مفهوم التدريس
اجتهد التربويون منذ أمد طويل لتحديد مفهوم التدريس ،وذهبوا في ذلك مذاهب شتي ،انطلقت جميعها من نظرة كل فريق منهم إلي طبيعة التدريس ،فأول من حاول تعريف التدريس ،قصره في إطار ضيق جدا،لا يعدو أن يكون نقلا للمعلومات أو المهارات من المعلم للطلاب .وهذا ما يعرف بالمفهوم التقليدي للتدريس الذي ساد الأوساط التربوية فترة طويلة من الزمن ،بل ما يزال هذا المفهوم الضيق يلقي بظلاله علي كثير من الممارسات التربوية التي تحدث في وقتنا الحاضر.
ولعل من أهم ما وجه إلى هذا المفهوم التقليدي للتدريس من مآخذ ،يتمثل في أن اقتصار عملية التدريس علي نقل المعلومات، يهمل إنماء الجوانب الأخرى للمتعلم مما يتعلق بميوله ودوافعه وحاجاته وانفعالاته وما يتصل بجسمه ومهاراته.
مفهوم التدريس من وجهة النظر الحديثة لا يقتصر على كونه نقلا للمعلومات والمعارف ، وإنما يوصف بأنه نشاط مخطط ، يهدف إلى تحقيق نتاجات تعليمية مرغوب فيها لدي التلاميذ، حيث يقوم المعلم بتخطيط هذا النشاط وإدارته .
وعليه فمن الممكن أن نعرف التدريس بأنه "موقف مخطط يستهدف تحقيق مخرجات تعليمية مرغوب فيها علي المدى القريب، كما يستهدف إحداث مظاهر متنوعة للتربية علي المدى البعيد "
أسس التدريس
توجد مجموعة من أسس التدريس العامة ،التي غالبا ما يتم تطبيقها علي نطاق واسع وتتمثل أهم تلك الأسس العامة للتدريس في الآتي
1- حث التلاميذ وتشجيعهم علي التعلم
2- التأكد من أن المتعلمين قد درسوا المتطلبات السابقة للدرس الجديد
3- التأكد من أن التلاميذ يفهمون أهداف التعليم
4- ضرورة تركيز اهتمام التلاميذ علي التعلم
5- ضرورة تقديم المعلومات والقواعد والمفاهيم والأمثلة بشكل واضح،وبترتب منطقي ومتتابع
6- ضرورة الإكثار من التطبيقات ، والتدريب علي المهارات ،ومراجعة المعلومات
7- ضرورة الاهتمام بعملية انتقال اثر التعلم والوصول إلى التعميمات
مراحل التدريس
تتضمن عملية التدريس ثلاث مراحل رئيسة هي :التخطيط والتنفيذ والتقويم, وتشتمل كل مرحلة من هذه المراحل على مجموعة منن المهارات التي يتعين على المعلم –أي معلم- إتقانها, حتى يستطيع أن يؤدي عمله التدريسي بكفاءة واقتدار.
وفيما يلي نتناول المراحل الثلاثة بشيء من التفصيل:
أولا: مرحلة التخطيط:
تسبق مرحلة التخطيط التنفيذ الفعلي للتدريس, وهي تحدث عندما يجلس المعلم بمفرده, يفكر فيما يدرسه لتلاميذه, وهذا يتطلب منه الإجابة على الأسئلة التالية:
أ- من أدرس؟
وهذا السؤال يتعلق بالمتعلمين الذين سيقوم بالتدريس لهم.
ب- ماذا أدرس؟
وهذا سؤال ثاني يهتم بتحديد المستوى الدراسي الذي يريد المعلم أن يدرسه لتلاميذه.
ج- لماذا أدرس؟
أما هذا السؤال فيتصل بالأهداف التي يتوخاها المعلم من الدرس الذي ما يزال يفكر في التخطيط له.
ثانيا: مرحلة التنفيذ:
وهي المرحلة التي يسعى المعلم فيها إلى انجاز ما يخطط له في المرحلة الأولى, وتشمل هذه المرحلة على مجموعة كبيرة ومتنوعة من المهارات التي يتعين على المعلم إجادتها لعل من أهمها مهارات عرض الدرس وما تتضمنه من مهارات فرعية كمهارة التهيئة , وتنويع المثيرات, وغلق الدرس, وكذلك مهارات استخدام الأسئلة الصفية, تصنيفا وصياغة وتوجيها, ومن مهارات التنفيذ كذلك مهارة استثارة الدافعية, ومهارة التعزيز, وتنويع المثيرات, ومهارة استخدام المواد والأجهزة, ومهارة إدارة الفصل, ومهارة التعامل الإنساني.
وفيما يلي نلقي بعض الضوء على أهم تلك المهارات:
1- التهيئة:
ويقصد بها كل ما يقوله المعلم ويفعله , بهدف إعداد التلاميذ للدرس الجديد, حتى يكون في حالة ذهنية وانفعالية وجسمية جيده
, لتلقي الدرس والتجاوب معه, وهذا يعني أن على المعلم أن يوجد قدرا من الدافعية والتشويق لدى المتعلم في بداية الحصة.
2- استخدام الأسئلة:
الأسئلة من المكونات المهمة والرئيسية لأي تدريس ناجح, وذلك لكونها وسيلة فعالة للحفاظ على الإثارة الفكرية في الفصل , فضلا عن جعل البيئة الصفية بيئة نشطة, بالتفاعل بين المعلم والطالب وبين الطلاب مع بعضهم البعض.
وتستخدم الأسئلة في المراحل المختلفة للدرس فهي تستخدم في التهيئة والإثارة, كما تستخدم أثناء إجراءات تحقيق أهداف الدرس, وتستخدم أيضا في التقويم.
3- استخدام المواد والأجهزة التعليمية:
لم يعد بمقدور أي موقف تدريسي في العصر الحالي أن يتم دون استخدام مادة تعليمية, وقد يتطلب أيضا استخدام جهاز لعرض تلك المادة.
ويقصد بالمادة التعليمية أي مادة مكتوبة مثل الكتاب أو المسموعة على أشرطة الكاسيت, أو مرئية كالمسجلة على أشرطة الفيديو أو الشرائح, أو الشفافيات, أو أفلام ثابتة الخ...
4- إدارة الصف:
وفيها يراعي المعلم المهارات الثلاثة التالية:
أ- الانتباه للأحداث الجارية.
ب- ضبط النظام.
ج- معاملة الطلاب.
5- إنهاء الدرس:
الموقف التدريسي عادة ما يتضمن نشاطات متنوعة من المعلم والطلاب, تجعل الجميع ينهمكون في العمل حتى يدق الجرس منهيا وقت ذلك الموقف, فيسرع الطلاب إلى الانصراف عن المعلم, أو يسرع المعلم إلى الانصراف من غرفة الصف.
ثالثا: مرحلة التقويم:
وهي المرحلة الأخيرة من مراحل عملية التدريس الثلاث. ولقد أصبح للتقويم أهمية كبرى في الممارسات التربوية الحديثة. ولعل من أهم سماته أنه عمليه مستمرة –أو ينبغي أن تكون كذلك- فهو يحدث قبل التدريس وفي أثناءه وبعد تمامه, وفي كل مرحلة من هذه المراحل يؤدي التقويم وظائف مختلفة ولذلك يتميز التربويين بين نوعين رئيسين للتقويم, هما: التقويم التشخيصي والتقويم الشامل.
أهم طرق التدريس:
من أجل أن يكتمل الحديث عن التدريس بكل أبعاده نفرد ما تبقى من هذا الفصل للحديث عن أهمية طرق التدريس العامة التي يحتاج إليها كل معلم, بغض النظر عن مجال تخصصه, تمهيدا لتناول طرق التدريس الخاصة باللغة العربية, ولعل من المفيد أن نحدد مفهوم طرق التدريس أولا.
مفهوم طرق التدريس
شُغل التربويون قديما وحديثا بالبحث في طرق التدريس ومن يتتبع تاريخ الفكر التربوي يجد محاولات متصلة في سبيل الوصول إلى الطريقة المثلى للتدريس, ولعل مرجع هذا الاهتمام إلى أن الطريقة ركن أساسي من أركان عملية التدريس.
وقد كانت التربية التقليدية تنظر إلى طريقة التدريس على أنها وسيلة لإيصال المعلومات إلى المتعلم بتوسيط المعلم.
أما النظرة الحديثة إلى طريقة التدريس فتختلف إلى حد كبير عما كان سائدا, فقد توصلت الدراسات التربوية مؤخرا إلى أنه ليس هناك طريقة مثلى تصلح لتدريس كل الموضوعات لجميع الطلاب في مختلف مراحل التعليم, فما يناسب بعض الطلاب من أساليب للتعلم قد لا يناسب الآخرين.
وفي ضوء هذه النظرة تُعرف طريقة التدريس بأنها (مجموعة من الأنشطة والإجراءات التي يقوم بها المعلم, والتي تظهر أثاراها على نتاج التعلم الذي يحققه المتعلمون, كما تتضمن الأنشطة والخبرات التي سيقوم بها التلاميذ لإحداث التعلم).
نتناول بعضا من طرق التدريس العامة شائعة الاستخدام في الأوساط التربوية.
طريقة الإلقاء
تعد طريقة الإلقاء من أقدم طرق التدريس التي أستخدمها المعلمون في الحقل التربوي ولا يزالون يمارسونها, ولا سيما في المرحلة الثانوية, ويطلق عليها أحيانا (طريقة المحاضرة, أو الطريقة الإخبارية) وتعرف على أنها (الطريقة التي يتولى فيها المعلم عرض موضوع معين بأسلوب شفهي يلائم مستويات المتعلمين من أجل تحقيق هدف أو أهداف الدرس).
ولطريقة الإلقاء الجيد مجموعة من الشروط يجب على المعلم مراعاتها:
1- الإعداد المسبق.
2- التدرج في العرض.
3- التوازن في العرض.
1-إثارة التساؤلات.
4- استخدام الوسائل التعليمية.
5- حرية المناقشة.
6- التقويم والمتابعة.
ايجابيات طريقة الإلقاء:
1- تمكن المعلم من شرح الموضوعات الغامضة والصعبة.
2- تمكن المعلم من تصحيح بعض الأخطاء التي توجد في مفردات المنهج.
3- تمكن المعلم من جمع المعلومات المفيدة من المراجع المتعددة.
4- تتيح للمتعلمين استخدام المعلومات بسهولة.
5- تصلح لمخاطبة أعداد كبيرة من الطلاب.
6- غير مكلفة من الناحية الاقتصادية.
سلبيات طريقة الإلقاء:
1- قلة تفاعل المتعلم وسلبيته.
2- الشعور بالملل.
3- عدم مراعاة الفروق الفردية.
4- الاهتمام بالجانب المعرفي وحده.
5- ضعف العمل الجماعي بين المتعلمين.
طريقة المناقشة
طريقة المناقشة تتيح للمتعلم المجال للمشاركة والتفاعل مع الموقف التعليمي, وفي ضوء هذا تُعرف بأنها هي التي تسمح للمعلم بأن يشترك مع تلاميذه في فهم موضوع أو فكرة أو مشكلة ما وتحليلها وتفسيرها وتقويمها وبيان مواطن الاختلاف والاتفاق حولها.
كيفية السير في طريقة المناقشة:
1- أن يُجلس المعلم المتعلمين بصورة تمكن الجميع من مشاهدة المشاركين في النقاش.
2- أن يتابع المعلم سير المناقشة حتى لا تخرج عن أهدافها.
3- أن يشجع المتعلم المتعلمين المحجمين عن المشاركة في النقاش.
4- أن يتيح المعلم وقتا مناسبا لتقويم الموضوع المعروض.
ايجابيات طريقة المناقشة
1-تتح الفرص المناسبة لأحداث التفاعل الايجابي بين المعلم والمتعلم .
2- تساعد المعلم في التعرف على قدرات المتعلمين وميولهم واستعداداتهم .
3- تعين المتعلمين على تنمية وسائل الاتصال اللغوي لديهم
4- تنمي لدى المتعلم القدرة على الصبر وتقبل الآراء والأفكار المناهضة .
5- تنمي التفكير والمعارف والاتجاهات .
سلبيات طريقة المناقشة:
1- اهتمام بعض المعلمين بشكل المناقشة دون مضمونها .
2- تركيز بعض المعلمين أثناء المناقشة على الناجحين من المتعلمين وإهمال بقية التلاميذ .
3- قد يشتط بعض المتعلمين أثناء المناقشة فيبدون نوعا من التميز والتمسك بآرائهم .
4- من عيوب المناقشة أيضا أن المعلم قد يتخلى عن دوره في المتابعة و التوجيه.
5- من ما يأخذ على طريقة المناقشة أنها لا تصلح إلا للمجموعات الصغيرة .
طريقة هربارت :
وضع هربارت طريقته ذات الخطوات الخمس على أساس من سيكولوجية التعلم التي ترى أن الإنسان يتعلم الحقائق الجديدة بمساعدة الحقائق القديمة أو السابقة . وفي الحق أن هربارت وضع أربع خطوات متميزة بإتباعها يتمكن المعلم من تنفيذ درسه إلا أن أتباعه أضافوا إليها خطوة خامسة فأصبحت تعرف بعده بطريقة الخطوات الخمس
أولاً : التمهيد
ثانيا:العرض
ثالثا: الربط والموازنة
رابعا : التعميم
خامسا : التطبيق
أهم ما يميز هذه الطريقة أن له قدرة كبيرة على الإثارة والتشويق وترتيب المعلومات وترسيخها .
يؤخذ عليها ما يلي
1- تشعر المعلم أنه مقيد الحرية.
2- لا تساير طبيعة العقل في إدراك الحقائق .
3- تركز اهتمامها على المادة الدراسية والحقائق .
4- يقوم المعلم فيها بالعبء الأكبر في التدريس.
طريقة حل المشكلات
تعد هذه الطريقة من أهم الطرق التي اكتشفت في ضوء المنهج الحديث الذي يؤكد دور المتعلم في العملية التعليمية، فهذه الطريقة تهيئ الفرصة الملائمة للمتعلم للقيام بأنواع النشاط الذهني والعاطفي والحركي الموجه نحو مشكلة معينة.
ويعرف أسلوب حل المشكلات عدة تعريفات منها :انه سلوك ينظم المفاهيم والقواعد التي سبق تعلمها بطريقة تساعد علي تطبيقها في الموقف المشكل الذي يواجه المتعلم
خطوات طريقة حل المشكلات
1- الإحساس بالمشكلة
2- تحديد المشكلة
3- جمع البيانات
4- وضع الفروض
5- التحقق من صحة الفرض
6- الوصول إلي حل المشكلة
ايجابيات طريقة حل المشكلات
1-تنمي القدر علي التفكير لدى المتعلم
2- تساعد المتعلم علي تنمية مهارات استخدام المراجع العلمية
3-تساعد هذه الطريقة المتعلم علي إبراز شخصيته
4-تعين المتعلم علي تنمية المنهج العلمي واستخدامه في حياته العلمية والعملية
سلبيات طريقة حل المشكلات
1-تحتاج هذه الطريقة إلي وقت طويل نسبيا مما يؤدي إلى تأخير المتعلم عن دراسة المقررات الاخري
2-يستدعي نجاح هذه الطريقة توافر المراجع والدوريات القديمة والحديثة
معايير اختيار طريقة التدريس
بعد استعراض أشهر الطرق العامة للتدريس ،قد يسأل المعلم :لكن كيف اختار الطريقة المثلي لتنفيذ الدرس من بين تلك الطرق؟لعل أفضل وسيلة لذلك هي أن يطبق المعلم علي الطريقة التي يختارها الشروط والمعايير
1-ملاءمة الطريقة أهداف الدرس
2-مناسبة الطريقة المحتوي
3- ملاءمة الطريقة مستوى التلاميذ
4- إشراك التلاميذ في الدرس
5- تنوع المعلم في طرق تدريسه
6-ألفة المتعلم للطريقة
7-الاقتصاد في الوقت والجهد
8- والشرط الأخير يتمثل في أن تكون لدي المعلم المهارات التدريسية
والخصائص الشخصية اللازمة لتنفيذ طريقة التدريس التي سيختارها