فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة - الصفحة 33 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-16, 16:46   رقم المشاركة : 481
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث ( مَن استغفر للمؤمنين كتب له بكل مؤمن حسنة )

السؤال

جاء في الحديث ( مَن استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب له بكل مؤمن حسنة ) ما المقصود بالحديث ؟ وهل هو على ظاهره ؟

الجواب

الحمد لله


أولا :

لم يصح حديث في تعيين فضل معين للاستغفار للمؤمنين والمؤمنات

وما ورد في ذلك لا يثبت ، وفي أسانيدها ضعف وفي متونها نكارة ، إذ فيها مبالغة في الأجر لا تتناسب مع العمل ، وهذه هي الأحاديث الواردة في ذلك :

1- عن عبادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة )

رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (3/234) من طريق بكر بن خنيس عن عتبة بن حميد عن عيسى بن سنان عن يعلى بن شداد بن أوس عن عبادة بن الصامت .

وعيسى بن سنان : ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن معين في رواية .

انظر "تهذيب التهذيب" (8/212)

وعتبة بن حميد : قال فيه أحمد : ضعيف ليس بالقوي . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .

وأما بكر بن خنيس فأكثر كلمة المحدثين على تضعيفه ونكارة حديثه .

انظر "تهذيب التهذيب" (1/428)

فلا وجه لقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) : إسناده جيد

. وعليه اعتمد الشيخ الألباني في تحسينه في "صحيح الجامع" (6026)

لأنه لم يطلع على سنده في "مسند الشاميين" إذ لم يكن قد طبع بعد .

2- عن أم سلمة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( من قال كل يوم اللهم اغفر لى وللمؤمنين والمؤمنات ألحق به من كل مؤمن حسنة )

رواه الطبراني في الكبير(23/370) وفي إسناده أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي ، جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (1/255)

: " قال يحيى : ضعيف ، ليس حديثه بشيء ، وقال مرة : متروك الحديث .

وقال النسائي والدارقطني: متروك . وقد مشاه شعبة ، وقال : اكتبوا عنه ، فإنه شريف . وقال البخاري : سكتوا عنه . وذكره ابن عدى وساق له بضعة عشر حديثا معروفة ، لكنها منكرة الاسناد " انتهى .

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210)

: " فيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف " انتهى .

3- عن أنس رضي الله عنه ، جاء عنه من طريقين :

- من طريق عمر بن عبيد الطنافسي عن شعيب بن كيسان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ :

( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات رد الله عز و جل عليه من آدم فما دونه ).

رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/219

) والعقيلي في "الضعفاء" (2/182) وابن بشران في "الأمالي" (برقم/244) وغيرهم .

قلت : فيه علتان : الأولى : ضعف شعيب بن كيسان ، والثاني : الانقطاع بينه وبين أنس ، فقد قال البخاري عقب إخراجه له : " لا يعرف له سماع من أنس ، ولا يتابع عليه "

لذلك ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/277) في منكراته

وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 321) : وسنده ضعيف .

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5976) : " منكر " انتهى .

- من طريق معمر عن أبان عن أنس مرفوعا بلفظ :

( ما من عبد يدعو للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عليه عن كل مؤمن ومؤمنة مضى أو هو كائن إلى يوم القيامة بمثل ما دعا به )

رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/217)

قلت : وأبان الذي يروي عنه معمر بن راشد هو ابن أبي عياش اتفقت كلمة المحدثين على تضعيفه وتركه .

انظر "تهذيب التهذيب" (1/99)

4- عن أبى الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة أو خمسا وعشرين مرة أحد العددين كان من الذين يستجاب لهم ويرزق بهم أهل الأرض )

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) :

" رواه الطبراني وفيه عثمان بن أبى العاتكة ، وقال فيه حدثت عن أم الدرداء ، وعثمان هذا وثقه غير واحد وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله المسمين ثقات " انتهى .








 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2018-12-16 في 16:47.
رد مع اقتباس
قديم 2018-12-16, 16:48   رقم المشاركة : 482
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


5- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من لم يكن عنده مال يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانها صدقة )

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/128)

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) : " فيه من لم أعرفهم " انتهى .

6- عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، فإنها زكاة )

رواه ابن حبان (3/185) في صحيحه ، وإسناده ضعيف ؛ لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم ، وقد ضعفها أحمد وأبو داود وغيرهما

انظر "تهذيب التهذيب" (3/209)

ثانيا :

الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات من دعاء الرسل والأنبياء الكرام ، فقد دعا به نوح عليه السلام : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) نوح/28

ودعا به إبراهيم عليه السلام فقال : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) إبراهيم/41

وأمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يدعو به فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) محمد/19

وحكاه الله عن المؤمنين الصادقين المخلصين فقال : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10

فيستحب لجميع المسلمين الدعاء بالمغفر لإخوانهم المسلمين ، الأحياء منهم والميتين ، ولا شك أن الملائكة ستؤمن على دعائه وسيأتيه مثل ما دعا به .

روى عبد الرزاق في "المصنف" (2/217) :

" عن ابن جريج قال : قلتُ لعطاء : أَستَغفرُ للمؤمنين والمؤمنات ؟

قال : نعم ، قد أُمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، فإنَّ ذلك الواجبَ على الناس ، قال الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ )

قلتُ : أفتدع ذلك في المكتوبة أبداً ؟ قال : لا .

قلت : فبِمَن تبدأ ، بنفسك أم بالمؤمنين ؟

قال : بل بنفسي ، كما قال الله : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ ) " انتهى .

يقول ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/298-299) :

" والجميعُ مشتركون في الحاجة بل في الضرورة إلى مغفرةِ الله وعفوِه ورحمتِه

فكما يُحبُّ - أي المسلم - أن يَستغفرَ له أخوه المسلمُ ، كذلك هو أيضاً ينبغي أن يستغفرَ لأخيه المسلم

فيصير هِجِّيراه : ربِّ اغفر لي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات ، وقد كان بعضُ السلف يستحبُّ لكلِّ أحدٍ أن يُداوم على هذا الدعاء كلَّ يوم سبعين مرَّة ، فيجعل له منه وِرداً لا يُخلُّ به .

وسمعتُ شيخَنا - أي ابن تيمية – يذكرُه ، وذكر فيه فضلاً عظيماً لا أحفظه

وربَّما كان مِن جملة أوراده التي لا يُخلُّ بها ، وسمعتُه يقول : إنَّ جعلَه بين السجدتين جائزٌ ، فإذا شهدَ العبدُ أنَّ إخوانه مصابون بمثل ما أُصيب به

محتاجون إلى ما هو محتاجٌ إليه لَم يمتنع من مساعدتهم إلاَّ لفرطِ جهله بمغفرة الله وفضلِه ، وحقيقٌ بهذا أن لا يُساعَد ، فإنَّ الجزاءَ من جنس العمل " انتهى .

فتضعيف الأحاديث السابقة هو تضعيف لأن تكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولخصوص الأجور المذكورة فيها ، وذلك لا يعني عدم استحباب الاستغفار لجميع المسلمين والمسلمات .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:02   رقم المشاركة : 483
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



قصة خرافة عن كوكب " الزهرة " ونجم " سهيل "


السؤال


ما هي حقية كوكب الزهرة أنها كانت امرأة ، ونجم سهيل أنه كان رجلا ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد لعنهما .

الجواب

الحمد لله

أولا :

القصة التي تُروى عن كوكب الزُّهرة ، جاءت في سياق قصة أخرى تحكي أمر هاروت وماروت ، حاصلها أن الملائكة تعجبوا مِن عصيان بني آدم في الأرض

فأمرهم الله أن يختاروا منهم مَن ينزل إلى الأرض وتركب فيه الشهوة ، كي ينظروا أيطعيون أم يعصون ، فاختاروا هاروت وماروت ، فجاءت الزهرة – امرأة حسناء – فتعرضت لهما حتى أغوتهما

ثم مسخها الله كوكبا في السماء ، وأدرك الملائكةُ الأمر فاستغفروا للمؤمنين .

جاءت هذه الرواية من حديث ابن عمر على وجهين :

1- من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار .

وذلك من طرق عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار به .

رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/73-74) وعنه الطبري في "تفسيره" (2/429-430) ، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/306) ، وهذا سند صحيح متصل رجاله ثقات .

2- من قول النبي صلى الله عليه وسلم :

وذلك من طريق نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، وقد رواه عن نافع ثلاثة :

- فرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

عند الطبري في تفسيره (2/432) . وفرج بن فضالة : له أحاديث مناكير .

انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (8/262)

ومعاوية بن صالح : له أوهام .

انظر: "تهذيب التهذيب" (10/211)

- زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر به مرفوعا .

رواه أحمد في المسند (2/134) ، وعبد بن حميد (787) ، وابن حبان في صحيحه (14/63)

والبزار (2938) – كشف الأستار- ، والبيهقي في "السنن" (10/4-5) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (662) . وموسى بن جبير :

قال فيه ابن حبان : يخطئ ويخالف . وقال ابن القطان : لا يعرف حاله

. كذا في "تهذيب التهذيب" (10/339)

وزهير بن محمد فيه كلام أيضا ، خلاصة حكم الحافظ ابن حجر عليه أنه ثقة يغرب ويأتي بما ينكر .

انظره في "تهذيب التهذيب" (3/350)

- موسى بن سرجس عن نافع :

كما عند ابن مردويه - كذا نقله ابن كثير في تفسيره (1/354) - ، وموسى بن سرجس لم يُنقل عن أحد فيه حكم ، فهو مجهول الحال ، وقد ضعف الترمذي حديثا له رواه في سننه

. انظر "تهذيب التهذيب" (10/307)

وبذلك يتبين أن الرواية الصحيحة هي من كلام كعب الأحبار ، وليست المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن رفعه [ أي نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ]

منكر ظاهر من خطأ بعض الرواة ، دلنا على ذلك اجتماع قرائن نكارة المتن وضعف السند ، ومخالفة الصحيح .

لذلك قال أبو حاتم - كما في "العلل" (2/69) – عن واحدة من روايات الرفع :

"هذا حديث منكر" انتهى .

وقال البزار : " وإنما أتى الرفع هذا عندي من زهير ؛ لأنه لم يكن بالحافظ " انتهى .

وقال البيهقي عن روايته عن كعب الأحبار : " وهذا أشبه " انتهى .

ويقول ابن كثير رحمه الله بعد أن وصف الروايات عن نافع بالغرابة :

" وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار

لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع ، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل "

انتهى . "تفسير القرآن العظيم" (1/354)

وقد مال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" إلى تصحيح أصل القصة فقال (ص/39) :

" له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة ، لكثرة الطرق الواردة فيها وقوة مخارج أكثرها " انتهى .

غير أن كلام المتقدمين الذين ضعفوا الرواية أولى وأقرب ، فالطرق الكثيرة مخالفةٌ للطريق الصحيحة

وضعف رواتها يرجح رجوعها إلى كعب الأحبار وليس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد علق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيق المسند (2/143) على كلام الحافظ بقوله :

" أما هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها ، فلا ، فإنها كلها طرق معلولة أو واهية ، إلى مخالفتها الواضحة للعقل

لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط

بل من ناحية أن الكوكب الذي تراه صغيرا في عين الناظر قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف ، فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة " انتهى .

ومن أظهر علامات نكارة القصة التفاوت الكبير في ألفاظ رواياتها ، فمنها المختصر ومنها المطول

ومنها الزائد ومنها الناقص ، وبعضها فيها لعن النبي صلى الله عليه وسلم كوكب الزهرة وبعضها يسكت عن ذلك ، بل ومنها ما يذكر مسخ الزهرة إلى كوكب

ومنها ما يسكت عنه ، أما الرواية عن كعب الأحبار فقد جاءت بلفظ واحد مختصر ، ليس فيه ذكر قصة الزهرة ومسخها إلى كوكب ، وإنما تقتصر على قصة الملكين هاروت وماروت .

وقد وردت القصة عن ابن مسعود وابن عباس من الصحابة رضوان الله عليهم ، وعن جماعة من التابعين

ساق مروياتهم الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ثم قال (1/360) :

" وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين ، كمجاهد والسدي والحسن وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم

وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين ، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى

وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها ، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:02   رقم المشاركة : 484
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

أما ما يُحكى عن النجم " سُهيل " ، أنه كان رجلا من بني آدم ، ثم مُسخ إلى نجمٍ مُعلق في السماء ، فكل ما ورد فيه مكذوب موضوع ، وقصة خرافة يتناقلها الناس والرواة ، وهذا تفصيله :

1- عن عمرو بن دينار أنه صحب ابن عمر في السفر ، فكان إذا طلع سُهيلٌ قال : لعن الله سهيلا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كان عشَّارا

– يأخذ عشر الأموال ضريبة - يظلمهم ويغصبهم أموالهم ، فمسخه الله شهابا ، فجعله حيث ترون )

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/147) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم/651) ، والبزار – كما في "كشف الأستار" (1902 و903) جميعهم من طريق إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار به

قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا إبراهيم بن يزيد .

لكن عند البزار متابعة مبشر عن عمرو بن دينار ، إلا أنها متابعة ساقطة ، فقد قال البزار بعد إخراجه لهما :

" لا نعلم أحدا رواه عن عمرو بن دينار عن ابن عمر إلا إبراهيم : وهو لين الحديث , وإنما ذكرناه على ما فيه من العلة لأنا لم نحفظه إلا من هذين الوجهين " انتهى .

وذكره الذهبي في "الميزان" (3433) في ترجمة مُبَشِّر ، وعده من مناكيره .

وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/187) :

" هذا الحديث لا يصح موقوفا ولا مرفوعا " انتهى .

ومن دلائل نكارة الحديث وتخليط إبراهيم بن يزيد أنه يرويه مرة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ، ومرة عن عمرو عن عبد الرحمن بن السايب عن ابن عمر .

كما أسنده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق الدارقطني -

2- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لعن الله سهيلا - ثلاث مرات - , فإنه كان يعشر الناس في الأرض , فمسخه الله شهابا )

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/108) ,

وكذا أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (649،650) في باب : ما يقول إذا رأى سهيلا

. والخطيب البغدادي في "السابق واللاحق" (ص/78) والدارقطني في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني (4/187)

من طريق جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه .

يقول ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/188) :

" وقد رواه وكيع عن الثوري موقوفا وهو الصحيح . وهذا لا يصح لأن مداره على جابر الجعفي . قال جرير : لا أستحل أن أروي عنه . وقال أبو حنيفة : ما رأيت أكذب منه . وقال يحيى بن معين : لا نكتب حديثه " انتهى .

وجاء في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني (4/187) :

" وسئل عن حديث أبي الطفيل عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا رأى سهيلا لعنه وقال : كان رجلا ينحس الناس بالظلم فمسخه الله شهابا .

فقال : يرويه جابر الجعفي ، واختلف عنه :

فرواه الثوري عن جابر : فقال إبراهيم بن خالد وأبو حذيفة عن الثوري عن جابر عن أبي الطفيل عن علي ولا أراه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وخالفهما وكيع ومحمد بن عبد الوهاب القناد فروياه عن الثوري موقوفا بغير شك .

ورواه عيسى بن يونس عن أخيه إسرائيل عن جابر مرفوعا أيضا ، ورفعه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن جابر .
والصحيح موقوفا " انتهى .

3- وفي رواية أخرى عن علي بن أبي طالب بسياقٍ مختلفٍ جاء فيها :

" أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن المُسوخ ؟ فقال : هم ثلاثة عشر...فذكرها ثم قال :

وأما سهيل فكان عشَّارًا باليمن ، وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت وماروت " انتهى .

عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1/249) للزبير بن البكار في "الموفقيات" ، و"ابن مردويه" و"الديلمي" ولم أقف على إسناد منها .

ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" في " باب ذكر المسوخ " (1/185) بسنده ثم قال :

" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما وضعه إلا ملحد يقصد وهن الشريعة بنسبة هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

أو مستهين بالدين لا يبالي ما فعل ، والمتهم به مغيث – مولى جعفر بن محمد عنه عن أبيه عن جده عن علي - .

قال أبو الفتح الازدي : خبيث كذاب لا يساوي شيئا ، روى حديث المسوخ ، وهو حديثٌ منكر .

قال المصنف – ابن الجوزي - : وحديث ابن حبيبة الصحيح : ( فإنه ما مسخ الله عز وجل شيئا فجعل له نسلا ) يرد هذا " انتهى .

فالحاصل أنه لم تثبت الحكاية عن مسخ رجل إلى النجم " سهيل " بسند مرفوع صحيح

وكل ما ورد في ذلك من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فهي أحاديث منكرة ضعيفة ، حكم عليها أهل العلم بالوضع والترك ، منهم الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (4196) .

وغاية ما هنالك أنه قد تصح فيها بعض الآثار الموقوفة عن بعض الصحابة ، غير أن هذه الآثار ليس لها حكم الرفع ، والأخذ بما فيها موضع شك ، لاحتمال تلقيها عن بني إسرائيل احتمالا قويا ظاهرا

كما هو الأمر في قصة مسخ الزهرة إلى الكوكب المعروف ، والخرافات التي ترويها الإسرائيليات تأتي بهذا القبيل من القصص والأحداث .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:08   رقم المشاركة : 485
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صحة حديث : " اللهم فارج الهم وكاشف الغم "

السؤال

ما صحة هذا الحديث : ( اللهم فارج الهم ، وكاشف الغم ، ومجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة مَن سواك )

الجواب

الحمد لله


أولا :

جاء نص هذا الدعاء في حديثين اثنين :

1- في حديث عائشة رضي الله عنها قالت :

( دخل علي أبو بكر ، فقال : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه ؟ قلت : ما هو ؟

قال : كان عيسى بن مريم يعلمه أصحابَه قال : لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه : "

اللهم فارج الهم ، كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك "

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكانت علي بقية من الدين ، وكنت للدين كارها ، فكنت أدعو بذلك ، فأتاني الله بفائدة فقضاه الله عني .

قالت عائشة : كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم ، فكانت تدخل علي فأستحيي أن أنظر في وجهها ؛ لأني لا أجد ما أقضيها ، فكنت أدعو بذلك

فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ، ما هو بصدقة تصدق بها علي ، ولا ميراث ورثته ، فقضاه الله عني ، وقسمت في أهلي قسما حسنا ، وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق ، وفضل لنا فضل حسن )

رواه البزار – عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) – وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق" (رقم/40) والطبراني في "الدعاء" (1/317)

وابن عدي في "الكامل" (2/203) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47/472) ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/696)

والبيهقي في "دلائل النبوة" (رقم/2420) وفي "الدعوات الكبير" (رقم/167) وفي مسند الفردوس للديلمي (رقم/1988)

من عدة طريق عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الحكم بن عبد الله الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة به .
وقال الحاكم : " وهذا حديث صحيح غير أنهما لم يحتجا بالحكم بن عبد الله الأيلي " انتهى .

والصواب أن الحكم بن عبد الله الأيلي ضعيف الحديث جدا ، وكذبه غير واحد من الأئمة

جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (2/332) : "

كان ابن المبارك شديد الحمل عليه . وقال أحمد : أحاديثه كلها موضوعة . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال السعدي وأبو حاتم : كذاب . وقال النسائي والدارقطني وجماعة : متروك الحديث .

وقال البخاري : تركوه كان ابن المبارك يوهنه البتة وفي رواية يضعفه . وقال مسلم في "الكنى" : منكر الحديث " انتهى باختصار فإن تشنيع العلماء على حديثه كثير .

وبهذا يتبين أن الحديث منكر أو موضوع ، خلافا لما ذهب إليه الإمام الحاكم رحمه الله

ولهذا وضعفه الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/57)

وذكر له علة أخرى هي عدم سماع القاسم من عائشة ، وحكم عليه بالضعف أيضا الإمام السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) ، وحكم عليه الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1143) بالوضع .

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يا علي ! ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك : توضأ ، وصل ركعتين ، واحمد الله ، وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات

ثم قل : اللهم ! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين

اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )

يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/5287) :

" منكر : أخرجه الأصبهاني (2/ 534/ 1278 - ط) عن إسحاق بن الفيض : أخبرنا المضاء : حدثني عبدالعزيز عن أنس مرفوعاً .

قلت – الشيخ الألباني - : وهذا إسناد ضعيف مظلم ... " ثم فصل القول في علله رحمه الله ، فانظر الموضع المشار إليه من الضعيفة .

والخلاصة أن نص هذا الدعاء لم يرد من طريق صحيح ، بل طرقه شديدة الضعف ، لذلك حكم عليه العلماء بالوضع وأوردوه في كتب الموضوعات

كما في "تذكرة الموضوعات" للفتني (ص 53) ، "تنزيه الشريعة" (2/333) ، "الفوائد المجموعة" (ص 59 ، 52) .

ثانيا :

لا حرج في أن يجعل المرء ذلك من دعاء نفسه ، أو أن يسأل الله الحاجات بألفاظه

فهي عبارات صحيحة لها شواهد كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة

فيها تذلل وتقرب وإظهار خضوع لله رب العالمين ، كما فيها توسل بصفات الله تعالى ورحمته التي وسعت كل شيء ، فمن دعا به – من غير اعتقاد مزيد فضل له ولا خصوص أجر – يرجى له القبول والاستجابة .

عن عبد الرحمن بن سابط قال :

( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك )

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/109)

بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، لكن عبد الرحمن هذا من التابعين ، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (6/181)

فيكون حديثه مرسلا ، والحديث المرسل يستأنس به في الأذكار والدعاء .

بل إن الدعاء ، متى استقام معناه ، وصح لفظه ، جاز الدعاء به ، ولو لم يكن مأثورا أصلا ، فباب الدعاء مفتوح لمن يجتهد فيه

وإن كان الدعاء المأثور الثابت أعظم بركة ، وأسد معنى ، وأبعد عن التكلف والعدوان في الدعاء .

وانظر جواب السؤالين القادمين

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:12   رقم المشاركة : 486
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تشرع صلاة الحاجة ؟

وهل تنفع التجربة لفعلها ؟


السؤال

صلاة الحاجة باثنتي عشرة ركعة مع التشهد بين كل ركعتين وفي التشهد الأخير نثني على الله عز وجل ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسجد ونقرأ

فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات ونقول عشر مرات " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير "

ثم نقول : " اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " ثم نسأل حاجتنا ونرفع رأسنا من السجود ونسلم يميناً و يساراً .

سؤالي هو :

قيل لي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في السجود وقد جربتها في أيام الدراسة والله سبحانه وتعالى استجاب دعائي وأنا لي حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وأريد أن أصليها فما هي نصيحتكم لي ؟.


الجواب

الحمد لله

رويت " صلاة الحاجة " في أربعة أحاديث : اثنان منهما موضوعان ، والصلاة في أحدهما اثنتا عشرة ركعة ، وفي الآخر ركعتان ، والثالث ضعيف جدّاً ، والرابع ضعيف ، والصلاة فيهما ركعتان .

أما الأول : فهو الذي جاء في السؤال وهو من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين

فإذا تشهدت من آخر صلاتك فأثنِ على الله ، وصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم

واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات ، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات

ثم قل : اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة

ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ، ثم سلِّم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب لهم ) .

رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 63 ) من طريق عامر بن خداش عن عمرو بن هارون البلخي .

ونقل ابن الجوزي تكذيب عمرو البلخي عن ابن معين ، وقال : وقد صح النهي عن القراءة في السجود .

انظر : " الموضوعات " ( 2 / 63 ) و " ترتيب الموضوعات " للذهبي ( ص 167 ) .

وفي الدعاء بـ " معاقد العز من عرش الله " خلاف بين العلماء ، على حسب المقصود من هذا اللفظ الذي لم يرد في الشرع ، وقد منع الدعاء به بعض أهل العلم ، ومنهم الإمام أبو حنيفة

لأنه من التوسل البدعي ، وأجازه آخرون لاعتقادهم أنه توسل بصفة من صفات الله عز وجل لا أنه يجوز عندهم التوسل بالمخلوقين .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" أقول : لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح ، رواه ابن الجوزي في " الموضوعات "

وقال : " هذا حديث موضوع بلا شك " ، وأقره الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " ( 273 ) فلا يحتج به

وإن كان قول القائل : " أسألك بمعاقد العز من عرشك " يعود إلى التوسل بصفة من صفات الله عز وجل : فهو توسل مشروع بأدلة أخرى ، تغني عن هذا الحديث الموضوع .

قال ابن الاثير رحمه الله : " أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أي : بالخصال التي استحق بها العرش العز ، أو بمواضع انعقادها منه ، وحقيقة معناه : بعز عرشك ، وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء " .

فعلى الوجه الأول من هذا الشرح وهو الخصال التي استحق بها العرش العز : يكون توسلاً بصفة من صفات الله تعالى فيكون جائزاً ، وأما على الوجه الثاني الذي هو مواضع انعقاد العز من العرش :

فهو توسل بمخلوق فيكون غير جائز ، وعلى كلٍّ فالحديث لا يستحق زيادة في البحث والتأويل ؛ لعدم ثبوته ، فنكتفي بما سبق " انتهى كلام الألباني .

" التوسل أنواعه وأحكامه " ( ص 48 ، 49 ) .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" هذا الحديث فيه من الغرابة كما ذكر السائل من أنه شرع قراءة الفاتحة في غير القيام في الركوع أو في السجود ، وتكرار ذلك ، وأيضًا في السؤال بمعاقد العز من العرش وغير ذلك

وكلها أمور غريبة ، فالذي ينبغي للسائل أن لا يعمل بهذا الحديث

وفي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا إشكال فيها ، وفيها من نوافل العبادات والصلوات والطاعات ما فيه الخير والكفاية إن شاء الله ‏" انتهى .

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود .

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً . رواه مسلم ( 480 ) .

وفي جواب السؤال رقم (34692) سبق ذكر الحديث وتضعيفه من جهة السند والمتن عن علماء اللجنة الدائمة فلينظر .

وأما الحديث الثاني الوارد في صلاة الحاجة فهو :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاءني جبريل عليه السلام بدعوات فقال : إذا نزل بك أمر من أمر دنياك فقدمهن ثم سل حاجتك : يا بديع السموات والأرض

يا ذا الجلال والإكرام ، يا صريخ المستصرخين ، يا غياث المستغيثين ، يا كاشف السوء ، يا أرحم الراحمين ، يا مجيب دعوة المضطرين ، يا إله العالمين ، بك أنزل حاجتي وأنت أعلم بها فاقضها ) .

رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) - ، وذكر الشيخ الألباني – رحمه الله – في " ضعيف الترغيب " ( 419 ) و " السلسلة الضعيفة " ( 5298 ) أنه موضوع .

وأما الحديث الثالث : فهو :

عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء

ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين

أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم ، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) .

رواه الترمذي ( 479 ) وابن ماجه ( 1384 ) .

قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وفي إسناده مقال .

وذكر الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 416 ) وقال : حديث ضعيف جدّاً .

وقد سبق تضعيف الحديث في جواب السؤال رقم (10387) فلينظر .

وأما الحديث الرابع فهو :

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا علي ، ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك ؟ توضأ وصل ركعتين واحمد الله وأثن عليه

وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم قل : اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم

الحمد لله رب العالمين ، اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) .

رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) وضعفه الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 417 ) وقال : إسناده مظلم ، فيه من لا يُعرف ، وانظر " السلسلة الضعيفة "( 5287 ) .

والخلاصة : أنه لم يصح في هذه الصلاة حديث ، فلا يشرع للمسلم أن يصليها ، ويكفيه ما ورد في السنة الصحيحة من صلوات وأدعية وأذكار ثابتة .

ثانياً :

وأما قول السائلة إنها جربتها فوجدتها نافعة : فهذا قد قاله غيرها قبلها ، والشرع لا يثبت بمثل هذا .

قال الشوكاني رحمه الله :

" السنَّة لا تثبت بمجرد التجربة ، وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنَّة ، وهو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجاً "

انتهى باختصار .

" تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" وأما ما ذكر من أن فلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ، وفلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ؛ هذا كله لا يدل على صحة الحديث ، فكون الإنسان يُجرِّب الشيء ويحصل له مقصوده لا يدل على صحة ما قيل فيه أو ما ورد فيه

لأنه قد يصادف حصول هذا الشيء قضاءً وقدراً ، أو يصادف ابتلاءً وامتحاناً للفاعل ، فحصول الشيء لا يدل على صحة ما ورد به ‏" انتهى .

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:15   رقم المشاركة : 487
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أدعية لقضاء الدين

السؤال

مستدين بديون تجارية متعلقة بالسوق ولكن كثرت الديون وتعددت لدرجة استحالة الوفاء بها في ظل الظروف السوقية الحالية ولا أجد سبيلا للسداد ....ماذا أفعل ؟.

الجواب

الحمد لله

نسأل الله تعالى أن يفرج همك وأن يقضي دينك ، وأن يرزقك من فضله .

وهذه بعض النصائح نرجو أن يكون فيها عون لك :

أولا :

أن تتحلى بالصبر ، وأن تسعى للتخلص مما أنت فيه بالبحث عن طرق مشروعة للكسب ، تجني منها بعض الأرباح ، وتعوض خسائرك ، وتقضي دينك

فأبواب الرزق واسعة ، وقد يبدأ الإنسان بعمل صغير ثم يبارك له فيه ، وهذا واقع مشاهد .

ثانيا :

أن تقلل من النفقة الخاصة بك ، وأن تعلم أن الدائنين أولى بكل ما زاد عن نفقتك الضرورية ، فلا تتهاون في أمر الدَّيْن ، ولا تسترسل في الإنفاق

ولا يحملنك اليأس من سداده على أن تنساه ، أو تقصر في البحث عن مخرج منه .

ثالثا :

أن تستسمح أصحاب الدين ، وأن تخبرهم بعجزك عن السداد ، وأن تطلب منهم المهلة ، فهذا خير لك من الهروب والمماطلة التي تزيدهم عليك حنقا وضيقا .

رابعا :

أن تصلح ما بينك وبين الله تعالى ، ليصلح لك ما بينك وبين الناس ، وقد وعد الله أهل طاعته بالمزيد من فضله

فقال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97

. وقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.

وقال : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ) نوح/10- 12.

فأكثر من الاستغفار والتوبة والعمل الصالح ، فإن رحمة الله قريب من المحسنين .

خامسا :

إذا كنت قد أخذت هذه الديون وأنت عازم على أدائها فعليك أن تحسن الظن بالله تعالى وتثق به أنه سيقضيها عنك ، روى البخاري ( 2387) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه )

وروى ابن ماجة ( 2409) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .

سادساً :

توجه إلى الله تعالى بالدعاء ، وأيقن بالإجابة ، فإن من أدمن طرق الباب ، يوشك أن يفتح له ، وتخير لدعائك أوقات الإجابة ، كالثلث الأخير من الليل ، وبعد عصر الجمعة

وما بين الأذان والإقامة ، وفي السفر ، وعند الفطر من الصوم .

وإليك بعض الأدعية المناسبة لحالك :

روى الترمذي (3563) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ، قَالَ : أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ

عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ، قَالَ : قُلْ : ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

والمكاتبة : تعهد العبد بدفع مال لسيده حتى يعتقه .

و( جبل صِير) اسم جبل .

وروى الطبراني في معجمه الصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : ( ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيناً لأداه الله عنك ؟ قل يا معاذ :

اللهم مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما

تعطيهما من تشاء ، وتمنع منهما من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ). وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1821).

وروى أحمد ( 3712 ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ

مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ

أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . قَالَ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ

أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1822).

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:23   رقم المشاركة : 488
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أحاديث نبوية في ذم الإسراف في الطعام

السؤال

ما صحة هذين الحديثين لو سمحتم : روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع ؛ فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، وضعفت قلوبهم

وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري . ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نأكل كل ما تشتهيه الأنفس ؛ فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت ) رواه ابن ماجه . وهل هناك في الشرع شيء ينهى أن يسرف المسلم في أكله

أو أن لا يستطيع التحكم في أكله ويأكل في كل وقت وحين ؟

حديث أو آية أو كتاب ممكن أن تنصحون به ينهى المسلم عن هذه الأمور ، أو يكلمنا عن هدي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، عن أكله ومطعمه . جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله

أولا :

شهوة البطن من أعظم المهلكات ، وسببُ كثيرٍ من الآفات والأمراض القلبية والبدنية

إذ تتبعها شهوة الفرج ، ثم الرغبة في الجاه والمال لتحقيق هاتين الشهوتين ، ويتولد من ذلك من أمراض القلوب الرياء والحسد والتفاخر والكبر بسبب الانشغال بالدنيا ، وغالبا ما يدفعه ذلك إلى المنكر والفحشاء

كله بسبب هذه الشهوة ، وقد قالت العرب قديما : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء .

يقول الله عز وجل : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31

وفي السنة النبوية من الحث على الاعتدال في الطعام ، وذم الإسراف الشيء الكثير :

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ

وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2265)

وعَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَكَلَ كَثِيرًا ، فَقَالَ : يَا نَافِعُ ! لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ) رواه البخاري (5393) ومسلم (2060)

يقول النووي في شرح هذا الحديث (14/25) :

" قال العلماء : ومقصود الحديث التقليل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها والقناعة ، مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده ، وأما قول ابن عمر فى المسكين الذى أكل عنده كثيرا :

" لا يدخلن هذا علي " ، فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ؛ ولأن القدر الذى يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة " انتهى .

وقد سبق ذكر أحاديث أخرى في هذا الباب ، فانظر السؤال القادم

ثانيا :

يلخص لنا ابن القيم رحمه الله تعالى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الطعام والشراب ، ويستخلصه من الأحاديث الصحيحة ، فيقول –

كما في "زاد المعاد" (1/147) -:

" وكذلك كان هديُه صلى الله عليه وسلم وسيرتُه في الطعام ، لا يردُّ موجوداً ، ولا يتكلف مفقوداً ، فما قُرِّبَ إليه شيءٌ من الطيبات إلا أكله ، إلا أن تعافَه نفسُه ، فيتركَه من غير تحريم ، وما عاب طعاماً قطُّ ، إن اشتهاه أكله

وإلا تركه ، كما ترك أكل الضَّبِّ لمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ ، ولم يحرمه على الأمة ، وأكل الحلوى والعسل

وكان يُحبهما ، وأكل لحم الجزور ، والضأن ، والدجاج ، ولحم الحُبارى ، ولحم حِمار الوحش ، والأرنب ، وطعام البحر ، وأكل الشواء ، وأكل الرُّطبَ والتمرَ... ولم يكن يردُّ طَيِّباً ، ولا يتكلفه

بل كان هديه أكلَ ما تيسر ، فإن أعوزه صَبَرَ حتى إنه ليربِطُ على بطنه الحجر من الجوع ، ويُرى الهلالُ والهلالُ والهلالُ ولا يُوقد في بيته نارٌ " انتهى باختصار .

ثالثا :

ذكر العلماء فوائد الاعتدال في الطعام وعدم الإسراف ، ومنها :

1- صفاءُ القلبِ وإيقادُ القريحة وإنفاذ البصيرة ، فإنّ الشبعَ يورثُ البلادةَ ويُعمي القلب ، ولهذا جاءَ في الحكمة ( مَن أجاعَ بطنَه عظُمت فكرتُه وفَطُن قلبُه ) .

2- الانكسارُ والذلُ وزوالُ البَطَرِ والفرحِ والأشرِ ، الذي هو مبدأُ الطغيانِ والغفلةِ عن الله تعالى .

3- أن لا ينسى بلاءَ الله وعذابه ، ولا ينسى أهلَ البلاء ، فإن الشبعانَ ينسى الجائعَ وينسى الجوع ، والعبدُ الفطنُ لا يجدُ بلاءَ غيرِه إلا ويتذكرُ بلاءَ الآخرة .

4- من أكبر الفوائد : كسرُ شهواتِ المعاصي كلّها ، والاستيلاءُ على النفسِ الأمّارةِ بالسوء ، فإنَّ منشأَ المعاصي كلِّها الشهواتُ والقوى ، ومادةُ القوى والشهواتِ لا محالة الأطعمة .

قال ذو النون : ما شبعتُ قطُّ إلا عصيتُ أو هممتُ بمعصية .

5- دفعُ النومِ ودوامُ السَّهر ، فإنَّ مَن شَبِع كثيرًا شرب كثيرًا

ومن كثر شربُه كثرَ نومه ، وفي كثرةِ النومِ ضياعُ العمر وفوتُ التهجدِ وبلادةُ الطبعِ وقسوةُ القلب ، والعمرُ أنفسُ الجواهرِ ، وهو رأسُ مالِ العبدِ ، فيه يتجر ، والنومُ موت ، فتكثيره يُنقِصُ العمر .

6- صحةُ البدن ودفعُ الأمراض ، فإن سببَها كثرةُ الأكل وحصولُ الأخلاط في المعدة ، وقد قالَ الأطباء : البِطْنةُ أصلُ الداء ، والحِميةُ أصلُ الدواء .

" ملخصة من إحياء علوم الدين (3/104-109) "

رابعا :

أما الأحاديث المذكورة في السؤال فلم يصح منها شيء :

الحديث الأول :

قالت عائشة رضي الله عنها : ( إن أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد قضاء نبيها صلى الله عليه وسلم : الشبع ، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم

فتصعبت قلوبهم ، وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري في "الضعفاء" –

كما عزاه إليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/335)

ورواه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (رقم/22)

من طريق غسان بن عبيد الأزدي الموصلي ، قال : حدثنا حمزة البصري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة به .

قلت : وهذا السند ضعيف جدا بسبب غسان بن عبيد ، جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (4/418)

: " قال أحمد بن حنبل : كتبنا عنه ، قدم علينا ههنا ثم حرقت حديثه . قال ابن عدي : الضعف على حديثه بين . – وفي رواية عن يحيى بن معين - ضعيف ...- ثم عد حديث عائشة الذي معنا من مناكيره – " انتهى بتصرف .

ولذلك قال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1239) : " منكر موقوف " انتهى .

تنبيه : جاء في السؤال نسبة هذا الحديث إلى البخاري ، وهذا خطأ كبير ؛ لأن إطلاق القول بـ : " رواه البخاري " ، ينصرف عادة إلى الصحيح ، والبخاري له كتب أخرى كثيرة ، يروي فيها الأحاديث بأسانيده

ولا يشترط فيها الصحة ، منها كتاب "الضعفاء الصغير" وهو مطبوع ، وله كتاب "الضعفاء الكبير" : ذكره ابن النديم وبروكلمان في "تاريخ الأدب" (ص/65) وأنه ما زال مخطوطا في مكتبة "بتنة" في الهند

فإذا قدر أن البخاري روى حديثا في شيء من كتبه ، سوى الصحيح الذي هو أعظم دواوين الإسلام ، فينبغي أن يبين عند نسبة الحديث :

رواه البخاري في التاريخ ، أو : في الضفعاء ، أو في الأدب المفرد .. ، مثلا ، ثم يبحث في سند الحديث : هل هو صحيح أو لا ، كما هو الحال في الكتب الأخرى .

وحديث عائشة هذا لعله في "الضعفاء الكبير" ، فقد بحثنا عنه في "الصغير" فلم أجده ، كما أن الضعفاء الصغير نادرا ما يذكر فيه الأحاديث والأسانيد . والله أعلم .

الحديث الثاني :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( إِنَّ مِنْ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ ) رواه ابن ماجه (3352)

وأبو يعلى في "المسند" (5/154) وأبو نعيم في "الحلية" (10/213) والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/46)

وغيرهم من طرق عن بقية بن الوليد حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن عن أنس مرفوعا .

وهذا السند ضعيف جدا ، فيه عدة علل ، منها :

1- يوسف بن أبي كثير :

قال عنه ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/421) : " أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفون " انتهى .

2- نوح بن ذكوان : منكر الحديث :

جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (10/484) :

" قال ابن عدي : أحاديثه غير محفوظة . وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يجب التنكب عن حديثه ... وقال أبو نعيم : روى عن الحسن المعضلات ، وله صحيفة عن الحسن عن أنس : لا شىء " انتهى باختصار.

ولذلك ضعف الحديث غير واحد من أهل العلم : ابن حبان في "المجروحين" (3/47) ، وابن عدي في "الكامل" (8/299) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/182)

والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/188) والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (515)

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/241) : موضوع .

وفيما سبق من الأحاديث الصحيحة غنى عن هذين الحديثين الضعيفين

ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب : " الجوع " لابن أبي الدنيا ، و "مختصر منهاج القاصدين " لابن قدامة ، "زاد المعاد" لابن القيم ، و "شرح رياض الصالحين" للشيخ ابن عثيمين .

وانظر جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:27   رقم المشاركة : 489
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ولدٌ يجادلُ والدتَه في أمورِ طعامِهِ وصلاتِهِ

السؤال


أخي سمين جدًا ، ويأكل كثيرًا ، وكلما نَصَحَتْه والدتي في التقليل من الأكل ، وتهدده بأنها سوف لن ترضى عنه إذا لم يسمع كلامها ، فيقول : إن الأكل ليس محرمًا ، وليس للوالدة أن تمنعه من أمر حلال ؟

وأيضًا، هو لا يصلي في المسجد ، وكلما قالت له الوالدة : لماذا لا تذهب ؟ يقول : إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة كما قال الإمام أبو حنيفة .

وأيضًا يؤخر الصلاة بعد الأذان بفترة طويلة ، وكلما قلنا له : لماذا لا تصلي في الوقت ؟

فيقول : أنا لم أتجاوز الوقت المحدد ، فالصلاة لها أوقاتٌ معروفةٌ ليست مقترنةً بالأذان والإقامة . فكيف نجيب عليه ؟.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

إنّ مِن أعظمِ ما امتنّ الله سبحانه وتعالى به على عبادِهِ أنْ سخَّر لهم ما في الأرضِ جميعا منه ، وأنزل عليهم النعم ، وأباح لهم الطيباتِ من المأكلِ والمشربِ والملبس وغيرها .

ولكنه سبحانه وتعالى أيضًا ذم كلَّ من يسرفُ في استعمالِ هذه المباحات ، أو يترخصُ فيها ترخصًا يؤذيه ، أو يشغله عن ما هو أنفعُ له في دينِه ودنياه .

قال سبحانه وتعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .

ثانياً :

من أخطرِ المهلكاتِ لابنِ آدمَ شهوةُ البطن ، والبطنُ ينبوع الشهواتِ ومَنِبتُ الأدواء والآفات .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

أي : يكفي ابن آدم من الطعام ما يقيم صلبه فقط , ولا يزيد على ذلك , فإن أبى وأصَرَّ على الزيادة , فيأكل ما يملأ ثلث بطنه , ويكون ثلث آخر للشراب , ويبقى الثلث للتنفس , ولا يزيد على هذا القدر .

انظر : "تحفة الأحوذي" .

وقد كان العقلاءُ في الجاهليةِ والإسلامِ يتمدحونَ بقلةِ الأكل .

قال حاتمُ الطائيُّ :

فإنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ وَفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعَا

"فتح الباري" (9/669) .

وإذا أكثر الإنسان من الطعام حتى ضره ذلك ، كان هذا حراما .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل كثرةُ الأكلِ حرام ؟

فأجابوا :

" نعم ، يَحرُمُ على المسلمِ أن يُكثرَ من الأكلِ على وجهٍ يضرُّه ؛ لأنّ ذلك من الإسراف ، والإسرافُ حرام

لقول الله سبحانه وتعالى : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ) الأعراف/31 " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/329) .

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الترهيب من الإكثار من الشبع

وأن ذلك سبب للتألم بالجوع يوم القيامة ، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ( كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا

أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه الترمذي (2015) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

والْجُشَاء هُوَ صَوْتٌ مَعَ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ الإنسان عِنْدَ الشِّبَعِ .

وَرَوَاهُ اِبْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَزَادُوا :

فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا , كَانَ إِذَا تَغَدَّى لا يَتَعَشَّى وَإِذَا تَعَشَّى لا يَتَغَدَّى , وَفِي رِوَايَةٍ لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا : قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ : فَمَا مَلأَتْ بَطْنِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً .

انظر : "تحفة الأحوذي" .

وسبيلُ ترك الأكلِ الكثير إنما هو بالتدريج ، فمن اعتادَ الأكلَ الكثيرَ وانتقلَ دفعةً واحدةً إلى القليل ضعفَ وعظُمت مشقته ، فينبغي أن يتدرجَ إليه قليلًا قليلًا

وذلك بأن ينقص قليلا قليلا من طعامِه المعتاد ، حتى يصلَ إلى الحدّ المعتدلِ من الطعام .

ثالثاً :

إن كانت صلاةُ الجماعة سنةً مؤكدة ، أو كانت الصلاة في أول الوقت فضيلة ، فذلك يعني أن نَعَضَّ عليها بالنواجذ ونحرصَ عليها ، لا أن نُهمِلَها ونتهاونَ بأدائِها

ولْنحمدِ اللهَ تعالى أن شرعَ لنا سُننَ الهدى ومناسكَ العبادةِ والخير ، ولْنأخذِ العبرةَ من حالِ سلفنا من الجيل الأول .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( من سرّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فليحافِظ على هؤلاء الصلواتِ حيثُ ينادَى بهن ، فإنّ اللهَ شرعَ لنبيكم سننَ الهُدى ، وإنّهنَّ مِن سننِ الهُدى

ولو أنّكم صلّيتُم في بيوتِكم كما يُصَلّي هذا المتخلِّفُ في بيتِهِ لتركتُم سنةَ نبيِّكم ، ولو تركتم سنةَ نبيِّكم لضلَلَتم ، وما مِن رجلٍ يتطهرُ فيُحسِنُ الطهور ، ثم يَعمِد إلى مسجدٍ مِن هذه المساجد

إلا كتبَ اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنة ، ويرفعُه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق ، ولقد كان الرجلُ يؤتى به يهادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم (654) .

وهذا على فرضِ كونِ صلاةِ الجماعة سنةً مؤكدةً ,

نسألُ اللهَ تعالى أن يوفقَنا وإياك لما يحب ويرضى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:30   رقم المشاركة : 490
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هديه صلى الله عليه وسلم في الطّعام والحمية

السؤال

كيف كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأكل والحمية ؟

الجواب

الحمد لله

1. أما هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل فأكمل هدي ، وقد بيَّنه الإمام ابن القيم ، فقال :

أ. كان إذا وضع يده في الطعام قال : "بسم الله" ، ويأمر الآكل بالتسمية ، ويقول :

"إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره" حديث صحيح . - رواه الترمذي (1859) و أبو داود (3767)- .

والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل ، .. وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ولا معارض لها .

ب. وكان إذا رفع الطعام من بين يديه يقول : "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنى عنه ربَّنا عز وجل ذكره البخاري . - البخاري ( 5142 ) - .

ج. وما عاب طعاماً قط ، بل كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه ، وسكت . - رواه البخاري ( 3370 ) ومسلم ( 2064 ) - .

وربما قال : "أجدني أعافه إني لا أشتهيه" . - رواه البخاري ( 5076 ) ومسلم ( 1946) - .

د. وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهلَه الإدام ، فقالوا : ما عندنا إلا خلّ ، فدعا به فجعل يأكل منه ، ويقول : "نِعْم الأُدْم الخل" . - رواه مسلم (2052) - .

هـ. وكان يتحدث على طعامه كما تقدم في حديث الخل .

وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله : "سمِّ الله وكُلْ مما يليك" . - رواه البخاري ( 5061 ) ومسلم ( 2022) - .

و. وربما كان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً ، كما يفعله أهل الكرم ، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن وقوله له مراراً : "اشرب"

فما زال يقول : "اشرب" حتى قال : والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً . - رواه البخاري ( 6087 ) - .

ز. وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منـزل عبد الله بن بسر ، فقال : "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم ، وارحمهم" ذكره مسلم . - رواه مسلم (2042) - .

ح. وكان يأمر بالأكل باليمين وينهى عن الأكل بالشمال ، ويقول : "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" - رواه مسلم (2020) - ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ؛ فإن الآكل بها إما شيطان ، وإما مشبه به .

وصح عنه أنه قال لرجل أكل عنده فأكل بشماله : "كل بيمينك" ، فقال لا أستطيع فقال : "لا استطعت" ، فما رفع يده إلى فيه بعدها . - رواه مسلم (2021) - فلو كان ذلك جائزاً لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبره حمله على ترك امتثال الأمر : فذلك أبلغ في العصيان ، واستحقاق الدعاء عليه.

ط. وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون "أن يجتمعوا على طعامهم ، ولا يتفرقوا وأن يذكروا اسم الله عليه يبارك لهم فيه" . - رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) - .

انظر لما سبق : " زاد المعاد " ( 2/ 397 - 406 ) .

ك. وصح عنه أنه قال : "لا آكل متكئاً" . - رواه البخاري ( 5083 ) .

ل. وكان يأكل بأصابعه الثلاث وهذا أنفع ما يكون من الأكلات .

انظر : " زاد المعاد " ( 220 - 222) ، والله أعلم .

2. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية :

أ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يأكل .

ب. ويأكل ما ينفع .

ج. ويجعل من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه ، لذلك روى لنا ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" .

رواه البخاري ( 5081 ) ومسلم ( 2060 ) .

د. وعلَّم أمته أمراً يحتمون به مِن أمراض الطعام والشراب فقال : "ما ملأ آدمي وعاء شرّاً من بطنٍ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه"

. رواه الترمذي (1381) وابن ماجه (3349) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2265 ) .

والله تعالى أعلم .

: الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:36   رقم المشاركة : 491
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما يُسمى " دعاء العرش " دعاء مبتدع مكذوب

السؤال

ما مدى صحة هذا الدعاء ، وهل له وجود في السنة النبوية ؟

قيل إن جبريل علية السلام أتى النبي صلى الله علية وسلم فقال : يا محمد ! السلام يقرئك السلام ، ويخصك بالتحية والإكرام ، وقد أوهبك هذا الدعاء الشريف

يا محمد ! ما من عبد يدعو وتكون خطاياه وذنوبه مثل أمواج البحار ، وعدد أوراق الأشجار ، وقطر الأمطار وبوزن السموات والأرض ، إلا غفر الله تعالى ذلك كله له

. يا محمد ! هذا الدعاء مكتوب حول العرش ، ومكتوب على حيطان الجنة وأبوابها ، وجميع ما فيها .. ومما ورد فيه : .... يا محمد ! ما من عبد قرأ هذا الدعاء إلا غفرت ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء

ومثل الرمل والحصى ، وقطر الأمطار ، وورق الأشجار ، ووزن الجبال وعدد ريش الطيور ، وعدد الخلائق الأحياء والأموات ، وعدد الوحوش والدواب ، يغفر الله تعالى ذلك كله

ولو صارت البحار مدادا ، والأشجار أقلاما ، والإنس والجن والملائكة ، وخلق الأولين والآخرين يكتبون لي يوم القيامة ، لفني المداد ، وتكسر الأقلام ، ولا يقدرون على حصر ثواب هذا الدعاء .

وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : بهذا الدعاء ظهر الإسلام والإيمان . وقال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه : نسيت القرآن مرارا كثيرة فرزقني الله حفظ القرآن ببركة هذا الدعاء .

وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : كلما أردت أن أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، أقرأ هذا الدعاء . وقال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه :

كلما أشرع في الجهاد أقرأ هذا الدعاء ، وكان تعالى ينصرني على الكفار ببركة هذا الدعاء . ومن قرأ هذا الدعاء وكان مريضا ، شفاه الله تعالى ، أو كان فقيرا أغناه الله تعالى

ومن قرأ هذا الدعاء وكان به هم أو غم زال عنه ، وإن كان عليه دين خلص منه ، وإن كان في سجن وأكثر من قراءته خلصه الله تعالى ، ويكون آمنا شر الشيطان ، وجور السلطان .

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لي جبريل : يا محمد ! من قرأ هذا الدعاء بإخلاص قلب ونية على جبل لزال من موضعه ، أو على قبر لا يعذب الله تعالى ذلك الميت في قبره ولو كانت

ذنوبه بالغة ما بلغت ؛ لأن فيه أسم الله الأعظم . وكل من تعلم هذا الدعاء وعلمه لمؤمنين يكون له أجر عظيم عند الله ، وتكون روحة مع أرواح الشهداء ، ولا يموت حتى يرى ما أعده الله تعالى له من النعيم المقيم .

فلازم قراءة هذا الدعاء في سائر الأوقات تجد خيرا كثيرا مستمرا إن شاء الله تعالى . فنسأل الله تعالى الإعانة على قراءته ، وأن يوفقنا والمسلمين لطاعته ، إنه على ما شاء قدير وبعباده خبير

والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين . الدعاء : بسم الله الرحمن الرحيم : لا إله إلا الله الملك الحق المبين

لا إله إلا الله العدل اليقين ، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، سبحانك إني كنت من الظالمين ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك والحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير ، وإليه المصير

وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله إقرارا بربوبيته ، سبحان الله خضوعا لعظمته ، اللهم يا نور السموات والأرض ، يا عماد السموات والأرض ، يا جبار السموات والأرض ، يا ديان السموات والأرض

يا وارث السموات والأرض ، يا مالك السموات والأرض ، يا عظيم السموات والأرض ، يا عالم السموات والأرض ، يا قيوم السموات والأرض ، يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة . اللهم إني أسألك أن لك الحمد

لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السموات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، برحمتك يا أرحم الراحمين . بسم الله أصبحنا وأمسينا ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، وأن الجنة حق

والنار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور . الحمد لله الذي لا يرجى إلا فضله ، ولا رازق غيره . الله أكبر ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير .

اللهم إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تطهر بها قلبي ، وتكشف بها كربي ، وتغفر بها ذنبي ، وتصلح بها أمري ، وتغني بها فقري ، وتذهب بها شري ، وتكشف بها همي وغمي ، وتشفي بها سقمي

وتقضي بها ديني ، وتجلو بها حزني ، وتجمع بها شملي ، وتبيض بها وجهي . ............

اللهم استر عورتي ، واقبل عثرتي ، واحفظنى من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ومن تحتي ، ولا تجعلني من الغافلين . اللهم إني أسألك الصبر عند القضاء ، ومنازل الشهداء

وعيش السعداء ، والنصر على الأعداء ، ومرافقة الأنبياء ، يا رب العالمين . آمين يا أرحم الراحمين .

الجواب

الحمد لله

هذا الدعاء كذب مختلق مصنوع ، لا يجوز نقله ولا روايته ولا العمل به ، ومن تساهل في ذلك تعرض للوعيد الشديد ، وكان نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم خصمَه يوم القيامة ، وعلامة الوضع والكذب باديةٌ عليه

إذ لا يُعرف في ديننا دعاءٌ تكون له كل هذه الفضائل المبالغ فيها ، ولو كان شيء من ذلك موجودًا في شريعتنا لوجدتَ عشرات الأسانيد الصحيحة تتسابق في نقله وروايته

أما هذا الدعاء فلم يرد ولا بإسناد ضعيف .

يقول ابن القيم رحمه الله في "المنار المنيف" (ص/19)

في حديثه عن علامات الحديث الموضوع :

" اشتماله على المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهي كثيرة جدا

كقوله في الحديث المكذوب : ( من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة ، يستغفرون الله له ) وأمثال هذه المجازفات الباردة

التي لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين : إما أن يكون في غاية الجهل والحمق ، وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص بالرسول بإضافة مثل هذه الكلمات إليه " انتهى .

ويقول ابن حجر في "النكت" (2/843) :

" ومن جملة القرائن الدالة على الوضع الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير ، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية " انتهى .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/372-373) :

" الدعاء المسمى بـ : ( دعاء العرش وفضائل دعاء العرش ) دعاء مبتدع ، لا أصل له ، ولا دليل عليه من الكتاب والسنة ، ولم ينسب إلى مرجع معتمد ، فهو من اختراع من وضعه ، وواضعه مجهول

وفيه ألفاظ مكذوبة ، مثل قوله : ( أسألك باسمك المكتوب على جناح جبريل وعلى ميكائيل وعلى جبهة إسرافيل ، وعلى كف عزرائيل الذي سميت به منكرا ونكيرا وبحق أسرار عبادك عليك )

وفيه وعود مكذوبة لأجل إغراء الناس بهذا الدعاء المبتدع ، مثل قوله : ( من دعا به مرة واحدة حشره الله يوم القيامة ووجهه يتلألأ . . إلخ )

( وإن كان له ذنوب أكثر من ماء البحر وقطر الأمطار . . إلخ )

( ويكتب له ثواب ألف عمرة مبرورة ، وإن قرأه خائف أمنه الله ، أو عطشان سقاه الله

أو جائع أطعمه الله . إلخ ) ( وإن حمله ذو عاهة برئ ، أو زوجة أكرمها زوجها ، وأمن من الجن والإنس والمردة والشياطين والأوجاع والأمراض ، ورجع إلى أهله إن كان غائبا . .) إلى آخر كذبه .

وهذا دعوة إلى تعليق التمائم والحروز والتعلق بغير الله .

فالواجب منع توزيعه ونشره وإتلاف ما وجد منه ، ومعاقبة من يروجه بين الناس ؛ لأنه دعوة لنشر البدع والخرافات وتعليق التمائم والحروز . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-17, 17:40   رقم المشاركة : 492
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حديث ( لا يهين المرأة إلا اللئيم ) لا يثبت

السؤال

هل هذا الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا أدري بالضبط صيغة الحديث ، ما أعرفه أنه هكذا : الحديث ( لا يكرم المرأة إلا الكريم , ولا يهين المرأة إلا اللئيم , ولا يغلبن إلا الكريم , ولا يغلبهن إلا اللئيم

وأنا أريد أن أكون - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - مغلوبا أي كريما ، وليس غالبا أي لئيما )

الجواب

الحمد لله

لا نَعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل هذا الكلام بهذا اللفظ ، ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين

وإنما يُروَى في ذلك شيءٌ قريب من اللفظ المذكور ، ولكنه أيضا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا بيان ذلك :

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ، ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم )

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (13/313) وعنه ابن أخيه في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" (109)

وهذا سند ابن عساكر :

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أخبرني القاضي أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي العجائز ، حدثني أبي ، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد

أنا جدي أبو عبد الله ، أنا مسدد بن عبد الله الحمصي قالا : نا أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف بن يعقوب الربعي ، نا أبو بكر وأبو القاسم محمد وعامر ابنا خريم بن محمد

قالا نا أبو عبد الغني الحسن بن علي بن عيسى الأزدي ، نا عبد الرزاق بن همام ، أنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة بن خالد ، عن علي بن أبي طالب به .

يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (845) :

" موضوع . وهذا إسناد واهٍ بِمَرَّة ، وفيه علل :

1 - داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة كما قال الحافظ في "التقريب" ، ومستنده قول ابن المديني : " ما رواه عن عكرمة فمنكر " . وكذا قال أبو داود .

2- إبراهيم الأسلمي : كذاب كما قال يحيى القطان وابن معين وابن المديني ، وروى أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (34/1) بسند صحيح عن يحيى بن سعيد قال

: " لم يُترك إبراهيم بن أبي يحيى للقدر ، وإنما للكذب " وقال ابن حبان (1/92) : " كان يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم ، ويكذب مع ذلك في الحديث "

3- أبو عبد الغني الأزدي : متهم بالوضع ، وفي ترجمته ساق ابن عساكر هذا الحديث ، وقال فيها

: " وكان ضعيفا " . ثم روى عن أبي نعيم أنه قال : " حدث عن مالك أحاديث موضوعة " . وكذا قال الحاكم ، ثم تعقب ابن عساكر أبا نعيم بقوله : " ولا أعلم روى عن مالك ولا أدركه "

قلت – القائل هو الشيخ الألباني رحمه الله - : وهو إنما يروي عن مالك بواسطة عبد الرزاق ، وقد ساق له الدارقطني من هذا الوجه حديثا وقال : " باطل ، وضعه أبو عبد الغني على عبد الرزاق "

وكذا رواه ابن عساكر في ترجمته ، لكن قد ساق له ابن حبان (1/235) حديثا آخر ، صرح فيه بقوله :

" حدثنا مالك " فهو من أكاذيبه عليه . وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات ، لا تحل الرواية عنه بحال " "انتهى باختصار .

وفيما ورد في إكرام النساء والإحسان إليهن من الأحاديث الصحيحة الكثيرة غُنيةٌ عن هذا الحديث المنكر ، وهي – بلا شك – أبلغ عبارة وأوفى بيانا وأعظم أثرا من كل مروي ضعيف أو مكذوب :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468)

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في صحيح الترمذي وفي "السلسلة الصحيحة" (1174)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ )

رواه أحمد (2/439) وحسنه النووي في "رياض الصالحين" (146) ومحققو مسند أحمد ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1015)

يقول المناوي في "فيض القدير" (1/166) في شرح الحديث الأخير :

" بأن تعاملوهما برفق وشفقة ، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه ، ولا تقصروا في حقهما الواجب والمندوب ، وَوَصَفَهُمَا بالضعف استعطافا وزيادة في التحذير والتنفير

فإن الإنسان كلما كان أضعف كانت عناية الله به أتم ، وانتقامه من ظالمه أشد " انتهى .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-18, 18:35   رقم المشاركة : 493
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



أحاديث نداء القبر وخطابه أحاديث ضعيفة منكرة

السؤال

هل حديث : " القبر ينادي خمس مرات المتوفى " حديث صحيح أم ضعيف وليس له أصل ؟

أرجو الرد مدعما بالحديث الصحيح ؛ لأن الموضوع مهم جدا جدا ، ولا نريد أن نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا السؤال أحمله أمانة في أعناقكم ، وأرجو الرد السريع مع جزيل الشكر .


الجواب

الحمد لله

جاء في خطاب القبر وندائه وكلامه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :

الحديث الأول :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :

( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَلَّاهُ ، فَرَأَى نَاسًا كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ – يعني : يضحكون -

قَالَ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى ، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ الْمَوْتِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلَّا تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُولُ : أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ .

فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ . قَالَ : فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ .

وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أَوْ الْكَافِرُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ : لَا مَرْحَبًا وَلَا أَهْلًا ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ .

قَالَ : فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْتَقِيَ عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ . قَالَ

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِهِ فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ . قَالَ : وَيُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنِّينًا ، لَوْ أَنْ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا ، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتَّى يُفْضَى بِهِ إِلَى الْحِسَابِ .

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ )

رواه الترمذي في سننه (2460) والبيهقى فى شعب الإيمان (1/498) من طريق القاسم بن الحكم العرني عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري به .

وقال الترمذي : حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وهذا سند ضعيف جدا ، فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي ، جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (7/55): عن أحمد بن حنبل : ليس بمحكم الحديث ، يكتب حديثه للمعرفة .

و قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم : ضعيف الحديث . وقال النسائى : متروك الحديث

. وقال ابن عدي : ضعيف جدا ، يتبين ضعفه على حديثه . وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات ، حتى يسبق إلى القلب أنه المُتَعَمِّد لها ، فاستحق الترك

. وقال الحاكم : روى عن محارب أحاديث موضوعة . وقال أبو نعيم الأصبهانى : يحدث عن محارب بالمناكير ، لا شيء " انتهى .

لذلك قال الحافظ العراقي عن هذا الحديث ـ "تخريج الإحياء" (1/400) ـ :

" فيه عبيد الله بن الوليد الصافي ضعيف " ، وضعفه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (359) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (269)

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (10/749) :

" عطية ضعيف مدلس والوصافي ضعيف جدا " انتهى .

وقال في "ضعيف الترمذي" :

" ضعيف جدا ، ولكن جملة ( هاذم اللذات ) صحيحة " انتهى .

الحديث الثاني :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :

( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ ، فَجَلَسَ إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا ، فَقَالَ : مَا يَأْتِي عَلَى هَذَا الْقَبْرِ مِنْ يَوْمٍ إلا وَهُوَ يُنَادِي بِصَوْتٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ : يَا ابْنَ آدَمَ ! كَيْفَ نَسِيتَنِي ؟

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَبَيْتُ الْغُرْبَةِ ، وَبَيتُ الْوَحْشَةِ ، وَبَيْتُ الدُّودِ ، وَبَيْتُ الضِّيقِ ، إلا مَنْ وَسَّعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ )

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8/273)

وفي "المعجم الكبير" في القطعة المفقودة من الثالث عشر برقم (1363) من طريق محمد بن أيوب بن سويد أخبرنا أبي أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به .

وقال : " لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا أيوب بن سويد تفرد به ابنه " انتهى .

وهذا سند ضعيف جدا ، بسبب محمد بن أيوب بن سويد

جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (3/487) :

" ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه ، قال أبو زرعة : رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة "

انتهى . وانظر "المجروحين" (2/299)

ولذلك قال الحافظ الهيثمي عن هذا الحديث ـ "مجمع الزوائد" (3/165) ـ

: " فيه محمد بن أيوب بن سويد وهو ضعيف "

انتهى . وضعفه الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" (62)

والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (359) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (269) وغيرهم ، وقال الألباني في " السلسلة الضعيفة" (4990) : موضوع .

الحديث الثالث :

عن أبي الحجاج الثمالي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( يَقُولُ الْقَبْرُ لِلْمَيِّتِ حِينَ يُوضَعُ فِيهِ : وَيْحَكَ ابْنَ آدَمَ ! مَا غَرَّكَ بِي ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْفِتْنَةِ ، وَبَيْتُ الظُّلْمَةِ ، وَبَيْتُ الْوَحْدَةِ ، وَبَيْتُ الدُّودِ ؟

مَا غَرَّكَ بِي إِذَ كُنْتَ تَمُرُّ بِي فَدَّادًا – يعني متبخترا - ؟

فَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا أَجَابَ عَنْهُ مُجِيبُ الْقَبْرِ ، فَيَقُولُ : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ الْقَبْرُ : إِذَنْ أَعُودُ إِلَيْهِ خَضْرَاءَ ، وَيَعُودُ جَسَدُهُ نُورًا ، وَيَصْعَدُ رُوحُهُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ )

أخرجه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (1/281) ، وابن أبى عاصم فى "الآحاد والمثاني" (4/371) ، وأبو يعلى (12/285) والطبرانى (22/377) ، وأبو نعيم فى "الحلية" (6/90)

جميعهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن هيثم بن مالك عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن أبي الحجاج الثمالي رضي الله عنه به .

وهذا سند ضعيف بسبب أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم

قال فيه أحمد : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : منكر الحديث .

وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني : ضعيف . وقال ابن حبان : كان من خيار أهل الشام ، ولكن كان رديء الحفظ ، يحدث بالشىء فَيَهِم ، ويكثر ذلك ، حتى استحق الترك

. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (12/29)

لذلك قال الهيثمى (3/164) : " فيه أبو بكر بن أبى مريم ، وفيه ضعف لاختلاطه " انتهى .

وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (5/252) : إسناده ضعيف . وقال الذهبي في "العلو" (29): " هذا حديث غريب ، وابن أبي مريم ضعيف من قبل حفظه " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-18, 18:35   رقم المشاركة : 494
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



الخلاصة :

أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في نداء القبر شيء ، والأحاديث التي جاءت بذلك منكرة شديدة الضعف ، مع أنه ليس في شيء مما وقفنا عليه منها تقييد ذلك النداء بخمس مرات ، إنما فيه مطلق النداء ، والله أعلم .

وقد ورد في كلام بعض السلف من المواعظ شيء فيه نداء القبر وخطابه :

فأخرج ابن عبد البر في "التمهيد" (18/145) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال :

" إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول : يا ابن آدم ! ما غرك بي ؟ ألم تعلم أني بيت الوحدة ؟ ألم تعلم أني بيت الظلمة ؟ ألم تعلم أني بيت الحق ؟ يا ابن آدم ! ما غرك بي ؟

! لقد كنت تمشي حولي فدادا – يعني : متبخترا – " انتهى .

وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (1/360) : عن بلال بن سعد قال :

" ينادي القبر كل يوم : أنا بيت الغربة ، وبيت الدود والوحشة ، وأنا حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة " انتهى .

وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/165) وهناد في "الزهد" (209) وأبو نعيم في "الحلية" (3/271) من كلام عبيد بن عمير ، وهو من كبار التابعين الثقات ، أخرج له أصحاب الكتب الستة ، توفي سنة (68هـ) قال :

" إن القبر ليقول : يا بن آدم ! ماذا أعددت لي ؟! ألم تعلم أني بيت الغربة ، وبيت الوحدة ، وبيت الأكلة ، وبيت الدود " انتهى .

والذي يظهر أن هذا الكلام ممن قاله من السلف ، إنما هو ـ والله أعلم ـ من باب الوعظ والتخويف ، وحكاية لسان حال القبر وحال المعرض الغافل

يقصدون به تذكير الناس والتأثير البليغ فيهم ، لا أنه ينطق بذلك فعلا ، وإن كان ذلك ـ لو ثبت به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير مستنكر ولا بعيد .

يقول الحافظ ابن الجوزي في "بستان الواعظين ورياض السامعين" (181) :

" عباد الله ! ما من أحد - لا مؤمن ولا فاجر - إلا وقبره يناديه بكرة وعشية : إما بالبشرى والسرور

وإما بالويل والثبور ، فمن فكر فيه وفي وحشته ، وضيقه وغمته

كان عليه أوسع من الدنيا ، وأفرج منها ، وأبدله الله خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وجعل القبر خيرا من داره ، فأكثروا ذكره في الآناء والأوقات ، وأطيعوا جبار الأرضين والسموات

عساه يجعله لكم روضة من رياض الجنات ، ويقيكم فيه الذل والحسرات .

فاللهَ اللهَ ، جدوا في العمل ، فإن القبر أمامكم ، والموت يطلبكم ، يفرق ما جمعتم ، ويخرب ما قد بنيتم بقطع الأنفاس ، وينقلكم إلى ضيق اللحود والأرماس

فمن قدم إلى القبر عملا صالحا وجده روضة من رياض الجنان ، ومن لم يكن له عمل وجده حفره من حفر النيران ، فاستعدوا له يا معشر الأصحاب والإخوان " انتهى .

فينبغي لمن أراد أن يذكر شيئا قريبا من كلامهم ألا ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

بل يحكيه على أنه من لسان حال القبر ، وكأن القبر لو قدر له أن ينطق لصاح بهذا الخطاب ، وبهذا يتحقق المقصود من الموعظة ، ويسلم المرء من إثم التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-18, 18:40   رقم المشاركة : 495
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث طويل مكذوب في سياق قصة موت النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

أفيدونا عن صحة الحديث المروي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" عن جابر في قوله ‏:‏ ( ‏إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً‏ )‏

قال ‏:‏ لما نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم قال‏ :‏ ‏" ‏يا جبريل نفسي قد نعيت‏ " ‏‏.

‏ قال جبريل عليه السلام ‏:‏ ( ‏وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى‏ ) ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن ينادي بـ ( الصلاة جامعة ) ، فاجتمع المهاجرون والأنصار

ثم صلى بهم عليه الصلاة والسلام ، ثم صعد المنبر ، فحمد الله عز وجل ، وأثنى عليه ، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب ، وبكت منها العيون ، ثم قال ‏:‏ ‏‏أيها الناس ! أي نبي كنت لكم‏ ؟

‏‏ قالوا ‏:‏ جزاك الله من نبي خيراً ، كنت لنا كالأب الرحيم ، وكالأخ الناصح الشفيق

أديت رسالات الله عز وجل ، وأبلغتنا وحيه ، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبياً عن أمته‏ ..... ، فذكر الحديث بطوله ) .‏


الجواب

الحمد لله

هذا الحديث الطويل يرويه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" (3/58) وعنه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/74) ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/295)

قال : حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه عن وهب بن منبه : عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما به .

قال الهيثمي بعد إيراده هذا الحديث (8/605) :

" رواه الطبراني ، وفيه عبد المنعم بن إدريس : وهو كذاب وضاع " انتهى .

وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/301) :

" هذا حديث موضوع محال ، كافأ الله من وضعه ، وقبَّح من يشين الشريعة بمثل هذا التخليط البارد ، والكلام الذى لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالصحابة .

والمتهم به عبد المنعم بن إدريس : قال أحمد بن حنبل : كان يكذب على وهب . وقال يحيى : كذاب خبيث .

وقال ابن المدينى وأبو داود : ليس بثقة . وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني : هو وأبوه متروكان ." انتهى .

وكذا ذكره في الموضوعات السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/257) وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/330) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (324)

وقد احتوى هذا الحديث المكذوب جملا من الأمور :

1- فيه ذكر قصة وفاته صلى الله عليه وسلم واستئذان ملك الموت عليه

وذكر تفاصيل غير ثابتة في تلك الحادثة العظيمة ، ومن المعلوم لدى أهل العلم أن قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر المواضيع التي كذب فيها الكذابون ، وتناقل الناس فيها أشياء لا تثبت .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :

" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها ، ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم

فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .

ولم يصح في استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم لقبض روحه أي حديث وأي خبر ، وكل ما ورد في ذلك إما منكر أو موضوع ،

وانظر جواب السؤال القادم

2- أما قصة طلب عكاشة القصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء ما يشبهها من طريق صحيح ؛ لكن فيها أن الذي طلب القصاص هو أسيد بن حضير رضي الله عنه

فقد روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ :

( بَيْنَمَا هُوَ – يعني أسيد بن حضير - يُحَدِّثُ الْقَوْمَ - وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ - بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ . فَقَالَ : أَصْبِرْنِي

. فَقَالَ : اصْطَبِرْ . قَالَ : إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ . فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَمِيصِهِ ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ ، قَالَ : إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ )

رواه أبو داود (5224) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/102) ، ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/205) والحاكم في "المستدرك" (3/327) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/76) .

وهذا الحديث سنده صحيح ، صححه الحاكم وكذا الذهبي ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

جاء في "عون المعبود" (14/90) :

" ( فطعنه النبي صلى الله عليه و سلم ) أي ضربه على سبيل المزاح

( فقال ) أي أسيد ( أصبرني ) أي : أقدرني ومكني من استيفاء القصاص حتى أطعن في خاصرتك كما طعنت في خاصرتي . ( اصطبر ) أي : استوف القصاص .

( فاحتضنه ) أي اعتنقه وأخذه في حضنه وهو ما دون الإبط إلى الكشح .

( وجعل يقبل كشحه ) هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الأقصر من أضلاع الجنب .

( قال إنما أردت هذا ) أي : ما أردت بقولي أصبرني إلا هذا التقبيل ، وما أردت حقيقة القصاص " انتهى .

3- وفي الحديث جمل منكرة شنيعة :

منها : ( فإن أول من يصلي علي الرب عز وجل من فوق عرشه ) وهل يصلي الله على الناس صلاة الجنازة ؟! هذا من شنيع كذب الوضاعين .

ومنها قوله : ( فلما بلغ الروح الركبتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوه . فلما بلغ الروح السرة نادى النبي صلى الله عليه وسلم : واكرباه .

فلما بلغ الروح إلى الثندؤة نادى النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ! ما أشد مرارة الموت )

ووجه النكارة أن فيه إشعارا بتسخط النبي صلى الله عليه وسلم وجزعه عند الموت ، وحاشاه من ذلك
.
ومنها قوله : ( فكبرنا بتكبير جبريل عليه السلام ، وصلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة جبريل عليه السلام ) ولا يعرف أن الملائكة تؤم المسلمين وتصلي بهم ، إنما هذا من منكر ما يرويه الرواة المتهمون .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله علوم الحديث


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc