدنيا: إن الربا يزيده، إذاً هذه المقولة جهل، لأن الله عز وجل يرخي الحبل لزيد من الناس، ثم يمحق الله ماله، قال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
[ سورة البقرة: 276 ]
[سورة البقرة: من الآية 276]
وإذا قال لك: إنفاق المال ينقصه، قال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ﴾
[سورة البقرة: 276]
إنفاق المال يزيده، نحن كوننا مسلمين عندنا مرجع هو الكتاب والسنة، القرآن كلام الله، والسنة شرح المعصوم لكلام الله عز وجل، والله عز وجل يقول: ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
[سورة الحشر: 7]
لذلك أخطر شيء في حياة المسلمين أن تتسلل الخرافات والأوهام إلى عقولهم، والانحرافات إلى سلوكهم، فهذه الطامة الكبرى، شبهات، وخرافات، وجهل، ووهم في عقولهم، وانحراف في سلوكهم، لذلك الدعاء الرائع: "اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات". أكثر المقولات التي تطرح في الساحة الإسلامية أوهام لا أصل لها إطلاقاً :

صدقوا أيها الأخوة، لو جمعت المقولات التي تطرح في الساحة الإسلامية، ومحصتها تمحيصاً دقيقاً وفق موازين الكتاب والسنة، والله لا أبالغ تسعون بالمئة منها يجب أن تنبذه، أوهام لا أصل لها إطلاقاً، العوام يقولون: هذه البنت محظوظة، وهذه البنت ليس لها حظ، هذا الكلام ليس له معنى، الله موجود، بيده الأمر، كلمة حظ بالمفهوم العامي لا وجود لها إطلاقاً، هناك توفيق وعدم توفيق، هناك تيسير و تعسير، هناك عطاء وأخذ، هناك إكرام وتأديب، والإكرام له أسباب، والتأديب له أسباب، أما أن تأتيك الظروف القاسية بلا سبب فأنت بهذا ترد كلام الله، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
[سورة الشورى: 30]
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾
[سورة آل عمران: 165]
أيّ مقولة وأيّ كتاب يخالف كلام الله عز وجل وسنة رسوله فهو جهل :
أهم شيء في الدرس: معنا وحي خالق السماوات والأرض، معنا كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، معنا شرح لهذا الكتاب من عند المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، فأيّ مقولة، وأيّ مقالة تقرؤها، وأيّ كلمة تسمعها، أو أيّ كتاب تطلع عليه يخالف كلام الله عز وجل وسنة رسوله الصحيحة فهو جهل، وقد يكون الكلام براقاً، وقد يكون الكلام جذاباً، وقد يدغدغ شهوات الناس، طبعاً أن تكون المرأة في كل مكان بأبهى زينتها، وتعرض أبهى ما عندها من مفاتن في أيّ مكان في الدوائر، في الطريق، في أي مكان، هذا شيء يدغدغ شهوة الناس، لكنه يفسد الحياة، ويجعل الحياة تمتلئ بالفتن والانحرافات.
لذلك هذا الدرس أيها الأخوة متعلق بموضوع، هو مصطلح الشعوذة، الدجل، الكذب، الافتراء، الوهم، الجهل، سبب هذا الموضوع أنني في كل أسبوع يأتيني سؤال عبر الهاتف، أو سؤال شخصي، أن أحداً يسألني: أريد أن أفك السحر عن فلان، وأن أخرج منه الجن، إلى أين أذهب؟ إلى أي شيخ أذهب؟

النبي محمد هو الوحيد الذي لم يخاطبه الله باسمه بل بلقبه النبوي والرسالي :
أنا سأقول لكم بادئ ذي بدئ: هذا الإنسان الذي هو محمد عليه الصلاة والسلام الذي يعتقد المسلمون جميعاً أنه سيد الخلق، وحبيب الحق، الإنسان الأول رتبةً، ما من إنسان على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة أعلى مقاماً من رسول الله، حتى إن الله عز وجل أقسم بعمره الثمين، وحتى إن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾
[سورة الأحزاب : 59]
﴿ يَا أَيُّهَا الرسول ﴾
[سورة المائدة: 67]
ولم يقل: يا محمد.
الله تعالى قال في آيات كثيرة:
﴿ يَا يَحْيَى ﴾
[سورة مريم: 12]
﴿ يَا زَكَرِيَّا ﴾
[سورة مريم: 7]
﴿ يَا عِيسَى ﴾
[سورة آل عمران: 55]
﴿ يَا مُوسَى ﴾
[سورة النمل: 9]
لم يقل: يا محمد، بل قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾
[سورة التحريم: 9]
﴿ يَا أَيُّهَا الرسول ﴾
[سورة المائدة: 67]
الرسول الكريم لا يعلم الغيب فمن باب أولى ألا يعلم المشعوذ و الدجال الغيب :
هذا الإنسان المكرّم الذي بلغ سدرة المنتهى، والذي هو أقرب مخلوق إلى الله عز وجل، وأحب مخلوق إلى الله عز وجل يقول الله له:
﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾
[سورة الأعراف: 188]
يقول له في آية أخرى: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴾
[سورة الأعراف: 188]
يقول في آية أخرى: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾
[سورة الأنعام: 15]
إذا كان سيد الخلق، وحبيب الحق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فمن باب أولى أنه لا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً، وهو لا يعلم الغيب، وهو إن عصى الله كما جاء في الآية يقول: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾
[سورة الأنعام: 15]
(( لا أمثِّل بهم فيمثِّلَ اللهُ بي، ولو كنتُ نبياً ))
[ورد في الأثر]
أيجرؤ إنسان دجال مشعوذ أن يوهمك أنه يعلم الغيب، أن يوهمك أنه بإمكانه أن ينفعك أو أن يضرك، هذا أول شيء في الدرس. الآيات التالية
تُسقط كل دعاوى المشعوذين والدجالين : احفظ هذه الآيات: ﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾
[سورة الأعراف: 188]
يقول له في آية أخرى: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴾
[سورة الأعراف: 188]
يقول في آية أخرى: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾
[سورة الأنعام: 15]
في ضوء هذه الآيات تسقط كل دعاوى المشعوذين، والدجالين، والكذابين والأفاكين، والنصابين، والمحتالين، ومن يرتزق بالدين، والإمام الشافعي يقول: " لأن أرتزق بالرقص أهون من أن أرتزق بالدين "، وهذا الذي يرتزق بالدين اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً، وسوف يحاسب حساباً عسيراً، لأنه تاجرَ بأقدس ما يملك الناس، تاجر بعقيدة الناس، تاجر بدينهم، تاجر بمصيرهم، لذلك: (( ابن عمر، دينك، دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا ))
[ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية برقم ( 186 )]
المشعوذون يدّعون أنهم يعالجون الناس بالقرآن ولكنهم يستخدمون الشيطان للإضلال:
أحد المشعوذين من إقليم دارفور بالسودان يقول بعد أن تاب إلى الله، واعترف أنه كان مشعوذاً، ودجالاً، وضالاً مضلاً، في بعض اعترافاته بعد توبته هذا الكلام، يقول: كان يستخدم الجن في أعمال الشعوذة والاحتيال على الناس، وقال: إن المشعوذين يدعون أنهم يعالجون الناس، ويقضون أمور الناس بالقرآن، ولكنه افتراء، فهم يستخدمون الشيطان الذي يستخدمهم، ويجبرهم على أفعال منكرة وحرام، مثل تدنيس القرآن، يكتب القرآن بدم الحيض أحياناً، وبالبول أحياناً أخرى، قرب عورة الإنسان، فحتى يسمح الشيطان لهذا الدجال أن يعينه على تحقيق إضلاله للناس، يأمره بشيء تقشعر منه الأبدان، يجب أن تكتب بعض آيات القرآن بدم الحيض، أو بالبول، أو بشيء قذر في مكان قريب من عورة الإنسان، إن فعل هذا يقبله الشيطان، ويمده ليضل بني البشر، قال: مثل تدنيس القرآن، أو ترك الصلاة، أو عدم الصيام، أو الزنا بالأقارب، عدد كبير جداً من المشعوذين يرتكبون الزنا كل يوم، وأحد أخوتي الكرام له قريب مشعوذ، والله حدثني عنه بأشياء لا يصدقها العقل، من شدة فسقه وفجوره يمضي عليه الشهر والشهران، وهو جنب، لا يصلي، ولا يقوم بأي عبادة، بل ألِف الزنا مع كل امرأة ساذجة تأتيه كي يحل لها مشكلتها، هذا الواقع، له مظهر مقبول، هؤلاء مشعوذون، هؤلاء دجاجلة، هؤلاء كذابون، هؤلاء نصابون، هؤلاء يتاجرون بالدين، ويستغلون بساطة المسلمين وسذاجتهم.
زوج أراد أن يداعب زوجته، فأخبرها أنه سيتزوج عليها بواحدة، هذا مزاح، وهذا المزاح دفع الزوجة إلى شيخ دجال نصاب، لعله يكتب لها حجاباً ينفعها، هذا الذي يقع، أنا لا أتكلم من فراغ، أنا أتكلم من واقع أعيشه من شريحة كبيرة من المسلمين الذين لم يتنوروا بنور العلم، وهؤلاء يعطونهم حجابات، كلام بالسرياني، كلام غير مفهوم، تمتمات، حركات، سكنات، تأتي بديكٍ أبيض، وتفاصيل، شيء مضحك، تفاصيل ما أنزل الله بها من سلطان، ومبالغ كبيرة جداً، وهذا الرجل ثروته تقريباً فلكية، عنده ثماني سيارات، صاحب أموال طائلة، عنده تجارة كبيرة جداً، تجارة بن، وعطور، وصابون، ويملك ملايين مملينة، هذا مشعوذ كبير، نرجو الله أن يقبل توبته، وهذه صورته، يقول هذا المشعوذ سابقاً، ونرجو الله أن يقبل توبته في اعترافات مثيرة: إنه تعلم أعمال السحر والشعوذة في غرب إفريقيا في الكاميرون، وتشاد، وذكر أنه أعلن توبته، وبدأ يعمل على إبطال الأحجبة، وأعمال السحر التي يعرف أسرارها بالطرق القرآنية الصحيحة، هناك أحجبة تحمي من السلاح الناري، والحديدي، أحجبة تحمي من لدغ الحية، أحجبة تستخدم الآيات القرآنية الناقصة مع الطلاسم الشيطانية التي يعلمها الجن للإنسان، وهذا كله من شأن هذا الدجال النصاب، وكل الأموال التي جمعها من الشعوذة أتلفها الله عز وجل في ستة أشهر.

ما من معصية على وجه الأرض إلا بسبب معصية ارتكبت :
أكثر شيء زبائنه ـ إن صحّ التعبير ـ من تجار المخدرات الذين يطلبون منه أن يكتب لهم حجابات تمنع السلطات الجمركية أن تكتشف المخدرات التي معهم، كالهروين، والكوكايين، وأكثر زبائنه من شريحة المتزوجين، فالزوجات أو الضرائر يطلبن منه كتابة حجاب، فلعل الزوج يحب زوجته، ولعل الزوج لا يتزوج عليها، مع أن الزوجة إذا طبقت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فحفظت نفسها، و صلت خمسها، و صامت شهرها، و أطاعت زوجها دخلت جنة ربها، لو أن كل امرأة طبقت السنة النبوية:
(( اعلمي أيتها المرأة، و أعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله ))
[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد الأنصارية]
يحبها زوجها، و الغريب أنني قرأت كتاباً لأحد الأخوة، مدير سجون القُطر ألّف كتاباً، فيه ثلاث وستون جريمة، و كل جريمة أعقبها بالمخالفة الشرعية التي حملت هذا الإنسان على أن يكون مجرماً، لأنه ما من معصية على وجه الأرض إلا بسبب معصية ارتكبت، وما من معصية ارتكبت إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء الإنسان، و الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
إذاً أكثر المنتفعين من هذا الدجال تجار المخدرات، والزوجات اللواتي يخفن أن يتزوج الزوج عليهن، الذي قرأته في هذا الكتاب الذي ألّفه مدير السجون في القطر أن نصابة دجالة مشعوذة ـ أيضاً يوجد نساء، وليس ذكوراً فقط ـ يوجد دجال ودجالة، و نصاب ونصابة، ومشعوذ ومشعوذة، هذه تأخذ مبالغ طائلة، وتعمل حجاباً، وتمتمات، وكلاماً غير مفهوم، وخطوطاً لا معنى لها إطلاقاً، من ذكائها تدل الزوجة على أن تكون نظيفة، هندامها حسن، تظهر بمظهر لائق أمام زوجها، بطاعته، بخدمته، بإكرامه، فعلاً الأزواج بعد هذه التعليمات التي وجهتها لهم هذه الدجالة، ولكن هذه تعليمات السنة، أصبح هناك محبة بينهم، هي توهمت أن المحبة ناتجة من السحر ومن الحجاب، لا، بل من معاملتها، من أدبها مع زوجها، من معاملتها لزوجها، من طاعتها لزوجها، من حفظ نفسها، يقول هذا الدجال سابقاً: إن هذا العمل لا علاقة له بالدين إطلاقاً، الدين ستار، الدين أداة جذب، و يضعون أيضاً لفة خضراء ليست بيضاء، هو ولي كبير، هو أكبر دجال، أكبر نصاب، أكبر زان.
السحر لا علاقة له بالدين ولا بالقرآن :
أنا مضطر أن أتكلم الحقيقة المرة، أنا أريد أن يكون هذا الشريط بين أيدي كل المسلمين، لأنه يوجد دجل ما بعده دجل، أنتم لا تعلمون واللهِ ما من أسبوع إلا ويأتيني شكوى من إنسان عن دجال، أو دجالة، أو مشعوذ، أو مشعوذة، و الله يقترفون كل الكبائر، ولهم مظهر ديني، والناس يصدقون هذا المظهر، " لست بالخبّ، ولا الخبّ يخدعني ".
لا يوجد أروع من هذا الكلام، لست من الخبث حيث أخدع، ولا من السذاجة حيث أُخدع، هذا المؤمن، لا يَخدع و لا يُخدع.
قال: إن هذا العمل لا علاقة له بالدين إطلاقاً، ولا بالقرآن، ويعترف أنه تعلّم هذا السحر من شيخ هندي قابله في منطقة على الحدود التشادية النيجيرية، وهو من أشهر الذين يدعون أنهم يعلمون الشخص الكمال، أو ما يزعمون أنه التعامل مع الله سبحانه وتعالى، يستخدم هؤلاء الدجالون أسماء غريبة يدعون أنها سريانية مثلاً، خرفوش، كلمات لا معنى لها بعيدة عن اللغة العربية، هذه كلمات سريانية، و هي في الحقيقة أسماء لسفهاء الجن الذين يتعاملون معهم، وحتى يعطي هؤلاء أنفسهم هالة كبيرة يدعون أنهم في حضرة الله عز وجل، هذا هو الدجل الذي شاع بين المسلمين، لذلك قال عليه الصلاة و السلام:

(( تركت فيكم شيئين، إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله و سنة رسوله ))
[الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة ]
الصواب ما وافق القرآن، والجهل والخطأ ما ناقض القرآن، يوجد ذعر عند الناس أن فلاناً أجرى له سحراً، ماذا قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[سورة البقرة: 102]
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[سورة الحجر: 42]
لكن إذا كان الإنسان غافلاَ عن الله عز وجل، وكان غارقاً في الشهوات والانحرافات يصيبه سحر الساحر، أنا لا أنكر السحر، لا أنكر أن هناك سحراً: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ*وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ*وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾
[سورة الفلق: 1-5]
النفاثات في العقد هم السحرة، من معاني هذه الآية أن هذه العلاقات المتينة التي أرادها الله بين أفراد الأسرة مهمة الساحر الأولى التفريق بين الزوجين، يوهمها أنه لا يحبها، وأنه سوف يتزوج عليها، هي تسيء إليه، فيبغضها، لا تفسر بغضه لها بأنه تقصير منها، بل تفسر بغضه لها بأنه سحر من السحرة. الأحجبة لا معنى لها إطلاقاً ولا تنتمي لا إلى كتاب ولا إلى سنة إنما هي كذب و
الحقيقة يوجد تفاصيل كثيرة جداً في المقالة، أنا أنقل لكم أبرز ما في هذه المقالة، قال: كنا نتفق مع عالم الجن خاصة إذا كان صاحب الحاجة ميسور الحال نقول له: ارفع عنه المرض مدة معينة، وبذلك نتحايل على المريض حتى يدفع الأموال، و كانت تأتي المرأة، وتقول: إن زوجها يريد أن يتزوج بأخرى، نطلب منها أشياء يمليها علينا الشيطان، مثل إحضار شعر من مناطق معينة من جسم الرجل، أو أظفاره، أو التراب الذي يمشي عليه، والشيطان يقول لك: أنا عندي شرط معين، وهو أن تكتب الكلام المقدس بشيء من النجاسة التي تخلط مع أي شيء آخر، وتلف في ورقة، و يطلب من الزوجة دفنها في المقابر، أو في أماكن معينة، و قد قمت بعمل سحر لكثير من البنات والأولاد، وفعلنا الأفاعيل في هذا الموضوع.
و يقول هذا المشعوذ سابقاً: إن كثيرين يضعون أنواعاً من الأحجبة بأغراض معينة، منها حفظ النفس من العين، و طلقات الرصاص، ولدغ الحشرات السامة، و يعترف بأن هذه الأحجبة لا تنتمي إلى القرآن، و لا إلى السنة النبوية، و قد أثبت لك عملياً في كثير من الحالات.
هذه الأحجبة لا معنى لها إطلاقاً، ولا تنتمي لا إلى كتاب، و لا إلى سنة، ولا إلى شيء آخر، إنما هي كذب، و دجل، و إيهام.
و يقول هذا المشعوذ سابقاً: بعد أن عدت من ذلك العالم، ورجعت إلى الله، وأعلنت توبتي بدأ الشيطان يهددني، وقد كنت ثرياً للغاية، أملك ثماني سيارات، وصاحب أموال طائلة، ومرضت أنا، وأطفالي، حدث عن إتلاف ثروته، وعن ضياع ماله، وكان عنده مئة وثلاث وتسعون بقرة، أيضاً هلك معظمها، الله أدبه تأديباً شديداً جداً.

مشكلات المسلمين تُحلّ عن طريق التوبة النصوح وتطبيق منهج الله عز وجل :
فيا أيها الأخوة، أنا طبعاً جالس مع شريحة أظنها راقية عند الله عز وجل، أنا لا أظن شخصاً من الأخوة الكرام يمكن أن يتعامل مع هؤلاء، لكن أنا أعتبر كل واحد منكم سفير هذا الدين العظيم إلى من حوله، له أقارب ثقافتهم ابتدائية، تفكيرهم محدود، عندهم مشكلات، بدل أن تحلّ عن طريق الطب، وعن طريق الصدقة تحل عن طريق هؤلاء المشعوذين، يوجد خلافات أسرية لو أن الزوجة عرفت ربها، و استقامت على أمره لأحبها زوجها، بدل أن تعالج هذه القضايا الأسرية في خلال الشرع الحنيف والتوجيهات النبوية الراقية تحل عن طريق مشعوذ دجال كذاب، وأنا أشهد الله أنه لا يمضي أسبوع إلا وينتهي إليّ أن إنساناً أو إنسانين أو ثلاثة لجؤوا لهؤلاء المشعوذين لحلّ مشكلات متوهمة، مع أن المشكلات تحل عن طريق التوبة النصوح، وعن طريق تطبيق منهج الله عز وجل.
يوجد تفاصيل كثيرة في هذه المقالة، لست معنياً بذكرها، ولا تهمنا، يهمنا أن هناك شريحة اجتماعية كبيرة جداً عند المسلمين، هذه تلجأ إلى هؤلاء المشعوذين حينما تعاني من مشكلة اجتماعية، أو مشكلة اقتصادية، أو مشكلة عاطفية، أو حينما تخاف من خطر داهم، مع أن الله سبحانه و تعالى يبين في كتابه فيقول:

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة الأنبياء: 88]
الله عز وجل مع المؤمنين بالحفظ و التأييد و النصر :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
[سورة فصلت: 30 - 32]
الله عز وجل يطمئن المؤمن، الله عز وجل حينما قال عن سيدنا يونس: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
[سورة الأنبياء: 87]
الله عز وجل يقول: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
[سورة طه: 123]
﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
[سورة البقرة: 38]
الله عز وجل يقول: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة الأنفال: 19]
معهم بالتوفيق، معهم بالتأييد، معهم بالنصر، معهم بالحفظ، فيوجد آيات كثيرة جداً تطمئن المؤمن: ﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة الروم: 47]
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾
[سورة الطور: 48]
أمور المسلمين تعالج وفق القرآن و السنة لا وفق السحر و الشعوذة :
كلام خالق الأكوان يطمئنك أيها المؤمن، و تلجأ للسحرة والمشعوذين والدجالين والأفاكين والكذابين والمنتفعين والمتاجرين بالدين؟ ودائماً هذا المشعوذ ذكي جداً، لا تظنه سهلاً، له مظهر يرضي، تمتمات، سبحان الله! يا ولدي، بارك الله بكم، كلام ديني، ووقار، وهو إنسان دجال، ونصاب من الطراز الأول، فينبغي أن تكون على علم، واجعل كلام سيدنا عمر شعاراً لك، " لست بالخب، ولا الخب يخدعني "، وأمورك تعالج وفق الكتاب والسنة.
يقول عليه الصلاة و السلام:

(( داووا مرضاكم بالصدقة ))
[أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن عبد الله بن مسعود]
طبعاً الصدقة بعد المعالجة والأخذ بالأسباب، تذهب إلى طبيب متفوق، وتستعمل الدواء بدقة بالغة، وتتصدق، وعلى الله الباقي، هذا موضوع المرض.
الوفاق الزوجي التوبة النصوح، لو أن أيّ امرأة تابت إلى الله توبة نصوحة، وأحسنت دينها، وعبادتها، واتصالها بالله عز وجل، لخلَق الله بينها وبين زوجها مودة ورحمة لا تتأثر بكل الأحداث الطارئة.
إذاً العلاج في القرآن والسنة، لكن يوجد أيضاً فهمٌ آخر، أن هذه السورة الفلانية هذه للوفاق الزوجي، السورة الفلانية من أجل وجع الرأس، أيضاً هذا دجل، وهذا كذب، القرآن منهج، القرآن كتاب هداية، القرآن ليس مسكنات، ليس هو أدوية مسكنة للإنسان، القرآن منهج إلهي مطبق، يكفي أن تطبق القرآن الكريم تقطف كل ثماره.
على كلّ إنسان أن يكون حريصاً و منتبهاً من السحرة و المشعوذين :
أنا أحترم الأخوة الحاضرين أمامي، أنا لا أصدق أن واحداً منهم يفعل هذا، الدرس لمن إذاً؟ الدرس لمن حولكم، كل شخص حوله أقارب قد يكون عندهم محدودية بالتفكير، وعندهم فهم سقيم، ولم يطلبوا العلم من منابعه الصحيحة، ويتأثرون بما يقال بين الناس، فلا يوجد شخص إلا ويوجد فيمن حوله أشخاص يلجؤون لهؤلاء المشعوذين، وما أكثرهم، موزعين في كل المناطق، والناس يدلون عليهم من دون أن يشعروا، تقول لها: ليس لك إلا فلان، لا تنجب أولاداً، والله الذي لا إله إلا هو جاءتني رسالة من أخت كريمة أنه يوجد إنسان ببلد آخر غير بلدنا، والحمد لله مشهور بمعالجة العقم، فإذا ثبت له أن العقم من زوجها هو يزني بها، وتنجب ولداً ليس منه، يوجد فضائح، يوجد معي رسائل جاءتني من أخوات كريمات رجونني أن أقول هذا في الدرس، قريبات لهن كانوا ضحية هذا الإنسان الخداع في بلد في الجنوب، يذهبن إليه من أجل العقم، وهو أكبر زان، فانتبهوا يا أخوتي، إما تخدير، وإما غرفة مظلمة، وبخور، وتمتمات, وجميعه كلام باطل، باطل، باطل.
هذا الذي أعرفه أنقله لكم بإخلاص وصدق، من أجل ألا نكون نحن ضحية هذه الشعوذات، والتمتمات، والخرافات، والضلالات، وابتزاز الأموال، هذا يجمع ثروات، معه ملايين مملينة، ثماني سيارات، مئة و ثلاث و تسعون بقرة، ست شاحنات تحمل بناً، تجارة خاصة له، يعيش في بحبوحة، يوجد له زوجة طلبت منه الطلاق بعدما تاب، لأنه كانت تأتيه فواكه من بلد إفريقي بعيد يومياً بالطائرة يأكلها مع زوجاته، يعيش بدخل فلكي من وراء الشعوذة، والكذب، والدجل، والنبي عليه الصلاة و السلام كان فقيراً:

(( قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ ))
[مسلم عن عائشة]
أرجو الله سبحانه و تعالى أن يحمينا جميعاً من هؤلاء الدجالين، لكن أهم شيء بالدرس أن الشيطان لا يساعد هذا الدجال إلا إذا ترك الصلاة والصيام، وكتب القرآن بالنجس، ودم الحيض في مكان قريب من العورة، حتى يبدو الشيطان بهذا الذي يسمى تعاون الإنس مع الجن، أما هو فأي علاقة مع الجن علاقة محرمة، ومَن سحر فقد كفر، هذا الجن صاحب دين؟ لا، لا، موضوع التعامل مع الجن محرم قولاً واحداً









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (2-7) : مفهوم الاستمتاع

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
السحر و الجن :
أيها الأخوة الكرام، في الدرس الماضي تحدثت عن موضوع الشعوذة، و اتصل الموضوع بموضوع الجن و السحر، و أخوة كثر رجوني أن أتابع هذه الموضوعات، لأن إشكالاً كبيراً عند المسلمين وقع فيما بينهم حول قضية السحر والجن، و ما إلى ذلك.
والحقيقة أن هذا الموضوع ضاغط، أي السحرة و المشعوذون يستغلون البسطاء من المسلمين لابتزاز أموالهم، ولانتهاك أعراضهم، ولتضليلهم، وإضلالهم، وكل هذا الذي سوف يرد مدعّم بالأدلة القرآنية و النبوية و الواقعية، و الذي أرجوه، وأنا أحسن الظن بكم أنكم بعيدون عن هذا المجال، لكن من يلوذ بكم، ولاسيما البسطاء يقعون في فخ الشيطان، وفي فخ السحرة، والمنجمين، والدجالين، والعرافين، والكهنة، وأبسط شيء يمسك الواحد من هؤلاء مجلة، ويطالع حظه هذا الأسبوع، ويسأل نفسه: في أي وقت ولد؟ إذاً هو من برج التيس مثلاً، ثم يتابع الموضوع في المجلات، ثم يتفاءل أن قبضة كبيرة سوف يكسبها، ويوجد علاقة حب مع فتاة سوف تتحقق، ويقع في أوهام وفي كذب لا ينتهي.
لذلك أنا مضطر أن أجعل بعض الدروس القادمة حول موضوع الجن و السحر، و هذا موضوع متعلق بالدين، و في الدين ليس هناك رأي شخصي أبداً، الدين توقيفي، هذا وحي السماء، إما عن طريق القرآن، أو عن طريق بيان النبي العدنان عليه أتمّ الصلاة و السلام.

تسلط الظلمة من الجن على الظلمة من الإنس :
يوجد عندنا مفهوم مستنبط من قوله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي أضللتم أناساً كثيرين: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
المحور الأول في هذا اللقاء الطيب: ما مفهوم الاستمتاع؟ كيف يستمتع الجن بالإنس؟ وكيف يستمتع الإنس بالجن؟ ﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
ثم يقول الله عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
الآية لها مفهوم سياقي، و لها مفهوم عام، مفهومها السياقي هنا: أن الظلمة من الجن يتسلطون على الظلمة من الإنس.
بادئ ذي بدء أنا لا أستطيع إنكار السحر، السحر موجود، ولكنه أفك، وتسليط الجن على الإنس موجود، هذا هو المس، أن يمس الجن الإنس، التعبير الدارج أن يلبسه شيطان، يدخل فيه، فهذا الذي يشكو منه الناس موجود، و واقع، و قائم، و لكن في أدق التفاسير أن ظلمة الجن يتسلطون على ظلمة الإنس:
﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾
[ سورة النساء: 88]
شيطان الإنس أحياناً أشد فتكاً وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن :
أما:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
لكن قد يسأل سائل: أين الجن؟ الآن الإنس يُعلّمون الجن دروساً، إذا لم تجد في المجتمع شيئًا اسمه جن، الإنس أصبحوا أشد إيذاء من الجن، الدليل: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
شياطين الإنس والجن، التقديم هنا تقديم أهمية، أي أحياناً شيطان الإنس أشد فتكاً، وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن.
فعدم وجود جن فيما يتوهم الناس ليس دليل نقاء الجو من الجن، بل لأنهم يتعلمون من الإنس:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾
العلاقة بين الإنس و الجن علاقة كفر ومعصية :
أي نوع من أنواع التعامل مع الجن كفر واضح، من سحر فقد كفر، الذي يقال: إن هذا الإنسان رجل صالح، و لفته خضراء، و متخصص بالجن، و يتعامل مع الجن، كلام غير صحيح، أيّ علاقة بين الإنس و الجن علاقة كفر ومعصية، و الدليل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
يوجد قراءة لنافع: ويوم نحشرهم جميعاً، أي الإنس و الجن: ﴿ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
قال ابن عباس: " استكثرتم من الإنس أي أضللتم منهم عباداً كثيراً "، الآن ملايين مملينة يقول لك: تسعمئة مليون في الهند يعبدون البقر من دون الله، مئات الملايين ضالة مضلة. استمتاع الجن بالإنس يكون بالتلذذ بطاعة الإنس لهم :
﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً بالضبط، أي الجن استمتعوا بالإنس، والإنس استمتعوا بالجن، استمتاع الجن بالإنس هو التلذذ بطاعة الإنس لهم، هؤلاء الأقوياء الطغاة يوجد عندهم شهوة خفية، والناس يخضعون لهم، يخافونهم، يتوسلون إليهم، يتذللون لهم، استمتاع الجن بالإنس التلذذ بخضوع الإنس لهم، أي الإنسي حتى يستمتع بالجن لابد من أن يزني، كما ذكرت في الدرس السابق، قد يكتبون القرآن بدم الحيض، قد يكتبون القرآن بالنجاسة، على العورة، إن فعل هذا الجن أعطاه شيئاً، أعطاه معلومة أحياناً، أعطاه دعماً، كان الرجل في الجاهلية كما قال ابن جريج: " ينزل الأرض، فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾
[ سورة الجن: 6]
يتحطم الإنسي، ولا يأخذ شيئاً، يعيش في الوهم، أما استمتاع الجن بالإنس فما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف، والكهانة، والسحر، أي بضاعة الجن رائجة عند الإنس، هذا نوع من الاستمتاع، أما استمتاع الجن بالإنس أيضاً فاعتراف الإنس أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما يحذرون. استمتاع الإنس بالجن يكون بتوهم الإنس أن الجن يعينونهم :
نحن نبقى في كلام الله عز وجل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً، الجن استمتعوا شعروا بالقوة، والهيمنة، والسيطرة، الآن لو كل إنسان إذا خضع الناس له فأخذته نشوة العظمة هذا يسميه علماء النفس جنون العظمة، هذا استمتاع، تيمور لنك حينما وصل إلى الشام أمر بقطع رأس خمسين ألف إنسان، وضعت هذه الرؤوس على شكل برج، البرج هو برج الروس بالقصاع، هنا وُضع خمسون ألف جمجمة على شكل برج، نظر إليهم، و استمتع بهم، فاستمتاع الجن بالإنس استمتاع الغلبة، والسيطرة، والقوة، والشعور بالتفوق، واستمتاع الإنس بالجن توهم الإنس أنهم يعينونهم، يوجد إنسان توفي، أو في الحقيقة قتل، فجاء من يطلب من زوجته أن تدفع مئة ألف ليرة ليعلمها من قتله، ماذا يفعل هذا الإنسي؟ يلتقي مع قرين هذا المقتول، وكل إنسان له قرين، والقرين يعلم دخائل حواس الإنس، فيأتون بالأخبار من قرينه، و يزعمون أنها من علم الغيب، وهو كذب بكذب. الموت ينهي كل شيء و يبقى العذاب الأليم المديد الخالد :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
جاء الموت، والعملية انتهت، والاستمتاع انتهى، والمصالح انتهت، وكل شيء انتهى، وبقي العذاب الأليم المديد الخالد: ﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
هذا المعنى: أي إنسان من عالم الإنس لا يستطيع أن يستعين بالجن على إضلال الناس إلا إذا ارتكب الكبائر، كالزنا، والكفر، وتدنيس كلام الله، و ما شاكل ذلك، و هذا شيء متواتر أيها الأخوة.
الذي قرأته لكم في الدرس الماضي عن هذا المشعوذ الذي تعاون مع الجن على إضلال البشر، و كيف أنه كان يرتكب الموبقات، و يجمع الثروات من أجل أن يستمتع بالجن، والجن يستمتعون بسيطرتهم عليه، و قهرهم له.
من معاني الآية التالية :
1 ـ المؤمن الطاهر المستقيم الذاكر لله مستحيل أن يصل الجن إليه :
أيها الأخوة الكرام، أما الآية التي في السياق، و هي من أدق الآيات:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
كلام مختصر مفيد، جامع مانع، محور هذا الدرس، ظلمة الجن تسيطر على ظلمة الإنس، العوام يصور لك أن إنساناً بريئاً طاهراً دخل فيه جني، لو لم يكن مؤهلاً لدخول جني لما دخل، الجواب:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: الآية 129]
أما المؤمن الطاهر، المستقيم، الموحد، المصلي، الذاكر لله، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يصل الجن إليه: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هذا شيء ثابت. 2 ـ المؤمن ولي المؤمن و الكافر ولي الكافر :
يوجد معنى آخر للآية رائع:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
المؤمن ولي المؤمن، و الكافر ولي الكافر، و الفاسق ولي الفاسق، و الظالم و لي الظالم، إن الطيور على أشكالها تقع، المؤمن يعيش بين مؤمنين، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون، بيئته طاهرة، جامعه نظيف، بيته إسلامي، تجارته مشروعة، زوجته محجبة، بناته منضبطات، أولاده طائعون، لا يوجد منفذ للشيطان، لا يوجد مسلك، إذاً المؤمن ولي المؤمن، و الكافر ولي الكافر، المنافق ولي المنافق، الشهواني ولي الشهواني. 3 ـ الظالمون يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج :
يوجد معنى آخر:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال بعض علماء التفسير: من باب أن الظالمين يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 38]
الذي يؤكد المعنى الأول: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال الله عز وجل : ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 36]
كيف إذا رأى الذباب قذارة يجتمع عليها، كبقايا طعام، بيت غير نظيف، الذباب والبعوض وبعض الحشرات الأخرى تتهافت على بقايا الطعام، و على بيت غير نظيف، تماماً كالجن، يوجد ذبابة كبيرة جداً، هذه الذبابة لا تأتي إلى بيت إلا إذا كان فيه لحم متفسخ، لو أن حيواناً صغيراً ميتاً تحت السرير فهذه الذبابة تأتي، و كأنها تشعر أنه يوجد لحم متفسخ في هذا المكان. أيّ ذكر لله يحرق الشيطان :
الملخص أيها الأخوة، إن الله عز وجل يسلط ظالمي الجن على عصاة المسلمين الذين يتجاوزون بعض ما حرم الله تكاسلاً أو تجاهلاً، فيسومونهم سوء العذاب، يشاركونهم حياتهم، و طعامهم، و شرابهم.
يوجد بعض الأحاديث، الإنسان إذا دخل بيته، و لم يسلم قال الشيطان لإخوانه: أدركتم المبيت، نخن نائمون هنا الليلة، تجد غضباً، و بغضاء، و أصواتاً مرتفعة، و شجاراً، و سباباً، ونكداً، و خصومة في هذا البيت، لأنه يوجد به شيطان، قال: فإذا جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ قال: أدركتم العشاء اليوم، يوجد عشاء، لا يشبعون، لا يوجد بركة في الأكل أبداً، فإذا دخل، و لم يسلم، و جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ قال الشيطان لإخوانه: أدركتم المبيت و العشاء، أما إذا دخلت بيتك، و سلمت، قلت: السلام عليكم، و جلست إلى الطعام، وسميت تولى الشيطان من البيت.
بالمناسبة أخواننا الكرام، كلام قطعي، كلمة الله أكبر، كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي ذكر لله يحرق الشيطان، معك سلاح مخيف، إذا ذكرت الله وحده ولى الشيطان مدبراً، و لم يعقب، فضلاً عن أنهم يشاركونهم طعامهم و شرابهم، ينغصون عليهم معيشتهم، تجد الزوجة دخل فيها جني، ما الذي يزعج الزوج تعمله، حلف عليها في ساعة غضب بطلاق ألا تزور الجارة الفلانية، لا يحلو لها في الحياة شيء إلا أن تزورها، و أن تذل زوجها، و أن تكسر يمينه.
يقول العوام: داخل فيها جني، و أحياناً الزوج يدخل به جني، أحياناً يبحث عن الأخطاء حتى يخلق مشكلة، ليس طبيعياً، يوجد إنسان رحماني، و إنسان شيطاني، يوجد إنسان مسالم، وإنسان نزّاع إلى الشر، حتى يذوقوا الضنك، و وعد الله بالمعيشة الضنك:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
[ سورة طه: 124 ]
شخص داخل به الشيطان يقود سيارة، امرأة أشارت إليه أن يقف، وقف، أين يا أختي؟ قالت له: خذني أينما تريد، فهمَ، واعتبرها مغنماً كبيراً، فلما انتهى أعطته ظرفين، ظرف فيه دولارات، و ظرف فيه رسالة، الرسالة مكتوب فيها: مرحباً بك في نادي الإيدز، الدولارات مزورة، دخل من أجلها السجن، لأنه دخل فيه شيطان. أيّ إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل الشيطان :
عندما قال سيدنا موسى لهذا القبطي:
﴿ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾
[ سورة القصص: 15]
الإنسان الذي قتل في المهاجرين، أخذ القاتل منه ثمانية عشر ألف دولار، و اشترى سيارة بالليلة نفسها، وأخذ فتاة معه إلى اللاذقية، و استأجر شاليه، و في اليوم الثاني قبض عليه، و انتهى، درسنا في علم النفس أن المجرمين حمقى مصنفون مع الأغبياء، لأن الشيطان يوهم المجرم أنك سوف تأخذ هذه الثروة الطائلة، و سوف تعيش إلى أمد بعيد في بحبوحة كبيرة، لكن لم يقل له: أيام معدودة و سوف تعلق على حبال المشانق.
في عهد النبي عليه الصلاة والسلام خان شخص جاره بزوجته، فأكله الكلب، فقال عليه الصلاة و السلام: خان صاحبه، و الكلب قتله، و الكلب خير منه.
والله أيها الأخوة، يوجد أعمال تشعر أن هذا الإنسان الأحمق الغبي لا مصلحة له فيها، إلا أن الشيطان دفعه إليها، و دمره، و أنهاه، أنا أقول لكم: أي إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل الشيطان، كان مع الجن:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
أي ضحكت عليكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
هذه الآية القطعية: ﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
العاقل من ابتعد عن الشيطان و وساوسه :
بربكم لو دخل شخص مخفراً يدّعي على إنسان كان يرتدي ثياباً بيضاء جميلة جداً، وغالية جداً، إذا هو ينزل في حفرة فيها ماء آسن، فخرج من هذه الحفرة بشكل لا يوصف من الخزي و العار، و المياه الآسنة النجسة، و توجه إلى مخفر يدّعي على فلان، قال له المحقق: هو دفعك إلى هذه المياه الآسنة؟ قال له: لا، و الله لم يدفعني، قال له: أمسكك و وضعك فيها؟ قال له: لا و الله، قال له: شهر عليك المسدس؟ قال له: لا و الله، لماذا إذاً تدعي عليه؟ قال له: قال لي: انزل، فنزلت، هل هذا إنسان عاقل؟ هذه الآية:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
حقيقة السحر و الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه :
الآن ينبغي أن نتحدث عن قاعدة أساسية من عقائد الدين في الإيمان بالسحر، ما حقيقة السحر؟ و ما الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه؟
القاعدة الأولى: السحر كفر، تعريف جامع مانع: السحر كفر، و سحره في اللغة خدعه، أي أضله بتمويه أو تخييل:

﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾
[ سورة طه: 66]
شعوذة، أو خفة يد، أو معاونة جني، أو كلام، و قد يكون من كلام الشيطان، أو أدوية، أو أدخنة، و غير ذلك، قال الله عز وجل في سورة البقرة: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ* وَاتَّبَعُوا ﴾
[ سورة البقرة: 101]
الجن فيما أخبرنا ربنا جلّ جلاله كانوا يسترقون السمع من الملائكة، و يوجد آية صريحة: ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾
[ سورة الحجر: 18]
فكانوا يسترقون السمع، يأخذون الفكرة، و يضيفون عليها أضعافاً مضاعفة من الكذب، ويلقونها إلى الكهنة، و السحرة، و المضللين، و المشعوذين، لما نزل هذا القرآن الكريم مُنع الشياطين بعد نزول هذا الوحي العظيم من أن يسترقوا السمع، فمن صعد إلى السماء ليسترق السمع أتبعه شهاب ثاقب فأحرقه.
فسيدنا سليمان نبي عظيم، لما جمع السحرة ما استرقوا سمعه، ما استرقوه من أخبار السماء، و روجوه في الأرض، و أضافوا عليه أضعافاً مضاعفة من الكذب، جمع كل ما كتب السحرة، و أخفاه عن الجن، لأنه نبي مرسل، هم ماذا فعلوا؟ قالوا:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
لو أن سليمان تعامل مع الجن فقد كفر، و ما كفر سليمان، هذه القصص، هذا الكذب، هذا الدجل، ما أنزل الله به من سلطان: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هل هناك أوضح من هذا الدليل؟ هاروت و ماروت رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها :
﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هاروت و ماروت رجلان، و ليسا ملكين، رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
يقول لك: تعلم السحر ولا تعمل به، هذا حديث موضوع لا أصل له: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
أكبر نشاط للسحرة و المشعوذين والكهنة التفريق بين الرجل وزوجته :
يكاد يكون أكبر نشاط للسحرة، والمشعوذين، والمنجمين، والكهنة، التفريق بين الرجل وزوجته، سبحانك يا رب! أكثر الأزواج الغافلين عن الله عز وجل يكرهون زوجاتهم، أكثر الزوجات الغافلات عن الله عز وجل يكرهن أزواجهن، تجد الزوج متعلقًا بغير زوجته، والزوجة متعلقة بغير زوجها، والخيانات الزوجية الآن على قدم وساق، حتى لو سألت إنساناً خبيراً لهالكَ ما تسمع.
كنت مرة ببلد بعيدة، سألته: أي شارع فيه مئة بيت؟ كم بيت فيه خيانة؟ قال لي: سبعون بالمئة، لأن مهمة الشيطان الأولى أن تكره زوجتك، و أن تحب غيرها بالحرام، لذلك معظم الأعمال الفنية التي تعرض على الناس أهم شيء أن الزوجة مملة، دفء الأنثى في العشيقة، امرأة تلتقي معها بالحرام، لكن النبي العدنان يقول: "الحمد لله الذي رزقني حب عائشة".
أنت كمؤمن بطولتك أن تحب زوجتك، هي أنثى، وعندها ما عند الآخرين، لكن تحتاج إلى كلمة لطيفة، إلى اهتمام، إلى احترام، إلى إشعار أنك تحبها، لا تمزح بموضوع الطلاق أبداً، و لا بموضوع الزواج الثاني، هذا مزاح غليظ وسمج، يوجد امرأة غنية جداً قال لها زوجها: أريد أن أتزوج عليك امرأة أخرى، قالت له: خذ هذه الأساور، و بعها، و قدِّمها لها مهراً، شخصيتها قوية جداً.

﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هذه الآية أصل: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
تأكيد الله عز وجل أن تعلّم السحر كفر :
يؤكد الله عز وجل أن الذي يتعلمه الإنس من الجن يضره، ولا ينفعه:
﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اليهود يزعمون أن السحر نزل به جبريل وميكائيل، فكذبهم الله عز وجل: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اللذان أنزلا السحر ليسا جبريل ولا ميكائيل، و لكنهما رجلان من بني إسرائيل، هاروت و ماروت، الله عز وجل يؤكد بأن تعلم السحر كفر، لا شك في ذلك. السحرة كذبة فجرة :
الموضوع الثاني المتعلق بهذا المحور هو أن السحرة كذبوا.
لي قريب توفي ـ رحمه الله ـ يذكر لي قصة، أن إنساناً يعمل ضابطاً في الشرطة، و عنده أثاث جيد، سرقت من بيته قطعة أثاث غالية جداً، سجادة عجمي، هو لا يعلم الحقيقة إلا أنه يوجد جهل مطبق، فسأل، قال له: يوجد إنسان يضرب بالمندل، كما كنت أسمع، يأتون بطفل يضعون كأساً من الزيت تحت عينيه، يرى أشياء، أو الجن يساعدونه، يوجد معاونة من الجن، يقول هذا الطفل: هذا السجادة موجودة في بيت في الشارع الفلاني، الدخلة الفلانية، البيت الثالث، بابه باب خوخة، فيه أرض ديار، يوجد مربع بالصدر، و هذه كلها مصطلحات قديمة، يوجد فرش، يقام هذا الفرش، يوجد دف، تحت هذا الدف توجد السجادة، هذا ضابط شرطة أخذ دورية، و أخذ المختار لاقتحام البيت، لأنه سارق، هذا الجني دلّه على السارق، بتفاصيل غير معقولة، يوجد حجرة أمام الباب مربعة، ويوجد توتة بالبيت، ويوجد مربع بالصدر، و يوجد فرش، و يوجد دف خشب، و السجادة تحته، أخذ المختار، واقتحموا البيت، فعلاً الزقاق الفلاني، الدخلة الفلانية، الباب الثالث، باب خوخة، ديار، توتة، مربع، فرش، دف، فتحوا لم يجدوا شيئاً، و إذا صاحب المنزل تاجر سجاد، ذهبوا إلى محله التجاري فضربوه، لأنه متهم بحسب كلام الجن، قال لهم: اختاروا أي سجادة أنا أخذتها، و بعتها، أريد أن أنتهي، أخذ سجادة مناسبة جداً، و انتهى الأمر، و الملف يوجد فيه سرقة، و يوجد متهم، و الجن دلونا عليه، و أنكر اللص، هو تاجر سجاد، و على التعذيب اعترف، و بعد ذلك أخذنا سجادة، و انتهى الأمر، بعد سنة يزور هذا الضابط سجيناً كان بالسجن، وكان إلى جواره اللص الذي دخل بيت هذا الضابط، وسرق السجادة، والقصة كلها مختلقة ليس لها أصل من الصحة، لكن الجن يعرفون تاجر السجاد، يعرفون بيته بالضبط، يعرفون معالم البيت.
لذلك الدرس القادم إن شاء الله الموضوع الأساسي أن السحرة كذبة، إن كان هناك توافق، توافق محض صدفة، مثلاً أنا أقول لك: هذه المرأة ماذا تحمل؟ قال لي شخص: صار هناك كومبيوتر، صار هناك إيكو، يعرفون، و أنا أعرف، أنا أعرف أن الجنين إما أن يكون ذكراً أو أنثى، هذا الكلام صحيح؟ يوجد أشياء بديهية، أشياء متوقعة، أشياء مألوفة، يحكيها الجني للعراف، للكاهن، أحياناً تقع، لأنها تقع بالمئة خمسين، إذا قال لك شخص: أنا عندي معلومات غيبية عن نوع الجنين ببطن أمه، تفضل انظر، ذكر، يوجد احتمال ذكر، ليس معنى هذا أن الجني قد صدق، لا، الاحتمال بالمئة خمسين، فهذا أعطاهم معلومات مضللة، ثم ظهر أن القصة كلها ليس لها أصل من الصحة.











رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:50   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (3-7) : المنجمون والسحرة يكذبون


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الإنسان حينما يعصي ربه ويرتكب الحرام يسلط الله عليه الجن فيسومونه سوء العذاب :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس الجن والسحرة والمشعوذين.
أيها الأخوة الكرام، الحقيقة الثانية في موضوع السحرة، وقبل الشرح لابدّ من لفت نظر الأخوة الكرام إلى أن شريحة من المسلمين كبيرة جداً تتعامل مع المشعوذين، وتعلق عليهم الآمال، وترجو عندهم النوال، وترجو من خلال سحرهم أو شعوذتهم عطاء الدنيا، وتخشى من غضبهم الأذى والضر، وهذه العقائد ما أنزل الله بها من سلطان، نحن معنا وحي السماء، حينما يقول الله عز وجل:

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
الحقيقة التي بينتها في الدرس الماضي هو أن الإنسان حينما يعصي ربه، وحينما يقصر في عباداته، وحينما يرتكب الحرام، يسلط الله عليه الجن، فيسومونه سوء العذاب، فظلمة الجن تنال من ظلمة الإنس، بدليل قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
وتكاد تكون هذه الآية أصلاً في علاقة الجن بالإنس. حقائق متعلقة بالدرس :
1 ـ الجن ليس لهم سلطان على الذين آمنوا :
الحقيقة الأولى أن الجن ليس لهم سلطان على الذين آمنوا، قال تعالى:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
2 ـ السحرة كذبة :
الحقيقة الثانية، وهي محور هذا الدرس أن السحرة كذبة، الدليل: يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ* وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ *لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ *دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ *إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾
[ سورة الصافات: 6-10 ]
صعود الجن إلى السماء و استراق السمع قبل بعثة النبي الكريم :
قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان الجن يصعدون إلى السماء، ويسترقون السمع، بالضبط كاجتماع مجلس وزراء، وثمة مستخدم يقدم لهم بعض المشروبات، القهوة، والشاي، في أثناء دخوله سمع أن الساعة سوف تقدم لأول مرة، لقط هذه الفكرة، وخرج، وقال: أنا أعلم الغيب، صار تداول بهذا المجلس، قال: سوف ترون بعد أسبوعين كيف أن الساعة سوف تقدم، هذا المستخدم ماذا فعل؟ استرق السمع، وتبجح عند أقرانه أنه يعلم الغيب، كانت الشياطين قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يسترقون الأخبار، وينقلونها من شيطان إلى شيطان، من جني إلى جني، إلى أن تصل هذا الأخبار إلى قرنائهم من الأنس، فقد يأخذون خبراً، ويضيفون عليه مئة خبر كاذب، بعض الإذاعات الآن تذيع مئة خبر صادق وخبراً كاذباً، الخبر الكاذب يسري في أسماعنا، ونصدقه، ولا نشعر، لأن مئة خبر صادق، الجن بالعكس مئة خبر كاذب على خبر صادق واحد.
منع الجن من استراق السمع بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام :
فلذلك أيها الأخوة الكرام: بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم منع الجن من استراق السمع، قال تعالى:
﴿ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾
[ سورة فصلت: 12]
﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ*وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ *إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾
[ سورة الحجر: 16-18 ]
﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ*وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
[ سورة الملك: 5-6 ]
إذاً هذه الآيات تؤكد أن الجن قبل بعثة النبي كانوا يسترقون السمع، وكان كل جني أو كل شيطان يعطي هذا الخبر لقرينه إلى أن يصل هذا الخبر إلى قرين الجن من الإنس يتاجر به، ويضيف عليه مئة خبر كاذب. الجن أعظم قدرة من الإنس على اختراق المسافات :
وذكرت لكم في الأسبوع السابق قصةً، وكيف أن جزءاً منها كان صحيحاً، وأن بقية الأجزاء كانت كاذبة، أخرج الإمام البخاري ومسلم والترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
(( انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ ))
[متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]
والشيء الثابت أن الجن أعظم قدرة من الإنس على اختراق المسافات، فلما قال الله عز وجل: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾
[ سورة الرحمن: 33]
بدأ بالجن، لأنهم أقدر على اختراق المسافات. الله تعالى قدم الجن في مجال اختراق المسافات وقدم الإنس في مجال اللغة والبلاغة :
وحينما قال تعالى:
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾
[ سورة الإسراء: 88]
معنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى قدم الجن في مجال اختراق المسافات، وقدم الإنس في مجال اللغة والبلاغة. ((... فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ ))
[متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]
الأصل أن الجن قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يسترقون الأخبار من السماء، وينقلونها فيما بينهم، إلى أن تصل إلى قرين الجن من الإنس، فكان يأتي بالخبر، ويضيف عليه مئة خبر كاذب، كي يروج سحره، ودجله، وإضلاله، على الناس. السحرة والمشعوذون والكهان لا تسري بضاعتهم إلا عند الجهلة من الناس :
أيها الأخوة الكرام، هؤلاء الشياطين ما عادوا يحظون اليوم بخبر السماء كما كانوا قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، ولعل الحكمة أن هذه البعثة العظيمة، وأن هذا القرآن المجيد من عناية الله به أنه منع الجن من استراق الخبر من السماء، لذلك حينما يلتقط الجني خبراً يلقيه إلى كل من تحته، وهم ينقلونه إلى من تحتهم، حتى يلقوه على لسان ساحر أو كاهن، فلا يكتفي الساحر بهذا الخبر البسيط، بل يزيد معه مئة كذبة، أو أكثر لتصلح تجارته بين جهال الناس.
السحرة والمشعوذون والكهان والعرافون لا تسري بضاعتهم إلا عند الجهلة، تروى قصة حديثة، جاؤوا بمسجلة، ووضعوها في صندوق بريد، فإذا مرّ إنسان أمام الصندوق يستمع استغاثة، يا أخي خلصني من هذا الصندوق، لا أحتمل، فيمتحنون ذكاء الناس من ردّ الفعل، إذا كان أفقُ الإنسان ضيقًا، يقول: معه حق، صندوق حجمه صغير جداً، كيف يجلس بداخله، أما إذا كان الإنسان ذكيًّاً فإنه يبحث عن شريط يصل من الصندوق إلى مكان بعيد، يبدو طبعاً أنه توجد مسجلة، فكلما كان أفق الإنسان ضيقًا ومحدوداً يصدق الخرافات، و الخرافات لا تنطوي إلا على الجهلة، والدجالون والمشعوذون والعرافون والكهان يستخدمون الدجل، لأن بضاعتهم هذه لا تروج إلا عند الجهال، هم يأخذون أموالهم، وفي الأعمّ الأغلب يعتدون على أعراضهم، ويهيمنون على بقية الناس، أما المهمة المعلنة فهي حلّ مشاكلهم، التوفيق بين الزواج، أن يكثر الرزق، أن تذلّل بعض العقبات.
حدثني أخ عن شخص مشعوذ أنه يطلب خمسة آلاف ليرة على نية أن ينجح الإنسان في امتحان قيادة السيارة، وكلهم يعرفهم، وهم أصحابه، ماذا يفعل؟ إذا نجح هذا الإنسان بحكم أنه يتقن القيادة يتوهم أن الخمسة آلاف التي قدمها للدجال سبب نجاحه، وإذا لم ينجح يأتي إليه، ويقول: معك حق، الضابط كان في غير دوامه، هذه الخمسة آلاف لك، لا يخلي عليه، هو لطيف، فإذا نجح بقدرته الذاتية يوهمه أن هذا النجاح بسبب الخمسة آلاف، وإذا ما نجح يقول له: الشخص الذي اتفقت معه لم يكن دوره اليوم، هذه الخمسة آلاف، تفضل، هناك دجل في البلد لا يوصف، لكن هذا الدجل الذي يصل إلى سمعي من خلال أخواننا الكرام، طبعاً أنا واثق بكم ثقة كبيرة جداً، أن أحدكم لن تنطلي عليه هذه الخرافات، ولكن هذا الدرس هدفه أن ينقلب إلى شريط، وهدفه الآخر أن الذين حولكم ممن يلوذ بكم ينبغي أن تعرفوهم قضية الشعوذة والدجل والعرافة والكهانة، طبعاً الشكل شيخ، وهنا المشكلة، لا ترى شخصاً تقول له: أنت مشعوذ، بلفة خضراء، وعنده بخور، وعنده مسك، وله كلمات، ويتكلم بالقرآن، المشكلة في الدجال أنه يكذب على الناس، يأخذ صفة شيخ، وصفة إنسان وقور، وصفة إنسان له صلة بالله، ولا يستخدم إلا القرآن، وله خلوة مع الله عز وجل.
قال ملِك بلغه أن هناك نصّاباً كبيراً، قال: أحضروه، قال له: كيف تنصب على الناس؟ قال: يا سيدي تحتاج إلى عدّة، كم العدة؟ قال: مبلغ ضخم، قال: أعطوه، فذهب ولم يعُد، قال: أين النصاب؟ قالوا: نصب عليك يا سيدي، وانتهى.

من حزبه أمر فليبادر إلى الصلاة :
في النائبات ـ دققوا الآن ـ كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، حينما تعتقد أن جهةً في الأرض كائنة من كانت يمكن أن تنقذك من ورطتك فأنت مشرك، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، قال تعالى:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
[ سورة هود: 123 ]
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾
[ سورة الكهف: 26]
﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِه ﴾
[ سورة فاطر: 2]
الآيات كثيرة جداً، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 84]
هذا الإله الذي تعبده لا يمكن أن يسلمك إلى غيره، احفظوا هذه الكلمة: الإله العظيم الذي تعبده لا يمكن، بل يستحيل أن يسلمك إلى غيره، لكن على الشبكية قد تجد إنساناً قوياً، وفيما يبدو للمتوهمين أن أمر الناس بيده، الإنسان ضعيف الإيمان الذي لم يتحقق من كلام الله عز وجل، يتوهم أن هذا القوي بيده مصير الناس، ولكن الإيمان الراسخ كما قال عليه الصلاة والسلام: (( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ))
[أحمد عن أبي الدرداء]
المنجمون صنف من السحرة والكهان وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض :
أيها الأخوة الكرام، نحن قلنا: إنه يوجد سحرة، يوجد كهان، يوجد عرافون، يوجد منجمون، يوجد مشعوذون، المنجمون صنف من السحرة، والكهان، وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض، بعضهم اسمه منجم، يقوم بعبادة الكواكب السيارة، الشمس، والقمر، وزحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، يلبسون لباساً خاصاً لكل كوكب، يصومون أياماً معينة، يحلقون رؤوسهم، يشعلون البخور، يخاطبون القمر، ويزعمون أنهم بذلك يستنزلون روحانيات الكواكب، اخترعوا شيئاً أنهم كانوا فيما مضى يسمون المولود بحسب الشهر الذي ولد فيه، ويدعون أن لولادة هذا المولود في هذا الشهر دلالة خاصة في كشف أحواله، وشؤونه، وحظوظه، ومستقبله، والآن قضية برجك هذا الأسبوع، ومحطات فضائية أيها الأخوة الكرام لها برامج ثابتة، محطات فضائية طبعاً لا يعنيها إلا الكذب، مجلات، كتب، ويأتون بتفاصيل مضحكة، يأتي سؤال من مستمع: أنا ولدت في شهر تشرين، زواجك متأخر الآن، لا يوجد زواج مبكر، كله متأخر، لأنه لا يملك البيت، هناك إنسان سوف يحتال عليك، نصف الناس يحتالون على بعضهم، ترى كلاماً موجوداً في المجتمع، يأتي الإنسان الجاهل من ضيق أفقه فيقول: واللهِ هذا صحيح، قالوا: إن إنساناً سوف يحتال عليّ، واحتال عليّ فلان، لذلك قالوا: كذب المنجمون ولو صدقوا.
ثم بعد ذلك اخترعوا تقسيمات لأشهر السنة على شكل أبراج، الله عز وجل قال:

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
[ سورة البروج: 1]
وأبراج السماء برج العقرب مثلاً، أبراج معروفة، فكل برج عملوا له دراسة، فكلما التجأ إنسان إلى هؤلاء يبحثون عن برج، ويعطونه تعليمات كلها عامة، تصدق على معظم الناس، والإنسان الجاهل ضيق الأفق يتوهم أنه حصل على شيء.
هل تصدقون أيها الأخوة الكرام أن في العالم الغربي رؤساء وزارات يلجؤون إلى منجمين، والإنسان حينما يعصي الله يمتلئ قلبه خوفاً، هذا الخوف كيف يخفف منه؟ عن طريق المنجمين، يقول لك: عالم فلكي، فلكي يتنبأ بالمستقبل، بالغيب.
عدم معرفة النبي الكريم الغيب فمن باب أولى ألا يعرف المنجمون الغيب :
أنا في الدرس الماضي، أو لعله الدرس قبل الماضي أكدت لكم أن سيد الخلق، وحبيب الحق، وأن سيد ولد آدم، وأن الإنسان الأول في الأرض قال تعالى له:
﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ﴾
[ سورة الأنعام: 50]
هذه واحدة، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة يونس: 15]
هذه الثانية، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴾
[ سورة يونس: 49]
هذه الثالثة، الرابعة قال تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ﴾
[ سورة الأعراف: 188]
فلأن لا أملك لكم النفع والضر من باب أولى، هذا حجم سيد الخلق، وحبيب الحق، وأي إنسان على وجه الأرض في القارات كلها يدّعي خلاف ذلك فهو كذاب، دجال، نصاب، لا يعلم الغيب إلا الله فقط، وما مِن إنسان يمكن أن يعصي وأن ينجو من عذاب الله أبداً. النبي بشر وتجري عليه كل خصائص البشر :
لذلك أيها الأخوة الكرام: الذي يطالع أبراجاً في المجلات، أو يتصل ببرنامج معين، ويسأله عما ينتظره: أنا ولدت في شهر كذا، فهذا كفر ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام، هناك خطوط حمراء، هذا نوع من الكفر، حتى أحياناً في بعض النزهات تأتي منجمة، يقول لك: من باب التسلية، من أتى ساحراً فلم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، هذا إذا لم يصدق، أما الكلام الفيصل بهذا الموضوع أن النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة أرادها الله يوم توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس، فالصحابة الكرام من شدة تعلقهم برسول الله، وتعظيمهم له، توهموا أن كسوف الشمس كان بسبب موت إبراهيم.
أي إنسان يعمل في الدعوة إذا توهم الناس أنه له كرامة يفرح، هذه جيدة، تقوي مركزنا، أما إذا كان مخلصاً للدعوة يرفضها أشد الرفض، اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
مرة أخ طرق بابي، قال لي: معي تسرع قلب، مئة وثمانون نبضة بالدقيقة، لما أضع يدي عندك على الجرس يرجع إلى الثمانين، قلت له: والله ليس صحيحاً، إياك أن تقع في الوهم، أنا إنسان عادي، يمكن أن أنفعك بشيء من العلم، وشيء بالقرب من الله فقط، أما أن ينزل القلب إلى الثمانين عند قرع الجرس فهذا ليس صحيحاً، يجب أن تنكرها، إن لم تنكر فأنت لست مخلصاً لهذه الدعوة.
فالنبي عليه الصلاة والسلام جمع أصحابه، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:

(( خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ، وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ ))
[متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ]
ليس لها علاقة، هذا موقف علمي، واللهِ مرة كنت بالعمرة، وأنا بمكة وصلت إليّ أخبار أن حزاماً من النور يخرج من قبر النبي الكريم، أقسم لي أناس أنهم رأوه رأي العين، نور ساطع يصعد إلى كبد السماء، سمعتها من عدد كبير من الناس، والله شيء عجيب، فلما وصلت إلى المدينة المنورة كان ثمة درس لعالم جليل، أنا كنت أستفيد أيضاً، جلست في الدرس، وبعد أن انتهى الدرس قال: أخواننا الكرام اتصل بي أمير المدينة، وأخبرني أنهم ركبوا أشعة ليزر فوق قبر النبي عليه الصلاة والسلام، الطائرات أثناء السفر ترى عموداً من الضوء فوق مقام النبي عليه الصلاة والسلام، هذا فقط عبارة عن أشعة ليزر وضعت في قبر النبي عليه الصلاة والسلام، حزمة أشعة تصعد إلى السماء، الناس فهموا فهماً آخراً.
قال أحدهم: الشيخ يطير؟ قال: لا والله يا بني، لكن الأخوان يطيّرونه، هذه لا أصل لها، إذا كان سيد الخلق وحبيب الحق، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾
[ سورة الكهف: 110]
أنا واحد منكم، ولولا أن النبي بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر، بشر يجوع، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ ))
[الترمذي وأحمد عَنْ أَنَسٍ]
الكون والمجرات والكواكب من أجل معرفة الله و التقرب إليه :
قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
[ سورة آل عمران: 190-191 ]
الكون، والمجرات، والكواكب، والأفلاك، من أجل أن نعرف الله، من أجل أن نتقرب إليه، من أجل أن نعظمه، يا رب! أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك؟ قال: أحبّ عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحبّ من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب، إنك تعلم أنني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي. ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾
[ سورة الحج: 18]
هذا الكون يدل على عظمة الله. استخدام النجوم للتنجيم وللكذب على الناس نوع من السحر والكهانة :
أما أن تستخدم النجوم للتنجيم، وللكذب على الناس، ولإيهام الناس أنك تعلم الغيب، فهذا هو التنجيم الذي هو نوع من السحر والكهانة، أما الفلك، الفضاء الخارجي، فهناك علوم دقيقة جداً تستنبط منه،علم الفلك والمجرات، بعض المجرات تبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية، مع أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، ثلاثمئة ألف كيلو متر بالثانية، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع وعشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بعد هذا ضرب عشرين مليار، هذا بعده عنا، قال تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ*وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
[ سورة الواقعة: 75-76 ]
أقرب نجم ملتهب إلينا بعده عنا أربع سنوات ضوئية، أبعد نجم حتى الآن بعده عنا عشرون ملياراً، أقرب نجم أربع سنوات، بالثانية ثلاثمئة ألف، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع عشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بالأربع سنوات ضرب أربعة، هذا الرقم الذي نتج لو أردنا أن نصل إلى هذا النجم بمركبة أرضية بسيارة في طريق سير معبد هوائي طبعاً نمشي على المئة نقسم المسافة على مئة، كم ساعة؟ على أربع وعشرين، كم يوم؟ على ثلاثمئة وخمسة وستين، كم سنة نحتاج؟ نحتاج إلى خمسين مليون سنة كي نصل إلى أقرب نجم ملتهب، أربع سنوات ضوئية، أول قفزة القطب، نحتاج إلى أربع آلاف سنة، المرأة المسلسلة نحتاج إلى مليوني سنة، أحدث نجم نحتاج إلى عشرين مليار سنة ضوئية، قال تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ*وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
[ سورة الواقعة: 75-76 ]
نص الحديث: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: (( خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ، وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ ))
[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ]
وفي رواية: "فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا، وصلوا". الآيات الكونية تورث التعظيم والنعم تورث المحبة والمصائب تورث الخوف :
الآن المظاهر الطبيعية المخيفة؛ كالرعد، والبرق، والزلازل، يوجد لها توجيه قرآني، يقول الله عز وجل:
﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ﴾
[ سورة العنكبوت: 40]
﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾
[ سورة الإسراء: 59]
التخويف بالقرآن إخافة حقيقية، لكن بالمعنى الدارج محاولة إيهام إنسان بالخطر، لكن الله عز وجل يريدنا أن يكون في قلبنا محبة له، وخوف منه، وتعظيم له، فالآيات الكونية تورث التعظيم، والنعم تورث المحبة، والمصائب تورث الخوف. تحريم السحر بالكتاب و السنة و الإجماع :
أيها الأخوة الكرام، السحر، وكل ما يمتّ إليه محرم بالكتاب والسنة والإجماع، فقد ثبت في الصحيح عن عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
(( سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ))
[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ]
كلمة حق يأتي معها ألف كلمة كاذبة، أحد العلماء الكبار التقى مع رؤساء المنجمين في دمشق، والقصة قبل مئة عام تقريباً، قال رئيسهم له: والله إنا نكذب مئة كذبة حتى نصدق في كلمة واحدة.
محور الدرس هذا أن السحرة يكذبون، سيدنا علي بن أبي طالب أراد أن يسافر ليخوض حرباً مع الخوارج، عرض له منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسافر، فإن القمر في برج العقرب.
أخواننا الكرام، في برج العقرب نجم اسمه قلب العقرب، نجم صغير أحمر متألق، قال عنه العلماء: هذا النجم يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، بين الشمس والأرض مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، وفي برج العقرب نجم صغير اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما.
فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تسافر فإن القمر بالعقرب ـ برج العقرب ـ فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزمك أصحابك، فقال علي رضي الله عنه: بل سأسافر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله، وتكذيباً لك، فسافر، فبورك له في هذا السفر، وانتصر في معاركه تلك.
الناس يتشاءمون من يوم الأربعاء، من رقم ثلاث عشرة، إنسان دخل إلى المحل، فهذه البيعة لم تحقق، يقول: قدمه شؤم، هذا كله كلام الشيطان، لا، ليس هناك يوم مشؤوم، ولا رقم مشؤوم، ولا إنسان مشؤوم، قال تعالى:
﴿ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ﴾
[ سورة يس: 19]
العرب كانوا إن طار الطائر عن أيمانهم كانوا يتفاءلون، وإن طار عن شمائلهم يتشاءمون، الله عز وجل ردّ عليهم فقال: ﴿ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ﴾
[ سورة يس: 19]
التشاؤم من أخطائك، من معاصيك، وليس من الطائر، والخيرات تأتي من عملك، من استقامتك، من طهرك، من ورعك، فالطائر معك، طائركم معكم. تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام، تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل، لذلك عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ))
[ مسلم، أحمد عَنْ صَفِيَّةَ ]
ومن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد برأ مما أنزل على محمد.
أيها الأخوة الكرام، إن السحرة كذبة بنص الكتاب والسنة، وبإجماع أهل العلم، وبتجربة كثير من العقلاء الذين خبروهم، وكشفوا نفاقهم ودجلهم، وإنما اتخذوها صنعةً لما فيها من المصالح المادية التي لا تخفى، ولما يحصل لهم بذلك من استباحة الأعراض، والوقوع في الفواحش، وغير ذلك من الكبائر، بحجة مداواة الناس المصابين بالصرع، والجنون، أو السحر.
يروون قصة، أن شخصاً ركب مركبته، وصل إلى جانب مستشفى المجانين، هناك عجلة طارت، توقف، وخرج مجنون من القصير قال له: خذ من كل دولاب برغي وضعه، فكرة رائعة، ما جاءت في باله، استغرب أنه هو إنسان عاقل، وهذا مجنون، قال له: أنا مجنون، ولكن لست حماراً، ففهم أنه يوجد مجنون، ويوجد إنسان أسوأ منه أيضاً.
وراء كل مصيبة معصية و وراء كل معصية جهل كبير :
أيها الأخوة الكرام: معالجة الصرع، معالجة الشقاق الزوجي، يكون هناك تقصير من الزوجة، أو شرود من الزوج، دائماً عود نفسك أن تكتشف أن وراء كل مصيبة معصية، فتش عن المعصية، التفكير العلمي المهتدي بالقرآن والسنة يؤكد لك أن وراء كل مصيبة معصية، وأن وراء كل معصية جهلاً كبيراً، جهل معصية مصيبة قانون، الجهل أعدى أعداء الإنسان، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، بالأمن الجنائي يقال لك: فتش عن المرأة بكل جريمة، قد تكون وراء الجريمة امرأة، فتش عن المرأة قياساً على هذه القاعدة بكل مصيبة فتش عن المعصية، لا تقل: أنا مسحور، وليس لي حظ، كلمة الحظ أيها الأخوة الكرام لها مفهوم هو عين الكفر، قضية عشوائية، فلان له حظ، وفلان ليس له حظ، أما الله عز وجل فقال:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى *وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىفَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾
[ سورة الليل: 1-7 ]
عندنا تيسير، وعندنا تعسير، والتيسير سببه الطاعة والاستقامة، والتعسير سببه المعصية والشرود. من اتصل بالله بصلة محكمة وأقبل عليه إقبالاً شديداً يعامل عدوه بالمودة :
أما الآية الكريمة:
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة فصلت: 34-35 ]
الحظ هنا النصيب، أي نصيبه من الله كبير، أي اتصل به بصلة محكمة، وأقبل عليه إقبالاً شديداً، واشتق من كماله كمية كبيرة، هذا يعامل عدوه بالمودة، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة فصلت: 34-35 ]










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (4-7) : الشياطين و القرناء تلتقي و تتبادل الأخبار و هي مهزومة أمام تلاوة القرآن



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إن أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الشياطين والقرناء تلتقي وتتبادل الأخبار :

أيها الأخوة الكرام، ما زلنا في موضع الجن والسحرة والمشعوذين مع الدرس الرابع من هذه الدروس التي تشتد الحاجة إليها، بسبب أن شريحة كبيرة من المسلمين يعتقدون بخرافات وترهات ما أنزل الله بها من سلطان.
واليوم ننتقل إلى قاعدة أخرى وهي أن الشياطين والقرناء تلتقي وتتبادل الأخبار، أي الشيء الثابت في الكتاب والسنة أنه قد ينشأ تعامل وتلاق وتبادل أخبار بين الجن والأنس، الحقيقة الأولى أن الله عز وجل جعل لكل عبد من بني آدم قريناً من الملائكة، وقريناً من الجن، الله عز وجل فرز لك ملكاً وفرز لك جنياً، فالملك يلهمك الخير، ويحضك عليه، ويدعوك إلى الطاعة، ويزين لك الجنة، وما قرب إليها من قول وعمل، والجني يدعوك إلى المعصية، ويزين لك الشهوة، ويزهدك بوعد الله ووعيده، بنص القرآن والسنة الإنسان معه ملك ومعه جني، الإنسان حتى لا يبقى جامداً يتحرك إما أن يستجيب لوسوسة الشيطان، أو أن يستجيب لإلهام الملك، هذه حقيقة.
بطولة الإنسان أن يستجيب لإلهام الملك لا لوسوسة الشيطان :
الحقيقة وجود ملك يدعوك إلى الخير، وشيطان يدعوك إلى الشر، أداة تحريك لك، حدد موقفك، إما أن تستجيب لهذا أو لهذا، القرآن - سبحان الله - حمال أوجه، أي قوله تعالى:
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
[ سورة الشمس:7-8]
من المعاني التي ذكرتها سابقاً وهي أن فطرة الإنسان مبرمجة وفق منهج الله، فأنت مبرمج ومولف ومجبول على الطاعة وكره المعصية، فأنت تلهم الخير ذاتياً، لكنك إذا عملت الخير أدركت ذاتياً أنك تتقي الله، وإذا عملت الشر أدركت ذاتياً أنك عملت شراً، الآن هناك معنى آخر ما دام هناك ملك يلهمك الخير، وشيطان يلهمك الشر، كأن النفس بقرين الملائكة وقرين الجن تلهم الخير والشر، أي أنت ما موقفك؟ يبدو أنه ممنوع أن تبقى ساكتاً، جئت إلى الدنيا من أجل أن تأخذ موقفاً، من أجل أن يكون لك استجابة، من أجل أن تعمل شيئاً، فهناك ملك يدعوك إلى الخير، وشيطان يدعوك إلى الشر، وأنت بين هذا وهذا.

لاحظ نفسك أحياناً يكون عمرك ثمانين سنة، تقول: يا ولد لا تذهب إلى هذا المكان، أي كأنك تحاور نفسك أحياناً، تقع في صراع، ما هو الصراع؟ تعاكس إلهام الملك مع وسوسة الشيطان، أحياناً تسأل نفسك: أصلي أم آكل؟ آكل ثم أنام قليلاً ثم أصلي، تنام استيقظت بعد العصر معنى هذا أنك استجبت لوسوسة الشيطان، أحياناً معك مبلغ تسأل نفسك: هل أدفعه صدقة؟ يقول لك الملك: الله عز وجل يضاعف الصدقة أضعافاً مضاعفة قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾
[ سورة سبأ: 39]
يقول لك الشيطان: احرص على قرشك، دائماً دون أن تشعر تأتيك خواطر إيمانية، وخواطر شيطانية، امرأة جميلة متبرجة متفلتة مرت أمامك، غض بصرك، تقول: الآن سآكلها إذا نظرت إليها؟ هذا كلام الشيطان، كلام الرحمن غض بصرك، من غض بصره عن محارم الله عز وجل أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه. يقول لك الشيطان: ما فعلت شيئاً إن الله جميل يحب الجمال، كلمة حق أريد بها باطل.
لاحظ نفسك كل يوم خاطر إيماني وخاطر شيطاني، خاطر يدعوك إلى الطاعة، والآخر يدعوك إلى المعصية، أنت بينهم، بطولتك أن تستجيب لإلهام الملك وسقوطك من عين الله أن تستجيب لوسوسة الشيطان. الله تعالى فرز لكل إنسان ملكاً يدعوه إلى الخير وشيطاناً يدعوه إلى الشر :
إذاً أضيف معنى إلى الآية الكريمة فألهمها فجورها وتقواها، أن الله سبحانه وتعالى فرز لهذه النفس ملكاً يدعوها إلى الخير، وفرز شيطاناً يدعوها إلى الشر، لكن دقق قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
أي إنسان قال لك اكسر بلور سيارتك، تكسره؟ ثمنه سبعون ألفاً، قال لي، وإذا قال لك؟ لا يملك إلا أن يقول لك: اكسر، اضرب، اعمل معصية، نعم يقول لك، لكن أين أنت؟ أين إرادتك؟ أين عقلك؟ سبحان الله! نعيم بن مسعود أحد زعماء غطفان قبل أن يسلم جاء ليحارب النبي عليه الصلاة والسلام، جلس في خيمته، وقد أقلقه هذا المجيء، يخاطب نفسه: يا نعيم لماذا جئت إلى هنا؟ من أجل أن تقاتل هذا الرجل الطيب، ماذا فعل؟ سفك دماً؟ لا، انتهك عرضاً؟ اغتصب مالاً؟ لا، أين عقلك يا نعيم؟
أحياناً إنسان تأخذه الحمية يندفع لوسوسة الشيطان، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾
[ سورة مريم: 83]

تراه يفعل شراً دون أن يكسب شيئاً أي لوجه الشيطان، والله أحياناً ترى شخصاً إن لم يؤذِ لا يرتاح، يؤذي ولا ينتفع، لكن عندما يؤذي يرتاح، أحياناً تشاهده بوظيفة، بدائرة، بمكان، إذا ما نكد الآخرين، وأربكهم، وخلق لهم مشاكل، لا يرتاح، تأكد أن هذا تنطبق عليه هذه الآية: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾
[ سورة مريم: 83]
((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ))
[ مسلم وأحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ]
ملك يلهمك الخير ومعك شيطان يلهمك الشر، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم.
الجني الذي وكل برسول الله أسلم فلا يأمرني إلا بالخير. لكل إنسان قرين من الملائكة و قرين من الجن :
وروي أيضاً في الصحيح:
((عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ))
[ مسلم و أحمد عن عَائِشَةَ ]
أي حينما علمت أن قرين رسول الله من الجن قد أسلم أغرتِ؟ قالت: ما لمثلي لا يغار على مثلك؟ بالبخاري ومسلم.
معنى هذا أن كل إنسان معه قرين من الملائكة، ومعه قرين من الجن، ولاحظ نفسك عندما تواجه معصية، هل تصغي إلى صوت الملك؟ طاعة الله خير، يا ربي لك الحمد، أعنِّ على طاعتك، الشيطان فرصة لا تعوض في كل الموضوعات؛ موضوع النساء، موضوع الأفلام، موضوع متابعة مسلسلات، موضوع متابعة القرآن الكريم، موضوع علاقات، إلى آخره.
هذا الإمام الذي يؤم الناس بلندن فلما نقل إلى جامع في ظاهر لندن، وركب مركبة، وأعطى السائق ورقة نقد كبيرة، وردّ له التتمة فلما عدّها وجدها تزيد عشرين سنتاً عما يستحق، جلس وعدهم فوجد أن هناك عشرين سنتاً زيادة، ماذا قال له الملك؟ أنت كمسلم وكإمام مسجد هذا المبلغ ليس لك، زائد عن استحقاقك، ينبغي أن ترده للسائق، الملك أدى دوره، قال له الشيطان: شركة عملاقة، ودخلها فلكي، والمبلغ يسير، وأنت أولى به، بل هو هدية من الله لك بالضبط، هذا إلهام الملك وإلهام الشيطان. كلّ إنسان يتعرض كل يوم لخاطر رحماني ملائكي و خاطر شيطاني :
أنت كل يوم لا أبالغ مئات المرات يأتيك خاطر رحماني ملائكي، وخاطر شيطاني، ماذا تفعل؟ أقل شيء امرأة مرت تغض بصرك فوراً، جاءك وسوسة أن انظر إليها لكن الأولى لك و الثانية عليك، بالتعامل طرق بابك بساعة متأخرة من الليل إنسان يقول لك الملك: كن حليماً لعله محتاج، الشيطان يقول لك: هذا وقح لا يوجد عنده أدب، أقلق راحتك، فأنت بين أن تصغي إليه وتكرمه، وبين أن تبالغ في إهانته، قال تعالى في سورة ق:
﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ*لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ*وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ*أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ*مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ*الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ*قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ* قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ*مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
[ سورة ق: 21-29]
كلّ نفس يوم القيامة يأتي معها سائق من الملائكة وشهيد يشهد على فعلها :
أيها الأخوة، حقيقة كالشمس الساطعة لا يستطيع أحد على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة أن يضل أحداً إلا أن الذي أراد أن يضل يصغي لمن أضله فقط، الذي أراد أن يعصي يصغي لمن دعاه إلى المعصية، قال: وجاءت كل نفس معها سائق من الملائكة وشهيد يشهد على فعله الذي فعله في الدنيا.
وقال مجاهد: سائق يسوقها إلى أمر الله عز وجل، وشاهد يشهد عليها بما عملت، وقال بعض العلماء: السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم، الأيدي والأرجل والملائكة أيضاً شهداء عليهم، أما وقال قرينه هذا ما لدي عتيد، القرين هنا الذي يسوقه يوم القيامة هو الملك هذا ما لدي عتيد، ثم يتكلم شيطانه الذي كان له قرين في الدنيا:
﴿ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾
[ سورة ق: 27 ]
الآية واضحة جداً، الآية تؤكد أن الإنسان يوم القيامة قرينه من الملائكة يسوقه إلى أمر الله، وقرينه من الجن يقول: ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد، رب العزة يقول: ﴿ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ*مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
[ سورة ق:28-29]
بالعقيدة أيها الأخوة، لا يمكن أن تقبل إلا من الكتاب والسنة قضايا الجن، بأنني غلب على ظني أن أخوتنا الكرام في أمس الحاجة لهذه الموضوعات لا من أجلهم ولكن من أجل من حولهم. توكيل الشياطين وقرناء الجن بالإنس في الحياة الدنيا :
الآن أيها الأخوة، في الحياة الدنيا الشياطين وقرناء الجن وكلوا بالإنس، يمكن أن يلتقوا بهم، ويتبادلوا الأخبار، فإذا أراد الله بعبد مقصر، عاص، مجاهر، مستكبر، شراً سلط عليه ظلام الجن، هذا الذي يمسه الشيطان، وبالتعبير العامي داخل فيه الشيطان هذا إنسان بحسب الآية الكريمة:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]

أنا أطمئن كل أخ مستقيم الأخ المستقيم العابد لله، الذاكر لله، الذي يخاف الله، هذا مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يستطيع الجن أن يصلوا إليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾
[سورة الحجر: 42]
المؤمن الموحد، العابد، المستقيم، في حصن حصين، أما الذي يركن لهواه، ويعظم شهوته، وينغمس في الملذات الحرام، يسلط عليه مردة الجن، الذين يتعاملون مع السحرة، ينقلون لهم أخبارهم، وبعض الضلالات، كي يقتنعوا بهم، وكي يكون هذا الإنسي الذي تعامل مع الجني ضالاً مضلاًَ، هو يحقق مطامعه المالية والشهوانية ممن يأتيه، ويوهمهم أنه يعلم الغيب، ويغرقهم في أوهام لا تنتهي، من أجل أن يبتز من أموالهم، وأن يأكل من خيراتهم، وأن يضعهم في عماية عن الحقيقة. ((عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً فَيُدْنِيهِ مِنْهُ ))
[ مسلم و أحمد عَنْ جَابِرٍ ]
الإنسان بقدر معصيته وتهاونه بالطاعات يعاقبه الله بمسٍّ من الشيطان :

صدقوني أيها الأخوة، عندما يدخل الشيطان في بيت، ترى شحناء، وبغضاء، وتراشق تهم، وسباب أحياناً، وضرب أحياناً، يكون الشيطان قد فعل فعله في الزوجين، مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِه، حلف عليها بالطلاق، الساعة الثانية بالليل فتح الباب ودفعها إلى الطريق بقميص النوم، هذا الشيطان، وهي حقدت عليه، وهو حقد عليها، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ: فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، يعطيهم درجات.
هناك حديث آخر شاهد عند ابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد صحيح قال: "إذا أصبح إبليس بثّ جنوده فيقول: من أضلّ اليوم مسلماً ألبسته التاج، فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته ـ بقي بدون زوجة فهناك احتمال أن يزني ـ لكن يقول الشيطان: أوشك أن يتزوج ـ تزوج حصّن نفسه ـ ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه، فيقول: يوشك أن يبرهما، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا ويقول: لم أزل به حتى قتل فيقول: أنت أنت، ويلبسه التاج".

الشيطان يوغر صدر الإنسان حتى يسفك دماً، المجرم مصنف مع الأغبياء، قتل وانتهت حياته، آخر جريمة ذبح شخص ثلاثة أشخاص، واشترى سيارة، وسافر إلى مدينة على الساحل، ودخل إلى شاليه، وأعطى هويته، وبعد ساعات كان مقبوضاً عليه وسيلقى عقوبة الإعدام، ماذا قال سيدنا موسى؟ قال تعالى:
﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾
[ سورة القصص: 15]
هناك أناس قضية الشيطان لم يستوعبوها، دون أن تشعر غضبك الشديد، وضربك الشديد لمن حولك، والسباب، والشتائم، وحلف الطلاق بلا مبرر، الشيطان دخل بك، لا تقل أنا لست قانعاً بالشيطان، الشيطان لابسه و هو لا يدري، هذه القاعدة الثالثة، أي يوجد تعاون بين الجن و بين الإنس، الإنسان بقدر معصيته، بقدر تهاونه بالطاعات، بقدر انغماسه في الملذات، بقدر تطاوله على الذات الإلهية، الله عز وجل يعاقبه بمس من الشيطان، فإذا مسه الشيطان أصبح إنساناً آخر. ذكر الله وتلاوة القرآن والاستعاذة بالله أسلحة فتاكة جعلها الله حصناً للمؤمنين :

أخواننا الكرام، القاعدة الرابعة أن الوحي قوة فتاكة لا تستطيعه البطلة، أي السحرة، و المشعوذون، و من مسهم الشيطان، لا يصمدون و لا ثانية أمام القرآن الكريم، الله عز وجل أعطاك سلاحاً فتاكاً، كل ما عند الشياطين من وساوس، و من مشكلات، تنتهي و تزول حينما تذكر الله عز وجل و لكن بقلب حاضر، أحياناً أسأل ماذا نفعل؟ أقول لهم: اقرؤوا القرآن، يقولون: قرأنا و لم نستفد، أقل لهم: اقرؤوا القرآن بقلب حاضر، الله سبحانه و تعالى قد تكلم بالقرآن و جعله شفاء للأبدان، و حرباً على أهل المكر و الطغيان، و حرزاً للمؤمنين من الشيطان، الله عز وجل جعل هذا القرآن حرزاً أي حصناً للمؤمنين من الشيطان، فلا تصمد السحرة أمام سماع هذا الوحي يتلى، بل تضيق به، و تكاد تتمزق.
سمعت قصة من رجل من أقربائي توفي - رحمه الله - جاء ساحر من بلاد بعيدة من الهند إلى الشام، و كل إنسان يضمر شيئاً، والساحر يكشف له هذا الشيء يدفع ليرة ذهبية، شخص يفكر بقضية يأتي الساحر يذهب إلى داخل غرفة و يرجع يقول له: أنت تفكر بكذا و كذا، الناس تزلزلوا و كأنه يعلم الغيب، قيل لرجل علم ماذا نفعل؟ قال: دعوني أذهب إليه، ذهب إليه ماذا أضمر؟ أضمر الله و رسوله و قرأ القرآن، دخل و خرج ليس معه شيء، دخل مرة ثانية قال له: أنت لم تضمر شيئاً، قال له: ضمرت، دخل مرة ثالثة و كان هذا آخر يوم له بالشام، هذا الذي جاءه من أهل العلم لا يملك إلا أنه قرأ القرآن، فالقرآن منع الشيطان أن يصل إليه، أي منع قرينه أن يعرف ماذا ضمر، فالوحي قوة فتاكة لا تستطيعه البطلة.

مما قاله سيدنا علي - كرم الله وجهه - عن القرآن: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، و هو حبل الله المتين، و هو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يَخْلَق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا:
﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا*يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ ﴾
[ سورة الجن: 1-2]
من قال به صدق، و من عمل به أجر، و من حكم به عدل، و من دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
إذاً يوجد معك سلاح فتاك لا يخيب، ذكر الله، تلاوة القرآن، الاستعاذة بالله، تلاوة المعوذتين، تلاوة آية الكرسي، و سيأتي معنا بعد قليل أن البقرة و آل عمران أقرب السور إلى إبطال عمل هؤلاء السحرة. تصدع الصخر من خشية الله عز وجل :

الآية الكريمة أيها الأخوة الكرام:
﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة الحشر: 21]
مرة ذكرت في خطبة أنني قرأت مقالة علمية عن جامعة في بلد عربي، هذه الجامعة سيعقد فيها بعد أربعة أشهر مؤتمر علمي، أستاذ علم النبات في هذه الجامعة صنع تجربة، جاء بأربع بيوت بلاستيكية نصبها في حديقة الجامعة - أي بيوت صغيرة - ما الذي فعله؟ في هذه البيوت جاء بكمية تراب واحدة وضعها في البيوت الأربعة، ثم جاء بعدد من حبات القمح موحد، من بذار موحد، و زرعها في هذه البيوت الأربعة، و وكل طالبات من طالباته أن تسقي كل واحدة هذا البيت كما تسقي أختها البيت الآخر تماماً، كميات الماء موحدة، كميات السماد موحدة، العناية موحدة، أي مارس سلوكاً موحداً، إن في التربة، أو في البذار، أو في السقيا، أو في التعشيب، أو في التسميد، بشكل يكاد لا يصدق، الآن كلف طالبة أن تقرأ القرآن على البيت الأول، كلفها بقراءة سورة يس و المعوذتين و آية الكرسي والفاتحة و الإخلاص كل أسبوع أربع مرات أو ثلاث، البيت الثاني كلف الطالبة أن تمزق نباتاً أمام النبات، في البيت الثالث كلف طالبة أن تمزق النبات نفسه، أي بيت سمع القرآن، و بيت شاهد التعذيب، و بيت مورس عليه التعذيب، و البيت الرابع يسمونه البيت الضابط لا يوجد قرآن، و لا يوجد تعذيب، هذا المقياس، و بعد أربعة أشهر النتائج لا تصدق، فالبيت الذي تلي فيه القرآن ارتفع نمو سنابل القمح 33% زيادة عن البيت الضابط، و الغلة زادت 44% عن البيت الضابط، البيت الثاني و الثالث هبط نمو النبات إلى 33% أقل، و الغلة أقل بكثير، قد نعجب، إذا كان الصخر: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة الحشر: 21]
ما من شيء إلا يسبح بحمد الله عز وجل :
النبات أقرب للحياة من الصخر، قال بعض العلماء: يعذر الله الجبل الأصم و لم يعذر شقي بني آدم؟ هل رأيتم أحداً قد تصدعت جوانحه من خشية الله؟ قال:
﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ﴾
[ سورة العنكبوت: 43]
يقول ابن جرير الطبري - رحمه الله - في تفسيره: يقول جلّ ثناؤه: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل - و هو حجر- لرأيته يا محمد خاشعاً، يقول متذللاً متصدعاً من خشية الله على قساوته حذراً من ألا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن، و قد أنزل على بني آدم و هو بحقه مستخف، و عنه عما فيه من العبر و الذكر معرض كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقر.
الإنسان حينما يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾
[ سورة الإسراء: 44]
الإنسان ألا يخجل أن مخلوقاً، ذرة، صخر، و إن من شيء أي ما من شيء إلا يسبح بحمده، أي يتصدع الصخر من خشية الله، و الإنسان يميل إلى كلام الدجالين والمشعوذين، وكل شيء كتبته أيدي المبطلين و الجاهلين تطاولاً و افتراء على رب العالمين.
أحد الصحابة الكرام عبد الله بن مسعود روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَ فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ الْحَقَّ فَيَقُولُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ ))
[ أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ]
و في حديث آخر يقول عليه الصلاة و السلام: (( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي، فإذا تكلم أخذت السماوات منه رعدة شديدة خوفاً من الله تعالى، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا و خروا لله سجداً فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مر بسماء يسأله ملائكته ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول: جبريل قال الحق و هو العلي الكبير، فيقولون اللهم مثلما قال جبريل فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ))
[َ محمد بن نصر المروزي عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]
الآية: ﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾
[ سورة سبأ: 23]
العلاج بالوحي لمن مسه الجن هو أجدى أنواع العلاج :
أيها الأخوة الكرام، العلاج بالوحي لمن مسه الجن هو أجدى أنواع العلاج، أي شخص سألك ماذا أفعل؟ علاج مس الجن بالوحي، بالقرآن الكريم، و قد وصف النبي عليه الصلاة والسلام سورة البقرة بأنها سورة لا تستطيع البطلة - أي السحرة - تحملها، و في أخذها شفاء و بركة.
و أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال:
((عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ ))
[ مسلم و أحمد عن أبي أمامة]
أي ملخص الملخص الملخص أنه إذا شكا لك أحد أنه قد مسه الجن قل له: عليك بتلاوة القرآن بقلب حاضر خاشع، و لا سيما سورة البقرة، و آل عمران، هذا العلاج و لا علاج غيره إطلاقاً.
بعض العلماء يقول: اعترف رؤساء المنجمين من الأولين والآخرين أن أهل الإيمان، أهل العبادات و الدعوات، يرفع الله عنهم ببركة عبادتهم و توكلهم على الله ما يزعم المنجمون أن الأفلاك توجبه، و يعترفون أيضاً بأن أهل العبادات و الدعوات، ذوي التوكل على الله، يعفون من ثواب الدنيا و الآخرة ما ليس في قوى الأفلاك أن تجلبه، الحمد لله الذي جعل خير الدنيا و الآخرة في اتباع المرسلين، و جعل خير أمة هم الذين يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و قال تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة المائدة: 54]
حاجة الناس الماسة إلى الموضوعات السابقة :

أيها الأخوة الكرام: هذه الموضوعات أنا أرى أننا جميعاً في أمس الحاجة إليها، لأنه و الله ما من أسبوع إلا و يأتيني إما على الهاتف، أو لقاء مباشر، عدد لا يقل عن ثلاثة أو أربعة في الأسبوع ممن يلوذون بإخوة المسجد، مشكلتهم مع الجن، و مع السحرة، و هذا مخاوي، و هذا داخل به شيطان، و يهذي بالليل، و هناك قصص ما أنزل الله بها من سلطان، و لا يوجد عندهم إلا اللجوء إلى المشعوذين و السحرة كي يفكوا هذا السحر، و كي ينزعوا هذا الجن الذي دخل إلى جسم إنسان، و أنا أرى لو هناك حل آخر غير هذا الحل لذكره النبي عليه الصلاة والسلام.
الدرس القادم إن شاء الله سأتحدث عن أسباب تسلط السحرة و الشياطين على ابن آدم، أي يوجد سبب نحن نميل أحياناً إلى أن نظن أن هذا إنسان بريء طاهر دخل به جني، لا، هذا كلام فيه افتراء على الله عز وجل، البريء الطاهر المستقيم في حصن حصين










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:52   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (5-7) : أسباب تسلط الشياطين و السحرة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إن أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ما من إنسان يصاب بمسٍّ من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه :

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الخامس من دروس الجن و السحرة و المشعوذين، و قد بينت لكم في دروس سابقة أن شريحة كبيرة من المسلمين كانت ضحية الشعوذة، و الوهم، والجهل، و لابد من توضيح الأمور، ننتقل اليوم أيها الأخوة إلى أسباب تسلط السحرة والشياطين.
بادئ ذي بدء، في الحديث القدسي الصحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
(( يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا.....))
هذا الحديث الطويل ينتهي بالفقرة التالية: ((.....فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ))
[ مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]
يأتيك إنسان يقول لك: ابني أصابه مس من الجن، ويثني على ابنه ثناء غير معقول، وكأن الله سبحانه و تعالى ضيق عليه بلا سبب، يحرجك، و يحيرك، لكن الحقيقة التي ينبغي أن تكون معلومة لديكم هي أنه ما من إنسان يصاب بمس من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه، لكن الأب يميل دائماً إلى حسن الظن بابنه كي يرتاح. الإنسان الموصول بالله تعالى لا تستطيع شياطين الأرض أن تمسه بسوء :
و الله أيها الأخوة، كم سمعت ثناء من آباء على أولادهم، هم من أسوأ خلق الله، لكن الأب من أجل أن يريح نفسه يحسن ظنه بابنه، وبشكل عام لا تصدق و لا تعتقد أن إنساناً يتحرك وفق منهج الله يصاب بمس من الجن، مستحيل و ألف ألف مستحيل:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42 ]

الإنسان الموصول بالله عز وجل لا تستطيع شياطين الأرض أن تمسه بسوء:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
شياطين الإنس و الجن لو اجتمعوا على أن ينالوا من إنسان موصول بالله عز وجل، مستقيم على أمره، لا يستطيعون.
أنا لا أقول لك: إذا شكا لك أحد أنه أصابه مسّ من الجن فعليك أن تفضحه، أو عليك أن توبخه، لا، قل: عافاك الله، و لكن لا تظن بالله غير الحق، ظن الجاهلين، اعتمد قوله تعالى:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾
[ سورة النساء: 147]
قصة تؤكد عدل الله ورحمته وعفوه :
أخواننا الكرام، بالمناسبة كل واحد منا معه مئات القصص، لكن كل هذه القصص لا تصلح أن يستنبط منها شيئاً، لماذا؟ لأنه يعرفها من الفصل الأخير، لكن الواحد منا قد يقف على بعض القصص من أول فصل إلى آخر فصل، هذه القصص تؤكد عدل الله، و تؤكد رحمته، و تؤكد عفوه، و تؤكد كل أسمائه الحسنى، و صفاته الفضلى.
مرة إنسان استوقفني في بعض أسواق دمشق، و قال لي بقسوة: إنك تخطب على المنبر؟ قلت له: نعم، قال: يوجد إنسان بأحد أسواق دمشق بَكَّرَ إلى عمله ليكسب رزق أولاده، وقال لي: أليس طلب الحلال عبادة؟ قلت: بلى، قال: فتح هذا الإنسان محله التجاري، سمع إطلاق رصاص في سوق مغلق مغطى من أسواق دمشق، فمدّ رأسه ليستطلع ما الخبر، فإذا رصاصة تستقر في عموده الفقري، فيصاب بشلل نصفي، قال لي: هذا ماذا فعل؟ أين رحمة الله؟ ذهب ليكسب قوت أولاده، و عمله مشروع، و المادة التي يتاجر بها مشروعة، و هو في عمله، و العمل عبادة فماذا فعل؟ والله أنا لا أعلم الجواب، أنا واثق من عدل الله، لكن هذه الحادثة تحتاج إلى علم إلهي.
بالمناسبة لا تستطيع أن تثبت عدل الله بعقلك إلا بحالة مستحيلة أن يكون لك علم كعلم الله، أي قصة من آخر فصل إنسان ذهب إلى محله التجاري ليكسب قوت أولاده، سمع إطلاق رصاص، مدّ رأسه فجاءت رصاصة استقرت في عموده الفقري، ماذا فعل ؟ و الحقيقة لم يفعل شيئاً في هذه الحدود، قلت له: و الله أنا لا أدري، أي نصف العلم لا أدري، لكن الذي أدريه أن الله عز وجل يقول:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾
[ سورة النساء: 147]
أحد أخوتنا الكرام، هو قديم في هذا المسجد، و له مكانة عندي، حدثني عن قصة جرت مع أحد جيرانه في البناء، قلت: ما القصة؟ قال لي: رجل يبيع القماش في أحد أسواق دمشق المغطاة، قلت له: نعم، قال لي: أولاد أخيه الأيتام لهم بيت قد اغتصبه منهم، و هم في أمسّ الحاجة إليه، طالبوه بهذا البيت مرات عديدة، فكان يرفض، فحكّموا أحد علماء دمشق في الميدان، و قد توفي رحمه الله، و كان عالماً جليلاً، استدعاه، و طلب منه أن يعطي البيت لأولاد أخيه، فرفض أشد الرفض، هذا العالم حكيم قال لهم: لا تشتكوا على عمكم هذا، لا يليق بكم، و لكن اشكوه إلى الله عز وجل، هذا الكلام كان الساعة التاسعة مساء، في اليوم التالي الساعة التاسعة صباحاً هو الذي جاءته الرصاصة فأصابته بالشلل، إنسان يرى إنساناً في محل تجاري، يكسب رزق أولاده، مدّ رأسه، فأصابته رصاصة جعلته مشلولاً نصفياً، ماذا فعل؟ هذه قصة من آخر فصل.
المؤمن من معرفته بقوانين الله عز وجل يستطلع ما سيكون :
أيّ قصة تحفظها من فصلها الأخير لا تصلح أن تستشهد بها، إنسان أصابه مرض عضال، لي أخ كريم، أخ في المسجد شاب قال لي: نسكن في بيت قد اشتراه والدي مع عمتي مناصفة من سنوات طويلة حينما كانت البيوت رخيصة، يوجد جمعية تعاونية في إحدى الوزارات، فأخته موظفة في هذه الوزارة، فاشترت هذا البيت، و عرضت على أخيها أن يكون مناصفة بينه و بينها، فوافق، و نقدها نصف ثمن البيت عداً و نقداً، بالتمام و الكمال، و بعد عشرين سنة البيت ارتفع ثمنه من مئتين و خمسين ألفاً إلى ثمانية عشر مليوناً، و لأن البيت مكتوب باسم أخته قالت له: هذا البيت لي، وسأعطيك مليون ليرة، وعليك أن تخرج، عنده أربعة عشر ولداً، ولا يملك مأوى سواه، و أخته ليست متزوجة، لكن خطأه الكبير أنه حينما نقدها المبلغ لم يطلب منها أن تسجل باسمه هذا البيت، أو أن تسجل له إيصالاً بثمن البيت، أو بنصف ثمن البيت، القصة طويلة، لسنا في معرض الحديث عن تفاصيلها، إلا أن الذي حدث أنها أخرجته من البيت بحيلة قانونية، هي محامية، و استطاعت أن تؤجر البيت بأعلى سعر، و اضطر أخوها أن يوزع أولاده بين بيتين من أقاربه، و أن يضع أثاث بيته في مستودع في غوطة دمشق، و ابنه أحد أخوتنا الكرام، لما أخبرني أن عمته قد أخرجتهم من البيت ظلماً وعدواناً طمعاً في قيمة البيت التي تضاعفت أضعافاً كثيرة، قلت له: و الله - و هذه معرفتي بالله، وأقول لكم هذه الكلمة: يكاد المؤمن من معرفته بقوانين الله عز وجل أن يستطلع ما سيكون، لا من باب علم الغيب، لأن علم الغيب لا يعلمه إلا الله- إن الله عز وجل سوف ينتقم من عمتك انتقاماً لا حدود له، لأنها اعتدت على حق أخيها، وبالفعل، والله الذي لا إله إلا هو بعد شهر قال لي: عمتي مصابة بسرطان في أمعائها، و هي في ريعان الشباب، أعرف صديقاً لي استمر هذا المرض في أمعائه سنتين، قلت: لعل هذا المرض يطول أمده، بعد شهر آخر، قال لي: توفيت عمتي، وأتمنى عليك أن تعزي والدي، و أن تلقي كلمة في البيت الذي اغتصبته، وريثها الوحيد أخوها، رجع البيت إليه، و رجع أولاده إلى البيت، و لعنها الله في عليائه، و لعنتها الملائكة، و لعنها أهل الأرض.
أما أنت فتجد هذه الإنسانة شابة، طبعاً هذا الكلام أتمنى عليكم ألا يفهم منكم أنه إذا أصيب إنسان بمرض أنه مجرم بحق الآخرين، لا، هذا استنباط غير صحيح، لكن هذه الحالة لا تقل: مسكينة، هذه الشابة في ريعان الشباب أصابها مرض عضال، فقصف عمرها، كما يقولون، الله كبير، أنت لست مؤهلاً أن تعلم الغيب، تأدب مع الله، و أحسن الظن به، أي إنسان مسه السحر، أو مسه الجن، أو مسه شيطان و هو يعاني ما يعاني، لا تصدق أن هذا الذي مسه جاءه بلا سبب، و جاءه بلا مبرر، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾
[ سورة النساء: 147]
و من أمثال هذه القصص هناك والله مئات، بل عشرات المئات من هذه القصص: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾
[ سورة البروج: 12]
(( إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ـ كما في الحديث القدسي الصحيح ـ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ.... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ ))
[ مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]
على الإنسان ألا يتهم الله أنه ساق له مصيبة لا يستحقها :

لا يقل: القدر قلب لي ظهر المجن، لا يقل: لا حظ لي في الدنيا، لا يقل: الله عز وجل يطعم الحلاوة لمن ليس له أضراس، هذا كلام كفر:

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
[ سورة الشورى: 30]
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 165]
(( ما من عثرةً، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عودٍ، إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر))
[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]
أنا أريد أن تكون هذه الحقيقة واضحة عندكم، إنسان مسه الشيطان ادع الله له، و عاونه، و لكن لا تتهم الله أنه ساق مصيبة لإنسان لا يستحقها.
والله أيها الأخوة، من شأن الإنسان أن يظهر لك أنه ملاك، وقد يكون شيطاناً رجيماً، وأي سؤال يأتي: إنها صائمة، مصلية، تحفظ كتاب الله، و لها أعمال من دون ذلك لا يعلمها إلا الله، و الله أنا من ثلاثين سنة ما حضرت عقد قران إلا قال الخطباء: العروس تحفظ كتاب الله، وهذه المشكلات التي تحدث بين الأزواج من أين جاءت؟ من فتاة تحفظ كتاب الله؟ أكاد لا أصدق ذلك، هذه القصص التي تنتهي إليك، و ينتهي إليك فصلها الأخير، هذه لا تعبأ بها إطلاقاً، و لكن القصة التي تعرف أول فصل فيها، و آخر فصل فيها، هذه تنطق بعدل الله، و تنطق برحمة الله، و تنطق بحلم الله.
الله عز وجل عادل لا يظلم أحداً :
الآن بينك و بين نفسك أعلم الناس بك أنت، هل تثبت أن الله ظلمك؟ أبداً:
﴿ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
[ سورة القيامة: 14-15 ]
يوجد جريمة وقعت في دمشق، أن إنساناً ضابطًا في الشرطة يسكن بطابق من بناء، و هو ينزل على الدرج رأى إنساناً خرج من بيت مضطرب جداً فقبض عليه، ودخل إلى البيت، فإذا صاحبه مقتول، فاستقرت التهمة أنه هو القاتل، وحوكم، وحُكم عليه كما أعتقد بثلاثين سنة سجنًا، وبعد ثماني سنوات ألقي القبض على قاتل آخر، فاعترف بهذه الجريمة، إذاً هو بريء، أحد أخوتي الكرام يؤمن بعدل الله، قال لي: و الله - طبعاً أخرجوه من السجن، وأعطوه تعويضاً عن هذا السجن الظالم - بعد أن قبض التعويض، و همّ بالخروج من المحكمة، سأل صديقي هذا المتهم البريء، قال له: بربك أنت سجنت ثماني سنوات ظلماً، هل تصدقني الحديث؟ هل عملت عملاً يستأهل هذا السجن؟ قال له: و الله ويستأهل أكثر من ثماني سنوات، من هذه التهمة هو بريء لكن من تهمة أخرى ليس بريئاً.
مرة شخص استوقفني يبيع قماشاً وطنياً، قال لي: أجبني عن هذا السؤال: الأقمشة كلها وطنية، و أسعارها نظامية، وعلى كل ثوب سعره، قال لي: تسعيرة وقعت دون أن أراها، دخل موظف التموين كتب لي مخالفة فيها سجن لمدة شهرين، أين العدل؟ وانفجر، قلت له: نحن في التجارة يوجد عندنا سندات، و عندنا حساب جار، الله لا يحاسبك بسندات، كل قضية وحدها، يحاسبك بحساب جار، إذا وجد بالليل سهرة مخالفة للشرع، يأتيك شخص بالنهار يظلمك، هذه بتلك، يقولون: شوحة التقت مع سيدنا سليمان، قالت له: يا نبي الله، الله عز وجل مهول أم عجول؟ فسأل الله عز وجل؟ فالله عز وجل أخبره أنني مهول و لست بعجول، فطمأنها، هذه الشوحة بعد أن اطمأنت أن الله عز وجل مهول و ليس عجولاً - القصة رمزية - وجدت بعض الناس يأكلون اللحم، خطفت اللحم، و قد علقت جمرة في قطعة اللحم، فلما وضعت اللحم في عشها احترق العش كله مع بيضاتها، فرجعت إلى سيدنا سليمان، و قالت له: يا نبي الله! ألم تخبرني أن الله مهول، ها هو ذا عجول، عوقبت فوراً، فسأل الله عز وجل، و القصة رمزية، فقال له: لها حساب قديم، وهذا ليس على آخر عمل.
يوجد حساب قديم، لكن الله عز وجل يعامل عباده بحساب جار، يدخل إلى البيت، السهرات المختلطة، يسهر للساعة الخامسة على الفضائيات، والغيبة، والنميمة، والغش، والتدليس، أين المحل التجاري؟ فيأتي شخص فعلاً قد يخالفك ظلماً، و لكن ليس على هذه، و إنما على سهرة البارحة، الله عز وجل يعاملك بحساب جار.
عدم سماح الله تعالى للجن والسحرة أن ينالوا من الإنسان إلا إذا ارتكب شيئاً محرماً :
طبعاً كل هذا تمهيد لحقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس، هي أن الله سبحانه و تعالى لا يسمح للجن، و لا للسحرة، أن ينالوا من الإنسان، إلا إذا كان قد ارتكب شيئاً محرماً، و الدليل، و لولا الدليل لقال من شاء ما شاء:
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ*وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ*حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ*وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 36-39 ]
هذه الآية أصل في هذا الموضوع، و من يعش، أي يتعامى ويتغافل ويعرض.
ابن عباس قرأها، و من يعشَ بمعنى يعمى، في لغة العرب عشي يعشى إذا عمي، رجل أعشى، و امرأة عشواء، إذا كانت لا تبصر، و في اللغة العربية خبط خبطة عشواء أي عمياء.
تسلط الشيطان على الإنسان إذا غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء إلى خلقه :
يوجد ملمح لطيف:
﴿ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 36]
هذا الشيطان يسيطر عليه، يتحكم بفكره، وفهمه، وعقله، وقلبه، وحركته، عقاب من الله، يوجد قراءة حتى إذا جاءانا، من هما؟ الإنسان و الشيطان الذي له قرين، حتى إذا جاءانا قال: يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين.
إذاً تسلط الشيطان على الإنسان لأنه غفل عن الله عز وجل، وانقطع عنه، وتفلت من منهجه، وأساء إلى خلقه.
أكبر حصن للإنسان من الشيطان أن يكون موصولاً بالله عز وجل :
أكبر حصن لك من الشيطان أن تكون موصولاً بالله، مستقيماً على أمره، منيباً
إليه، هذا أكبر حصن:
﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 39]
أي لا يوجد إنسان يضل إنساناً: ﴿ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ*قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ*مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
[ سورة ق: 27-29]
الطاعة تجر إلى طاعة و المعصية تجر إلى معصية :
بالمناسبة أيها الأخوة، المؤمن لا يزال يطيع الله عز وجل، و يألف الطاعة، و يحبها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزاً، و تحرضه عليها تحريضاً، و تزعجه عن فراشه و مجلسه، و لا يزال إنسان آخر يألف المعاصي، و يحبها، و يؤثرها، حتى يرسل الله إليه الشياطين، فتؤزه إليها أزاً.
الإنسان يعصي، و يعصي، و يعصي فيأتي قرينه من الشياطين فيدفعه إلى المعصية كل حين، و الإنسان يطيع، و يطيع، و يطيع فالملك يلهمه كل خير، هذا ممكن أن يفسر بعالم الفيزياء بقانون العطالة، فالجسم إذا تحرك يرفض السكون، و الجسم الساكن يرفض الحركة، و الإنسان حينما يطيع، و يطيع يرفض المعصية، و حينما يعصي، و يعصي يرفض الطاعة، و الإنسان بنيته حركية، و ليست ساكنة، و التعبير الغربي ( ديناميكي)، و ليس ستاتيكياً، أي الطاعة تجر إلى طاعة، والمعصية تجر إلى معصية، حتى إن أحد أصحاب رسول الله سأل النبي عليه الصلاة والسلام قال: يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار ؟ فقال عليه الصلاة و السلام: إيمان بالله، فسأل هذا الصحابي- وهو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، أمع الإيمان عمل؟ قال: أن يعطي مما أعطاه الله - العطاء مطلق العطاء - قال يا رسول الله: أفإن كان لا يملك؟ فقال: فليأمر بالمعروف، ولينهَ عن المنكر، قال: فإن كان لا يستطيع، قال: فليعن الأخرق، قال: فإن كان لا يحسن، قال له: أما تريد أن تدع لصاحبك من خير.

لا يستطيع أن ينفق مما أعطاه الله، و لا يستطيع أن يأمر بالمعروف، و لا ينهى عن المنكر، و لا أن يعين الأخرق، ليس له أي إيجابية، قال له: فليمسك أذاه عن الناس، فجاء السؤال المحرج، أو إن فعل ذلك دخل الجنة؟ فقال عليه الصلاة و السلام: ما من عبد مسلم يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة.
أنت ابدأ بالصلاة، الصلاة تجرك للصدقة، تصدّق، الصدقة تجرك إلى مجلس علم، احضر مجلس علم يجرك إلى عمل صالح، اعمل عملاً صالحاً يجرك إلى دعوة إلى الله، تدعو إلى الله يجرك إلى اتساع الدعوة، ثم يجرك هذا الشيء إلى اتصال بالله طويل المدى، ثم بعد ذلك تتألق، ثم يرفع الله لك ذكرك، لذلك عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا....))
[ ابن ماجه، أحمد، الدارمي عَنْ ثَوْبَانَ ]
أي لن تحصوا خيرات الاستقامة، أي المستقيم ينتظره خير لا يعلمه إلا الله. التحصين من السحرة و الجن يكون بالإقبال على الله و التطبيق لأمره :
الملخص: أسباب تسليط الله للسحرة و الشياطين مردها إلى مخالفات شرعية يستسهلها العبد أحياناً، و لا يأبه لمكانتها، فيعاقبه الله عز وجل بما يذكره، و يعيده إلى مقام التعظيم، فالذي لا يعظم حرمات الله عز وجل يذله الله، و يفضحه، و لو في جوف داره.
أيها الأخوة الكرام، ما من تسلط للشياطين على البشر إلا بسبب غفلة وذنب، إذاً التحصين من السحرة، و من الجن أن تكون مع الله، لائذاً بحماه، مقبلاً عليه، مطبقاً لأمره، تذكره في كل حين، عندئذ أنت في حصن حصين.
الإسلام أعطى المؤمن تفسيراً عميقاً ودقيقاً حول الكون و الحياة و الإنسان :
أخواننا الكرام، لو سألت الإنسان: لماذا هو مشدود إلى الله؟ الجواب: لعلك تظن أن هذا الإسلام دين الله، هو في الحقيقة دين الله، أو لعلك تقول: إن هذا الإسلام أعطانا تفسيراً عميقاً و دقيقاً و متناسباً حول الكون و الحياة و الإنسان، هذا الإسلام العظيم قدم لك تفسيراً عميقاً، و قدم لك صورة متناسقة، و قدم لك فلسفة مريحة.
أخواننا الكرام، المسلمون فقط يوجد عندهم انسجام، غير المسلم لو أنه رأى ما يجري في العالم من حروب، من قهر، من قتل، من هدم بيوت، من تجريف مزارع، من ردم آبار، من إذلال، يختل توازنه لأنه لا يجد عنده جواباً دقيقاً عن كل ما يجري، المؤمن إذا قرأ القرآن لا يوجد شيء يجري أمامه إلا عنده تفسير واضح، شخص مثلاً يذهب إلا بلاد الغرب يجد بلاداً جميلة جداً، غنية جداً، أنيقة جداً، نظيفة جداً، الناس في بحبوحة، في ترف، غارقون في كل اللذائذ المحرمة، يرتكبون كل المعاصي و الآثام، و هم أقوياء و أغنياء و يسيطرون على العالم، الشخص يختل توازنه، مسلمون يعانون الأمرين، يعانون من الظلم و الجور في كل بقاع الأرض، و كفار ملحدون منحرفون، شاذون ينعمون بكل شيء، يختل توازنه، يقرأ القرآن عندها يستعيد توازنه:
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
[ سورة الأنعام: الآية 44]
قوانين الله عز وجل تتحكم في كل شيء :
إنسان آخر يرى ما يجري في العالم من حروب، و من صراعات، و من أحقاد، و من قتل، فيعجب، الإنسان لماذا هكذا؟ يقرأ القرآن:
﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
[ سورة المائدة: الآية 14]
هذا قانون العداوة والبغضاء، يأتي إنسان آخر يجد شخصاً غير موفق، أينما ذهب الأبواب مغلقة في وجهه، و إنسان كيفما تحرك وفقه الله عز وجل، إن كان لا يقرأ القرآن يقول لك: محظوظ، هذا حظ، ما هذا الحظ؟ ماذا يعني الحظ؟ لا يعني شيئاً، وهم فقط، إذا قرأ القرآن: ﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
[ سورة الليل: 5-10 ]
هذا قانون التيسير و التعسير، و هذا قانون العداوة و البغضاء، و كل شيء له قانون.
قانون الأمن: إذا كان الشخص مطمئنًا الأخطار تحيط به من كل جانب وهو مطمئن، و إذا كان مع إنسان أموال لا تأكلها النيران وهو خائف، إياك، اقلب العملة، يوجد أحداث خطيرة، يأتي شخص ليس معه قرش ليقلب العملة، لا يوجد معه شيء، و هو مطمئن، و تقرأ القرآن:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 81-82]
الأمن له قانون، التيسير له قانون، التوفيق له قانون، العداوة و البغضاء لها قانون، بطولتك أن تكتشف قوانين القرآن، هذه القوانين هي التي تتحكم في كل شيء: ﴿ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾
[ سورة الأنعام: 115]
هذه كلمات الله، أي قوانين الله عز وجل. على الإنسان ألا يحسن الظن بنفسه بل يتهمها دائماً و هذا لصالحه :

أيها الأخوة الكرام، النصيحة لا تحابِ نفسك، لا تحسن بها الظن، اقسُ عليها، اتهمها فهو لصالحك، الإنسان دائماً يميل إلى أن يتملق نفسه، فإذا أصابته مصيبة يقول كذباً و بهتاناً: هذه ترقية، من قال لك إنها ترقية، و إن أصابت غيره مصيبة قال: هذا عقاب، من قال لك: هذا عقاب؟ لماذا تفسر المصيبة التي تصيبك على أنها ترقية، و المصيبة التي تصيب أخاك على أنها عقاب؟ اقرأ قوله تعالى دائماً:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾
[ سورة النساء: 147]
اتهم نفسك، و سيدنا عمر يقول: " تعاهد قلبك "، يجب أن تفحص نفسك كيف صلاتك؟ تصلي فلا تشعر بشيء، تذكر فلا تشعر بشيء، تقرأ القرآن فلا تشعر بشيء، ادع الله أن يهبك قلباً، لأنه لا قلب لك، لا يوجد لك قلب أبداً.
أحياناً براد يباع ببعض الأسواق لا يوجد له محرك إطلاقاً، لكن يوجد وصل من المأخذ الكهربائي إلى بلورة في داخله، يقول لك: شعل، إذاً هو شغال، لا، لا يوجد محرك أبداً، إذاً إذا صلى شخص و لم يتأثر، ذكر و لم يتأثر، قرأ القرآن و لم يتأثر، لا يوجد له قلب إطلاقاً، قلبه خاوٍ:
﴿ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾
[ سورة البقرة: 259]
على الإنسان أن يكون محصناً بالعلم ليبتعد عن السحرة و المشعوذين :
أيها الأخوة الكرام، هذه الدروس أولاً لها فائدة، طبعاً دروس الجن والسحرة والمشعوذين لها فائدة، أنها تعلمك طريق الوقاية منها، وصدّق عدد الذين يصابون بمس من الجن كثيرون جداً، حينما قررت هذه الدروس لم أقررها من فراغ.
بالأسبوع يوجد سؤالان، ثلاثة، أربعة، خمسة، أحياناً عن أسر أحد أفرادها مصاب بمس من الجن، و مشكلة كبيرة تكاد تخنقه، تجعل حياته جحيماً لا يطاق، والإنسان حينما يلهمه الله الصواب يقيه من هذا المس، هذه واحدة.
الهدف الثاني: أنك إذا فهمت هذه الحقائق أحسنت الظن بالله عز وجل، و محور هذه الدروس:

﴿ كَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
أي ظلمة الجن تضيق على ظلمة الإنس: ﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
الجن استعلوا على الإنس، و الإنس أخذوا بعض المساعدات، و بعض الأفكار، و بعض الترهات، نقلوها بين الناس، و ابتزوا أموالهم، أو اعتدوا على أعراضهم.
قضية السحرة و المشعوذين هذا موضوع ينبغي أن يكون واضحاً لديكم أولاً، ولمن حولكم ثانياً، لأن المشكلة أنه أحياناً إنسان مثقف ينصاع لهذه التصرفات المنحرفة، فأنا أريد أن يكون الإنسان محصناً بالعلم، أنا أكثر دعاء أتأثر به، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل و الوهم إلى أنوار المعرفة و العلم، و من وحول الشهوات إلى جنات القربات.
والحمد لله رب العالمين










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:53   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (6-7) : السحر وأنواعه






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إن أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
السحر :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السادس من دروس النهي عن التعاون مع السحرة و المشعوذين و الدجالين.
أيها الأخوة الكرام، ننتقل في هذا الدرس إلى موضوع السحر بالذات، كلمة يكثر تردادها على ألسنة المسلمين، و في بعض هذه الأقوال وضع لا أصل له، من أبرز هذه الأقوال الموضوعة التي لا أصل لها: " تعلم السحر و لا تعمل به "، لا أصل لهذا الكلام إطلاقاً في تراث النبوة.
على كلٍّ وردت كلمة السحر في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في معرض الحديث عن البيان، فقال: إن من البيان لحكمة، و إن من الشعر لحكمة.

و الحكم الشرعي في الشعر أنه كلام حسنه حسن، و قبيحه قبيح، إلا أن المعني في هذا الموضوع الشعر الذي أساسه التعامل مع الجن، فمن تعريفات السحر الشرعية ما كان من عمل فيه اتصال بالشياطين بقصد الفتنة، أو التوكل على غير الله عز وجل في الدواء، وجلب الشفاء.
حينما يوهم المسلم أن جهة غير الله يمكن أن تشفيك، أو أن تعطيك، أو أن تحميك، أو أن تدفع عنك الضر فهذا من أكبر أهداف السحر، أن تنصرف عن الله إلى غيره، أو أن يفتن بالدنيا، أن يغرق في المعصية، أن يتجه إلى الملذات التي حرمها الله عز وجل، أي ليس هناك من هدف لأي نوع من أنواع السحر إلا أن يضل إنسانًا أو أن يفسد، أن يضل عقله، وأن تشقى نفسه، هذا هو الهدف الأكبر للسحرة الذين يتعاونون مع شياطين الجن، الجني المسلم المؤمن اسمه جني، أما الجني الكافر فاسمه شيطان، فإذا قلنا كلمة شيطان، أي مع القسم الثاني من الجن، و ليس هناك تعاون، و لا اتصال، و لا خدمات يؤديها الجن للإنس إلا من أجل إضلال الخلق و إفساده.
تعريف السحر :

من تعاريف السحر الدقيقة أنه عمل يتقرب فيه إلى الشيطان بمعونة منه، الدين تقرب إلى الله، السحر تقرب إلى الشيطان.
تعريف آخر: السحر عزائم، و عقد يؤثر في القلوب والأبدان، أحياناً الإنسان إذا أصابه مس من الشيطان تضعف قواه، لا يقوى على أن يقف، تغلب عليه السوداوية و التشاؤم والكآبة، و يكاد يخرج من جلده من الضغط النفسي الذي يحدثه الشيطان على ابن آدم، لكن يكاد يكون أكبر هدف للسحرة الذين يتعاونون مع الشياطين إفساد العلاقة بين الزوجين.

هدف الشيطان الأول أن يرغب الإنسان بغير زوجته :

الشيء المؤلم أشد الألم، و أنا لا أبالغ و الله في كل مئة أسرة مسلمة سبعون أو ثمانون أسرة مفككة بفعل الشيطان، هدف الشيطان الأول أن تكره زوجتك، أو أن تمل منها، أو أن تقول: إنني لا أشعر معها بشيء، و هدف الشيطان الأول أن يرغبك بغير زوجتك، حتى إن كل الأعمال التي توصف بأنها أعمال فنية هدفها أن يكره الإنسان زوجته، و أن يتجه إلى غير زوجته، وهذا من فعل الشيطان، والذي يقطع هذا الموضوع كلياً أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( الحمد لله الذي رزقني حبّ عائشة ))
[ ورد في الأثر]
وأنا أدعو كل زوج أن يبذل المستطاع كي يحب زوجته، و كي تحبه زوجته، هذا هو الذي يرضي الله وحده، و ما سوى ذلك لا يرضي الله، لأن الله عز وجل حينما قال: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
[ سورة الشورى: 29]
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
[ سورة فصلت: 37]
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
[ سورة الروم: 21]
فالذي لا يحب امرأته، و لا تحبه امرأته، والذي يشعر أن بين الزوجين شرخاً كبيراً ومللاً وسآمة وضجراً هذا البيت بخلاف منهج الله عز وجل.

أراد الله من الزوجين أن تسود بينهما المودة و الرحمة، لذلك قال تعالى:
﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
أي أهل الإيمان كل مودتهم ومحبتهم وإخلاصهم لزوجاتهم، وأهل الفسق والعصيان كل محبتهم ومودتهم لغير زوجاتهم.
شرس إلى أبعد الحدود مع زوجته، قاس إلى أبعد الحدود مع زوجته، متجهم مع زوجته، وأحلى وألطف عبارة يسوقها لمن لا تحل له، في البيوت، في اللقاءات ، في الاحتفالات، في السفر، في النزهات، في العمل، في الوظيفة، كل لطافته، ومودته، ورقته، ونعومته، واعتذاره الشديد، وابتسامته، والتعليقات اللطيفة التي يسوقها لغير زوجته، وكل غلاظته لزوجته، هذا الواقع لأن الشيطان فعل فعله، الآية صريحة:
﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
العقد المحكمة التي أرادها الله عز وجل يريد الشيطان لها أن تكون مفككة :
ثم في قوله تعالى:
﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾
[ سورة الفلق: 4]

الآية لها معان كثيرة، من معانيها: أن هذه العقد المحكمة التي أرادها الله:
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾
[ سورة النساء: 21]
هذه العقدة التي ينبغي أن تكون محكمة يريد الشيطان لها أن تكون مفككة، لذلك مرة السيدة عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت له: (( كيف حبك لي؟ قال: كعقدة الحبل ))
أي عقدة لا تفك، فأصبحت كلمة العقدة رمز بينهما، تسأله من حين لآخر: كيف العقدة؟ يقول عليه الصلاة و السلام: (( على حالها لا تزال متينة ))
.
مرة فيما تروي الأحاديث الصحيحة أن السيدة عائشة روت للنبي الكريم قصة أبي زرع، حدثته عن أخلاقه، وعن طيبه، وعن مؤانسته، وعن، و عن، و جعلته الزوج الأول، إلا أنها قالت في النهاية: غير أنه طلق امرأته، فقال عليه الصلاة والسلام: أنا لك كأبي زرع، غير أني لا أطلقك.
أحياناً أخواننا الكرام، وهذا شيء أنا ألاحظه كثيراً، أن الزوج لا يحلو له المزاح مع زوجته إلا بالزواج الثاني، هو لا ينتبه، هو يمزح، لكنه بهذا المزاح يهز كيانها، يزلزلها، يجعلها قلقة، هذا مزح يؤذي، قال لها: غير أني لا أطلقك، طمأنها، يوجد أزواج كثر لا يحب أن يطمئن امرأته أبداً، دائماً في قلق، كلما ارتاحت يمزح.
أيها الأخوة الكرام، من تعريف الإمام القرطبي للسحر أنه حق، السحر حق، بمعنى واقع، لكن غير مشروع، محرم، الزنا حق، ما معنى الزنا حق؟ أي واقع، يوجد زنا غير أنه محرم، يخلق الله عند السحر ما يشاء.
الكرامة و المعجزة :
أخواننا الكرام، الأنبياء كي يشهد الله لهم أنهم أنبياء، و أنهم مبعوثون من قبل الله عز وجل يعطيهم المعجزات، فكل خرق للعادات يجري على يد الأنبياء هو من نوع المعجزات، و الأنبياء مكلفون أن يتحدوا الناس بالمعجزات، وكل خرق للعادات يجري على أيدي الأولياء، فمن هو الولي بالمعنى القرآني؟ تعريف دقيق جداً:
﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
[ سورة يونس:62-63]
لا يوجد أي حاجة ليطير الشخص حتى يصبح ولياً، قال له: سيدي الشيخ يطير؟ قال له: نعم، لكن ليس هو الذي يطير، إنما أخوانه يطيرونه، أي يكذبون، الولي لا يوجد حاجة لأن يمشي على وجه الماء، و لا بحاجة إلى أن يطير في الهواء، و لا أن يخرق العادات: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
[ سورة يونس:62-63]
هذا المعنى الدقيق للولي، لكن إذا أراد الله أن يكرم ولياً ما يجري على يده بعض الخروق للعادات، الولي ممنوع أن يذكر هذه الكرامات، لأنه غير معصوم، فإذا ذكرها كذبه الناس، لذلك أنا أرى أن الكرامة ينبغي ألا تروى، و ألا تكذب، فإذا أجري خرق للعادات على يد غير الأنبياء فهي الكرامات.
السيدة مريم نبية؟ لا، صدّيقة، فحينما ولدت سيدنا عيسى من غير أب هذه كرامة هل بالإمكان أن ننكرها؟ أهل الكهف هل هم أنبياء؟ لا:
﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾
[ سورة الكهف: 25]
إذاً إن جرى خرق العادات على يد الأنبياء فهي المعجزات، و إن جرى خرق العادات على يد الأولياء بالمفهوم القرآني فهي الكرامات. أعظم كرامة يكرم الله بها الإنسان هي كرامة العلم :

لكن أروع ما في الموضوع أن أعظم كرامة يكرمك الله بها العلم، كرامة ما بعدها كرامة، و هذه الكرامة لا تحتاج إطلاقاً إلى خرق للعادات، من قوله تعالى:

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾
[ سورة النساء: 113]
لذلك خرق العادات على يد الأنبياء معجزات، و على يد الأولياء كرامات، و خرق العادات على يد السحرة ضلالات، و قد يكون هناك خرق للعادات السبب أن الجن الذين يتعاونون مع الساحر، عندهم قدرات لا يملكها البشر، كتخطي المسافات، و استراق المعلومات، و ما إلى ذلك، فلذلك الشيطان الذي يتولى هذا الساحر يمده بمعلومات لا من غيب المستقبل أبداً، و لكن من غيب الحاضر، أو غيب الماضي عن طريق قرين الإنسان من الجن. الشيطان الذي يمد الساحر بالمعلومات لا يمكن أن يتنبأ بالمستقبل لعدم معرفته بالغيب :
لا يمكن للساحر أن يتنبأ بالمستقبل، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، قولاً واحداً:
﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ﴾
[ سورة الأنعام: 50]
عندما كلف سيدنا سليمان الجن بأعمال شاقة، و مات، و هم مجهدون بأعمالهم الشاقة، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾
[ سورة سبأ: 14]
فالشيطان الذي يمد الساحر بالمعلومات لا يمكن أن يتنبأ بالمستقبل، إلا أن غيب الحاضر ممكن، أنت جالس في دمشق، قد ينتقل الشيطان من حلب إلى دمشق بزمن قصير جداً، فقد يخبر هذا الساحر أنه حدث بحلب كذا، هذا اسمه غيب الحاضر، و غيب الماضي عن طريق استحضار قرين هذا الإنسان، فقد يدعون أنهم يحضرون أرواح الموتى، هم لا يحضرون أرواح الموتى، ولكنهم يتصلون مع قرين الميت، فيعطي دقائق حياته اليومية، فيتوهم الإنسان أن هذا من نوع استحضار أرواح الموتى، وهو كذب بكذب.
أي قد يخرق على يد الساحر بعض العادات، هذه اسمها ضلالات.
للسحر أثر في القلوب بالحب والبغض وإلقاء الشرك :
صار هناك معجزة، وكرامة، و ضلالة، على يد مؤمن مستقيم طاهر كرامة، على يد نبي مرسل معجزة، على يد ساحر ضلالة، هذا ينقلنا إلى أن كل شيء حيادي، لأن الإنسان مخير، حتى خرق العادات يمكن أن يكون كرامات، أو أن يكون ضلالات، و يوجد تعريف آخر للسحر: أنه حيل صناعية يتوصل بها إلى اكتساب المال، غير أنها لدقتها لا يحسنها إلا آحاد الناس، قال تعالى:

﴿ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ﴾
[ سورة الأعراف: 116]
أنا حدثني صديق أنه ذهب إلى الهند فرأى ما يلي: رأى ساحراً، و معه غلام، و مع الساحر حبل طويل، فألقاه إلى الأعلى، فعلق، فصعد الغلام، حتى اختفى، أمره أن ينزل فلم ينزل، فتبعه الساحر، و بعد حين وقع رأسه، ثم يده، ثم يده، ثم جسمه، شيء لا يصدق ، جاء وفد صحفي، و صور، لم يجد في الفيلم شيئاً، هذا معنى قول الله عز وجل: ﴿ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ﴾
[ سورة الأعراف: 116]
لا ينكر أن السحر له أثر في القلوب بالحب والبغض، وإلقاء الشرك، فالساحر مهمته الأولى التفريق بين المرء و زوجه، و أن يحول بين المرء و قلبه بإدخال الآلام، و عظيم الأسقام، و هذا مدرك بالمشاهدة، و إنكاره معاندة، السحر واقع. حكم السحر :
الآن إخواننا الكرام: حكم السحر: السحر محرم قطعاً، و قد نص أصحاب الإمام أحمد أن يكفر المرء بتعلمه وتعليمه، أي يخرج من ملة الإسلام بتعلمه وتعليمه، فأين قول العوام تعلم السحر و لا تعمل به؟ لا أصل له، و الإمام مالك والإمام أبو حنيفة صرحوا أن الساحر كافر، واعتمدوا على بعض أقوال النبي، أنه من سحر فقد كفر، أي تعاون بين الإنس وشياطين الجن هو سحر، و السحر كفر، و السحر معصية.

أيها الأخوة الكرام، جملة القول أن السحر علم حرمه الله تعالى على الإنس، فيه تمويه، وتخييل، و أحياناً خفة يد، وقد يكون بالأدوية، والأدخنة، والتعاويذ المحرمة، وقد يكون بالاستجارة بملوك الجن، وأربابه، بكلمات وعبارات معينة ذات معنى لديه، لإيقاع الأذى في النفوس، و الممتلكات، و لإفساد الصلات، و الروابط، و العلاقات، يوالي فيه مردة الجن أشرار الإنس، لما يحصل لهم فيه من بذل الخضوع من الإنس، و صرف العبادة للجن بدل الله عز وجل، لذلك الآية الجامعة المانعة الواضحة الصارخة المتعلقة بالعلاقة بين الجن والإنس:

﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
فظلمة الجن يتمكنون من ظلمة الإنس، أما الإنسان المستقيم الطاهر المؤمن المتصل فـ: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
المؤمن في حصن حصين، وحرز حريز، و الذي مسه طائف من الشيطان معه سلاح فتاك، الاستعاذة بالله عز وجل. أنواع السحر :

أيها الأخوة الكرام، أنواع السحر: هناك سحر الكذابين الذين كانوا يعبدون الكواكب السيارة، ويعتقدون أنه تبدل العالم، و أنها تأتي بالخير و الشر، و هذا هو التنجيم، ألا تستمعون إلا كلمة (منجمون )؟ المنجم هو الذي يعتقد أن الكواكب السيارة هي تدير العالم، و تأتي بالخير و الشر، إذاً تعبد من دون الله
يوجد عندنا سحر لا علاقة له بالجن، مصطلحه الحديث التنويم المغناطيسي، له شخصية قوية جداً، فإذا حدق في إنسان نومه، و أخضعه، هذا الموضوع ورد في علم النفس بشكل مفصل، هذا سماه العلماء المسلمون سحر أصحاب الأوهام و النفوس القوية، هذا أيضاً لا علاقة له بدرسنا، أما السحر الذي يبنى على الاستعانة بالأرواح الأرضية، و هم الجن، هو المعني بهذا الدرس، السحر أن يستعين الساحر بشياطين الجن، إذا شخص ربط فرضاً بكمه من الداخل مطاطة، و ربطها بعملة، و أمسكها، ثم تركها، فاختفت، أين ذهبت؟
هذا لا علاقة له أيضاً بالدرس، هذه يسمونها خفة يد، و شعوذة، و أبواب سيما، إنسان عنده مهارة فائقة قد يتصرف هذه التصرفات، فنحن لا يعنينا من الدرس خفة اليد، و أبواب سيما، و المهارات الفائقة جداً، كما أنه لا يعنينا موضوع القوة النفسية، و التنويم المغناطيسي، كما أنه لا يعنينا المنجمون الذين يعتمدون على الكواكب في التنبؤ بالمستقبل، و لكن يعنينا من موضوع السحر العلاقة بين إنسان ساحر و بين شيطان من الجن، هذا الدرس.

سحرة فرعون كيف سحروا أعين الناس؟ يوجد تفاصيل وردت في الكتب، جاؤوا بأنابيب مطاطية، و لونوها على شكل ثعابين، و وضعوا فيها الزئبق، ثم وضعوا هذه الثعابين فوق سطح ساخن، فالزئبق تمدد بالحرارة فاضطرب؛ عندما اضطرب اضطرب معه الثعبان، فقال تعالى:

﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾
[ سورة طه: 66]
هذه نسميها أعمالاً عجيبة، آلات دقيقة، أو أن نستخدم أدوية معينة لها تأثير معين، تأثير تخديري، تأثير إنعاشي مثلاً، الآن يوجد مخدرات، الذي يتناول المخدرات يرى نفسه فوق البشر، يصعد في السماء، يقع بأوهام كبيرة جداً من فعل المخدر، أو يوجد من نشاطات السحرة الإيقاع بين الناس، أنه قرأ بالفنجان أن فلاناً عدوك اللدود يتربص بك، يكيد لك، فحينما تفسد العلاقات بين الناس فهذا أحد أكبر أهداف السحرة و المشعوذين.
إذاً هناك فرق بين السحر الذي هو بمعنى التمويه، و التخييل نتيجة لخفة اليد، و الحيلة، والدهاء، و بين ما هو سحر بالاتصال بمردة الجن الذين يتصلون بالكهان، والمنجمين، والسحرة، والمشعوذين، عن طريق تعاويذ غير شرعية، وهذا الذي يمكن أن يكون موضوع هذا الدرس إن شاء الله.
السحر كفر بنص القرآن الكريم :
القرآن الكريم:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
سيدنا سليمان ما فعل السحر، و ما كفر سليمان، أصبح السحر كفراً، و لكن الشياطين كفروا، هذا أول حكم؛ السحر كفر. استمتاع الجن بخضوع الإنس لهم :
الآن:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي أضللتم أناساً كثيرين: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
و تحدثت في دروس سابقة عن موضوع الاستمتاع بين الجن و الإنس، الإنس يستمتعون بأن يأخذوا بعض المعلومات يتباهون بها، أو تأتي على أيديهم بعض خرق العادات، و الجن يستمتعون بخضوع الإنس لهم، استكثرتم من الإنس، أي أضللتم منهم كثيراً.
في سورة يونس:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾
[ سورة يونس: 81]
أي مستحيل و ألف ألف مستحيل أن ينجح المفسد في إفساده، يشوش، يعمل شيئاً، أما أن ينجح النجاح المطلوب فهذا مستحيل، في سورة طه: ﴿ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾
[ سورة طه: 69]
لا يفلح، ولا ينجح. ﴿ قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾
[ سورة يونس: 77]
الإنسان الذي يتعامل مع السحرة إنسان أفاك أثيم كاذب :
أيها الأخوة الكرام: آخر دليل قرآني:
﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ*تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾
[ سورة الشعراء: 221-222 ]
كذاب منحرف: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾
[ سورة الشعراء: 221-223 ]
صفة جامعة مانعة، فالذي يتعامل مع السحرة، أو الساحر الذين يتعامل مع شياطين الجن، أفاك أثيم كاذب. السحر أحد أكبر الكبائر وهو نوع من الشرك :
الآن بالسنة، أخرج الإمام البخاري و مسلم في صحيحهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ))
[متفق عليه عن أبي هريرة]

السحر أحد أكبر الكبائر، طبعاً الساحر كما يرى بعض العلماء هو نوع من الشرك، لذلك ينبغي أن يستتاب قبل أن يعاقب.
الآن: عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ يُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ))
[ مسلم عَنْ صَفِيَّةَ ]
صلاة أربعين يوماً لا تقبل إذا جاء كاهناً فسأله و صدقه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))
[ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ ]
و النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (( ليس منا من تطيّر أو تطيّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو تسحر أو سُحر له))
[المنذري ورواه الطبراني باسناد حسن عن ابن عباس مرفوعاً ]
أسئلة و أجوبة :
س ـ هل يمكن للساحر التنبؤ بحقائق علمية مخبأة و غير مكشوفة عن طريق الجن؟
ج ـ إذا كانت الحقائق من اختصاص الجن يمكن، و إذا كانت الحقائق متعلقة بالحاضر أو الماضي ممكن، الشرط أن تكون من اختصاص الجن و تتعلق بالحاضر أو الماضي.

س ـ هل هناك علاقة بين البشر و الجن المسلم؟
ج ـ لا، لأن العلاقة أساسها الإضلال و الإفساد، و الجني المسلم لا يفعل هذا، و الإنسان ليس بحاجة إلى الجن أبداً، لذلك أية علاقة بين الإنس و الجن هي علاقة محرمة و آثمة، والعلاقة حصراً مع شياطين الجن.

س ـ سواء أصدقت أن النبي سحر أو لم تصدق كلاهما سيان؟
ج ـ إما أنه سحر و لم يؤثر فيه السحر، أو أنه لم يسحر، تماماً كمركبة مضادة للرصاص إما أنه أطلق عليها الرصاص فلم تتأثر، أو لم يطلق، فأنت حر، يوجد طبعاً حديث آحاد أنه سحر، و يوجد آيات كثيرة: و ما أنت من المسحرين.
فعلى كلٍّ القضية بالخيار، أي سواء أصدقت أنه سحر ـ السحر لم يؤثر فيه إطلاقاً ـ أو لم تصدق كلاهما جائز دون أن ندخل في التفاصيل، و أوضح مثل سيارة مضادة للرصاص، سيان أنه قد أطلق عليها الرصاص فلم تتأثر أو لم يطلق، لكن بشكل عام حينما يحفظ الله شيئاً لا يعني أنه لا تجري محاولة للنيل منه، حينما يحفظ الله قرآنه لا يعني أنه يستحيل أن تطالعنا الصحف و الأخبار المعلوماتية أن هناك فرقاناً يؤلف في أمريكا، و أن من آياته يا محمد أأنت أضللت عبادي؟ يقول: يا ربي أنا ضللت فأضللتهم.
ليس من لوازم حفظ الله للقرآن ألا تجري محاولة لتغييره لكنها لا تنجح، هذا المعنى.
س ـ المسلم الذي يداوي إنساناً من مسّ الجن له هل هو كذاب أم صادق؟
ج ـ إذا دلّه على الله و قرأ له القرآن صادق، أي إذا اتبع الأساليب التي أمر بها القرآن، وأمر بها النبي، لا يوجد عليه شيء أبداً، أما احضر ديكاً أسوداً، و خاروفاً بقرنين، وزنه يعطيه وزناً خيالياً، سعره مرتفع، و يعطيه كلمات لا معنى لها إطلاقاً، و يدخل لغرفة فيها بخور و دخان، و لا يوجد بها إضاءة أبداً، فهذا كله كذب، أما إذا قال له: اقرأ القرآن، اتصل بالله عز وجل، ادع الله بقلب حاضر، أكثر من ذكر الله عز وجل، اقرأ البقرة، اقرأ آل عمران، اقرأ المعوذتين، اقرأ آية الكرسي، كن مع الله، هذا شيء لا يوجد به شيء.
والحمد لله رب العالمين










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-17, 19:54   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (7-7) : مدافعة السحر بالطريق الشرعي



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الطريق الشرعي هو الطريق الوحيد لمكافحة السحر ومدافعته :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع من دروس النهي عن التعامل مع السحرة والمشعوذين والجن.
أيها الأخوة الكرام، كان موضوع الدرس السابق الحديث عن السحرة، واليوم ننتقل إلى موضوع جزئي من هذا الموضوع الكبير، ألا و هو: أن مدافعة السحر لا تصح إلا بالمعالجة الشرعية.

هناك ألف أسلوب وأسلوب، وألف طريقة و طريقة، أساسها الدجل، والشعوذة، والكذب، والخرافة، لكن لمكافحة السحر ومدافعة السحر طريقاً وحيداً هو الطريق الشرعي، يقول أحد كبار العلماء: من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم، بل هو مطيع لله و رسوله في نصر المظلوم، و إعانة الملهوف، و التنفيس عن المكروب.
أي إذا لجأ إنسان وقع السحر عليه، أو إنسان أصابه مسّ من الجن، لجأ إلى عالم رباني يعرف الله، يعرف تفاصيل منهج الله، يعرف الوسائل الشرعية، و طبق هذا العالم الوسائل الشرعية في مدافعة السحر فلا شيء عليه، بل إنه قدم خدمة كبيرة لهذا المسحور، أو للذي أصابه مس من الجن.
الطريق الشرعي أيها الأخوة ليس فيه شرك بالخالق، الحقيقة الكبرى الأولى والأخيرة أن أيّ جهة في الأرض لا تستطيع أن تمسك بأذى إلا إذا أراد الله:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102 ]
فعلاقتك في موضوع السحر وموضوع مس الجن مع الله وحده. الله عز وجل يعاقب الإنسان بمسٍّ من الجن إما لغفلته أو لتقصيره :
اليوم جاءتني رسالة بالبريد الإلكتروني من رجل يسأل أن زوجته لها تصرفات غير معقولة إطلاقاً، غير مقبولة، وغير مألوفة منها سابقاً، فأخذها إلى أطباء كثر، أكثرهم قال: معها مس من الجن، كلامها غير معقول، تصرفاتها غير معقولة، امتناعها عنه غير معقول، تهجمها عليه غير معقول، فالأطباء النفسيون أجمعوا على أن مساً من الجن أصابها، طبق بعض التعليمات الشرعية، يقول: الشيء الذي لا يصدق أنها عادت إلى ما كانت عليه من رقة، ومن لطف، ومن عقلانية، ومن توازن.
أحياناً الله عز وجل لحكمة بالغة يعاقب إنساناً - وهو العدل - بمس من الجن، إما لغفلته، أو لتقصيره، أو لانغماسه في معصية لم يعلم بها أحد، أو ما شاكل ذلك، هذا المس من الشيطان، أو المس من الجن، والشياطين كفرة الجن، أو تأثير السحر على هذا الإنسان لا يدفع إلا بالطريق الشرعي.
آية الكرسي من أعظم ما يُنتصر به على الجن :

الطريق الشرعي الأول والأخير الاستعاذة بالله عز وجل:

﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
[ سورة الأعراف: 200]
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ﴾
[ سورة الأعراف: 201]
فمس الشيطان يذكر بالله، مس الجن يستعيذ بالله، الاستعاذة بالله وذكر الله المؤدى واحد، إلا أن التفاصيل هنا نستعيذ بالله بقراءة المعوذتين، وآية الكرسي، والصلاة، والدعاء، هذا كله يقوي الإيمان، ويجنب الذنوب و العصيان.
يقول بعض العلماء: و من أعظم ما ينتصر به على الجن آية الكرسي، ومع هذا فقد جرب المجربون الذين لا يحصون قراءة آية الكرسي على من أصابه مس من الجن فوجدوا لها تأثيراً عظيماً في دفع الشياطين عن نفس الإنسان، و في دفع الجن عن نفس المصروع .
مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
أيها الأخوة الكرام، إذا قرأت آية الكرسي على هؤلاء الذين مسهم الشيطان، أو مستهم الجن، أو من وقع السحر عليهم، أو تلقوا أذى من أعوان الشياطين، أحياناً هناك شيطان من الإنس، إنسان قد يكون زميلك في العمل، وقد يكون جارك في السكنى، وقد يكون قريبك، وهو مع الشياطين، أحياناً يضيق عليك، يبتغي أن ينالك بأذى دون أن يناله شيء، هذا أيضاً مسّ من شياطين الإنس، إذا قرأت على هؤلاء جميعاً آية الكرسي بصدق دفعت عنهم الشياطين، بصراحة أقولها لكم: مفهوم الشيطان غير وارد عند معظم الناس، أو عند معظم المسلمين، مفهوم أنه يوجد مخلوق يكيد لك، يبغضك بزوجتك، يوقع بينك وبين أخيك العداوة والبغضاء، يدفعك إلى الشر، يدفعك إلى الغضب، يدفعك إلى البطش، يجعلك ثوراً هائجاً، هو شيطان:
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
[ سورة البقرة: 168]

و الله أيها الأخوة، كلما وقعت عيني على صورة إنسان يسرق لجريمة ارتكبها أقول: هذا من عمل الشيطان، دفعه إلى سرقة، والسرقة تحولت إلى قتل، و القتل انتهى به إلى حبل المشنقة، هذا من عمل الشيطان.
تكاد تكون معظم حالات الطلاق التعسفي من عمل الشيطان، تكاد تكون انهيارات الشركات من عمل الشيطان، شريك متعنت يريد أن يأخذ ما ليس له، و يستخدم قوته على شريكه الآخر، فتتحطم الشركة، وقد يرجى منها نفع كبير، فلا تظن قضية الشيطان قضية موجودة في الكتب، قضية الشيطان مع كل إنسان، في كل لحظة، و كل بيت، لو أن إنساناً دخل إلى البيت، و لم يسلم يقول الشيطان لإخوانه: أدركتم المبيت، لو جلس إلى الطعام فلم يسمِّ يقول: أدركتم العشاء، فإذا دخل، و لم يسلم، و جلس، و لم يسمِّ قال: أدركتم المبيت والعشاء.
تجد بيتاً فيه نكد، كيفما تحركت الزوجة تنتقد، و كيفما تحرك الزوج ينتقد زوجته، والملاسنة، وتراشق التهم أمام الأولاد، والشحناء والبغضاء، لأن الشيطان في البيت، هذا بيت كالقبر، لا يصلى فيه، لا يقرأ القرآن فيه، لا يسبح الله فيه، لا يمجد الله فيه، لا يستغفر الله فيه، إذا دخلت البيت، وقلت: السلام عليكم و رحمة الله ولى الشيطان، أنا مضطر أن أتكلم بصراحة.
أعيد وأقول: مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين، مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾
[ سورة الإسراء: 53]
الشيطان مسؤول عن إفساد العلاقة بين الناس :
يتضح لي من خلال ما يجري أنّ أيّ زوج حلف على زوجته طلاقاً معلقاً ألا تذهب إلى بيت أختها، فإذا ذهبت إلى بيت أختها فهي طالق، سبحانك يا رب! لا يحلو لهذه الزوجة إلا أن تذهب إلى بيت أختها، و تضحي بزوجها، و تضحي بحسن العلاقة مع زوجها، مئات الحوادث، آلاف الحوادث، يمين حلفه الزوج على زوجته، هذه الزوجة لأن الشيطان معها لا يحلو لها شيء إلا أن تكسر يمينه.

أحياناً نصيحة يوجهها الأب لأولاده، فإذا وجد بين الزوج والزوجة خصومات تعطي العكس لابنها وابنتها، الأب ينصح فتعطي العكس، إن دعا أولاده إلى الصلاة فتقول الزوجة: دعهم متعبون، إن دعاهم إلى الذهاب معه إلى المسجد ترفض الزوجة، شيطان، أحياناً الزوج شيطان، وأحياناً الزوجة شيطان، يقول لك: أخلاقها سيئة، لأن معها شيطان، الشيطان يعرف بالضبط كيف يفسد العلاقة بين الزوجين، يعرف الشيطان كيف يفسد العلاقة بين الشريكين، بين الجارين، كلمات قاسية، ملاحظات قاسية، تجهم أحياناً، تجد الرجل لطيفاً، ابتسامته على فمه، لطيف المعشر، إذا دخل البيت انقلب إلى وحش، ما الذي حصل؟ هذه زوجتك، هؤلاء أولادك، من لهم غيرك؟ ابتسامتك لمن؟ لزوجتك، لو أن زوجاً له عمل وظيفي، ويوجد موظفات، لا يوجد ألطف منه مع الموظفات، بكل احترام، بكل مودة، بكل أدب، بكل تواضع، ينتقي أجمل الكلمات، مع زوجته ينتقي أصعب الكلمات، أقسى الكلمات، أحياناً الشيطان يمنعك أن تشكر، بيت نظيف، طبخ جيد، أولاد مرتبون، انتهى الأكل فقط، و ليس السلام عليكم، الله يعطيك العافية، جزاك الله خيراً، الله أكرمني بك، تجد كلمة كالصخر.
والله يا أخوان، أنا متألم جداً حين أسمع من أخواننا بالهاتف وبشكاوى مكتوبة أن بيوت مسلمين جحيم لا يطاق، هذا قدر؟ هذا خطأ و ليس قدراً، ألا تستطيع أن تكون زوجاً راقياً؟ زوجاً مهذباً؟ زوجاً لطيفًا؟ زوجاً متسامحاً؟ زوجاً عطوفًا؟ زوجاً رحيماً؟ ألا تستطيعي أيتها الزوجة أن تكوني واعية؟ كسب المال صعب جداً، عقبات، و متاعب، وضغوط، و قوانين، هي مرتاحة، تريد كل حاجاتها بلا تلكؤ، لا تعذر زوجها، ضغطها الشديد أحياناً يخرجه من اتزانه، يوجد بالمنزل شيطان، إما مع الزوج، أو مع الزوجة، أو معهما معاً.
بيوت المسلمين جحيم لا يطاق، لا يوجد ود، لا يوجد محبة، لا يوجد احترام للأب، لا يوجد احترام للأم، لا يوجد اهتمام بالأولاد.
أكبر هدف للشيطان التفريق بين الناس :

مرة ثانية، مفهوم الشيطان مفهوم ضبابي عند معظم الشياطين، أحياناً تجد إنساناً يندفع إلى الأذى دون أن يربح شيئاً، أحياناً تقع مصائب كبيرة بسبب كلمة، بسبب غفلة بسيطة، لذلك قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إذا دخلت بيتك، إذا خرجت من بيتك فقل: اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضل، أو أن أَزل أو أُزل، أو أن أظلم أو أن أُظلم، يوجد دعاء لدخول البيت، ودعاء للخروج منه، يجب أن تعلم أن أكبر هدف للشيطان التفريق بين الزوجين وبين الأخوين، و بين الشريكين، و بين الجارين.
حينما يكون المجتمع ممزقاً فهذا من أهداف الشيطان، والمجتمعات الآن أيها الأخوة ممزقة والله، آية الكرسي إذا قرأت بصدق وإخلاص، إذا كانت مقروءة بقلب حاضر، فإن الشيطان يولي دبره.
سبحانك يا رب! لا يوجد إنسان معصوم، أحد العلماء يرى أن هذا المصروع من أجل أن يخرج منه الجني ينبغي أن يضرب ضرباً مبرحاً كثيراً، قال: هذا الضرب ليس له، للجني، فتساءل عالم آخر، قال: ما الدليل؟ لم يرد هذا لا في القرآن ولا في السنة، تقتله قتلاً حتى تميته! وتقول: وأنا أعالجك، الله ذكر الدواء، فاتعظ بالله، ولم يذكر الضرب، وأنا أسمع هذا كثيراً، كل إنسان يذهب إلى من يُظن أنه يصرف عنه الجن، يضربه ضرباً مبرحاً، و قد يكون الضرب فوق طاقة احتماله، قال: هذا ليس له أصل إطلاقاً.
الآيات الكريمة التي يستعان بها لمن أصابه مس من الجن أو سحر الساحر :
1 ـ سورة الكرسي :

فضلاً عن آية الكرسي يفضل أن نقرأ لهذا الذي أصابه مس من الجن، أو أصابه سحر الساحر، أو أصابه مس من شياطين الإنس، الآن شياطين الإنس أبلغ أثراً من شياطين الجن، شياطين الإنس أخطر من شياطين الجن، تجد فرضاً طفلاً بريئاً شاباً سهر مع رفاقه، شرب كأساً من الشاي فيها مخدر، بدأ كل شيء يملكه اشترى فيه مخدرات، بعد ذلك تدين، ثم سرق، ثم سمح لصديقه أن يواقع أخته من أجل ثمن المخدر.
والله يوجد قصص أيها الأخوة عن المخدرات يشيب لهولها الولدان، هذا شيطان، فالإنسان يجب أن يكون في أعلى درجة من اليقظة:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
مرة ثانية: (( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
لا تدخل بيتًا لا تعرفه، ولا تدخِل أحداً إلى بيتك، و أنت لا تعرفه. 2 ـ الفاتحة و المعوذات :
الآن الفاتحة: يروي الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه، إذا ترضينا عن إمام محدث فمن باب الدعاء، و إن ترضينا عن صحابي جليل فمن باب التقرير، لأن الله سبحانه و تعالى قال:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾
[ سورة الفتح: 18]
فرق كبير بين أن تقول: رضي الله عنه دعاء أو تقريراً ـ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: (( كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ، ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ ))
[ البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ]

حديث آخر عن فضل الفاتحة، والحديث أيضاً في الصحيحين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(( انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ - أي طلبوا أن يكونوا ضيوفاً عندهم - فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ - رئيس هذه القبيلة لدغ إما بأفعى أو بعقرب - فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ - نشط و استعاد حيويته و قوته - فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ ـ أعطوهم -جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية :
استنبط العلماء من هذا الحديث أنه يجوز أن تأخذ أجراً على رقيك، يوجد حديث آخر عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:
(( أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - الذي لدغ بعقرب، أو بحية، لكن السليم هو اللديغ، تفاؤلاً له بالسلامة - أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا، أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ - ما قرأها على الشاء قرأها على الملدوغ لكن بأجر قدره شاء - فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا ؟ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ))
[ البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]
في الرقية فقط، حديث آخر والحكم خاص، ولا يقاس عليه أبداً، في موضوع الرقية يجوز أن يأخذ الراقي أجراً على رقيه، عند الصحابة معلوم لديهم أن أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية، كما فهم أصحاب النبي رضوان الله عليهم حين قالوا لنبيهم صلى الله عليه و سلم: أخذ على كتاب الله أجراً، وبما سمعوا من كتاب الله قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾
[ سورة المائدة: 44]
إذاً فليحذر الذين اتخذوا تلاوة القرآن صنعة لهم يلبون بها حاجات الناس في المناسبات، ليحذر أن يكون كسبه غير مشروع. 3 ـ خواتيم سورة البقرة :

أيها الأخوة الكرام، حديث ثالث، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ))
[ مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ]
المعوذتان، وآية الكرسي، وفاتحة الكتاب، و خواتيم سورة البقرة، هذه الآيات، وتلك السور يرد بهما السحر، و يرد بهما المس، و يرد بهما كيد شياطين الإنس الذين هم من بني جلدتنا.
فضائل سورة الفاتحة :
روى الإمام أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ:
(( انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَحْلِهِ، وَدَخَلْتُ أَنَا الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَطَهَّرَ فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اقْرَأْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا ))
[ أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ ]
لازلنا في فضائل سورة الفاتحة، و روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي..... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا، وَإِنَّهَا لَلسَّبْعُ مِنْ الْمَثَانِي ))
[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
التواضع وعدم إظهار الزينة وعدم التفاخر والتباهي يرد الحسد :
أيها الأخوة الكرام، هذا الأسلوب الشرعي في مدافعة السحر والمس، ومدافعة شياطين الإنس، بالاستعاذة بالله تكون أقوى البشر، بالاستعاذة بالله تكون أعلم البشر، بالاستعاذة بالله تكون أغنى البشر، لكن سبحانك يا رب، يوجد أشياء كثر تردادها ترداداً لفظياً أجوفاً فارغاً ففقدت معناها، و فقدت قيمتها، مثلاً لو أن إنساناً أغضب إنساناً ماذا يقول الإنسان الذي أُغضب؟ أشهد ألا إله إلا الله، هل أنزلت هذه الشهادة من أجل أن تعبر بها عن غضبك؟ قد تسأل إنساناً ملحداً كيف الصحة؟ الحمد لله، تحمد من؟ يوجد كلمات من كثرة ما رددها المسلمون ترديداً ببغاوياً وترديداً أجوفاً وشكلياً فقدت معناها، أما أنت حينما تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قل: أعوذ برب الفلق من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، و من شر النفاثات في العقد، و من شر حاسد إذا حسد، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: عين الحاسد تضع الجمل في القدر، وتضع الرجل في القبر.

إذا تباهى إنسان بنعمة، و افتخر بها، و أراد أن يكسر قلوب من حوله بها، هكذا دخلي، هكذا ربحت، إلى هذا المكان ذهبت، بدأ يفتخر بما آتاه الله عز وجل ليستعلي على عباد الله قد تصيبه عين الحسود، لأنه غافل عندما مدح نفسه، و افتخر، و استعلى، و كبر نفسه، و استكبر، وأثار الحسد، فيأتي حاسد غافل فيحسده، فتصيبه العين، العين لا تدرأ أخطارها بكلمة: عين الحاسد تبلى بالعمى، لا، بهذا لا يرد الحسد، يرد الحسد بالتواضع، يرد الحسد بعدم إظهار الزينة، بعدم التفاخر، بعدم التباهي، بعدم الزهو، بهذا يرد الحسد، أما بوضع ورقة مكتوب عليها الحسود لا يسود، فهذا كلام لا يقدم و لا يؤخر.
أيها الأخوة الكرام، أنا أنصح أخوتي الكرام، طبعاً أسأل الله لي و لكم السلامة من الجن، أسأل الله لي و لكم السلامة من خرافات المخرفين، و من شعوذة المشعوذين، و من ضلال الضالين، و من كل فساد و تيه في الأرض، و لكن أنا أُعدّكم رسلاً لمن حولكم، وكل شخص منكم حوله أناس، فإذا وصل إلى سمعه مشكلات من هذا القبيل فليقف وقفة حازمة جريئة، و ليؤكد أن جهة في الأرض لا تستطيع أن تؤذي أحداً إلا بإذن الله، و أن طريق رد هؤلاء هو الاستعاذة بالله، و لا سيما قراءة الفاتحة، و المعوذتين، و آية الكرسي، و خواتيم سورة البقرة.
والحمد لله رب العالمين










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
امين, والسحر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc