رمضان فضائله وحال السلف معه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رمضان فضائله وحال السلف معه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-05-24, 19:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي رمضان فضائله وحال السلف معه

رمضان فضائله وحال السلف معه

الحمدُ للهِ الذي خصَّ بالفضلِ والتَّشرِيفِ شهرَ رمضانَ، وأَنزلَ فيه القرآنَ هُدى للناسِ وبيِّنات من الهدى والفُرقان، خَصَّه تعالى بالعفو والغفران، والعتق من النيران.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذُو الفضل والإنعام والإحسان، وأشهدُ أن محمدَّا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلّى اللهُ عليه وعلَى آلهِ وأصحابه وسلم تسليما كَثيرا على مر الدهور والأزمان.
أما بعد:
فرغبة مني في المشاركة في المنتدى المبارك واستكمالا لما تفضل به الوالد -حفظه الله- في مقاله (1) قصدت أن أجمع بعض فضائل هذا الشهر المبارك، وحال السلف معه من الآيات الشرعية والأحاديث النبوية و الآثار السلفية؛ حتى نشحذ بذلك هممنا لاستقبال هذا الشهر الفضيل، ونقبل عليه بجد واجتهاد، عسى أن نكون فيه من الغانمين الفائزين، ولا ندعي استقصاء الموضوع؛ لأن فضائل هذا الشهر أكثر من أن تذكر في هذا المقال، فاكتفينا بالأهم منها، سائلين من المولى العون والسداد وحسن المقصود و جزيل الثواب.
إن لله أزمنة وأوقات شرفها وخصها دون غيرها من الأوقات، ومن ذلك هذا الشهر رمضان المبارك، فقد فضله الله تعالى وميزه على غيره واختاره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (2) فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز وغيرها من الطاعات يرجون تجارة لن تبور .
فمن أراد الخير تحرى هذا الشهر وانتظر قدومه وسأل الله أن يبلغه إياه وهو في أتم الشوق للقائه.
-قال معلى ابن الفضل: (كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يقبل منهم) .
-وقال يحيى ابن أبي كثير : (كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا) (3)
-قال عبد العزيز بن مروان: (كان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان: اللهم قد أظلنا شهر رمضان، فسلمه لنا وسلمنا له، وارزقنا صيامه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط، و أعذنا فيه من الفتن.) (4)
- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدوم هذا الشهر فيقولُ: «قد جاءَكم شهر رمضان شهرٌ مباركٌ، كتبَ اللهُ عليكم صيامَهُ، فِيه تُفتَّحُ أبوابُ الجنّةِ، وتُغلقُ فيه أبوابُ الجحيمِ، وتُغلُّ فيه الشياطينُ، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم» (5)
ففي هذا الشهر ابتدأ نزول القرآن قال تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر" وقال أيضا "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال الحافظ ابن حجر: "ونزول القرآن في زمان بعينه يقتضي فضل ذلك الزمان "(6)
- وكان جبريل يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر فيدارسه القرآن فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ،وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، أَجْوَدَ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ"(7)
- وفي هذا الشهر ليلة هي خير من ألف شهر مما سواه مما ليس فيه ليلة القدر قال تعالى "ليلة القدر خير من ألف شهر " قال مجاهد وقتادة والشافعي وغير واحد وهو اختيار ابن جرير وابن كثير " أن العمل فيها خير من عمل ألف شهر" وهو كقوله صلى الله عليه وسلم "رباط ليلة في سبيل خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل") (8)
وقال صلى الله عليه وسلم« قد جاءَكم شهر رمضان شهرٌ مباركٌ، كتبَ اللهُ عليكم صيامَهُ، فِيه تُفتَّحُ أبوابُ الجنّةِ، وتُغلقُ فيه أبوابُ الجحيمِ، وتُغلُّ فيه الشياطينُ، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم»
- وفي هذا الشهر تصفد الشياطين وتغلق أبواب النيران وتفتح أبواب الجنان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"(9)
- وهو شهر لتكفير السيئات قال صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (10) وقال صلى الله عليه وسلم" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (11)
- وشهر رمضان شهر الصبر؛ وفيه جمعت أنواعه وأقسامه من صبر على طاعة الله وصبر عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبرا عما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع و العطش وضعف النفس و البدن وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه إذا احتسبه عند الله، كما قال تعالى في المجاهدين "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(12) )(13)
-كما أن هذا الشهر شهر الجهاد في سبيل الله وفيه حصلت غزوة بدر الكبرى التي أعز الله فيها الإسلام وأهله، وخذل فيها الشرك وحزبه وسمي يومها يوم الفرقان.
- وفيه حصل الفتح الأعظم الذي طهر الله فيه البيت الحرام من رجس الأوثان ودخل الناس فيه في دين الله أفواجا. أعظم ألا وهو تقوى الله -عز وجل- قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"(14)
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله "يخبر تعالى بما منَّ به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.
وفيه تنشيط لهذه الأمة، بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة، التي اختصيتم بها.
ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.
ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى. (15)
فالله غني عن جوعنا وعطشنا وغني عن صيامنا وقيامنا وعن أعمالنا كلها قال الله تعالى " لن ينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منكم "(16)
فتقوى الله هو المقصود أولا وآخرا وهو وصية الله للأولين و الآخرين "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم ان اتقو الله "(17)


ومن نعم الله تعالى التي امتن بها على عباده أن جعله الله هذا الشهر موسما للخيرات ومغنما لاكتساب الأعمال الصالحات، فهو شهر اجتمعت فيه أنواع من العبادات والطاعات لاتكاد تجتمع في غيره من مواسم السنة؛ من صيام وقيام وتلاوة للقرآن واعتكاف وزكاة فطر وعمرة فيه تعدل حجة وغيرها من الأعمال . . فنسأل الله أن يتولانا بحفظه وأن يوفقنا فيه لمرضاته



حال السلف في رمضان :
وللسلف في هذا الشهر الفضيل شأن آخر، فقد كانوا -رحمهم الله-أحرص الناس على أوقاتهم، باغتنام كل لحظة من لحظاته، وذلك لأن أيامه معدودة ولياليه محدودة.
قال ابن باديس رحمه الله :"عمر الإنسان أنفس كنز يملكه، ولحظاته محسوبة عليه وكل لحظة ثمرة معمورة بعمل مفيد، فقد أخذ حظه منها وربحها، وكل لحظة تمر فارغة، فقد غبن حظه منها وخسرها. وكذلك بدنه فهو أنفس آلة عنده، وإنما فائدة الآلة بالعمل، فإذا كانت الآلة، في عمل فهو ربح وزيادة، وإذا كانت في بطالة فهو في نقص وخسران، فالرشيد الرشيد، هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين، وتلك الآلة العظيمة، فعمر وقته بالأعمال، وداوم على استعمال ذاته فيها فربحهما، والسفيه السفيه من أساء التصرف فيهما فأخلى وقته من العمل، وعطل ذاته عن الشغل فخسرها" (18)
وقال الإمام ابن مفلح :" وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّمَانَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضِيعَ مِنْهُ لَحْظَةٌ فَكَمْ يَضِيعُ لِلْآدَمِيِّ مِنْ سَاعَاتٍ يَفُوتُهُ فِيهَا الثَّوَابُ الْجَزِيلُ، وَهَذِهِ الْأَيَّامُ مِثْلُ الْمَزْرَعَةِ، وَكَأَنَّهُ قَدْ قِيلَ: لِلْإِنْسَانِ كُلَّمَا بَذَرْت حَبَّةً أَخْرَجْنَا لَك أَلْفًا، هَلْ تَرَى يَجُوزُ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْ الْبَذْرِ أَوْ يَتَوَانَى" (19)
وقال موسى ابن اسماعيل في حماد ابن سلمة:"أنه كان مشغولا بنفسه أما أن يحدث وإما أن يصلي و إما أن يقرأ و إما أن يسبح كان قد قسم النهار على هذه الأعمال "(20)
وقال عبد الرحمن بن مهدي:" قال: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً.(21)
هكذا كان حال السلف في غير رمضان فما ظنك فيهم في هذا الشهر الذي هو أحرى ما يكون في اغتنام كل لحظاته وأوقاته في أ،واع البر والخير والعبادة:
كقراءة القرآن والانشغال به :
فمما هو ظهار اختصاص رمضان بالقرآن، وقد كان للسلف معه في هذا الشهرالنصيب الأوفر، كيف لا وقد ورد في تلاوته الأجر العظيم قال صلى الله عليه وسلم :" مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»(22)
وكان الإمام مالك -رحمه الله- إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن في المصحف .
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال :"إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام "
وقال عبد الرزاق :كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة و أقبل على قراءة القرآن "
وقد كان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين من رمضان، وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائما وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الأواخر في كل ليلة،
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها من غير الصلاة وعن أبي حنيفة نحوه .(23)

أما قيام الليل:
فقد كان رسول الله يطيل القراءة في قيام رمضان أكثر من غيره فقد ورد عن حُذَيْفَةَ أنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ لَمْ يَرْكَعْ، فَمَضَى قُلْتُ: يَخْتِمُهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَمَضَى قُلْتُ: يَخْتِمُهَا ثُمَّ يَرْكَعُ، فَمَضَى حَتَّى قَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» وَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» لَا يَمُرُّ بِآيَةِ تَخْوِيفٍ أَوْ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا ذَكَرَهُ"(24)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
وقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ أَحْيَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ»(25)
وكان عمر رضي الله عنه قد أمر أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما بالناس على شهر رمضان فكان القارئ يقرأ بالمأتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصى من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر وفي رواية أنهم كانوا يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها .
ثم كان في زمن التابعين يقرأون بالبقرة في قيام رمضان في ثمان ركعات فإن قرأ بها في اثني عشر ركعة رأو أنه قد خفف (26)
وانظر لتبكي على ما حال إليه أمر المصلين في هذا الزمان مع توفر كل وسائل الترويح في صلاة التراويح، وما من شأنه أداء هذه العبادة على أحسن حال وأوفاه، ثم ترى منهم من يتضجر وربما يصرخ داخل المسجد إن أطال الإمام في ركعة من الركعات عن القدر المعتاد-على قلته- وقد لا يرجع إلى ذلك المسجد للصلاة فيه، وأعجب منه من يتنقل بين المساجد طلبا للأخف والأيسر ولو تحمل لذلك مشاق الطريق وعناءه، فالله المستعان وعليه التكلان.

أما الجود والكرم :
فقد كان رسول الله أجود الناس وإذا دخل رمضان كان أجود بالخير من الريح المرسلة فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» (27) وفي رواية زاد فيها "لا يسأل عن شيئ إلا أعطاه "(28)
فالجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام"(29)
وقد ذكر الحافظ ابن رجب أنَّ لتضاعف جوده صلى الله عليه وسلم في رمضان بخصوصه فوائد كثيرة منها:
- قرب عهده بمخالطة جبريل وكثرة مدارسته له القرآن الذي يحث على المكارم والجود .
- ومضاعفة الأجر لشرف الزمان .
- وأن رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة و المغفرة .
- وأن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة.
- وأن الصيام لابد أن يقع فيه خلل ونقص فالصدقة تجبر مافيه من النقص و الخلل.( 30)
قال الشافعي رحمه الله :"أحب للرجل الزيادة بالجود والكرم في شهر رمضان إقتداءا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم ".(31)
والجود والكرم ليس محصورا ببذل المال بل يشمل كل أنواع البذل من بذل العلم وقضاء حوائج الناس وغيره قال ابن رجب :"وكان جوده عليه السلام بجميع أنواع الجود من بذل العلم والمال وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده ة وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم"(32)
قال ابن القيم :" فالسخي قريب من الله ومن خلقه ومن أهله وقريب من الجنة قريب بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من خلقه بعيد من الجنة بعيد قريب من النار، فجود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده"(33)

وقفة حسرة مع حال الناس اليوم في رمضان :
فإذا كان هذا الشهر قرة عين لأهل الخير وموسم فرح لهم فإن أهل الشر ومن في قلبهم مرض ينفرون ويتضايقون منه قال ابن رجب "وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه من الصلاة والصيام فكثير من هؤلاء الجهال لا يصلي إلا في رمضان إذا صام وكثير منهم لا يجتنب كبائر الذنوب إلا في رمضان فيطول عليه ويشق على نفسه مفارقتها لمألوفها فهم يعدون الأيام والليالي ليعودوا إلى المعصية وهؤلاء مصرون على ما فعلوا وهم يعلمون فهم هلكى ومنهم من لا يصبر على المعاصي فهو يواقعها في رمضان"(34)
فترى القوم قد جعلوا هذا الشهر شهرا للمآكل والمشارب، وتوسيعا في المباحات، تبصر الواحد منهم يقضي نهاره كله في الأسواق و المحلات، و آخر معتكف على الشاشات والقنوات، و آخرون جعلوا نهارهم نوما وليلهم لهوا ولعبا والله المستعان
فعلى المؤمن أن يحذر كل الحذر من الصوارف التي تصرفه عن طاعة الله من فضول الكلام -ناهيك عن الوقوع به في المحرمات من غيبة ونميمة – وفضول النظر وفضول المآكل والمشارب فهذه الثلاث أسباب كل بلية وشر كما أشار إلى هذا ابن القيم رحمه الله .
فالبدار البدار إلى الطاعات و المسارعة في الخيرات عسى أن يجعلنا الله من عتقائه من النار في هذا الشهر الفضيلوأن يتجاوز عن الزلل والخطأ إنه جواد كريم.
والحمد لله رب العالمين.

كتبه: أبو أحمد عبد الله سنيقرة
بتاريخ: 13 شعبان1434 \24 جوان 2013
جيزان –صامطة-
والحمد لله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
1. بعنوان :كيف نستقبل شهر رمضان
2. القصص 68
3. لطائف المعارف ( ص165)
4.
5. صححه الألباني في صحيح النسائي (ص 1992)
6. فتح الباري (5-451)
7. البخاري 3554 مسلم
8. تفسير ابن كثير (14-406)
9. (الترمذي 682- ماجه1642)
10. (البخاري 38- مسلم760)
11. (البخاري 37- مسلم759)
12. (التوبة 120)
13. لطائف المعارف (ص168)
14. (البقرة 185)
15. تفسير السعدي (ص 80-81 )
16. الحج (37)
17. النساء (131)
18. آثار عبد الحميد ابن باديس (2-173)
19. الآداب الشرعية لابن مفلح (2- 544)
20. تهذيب الكمال (7-265)
21. سير أعلام النبلاء (7 -447)
22. (الترمذي2910 صححه الألباني)
23. لطائف المعارف( 141)
24. (النسائي 1130صححه الألباني – أحمد23390)
25. (النسائي 1639 وصححه الألباني)
26. لطائف المعارف ( 190)
27. (البخاري6- مسلم 2308)
28. (أحمد 2042)
29. (الترمذي 1984وحسنه الألباني)
30. لطائف المعارف(186-188)
31. لطائف المعارف (189)
32. لطائف المعارف 184 )
33. الوابل الصيب(76)
34. لطائف المعارف (163)









 


رد مع اقتباس
قديم 2019-06-09, 16:40   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
شعبان999
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2019-12-01, 10:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
بلال ابو اسحاق
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم وجزاكم كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2020-04-05, 16:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
wael harrag
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جازاك الله خيرا










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:38

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc