واو الثمانية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

واو الثمانية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-18, 07:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
aboamine
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية aboamine
 

 

 
إحصائية العضو










Mh51 واو الثمانية

من اللّطائف القرآنية ما يُسمّى بـ«واو الثمانية”. وقد وردت في عدّة آيات من القرآن الكريم مثل قول اللّه تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقَولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمُ..}، فهنا جاءت الواو قبل الثمانية دون غيرها.
ومثله قوله تعالى: {عَسَى رَبَّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}. فجاءت الواو قبل الوصف الثامن لا غيره، والسّبب هنا أنّ جميع هذه الصّفَاتِ السَّبْع يمكنها أن تنطَبِق على امرأة واحدة إلاّ الصّفتين السّابعة والثّامنة فلا يمكن أن تنطبقَا على امرأة واحدة في وقت واحد فهما متناقضتين، فوجب فصلهما بحرف الواو.
ومثله قول تعالى في سورة التّوبة: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّه وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}. فجاءت الواو قبل الصّفة الثّامنة كما في نظيراتها.
فهذه الواو هي واو عطف لكنّها تأتي أحيانًا قبل الصّفة الثّامنة أو لفظ الثّمانية، فسمّاها المفسّرون بـ”واو الثّمانية”، وهذه لطيفة جميلة في آيات القرآن العظيم.
منقول









 


قديم 2019-02-18, 15:12   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة

اخي الفاضل المحترم

مواضيعك ممتازة فالما هذا الموضوع

فلا تقلق كلنا بنخطاء احيانا

وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما جاء بذلك الحديث الشريف

ذكر بعض المتأخرين مسألة في الواو في بعض الآيات وسموها (واو الثمانية) وأنكرها المحققون من النحاة
وهذه الآيات التي ذكرت فيها هي :

قوله تعالى(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112التوبة)

فتأمل كيف ذكر الله سبحانه وتعالى سبع صفات ثم بعد السابعة قال( و)الناهون عن المنكر فقالوا هي واو الثمانية

وكذلك في قوله تعالى في سورة الكهف() سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (22)

فقال تعالى ثلاثة رابعهم كلبهم ، وعندما ذكر القول الاخر وفيه الثمانية قال (سبعة(و) ثامنهم كلبهم) فقالوا هذه واو الثمانية

وفي قوله تعالى في سورة الزمر() وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)

فتأمل قوله تعالى في أهل النار (حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها) وأبواب النار سبعة

وعندما ذكرت في الآية التي تليها الجنة وأبوابها ثمانية قال تعالى(وفتحت أبوابها) فقالوا هذه واو الثمانية

وفي قوله تعالىفي سورة التحريم ( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)

فعندما ذكر الصفة الثامنة قال (و)أبكارا ، فقالوات هذه واو الثمانية!

وقد رد عليهم عدد من أهل العلم اكتفي برد الإمام ابن هشام في كتابه النافع مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ( بتحقيق مازن المبارك ومحمد علي رحمة الله) حيث قال ص 474-477(واو الثمانية

ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ومن النحويين ((الضعفاء ))كابن خالويه ومن المفسرين كالثعلبي وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا ستة سبعة وثمانية إيذانا بأن السبعة

عدد تام وأن ما بعدها عدد مستأنف واستدلوا على ذلك بآيات

إحداها (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) إلى قوله سبحانه (سبعة وثامنهم كلبهم )

وقيل هي في ذلك لعطف جملة على جملة إذ التقدير هم سبعة ثم قيل الجميع كلامهم وقيل العطف من كلام الله تعالى والمعنى نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم

وإن هذا تصديق لهذه المقالة كما أن (رجما بالغيب) تكذيب لتلك المقالة ويؤيده قول ابن عباس رضي الله عنهما حين جاءت الواو انقطعت العدة أي لم يبق عدة يلتفت إليها

فإن قلت إذا كان المراد التصديق فما وجه مجيء (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل)

قلت وجه الجملة الأول توكيد صحة التصديق بإثبات علم المصدق ووجه الثانية الإشارة إلى أن القائلين تلك المقالة الصادقة قليل أو أن الذي قالها منهم عن يقين قليل أو لما كان التصديق

في الآية خفيا لا يستخرجه إلا مثل ابن عباس قيل ذلك ولهذا كان يقول أنا من ذلك القليل هم سبعة وثامنهم كلبهم

وقيل هي واو الحال وعلى هذا فيقدر المبتدأ اسم اشارة أي هؤلاء سبعة ليكون في الكلام ما يعمل في الحال ويرد ذلك أن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع ولهذا ردوا على المبرد قوله في بيت الفرزدق

677 00000000000000000 وإذا ما مثلهم بشر

إن مثلهم حال ناصبها خبر محذوف أي وإذ ما في الوجود بشر مماثلا لهم

الثانية آية الزمر إذ قيل فتحت في آية النار لأن أبوابها سبعة وفتحت في آية الجنة إذ أبوابها ثمانية

وأقول لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها إذ ليس فيها ذكر عدد البتة وإنما فيها ذكر الأبواب وهي جمع لا يدل على عدد خاص ثم الواو ليست داخلة عليه

بل هي جملة هو فيها وقد مر أن الواو في وفتحت مقحمة عند قوم وعاطفة عند آخرين وقيل هي واو الحال

أي جاؤوها مفتحة أبوابها كما صرح بمفتحة حالا في جنات عدن مفتحة لهم الأبواب وهذا قول المبرد والفارسي وجماعة قيل وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكراما لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم

الثالثة :(والناهون عن المنكر) فإنه الوصف الثامن والظاهر أن العطف في هذا الوصف بخصوصه إنما كان من جهة أن الأمر والنهي من حيث هما أمر ونهي متقابلان بخلاف بقية الصفات

أو لأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر وهو ترك المعروف والناهي عن المنكر آمر بالمعروف فأشير إلى الاعتداد بكل من الوصفين وأنه لا يكتفي فيه بما يحصل في ضمن الآخر

وذهب أبو البقاء على إمامته في هذه الآية مذهب(( الضعفاء)) فقال إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام ولذلك

قالوا سبع في ثمانية أي سبع أذرع في ثمانية أشبار وإنما دخلت الواو على ذلك لأن وضعها على مغايرة ما بعدها لما قبلها

الرابعة: (وأبكارا )في آية التحريم ذكرها القاضي الفاضل وتبجح باستخراجها وقد سبقه إلى ذكرها الثعلبي
والصواب أن هذه الواو وقعت بين صفتين هما تقسيم لمن اشتمل

على جميع الصفات السابقة فلا يصح إسقاطهاإذ لا تجتمع الثيوبة والبكارة وواو الثمانية

عند القبائل بها صالحة للسقوط وأما قول الثعلبي إن منها الواو في قوله تعالى (سبع ليال وثمانية أيام حسوما) فسهو بين وإنما هذه واو العطف وهي واجبة الذكر

ثم إن أبكارا صفة تاسعة لا ثامنة إذ أول الصفات خيرا منكن لا مسلمات فإن أجاب بأن مسلمات وما بعده تفصيل لخيرا منكن فلهذا لم تعد قسيمة لها قلنا وكذلك ثيبات وأبكارا تفصيل للصفات السابقة فلا نعدهما معهن ) انتهى

وقال كذلك ص 859( وأبلغ من هذه المقالة في الفساد قول من أثبت واو الثمانية وجعل منها (سبعة وثامنهم كلبهم)
وقد مضى في باب الواو أن ذلك لا حقيقة له )انتهى.









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-18 في 16:56.
قديم 2019-02-18, 15:17   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال في (الفصول المفيدة في الواو المزيدة) ص142

واو الثمانية والرد على القول بها

وذكر جماعة أن الواو في قوله تعالى (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) وقوله( ثيبات وأبكارا ) واو الثمانية

لأن السبعة عدد كامل فيؤتى بعدها بالواو إشعارا بذلك وحملوا عليه قوله تعالى( ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم)


وهو قول لا دليل له ولا أصل له

وأعجب من ذلك أنهم قالوا في قوله تعالى( حتى إذ جاؤها وفتحت أبوابها) إنها واو الثمانية لأن الجنة كلها ثمانية أبواب وهو تخيل عجيب !

والواو هنا للحال كما سيأتي إن شاء الله تعالى

والذي يقتضيه التحقيق أن الصفات إذا قصد تعدادها من غير نظر إلى جمع أو انفراد لم يكن ثم عطف وإن أريد الجمع بين الصفتين أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف وكذلك إذا أريد التنويع لعدم اجتماعهما

فإنه يؤتى بالعطف أيضا وكذلك إذا قصد رفع استبعاد اجتماعهما لموصوف واحد فإنها تعطف أيضا


كما في البيت المتقدم إلى الملك القرم وابن الهمام 000

فإن العطف جاء هنا رفعا لاستبعاد من يستبعد اجتماع هذه الصفات فيه فقوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) إنما عطفت

لأنها أسماء متضادة المعاني في أصل الوضع فرفع الوهم بالعطف عن من يستبعد ذلك في ذات واحدة فإن الشيء الواحد لا يكون باطنا ظاهرا من وجه واحد فكان العطف ها هنا أحسن.

وأما قوله تعالى (ثيبات وأبكارا ) فإن المقصود بالصفات الأول ذكرها مجتمعة والواو توهم التنويع لاقتضائها المغايرة فترك العطف بينها لبيانا اجتماعها في وقت واحد بخلاف الثيوبة

والبكورة فإنهما متضادان لا يجتمعان على محل واحد في آن واحد فأتى بالواو لتضاد النوعين

وقوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) قد يظن أنهما يجريان مجرى الوصف الواحد لتلازمهما فمن غفر الذنب قبل التوب فبين الله سبحانه بعطف أحدهما على الآخر أنهما مفهومان متغايران ووصفان مختلفان يجب أن يعطى

لكل واحد حكمه وذلك مع العطف أبين وأوضح وأما شديد العقاب و ذو الطول فهما كالمتضادين فإن شدة العقاب تقتضي أيضا الضرر والا تضاف بالطول يقتضي اتصال النفع فحرف

العطف لبيان أنهما مجتمعان في ذاته وهي موصوفة بهما على الاجتماع ليتعبد العبد على الرجاء والخوف دائما فحسن ترك العطف لهذا المعنى

وأما قوله (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) فكل صفة تقدمت غير مسبوقة بالواو مغايرة للأخرى والغرض أنها في اجتماعها كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف فلما ذكر الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر وهما متلازمان أو كالمتلازمين يستمدان من مادة واحدة كغفران الذنب وقبول التوب حسن العطف ليبين أن كل واحد منهما معتد به على حدته لا يكفي منه ما يحصل في ضمن الآخر

بل لا بد من أن يؤتى بكل منهما بمنفرده فحسن العطف لذلك وأيضا فلما كان الأمر والنهي ضدين من جهة أن أحدهما طلب الإيجاد والآخر طلب الإعدام كانا كالنوعين المتغايرين في قوله (ثيبات وأبكارا) فحسن العطف لذلك

فأما قوله( سبعة وثامنهم كلبهم ) فإن الواو لم يدخل هنا دون ما قبله إلا لفائدة وهي التقدير لأن عدتهم سبعة فقوله في الجملتين الأوليين (رابعهم كلبهم) (سادسهم كلبهم) هما من تتمة المقول

ولذلك أتبعه بقوله تعالى( رجما بالغيب) والواو في قوله تعالى (وثامنهم كلبهم) قائمة مقام التصديق لذلك تقديره نعم وثامنهم كلبهم كما إذا قال القائل

زيد كاتب فتقول له وشاعر ويكون ذلك تحقيقا لقوله الأول ولذلك لم يقل سبحانه بعده رجما بالغيب

كما قال في الأوليين وقال( قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال أنا من القليل

ونظير هذا قوله تعالى( وكذلك يفعلون) بعد قوله (وجعلوا أعزة أهلها أذلة)

فليست الواو للثمانية كما يقوله من يزعم ذلك ولا دخول الواو في الأخيرة وتركها في الأوليين على السواء كما قاله بعض أئمة النحاة

والله أعلم.









قديم 2019-02-18, 15:27   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قولٌ اخر في واو الثمانية

الواو الواقعة في موضعين في القرآن قبلَ المعدود الثامن: ﴿ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 112]، ﴿ وَأَبْكَارًا ﴾ [التحريم: 5]، والواقعة قبل العدد ثمانية في الكهف: ﴿ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [الكهف: 22]

وقبل قوله: ﴿ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73] مع أهل الجنة؛ لأن أبوابها ثمانية، أطلَق عليها البعض واو الثمانية.

ويَنقُض هذا الكلام مواضعُ في القرآن الكريم، لم يُذكَر قبلَ المعدود الثامن واوٌ؛ نحو قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ﴾ [الحشر: 23]، فلم يَذكُر قبلَ (المتكبِّر) واوًا.


وينقُضُه أيضًا مواضعُ ذكَرت الواو مع المعدود الثاني مباشرةً؛ نحو قوله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ﴾ [الحديد: 3] ... ومواضع أخرى كثيرة.

وأما هذه المواضع الأربعة المذكور فيها الواو، فإنما جاءتْ هذه الواوات لعِللٍ معنوية وبلاغية، وليس لمجرد أنها للثمانية.

♦ ففي قوله تعالى: ﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 112]

ذُكِرت الواو للفصل بين المتقابلين، وهذه عادة القرآن دائمًا؛ نحو قوله: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ﴾[الحديد: 3]، ففصَل بين كلِّ متقابلين بالواو.

♦ وأما قوله: ﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ﴾ [التحريم: 5].

فالواو هنا متعينةٌ، وفارقةٌ بين ما يَستحيل اجتماعُهما؛ لأن الثيوبة والبكارة لا تجتمعان معًا في محل واحدٍ، فلا بدَّ من تلك الواو للتفرقة بينهما.

ومثله قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، فلا تجتمع الذكورةُ والأنوثة في محل واحد، ففصَل بينهما بالواو في كلِّ صفة للتفريق بينهما.

ومُراد الآية: بيان أن الله تعالى يُزوِّج نبيَّه صلى الله عليه وسلم الثيبَ والبِكر.

♦ وأما قوله: ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [الكهف: 22].

فالواو في ﴿ وَثَامِنُهُمْ ﴾ يُحتمل أنها استئنافية من كلام الله تعالى، وقد تَمَّ كلامُ القوم قبلَها، وبهذا استدلَّ بعضُ أهل العلم على أن هذا هو العدد الصحيح لأهل الكهف.

♦ وهذه الواو كما قال الرازي: "هي التي تَدْخُلُ عَلى الجُمْلَةِ الواقِعَةِ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ، كَما تَدْخُلُ عَلى الواقِعَةِ حالًا عَنِ المَعْرِفَةِ؛ في نَحْوِ قَوْلِكَ: جاءَنِي رَجُلٌ ومَعَهُ آخَرُ، ومَرَرْتُ بِزَيْدٍ وفي يَدِهِ سَيْفٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى:

﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ﴾ [الحجر: 4]،

وفائِدَتُها تَوْكِيدُ ثُبُوتِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، والدَّلالَةُ عَلى أنَّ اتِّصافَهُ بِها أمْرٌ ثابِتٌ مُسْتَقِرٌّ، فَكانَتْ هَذِهِ الواوُ دالَّةً عَلى صِدْقِ الَّذِينَ قالُوا: إنَّهم كانُوا سَبْعَةً وثامِنُهم كَلْبُهم، وأنَّهم قالُوا قَوْلًا مُتَقَررًا مُتَحَققًا عَنْ ثَباتٍ وعِلْمٍ وطُمَأْنِينَةِ نَفْسٍ".

قال الرازي: «إنَّهُ تَعالى خَصَّ هَذا المَوْضِعَ بِهَذا الحَرْفِ الزائِدِ، وهو الواوُ، فَوَجَبَ أنْ تَحْصُلَ بِهِ فائِدَةٌ زائِدَةٌ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنِ التَّعْطِيلِ، وكُلُّ مَن أثْبَتَ هَذِهِ الفائِدَةَ الزائِدَةَ قالَ: المُرادُ مِنها تَخْصِيصُ هَذا القَوْلِ بِالإثْباتِ والتَّصْحِيحِ".

وليست هي واو الثمانية؛ لعدة أمور:

الأول: أنه لا نظيرَ لها في القرآن الكريم لتُحمَلَ عليه، ومعلوم أن التماس النظير والحملَ عليه من المسوِّغات للمعاني المحتملة، والمرجِّحات للفهوم المختلفة، وما لا نظيرَ له يكون أقربَ للضَّعف والرد.

الثاني: لا نظير لها في كلام العرب لتُخَرَّج عليه، وكل مَن أثبَت نسبتها إلى العرب، لم يأتِ بدليلٍ واحدٍ من كلامهم - (على كثرته نظمًا ونثرًا) - فاحتمالُ عدم ثبوتها عنهم قائمٌ، لا سيما

وقد نفاها جمهورُ النحاة والمفسرين، وقد خلَت كتبُ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ، وكتب حروف المعاني من ذكرها في الكلام عن الواو وتقسيماتها ومعانيها، مع مراعاتهم الاستقصاء.

أما مَن أثبتها فقد استدل بالآيات السابق ذكرُها، وقد أجبتُ عليها، ولا يصح أن نقول: إنها مِن مبتكرات أساليب القرآن؛ لأنه لا يترتَّب على إثباتها معانٍ بيانية ذات بالٍ، وبلاغة القرآن الكريم تأبَى ذلك.

الثالث: وقوع الواو في القرآن الكريم لمجرد الثمانية فقط، مع خُلوِّ كلام العرب منها - قدحٌ في بلاغة القرآن الكريم؛ لأنها تُعد حينئذ زائدةً، والقرآن الكريم تنزَّه عن زيادةٍ لا فائدة منها.

أما هذه الواو:

• فإما أن تكون هي الواو الداخلة على الجملة الواقعة حالًا عن المعرفة، أو صفة للنكرة، كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ﴾.

• وإما أن تكون عاطفةً، وهذا قول ابن هشام والمحقِّقين من النحاة، ولا سيما وقد يُلمَحُ من الكلام - بجعل الواو عاطفة - معنى أخلاقيًّا، وهو أنه فصَل بين أهل الكهف وكلبهم بتلك الواو العاطفة -

(والعطف يقتضي المغايرة) - تنزيهًا لهم، ولا يُعترَضُ على هذا بخُلوِّ الجملتين قبلها:

(ثلاثة رابعهم كلبهم، وخمسة سادسهم كلبهم) من تلك الواو؛ لأنهما خرَجتا منهم رجمًا بالغيب، ولا حقيقةَ لهما، أما هذه فاحتمال ترجيحها على سابقتيها كبيرٌ؛ لذا راعى هذا التغاير.

• وإما أن تكون استئنافية، ولا يَبعُد هذا؛ لأن الاستئنافَ أمرٌ معنوي، لا ضابطَ له إلا لمحُ المعنى من السياق، وحمْلُه عليه، وهذا قال به بعض المفسرين.

♦ وأما قوله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73]، وقوله مع أهل النار: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 71].

فالواو دخلت على الفعل (فُتِحَتْ) مع أهل الجنة؛ لبيان أن الأبواب فُتِحَتْ بيد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم قبلَ مَجيئهم، فالواو حاليَّة، وحُذِفَتْ من الفعل ذاته مع أهل النار؛ لبيان أنها كانت مُغلقةً قبل مَجيئهم.

• وحكمةُ ذلك من وجوهٍ:

♦ أحدها: أن أهل الجنة جاؤوها وقد فُتِحت أبوابُها؛ استعجالًا للفرح والسُّرور إذا رأَوا الأبواب مفتَّحةً، وأهل النار يأتونها وأبوابُها مُغلقة؛ ليكون أشدَّ لحرِّها.

♦ الثاني: أنَّ الوقوفَ على الباب المغلق نوعُ ذُلٍّ، فلو وَجَدَ أهلُ الجنة بابها مُغلَقًا، لأثَّر انتظارُ فَتْحه في كمال الكرَم، فصِينَ أهلُ الجنة عنه، وجُعِلَ في حق أهل النار؛ ليكون لهم بمثابةِ عذاب معنويٍّ قبلَ العذاب الحسِّيِّ.

♦ الثالث: أن أبواب أهل النَّار مُغَلقة؛ لتكون المفاجئةُ مُرَوِّعةً لهم، ولكيلا يُصلَى بلَفْحِهَا مَن هو خارجها، وفُتِحت أبوابُ أهل الجنة؛ تَهيُّؤًا لاستقبالهم، ولكي يَنعَموا بعَبقِها الطَّيب وريحها الذَّكي، منذ أن تبدأ مسيرتهم المباركة نحوها.

♦ وأما الواو في قوله تعالى: ﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ﴾ [الحاقة: 7]، فهي واو عاطفة قطعًا، ومتعيِّنة للفصل بين متقابلات الكلمات (ليال) و(أيام)، وللفرق بين ما يستحيل اجتماعهما معًا: (الليل والنهار).

والله أعلم









قديم 2019-02-18, 15:38   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال ابن القيم رحمه الله في حادي الأرواح ص 38

وقال في صفة النار (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها)

بغير واو

فقالت طائفة هذه ( واو الثمانية) دخلت في أبواب الجنة لكونها ثمانية وأبواب النار سبعة فلم تدخلها الواو

وهذا قول ضعيف لا دليل عليه ولا تعرفه العرب ولا أئمة العربية وإنما هو من استنباط بعض المتأخرين

وقالت طائفة أخرى الواو زائدة والجواب الفعل الذي بعدها كما هو في الآية الثانية

وهذا أيضا ضعيف فإن زيادة الواو غير معروف في كلامهم ولا يليق بأفصح الكلام أن يكون فيه حرف زائد لغير معنى ولا فائدة

وقالت طائفة ثالثة الجواب محذوف وقوله (وفتحت أبوابها) عطف على قوله( جاؤوها) وهذا اختيار أبي عبيدة والمبرد والزجاج وغيرهم

قال المبرد وحذف الجواب أبلغ عند أهل العلم قال أبو الفتح بن جني وأصحابنا يدفعون زيادة الواو ولا يجيزونه ويرون أن الجواب محذوف للعلم به) انتهى.[/color]

وقال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد( 2 /401)

وهذه الطريقة تريحك من دعوى زيادة الواو ومن دعوى كونها واو الثمانية

لأن أبواب الجنة ثمانية فإن هذا لو صح فإنما يكون إذا كانت الثمانية منسوقة في اللفظ واحدا بعد واحد فينتهون إلى السبعة ثم يستأنفون العدد من الثمانية بالواو وهنا لا ذكر للفظ الثمانية في الآية ولا عدها فتأمله

على أن في كون الواو تجيء للثمانية كلام آخر قد ذكرناه في ((الفتح المكي)) وبينا المواضع التي ادعى فيها أن الواو للثمانية) انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (3/559)

فصل

واو الثمانية

الكلام على واو الثمانية

قولهم إن الواو تأتي للثمانية ليس عليه دليل مستقيم

وقد ذكروا ذلك في مواضع فلنتكلم عليها واحدا واحدا

الموضع الأول:

قوله تعالى( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر)
فقيل الواو في والناهون واو الثمانية لمجيئها بعد استيفاء الأوصاف السبعة وذكروا في الآية وجوها آخر

منها أن هذا من التفنن في الكلام أن يعطف بعضه ويترك عطف بعضه ومنها أن الصفات التي قبل هاتين الصفتين صفات لازمة متعلقة بالعامل وهاتان الصفتان متعديتان متعلقتان

بالغير فقطعتا عما قبلهما بالعطف ومنها أن المراد التنبيه على أن الموصوفين بالصفات المتقدمة هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وكل هذه الأجوبة غير سديدة

وأحسن ما يقال فيها أن الصفات إذا ذكرت في مقام التعداد فتارة يتوسط بينها حرف العطف لتغايرها في نفسها وللإيذان بأن المراد ذكر كل صفة بمفردها وتارة لا يتوسطها العاطف لاتحاد

موصوفها وتلازمها في نفسها وللإيذان بأنها في تلازمها كالصفة الواحدة وتارة يتوسط العاطف بين بعضها ويحذف مع بعض بحسب هذين المقامين

فإذا كان المقام مقام تعداد الصفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف وإن أريد الجمع بين الصفات أوالتنبيه على تغايرها حسن إدخال حرف العطف

فمثال ألأول (التائبون العابدون الحامدون) وقوله (مسلمات مؤمنات قانتات تائبات )

ومثال الثاني قوله تعالى( هو الأول والآخر والظاهر والباطن)

وتأمل كيف اجتمع النوعان في قوله تعالى( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول)

فأتي بالواو في الوصفين الأولين

وحذفها في الوصفين الآخرين

لأن غفران الذنب وقبول التوب قد يظن أنهما يجريان مجرى الوصف الواحد لتلازمهما فمن غفر الذنب قبل التوب فكان في عطف أحدهما على الآخر مايدل على أنهما صفتان وفعلان متغايران

ومفهومان مختلفان لكل منهما حكمه أحدهما يتعلق بالإساءة والإعراض وهو المغفرة والثاني يتعلق بالإحسان والإقبال على الله تعالى والرجوع إليه وهو التوبة فتقبل هذه الحسنة وتغفر تلك السيئة

وحسن العطف ههنا هذا التغاير الظاهر وكلما كان التغاير أبين كان العطف أحسن ولهذا جاء العطف في قوله( هو الأول والآخر والظاهر والباطن) وترك في قوله (الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن) وقوله (الخالق الباريء المصور)

وأما( شديد العقاب ذي الطول) فترك العطف بينهما لنكته بديعة وهي الدلالة على اجتماع هذين الأمرين في ذاته سبحانه وأنه حال كونه شديد العقاب فهو ذو الطول وطوله لا ينافى شدة عقابه

بل هما مجتمعان له بخلاف الأول والآخر فإن الأولية لا تجامع الآخرية ولهذا فسرها النبي بقوله (أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء) فأوليته أزليته وآخريته أبديته

فإن قلت فما تصنع بقوله( والظاهر والباطن) فإن ظهوره تعالى ثابت مع بطونه فيجتمع في حقه الظهور والبطون والنبي الظاهر بأنه الذي ليس فوقه شيء

والباطن بأنه الذي ليس دونه شيء وهذا العلو والفوقية مجامع لهذا القرب والدنو والإحاطة

قلت هذا سؤال حسن والذي حسن دخوله الواو ههنا أن هذه الصفات متقابلة متضادة وقد عطف الثاني منها على الأول للمقابلة التي بينهما والصفتان الأخريان كالأوليين

في المقابلة ونسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة الآخر إلى الأول فكما حسن العطف بين الأوليين حسن بين الأخريين فإذا عرف هذا فالآية التي نحن فيها يتضح بما ذكرناه معنى العطف وتركه فيها

لأن كل صفة لم تعطف على ما قبلها فيها كان فيه تنبيه على أنها في اجتماعها كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف فلما ذكر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهما متلازمان

مستمدان من مادة واحدة حسن العطف ليتبين أن كل وصف منهما قائم على حدته مطلوب تعيينه لا يكتفي فيه بحصول الوصف الآخر بل لا بد أن يظهر أمره بالمعروف بصريحة

ونهيه عن المنكر بصريحة وأيصا فحسن العطف ههنا ما تقدم من التضاد فلما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضدين أحدهما طلب الإيجاد والآخر طلب الإعدام كانا كالنوعين المتغايرين المتضادين فحسن لذلك العطف ]

الموضع الثاني:

قوله تعالى (عسى ربه إن طلقكن أن بيدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات) إلى قوله تعالى( ثيبات وأبكارا)

فقيل هذه واو الثمانية لمجيئها بعد الوصف السابع وليس كذلك ودخول الواو ههنا متعين

لأن الأوصاف التي قبلها المراد اجتماعها في النساء وأما وصفا البكارة والثيوبة فلا يمكن اجتماعهما فتعين العطف لأن المقصود أنه يزوجه بالنوعين الثيبات والأبكار

الموضع الثالث:

قوله تعالى( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم)
قيل المراد إدخال الواو ههنا لأجل الثمانية وهذا يحتمل أمرين أحدهما هذا

والثاني أن يكون دخول الواو ههنا إيذانا بتمام كلامهم عند قولهم سبعة ثم ابتدأ قوله وثامنهم كلبهم وذلك يتضمن تقرير قولهم سبعة كما إذا قال لك زيد فقيه فقلت ونحوي

وهذا اختيار السهيلي وقد تقدم الكلام عليه وأن هذا إنما يتم إذا كان قوله وثامنهم كلبهم ليس داخلا في المحكي بالقول والظاهر خلافه والله أعلم

الموضع الرابع:

قوله تعالى( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها)

فأتى بالواو لما كانت أبواب الجنة ثمانية وقال في النار حتى أذا جاءونا فتحت أبوابها لما كانت سبعة وهذا في غاية البعد ولا دلالة في اللفظ على الثمانية حتى تدخل الواو لأجلها بل هذامن

باب حذف الجواب لنكتة بديعة وهي أن تفتيح أبواب النار كان حال موافاة أهلها ففتحت في وجوههم لأنه أبلغ في مفاجأة المكروه

وأما الجنة فلما كانت ذات الكرامة وهي مأدبة الله وكان الكريم إذا دعا أضيافه إلى داره شرع لهم أبوابها ثم استدعاهم إليها مفتحة الأبواب أتى بالواو العاطفة ههنا الدالة

على أنها جاءوها بعدما فتحت أبوابها وحذف الجواب تفخيما لشأنه وتعظيما لقدرة كعادتهم في حذف الأجوبة وقد أشبعنا الكلام على هذا فيما تقدم والله اعلم) انتهى.









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-18 في 15:43.
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc