الحمد لله ظهر الحق ولو حاول طمسه الظالمون - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحمد لله ظهر الحق ولو حاول طمسه الظالمون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-03-02, 22:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










17 الحمد لله ظهر الحق ولو حاول طمسه الظالمون

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
4
المحتويات
تصدير
المقدمة
الفصل الأول : الدبلوماسية البريطانية والهجمة على الخلافة
الفصل الثاني: انهيار الخلافة العثمانية وقيام الدولة القومية السعودية الوهابية -
الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة العثمانية
القوميون الأتراك والخلافة
جواب جامعة الأزهر على إلغاء الخلافة العثمانية
الفصل الثالث: مؤتمر الخلافة في القاهرة الذي أقيم في آيار عام 6991
الفصل الرابع: البديل السعودي الوهابي للخلافة المؤتمر العام للعالم الإسلامي في مكة الذي أقيم في – -
- حزيران تموز من عام 6991
الفصل الخامس: العالم الإسلامي القديم يحاول أن ينهض من جديد: المؤتمر الإسلامي العام الذي أقيم في
كانون الأول عام 6996
الخاتمة
ملاحظات
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
5
تصدير
هذا هو الإصدار الثالث ضمن سلسلة الأنصاري التذكارية التي تنشر تكريما لمعلمي وشيخي صاحب
6971 (. وكان الإصداران السابقان - الذكرى المباركة الملا محمد فضل الرحمن الأنصاري ) 6961
تحت عنوان: )دين إبراهيم ودولة إسرائيل نظرة قرآنية( و )أهمية تحريم الربا في الإسلام(. -
لقد أنجزت الكثير من العمل البحثي لهذا الكتاب خلال السنوات من 6971 إلى سنة 6979 في مكتبة
الأمم المتحدة في قصر الأمم في جنيف، حينما كنت طالبا للدكتوراه في العلاقات الدولية في المعهد
العالي للدراسات الدولية في جنيف.
إننا اليوم ،وفي الوقت الذي أكتب فيه هذا الكتاب، نمر بوضع سريع التدهور في العالم الإسلامي حيث
الصراعات الدموية التي تؤدي إلى معاناة تفوق التصور للمسلمين الأبرياء في البوسنة وكشمير
والجزائر وفلسطين والشيشان...الخ. ففي الأمس اغتصُبت خمسون ألف امرأة في البوسنة، واليوم
القصص المرعبة تحكي أن صبيا أجُبر على قضم خصيتي أبيه المسلم في البوسنة، وتحكي أن ذلك
المسلم الأعمى البريء الشيخ عمر عبد الرحمن قد أدُين بالسجن المؤبد في الولايات المتحدة )لأنه يشكل
تهديداً كبيراً للنظام العلماني المؤيد للغرب الذي يحكم مصر( وهو يتعرض للامتهان الجنسي من
الحراس كلما جاءه زائر إلى السجن.
إنني الآن مقتنع أن الأوان قد حان أخيراً كي يصل هذا العمل إلى عموم المسلمين الذين قد يعتريهم القلق
الآن إلى حد يجعلهم يبحثون بصورة جدية عن سبب الوهن الذي أصابنا. وكنتيجة لذلك فهم قد يستقبلون
هذا الكتاب بصورة جدية ويرفضون الاحتجاجات المتوقعة من علماء السلاطين ومن الحكومات التي
يدعمونها في كل أنحاء العالم الإسلامي !
وأنا أدعو اله أن يتقبل ويبارك بهذا العمل المتواضع في طريق الحق. وأدعو أن يقع من المسلمين موقعا يفتح به أعينهم على حقيقة أن النظام السعودي الوهابي الذي يسيطر الآن على الحرمين وعلى الحجاز -
كان له دور فعال في تدمير الخلافة الإسلامية وأضحى منذ ذلك الحين حائلاً أمام استعادة قوة الأمة.
آمين !
عمران نزار حسين
مسجد دار القرآن
تشرين الثاني 6991 م الموافق جمادى الآخرة 6167 ه









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 22:56   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
6
المقدمة
إن إحدى المميزات الجوهرية لدين الإسلام التزامه بالمضمون الذي يقول انه حينما يقر شعب معين بأن
اله عزوجل هو )الملك( فينبغي عليهم حينئذ أن يضمنوا خضوع الدولة وكل مؤسساتها لسلطة اله
وقانونه المطلق. أما إذا أقروا أن الدولة هي ذات السيادة المطلقة وليس اله عزوجل وهذا هو في –
الحقيقة جوهر العلمانية فان الإسلام يعد ذلك شركا،ً وهذا هو أكبر الكبائر. -
فالدولة العلمانية الحديثة هي اليوم صاحبة السيادة المطلقة في كل العالم. وسلطانها هو السلطان الأعلى،
والأمر ذاته ينطبق على قانونها. لذا، فان البشرية برمتها اليوم، وفي كل بقاع الأرض، تعتنق شركا سياسيا عالمي ا.ً وهذا في الواقع هو أحد العلامات التي تبين أننا نعيش عصر الدجال )المسيح الدجال(
الذي فتن البشرية بعبادة غير اله عزوجل. إن الدجال هو العقل المدبر للنظام العالمي اليوم، هذا النظام
الذي يشير إليه الحديث النبوي من أن تسعمائة وتسعة وتسعون من كل ألف سيدخلون النار. ولكن يبدو
أن المسلمين أنفسهم غير آبهين بذلك.
وطالما أقر المسلمون بسيادة اله عزوجل، فإنهم لا يخضعون مطلقا لسيادة الدستور ولا البرلمان ولا
المحكمة العليا ولا الحكومة...الخ. إن سيادة اله عزوجل تقتضي سيادة الدين الإسلامي وعلى الخصوص
سيادة قانون الشريعة المقدس. وقد جسدت مؤسسة الخلافة سيادة الدين الإسلامي على الدولة وعلى
الحياة العامة. حيث كان الخليفة، والذي كان يعرف أيضا بالأمير أو الإمام، قائداً للجماعة أو المجتمع
المسلم. وكانت جماعة المسلمين تعطيه الولاء عبر مراسيم البيعة. وكانت الأرض التي تعيش عليها تلك
الجماعة تدعى دار الإسلام. وقد أخذت الأرض هذا الاسم لأن الأمير لديه الحرية والصلاحية لتطبيق
قانون اله المقدس فيها.
لقد قامت الحضارة الأوربية المسيحية كذلك على أساس التسليم للسلطة الإلهية. إلا أن الكنيسة في تلك
الحضارة كانت تعتبر ممثلة للإله على الأرض، وبالتالي فان الدولة كانت تابعة للكنيسة.
ولكن أوربا شهدت صراعا بين الدين والدولة نتج عنه هزيمة الكنيسة. وكنتيجة لذلك شهدت أوربا تحولاً
ثوريا لأسس الحضارة، إذ تم علمنة الدولة وسياساتها. وتمثل الفصل الأخير من هذا الصراع بالثورات
الأمريكية والفرنسية والبلشفية، التي جاءت بحضارة إلحادية في جوهرها إلى الوجود. فقد تقلص نشاط
الدين ليكون مقتصراً على طقوس العبادة الفردية والجماعية، وتم منع البابا والسلطة المسيحية في أوربا
من التدخل في أعمال الدولة. ولم يعد الإله هو صاحب السيادة )الأكبر(. بل أضحى الشعب هو صاحب
السيادة بدلاً عن الإله. ومن ثم ألبسوا ثوب السيادة ذاك لنموذج الدولة العلماني الجديد. فأصبحت الدولة
الآن هي )الأكبر(. تلك كانت العلمانية بالنسبة لأوربا. أما بالنسبة للدين الإسلامي، فذلك كان الشرك
بعينه، أكبر الكبائر.
ومن الغرابة بمكان أن المسيحية غير الأوربية لم تقم بأي صراع مضاد لذلك الدمار الذي أصاب نموذج
الدولة المقدس الذي أسس بنيانه النبيان داود وسليمان عليهما السلام.
لقد شرعت الحضارة الأوربية الإلحادية في حملة عنيفة من أجل تغيير العالم بأكمله وإعادة تشكيله وفق
النموذج الأوربي الجديد للدولة العلمانية والمجتمع العلماني. أما بقية العالم، فقد استعُمر أو سلبت حريته
الأساسية. و كان هذا حال العالم غير الأوربي أيضا.ً إذ تمت علمنته هو الآخر في نهاية المطاف،
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
7
وسرعان ما تحول إلى مجتمع ملحد. وهذا بطبيعة الحال يتضمن العالم الإسلامي، بل كان العالم
الإسلامي في الحقيقة هو الهدف الخاص للحضارة الأوربية الإلحادية.
لقد اس تهُلت عملية تحويل العالم الإسلامي إلى مجتمع ملحد بعلمنة الحياة العامة. واس تهُدفت
الإمبراطورية العثمانية، إذ أن تدميرها كان لزاما.ً ولكنه لم يكن متاحا مادامت الخلافة باقية كمؤسسة
جبارة لتوحيد المسلمين. لذا كان لا بد من تدمير الخلافة.
إن الدمار الذي أصاب الإمبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى نتج عنه ولادة الدولة العلمانية
في تركيا. وكانت الحكومة مؤلفة من حفنة من الأتراك القوميين العلمانيين الذين تأثروا بالغرب، والذين
عملوا جنبا إلى جنب مع حركة يهودية سرية. وقد قام هؤلاء القوميون أولاً بتقليص الخلافة إلى حد
جعلها منصبا مشابها لمنصب البابا، ومن ثم قاموا بإلغائها. إلا أن عملية العلمنة في العالم الإسلامي قد
اكتملت حينما انضم الحجاز بقيادة عبد العزيز بن سعود إلى مصطفى كمال أتاتورك في رفض هيمنة
الإسلام على الدولة. وهكذا اعتنقت الجزيرة العربية قلب الإسلام نموذجا علمانيا للدولة. وقد – -
تزامنت ولادة دولة )العربية السعودية( مع تدمير دار الإسلام التي أسس بنيانها النبي محمد صلى اله
عليه وسلم.
حينما كان الحجاز يمثل )دار الإسلام( كان لكل مسلم الحق في دخول أراضيه ولم يكن بحاجة إلى
تأشيرة للدخول، ولم يكن هناك شيء اسمه السيادة السعودية. ولم يكن هناك شيء اسمه حق المواطنة
السعودية. فقد كان حق دخول أي جزء من دار الإسلام أحد الحقوق العديدة التي كان المسلم يتمتع بها،
كحق الإقامة فيها، إذ لم يكن المسلمون بحاجة إلى تأشيرة الإقامة، وحق العمل في أي جزء فيها، إذ لم
يكن بحاجة إلى تصريح بالعمل...الخ. لقد أدت ولادة دولة العربية السعودية إلى إنكار جميع هذا الحقوق
للمسلمين، وبالتالي آل الأمر إلى إلغائها.
إن سقوط الخلافة وظهور دولة العربية السعودية كانت أحداثا غيرت وجه العالم الإسلامي بطريقة أدت
إلى رجوعه إلى مرحلة ما قبل الهجرة. فما من مكان في العالم اليوم توجد فيه دار الإسلام.
ونحن نعتقد أن من الصواب التأكيد على أن الفارق الوحيد مابين إسلام ما قبل الهجرة وما بعد الهجرة
هو تأسيس النبي صلى اله عليه وسلم لدار الإسلام )أي النظام الإسلامي العام( في المدينة. فالعالم
الإسلامي، شأنه شأن بقية العالم غير الأوربي، قد اندرج اليوم ضمن نظام علماني ومادي لمنظمة
سياسية تحاكي الدولة القومية العلمانية الحديثة. وكنتيجة لذلك فقد اختفت دار الإسلام من الوجود اليوم،
وهي لا توجد حتى في مكة أو المدينة. لذا فان لنا مسوغا في استنتاج أن العالم الإسلامي بوجوده العام
كأمة قد عاد إلى مرحلة ما قبل الهجرة.
ويبدو أن الحضارة الإسلامية في مسيرتها التاريخية الآن قد دخلت مرحلة ما بعد الخلافة. وأصبح
المجتمع المسلم اليوم في شتى أنحاء العالم خاضعا لجاهلية شاملة تهيمن على العالم، تماما كما كان
وضعه في مكة قبل 6111 سنة. وهذه الجاهلية تتمثل بالطبع في الحضارة الغربية العلمانية والمادية
الحديثة، التي ظهرت على أنقاض المسيحية.
وقد يشير الحديث الذي روي عن النبي صلى اله عليه وسلم إلى هذا العصر بقوله: )من مات وليس في
عنقه )أي في أيام حياته( بيعة )أي عهد الولاء الذي يقدمه الناس لإعطاء الشرعية لتنصيب قائد على










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 22:57   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأمة( مات ميتة جاهلية )أي ميتة في عصر شهد رجوع جاهلية ما قبل الهجرة(. هذا الحديث رواه مسلم
في صحيحه برقم 1296 ..المترجم.
إن هذا الحديث النبوي لا غبار على صحة سنده للنبي صلى اله عليه وسلم وهو ذو أهمية قصوى إلى
درجة أن جامعة الأزهر قد استخدمته لتبرير دعوتها لعقد مؤتمر عالمي للخلافة الإسلامية في القاهرة
ليكون بمثابة الرد بطريقة لائقة على قرار الجمعية العمومية الوطنية التركية القاضي بإلغاء الخلافة في
شهر آذار عام 6991 م.
إن المؤتمر نفسه الذي عقد في عام 6991 م قد تبنى قرارات جسدت قول النبي صلى اله عليه وسلم
السابق، وأكدت على أهمية مؤسسة الخلافة، التي هي بمثابة النظام الإسلامي العام للعالم الإسلامي.
فالتحدي الذي أمام الأمة اليوم هو تحد صريح وواضح. إنه يتمثل بمحاولة إعادة تحريك الأمة من مكة
إلى المدينة مرة أخرى. وإذا ما قامت الأمة بذلك فستتمكن من إعادة تأسيس دار الإسلام )أي النظام
الإسلامي العام(. وإذا ما نجحت هذه الأمة في استعادة هيمنة الإسلام على الدولة في العالم الإسلامي
فسيكون لزاما على المسلمين أن يطلعوا على تاريخ سقوط الخلافة وتاريخ ظهور بديلها في قلب الإسلام
على يد الدولة القومية السعودية الوهابية. –
إن هذه الدراسة لها أهمية إستراتيجية لأن العدو الذي دمر الخلافة هو الآن يتربص بشعيرة الحج. فقد
استمرت شعيرة الحج بلا انقطاع منذ أن أسسها النبي إبراهيم عليه السلام قبل آلاف السنين، واستمر
الحج حتى حينما اعتنقت الجزيرة العربية عبادة الأوثان. وإن أحد أهم الأهداف طويلة الأجل لأعداء
الإسلام اليوم يتمثل في إلغاء هذا الشعيرة.
فعن أبي سعيد الخدري رضي اله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال: )ل يُ ح ج ن البيت ول يُع ت م ر ن بعد
خروج يأجوج ومأجوج(، وقال عبد الرحمن عن شعبة )لا تقوم الساعة حتى لا يُ ح ج ن البيت( رواه
. البخاري برقم 6161
إن دراستنا لهذا الموضوع قد قادتنا إلى استنتاج أن هدف أعداء الإسلام في إيقاف شعيرة الحج بات قاب
قوسين أو أدنى. وكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق هذا الهدف هو تدمير المسجد الأقصى. وبوسع دولة
إسرائيل اليهودية فعل ذلك في أي وقت، فالمسألة مسألة اختيار التوقيت الأمثل. إن النظام السعودي
الحالي كان ولا يزال يُسحب بخبث إلى وضع لا مفر منه مع الدولة اليهودية. إذ أن تدمير المسجد
الأقصى سينتج عنه معارضة أكبر للنظام السعودي. ولن يكون بمقدور النظام السيطرة على مشاعر
الغضب التي سيظهرها المسلمون في موسم الحج. لذا فإنهم حينما يظهرون بمظهر العاجز عن السيطرة
على الحج، فان المعارضة الداخلية في العربية السعودية ستستخدم الحج بفعالية في سبيل زعزعة
النظام. هذا هو السيناريو الذي سيقود السعوديين في الأغلب إلى إيقاف الحج من أجل الإبقاء على
حكمهم.
وإذا ما فقد العالم الإسلامي شعيرة الحج، بعد فقدانهم للخلافة، فان ذلك سيعد خطوة كبيرة أخرى نحو
الجاهلية في مكة في عصر ما قبل الهجرة. إن المأزق الأمني الذي سنمر به سيكون مجرد أمر عارض
كما كان في مكة في عهد ما قبل الهجرة. إن الإيمان الأقوى هو وحده الذي سيكون قادر اً على تجاوز
ذلك الابتلاء العظيم، فما الذي بوسعنا أن نفعله؟. إن الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذ في أي
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
9
إستراتيجية مضادة ممكنة لابد أن تكون بدراسة وتقييم تاريخ تلك الحقبة التي ضاعت فيها الخلافة. وهذا
هو ما سنحاول أن نفعله في هذا الكتاب









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 22:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
10
الفصل الأول
الدبلوماسية البريطانية والهجمة على الخلافة
لقد أرسل اله القدير رسوله محمداً صلى اله عليه وسلم بدين الحق ليظهره على الدين كله. وهذا يستدعي
الخضوع المسبق للأمة لهيمنة الإسلام على حياة المسلمين العامة والشخصية كلتيهما. لقد كانت دار
الخلافة رمزاً أسمى لتمثيل هيمنة الإسلام على الحياة العامة. وبدون هذه الخلافة فان العالم الإسلامي لم
يكن ليحظى بالقوة. ومع هذا فقد كان هنالك صلة دائمة بين الخلافة وبين السيطرة على الحرمين، أي
الأراضي المقدسة في مكة والمدينة. فمن يستطيع أن ينجح في قطع تلك الصلة سيشل دار الخلافة،
وبالتالي سيجعل العالم الإسلامي خائر القوى.
وخلال 6111 سنة من تاريخ أمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، لم يتقلد أي رجل منصب الخليفة
بنجاح من خلال البيعة أو من خلال عهد الولاء من المسلمين ما لم يكن يتمتع بسيطرته الحقيقية أو قدرته
على فرض هذه السيطرة على الحجاز بشكل عام وعلى الحرمين بشكل خاص. وظل منصب الخلافة
والسيطرة على الحرمين مرتبطين بشكل دائم في وعي الأمة الديني السياسي. –
وقد كان لهذا الارتباط المتين قاعدة في الشريعة، فالحج كان شعيرة ملزمة لعامة الأمة بالسوية فضلاً
عن إنه يتضمن رحلة حقيقية إلى الحجاز. لذلك فليس من الممكن تنصيب شخص ليكون القائد العام
للمسلمين وهو لا يتمتع بالسلطة أو الوسائل التي تتيح له ممارسة المسؤوليات الخاصة بتنظيم وإدارة
شؤون الحج. وهذا بطبيعة الأمر يتضمن ضمان حرية وأمان الحجاج وبالتالي يتطلب السيطرة على
الحجاز. ومن ثم كان الخلفاء يعتنون أشد العناية بديمومة سلطتهم وسيطرتهم على الحجاز، وظل الأمر
كذلك حينما انتقل كرسي الخلافة من الحجاز إلى الكوفة في العراق ودمشق وبغداد والقاهرة وحتى
اسطنبول. واستمر هذا الأمر بصورة أساسية بدون انقطاع إلى أن سقطت الإمبراطورية الإسلامية
العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
إن أعداء الإسلام اليوم قد اعتنوا أشد العناية بدراسة وفهم الارتباط مابين الخلافة، التي هي قوة الإسلام
بصفته قوة عالمية، ومابين السيطرة على الحرمين ومن ثم خططوا إستراتيجيتهم الوحشية لجعل الإسلام
عاجزاً ولجعله دينا محصوراً بالإيمان الشخصي الخاص لا سلطة له على الحياة العامة. وبتعبير آخر،
لقد خططوا إستراتيجيتهم لعلمنة الإسلام ولتحويل المسلمين إلى نمط الحياة الأوربي الإلحادي.
وإذا ما قدر للحضارة الغربية إن تنجح في النهاية في هزيمة الإسلام والسيطرة عليه وفي دمج العالم
الإسلامي برمته في نظام علماني عالمي جديد أسسه الغرب، فان الإستراتيجية تتطلب أن يكون الحجاز
تابعا للنفوذ الغربي من أجل إضعاف الخلافة وإزالتها في نهاية المطاف. ومادامت الخلافة صامدة، فإنها
ستظل شوكة في عيون الغرب، الخلافة التي هي تجسيد لسلطة الإسلام على الحياة العامة والتي هي
رمز جبار للحكومة الدينية المركزية التي مثلت النظام الإسلامي العام وكانت بحق نظام السلام
الإسلامي، فضلاً عن كونها نقطة للتجمع يمكن من خلالها تعبئة العالم الإسلامي لتكوين قوة قتالية فعالة.
لقد كان هنالك ارتباط وثيق بين )القوة( وبين الخلافة في الإسلام !.
وإذ كان البريطانيون مدركون للأهمية القصوى للحج والحرمين من أجل إعطاء الشرعية للخلافة
العثمانية فضلاً عن ديمومتها، فقد ركزوا جهودهم الدبلوماسية في الحرب العالمية الأولى على إخراج
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
11
الحجاز من سيطرة الخليفة العثماني. وقد تم لهم هذا عندما نجحوا في إغراء الشريف حسين شريف –
مكة الذي عينه العثمانيون والذي هو الجد الأكبر للملك حسين ملك الأردن للخروج على الخليفة –
العثماني ولفرض سلطته الشخصية على الحجاز بإشراف وحماية التحالف البريطاني الصديق.
وبحلول عام 6961 وفي خضم الحرب العالمية الأولى كان الخليفة العثماني قد فقد سيطرته على مكة
وجدة، أي الحجاز الجنوبي. أما سيطرته على المدينة فقد دامت خلال الحرب حتى فقدها في نهاية عام
6969 حينما أغريت بعض القوات العثمانية في داخل المدينة المنورة للخروج على قائدهم البطل فخري
.) باشا ) 6
وبعد أن فقد الخليفة العثماني سيطرته على الحجاز أضحت الخلافة عاجزة جداً إلى حد أنها لم تلبث في
اسطنبول سوى بضع سنوات حتى انهارت كليا.ً وهذا كان بالفعل نجاحا باهراً للدبلوماسية البريطانية.
لقد أدى ضعف الخلافة إلى زعزعة البناء الكلي للإمبراطورية العثمانية الإسلامية. وانهارت في نهاية
المطاف. وفي عام 6969 سيطرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال )الينبي( على القدس. ومن الملفت
للنظر أن )الينبي( حينما دخل المدينة المقدسة قال )لقد انتهت الحروب الصليبية أخيراً الآن(. وإذا كان
هنالك أدنى شك حيال الخطر الداهم على الإسلام الذي تشكله الدبلوماسية البريطانية في شبه الجزيرة
العربية لكانت مقولة )الينبي( هذه كفيلة بإزالتها تماما.ً
فما عناه )الينبي( هو أن الإسلام أصبح الآن نمراً بلا أسنان. وأن مصيره هو أن يبقى عاجزاً دائما ومن
ثم يكون غير قادر على الرد على خسارة القدس بنفس الطريقة التي رد بها )صلاح الدين الأيوبي( حينما
سيطر الصليبيون على القدس.
لقد قاتل العرب إلى جانب )الينبي( من أجل سلب القدس من حكم الخليفة العثماني. وكان هؤلاء العرب
آنذاك بانتظار التقاتل على الجيفة التي خلفها الانتصار البريطاني على اسطنبول. وقد طمعوا بالحكم
المحلي للحجاز، ولكن كان من الضروري الانتظار لرؤية ما إذا كان بوسع الخليفة العثماني استعادة
، القوة اللازمة لإعادة فرض سيطرته على الحجاز. ولكن حينما ألغيت الخلافة في 9 آذار عام 6991
أصبح من الجلي عدم وجود مثل هذا التهديد. وفي ذلك اليوم بالذات بدأ عملاء بريطانيا تكالبهم على
الجيفة التي خلفتها خيانتهم للحكم الإسلامي العثماني.
وفي 7 آذار من عام 6991 قام الشريف حسين بخطوة استباقية في المطالبة بالخلافة لنفسه. وكانت أكثر
مزاياه أهمية أنه كان يتمتع واقعيا بالحكم المحلي للحجاز. وكان يتباهى بكونه هاشميا،ً أي أنه كان من
نسل بني هاشم وهي نفس العشيرة القرشية التي ينتمي إليها النبي نفسه. وفي الواقع كان لهذا الأمر وزن
كبير بين العلماء، حتى إن كبير القضاة في إمارة شرق الأردن وافق على الفور على الطلب واعترف
بالحسين كخليفة.
أما ميزته الأخرى، والتي كانت قيمتها محل شك بين جموع المسلمين، ولكنها كانت ثقيلة في ميزان
سياسات القوى في شبه الجزيرة العربية، فهي كون الشريف حليفا لبريطانيا، القوة العظمى آنذاك، وكان
قد تلقى دعما ماليا ودبلوماسيا وعسكريا ضخما من بريطانيا في ثورته الناجحة ضد السلطة العثمانية في
الحجاز. لقد ارتكب الشريف حسين، حينما طالب بالخلافة لنفسه، أفدح وأشنع خطأ عندما لم يحصل أولاً
على موافقة البريطانيين ليفعل ما فعل. وهذا هو واقع )الدولة العميلة( الجوهري، فالحرية تكون محدودة
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
12
فيها بشكل مؤثر. لقد تجاوز الشريف حسين القانون الأساسي لسلوك الدولة العميلة. فماذا كان رد فعل
البريطانيين يا ترى؟
إن السياسة البريطانية الآن في شبه جزيرة العرب متعددة الاتجاهات ولكنها متحدة في نفس الوقت. فقد
كان هناك أولاً، وقبل كل شيء، هدف سلب السيطرة على الحرمين من الخليفة. وكان الغرض من ذلك
إضعاف شرعيته، وبالتالي إضعاف سيطرته على بقية العالم الإسلامي ومن ثم تسهيل هزيمة العثمانيين
في الحرب العالمية. ثانيا،ً أرادت بريطانيا نظاما صديقا يسيطر على الحجاز ليتسنى لها التلاعب
بسياسات شبه الجزيرة بصورة أفضل. وأخيراً، فقد كانت سياسات شبه الجزيرة وهزيمة العثمانيين
مرتبطة بصورة إستراتيجية بجهود الصهيونية لبناء اتحاد شيطاني مع بريطانيا سعيا في إنشاء وطن
قومي لليهود في فلسطين. وقد اتضحت هذه السياسة المتحدة في نهاية المطاف بمعاهدة سايكس بيكو –
. في عام 6961 وبإعلان بلفور في عام 6967
ومن ثم فإن "القوة العظمى" )في ذلك الوقت( وما يدعى "الشعب المختار" سيكونان مرتبطين في اتحاد
له تبعات حقيقية جسيمة عليهما وعلى البشرية.
لقد كان هدف السياسة المتحدة تفكيك النظام الإسلامي العام برمته ليصير الإسلام عاجزاً عن منع
الصهاينة من تحقيق هدفهم. وقد أبُطلت المؤسسات الإسلامية المرتبطة كليا بنظام )أهل الذمة والجزية(
الإسلامي العام في الإمبراطورية العثمانية الإسلامية عام 6211 كنتيجة مباشرة للضغط الأوربي. ولكن
ما دامت مؤسسة الخلافة باقية فسيكون بإمكان النظام الإسلامي العام دائما أن يتباطأ ثم ينتعش في نهاية
المطاف. لذا فان الهجمة على مؤسسة الخلافة كانت ذات أهمية قصوى من أجل تحقيق الهدف الأوربي
اليهودي النهائي. –
وقد كان من الواضح أيضا لدى البريطانيين والصهاينة أن إنشاء وطن قومي لليهود )أي دولة إسرائيل
اليهودية( في فلسطين المسلمة غير ممكن وليس من المؤمل أن يدوم طالما كان للعالم الإسلامي خليفة
بوسعه تعبئة موارده الهائلة وحماسه الديني وتوجيه ذلك لأهداف عسكرية. لذا فان السيطرة على
الحجاز، والذي كان غاية في الأهمية في سياسات شبه الجزيرة، كان أمراً أولته الدبلوماسية البريطانية
أقصى اهتمامها.
ولكن مطالبة الشريف حسين الهاشمي بالخلافة لم يتلاءم مع الأهداف الدبلوماسية البريطانية، إذ إن تلك
المطالبة كان من الممكن لها على الدوام أن تنجح. وحينئذ سيكون الشريف حسين قد عبأ العالم الإسلامي
إلى درجة تمكنه من إعادة تأسيس النظام الإسلامي العام و "نظام السلام الإسلامي" على الأرض التي
تمثل رمزاً إسلاميا قوي ا،ً ومن ثم سيشكل خطراً على النفوذ والسيطرة البريطانية على أرجاء واسعة من
دار الإسلام. فضلاً عن أن عالما إسلاميا منبعث ا من جديد من شأنه أيضا أن يجعل السيطرة اليهودية على
فلسطين والقدس أمراً مستحيلاً.
لذلك فقد أعطت بريطانيا مباركتها لعميل بريطانيا الآخر في شبه الجزيرة، ألا وهو عبد العزيز بن
سعود، ليتحرك ضد حسين ولينتزع منه السيطرة على الحجاز. وكان هذا منتهى فن الخداع وقمة النفاق.
فقد اس تخُدم أحد العملاء للتخلص من عميل آخر.










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 23:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

لقد رعت بريطانيا صداقة ابن سعود و تحالفه معها خلال الحرب واستخدمت كعادتها الدبلوماسية – -
المالية )أي الرشوة(. فقد كان ابن سعود يتقاضى شهريا مبلغ 1111 جنيه إسترليني من الخزانة
البريطانية لقاء حياديته الكريمة تجاه ثورة الحسين ضد الخليفة وتجاه فرض الحكم الهاشمي على الحجاز
وتجاه الجهود البريطانية على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري في شبه الجزيرة التي كانت موجهة ضد
الدولة العثمانية الإسلامية. لقد برر ابن سعود مخالفته الصريحة لأمر اله عزوجل ولأمر رسوله بطريقة
) شيطانية عن طريق تسمية هذه الرشوة بالجزية.)القرآن 1611
ولكن الدبلوماسية البريطانية حيال ابن سعود كانت موجهة لأغراض ذات أهمية إستراتيجية أكبر بكثير
من مجرد الحيادية في الحرب وأكبر من التخلص من الشريف حسين المتهور. لقد كان لابن سعود
إمكانيات أكبر بكثير بدأت بريطانيا بالتحرك الآن لاستغلالها على أثر مطالبة الشريف حسين بالخلافة.
إن قوة ابن سعود في نجد، والتي عادت من جديد بالسيطرة على الرياض عام 6919 ، كانت نتاج تحالف
قديم بين زعيم القبيلة وبين الزعيم الديني لفرقة الوهابية. وما ضمنه هذا التحالف هو أنه طالما سيسيطر
أحفاد زعيم القبيلة على القوة السياسية ضمن الأراضي التي يحكمها التحالف، فان الشؤون الدينية ستكون
خاضعة لسلطة أحفاد الزعيم الديني. وبالتالي فقد كان لزاما أن يقع السعوديون النجديون تحت ضغط
الوهابيين في محاولة لإخضاع قلب الإسلام )الحجاز( بالقوة للفهم الوهابي لحقيقة الدين.
وكانت بريطانيا في منتهى السرور لإعطاء ابن سعود الضوء الأخضر كي يحرك قواته ضد حسين بعد
أربعة أيام من مطالبة الهاشمي بالخلافة لنفسه. ولم يكن بوسع ابن سعود الصبر ليتحرك ضد حسين
والسبب مهما بدا غريبا هو أن السيطرة اليهودية على القدس والسيطرة الوهابية على الحجاز – –
كلتيهما واجهتا نفس التهديد. ولم يكن لأي منهما أن تتحقق أو أن تدوم طالما للعالم الإسلامي خليفة

يحكمه.

وبمؤازرتهم لابن سعود فان البريطانيين كانوا يضمنون عدم إمكانية عودة الخلافة ما دام السعوديون –
الوهابيون يفرضون هيمنتهم على الحجاز. وزد على ذلك أن البريطانيين قد تيقنوا أن النظام الإسلامي
العام لم يكن بمقدوره الاستمرار دون وجود الخلافة، وبالتالي فان العالم الإسلامي سيضعف كثيراً إلى
حد استحالة تعبئته لمنع إنشاء دولة إسرائيل اليهودية. وقد علمت بريطانيا كذلك أن الوهابيين أنفسهم لا
يمكنهم أن يطالبوا بالخلافة إذ أن خليفةً وهابيا سيكون دوما محل رفض الأغلبية الساحقة من المسلمين
في العالم. لذا فان بريطانيا بسحب دعمها لحسين وإعطائه لابن سعود كانت في الحقيقة تواصل هجمتها
الوحشية على مؤسسة الخلافة وعلى النظام الإسلامي المركزي العام.
وتمكن ابن سعود خلال أشهر قليلة من انتزاع مكة، أما حسين فقد هرب إلى جدة. ثم تدخلت بريطانيا في
آخر المطاف لإبعاده كليا من شبه الجزيرة فعرضت عليه منفى مريح في قبرص. وسرعان ما أصبحت
المدينة المنورة وجدة أيضا تحت الحكم السعودي الوهابي. –
لقد نجح التحالف السعودي الوهابي قبل أكثر من قرن مضى في التغلب على دفاعات الطائف ومكة –
حيث ترتب على ذلك حمامات دم بأحجام مفجعة في الواقع. فقد عد الوهابيون، بحماسهم المتعصب،
المسلمين القاطنين في الحجاز كمشركين وبالتالي فان هذا يجعل من الجائز قتلهم. ومن جانبه قام الخليفة
في اسطنبول بالإيعاز إلى محمد علي، خديوي مصر المملوكي، ليرسل جيشا إلى الحجاز بقيادة ابنه
إسماعيل. وقد تم طرد المحاربين السعوديين الوهابيين بالقوة إلى خارج الحجاز ثم إلى الصحراء. –
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
14
ورغم ذلك فبعد مضي قرن من الزمن لم يعد هنالك خليفة وأضحت جميع المجتمعات الإسلامية تحت
السلطة الاستعمارية الغربية. أضف إلى ذلك أن ابن سعود تمتع بالحماية التي وفرتها له صداقته
لبريطانيا العظمى التي كانت القوة العظمى آنذاك. وبناء على ذلك فلم تكن هنالك أية احتمالية قريبة
لإزاحة القوات السعودية الوهابية من الحرمين والحجاز. –
وعلى الرغم من كون ابن سعود متمتعا بالسيطرة الآمنة على الحجاز، فقد بقي يواجه مشكلة حقيقية
كبيرة إثر استهلال حكمه هناك عام 6991 . فقد كان عليه أن يبتكر إستراتيجية معينة ليتجنب الاحتمالية
بعيدة الأمد المتمثلة في تكرر الكارثة التي حلت على الحكم السعودي الوهابي السابق على الحجاز. –
ويبدو أنه فكر أولاً بسياسة للمصالحة مع المسلمين غير الوهابيين فضلاً عن استخدام سلطته على
الحجاز لتعزيز قضية توحيد الأمة. وهكذا وبعد فترة وجيزة من حصوله على السيطرة على مكة وبعد
حصوله على اعتراف سكانها به كسلطان للحجاز، قام ابن سعود بإعلان موجه للعالم الإسلامي كانت
فحواه أن الحجاز مع الحرمين هو ملك لكل العالم الإسلامي وأنه، أي ابن سعود، يضع الحجاز تحت
سيطرته كأمانة لا غير نيابة عن العالم الإسلامي.) 1( ومن ثم قام ابن سعود بدعوة العالم الإسلامي
برمته كي يرسلوا ممثليهم إلى مكة كي يتسنى لهم تأسيس إدارة كفوءة وعادلة للحجاز مبنية على أساس
الشورى والإجماع.
إن هذا البيان المهم كان متماشيا بالكلية مع شروط النظام الإسلامي العام. وكان الحجاز آنذاك لا يزال
دار الإسلام التي أسسها النبي. إذ لم تكن هناك إلى حد الآن أية إشارة لأية دولة سعودية قد تطالب ب
)السيادة الإقليمية( في الحجاز. وكانت حقوق المسلم في ربوع دار الإسلام ما تزال تحظى بالاعتراف
والاحترام.
ولكن لسوء الحظ فان هذا القلق حيال وحدة العالم الإسلامي وهذا الإعلان الحماسي الخاص بالوضع في
الحجاز لم يمثل الخطط السعودية الوهابية الحقيقية الخاصة بالحجاز. فالأمر لم يتجاوز كونه قضية –
)سياسات توافقية( تم وضعها من أجل حماية السعوديين الوهابيين على أعقاب مبادرة خطيرة تبنتها –
جامعة الأزهر في القاهرة بعد فترة وجيزة من إلغاء الخلافة العثمانية. وبالفعل فقد كان لمبادرة الأزهر
انعكاسات محفوفة بالمخاطر على ابن سعود وعلى الحكم السعودي الوهابي على الحجاز. فضلاً عن –
أنها شكلت مأزقا حرجا للصهاينة والبريطانيين المنتصرين. لقد اقترح الأزهر عقد مؤتمر إسلامي
عالمي للخلافة )مؤتمر الخلافة( في القاهرة وكان من المقرر لهذا المؤتمر، من بين أمور أخرى، تعيين
خليفة جديد للعالم الإسلامي.
ولو أن الوهابيين كانوا أصلاً مذعنين للإسلام لرحبوا بجهد الأزهر هذا من أجل تحقيق الامتثال لأحد
متطلبات الشريعة الأساسية، ألا وهو تأسيس خلافة حقيقية. ولطالما اعتبر الوهابيون الخلافة التي تلت
الخلافة الراشدة باطلة وكان أحد أسباب ذلك أن هذه الخلافة لم تؤسس بطريقة تتماشى مع الشروط
الشرعية. والآن وبما أن الخلافة الباطلة قد ألغيت وكان مركز التعليم الإسلامي الرئيسي بصدد عقد
مؤتمر إسلامي عالمي لمناقشة مسألة الخلافة ولتفعيل عملية تعيين خليفة جديد، فلم يكن على الوهابيين
قبول ذلك فحسب، بل كان عليهم تقديم كل تعاون ممكن ولكان عليهم المشاركة بطريقة جدية في هذا
المؤتمر من أجل ضمان عودة الخلافة الحقيقية.
ولكن الوهابيين لم يكن لديهم هذا الامتثال للإسلام. فقد كان تصرفهم في الحقيقة عبارة عن تدين انتقائي
و نفعي وانتهازي. لقد عرف الوهابيون أن العالم الإسلامي ما كان ليقبل خليفة وهابيا،ً ونتيجة لذلك فقد










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 23:02   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

وجدوا ما يلائمهم في إنكار أحد المتطلبات الأساسية للنظام الإسلامي العام. فقد جندوا كل طاقاتهم
لتخريب مؤتمر الخلافة في القاهرة. وكانت إستراتيجيتهم تقضي بتنظيم مؤتمر منافس في مكة في موسم
الحج من عام 6991 . وكان ذلك يعني أن مؤتمر مكة سينعقد بعد شهر من انعقاد مؤتمر القاهرة، الأمر
الذي سيجعل من الصعب على الوفود أن يحضروا المؤتمرين كليهما. وبما أن مؤتمر مكة تم توقيته
ليكون متوافقا مع الحج، وكان هذا المؤتمر يحظى بالدعم الفعال للبريطانيين فقد كان له حظوة واضحة
على مؤتمر القاهرة.
ثانيا،ً لقد قاموا وعلى وجه التخصيص باستبعاد مسألة الخلافة من جدول أعمال مؤتمر مكة. لقد كانت
هذه المحاولة المكشوفة لتخريب مؤتمر القاهرة ولدفن الخلافة تمثل أكثر من دليل دامغ لفضح مزاعم
الوهابية في ادعائهم أنهم أبطال الشريعة والإسلام.
إن استجابة العالم الإسلامي لهذه المنافسة، أي مؤتمر الخلافة في القاهرة في أيار/حزيران من عام
6991 ومؤتمر العالم الإسلامي في مكة في تموز 6991 ، هو موضوع جدير بالبحث الجدي. فعلى
سبيل المثال ما مقدار الدبلوماسية البريطانية الذي تم بذله من أجل ضمان أن يبقى المجتمع الهندي
المسلم المهم الذي ساند الخلافة العثمانية إلى حد أنهم أسسوا جمعية الخلافة الهائلة بعيداً عن مؤتمر - -
الخلافة في القاهرة ويحضر بدلاً عن ذلك إلى مؤتمر مكة المنافس الذي اس تبُعدت مسألة الخلافة على
وجه الخصوص من جدول أعماله؟ ليس هناك سوى القليل من البحث في هذا الموضوع.
ومع ذلك، فما كان جليا هو أن مؤتمر مكة قد حقق انتصاراً تكتيكيا على مؤتمر القاهرة، وهو انتصار
كان له انعكاسات هائلة على بقاء كل من مؤسسة الخلافة و النظام الإسلامي العام التقليدي، أي )دار
الإسلام(. وقد تمنى منظمو مؤتمر القاهرة أن يضمنوا التوافق مع النظام الإسلامي التقليدي للمنظمة
السياسية. إلا أنهم كانوا عاجزين فكريا عن إيضاح كل من مفهوم النظام الإسلامي العام )دار الإسلام(
والمفهوم الإسلامي لنظام عالمي قادر على إقناع العالم الإسلامي المتشكك.
ومن ناحية أخرى فان منظمي مؤتمر مكة لم يرغبوا في البقاء أوفياء للنظام الإسلامي العام بكل ما
يتضمنه هذا النظام من الخلافة ودار الإسلام ...الخ بسبب المصالح الممنوحة لهم. بل إنهم بدلاً من ذلك
اختاروا قبول نظام منافس خاص بمنظمة سياسية كان قد ظهر في الحضارة الغربية الحديثة، ذلك النظام
الذي اخترق مركز الخلافة العثمانية ذاته، ألا وهو نظام الدولة القومية العلمانية بعينه. وقد فعلوا ذلك
لأن نظام الدولة القومية كان النظام الوحيد الذي يستطيع من خلاله السعوديون الوهابيون بصورة –
ملموسة متابعة جهدهم لكسب الاعتراف والشرعية لصالح حكمهم على الحجاز وبالتالي ضمان بقاء
الدولة السعودية. لقد موهوا مخططاتهم الحقيقية وقاموا بمحاولة مدروسة لاستغفال العالم الإسلامي.
وكان نجاحهم في لعبة الخديعة هذه متجليا بشدة في الصفة التمثيلية التي تحلى بها مؤتمر مكة.
إن النصر التكتيكي الذي أحرزه مؤتمر مكة في منافسته لمؤتمر القاهرة كان له دور مهم في تهيئة
الطريق لبقية العالم الإسلامي، وبضمنه قلب الإسلام، كي يتبعوا في النهاية مثال مصطفى كمال
ونموذجه للدولة العلمانية في تركيا. ومنذ عام 6991 و تاريخ العالم الإسلامي يسجل من جهة الدواهي
التي تم حقنها في جسد الأمة من خلال هذه المنظمة السياسية الدخيلة، ومن جهة أخرى يسجل
المحاولات الساذجة والمشوشة والسطحية لعلماء الإسلام المعاصرين في إعادة بناء النظام الإسلامي
العام على الأسس العلمانية لنظام الدولة القومية.
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
16
وما أفرزته هذه الجهود كان هدف )الأسلمة( وهدف تأسيس )الدولة الإسلامية( داخل نظام الدولة
القومية. ولكن هذين الهدفين كانا عديمي الجدوى لان تحقيقهما كان ولا يزال مستحيلاً ما لم يتم في – –
البدء إلغاء بعض المكونات الضرورية من الدولة القومية، أي ضرورية لبقائها كمؤسسة علمانية.
وقد غامر كل من الدكتور محمد إقبال والملا أبو الأعلى المودودي في اجتهادهم من أجل إعادة بناء
النظام الإسلامي العام في إسلام ما بعد الخلافة. وقد تمخضت جهودهم عن مفهوم اسمه )الدولة
الإسلامية(. ولكن للأسف فان جهود إنشاء الدولة الإسلامية أدت إلى إبعاد نظام المنظمة السياسية
الإسلامي التقليدي للأمة أو النظام الإسلامي العام نظام السلام الإسلامي أو دار الإسلام وجعله في – –
عزلة تامة. وكنتيجة لذلك أصبح الفكر السياسي في العالم الإسلامي مض ل لاً بصورة كبيرة وبالتالي
أضحى الاضطراب الشديد الناتج عن ذلك مستمراً حتى يومنا هذا










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 23:03   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
17
الفصل الثاني
انهيار الخلافة العثمانية وقيام الدولة القومية السعودية الوهابية –
الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة العثمانية
لقد كانت الحرب العالمية الأولى بالنسبة للعالم الإسلامي أكبر من كونها مجرد حرب أوربية. فلقد كانت
بلا ريب حربا أدت إلى ثورات و تغيرات في العالم الإسلامي لم يشهد مثلها خلال ثلاثة عشر قرنا من
وجوده.
أولاً، إن الإمبراطورية العثمانية، التي كانت اكبر قوة للمسلمين ومقراً للخلافة المعاصرة، دخلت الحرب
إلى جانب قوى المحور. وفي الوقت الذي لا يزال فيه القرار موضع جدل إذ أن القيادة العثمانية وحتى -
اللحظة الأخيرة لم تقرر هل ستدخل الحرب أم لا، وإذا ما دخلت فأي جانب ستساند فقد كان هناك -
أسس لتخمين وجود دور بريطاني صهيوني في القضية. –
فالقادة اليهود الصهاينة قد قاموا بعدة محاولات فاشلة لعقد اتفاق مع الخليفة يقضي بسيطرة اليهود –
على القدس. حتى إنهم قدموا عرضا لشراء المدينة المقدسة. وقد ساندت بريطانيا هذه المحاولات
اليهودية الصهيونية. –
وكان لبريطانيا في الحرب أهداف سياسية وعسكرية كان أهمها قهر الإسلام بصفته قوة عالمية واحتلال
القدس وإنشاء وطن يهودي في فلسطين من شأنه أن يمزق الشرق الأوسط ويراقبه بالنيابة عن الغرب 1 .
وقد حاولت القيادة العثمانية كما هو متوقع تعبئة الدعم في مجهودها الحربي من العالم الإسلامي بأسره.
وفي هذا الصدد قام شيخ الإسلام في الدولة الإسلامية العثمانية بإصدار فتوى وبيان في 99 تشرين
الثاني من عام 6961 معلنا الجهاد ومطالبا جميع المسلمين بالقتال ضد قوات الحلفاء. غير أن
الدبلوماسية البريطانية نجحت في تعزيز واستغلال القومية العربية في شبه الجزيرة العربية كوسيلة
فعالة لمهاجمة وتقويض القوة الهائلة التي تتمتع بها الأخوة الإسلامية العالمية. وكنتيجة لذلك فقد تمرد
العرب ضد الحكم العثماني على أساس عرض قدمته بريطانيا للمساعدة على تحقيق الاستقلال الوطني.
وفي أقل من سنتين من بدء الحرب كان الشريف حسين من ادعى كونه "ملك العرب" والذي هو –
الحليف القوي للبريطانيين وأبو جد الملك حسين ملك الأردن قد نجح في تمرده ضد السلطة العثمانية –
وتم تنصيبه ملكا على قلب الإسلام، الحجاز. وكان عاقبة ضياع مكة و بالتالي المدينة أن الاستغاثة التي
أطلقها الخليفة العثماني لجميع المسلمين قد لاقت ضرراً يتعذر إصلاحه.
أما البريطانيون فقد أتبعوا نجاحهم في الحجاز بتنصيب أولاد حسين كملوك على العراق وعلى إمارة
شرق الأردن كذلك. وبحلول عام 6969 دخل الجنرال البريطاني )الينبي(، مع القوات العربية التي
قاتلت معه بإخلاص، كمنتصر إلى القدس حيث أعلن أن الحروب الصليبية قد انتهت أخيراً. وظلت
1 هذا الاستنتاج قد اصبح اكثر تحديدا بعد 11 سنة من دراسة المؤلف لعلم اخر الزمان حيث انه قد توصل الى نتيجة ان الغرض من انشاء الكيان
الصهيوني هو في الحقيقة لتمكينه من حكم العالم وخروج المسيح الدجال منه ، الطبعة الثانية من الكتاب سوف تحتوي تفصيلات اكثر حول هذا
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
18
فلسطين تحت الانتداب البريطاني )بتفويض من عصبة الأمم( حتى انسحب منها البريطانيون في عام
6912 وأعلن الصهاينة اليهود تأسيس دولة إسرائيل.
لقد هزمت الإمبراطورية العثمانية في الحرب شر هزيمة. فقد جمعت قوات الحلفاء تفوقها العسكري مع
سلاح نفسي كان له تأثيرات بعيدة المدى على الإسلام. فقد نجح البريطانيون والفرنسيون في كسب الدعم
الإسلامي العسكري )بطرق فاسدة أكثر من كونها عادلة( من الهند والمغرب ومناطق أخرى، وهكذا
أصبح المسلم العربي وغير العربي كلاهما يقاتلان ضد أخوانهم المسلمين الأتراك. والنتيجة لم تكن
هزيمة الإمبراطورية العثمانية فحسب، بل دُمرت أسسها الإسلامية العالمية.
وعلى أنقاض هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى خاضت قوات القوميين الأتراك بقيادة
مصطفى كمال الحرب تلو الحرب إلى حد أن القوات الأوربية التي أنهكتها الحرب، والتي أحجمت عن
التدخل استجابة لرأيها العام المحلي، لم يكن بوسعها أن تفعل شيئا لمنع الأتراك من إلحاق الهزيمة
الشنعاء باليونانيين وكسب الحرية التركية. وقد أعطت معاهدة لوزان الموقعة عام 6991 الاعتراف
العالمي بذلك والذي كان نتاج السواعد التركية على أرض المعركة.
القوميون الأتراك والخلافة
لقد كانت قوات القوميين الأتراك في صراع مستمر مع الخليفة لأكثر من خمسين عاما يناضلون من أجل
تحديد سلطاته من خلال نظام دستوري يحل محل ما اعتبروه دكتاتورية استبدادية. وكانت قوات
القوميين الأتراك في الأساس علمانية في مظهرها السياسي وكانوا متأثرين للغاية بما فهموه كتفوق جلي
للحضارة الغربية على الخلافة العثمانية وعلى الإمبراطورية الإسلامية.
وفي أعقاب ضياع مكة والمدينة وبعد أن حارب إخوانهم المسلمون ضدهم في الحرب، فقد أحسوا بعدم
وجود أي رابط ملزم تجاه العالم الإسلامي. وسرعان ما توجهوا لتحويل نظامهم السياسي من النموذج
القديم المتمثل ب "دار الإسلام" أو النظام الإسلامي العام إلى النظام الغربي المتمثل بالدولة القومية
العلمانية الحديثة، أي الجمهورية التركية.
وفي مثل هذا التحول فقد كان من المحتم ولا يزال وجود نوع من فصل "الكنيسة" عن "الدولة"، إذ – –
أن هذا هو الأساس الحقيقي للنموذج الغربي.) 1( وقد قامت الجمعية العمومية الوطنية التركية، المخلصة
للنموذج العلماني الجديد الذي كانت تمثله، بتعيين عبد المجيد كخليفة في عام 6999 ليكون رئيسا "للكنيسة" الإسلامية. إلا أن خلافته كانت مجردة من جميع سلطاته. فهذه السلطات كانت منوطة بالدولة.
وقد كان من المحتم على النموذج الجديد أن ينهار في البيئة الإسلامية لتركيا. فقد كان ولا يزال من – –
المحال أن نفعل مع الإسلام نفس ما فعله الأوربيون للمسيحية بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية. فلم
يكن الخليفة ولن يكون مساويا للبابا. ) 1( فلم يكن هنالك مجال للعلمانية السياسية في النظام – –
الإسلامي طالما أن الإسلام التقليدي لم يفرق بين الكنيسة والدولة. فضلاً عن عدم وجود شيء اسمه
"كنيسة" إسلامية.










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 23:08   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

وسرعان ما أصبح جليا أن النموذج الجديد للدولة القومية الحديثة ما كان ليظهر طالما كانت مؤسسة
الخلافة قائمة. وقد ظهرت ثمة علامات )كالمساندة البريطانية لجمعية الخلافة في الهند( على أن أعداء
الجمهورية الكمالية قد يلجئون إلى استخدام الخليفة لزعزعة الجمهورية ومن ثم لتنحية مصطفى كمال.
وبدورها فإن القوات القومية التركية فهموا بسرعة وبوضوح أن الدولة القومية في البيئة الإسلامية عليها
إما أن تستجمع قواها للسيطرة على الإسلام ولجعله خاضعا للدولة، أو تقاسي مصيرها )حسب وجهة
نظرهم( حينما يسيطر الإسلام على الدولة ويستعيد "دار الإسلام".
لذا فلم يكن من المفاجئ أن تتبنى الجمعية العمومية الوطنية التركية في 9 آذار من عام 6991 قانونا آخر يلغي الخلافة. وكانت المادة الأولى من القانون كالآتي:
"يعزل الخليفة، وتلغى مؤسسة الخلافة طالما أن الخلافة ممثلة بصورة أساسية في معاني ودلالات كلمة
) "الحكومة" وكلمة "الجمهورية". ) 7
إن نص هذا القانون قد سجّل لحظة حاسمة في تاريخ الأمة. فبعد مدة دامت ألفا وثلاثمائة سنة كانت
مؤسسة الخلافة خلالها تحظى باعتراف المسلمين كلهم تقريبا من دون استثناء )أي المسلمين السنيين(
كضرورة من ضرورات الدين، حتى حينما كان كرسي الخلافة يُؤخذ بطرق مخالفة لمبادئ الإسلام،
وجد العالم الإسلامي نفسه في القرن الرابع عشر من وجوده من دون خليفة. لقد كان التغير أكيداً ودائما،
حتى إن المرء قد يعذر حين يستنتج أن العالم الإسلامي الآن قد انتقل إلى مرحلة ما بعد الخلافة من
وجوده.
رد جامعة الأزهر على إلغاء الخلافة العثمانية
إن المغزى من إلغاء الخلافة موجود في نفس المادة الأولى من قانون الإلغاء، بمعنى أن الخلافة كانت قد
استبدلت وحل محلها الدولة القومية العلمانية الحديثة. لقد استبدلت مؤسسة تعد جزءً من الدين الإسلامي
بتأثير من الفكر السياسي والحضارة الغربيان، وحل محلها نظام سياسي ينتمي للعالم الغربي، أما
مصطلحات )الحكومة والجمهورية( التي استخدمت في النموذج التقليدي القديم فقد أصبحت تستخدم الآن
بمعنى جديد كي يلائم النموذج الجديد. حتى أن مفكراً عظيما كالدكتور محمد إقبال لم يفهم بصورة
– – ) ملائمة على ما يبدو الطبيعة الحقيقية للتغيير الذي كان يجري.) 2
وإذ أن الخلافة هي أحد مكونات الدين الإسلامي، فقد كان من الواضح )من وجهة النظر الدينية( أن
هنالك بدعة كبيرة وشنيعة تقترف، الأمر الذي يتطلب رداً دينيا مناسبا.ً وبعد اثنين وعشرين يوما من
إقرار القانون في الجمعية العمومية الوطنية التركية التقى شيخ جامعة الأزهر في القاهرة بأبرز العلماء
الموجودين في الجامعة وفي مصر وتم إصدار البيان التالي بشأن الخلافة:
"إن حقيقة الخلافة، التي هي مرادفة للإمامة، هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا. وإن وظيفتها
الرئيسية هي حفظ حوزة الملة وإدارة الأمة".
وقد حصر البيان هذه "الرئاسة العامة" في منصب الإمام الذي تم تعريفه بما يلي:
"هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان لتنفيذ أحكام الشرع وإدارة الشؤون المدنية حسب ما تقتضيه
الشريعة.
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
20
"ولا يكون الإمام إماما إلا إذا تابعه أهل الحل والعقد في الأمة ) 9( بعقد البيعة، أو إذا اختاره الخليفة
ليكون خليفة من بعده.
"وتنعقد الإمامة أيضا عن طريق التغلّب، أي إذا تغلبت جهة أخرى على الخليفة واستولت على مكانه
فان الخليفة يخسر منصبه. وفي بعض الأحيان فان الإمامة المكتسبة بالتغلب تتعزز بعقد البيعة أو
) باختيار الخليفة السابق كما كان الحال بالنسبة لأغلب الخلفاء في الماضي" ) 61
وبالعودة إلى الموقف الصعب الذي يواجههم، فان البيان قد أدان أمرين على أنهما بدعة لم يكن لها سابقة
في الإسلام، أما الأول فقد كان تعيين عبد المجيد في خلافة قد جردت من سلطتها، وهو الأمر الذي تبنته
الجمعية العمومية الوطنية التركية، وأما الثاني فقد كان إلغاء الخلافة.
ولما كانت هذه البدعة متعارضة كليا مع العقائد الدينية، فقد خلص العلماء إلى ضرورة عقد مؤتمر
إسلامي يدعى لحضوره ممثلون عن كل الشعوب الإسلامية لدراسة موضوع من سيتولى أعباء الخلافة
الإسلامية.
لقد كان هذا آنذاك أول رد جدي للعالم الإسلامي على إلغاء الخلافة العثمانية. إلا أنه من الضروري
ملاحظة أن الاقتراح قد مثل ابتعاداً ملفتا للنظر عن السلوك السياسي المعهود في النموذج الإسلامي
التقليدي. حتى أن المرء قد يعتبره بدعة. فقد كان علماء الأزهر يقترحون استخدام مؤتمر إسلامي، حتى
وإن كان مؤتمراً يشارك فيه ممثلون عن جميع الشعوب الإسلامية، لتعيين خليفة جديد. فحتى النصف
الأول من القرن الأول في التاريخ الإسلامي لم يتم انتخاب خليفة عن طريق الشعب. ولم يحدث في كل
) التاريخ الإسلامي أن ينتخب خليفة عن طريق جمعية أو مؤتمر لممثلي الشعوب الإسلامية. ) 66
لقد واجه المقترح المصاعب السابقة حتى أن اللجنة المسئولة عن التخطيط للمؤتمر استبدلت القضية
)الانفجارية( في انتخاب خليفة جديد ووضعت بدلها الموضوع الأقل إثارة للجدل والعملي بصورة اكبر
المتمثل بتحليل الوضع وردود الأفعال المتوقعة. ومع هذا فإن النقطة الأهم هي أنه وللمرة الأولى في
تاريخ التكوين السياسي للمسلمين قامت هيئة مهيبة مكونة من مسلمين متعلمين، وبصورة علنية، بتقديم
فكرة تتمحور حول إمكانية أن تتولى جمعية أو مؤتمر من ممثلين عن جميع الشعوب الإسلامية مناقشة
واتخاذ قرارات تخص أهم شؤون الأمة.
وإنه لمن الصعب بمكان أن نقرر ما إذا كان هذا راجعا إلى تأثير الحضارة الغربية كما يريدنا توينبي أن
نعتقد. ) 69 ( وعلى الرغم من ذلك فمن الصواب القول أن المؤتمر المقترح مادام يستخدم الشورى
والإجماع فسيظل أقرب إلى الإسلام التقليدي من الخلافة كما صورتها جميع العصور الماضية من
وجودها باستثناء العقود القليلة الأولى.










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-02, 23:13   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الموضوع مهم ومهم للغاية
مثل حيتنا تماما
انا حبيت اعطي للاعضاء نظرة كبيرة ومغيبة على اذهان الكثير من المسلمين وخاصة جيلنا الحالي
وحتى لا ياتيك ناس مدلسة يلبسون الظاهر من الدين عقيدة وسنة
وياتون يمارسون دجلهم علينا
تفقهوا جيدا اخواني الاعضاء في الموضوع
راح نكمل الموضوع غدا ان شاء الله
وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى الله وصحبه ومن اتبعهم بحق الى يوم الدين
واخر دعوانا ان الحمد لله ربي العالمين

وهو هدية وانتصار للاكبر جامعة سنية في العالم
الازهر الشريف حفظه الله ونصر به الدين
فمؤتمر الاول في الازهر في القاهرة لعودة
الخلافة 1926 لن ننساه ابدا









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-06, 20:20   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

نعتذر عن التاخر
وراح نصصح الاخظاء في بعض الكلمات وارقام التواريخ التي ظهرت غصبا اثناء النقل مكتبوبة من اليمين الى اليسار
فالمعذرة للاعضاء وراح نتداركها في التصحيح مستقبلا ان شاء الله
نواصل
وهذا موقع تحميل الكتاب كاملا

http : // www . mediafire.com/view/?guftdq4vi9o1j54

انزع الفراغات









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 19:04   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

راح احوال التغلب على المشكل في النسخ واللصق
الخلل من الموقع ذاته
اذا كان هناك من يعرف حل للمشكلة فيقدر يساعدنا










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 19:14   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
userdz
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 19:19   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمدللله على فضله زال الخلل









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 19:24   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
21
الفصل الثالث
– مؤتمر الخلافة في القاهرة حزيران 6291
جدول الأعمال
كان لمؤتمر الخلافة الذي عقد أخيراً في القاهرة في شهر حزيران من عام 6991 برنامج يتضمن النظر
في المواد التالية:
-6 بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام.
-9 هل الخلافة واجبة في الإسلام؟
-9 بم تنعقد الخلافة؟
-1 هل يمكن الآن إيجاد الخلافة المستجمعة للشروط الشرعية ؟
-5 إذا لم يكن من الميسور إيجاد هذه الخلافة فما الذي يجب أن يعمل ؟
-1 إذا ما افترضنا أن المؤتمر قرر أن من الضروري نصب خليفة، فما هي الخطوات التي يجب
أن تتُخذ لتفعيل هذا القرار؟"
الوفود
لقد جاءت الوفود التي حضرت المؤتمر من مصر وليبيا وتونس ومراكش وجنوب أفريقيا وجزر الهند
الشرقية الهولندية )إندونيسيا الآن( واليمن والحجاز )الآن في العربية السعودية( وفلسطين والعراق
وبولندا. وقد كان واضحا غياب وفود الكثير من الدول والمجتمعات الإسلامية المهمة كتركيا وفارس
)إيران الآن( وأفغانستان ونجد )الآن في العربية السعودية( و المجتمعات الإسلامية في روسيا والصين
والهند.
أما تركيا فقد رفضت دعوة المشاركة متذرعة بأن دولتها لا تعاني من أي مشكلة مع الخلافة. وأما
إيران، الدولة الشيعية، فلم تظهر أي اهتمام بمؤتمر الخلافة السني. أما مسلمو روسيا والصين والهند
وكل الأقليات التي تعيش في بيئات معادية للإسلام فقد تبنت موقفا مشتركا تمثل في ابتعادهم عن مؤتمر
الخلافة في القاهرة معتبرين إياه ممارسة أكاديمية بحتة واجتماعا مجرداً من أية قوة حقيقية، حتى إنه من
المستبعد أن يمنحهم أية مساعدة أو حماية ملموسة. ولكنهم فعلوا ذلك في الأساس بسبب وجود مؤتمر
منافس قد رتب له شخص يبدو أنه يشكل قوة حقيقية، ألا وهو عبد العزيز بن سعود. وفي الواقع كان هذا
الأخير في هلع قاتل خشية عودة الخلافة، فقد انتزع لتوه السيطرة على مدينتي مكة والمدينة المقدستين
وضمها لسلالته المالكة.
وأخيراً فقد كان من بين الحضور في مؤتمر القاهرة شيخ الطائفة السنوسية )الصوفية( السيد إدريس
السنوسي الملقب بأمير برقة وطرابلس. وقد أشُيع أن هنالك احتمالية قوية لانتخابه كخليفة إذا ما قرر
) المؤتمر أن يختار شخصا لهذا المنصب. ) 69









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 19:26   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
alkachif
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
22
جلسات المؤتمر
لقد انعقد المؤتمر بواقع أربع جلسات في 69 و 61 و 62 و 69 حزيران من عام 6991 . و في الجلسة
الأولى تم تعيين اللجنة الأولى لغرض "النظر في المقترحات وعرضها أمام المؤتمر". وسرعان ما
اقترحت اللجنة أن تنعقد جلسات المؤتمر "بسرية". وقد رُفض هذا المقترح في الجلسة الرابعة التي
حضرها كامل الأعضاء مع حصيلة أن نحتفظ بالمحضر الحرفي الكامل لهذا المؤتمر كوثيقة عامة.
)61(
وفي الجلسة الثانية لكامل الأعضاء عُينت اللجنتان الثانية والثالثة، أما اللجنة الثانية فقد وكل إليها النظر
في الفقرات 6و 9و 9 من جدول أعمال المؤتمر، أما اللجنة الثالثة فقد وكل إليها النظر في الفقرات 1و
1و 1. إن قرارات اللجان الثانية والثالثة إضافة إلى المناقشات والقرارات المستندة إلى هذه التقارير قد
شكلت جوهر عمل المؤتمر. وقد آن الأوان لننتقل إلى تحليل هذه التقارير.
اللجنة الثانية
لقد اعتمدت اللجنة الثانية في تعريف الخلافة على المؤلفات الموثقة للعلماء أمثال الماوردي وابن خلدون
وآخرين. بل إنها ركزت بالخصوص على حقيقة أن الخليفة لا بد أن يجمع في منصبه بين القيادة الدنيوية
والدينية. ثانيا،ً لا يجوز أن يكون هناك أكثر من خليفة واحد في كل مرة طالما أن دور مؤسسة الخلافة
) يتمحور، من بين أشياء أخرى، على توحيد الأمة. ) 61
وكان السؤال الثاني الذي واجهته اللجنة )هل الخلافة واجبة في الإسلام؟( أمراً لا يصدق على أقل تقدير.
فلدينا هنا مؤسسة كانت دائما ذات أهمية جوهرية لنظام الحكم بالنسبة للمسلمين السنة والتي كانت مع
المسلمين منذ ممات النبي. وقد عاشت الأمة على مر تاريخها ليس مع الخلافة وحسب، ولكنها، إضافة
إلى ذلك، لم تفكر بجدية أبداً في إمكانية وجود بديل لها. و من المؤكد أن المرء إذا ما تلبس بالمقترح
القائل أن هنالك بديلاً ممكنا عن الخلافة فسيكون عرضةً لتهمة بالغة الخطورة وهي الابتداع. ومع هذا،
وكنتيجة لما عمله شخص واحد وهو مصطفى كمال التركي، فقد كان أعلى مركز للتعليم في العالم
الإسلامي أجمع مطروحا أمام مؤتمر الخلافة للنظر في السؤال: هل الخلافة ضرورية في الإسلام؟
وعلى أية حال فربما كان هذا هو السؤال الأهم الذي كان على الأمة أن ترد عليه في تاريخها كله. فقد
خلصت اللجنة، كما هو محتم، إلى تأكيد أن الخلافة كانت ضرورة في الإسلام ولكنها أمر لا يمكن
تحقيقه في ذلك الوقت. ) 61 ( وبتعبير آخر، فقد أوجب اله على المسلمين أمراً لم يكن باستطاعتهم تحقيقه
في ذلك الوقت. ولكن هذا الجواب كان بالكاد مقنعا،ً حيث إن اله العالم بكل شيء لا يكلف عباده ما لا
يطيقون.
وحينئذ، فأما أن لا تكون الخلافة ضرورة في الإسلام أو إنها كانت ضرورة ولا يمكن تحقيقها. وفي كلا
الحالتين فإن الفشل في إعادة تأسيس الخلافة سيكون ذنبا مشتركا سيعاقب المؤمنون عليه.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحمد, الحق, العاملون, حاول, طمسه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:36

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc