ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو ما تطرقت إليه حصة مساء الخير على قناة اليتيمة منذ أيام قليلة، إذ تناولت الحصة بالتحليل المخطط المحاسبي المالي ( الجديد)، ما لفت انتباهي في الحصة هو الأراء التي أدلى بها الضيف الدكتور من جامعة بومرداس والطالب رئيس نادي الدراسات الاقتصادية على مستوى ملحقة خروبة، إذا أصر الدكتور وفي أكثر من مناسبة على مقولة من يُكوِن من؟ ( على شاكلة من يقتل من؟ )، كما ساق مثال الأردن في سياق كلامه واصف تجربته في تبني المعايير الدولية بالناجحة والتي يجب الاقتداء بها، وما أردت أن أعقب عليه في هذه النقطة هو أن الأردن وبحكم كونه أحد دول المشرق العربي لديه ثقافة محاسبية أنكلوساكسونية والتي تتناسب بشكل مباشر مع المعايير الدولية المنبثقة أصلا من المعايير المحاسبية الأمريكية لذلك لم يكن تغييره راديكاليا ولا مربكا للمؤسسات الاقتصادية الأردنية، أما الوضع بالنسبة للجزائر فمختلف تماما، إذ أنها اعتمدت منذ استقلالها على النظام الفرنكوفوني الأوربي الذي تنظم فيه الدولة ميدان المحاسبة عن طريق مخطط معد مسبقا واجب التطبيق على جميع المؤسسات الاقتصادية، وهذا ما لم تغفله الجزائر من خلال مخطط الحسابات الجديد، إذ أن ترك الباب مفتوحا لكل مؤسسة لإعداد مخطط خاص بها سيؤدي إلى فوضى قد تربك الاقتصاد الوطني، النقطة التانية التي تطرق إليها الدكتور هو أنه وصف الإتحاد الأوروبي بالمتخلف في مجال المحاسبة لمدة لا تقل عن 20 سنة!! وهذا القول مجاف تماما للحقيقة، فالاتحاد الأوروبي لم يتبنى المعايير الدولية بحذفيرها لأنه يملك ثقافة محاسبية مستقلة تماما عن فلسفة المعايير الدولية لذلك فتبنيه لهذه المعايير كان بطريقة سلسلة مع أخذ الوقت الكامل في الدراسة والتمحيص، مع أنه يملك من الكفاءات والخبرات ما يمكنه من ذلك في وقت وجيز.
وتجدر الإشارة إلى أن النظام المحاسبي المالي قد أعد عن طريق خبراء فرنسيين لذلك ورغم تبني فلسفة المعايير الدولية إلا أنه لا يخلو من البصمة الفرانكوفونية.
في الأخير هذه بعض الأسئلة للنقاش وإثراء الموضوع:
هل الجزائر مضطرة فعلا لتبني كل المعايير المحاسبية الدولية؟
وهل من المنطق أن نتحول بشكل كلي إلى الثقافة المحاسبية الأنكلوساكسونية؟
وهل نحن مؤهلون لذلك؟؟