شبهة في خلق القرآن - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شبهة في خلق القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-11-09, 15:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 شبهة في خلق القرآن

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شبهة في خلق القرآن

السؤال

أنا أؤمن أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ، ولكن كيف نجمع بين هذا وبين الحديث القائل بأن سورة البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان تحاجان عن صاحبهما

وهذا قطعاً ينفي كون تلك الغيايتين من ذات الله ، وكذلك الأحاديث الأخرى عن سورة تبارك في القبر ، وغيرها من سور القرآن التي تتمثل في صورة مخلوق يدافع عن العبد في الآخرة؟


الجواب

الحمد للَّه

أولا :

يعتقد المسلمون أن القرآن الكريم كلام الله تعالى

تكلم به كما يليق بجلاله وعظمته سبحانه .

يقول الله عز وجل :

( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) التوبة/6

يقول الإمام الآجري في كتاب "الشريعة" (1/84) :

" اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم : أن قول المسلمين الذين لم تزغ قلوبهم عن الحق ، ووُفقوا للرشاد قديما وحديثا : أن القرآن كلام الله عز وجل

ليس بمخلوق ؛ لأن القرآن من علم الله تعالى ، وعلم الله عز وجل لا يكون مخلوقا

تعالى الله عز وجل عن ذلك ، دل على ذلك القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقول أئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم ، لا ينكر هذا إلا جهمي خبيث ، والجهمية عند العلماء كافرة .

وقال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام :

( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف/158 .

وهو القرآن .

وقال جل وعلا لموسى عليه الصلاة والسلام :

( قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ) الأعراف/188

ومثل هذا في القرآن كثير

وقال عز وجل : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ) آل عمران/61

وقال عز وجل : ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/145

لم يزل الله تعالى عالما متكلما سميعا بصيرا بصفاته قبل خلق الأشياء

من قال غير هذا فقد كفر .

وسنذكر من السنن والآثار وقول العلماء الذين لا يستوحش من ذكرهم

: ما إذا سمعها من له علم وعقل زاده علما وفهما

وإذا سمعها من في قلبه زيغ فإذا أراد الله هدايته إلى طريق الحق رجع عن مذهبه ، وإن لم يرجع فالبلاء عليه أعظم " انتهى .

فمن أحب التوسع فليرجع إلى ما ذكره الآجري من أدلة متواترة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق .

ثانيا :

أصل القول بخلق القرآن ليس استدلالا من الكتاب والسنة

وإنما بأدلة عقلية اضطرتهم إلى نفي الصفات عن الله تعالى

وذلك حين قالوا بأن الصفات لا تقوم إلا في المخلوقات والحوادث

وتوصلوا إلى هذه القاعدة عبر سلسلةٍ من المغالطات التي يسمونها "دليل حدوث العالم"

ثم نظروا بعد ذلك في القرآن الكريم ، فحرَّفوا كل دلالة تُخَالفُ هذا المفهوم الذي توصلوا إليه ، وجمعوا كل شبهة يمكن أن تدل عليه ، فكان مما تشبَّثُوا به ما ذكره السائل الكريم

مما جاء في السنة الآحادية الصحيحة – مع أنهم لا يحتجون في العقائد إلا بالمتواتر منها – أن القرآن يأتي يوم القيامة على هيئة معينة ليشفع لصاحبه

قالوا وهذا يدل على أنه مخلوق ، فإنه لا يتصف بالمجيء والإتيان إلا المخلوق .

عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا )

رواه مسلم (804)

الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه ، ( الفِرقان ) هما قطيعان وجماعتان من طير ( صواف ) جمع صافة : وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء .

"شرح مسلم للنووي" (6/90)

وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ )

رواه ابن ماجه (3781) وصححه البوصيري في الزوائد ، وابن حجر في "المطالب العالية" (4/66)

وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه : ضعيف يحتمل التحسين . وحسنه من حديث أبي هريرة في "السلسلة الصحيحة" (2829)

وهذه شبهة قديمة أجاب عنها الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة .

يقول ابن قتيبة رحمه الله في "تأويل مختلف الحديث" (258):

" أراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان ) أن ثوابهما يأتي قارئهما حتى يظله يوم القيامة

ويأتي ثوابه الرجل في قبره ، ويأتي الرجل يوم القيامة حتى يجادل عنه ، ويجوز أن يكون الله تعالى يجعل له مثالا يحاج عنه ويستنقذه " انتهى .

وانظر : الرد على الزنادقة والجهمية ، للإمام أحمد ص (42-43) .

ويقول ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (5/476) :

" ثم إن الجهمية لجأت إلى المغالطة في أحاديث تأولوها ، موهوا بها على من لا يعرف الحديث

وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله : ( يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ) يجيء ثواب ذلك كله ، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة .

قال الله عز وجل : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) الزلزلة/7-8

فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر ، وليس يرى الخير والشر ، وإنما ثوابَهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب .

كما قال عز وجل ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ) آل عمران/30

وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر ، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب .
فيجوز في الكلام أن يقال : يجيء القرآن ، تجيء الصلاة ، وتجيء الزكاة ، يجيء الصبر ، يجيء الشكر ، وإنما يجيء ثواب ذلك كله " انتهى .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (8/408) :

" ولما احتج الجهمية على الإمام أحمد وغيره من أهل السنة على أن القرآن مخلوق بقول النبى صلى الله عليه و سلم :

( تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ) و ( يأتي القرآن فى صورة الرجل الشاحب ) ونحو ذلك .

قالوا : ومن يأتى ويذهب لا يكون إلا مخلوقا .

أجابهم الإمام أحمد : بأن الله تعالى قد وصف نفسه بالمجيء والإتيان بقوله : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) الأنعام/158

وقال : ( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) الفجر/22

ومع هذا فلم يكن هذا دليلا على أنه مخلوق بالاتفاق

بل قد يقول القائل جاء أمره

وهكذا تقوله المعتزلة الذين يقولون القرآن مخلوق

يتأولون هذه الآية على أن المراد بمجيئه مجيء أمره

فَلِمَ لا يجوز أن يتأول مجيء القرآن على مجيء ثوابه

ويكون المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) بمجيء ثوابها

وثوابها مخلوق ! وقد ذكر هذا المعنى غير واحد ، وبينوا أن المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) أي : ثوابهما ، ليجيبوا الجهمية الذين احتجوا بمجيء القرآن وإتيانه على أنه مخلوق " انتهى

وفي مجموع الفتاوى (5/398) :

" وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران ، كما ذكر مثل ذلك من مجىء الأعمال فى القبر وفى القيامة ، والمراد منه ثواب الأعمال

والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اقرؤوا البقرة وآل عمران فانهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما )

وهذا الحديث فى الصحيح ، فلما أمر بقرائتهما ، وذكر مجيئهما يحاجان عن القارىء

علم أنه أراد بذلك قراءة القارىء لهما ، وهو عمله ، وأخبر بمجيء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها ، كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال " انتهى .

يتبين مما سبق أنه لا يصح الاستدلال بهذه الأحاديث على خلق القرآن

لأن المقصود بها ثواب قراءة القرآن

كما أن المقصود بقوله تعالى ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) الزلزلة/7

أنه يرى ثواب الخير .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-11-09, 16:04   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق

السؤال

أعلم أنّ القرآن صفة من صفات الله كالعين واليد وغيرها من الصفات ، وأنه كلام الله حقيقة ، أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من خلال جبريل عليه السلام ، وأنّ القرآن غير مخلوق ، ولكن ما المقصود بذلك؟

هل يعني ذلك أنّ كلام الله غير مخلوق ، حتى عندما نقرأه ، فنحن مخلوقات الله ، وكل ما يصدر عنا هو من خلق الله ؟

هل التفكير بهذا الشكل فيه نوع من التعدي ؟

فأنا لا أريد ذلك وكل ما أريد هو أن تكون عقيدتي صحيحة ؟


الجواب


الحمد لله

القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق .

والمقصود بذلك : أن الله تعالى تكلم بالقرآن

وسمعه منه جبريل عليه السلام

ونزل به على النبي صلى الله عليه وسلم ، وبلغه إياه .

وصفات الله تعالى كلها غير مخلوقة

فهي أزلية لا أول لها .

وكلام الله من هذه الصفات

ومنه القرآن .

فلذلك قال العلماء :

ان القرآن غير مخلوق

لأنه كلام الله الذي هو صفة من صفاته .

أما أفعال العباد : فمخلوقة

قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) الصافات/ 96 .

فهاهنا أمران ينبغي التمييز بينهما

الأول : كلام الله جل وعلا ، الذي تكلم به ابتداء ، وسمعه منه جبريل عليه السلام

ونقله إلينا النبي صلى الله عليه وسلم : فهذا صفة الله ، غير مخلوقة ، بحروفه ، وكلماته ، وكذا صوته الذي تكلم الله به ابتداء ، وسمعه منه جبريل عليه السلام .

فهذا كله : كلام الله غير مخلوق منه شيء ، كيفا كتب ، أو تلي ، أو سمع .

والثاني : عمل العبد ، الذي هو وعاء الذي يحمل به كلام الله ، فيكتبه في كتاب ، ويقرؤه ، ويسمعه ، وكل ما كان من العبد وعمله : فهو مخلوق .

فيد البعد مخلوقة ، والمداد الذي يكتب به : مخلوق ، والأوراق التي يكتب فيها : مخلوقة ، ولسان العبد : مخلوق ، وصوته الخاص به : مخلوق ؛ وكل هذه أوعية ، يحمل بها العباد كلام الله ، وينقلونه ، ويبلغونه .

وقد حرر غير واحد من الأئمة المقام ، وميزوا بين الأمرين ، وعلى رأسهم إمام المحدِّثين : محمد بن إسماعيل البخاري رحمه ، فقد صنف في ذلك كتابا خاصا أسماه "خلق أفعال العباد"

ومما جاء فيه (2/70) :

" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ : سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ : مَا زِلْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ : إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ : حَرَكَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُهُمْ وَاكْتِسَابُهُمْ وَكِتَابَتُهُمْ مَخْلُوقَةٌ ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ الْمُبَيَّنُ الْمُثَبَّتُ فِي الْمُصْحَفِ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ فَهُوَ كَلاَمُ اللهِ لَيْسَ بِخَلْقٍ

قَالَ اللَّهُ تعالى : بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : فَأَمَّا الأَوْعِيَةُ فَمَنْ يَشُكُّ فِي خَلْقِهَا ؟ ." انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" إذَا قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَإِنَّمَا نَقْرَؤُهُ بِأَصْوَاتِنَا الْمَخْلُوقَةِ الَّتِي لَا تُمَاثِلُ صَوْتَ الرَّبِّ، فَالْقُرْآنُ الَّذِي نَقْرَؤُهُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ

مُبَلَّغًا عَنْهُ لَا مَسْمُوعًا مِنْهُ، وَإِنَّمَا نَقْرَؤُهُ بِحَرَكَاتِنَا وَأَصْوَاتِنَا، الْكَلَامُ كَلَامُ الْبَارِي ، وَالصَّوْتُ صَوْتُ الْقَارِئِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَعَ الْعَقْلِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 98)

وينظر: "مجموع الفتاوى" (12/ 53) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" الاعتقاد الواجب نحو القرآن وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة ودل عليه الكتاب والسنة - أن القرآن كلام الله حقيقة ، حروفه ومعانيه ، منزل غير مخلوق

منه بدأ وإليه يعود ، وهو كلام الله تعالى ، حيث تلي وحيث كتب

قال الله تعالى : ( فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ) عبس/13، 14

وقال سبحانه : ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) البينة/ 2 ، 3 .

فالقرآن الذي نقرؤه هو كلام الله تعالى ، وإنما نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا ، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القاري "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /21) .

وينظر تفصيل هذه المسألة في "مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم (503-510) .

وينظر للاستزادة جواب السؤالين القادمين

والله تعالى أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عودة
باذن الله ان قدر لنا البقاء
و اللقاء









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-11-09 في 16:06.
رد مع اقتباس
قديم 2019-11-10, 14:27   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يدل قوله تعالى :

( الله خالق كل شيء )

على أن القرآن مخلوق ؟


السؤال


هل هناك تعارض بين قوله تعالى (الله خالق كل شيء) ، وبين أن القرآن كلام الله غير مخلوق ؟


الجواب


الحمد لله

اتفق أهل السنة والجماعة على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق

وأنكروا على من قال من المبتدعة : " إن القرآن مخلوق"

وبدَّعوهم وهجروهم

وكثير منهم كفّر من قال بهذه المقولة الضالة .

وكان من شبهات أهل البدعة على هذه الضلالة

قول الله تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )

قالوا : والقرآن شيء ، فهو مخلوق !!

وهذا استدلال باطل

وتحريف للكلم من بعد مواضعه .

فإن القرآن كلام الله ، وكلام الله صفة من صفاته ، وصفاته غير مخلوقة ؛ لأن الصفات تتبع الموصوف ؛ فصفات الخالق غير مخلوقة ، لأنها تتبع الخالق ، وصفات المخلوق مخلوقة لأنها تتبع المخلوق .

وأيضاً فإن الله تعالى يقول : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ) الأنعام/ 19 ، فأخبر عن نفسه بأنه " شيء " ؛ فهل يقال : الله مخلوق ؟!

فالمقصود من الآية : أن الله خالق كل شيء من المخلوقات ، لم يشركه في خلقها أحد سواه ، ولا له ند ولا شريك ، ولا معين ولا ظهير في خلقه .

وإليك طائفة من أقوال أهل العلم في الرد على هذه الشبهة :

- روى الخلال في "كتاب السنة" (5/109) عن سُفْيَانَ بْن عُيَيْنَةَ قال : " مَا يَقُولُ هَذَا الدُّوَيْبةُ ؟

- يَعْنِي بِشْرًا الْمِرِّيسِيَّ - قيل : يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ.

قَالَ: " كَذَبَ ، أَخْزَاهُ اللَّهُ ، إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْء ٍ، وَكَلَامُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَارِجٌ عن الْخَلْقِ " .

وقال ابن بطة رحمه الله :

" ثُمَّ إِنَّ الْجَهْمِيَّ ادَّعَى أَمْرًا آخَرَ لِيُضِلَّ بِهِ الضُّعَفَاءَ ، وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : أَخْبِرُونَا عَنِ الْقُرْآنِ ، هَلْ هُوَ شَيْءٌ أَوْ لَا شَيْءَ ؟ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ : لَا شَيْءَ

فَيُقَالُ لَهُ : هُوَ شَيْءٌ , فَيَظُنُّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَدْ ظَفَرَ بِحُجَّتِهِ وَوَصَلَ إِلَى بُغْيَتِهِ

فَيَقُولُ : فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ) ، وَالْقُرْآنُ شَيْءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ ، وَهُوَ مَخْلُوقٌ ، لِأَنَّ الْـ(كُلَّ) يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ ؟!

فَيُقَالُ لَهُ : أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ الْكُلَّ يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ ، فَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ذَلِكَ ، وَأَكْذَبَكَ الْقُرْآنَ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ، وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسٌ لَا تَدْخُلُ فِي هَذَا الْكَلِّ ، وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ شَيْءٌ ، لَا يَدْخُلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ ، كَمَا قَالَ ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) "

انتهى من " الإبانة الكبرى " (6/170) .

وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :

" وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ، وَالْقُرْآنُ شَيْءٌ ، فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي عُمُومِ كُلٍّ فَيَكُونُ مَخْلُوقًا ، فَمِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ

وَذَلِكَ: أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ كُلَّهَا عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا يَخْلُقُهَا الْعِبَادُ جَمِيعَهَا ، لَا يَخْلُقُهَا اللَّهُ ، فَأَخْرَجُوهَا مِنْ عُمُومِ كَلٍّ

وَأَدْخَلُوا كَلَامَ اللَّهِ فِي عُمُومِهَا ، مَعَ أَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ ، بِهِ تَكُونُ الْأَشْيَاءُ الْمَخْلُوقَةُ ، إِذْ بِأَمْرِهِ تَكُونُ الْمَخْلُوقَاتُ

قَالَ تَعَالَى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)

فَفَرَّقَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ ، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ مَخْلُوقًا ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا بِأَمْرٍ آخَرَ ، وَالْآخَرُ بِآخَرَ ، إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ ، فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

وَطَرْدُ بَاطِلِهِمْ : أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ صِفَاتِهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةً ، كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَذَلِكَ صَرِيحُ الْكُفْرِ ، فَإِنَّ عِلْمَهُ شَيْءٌ ، وَقُدْرَتَهُ شَيْءٌ

وَحَيَاتَهُ شَيْءٌ ، فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي عُمُومِ كَلٍّ ، فَيَكُونُ مَخْلُوقًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا "

انتهى من "شرح الطحاوية" (ص 131-132) .

وقال علماء اللجنة الدائمة :

" القرآن الكريم لا يدخل في قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ؛ لأن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته غير مخلوقة ؛ لأن الصفات تتبع الموصوف.

فالله بصفاته - ومنها كلامه - خالق كل شيء ، وما سواه مخلوق

وكما قال تعالى : (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)

ففرق سبحانه بين الخلق والأمر بالعطف الذي يقتضي المغايرة بينهما ، والأمر يكون بالكلام ، قال تعالى: ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/18-19) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الجواب من وجهين:

الأول : أن القرآن كلام الله تعالى ، وهو صفة من صفات الله ، وصفات الخالق غير مخلوقة.

الثاني : أن مثل هذا التعبير (كل شيء) : عام ، قد يراد به الخاص

مثل قوله تعالى عن ملكة سبأ : (وأوتيت من كل شيء) ، وقد خرج شيء كثير لم يدخل في ملكها منه شيء ؛ مثل ملك سليمان" .

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/366) .

وراجع للاستزادة جواب السؤال بعد القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-10, 14:47   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

عشر أدلة من المنقول والمعقول على أن القرآن كلام الله غير مخلوق

السؤال

أرجو أن تفيدوني في كيفية التعامل مع شبه المبتدعة ، وخاصة بدعة القول بخلق القرآن

فأرجو منكم أن تفصلوا في الرد على شبههم

مع ذكر كتب أهل العلم الثقات الذين توسعوا في الرد على أهل البدع في هذه المسألة .


الجواب

الحمد لله

الرد على البدعة ينطلق أول ما ينطلق من تأصيل السنة

وتقعيد مبادئ العقيدة

وبناء العلم على المنهجية الصحيحة المنطلقة من الكتاب والسنة .

وهذا البناء لا يتم من خلال الفتاوى المتفرقة

أو القراءات المتناثرة

بل عبر طلب منهجي للعلم

ودراسة مؤصلة يقضي فيها الطالب سنوات عمره في البحث والحفظ والفهم والتحصيل

وحينئذ يمكنه فهم الشبهات

وفهم كلام العلماء

وتحليل المزالق التي أودت إلى مثل هذه الإشكالات العقدية الكبرى .

ونحن هنا نورد نموذجا مصغرا لما يمكن أن يبنى عليه تأصيل كون القرآن كلام الله

ونفي شبهة الخلق عنه

وذلك باختصار وإيجاز

ننقله عن إحدى الدراسات المختصة

ومنه تتعرف على قدرٍ يسير مما يمكن أن تناقش به المسائل العقدية

ومدى سعتها ودقتها وحاجتها إلى البحث والتفتيش .

فنقول :

إنه يمكن الاستدلال بعشرة أدلة على أن القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق

وهذه الأدلة هي :

الدليل الأول :

قال الله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )الأعراف/ 54.

والاحتجاج بهذه الآية من وجهين :

الأول : أنه تعالى فرَّق بين الخلق والأمر ، وهما صفتان من صفاته ، أضافهما إلى نفسه ، أما الخلق ففعله

وأما الأمر فقوله ، والأصل في المتعاطفين التغاير إلا إذا قامت القرينة على عدم إرادة ذلك ، وهنا قد قامت القرائن على توكيد الفرق بينهما ، ومنها الوجه الآتي .

والثاني : أن الخلق إنما يكون بالأمر

كما قال تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/ 82 .

فقوله تعالى : ( كن ) هو أمره ، فلو كان مخلوقا لاحتاج خلقه إلى أمر ، والأمر إلى أمر ، إلى ما لا نهاية ، وهذا باطل .
وقد احتج الإمام أحمد رحمه الله على الجهمية المعتزلة بهذه الآية .

قال رحمه الله :

" قلت : قال الله : ( ألا له الخلق والأمر ) ففرق بين الخلق والأمر " رواه حنبل في " المحنة " (ص53).

وقال لهم :

" قال الله : ( أتى أمر الله ...) [النحل: 1] فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوق ، فلا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض "

رواه حنبل في " المحنة " (ص/54).

وقال فيما كتبه للمتوكل حين سأله عن مسألة القرآن :

" وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ )التوبة/ 6

وقال : ( ألا له الخلق والأمر )

فأخبر بالخلق ، ثم قال : ( والأمر )

فأخبر أن الأمر غير مخلوق "

انتهى. رواه صالح ابنه في " المحنة " (روايته ص: 120 – 121).

وقد سبق الإمام أحمد إلى هذا الاحتجاج شيخه الإمام سفيان بن عيينة الهلالي الحافظ الثقة الحجة

فقال رحمه الله :

" قال الله عز وجل : ( ألا له الخلق والأمر ) فالخلق خلق الله تبارك وتعالى ، والأمر القرآن "

رواه الآجري في " الشريعة " (ص: 80) بسند جيد عنه .

الدليل الثاني :

قال تعالى : ( الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ )الرحمن/ 1 – 3 .

ففرَّق تعالى بين علمه وخلقه ، فالقرآن علمه ، والإنسان خلقه ، وعلمه تعالى غير مخلوق .

قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )البقرة/ 120.

فسمى الله تعالى القرآن علمًا ، إذ هو الذي جاءه من ربه ؟

وهو الذي علمه الله تعالى إياه صلى الله عليه وسلم ، وعلمه تعالى غير مخلوق

إذ لو كان مخلوقا لاتصف تعالى بضده قبل الخلق ، تعالى الله عن ذلك وتنزه وتقدس .

وبهذا احتج الإمام أحمد رحمه الله ، حيث قال في حكاية مناظرته للجهمية في مجلس المعتصم :

" قال لي عبد الرحمن القزاز : كان الله ولا قرآن . قلت له : فكان الله ولا علم ! فأمسك ، ولو زعم أن الله كان ولا علم لكفر بالله ".

رواه حنبل في " المحنة " (ص: 45).

وقيل له رحمه الله :

قوم يقولون : إذا قال الرجل : كلام الله ليس بمخلوق ، يقولون : من إمامك في هذا ؟

ومن أين قلت : ليس بمخلوق ؟

قال : " الحجة قول الله تبارك وتعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم )، فما جاءه غير القرآن ".

وقال رحمه الله :

" القرآن علم من علم الله ، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر"

رواه ابن هانئ في " المسائل " (2/ 153، 154).

الدليل الثالث :

قال تعالى : ( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )الكهف/ 109.

وقال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )لقمان/ 27.

فأخبر تعالى - وقوله الحق - أن كلماته غير متناهية ، فلو أن البحار التي خلق الله كانت مدادا تكتب به ، والشجر الذي خلق الله أقلاما تخط به ، لنفد مداد البحور ، ولفنيت الأقلام ، ولم تفن كلمات الله .

وإنما في هذه الإبانة عن عظمة كلامه تعالى ، وأنه وصفه وعلمه ، وهذا لا يقاس بالكلام المخلوق الفاني

إذ لو كان مخلوقا لفني من قبل أن يفنى بحر من البحور ، ولكن الله تعالى إنما كتب الفناء على المخلوق لا على نفسه وصفته .

الدليل الرابع :

أسماء الله تعالى في القرآن ، كـ ( الله ، الرحمن ، الرحيم ، السميع ، العليم ، العفور ، الكريم ...) وغيرها من أسمائه الحسنى ، وهي من كلامه ، إذ هو الذي سمى بها نفسه ، بألفاظها ومعانيها .

وقد ساوى الله تعالى بين تسبيح نفسه وتسبيح أسمائه

فقال تعالى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) الأعلى/ 1

وساوى تعالى بين دعائه بنفسه ودعائه بأسمائه

فقال : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )الأعراف/180

وكذلك ساوى تعالى بين ذكره بنفسه وذكره بأسمائه

فقال : ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )الإنسان/25 .

وهذا التسبيح والدعاء والذكر إن كان يقع لمخلوق كان كفرا بالله .

فإن قيل : إن كلامه تعالى مخلوق .

كانت أسماؤه داخلة في ذلك

ومن زعم ذلك فقد كفر لما ذكرنا

ولأن معنى ذلك أن الله تعالى لم تكن له الأسماء الحسنى قبل خلق كلامه

ولكان الحالف باسم من أسمائه مشركا لأنه حلف بمخلوق

والمخلوق غير الخالق .

وبهذه الحجة احتج جماعة من السلف والأئمة على كون القرآن غير مخلوق ، منهم :

الإمام الحجة سفيان بن سعيد الثوري . قال : " من قال : إن ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ ) مخلوق ، فهو كافر "

أخرجه عبد الله في " السنة " رقم : (13) وسنده جيد .

ويقول الإمام الشافعي :

" من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة

لأن اسم الله غير مخلوق ، ومن حلف بالكعبة ، أو بالصفا والمروة ، فليس عليه الكفارة ؛ لأنه مخلوق ، وذاك غير مخلوق "

أخرجه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي " (ص: 193) بإسناد صحيح .

ويقول أحمد بن حنبل :

" أسماء الله في القرآن ، والقرآن من علم الله ، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر ، ومن زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر " رواه ابنه صالح في " المحنة " (ص: 52، 66 – 67).

الدليل الخامس :

أخبر تعالى عن تنزيله منه وإضافته إليه

كما قال : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ )السجدة/ 2

وقال : ( وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) الأنعام/114

وقال : ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) النحل/ 102

ولم يضف شيئا مما أنزله إلى نفسه غير كلامه

مما دل على الاختصاص بمعنى

فليس هو كإنزال المطر والحديد وغير ذلك

فإن هذه الأشياء أخبر عن إنزالها

لكنه لم يضفها إلى نفسه

بخلاف كلامه تعالى

والكلام صفة

والصفة إنما تضاف إلى من اتصف بها لا إلى غيره ، فلو كانت مخلوقة لفارقت الخالق ، ولم تصلح وصفا له

لأنه تعالى غني عن خلقه ، لا يتصف بشيء منه .









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-10, 14:49   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الدليل السادس :

عن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ قالت :

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ )

رواه مسلم (2708).

ولو كانت كلماته مخلوقة لكانت الاستعاذة بها شركا ؛ لأنها استعاذة بمخلوق ، ومن المعلوم أن الاستعاذة بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته شرك

فكيف يصح أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته ما هو شرك ظاهر ، وهو الذي جاءهم بالتوحيد الخالص !

فدل هذا على أن كلمات الله تعالى غير مخلوقة .

قال نعيم بن حماد :

" لا يستعاذ بالمخلوق ، ولا بكلام العباد والجن والإنس والملائكة ".

وقال البخاري عقبه : " وفي هذا دليل أن كلام الله غير مخلوق ، وأن سواه خلق "

ينظر " خلق أفعال العباد " (ص: 143).

الدليل السابع :

حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه ) حديث حسن

أخرجه عثمان الدارمي في " الرد على الجهمية " رقم : (287، 340)

واللالكائي رقم : (557).

تضمن هذا الحديث إثبات عقيدة السلف ( القرآن كلام الله غير مخلوق ) وذلك من وجهين :

الأول : التفريق بين كلام الله وما سواه من الكلام ، والكلام إما كلام الله الذي هو صفته ، أو الكلام المخلوق الذي هو من خلق الله

فأضاف ما كان صفة لله إلى الله ، وعمم ما سواه ، ليشمل كل كلام سوى ما أضافه إلى الله ، ولو كان الجميع مخلوقا لما كانت هناك حاجة إلى التفريق .

والثاني : جعل الفرق بين كلام الله وكلام غيره ، كالفرق بين ذات الله وذات غيره ، فجعل شأن كلامه وصفته ، من شأن ذاته وصفتها ، كما أن كلام المخلوق وصفته ، هو مناسب وملائم لذات المخلوق وصفتها .

وقد احتج بهذا الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في " الرد على الجهمية " (ص: 162 – 163)

فقال بعدما ذكر الأحاديث في هذا المعنى :

" ففي هذه الأحاديث بيان أن القرآن غير مخلوق ؛ لأنه ليس شيء من المخلوقين من التفاوت في فضل ما بينهما ، كما بين الله وبين خلقه في الفضل ؛ لأن فضل ما بين المخلوقين يستدرك

ولا يستدرك فضل الله على خلقه ، ولا يحصيه أحد ، وكذلك فضل كلامه على كلام المخلوقين ، ولو كان مخلوقا لم يكن فضل ما بينه وبين سائر الكلام ، كفضل الله على خلقه

ولا كعشر عشر جزء من ألف ألف جزء ، ولا قريبا فافهموه ، فإنه ليس كمثله شيء , فليس ككلامه كلام ، ولن يؤتى بمثله أبدا " انتهى.

الدليل الثامن :

من المعقول الصريح : أن كلام الله إن كان مخلوقا ، فلا يخلو من أحد حالين :

الأولى : أن يكون مخلوقا قائمًا بذات الله .

والثانية : أن يكون منفصلا عن الله بائنا عنه .

وكلا الحالين باطل ، بل كفر شنيع .

أما الأولى فيلزم منها أن يقوم المخلوق بالخالق ، وهو باطل في قول أهل السنة ، وعامة أهل البدع ، فإن الله تعالى مستغن عن خلقه من جميع الوجوه .

وأما الثانية فيلزم تعطيل صفة الكلام للباري تعالى ، إذ أن الصفة إنما تقوم بالموصوف

- كما سبق تقريره - لا تقوم بسواه ، فإن قامت بغير الموصوف كانت وصفا لمن قامت به ، وهذا معناه أن الرب تعالى غير متكلم ، وهو كفر بيِّن ، كما بينا الدلالة عليه .

الدليل التاسع :

علمت أن الصفة لا تقوم بنفسها ، فإن كانت صفة للخالق قامت به ، وإن كانت صفة للمخلوق قامت به ولا بد ، فالحركة ، والسكون ، والقيام ، والقعود ، والقدرة ، والإرادة ، والعلم

والحياة ، وغيرها من الصفات ، إن أضيفت لشيء كانت وصفا له ، وهي تابعة لمن قامت به ، فهذه صفات تضاف للمخلوق ، فهي صفات له حيث أضيفت له

ومنها ما يضاف إلى الخالق ، كالقدرة والإرادة والعلم والحياة وغير ذلك ، فهي صفات له حيث أضيفت له ، وحيث أضيفت للمخلوق فهي مخلوقة ، وحيث أضيفت للخالق فهي غير مخلوقة .

فصفة الكلام كغيرها من الصفات ، لا بد أن تقوم بمحل ، فإذا قامت بمحل كانت صفة لذلك المحل

لا صفة لغيره ، فإن هي أضيفت إلى الخالق تعالى فهي صفته ، وإن أضيفت إلى غيره فهي صفة لذلك الغير ، وصفة الخالق غير مخلوقة كنفسه ، وصفة المخلوق مخلوقة كنفسه .

فلما أضاف الله لنفسه كلاما ، ووصف نفسه به ، كان كلامه غير مخلوق ؛ لأنه تابع لنفسه ، ونفسه تعالى غير مخلوقة ، والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات .

فإن قيل : هو مخلوق .

قلنا : إذا يتنزه الله عن الاتصاف بمخلوق ، وأنتم تنزهونه تعالى بزعمكم عن قيام الحوادث به

فحيث نزهتم ربكم تعالى عن ذلك ، فإنه يلزمكم أن لا تضيفوا إليه كلاما ، وبهذا تكذبون السمع والعقل الشاهدين على أن لله تعالى صفة الكلام .

لكنهم أبوا الإقرار بأن كلام الله تعالى غير مخلوق بأدهى مما سبق من الباطل ,

فقالوا : نثبت أن الله متكلم بكلام قائم في غيره ، فكلم الله تعالى موسى بكلام مخلوق قائم بالشجرة ، لا به تعالى ، فنحن نزهناه عن قيام الحوادث به .

قلنا : جعلتم الكلام إذا صفة للمحل الذي قام به ، ويلزم ، على قولكم ، أن يكون كلام الشجرة

فكانت الشجرة بهذا هي القائلة لموسى : ( يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )

فانتفى حينئذ الفرق بين قول الشجرة

وقول فرعون اللعين : ( أنا ربكم الأعلى )

لأن كلام الشجرة صفتها لا صفة الله ، وكلام فرعون صفته ، وكل ادعى الربوبية ، فلم يكن موسى إذا محقا في إنكاره قول فرعون ، وقبوله قول الشجرة !!

فتأمل رحمك الله لهذا الكفر الصراح ، الذي أوقع أهله فيه الابتداع المشين ، وعدم الرضا والتسليم لحقائق التنزيل ، واستبدال الوحي الشريف بزبالات الأذهان التي تصرفها الأهواء كيف شاءت .

ولقد كانت هذه الحجة العقلية مما احتج به الإمام أحمد رحمه الله على الجهمية المعتزلة حين ناظرهم بحضرة المعتصم

قال رحمه الله :

" وهذه قصة موسى ، قال الله في كتابه حكاه عن نفسه : ( وكلم الله موسى ) فأثبت الله الكلام لموسى كرامة منه لموسى ، ثم قال بعد كلامه له ( تكليما ) ؛ تأكيدا للكلام

قال الله تعالى : يا موسى ( إنني أنا الله لا إله إلا أنا )

وتنكرون هذا ، فتكون هذه الياء تَرِد على غير الله ، ويكون مخلوق يدعي الربوبية ؟!

ألا هو الله عز وجل"

رواه حنبل في " المحنة " (ص: 52).

الدليل العاشر :

من كلام أئمة السلف في إثبات هذه العقيدة :

يقول عمرو بن في دينار - من خيار أئمة التابعين -:

" أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن دونهم منذ سبعين سنة ، يقولون : الله الخالق ، وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله ، منه خرج ، وإليه يعود " .

وقال عبد الله بن نافع : كان مالك يقول :

" القرآن كلام الله " ويستفظع قول من يقول : القرآن مخلوق " رواه صالح بن أحمد في " المحنة " (ص: 66) بسند صحيح عنه .

وقال الربيع بن سليمان صاحب الشافعي وتلميذه ، حاكيًا المناظرة التي جرت بينه وبين حفص الفرد في القرآن :
فسأل الشافعي ، فاحتج عليه الشافعي

وطالت فيه المناظرة ، فأقام الشافعي الحجة عليه بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وكفَّر حفصا الفرد

. قال الربيع : فلقيت حفصا الفرد في المجلس بعد ، فقال : أراد الشافعي قتلي .

رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في " آداب الشافعي " (ص: 194 – 195) وسنده صحيح .

وقال ابن أبي حاتم :

" سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ؟

فقالا :

" أدركنا العلماء في جميع الأمصار : حجازا ، وعراقا ، وشاما ، ويمنا ، فكان من مذهبهم : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته ".

أخرجه ابن الطبري في " السنة " (1/ 176) بسند صحيح .

وقد ساق الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي في كتابه العظيم " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " :

القول بذلك عن خمس مئة وخمسين نفسا من علماء الأمة وسلفها ، كلهم يقولون : القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال : مخلوق ، فهو كافر .

قال رحمه الله :

" فهؤلاء خمس مئة وخمسون نفسا أو أكثر ، من التابعين ، وأتباع التابعين ، والأئمة المرضيين ، سوى الصحابة الخيرين ، على اختلاف الأعصار

ومضي السنين والأعوام ، وفيهم نحو من مئة إمام ، ممن أخذ الناس بقولهم ، وتدينوا بمذاهبهم ، ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين لبلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة "

انتهى من " السنة " (493).

باختصار، وتصرف يسير

من كتاب " العقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية " (ص: 121-147) .

وينظر للتوسع في ذلك أيضا

: المجلد الثاني عشر من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : "القرآن كلام الله"

و"مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عودة
باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-11, 14:44   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



القرآن مُنَزَّل من الله تعالى غيرمخلوق

السؤال

هل لكم أن تخبرونا عن كتاب بالإنجليزية يتكلم على أن القرآن ليس مخلوقاً وما يجب أن نعتقده كمسلمين ؟.

الجواب

الحمد لله

الذي يجب علينا أن نَعْتَقِده نحن المسلمين ، هو ما جاءنا من الله عز وجل

وما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقد أخْبَرنا الله عز وجل أنه يتكلم قال تعالى : ( ومن أصْدَق من الله حديثا ) النساء/87

وقال تعالى : ( ومن أصْدَق من الله قِيلاً ) النساء /122 .

ففي هاتين الآيتين إثبات أن الله يَتَكَلَّم ، وأنّ كلامَه صِدْقٌ ، وحَقٌ ، ليس فيه كَذِبٌ بِوَجْهٍ من الوجوه .

وقال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ) المائدة /166

ففي هذه الآية أن الله يقول ، وأن قوله مَسْمُوع فيكون بصوت ، وأن قوله كَلِمَات وجمل

والدليل على أنه بحرف قول الله تعالى : ( يا موسى إني أنا ربُّك ) طه/11-12

فإن هذه الكلمات حروف وهي من كلام الله

.والدليل على أنه بصوت قوله تعالى : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرَّبناه نجياً ) مريم/52

والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت .

انظر شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص 73 .

ولهذا كانت عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بكلام حقيقي متى وكيف شاء بما شاء بحرف وصوت لا يُمَاثِلُ أصوات المخلوقين ، والدليل على أنه لا يُمَاثِل أصْوَاتَ المَخْلُوقين

قوله تعالى : ( ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَمِيعُ البَصِير ) الشورى/11

فَعُرِفَ ابْتِداءً أن هذه العقيدة هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، وأهل السنة والجماعة يَعْتَقِدون أن القرآن كلام الله ،

ومن الأدلة على هذا الاعتقاد قول الله تعالى : ( وإنْ أحَدٌ من المشْرِكين استجارك فأجِرْه حتى يَسْمَع كلام الله ) التوبة /6

والمراد القرآن بالاتفاق ، وأضاف الكلام إلى نفسه فدل على أن القرآن كلامه .

وعقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود .

والأدلة على أنه منزل ما يأتي :

قول الله عز وجل : ( شَهْرُ رمضان الذي أنزل فيه القُرآن ) البقرة/185

وقوله تعالى : ( إنّا أنْزَلناه في ليلة القدر ) القدر /1

وقوله : ( وقُرْآناً فَرَقْنَاه لِتَقْرَأَه على الناس على مُكْثٍ ونَزَّلنَاه تَنْزِيلاً ) الإسراء /106

قوله : ( وإذا بَدَّلنا آية مكان آية والله أعلم بما يُنَزِّل قالوا إنما أنت مُفْتَرٍ بل أكثرهم لا يعلمون قل نَزَّله رُوح القُدُسِ من ربك بالحق ليُثَبِّت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين

ولقد نعلم أنهم يقولون إنّما يُعَلِّمُه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعْجَمِِي وهذا لسان عربي مبين ) النحل /101-103 .

و الذي يبدل آية مكان آية هو الله سبحانه وتعالى .

والأدلة على أنه غير مخلوق قوله تعالى : ( ألا له الخلق والأمر ) فجعل الخلق شيئاً والأمر شيئا آخر

لأن العطف يقتضي المغايرة والقرآن من الأمر بدليل قوله تعالى : ( وكذلك أوْحَيْنَا إليك روحا من أمرنا

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نَهْدِي به من نَشَاءُ من عبادنا ) الشورى /52 ، فإذا كان القرآن أمراً وهو قسيم للخلق ، صار غير مخلوق ، لأنه لو كان مخلوقاً ما صح التقسيم فهذا هو الدليل من القرآن .

والدليل العقلي أن نقول القرآن كلام الله والكلام ليس عينا قائمة بنفسها حتى يكون بائنا من الله ولو كان عينا قائمة بنفسها بائنة من الله لقلنا إنه مخلوق لكن الكلام صفة للمتكلم

فإذا كان صفة للمتكلم به وكان من الله كان غير مخلوق لأن صفات الله عز وجل كلها غير مخلوقة .

شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 1/418-426 - 441

فيجب علينا أن نعتقد ذلك ونوقن به ، ولا نُحَرِّف آيات الله عز وجل عن مرادها ، فإنها صريحة الدلالة على أن القرآن مُنَزَّل من عند الله

ولذلك قال الإمام الطحاوي رحمه الله :

" وإنّ القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولاً ، وأنزله على رسوله وحياً ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية

فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر وقد ذَمَّه الله وعَابَهُ وأوعده بسقر

حيث قال تعالى : ( سأُصلِيه سَقَر ) المدثر/26

فلما أوْعَدَ بِسَقَر لمن قال ( إنْ هذا إلا قول البشر ) المدثر /25

عَلِمْنَا وأيْقَنَّا أنَه قولَ خالقِ البَشَر ولا يُشْبِه قول البشر . أهـ

شرح العقيدة الطحاوية 179.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-11, 14:48   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل اللوح المحفوظ مخلوق وهل القرآن يحل فيه وهل نور الله يحل في الأرض يوم القيامة ؟

السؤال

هل اللوح المحفوظ مخلوق ؟

وإذا كان الجواب نعم ، فكيف يوجد به القرآن ، والقرآن غير مخلوق ؟

وهناك حديث يقول : ( أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات)

هل هذا يعني أن النور الذي نراه هو من نور الله ؟

وهل هذا يعني أن صفات الله قد حلّت في خلقه ؟


الجواب

الحمد لله


أولا:

اللوح المحفوظ مخلوق كسائر المخلوقات، فكل ما سوى الله مخلوق، كالعرش والكرسي واللوح.

وهذا أمر ظاهر، لا إشكال فيه، ولا خلاف فيه أصلا؛ فكل ما سوى الله جل جلاله: مخلوق له سبحانه، كائن بعد أن لم يكن، اللوح المحفوظ ، والقلم، والعرش، وكل شيء

مما في السماء، وفوق السماء، ومما في الأرض، وتحت الأرض، ومما في هذا الكون بأسره: هو مخلوق لله رب العالمين.

ولا إشكال في كتابة القرآن في اللوح المحفوظ المخلوق، فإننا جميعا نكتب القرآن في الورق والصحف المخلوقة.

ونتكلم نحن بالكلام، وندونه في الأوراق، ولا تحل صفة الكلام التي اتصفنا بها في الأوراق، بل صفاتنا قائمة بنا.

ثانيا:

النور من صفاته تعالى، كما قال: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ الزمر/69 وهذا يكون يوم القيامة.

وأما في الدنيا فالنور الذي نشاهده مخلوق، وهو نور الشمس والقمر وغيرهما من المخلوقات .

ويوم القيامة لا يقال إن صفة الله حلت في الأرض، بل صفته قائمة به سبحانه، كعلمه وسمعه وبصره وخلقه وإرادته وكلامه.

ونحن في الدنيا نستنير بنور الشمس والقمر، وهما في غاية البعد عنا، ولا يقول أحد : إن الشمس أو القمر قد حلا فينا، أو إن صفة الشمس أو القمر حلت فينا، فالصفة قائمة بالموصوف، ولكن هناك أثر الصفة وما ينتج عنها.

قال ابن القيم رحمه الله في "النونية" ص212:

"وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً ، وَمِنْ * أَوْصَافِهِ ، سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ

وحِجَابه : نورٌ ؛ فلو كشفَ الحِجا * بَ لَأَحْرقَ السُّبحاتُ للأكوانِ

وإِذا أَتى للفصلِ ، يُشرقُ نُورهُ * في الأرضِ ، يومَ قِيامةِ الأَبدانِ" انتهى.

وقال رحمه الله: " النَّصَّ قَدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الرَّبِّ نُورًا، وَبِأَنَّ لَهُ نُورًا مُضَافًا إِلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبِأَنَّ حِجَابَهُ نُورٌ، هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.

فَالْأَوَّلُ يُقَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ النُّورُ الْهَادِي.

وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَيْهِ ، كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَعَلِمُهُ .

وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى ذَاتِهِ ...

الثَّالِثُ : وَهُوَ إِضَافَةُ نُورِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35].

وَالرَّابِعُ كَقَوْلِهِ: " حِجَابُهُ النُّورُ ".

فَهَذَا النُّورُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ : يَجِيءُ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ" انتهى من "مختصر الصواعق"، ص423

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " أريد من سماحتكم تفسير قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

فأجاب: معنى الآية الكريمة عند العلماء أن الله سبحانه منورها، فجميع النور الذي في السماوات والأرض ويوم القيامة كل من نوره سبحانه.

والنور نوران: نور مخلوق ، وهو ما يوجد في الدنيا والآخرة ، وفي الجنة ، وبين الناس الآن من نور القمر والشمس والنجوم، وهكذا نور الكهرباء والنار : كله مخلوق ، وهو من خلقه سبحانه وتعالى.

أما النور الثاني: فهو غير مخلوق ، بل هو من صفاته سبحانه وتعالى. والله سبحانه وبحمده بجميع صفاته هو الخالق ، وما سواه مخلوق، فنور وجهه عز وجل

ونور ذاته سبحانه وتعالى، كلاهما غير مخلوق، بل هما صفة من صفاته جل وعلا.

وهذا النور العظيم وصف له سبحانه ، وليس مخلوقا ؛ بل هو صفة من صفاته ، كسمعه وبصره ويده وقدمه ، وغير ذلك من صفاته العظيمة سبحانه وتعالى.

وهذا هو الحق الذي درج عليه أهل السنة والجماعة"

انتهى من "مجموع فتاواه" (6/ 54).

وأما حديث: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات فحديث ضعيف

وينظر في بيان ضعفه: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألباني (6/ 486).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-11, 14:55   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل اللغة العربية مخلوقة ؟

السؤال

هل اللغة العربية خلق من خلق الله ؟

الجواب

الحمد لله

هذه المسألة من المسائل المحدثات التي لم يتكلم فيها السلف ، وإنما خاض فيها الخلف واختلفوا ، فقيل : الأحرف والكلمات مخلوقة ، وقيل غير مخلوقة .

والصواب : التفصيل في ذلك

فلا يقال هي مخلوقة بإطلاق

فيوهم ذلك أن القرآن مخلوق

ولا يقال غير مخلوقة بإطلاق

فيوهم ذلك أن كلام الخلق غير مخلوق

ولكن يقال: إن جنس الحروف التي تكلم الله بها بالقرآن وغيره ليست مخلوقة

والكلام الذي تكلم الله به ليس مخلوقا

لا حروفه ، ولا معانيه .

أما الأحرف والكلمات التي يتكلم بها العباد فهي مخلوقة .

فالأحرف والكلمات تختلف أحكامها باختلاف المتكلم بها

فالقرآن كله غير مخلوق

حروفه ومعانيه

وكلام البشر كله مخلوق حروفه ومعانيه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" إِنَّ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ تَكَلَّمُوا فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ .

وَقَالَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ: إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ . وَقَالُوا: الْحُرُوفُ : حَرْفَانِ.

وَقَالَ طَوَائِفَ: الْحَرْفُ حَرْفٌ وَاحِدٌ ، وَحُرُوفُ الْمُعْجَمِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ حَيْثُ تَصَرَّفَتْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ ، وَحَقِيقَةُ الْحَرْفِ وَاحِدَةٌ لَا تَخْتَلِفُ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ قَالَ: بِخَلْقِ الْحُرُوفِ، وَأنَّهُ لَمَّا حُكِيَ لَهُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْحُرُوفَ سَجَدَتْ لَهُ إلَّا الْأَلِفُ ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: هَذَا كُفْرٌ.

وَرُوِيَ إنْكَارُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ.

وَالْأَوَّلُونَ لَا يُنَازِعُونَ فِي هَذَا؛ فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْحُرُوفَ مَخْلُوقَةٌ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ حُرُوفُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَهُمْ يَخُصُّونَ الْكَلَامَ فِي الْحُرُوفِ الْمَوْجُودَةِ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِ

دُونَ الْحُرُوفِ الْمَوْجُودَةِ فِي كَلَامِ اللَّهِ .

وَقَالَ الْآخَرُونَ: مُجَرَّدُ الْمُوَافَقَةِ فِي اللَّفْظِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُجْعَلَ حُكْمُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ حُكْمَ الْآخَرِ، لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا سَابِقًا إلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ ، وَالْآخَرُ إنَّمَا احْتَذَى فِيهِ حَذْوَهُ وَمِثَالُهُ ، كَانَ اللَّفْظُ وَالْكَلَامُ مَنْسُوبًا إلَى الْأَوَّلِ .

بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ لَبِيَدِ: ( أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ ) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ تَكَلَّمَ بِهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ؛ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّبْلِيغِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَائِلِهِ الْأَوَّلِ.

فَهَكَذَا الْحُرُوفُ الْمَوْجُودَةُ فِي كَلَامِ اللَّهِ ، وَإِنْ أَدْخَلَهَا النَّاسُ فِي كَلَامِهِمْ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُمْ، فَأَصْلُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ".

إلى أن قال :

" فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُرُوفَ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا

وَهَذَا أَوْجَبَ تَعْظِيمَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ الْمَنْطُوقَةَ وَالْمَسْطُورَةَ، وَكَانَ لَهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا امْتَازَتْ بِهِ عَمَّا سِوَاهَا، وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ إنَّمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا.

فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: إنَّ كَلَامَ الْإِنْسَانِ كُلَّهُ مَخْلُوقٌ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ، وَالْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ "

انتهى ملخصا من "مجموع الفتاوى" (12/ 441-450) .

وقال أيضا :

" فَمَنْ قَالَ: إنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ ، وَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقٌ : فَقَدْ قَالَ قَوْلًا مُخَالِفًا لِلْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ وَالْمَنْقُولِ الصَّحِيحِ .

وَمَنْ قَالَ: نَفْسُ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ أَوْ مِدَادُهُمْ ، أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَدِيمٌ :

فَقَدْ خَالَفَ أَيْضًا أَقْوَالَ السَّلَفِ، وَكَانَ فَسَادُ قَوْلِهِ ظَاهِرًا لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَانَ مُبْتَدِعًا قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا قَالَتْهُ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ

بَلْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِمْ بَرِيئُونَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْحَرْفَ الْمُعَيَّنَ ، أَوْ الْكَلِمَةَ الْمُعَيَّنَةَ ، قَدِيمَةُ الْعَيْنِ : فَقَدْ ابْتَدَعَ قَوْلًا بَاطِلًا فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ.

وَمَنْ قَالَ: إنَّ جِنْسَ الْحُرُوفِ الَّتِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا بِالْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً، وَإِنَّ الْكَلَامَ الْعَرَبِيَّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا، وَالْحُرُوفَ الْمُنْتَظِمَةَ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَازِمَةٌ لَهُ وَقَدْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا ، فَلَا تَكُونُ مَخْلُوقَةً: فَقَدْ أَصَابَ.

وَإِذَا قَالَ: إنَّ اللَّهَ هَدَى عِبَادَهُ وَعَلَّمَهُمْ الْبَيَانَ فَأَنْطَقَهُمْ بِهَا بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَنْطِقُونَ بِالْحُرُوفِ الَّتِي هِيَ مَبَانِي كُتُبِهِ وَكَلَامِهِ وَأَسْمَائِهِ: فَهَذَا قَدْ أَصَابَ .

فَالْإِنْسَانُ وَجَمِيعُ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَالْحَرَكَاتِ وَغَيْرِهَا مَخْلُوقٌ ، كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَالرَّبُّ تَعَالَى بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ : غَيْرُ مَخْلُوقٍ .

وَالْعِبَادُ إذَا قَرَءُوا كَلَامَهُ فَإِنَّ كَلَامَهُ الَّذِي يَقْرَؤُونَهُ هُوَ كَلَامُهُ لَا كَلَامُ غَيْرِهِ، وَكَلَامُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَكَانَ مَا يَقْرَؤُونَ بِهِ كَلَامَهُ مِنْ حَرَكَاتِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ مَخْلُوقًا

وَكَذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ كَلَامِهِ فَهُوَ كَلَامُهُ مَكْتُوبًا فِي الْمَصَاحِفِ، وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْمِدَادُ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ كَلَامُهُ وَغَيْرُ كَلَامِهِ مَخْلُوقٌ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 54-55) .

وينظر للفائدة : "مختصر الصواعق المرسلة" (ص 508-510) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

من المعلوم عند أهل السنة أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولكن هذه الحروف التي كتب بها القرآن، هل هي غير مخلوقة، أم أنها حروف عربية

أي هل كان القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ بهذه الحروف، أم أن هذه الحروف وجدت مع العرب؟

فأجاب :

" هذا الكلام الذي سأل عنه السائل قد أجاب عنه أهل السنة والجماعة، وأجمعوا أن هذا القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود

حروفه ومعانيه، فالقرآن هو كلام الله، حروفا ومعاني، تكلم الله به جل وعلا وسمعه جبرائيل وبلغه محمدا عليه الصلاة والسلام. فالقرآن كله حروفه ومعانيه هو كلام الله، وهو موجود في اللوح المحفوظ، بحروفه ومعانيه

ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الشرع، وابتدع في الدين، وخالف أهل السنة والجماعة "

انتهى ملخصا من "فتاوى نور على الدرب "(1/ 151) .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc